الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: التزكية
التزكية إحدى المهمات التي من أجلها بعث الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هي غاية الرسالات وثمرتها.
قال تعالى ممتناً ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} (الجمعة: 2) .
وقال أيضاً: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} (آل عمران: 164) .
فالله امتن علينا في هاتين الآيتين ببعثه النبي صلى الله عليه وسلم الذي من مهماته قراءة آيات الله، وهذه نعمة كبرى؛ إذ نسمع كلام الله على لسان بشر منا.
ثم إنه يزكي هذه الأمة؛ بما يقرأ عليها، وبما يوحى إليه. ثم هو يخرج هذه الأمة من ظلمات الجهالة، وذلك بتعليم الكتاب والحكمة.
والكتاب: القرآن.
والحكمة: العلم النافع، الذي يضع من الإنسانية الأمور في نصابها.
ولذلك؛ فالسنة من الحكمة، والكتاب قد جاء بالحكمة أيضاً.
السؤال الآن: ما هي التزكية التي عرفنا آنفاً أنها إحدى وظائف النبي صلى الله عليه وسلم
؟
التزكية للنفوس: تطهيرها، وتطبيبها، وتنقيتها من قبائحها؛
فالنفس الزكية: هي الطيبة الطاهرة البعيدة عن كل ما يدنس النفوس من غش وحقد وحسد وظلم وسخيمة.
وهذا المعنى مأخوذ من قول العرب: (زكا الزرع: إذ نما وأينع)، والرائحة الزكية: هي الطيبة.
قال تعالى مبيناً افتراق النفوس في الزكاة: {ونفس وما سواها* فألهمها فجورها وتقواها* قد أفلح من زكاها* وقد خاب من دساها} (الشمس: 7-10) .
فالنفس الزكية: هي الطيبة الطاهرة النقية.
وقد أقسم سبحانه وتعالى أن الفلاح منوط بتزكية النفس وتطهيرها، وذلك في سورة الشمس، بعد أحد عشر قسماً، وليس في القرآن أقسام متوالية بهذه الكثرة على حقيقة واحدة؛ إلا في هذه السورة. قال تعالى:{والشمس وضحاها* والقمر إذا تلاها* والنهار إذا جلاها* واليل إذا يغشاها* والسماء وما بناها* والأرض وما طحاها* ونفس وما سواها* فألهمها فجورها وتقواها* قد أفلح من زكاها* وقد خاب من دساها} (الشمس: 1-10) .
وبين في آيات أخر أنه لا يدخل الجنة إلا من اتصف بهذه الزكاة والطيبة والطهر؛ كما قال تعالى: {وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلم عليكم طبتم فادخلوها خالدين} (الزمر: 73) .
والطيبة هنا هي سبب دخولهم الجنة، وهي ثمرة العبادة وغايتها،