المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفاوت موقف الشيعة الاثنى عشرية من قضية الاجتهاد - رسائل السنة والشيعة لرشيد رضا - جـ ١

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المعتني:

- ‌تاريخ التشيع ومذاهب الشيعة

- ‌أقوال العلماء الشيعة وساستهم في المنار

- ‌تعصب صاحب مجلة العرفان

- ‌زعيم الرافضة وعدو السنة

- ‌الطريقة النقشبندية

- ‌سعينا للتأليف بين الوهابية والشيعة

- ‌ ليس بين مذهب الزيدية ومذهب السنة من البُعْد كما بين الروافض وأهل السنة

- ‌ نبأ عقد المؤتمر الإسلامي في الرياض عاصمة نجد

- ‌ما يدعيه فقهاء الشيعة الجامدين، من تلقي الدين والفتوى من سرداب سامرا

- ‌تفاوت موقف الشيعة الاثنى عشرية من قضية الاجتهاد

- ‌ كلام المؤلف السيد رشيد رضا عن شخصية الشريف حسين

- ‌الفرق بين السني والشيعي

- ‌ حقيقة الفقه الشيعي أو ما يسمى بـ (المذهب الجعفري)

- ‌ المهدي يأتي بأمر جديد وقرآن جديد

- ‌ الإجماع عند الشيعة

- ‌رد السيد الآلوسي على حصون العاملي الرافضي

- ‌جميع القبائل الذين ترفضوا هم أعدى الناس لدولة الإسلام

- ‌بغض الروافض لبعض أهل البيت

- ‌جعفر ابنا موسى الكاظم

- ‌ إبراهيم بن جعفر

- ‌زعم الرافضة تحريف القرآن

- ‌الكتب المعتمدة عند الشيعة الإمامية:

- ‌لم لم يعترض الأئمة على ما فيها من موضوعات

- ‌زرارة بن أعين

- ‌ رقعة علي بن الحسين بن موسى بن مابويه القمي

- ‌ رجَّحوا التوقيع على المروي بالإسناد الصحيح لدى التعارض

- ‌طعن الشيخ محسن في الوهابية:

- ‌ندب الحسين وسب الصحابة

- ‌يقولون: إن الأئمة يوحى إليهم

- ‌يقولون بالرجعة

- ‌طعن العاملي في الوهابية وابن تيمية

- ‌ من عجائب الأيام وفكاهاتها المضحكة قوماً، المبكية

- ‌بيان تَقَوُّلِ العاملي على ابن تيمية والوهابية

- ‌ الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: (وأما القول بأنّا نكفر بالعموم

- ‌كان أبو الحسن الأشعري من المعتزلة المتأولين ثم رجع عن أشهر قواعد الاعتزال

- ‌الإمام الغزالي

- ‌ مبتدعة التأويل يقيسون الخالق على المخلوق

- ‌نتيجة ما تقدم في إبطال زعم الرافضي

- ‌د بن

- ‌نموذج من نقول في الطعن على ابن تيمية

الفصل: ‌تفاوت موقف الشيعة الاثنى عشرية من قضية الاجتهاد

الأمين العاملي على خلاف ما نَقَلَ لنا بعض الناس عنه من إظهار الإنصاف في مجالسه مع علماء السنة من باب التقية، فألف رسالة سماها (الحصون المنيعة، في الرد على ما أورده صاحب المنار في حق الشيعة) لم يكن في تأليفها محسنًا في الرد، ولا أمينًا في النقل، ولكنها فرصة اغتنمها لبث أمرين:

(أحدهما) فيما ارتأيت في ذلك التاريخ صَدّ نابتة الشيعة في جبل عامل وغيره عن المنار؛ إذ كانت قد أثرت فيهم خطته الإصلاحية ودعوته إلى الاستقلال في فهم الدين من الكتاب والسنة وترك التقليد وعصبية المذاهب فيه، والشيعة أشد الفرق في ذلك حتى الذين يسمونهم المجتهدين منهم، ويفتخرون على أهل السنة بأنهم هم الذين يأخذون بالاجتهاد الذي أقفل بابه أهل السنة، ومن المعلوم ببداهة العقل أن الاجتهاد الحقيقي الذي هو الاستقلال بأخذ الدين من ينابيعه ينافي التمذهب بمذهب معين. (1)

