المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌68 - باب التطهر في آنية النحاس والصفر والشبه - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٥

[عدنان العرعور]

الفصل: ‌68 - باب التطهر في آنية النحاس والصفر والشبه

‌68 - بَابُ التَّطَهُّرِ فِي آنِيَةِ النُّحَاسِ والصُّفْرِ والشَّبَه

452 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [عِنْدَنَا فِي الْبَيْتِ فَدَعَا بِوَضُوءٍ] 1 فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ، فَتَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ] إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ [2، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ بِهِ وَأَدْبَرَ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ)).

[الحكم]:

صحيح (خ).

[اللغة]:

(التور): ((هُوَ إِنَاءٌ مِنْ صُفْرٍ أَوْ حِجَارَةٍ كالإجَّانة، وَقَدْ يُتَوضأ مِنْهُ)) (النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 199).

(الصفر): ((بضم المهملة وإسكان الفاء وقد تكسر، صنف من حديد النحاس قيل أنه سمي بذلك لكونه يشبه الذهب ويسمى أيضًا الشبه بفتح المعجمة والموحدة)) (فتح الباري 1/ 291).

[الفوائد]:

قال ابن المنذر: ((قل من لقيته من أهل العلم يكره الوضوء من آنية الصفر والنحاس والرصاص وأشباه ذلك، وكذلك نقول للأخبار التي رويناها عن

ص: 71

النبي صلى الله عليه وسلم. والأشياء على الإباحة حتى تحرم بكتاب أو سنة أو إجماع، ولا نعلم أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كره الوضوء من الصفر إِلَّا ابن عمر، روي عنه أنه كان لا يتوضأ من الصفر، ويكره أن يتوضأ في النحاس. والشيء إذا كان مباحًا لم يحرم بوقوف ابن عمر عنه)) (الأوسط 1/ 429)

قال ابن دقيق العيد: ((فيه دليل على جواز الوضوء من آنية الصفر والطهارة جائزة من الأواني الطاهرة كلها إِلَّا الذهب والفضة للحديث الصحيح الوارد في النهي عن الأكل والشرب فيهما وقياس الوضوء على ذلك)) (إحكام الأحكام ص 33).

[التخريج]:

[خ 197 "واللفظ له" / د 99 / جه 474 / حب 1088 "والزيادة الأولى له" / ك 610 / طهور 92 "والزيادة الثانية له"، 126 / ش 402 / طس 5934 / معر 870 / هق 120 / نبغ 1031/ قا (2/ 111) / حداد 274].

[السند]:

قال البخاري: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، قال: حدثنا عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ، به.

تحقيق الزيادة الأولى:

أخرجها ابن حبان، قال: أخبرنا أبو يعلى، قال: حدثنا صالح بن مالك الخوارزمي، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَنَا فِي

ص: 72

الْبَيْتِ، فَدَعَا بِوَضُوءٍ، فَأَتَيْنَاهُ بِتَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ فِيهِ مَاءٌ، فَتَوَضَّأَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ، فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ)).

وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيحين عدا صالح بن مالك الخوارزمي؛

ترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 4/ 416)، ولم يذكر فيه شيئًا، وذكره ابن حبان في (الثقات 8/ 318) وقال:((مستقيم الحديث)). وقال الخطيب: ((كان صدوقًا)) (تاريخ بغداد 10/ 431).

وأبو يعلى هو الإمام المعروف.

قلنا: وهذه الزيادة يدل عليها سياق الحديث، والله أعلم.

والزيادة الثانية:

أخرجها أبو عبيد في (الطهور 92)، قال: ثنا أبو النضر، عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة

، به.

وأبو النضر: هو هاشم بن القاسم: ثقة ثبت من رجال الشيخين.

[تنبيهان]:

الأول: قال الحاكم - عقب الحديث -: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه))! .

قلنا: بل أخرجه البخاري كما ترى، وقد أخرجه مسلم لكن ليس فيه محل الشاهد لبابنا ولذا لم نخرجه هنا.

الثاني: هذ الحديث رواه البخاري من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، وقد تفرد فيه بزيادة:((من صفر)).

ص: 73

قال الطبراني: ((لم يقل في هذا الحديث عن عبد الله بن زيد: ((فَأَخْرَجْنَا لَهُ تَوْرًا مِنْ صُفْرٍ)) إِلَّا الماجِشُون)) (المعجم الأوسط 6/ 104).

قلنا: وقد خالف عبد العزيز جماعة فلم يذكروها، وهم:

1 -

مالك كما عند البخاري (185)، ومسلم (235)، وغيرهما.

2 -

وهيب بن خالد كما عند البخاري (186، 192)، وغيره.

3 -

خالد بن عبد الله الواسطي كما عند البخاري (191)، ومسلم (235)، وغيرهما.

4 -

سليمان بن بلال كما عند البخاري (199)، ومسلم (235)، وغيرهما.

5 -

سفيان بن عيينة كما عند الترمذي (47)، وابن خزيمة في (الصحيح 156)، والحميدي (421)، وغيرهم.

6 -

يحيى بن عبد الله بن سالم كما عند أبي عوانة في (المستخرج 728).

7 -

عبد العزيز بن محمد كما عند الدارمي في (المسند 712)، وابن قانع في (المعجم 2/ 111).

8 -

محمد بن فليح بن سليمان كما عند الدارقطني في (السنن 270).

9 -

خارجة بن مصعب كما عند أبي داود الطيالسي في (المسند 1198).

فرووه تسعتهم عن عمرو بن يحيي المازني بسنده فلم يقولوا: ((من صفر)).

قال ابن عبد البر: ((وروى عبد العزيز بن أبي سلمة قال ((أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 74

فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ فغسل وجهه ثلاثا ويديه مرتين مرتين ومسح برأسه فأقبل به وأدبر وغسل رجليه)) فزاد عبد العزيز بن أبي سلمة فيه ذِكْرَ تَوْرِ الصُّفْرِ)) (التمهيد 20/ 116).

قلنا: هذا الحديث له روايات وسياقات أخر ستاتي في أبواب صفة الوضوء إن شاء الله تعالى، وقد أعرضنا عنها هنا لعدم تعلُّقها بالباب.

ص: 75

453 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: ((صُبُّوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ لَعَلِّي أَسْتَرِيحُ، فَأَعْهَدَ إِلَى النَّاسِ)). قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ مِنْ نُحَاسٍ (صفر)، وَسَكَبْنَا عَلَيْهِ الْمَاءَ مِنْهُنَّ حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ، ثُمَّ خَرَجَ.

