الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجلد الرابع
تابع القسم الثاني: شرح الأشموني على ألفية بن مالك المسمى "منهج المسالك إلى ألفية بن مالك
"
الوقف
…
بسم الله الرحمن الرحيم
الوَقْفُ:
[وما يلزمه من تغييرات]
881-
تَنْوِيناً أثْرَ فَتْحٍ اجْعَلْ أَلِفَا
…
وَقْفَاً وَتِلْوَ غَيْرِ فَتْحٍ احْذِفَا
الوقف قطع النطق عند آخر الكلمة، والمراد هنا الاختياري، وهو غير الذي يكون استثباتاً، وإنكاراً، وتذكراً، وترنما. وغالبه يلزمه تغييرات، وترجع إلى سبعة أشياء: السكون، والروم، والإشمام، والإبدال، والزيادة، والحذف، والنقل، وهذه الأوجه مختلفة في الحسن والمحل، وستأتي مفصلة.
[الوقف على المنون]
واعلم أن في الوقف على المنون ثلاث لغات:
الأولى: وهي الفصحى، أن يوقف عليه بإبدال تنوينه ألفاً إن كان بعد فتحة، وبحذفه إن كان بعد ضمة أو كسرة بلا بدل، تقول: رأيت زيدا، وهذا زيد، ومررت بزيد.
والثانية: أن يوقف عليه بحذف التنوين وسكون الآخر مطلقاً، ونسبها المصنف إلى ربيعة.
والثالثة: أن يوقف عليه بإبدال التنوين ألفاً بعد الفتحة، وواواً بعد الضمة، وياء بعد الكسرة، ونسبها ال
تنبيهات: الأول: شمل قوله "اثر فتح" فتحة الإعراب، نحو:"رأيت زيدا، وفتحة البناء نحو: "أيها" و"ويها"، فكلا النوعين يبدل تنوينه ألفا على المشهور.
الثاني: يستثنى من المنون المنصوب ما كان مؤنثا بالتاء، نحو: قائمة؛ فإن تنوينه لا يبدل، بل يحذف، وهذا في لغة من يقف بالهاء وهي الشهيرة، وأما من يقف بالتاء فبعضهم يجريها مجرى المحذوف؛ فيبدل التنوين ألفا؛ فيقول:"رأيت قائمتا"، وأكثر أهل هذه اللغة يسكنها لا غير.
الثالث: المقصور المنون يوقف عليه بالألف، نحو:"رأيت فتى"، وفي هذه الألف ثلاثة مذاهب؛ الأول: أنها بدل من التنوين في الأحوال الثلاث، واستصحب حذف الألف المنقلبة وصلا ووقفا، وهو مذهب أبي الحسن والفراء والمازني، وهو المفهوم من كلام الناظم هنا؛ لأنه تنوين بعد فتحة، والثاني: أنها الألف المنقلبة في الأحوال الثلاث، وأن التنوين حذف؛ فلما حذف عادت الألف، وهو مروي عن أبي عمرو والكسائي والكوفيين، وإليه ذهب ابن كيسان والسيرافي، ونقله ابن الباذش عن سيبويه والخليل، وإليه ذهب المصنف في الكافية، قال في شرحها: ويقوي هذا المذهب ثبوت الرواية بإمالة الألف وقفا والاعتداد بها رويا، وبدل التنوين غير صالح لذلك، ثم قال: ولا خلاف في المقصور غير المنون أن لفظه في الوقف كلفظه في الوصل، وأن ألفه لا تحذف إلا في ضرورة، كقول الشاعر1 [من الرمل] :
1196-
[وقَبِيلٌ من لُكَيزٍ شاهدٌ]
…
رَهْطُ ابنِ مَرْجُومٍ وَرَهْطُ ابنِ المُعَلْ
1 في طبعة محيي الدين عبد الحميد: "الراجز" وفيه "رهط ابن مرجوم"، وهذا تحريف.
1196-
التخريج: البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص199؛ والأشباه والنظائر 1/ 272؛ والخصائص 2/ 293؛ والدرر 6/ 245؛ وشرح شواهد الإيضاح ص320؛ وشرح شواهد الشافية ص207؛ والكتاب 4/ 188؛ ولسان العرب 12/ 229 "رجم"؛ المقاصد النحوية 4/ 548؛ والممتع في التصريف 2/ 622؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص466؛ والدرر 6/ 298؛ وصف المباني ص36؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 522، 728؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 285، 303، 308؛ والمحتسب 1/ 342؛ والمقرب 2/ 39؛ وهمع الهوامع 2/ 157.
اللغة: القبيل: القبيلة. لكيز: ابن أفصى بن عبد قيس. شاهد: حاضر. الرهط: القوم. مرجوم: لقب الرجل اسمه لبيد فاخر رجلا عند النعمان، فقال له النعمان: رجمك بالشرف. ابن المعل: هو ابن المعلى قصره للضروروة.
الإعراب: وقبيل: "الواو": بحسب ما قبلها، "قبيل": مبتدأ. من لكيز: جار ومجرور متعلقان
أراد ابن المعلى. انتهى. ومثال الاعتداد بها رويا قول الراجز:
1197-
إنكَ يا بنَ جَعْفَرَ نِعْمَ الْفَتَى
…
[ونعم مأوى طارق إذا أتى]
إلى قوله:
وَرُبَّ ضَيْفٍ طَرَقَ الْحَيَّ سُرًى
…
[صَادَفَ زادًا وحديثًا ما اشتهَى] 1
= بمحذوف نعت "قبيل". شاهد: خبر المبتدأ. رهط: بدل من "قبيل"، وهو مضاف. مرجوم: مضاف إليه مجرور. ورهط ابن المعل: معطوف على "رهط ابن مرجوم" وتعرب إعرابها.
