المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الملحق الثاني: مقتبسات تتصل بموضوعات البحث من الإبانة - رسم المصحف العثماني وأوهام المستشرقين في قراءات القرآن الكريم

[عبد الفتاح شلبي]

الفصل: ‌الملحق الثاني: مقتبسات تتصل بموضوعات البحث من الإبانة

‌الملحق الثاني: مقتبسات تتصل بموضوعات البحث من الإبانة

وأورد فيه أسئلة ثلاثة ذكرها مكي بن أبي طالب في كتاب "الإبانة" وأجاب عنها

وهذه الأسئلة وأجوبتها تتصل بموضوع هذا الكتاب الاتصال الوثيق.

وها هي ذي الأسئلة الثلاثة:

ما الذي يقبل من القراءات الآن فيقرأ به؟

وما الذي لا يقبل، ولا يقرأ به1؟

وما الذي يقبل ولا يقرأ به؟

قال مكي في الإجابة عن هذه الأسئلة: إن جميع ما روي من القراءات، على ثلاثة أقسام:

1-

قسم يقرأ به اليوم، وذلك ما اجتمع فيه ثلاث خلال، وهي:

أ- أن ينقل عن الثقات إلى النبي، صلى الله عليه وسلم.

ب- ويكون وجهه في العربية التي نزل بها القرآن شائعًا.

جـ- ويكون موافقًا لخط المصحف.

فإذا اجتمعت فيه هذه الخلال الثلاث قرئ به، وقطع على مغيبه وصحته وصدقته؛ لأنه أخذ عن إجماع من جهة موافقته لخط المصحف، وكفر من جحده.

2-

والقسم الثاني: ما صح نقله في الآحاد، وصح وجهه في العربية، وخالف لفظه خط المصحف.

فهذا يقبل، ولا يقرأ به لعلتين:

إحداهما: أنه لم يؤخذ بإجماع، إنما أخذ بأخبار الآحاد، ولا يثبت قرآن يقرأ به بخبر الواحد.

1 الإبانة: ص18.

ص: 90

والعلة الثانية: أنه مخالف لما قد أجمع عليه، فلا يقطع على مغيبه وصحته، وما لم يقطع على صحته لا تجوز القراءة به، ولا يكفر من جحده، وبئس ما صنع إذ جحده.

3-

والقسم الثالث: هو ما نقله غير ثقة، أو نقله ثقة، ولا وجه له في العربية.

فهذه لا يقبل وإن وافق خط المصحف. ولكل صنف من هذه الأقسام تمثيل تركنا ذكره اختصارًا1.

وقد قال إسماعيل القاضي في كتاب القراءات له:

إن عمر بن الخطاب قرأ: "غير المغضوب عليهم وغير الضالين"2.

قال: وهذا -والله أعلم- ما جاء: أن القرآن أنزل على سبعة أحرف.

ثم قال إسماعيل: لأن هذا -وإن كان في الأصل جائزًا- فإنه إذا فعل ذلك رغب في اختيار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين اختاروا أن يجمعوا الناس على مصحف واحد؛ مخافة أن يطول بالناس زمان، فيختلفوا في القرآن.

ثم قال إسماعيل: فإذا اختار الإنسان أن يقرأ ببعض القراءات التي رويت مما يخالف خط المصحف، صار إلى أن يأخذ القراءة برواية واحد عن واحد، وترك ما تلقته الجماعة عن الجماعة، والذين هم حجة على الناس كلهم، يعني خط المصحف.

قال إسماعيل: وكذلك ما روي من قراءة ابن مسعود، وغيره ليس لأحد أن يقرأ اليوم به، يعني مما يخالف خط المصحف من ذلك3.

1 تمثيل لقراءة صح نقلها في الآحاد وصح وجهها في العربية، وخالف لفظها خط المصحف، كقراءة عمر بن الخطاب:"غير المغضوب عليهم وغير الضالين".

تمثيل ما نقله غير ثقة: "ذلك الكتاب لا زيت فيه""انظر الفهرست لابن النديم".

تمثيل ما نقله ثقة ولا وجه له في العربية، وإن وافق خط المصحف، كإسكان {بَارِئِكُمْ} ، و {يَأْمُرُكُمْ} ونحوه "انظر النشر: 1/ 10".

2 سورة الفاتحة: آية 7.

3 مثل قراءة ابن مسعود: "إن الله لا يظلم مثقال نملة". "انظر المصاحف للسجستاني: 54".

ص: 91

قال إسماعيل: لأن الناس لا يعلمون أنها قراءة عبد الله، وإنما هي شيء يرويه بعض من يحمل الحديث، يعني: أن ما خالف خط المصحف من القراءات فإنما يؤخذ بأخبار الآحاد، وكذا ما وافق خط المصحف الذي هو يقين إلى ما يخالف خطه، مما لا يقع على صحته.

قال إسماعيل: فإن جرى شيء من ذلك على لسان من غير أن يقصد له، كان له في ذلك سعة، إذا لم يكن معناه يخالف معنى خط المصحف المجمع عليه. ويدخل ذلك في معنى ما جاء: أن القرآن أنزل على سبعة أحرف.

قلت: فهذا كله من قول إسماعيل يدل على أن القراءات التي وافقت خط المصحف هي من السبعة الأحرف كما ذكرنا، وما خالف خط المصحف أيضًا هو من السبعة إذا صحت روايته ووجهه في العربية، ولم يضاد معنى خط المصحف، لكن لا يقرأ به؛ إذ لا يأتي إلا بخبر الآحاد، ولا يثبت قرآن بخبر الآحاد، وإذ هو مخالف للمصحف المجمع عليه.

فهذا الذي نقول به ونعتقده، وقد بيناه كله.

ص: 92