[الحكم]:

الحديث في الصحيحين، دون قوله:((من نحاس)) فشاذ.

[التخريج]:

[حم 25179، 25915 "واللفظ له" / خز 131، 274 / حب 6637، 6641/ ك 517 / عب 179، 10499 / حق 645 لم يذكر النحاس / عد (10/ 68) "والرواية له" / فرات 9 / هق 122 - 124].

[التحقيق]:

رواه عبد الرزاق، ومرزوق بن أبي هذيل عن الزهري:

فأما عبد الرزاق، فقد اختلف عليه في إسناده، ومتنه.

فرواه في (المصنف 179) فقال: عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة، به.

ورواه في (المصنف 10499) - وعنه أحمد في (المسند 25179)، وابن راهويه في (المسند 445)، وابن الفرات في (جزئه)، ومن طريقه ابن خزيمة في (الصحيح 131، 274)، وابن حبان في (الصحيح 6641)، وغيرهم - قال: عن معمر، عن الزهري قال: وأخبرني عروة أو عَمْرَةُ، عن

ص: 76

عائشة، به.

فزاد في سنده: ((أو عمرة)) على الشك، وليس في رواية إسحاق بن راهويه:((من نحاس)).

ورواه ابن خزيمة في (الصحيح 131، 258) فقال: حدثنا محمد بن يحيى، ومحمد بن رافع، قال محمد بن يحيى: سمعت عبد الرزاق، وقال ابن رافع: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، أو عَمْرَةَ، به.

وقال عقبه: حدثنا به محمد بن يحيى مرة، نا عبد الرزاق مرة، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة بمثله، غير أنه لم يقل: من نحاس، ولم يقل: ثم خرج.

فبيَّن الذهلي أن عبد الرزاق كان يشك فيه أولًا، ثم جزم فيه آخرًا بأنه عن عروة وليس عن عَمْرَة.

قلنا: ولكن يعكر عليه ما جاء عند الحاكم حيث وقع فيه: ((عن عروة عن عَمْرَة))، فرواه في (المستدرك 517) فقال: أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا علي بن المديني، وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، قالا: ثنا عبد الرزاق، أنبأ معمر، عن الزهري، قال: أخبرني عروة، عن عَمْرَةَ، عن عائشة، بنحوه.

قال الحاكم عقبه: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه؛ لأن هشام بن يوسف الصنعاني ومحمد بن حميد المعمري لم يذكرا عَمْرَةَ في إسناده)).

ص: 77

قلنا: وهذا الوجه عن أحمد يخالفه ما في المسند، وكذا ما ورد فيه عن علي بن المديني يخالفه ما في (صحيح ابن حبان 6640) فقال: أخبرنا الفضل بن الحباب، حدثنا علي بن المديني، حدثنا هشام بن يوسف، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به. ليس فيه عَمْرَةَ، ولا قوله:((من نحاس)).

فالذي يظهر أن هذا الاختلاف في السند هو من عبد الرزاق نفسه، فهو وإن كان ثقة في معمر لكنه لم يضبط هذا الحديث جيدًا، وقد زاد في متنه لفظة لم يذكرها أحد سواه، وهي قوله:((من نحاس))، وخالفه ثقتان فلم يذكرا هذه اللفظة،

فرواه النسائي في (الكبرى 7245) من طريق يحيى بن معين.

وابن حبان في (الصحيح 6640) من طريق علي بن المديني.

كلاهما (ابن معين، وابن المديني) عن هشام بن يوسف عن معمر عن الزهري أخبرني عروة عن عائشة بنحوه. وليس في روايته: ((من نحاس)).

ورواه الحاكم في (المستدرك 519) من طريق أبي سفيان المعمري محمد بن حميد، عن معمر بنحو رواية هشام بن يوسف وليس فيها:((من نحاس)).

وتابع معمرًا علي هذا الوجه، صالحُ بن أبي الأخضر كما عند إسحاق بن راهويه في (المسند 644)، وليس في روايته:((من نحاس)).

وعثمان بن عبد الرحمن السعدي، كما عند القطيعي في (زوائده على فضائل الصحابة لأحمد 629) - ومن طريقه الخطيب في (موضح أوهام الجمع 2/ 365)، وابن عساكر في (تاريخه 52/ 152) - وليس في روايته:

ص: 78

((من نحاس)).

قلنا: وقد تابع عبد الرزاق على هذه اللفظة: مرزوق بن أبي الهذيل كما عند ابن عدي في (الكامل 10/ 68).

ولكن مرزوق هذا: ((يتفرد عن الزهرى بالمناكير التى لا أصول لها)) كما قال ابن حبان في (المجروحين 2/ 378).

والحديث في الصحيحين ليس فيهما هذه اللفظة، كما سبق تحت باب: ((التطهر في المخضب والمركن

)).

ص: 79

454 -

حَدِيثٌ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَتْ: ((كَنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَوْرٍ مِنْ شَبَهٍ)).

[الحكم]:

صحيح المتن دون قوله: ((مِنْ شَبَهٍ)) فشاذ، وهذا إسناد ضعيف، وأعله ابن عدي، واستغربه أبو نعيم، وضعفه النووي، والمنذري، وابن دقيق العيد، ومغلطاي، وابن الملقن، وبدر الدين العيني.

[اللغة]:

((التور)): بفوقية مفتوحة فواو ساكنة. قال بعضهم: التور: إناء صغير يشرب فيه، ويتوضأ منه. وقال ابن الملك: وهو ظرف يشبه القدر يشرب منه.

وهو إناء من صُفْرٍ أو حجارة كالإجانة، وقد يتوضأ منه. وفي ((القاموس)): إناء يشرب منه مذكر. (لسان العرب 4/ 96)، (تاج العروس 1/ 2560).

((الشَّبَه)): بفتحتين، وبكسر فساكن: ضرب من النحاس، يصنع فيصفر، ويشبه الذهب بلونه، وجمعه: أشباه. (لسان العرب 13/ 503)، (عون المعبود 1/ 120).

[التخريج]:

[د 97 "واللفظ له"، 98 / ك 611 / طص 593 / هق 125 / عد (3/ 554 - 555) / مج 3484 / حل (6/ 256)].

