الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني الأصول العلمية للدعوة السلفية
أولاً: التوحيد
الأصل الأول من أصول الدعوة السلفية هو التوحيد. ولا يعني هذا الأصل ما يؤمن به وما يفهمه كثير من الناس من معنى التوحيد، وهو أنه لا خالق إلا الله، بل يفهم السلفي ويعلم من معاني التوحيد أصولاً عظيمة، وقضايا كبيرة، الإخلال بقضية منها إشراك بالله تعالى، أو إلحاد في أسمائه.
وكثير من المسلمين يجهل كثيراً من هذه الأصول والقضايا، فيقع في الشرك، ويظن نفسه مؤمناً موحداً، والحال أنه إما أن يكون ملحداً في صفات الله وأسمائه مؤمناً بها على وجه آخر، أو مشركاً عابداً لغير الله سبحانه وتعالى.
وأصول التوحيد في المعتقد السلفي كما يلي:
أولاً: الإيمان بصفات الله سبحانه وأسمائه على الوجه الذي يليق به سبحانه وتعالى دون تحريف أو تأويل
.
فالله سبحانه وتعالى قد وصف نفسه في كتابه في آيات كثيرة جداً، ووصفه رسوله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة جداً، مدونة في كتب السنة؛ كالبخاري، ومسلم، و "مسند" الأمام أحمد، وغير ذلك؛ مما هو صحيح ثابت حسب قواعد أهل مصطلح الحديث.
وما أخبرنا الله بذلك عن نفسه؛ إلا لنصدق ونؤمن.
بل الأيمان
بصفات الله سبحانه وتعالى هو أكبر قضية من قضايا العبادة والأيمان؛ كما جاء في الحديث: أن: {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن، وليس فيها إلا صفة الله سبحانه وتعالى.
والمحرفون المؤولون عمدوا إلى هذه الآيات، فحجبوا نورها عن المسلمين:
فإما أن يقولوا: هي آيات متشابهة، لا نخوض في معناها، ونؤمن بها كما جاءت؛ يعنون: أنه لا يجوز للمؤمن أن يفهم من معناها شيئاً، فيكون عند ذلك {وجاء ربك والملك صفا صفا} ، كقوله تعالى:{الم} ، {كهيعص} ، فكما أننا لا نفهم معنى محددا من هذه الحروف المقطعة؛ فآيات الصفات عندهم كذلك.
وبذلك حجبوا نور هذه الآيات أن ينفذ إلى قلوب المؤمنين، وأن يستشعر المسلم عظمة الله كما يليق بجلاله وعلو شأنه وذاته.
وبذلك فرغوا التوحيد من أعظم قضاياه، وهو الإيمان بصفات الله جل وعلا.
وهل الإيمان إلا امتلاء القلب بنور صفات الله وإشراقه بمعرفة إلهه ومولاه؟!
ومع ذلك؛ فقد زعموا -وخاب زعمهم- أن هذا الإيمان الأبله هو معتقد السلف، وحاشاهم، بل هم آمنوا بآيات الصفات وفق معناها الذي نزلت به باللغة العربية، مؤمنين أن الله جلت قدرته وعظمته لا يقدر قدره على الحقيقة إلا هو سبحانه وتعالى.
وإما أن هؤلاء المؤولين يعمدون إلى آيات الصفات، فيحرفونها؛ زاعمين أنه تأويل! فيؤولون مجيء الله يوم القيامة بمجيء أمره، واستواءه على عرشه باستيلائه عليه، ويده بقدرته، ووجهه
سبحانه وتعالى بذاته..
ولا يؤمنون بذات فوق العرش، وإنما يقولون: ليس ثم عرش، وإنما العرش الملك، وليس لله مكان، فليس هو في مكان، بل إما أن يقولوا: لا مكان له في شيء من العالم، بل ولا خارجه.
ولذلك لا يجوز عندهم أن يقول مؤمن: ربي في السماء. فإنهم يبدعونه، وقد يكفرونه.
ويأتون إلى الأحاديث التي تذكر فيه صفة الله؛ كـ[ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة] ، فيسبون من يصدق ذلك بأقبح السباب، ويقولون: بل تنزل رحمته، وأما هو سبحانه وتعالى؛ فلا ينزل ولا يصعد؛ لأنه ليس فوق العرش شيء، بل ما ثم هناك عرش.
وينفون عن الله سبحانه وتعالى كلامه، ويزعمون أن الله إذا أراد أن يكلم أحداً؛ خلق فيه الفهم لمراده، فيكون كلام الله عندهم؛ كالنفث في الروع، وبذلك يكذبون أحاديث البخاري التي جاء فيها أن الله يتكلم يوم القيامة بصوت يسمعه من قرب كمن بعد؛ قائلاً:[أنا الملك! أين ملوك الأرض؟](رواه البخاري) .
وقد فصلنا هذه الأقوال والردود عليها بحمد الله في محاضرات التوحيد.
والمهم هنا الإشارة إلى هذه الطوائف من المسلمين، الذين زعموا الهداية لأنفسهم، وهذا كذبهم على الله وافتراؤهم عليه.
فإذا كان الله قد أنكر أشد الإنكار على من قال: إن الله حرم هذا،