وجملة "قبيل شاهد": ابتدائية لا محل لها.
الشاهد في قوله: "ابن المعل" حيث قصره بحذف التشديد والألف في الوقف، وأصله:"ابن المعلَّى". وهذا القصر للضرورة الشعرية وهو شاذ.
1197-
التخريج: الرجز للشماخ في ديوانه ص464-465؛ والمقاصد النحوية 4/ 546.
اللغة: المأوى: الملجأ. الطارق: الزائر ليلا. سرى: سار ليلا.
الإعراب: إنك حرف مشبه بالفعل، و"الكاف" ضمير في محل نصب اسم "إن". يا: حرف نداء. ابن: منادى مضاف منصوب. جعفر: مضاف إليه. نِعْمَ: فعل ماض لإنشاء المدح. الفتى: فاعل مرفوع. ونعم: "الواو": حرف عطف، "نعم": فعل ماض لإنشاء المدح. مأوى: فاعل مرفوع، وهو مضاف. طارق: مضاف إليه. إذا ظرف زمان متعلق بالفعل "نعم". أتى: فعل ماض، فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". ورب: "الواو": حرف عطف "رب": حرف جر شبيه بالزائد. طيف: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ. طرق: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". الحي: مفعول به منصوب. سرى: حال منصوبة "أي سائر ليلا". صادف: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". زادا: مفعول به. وحديثا "الواو": حرف عطف، "حديثا": معطوف على "زادا" منصوب. "ما" اسم موصول بدل من "زادا"، يمكن أن تكون زائدة. اشتهى: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هو".
وجملة "إنك نعم الفتى": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة النداء اعتراضية لا محل لها من الإعراب. وجملة "نعم الفتى": في محل رفع خبر "إن". وجملة "نعم مأوى": معطوفة على سابقتها. وجملة "أتى": في محل جر بالإضافة. وجملة "رب طيف
…
": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "طرق الحي": في محل رفع نعت المبتدأ "طيف". وجملة "صادف
…
": في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة "اشتهى": في محل نصب صفة لـ"زادا" أو "حديثا"، أو صلة الموصول لا محل لها.
الشاهد فيه قوله: "سرى" حيث نونه، وهو مقصور، المقصور المنون يوقف عليه بالألف، وقوله "ما اشتهى" حيث المراد "ما اشتهاه" فحذف "الهاء" التي هي المفعول به، مع إرادتها للضرورة الشعرية.
1 في المقاصد النحوية 4/ 547: "الاستشهاد فيه في قوله: "سرى" فإنه منون وهو مقصور، والمقصور المنون يوقف عليه بالألف، نحو: "رأيت فتى"، وفي هذه الألف ثلاثة مذاهب: الأول أنها بدل من التنوين في الأحوال الثلاث وهو مذهب أبي الحسن والفراء والمازني أنها الألف المنقلبة في الأحوال الثلاث وأن التنوين حذف، فلما عادت الألف وهو مذهب الكوفيين وروي عن أبي عمرو والكسائي وإليه ذهب ابن كيسان والسيراف وابن مالك في الكافية. وقال في شرحها: ويقوي هذا المذهب ثبوت الرواية بإمالة الألف وقفا، والاعتداد بها روِيًّا
…
".
والثالث اعتباره بالصحيح؛ فالألف في النصب بدل من التنوين، وفي الرفع والجر بدل من لام الكلمة، وهذا مذهب سيبويه فيما نقله أكثرهم، قيل: وهو مذهب معظم النحويين، وإليه ذهب أبو علي في غير التذكرة، وذهب في التذكرة إلى موافقة المازني.
[الوقف على هاء الضمير] :
882-
"
وَاحْذِفِ لِوَقْفٍ فِي سِوَى اضْطِرَارِ
…
صِلَةَ غَيْرِ الْفَتْحِ في الإضْمَارِ
يعني إذا وقف على هاء الضمير؛ فإن كانت مضمومة أو مكسورة حذفت صلتها ووقف على الهاء ساكنة، تقول: لَهْ وبِهْ، بحذف الواو والياء، وإن كانت مفتوحة نحو: رأيتُهَا وقف على الألف ولم تحذف، واحترز بقوله "في سوى اضطرار" من وقوع في الشعر، وإنما يكون ذلك آخر الأبيات، وذكر في التسهيل أنه قد يحذف ألف ضمير الغائبة منقولا فتحة إلى ما قبله، اختيارا كقول بعض طيئ:"والكرامة ذاتِ أكرمَكُمُ اللهِ بِهْ" يريد "بِهَا"، واستشكل قوله:"اختيارا" فإنه يقتضي جواز القياس عليه، وهو قليل.