ص: 80

[التحقيق]:

هذا الحديث مداره على حماد بن سلمة، واختلف عليه على أربعة وجوه:

الوجه الأول: عن حماد، أخبرني صاحبٌ لي، عن هشام بن عروة، أن عائشة، قَالَتْ:

فذكره.

رواه أبو داود (97)، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

العلة الأولى: جهالة صاحب حماد هذا.

قال أبو زرعة العراقي: ((وهذا المبهم هو: شعبة كما رواه حوثرة بن أشرس، عن حماد. رويناه في الحلية لأبي نعيم، وسنن البيهقي، وغيرهما)) (المستفاد من مبهمات المتن والإسناد 50).

وبنحوه قال بدر الدين العيني في (شرح أبي داود 1/ 268).

وسيأتي الكلام على طريق حوثرة.

العلة الثانية: الانقطاع بين هشام وعائشة؛ فهشام بن عروة لم يدرك عائشة، وبذلك أعله المزي في (تحفة الأشراف 12/ 227)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 515).

قال البيهقي: ((وأرسله بعضهم، فلم يذكر في إسناده عروة)) (السنن الكبرى 1/ 92).

ولكن وصله أبو داود من وجه آخر، وهو:

الوجه الثاني: عن حماد بن سلمة، عن رجل، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.

رواه أبو داود (98): عن محمد بن العلاء، أن إسحاق بن منصور،

ص: 81

حدثهم عن حماد بن سلمة، به.

وتوبع عليه إسحاق بن منصور:

فرواه ابن عدي: من طريق إبراهيم بن الحجاج، حدثنا حماد بن سلمة، عن صاحب له، عن هشام به بمثل رواية إسحاق.

فانحصرت العلة في جهالة الراوي عن هشام.

الوجه الثالث: عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.

رواه الحاكم قال: حدثناه علي بن عيسى الحيري، ثنا الحسين بن محمد بن زياد، ثنا أبو كريب، ثنا إسحاق بن منصور، عن حماد به.

وهذا سند ظاهره الصحة - كما قال الألباني في (صحيح أبي داود 1/ 166) -، إِلَّا أنه معلول برواية أبي داود السابقة عن أبي كريب، عن إسحاق بذكر رجل بين حماد وهشام.

وكذلك متابعة إبراهيم بن الحجاج لإسحاق ومن قبلهما رواية التبوذكي، فرواية هؤلاء الثلاثة تدل على وهم الحسين بن محمد في إسقاط الرجل، ولعل الوهم من علي بن عيسى الحيري، أو الحاكم نفسه، والله أعلم.

الوجه الرابع: رواه حوثرة بن أشرس المنقري، عن حماد بن سلمة، عن شعبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.

رواه الطبراني، والدينوري، وأبو نعيم، والبيهقي: من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا حوثرة

(1)

بن أشرس المنقري، به.

(1)

تحرف في المطبوع من (المعجم الصغير) إلى: (جويرية)، وقد جاء اسمه =

ص: 82

قال الطبراني: ((لم يروه عن شعبة إِلَّا حماد بن سلمة، ولا عنه إِلَّا حوثرة تفرد به عبد الله)).

وقال ابن عدي: ((ولا أعلم أنه سمى شعبة في هذا الإسناد، ولا رواه عن حماد بن سلمة غير حوثرة)).

وقال البيهقي: ((جوده حوثرة بن أشرس، وقصر به بعضهم عن حماد فقال عن رجل، فلم يسم شعبة، وأرسله بعضهم فلم يذكر في إسناده عروة)).

وقال أبو نعيم: ((غريب من حديث حماد عن شعبة)). اهـ.

ووجه غرابته: أن أصحاب حماد (أبو سلمة التبوذكي، وإبراهيم بن الحجاج، وإسحاق بن منصور) رووه عن حماد، عن صاحب له أو عن رجل، وتفرد حوثرة عن حماد بقوله:(عن شعبة).

وحوثرة هذا: روى عنه جمع من الثقات منهم أئمة مثل: مسلم - خارج الصحيح -، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وأبو يعلى، وغيرهم، وذكره ابن حبان في (الثقات 8/ 215). وقال الذهبي:((المحدث، الصدوق)) (السير 10/ 668). وقال: ((ما علمت به بأسًا)) (تاريخ الإسلام 5/ 816)، ووثقه الهيثمي في (المجمع 14343)، ولعله اعتمد توثيق ابن حبان كعادته، وكذلك نص الألباني على توثيقه فقال:((وحوثرة ثقة، فصح بذلك الإسناد)) (صحيح أبي داود 1/ 167).

قلنا: ولكن مع كل هذا فحاله لا تصل إلى درجة تقديم روايته على رواية

= على الصواب في مخطوطة (الأزهرية ق 79 /أ)، وكذا في نسخة أخرى (الأزهرية ق 64 /أ).

ص: 83

الثلاثة السابق ذكرهم لكونهم أوثق وأكثر عددًا، بل لا يمكن تقديم روايته على رواية التبوذكي وحده، فكيف وقد رواه ثقة آخر كإبراهيم وتابعهما ثالث وهو إسحاق على إبهام شيخ حماد.

ثم إنه قد خولف في متن الحديث، فرواه تمام في (الفوائد 1140) من طريق شعيب بن عمرو الضبعي، ثنا يزيد بن هارون، ثنا حماد بن سلمة، عن شعبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة:((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُنْبَذُ لَهُ فِي تَوْرٍ مِنْ شَبَهٍ))، وأصل هذا عند مسلم من حديث جابر بلفظ:((تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ))، وفي رواية أخرى عنده:((مِنْ بِرَامٍ)). قال النووي: ((وهو بمعنى قوله: ((مِنْ حِجَارَةٍ))، وهو - يعني: التور - قدح كبير كالقدر يتخذ تارة من الحجارة وتارة من النحاس وغيره)) (شرح النووي 13/ 166).

وقد روي عن حوثرة بن أشرس بلفظ آخر، فرواه الخطيب في (الموضح 2/ 53) من طريق أبي بكر جنيد بن حكيم الدقاق، حدثنا حوثرة بن أشرس، حدثنا حماد بن سلمة، عن شعبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها:((أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْ إناءٍ مِنْ صُفْرٍ)).

