المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(في ذكر أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين وسراريه) - سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي - جـ ١

[العصامي]

فهرس الكتاب

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه نستعين رب يسر يَا كريم)

- ‌(الْمَقْصد الأول)

- ‌(فِي ذكر نسبه عليه الصلاة والسلام وتعدد آبَائِهِ الْكِرَام)

- ‌(الْمَقْصد الثَّانِي)

- ‌(فِي أَحْوَاله عليه الصلاة والسلام وَفِيه سَبْعَة أَبْوَاب)

- ‌(الْمَقْصد الثَّالِث)

- ‌(فِي ذكر الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَذكر خلَافَة الْحسن بن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَجْمَعِينَ)

- ‌(الْمَقْصد الرَّابِع)

- ‌(وَفِيه سَبْعَة أَبْوَاب)

- ‌(واما الخاتمة فتشمل على ثَلَاثَة أَبْوَاب)

- ‌(الْمَقْصد الأول)

- ‌(فِي ذكر نسبه عليه الصلاة والسلام وتعداد آبَائِهِ الْكِرَام من لدن نَبِي الله آدم أبي الْبشر صلى الله على نَبينَا وَعَلِيهِ وعَلى سَائِر النَّبِيين وَسلم إِلَى أَبِيه سيدنَا عبد الله بن عبد الْمطلب ولمع من أخبارهم ومقادير أعمارهم)

- ‌(آدم وحواء)

- ‌(ذكر صفة الإنساء)

- ‌(الْمَقْصد الثَّانِي)

- ‌(فِي بَيَان أَحْوَاله عليه الصلاة والسلام وَفِيه سَبْعَة أَبْوَاب)

- ‌(الْبَاب الأول من الْمَقْصد الثَّانِي)

- ‌(فِي الْحمل بِهِ وولادته ورضاعته وَمَوْت خَدِيجَة وَأبي طَالب وَخُرُوجه إِلَى الطَّائِف)

- ‌(الْبَاب الثَّانِي من الْمَقْصد الثَّانِي)

- ‌(فِي ذكر هجرته إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة)

- ‌(الْبَاب الثَّالِث من الْمَقْصد الثَّانِي)

- ‌(فِي ذكر أَعْمَامه عليه الصلاة والسلام وَأَوْلَادهمْ وعماته وأولادهن)

- ‌(الْبَاب الرَّابِع من الْمَقْصد الثَّانِي)

- ‌(فِي ذكر أَزوَاجه الطاهرات أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وسراريه)

- ‌(الْبَاب الْخَامِس من الْمَقْصد الثَّانِي)

- ‌(فِي أَوْلَاده عليه الصلاة والسلام وَمَا اتّفق عَلَيْهِ مِنْهُم وَمَا اخْتلف فِيهِ)

الفصل: ‌(في ذكر أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين وسراريه)

(الْبَاب الرَّابِع من الْمَقْصد الثَّانِي)

(فِي ذكر أَزوَاجه الطاهرات أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وسراريه)

لَا خلاف بَين أهل السّير وَالْعلم بالأثر أَن أَزوَاجه عليه الصلاة والسلام اللَّاتِي دخل بِهن إِحْدَى عشرَة امْرَأَة سِتّ من قُرَيْش وَأَرْبع عربيات وَوَاحِدَة من بني إِسْرَائِيل من سبط هَارُون بن عمرَان وَهِي صَفِيَّة بنت حييّ بن أَخطب وكونهن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ إِنَّمَا هُوَ فِي تَحْرِيم نِكَاحهنَّ وَوُجُوب احترامهن لَا فِي جَوَاز النّظر إلَيْهِنَّ وَالْخلْوَة بِهن لَا يُقَال بناتهن أَخَوَات الْمُؤمنِينَ وَلَا آباؤهن وَلَا أمهاتهن أجداد وجدات الْمُؤمنِينَ وَلَا إخوتهن وأخواتهن أخوال وخالات الْمُؤمنِينَ قَالَ الْبَغَوِيّ هن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ من الرِّجَال دون النِّسَاء روى ذَلِك عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَت فِي قَضِيَّة أَنا أم رجالكم لَا أم نِسَائِكُم وَهُوَ جَار على الصَّحِيح عَن أَصْحَابنَا وَغَيرهم من أهل الْأُصُول أَن النِّسَاء لَا يدخلن فِي خطاب الرِّجَال وَقَالَ وَكَانَ

أَبَا للرِّجَال وَالنِّسَاء وَيجوز أَن يُقَال أَبُو الْمُؤمنِينَ فِي الْحُرْمَة وفضلت زَوْجَاته عليه الصلاة والسلام على النِّسَاء وثوابهن وعقابهن مضاعف وَلَا يحل سؤالهن إِلَّا من وَرَاء الْحجاب وأفضلهن خَدِيجَة وَعَائِشَة وَيَأْتِي تَحْقِيق ذَلِك قَرِيبا انْتهى ولنذكرهن على تَرْتِيب تزَوجه بِهن عليه الصلاة والسلام فأولهن خَدِيجَة ثمَّ سَوْدَة بنت زَمعَة ثمَّ عَائِشَة بنت أبي بكر الصّديق رضي الله عنهما ثمَّ حَفْصَة بنت عمر بن الْخطاب رضي الله عنهما ثمَّ زَيْنَب بنت خُزَيْمَة ثمَّ أم سَلمَة ثمَّ زَيْنَب بنت جحش ثمَّ جوَيْرِية بنت الْحَارِث ثمَّ أم حَبِيبَة رَملَة بنت

ص: 426

أبي سُفْيَان بن حَرْب ثمَّ صلية بنت حييّ ثمَّ مَيْمُونَة بنت الْحَارِث العامرية اما أم الْمُؤمنِينَ خَدِيجَة رضي الله عنها فَهِيَ بنت خويلد بن أَسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي كَانَت تدعى فِي الْجَاهِلِيَّة الطاهرة وَكَانَت قد ذكرت وَهِي بكر لورقة بن نَوْفَل فَلم يقْض بيهما نِكَاح وَفِي السمط الثمين فِي مَنَاقِب أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ قَالَ ابْن شهَاب تزوجت خَدِيجَة قبله عليه الصلاة والسلام رجلَيْنِ الأول مِنْهُمَا عَتيق ابْن عَائِذ بن عبد الله بن عَمْرو بن مَخْزُوم فَولدت لَهُ جَارِيَة اسْمهَا هِنْد فَأسْلمت وَتَزَوَّجت وَفِي سيرة مغلطاي ولدت لَهُ عبد الله وَقيل عبد منَاف ثمَّ خلف عَلَيْهَا بعده أَبُو هَالة النباش بن زُرَارَة التَّمِيمِي أَخُو حَاجِب بن زُرَارَة وَيُقَال لَهُ هِنْد فَولدت لَهُ رجلا يُقَال لَهُ هِنْد وَامْرَأَة يُقَال لَهَا هَالة ويكنى بهَا وَفِي رِوَايَة المتزوج لَهَا أَولا أَبُو هَالة ثمَّ بعده عَتيق وَلم يذكر ابْن قُتَيْبَة غير الأول فَأَما هِنْد بن أبي هَالة الْمُسَمّى هندا أَيْضا فَهُوَ ربيب النَّبِي

عَاشَ مُسلما إِلَى أَن قتل مَعَ عَليّ يَوْم الْجمل وَقيل بِالْبَصْرَةِ فِي الطَّاعُون فازدحم النَّاس على جنَازَته وَتركُوا جنائزهم وَقَالُوا ربيب رَسُول الله

وَكَانَ فصيحاً بليغاً وصافاً وصف رَسُول الله

فَأحْسن وأتقن قلت وعَلى نَعته غَالب أَحَادِيث الْكتاب الْمُسَمّى بالشمائل وَرِوَايَته وَكَانَ يَقُول أَنا أكْرم النَّاس أما وَأَبا وأخاً وأختاً أبي رَسُول الله

وَأمي خَدِيجَة وَأخي الْقَاسِم بن مُحَمَّد وأختي فَاطِمَة بنت مُحَمَّد

وَرَضي الله عَنْهُم وَأما الجاريتان وهما هِنْد الَّتِي من عَتيق رمالة الَّتِي من النباش بن زُرَارَة فَقَالَ ابْن قُتَيْبَة وَأَبُو سعيد وَأَبُو عَمْرو لم نظفر من اخبارهما بِشَيْء وروى إِن رَسُول الله

لما بلغ خمْسا وَعشْرين سنة قَالَ لَهُ عَمه أَبُو طَالب أَنا رجل معيل لَا مَال لي وَقد اشْتَدَّ الزَّمَان وَهَذِه عير قَوْمك قد حضر خُرُوجهَا إِلَى الشَّام وَخَدِيجَة بنت خويلد تبْعَث رجَالًا من قَوْمك فِي تجارتها فَلَو ذهبت إِلَيْهَا وَقلت لَهَا فِي ذَلِك لَعَلَّهَا تقبل وَبلغ خَدِيجَة ذَلِك فَأرْسلت إِلَى النَّبِي

فِي ذَلِك وَقَالَت أُعْطِيك ضعف مَا أعْطى رجلا من قَوْمك وَفِي رِوَايَة أَتَى إِلَيْهَا

ص: 427

أَبُو طَالب فَقَالَ لَهَا هَل لَك أَن تستأجري مُحَمَّدًا فقد بلغنَا أَنَّك اسْتَأْجَرت ببكرين ولسنا نرضى لمُحَمد دون أَربع بكرات فَقَالَت خَدِيجَة لَو سَأَلت ذَلِك لبعيد بغيض فعلنَا فَكيف وَقد سَأَلت لحبيب قريب فَقَالَ أَبُو طَالب للنَّبِي

هَذَا رزق سَاقه الله إِلَيْك فَخرج عليه الصلاة والسلام مَعَ غلامها ميسرَة وَوَقعت لَهُ الْقِصَّة مَعَ نسطور الراهب إِلَى آخر مَا هُوَ مَذْكُور فِي مَحَله من كتب السّير المفردة لذَلِك وَلما رَجَعَ عليه الصلاة والسلام بِالتِّجَارَة من الشَّام وربحت التِّجَارَة الدِّرْهَم أَرْبَعَة دَرَاهِم قَالَت نفيسة بنت منية أرسلتني خَدِيجَة دسيسا إِلَى مُحَمَّد

فَقلت يَا مُحَمَّد مَا يمنعك أَن تتَزَوَّج فَقَالَ مَا بيَدي مَا أَتزوّج بِهِ قلت فَإِن كفيت ذَلِك ودعيت إِلَى المَال وَالْجمال والشرف والكفاءة أَلا تجيب قَالَ عليه الصلاة والسلام فَمن هِيَ قلت خَدِيجَة قَالَ وَكَيف لي بذلك قَالَت عَليّ فَأَنا أفعل فَذَهَبت إِلَى خَدِيجَة فَأَخْبَرتهَا فارسلت إِلَى النَّبِي

أَن ائْتِ سَاعَة كَذَا وَكَذَا وصنعت طَعَاما وَشَرَابًا ودعت أَبَاهَا وَالصَّحِيح أَنه عَمها وَهُوَ عَمْرو أَخُو خويلد وَالْعرب تسمى الْعم والداً فَإِن أَبَاهَا خويلد مَاتَ قبل حَرْب الْفجار وَحرب الْفجار كَانَت وسنه عليه الصلاة والسلام عشرُون عَاما كَمَا تقدم ذكره وَنَفَرًا من قُرَيْش فطعموا وَشَرِبُوا فَقَالَت خَدِيجَة إِن مُحَمَّد بن عبد الله يخطبني فَزَوجهَا مِنْهُ عليه الصلاة والسلام فخلقته وألبسته حلَّة وَكَذَلِكَ كَانُوا يصنعون إِذا زوجوا نِسَاءَهُمْ وَالضَّمِير فِي خلقته ورديفه إِلَى عَمها المزوج لَهَا عَمْرو بن خويلد الْمَذْكُور

ص: 428

لَا إِلَيْهِ عليه الصلاة والسلام قَالَ فِي السمط الثَّمَانِينَ للمحب الطَّبَرِيّ وَحضر أَبُو طَالب ورؤساء مُضر فَخَطب أَبُو طَالب فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي جعلنَا من ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم وَزرع إِسْمَاعِيل وضئضىء معد وعنصر مُضر وَجَعَلنَا سدنة بَيته وسواس حرمه وَجعل لنا بَيْتا محجوجاً وحرماً آمنا وَجَعَلنَا الْحُكَّام على النَّاس ثمَّ إِن ابْن أخي هَذَا مُحَمَّد بن عبد الله من لَا يُوزن بِهِ رجل إِلَّا رجح بِهِ فَإِن كَانَ فِي المَال قل فَإِن المَال ظلّ مائل وَأمر حَائِل وَمُحَمّد قد عَرَفْتُمْ قرَابَته وَقد خطب خَدِيجَة بنت خويلد وبذل لَهَا مَا آجله وعاجله من مَالِي كَذَا وَهُوَ وَالله بعد هَذَا لَهُ نبأ عَظِيم وخطر جليل جسيم فَلَمَّا أتم أَبُو طَالب خطبَته تكلم ورقة بن نَوْفَل فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي جعلنَا كَمَا ذكرت وفضلنا على مَا عددت فَنحْن سادة الْعَرَب وقادتها وَأَنْتُم أهل ذَلِك كُله لَا تنكر الْعَشِيرَة فَضلكُمْ وَلَا يرد أحد من النَّاس فخركم وشرفكم وَقد رغبنا فِي الِاتِّصَال بحبلكم وشرفكم فَاشْهَدُوا عَليّ معاشر قُرَيْش بِأَنِّي قد زوجت خَدِيجَة بنت خويلد من مُحَمَّد بن عبد الله على أَرْبَعمِائَة دِينَار ثمَّ سكت ورقة فَقَالَ أَبُو طَالب قد أَحْبَبْت أَن يشركك عَمها فَقَالَ عَمها عَمْرو بن خويلد اشْهَدُوا عَليّ يَا معشر قُرَيْش أَنِّي قد انكحت مُحَمَّدًا بن عبد الله خَدِيجَة بنت خويلد وَشهد على ذَلِك صَنَادِيد قُرَيْش وَفِي السمط الثمين اصدقها عشْرين بكرَة وَفِي الْمَوَاهِب عَن الدولاي أصدقهَا اثْنَتَيْ عشرَة أُوقِيَّة ذَهَبا ونشاً قَالُوا وكل أُوقِيَّة أَرْبَعُونَ درهما والنش نصف أُوقِيَّة وَلَا مُنَافَاة بَين هَذَا وَبَين من قَالَ أصدقهَا أَبُو طَالب لقَوْله فِي الْخطْبَة من مَالِي كَذَا لجَوَاز كَون أبي طَالب أصدقهَا وَزَاد عليه الصلاة والسلام فِي صَدَاقهَا فَكَانَ الْكل صَدَاقا وَذكر الملا فِي سيرته لما تزوج عليه الصلاة والسلام خَدِيجَة ذهب ليخرج فَقَالَت لَهُ خَدِيجَة إِلَى أَيْن يَا مُحَمَّد اذْهَبْ فانحر جزوراً أَو جزورين وَأطْعم

ص: 429

النَّاس فَفعل ذَلِك رَسُول الله

وَهِي أول وَلِيمَة أولمها رَسُول الله

وَفِي رِوَايَة أمرت خَدِيجَة جواريها أَن يرقصن ويضربن بِالدُّفُوفِ وَقَالَت يَا مُحَمَّد مر عمك أَبَا طَالب أَن ينْحَر بكرا من بكارك وَأطْعم النَّاس على الْبَاب وهلم فَقل مَعَ أهلك فأطعم النَّاس وَدخل فَقَالَ مَعَ أَهله خَدِيجَة فَأقر الله عينه وَفَرح أَبُو طَالب بذلك فَرحا شَدِيدا وَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الكرب وَدفع عَنَّا الهموم وَأم خَدِيجَة فَاطِمَة بنت زَائِدَة بن الْأَصَم تزوج

خَدِيجَة وَلها من الْعُمر أَرْبَعُونَ سنة وَبَعض أُخْرَى وَله خمس وَعِشْرُونَ سنة وَقيل إِحْدَى وَعِشْرُونَ سنة وَالْأول عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَكَانَت مُدَّة إِقَامَتهَا مَعَه عليه الصلاة والسلام أَرْبعا وَعشْرين سنة وَخَمْسَة اشهر وَثَمَانِية أَيَّام خمس عشرَة سنة مِنْهَا قبل الْوَحْي والباقيات بعده إِلَى إِن توفيت وَهِي ابْنة خمس وَسِتِّينَ سنة وَلم يكن يَوْمئِذٍ يُصَلِّي على الْجَنَائِز وَلَا خلاف فِي أَنَّهَا أول امْرَأَة تزوج بهَا عليه الصلاة والسلام وَلم يتَزَوَّج قبلهَا وَلَا عَلَيْهَا وَكَانَت وفاتها قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين ودفنت بالحجون وَولدت لَهُ عليه الصلاة والسلام أَوْلَاده كلهم مَا عدا إِبْرَاهِيم فَإِنَّهُ من مَارِيَة الْقبْطِيَّة وَسَيَأْتِي ذكرهَا آخر الْبَاب قَالَ حَكِيم بن حزَام بن خويلد توفيت عَمَّتي خَدِيجَة بنت خويلد فخرجنا بهَا من منزلهَا حَتَّى دفناها بالحجون وَنزل

فِي قبرها وَفِي الْمَوَاهِب اللدنية وَكَانَت خَدِيجَة أول من آمن من النَّاس وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه إِن جِبْرِيل قَالَ للنَّبِي

إِن خَدِيجَة قد أتتك بِإِنَاء فِيهِ طَعَام وإدام وشراب فَإِذا هِيَ أتتك فاقرأ عليها السلام من رَبهَا وَمنى وبشرها بِبَيْت فِي الْجنَّة من قصب لَا صخب فِيهِ وَلَا نصب وَالْمرَاد بالقصب اللُّؤْلُؤ المجوف قَالَ ابْن إِسْحَاق كَانَ عليه الصلاة والسلام لَا يسمع شَيْئا من رد عَلَيْهِ وَتَكْذيب لَهُ فيحزنه ذَلِك إِلَّا فرج الله عَنهُ بخديجة إِذا رَجَعَ إِلَيْهَا تثبته وتخفف عَنهُ وَتصدقه وتهون عَلَيْهِ أَمر النَّاس حَتَّى مَاتَت وَعَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد قَالَ آدم عليه الصلاة والسلام إِنِّي لسَيِّد الْبشر يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا رجلا من ذريتي نَبيا من الْأَنْبِيَاء يُقَال لَهُ

ص: 430

أَحْمد فضل عَليّ بِاثْنَتَيْنِ زَوجته عاونته فَكَانَت لَهُ عوناً وَكَانَت زَوْجَتي عوناً عَليّ وأعانه الله على شَيْطَانه فَأسلم وَكفر شيطاني أخرجه الدولابي كَمَا ذكره الطَّبَرِيّ وَخرج الإِمَام أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس أَنه

قَالَ أفضل نسَاء الْجنَّة خَدِيجَة بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد وَمَرْيَم بنة عمرَان وآسية امْرَأَة فِرْعَوْن قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين الْعِرَاقِيّ خَدِيجَة أفضل أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ على الصَّحِيح الْمُخْتَار وَقيل عَائِشَة وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام زَكَرِيَّا الْأنْصَارِيّ فِي شرح بهجة الْحَاوِي الْمُسَمّى بالغرر البهية فِي شرج الْبَهْجَة الوردية أفضلهن خَدِيجَة وَعَائِشَة وَفِي أفضليتهما خلاف صحّح ابْن الْعِمَاد تَفْضِيل خَدِيجَة لما ثَبت أَنه