[الوقف على "إذا"] :
883-
"
وأشْبَهَتْ إذَا منوَّنًا نُصِبْ
…
فألفًا في الوقْفِ نُونُها قُلِبْ
اختلف في الوقف على "إذا"؛ فذهب الجمهور إلى أنه يوقف عليها بالألف لشبهها بالمنون المنصوب، وذهب بعضهم إلى أنه يوقف عليها بالنون لأنها بمنزلة "أنْ"، ونقل عن المازني والمبرد، واختلف في رسمها على ثلاثة مذاهب؛ أحدها: أنها تكتب بالألف، قيل: وهو الأكثر، وكذلك رسمت في المصحف، والثاني: أنها تكتب بالنون، قيل: إليه ذهب
المبرد والأكثرون، وصححه ابن عصفور، وعن المبرد: أشتهى أن أكوي يد من يكتب "إذن" بالألف، لأنها مثل "أن" و"لن"، ولا يدخل التنوين في الحروف، والثالث: التفصيل فإن ألغيت كتبت بالألف لضعفها، وإن أعملت كتبت بالنون لقوتها، قاله الفراء، وينبغي أن يكون هذا الخلاف مفرعا على قول من يقف بالألف، وأما من يقف بالنون فلا وجه لكتابتها عنده بغير النون.
[الوقف على الاسم المنقوص] :
884-
"
وَحَذْفُ يَا المَنْقُوص ذِي التنْوِينِ -مَا
…
لَمْ يُنْصَبَ- أوْلَى مِنْ ثُبُوتٍ فَاعْلَمَا
885-
وَغَيْرُ ذِي التَّنْوِينِ بِالعَكْسِ، وَفي
…
نَحْو مُرٍ لُزُومُ رَدِّ الْيَا اقتُفِي
أي: إذا وقف على المنقوص المنون؛ فإن كان منصوبا أبدل من تنوينه ألف، نحو:"رأيت قاضيا"، وإن كان غير منصوب فالمختار الوقف عليه بالحذف؛ فيقال:"هذا قاضٍ"، و"مررت بقاضٍ"، ويجوز الوقف عليه برد الياء، كقراءة ابن كثير:"وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادِي"1، و"مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالي"2، و"مَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقي"3، ومحل ما ذكر إذا لم يكن المنقوص محذوف العين؛ فإن كان تعين الرد كما سيأتي في قوله "وفي نحو مر لزوم رد اليا اقتفى".
وأما غير المنون فقد أشار إليه بقوله: "وغير ذي التنوين بالعكس" أي: المنقوص غير المنون بالعكس من المنون؛ فإثبات الياء فيه أولى من حذفها، وليس الحذف مخصوصا بالضرورة، خلافا لبعضهم، وقد دخل تحت قوله:"غير ذي التنوين" أربعة أشياء:
الأول: المقرون بـ "أل"، وهو إن كان منصوبا فهو كالصحيح، نحو:"رأيت القاضي"، فيوقف عليه بإثبات الياء وجها وحدا، وإن كان مرفوعا أو مجرورا فكما ذكر؛ فالمختار "جاء القاضي"، و"مررت بالقاضي" بالإثبات، ويجوز "القاض" بالحذف.
1 الرعد: 7.
2 الرعد: 11.
3 النحل: 96.
والثاني: ما سقط تنوينه للنداء، نحو:"يا قاض" فالخليل يختار فيه الإثبات، ويونس يختار فيه الحذف، ورجح سيبويه مذهب يونس؛ لأن النداء محل حذف، ولذلك دخل فيه الترخيم، ورجح غيره مذهب الخليل؛ لأن الحذف مجاز، ولم يكثر فيرجع بالكثرة.
والثالث: ما سقط تنوينه لمنع الصرف، نحو:"رأيت جواري" نصبا؛ فيوقف عليه بإثبات الياء كما تقدم في المنصوب.
والرابع: ما سقط تنوينه للإضافة، نحو:"قاضي مكة" فإذا وقف عليه جاز فيه الوجهان الجائزان في المنون، قالوا: لأنه لما زالت الإضافة بالوقف عليه عاد إليه ما ذهب بسببها وهو التنوين، فجاز فيه ما جاز في المنون.
فقد بان لك أن كلام الناظم معترض من وجهين؛ أحدهما: أن عبارته شاملة لهذه الأنواع الأربعة، وليس حكمها واحدا، والآخر أنه لم يستثن المنصوب وهو متعين الإثبات كما ذكر ذلك في الكافية.
"وَفي نَحْو مُرٍ لُزُومُ رَدِّ الْيَا اقتُفِي" يعني إذا كان المنقوص محذوف العين، نحو:"مر" اسم فاعل من "أرأى"1 يرئي أصله مرئي على وزن مفعل، فأُعِلَّ إعلال "قاض" وحذفت عينه وهي الهمزة بعد نقل حركتها، فإنه إذا وقف عليه لزم رد الياء، وإلا لزوم بقاء الاسم على أصل واحد وهو الراء، وذلك إجحاف بالكلمة، ومثله في ذلك محذوف الفاء كَيَفِ عَلَمًا فتقول: هذا مُرِي ويَفِي، ومررت بمُرِي ويَفِي.
[الوقف على المتحرك] :
886-
"
وَغَيْرَهَا التَّأنِيْثِ منْ مُحَركِ سَكِّنْهُ
…
أوْ قِفْ رَائِمَ التَّحَرُّكِ
887-
أو أشْمِمِ الضَّمَّةَ، أَوْ قِفْ مُضْعِفَا
…
مَا لَيْسَ هَمْزَاً أَوْ عَلِيْلاً إنْ قَفَا
888-
مُحَرَّكًا، وَحَرَكَاتٍ انْقُلَا
…
لِسَاكِنٍ تَحْرِيكُهُ لَنْ يُحْظَلَا
1 هذا هو الأصل في هذا الفعل، وهذا الأصل غير مستعمل، والمستعمل: أرى يرى.
