المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(التوابع) النعت يتبع في الإعراب الأسماء الأول … نعت وتوكيد وعطف وبدل التابع: - شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك - جـ ٣

[ابن عقيل]

الفصل: ‌ ‌(التوابع) النعت يتبع في الإعراب الأسماء الأول … نعت وتوكيد وعطف وبدل التابع:

(التوابع)

النعت

يتبع في الإعراب الأسماء الأول

نعت وتوكيد وعطف وبدل

التابع: هو الاسم المشارك لما قبله في إعرابه مطلقا فيدخل في قولك الاسم المشارك لما قبله في إعرابه سائر التوابع وخبر المبتدأ نحو زيد قائم وحال المنصوب نحو ضربت زيدا مجردا.

ويخرج بقولك مطلقا الخبر وحال المنصوب فإنهما لا يشاركان ما قبلهما في إعرابه مطلقا بل في بعض أحواله بخلاف التابع فإنه يشارك ما قبله في سائر أحواله من الإعراب نحو مررت بزيد الكريم ورأيت زيدا الكريم وجاء زيد الكريم.

ص: 190

والتابع على خمسة أنواع: النعت والتوكيد وعطف البيان وعطف النسق والبدل.

فالنعت تابع متم ما سبق

بوسمه أو وسم ما به أعتلق

عرف النعت بأنه: التابع المكمل متبوعه ببيان صفة من صفاته نحو مررت برجل كريم أو من صفات ما تعلق به وهو سببيه نحو مررت برجل كريم أبوه.

فقوله التابع يشمل التوابع كلها وقوله المكمل إلى آخره مخرج لما عدا النعت من التوابع والنعت يكون للتخصيص نحو مررت بزيد الخياط وللمدح نحو مررت بزيد الكريم ومنه قوله تعالى: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وللذم نحو مررت بزيد الفاسق ومنه قوله تعالى: {فَاسْتَعِذْ بِاللهِ

ص: 191

مِنَ

الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} وللترحم نحو مررت بزيد المسكين وللتأكيد نحو أمس الدابر لايعود وقوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} .

وليعط في التعريف والتنكير ما

لما تلا ك امرر بقوم كرما

النعت يجب فيه أن يتبع ما قبله في إعرابه وتعريفه أو تنكيره نحو مررت بقوم كرماء ومررت بزيد الكريم فلا تنعت المعرفة بالنكرة فلا تقول مررت بزيد كريم ولا تنعت النكرة بالمعرفة فلا تقول مررت برجل الكريم.

ص: 192

وهو لدى التوحيد والتذكيرأو

سواهما كالفعل فأقف ما قفوا

تقدم أن النعت لا بد من مطابقته للمنعوت في الإعراب والتعريف أو التنكير وأما مطابقته للمنعوت في التوحيد وغيره وهي التثنية والجمع والتذكير وغيره وهو التأنيث فحكمه فيها حكم الفعل فإن رفع ضميرا مستترا طابق المنعوت مطلقا نحو زيد رجل حسن والزيدان رجلان حسنان والزيدون رجال حسنون وهند امرأة حسنة والهندان امرأتان حسنتان والهندات نساء حسنات فيطابق في التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع كما يطابق الفعل لو جئت مكان النعت بفعل ف قلت رجل حسن ورجلان حسنا ورجال حسنوا وامرأة حسنت وامرأتان حسنتا ونساء حسن وإن رفع أي النعت اسما ظاهرا كان بالنسبة إلى التذكير والتأنيث على حسب ذلك الظاهر.

وأما في التثنية والجمع فيكون مفردا فيجري مجرى الفعل إذا رفع ظاهرا فتقول مررت برجل حسنة أمه كما تقول حسنت أمه وبامرأتين حسن أبواهما وبرجال حسن آباؤهم كما تقول حسن أبواهما وحسن آباؤهم.