قَالَ لعَائِشَة حِين قَالَت لَهُ لَا تزَال تلهج بِذكر خَدِيجَة إِن هِيَ إِلَّا عَجُوز من عَجَائِز قُرَيْش كَأَنِّي أنظر إِلَى حمرَة شدقيها ودردرها وَقد رزقك الله خيرا مِنْهَا فَقَالَ عليه الصلاة والسلام لَا وَالله مَا رَزَقَنِي خيرا مِنْهَا آمَنت حِين كفر بِي النَّاس وصدقتني حِين كَذبَنِي النَّاس وأعطتني مَالهَا حِين حرمني النَّاس وَسُئِلَ ابْن دَاوُد أَيهمَا أفضل فَقَالَ عَائِشَة أقرأها النَّبِي

السَّلَام عَن جِبْرِيل وَخَدِيجَة

ص: 431

أقرأها السَّلَام جِبْرِيل من رَبهَا على لِسَان مُحَمَّد

فَهِيَ أفضل وَقيل لَهُ فَمن أفضل خَدِيجَة أم فَاطِمَة فَقَالَ إِن رَسُول الله

قَالَ فَاطِمَة بضعَة مني فَلَا أعدل ببضعة رَسُول الله

أحدا وَيشْهد لَهُ قَوْله

أما ترْضينَ أَن تَكُونِي سيدة نسَاء أهل الْجنَّة إِلَّا مَرْيَم بنة عمرَان وَاحْتج من فضل عَائِشَة بِمَا احتجت بِهِ هِيَ من انها فِي الْآخِرَة مَعَ النَّبِي

فِي الدرجَة وَفَاطِمَة مَعَ عَليّ فِيهَا وَسُئِلَ الْعَلامَة السُّبْكِيّ عَن ذَلِك فَقَالَ الَّذِي نختاره وندين الله بِهِ أَن فَاطِمَة بنت مُحَمَّد

أفضل من أمهَا خَدِيجَة ثمَّ أمهَا خَدِيجَة ثمَّ عَائِشَة ثمَّ اسْتدلَّ لذَلِك بِمَا تقدم بعضه وَأما خبر الطَّبَرَانِيّ خير نسَاء الْعَالمين مَرْيَم بنة عمرَان ثمَّ خَدِيجَة بنت خويلد ثمَّ فَاطِمَة بنت مُحَمَّد

ثمَّ آسِيَة امْرَأَة فِرْعَوْن فَأجَاب

ص: 432

عَنهُ ابْن الْعِمَاد بِأَن خَدِيجَة إِنَّمَا فضلت فَاطِمَة بِاعْتِبَار الأمومه لَا بِاعْتِبَار السِّيَادَة وَاخْتَارَ السُّبْكِيّ أَن مَرْيَم أفضل من خَدِيجَة لهَذَا الْخَبَر للِاخْتِلَاف فِي نبوتها وَقَالَ ابْن النقاش إِن سبق خَدِيجَة وتأثيرها فِي أول الْإِسْلَام ومؤازرتها ونصرتها وقيامها فِي الدّين لله بمالها ونفسها لم يشركها فِيهِ أحد لَا عَائِشَة وَلَا غَيرهَا من أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وتأثير عَائِشَة فِي آخر الْإِسْلَام فِي حمل الدّين وتبليغه إِلَى الْأمة وإدراكها من الْأَمر مَا لم تشركها فِيهِ خَدِيجَة وَلَا غَيرهَا مِمَّا تميز بِهِ عَن غَيرهَا وَفِي سيرة الشَّامي روى الطَّبَرَانِيّ بِرِجَال الصَّحِيح عَن الزُّهْرِيّ قَالَ لم يتَزَوَّج رَسُول الله

على خَدِيجَة حَتَّى مَاتَت بعد أَن مكثت عِنْده

أَرْبعا وَعشْرين سنة وأشهراً وروى الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد فِيهِ من لَا يعرف عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله

أطْعم خَدِيجَة من عِنَب الْجنَّة وَعَن أنس رضي الله عنه قَالَ كَانَ رَسُول الله

إِذا أَتَى بِشَيْء يَقُول اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَيت فُلَانَة فَإِنَّهَا كَانَت صديقَة لِخَدِيجَة رَوَاهُ ابْن حبَان والدولابي وَفِي رِوَايَة فَإِنَّهَا كَانَت تحب خَدِيجَة وَفِي رِوَايَة جَاءَت عَجُوز إِلَيْهِ

فَقَالَ لَهَا من أَنْت فَقَالَت جثامة المزنية فَقَالَ كَيفَ أَنْتُم كَيفَ حالكم كَيفَ كُنْتُم بَعدنَا قَالَت بِخَير بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله

ص: 433

وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها كَانَت عَجُوز تَأتي النَّبِي

فيبش لَهَا ويكرمها وَفِي لفظ كَانَت تَأتي النَّبِي

امْرَأَة فَقلت يَا رَسُول الله من هَذِه وَفِي لفظ بِأبي أَنْت وَأمي إِنَّك لتصنع بِهَذِهِ الْعَجُوز مَا لم تصنع بِأحد وَفِي لفظ فَلَمَّا خرجت قلت يَا رَسُول الله تقبل على هَذِه الْعَجُوز هَذَا الإقبال فَقَالَ يَا عَائِشَة إِنَّهَا كَانَت تَأْتِينَا زمَان خَدِيجَة وَإِن حسن الْعَهْد من الْإِيمَان وَفِي لفظ فَإِن كرم الْعَهْد من الْإِيمَان انْتهى وَأما أم الْمُؤمنِينَ سَوْدَة بنت زَمعَة بن قيس بن عبد شمس القرشية فأمها الشموس بنت قيس بن زيد بن لبيد ابْن أخي سلمى بنت عَمْرو بن زيد بن لبيد أم عبد الْمطلب فَأسْلمت قَدِيما وبايعت وَكَانَت تَحت ابْن عَم لَهَا يُقَال لَهُ السَّكْرَان بن عَمْرو بن عبد شمس بن عبد ود بن عَامر بن لؤَي أخي سُهَيْل بن عَمْرو وَسَهل بن عَمْرو وسليط وحاطب أسلم السَّكْرَان زَوجهَا مَعهَا قَدِيما وهاجراً جَمِيعًا إِلَى أَرض الْحَبَشَة الْهِجْرَة الثَّانِيَة فَلَمَّا قدما مَكَّة مَاتَ زَوجهَا وَقيل إِنَّه مَاتَ بِالْحَبَشَةِ وَولدت لَهُ ابْنا اسْمه عبد الرَّحْمَن قتل فِي حَرْب جَلُولَاء اسْم قَرْيَة من قرى فَارس وَقعت تِلْكَ الْحَرْب فِيهَا وَتَزَوجهَا

بِمَكَّة بعد موت خَدِيجَة بأيام فِي السّنة الْعَاشِرَة من النُّبُوَّة قبل أَن يعْقد على عَائِشَة وَهَذَا قَول قَتَادَة وَأبي عُبَيْدَة وَلم يذكر ابْن قُتَيْبَة غَيره وَقَالَ عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل تزَوجهَا بعد عَائِشَة روى الْقَوْلَانِ عَن ابْن شهَاب وَيجمع بَين الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّهُ

عقد على عَائِشَة قبل سَوْدَة وَدخل بسودة قبل عَائِشَة وَالتَّزْوِيج يُطلق على كل من العقد وَالدُّخُول وَإِن كَانَ الْمُتَبَادر إِلَى الْفَهم الأول وللبخاري توفيت خَدِيجَة قبل مخرج النَّبِي

إِلَى الْمَدِينَة بِثَلَاث سِنِين فَلبث سنتَيْن أَو قَرِيبا من ذَلِك ونكح عَائِشَة وَهِي بنت سِتّ سِنِين ثمَّ بنى بهَا بِالْمَدِينَةِ

ص: 434

وَهِي بنت تسع سِنِين بِتَقْدِيم التَّاء قَالَ فِي السِّيرَة الشامية قَالَ ابْن كثير وَالصَّحِيح أَن عَائِشَة عقد عَلَيْهَا قبل سَوْدَة وَلم يدْخل بعائشة إِلَّا فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة وَأما سَوْدَة فَإِنَّهُ دخل بهَا بِمَكَّة وَسَبقه إِلَى ذَلِك أَبُو نعيم وَجزم بِهِ الْجُمْهُور وَمِنْهُم قَتَادَة وابو عبيد معمر بن الْمثنى وَالزهْرِيّ قَالَ فِي تَارِيخ الْخَمِيس روى أَنه لما مَاتَت خَدِيجَة جَاءَت خَوْلَة بنت حَكِيم امْرَأَة مَظْعُون فَقَالَت يَا رَسُول الله أَلا تتَزَوَّج قَالَ من قَالَت إِن شِئْت بكرا وَإِن شِئْت ثَيِّبًا قَالَ فَمن الْبكر قَالَت ابْنة أحب الْخلق إِلَيْك أبي بكر قَالَ وَمن الثّيّب قَالَت سَوْدَة بنت زَمعَة قد آمَنت بك واتبعتك على مَا تَقول قَالَ فاذهبي فاذكريهما عَليّ فَدخلت بَيت أبي بكر وَقَالَت يَا أم رُومَان مَاذَا أَدخل الله عَلَيْكُم من الْخَيْر وَالْبركَة قَالَت وَمَا ذَاك قَالَت أَرْسلنِي رَسُول الله

أَخطب عَلَيْهِ عَائِشَة قَالَت انتظري أَبَا بكر حَتَّى يَأْتِي فجَاء أَبُو بكر فَقَالَت لَهُ مَاذَا أَدخل الله عَلَيْكُم من الْخَيْر وَالْبركَة قَالَ وَمَا ذَاك قَالَت أَرْسلنِي رَسُول الله

أَخطب عَلَيْهِ عَائِشَة قَالَ وَهل تصلح لَهُ إِنَّمَا هِيَ ابْنة أَخِيه فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله

فَذكرت لَهُ ذَلِك قَالَ ارجعي إِلَيْهِ فَقولِي لَهُ أَنا أَخُوك وَأَنت أخي فِي الْإِسْلَام وابنتك تصلح لي فَرَجَعت فَذكرت ذَلِك لَهُ قَالَ انظري قَالَت أم رُومَان إِن مطعم بن عدي قد كَانَ قد ذكرهَا على ابْنه فوَاللَّه مَا وعد وَعدا قطّ فأخلفه تَعْنِي أَبَا بكر فَدخل أَبُو بكر على مطعم بن عدي وَعِنْده امْرَأَته أم الْفَتى فَقَالَت يَا ابْن أبي قُحَافَة لَعَلَّك تصبي صاحبنا تدخله فِي دينك الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ إِن تزوج إِلَيْك قَالَ أَبُو بكر لمطعم بن عدي أَقُول هَذِه تَقول قَالَ إِنَّهَا تَقول ذَلِك فَخرج أَبُو بكر من عِنْده وَقد أذهب الله مَا فِي نَفسه من عدته الَّتِي وعده بهَا فَخرج فَقَالَ لخولة ادعِي لي رَسُول الله

فدعته فَزَوجهُ إِيَّاهَا وَعَائِشَة يَوْمئِذٍ بنت سِتّ سِنِين كَمَا مر ثمَّ خرجت خَوْلَة حَتَّى دخلت على سَوْدَة بنت زَمعَة فَقَالَت مَاذَا أَدخل الله عَلَيْكُم من الْخَيْر وَالْبركَة قَالَت وَمَا ذَاك قَالَت ارسلني

ص: 435

رَسُول الله

أخطبك عَلَيْهِ قَالَت وددت ذَلِك ادخلي على أبي واذكري لَهُ ذَلِك وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد أَدْرَكته السن وَقد تخلف عَن الْحَج فَدخلت عَلَيْهِ فَذكرت لَهُ فَقَالَ كفؤ كريم فَدَعَا رَسُول الله

فَزَوجهُ إِيَّاهَا فجَاء أَخُوهَا عبد الله بن زَمعَة فَجعل يحثو التُّرَاب على رَأسه أَن تزوج رَسُول الله

سَوْدَة بنت زَمعَة فَلَمَّا أسلم قَالَ إِنِّي لسفيه يَوْم أحثو التُّرَاب على رَأْسِي أَن تزوج رَسُول الله

أُخْتِي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِرِجَال ثِقَات وَالْإِمَام أَحْمد عَن عَائِشَة رضي الله عنها بِسَنَد جيد قَالَ الْعَلامَة مُحَمَّد الشَّامي روى عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ كَانَت سَوْدَة بنت زَمعَة تَحت السَّكْرَان بن عَمْرو أخي سُهَيْل بن عَمْرو العامري فرأت فِي الْمَنَام كَأَن النَّبِي

أقبل يمشي حَتَّى وضع رجله على رقبَتهَا فَأخْبرت زَوجهَا بذلك فَقَالَ لَئِن صدقت رُؤْيَاك لأموتن وليتزوجك مُحَمَّد ثمَّ رَأَتْ فِي الْمَنَام لَيْلَة أُخْرَى إِن قمرا انقض عَلَيْهَا وَهِي مُضْطَجِعَة فَأخْبرت زَوجهَا فَقَالَ لَئِن صدقت رُؤْيَاك لم البث يَسِيرا حَتَّى أَمُوت وتتزوجين من بعدِي فاشتكى السَّكْرَان من يَوْمه فَلم يلبث إِلَّا قَلِيلا حَتَّى مَاتَ وَتَزَوجهَا عليه الصلاة والسلام وروى أَبُو عمر عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت لما أَسِنَت سَوْدَة عِنْد رَسُول الله

ص: 436

هم بِطَلَاقِهَا فَقَالَت لَا تُطَلِّقنِي وَأَنت فِي حل مني فَأَنا أُرِيد أَن أحْشر فِي أَزوَاجك وَإِنِّي قد وهبت يومي لعَائِشَة وَإِنِّي لَا أُرِيد مَا تُرِيدُ النِّسَاء فَأَمْسكهَا رَسُول الله

حَتَّى مَاتَ عَنْهَا مَعَ سَائِر مَعَ توفّي عَنْهُن من ازواجه

ورضى عَنْهُن وروى الإِمَام أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة إِن رَسُول الله

قَالَ لنسائه عَام حجَّة الْوَدَاع هَذِه ثمَّ ظُهُور الْحصْر قَالَ فَكُن كُلهنَّ يحججن إِلَّا زَيْنَب وَسَوْدَة هَذِه فكانتا تقولان وَالله لَا تحركنا دَابَّة بعد أَن سمعنَا ذَلِك من رَسُول الله

مَاتَت بِالْمَدِينَةِ فِي خلَافَة عمر رضي الله عنه هَذَا هُوَ الْمَشْهُور فِي وفاتها وَنقل ابْن سعد عَن الْوَاقِدِيّ أَنَّهَا توفيت سنة أَربع وَخمسين فِي خلَافَة مُعَاوِيَة أصدقهَا عليه الصلاة والسلام أَرْبَعمِائَة دِينَار قَالَ هَذَا الشَّمْس الْبرمَاوِيّ فِي مُخْتَصر سيرته وَأما أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة بنت أبي بكر الصّديق القرشية التيمية فأمها أم رُومَان بنت عَامر بن عُوَيْمِر روى أَبُو بكر بن خَيْثَمَة عَن عَليّ بن زيد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَن أم رُومَان زوج أبي بكر أم عَائِشَة لما دليت فِي قبرها قَالَ رَسُول الله

من سره أَن ينظر إِلَى امْرَأَة من الْحور الْعين فَلْينْظر إِلَى أم رُومَان ولدت عَائِشَة بعد الْبعْثَة بِأَرْبَع سِنِين أَو خمس

ص: 437

وروى ابْن الْجَوْزِيّ فِي الصفوة عَنْهَا رضي الله عنها قَالَت قلت يَا رَسُول الله أتكنيني قَالَ تكنى بابنك يَعْنِي عبد الله بن الزبير ابْن أُخْتهَا أَسمَاء بنت أبي بكر وروى ابْن حبَان عَنْهَا قَالَت لما ولد عبد الله بن الزبير ابْن أُخْتهَا أَسمَاء اتيت بِهِ رَسُول الله

فتفل فِي فِيهِ فَكَانَ أول شَيْء دخل جَوْفه رِيقه عليه الصلاة والسلام وَقَالَ هُوَ عبد الله وَأَنت أم عبد الله وَقيل أَنَّهَا ولدت من رَسُول الله

ولدا مَاتَ طفْلا وَهَذَا غير ثَابت وَالصَّحِيح الأول وروى الإِمَام أَحْمد والشيخان عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ لي رَسُول الله

أريتك فِي الْمَنَام قبل أَن أتزوجك مرَّتَيْنِ وَفِي لفظ ثَلَاث لَيَال جَاءَنِي بك الْملك فِي سَرقَة من حَرِير فَيَقُول هَذِه امْرَأَتك فأكشف عَن وَجهك فَإِذا هِيَ أَنْت فَأَقُول إِن يكن من عِنْد الله يمضه وروى التِّرْمِذِيّ وَحسنه ابْن عَسَاكِر عَنْهَا عَن

ص: 438

رَسُول الله

قَالَ جَاءَنِي بك جِبْرِيل فِي خرقَة خضراء فَقَالَ هَذِه زَوجتك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وروى الطَّبَرِيّ بِرِجَال ثِقَات وَالْإِمَام أَحْمد فِي المناقب والمسند وَالْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد حسن عَن أبي سَلمَة بن عبد الله بن حَاطِب عَن عَائِشَة قَالَت لما مَاتَت خَدِيجَة جَاءَت خَوْلَة بنت حَكِيم امْرَأَة عُثْمَان بن مَظْعُون فَذكر الحَدِيث الْمُتَقَدّم فِي خطْبَة سَوْدَة وَتَمَامه فَقَالَت لخولة قولي لرَسُول الله

فليأت فجَاء رَسُول الله

فملكها قَالَت عَائِشَة فتزوجني ثمَّ لَبِثت سنتَيْن فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة نزلنَا بالسنح فِي دَار بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج قَالَت فَإِنِّي لأترجح بَين عذقين وَأَنا ابْنة تسع فَجَاءَت بِي أُمِّي من الأرجوحة ولي جميمة ثمَّ أَقبلت تقودني حَتَّى وقفت عِنْد الْبَاب وَأَنا أنهج فمسحت وَجْهي بِشَيْء من مَاء وَفرقت جميمتي وَدخلت بِي على رَسُول الله

وَفِي الْبَيْت رجال وَنسَاء فأجلستني فِي حجرَة ثمَّ قَالَت هَؤُلَاءِ أهلك يَا رَسُول الله فارك الله لَك فِيهِنَّ وَبَارك لَهُنَّ فِيك قَالَت فَقَامَ الرِّجَال وَالنِّسَاء فَبنى بِي رَسُول الله

وَلَا وَالله مَا نحرت على من جزور وَلَا ذبحت من شَاة وَلَكِن جَفْنَة كَانَ يبْعَث بهَا سعد بن عبَادَة رضي الله عنه إِلَى رَسُول الله

وروى ابْن حبَان زِيَادَة بعد قَوْلهَا وَأَنا أنهج فَقلت هه هه حَتَّى ذهب نَفسِي فَأخذت شَيْئا من مَاء فمسحت بِهِ وَجْهي ثمَّ دخلت بِي الدَّار فَإِذا نسْوَة من الْأَنْصَار فِي الْبَيْت فَقُلْنَ على الْخَيْر وَالْبركَة وعَلى خير طَائِر فأسلمتني إلَيْهِنَّ فأصلحوا شأني فَلم يرعني إِلَّا رَسُول الله

