المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أفعل التفضيل صغ من مصوغ منه للتعجب … أفعل للتفضيل وأب - شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك - جـ ٣

[ابن عقيل]

الفصل: ‌ ‌أفعل التفضيل صغ من مصوغ منه للتعجب … أفعل للتفضيل وأب

‌أفعل التفضيل

صغ من مصوغ منه للتعجب

أفعل للتفضيل وأب اللذ أبى

يصاغ من الأفعال التي يجوز التعجب منها للدلالة على التفضيل وصف على وزن أفعل فتقول زيد أفضل من عمرو وأكرم من خالد كما تقول ما أفضل زيدا وما أكرم خالدا

وما امتنع بناء فعل التعجب منه امتنع بناء أفعل التفضيل منه فلا يبنى من فعل زائد على ثلاثة أحرف كدحرج واستخرج ولا من فعل غير متصرف

كنعم وبئس ولا من فعل

ص: 174

لا يقبل المفاضلة كمات وفنى ولا من فعل ناقص ككان وأخواتها ولا من فعل منفى نحو ما عاج بالدواء وما ضرب ولا من فعل يأتى الوصف منه على أفعل نحو حمر وعور ولا من فعل مبنى للمفعول نحو ضرب وجن وشذ منه قولهم هو أخصر من كذا فبنوا أفعل التفضيل من اختصر وهو زائد على ثلاثة أحرف ومبني للمفعول وقالوا أسود من حلك الغراب وأبيض من اللبن فبنوا أفعل التفضيل شذوذا من فعل الوصف منه على أفعل.

وما به إلى تعجب وصل

لمانع به إلى التفضيل صل

تقدم في باب التعجب أنه يتوصل إلى التعجب من الأفعال التي لم تستكمل الشروط بأشد ونحوها وأشار هنا إلى أنه يتوصل إلى التفضيل من الأفعال التي لم تستكمل الشروط بما يتوصل به في التعجب فكما تقول ما أشد استخراجه تقول هو أشد استخراجا من زيد وكما تقول ما أشد حمرته تقول هو أشد حمرة من زيد لكن المصدر ينتصب في باب التعجب بعد أشد مفعولا وههنا ينتصب تمييزا.

ص: 175

وأفعل التفضيل صله أبدا

تقديرا أو لفظا بمن إن جردا

لا يخلو أفعل التفضيل عن أحد ثلاثة أحوال:

الأول: أن يكون مجردا

الثاني: أن يكون مضافا

الثالث: أن يكون بالألف واللام.

فإن كان مجردا فلا بد أن يتصل به من لفظا أو تقديرا جارة للمفضل نحو زيد أفضل من عمرو وقد تحذف من ومجرورها للدلالة عليهما كقوله تعالى: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً} أي وأعز منك نفرا وفهم من كلامه أن أفعل التفضيل إذا كان بأل أو مضافا لا تصحبه من فلا تقول زيد الأفضل من عمرو ولا زيد أفضل الناس من عمرو.

ص: 176

وأكثر ما يكون ذلك إذا كان أفعل التفضيل خبرا كالآية الكريمة ونحوها وهو كثير في القرآن وقد تحذف منه وهو غير خبر كقوله:

279 -

دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا

فظل فؤادي في هواك مضللا

فـ "أجمل" أفعل تفضيل وهو منصوب على الحال من التاء في دنوت وحذفت منه من والتقدير دنوت أجمل من البدر وقد خلناك كالبدر.

ص: 177

ويلزم أفعل التفضيل المجرد الإفراد والتذكير وكذلك المضاف إلى نكرة وإلى هذا أشار بقوله:

وإن لمنكور يضف أو جردا

ألزم تذكيرا وأن يوحدا

فتقول زيد أفضل من عمرو وأفضل رجل وهند أفضل من عمرو وأفضل امرأة والزيدان أفضل من عمرو وأفضل رجلين والهندان أفضل من عمرو وأفضل امرأتين والزيدون أفضل من عمرو وأفضل رجال والهندات أفضل من عمرو وأفضل نساء فيكون أفعل في هاتين الحالتين مذكرا ومفردا ولا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع.

وتلو أل طبق وما لمعرفه

أضيف ذو وجهين عن ذي معرفه

ص: 178

هذا إذا نويت معنى من وإن

لم تنو فهو طبق ما به قرن

إذا كان أفعل التفضيل ب أل لزمت مطابقته لما قبله في الإفراد والتذكير وغيرهما فتقول زيد الأفضل والزيدان الأفضلان والزيدون الأفضلون وهند الفضلى والهندان الفضليان والهندات الفضل أو الفضليات ولا يجوز عدم مطابقته لما قبله فلا تقول الزيدون الأفضل ولا الزيدان الأفضل ولا هند الأفضل ولا الهندان الأفضل ولا الهندات الأفضل ولا يجوز أن تقترن به من فلا تقول زيد الأفضل من عمرو.

فأما قوله:

ص: 179

280 -

ولست بالأكثر منهم حصى

وإنما العزة للكاثر

فيخرج على زيادة الالف واللام، والاصل: ولست بأكثر منهم، أو جعل " منهم " متعلقا بمحذوف مجرد عن الالف واللام، لا بما دخلت عليه الالف واللام، والتقدير " ولست بالاكثر أكثر منهم ".

ص: 180

وأشار بقوله وما لمعرفة أضيف إلخ إلى أن أفعل التفضيل إذا أضيف إلى معرفة وقصد به التفضيل جاز فيه وجهان:

أحدهما: استعماله كالمجرد فلا يطابق ما قبله فتقول الزيدان أفضل القوم والزيدون أفضل القوم وهند أفضل النساء والهندان أفضل النساء والهندات أفضل النساء.