في الوقف على المتحرك خمسة أوجه: الإسكان، والروم، والإشمام، والتضعيف، والنقل، ولكل منها حد وعلامة.
فالإسكان: عدم الحركة، وعلامته "خ" فوق الحرف، وهي الخاء من "خف" أو "خفيف".
والإشمام: ضم الشفتين بعد الإسكان في المرفوع والمضموم، للإشارة للحركة من غير صوت، والغرض به الفرق بين الساكن والمسكن في الوقف، وعلامته نقطة قدام الحرف هكذا.
والروم: وهو أن تأتي بالحركة مع إضعاف صوتها، والغرض به هو الغرض بالإشمام، إلا أنه أتم في البيان من الإشمام؛ فإنه يدركه الأعمى والبصير، والإشمام لا يدركه إلا البصير؛ ولذلك جعلت علامته في الخط أتم، وهو خط قدام الحرف هكذاـ.
والتضعيف: تشديد الحرف الذي يوقف عليه، والغرض به الإعلام بأن هذا الحرف متحرك في الأصل، والحرف المزيد للوقف هو الساكن الذي قبله وهو المدغم، وعلامته شين فوق الحرف، وهو الشين من "شديد".
والنقل: تحويل الحركة إلى الساكن قبلها، والغرض إما بيان حركة الإعراب، أو الفرار من التقاء الساكنين، وعلامته عدم العلامة، وسيأتي تفصيل ذلك.
فإن كان المتحرك هاء التأنيث لم يوقف عليها إلا بالإسكان، وليس لها نصيب في غيره، ولذلك قدم استثناءها، وإن كان غيرها جاز أن يوقف عليها بالإسكان وهو الأصل، والروم مطلقا، أعني في الحركات الثلاث، يحتاج فلي الفتحة إلى رياضة لخفة الفتحة، ولذلك لم يجزه أكثر القراء في المفتوح، ووافقهم أبو حاتم. ويجوز الإشمام والتضعيف والنقل، لكن بالشروط الآتية، وقد أشار إلى الإشمام بقوله:"أو أشمم الضمة" أي: إعرابية كانت أو بنائية، وأما غير الضمة وهو الفتحة والكسرة فلا إشمام فيهما، وأما ما ورد من الإشمام في الجر عن بعض القراء فمحمول على الروم؛ لأن بعض الكوفيين يسمي الروم إشماما، ولا مشاحة في الأصطلاح، ثم أشار إلى التضعيف بقوله:"أو قِفْ مُضعِفًا – ما ليس همزا أو عليلا إن قفا": أي تبع "محركا" كقولك في "جعفر": "جعفرّ"، وفي "وعل":"وعل"، وفي "ضارب":"ضاربّ". واحترز بالشرط الأول، من نحو: "بناء وخطاء فلا
يجوز تضعيفه؛ لأن العرب اجتنبت إدغام الهمزة ما لم تكن عينا، وبالشرط الثاني من نحو سرو وبقي القاضي والفتى؛ فلا يجوز تضعيفه، وبالثالث من نحو بكر؛ فلا يجوز تضعيفه. ثم أشار إلى النقل بقوله:
وَحَرَكَاتٍ انْقُلَا
…
لِسَاكِنٍ تَحْرِيكُهُ لَنْ يُحْظَلَا
أي: يجوز نقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى ما قبله بشرطين: أحدهما أن يكون ساكنا، والآخر أن يكون تحريكه لن يحظل، أي لن يمنع، فتقول في نحو "بكر":"هذا بكر"، و"مررت ببكر"، ومنه قوله [من الرجز] :
1198-
عَجِبْتُ وَالْدَّهْرُ كَثِيْرٌ عَجَبُهْ
…
مِنْ عَنَزِيَ سَبَّنِي لَمْ أَضْرِبُهْ
أراد: لم أضربه، فنقل ضمة الهاء إلى الباء، فإن لم يكن المنقول إليه ساكنا أو كان ولكن غير قابل للتحريك: إما لكون تحريكه متعذرا كما في نحو: ناب وباب أو متعسرا، كما في نحو: قنديل وعصفور وزيد وثوب لثقل الحركة على الياء والواو، أو مستلزما لفك إدغام ممتنع الفك في غير الضرورة، كما في نحو؛ جد وعم، امتنع النقل.
1198- التخريج: الرجز زيادة الأعجم في ديوانه ص45؛ والدرر 6/ 303؛ وشرح شواهد الإيضاح ص286؛ وشرح شواهد الشافية ص261؛ والكتاب 4/ 180؛ ولسان العرب 12/ 554 "لمم"؛ وبلا نسبة وشرح المفصل 9/ 70؛ والمحتسب 1/ 196؛ وهمع الهوامع 2/ 208.
اللغة: العنزي: نسبة إلى عنزة بن أسد بن ربيعة.
الإعراب: عجبت: فعل ماض، و"التاء": ضمير في محل رفع فاعل. والدهر: "الواو": حرف اعتراض، "الدهر": مبتدأ مرفوع. كثير: خبر المبتدأ مرفوع. عجبه: فاعل لـ"كثير" مرفوع، وهو مضاف، و"الهاء": ضمير في محل جر بالإضافة. من عنزي: جار ومجرور متعلقان بـ"عجب". سبني: فعل ماض، "والنون": للوقاية، و"الياء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". لم: حرف نفي وجزم وقلب. أضربه: فعل مضارع مجزوم، و"الهاء": ضمير في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنا".