جَالس على سَرِير فِي بيتنا فأسلمتني إِلَيْهِ وَبنى بِي رَسُول الله

فِي بيتنا ثمَّ ذكرت قَوْلهَا فَمَا نحرت إِلَى آخر الحَدِيث

ص: 439

وروى مُسلم وَالنَّسَائِيّ عَنْهَا قَالَت تزَوجنِي رَسُول الله

وَأَنا ابْنة سِتّ وَبنى بِي وَأَنا ابْنة تسع وَكنت العب بالبنات وَكن جوَار يأتينني فَإِذا رأين رَسُول الله

يتقنعن مِنْهُ وَكَانَ

يسربهن إِلَيّ وروى ابْن سعد عَنْهَا قَالَت دخل عَليّ رَسُول الله

وَأَنا أَلعَب بالبنات فَقَالَ مَا هَذَا يَا عَائِشَة فَقلت خيل سُلَيْمَان فَضَحِك عليه الصلاة والسلام وروى الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده عَن أَسمَاء بنت يزِيد بن السكن عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس رضي الله عنها قَالَت كنت صَاحِبَة عَائِشَة رضي الله عنها الَّتِي هيأتها وادخلتها على رَسُول الله

وَمَعِي نسْوَة فوَاللَّه مَا وجدنَا عِنْدهَا قرى إِلَّا قدحاً من لبن قَالَت فَشرب مِنْهُ

ثمَّ نَاوَلَهُ عَائِشَة فاستحيت الْجَارِيَة فَقلت لَا تردن يَد رَسُول الله

فَأَخَذته على حَيَاء فَشَرِبت مِنْهُ ثمَّ قَالَ ناولي صواحبك فَقُلْنَ لَا نشتهيه فَقَالَ لَا تجمعن جوعا وكذباً فَقلت يَا رَسُول الله إِنَّا إِذا قُلْنَا لشَيْء نشتهيه لَا نشتهيه يعد ذَلِك كذبا قَالَ إِن الْكَذِب يكْتب كذبا حَتَّى تكْتب الكذيبة كذيبة

ص: 440

وروى الإِمَام أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَنْهَا قَالَت تزَوجنِي رَسُول الله

فِي شَوَّال وَبنى بِي فِي شَوَّال فَأَي نِسَائِهِ كَانَ احظى عَنهُ مني قَالَ أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى تزَوجهَا عليه الصلاة والسلام قبل الْهِجْرَة بِسنتَيْنِ قلت يَعْنِي عقد عَلَيْهَا كَمَا تقدم التَّنْبِيه عَلَيْهِ فِي شَوَّال وَهِي ابْنة سِتّ سِنِين فَكَانَت تسْتَحب أَن يبتنى بنسائها فِي شَوَّال قَالَ أَبُو عَاصِم إِنَّمَا كره النَّاس أَن تدخل النِّسَاء فِي شَوَّال لطاعون وَقع فِي شَوَّال فِي الزَّمن الأول وروى أَبُو بكر ابْن أبي خَيْثَمَة عَن الزُّهْرِيّ قَالَ لم يتَزَوَّج رَسُول الله

بكرا غير عَائِشَة وروى ابْن حبَان وَأَبُو بكر عَنْهَا تزَوجنِي عليه الصلاة والسلام وَأَنا ابْنة سِتّ وَدخلت عَلَيْهِ وَأَنا ابْنة تسع وَمكث عِنْدهَا تسع سِنِين وَمَات عَنْهَا وَهِي ابْنة ثَمَان عشرَة سنة وروى التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن عبد الله بن زِيَاد الْأَسدي قَالَ سَمِعت عماراً يَقُول هِيَ زَوجته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة قَالَ أَبُو الْحسن الخلعي عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول

ص: 441

الله

يَا عَائِشَة إِنَّهَا ليهون على الْمَوْت أَنِّي قد رَأَيْتُك زَوْجَتي فِي الْجنَّة وروى ابْن عَسَاكِر بِلَفْظ مَا أُبَالِي الْمَوْت مُنْذُ علمت أَنَّك زَوْجَتي فِي الْجنَّة وروى الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قيل يَا رَسُول الله أَي النَّاس أحب إِلَيْك قَالَ عَائِشَة قيل فَمن الرِّجَال قَالَ أَبوهَا وروى أَبُو يعلى وَالْبَزَّار بِسَنَد حسن عَن عَائِشَة قَالَت دخل عَليّ رَسُول الله

وَأَنا أبْكِي فَقَالَ مَا يبكيك قلت سبتني فَاطِمَة فَقَالَ يَا فَاطِمَة أسببت عَائِشَة قَالَت نعم قَالَ أَلَيْسَ تحبين من أحب قَالَت بلَى وتبغضين من أبْغض قَالَت بلَى قَالَ فَانِي احب عَائِشَة فأحببيها قَالَت فَاطِمَة لَا أَقُول لعَائِشَة شَيْئا يؤذيها أبدا وروى النَّسَائِيّ عَنْهَا مَا علمت حَتَّى دخلت عَليّ زَيْنَب بِغَيْر إِذن وَهِي

ص: 442

غَضبى ثمَّ قَالَت لرَسُول الله

أحسبك إِذا قلبت لَك بنت أبي بكر ذُرَيْعَتَيْهَا ثمَّ أَقبلت عَليّ فَأَعْرَضت عَنْهَا حَتَّى قَالَ لي

دُونك فَانْتَصِرِي فَأَقْبَلت عَلَيْهَا حَتَّى رَأَيْتهَا قد يَبِسَتْ ريقتها فِي فمها مَا ترد على شَيْئا فرأيته

يَتَهَلَّل وَجهه وروى البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت أرسل أَزوَاج النَّبِي

فَاطِمَة إِلَيّ النَّبِي

فاستأذنت وَالنَّبِيّ

مَعَ عَائِشَة فِي مرْطهَا فَأذن لَهَا فَدخلت فَقَالَت إِن أَزوَاجك أرسلنني يسألنك الْعدْل فِي بنت أبي قُحَافَة قَالَ أَي بنية أتحبين مَا أحب قَالَت بلَى قَالَ فأحبي هَذِه فَقَامَتْ فَخرجت فحدثتهن فَقُلْنَ مَا أغنيت عَنَّا شَيْئا فارجعي إِلَيْهِ فَقَالَت وَالله لَا ُأكَلِّمهُ فِيهَا أبدا وروى ابْن أبي خَيْثَمَة أَن النِّسَاء قُلْنَ لأم سَلمَة قولي لرَسُول الله

إِن النَّاس تَأْتِيك هداياهم يَوْم عَائِشَة فَقل للنَّاس يهدوا إِلَيْك حَيْثُ مَا كنت فَإنَّا نحب الْخَيْر كَمَا تحبه عَائِشَة فَلَمَّا جاءها رَسُول الله

قَالَت لَهُ ذَلِك فَأَعْرض عَنْهَا فَلَمَّا ذهب جَاءَ النِّسَاء إِلَى أم سَلمَة يقلن مَا قَالَ لَك رَسُول الله

قَالَت قد قلت لَهُ فَأَعْرض عَن فَقُلْنَ لَهَا عودي فَقولِي لَهُ أَيْضا فَلَمَّا دَار إِلَيْهَا قَالَت لَهُ مثل ذَلِك

ص: 443

فَقَالَ لَهَا يَا أم سَلمَة لَا تؤذيني فِي عَائِشَة فوَاللَّه مَا مِنْكُن امْرَأَة ينزل عَليّ الْوَحْي فِي ثوبها إِلَّا عَائِشَة وروى أَبُو عَمْرو بن السماك أَن عَائِشَة قَالَت اني لأفخر على ازواج النَّبِي

بِأَرْبَع ابتكرني وَلم يبتكر امْرَأَة غَيْرِي وَلم ينزل عَلَيْهِ الْقُرْآن مُنْذُ دخل عَليّ إِلَّا فِي بَيْتِي وَنزل فِي عُذْري قُرْآن يُتْلَى واتاه جِبْرِيل بصورتين مرَّتَيْنِ قبل أَن يملك عقدي وروى الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار بِرِجَال ثِقَات وَابْن حبَان عَنْهَا قَالَت رَأَيْت رَسُول الله

طيب النَّفس فَقلت يَا رَسُول الله ادْع لي فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لعَائِشَة مَا تقدم من ذنبها وَمَا تَأَخّر وَمَا أسرت وَمَا أعلنت فَضَحكت عَائِشَة حَتَّى سقط رَأسهَا فِي حجرها من الضحك فَقَالَ رَسُول الله

أسرك دعائي فَقَالَت مَا لي لَا يسرني دعاؤك فَقَالَ فوَاللَّه إِنَّهَا لدعوتي لأمي فِي كل صَلَاتي وروى أَنه عليه الصلاة والسلام كَانَ يقبلهَا وَهُوَ صَائِم ويمص لسانها

ص: 444

وروى ابْن عَسَاكِر عَنْهَا أَنه كَانَ بَينهَا وَبَين رَسُول الله

كَلَام فَقَالَ لَهَا من ترْضينَ بيني وَبَيْنك اترضين بعمر بن الْخطاب قَالَت لَا عمر فظ غليظ قَالَ عليه الصلاة والسلام أترضين بأبيك بَين وَبَيْنك قَالَت نعم فَبعث إِلَيْهِ رَسُول الله

فَقَالَ إِن هَذِه من أمرهَا كَذَا وَمن أمرهَا كَذَا قَالَت فَقلت اتَّقِ الله وَلَا تقل إِلَّا حَقًا قَالَت فَرفع أَبُو بكر يَده فرثم أنفي وَقَالَ أَنْت لَا أم لَك يَا ابْنة أم رُومَان تَقُولِينَ الْحق أَنْت وابوك وَلَا يَقُوله

فابتدرني منخراي كَأَنَّهُمَا عزلاوان فَقَالَ رَسُول الله

إِنَّا لم نَدعك لهَذَا قَالَت ثمَّ قَامَ إِلَى جَرِيدَة فِي الْبَيْت وَجعل يضربني بهَا فوليت هاربة مِنْهُ فلزقت برَسُول الله

فَقَالَ أَقْسَمت عَلَيْك لما خرجت فَإنَّا لم نَدعك لهَذَا فَلَمَّا خرج قُمْت فتنحيت عَن رَسُول الله

فَقَالَ ادني مني فأبيت أَن أفعل فَتَبَسَّمَ رَسُول الله

وَقَالَ لَهَا لقد كنت من قبل شَدِيدَة اللصوق لي بظهري وروى مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَنْهَا قَالَت قَالَ لي رَسُول الله

إِنِّي لأعْلم إِذا كنت عَليّ راضية وَإِذا كنت عَليّ غَضبى قَالَت فَقلت بِمَ تعلم ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ إِذا كنت راضية عَلَيْهِ قلت لَا وَرب مُحَمَّد وَإِذا كنت غَضبى قلت لَا وَرب إِبْرَاهِيم قلت صدقت يَا رَسُول الله مَا أَهجر إِلَّا اسْمك

ص: 445

وروى التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن عدي والإسماعيلي عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت كَانَ رَسُول الله

جَالِسا فسمعنا لَغطا وَصَوت صبيان فَقَامَ رَسُول الله

فَإِذا بِالْحَبَشَةِ يزفنون ويلعبون بِحِرَابِهِمْ فِي الْمَسْجِد وَالصبيان حَولهمْ فَقَالَ يَا عَائِشَة تعالي فانظري وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ يَا حميراء أتحبين أَن تنظري إِلَيْهِم فَقلت نعم فَوضعت خدي على منْكب رَسُول الله

وَهُوَ يسترني بردائه فَجعلت أنظر بَين الْمنْكب إِلَى رَأسه فَجعل يَقُول يَا عَائِشَة أما شبعت أما شبعت وَفِي رِوَايَة حَسبك قلت يَا رَسُول الله لَا تعجل فَقَامَ ثمَّ قَالَ حَسبك قلت لَا تعجل يَا رَسُول الله إِنِّي أحب النّظر إِلَيْهِم تَقول عَائِشَة قد بلغت الْقَصْد من النّظر إِلَيْهِم وَلَكِن أَحْبَبْت أَن يبلغ النِّسَاء مقَامه لي ومكاني مِنْهُ وَفِي لفظ فَأَقُول لَا لأنظر منزلتي عِنْده وَلَقَد رَأَيْته يزاوج بَين قدمية إِذا طلع عمر فَارْفض النَّاس عَنْهُم وَالصبيان فَقَالَ رَسُول الله

إِنِّي لأنظر إِلَى شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ قد فروا من عمر ورى البرقاني عَنْهَا قَالَت دخل عَليّ رَسُول الله

وَعِنْدِي جاريتان تُغنيَانِ بغناء بُعَاث فاضطجع على الْفراش وحول وَجهه وَدخل أَبُو بكر فَانْتَهرنِي وَقَالَ مزمارة الشَّيْطَان عِنْد رَسُول الله

فَأقبل عَلَيْهِ عليه الصلاة والسلام فَقَالَ دعها فَلَمَّا غفل غمزتهما فخرجتا وَقَالَت كَانَ يَوْم عيد تلعب السودَان بالدف والحراب إِلَى آخر الحَدِيث الأول

ص: 446

وروى النَّسَائِيّ عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت زارتنا سَوْدَة يَوْمًا فَجَلَسَ عليه الصلاة والسلام بيني وَبَينهَا إِحْدَى رجلَيْهِ فِي حجري وَالْأُخْرَى فِي حجرها فَحملت لَهُ حريرة أَو قَالَت خزيرة فَقلت كلي فَأَبت فَقلت كلي أَو لألطخن وَجهك فَأَبت فَأخذت من الْقَصعَة شَيْئا فلطخت بِهِ وَجههَا فَضَحِك رَسُول الله

وَرفع رجله عَن حجرها لتبعد مني وَقَالَ الطخي وَجههَا فَأخذت من الْقَصعَة شَيْئا ولطخت بِهِ وَجْهي وَرَسُول الله

يضْحك وروى ابْن أبي شيبَة عَن قيس بن وهب قَالَ قلت لعَائِشَة أَخْبِرِينِي عَن خلق رَسُول الله

قَالَت أَو مَا تقْرَأ الْقُرْآن {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقِ عَظِيمٍ} نون 4 قَالَت جَاءَنِي عليه الصلاة والسلام مَعَ أَصْحَابه فصنعت لَهُم طَعَاما وصنعت لَهُ حَفْصَة طَعَاما فسبقتني حَفْصَة فَقلت لِلْجَارِيَةِ انطلقي فاكفئي قصعتها فلحقتها وَقد هوت أَن تضع بَين يَدَيْهِ عليه الصلاة والسلام فكفأتها فَانْكَسَرت الْقَصعَة وانتثر الطَّعَام فجمعها رَسُول الله

وَمَا فِيهَا من الطَّعَام على الأَرْض وَبعث بقصعتي فَدَفعهَا إِلَى حَفْصَة فَقَالَ ظرفا مَكَان ظرف قَالَت فَمَا رَأَيْت فِي وَجهه تغيراً وروى النَّسَائِيّ عَن أم سَلمَة أَنَّهَا أَتَت بِطَعَام فِي صفحة لَهَا وروى مُسلم عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن الله عز وجل أنزل الْخِيَار فَبَدَأَ بعائشة وَقَالَ إِنِّي أذكر لَك أمرا مَا أحب أَن تعجلِي فِيهِ حَتَّى يَأْتِي أَبُو بكر قَالَت مَا هُوَ فَتلا رَسُول الله

{يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الحيواة الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} الْأَحْزَاب 28 إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَت أفيك أَستَأْمر أبي بل أخْتَار الله وَرَسُوله

ص: 447

وروى أَبُو طَاهِر عَن الشّعبِيّ وَالطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن عَن عَمْرو بن الْحَارِث بن المصطلق قَالَ بعث زِيَاد بن أُميَّة مَعَ عَمْرو بن الْحَارِث بِهَدَايَا وأموال إِلَى أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ ففضل عَائِشَة عَلَيْهِنَّ فَجعل رَسُول يعْتَذر إِلَى أم سَلمَة وَصفِيَّة فَقُلْنَ يعْتَذر إِلَيْنَا زِيَاد فقد كَانَ يفضلها من كَانَ أعظم علينا تَفْضِيلًا من زِيَاد رَسُول الله

وروى ابْن سعد عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت فضلت على نسَاء النَّبِي

بخصال عشر قيل وَمَا هن يَا أم الْمُؤمنِينَ قَالَت لم ينْكح بكرا غَيْرِي وَلم ينْكح امْرَأَة ابوها مُهَاجرا غَيْرِي وَأنزل الله براءتي من السَّمَاء وجاءه جِبْرِيل بِصُورَتي من السَّمَاء فِي حريرة وَقَالَ تزَوجهَا فَإِنَّهَا امْرَأَتك وَكنت أَغْتَسِل أَنا وَهُوَ من إِنَاء وَاحِد وَلم يكن يصنع ذَلِك بِأحد من نِسَائِهِ وَكَانَ يُصَلِّي وَأَنا مُعْتَرضَة بَين يَدَيْهِ وَكَانَ ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي وَهُوَ معي وَلم يكن ينزل عَلَيْهِ وَهُوَ مَعَ أحد من نِسَائِهِ وَقَبضه الله وَهُوَ بَين سحرِي وَنَحْرِي وَدفن فِي بَيْتِي وَرَأَيْت جِبْرِيل وَلم يره أحد من نِسَائِهِ

ص: 448

وروى التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن أبي خَيْثَمَة عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه قَالَ مَا اشكل علينا أَصْحَاب رَسُول الله

حَدِيث قطّ فسألنا عَنهُ عَائِشَة إِلَّا وجدنَا عِنْدهَا مِنْهُ علما وروى الطَّبَرَانِيّ عَن الزُّهْرِيّ أَن رَسُول الله

قَالَ لَو جمع نسَاء هَذِه الْأمة فِيهِنَّ أَزوَاج النَّبِي

كَانَ علم عَائِشَة أَكثر من علمهن وروى الْحَاكِم بِسَنَد حسن عَن مَسْرُوق أَنه كَانَ يحلف بِاللَّه لقد رَأَيْت الأكابر من أَصْحَاب رَسُول الله

يسْأَلُون عَائِشَة عَن الْفَرَائِض وروى الطَّبَرَانِيّ عَن مُوسَى بن طَلْحَة مَا رَأَيْت أحدا كَانَ أفْصح من عَائِشَة وروى أَبُو عمر وَابْن عَسَاكِر عَن عُرْوَة بن الزبير قَالَ مَا رَأَيْت أحدا أعرف بِالْقُرْآنِ وَلَا بفريضة وَلَا بحلال وَلَا بِحرَام وَلَا بِفقه وَلَا بطب وَلَا بِحَدِيث الْعَرَب وَلَا بِنسَب من عَائِشَة وروى عَن عُرْوَة وَقد قيل لَهُ مَا أرواك وَكَانَ أروى النَّاس للشعر فَقَالَ مَا رِوَايَة فِي عَائِشَة مَا كَانَ ينزل بهَا شَيْء إِلَّا أنشدت فِيهِ شعرًا وروى

ص: 449

الإِمَام أَحْمد عَن عُرْوَة أَيْضا أَنه كَانَ يَقُول لعَائِشَة يَا أُمَّاهُ لَا أعجب من فقهك أَقُول زَوْجَة رَسُول الله

وَابْنَة أبي بكر وَلَا أعجب من علمك بالشعر وَأَيَّام النَّاس أَقُول ابْنة أبي بكر وَكَانَ أعلم أَو من أعلم النَّاس بأيام الْعَرَب وأنسابها وَلَكِن أعجب من علمك بالطب كَيفَ هُوَ وَأَيْنَ هُوَ فَضربت على مَنْكِبه وَقَالَت أَي عرية تَصْغِير عُرْوَة إِن رَسُول الله

