الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومَا حَقُّهُ يا رَسُوْلَ الله؟ قَالَ: «أنْ تَضْرِبَ بِه العَدُوَّ حَتَّى يَنْحَنِيَ
…
»، وكَانَ أبُو دُجَانَةَ رَجُلاً شُجَاعًا يَخْتَالُ عِنْدَ الحَرْبِ، وكَانَ إذَا أُعْلِمَ بِعُصَابَةٍ لَهُ حَمْرَاءَ، فاعْتَصَبَ بِها، عَلِمَ النَّاسُ أنَّه سَيُقَاتِلُ؛ فَلَّمَا أخَذَ السَّيْفَ مِنْ يَدِ رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم أخْرَجَ عِصَابَتَه تِلْكَ، فَعَصَبَ بِها رَأسَهُ، وجَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، وحَيْنَ رَآهُ الرَّسُوْلُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إنَّها لَمَشْيَةٌ يُبْغِضُها الله، إلَاّ في مِثْلِ هَذا المَوْطِنِ» مُسْلِمٌ، وابْنُ هِشَامٍ، واللَّفْظُ لَهُ.
قُلْتُ: إذَا كَانَ هَذَا التَّبَخْتُرُ، والزَّهْوُ جَاءَ مِنْ صَحَابِيِّ جَلِيْلٍ حَالَ النِّزالِ، والقِتَالِ، ونَصْرِ الإسْلامِ
…
فَكَيْفَ والحَالَةُ هَذِه بشُعَرَاءِ وجَمَاهِيْرِ مُسَابَقَةِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن» الَّذِينَ لا قِتَالَ عِنْدَهُم، ولا نَصْرَ للإسْلامِ؛ بَلْ عُدْوانٌ بَاطِلٌ، ومُغَالَبَةٌ مُحَرَّمَةٌ، وعُلُوٌّ في الأرْضِ بغَيْرِ حَقٍّ؟!
* * *
-
المَحْظُوْرُ السَّادِسَ عَشَرَ: وُجُوْدُ الاخْتِلاطِ المُحَرَّمِ
؛ حَيْثُ اخْتَلَطَ النِّسَاءُ بالرِّجَالِ اخْتِلاطًا قَبِيْحًا ذَمِيْمًا، بَلْ عَادَتِ الجَاهِلِيَّةُ الأوْلى في مُسَابَقَةِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن» جَذَعَةً، يَوْمَ ظَهَرَ النِّسَاءُ في كَامِلِ
زِيْنَتِهِنَّ وجَمَالهِنَّ وتَبَرُّجِهِنَّ وسُفُوْرِهِنَّ!
فَيَا عَارَاه؛ أيْنَ المُسْلِمُوْنَ الَّذِيْنَ يَغَارُوْنَ يَوْمَ كَانَتِ الغَيْرَةُ في القُلُوْبِ حَيَّةً، وبَيْنَ المُسْلِمِيْنَ ظَاهِرَةً؟ فإنْ لم يَكُنْ (عِيَاذًا بالله) فأيْنَ عَرَبُ الجَاهِلِيَّةِ الَّذِيْنَ كَانُوا يَأنَفُوْنَ ويَحْتَشِمُوْنَ عَنْ مُخَالَطَةِ الحَرَائِرِ إلَاّ في الخَفَاءِ والسِّتْرِ؛ حَيْثُ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُم في الجَاهِلِيَّةِ يَأنَفُ أنْ يُخَالِطَ امْرَأةً حُرَّةً أمَامَ النَّاسِ، اللَّهُمَّ مَا كَانَ مِنْهُم مِنَ مُخَالَطَةِ الإمَاءِ والمَمْلُوْكَاتِ!
* * *
لَقَدْ باتَ مِنَ المَعْلُوْمِ عِنْدَ الجَمِيْعِ أنَّ نِسَاءَ جَزِيْرَةِ العَرَبِ (الخَلِيْجِ) كُنَّ مَثَلاً يُقْتَدَى بِهِنَّ في العَفَافِ، والحَيَاءِ، والحُشْمَةِ، كَمَا كُنَّ غَافِلاتٍ عَمَّا يُرَوِّجُ لَه العَلْمَانِيُّوْنَ مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيْدٍ، أمَّا اليَوْمَ فَقَدِ اتَّسَعَ الخَرْقُ؛ ومِنْه خَرَجَتْ عَلَيْنا رُؤوْسُ الأفَاعِي تَنْفُثُ سُمُوْمَها بألْوَانٍ غَرَّاءَ، وبألْسِنَةٍ نَكْرَاءَ، حَتَّى كَانَ مَا أرَادُوْهُ؛ فَلَهُم الوَيْلُ مِمَّا يَصْنَعُوْنَ، فَمِنْ دَعْوَاتِهم الآثِمَةِ: كَشْفُ وَجْهِ المَرْأةِ، ومُشَارَكَتُها في العَمَلِ والتَّعْلِيْمِ، وكذا قِيَادَتُها للسَّيَّارَةِ، ومُسَاوَاتُها بالرَّجُلِ
…
إلَخْ.
