الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القَبَلِيَّةِ، وتَمْزِيْقِ الأمَّةِ وغَيْرِ ذَلِكَ ممَّا مَرَّ، وسَيَمُرُّ ذِكْرُهُ إنْ شَاءَ الله.
ثَانِيًا: وإمَّا أنَّهم يُقَامِرُوْنَ بِمَشَاعِرِ أبْنَاءِ المُسْلِمِيْنَ على حِسَابِ شَهَواتِهم، وغَفَلاتِهم أو على حِسَابِ حُفْنَةٍ مِنَ الأمْوَالِ يَقْتَاتُوْنَ بِها في مَنَاصِبِهم أو صُحُفِهِم!
ثَالِثًا: وإمَّا أنَّهُم قَدِ اسْتَخَفُّوا بِعُقُوْلِ المُسْلِمِيْنَ فأطَاعُوْهُم، ولا أظُنُّهُم وَصَلُوا إلى هَذَا الحَدِّ! وإلَاّ لُغَةُ الأفْعَالِ مِنْهُم أقْوَى مِنْ لُغَةِ الأقْوَالِ، ولَكِنْ إلى الله المَصِيْرُ!
والدَّلِيْلُ على ذَلِكَ؛ أنَّ مُسَابَقَةَ «شَاعِرِ المَلْيُوْن» قَدْ تَحَوَّلَتْ إلى فَتِيْلٍ مُتَوَقِّدٍ لإشْعَالِ نِيْرَانِ العَدَاوَةِ والبَغْضَاءِ، أشْبَهَ بعَدَاوَةِ وبَغْضَاءِ الخُمُورِ والمَيْسِرِ
…
بِجَامِعِ العَدَاوَةِ والبَغْضَاءِ، والصَّدِّ عَنْ ذِكْرِ الله، وعَنِ الصَّلاةِ؛ مِمَّا يُرِيْحُ السَّائِلَ والمَسْئُولَ عَنْ حُكْمِ مُسَابَقَةِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن» مِنْ عَنَاءِ التَّأمُّلِ والنَّظَرِ، وجَمْعِ الأدِلَّةِ، وسَبْرِ أغْوَارِها.
* * *
-
المَحْظُورُ الثَّامِنُ: الحُبُّ والبُغْضُ لغَيْرِ الله
، فإنَّ مِنْ أهَمِّ الرَّكَائِزِ الَّتِي يَجِبُ أنْ تَرْتَكِزَ عَلَيْها «لا إلِهَ إلَاّ الله» هِيَ مَسْألَةُ:(الحُبُّ والبُغْضُ في الله).
فَقَدْ قَالَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم: «أوْثَقُ عُرَى الإيْمَانِ؛ الحُبُّ في الله، والبُغْضُ في الله» (1) ابنُ أبي شَيْبَةَ، والطَّبرانيُّ.
وعَنْ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّه قَالَ: «مَنْ أحَبَّ في الله، وأبْغَضَ في الله، ووَالَى في الله، وعَادَى في الله، فإنَّمَا تُنَالُ وِلايَةُ الله بِذَلِكَ، ولَنْ يَجِدَ عَبْدٌ طَعْمَ الإيْمَانِ، وإنْ كَثُرَتْ صَلاتُه، وصَوْمُه حَتَّى يَكُوْنَ كَذَلِكَ، وقَدْ صَارَتْ مُؤَاخَاةُ النَّاسِ على أمْرِ الدُّنْيا، وذَلَكَ لا يُجْدِي على أهْلِهِ شَيْئًا» (2).
* * *
قَالَ ابنُ القَيِّمِ رحمه الله في «إغَاثَةِ اللَّهْفانِ» (2/ 197): «فإنَّ المَحْبُوْبَاتِ لِغَيْرِ الله قَدْ أثَبَتَ الشَّارِعُ فيها اسْمَ التَّعَبُّدِ، كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّيْنَارِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ القَطِيْفَةِ، تَعِسَ عَبْدُ الخَمِيْصَةِ، تَعِسَ وانْتَكَسَ، وإذَا شِيْكَ فلا انْتَقَشَ، إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وإنْ مُنِعَ سَخِطَ
…
» البُخَارِيُّ.
(1) أخْرَجَهُ ابنُ أبى شَيْبَةَ في كِتَابِ «الإيْمانِ» (45)، وقَالَ عَنْهُ الألْبَانيُّ: أخْرَجَهُ الطَّبرانيُّ في «الكَبِيرِ» عَنِ ابنِ مَسْعُوْدٍ مَرْفُوعًا، وهُوَ حَسَنٌ.
(2)
انْظُرْ «حِلْيَةَ الأوْلِيَاءِ» لأبي نُعَيْمٍ الأصْفَهانيِّ (1/ 312)، و «جَامِعَ العُلُوْمِ والحِكَمِ» لابنِ رَجَبٍ (30).
فَسَمَّى هَؤُلاءِ الَّذِيْنَ إنْ أُعْطُوا رَضَوْا، وإنْ مُنِعُوا سَخِطُوا: عَبِيْدًا لِهَذِه
الأشْيَاءِ، لانْتِهَاءِ مَحَبَّتِهِم، ورِضَاهُم، ورَغْبَتِهم إلَيْها.
فإذَا شُغِفَ الإنْسَانُ بِمَحَبَّةِ صُوْرَةٍ لِغَيْرِ الله، بِحَيْثُ يُرْضِيْهِ وُصُوْلُه إلَيْها، وظَفَرُهُ بِها، ويُسْخِطُهُ فَوَاتُ ذَلِكَ؛ كَانَ فيه مِنَ التَّعَبُّدِ لَهَا بِقَدْرِ ذَلِكَ» انْتَهَى.
* * *
- ومِنْ خِلالِ هَذَا؛ فَلا شَكَّ أنَّ طَائِفَةً مِنْ أبْنَاءِ المُسْلِمِيْنَ قَدْ أحَبُّوا «شَاعِرَ المَلْيُوْن» حُبًّا جمًّا، يُوَضِّحُهُ: أنَّ مَحَابَّ هُيَّامِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن» تَدُوْرُ مَعَ شَاعِرِهِم انْتِصَارًا وغَلَبَةً، بِحَيْثُ يَرْضَوْنَ ويَبْتَهِجُوْنَ، ورُبَّمَا يَهِيْمُوْنَ عِنْدَ انْتِصَارِهِ، وظَفَرِهِم بالفَوْزِ، ويَسْخَطُوْنَ ويَغْضَبُوْنَ؛ ورُبَّمَا يُصْعَقُوْنَ عِنْدَ انْهِزَامِهِ، وفَوَاتِ مَرْغُوْبِهم.
ومِنْ وَرَائِهِم عُشَّاقٌ لمُسَابَقَةِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن» لهُم مِنَ المَحَبَّةِ البَاطِلَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، فانْظُرْهُم خَلْفَ (شَاشَاتِ التِّلْفَازِ)، وفي المُدَرَّجَاتِ، والقَنَوَاتِ، والمُرَاسَلاتِ، وعِنْدَ اللِّقَاءَاتِ، وكَذَا في صَرِيْفِ أقْلامِهِم في الصُّحُفِ والمَجَلَّاتِ!
* * *