كَانَ يسقم وَفِي لفظ كثرت أسقامه آخر عمره فَكَانَت تقدم عَلَيْهِ وُفُود الْعَرَب من كل وَجه فَكَانَت تنْعَت لَهُ الألعاق وَكنت أعالجها فَمن ثمَّ وروى الْحَاكِم وَأَبُو عمر وَابْن الْجَوْزِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ لَو جمع علم النَّاس كلهم ثمَّ علم أَزوَاج رَسُول الله

لكَانَتْ عَائِشَة أوسعهم علما وروى الإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد وَالْحَاكِم عَن الْأَحْنَف بن قيس قَالَ سَمِعت خطْبَة أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَالْخُلَفَاء وهلم جرا فَمَا سَمِعت لكَلَام مَخْلُوق مِنْهُم أفخم وَلَا أحسن من فِي عَائِشَة وروى ابْن أبي خَيْثَمَة عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ قَالَ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان يَا زِيَاد أَي النَّاس أعلم قَالَ أَنْت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ أعزم عَلَيْك قَالَ أما إِذا عزمت عَليّ فعائشة وروى البلاذري عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ كَانَت عَائِشَة قد اسْتَقَلت بالفتوى زمن أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وهلم جرا إِلَى أَن مَاتَت وعنها رضي الله عنها قَالَت كنت أَدخل الْبَيْت الَّذِي دفن فِيهِ رَسُول الله

وابي وَاضِعَة ثوبي عني واقول إِنَّمَا هما زَوجي وَأبي فَلَمَّا دفن عمر وَالله مَا دَخلته

ص: 450

إِلَّا مشدودة عَليّ ثِيَابِي حَيَاء من عمر وروى أَبُو يعلى وَأَبُو الشَّيْخ ابْن حَيَّان وَسَنَده حسن عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ متاعي فِيهِ خفَّة وَكَانَ على جمل قارح وَكَانَ مَتَاع صَفِيَّة فِيهِ ثقل وَكَانَ على جمل ثفال بطيء فَقَالَ رَسُول الله

حولوا مَتَاع عَائِشَة على جمل صَفِيَّة وحولوا مَتَاع صَفِيَّة على جمل عَائِشَة فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك قلت يَا لعباد الله غلبتنا هَذِه الْيَهُودِيَّة على رَسُول الله

فَقَالَ رَسُول الله

يَا أم عبد الله إِن متاعك فِيهِ خف ومتاع صَفِيَّة فِيهِ ثقل فَأَبْطَأَ بالركب فحولنا متاعها على بعيرك وحولنا متاعك على بَعِيرهَا فَقَالَت عَائِشَة أَلَسْت تزْعم أَنَّك رَسُول الله فَتَبَسَّمَ رَسُول الله

وَقَالَ أَو فيّ شكّ فَقلت أَلَسْت تزْعم أَنَّك رَسُول الله فَهَلا عدلت فسمعني أَبُو بكر وَكَانَ فِيهِ غرب أَي حِدة فَأقبل عَليّ وَلَطم وَجْهي فَقَالَ رَسُول الله

مهلا يَا أَبَا بكر فَقَالَ يَا رَسُول الله أما سَمِعت مَا قَالَت فَقَالَ رَسُول الله

إِن الْغيرَة لَا تبصر أَسْفَل الْوَادي من أَعْلَاهُ وروى ابْن أبي خَيْثَمَة عَن عُرْوَة بن الزبير أَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت لَهُ إِذا أَنا مت فادفني مَعَ صواحبي بِالبَقِيعِ وَكَانَت وفاتها فِي رَمَضَان لَيْلَة الثُّلَاثَاء لسبع عشرَة خلت مِنْهُ على الصَّحِيح عِنْد الْأَكْثَرين سنة ثَمَان وَخمسين من الْهِجْرَة وَصلى عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَة خَليفَة مَرْوَان بِالْمَدِينَةِ روى لَهَا عَن رَسُول الله

ألف وَمِائَتَا حَدِيث وَعشرَة أَحَادِيث اتّفق البُخَارِيّ

ص: 451

وَمُسلم مِنْهَا على مائَة وَأَرْبَعَة وَسبعين حَدِيثا وَانْفَرَدَ الأول بأَرْبعَة وَخمسين حَدِيثا وَالثَّانِي بِمِائَة وَسبعين وروى عَنْهَا خلق كثير من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَأما أم الْمُؤمنِينَ حَفْصَة بنت عمر بن الْخطاب رضي الله عنهما فأمها زَيْنَب بنت مَظْعُون اسلمت وَهَاجَرت وَكَانَت قبل رَسُول الله

تَحت خُنَيْس بن حذافة السَّهْمِي هَاجَرت مَعَه وَمَات عَنْهَا بعد غَزْوَة بدر فَلَمَّا تأيمت ذكرهَا عمر على أبي بكر وَعُثْمَان فَلم يجبهُ وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى زواجها فَخَطَبَهَا رَسُول الله

فأنكحه إِيَّاهَا فِي شَوَّال سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة وَطَلقهَا رَسُول الله

تَطْلِيقَة وَاحِدَة ثمَّ رَاجعهَا نزل عَلَيْهِ الْوَحْي رَاجع حَفْصَة فَإِنَّهَا صَوَّامَة قَوَّامَة وَإِنَّهَا زَوجتك فِي الْجنَّة روى عَنْهَا جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَفِي تَارِيخ الْخَمِيس توفّي عَنْهَا زَوجهَا خُنَيْس أَو حُبَيْش بن حذافة بِالْمَدِينَةِ بعد شُهُوده بَدْرًا مَعَه عليه الصلاة والسلام فعرضها عمر أَبوهَا على أبي بكر فَلم يجبهُ بِشَيْء ثمَّ عرضهَا على عُثْمَان فَلم يجبهُ بِشَيْء فَشَكا عمر إِلَى رَسُول الله

فَقَالَ يَا رَسُول الله عرضت على عُثْمَان حَفْصَة فَأَعْرض عني فَقَالَ رَسُول الله

هَل لَك فِي خير من ذَلِك أَتزوّج أَنا حَفْصَة وأزوج عُثْمَان أم كُلْثُوم أخرجه أَبُو عمر وَقَالَ حَدِيث صَحِيح وَعَن ربعي بن حِرَاش عَن عُثْمَان أَنه خطب إِلَى عمر ابْنَته فَرده فَبلغ ذَلِك النَّبِي

فَلَمَّا رَاح إِلَيْهِ عمر قَالَ لَهُ أدلك على خير لَك من عُثْمَان وأدل عُثْمَان على خير لَهُ مِنْك قَالَ نعم يَا نَبِي الله قَالَ تزَوجنِي ابْنَتك وأزوج عُثْمَان ابْنَتي

ص: 452

اخْرُج الخجندي قلت مَا رَوَاهُ الخجندي يُخَالف مَا تقدم عَن تَارِيخ الْخَمِيس فَإِنَّهُ ذكر فِيهِ أَن عمر رضي الله عنه عرض ابْنَته على عُثْمَان واعرض عُثْمَان عَنهُ وَمَا رَوَاهُ الخجندي خطب عُثْمَان إِلَى عمر ابْنَته فَرده فَلْينْظر وَجه الْوِفَاق وَالله أعلم وَتزَوج عُثْمَان أم كُلْثُوم بعد رقية وَتزَوج عليه الصلاة والسلام حَفْصَة ثمَّ إِنَّه عليه الصلاة والسلام طَلقهَا فَأَتَاهَا خالاها قدامَة بن مَظْعُون وَعُثْمَان بن مَظْعُون فَبَكَتْ وَقَالَت وَالله مَا طَلقنِي رَسُول الله

عَن شبع روى أَنه لما بلغ خبر طَلَاقا أَبَاهَا عمر حثا على رَأسه التُّرَاب وَقَالَ مَا يعبأ الله بعمر وَابْنَته بعد هَذَا فَنزل جِبْرِيل من الْغَد وَقَالَ للنَّبِي

إِن الله يَأْمُرك أَنْت تراجع حَفْصَة رَحْمَة لعمر فجَاء رَسُول الله

فَقَالَ إِن جِبْرِيل أَتَانِي فَقَالَ لي رَاجع حَفْصَة فَإِنَّهَا صَوَّامَة قَوَّامَة وَإِنَّهَا زَوجتك فِي الْجنَّة وَفِي رِوَايَة هم بِطَلَاقِهَا وَلم يُطلق وروى عَن عمر رضي الله عنه أَنه قَالَ لما تزَوجهَا رَسُول الله

قلت لأبي بكر مَا حملك على مَا صنعت قَالَ إِن رَسُول الله

قد ذكرهَا فَمن ذَلِك سكت عَنْك وأعرضت فَكَانَت عِنْد النَّبِي

قَرِيبا من ثَمَانِينَ سِنِين قَالَ الْعَلامَة الشَّامي كَانَ زَوجهَا خُنَيْس بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة بعْدهَا نون ثمَّ يَاء وسين مِمَّن شهد بَدْرًا فَعَاد إِلَى الْمَدِينَة فَمَاتَ بهَا من جراحات أَصَابَته يَوْم بدر توفيت حَفْصَة فِي شعْبَان سنة خمس وَأَرْبَعين بِالْمَدِينَةِ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وَبكى

ص: 453

عَلَيْهَا مَرْوَان بن الحكم أَمِير الْمَدِينَة وَحمل سريرها بعض الطَّرِيق ثمَّ حمل أَبُو هُرَيْرَة إِلَى قبرها فَنزل فِي قبرها عبد الله وَعَاصِم ابْنا عمر رضي الله عنهم وَسَالم وَعبد الله وَحَمْزَة أَبنَاء عبد الله بن عمر وَقد بلغت سِتِّينَ سنة وَقيل مَاتَت سنة ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعين وأوصت إِلَى عبد الله أَخِيهَا بِمَا أوصى إِلَيْهَا أَبوهَا عمر وتصدقت بِمَال لَهَا وقفته بِالْغَابَةِ مروياتها سَبْعُونَ حَدِيثا اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم مِنْهَا على أَرْبَعَة وَانْفَرَدَ مُسلم بِسِتَّة والباقية فِي سَائِر الْكتب وَأما أم الْمُؤمنِينَ زَيْنَب بنت خُزَيْمَة بن الْحَارِث بن عبد الله بن عَمْرو بن عبد منَاف ابْن هِلَال الْهِلَالِيَّة فَتَزَوجهَا عليه الصلاة والسلام فِي رَمَضَان من السّنة الثَّالِثَة من الْهِجْرَة تكنى أم الْمَسَاكِين لإطعامها إيَّاهُم كَانَت تَحت عبد الله بن جحش فِي قَول الزُّهْرِيّ قتل عَنْهَا يَوْم أحد فَتَزَوجهَا عليه الصلاة والسلام وَلم تلبث عِنْده عليه الصلاة والسلام إِلَّا شَهْرَيْن أَو ثَلَاثَة أشهر توفيت فِي حَيَاته

وَقيل مكثت عِنْده ثَمَانِيَة أشهر ذكره الفضائلي قَالَ الشَّامي فِي سيرته قَالَ قَتَادَة بن دعامة كَانَت قبل رَسُول الله

عِنْد الطُّفَيْل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَلما خطبهَا عليه الصلاة والسلام جعلت أمرهَا إِلَيْهِ فَتَزَوجهَا وَأشْهد وَأصْدقهَا اثْنَتَيْ عشرَة أُوقِيَّة ونشاً روى الطَّبَرَانِيّ بِرِجَال الصَّحِيح عَن ابْن إِسْحَاق تزوج النَّبِي

زَيْنَب بنت خُزَيْمَة الْهِلَالِيَّة أم الْمَسَاكِين كَانَت قبله عَن الْحصين أَو عِنْد الطُّفَيْل بن الْحَارِث بِالْمَدِينَةِ وَهِي أول نِسَائِهِ موتا قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ كَانَت عِنْد الطُّفَيْل بن الْحَارِث فَطلقهَا فَتَزَوجهَا أَخُوهُ عُبَيْدَة بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب فَقتل عَنْهَا يَوْم بدر شَهِيدا ثمَّ خلف عَلَيْهَا رَسُول الله

قبل أَن يتَزَوَّج أُخْتهَا لأمها مَيْمُونَة قَالَ ابْن أبي خثيمَةَ كَانَت تمسى أم الْمَسَاكِين فِي الْجَاهِلِيَّة وأرادت أَن تعْتق جَارِيَة لَهَا سَوْدَاء فَقَالَ لَهَا رَسُول الله

أَلا تفدين بهَا بني أَخِيك أَو ابْني أَخِيك من رِعَايَة الْغنم

ص: 454

وَأما أم الْمُؤمنِينَ أم سَلمَة هِنْد وَقيل رَملَة وَالْأول أصح بنت أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن مَخْزُوم بن نقطة بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي وَاسم أبي أُميَّة سُهَيْل وَيُقَال لَهُ زَاد الرَّاكِب وَقَالَ أَبُو عَمْرو تزَوجهَا رَسُول الله

سنة أَربع فِي شَوَّال كَذَا فِي السمط الثمين قَالَ فِي الْمَوَاهِب تزَوجهَا فِي لَيَال بَقينَ من شَوَّال من السّنة الَّتِي مَاتَ فِيهَا أَبُو سَلمَة وَمَات أَبُو سَلمَة سنة أَربع وَقيل سنة ثَلَاث وَكَانَت أم سَلمَة سَمِعت مِنْهُ عليه الصلاة والسلام يَقُول مَا من مُسلم تصيبه مُصِيبَة فَيَقُول اللَّهُمَّ آجرني فِي مصيبتي واخلف لي خيرا مِنْهَا إِلَّا أخلف الله لَهُ خيرا مِنْهَا قَالَ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلمَة قلت أَي الْمُسلمين خير من أبي سَلمَة ثمَّ إِنِّي قلتهَا فأخلف الله لي رَسُول الله

فَأرْسل إِلَيّ حَاطِب بن أبي بلتعة يخطبني لَهُ وَكَانَت قبله عليه الصلاة والسلام تَحت أبي سَلمَة عبد الله بن عبد الْأسد المَخْزُومِي وَكَانَت هِيَ وَزوجهَا الْمَذْكُور أول من هَاجر إِلَى أَرض الْحَبَشَة فَولدت لَهُ بهَا زَيْنَب وَولدت لَهُ بعد ذَلِك سَلمَة وَعمر ودرة وَقيل هِيَ أول ظَعِينَة دخلت الْمَدِينَة مهاجرة وَلما مَاتَ زَوجهَا أَبُو سَلمَة خطبهَا عمر رضي الله عنه فَأَبت فَأرْسل إِلَيْهَا رَسُول الله

فَقَالَت مرْحَبًا برَسُول الله

إِن فيّ خلالاً ثَلَاثًا أَنا امْرَأَة شَدِيدَة الْغيرَة وَأَنا امْرَأَة مصبية وَأَنا امْرَأَة لَيْسَ هُنَا أحد من أوليائي فيزوجني فَغَضب عمر رضي الله عنه لرَسُول الله

أَشد مِمَّا غضب لنَفسِهِ حِين ردته فَأَتَاهَا رَسُول الله

فَقَالَ أما مَا ذكرت من غيرتك فَإِنِّي أَدْعُو الله أَن يذهبها عَنْك وَأما مَا ذكرت من صبيتك فَإِن الله سيكفيهم وَأما مَا ذكرت من أوليائك فَمَا أحد مِنْهُم يكرهني فَقَالَت لابنها عمر زَوجنِي عَلَيْهِ قلت

ص: 455

لَعَلَّ هَذَا من خصوصياته عليه الصلاة والسلام إِذْ قَوَاعِد مَذْهَبنَا أَن الابْن لَا يُزَوّج أمه إِلَّا إِن كَانَ ابْن ابْن عَم لَهَا وَالله سُبْحَانَهُ أعلم فيزوج بِجِهَة الْعُصُوبَة حِينَئِذٍ لَا بِجِهَة الْبُنُوَّة انْتهى قَالَ صَاحب السمط الثمين رَوَاهُ بِهَذَا السِّيَاق هدبة بن خَالِد وَصَاحب الصفوة وَخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ طرفا مِنْهُ وَمَعْنَاهُ فِي الصَّحِيح وَفِيه دلَالَة على أَن الابْن يَلِي العقد على أمه وَعِنْدنَا أَنه إِنَّمَا زَوجهَا بالعصوبة لِأَنَّهُ ابْن ابْن عَمها لِأَن أَبَا سَلمَة عبد الله بن عبد الْأسد بن هِلَال بن عبد الله وَأم سَلمَة هِنْد بنت سهل ابْن الْمُغيرَة بن عبد الله وَلم يكن من عصبتها أحد حَاضرا غَيره وَكَانَت أم سَلمَة من أجل النَّاس روى عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت لما تزوج رَسُول الله

أم سَلمَة حزنت حزنا شَدِيدا لما ذكرُوا لي من جمَالهَا فاطلعت حَتَّى رَأَيْتهَا وَالله أَضْعَاف مَا ذكرت لي فِي الْحسن فَذكرت ذَلِك لحفصة وكانتا يدا وَاحِدَة فَقَالَت لَا وَالله إِن هَذَا إِلَّا لغيرة مَا هِيَ كَمَا يَقُولُونَ فتلطفت بهَا حَفْصَة حَتَّى رأتها فَقَالَت رَأَيْتهَا لَا وَالله مَا هِيَ كَمَا يَقُولُونَ وَلَا قَرِيبا مِنْهُ وَإِنَّهَا لجميلة قَالَت عَائِشَة فرأيتها بعد فَكَانَت كَمَا قَالَت حَفْصَة وَلَكِنِّي كنت غيراء وَفِي السمط الثمين فِي مَنَاقِب أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ أرسل إِلَيْهَا رَسُول الله

حَاطِب بن أبي بلتعة يخطبها فَقَالَ لَهَا رَسُول الله

أما إِنِّي لم أنقصك عَمَّا أَعْطَيْت فُلَانَة يَعْنِي زَيْنَب بنت خُزَيْمَة وَكَانَت قد مَاتَت زَيْنَب قبلهَا قيل لأم سَلمَة مَا أعْطى فُلَانَة قَالَت أَعْطَاهَا جرتين تضع فيهمَا حبها ورحى ووسادة من أَدَم حشوها لِيف ثمَّ انْصَرف حَاطِب فَأقبل رَسُول الله

يَأْتِيهَا فَلَمَّا رَأَتْهُ وضعت زَيْنَب أَصْغَر وَلَدهَا فِي حجرها فَرجع عليه الصلاة والسلام ثمَّ عَاد مرّة ثَانِيَة فَفعلت ذَلِك أَيْضا فقطن عمار فَأقبل مسرعاً بَين يَدي رَسُول الله

وَكَانَ اخاها لأمها وانتزعها من حجرها وَقَالَ هَاتِي هَذِه المقبوحة المشقوحة الَّتِي

ص: 456

منعت رَسُول الله

فجَاء رَسُول الله

فَلم يرهَا فِي حجرها فَقَالَ أَيْن زناب قَالَت أَخذهَا عمار فَدخل رَسُول الله

إِلَى أَهله فَكَانَت أم سَلمَة فِي النِّسَاء كَأَنَّهَا لم تكن مِنْهُنَّ وَلَا تَجِد مَا يجدن من الْغيرَة قلت هَذَا لَا يُخَالف مَا تقدم من قَوْلهَا لَهُ عليه الصلاة والسلام فِي ابْتِدَاء الْخطْبَة أَنا امْرَأَة شَدِيدَة الْغيرَة لِأَنَّهَا كَانَت كَذَلِك قبل الدعْوَة بإذهاب غيرتها وَمَا هُنَا بعْدهَا انْتهى قَالَ أنس إِن النَّبِي

