المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقدمة … تقديم: الموضوع، أهدافه، منهج البحث فيه، مصادره: هذا بحث يعالج رسم المصحف، - رسم المصحف العثماني وأوهام المستشرقين في قراءات القرآن الكريم

[عبد الفتاح شلبي]

الفصل: ‌ ‌مقدمة … تقديم: الموضوع، أهدافه، منهج البحث فيه، مصادره: هذا بحث يعالج رسم المصحف،

‌مقدمة

تقديم:

الموضوع، أهدافه، منهج البحث فيه، مصادره:

هذا بحث يعالج رسم المصحف، ومكانته في الاحتجاج للقراءات، وقد دفعني إلى معالجة هذا الموضوع رأي قرأته للعالم المستشرق: إجنتس جولدتسيهر في كتابه "مذاهب التفسير الإسلامي" مفاده: أن الخط العربي الذي كتبت به المصاحف لخلوه من النقط والشكل، كان سببًا في اختلاف القراءات، وقد أدى إلى اختلافات نحوية ومعنوية أيضًا

قرأت ما قال جولدتسيهر وتدبرته، فإذا بي أراه يهدم النقل عن الأئمة القراء، وينكر صلة هذه القراءات بالسند عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ومعنى ذلك: أن ما كان من هذه القراءات متصلًا بخصوصية الخط العربي -وهو كثير- ليس مما نزل به جبريل على قلب الرسول، وليس من الأحرف السبعة التي نص الرسول في صحيح ما روي عنه:"أن كلها شافٍ كافٍ"!! ومعنى ذلك أيضًا إنكار هذا القرآن في الجملة والتفصيل، ثم إنكار ما دار حول نصه الكريم من ثقافات متعددة الألوان، وفي ذلك من الخطورة ما فيه.

ولست أريد أن أزيِّف على القارئ الكريم، فأنكر أمامه أني دفعت أول الأمر بعاطفتي الدينية إلى دحض ما قرره "جولدتسيهر" لا! بل أذكر صراحة أن كلام "جولدتسيهر" أهاج عندي هذه العاطفة، وحملني حملًا على التفكير في الموضوع. ثم كان أن خليت ما بيني وبين هذه العاطفة من صلات ووشائج، وتناولت الموضوع بروح الباحث العلمي، البعيد عن التعصب الديني ومزالقه، ومكن لي من ذلك أن رسالتيّ الجامعيتين اللتين قدمتهما لنيل درجة الماجستير والدكتوراه، كانتا متصلتين اتصالًا وثيقًا بهذه الدراسات القرآنية1. وكنت أعد كلًّا منهما، ورأي "جولدتسيهر" ماثل أمام عيني، وفي خاطري لعلي أجد من الدلائل ما يثبته أو ينفيه

1 موضوع رسالة الماجستير: الإمالة في القراءات واللهجات العربية.

وموضوع رسالة الدكتوراه: أبو علي الفارسي، حياته ومكانته بين أئمة العربية، وآثاره في القراءات والنحو.

ص: 3

وبهذا الاتجاه العلمي الخالص مضيتُ أجمع البراهين، وأقيّد الأدلة، وأتناول الموضوع

فانتهيت إلى ما سيعرض على القارئ في هذا البحث بعد حين

وتبارك الله الذي نزل الكتاب بالحق وهو خير المنزلين

قدمت هذا البحث بكلمة موجزة شرحت فيها المقصود برسم المصحف، وتطور هذا الرسم منذ أبي بكر رضي الله عنه إلى أن كتب عثمان -عليه الرضوان- مصحفه الإمام، ثم رددت شبهة القائلين بأن القراءات تابعة للرسم، وبينت أن القراءة سنة متبعة، ثم ذكرت موقف القدامى -نحويين وقرّاء- من رسم المصحف والاحتجاج به، وبينت الرأي الذي أرتضيه، ثم تعرضت للاختيار عند القرّاء، ومتى يكون صحيحًا غير مردود، وهو موضوع يمتّ بصلة وثيقة إلى القول بأن القراءة سنة

تلكم كانت أهداف الموضوع، وذلكم منهج البحث فيه، وقد استفتيت فيه ما وصلت إليه يدي من كتب النحو والقراءات، فاستعنت فيه بسيبويه، والكسائي، والفراء، وأبي حاتم السجستاني، وأبي بكر بن مجاهد، وابن جرير الطبري، والزجاج، والزجاجي، والرماني، وأبي علي الفارسي، وابن جني، والربعي، ومكي بن أبي طالب القيسي، والداني، وأبي العباس القسطلاني، وابن الجزري، والبنا الدمياطي، وغير هؤلاء من النحويين والقراء.

وبعد، فهذه لبنة في صرح الدراسات القرآنية الشامخ المكين، وجهد متواضع بذلته وفاء لحق القرآن وما له من فضل علينا عظيم

ورغبة في أن يقر في صدر القارئ ما وقر في صدري -بعد البحث والتأييد- أن القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد1.

21 من شعبان 1379هـ

18 فبراير "شباط" 1960م

عبد الفتاح شلبي

مصر الجديدة

1 من فضل الله عليّ، وتحدثا بنعمته، أن يكون هذا الكتاب أول ما ألف في موضوعه، وقد كتب الشيخ عبد الفتاح القاضي رحمه الله كتابه:"القراءات في نظر المستشرقين والملحدين" القاهرة 1972، كتبه بعد كتابي هذا باثني عشر عامًا، والحمد لله على توفيقه.

ص: 4