الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام والعرب.
ذلك بأنه
ليس بين مذهب الزيدية ومذهب السنة من البُعْد كما بين الروافض وأهل السنة
(1)
، وقد كتبت إلى كل من الإمامين أدعوه إلى الاتفاق مع الآخر قبل فتح الحجاز بسنين، فأجاب كل منهما إلى ذلك بالارتياح والقبول، ودارت بينهما المكاتبات الودية في ذلك على ما طرأ من أسباب الخلاف، وما كان من سعي أهل الفساد لإلقاء العداوة والبغضاء بينهما وإغراء كل منهما بقتال الآخر، ونسأل الله تعالى أن يتم النعمة بنجاح ما نسعى له ويسعى له غيرنا من عقلاء المسلمين وأهل الغيرة منهم بعقد المحالفة التي تكون أقوى الوسائل لحفظ جزيرة العرب من التعدي على استقلالها، ولبلوغها أقصى ما هي مستعدة له من العمران وإحياء حضارة الإسلام.
ولما رأيت ما رأيت من سوء أمر مؤتمر النجف لشيعة العراق، ومن أمارات نشر الإلحاد في إيران والأفغان، ومن تجديد الشيخ العاملي في تواليفه والشيخ عارف الزين في مجلته
(1) الزيدية أيضاً فيهم طوائف متفاوتة، إلا أنهم أقرب - بالنسبة إلى غيرهم من طوائف الشيعة - إلى أهل السنة والجماعة خاصة في ما يتعلق بالصحابة رضي الله عنهم، ولا عجب أن يقول فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة 8 / 247:((والزيدية وهم أعقل الشيعة وأعلمهم وخيارهم)) .
ولأجل هذا الأمر - الذي كانوا فيه أقرب لأهل السنة - نجد أن علماءً من الإمامية الاثنا عشرية قد أطلقوا فيهم الأحكام الجائرة من التكفير والاتهام بأنهم نواصب، فيروون عن أبي عبد الله جعفر بن محمد رحمه الله أنه قال:((الزيدية هم النصاب)) ، ويروون عنه أنه قال:((الزيدية والواقفة والنصاب بمنزلة واحدة)) رجال الكشي ص (199، 456) .
…
ويروون عن عبد الله بن المغيرة قال: قلت لأبي الحسن - وهو موسى الكاظم بن جعفر رحمه الله: إنّ لي جارين أحدهما ناصب والآخر زيدي ولا بدّ من معاشرتهما فمن أعاشر؟ فقال: هما سيان
…
)) ثم قال: ((إنّ هذا نصب لك، وهذا الزّيدي نصب لنا)) . الكافي/ كتاب الرّوضة: 12/304 (مع شرحه للمازندراني) .
والخلاصة من ناحية الروايات هي كما قال المجلسي في بحار الأنوار 37/34: ((كتب أخبارنا مشحونة بالأخبار الدالة على كفر الزيدية وأمثالهم)) .
وقد وقع خلاف (فقهي!) في طهارة المخالفين، فبينما يقول البحراني في الحدائق الناظرة:((ينبغي أن يعلم أن جميع من خرج عن الفرقة الإثنى عشرية من أفراد الشيعة كالزيدية والواقفية والفطحية ونحوها إن حكمهم حكم النواصب فيما ذكرنا)) ثم بعد أن أشار إلى روايات في هذه المسألة قال: ((ولهذا نقل شيخنا البهائي (قدس سره) في مشرق الشمسين أن متقدمي أصحابنا كانوا يسمون تلك الفرق بالكلاب الممطورة أي الكلاب التي أصابها المطر مبالغة في نجاستهم والبعد عنهم)) .
بينما يخالفه أبو القاسم الخوئي في كتاب الطهارة (2 / 87) فيقول: ((فالصحيح الحكم بطهارة جميع المخالفين للشيعة الاثنى عشرية وإسلامهم ظاهرا بلا فرق في ذلك بين أهل الخلاف وبين غيرهم وان كان جميعهم في الحقيقة كافرين وهم الذين سميناهم بمسلم الدنيا وكافر الآخرة)) .
..
الطعن في السنة وتنفير المسلمين من دولتها الوحيدة في إقامتها ونصرها (1) ، ومن بث الرفض والخرافات بين المسلمين، رأيت من الواجب عليَّ أن أظهر للمسلمين ما يخفى على جمهورهم من الحقائق التي لم يكن العاملي ولا الزين يعلمان بوقوفي عليها لعلهما يفيئان إلى أمر الله، فكتبت الفصول التالية بهذه النية و (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى) .
وكنت عند البدء بالكتابة عقب اطلاعي على كتاب العاملي الجديد وما فيه الطعن الباطل في السنة باسم الوهابية، وفي شيخ الإسلام المصلح الكبير ابن تيمية، ومن تشريفي بطعنه فيَّ وبهتانه عليَّ، كنت عند البدء بذلك عازمًا على الاختصار، والاكتفاء بما ينشر في المنار، ثم جاءتني مجلة العرفان، فإذا هي بعد اطلاعها على الفصل الأول في المنار قد أسرفت في البهتان، والبغي والعدوان، والشتم والسب والكذب والإفك فرأيت من الواجب في نصر السنة ودفع البدعة، أن أتوسع في الكتابة، ونشر ما أكتبه في رسالة أو رسائل مستقلة.
(1) وقد يُستذكر هنا قول أمير دولة الكويت صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله: ((وستنعم المملكة وشعبها في ظل كلمة التوحيد وهدي السنة النبوية المشرفة. . . وستبقى كما كانت الحصن الحصين للإسلام وعقيدته السمحاء)) المصدر: جريدة الوطن الكويتية، في عددها الصادر بتاريخ: 4 أغسطس 2005 م.