وجملة "عجبت": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "الدهر كثير عجبه": اعتراضية لا محل لها. وجملة "سبني": في محر جر نعت "عنزي". وجملة "لم أضربه": معطوفة بحرف عطف مقدر على سابقتها.
الشاهد فيه قوله: "لم أضربه" حيث نقل حركة الهاء إلى الحرف الذي قبلها، لتكون أبين للهاء في الوقف، والأصل:"أضربه""بتسكين الباء".
تنبيهان: الأول: يجوز في لغة لخم الوقف ينقل الحركة إلى المتحرك كقوله [من الرجز] :
1199-
مَنْ يَأْتَمِرْ لِلْخَيْرِ فِيْمَا قَصَدُهْ
…
تُحْمَدْ مَسَاعِيْهِ وَيُعْلَمْ رَشَدُهْ
ومن لغتهم الوقف على هاء الغائبة بحذف الألف ونقل فتحة الهاء إلى المتحرك قبلها، كقوله:"كنت في لخم أخافَهْ"، أراد أخافَها، ففعل ما ذكر.
الثاني: أطلق الحركات، وهو شامل للإعرابية والبنائية، والذي عليه الجماعة اختصاصه بحركة الإعراب؛ فلا يقال: من قبل، ولا من بعد، ولا مضى أمس؛ لأن حرصهم على معرفة حركة الإعراب ليس كحرصهم على معرفة حركة البناء، وقال بعض المتأخرين: بل الحرص على حركة البناء آكد؛ لأن حركة الإعراب لها ما يدل عليها وهو العامل، ا. هـ.
وقد بقي للنقل شرط مختلف فيه أشار إليه بقوله:
1199- التخريج: الرجز بلا نسبة في الدرر 6/ 304؛ والمقاصد النحوية 4/ 552؛ وهمع الهوامع 2/ 208.
اللغة: ائتمر للخير: باشره. قصده: عزم على القيام به. الرشد: التعقل.
الإعراب: من: اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ. يأتمر: فعل مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". للخير: جار ومجرور متعلقان بـ"يأتمر". فيما: جاز ومجرور متعلقان بـ"يأتمر". قصده: فعل ماض، و"الهاء": ضمير في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". تحمد: فعل مضارع للمجهول مجزوم لأنه جواب الشرط. مساعيه: نائب فاعل مرفوع، وهو مضاف، و"الهاء": ضمير في محل جر بالإضافة. ويعلم: "الواو": حرف عطف، "يعلم" فعل مضارع للمجهول مجزوم. رشده: نائب فاعل مرفوع، وهو مضاف، و"الهاء": ضمير في محل جر بالإضافة.
وجملة "من يأتمر
…
تحمد مساعيه": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "قصده": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "تحمد مساعيه": جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء أو بـ"إذا" لا محل لها من الإعراب. وجملة "يعلم رشد": معطوفة على سابقتها. وجملة "يأتمر" جملة الشرط غير الظرفي في لا محل لها. ومجموع جملتي الشرط والجواب خبر المبتدأ "من" محله الرفع.
الشاهد فيه قوله: "قصده" حيث ضم الدال، والأصل فتحها، ولكنه لما وقف نقل حركة الهاء إلى الحرف الذي قبلها وهو الدال.
889-
"
وَنَقْلُ فَتْحٍ مِنْ سِوَى المَهْمُوزِ لَا
…
يَرَاهُ بَصْرِىٌّ، وَكُوْفٍ نَقَلَا
يعني أن البصرييين منعوا نقل الفتحة إذا كان المنقول عنه غير همزة؛ فلا يجوز عندهم: رأيت بكر، ولا ضربت الضرب؛ لما يلزم على النقل حينئذ في المنون من حذف ألف التنوين، وحمل غير المنون عليه. وأجاز ذلك الكوفيون، وقيل عن الجرمي أنه أجازه، وعن الأخفش أنه أجازه في المنون على لغة من قال:"رأيت بكر"، وأشار بقوله:"من سوى المهموز" إلى أن المهموز يجوز نقل حركته وإن كان فتحة، فيقال:"رأيت الخبأ والردأ والبطأ"، في "رأيت الخبء والردء والبطء"، وإنما اغتفر ذلك في الهمزة لثقلها، وإذا سكن من قبل الهمزة الساكنة كان النطق بها أصعب.
890-
وَالنقْلُ إنْ يُعْدَمْ نَظِيْرٌ مُمْتَنِعْ
…
وَذَاكَ فِي المَهْمُوزِ لَيْسَ يَمْتَنِعْ
"وَالنقْلُ إنْ يُعْدَمْ نَظِيْرٌ مُمْتَنِعْ" فلا تنقل ضمة إلى مسبوق بكسرة، ولا كسرة إلى مسبوق بضمة؛ فلا يجوز النقل، في نحو:"هذا بشر" بالاتفاق لما يلزم عليه من بناء فعل، ولا في نحو:"انتفعت بقفل" خلافا للأخفش؛ لما يلزم عليه من بناء فعل، وهو مهمل في الأسماء أو نادر. هذا في غير المهموز، وأما المهموز فيجوز فيه ذلك كما أشار إليه بقوله:"وذاك في المهموز ليس يمتنع"؛ فتقول "هذا ردء ومررت بكفء" لما مر التنبيه عليه من ثقل الهمزة، وهذه لغة كثير من العرب، منهم تميم وأسد، وبعض تميم يفرون من هذا النقل الموقع في عدم النظير إلى إتباع العين للفاء؛ فيقولون: هذا ردئ مع كفؤ، وبعضهم يتبع ويبدل الهمزة بعد الإتباع، فيقولون: هذا ردي مع كفو.
