المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إعمال اسم الفاعل - شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك - جـ ٣

[ابن عقيل]

الفصل: ‌إعمال اسم الفاعل

‌إعمال اسم الفاعل

كفعله اسم فاعل في العمل

إن كان عن مضيه بمعزل

لا يخلو اسم الفاعل من أن يكون معرفا بأل أو مجردا فإن كان مجردا عمل عمل فعله من الرفع والنصب إن كان مستقبلا أو حالا نحو هذا ضارب زيدا الآن أو غدا وإنما عمل لجريانه على الفعل الذي هو بمعناه وهو المضارع ومعنى جريانه عليه أنه موافق له في الحركات والسكنات لموافقة ضارب ل يضرب فهو مشبه للفعل الذي هو بمعناه لفظا ومعنى وإن كان بمعنى الماضي لم يعمل لعدم جريانه على الفعل الذي هو بمعناه فهو مشبه له معنى لا لفظا فلا تقول هذا ضارب زيدا أمس بل يجب إضافته فتقول هذا ضارب زيد أمس وأجاز الكسائي إعماله وجعل منه قوله تعالى: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ}

ص: 106

إف ذراعيه منصوب ب باسط وهو ماض وخرجه غيره على أنه حكاية حال ماضية.

وولى استفهاما أو حرف ندا

أو نفيا أو جا صفة أو مسندا

أشار بهذا البيت إلى أن اسم الفاعل لا يعمل إلا إذا اعتمد على شيء قبله كأن يقع بعد الاستفهام نحو أضارب زيد عمرا أو حرف النداء نحو يا طالعا جبلا أو النفي نحو ما ضارب زيد عمرا أو يقع نعتا نحو مررت برجل ضارب زيدا أو حالا نحو جاء زيد راكبا فرسا ويشمل هذين النوعين قوله أو جا صفة وقوله أو مسندا معناه أنه يعمل إذا وقع خبرا وهذا يشمل خبر المبتدأ نحو زيد ضارب عمرا وخبر ناسخه أو مفعوله نحو كان زيد ضاربا عمرا وإن زيدا ضارب عمرا وظننت زيدا ضاربا عمرا وأعلمت زيدا عمرا ضاربا بكرا.

ص: 107

وقد يكون نعت محذوف عرف

فيستحق العمل الذي وصف

قد يعتمد اسم الفاعل على موصوف مقدر فيعمل عمل فعله كما لو اعتمد على مذكور ومنه قوله:

256 -

وكم مالئ عينيه من شيء غيره

إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى

ص: 108

فـ "عينيه" منصوب بـ "مالئ" ومالئ صفة لموصوف محذوف وتقديره وكم شخص مالئ ومثله قوله:

257 -

كناطح صخرة يوما ليوهنها

فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

التقدير كوعل ناطح صخرة.

ص: 109

وإن يكن صلة أل ففي المضى

وغيره إعماله قد ارتضى

إذا وقع اسم الفاعل صلة للألف واللام عمل ماضيا ومستقبلا وحالا لوقوعه حينئذ موقع الفعل إذ حق الصلة أن تكون جملة فتقول هذا الضارب زيدا الآن أو غدا أو أمس هذا هو المشهور من قول النحويين وزعم جماعة من النحويين منهم الرماني أنه إذا وقع صلة لأل لا يعمل إلا ماضيا ولا يعمل مستقبلا ولا حال وزعم بعضهم أنه لا يعمل مطلقا وأن المنصوب بعده منصوب بإضمار فعل والعجب أن هذين المذهبين ذكرهما المصنف في التسهيل وزعم ابنه بدر الدين في شرحه أن اسم الفاعل إذا وقع صلة للألف واللام

عمل

ص: 110

ماضيا ومستقبلا وحالا باتفاق وقال بعد هذا أيضا ارتضى جميع النحويين إعماله يعني إذا كان صلة لأل.

فعال أو مفعال أو فعول

في كثرة عن فاعل بديل

فيستحق ماله من عمل

وفي فعيل قل ذا وفعل

يصاغ للكثرة فعال ومفعال وفعول وفعيل وفعل فيعمل عمل الفعل على حد اسم الفاعل وإعمال الثلاثة الأول أكثر من إعمال فعيل وفعل وإعمال فعيل أكثر من إعمال فعل فمن إعمال فعال ما سمعه سيبويه من قول بعضهم: أما العسل فأنا شراب

وقول الشاعر:

ص: 111

258 -

أخا الحرب لباسا إليها جلالها

وليس بولاج الخوالف أعقلا

فـ "العسل" منصوب بـ "شراب" و"جلالها" منصوب بـ "لباس".

