الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلطان الملك الناصر، أيدهما الله " (1) .
ولما كان العباسيون قد تقلدوا الحكم سنة 132 هـ كما هو مشهور فيكون زمانه الذي أشار إليه هو سنة 732 هـ، والمستكفي بالله هذا هو أبو الربيع سليمان بن أحمد، ولد سنة 683 هـ، وخطب له بمصر بعد وفاة أبيه سنة 701 هـ، وقد ساءت حاله مع السلطان الناصر في آخر أيامه، فأخرجه السلطان إلى قوص من صعيد مصر سنة 738 هـ فأقام بها إلى حين وفاته سنة 740 هـ (2) .
وليس من المعقول أن يستغرق تأليف الكتاب سبع سنوات ومعظم مادته كانت جاهزة عند مؤلفه بسبب أنه ألفه بعد تاريخ الكبير " تاريخ الإسلام ".
ثانيا - نطاق الكتاب وعدد مجلداته:
جعل الذهبي كتابه " سير أعلام النبلاء " في أربعة عشر مجلدا راعى فيها التناسق من حيث عدد الأوراق، ولم يراع في الأغلب ناحية تنظيمية أخرى، لذلك وجدنا النساخ فيما بعد لم يلزموا أنفسهم بتقسيم المؤلف (3) .
وقد أفرد الذهبي المجلدين الأول والثاني للسيرة النبوية الشريفة وسير
الخلفاء الراشدين، لكنه لم يعد صياغتهما، وإنما أحال على كتابه العظيم " تاريخ الإسلام " ليؤخذا منه ويضما إلى " السير " فقد جاء في طرة المجلد الثالث من نسخة أحمد الثالث الأولى تعليق بخط الذهبي كتب على الجهة
(1) سير أعلام النبلاء: 2 / الترجمة: 11 (طبعة مؤسسة الرسالة المحققة) .
(2)
البداية لابن كثير: 14 / 187، والسلوك للمقريزي: 2 / 504، والدرر لابن حجر: 2 / 336 وغيرها.
(3)
انظر وصف النسخ في مقدمة هذا الجزء الأول من السير.
وقد أشار ناسخ المجلد السابع عشر من النسخة المصورة في المجمع العلمي العربي بدمشق إلى أن نسخته تتكون من عشرين مجلدا.
اليسرى منها نصه: " في المجلد الأول والثاني سير النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة تكتب من تاريخ الإسلام ".
ويلاحظ أن الذهبي قد أشار في حاشية الورقة (98) من المجلد الثاني من تاريخ الإسلام وهو المجلد الذي يبدأ بالسيرة النبوية وعند الفصل الخاص بمعجزاته صلى الله عليه وسلم إلى مكونات " السيرة النبوية " بقوله: " من شاء من الإخوان أن يفرد الترجمة النبوية، فليكتب إذا وصل إلى هنا جميع ما تقدم من كتابنا في السفر الأول بلا بد، فليفعل، فإن ذلك حسن، ثم يكتب بعد ذلك " فصل في معجزاته " إلى آخر الترجمة النبوية وهذا يعني أن " السيرة النبوية " التي أرادها الذهبي تشمل جميع المجلد الأول وهو المجلد الخاص بالمغازي ثم جميع " الترجمة النبوية " وهي المئة والثلاثون ورقة من المجلد الثاني الذي بخطه.
وهذا في رأينا هو المجلد الأول من " سير أعلام النبلاء ".
أما سير الخلفاء الأربعة فهي التي تستغرق بقية المجلد الثاني من نسخة المؤلف التي بخطه وتتضمن الأوراق: 131 - 241، وقسما من المجلد الثالث من نسخة المؤلف وهذا هو المجلد الثاني من " السير " في رأينا.
والظاهر أن ابن طوغان صاحب النسخة لم يقم باستنساخ المجلدين: الأول والثاني، من " تاريخ الإسلام " كما طلب المؤلف، فظن كاتب الوقفية على المدرسة المحمودية أن هذين المجلدين مفقودان، فتابعه الناس على هذا الوهم.
وكان من المظنون أن المجلد الثالث عشر (1) من نسخة ابن طوغان وهو
(1) كان هذا المجلد هو حصتي من تحقيق الكتاب، وقد حققته بمشاركة زميلي السيد محيي هلال السرحان.