تزوج أم سَلمَة على مَتَاع قِيمَته عشرَة دَرَاهِم وروى أَنه لما تزَوجهَا نقلهَا إِلَى بَيت زَيْنَب بنت خُزَيْمَة بعد مَوتهَا فَدخلت فرأت جرة فِيهَا شعير ورحى وبرمته فطحنته ثمَّ عجنته ثمَّ عصدته فِي البرمة فأدمته بإهالة وروى عَن هِنْد بنت الْحَارِث الفراسية قَالَت قَالَ رَسُول الله

إِن لعَائِشَة مني شُعْبَة مَا نزلها مني أحد فَلَمَّا تزوج أم سَلمَة قيل يَا رَسُول الله مَا فعلت تِلْكَ الشعبة فَسكت فَيُوجب أَن أم سَلمَة نزلتها قَالَ فِي السِّيرَة الشامية مَاتَ زَوجهَا أَبُو سَلمَة سنة أَربع شهد بَدْرًا وأحداً وَرمى بِهِ بِسَهْم فِي عضده فَمَكثَ شهرا يداويه ثمَّ برأَ الْجرْح بَعثه عليه الصلاة والسلام هِلَال الْمحرم على رَأس خَمْسَة وَثَلَاثِينَ شهرا من مهاجره وَبعث مَعَه مائَة وَخمسين رجلا إِلَى قطن جبل بِنَجْد فَغَاب تسعا وَعشْرين لَيْلَة ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة فانتفض جرحه فَمَاتَ مِنْهُ لثمان خلون من جمادي الْآخِرَة سنة أَربع فاعتدت أم سَلمَة وحلت لعشر بَقينَ من شَوَّال من السّنة الْمَذْكُورَة فَتَزَوجهَا عليه الصلاة والسلام فِي ليل بَقينَ من شَوَّال الْمَذْكُور وَلَو لم يكن من فَضلهَا إِلَّا مشورتها على رَسُول الله

بِالْحلقِ فِي قصَّة الْحُدَيْبِيَة لما امْتنع مِنْهُ أَكثر أَصْحَابه لكفاها وروى أَبُو الْحُسَيْن الخلعي عَن عَمْرو بن شُعَيْب أَنه دخل على زَيْنَب بنت أبي

ص: 457

سَلمَة فَحَدَّثته إِن رَسُول الله

كَانَ عِنْد أم سَلمَة فَجعل حسنا من شقّ وَحسَيْنا من شقّ وَفَاطِمَة فِي حجره وَقَالَ {رحمت الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} هود 73 وَأَنا وَأمي أم سَلمَة جالسان فَبَكَتْ اسْم سَلمَة فَقَالَ رَسُول الله

إِنَّك من أهل الْبَيْت وروى عمر الملا عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله

إِذا صلى الْعَصْر دخل على نِسَائِهِ وَاحِدَة وَاحِدَة يبْدَأ بِأم سَلمَة لِأَنَّهَا أكبرهن وَيخْتم بعائشة وروى الإِمَام أَحْمد عَن مُوسَى بن عقبَة عَن أمه عَن أم كُلْثُوم قَالَت لما تزوج رَسُول الله

أم سَلمَة قَالَ يَا أم سَلمَة إِنِّي قد أهديت إِلَى النَّجَاشِيّ حلَّة وأواقي مسك وَلَا أرى النَّجَاشِيّ إِلَّا قد مَاتَ وَلَا أرى هديتي إِلَّا مَرْدُودَة فَهِيَ لَك فَكَانَ كَمَا قَالَ

وَردت إِلَيْهِ هديته فَأعْطى كل وَاحِدَة مِنْهُم أُوقِيَّة وَأعْطى أم سَلمَة الْمسك والحلة وروى عَنْهَا قَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي امْرَأَة أَشد ضفر رَأْسِي فأنقضه لغسل الْجَنَابَة فَقَالَ رَسُول الله

لَا إِنَّمَا يَكْفِيك أَن تحثي على رَأسك ثَلَاث حثيات ثمَّ تفيضي عَلَيْك بِالْمَاءِ فتطهري وروى الإِمَام أَحْمد والشيخان عَن الْمسور بن مخرمَة ومروان بن الحكم قَالَا إِن

ص: 458

رَسُول الله

صَالح أهل مَكَّة وَكتب كتاب الصُّلْح بَينه وَبينهمْ فَلَمَّا فرغ قَالَ للنَّاس قومُوا فَانْحَرُوا ثمَّ احْلقُوا قَالَ فوَاللَّه مَا قَامَ مِنْهُم رجل حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَلَمَّا فرغ قَالَت أم سَلمَة يَا رَسُول الله لَا ترى أحدا مِنْهُم يفعل ذَلِك حَتَّى تنحر بدنك وَتَدْعُو الحلاق فيحلقك فَخرج فَفعل فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك قَامُوا ونحروا حَتَّى كَادُوا يقتتلون على الحلاق وَجعل بَعضهم يحلق بَعْضًا توفيت أم سَلمَة فِي خلَافَة يزِيد بن مُعَاوِيَة سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ على الصَّحِيح واستخلف يزِيد سنة سِتِّينَ بعد مَا جاءها الْخَبَر بقتل الْحُسَيْن بن عَليّ رضي الله عنه وَلها من الْعُمر أَربع وَثَمَانُونَ سنة على الصَّوَاب وروى الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد رِجَاله ثِقَات عَن الْهَيْثَم بن عدي قَالَ أول من مَاتَ من أَزوَاجه عليه الصلاة والسلام زَيْنَب بنت جحش وآخرهن موتا أم سَلمَة هَذِه وَكَانَ لَهَا ثَلَاثَة أَوْلَاد سَلمَة أكبرهم وَعمر وَزَيْنَب أَصْغَرهم ربوا فِي حجر النَّبِي

وَاخْتلف فِيمَن زَوجهَا من النَّبِي

فَقيل وَلَدهَا عمر كَمَا تقدم وَقيل غَيره وَعَلِيهِ الْأَكْثَرُونَ وَزوج سَلمَة هَذَا النَّبِي

أُمَامَة وَقيل فَاطِمَة بنة حَمْزَة بن عبد الْمطلب وعاش سَلمَة إِلَى خلَافَة عبد الْملك بن مَرْوَان وَلم تحفظ لَهُ

ص: 459

رِوَايَة وَأما اخوه عمر بن أبي سملة فَلهُ رِوَايَة وَتُوفِّي رَسُول الله

وَله تسع سِنِين ومولده كَانَ بِالْحَبَشَةِ وَاسْتَعْملهُ عَليّ رضي الله عنه على فَارس والبحرين وَتُوفِّي بِالْمَدِينَةِ سنة ثَلَاثَة وَثَمَانِينَ فِي خلَافَة عبد الْملك وَأما زَيْنَب بنت أبي سَلمَة فَولدت بِأَرْض الْحَبَشَة وَكَانَ اسْمهَا برة فسماها رَسُول الله

زَيْنَب دخلت على رَسُول الله

وَهُوَ يغْتَسل فنضح فِي وَجههَا شئيا من المَاء فَلم يزل مَاء الشَّبَاب فِي وَجههَا حَتَّى كَبرت وعجزت قَالَ العطاف قَالَت أُمِّي رَأَيْت وَجه زَيْنَب وَهِي عَجُوز كَبِيرَة مَا نقص من وَجههَا شَيْء تزَوجهَا عبد الله بن زَمعَة بن الْأسود الْأَسدي وَولدت لَهُ وَكَانَت من أفقه أهل زمانها رضي الله عنها وَلما مَاتَت أم سَلمَة دفنت بِالبَقِيعِ وَصلى عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَة وَقيل سعيد بن زيد وَكَانَ عمرها أَرْبعا وَثَمَانِينَ سنة وَأما أم الْمُؤمنِينَ زَيْنَب بنت جحش وَأمّهَا أُميَّة بنت عبد الْمطلب بن هَاشم فَكَانَ رَسُول الله

زَوجهَا من زيد بن حَارِثَة فَمَكثت عِنْده مُدَّة ثمَّ طَلقهَا فَلَمَّا انْقَضتْ عدتهَا مِنْهُ قَالَ

لزيد بن حَارِثَة اذْهَبْ فاذكرني لَهَا فَقَالَ زيد فَذَهَبت فَجعلت ظَهْري إِلَى الْبَاب فَقلت يَا زَيْنَب بعث رَسُول الله

يذكرك فَقَالَت مَا كنت لأحدث شَيْئا حَتَّى أؤامر رَبِّي عز وجل فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِد لَهَا فَأنْزل الله تَعَالَى {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وطرا زَوَّجْنَاكهَا} الْأَحْزَاب 37 فجَاء رَسُول الله

فَدخل عَلَيْهَا بِغَيْر إِذن أخرجه مُسلم وَقَالَ المُنَافِقُونَ حرم مُحَمَّد نسَاء الْوَلَد وَقد تزوج امْرَأَة ابْنه فَأنْزل الله تَعَالَى {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِن رِجَالِكُمْ}

ص: 460

الْأَحْزَاب 40 الْآيَة فَكَانَت زَيْنَب تفتخر على أَزوَاج النَّبِي

فَتَقول زوجكن آباؤكن وزوجني الله من فَوق سبع سموات رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَكَانَ اسْمهَا برة فسماها عليه الصلاة والسلام زَيْنَب وَعَن أنس لما تزوج

زَيْنَب بنت جحش دَعَا الْقَوْم فطعموا ثمَّ جَلَسُوا يتحدثون فَإِذا هُوَ

كَأَنَّهُ يتهيأ للْقِيَام فَلم يقومُوا فَلَمَّا رأى ذَلِك قَامَ وَقَامَ من قَامَ وَقعد ثَلَاثَة نفر فجَاء النَّبِي

ليدْخل فَإِذا الْقَوْم جُلُوس ثمَّ إِنَّهُم قَامُوا فَانْطَلَقت فَجئْت فَأخْبرت النَّبِي

أَنهم انْطَلقُوا فجَاء حَتَّى دخل فَذَهَبت لأدخل فَألْقى الْحجاب بيني وَبَينه فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِيّ} الْأَحْزَاب 53 الْآيَة تزَوجهَا

هِلَال ذِي الْقعدَة سنة أَربع من الْهِجْرَة وَهِي بنت خمس وَثَلَاثِينَ سنة يَوْمئِذٍ كَذَا فِي مُخْتَصر سيرة البرماويوقال فِي الْمَوَاهِب سنة خمس وَقيل سنة ثَلَاث وَهِي أول من مَاتَ من أَزوَاجه بعده وروى ابْن أبي شيبَة وَابْن منيع بِسَنَد صَحِيح عَن أنس قَالَ أولم رَسُول الله

على زَيْنَب فأشبع الْمُسلمين خبْزًا وَلَحْمًا ثمَّ خرج فَصنعَ كَمَا كَانَ يصنع إِذا تزوج فَأتى أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فَسلم عَلَيْهِنَّ وسلمن عَلَيْهِ ودعا لَهُنَّ ثمَّ رَجَعَ وَأَنا مَعَه وروى عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَت كَانَت زَيْنَب هِيَ الَّتِي تساميني من

ص: 461

ازواج النَّبِي

فِي حسن الْمنزلَة عِنْده عليه الصلاة والسلام وَمَا رَأَيْت امْرَأَة قطّ خيرا من زَيْنَب وَأتقى لله وأصدق حَدِيثا وأوصل للرحم وَأعظم صَدَقَة وروى أَبُو يعلى بِسَنَد حسن عَن أبي بزْرَة رضي الله عنه قَالَ كَانَ لرَسُول الله

تسع من النِّسَاء فَقَالَ يَوْمًا خيركن أَطْوَلكُنَّ يدا فَقَامَتْ كل وَاحِدَة تضع يَدهَا على الْجِدَار فَقَالَ لست أَعنِي هَذَا أصنعكن يدين وروى الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله

أولكن لحَاقًا بِي أَطْوَلكُنَّ يدا قَالَت فَكُن يَتَطَاوَلْنَ أيتهن أطول يدا قَالَت وَكَانَت أطولنا يدا زَيْنَب أَنَّهَا كَانَت تعْمل بِيَدِهَا وَتَتَصَدَّق وَفِي لفظ البُخَارِيّ فَكُنَّا إِذا اجْتَمَعنَا فِي بَيت إحدانا بعد وَفَاته عليه الصلاة والسلام نمد أَيْدِينَا فِي الْجِدَار نتطاول فَلم نزل نَفْعل ذَلِك حَتَّى توفيت زَيْنَب بنت جحش وَكَانَت امْرَأَة قَصِيرَة وَلم تكن بأطولنا فَعرفنَا حِينَئِذٍ أَن النَّبِي

إِنَّمَا أَرَادَ طول الْيَد بِالصَّدَقَةِ وروى الطَّبَرَانِيّ عَن رَاشد بن سعد قَالَ دخل رَسُول الله

منزله وَمَعَهُ عمر بن الْخطاب فَإِذا هُوَ بِزَيْنَب تصلي وَهِي تَدْعُو فِي صلَاتهَا فَقَالَ النَّبِي

إِنَّهَا لأواهة وَقَالَت عَائِشَة لقد ذهبت زَيْنَب حميدة فقيدة مفزعا لِلْيَتَامَى

ص: 462

وللأرامل وروى ابْن الْجَوْزِيّ عَن عبد الله بن رَافع عَن بزْرَة بنت رَافع قَالَت لما جَاءَنَا الْعَطاء بعث عمر إِلَى زَيْنَب بنت جحش بِالَّذِي لَهَا فَلَمَّا أَدخل عَلَيْهَا قَالَت غفر الله لعمر غَيْرِي من أخواتي أقدر مني على قسم هَذَا قَالُوا هَذَا كُله لَك قَالَت سُبْحَانَ الله واستترت مِنْهُ بِثَوْب وَقَالَت صبوه واطرحوا عَلَيْهِ ثوبا ثمَّ قَالَت أدخلي يدك فاقبضي مِنْهُ قَبْضَة فاذهبي بهَا إِلَى بني فلَان وَبني فلَان من أهل رَحمهَا وأيتامها فغرفته حَتَّى مَا بَقِي مِنْهُ بَقِيَّة تَحت الثَّوْب فَقَالَت لَهَا بزْرَة بنت رَافع غفر الله لَك يَا أم الْمُؤمنِينَ وَالله لقد كَانَ لنا فِي هَذَا حق قَالَت لكم مَا تَحت الثَّوْب فَوَجَدنَا تَحْتَهُ خَمْسَة وَثَمَانِينَ درهما ثمَّ رفعت يَدهَا إِلَى السَّمَاء فَقَالَت اللَّهُمَّ لَا يدركني عَطاء عمر بعد عَامي هَذَا فَمَاتَتْ قبله قَالَ فِي الرَّوْض الْأنف زَيْنَب بنت جحش كَانَ اسْمهَا برة بِضَم الْبَاء وَتَخْفِيف الرَّاء فسماها عليه الصلاة والسلام زَيْنَب اسْم أَبِيهَا جحش بن رياب فَقَالَت يَا رَسُول الله لَو غيرت اسْم أبي وَإِن الْبرة ضفيرة فَقَالَ لَهَا لَو كَانَ أَبوك مُسلما سميته باسم من أسمائنا أهل الْبَيْت وَلَكِن قد سمى جحشاً والجحش أكبر من الْبرة ذكر هَذَا الحَدِيث مُسْندًا فِي كتاب المؤتلف والمختلف أَو السحن الدَّارَقُطْنِيّ قلت أصل الْبرة حَلقَة تجْعَل فِي أنف الْبَعِير ليذل بهَا فينقاد تكون من فضَّة أَو حَدِيد وَقد تجْعَل للذلول لقصد الزِّينَة كَمَا كَانَت فِي جمل أبي لَهب الَّذِي غنمه عليه الصلاة والسلام فأهداه إِلَى الْكَعْبَة عَام الْحُدَيْبِيَة ليغيظ الْمُشْركين حِين يرونه وَالله أعلم توفّي سنة سِتَّة وَعشْرين وَصلى عَلَيْهَا عمر بن الْخطاب رضي الله عنهما وَعَاشَتْ ثَلَاثًا وَخمسين سنة وَأما أم الْمُؤمنِينَ جوَيْرِية بنت الْحَارِث بن أبي ضرار بِكَسْر الضَّاد الْمُعْجَمَة

ص: 463

وَتَخْفِيف الرَّاء الْمُصْطَلِقِيَّة فَكَانَت تَحت سافع بن مسافع بِالسِّين الْمُهْملَة وَالْفَاء ابْن صَفْوَان المصطلقي كَانَت وَقعت فِي سهم ثَابت بن قيس بن شماس الْأنْصَارِيّ فِي غَزْوَة الْمُريْسِيع وَهِي غَزْوَة بن المصطلق سنة خمس وَقيل سِتّ وكاتبت ثَابتا على نَفسهَا ثمَّ جَاءَت رَسُول الله

فَقَالَت يَا رَسُول الله أَنا جوَيْرِية بنت الْحَارِث وَكَانَ من أَمْرِي مَا لَا يخفى عَلَيْك وَوَقعت فِي سهم ثَابت بن قيس وَإِنِّي كاتبت على نَفسِي فَجئْت أَسأَلك فِي كتابتي فَقَالَ لَهَا رَسُول الله

هَل لَك فِيمَا هُوَ خير لَك قَالَت وَمَا هُوَ يَا رَسُول الله قَالَ أوفي عَنْك كتابتك وأتزوجك قَالَت قد فعلت وتسامع النَّاس أَن رَسُول الله

تزوج جوَيْرِية فأرسلوا مَا بِأَيْدِيهِم من السَّبي فاعتقوهم وَقَالُوا اصهار رَسُول الله

قَالَت عَائِشَة فَلَمَّا رَأَيْت امْرَأَة كَانَت أعظم بركَة على قَومهَا مِنْهَا أعتق بِسَبَبِهَا مائَة أهل بَيت من بني المصطلق أخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث عَائِشَة وَقَالَ ابْن هِشَام وَمُقَاتِل اشْتَرَاهَا عليه الصلاة والسلام من ثَابت وأعتقها وَتَزَوجهَا وَأصْدقهَا أَرْبَعمِائَة دِرْهَم وَعَن ابْن شهَاب سباها

يَوْم الْمُريْسِيع فحجبها وَقسم لَهَا وَكَانَت ابْنة عشْرين سنة وَكَانَ اسْمهَا برة فحوله

وسماها جوَيْرِية كَمَا تقدم فِي زَيْنَب بنت جحش وروى ابْن سعد عَن أبي قلَابَة قَالَ جَاءَ أَبُو جوَيْرِية فَقَالَ لَا يسبى مثلهَا فَخَل سَبِيلهَا فَقَالَ عليه الصلاة والسلام بل اخبرها قَالَ قد أَحْسَنت فَأتى أَبوهَا إِلَيْهَا فَقَالَ إِن هَذَا الرجل قد خيرك فَلَا تفضحينا قَالَت إِنِّي أخْتَار الله وَرَسُوله

ص: 464

وروى الطَّبَرَانِيّ مُرْسلا بِرِجَال الصَّحِيح عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَت جويرة ملك النَّبِي

فَأعْتقهَا وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا وَأعْتق كل أَسِير من بني المصطلق وروى الطَّبَرَانِيّ بِرِجَال الصَّحِيح عَن مُجَاهِد قَالَ قَالَت جوَيْرِية لرَسُول الله