ولكن جنيد، قال عنه الدارقطني:((ليس بالقوي)) (سؤالات الحاكم 73)، وقال أبو أحمد الحاكم:((ربما لا يتابع في روايته)) (الأسامي والكنى 638)، وقال الذهبي:((فيه لين)) (تاريخ الإسلام 6/ 731).

والحديث ضعفه النووي في (الإيجاز في شرح سنن أبي داود ص 386).

وقال المنذري: ((أخرجه - أي أبو داود - من طريقين: إحداهما منقطعة وفيها مجهول، والأخرى متصلة وفيها مجهول)) (مختصر سنن أبي داود 1/ 87). وأقره ابن دقيق العيد في (الإمام 1/ 294).

ص: 84

وضعفه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 515)، وابن الملقن في (التوضيح لشرح الجامع الصحيح 4/ 335)، و (الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 1/ 376)، وبدر الدين العيني في (شرح أبي داود 1/ 267)، وفي (عمدة القاري 3/ 89).

قلنا: هذا الحديث محفوظ في الصحيحين وغيرهما، ليس فيه زيادة من صفر، والراجح أنها شاذة، هكذا رواه جمع من حديث عائشة:

فرواه البخاري (250)، ومسلم (319/ 40 - 41) من طريق الزهري عن عروة عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:((كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، مِنْ قَدَحٍ يُقَالُ لَهُ الفَرَقُ)).

ورواه البخاري في (263)، من طريق شعبة، عن أبي بكر بن حفص، عن عروة، عن عَائِشَةَ، قَالَتْ:((كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ جَنَابَةٍ)) وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة مثله.

ورواه في (261)، ومسلم (321/ 45) من طريق أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عَائِشَةَ، قَالَتْ:((كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ)).

ورواه في (299) من طريق إبراهيم، عن الأسود، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:((كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ كِلانَا جُنُبٌ)).

ورواه مسلم في (321/ 43) من طريق مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: قَالَتْ عَائِشَةُ: ((كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَنَحْنُ جُنُبَانِ)).

ورواه في (321/ 44) من طريق عراك عن حفصة بنت عبد الرحمن بن

ص: 85

أبي بكر، - وكانت تحت المنذر بن الزبير - أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهَا:((أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ، يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ)).

رِوَايَةُ: يَتَوَضَّأُ مِنْ صُفْرٍ:

• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ: ((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ مِنْ تَوْرٍ (إِنَاءٍ) مِنْ صُفْرٍ)).

[الحكم]:

صحيح المتن دون قوله: ((من صفر)) فشاذ، وهذا إسناد ضعيف.

[التخريج]:

[مقط (2/ 620) "واللفظ له" / ضح (2/ 73) "والرواية له"].

[السند]:

قال الدارقطني: حدثنا الحسن بن علي البصري، حدثنا حوثرة بن أشرس، حدثنا حماد بن سلمة، عن شعبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.

وقال الخطيب: أخبرني محمد بن الحسين بن محمد الأزرق، حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان، حدثنا أبو بكر جنيد بن حكيم الدقاق، حدثنا حوثرة بن أشرس، به.

[التحقيق]:

انظر الرواية السابقة.

ص: 86

رِوَايَةُ: يُنْبَذُ لَهُ:

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَائِشَةَ: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُنْبَذُ لَهُ فِي تَوْرٍ مِنْ شَبَهٍ)).

[الحكم]:

صحيح المتن دون قوله: ((من شبه)) فشاذ، وهذا إسناد ضعيف.

[التخريج]:

[تمام 1140].

[السند]:

قال تمام الرازي في (الفوائد): أخبرنا أبو الوليد بكر بن شعيب بن بكر بن محمد القرشي، ثنا عامر بن خريم، ثنا شعيب بن عمرو، ثنا يزيد بن هارون، ثنا حماد بن سلمة، عن شعبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به

[التحقيق]:

انظر الرواية السابقة.

قلنا: والانتباذ للنبي صلى الله عليه وسلم في تور صح كما في (مسلم 1999/ 61 - 62) من حديث جابر رضي الله عنه، ولكن قال:((تور من حجارة))، وقد تقدم تخريجه في الباب السابق.

ص: 87

455 -

حَدِيثُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ:

◼ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ فِي [مِخْضَبِي هَذَا] [وَهُوَ] مِخْضَبٌ مِنْ صُفْر)).

[الحكم]:

مضطرب، وحكم باضطرابه الدارقطني.

[التخريج]:

[حم 26753 "واللفظ له" / منذ 238 "والزيادة الأولى له ولغيره" / ص (كنز 27037) / علقط (9/ 381 - 382) "والزيادة الثانية له" / فقط (أطراف 5877) / المؤتنف لتكملة المؤتلف والمختلف للخطيب (إكمال 2/ 337) / مبرد (اتصال 61)].

[التحقيق]:

انظر الكلام عليه فيما يأتي.

ص: 88

رِوَايَةُ: تُرَجِّلُ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَتْ: ((كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فِي مِخْضَبٍ مِنْ صُفْرٍ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 2: ((كُنْتُ أُدْخِلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مِرْجَلٍ مِنْ نُحَاسٍ)).

[الحكم]:

مضطرب، وحكم باضطرابه الدارقطني.

[التخريج]:

[جه 475 / حم 26752 "واللفظ له" / عل 7157 / طب، (24/ 53 / 139)، (24/ 56 / 144) / طش 2083 "والرواية له" / مث 3093، 3094 / صحا 7430].

[التحقيق]:

انظر الكلام عليه عقب الرواية الآتية:

ص: 89

رِوَايَةُ: يُعْجِبُهُ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، قالت:((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ مِخْضَبٍ لِي صُفْرٍ)).

[الحكم]:

مضطرب، وحكم باضطرابه الدارقطني، وضعفه الألباني.

[التخريج]:

[سعد (1/ 318)].

[التحقيق]:

هذا الحديث رُوي من طريقين:

الأول: طريق عبيد الله بن عمر، رواه عنه الدراوردي، واضطرب في سنده ومتنه على وجوه:

الوجه الأول: عن الدراوردي عن عبيد الله عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جحش عن أبيه عن زينب، قالت: ((

كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ)).

أخرجه ابن ماجه (475)، وابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 3093)، والطبراني في (الكبير 24/ 53 / 139)، (24/ 56 / 144) عن يعقوب بن حميد بن كاسب، عن الدراوردي، به.