تنبيهان: الأول: لجواز النقل شرط رابع، وهو أن يكون المنقول منه صحيحا؛ فلا ينقل من نحو طبي ودلو.
الثاني: إذا نقلت حركة الهمزة حذفها الحجازيون واقفين على حامل حركتها كما يوقف عليه مستبدلا بها؛ فيقولون "هذا الخب" بالإسكان والروم والإشمام وغير ذلك بشروطه، وأما غير الحجازيين فلا يحذفها، بل منهم: من يثبتها ساكنة، نحو:"هذا البطؤ، ورأيت البطأ، ومررت بالبطئ" ومنهم من يبدلها بمجانس الحركة المنقولة؛ فيقول: "هذا البطو"، و"رأيت البطا"، و"مررت البطي"، وقد تبدل الهمزة بمجانس حركتها بعد سكون
باق، نحو:"هذا البطو"، و"مررت بالبطي"، وأما في الفتح فيلزم فتح ما قبلها، وقد يبدلونها كذلك بعد حركة غير منقولة؛ فيقولون:"هذا الكلو"، و"مررت بالكلي" وأهل الحجاز يقولون:"الكلا" في الأحوال كلها؛ لأنها لا يبدلون الهمزة بعد حركة إلا بمجانسها، ولذلك يقولون في أكمؤ: أكمو، وفي ممتلئ: ممتلي.
[الوقف على ما آخره تاء تأنيث] :
891-
"
فِي الوَقْفِ تَا تَأْنِيْثِ الاسْمِ هَا جُعِلْ
…
إنْ لَمْ يَكُنْ بِسَاكِنٍ صَحَّ وُصِلْ
892-
وَقَلَّ ذَا فِي جَمْعِ تصحيح وَمَا
…
ضَاهَى وَغَيْرُ ذَيْنِ بِالعكْسِ انْتَمَى
نحو: فاطمة، وحمزة، وقائمة.
واحترز بالتأنيث من تاء لغيره؛ فإنها لا تغير، وشذ قول بعضهم: قعدنا على الفراه، وبالاسم من تاء الفعل، نحو: قامت فإنها لا تغير، وبعدم الاتصال بساكن صحيح من تاء بنت وأخت ونحوهما فإنها لا تغير.
وشمل كلامه ما قبله متحرك كما مثل، وما قبلها ساكن غير صحيح، ولا يكون إلا ألفا – نحو: الحياة والفتاة- والأعرف في هذين النوعين إبدال التاء هاء في الوقف، وإنما جعل حكم الألف حكم المتحرك؛ لأنها منقلبة عن حرف متحرك.
"وقل ذا جمع تصحيح وما ضاهى" أي قل جعل التاء هاء في جمع تصحيح المؤنث نحو: "مسلمات"، وما ضاهاه –أي شابهه- وأراد بذلك "هيهات"، و"أولات" كما صرح به في شرح الكافية؛ فالأعرف في هذا سلامة التاء، وقد سمع إبدالها هاء في قول بعضهم:"دفن البناه من المكرماه"، يريد: البنات من المكرمات، و"كيف بالإخوة والأخواه"، وسمع "هيهاه" و"أولاه"، ونقل بعضهم أنها لغة طيئ، وقال في الإفصاح: شاذ لا يقاس عليه.
تنبيه: إذا سمي رجل بـ"هيهات" على لغة من أبدل فهي كطلحة تمنع من الصرف
للعلمية والتأنيث، وإذا سمي به على لغة من لم يبدل فهي كعرفات يجري فيها وجوه جمع المؤنث السالم إذا سمي به.
"وغير ذين بالعكس انتمى" الإشارة إلى جمع التصحيح ومضاهيه. يعني أن غيرهما يقل فيه سلامة التاء بعكسهما سواء كان مفردا كمسلمة، أو جمع تكسير كغلمة، ومن إقرارها تاء قول بعضهم:"يا أهل سورة البَقَرَتْ"، فقال مجيب:"ما أحفظ منها ولا آيَتْ"، وقوله [من الرجز] :
1200-
اللَّهُ أَنْجَاكَ بِكَفَّي مَسْلَمَتْ
…
مِنْ بَعْدِ مَا وَبَعْدِ مَا وَبَعْدِ مَتْ
كادتْ نُفُوس القوْمِ عِندْ الغَلْصَمَتْ
…
وكادَتِ الحرَّةُ أن تُدْعَى أمَتْ
1200- التخريج: الرجز لأبي النجم الراجز في الدرر 6/ 230؛ وشرح التصريح 2/ 344؛ ولسان العرب 15/ 472 "ما"؛ ومجالس ثعلب 1/ 326؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 113؛ وأوضح المسالك 4/ 348؛ وخزانة الأدب 4/ 177، 7/ 333؛ والخصائص 1/ 160، 163، 2/ 563؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 289؛ وشرح المفصل 5/ 89، 9/ 81؛ والمقاصد النحوية 4/ 559؛ وهمع الهوامع 2/ 157، 209.