(1) ي‌

‌تفاوت موقف الشيعة الاثنى عشرية من قضية الاجتهاد

، فالإخباريون حَرَّموا الاجتهادَ على الفقيه لأنه غير معصوم، وحصروا القول في المستجدات في شخص المعصوم فقط، لكن ضغط الواقع أثبت لهم قصور نظريتهم فخرج على الأصل قسم منهم سبقت الإشارة إليهم وهم من يسمون بالأصوليين - الذين هم جمهور الشيعة اليوم- وأجازوا لغير المعصوم أن يجتهد، ومنحوه صلاحيات المعصوم بحيث جعلوا الرد عليه كالرد على المعصوم، فيقول محمد رضا المظفر في كتابه "عقائد الإمامية" المقرر للتدريس في مدارس الحوزة في النجف تحت عنوان: عقيدتنا في المجتهد ص34/ ط. قم 2002: ((وعقيدتنا في المجتهد الجامع للشروط أنه: نائب للإمام عليه السلام في حال غيبته، وهو الحاكم والرئيس المطلق، له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد على الله تعالى، وهو على حد الشرك بالله!!)) .

ص: 33

) الأمر الثاني) بث مذهب الشيعة بين أهل السنة وترجيحه على مذهب السنة، وجعل مسألة متعة النكاح حجة على هذا الترجيح، فأطال فيها بغير طائل.

أرسلت إليَّ هذه الرسالة عقب صدورها فلم أشأ أن أرد على أباطيلها لسببين:

(أحدهما) مخالفة ذلك لخطتي في التأليف بين فرق المسلمين؛ لأن المجادلات في الانتصار للمذاهب تذكي نار التعصب والشقاق بين أهلها.

(وثانيهما) أن صاحبها لا يستحق أن يرد على مثله؛ لأنه لا يطلب الحق في المناظرة كما هو شأن المقلدين، ولا سيما المتعصبين الغلاة مثله، فمناظرتهم تضر ضررًا لا يقابله منفعة استبانة الحق لهم فيرجى رجوعهم إليه.

وكيف يرد مثلنا من المستقلين ودعاة التأليف على من يستدل على صحة المتعة بقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (النساء: 24)(1)

فيزعم أن لفظ الأجور لا يصح أن

(1) بعد أن ذكر جل وعلا المحرمات من النساء جاءت هذه الآية، فقال تعالى {وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} فالآية تتحدث عن وجوب المهر وفريضته في النكاح الشرعي الصحيح وهو الدائم - وليس المؤقت - وتبين أن ذلك الوجوب يقع بمجرد حصول الاستمتاع بالمرأة أي كالجماع ونحو ذلك، وتفسير لفظ (استمتعتم) في الآية بنكاح المتعة ليس له استناد إلا الظن وما تهواه الأنفس باتباع المتشابه.

ومما يُبطل الاستدلال بهذه الآية على إباحة المتعة: قوله تعالى {محصنين} فإن مجيزي نكاح المتعة من الاثنا عشرية أنفسهم يقولون إن نكاح المتعة لا يحصن، ويروون عن أبي عبد الله (ع) في رجل يتزوج المتعة أتحصنه؟ قال:((لا إنما ذاك على الشيء الدائم عنده)) ، وعنه أيضاً قال:((لا يرجم الغائب عن أهله ولا المملوك الذي لم يبن بأهله، ولا صاحب المتعة)) . انظر الوسائل 18/ 351-355 أبواب حد الزنا باب 2 باب ثبوت الاحصان الموجب للرجم في الزنا بأن يكون له فرج حرة أو يغدو عليه ويروح بعقد دائم أو ملك يمين مع الدخول وعدم ثبوت الاحصان بالمتعة

ص: 34

يكون بمعنى المهور؛ لأنه لم يرد في لغة القرآن بهذا المعنى وإنما سماها القرآن الصدقات (بضم الدال) وزعمه هذا يدل على أحد أمرين:

إما الجهل بالقرآن ولغته، وإما تعمد تحريفه وقد يجتمعان، فقد قال الله تعالى في سورة الممتحنة في المؤمنات اللواتي يتركن أزواجهن المشركين ويهاجرن إلى المدينة {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (الممتحنة: 10) .