قال مغلطاي: ((إسناده صحيح)) (شرح سنن ابن ماجه 1/ 514)،

وقال البوصيري: ((هذا إسناد صحيح، ورجاله ثقات)) (مصباح الزجاجة 1/ 68) - ووافقه السندي في (حاشيته على ابن ماجه 1/ 175) -، وصححه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجه 477).

ص: 90

قلنا: وفيما قالوه نظر، كما سيأتي.

وقد توبع يعقوب بن كاسب من سعيد بن منصور، أخرجه في سننه كما في (كنز العمال 27037)، بلفظ: ((تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مِخْضَبِي

))، ومن طريقه أخرجه ابن المنذر في (الأوسط 238)، والخطيب في (المؤتنف) كما في (الإكمال لابن ماكولا 2/ 337)، إِلَّا أنه قال إبراهيم بن محمد (بن أبي حبيش) بدلًا من (بن جحش)، وصوَّب الأخير ابن ماكولا، فقال:((وهذا غلط ظاهر)) (الإكمال 2/ 337).

وتابع يعقوب وسعيدًا، محمد بن عمرو بن سليمان الأنصاري، ذكره الدارقطني كما في (الأطراف 2/ 393).

ورواه عن سعيد: ابن سعد في (الطبقات 1/ 318) فخالف في إسناده، ومتنه،

وهو الوجه الثاني: عن الدراوردي، عن عبيد الله، عن محمد بن إبراهيم، عن زينب، بلفظ:((يُعْجِبُهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ مِخْضَبٍ لِي صُفْرٍ)). رواه ابن سعد عن سعيد بن منصور عن الدراوردي به.

فقال في هذا السند: عن محمد بن إبراهيم، بدلًا من إبراهيم بن محمد، وأسقط أباه من الإسناد.

وتابع سعيدًا على هذا الوجه، علي بن بحر كما عند أحمد في (المسند 26753) ولفظه: ((

كَانَ يَتَوضَّأُ فِي مِخْضَبٍ مِنْ صُفْرٍ)).

وإبراهيم بن حمزة، كما ذكر ابن أبي حاتم في (العلل 153)، والدارقطني في (العلل 4089).

قال الحافظ: ((رواه إبراهيم بن حمزة عن الدراوردي بهذا السند فقال:

ص: 91

((محمد بن إبراهيم - قلبه -)) (النكت الظراف 11/ 323).

قلنا: ورواية إبراهيم بن محمد بن أبي جحش عن زينب، منقطعة على الراجح، قال البخاري:((رأى زينب بنت جحش)).

قلنا: فمجرد الرؤية لا يثبت به سماعًا، وهذا على مذهب البخاري، ولذا أعرض ابن أبي حاتم تبعًا لأبيه وأبي زرعة عن هذا القول فلم يذكروه (الجرح والتعديل 2/ 124)، وتعقبوه في (بيان خطأ البخاري 1/ 10) فقال أبو زرعة:((إنما هو إبراهيم بن محمد ابن عبد الله بن جحش عن أبيه رأى زينب بنت جحش)). قال ابن أبي حاتم: ((سمعت أبي يقول: هذا نسبه إلى جده)).

وقال ابن حبان: ((وقد قيل: إنه رأى زينب بنت جحش وليس يصح ذلك عندي)) (الثقات 6/ 5).

وهذه الرواية رمز لها السيوطي بالضعف في (الجامع الصغير 7107)، وضعفها الألباني في (الضعيفة 4279).

ومع هذا جوَّد إسنادها ابن الملقن في (التوضيح لشرح الجامع الصحيح 4/ 335)، وصححه بدر الدين العيني في (عمدة القاري 3/ 89).

وقال الألباني: ((رجاله ثقات)) (إرواء الغليل 1/ 65).

قلنا: كذا قالوا، وهو معلول كما سبق، وفاتهم أنه منقطع، وقد تدارك ذلك الشيخ الألباني في (الضعيفة 4279) فقال: ((لكن الظاهر أنه لم يسمع هذا الحديث من زينب، أما على قول ابن حبان فظاهر، وأما على قول البخاري فلأنه لا يلزم من ثبوت الرؤية ثبوت السماع منها، لا سيما على مذهب البخاري؛ الذي لا يثبت السماع بمجرد المعاصرة بل لا بد عنده من

ص: 92

ثبوت التلاقي، ولا يثبت هذا بمجرد الرؤية، كما لا يخفى)).

قلنا: وقد تابعهم كذلك على إسقاط (الأب) محمد بن عمرو بن أبي مذعور، إِلَّا أنه قال إبراهيم بن عبد الله بن جحش، وهو:

الوجه الثالث: عن عبيد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن زينب، به، مرفوعًا.

أخرجه الدارقطني في (العلل 9/ 381 - 382) من طريق محمد بن عمرو بن أبي مذعور، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، به.

الوجه الرابع: عن عبيد الله، عن إبراهيم بن محمد بن جحش، مرسلًا.

أخرجه البخاري في (التاريخ الكبير 1/ 320) قال: قال لي إسماعيل بن أبي أويس، عن الدراوردي، عن عبيد الله، به.

وتوبع إسماعيل من ابن أبي عمر العدني، وخالد بن يوسف السمتي، ذكره الدارقطني في (العلل 9/ 381).

قلنا: وقد ذكر الدارقطني وجهين آخرين عن الدراوردي، فقال:

((ورواه محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي، عن الدراوردي فقال: عن عبيد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن رجل من آل جحش، عن زينب،

وقال يحيى الحماني عن الدراوردي، عن عبيد الله، عن إبراهيم بن أبي حبيش، عن بعض آل جحش، عن زينب)) (العلل 9/ 380/ س 4089)، ولكن وقع في هذا الموضع سقط وخلل، استدركه المحقق آخر الكتاب (9/ 496).

ص: 93

وهذان الوجهان لم نقف عليهما عند أحد من المخرجين.

فمدار هذه الأوجه كما سبق على الدراوري، وهو وإن كان صدوقًا، إِلَّا أن روايته عن عبيد الله بن عمر العمري خاصة منكرة؛ قال النسائي:((ليس به بأس، وحديثه عن عبيد الله بن عمر منكر)) (تهذيب التهذيب 6/ 354).

وقد اعتمد الحافظ قول النسائي هذا، فقال:((صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، قال النسائي: حديثه عن عبيد الله العمرى منكر)) (التقريب: 4119).