المجلد الذي يبتدئ بترجمة المحدث الكبير أبي طاهر السلفي المتوفى سنة 576 هـ، وينتهي بترجمة السلطان الملك المنصور نور الدين علي ابن السلطان الملك المعز أيبك التركماني الصالحي المعزول من السلطنة سنة سبع وخمسين وست مئة، والذي تأخرت وفاته إلى حدود سنة سبع مئة أقول: كان من المظنون أن هذا هو المجلد الأخير من الكتاب، لكنني أعتقد بل أكاد أجزم أن هناك مجلدا آخر يتمم الكتاب هو المجلد الرابع عشر، وهو المجلد الذي ظنه الدكتور الفاضل صلاح الدين المنجد ذيلا لسير أعلام النبلاء وتابعه الناس عليه، وإليك آيات ذلك ودلالاته:
1 -
من المعلوم أن الذهبي ألف " سير أعلام النبلاء " عبد تأليف " تاريخ الإسلام " وتابع فيه النطاق الزمني للكتاب المذكور، والذي نعرفه أن " تاريخ الإسلام " يمتد من أول الهجرة النبوية إلى آخر سنة (700 هـ) ، بينما تبين دراستنا لتراجم الطبقة الخامسة والثلاثين وهي آخر المجلد الثالث عشر أن أصحابها توفوا في المدة المحصورة بين السنوات 660 651 هـ، فأين هي تراجم من توفي بين 700 661 هـ؟ وهي مدة طويلة عاصر المؤلف كثيرا من أحداثها واتصل بالعديد من المترجمين فيها، وكان الكثير منهم شيوخه، والباقون من شيوخ شيوخه، وفيهم أعلام الدنيا من مثل أبي شامة، وابن الساعي، والنووي، وفخر الدين ابن البخاري، وابن الظاهري ومئات غيرهم بحيث لا يعقل أن يتركهم الذهبي ولا يترجم لهم، وقد ترجم في كتابه هذا لمن هم أدنى منهم بكثير، فهذه المدة المذكورة البالغة قرابة الأربعين سنة تحتمل من غير شك أن تكون المجلد الرابع عشر من " السير ".
2 -
ولكن كيف ظن الفضلاء أن هذا هو المجلد الأخير من " السير " وكيف ذكروا أن تراجمه تصل إلى سنة 700 هـ؟
والذي عندي أن الذي أوقع الناس (1) في هذه المزلقة أمران: أولهما عدم دراسة المجلد الثالث عشر دراسة جيدة والنظر إلى المترجمين فيه نظرة فاحصة منقبة.
وثانيهما: هو ترجمة السلطان الملك المنصور نور الدين علي ابن السلطان الملك المعز أيبك التركماني الذي ذكر المؤلف الذهبي أنه تأخر إلى قريب سنة (700) هـ، لكن الدارسين لم ينتبهوا إلى أن الذهبي، إنما ذكره بسبب توليه الحكم بعد مقتل والده المعز أيبك سنة 655 هـ، وأنه لم يبق في السلطنة غير سنتين ونصف إذ عزل في أواخر سنة 657 هـ حينما تولى سيف الدين قطز السلطنة، فالذي ذكره الذهبي عن بقائه فيما بعد إنما هو من باب الاستطراد لا غير، وقد كان من منهج الذهبي في هذا الكتاب أن يجمع الأقرباء في مكان واحد كما سيأتي بيانه لاحقا.
3 -
قلنا إن الذهبي ألف كتابه هذا في أربعة عشر مجلدا، وطلب من النساخ أن يستخرجوا المجلدين الأول والثاني من " تاريخ الإسلام " وهما اللذان يتضمنان السيرة النبوية، وسير الخلفاء الأربعة، كما هو مثبت بخطه في طرة المجلد الثالث من الكتاب.
وقد نصت وقفية الكتاب على المدرسة المحمودية بالقاهرة وهي الوقفية المثبت نصها على جميع المجلدات أن الموقوف منه اثنا عشر مجلدا، وقد جاء في نص الوقفية المدونة على المجلد الثالث، وهو أول المجلدات التي وصلت إلينا - ما نصه: " وقف وحبس وسبل المقر الأشرف العالي الجمالي محمود أستادار
(1) أول من قال بذلك هو الدكتور الفاضل صلاح الدين المنجد، وتابعته في وهمه أنا في كتابي " الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الإسلام: 170 من طبعة القاهرة " وعذري أنني كنت آنذاك معنيا " بتاريخ الإسلام "، وكان كلامي على السير عارضا، أما هو فقد كان من المفروض أنه خبر الكتاب وسبر غوره.