المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كلمة صادقة

- ‌المقدمة

- ‌مدخل

- ‌أخي الحبيب:

- ‌عندها يتيقين ويتأكد الفراق

- ‌فالموت حقيقة قاسية رهيبة

- ‌وما أدراك -يا أخي- ما هذا المجيء لسكرات الموت

- ‌إن الموت هو الخطبُ الأفظع

- ‌ثم مضى فلقي عبدًا مؤمنًا في تلك الحال

- ‌ولما رأت فاطمة رضي الله عنها ما برسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌وهذا فاروق الأمة وثاني الخلفاء الراشدين والمُبشر بالجنة

- ‌فخرج ثم جاء، فقال: يا أمير المؤمنين أبشر بالجنة

- ‌ولما احتضر عثمان بن عفان رضي الله عنه جعل يقول ودمه يسيل

- ‌وقالت فاطمة بنت عبد الملك بن مروان امرأة عمر بن عبد العزيز:

- ‌الله أكبر ما أسرع قدوم تلك اللحظات إلينا

- ‌وعند ذكر ما بعد الموت يهون الموت وشدته وألمه وغصصه وسكراته

- ‌أخي الحبيب

- ‌لما حضرت ابن المنكدر الوفاة بكى

- ‌أخي الحبيب

- ‌ثم بكى بكاءً شديدًا

- ‌سؤال لا يحتاج إلى جواب

- ‌أعاننا الله على لقائه وجعلنا ممن استعد للموت

- ‌لما نزل الموت بأحدهم

- ‌أين الاستجابة لهذه النداءات المخلصة التي تهز أعماق المسلم

- ‌وقال أبو السور حسان بن حريث وقرأ هذه الآية:

- ‌الله أكبر همهم الآخرة

- ‌لما نزل الموت بحذيفة بن اليمان قال:

- ‌يأتي القضاء ولا ينفع الاستشفاء

- ‌لما ترجع وتعود وأنت لك سنوات تسعى في هذه الدنيا

- ‌أخي المسلم

- ‌كان حبيب العجمي عند موته يبكي ويقول:

- ‌ونحن في هذه الدنيا تتخطفنا الآمال ونبحر في نهر التسويف

- ‌فالموت قد عدل

- ‌لما كان عمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه قال:

- ‌والعمر زمنٌ يمر سريعًا كأضغاث أحلام

- ‌أخي الحبيب

- ‌كم سكن مثلك في هذه الدار

- ‌واحتضر بعض الصالحين فبكت امرأته فقال:

- ‌أخي الحبيب

- ‌أرأيت -أخي الكريم- كيف القياس

- ‌وهذه هي النصيحة الباقية

- ‌إنها رحلة سريعة كلمح البصر

الفصل: ‌ثم بكى بكاء شديدا

فأقل -أيها الحبيب- نفسك من اليوم، وكن من بقية القوم الذين استعدوا وللآخرة جدوا.

وحالنا -الآن- قريبة من رجل قيل له وهو يجود بنفسه: ما حالك؟ فقال: وما حال من يريد سفرًا بعيدًا فلا زاد ويدخل قبرًا موحشًا بلا مؤنس وينطلق إلى ملكٍ عدلٍ بلا حُجة (1).

وقال بعضهم: دخلنا على عطاء السلمي نعوده في مرضه الذي مات فيه، فقلنا له: كيف ترى حالك؟ فقال: الموت في عنقي، والقبر بين يدي، والقيامة موقفي، وجسر جهنم طريقي .. ولا أدري ما يفعل بي ..

‌ثم بكى بكاءً شديدًا

.. حتى غشي عليه، فلما أفاق، قال: اللهم ارحمني وارحم وحشتي في القبر ومصرعي عند الموت وارحم مقامي بين يديك يا أرحم الراحمين.

ويا أخي .. اعلم أن الموت قادم وخطره عظيم، وغفل عنه الناس لقلة حديثهم فيه وذكرهم له، ومن يذكره ليس يذكره بقلبٍ فارغ بل بقلب مشغول بشهوة الدنيا، فلا ينجع ذكر الموت قلبه.

فالطريق فيه أن يفرغ العبد قلبه عن كل شيء إلا عن ذكر الموت الذي هو بين يديه، كالذي يريد أن يسافر إلى مفازة خطرة أو يركب البحر فإنه لا يتفكر إلا فيه (2).

(1) الإحياء: (2/ 251).

(2)

الإحياء: (4/ 479).

ص: 23

وإلا لأصابه ما أصاب الحسن حين دخل على مريض يعوده فوجده في سكرات الموت، فنظر إلى كربه وشدة ما نزل به، فرجع إلى أهله بغير اللون الذي خرج به من عندهم، فقالوا له: الطعام يرحمك الله، فقال: يا أهلاه عليكم بطعامكم وشرابكم، فوالله لقد رأيت مصرعًا لا أزال أعمل له حتى ألقاه (1).

وأهل الإيمان استعدوا بالعمل الصالح وبرجاء رحمة الله .. ها هم يطوون أكفانهم ويجهزون أنفسهم ويستعدون للرحيل ..

قال زينب بنت جحش حين حضرتها الوفاة: إني قد أعددت كفني، فإن بعث لي عمر بكفن، فتصدقوا بأحدهما، وإن استطعتم إذ أدليتموني أن تتصدقوا بحقوقي فافعلوا ..

أما عبد الله بن عبد العزيز العمري فقد قال عند موته: بنعمة ربي أُحدث .. إني لم أصبح أملك إلا سبعة دراهم من لحاء الشجر ومثلثها بيدي، وبنعمة ربي أحدث .. لو أن الدنيا أصبحت تحت قدمي لا يمنعني من أخذها إلا أن أزيل قدمي عنها ما أزلتها (2).

وقال المغيرة بن حبيب: دخلنا على مالك بن دينار في مرضه الذي مات فيه وهو يكيد بنفسه، فرع رأسه إلى السماء، ثم قال: اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا لفرج ولا لبطن (3).

(1) التذكرة: (14).

(2)

الثبات عند الممات: (153).

(3)

حلية الأولياء: (3/ 361).

ص: 24