ولعل سبب ذلك أن الدراوردي كان يقلب حديث عبد الله بن عمر العمري المصغر، فيجعله عن أخيه عبيد الله، وهو ما نص عليه الإمام أحمد، حيث قال فيه:((ما حدث عن عبيد الله بن عمر فهو عن عبد الله بن عمر)) (الجرح والتعديل 5/ 395)، وقال أيضًا:((ربما قلب حديث عبد الله بن عمر يرويها عن عبيد الله بن عمر)) (تهذيب التهذيب 6/ 354).

* ومن ثَمَّ يظهر أنَّ ذِكْر عبيد الله بن عمر في هذا الإسناد وهم من الدراوردي، ويدل على ذلك - بالإضافة إلى نص الإمام أحمد - أمران:

الأول، وهو تفرد الدراوردي برواية هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر العمري، ولذا قال الدارقطني:((لا أعلم رواه عن عبيد الله، غير الدراوردي)) (العلل 9/ 382).

وقال أيضًا: ((وهو حديث غريب تفرد به عبد العزيز الدراوردي [عن عبيد الله بن عمر])) (أطراف الغرائب والأفراد لابن القيسراني 5877) والزيادة من نقل مغلطاي في (شرحه لابن ماجه 1/ 514).

الثاني: أن هذا الحديث معروف - من غير طريق الدراوردي - برواية

ص: 94

عبد الله بن عمر العمري؛ هكذا رواه غير واحد من الثقات عن عبدِ الله بن عمر العمريِّ كما سيأتي في الطريق الثاني.

قلنا: وقد اضطرب فيه الدراوردي اضطرابًا شديدًا كما سبق، ومع هذا رجح أبو زرعة طريق يعقوب بن كاسب المتقدم فقال:((هذا الصحيح؛ يعني: حديث يعقوب بن حميد بن كاسب، عن الدراوردي)) (العلل لابن أبي حاتم 153).

قلنا: ولو سلمنا تقديم رواية ابن ماجه كما ذهب أبو زرعة، فقد خالف الدراوردي ثقتان، فجعلا الحديث عن عبيد الله بن عمر مرسلًا.

كما رواه عبد الرزاق في (المصنف 177) قال: عن ابن جريج، عن عبيد الله بن عمر، ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ فِي سَطْلٍ مِنْ نُحَاسٍ لِبَعْضِ أَزْوَاجِهِ)).

ورواه في (178) عن مَعْمَرٍ، قَالَ: سألت عبيد الله بن عمر، عن الْوُضُوءِ فِي النُّحَاسِ؟ قَالَ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ فِي سَطْلٍ مِنْ نُحَاسٍ لِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ))، فَقَالَ رَجُلٌ حِينَئِذٍ عِنْدَنَا مِنْ آلِ جَحْشٍ: نَعَمْ ذَلِكَ المِخْضَبُ عِنْدَنَا.

فروايتهما مقدَّمةٌ على رواية الدراوردي، والله أعلم.

الطريق الثاني:

رواه عبد الله بن عمر العمري، واختلف عليه، على ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: عن عبد الله بن عمر، عن إبراهيم بن عبد الله بن جحش، عن أبيه، عن زينب، بلفظ: ((كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم

)).

ص: 95

رواه عن عبد الله، القعنبي في (معرفة الصحابة لأبي نعيم 7430)، والمغيرة بن عبد الرحمن في (الآحاد والمثاني 3094)، وأبو علي الحنفي كما في (مسند أبي يعلى 7157)، وحماد بن خالد كما في (مسند أحمد 26752).

ورواه معاوية بن صالح، عنه، إِلَّا أنه قال:(محمد بن عبد الله بن جحش)، والطريق إليه ضعيف، أخرجه الطبراني في (مسند الشاميين 2083)، ولفظه:((كُنْتُ أُدْخِلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مِرْجَلٍ مِنْ نُحَاسٍ)).

الوجه الثاني: عن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد بن جحش، عن زينب، به، فأسقط (الأب).

ذكره ابن أبي حاتم في (العلل 1/ 626) فقال: ((ورواه معن بن عيسى، عن عبدالله العمري، عن إبراهيم بن محمد بن جحش، عن زينب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الوجه الثالث: عن عبد الله العمري، عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جحش، عن أبيه:((أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ كَانَتْ تَغْسِلُ رَأْسَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مِخْضَبٍ مِنْ صُفْرٍ)).

فجعله من مسند محمد بن عبد الله بن جحش.

أخرجه أبو عبيد في (الطهور 125) قال: ثنا سعيد ابن أبي مريم، عن عبد الله بن عمر العمري، حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جحش، عن أبيه، به.

ورواه الطبراني - ومن طريقه أبو نعيم - قال: حدثنا يحيى بن أيوب العلاف المصري، ثنا سعيد بن أبي مريم، به.

ص: 96

وهذه الطرق ثلاثتها مدارها على عبد الله بن عمر العمري، وهو ضعيف كما في (التقريب 3489)، وقد اضطرب في السند والمتن كما بينَّاه.

وقد حكى الدارقطني أوجه الخلاف في الحديث على الدراوردي وعبد الله العمري، ثم قال:((والحديث شديد الاضطراب)) (العلل 9/ 381).

* * *

ص: 97

456 -

حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ:

◼ عن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ: ((أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ كَانَتْ تَغْسِلُ رَأْسَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مِخْضَبٍ مِنْ صُفْرٍ)). قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: قَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمِخْضَبَ.

[الحكم]:

مضطرب، وحكم باضطرابه الدارقطني.

[التخريج]:

[طب (19/ 249/ 561) / طهور 125 / صحا 633].

[السند]:

أخرجه أبو عبيد، قال: حدثنا سعيد ابن أبي مريم، عن [عبد الله]

(1)

بن عمر العمري، حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جحش، عن أبيه، به.

ورواه الطبراني - ومن طريقه أبو نعيم - قال: حدثنا يحيى بن أيوب العلاف المصري، حدثنا سعيد بن أبي مريم، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه عبد الله بن عمر العمري، وهو ضعيف، كما تقدم.

وقد اضطرب في هذا الحديث كما هو مبين في الرواية السابقة.

(1)

تصحف في المطبوع إلى عبيد الله، والمثبت هو الصواب كما في الأصل (ق 14/أ)، وكذا في بقية المصادر.

ص: 98

457 -

حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ الأَسْدِيِّ: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ فِي مِخْضَبِ صُفْرٍ فِي بَيْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ)).