ص: 112

ومن إعمال مفعال قول بعض العرب: إنه لمنحار بوائكها ف بوائكها منصوب ب منحار

ومن إعمال فعول قول الشاعر:

259 -

عشية سعدى لو تراءت

لراهب بدومة تجر دونه وحجيج

قلى دينه واهتاج للشوق إنها

على الشوق إخوان العزاء هيوج

ص: 113

فـ "إخوان" منصوب بـ "هيوج" ومن إعمال فعيل قول بعض العرب: إن الله سميع دعاء من دعاه فـ "دعاء" منصوب بـ "سميع" ومن إعمال فعل ما أنشده سيبويه:

260 -

حذر أمورا لا تضير وآمن

ما ليس منجيه من الأقدار

ص: 114

وقوله:

261 -

أتاني أنهم مزقون عرضى

جحاش الكرملين لها فديد

فـ "أمورا" منصوب بـ "حذر" وعرضى منصوب بـ "مزق".

ص: 115

وما سوى المفرد مثله جعل

في الحكم والشروط حيثما عمل

ما سوى المفرد هو المثنى والمجموع نحو الضاربين والضاربتين والضاربين والضراب والضوارب والضاربات فحكمها حكم المفرد في العمل وسائر ما تقدم ذكره من الشروط فتقول هذان الضاربان زيدا وهؤلاء القاتلون بكرا وكذلك الباقي ومنه قوله:

262 -

أوالفا مكة من ورق الحمى

ص: 116

أصله الحمام وقوله

263 -

ثم زادوا أنهم في قومهم

غفر ذنبهم غير فخر

ص: 117

وانصب بذى الإعمال تلوا واخفض

وهو لنصب ما سواه مقتضى

يجوز في اسم الفاعل العامل إضافته إلى ما يليه من مفعول ونصبه له فتقول هذا ضارب زيد وضارب زيدا فإن كان له مفعولان وأضفته إلى أحدهما وجب نصب الآخر فتقول هذا معطى زيد درهما ومعطى درهم زيدا.

واجرر أو انصب تابع الذي انخفض

كـ "مبتغى جاه ومالا من نهض"

يجوز في تابع معمول اسم الفاعل المجرور بالإضافة الجر والنصب

نحو:

ص: 118

هذا ضارب زيد وعمرو وعمرا فالجر مراعاة للفظ والنصب على إضمار فعل وهو الصحيح والتقدير ويضرب عمرا أو مراعاة لمحل المخفوض وهو المشهور وقد روى بالوجهين قوله:

264 -

الواهب المائة الهجان

وعبدها عوذا تزجى بينها أطفالها

ص: 119

بنصب عبد وجره وقال الآخر:

265 -

هل أنت باعث دينار لحاجتنا

أو عبد رب أخا عون بن مخراق

بنصب عبد عطفا على محل دينار أو على إضمار فعل والتقدير أو تبعث عبد رب.

ص: 120

وكل ما قرر لأسم فاعل

يعطى اسم مفعول بلا تفاضل

فهو كفعل صيغ للمفعول في

معناه ك المعطى كفافا يكتفى

جميع ما تقدم في اسم الفاعل من أنه إن كان مجردا عمل إن كان بمعنى الحال أو الاستقبال بشرط الاعتماد وإن كان بالألف واللام عمل مطلقا يثبت لاسم المفعول فتقول أمضروب الزيدان الآن أو غدا أو جاء المضروب أبوهما الآن أو غدا أو أمس وحكمه في المعنى والعمل حكم الفعل المبني للمفعول فيرفع المفعول كما يرفعه فعله فكما تقول ضرب الزيدان تقول أمضروب الزيدان وإن كان له مفعولان رفع أحدهما ونصب الآخر نحو: المعطى كفافا

ص: 121

يكتفى فالمفعول الأول ضمير مستتر عائد على الألف واللام وهو مرفوع لقيامه مقام الفاعل وكفافا المفعول الثاني.

وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفع

معنى كـ "محمود المقاصد الورع"

يجوز في اسم المفعول أن يضاف إلى ما كان مرفوعا به فتقول في قولك زيد مضروب عبده زيد مضروب العبد فتضيف اسم المفعول إلى ما كان مرفوعا به ومثله الورع محمود المقاصد والأصل الورع محمود مقاصده ولا يجوز ذلك في اسم الفاعل فلا تقول مررت برجل ضارب الأب زيدا تريد ضارب أبوه زيدا.

ص: 122