وقال تعالى بعد ذكر حل طعام أهل الكتاب من سورة المائدة: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} (المائدة: 5) . (1)

وإنني لما حررت الدلائل في مسائل متعة النكاح في تفسير سورة النساء من جزء التفسير الخامس وتعرضت لخلاف الشيعة فيها قلت في آخر البحث ما نصه (وهو قد كتب بعد تأليف تلك الرسالة) :

((ولا سعة في هذا التفسير لهذه المباحث بل أخشى أن

(1) أقول: هذا الاستدلال الذي أشار إليه المؤلف رحمه الله يعلمُ الشيعةُ أنفسهم ضعفه وبُعْدَه عن لغة القرآن حتى قال الطوسي في تفسيره " التبيان " 3/166 إن من قال به ((كان مرتكباً لما يعلم خلافه)) .

كما من الآيات التي ورد فيها تسمية المهر أجراً قوله تعالى {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن} ، والمراد بالأجور هنا: المهور، وهذا ما يُقرُّ به علماء الاثنى عشرية، فيقول الطبرسي - وهو من علماء الشيعة البارزين - عند تفسيره لهذه الآية:{أجورهن} ((أي: مهورهن لأن المهر أجر على البضع)) ، وقال أحمد الجزائري من علماءهم عند تفسيره لهذه الآية ما نصه:((والأجور هي المهور لأن المهر أجر البضع)) . انظر: جوامع الجامع 2/330 وتفسير قلائد الدرر 3/204.

ص: 35

أكون خرجت بهذا البحث عن منهاجي فيه وهو الإعراض عن مسائل الخلاف التي لا علاقة لها بفهم القرآن والاهتداء به، وعن الترجيح بين المذاهب الذي هو مثار تفرق المسلمين وتعاديهم، على أنني أبرأ إلى الله من التعصب والتحيز إلى غير ما يظهر لي أنه الحق، والله عليم بذات الصدور))

إلى أن قلت: ((فإن اطلعنا بعد ذلك على روايات أخرى للشيعة بأسانيدها فربما نكتب في ذلك مقالاً تمحص فيه ما ورد من الطريقين ونحكم فيه بما نعتقد من قواعد التعارض والترجيح وننشر ذلك في المنار)) . اهـ

وقد أرسل علامة الشام المستقل الشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله تعالى رسالة العاملي في أثناء نشرها إلى علامة العراق المستقل السيد محمود شكري الألوسي رحمه الله تعالى وسأله عن رأيه فيها فأجابه برسالة تتضمن الرد الشديد عليها وتجهيل مؤلفها، وقد اطلعنا على هذا الرد، ولم نشأ أن ننشره لما تقدم بيانه. (1)

ولكن العاملي الرافضي المتعصب عاد في هذه الأيام إلى

(1) سينقل المؤلف رحمه الله نص تلك المراسلة فيما يأتي، ولم أقف عليها فيما طُبع من المراسلات بين العلامتين القاسمي والآلوسي رحم الله الجميع، سوى أن الآلوسي قال في أحدى مراسلاته للقاسمي ما نصه:((وفي أوائل الصيف أحب بعض الأصحاب الكرام - وهو محمد بن مانع النجدي المقيم الآن في بغداد - أن يرد على كتاب الرافضي المسمى بـ "الحصون المنيعة"، فكتب عليه في أيام معدودات مجلداً ضخماً مَحَّصَ فيه الحق من الباطل، وأبرز ما فيه من الكلام العاطل، وسمى ما كتبه " صواعق الشريعة في هدم الحصون المنيعة "، وفي عزم مؤلفه أن يرسل منه نسخة مع ابن العم الحاج علي أفندي أحد مبعوثي بغداد عند عوده إلى المجلس إلى الأخ في الله السيد رشيد رضا صاحب مجلة المنار، فلعله إن راقت لديه يطبعها إن شاء الله)) . الرسائل المتبادلة بين القاسمي والآلوسي ص 137.

ص: 36