ص: 193

فالحاصل أن النعت إذا رفع ضميرا طابق المنعوت في أربعة من عشرة واحد من ألقاب الإعراب وهي الرفع والنصب والجر وواحد من التعريف والتنكير وواحد من التذكير والتأنيث وواحد من الإفراد والتثنية والجمع وإذا رفع ظاهرا طابقه في اثنين من خمسة واحد من ألقاب الإعراب وواحد من التعريف والتنكير وأما الخمسة الباقية وهي التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع فحكمه فيها حكم الفعل إذا رفع ظاهرا فإن أسند إلى مؤنث أنث وإن كان المنعوت مذكرا وإن أسند إلى مذكر ذكر وإن كان المنعوت مؤنثا وإن أسند إلى مفرد أو مثنى أو مجموع أفرد وإن كان المنعوت بخلاف ذلك.

وأنعت بمشتق كصعب وذرب

وشبهه كذا وذي والمنتسب

ص: 194

لا ينعت إلا بمشتق لفظا أو تأويلا والمراد بالمشتق هنا ما أخذ من المصدر للدلالة على معنى وصاحبه كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة باسم الفاعل وأفعل التفضيل والمؤول بالمشتق كاسم الإشارة نحو مررت بزيد هذا أي المشار إليه وكذا ذو بمعنى صاحب والموصولة نحو مررت برجل ذي مال أي صاحب مال وبزيد ذو قام أي القائم والمنتسب نحو مررت برجل قرشي أي منتسب إلى قريش.

ونعتوا بجملة منكرا

فأعطيت ما أعطيته خبرا

تقع الجملة نعتا كما تقع خبرا وحالا وهي مؤولة بالنكرة ولذلك لا ينعت بها إلا النكرة نحو مررت برجل قام أبوه أو أبوه قائم ولا تنعت بها المعرفة فلا تقول مررت بزيد قام أبوه أو أبوه قائم.

وزعم بعضهم

ص: 195

أنه يجوز نعت المعرف بالألف واللام الجنسية بالجملة وجعل منه قوله تعالى: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} وقول الشاعر:

286 -

ولقد أمر على اللئيم يسبني

فمضيت ثمت قلت لا يعنيني

ص: 196

فـ "نسلخ" صفة لليل ويسبني صفة للئيم ولا يتعين ذلك لجواز كون نسلخ ويسبني حالين.

وأشار بقوله فأعطيت ما أعطيته خبرا إلى أنه لا بد للجملة الواقعة صفة من ضمير يربطها بالموصوف وقد يحذف للدلالة عليه كقوله:

287 -

وما أدرى أغيرهم تناء

وطول الدهر أم مال أصابوا

ص: 197

التقدير أم مال أصابوه فحذف الهاء وكقوله عز وجل واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا أي لا تجزى فيه فحذف فيه وفي كيفية حذفه قولان أحدهما أنه حذف بجملته دفعة واحدة والثاني أنه حذف على التدريج فحذف في أولا فاتصل الضمير بالفعل فصار تجزيه ثم حذف هذا الضمير المتصل فصار تجزى.

وامنع هنا إبقاع ذات الطلب

وإن أتت فالقول أضمر تصب

لا تقع الجملة الطلبية صفة فلا تقول مررت برجل أضربه وتقع

ص: 198

خبرا خلافا لابن الأنباري فتقول زيد أضربه ولما كان قوله فأعطيت ما أعطيته خبرا يوهم أن كل جملة وقعت خبرا يجوز أن تقع صفة قال وامنع هنا إيقاع ذات الطلب أي امنع وقوع الجملة الطلبية في باب النعت وإن كان لا يمتنع في باب الخبر ثم قال فإن جاء ما ظاهره أنه نعت فيه بالجملة الطلبية فيخرج على إضمار القول ويكون القول المضمر صفة والجملة الطلبية معمول القول المضمر.

وذلك كقوله:

288 -

حتى إذا جن الظلام واختلط

جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط

ص: 199

فظاهر هذا أن قوله هل رأيت الذئب قط صفة ل "مذق" وهي جملة طلبية ولكن ليس هو على ظاهره بل هل رأيت الذئب قط مقول لقول مضمر هو صفة ل "مذق" والتقدير بمذق مقول فيه هل رأيت الذئب قط.

فإن قلت هل يلزم هذا التقدير في الجملة الطلبية إذا وقعت في باب الخبر فيكون تقدير قولك زيد اضربه زيد مقول فيه اضربه؟

فالجواب أن فيه خلافا فمذهب ابن السراج والفارسي التزام ذلك ومذهب الأكثرين عدم التزامه.

