المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقدمة التحقيق بقلم الشيخ شعيب الأرنؤوط - سير أعلام النبلاء - ط الرسالة - المقدمة

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌الذهبي وكتابه سير أعلام النبلاء

- ‌الفصل الأول: حياة الذهبي ومنزلته العلمية

- ‌أولا - بيئة الذهبي ونشأته

- ‌ثانيا - بدء عنايته بطلب العلم

- ‌ثالثا - رحلاته في طلب العلم

- ‌رابعا - طبيعة دراساته

- ‌خامسا - صلاته الشخصية وأثرها في تكوينه الفكري

- ‌سادسا - نشاطه العلمي ومناصبه التدريسية

- ‌سابعا - منزلة الذهبي العلمية

- ‌ثامنا - وفاته وأولاده

- ‌تاسعا - آثار الذهبي

- ‌الفصل الثاني: سير أعلام النبلاء منهجه وأهميته

- ‌أولا - عنوان الكتاب وتأليفه:

- ‌ثانيا - نطاق الكتاب وعدد مجلداته:

- ‌ثالثا - ترتيب الكتاب:

- ‌رابعا - مفهوم الطبقة في " السير " وغيره من مؤلفات الذهبي

- ‌خامسا - طبيعة تراجم " السير " وأسس انتقائها:

- ‌سادسا - صياغة تراجم " السير " وعناصرها:

- ‌سابعا - المنهج النقدي:

- ‌1 - نقد المترجمين:

- ‌2- نقد الأحاديث والروايات:

- ‌3 - التعصب والإنصاف في النقد:

- ‌ثامنا أهمية كتاب السير:

- ‌أهميته في دارسة المجتمع:

- ‌هذا التحقيق:

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌وصف النسخ

الفصل: ‌ ‌مقدمة التحقيق بقلم الشيخ شعيب الأرنؤوط

‌مقدمة التحقيق

بقلم الشيخ شعيب الأرنؤوط

ص: 141

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد فإن هذا السفر العظيم الذي نقدمه للقراء يعد من أعظم كتب التراجم التي انتهت إلينا من تراث الأقدمين ترتيبا وتنقيحا، وتوثقا وإحكاما، وإحاطة وشمولا، فهو يبين عن سعة اطلاع المؤلف رحمه الله على كل ما سبقه من تواليف في موضوعه، ودراية تامة بأحوال المترجمين، وبكل ما قيل في حقهم، وقدرة بارعة على غربلة الأخبار وتمحيصها وتنقيدها، وبيان حالها.

ويتميز عن غيره من الكتب التي ألفت في بابه أنه أول كتاب عام للتراجم في تراثنا، تناول جميع العصور التي سبقت عصر المؤلف، واشتملت تراجمه على الأعلام المختارة من جميع العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه، ولم يقتصر على نوع معين من الأعلام، بل تنوعت تراجمه، فشملت كل فئات الناس من الخلفاء والملوك، والأمراء والوزراء، والقضاة والقراء، والمحدثين والفقهاء، والأدباء واللغويين، والنحاة والشعراء، والزهاد والفلاسفة والمتكلمين، إلا أنه آثر المحدثين على غيرهم، فإنه كان عظيم الإكبار لهم، شديد الكلف بهم.

ص: 143

وقد ترجم فيه للأعلام النبلاء من بداية الإسلام إلى سنة (700 هـ) تقريبا، وكسره على خمس وثلاثين طبقة (1) ، كل طبقة تستوعب عشرين سنة، تقريبا وأفراد المجلدين الأول والثاني للسيرة النبوية الشريفة، وسير الخلفاء الراشدين، ولكنه لم يعد صياغتهما، وإنما أحال على كتابه العظيم " تاريخ الإسلام " لتؤخذ منه، وتضم إلى السير، كما سنوضحه فيما بعد.

