الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخي المسلم
..
ها هو عمر بن عبد العزيز يذكرنا بمآلنا ومصيرنا وانقطاعنا عن الدنيا فيقول: ألا ترون أنكم تجهزون كل يوم غاديًا أو رائحًا إلى الله عز وجل وتضعونه في صدع من الأرض، قد توسد التراب وخلف الأحباب وقطع الأسباب (1).
بل هذا عبد الله بن علي لما حضرته الوفاة بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أبكي لتفريطي في الأيام الخالية وقلة عملي للجنة العالية، وما ينجيني من النار الحامية (2).
ولنرى ثمن الزمن عندهم وقيمة الوقت لديهم واغتنامهم لذلك فإنه لما احتضر عامر بن عبد الله بكى، وقال: لمثل هذا المصرع فليعمل العاملون، اللهم إني أستغفرك من تقصيري وتفريطي وأتوب إليك من جميع ذنوبي، لا إله إلا الله، ثم لم يزل يرددها حتى مات رحمه الله.
أخي الحبيب
…
والله إن الموت كما قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم ووالله أن النعيم في جنات عدن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .. جنة فيها الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا .. فسر إليها وجد في طلبها وأسرع الخطى لتنالها.
قال إبراهيم بن أبي عبده: بلغني أن المؤمن إذا مات تمنى الرجعة
(1) الإحياء: (4/ 480).
(2)
العاقبة: (131).
إلى الدنيا ليس ذلك إلا ليكبر تكبيرة، أو يهلل تهليلة أو يسبح تسبيحة (1).
ولمعرفتهم لهذا ولأهمية الزمن في حياتهم والاستفادة منه في الطاعة والتزود للآخرة حرصوا على الاستفادة منه وعدم التفريط في لحظاته.
قال بكير بن عامر: كان لو قيل لعبد الرحمن بن أبي نعيم قد توجه إليك ملك الموت، ما كان عنده زيادة عمل (2).
وكان يزيد الرقاشي يقول لنفسه: ويحك يا يزيد .. من ذا الذي يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا الذي يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا الذي يُرضي ربكم بعد الموت؟ ثم يقول: أيها الناس، ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم؟ ويا من الموت موعده والقبر بيته، والثرى فراشه والدود أنيسه، وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر .. كيف يكون حاله؟ ثم يبكي حتى يسقط مغشيًا عليه (3).
وروي أن معاذ بن جبل لما حضرته الوفاة قال: انظروا هل أصبحنا؟ فأتي فقيل لم تُصبح، حتى أتى في بعض ذلك، فقيل له: قد أصبحنا. فقال: أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار، ثم قال: مرحبًا بالموت زائر مُغيب، وحبيب جاء على فاقة، اللهم إني كنت أخافُك ..
(1) شرح الصدور: (8).
(2)
السير (5/ 92).
(3)
العاقبة: (40).