[الحكم]:

مضطرب، وحكم باضطرابه الدارقطني.

[التخريج]:

[تخ (1/ 320)].

[السند]:

قال البخاري: قال لي إسماعيل بن أبي أويس، حدثني الدراورودي، عن عبيد الله بن عمر، عن إبراهيم بن محمد بن جحش الأسدي، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف لإرساله؛ فإبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جحش، لما ذكره الحافظ في (التقريب) قال:((من الخامسة)).

وهو أحد أوجه اضطراب الدراوردي في حديث زينب، وقد سبق الكلام عليه.

ص: 99

458 -

حَدِيثُ أُمِّ كُلْثُومٍ:

◼ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، أَنَّ جَدَّتَهَا أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دَفَعَتْ إِلَيْهَا مِخْضَبًا مِنْ صُفْرٍ، قَالَتْ:((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ فِي هَذَا))، قَالَ طَلْحَةُ: فَأَرَتْنِيهِ أُمُّ كُلْثُومٍ، كَانَ نَحْوَ الصَّاعِ أَوْ أَكْبَرَ قَلِيلًا.

[الحكم]:

ضعيف.

[التخريج]:

[عل 6932 "واللفظ له" / طب (23/ 354/830) / علحا 154 "معلقًا"].

[السند]:

قال أبو يعلى في (المسند): حدثنا عقبة بن مكرم، حدثنا يونس بن بكير، حدثنا طلحة بن يحيى، عن أم كلثوم بنت عبد الله بن زمعة، به.

وقال الطبراني في (المعجم الكبير)

(1)

: حدثنا ابن أبي شيبة، ثنا عقبة بن مكرم، به.

وعلقه ابن أبي حاتم في (العلل) فقال: رواه عبيد بن يعيش، عن يونس بن بكير، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه يونس بن بكير، مختلف فيه، ولخص حاله بن حجر

(1)

سقط من إسناد (المعجم الكبير): ((يونس بن بكير))، والراجح إثباته كما في بقية المصادر.

ص: 100

فقال: ((صدوق يخطئ)) (التقريب 7900).

وشيخه طلحة بن يحيى، قال فيه ابن حجر:((صدوق يخطئ)) (التقريب 3036).

وأم كلثوم بنت عبد الله بن زمعة، لم نجد لها ذكرًا إِلَّا في ترجمة أبيها عبد الله بن زمعة، كما في (الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 518).

قلنا: فالظاهر أنها مجهولة.

قال ابن عبد الهادي: ((ولم يخرج أحد من أصحاب الكتب الستة هذا الحديث، ولم يرووا لأم كلثوم هذه شيئًا، ولم أر هذا الحديث في ((مسند الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل)) أيضًا)) (تعليقة على العلل ص 220).

قال الهيثمي: ((رواه الطبراني في (الكبير)، وأم كلثوم هذه لم أر من ترجمها، وبقية رجاله ثقات)) (مجمع الزوائد 1107).

ص: 101

459 -

حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ:

◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: ((كَانَ لِمُعَاذِ بن جَبَلٍ قَدَحٌ مُفَضَّضٌ بِنُحَاسٍ فِيهِ يَسْقِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا شَرِبَ وَفِيهِ يُوَضِّئُهُ إِذَا تَوَضَّأَ)).

[الحكم]:

ضعيف جدًّا، وضعفه الهيثمي، والصالحي الشامي.

[اللغة]:

(مُفَضَّضٌ): ((شيءٌ مُفَضَّضٌ: مُمَوَّه بالفضة أَو مُرَصَّعٌ بالفضة)) (لسان العرب 7/ 208).

[التخريج]:

[طب (8/ 221/ 7878)].

[السند]:

قال الطبراني: حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي، ثنا هشام بن عمار، ثنا الوليد بن مسلم، عن عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علي بن يزيد الألهاني: ((ضعيف)) (التقريب 4817). لاسيما روايته عن القاسم؛ قال يحيي بن معين: ((علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة هي ضعاف كلها)) (تهذيب الكمال 21/ 179). وكذا نص على ضعفها أبو حاتم، انظر (تهذيب التهذيب 7/ 346).

وبه ضعفه الهيثمي، فقال:((رواه الطبراني وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف)) (مجمع الزوائد 8230).

ص: 102

وعثمان بن أبي العاتكة، قال عنه الحافظ:((صدوق، ضعفوه في روايته عن على بن يزيد الألهاني)) (التقريب 4483).

والوليد بن مسلم: ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية، ولم يُصرِّح بالسماع، وقد اختُلف عليه:

فرواه عنه هشام بن عمار - كما في هذه الرواية - فجعله من مسند أبي أمامة.

وخالفه دحيم - كما في (الكامل لابن عدي 8/ 44) -، وسليمان بن أحمد الوسطي، وصفوان بن صالح - كما في (المعجم الكبير 20/ 54/ 95) -.

فجعلوه (ثلاثتهم) من مسند معاذ، وهي الحديث التالي، وقد صرح فيها الوليد بسماعه من شيخه عثمان؛ ولا ينفعه ذلك كونه يدلس تدليس تسوية فلابد أن يُصرِّح بالسماع حتى آخر الإسناد.

ودحيم ومن تابعه أوثق من هشام.

والحديث ضعف إسناده الصالحي الشامي في (سبل الهدى والرشاد 7/ 233).

* * *

ص: 103

460 -

حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ:

◼ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه: ((أَنَّهُ كَانَ يُوَضِّئُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَدَحٍ مُضَبَّبٍ بِنُحَاسٍ [إِذَا تَوَضَّأَ]، وَيَسْقِيهِ فِيهِ [إِذَا شَرِبَ])).

[الحكم]:

ضعيف جدًّا، وضعفه ابن عدي، وابن القيسراني، والهيثمي.

[اللغة]:

(مضبب): (((وَبَابٌ مُضَبَّبٌ) مَشْدُودٌ بِالضِّبَابِ جَمْعُ ضَبَّةٍ)) (المغرب في ترتيب المعرب 2/ 4).

[التخريج]:

[طب (20/ 54 / 95) "واللفظ له" / عد (8/ 44) "والزيادتان له"].