اللغة: شرح المفردات: مسلمت: أي مسلمة. بعدمت: أي بعدما. الغلصمت: أي الغلصمة، وهي رأس الحلقوم، أو أصل اللسان. أمت: أي أمة، وهي غير الحرة.
الإعراب: الله: مبتدأ مرفوع بالضمة. أنجاك: فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هو"، والكاف ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. بكفي: الباء حرف جر، "كفي": اسم مجرور بالياء لأنه مثنى، والجار والمجرور متعلقان بالفعل "أنجى"، وهو مضاف. مسلمت: مضاف إليه مجرور بالفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث وسكن للضرورة الشعرية. من: حرف جر. بعد: ظرف مبني في محل جر بحرف الجر متعلق بالفعل "أنجى". ما: المصدرية. وبعدما: الواو حرف عطف، "بعدما": معطوفة على "بعدما" السابقة. وبعدمت: الواو حرف عطف، "بعدمت": معطوفة على "بعدما"، وقد قلبت الألف في "ما" تاء ساكنة للوقف. كادت: فعل ماض ناقص، والتاء للتأنيث. نفوس: اسم "كاد" مرفوع بالضمة، وهو مضاف. الغلصمت: مضاف إليه مجرور بالكسرة. عند: ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر "كاد"، وهو مضاف. الغلصمت: مضاف إليه مجرور بالكسرة منع من ظهورها السكون مراعاة للروي. وكانت: الواو حرف عطف، "كادت" من أفعال المقاربة، والتاء للتأنيث وحركت بالكسر منعا من التقاء الساكنين. الحرة: اسم "كاد" مرفوع بالضمة الظاهرة. أن: حرف نصب. تدعي: فعل مضارع للمجهول منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هي". أمت: مفعول به ثان منصوب بالفتحة منع من ظهورها السكون مراعاة للروي.
وجملة "أنجاك" في محل خبر للمبتدأ. وجملة: "ما" وما بعدها المؤولة بمصدر في محل جر بالإضافة تقديره: "بعد كون نفوس القوم". وجملة: "أن تدعى" المؤولة بمصدر في محل نصب خبر "كاد". =
وأكثر من وقف بالتاء يسكنها ولو كانت منونة منصوبة، وعلى هذه اللغة بها كتب في المصحف:{إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ} 1، و {امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} 2، وأشباه ذلك، فوقف عليها بالتاء نافع وابن عامر وعاصم وحمزة، ووقف عليها بالهاء ابن كثير وأبو عمرو والكسائي، ووقف الكسائي على "لات" بالهاء، ووقف الباقون بالتاء، قال في شرح الكافية: ويجوز عندي أن يوقف بالهاء على "ربت" و"ثمت"، قياسا على قولهم في "لات" لاه.
[زيادة هاء السكت في الوقف] :
893-
"
وَقِفْ بِهَا السَّكْتِ عَلَى الْفِعْلِ المُعَلْ
…
بِحَذْفِ آخِرٍ كَأعْطِ مَنْ سَأَلْ
يعني أن هاء السكت من خواص الوقف، وأكثر ما تزاد بعد شيئين:
أحدهما: الفعل المعتل المحذوف الآخر جزما، نحو:"لم يعطه" أو وقفا، نحو:"أعطه".
والثاني: "ما" الاستفهامية إذا جرت بحرف، نحو:"على مه، ولمه" أو باسم، نحو:"اقتضاء مه".
ولحاقها لكل من هذين النوعين واجب جائز؛ أما الفعل المحذوف الآخر فقد نبه عليه بقوله:
894-
"
وَلَيْسَ حَتْمَاً فِي سِوَى مَا كَعِ أوْ
…
كَيَعِ مَجْزُوْمَاً فَرَاعِ مَا رَعَوْا
يعني أن الوقف بها السكت على الفعل المعل بحذف الآخر ليس واجبا في غير ما بقي
1 الدخان: 43.
2 التحريم: 10.
على حرف واحد أو حرفين أحدهما زائد؛ فالأول، نحو:"عِهْ" أمر من وعي يعي، ونحو "رَهْ" أمر من رأى يرى، والثاني:"لم يَعِهْ، ولم يَرَهْ لأن حرف المضارعة زائدا؛ فزيادة هاء السكت في ذلك واجبة لبقائه على أصل واحد، كذا قاله الناظم، قال في التوضيح: وهذا مردود بإجماع المسلمين على وجوب الوقف على "لم أكُ، ومن تَقِ" بترك الهاء.
تنبيه: مقتضى تمثيله أن ذلك إنما يجب في المحذوف الفاء، وإنما أراد بالتمثيل التنبيه على ما بقي على حرف واحد أو حرفين أحدهما زائد كما سبق؛ فمحذوف العين كذلك كما سبق في التمثيل، بنحو:"ره ولم يره"، وفهم منه أن لحاقها لما بقي منه أكثر من ذلك، نحو:"أعطه، ولم يعطه" جائز، لا لازم.
[حذف ألف "ما" الاستفهامية في الوقف] :
895-
وَمَا فِي الاسْتِفْهَامِ إنْ جُرَّتْ حُذِفْ
…
أَلِفُهَا وَأَوْلِهَا الهَا إنْ تَقِفْ
896-
وَلَيْسَ حَتْمًا فِي سِوَى مَا انْخَفَضَا
…
بِاسْم كَقَوْلِكَ "اقْتِضَاءَ مَ اقْتَضَى
"وما في الاستفهام إن جرت حذف ألفها" وجوبا، سواء جرت بحرف أو اسم، وأما قوله [من الوافر] :
1201-
عَلَى مَا قَامَ يَشْتِمُنِي لَئِيْمٌ
…
[كخنزيرٍ تمرغَ في رَمادِ]
فضرورة.