والمنهج العام الذي اتبعه الذهبي في الترجمة هو أنه يذكر اسم المترجم ونسبه ولقبه وكنيته ونسبته، ثم يذكر تاريخ مولده (2) ، وأحوال نشأته ودراسته، وأوجه نشاطه، والمجال الذي اختص به، وأبدع فيه، والشيوخ الذين التقى بهم، وروى عنهم، وأفاد منهم، والتلاميذ الذين أخذوا عنه، وانتفعوا، بعلمه، وتخرجوا به، وآثاره العلمية، أو الأدبية، أو الاجتماعية، ثم يبين منزلته من خلال أقاويل العلماء الثقات فيه معتمدا في ذلك على أوثق المصادر ذات الصلة الوثيقة بالمترجم، ثم يذكر تاريخ وفاته، ويدقق في ذلك تدقيقا بارعا، وربما رجح قولا على آخر عند اختلاف المؤرخين (3) .

وقد نثر غير ما حديث في تراجم المحدثين مما وقع له من طريقهم بإسناد عال موافقة أو بدلا أو مساواة.

وهو على الأغلب يراعي في طول الترجمة أو قصرها قيمة المترجم

(1) هذا إذا كان المجلد الرابع عشر ذيلا للكتاب.

وأما إذا كان من أصل الكتاب، وهو الذي رجحه الدكتور بشار عواد في تقديمه لهذا الكتاب فتكون أربعين طبقة.

(2)

عني المؤلف بذكر تاريخ الولادة لما لذلك من أهمية في الاطمئنان على لقاء المترجم لمشايخه، وسماعاته عليهم، ويذكر أحيانا عمر المترجم إذا لم يذكر تاريخ مولده وذلك في نهاية الترجمة.

(3)

وقد يجد القارئ في بعض التراجم اختلافا طفيفا عما ذكرناه من المحتويات والتنظيم، وغير خاف أن طبيعة المترجم هي التي تحدد نوعية الأخبار، فقد عني الذهبي مثلا بإيراد أعمال الخلفاء والملوك والأمراء والولاة في تراجمهم، وأورد نماذج من شعر الشعراء، ومختارات من نثر الأدباء.

ص: 144

وشهرته بين أهل علمه، أو منزلته بين الذين هم من بابته، سواء أكان موافقا له في المعتقد أو مخالفا، وربما تخلص من المادة الضخمة التي تحصلت له عن بعض المترجمين الأعلام بإحالة القارئ إلى مصادر أوسع تناولته بتفصيل أكثر.

وقد اتسم الذهبي رحمه الله بالجرأة النادرة التي جعلته ينتقد كبار العلماء والمؤرخين، وينبه على أوهامهم التي وقعت لهم فيما أثر عنهم بأسلوب علمي متزن ينبئ عن غزارة علم، ونبالة قصد، وقدرة فائقة في النقد، والأمثلة على ذلك كثيرة تجدها مبثوثة في تضاعيف هذا الكتاب.

ولما كان الذهبي قد استوعب في " تاريخ الإسلام " فئتين من المترجمين: المشهورين، والأعلام، فقد اقتصر في كتابه هذا على تراجم الأعلام النبلاء، إلا أنه قد يذكر في نهاية بعض التراجم غير واحد من المشهورين للتعريف بهم على سبيل الاختصار، وتحديد وفياتهم.

وقد يضطره اتفاق اسم أحد المشهورين باسم أحد الأعلام الذي يترجمه إلى ترجمة المشهور عقبه للتمييز.

وكثيرا ما جمع بعض الأسر المتقاربين في الطبقة في مكان واحد وإن لم يكونوا من تلك الطبقة، فهو يترجم لإخوة المترجم وأولاده ومن يلوذ به.

وكتاب " سير أعلام النبلاء " وإن كان قد استل من " تاريخ الإسلام " فقد ألفه بعده، وأضاف إليه أخبارا كثيرة لا وجود لها في " التاريخ "، وتناول أشياء بالنقد والتحقيق لم يتعرض لها في " تاريخه "، وصياغة الترجمة فيه تختلف في كثير من الأحيان عما عرضه في " تاريخ الإسلام ".

وإن هذا الكتاب القيم بما تضمنه من مزايا يندر أن توجد في غيره من بابته

سير 1 / 10

ص: 145

قد استحق به مؤلفه مع كتابه الآخر العظيم " تاريخ الإسلام " أن يسمى إمام المؤرخين.

ص: 146