[السند]:

رواه الطبراني، قال: حدثنا ورد بن أحمد بن لبيد البيروتي، ثنا صفوان بن صالح. (ح)

وحدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا سليمان بن أحمد الواسطي، قالا: ثنا الوليد بن مسلم، ثنا عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن معاذ بن جبل، به.

ورواه ابن عدي: عن سعيد بن هاشم الطبراني، عن دحيم، عن الوليد، قال: حدثنا عثمان، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ لأجل علي بن يزيد الألهاني، لاسيما روايته عن

ص: 104

القاسم، ورواية عثمان بن أبي الْعَاتِكَةِ عنه. كما تقدم بيان ذلك في الحديث السابق.

والحديث ذكره ابن عدي في مناكير عثمان بن أبي العاتكة. (الكامل 8/ 44).

وقال ابن القيسراني: ((وعثمان ضعيف)) (ذخيرة الحفاظ 2/ 821).

وقال الهيثمي: ((رواه الطبراني في (الكبير)، وفيه علي بن يزيد عن القاسم، وكلاهما ضعيف)) (مجمع الزوائد 1076).

قلنا: أما علي فضعيف لا ريب في ذلك، وأما القاسم فالراجح أنه: صدوق لا بأس به، وإنما أتت المناكير في روايته من قبل الرواة الضعفاء عنه، كما نص على ذلك ابن معين والبخاري وأبو حاتم وغيرهم. وستأتي ترجمته مفصلة تحت حديث أبي هريرة في ((باب إعفاء اللحية))، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).

* * *

ص: 105

461 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، قَالَ:((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ فِي سَطْلٍ مِنْ نُحَاسٍ)).

[الحكم]:

رفعه منكر، الصواب فيه الوقف.

[اللغة]:

(السَّطْل): ((الدلو أو شبهها)) (مختار الصحاح ص 126).

[التخريج]:

[محد (2/ 392 - 393)].

[السند]:

قال أبو الشيخ الأصبهاني في (طبقات المحدثين): حدثنا عبد الله بن محمد بن عمران، قال: ثنا عبد الله قال: ثنا سالم بن علي، قال: ثنا معمر، عن نافع، عن ابن عمر، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه علل:

العلة الأولى: سالم بن علي؛ لم نجد له ترجمة.

والعلة الثانية: عبد الله شيخ ابن عمران، هو: عبد الله بن عمر بن يزيد الزهري يكنى أبا محمد، ترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 5/ 111)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. ولكن ترجم أبو الشيخ في (طبقات المحدثين بأصبهان 2/ 389) وقال:((حدث بغير حديث يتفرد به))، وأسند هذا الحديث، وقال عقبه: ((هذه الأحاديث مما تفرد به ومثل هذا

ص: 106

الكثير)). اهـ. وتبعه أبو نعيم فقال: ((تفرد بغير حديث)) (تاريخ أصبهان 942). وقال الذهبي في ترجمته: ((له أفراد وغرائب)) (تاريخ الإسلام 6/ 106 - 107).

قلنا: ومما يوهن هذه الرواية: أن المحفوظ عن معمر، ما رواه عبد الرزاق في (المصنف 176) عن معمر، عن رجل، عن نافع:((أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فِي النُّحَاسِ)).

فوقفه بخلاف المتن المرفوع وزاد في إسناده رجلًا مبهمًا، لكن الحديث محفوظ عن ابن عمر موقوفًا من طرق أخرى في كراهية الوضوء في النحاس:

فقد رواه عبد الرزاق في (المصنف 171) عن ابن جريج قال: أخبرني نافع: ((أَنَّ عَبدَ اللهِ بن عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فِي النُّحَاسِ قَالَ: جَاءَتْهُ النُّضَارُ

(1)

وَالرِّكَاءُ

(2)

وَطَسْتُ نُحَاسٍ)).

ورواه عبد الرزاق أيضا (172) عن الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر ((أنَّهُ كانَ لا يَتَوَضَّأُ في الصُّفْرِ)).

وهذان طريقان صحيحان، رجالهما كلهم ثقات.

وعليه: فرواية الرفع منكرة، والله أعلم.

(1)

قال الخليل بن أحمد في (العين 7/ 26): ((والنُّضارُ: الخالصُ من جوهر التبر والخشب، وجمعه أنْضُر. ويقال: قَدَحٌ نُضارٌ، يُتَّخَذُ من أَثْلٍ وَرْسِيّ اللَّونِ يكون بالغَورِ)).

(2)

قال الخليل في (العين 5/ 402): ((الرَّكوةُ: شبه تور من أدم. والجميع: الرِّكاء. ويقال: تكون من أدم يسقى فيها ويحلب ويتوضأ، والجميع: الرَّكوات والرِّكاء)).

ص: 107

462 -

حَدِيثُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: سَأَلْتُ عُبيدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنِ الْوُضُوءِ فِي النُّحَاسِ قَالَ:((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَغْسِلُ رَأْسَهُ فِي سَطْلٍ مِنْ نُحَاسٍ لِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ)). فَقَالَ رَجُلٌ حِينَئِذٍ عِنْدَنَا مِنْ آلِ جَحْشٍ: نَعَمْ ذَلِكَ الْمِخْضَبُ عِنْدَنَا.

• وَفِي رِوَايَةٍ 2: عَن عبيدِ اللهِ

(1)

بنِ عُمَرَ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ فِي سَطْلٍ مِنْ نُحَاسٍ لِبَعْضِ أَزْوَاجِهِ)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف.

[التخريج]:

[عب 177 "والرواية الثانية له"، 178 "واللفظ له"].

[السند]:

رواه عبد الرزاق (177): عن ابن جريج، عن عبيد الله

(2)

بن عمر، به.

ورواه برقم (178): عن معمر، قال: سألت عبيد الله بن عمر، عن الوضوء في النحاس

فذكره.

(1)

تصحف في طبعتي (التأصيل والمكتب الإسلامي) إلى (عبد الله)، وهو على الصواب في الأصل (المجلد الأول ق 16/أ)، وأثبته على الصواب محقق طبعة دار الكتب العلمية (1/ 45):(عبيد الله)، وقال بالحاشية:((كذا بالأصل، وفي النسخة (ع): عبد الله)).

(2)

في المطبوع: (عبد الله)، والصواب:(عبيد الله)، انظر الحاشية السابقة.

ص: 108

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إِلَّا أنه مرسل فعبيد الله بن عمر، هو: ابن حفص العمري؛ من صغار التابعين، فلم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 109