إِن أَزوَاجك يفخرن عَليّ وَيَقُلْنَ لم يتزوجك رَسُول الله

فَقَالَ ألم أعظم صداقك ألم أعتق أَرْبَعِينَ من قَوْمك توفيت فِي ربيع الأول سنة خمسين وَقيل سنة سِتّ وَخمسين وَصلى عَلَيْهَا مَرْوَان ابْن الحكم وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة وَقد بلغت من السن سبعين سنة وَأما أم الْمُؤمنِينَ أم حَبِيبَة رَملَة بنت أبي سُفْيَان صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة بن عبد شمس وَقيل اسْمهَا هِنْد وَالْأول أصح فأمها صفسية بنت أبي الْعَاصِ وَكَانَت تَحت عبيد الله بن جحش وَهَاجَر بهَا إِلَى أَرض الْحَبَشَة الْهِجْرَة الثَّانِيَة ثمَّ تنصر وارتد عَن الْإِسْلَام وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى فَمَاتَ على النَّصْرَانِيَّة وَكَانَ يَقُول للْمُسلمين صأصأتم وأبصرنا وَثبتت زَوجته أم حَبِيبَة هَذِه على الْإِسْلَام وَاخْتلف فِي نِكَاح رَسُول الله

إِيَّاهَا وَمَوْضِع العقد فَقيل إِنَّه عقد عَلَيْهَا بِأَرْض الْحَبَشَة سنة سِتّ روى أَنه عليه الصلاة والسلام بعث عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي إِلَى النَّجَاشِيّ ليخطبها عَلَيْهِ فَزَوجهُ إِيَّاهَا وَأصْدقهَا النَّجَاشِيّ عَنهُ عليه الصلاة والسلام أَرْبَعمِائَة دِينَار وَبعث بهَا إِلَيْهِ مَعَ شُرَحْبِيل بن حَسَنَة وروى أَن النَّجَاشِيّ أرسل إِلَيْهَا جَارِيَة أَبْرَهَة فَقَالَت لَهَا إِن الْملك يَقُول لَك إِن رَسُول الله

ص: 465

كتب إِلَيّ أَن أزَوجك مِنْهُ فَأرْسلت أم حَبِيبَة إِلَى خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ فَوَكَّلَتْهُ وأعطت جَارِيَة أَبْرَهَة سِوَارَيْنِ وخواتم من فضَّة سُرُورًا بِمَا بَشرَتهَا بِهِ فَلَمَّا كَانَ العشى أَمر النَّجَاشِيّ جَعْفَر بن أبي طَالب وَمن هُنَاكَ من الْمُسلمين فَحَضَرُوا فَخَطب النَّجَاشِيّ فَقَالَ الْحَمد لله الْملك القدوس السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أرْسلهُ بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ أما بعد فقد أجبْت مَا دَعَا إِلَيْهِ رَسُول الله

وَقد أَصدقتهَا أَرْبَعمِائَة دِينَار ذَهَبا ثمَّ سكب الدَّنَانِير بَين يَدي الْقَوْم فَتكلم خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ فَقَالَ الْحَمد لله أَحْمَده واستعينه وأسنفره وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أرْسلهُ بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ أما بعد فقد أجبْت إِلَى مَا دَعَا بِهِ رَسُول الله

وَزَوجته أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان فَبَارك الله لرَسُول الله

وَدفعت الدَّنَانِير إِلَى خَالِد فقبضها ثمَّ أَرَادوا أَن يقومُوا فَقَالَ النَّجَاشِيّ اجلسوا فَإِن سنة الْأَنْبِيَاء إِذا تزوجوا أَن يُؤْكَل طَعَام على التَّزْوِيج فَدَعَا بِطَعَام فَأَكَلُوا ثمَّ تفَرقُوا وَكَانَ ذَلِك فِي الْمحرم سنة سبع على مَا قَالَه الشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَقد قيل إِن عقد النِّكَاح عَلَيْهَا بِالْمَدِينَةِ بعد رُجُوعهَا من الْحَبَشَة وَالْمَشْهُور الأول وَكَانَ أَبوهَا أَبُو سُفْيَان حَال نكاحكها بِمَكَّة مُشْركًا مُحَاربًا لرَسُول الله

فَقَالَ لما بلغه تزَوجه

بهَا مثل ذَلِك الْفَحْل لَا يقرع أَنفه توفيت سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأما أم الْمُؤمنِينَ صَفِيَّة بنت حييّ بن أَخطب بن سعية بِفَتْح السِّين وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وبالمثناة تَحت ابْن ثَعْلَبَة بن عبيد من بني إِسْرَائِيل من سبط هَارُون بن عمرَان عليه الصلاة والسلام وَأمّهَا ضرَّة بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء ابْنة السموأل فَكَانَت تَحت كنَانَة بن أبي الْحقيق بِضَم الْحَاء وَفتح الْقَاف وَسُكُون

ص: 468

الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة فَقتل يَوْم خَيْبَر فِي الْمحرم سنة سبع من الْهِجْرَة قَالَ أنس لما افْتتح رَسُول الله

خَيْبَر وَجمع السَّبي جَاءَهُ دحْيَة بن خَليفَة الْكَلْبِيّ فَقَالَ يَا رَسُول الله أَعْطِنِي جَارِيَة فَقَالَ اذْهَبْ فَخذ جَارِيَة فَأخذ صَفِيَّة بنت حييّ فجَاء رجل إِلَى رَسُول الله

فَقَالَ يَا رَسُول الله أَعْطَيْت دحْيَة صَفِيَّة بنت حييّ سيدة قريظ وَالنضير مَا تصلح إِلَّا لَك قَالَ ادعوهُ بهَا فجَاء بهَا فَلَمَّا نظر إِلَيْهَا النَّبِي

قَالَ خُذ جَارِيَة من السَّبي غَيرهَا قَالَ فَأعْتقهَا وَتَزَوجهَا فَقَالَ لَهُ ثَابت يَا أَبَا حَمْزَة يَعْنِي أنس بن مَالك فَإِنَّهُ كَانَ يكنى بِأبي حَمْزَة وَهُوَ الرَّاوِي مَا أصدقهَا قَالَ نَفسهَا أعْتقهَا واتزوجها ثمَّ نَادَى من كَانَ عِنْده شَيْء فليجىء بِهِ قَالَ فَبسط نطعاً فَجعل الرجل يَجِيء بالأقط وَجعل الرجل يَجِيء بِالتَّمْرِ وَجعل الرجي يَجِيء بالسمن فحاسوا حَيْسًا فَكَانَت وَلِيمَة رَسُول الله

وَفِي رِوَايَة فَقَالَ النَّاس لَا نَدْرِي أَتَزَوَّجهَا أم اتخذها أم ولد قَالُوا إِن حجبها فَهِيَ امْرَأَة وَإِن لم يحجبها فَهِيَ أم ولد فَلَمَّا أَرَادَ أَن يركب حجبها ورجعنا إِلَى الْمَدِينَة فرأيته عليه الصلاة والسلام يحوي لَهَا وَرَاءه بعباءة ثمَّ يجلس عِنْد بَعِيرهَا فَيَضَع ركبته وتضع صَفِيَّة رجله على ركبته حَتَّى تركب ثمَّ انْطَلَقت حَتَّى إِذا رَأينَا جدر الْمَدِينَة هششنا إِلَيْهِ فرفعنا مطايانا وَرفع رَسُول الله

مطيته قَالَ وَصفِيَّة خَلفه قد أردفها قَالَ فَعَثَرَتْ مَطِيَّة رَسُول الله

فصرع وصرعت قَالَ فَلَيْسَ أحد من النَّاس ينظر إِلَيْهِ وإليها حَتَّى قَامَ رَسُول الله

فسترها قَالَ فَدَخَلْنَا الْمَدِينَة فخرجن جواري نِسَائِهِ يتراءينها ويشمتن بصرعتها رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَهَذَا لفظ مُسلم وروى جَابر أَنه

أَتَى بصفية يَوْم خَيْبَر وَأَنه قتل أَبَاهَا وأخاها وَأَن بِلَالًا مر بهما بَين المقتولين وانه

خَيرهَا بَين أَن يعتقها فترجع إِلَى من بَقِي من أَهلهَا أَو تسلم فيتخذها لنَفسِهِ فَقَالَت أَنا أخْتَار الله وَرَسُوله أخرجه فِي الصفوة وَأخرج تَمام فِي فَوَائده من حَدِيث أنس أَن رَسُول الله

قَالَ لَهَا هَل لَك فيّ

ص: 469

قَالَت يَا رَسُول الله لقد كنت أَتَمَنَّى ذَلِك فِي الشّرك فَكيف إِذا أمكنني الله مِنْهُ فِي الْإِسْلَام وَأخرج أَبُو نعيم من حَدِيث ابْن عمر رأى رَسُول الله

بِعَين صَفِيَّة خضرَة فَقَالَ مَا هَذِه الخضرة فَقَالَت كَانَ رَأْسِي فِي حجر أبي الْحقيق وَأَنا نَائِمَة فَرَأَيْت قمراً وَقع فِي حجري فَأَخْبَرته بذلك فلطمني وَقَالَ تمنين ملك يثرب وَبنى بهَا

لما بلغ سد الصَّهْبَاء فَصنعَ حَيْسًا فِي نطع قَالَ أنس وَأَمرَنِي فدعوت لَهُ من حوله فَكَانَت تِلْكَ وَلِيمَة رَسُول الله

وروى عَن صَفِيَّة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت دخل عَليّ رَسُول الله

وَأَنا أبْكِي فَقَالَ يَا ابْنة حييّ مَا يبكيك قَالَت بَلغنِي أَن حَفْصَة وَعَائِشَة ينالان مني ويقولان إِنَّا نَحن خير مِنْهَا نَحن بَنَات عَم رَسُول الله

وأزواجه قَالَ أَلا قلت لَهُنَّ كَيفَ تكن خيرا مني وَأبي هَارُون وَعمي مُوسَى وَزَوْجي مُحَمَّد

ص: 468

وروى أَبُو يعلى بأسانيد رجال الصَّحِيح عَن صَفِيَّة رضي الله عنها قَالَت انْتَهَيْت إِلَى رَسُول الله

وَمَا من النَّاس أحد أكره إِلَيّ مِنْهُ قتل أبي وَزَوْجي فَمَا زَالَ يعْتَذر إِلَيّ وَيَقُول يَا صَفِيَّة إِن أَبَاك ألب عَليّ الْعَرَب وَفعل وَفعل حَتَّى ذهب ذَلِك من نَفسِي فَمَا قُمْت من مقعدي وَمن النَّاس أحد أحب إِلَيّ مِنْهُ قلت حَدِيث أبي يعلى هَذَا يشكل على الحَدِيث الَّذِي أخرجه تَمام إِذْ صَرِيح حَدِيثه تمنيها النَّبِي

لمحبتها إِيَّاه وَمَفْهُوم هَذَا صَرِيح الْكَرَاهَة وتبيين سَببهَا وَالله أعلم فَلْينْظر وَجه التَّوْفِيق بَينهمَا وَفِي رِوَايَة عَنْهَا قَالَت مَا رَأَتْ أحسن خلقا من رَسُول الله

رَأَيْته ركب بِي من خَيْبَر على عجز نَاقَته لَيْلًا فَجعلت أنعس فَضرب رَأْسِي مؤخرة الرحل فَيَقُول يَا هَذِه مهلا يَا بنت حييّ حَتَّى إِذا جَاءَ سد الصَّهْبَاء قَالَ أما إِنِّي أعْتَذر يَا صَفِيَّة مِمَّا صنعت بقومك إِنَّهُم قَالُوا لي كَذَا وَكَذَا وروى أَبُو عمر الملا فِي سيرته عَنْهَا قَالَت حج رَسُول الله

بنسائه فَلَمَّا كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق برك جملي وَكنت من أحسنهن ظهرا فَبَكَيْت فجَاء عليه الصلاة والسلام فَجعل يمسح دموعي بردائه وَبِيَدِهِ وَجعلت لَا أزداد إِلَّا بكاء وَهُوَ

ينهاني فَلَمَّا أكثرت زبرني

ص: 469

وروى أَبُو عمر أَن جَارِيَة لصفية قَالَت لعمر بن الْخطاب رضي الله عنه إِن صَفِيَّة تحب السبت وَتصل الْيَهُود فَبعث إِلَيْهَا عمر فَسَأَلَهَا فَقَالَت أما السبت فَإِنِّي لَا أحبه مُنْذُ أبدلني الله يَوْم الْجُمُعَة وَأما الْيَهُود فَإِن لي فيهم رحما فَأَنا أَصْلهَا ثمَّ قَالَت لِلْجَارِيَةِ مَا حملك على مَا صنعت قَالَت الشَّيْطَان قَالَت اذهبي فَأَنت حرَّة توفيت رضي الله عنها فِي رَمَضَان سنة خمس وَخمسين وَقيل سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين ودفنت بِالبَقِيعِ مَعَ صواحباتها من ازواج النَّبِي

قَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة بَلغنِي أَنَّهَا مَاتَت زمن مُعَاوِيَة وورثت مائَة ألف دِرْهَم بِقِيمَة أَرض وَعرض وأوصت لِابْنِ أَخِيهَا بِالثُّلثِ وَكَانَ يَهُودِيّا وَأما أم الْمُؤمنِينَ مَيْمُونَة بنت الْحَارِث الْهِلَالِيَّة وَأمّهَا هِنْد بنت عَوْف بن زُهَيْر بن الْحَارِث من ولد حماطة بن حمير فَتَزَوجهَا عليه الصلاة والسلام لما كَانَ بِمَكَّة مُعْتَمِرًا سنة سبع بعد غَزْوَة خَيْبَر وَكَانَت أُخْتهَا الثَّانِيَة أم الْفضل لبَابَة الْكُبْرَى بنت الْحَارِث تَحت الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَأُخْتهَا لأمها الثَّالِثَة أَسمَاء بنت عُمَيْس تَحت جَعْفَر وسلمى أُخْتهَا الرَّابِعَة بنت عُمَيْس تَحت حَمْزَة وَكَانَت جعلت أمرهَا إِلَى الْعَبَّاس زوج أُخْتهَا فَأَنْكحهَا النَّبِي

وَهُوَ محرم فَلَمَّا رَجَعَ بنى بهَا بسرف حَلَالا ذكرهَا أَبُو عمر وَفِي الصَّحِيح من أَفْرَاد مُسلم عَنْهَا أَنه عليه الصلاة والسلام تزَوجهَا وَهُوَ

ص: 470

حَلَال زَاد البرقاني بعد قَوْله تزَوجهَا وَبنى بهَا حَلَالا فَيحمل قَوْله وَهُوَ محرم على أَنه دَاخل فِي الْحرم وَيكون العقد وَقع بعد انْقِضَاء الْعمرَة ثمَّ خرج مِنْهُ إِلَى سرف وابتنى فِيهِ وَهُوَ على عشرَة أَمْيَال من مَكَّة قلت وَهُوَ مَحل على يَمِين الدَّاخِل إِلَى مَكَّة كَانَ داثراً فعمره الشَّيْخ الْعَلامَة المرحوم مُحَمَّد بن سُلَيْمَان المغربي فِيمَا عمر من المآثر رَحمَه الله تَعَالَى كَانَت مَيْمُونَة قبله عليه الصلاة والسلام تَحت أبي رهم بن عبد الْعُزَّى وَقيل بل تَحت أَخِيه عبد الله وَقيل بل تَحت حويطب بن عبد الْعُزَّى وَيُقَال إِنَّهَا وهبت نَفسهَا للنَّبِي

وَذَلِكَ أَن خطبَته عليه الصلاة والسلام جاءتها وَهِي على بَعِيرهَا فَقَالَت الْبَعِير وَمَا عَلَيْهِ لله وَلِرَسُولِهِ وَقيل الواهبة نَفسهَا غَيرهَا وَكَانَ اسْمهَا برة فسماها النَّبِي

مَيْمُونَة وَهِي خَالَة ابْن عَبَّاس وخَالِد بن الْوَلِيد وَأَخَوَاتهَا أم الْفضل لبَابَة الْكُبْرَى بنت الْحَارِث زوج الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أم ابْن عَبَّاس ولبابة الصُّغْرَى بنت الْحَارِث كَانَت تَحت أبي بن خلف الجُمَحِي

ص: 471

فَولدت لَهُ عليا بِي أبي وَعزة بنت الْحَارِث كَانَت تَحت زِيَاد بن عبد الله بن مَالك الْهِلَالِي فَهَؤُلَاءِ إخوتها لأَبِيهَا وَأمّهَا وَلها أَخَوَات من أمهَا الأولى أَسمَاء بنت عُمَيْس كَانَت تَحت جَعْفَر بن أبي طَالب فَولدت لَهُ عبد الله ومحمداً وعوناً ثمَّ لما قتل فِي غَزْوَة مُؤْتَة اسْم لمَكَان خلف عَلَيْهَا أَبُو بكر الصّديق رضي الله عنه فَولدت لَهُ مُحَمَّد بن أبي بكر ثمَّ خلف عَلَيْهَا عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه فَولدت لَهُ يحيى الثَّانِيَة سلمى بنت عُمَيْس وَكَانَت تَحت حَمْزَة بن عبد الْمطلب فَولدت لَهُ أمة الله بنت حَمْزَة وَقيل أُمَامَة بنت حَمْزَة ثمَّ خلف عَلَيْهَا شَدَّاد بن أُسَامَة بن الْهَادِي اللَّيْثِيّ فَولدت لَهُ عبد الله وَعبد الرَّحْمَن الثَّالِثَة سَلامَة بنت عُمَيْس كَانَت تَحت عبد الله بن كَعْب ابْن مُنَبّه الْخَثْعَمِي الرَّابِعَة زَيْنَب بنت خُزَيْمَة كَانَت تَحت عبد الله بن جحش فَقتل عَنْهَا يَوْم أحد فَتَزَوجهَا النَّبِي

وَهِي الْمُسَمَّاة أم الْمَسَاكِين كَمَا تقدم ذكر ذَلِك فِي ترجمتها وَكَانَ يُقَال أكْرم أَصْهَار عَجُوز فِي الأَرْض هِنْد بنت عَوْف بن زُهَيْر بن الْحَارِث أم مَيْمُونَة الْمَذْكُورَة وَأم أخواتها أصهارها الْعَبَّاس وَحَمْزَة ابْنا عبد الْمطلب الأول على لبَابَة الْكُبْرَى بنت الْحَارِث مِنْهَا وَالثَّانِي على سلمى بنت عُمَيْس مِنْهَا وجعفر وَعلي ابْنا أبي طَالب وَكِلَاهُمَا على أَسمَاء بنت عُمَيْس الأول قبل أبي بكر وَالثَّانِي بعد أبي بكر وَشَدَّاد بن أُسَامَة بن الْهَادِي اللَّيْثِيّ على سلمى بنت عُمَيْس مِنْهَا بعد وَفَاة حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَرَسُول الله

على بنتهَا زَيْنَب بنت خُزَيْمَة كَذَا فِي السمط الثمين فِي مَنَاقِب أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ بِتَصَرُّف حسن يسير زوج النَّبِي

مَيْمُونَة عَمه الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب كَمَا تقدم ذكره وَأصْدقهَا عَنهُ أَرْبَعمِائَة دِرْهَم قَالَ ابْن إِسْحَاق كَانَ صدَاق نِسَائِهِ عليه الصلاة والسلام أَرْبَعمِائَة دِرْهَم وروى مُسلم عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ صدَاق رَسُول الله

لأكْثر نِسَائِهِ اثنى عشر أُوقِيَّة ونشاً قَالَت أَتَدْرِي مَا النش قلت لَا قَالَت نصف اوقية فَلذَلِك خَمْسمِائَة دِرْهَم فَذَلِك صدَاق رَسُول الله

