الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غزوا رهيبا محملا بعوامل الإفساد للمسلمين، من وسائل الإعلام من جرائد ومجلات وإذاعة مسموعة ومرئية وأفلام سينمائية ومسرحيات وغيرها.
وخطورة هذا الغزو أنه يدخل إلى العقول والقلوب دون أن يلتفت الكثير من المسلمين إلى ما قد دخل عليه من أفكار قد يكون بعضها مسموما مما يروجه المستشرقون أعوان الاستعمار ضد الإسلام، محاربة له وتشويشا على دعوته.
إن وسائل الإعلام عدو خفي يحارب المسلمين بالكلمة والصورة والفكرة، وهي أسلحة أشد خطورة من الجيوش الزاحفة، والمدافع المنطلقة، التي يعرف المسلمون منها وجه العدو الذي يغزوهم.
والشيء المؤسف حقا أن المسلمين في سائر أقطارهم لا ينتبهون إلى خطورة وسائل الإعلام، كما أن الدعاة لا ينبّهون إلى خطورتها تنبيها كافيا لتحويلها إلى أدوات بناء للمجتمع الإسلامي بدلا من كونها أدوات هدم وتدمير.
إن وسائل الإعلام تنشر كثيرا من ألوان الفساد والانحلال والإلحاد بما تنقله من صورة الحياة في الأقطار الأوربية والأمريكية التي انتشر فيها الإلحاد في العصر الحديث؛ نتيجة لاستخفاف الناس بالدين، بعد أن كشف من متناقضات في المسيحية وفي اليهودية، لا يقبلها عقل مستنير، ولا يستريح إليها ضمير حيّ، في حين أن الإسلام ليس فيه متناقضات؛ فمن نظر فيه بعقله وجاء إليه بجميع وسائل العلم وجد أنه الحق الذي يلتقي مع العقل التقاء مؤاخيا، وهو يدعو المؤمنين به إلى العزة والجهاد دفاعا عن دينهم وأوطانهم وأموالهم وأعراضهم، الأمر الذي يشكل خطرا على الاستعمار وخططه ضد العالم الإسلامي، ويجعله يستغل وسائل الإعلام في تصدير عوامل الإفساد للأقطار الإسلامية لصرف المسلمين عن دينهم، والتشويش على الدعوة الإسلامية.
3_
الحطّ من شأن العرب الجاهليين:
ومن العوامل التي تساعد الاستشراق في محاربة الإسلام والتشويش على دعوته أن كثيرا من المثقفين من المسلمين أصبحوا يسايرون المستشرقين في الحطّ من شأن العرب الجاهليين، ظنا منهم أن في هذا خدمة للإسلام، وهم مخطئون كل الخطأ؛ فلقد رمى المستشرقون العرب بتهم مماثلة، فصوروا حياتهم في الجاهلية وكأنهم
وحوش ضارية تعيش في أرض قفر ومكان جديب، فكانت قلوبهم أقفر من أرضهم، ومشاعرهم أكثر جدبا منها.. هكذا يتحدث المستشرقون عن الأمة العربية في جاهليتها؛ ليخلصوا إلى القول بأن الإسلام دين بداوة لا يصلح في أحكامه وتشريعاته إلا في تلك المناطق المتبدية المتوحشة المقفرة، فهو - كما يزعمون - ليس الدين العالمي الذي يصلح عليه أمر الناس في البدو والحضر، وفي الحاضر والمستقبل.
وقد خدع بهذا القول كثير من المسلمين الذين تصدَّوا للرد على هؤلاء المستشرقين؛ فسلّموا لهم بما قالوه في العرب الجاهليين، وفي أن الأمة العربية لم تكن شيئا قبل الإسلام، وهذا القول فيه حق، ولكن فيه باطل أيضا؛ أما الحق فيه فهو أن الإسلام قد ارتقى بالعرب إلى درجات عالية في عالم الفضائل والكمالات، وجعلهم في سنوات قليلة قادة الأمم وأساتذة الشعوب، وبناة الحضارة في كل موقع نزلوا فيه.
وأما الباطل في ذلك القول فهو أن الأمة العربية لم تكن خلوا من الفضائل؛ فقد كانت تحمل في كيانها أسلم القلوب، ويكفيها فخرا أن الله تخيرها كما تخير موطنها، وكما تخير بنيها لتكون هذه الأمة مطلع شمس دين الإسلام، وأفُقَه الذي يشعّ منه نوره على هذا العالم.
وقد وجد الإسلام في الأمة العربية كثيرا من الفضائل التي زكاها، وأبقى عليها مثل حماية الجار وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم، وإكرام الضيف والغيرة على الحرمات من أموال وديار وأعراض؛ فكان ذلك ركيزة للأخلاق الفاضلة التي بنى الإسلام عليها دولته.
فوصْف الأمة العربية بالسوء، وتجريدها من كل فضيلة لا يتّفق مع الحق، وهو تقليد لما يقوله المستشرقون ليتخذوا منه سلاحا يحاربون به الإسلام، ويشوشون به على دعوته، وينبغي أن ينتبه المسلمون إلى هذا جيدا، وأن يحذروا التقليد والانخداع بأقوال المستشرقين أعداء الإسلام.
ومن الحق أن نقرّر هنا أن الثقافة الإسلامية هي في صميمها ثقافة عربية برسولها العربي، وعربية بلسانها الذي نزل به القرآن دستور شريعتها، وعربية