أمَّا اليَوْمَ فَقَدْ غَدَتْ دَعَوَاتُ العَلْمَانِيِّيْنَ الآثِمَةُ، في ثَوْبِهَا الجَدِيْدِ؛
حَيْثُ ألْبَسَتْ أنْصَارَ ومُشَجِّعِي «شَاعِرِ المَلْيُوْن» ثَوْبًا مُرَقَّعًا فَضْفَاضًا، وذَلِكَ مِنْ خِلالِ دَعْوَتِهِم السَّافِرَةِ لِمُشَارَكَةِ المَرْأةِ المُسْلِمَةِ (العَرَبِيَّةِ) في مُسَابَقَةِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن» ، سَوَاءٌ كَانَتْ شَاعِرَةً مُشَارِكَةً، أو حَاضِرَةً مُتَابِعَةً، أو مُذِيْعَةً مُقَدِّمَةً، ورُبَّما مُغَنِّيَةً مَاجِنَةً!
وقَدْ قَالَ الله تَعَالى: (قُل للمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أبْصَارِهِمْ ويَحْفَظُوا فُرُوْجَهُم ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وَقُلْ للمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)(النور 30 ـ 31).
وعَنْ مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم: «لأنْ يُطْعَنَ في رَأسِ أحَدِكِم بمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيْدٍ؛ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَمَسَّ امْرَأةً لا تَحِلُّ لَهُ» (1) الطَّبَرانيُّ.
* * *
إنَّ مُشَارَكَةَ النِّسَاءِ مُؤخَّرًا في مُتَابَعَةِ ومُشَاهَدَةِ مُسَابَقَةِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن» ، هَذِه الأيَّامِ لَمْ يَعُدْ مِنَ الخَفَاءِ بِمَكَانٍ؛ حَيْثُ ظَهَرَتْ بَعْضُ الشَّاعِرَاتِ، وكَثِيْرٌ مِنَ المُتَابِعَاتِ والمُشَاهِدَاتِ بَيْنَ الرِّجَالِ
(1) أخْرَجَهُ الطَّبرانيُّ في «الكَبِيْرِ» (20/ 210)، وهُوَ حَسَنٌ، انْظُرْ «السِّلْسِلَةَ الصَّحِيْحَةَ» (226)، و «صَحِيْحَ التَّرْغِيْبِ» (1910) للألْبَانيِّ.
وهُنَّ في كَامِلِ الزِّيْنَةِ والتَّبَرُّجِ والسُّفُوْرِ، فانْظُرْهُنَّ مِنْ خِلالِ القَنَوَاتِ الفَضَائِيَّةِ، والصَّحَافَةِ المَحَلِّيَّةِ، والإذَاعَاتِ المَسْمُوْعَةِ مِمَّا يَنْدَى لَهَا جَبِيْنُ الصَّالِحِيْنَ، وتُدْمَى لهَا قُلُوْبُ الغَيُوْرِيْنَ!
* * *
ومَا كُنْتُ (والله!) أظُنَّ أنَّ يَأتيَ زَمَانٌ يَقْبَلُ فِيْهِ الرَّجُلُ المُسْلِمُ ذُو الغَيْرَةِ والحُشْمَةِ والشِّيْمَةِ والأنَفَةِ: مُجَالَسَةَ النِّسَاءِ المُتَبَرِّجَاتِ السَّافِرَاتِ المُتَهَتِّكَاتِ، أو يْرَضَى أنْ تُقَدِّمَهُ في مَحَافِلِ الشُّعَرَاءِ (؟)، ومَجَالِسِ الرِّجَالِ: امْرَأةٌ سَافِرَةٌ مُبْتَذَلُةٌ
…
!
بَلْ مَا ظَنَنْتُ أنَّ الحَيَاةَ سَتَطُوْلُ بِنَا حَتَّى نَرَى بَعْضِ رِجَالِ المُسْلِمِيْنَ العَرَبِ يَتَرَاقَصُوْنَ ويَتَمايَلُوْنَ بَيْنَ أيْدِي المُغَنِّيَاتِ المَاجِنَاتِ، اللَّهُمَّ لا تُؤاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ شُعَرَاءُ المَلايِيْنَ مِنَّا، اللَّهُمَّ آمِيْنَ!
* * *
وهُناكَ مَحْذُوْرَاتٌ كَثِيْرةٌ لا تَقِلُّ خَطَرًا عَمَّا ذَكَرْنَا مِنَ المَحْظُوْرَاتِ الشَّرْعِيَّةِ؛ غَيْرَ أنَّنَا اكْتَفَيْنَا بِما ذَكَرْنَاهُ هُنَا؛ لأنَّ فِيْهَا غُنْيَةً وكِفَايَةً لكُلِّ مُسْلِمٍ غَيُوْرٍ على دِيْنِهِ، وأمَّتِهِ، ولُغَتِهِ العَرَبِيَّةِ.
والحَمْدُ لله رَبِّ العَالمِيْنَ
وكَتبَهُ
مصليا ومسلما على خير الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
ذِيَابُ بنُ سَعْد آل حَمْدانَ الغَامديُّ
الطَّائِفُ المأنُوْسُ
ص. ب (1979)