قَالَ فِي تَارِيخ

ص: 472

الْخَمِيس وَهَذَا أولى بِالصِّحَّةِ لِأَنَّهُ مُتَّفق على صِحَّته وَلِأَن روايه مَعَه زِيَادَة علم كَذَا فِي السمط الثمين وروى ابْن أبي خَيْثَمَة أَن رَسُول الله

تزوج مَيْمُونَة بنت الْحَارِث فِي عمْرَة الْقَضَاء وَأقَام بِمَكَّة ثَلَاثًا وَكَانَ قد شرطت عَلَيْهِ قُرَيْش حِين صدوه أَن يَأْتِي مُعْتَمِرًا فِي الْعَام الْقَابِل السيوف فِي الْقرب وَألا يعْتَمر غير ثَلَاث فَلَمَّا جَاءَ خطب مَيْمُونَة وَأقَام بِمَكَّة ثَلَاثَة وَأَتَاهُ حويطب بن عبد الْعُزَّى فِي نفر من قُرَيْش فِي الْيَوْم الثَّالِث فَقَالُوا إِنَّه قد انْقَضى أَجلك فَاخْرُج عَنَّا فَقَالَ عليه الصلاة والسلام لَو تركتموني فأعرست بَين أظْهركُم فصنعت لكم طَعَاما فحضرتموه فَقَالُوا لَا حَاجَة لنا بطعامك فَاخْرُج فَخرج بميمونة بنت الْحَارِث حَتَّى أعرس بهَا بسرف مَاتَت رضي الله عنها بسرف أَيْضا وَهُوَ الْموضع الَّذِي بنى بهَا رَسُول الله

فِيهِ ودفنت فِي مَوضِع قبتها الَّتِي ضرب لَهَا رَسُول الله

حِين الْبناء بهَا وَذَلِكَ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وروى الطَّبَرَانِيّ بِرِجَال ثِقَات عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ مَاتَت مَيْمُونَة بنت الْحَارِث زوج النَّبِي

عَام الْحرَّة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهَا ابْن عَبَّاس وَدخل فِي قبرها رضي الله عنهما وعنهن أَجْمَعِينَ فَهَؤُلَاءِ أَزوَاجه اللَّاتِي دخل بِهن لَا خلاف فِي ذَلِك بَين أهل السّير وَالْعلم بالأثر وَمَاتَتْ خَدِيجَة وَزَيْنَب بنت خُزَيْمَة مِنْهُنَّ فِي حَيَاته عليه الصلاة والسلام وَتوفى عَن التسع الْبَوَاقِي بِلَا خلاف وَعَن أم ولد هِيَ مَارِيَة بنت شَمْعُون الْقبْطِيَّة أم ابْنه إِبْرَاهِيم وَقد ذكر أَنه عليه الصلاة والسلام عقد على نسْوَة لم يدْخل بِهن وخطب نسْوَة وَلم يعْقد عَلَيْهِنَّ أما اللَّاتِي عقد عَلَيْهِنَّ وَلم يدْخل بِهن فَذكر فِي تَارِيخ الْخَمِيس والمواهب وذخائر القعبى أَن عدتهن اثْنَتَا عشرَة امْرَأَة الأولى الواهبة نَفسهَا لَهُ

وَاخْتلف من هِيَ فَقيل هِيَ أم شريك القرشية العامرية اسْمهَا غزيَّة بِضَم الْغَيْن وَفتح الزَّاي وَشد الْيَاء بنت دودان وَقيل بنت جَابر بن عون وَكَانَ ذَلِك بِمَكَّة وَكَانَت قبله عليه الصلاة والسلام تَحت أبي

ص: 473

الْعَسْكَر بن تَمِيم بن الْحَارِث الْأَزْدِيّ فَولدت لَهُ شَرِيكا وَذكر ابْن قُتَيْبَة فِي المعارف عَن أبي الْيَقظَان أَن الواهبة نَفسهَا خَوْلَة بنت حَكِيم السّلمِيّ وَيجوز أَن تَكُونَا وهبتا نفسيهما من غير تضَاد وَعَن عُرْوَة بن الزبير قَالَ كَانَت خَوْلَة بنت حَكِيم من اللائي وهبْنَ أَنْفسهنَّ للنَّبِي

فَقَالَت عَائِشَة أما تَسْتَحي الْمَرْأَة أَن تهب نَفسهَا للرجل فَلَمَّا نزلت {تُرْجِى مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وتؤي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ} الْأَحْزَاب 51 قَالَت عَائِشَة يَا رَسُول الله مَا أرى رَبك إِلَّا يُسَارع فِي هَوَاك رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَهَذِه خَوْلَة هِيَ زوج عُثْمَان بن مَظْعُون وَيجوز أَن يكون ذَلِك مِنْهَا قبل عُثْمَان وَلذَلِك قَالَ الفضائلي فَلَمَّا أرجأها تزَوجهَا عُثْمَان وَيجوز أَن يكون ذَلِك وَقع مِنْهُمَا بعد وَفَاته وَفِي الْكَشَّاف وَغَيره من التفاسير وَاخْتلف فِي أَنه هَل اتّفق أَن تهب امْرَأَة نَفسهَا للنَّبِي

وَلم تطلب مهْرا أم لَا فَعَن ابْن عَبَّاس لم يكن عِنْده أحد مِنْهُنَّ وَآيَة {وَامْرَأَةً مُؤمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيّ} الْأَحْزَاب 50 بَيَان حكم فِي الْمُسْتَقْبل وَالْقَائِل بِاتِّفَاق ذَلِك ذكر أَرْبعا مَيْمُونَة بنت الْحَارِث الْهِلَالِيَّة وَزَيْنَب بنت خُزَيْمَة بن الْحَارِث الْهِلَالِيَّة وَأم شريك الْمَذْكُورَة وَخَوْلَة بنت حَكِيم الثَّانِيَة خَوْلَة بنت الْهُذيْل بن هُبَيْرَة تزَوجهَا عليه الصلاة والسلام فِيمَا ذكره الْجِرْجَانِيّ فِي نِسَائِهِ وَهَلَكت فِي الطَّرِيق قبل وصولها إِلَيْهِ ذكره أَبُو عَمْرو وَأَبُو سعيد الثَّالِثَة عمْرَة بنت يزِيد بن الجون الْكلابِيَّة تزَوجهَا رَسُول الله

يَعْنِي عقد بهَا إِذْ الْبَاب مَعْقُود لمن عقد عَلَيْهَا وَلم يدْخل وَهُوَ معنى التَّزَوُّج فِي جَمِيع هَذَا الْبَاب فتعوذت مِنْهُ فَقَالَ لَهَا لقد عذت بمعاذ فَطلقهَا وَأمر أُسَامَة بن زيد فمتعها ثَلَاثَة أَبْوَاب وَقَالَ أَبُو عمر هَكَذَا روى عَن عَائِشَة وَقَالَ قَتَادَة كَانَ

ص: 474

ذَلِك فِي امْرَأَة من سليم وَقَالَ أَبُو عبيد إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي امْرَأَة يُقَال لَهَا أَسمَاء بنت النُّعْمَان بن الجون وَيُقَال فِي عمْرَة هَذِه أَن أَبَاهَا وصفهَا للنَّبِي

إِلَى أَن قَالَ فِي وصفهَا وَأَزِيدك أَنَّهَا لم تمرض قطّ فَقَالَ رَسُول الله

مَا لهَذِهِ عِنْد الله من خير ثمَّ طَلقهَا الرَّابِعَة بنت النُّعْمَان بن الجون بِفَتْح الْجِيم بن شرَاحِيل أَجمعُوا على أَن رَسُول الله

تزَوجهَا وَاخْتلفُوا فِي سَبَب فِرَاقه لَهَا فَقَالَ قَتَادَة وَأَبُو عُبَيْدَة سَببه أَنه لما دَعَاهَا قَالَت لَهُ أَنْت تعال وأبت أَن تجيبه وَقيل قَالَت أعوذ بِاللَّه مِنْك فَقَالَ

لقد عذت بمعاذ وَقد أَعَاذَك الله مني وَفِي رِوَايَة قد أعذتك الحقي بأهلك قيل إِن نِسَاءَهُ

علمنَا ذَلِك فَإِنَّهَا كَانَت من أجمل النِّسَاء فخفن أَن تغلبهن عَلَيْهِ فَقُلْنَ لَهَا إِنَّه يحب إِذا دنا مِنْك أَن تقولي لَهُ أعوذ بِاللَّه مِنْك وَقيل قُلْنَ لَهَا إِذا أردْت أَن تحظي عِنْده تعوذي بِاللَّه مِنْهُ فَلَمَّا دنا مِنْهَا قَالَت ذَلِك فَقَالَ لَهَا مَا قَالَ فَطلقهَا ثمَّ سرحها إِلَى أَهلهَا فَكَانَت تسمي نَفسهَا الشقية فخلف عَلَيْهَا المُهَاجر بن أبي أُميَّة المَخْزُومِي فَأَرَادَ عمر أَن يحده فَقَالَت لم يدْخل بِي وأقامت الْبَيِّنَة على ذَلِك وَقيل المتعوذة غَيرهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَيجوز أَن تَكُونَا تعوذتا وَقَالَ آخَرُونَ وجد بهَا وضحاً فَقَالَ الحقي بأهلك وَقيل فِي اسْمهَا أُمَيْمَة وَقيل أُمَامَة الْخَامِسَة مليكَة بنت كَعْب الليثية وَقَالَ بَعضهم هِيَ المستعيذة وَقيل دخل بهَا وَالْأول أصح أَي إِنَّه لم يدْخل بهَا وَمِنْهُم من يُنكر تَزْوِيجهَا مِنْهُ أصلا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام

ص: 475

السَّادِسَة فَاطِمَة بنت الضَّحَّاك بن سُفْيَان الْكلابِي تزوج بهَا بعد وَفَاة ابْنَته زَيْنَب وَخَيرهَا حِين نزلت آيَة التَّخْيِير فَاخْتَارَتْ الدُّنْيَا ففارقها فَكَانَت بعد ذَلِك تلْتَقط البعر وَتقول أَنا الشقية اخْتَرْت الدُّنْيَا هَكَذَا رَوَاهُ ابْن إِسْحَاق لَكِن قَالَ أَبُو عمر هَذَا عندنَا غير صَحِيح لِأَن ابْن شهَاب يروي عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنه

حِين خير أَزوَاجه بَدَأَ بهَا فَاخْتَارَتْ الله وَرَسُوله وتابع أَزوَاج النَّبِي

على ذَلِك وَقَالَ قَتَادَة وَعِكْرِمَة كَانَ عِنْده

عِنْد التَّخْيِير تسع نسْوَة وَهن اللَّاتِي توفى عَنْهُن وَقيل إِنَّه عليه الصلاة والسلام تزَوجهَا سنة ثَمَان وَقيل إِن أَبَاهَا قَالَ إِنَّهَا لم تصدع قطّ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام لَا حَاجَة لي بهَا قلت وَقد تقدم نَظِير هَذَا القَوْل فِي شَأْن الْمَرْأَة الثَّالِثَة من هَذَا الصِّنْف وَهِي عمْرَة بنت يزِيد فَلَعَلَّ الْأَصَح الأولى أَو التالية أَو كلتاهما السَّابِعَة الْعَالِيَة بِعَين مُهْملَة بنت ظبْيَان بِظَاء مشالة فموحدة فتحتية ابْن عَمْرو بن عَوْف تزَوجهَا عليه الصلاة والسلام وَكَانَت عِنْده مَا شَاءَ الله ثمَّ طَلقهَا وَقل من ذكرهَا قَالَ أَبُو عمر وَمُقْتَضى ذَلِك أَن تكون مِمَّن دخل بِهن وَقَالَ أَبُو سعد طَلقهَا حِين دخلت عَلَيْهِ

وروى أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي أُمَامَة بن حنيف فَذكر حَدِيثا طَويلا وَفِيه طلق رَسُول الله

الْعَالِيَة بنت ظبْيَان وَفَارق أُخْت بني عَمْرو بن الجون الكندية من أجل بَيَاض كَانَ بهما قَالَ الزُّهْرِيّ وبلغنا أَنَّهَا تزوجت قبل أَن يحرم على النَّاس نِكَاح أَزوَاجه عليه الصلاة والسلام ونكحت ابْن عَم لَهَا من قَومهَا وَولدت فيهم الثَّامِنَة قتيلة بِضَم الْقَاف وَفتح الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة وَسُكُون الْيَاء التَّحْتِيَّة بنت

ص: 476

قيس أُخْت الْأَشْعَث بن قيس الْكِنْدِيّ زَوجهَا مِنْهُ أَخُوهَا فِي سنة عشرَة من الْهِجْرَة ثمَّ انْصَرف إِلَى حَضرمَوْت فحملها فَقبض عليه الصلاة والسلام سنة إِحْدَى عشرَة قبل وصولها إِلَيْهِ وَقيل تزَوجهَا قبل وَفَاته بشهرين وَقَالَ قَائِلُونَ إِن رَسُول الله

أوصى بِأَن تخير فَإِن شَاءَت ضرب عَلَيْهَا الْحجاب وَكَانَت من أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَإِن شَاءَت الْفِرَاق فلتنكح من شَاءَت فَاخْتَارَتْ النِّكَاح فَتَزَوجهَا عِكْرِمَة ابْن أبي لَهب بحضرموت فَبلغ ذَلِك أَبَا بكر فَقَالَ هَمَمْت أَن أحرق عَلَيْهَا بيتهافقال لَهُ عمر رضي الله عنه مَا هِيَ من أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ مَا دخل عَلَيْهَا

وَلَا ضرب عَلَيْهَا الْحجاب وَقَالَ بَعضهم لم يوص فِيهَا عليه الصلاة والسلام بِشَيْء وَلكنهَا ارْتَدَّت حِين ارْتَدَّ أَخُوهَا الْأَشْعَث بن قيس وَبِذَلِك احْتج عمر على أبي بكر رضي الله عنهما بِأَنَّهَا لَيست من أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ بارتدادها لَا بِسَبَب عدم دُخُوله عليه الصلاة والسلام التَّاسِعَة سبأ بنت أبي الصَّلْت السلمِيَّة تزَوجهَا عليه الصلاة والسلام وَمَات قبل أَن يدْخل بهَا وَقَالَ ابْن إِسْحَاق طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا الْعَاشِرَة شراف بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء وبالفاء بنت خَليفَة الْكَلْبِيَّة أُخْت دحْيَة بن خَليفَة الْكَلْبِيّ تزَوجهَا

فَمَاتَتْ قبل دُخُوله عليه الصلاة والسلام بهَا الْحَادِيَة عشرَة ليلى بنت الخطيم بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الطَّاء ابْن عدي ابْن عَمْرو بن سوار بن ظفر بالظاء المشالة وَالْفَاء الْأَنْصَارِيَّة أُخْت قيس بن

ص: 477

الخطيم روى ابْن أبي خَيْثَمَة وَأَبُو سعد من طَرِيق هِشَام بن مُحَمَّد بن السَّائِب عَن أَبِيه عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ أَقبلت ليلى بنت الخطيم إِلَى رَسُول الله

وَهُوَ مول ظَهره إِلَى الشَّمْس فَضربت على مَنْكِبَيْه فَقَالَ من هَذَا أكله الْأسود وَكَانَ كثيرا مَا يَقُولهَا فَقَالَت أَنا بنت مطعم الطير ومباري الرّيح أَنا ليلى بنت الخطيم جِئْت لأعرض عَلَيْك نَفسِي فتزوجني قَالَ قد فعلت فَرَجَعت إِلَى قَومهَا فَقَالَت قد تزَوجنِي رَسُول الله

فَقَالُوا بئْسَمَا فعلت أَنْت امْرَأَة غيرى وَالنَّبِيّ

صَاحب نسَاء تَغَايَرْنَ عَلَيْهِ فيدعو الله عَلَيْك فاستقيليه نَفسك فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله

فَقَالَت يَا رَسُول الله أَقلنِي قَالَ قد أقلتك فَتَزَوجهَا مَسْعُود بن أَوْس بن سَواد بن ظفر فَولدت لَهُ فَبَيْنَمَا هِيَ فِي حَائِط من حيطان الْمَدِينَة تَغْتَسِل إِذْ وثب عَلَيْهَا الذِّئْب لقَوْل رَسُول الله

أكله الْأسود فَأكل بَعْضهَا فأدركت فَمَاتَتْ الثَّانِيَة عشرَة امْرَأَة من غفار تزَوجهَا رَسُول الله

فَأمرهَا فنزعت ثِيَابهَا فَرَأى بكشحها بَيَاضًا فَقَالَ الحقي بأهلك وَلم يَأْخُذ مِمَّا آتاها شَيْئا أخرجه الإِمَام أَحْمد وروى ابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة أَنَّهَا لما دخلت عَلَيْهِ وجردها رأى بهَا وضحاً فَردهَا وَأوجب لَهَا الْمهْر وَحرمت على من بعده

ص: 478

قلت زَاد الْعَلامَة مُحَمَّد الشَّامي فِي عدتهن فَذكر أَنَّهُنَّ سِتّ وَعِشْرُونَ فَذكر الاثنتي عشرَة الْمَذْكُورَة ثمَّ زَاد فَذكر أم حرَام كَذَا فِي حَدِيث سهل بن حنيف رضي الله عنه عِنْد الطَّبَرَانِيّ وَذكر سلمى بنت نجدة بالنُّون وَالْجِيم كَمَا فِي الْإِشَارَة وَالزهْرِيّ بِخَط مغلطاي وَقَالَ فِي المورد بنت بحيرة بن الْحَارِث الليثية وَنقل عَن ابيس سعد عبد الْملك النَّيْسَابُورِي فِي كتاب شرف الْمُصْطَفى أَنه قَالَ إِن رَسُول الله

نَكَحَهَا فتوفى عَنْهَا وأبت أَن تتَزَوَّج بعده وَذكر سبأ بنت سُفْيَان بن عَوْف بن كَعْب بن أبي بكر بن كلاب فَقَالَ ذكرهَا ابْن سعد عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَهِي بِالْمُوَحَّدَةِ بعد السِّين الْمُهْملَة وَذكر سناء بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة بنت أَسمَاء بن الصَّلْت بن حبيب بن جَابر بن حَارِثَة بن هِلَال بن حرَام بن سماك بن عَوْف بن امْرِئ الْقَيْس من بني حرَام بن

ص: 479

سليم السلمِيَّة ذكرهَا أَبُو جَيِّدَة فِيمَا رَوَاهُ ابْن أبي خَيْثَمَة عَنهُ وَابْن حبيب فِيمَن تزَوجهَا رَسُول الله

وَطَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا وَحكى الوشاطي عَن بَعضهم أَن سَبَب مَوتهَا أَنه لما بلغَهَا إِن رَسُول الله

تزَوجهَا سرت بذلك حَتَّى مَاتَت من الْفَرح ثمَّ ذكر الشَّاة بنت رِفَاعَة ثمَّ ذكر الشنباء بشين مُعْجمَة فنون فموحدة بنت عمر الْغِفَارِيّ روى ابْن عَسَاكِر من طَرِيق سيف بن عمر التَّمِيمِي والمتفضل بن غَسَّان القلابي فِي تَارِيخه من طَرِيق عُثْمَان ابْن مقسم عَن قَتَادَة لما دخلت عَلَيْهِ عليه الصلاة والسلام لم تكن إِلَّا مُدَّة يسيرَة وَمَات إِبْرَاهِيم ابْن رَسُول الله

على بَقِيَّة من ذَلِك فَقَالَت لَو كَانَ نَبيا لما مَاتَ أحب النَّاس إِلَيْهِ وأعزهم عَلَيْهِ فَطلقهَا وَأوجب لَهَا الْمهْر وَحرمت على الْأزْوَاج ذكر هَذَا ابْن رشد فِي السِّيرَة النَّبَوِيَّة ثمَّ ذكر ليلى بنت حَكِيم الْأَنْصَارِيَّة الأوسية ثمَّ ذكر مليكَة بنت كَعْب الكنانية روى ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن عمر وَعَن أبي معشر أَن النَّبِي