والثاني: استعماله كالمقرون بالألف واللام فتجب مطابقته لما قبله فتقول الزيدان أفضلا القوم والزيدون أفضلوا القوم وأفاضل القوم وهند فضلى النساء والهندان فضليا النساء والهندات فضل النساء أو فضليات النساء ولا يتعين الاستعمال الأول خلافا لابن السراج وقد ورد الاستعمالان في القرآن فمن استعماله غير مطابق قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} ومن استعماله مطابقا قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} وقد اجتمع الاستعمالان في قوله صلى الله عليه وسلم: " ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني منازل يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون".

والذين أجازوا الوجهين قالوا الأفصح المطابقة ولهذا عيب على صاحب الفصيح في قوله فاخترنا أفصحهن قالوا فكان ينبغي أن يأتي بالفصحى فيقول فصحاهن فإن لم يقصد التفضيل تعينت المطابقة كقولهم الناقص والأشج أعدلا بني مروان أي عادلا بني مروان

وإلى ما ذكرناه من قصد التفضيل وعدم قصده أشار المصنف بقوله هذا إذا نويت معنى من البيت أي جواز الوجهين أعني المطابقة وعدمها

ص: 181

مشروط بما إذا نوى بالإضافة معنى من أي إذا نوى التفضيل وأما إذا لم ينو ذلك فيلزم أن يكون طبق ما اقترن به قيل ومن استعمال صيغة أفعل التفضيل قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} وقوله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ} أي وهو هين عليه وربكم عالم بكم وقول الشاعر:

وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن

بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل

أي لم أكن بعجلهم وقوله:

281 -

إن الذي سمك السماء بنى لنا

بيتا دعائمه أعز وأطول

ص: 182

أي دعائمه عزيزة طويلة وهل ينقاس ذلك أم لا قال المبرد ينقاس وقال غيره لا ينقاس وهو الصحيح وذكر صاحب الواضح أن النحويين لا يرون ذلك وأن أبا عبيدة قال في قوله تعالى: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} إنه بمعنى هين وفي بيت الفرزدق وهو الثاني إن المعنى عزيزة طويلة وإن النحويين ردوا على أبي عبيدة ذلك وقالوا لا حجة في ذلك له.

وإن تكن بتلو من مستفهما

فلهما كن أبدا مقدما

كمثل ممن أنت خير ولدى

إخبار التقديم نزرا وردا

ص: 183

تقدم أن أفعل التفضيل إذا كان مجردا جيء بعده بمن جارة للمفضل عليه نحو زيد أفضل من عمرو ومن ومجرورها معه بمنزلة المضاف إليه من المضاف فلا يجوز تقديمهما عليه كما لا يجوز تقديم المضاف إليه على المضاف إلا إذا كان المجرور بها اسم استفهام أو مضافا إلى اسم استفهام فإنه يجب حينئذ تقديم من ومجرورها نحو ممن أنت خير ومن أيهم أنت أفضل ومن غلام أيهم أنت أفضل وقد ورد التقديم شذوذا في غير الاستفهام وإليه أشار بقوله: ولدى إخبار التقديم نزرا وردا ومن ذلك قوله:

282 -

فقالت لنا أهلا وسهلا وزودت

جنى النحل بل ما زودت منه أطيب

ص: 184

والتقدير بل ما زودت أطيب منه وقول ذي الرمة يصف نسوة بالسمن والكسل:

285 -

ولا عيب فيها غير أن سريعها

قطوف وأن لا شيء منهن أكسل

ص: 185

التقدير وأن لا شيء أكسل منهن وقوله:

284 -

إذا سايرت أسماء يوما ظعينة

فأسماء من تلك الظعينة أملح

التقدير فأسماء أصلح من تلك الظعينة.

ص: 186

ورفعه الظاهر نزر ومتى

عاقب فعلا فكثيرا ثبتا

كلن ترى في الناس من رفيق

أولى به الفضل من الصديق

لا يخلو أفعل التفضيل من أن يصلح لوقوع فعل بمعناه موقعه أولا فإن لم يصلح لوقوع فعل بمعناه موقعه لم يرفع ظاهرا وإنما يرفع ضميرا مستترا نحو زيد أفضل من عمرو ففي أفضل ضمير مستتر عائد على

ص: 187

زيد فلا تقول مررت برجل أفضل منه أبوه فترفع أبوه ب أفضل إلا في لغة ضعيفة حكاها سيبويه فإن صلح لوقوع فعل بمعناه موقعه صح أن يرفع ظاهرا قياسا مطردا وذلك في كل موضع وقع فيه أفعل بعد نفي أو شبهه وكان مرفوعه أجنبيا مفضلا على نفسه باعتبارين نحو ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد ف الكحل مرفوع ب أحسن لصحة وقوع فعل بمعناه موقعه نحو ما رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كزيد ومثله قوله صلى الله عليه وسلم ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم منه في عشر ذي الحجة وقول الشاعر أنشده سيبويه:

285 -

مررت على وادي السباع ولا أرى

كوادي السباع حين يظلم واديا

ص: 188

أقل به ركب أتوه تئية

وأخوف إلا ما وقى الله ساريا

فـ "ركب" مرفوع بأقل فقول المصنف ورفعه الظاهر نزر إشارة إلى الحالة الأولى وقوله ومتى عاقب فعلا إشارة إلى الحالة الثانية.

ص: 189