ونعتوا بمصدر كثيرا

فالتزموا الإفراد والتذكيرا

يكثر استعمال المصدر نعتا نحو مررت برجل عدل وبرجلين عدل

ص: 200

وبرجال عدل وبامرأة عدل وبامرأتين عدل وبنساء عدل ويلزم حينئد الإفراد والتذكير والنعت به على خلاف الأصل لأنه يدل على المعنى لا على صاحبه وهو مؤول إما على وضع عدل موضع عادل أو على حذف مضاف والأصل مررت برجل ذي عدل ثم حذف ذي وأقيم عدل مقامه وإما على المبالغة بجعل العين نفس المعنى مجازا أو ادعاء.

ونعت غير واحد إذا اختلف

فعاطفا فرقه لا إذا ائتلف

ص: 201

إذا نعت غير الواحد فإما أن يختلف النعت أو يتفق.

فإن اختلف وجب التفريق بالعطف فتقول مررت بالزيدين الكريم والبخيل وبرجال فقيه وكاتب وشاعر وإن اتفق جيء به مثنى أو مجموعا نحو مررت برجلين كريمين وبرجال كرماء.

ونعت معمولى وحيدى معنى

وعمل أتبع بغير استثنا

إذا نعت معمولان لعاملين متحدى المعنى والعمل أتبع النعت المنعوت رفعا ونصبا وجرا نحو ذهب زيد وانطلق عمرو العاقلان وحدثت زيدا وكلمت عمرا الكريمين ومررت بزيد وجزت على عمرو الصالحين فإن اختلف معنى العاملين أو عملهما وجب القطع وامتنع الإتباع فتقول جاء زيد وذهب عمرو العاقلين بالنصب على إضمار فعل أي أعنى العاقلين وبالرفع على إضمار مبتدأ أي هما العاقلان وتقول انطلق زيد وكلمت عمرا الظريفين أي أعنى الظريفين أو

الظريفان

ص: 202

أي هما الظريفان ومررت بزيد وجاوزت خالدا الكاتبين أو الكاتبان.

وإن نعوت كثرت وقد تلت

مفتقرا لذكرهن أنبعت

إذا تكررت النعوت وكان المنعوت لا يتضح إلا بها جميعا وجب إتباعها كلها فتقول مررت بزيد الفقيه الشاعر الكاتب.

واقطع أو أتبع إن يكن معينا

بدونها أو بعضها اقطع معلنا

ص: 203

إذا كان المنعوت متضحا بدونها كلها جاز فيها جميعها الإتباع والقطع وإن كان معينا ببعضها دون بعض وجب فيما لا يتعين إلا به الإتباع وجاز فيما يتعين بدونه الإتباع والقطع.

وارفع أو أنصب إن قطعت مضمرا

مبتدأ أو ناصبا لن يظهرا

أي إذا قطع النعت عن المنعوت رفع على إضمار مبتدأ أو نصب على إضمار فعل نحو مررت بزيد الكريم أو الكريم أي هو الكريم أو أعني الكريم.

ص: 204

وقول المصنف لن يظهرا معناه أنه يجب إضمار الرافع أو الناصب ولا يجوز إظهاره وهذا صحيح إذا كان النعت لمدح نحو مررت بزيد الكريم أو ذم نحو مررت بعمرو الخبيث أو ترحم نحو مررت بزيد المسكين فأما إذا كان لتخصيص فلا يجب الإضمار نحو مررت بزيد الخياط أو الخياط وإن شئت أظهرت فتقول هو الخياط أو أعنى الخياط والمراد بالرافع والناصب لفظة هو أو أعنى.

وما من المنعوت والنعت عقل

يجوز حذفه وفي النعت يقل

أي يجوز حذف المنعوت وإقامة النعت مقامه إذا دل عليه دليل نحو قوله تعالى: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} أي دروعا سابغات وكذلك يحذف النعت إذ دل عليه دليل لكنه قليل ومنه قوله تعالى: {قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} أي البين وقوله تعالى: {ِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} .أي الناجين.

ص: 205