تزَوجهَا وَكَانَت تذكر بِجَمَال بارع فَدخلت عَلَيْهَا عَائِشَة فَقَالَت لَهَا أما تستحين أَن تنكحي قَاتل أَبِيك وَكَانَ أَبوهَا قتل يَوْم فتح مَكَّة قَتله خَالِد بن الْوَلِيد فاستعاذت من رَسُول الله

فَطلقهَا فجَاء قَومهَا فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّهَا صَغِيرَة وَإِنَّهَا لَا رَأْي لَهَا وَإِنَّهَا خدعت فارتجعتها فَأبى رَسُول الله

فاستأذنوه أَن يزوجوها قَرِيبا لَهَا من بني عذرة فَأذن لَهُم قَالَ مُحَمَّد بن عمر وأصحابنا يُنكرُونَ ذَلِك وَيَقُولُونَ لم

ص: 480

يتَزَوَّج رَسُول الله

كنانية قطّ ثمَّ ذكر آخِرهنَّ هِنْد بنت يزِيد الْمَعْرُوفَة بابنة البرصاء سَمَّاهَا أَبُو عيبدة معمر ابْن الْمثنى فِي أَزوَاجه عليه الصلاة والسلام وَقَالَ أَحْمد بن صَالح هِيَ عمْرَة بنت يزِيد الْمُتَقَدّمَة تَنْبِيه قد تقدم أَن المُرَاد بِعَدَمِ الدُّخُول عَلَيْهَا الْوَطْء فَإِن من هَؤُلَاءِ من مَاتَ قبل الدُّخُول وَهِي أُخْت دحْيَة بن خَليفَة الْكَلْبِيّ بِاتِّفَاق وَاخْتلف فِي مليكَة وسناء أماتتا أَو طلقهما مَعَ الِاتِّفَاق على عدم الدُّخُول بهما وَفَارق عليه الصلاة والسلام بعد الدُّخُول بالِاتِّفَاقِ بنت الضَّحَّاك وَبنت ظبْيَان وَقَبله بِاتِّفَاق عمْرَة وَأَسْمَاء والغفارية وَاخْتلف فِي أم شريك هَل دخل بهَا مَعَ الِاتِّفَاق على الْفرْقَة والمستقيلة الَّتِي جهل حَالهَا والمفارقات بِاتِّفَاق سبع وَاثْنَتَانِ على خلف وَالْمَيتَات فِي حَيَاته أَربع خَدِيجَة بنت خويلد وَزَيْنَب بنت خُزَيْمَة بعد الدُّخُول وَأُخْت دحْيَة وَبنت الْهُذيْل قبله بِاتِّفَاق وَمَات عليه الصلاة والسلام عَن عشرَة وَاحِدَة لم يدْخل بهَا فهن ثَلَاث وَعِشْرُونَ امْرَأَة قلت يشكل قَوْله فَارق عليه الصلاة والسلام بعد الدُّخُول بِاتِّفَاق بنت الضَّحَّاك وَبنت ظبْيَان على إيرادهما فِي هَذَا الْبَاب الْمَعْقُود لمن عقد عَلَيْهَا وَلم يدْخل بهَا وَإِن قُلْنَا فِي التَّوْجِيه لَعَلَّه على رِوَايَة فِي ذَلِك منع من ذَلِك قَوْله بالِاتِّفَاقِ فَلْيتَأَمَّل وَذكر فِي شرف النُّبُوَّة أَن جملَة أَزوَاجه عليه الصلاة والسلام إِحْدَى وَعِشْرُونَ امْرَأَة طلق مِنْهُنَّ سِتا وَمَات عِنْده مِنْهُنَّ خمس وَتُوفِّي عَن عشر وَاحِدَة لم يدْخل بهَا وَكَانَ يقسم لتسْع فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس أَنه عليه الصلاة والسلام كَانَ يقسم لثمان وَلَا يقسم لوَاحِدَة قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح هِيَ صَفِيَّة بنت حييّ بن أَخطب قلت هَذَا على رِوَايَة من روى أَنه لم يعْقد عَلَيْهَا وَلم يحجبها الْمُتَقَدّم

ص: 481

خلَافهَا وعدها فِي أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ انْتهى وَلقَوْله تَعَالَى {تُرْجِى مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُئْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ} الْأَحْزَاب 51 ترجى بِالْهَمْز وَتَركه تُؤخر وَتُؤْوِي بِضَم يَعْنِي تتْرك مضاجعة من تشَاء مِنْهُنَّ وتضاجع من تشَاء مِنْهُنَّ روى أَنه أرجأ مِنْهُنَّ سَوْدَة وَجُوَيْرِية وَصفِيَّة ومَيْمُونَة وَأم حَبِيبَة وَكَانَ يقسم لَهُنَّ مَا شَاءَ كَمَا شَاءَ وَأَوَى إِلَيْهِ عَائِشَة وَحَفْصَة وَأم سَلمَة وَزَيْنَب بنت جحش أرجأ خمْسا وآوى أَرْبعا كَذَا ذكره الْمُنْذِرِيّ وَأما اللَّاتِي خطبهن وَلم يعْقد عَلَيْهِنَّ فَعدَّة نسْوَة الأولى مِنْهُنَّ امْرَأَة من بني عَمْرو بن عَوْف بن سعد بن دِينَار قَالَ أَبُو الْيَقظَان خطبهَا رَسُول الله

إِلَى أَبِيهَا فَقَالَ إِن بهَا برصاً وَهُوَ كَاذِب فَرجع فَوَجَدَهَا برصاء وَيُقَال إِن ابْنهَا هُوَ الْمُسَمّى شبيب بن البرصاء بن الْحَارِث بن عَوْف الْمُزنِيّ ذكره ابْن قُتَيْبَة وَقَالَ ابْن الْأَثِير جَازِمًا هِيَ أم شبيب بن البرصاء الشَّاعِر الثَّانِيَة امْرَأَة قرشية يُقَال لَهَا سَوْدَة خطبهَا عليه الصلاة والسلام وَكَانَت مصبية فَقَالَت إِن لي صبية أكره أَن يتضاغوا عِنْد رَأسك بكرَة وَعَشِيَّة فَقَالَ عليه الصلاة والسلام خير نسَاء ركبن الْإِبِل نسَاء قُرَيْش أحناهن على ولد فِي صغره وأرعاهن لبعل فِي ذَات يَده وأصل هَذَا الحَدِيث فِي صَحِيح مُسلم فَدَعَا لَهَا

وَتركهَا

ص: 482

الثَّالِثَة امْرَأَة تدعى صَفِيَّة بنت بشامة كَانَ عليه الصلاة والسلام أَصَابَهَا فِي السَّبي فَخَيرهَا بَين نَفسه الْكَرِيمَة وَبَين زَوجهَا فَاخْتَارَتْ زَوجهَا الرَّابِعَة امْرَأَة لم يذكر اسْمهَا قيل إِنَّه عليه الصلاة والسلام خطبهَا فَقَالَت أَستَأْمر أبي فَلَقِيت أَبَاهَا وَأذن لَهَا فَعَادَت إِلَى النَّبِي

فَقَالَ لَهَا قد التحفنا غَيْرك الْخَامِسَة أم هَانِيء بنت أبي طَالب خطبهَا عليه الصلاة والسلام فَقَالَت إِنِّي امْرَأَة مصبية واعتذرت إِلَيْهِ فعذرها عَن أبي صَالح عَن أم هَانِيء بنت أبي طَالب قَالَت خطبني رَسُول الله

فاعتذرت إِلَيْهِ فعذرني قَالَ الْعَلامَة الشَّامي خطبهَا رَسُول الله

إِلَى عَمه أبي طَالب وخطبها هُبَيْرَة المَخْزُومِي فَزَوجهَا أَبُو طَالب هُبَيْرَة فَعَاتَبَهُ رَسُول الله

فَقَالَ أَبُو طَالب يَا ابْن أخي إِنَّا قد صاهرنا إِلَيْهِم والكريم يُكَافِئ الْكَرِيم ثمَّ فرق الْإِسْلَام يبن أم هَانِيء وهبيرة فَخَطَبَهَا عليه الصلاة والسلام فَقَالَت كنت أختك فِي الْجَاهِلِيَّة فَكيف فِي الْإِسْلَام وَإِنِّي امْرَأَة مصبية وروى الطَّبَرَانِيّ بِرِجَال ثِقَات قَالَت خطبني رَسُول الله

فَقلت مَا لي عَنْك رَغْبَة يَا رَسُول الله وَلَكِن مَا أحب أَن أَتزوّج وَبني صغَار فَقَالَ رَسُول الله

خير نسَاء ركبن الْإِبِل نسَاء قُرَيْش إِلَى آخر مَا تقدم فِي شَأْن سَوْدَة القرشية وَفِي رِوَايَة عَن أبي صَالح عَن أم هَانِيء قَالَت قبل نزُول هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} الْأَحْزَاب 50 الْآيَة أَرَادَ أَن يَتَزَوَّجنِي فخطبني فَنهى عني أَنِّي لم أُهَاجِر وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ فَلم أكن أحل لَهُ لِأَنِّي لم أكن من الْمُهَاجِرَات كنت من المطلقات يَعْنِي كَانَ إسْلَامهَا بعد فتح مَكَّة

ص: 483

السَّادِسَة الجندعية امْرَأَة من جندع وَهِي ابْنة جُنْدُب بن ضَمرَة وأنكرها بعض الروَاة السَّابِعَة ضباعة بالضاد الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمُوَحدَة وَالْعين الهملة بنت مام ابْن قرط بِفَتْح الْقَاف والطاء الْمُهْملَة ابْن سَلمَة خطبهَا عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام من ابْنهَا سَلمَة بن قُشَيْر بن كَعْب بن ربيعَة بن عَامر بن صعصعة أسلمت قيدما وَهَاجَرت ذكرهَا ابْن الْجَوْزِيّ وَابْن عَسَاكِر فِي هَذَا الْبَاب وَكَانَت من أجمل نسَاء الْعَرَب وأعظمهن خلقا وَكَانَت إِذا جَلَست أخذت من الأَرْض شَيْئا كثيرا وَكَانَت تغطي جَسدهَا مَعَ عظمه بشعرها وَكَانَت تَحت هَوْذَة بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْوَاو والذال الْمُعْجَمَة ابْن عَليّ الْحَنَفِيّ فَمَاتَ عَنْهَا فَتَزَوجهَا عبد الله بن جدعَان فَلم يلق بخاطرها فَسَأَلته طَلاقهَا فَفعل فَتَزَوجهَا هِشَام بن الْمُغيرَة فَولدت لَهُ سَلمَة وَكَانَ من خِيَار عباد الله فَلَمَّا هَاجَرت خطبهَا رَسُول الله

إِلَى ابْنهَا سَلمَة فَقَالَت يَا رَسُول الله مَا عَنْك مدفع قَالَ فاستأمرها قَالَ نعم فَأَتَاهَا فَأَخْبرهَا فَقَالَت إِنَّا لله أَفِي رَسُول الله تستأمرني ارْجع إِلَيْهِ فَقل لَهُ نعم وَقيل لرَسُول الله

فِي ذهَاب ابْنهَا إِن ضباعة لَيست كَمَا تعهد قد كثرت غُضُون وَجههَا وَسَقَطت أسنانها من فِيهَا فَلَمَّا رَجَعَ ابْنهَا سَلمَة وَأخْبر رَسُول الله

بِمَا قَالَت سكت عَنهُ الثَّامِنَة نعَامَة لم يذكر اسْم أَبِيهَا وَهِي من سبي بني العنبر فَكَانَت جميلَة عرض رَسُول الله

أَن يَتَزَوَّجهَا فَلم يلبث أَن جَاءَ زَوجهَا ذكره فِي ذيل الِاسْتِيعَاب وَعرض عَلَيْهِ

امْرَأَتَانِ فردهما لمَانع شَرْعِي الأولى أُمَامَة وَقيل فَاطِمَة بنت حَمْزَة بن عبد الْمطلب قفال

هِيَ ابْنة أخي من الرَّضَاع وَالثَّانيَِة عزة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالزَّاي الْمُشَدّدَة بنت أبي سُفْيَان بن حَرْب فَقَالَ

لَا تحل لي لمَكَان أُخْتهَا أم حَبِيبَة الْمُسَمَّاة رَملَة بنت أبي سُفْيَان وحديثهما فِي الصَّحِيح وَأما سراريه فروى ابْن أبي خَيْثَمَة عَن أبي عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى قَالَ كَانَ لرَسُول

ص: 484

الله

أَربع ولائد مَارِيَة وَرَيْحَانَة وجميلة ونفيسة أما مَارِيَة القطبية فَهِيَ بنت شَمْعُون بِفَتْح الشيين الْمُعْجَمَة أم وَلَده إِبْرَاهِيم أهداها لَهُ الْمُقَوْقس القبطي صَاحب مصر والإسكندرية سنة سبع من الْهِجْرَة وَبعث مَعهَا أُخْتهَا سِيرِين بنت شَمْعُون وَخَصِيًّا يُقَال لَهُ مَأْبُور وَألف مِثْقَال ذهب وَعشْرين ثوبا من قَبَاطِي مصر وَبغلة شهباء وَحِمَارًا أَشهب وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ يَعْفُور وَعَسَلًا من عسل بنها بباء مَكْسُورَة فنون سَاكِنة قَرْيَة من قرى مصر بَارك النَّبِي

فِي عسلها لما أعجبه وَالنَّاس الْيَوْم يفتحون الْبَاء فَأسْلمت وَأسْلمت أُخْتهَا وَكَانَت مَارِيَة بَيْضَاء جميلَة أنزلهَا رَسُول الله

بِالْعَالِيَةِ وَكَانَ يخْتَلف إِلَيْهَا إِلَى أَن مَاتَت فِي الْمحرم سنة عشر وروى الْبَزَّار والضياء الْمُقَدّس فِي صَحِيحه عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ كثر على مَارِيَة أم إِبْرَاهِيم فِي قبْطِي ابْن عَم لَهَا هُوَ مَأْبُور الْمَذْكُور كَانَ يزورها فيختلف إِلَيْهَا فَقَالَ لي رَسُول الله

خُذ هَذَا السَّيْف فَانْطَلق بِهِ فَإِن وجدته عِنْدهَا فاقتله قَالَ قلت يَا رَسُول الله أكون فِي أَمرك إِذا أرسلتني كالسكة المحماة لَا يسبقني شَيْء حَتَّى أمضي لما أَمرتنِي بِهِ أم الشَّاهِد يرى مَا لَا يرى الْغَائِب قَالَ فافعل فَأَقْبَلت متوشحاً السَّيْف وَوَجَدته عِنْدهَا فاخترطت السَّيْف فَلَمَّا رَآنِي أَقبلت نَحوه عرف أَنِّي أريده فَأتى نَخْلَة فرقاها ثمَّ رمى بِنَفسِهِ قَالَ قَتَادَة ثمَّ شغر بِرجلِهِ فَإِذا هُوَ أجب أَمسَح مَا لَهُ قَلِيل وَلَا كثير فغمدت السَّيْف ثمَّ أتيت رَسُول الله

فَأَخْبَرته فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي يصرف عَنَّا أهل الْبَيْت

ص: 485

وروى الْبَزَّار بِسَنَد جيد عَن أنس قَالَ لما ولد إِبْرَاهِيم ابْن رَسُول الله

من مَارِيَة جَارِيَته وَقع فِي نفس النَّبِي

مِنْهُ شَيْء حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيل عليه الصلاة والسلام فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا أَبَا إِبْرَاهِيم ووهب عليه الصلاة والسلام أُخْتهَا سِيرِين بنت شَمْعُون لحسان بن ثَابت فَهِيَ أم وَلَده عبد الرَّحْمَن بن حسان كَذَا فِي سيرة الشَّامي إِلَّا قَوْله وهب فَفِي الْمَوَاهِب وَقَالَ فِي الرَّوْض الْأنف أعْطى عليه الصلاة والسلام حسان جَارِيَته سِيرِين بِضَرْب صَفْوَان بن الْمُعَطل لَهُ قلت كَانَ السَّبَب فِي ضرب صَفْوَان بن الْمُعَطل حسانا بِالسَّيْفِ فِي وَجهه مَا كَانَ من حسان من الْخَوْض فِي حَدِيث الْإِفْك لِأَنَّهُ المرمي بِهِ عَائِشَة وَفِي ذكرى أَن حسانا عمى آخر عمره وَكَانَ سَببه تِلْكَ الضَّرْبَة من صَفْوَان فَأعْطَاهُ عليه الصلاة والسلام سِيرِين أُخْت مَارِيَة هَذِه وَهِي أم عبد الرَّحْمَن بن حسان الشَّاعِر وَكَانَ عبد الرَّحْمَن يفخر بِأَنَّهُ ابْن خَالَة إِبْرَاهِيم ابْن رَسُول الله

وَقد رَوَت سِيرِين عَن النَّبِي

حَدِيثا قَالَت رأى رَسُول الله

خللاً فِي قبر ابْنه إِبْرَاهِيم فأصلحه وَقَالَ إِن الله يحب من العَبْد إِذا عمل عملا أَن يتقنه وَأما رَيْحَانَة فَهِيَ بنت شَمْعُون أَيْضا من سبي بني قُرَيْظَة وَقيل من سبي بني النَّضِير وَالْأول أظهر وَكَانَت متزوجة فيهم رجلا يُقَال لَهُ الْحَكِيم الحكم وَكَانَت جميلَة

ص: 486

وَسُميَّة وَقعت فِي سبي بني قُرَيْظَة فَكَانَت صفي رَسُول الله

فَخَيرهَا بَين الْإِسْلَام ودينها فَاخْتَارَتْ الْإِسْلَام فَأعْتقهَا وَتَزَوجهَا وَأصْدقهَا اثْنَتَيْ عشرَة أاوقية ونشاً وأعرس بهَا فِي الْمحرم سنة سِتّ فِي بَيت سلمى بنت قيس النجارية بعد أَن حَاضَت حَيْضَة وَضرب عَلَيْهَا الْحجاب فغارت عَلَيْهِ غيرَة شَدِيدَة فَطلقهَا تَطْلِيقَة فَأَكْثَرت الْبكاء فَدخل عَلَيْهَا وَهِي على تِلْكَ الْحَال فَرَاجعهَا وَلم تزل عِنْده حَتَّى مَاتَت مرجعه من حجَّة الْوَدَاع سنة عشر ودفنت بِالبَقِيعِ وَقيل كَانَت مَوْطُوءَة لَهُ بِملك الْيَمين وَهَذَا جزم بِهِ خلائق قَالَ فِي الْمَوَاهِب وَكَانَ

يَطَؤُهَا بِملك الْيَمين وَقيل اعقتها وَتَزَوجهَا وَأما جميلَة فأصابها من السَّبي فأكدنها نساؤه وخفن أَن تغلب عَلَيْهِ وَأما نفيسة فوهبتها لَهُ زَيْنَب بنت جحش وَكَانَ هجرها يَعْنِي زَيْنَب فِي صَفِيَّة بنت حييّ ذَا الْحجَّة وَالْمحرم وصفر فَلَمَّا كَانَ فِي شهر ربيع الأول الَّذِي قبض فِيهِ النَّبِي

رضى عَن زَيْنَب وَدخل عَلَيْهَا فَقَالَت مَا أَدْرِي مَا أجزيك بِهِ فوهبتها لَهُ كَذَا ذكره الشَّامي نَاقِلا لكَلَام أبي عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى انْتهى

ص: 487