1201- التخريج: البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص324؛ والأزهية ص86؛ وخزانة الأدب 5/ 130، 6/ 99، 101، 102، 104؛ والدرر 6/ 314؛ وشرح التصريح 2/ 345؛ وشرح شواهد الشافية ص224؛ ولسان العرب 12/ 497 "قوم"؛ والمحتسب 2/ 347؛ والمقاصد النحوية 4/ 554؛ ولحسان بن منذر في شرح شواهد الإيضاح ص271؛ وشرح شواهد المغني 2/ 709؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص404؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 297؛ وشرح المفصل 4/ 9؛ وهمع الهوامع 2/ 217.
اللغة: اللئيم: من اجتمع فيه الشح والمهانة ووضاعة النسب.
المعنى: على أي شيء يشتمني، هذا الدنئ القبيح كخنزير تلطخ بالطين الآسن والرماد.
الإعراب: على ما: "على": حرف جر، "أما": استفهام مبني على السكون في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بالفعل "يشتمني". قام: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة، و"الفاعل": =
واحترز بالاستفهامية عن الموصولة والشرطية والمصدرية، نحو:"مررت بما مررت به، وبما تفرح أفرح، وعجبت مما تضرب، فلا يحذف ألف شيء من ذلك، وزعم المبرد أن حذف ألف ما الموصولة بـ"شئت" لغة، ونقله أبو زيد أيضا، قال أبو الحسن في الأوسط: وزعم أبو زيد أن كثيرا من العرب يقولون: "سل عم شئت" كأنهم حذفوا لكثرة استعمالهم أياه.
وفهم من قوله "إن جرت" أن المرفوعة والمنصوبة لا تحذف ألفها، وهو كذلك، وأما قوله [من الطويل] :
1202-
أَلَامَ تَقُوْلُ النَّاعِيَاتُ أَلَامَهْ
…
ألَا فَانْدُبا أهلَ النَّدَى والْكَرَامَهْ
فضرورة.
= ضمير مستتر جوازا تقديره هو. يشتمني: فعل مضارع مرفوع بالضمة، و"النون" للوقاية، و"الباء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به. لئيم: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. كخنزير: جار ومجرور متعلقان بصفة محذوفة. تمرغ: فعل مبني على الفتحة، و"الفاعل": ضمير مستتر جوازا تقديره هو. في رماد: جار ومجرور متعلقان بالفعل تمرغ.
وجملة "قام تشتمني": ابتدائية لا محل لها. وجملة "يشتمني لئيم": في محل نصب حال. وجملة "تمرغ في دمان": في محل جر صفة خنزير.
والشاهد في قوله: "على ما قام" حيث بقيت ألف "ما" على الرغم من سبقها بحرف جر، وهي ضرورة شعرية.
1202-
التخريج: البيت بلا نسبة في الدرر 6/ 318؛ والمقاصد النحوية 4/ 553؛ وهمع الهوامع 2/ 217.
اللغة: الناعيات: ج الناعية، وهي التي تأتي بخير الميت. الندى: العطاء.
الإعراب: ألام: أصلها: الا: استفتاحية و"ما" استفهامية حذفت ألفها وهي مبنية في محل رفع مبتدأ. وقيل: في محل نصب مفعول به لـ"تقول". تقول: فعل مضارع مرفوع. الناعيات: فاعل مرفوع. ألامه: لا محل لها توكيد للأولى والهاء للسكت. ألا: حرف استفتاح. فاندبا: "الفاء" استئنافية، "اندبا": فعل أمر، و"الألف": ضمير في محل رفع فاعل. أهل: مفعول به منصوب، وهو مضاف. الندى: مضاف إليه مجرور. والكرامة: "الواو": حرف عطف، "الكرامة": معطوف على "الندى" مجرور.
وجملة "ألام تقول
…
": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "اندبا": استئنافيه لا محل لها الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "ألامه" حيث حذفت ألف "ما" الاستفهامية للضرورة مع كونها غير مجرورة، وذلك الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "ألامه" حيث حذفت ألف "ما" الاستفهامية للضرورة مع كونها غير مجرورة، وذلك لأنه أراد التصريح ولم يمكنه ذلك إلا بإدخال "هاء" السكت على آخرها.
تنبيهات: الأول: أهمل المصنف من شروط حذف ألفها أن لا تركب مع "ذا"؛ فإن ركبت معه لم تحذف الألف، نحو:"على ماذا تلومونني" وقد أشار إليه في التسهيل، نقله المرادي.
الثاني: سبب هذا الخلاف إرادة المتفرقة بينها وبين الموصولة والشرطية، وكانت أولى بالحذف لاستقلالها، بخلاف الشرطية؛ فإنها متعلقة بما بعدها، وبخلاف الموصولة فإنها والصلة اسم واحد.
الثالث: قد ورد تسكين ميمها في الضرورة مجرورة بحرف، كقوله [من الرجز] :
1203-
يَا أَسَدِيًّا لِمْ أَكَلْتَهُ لِمَهْ؟
…
[لو خافك اللهُ عليه حَرَّمَهْ]
[فمَا قَرِبْتَ لَحْمَهُ ولا دَمَهْ]
"وَأَوْلِهَا الهَا إنْ تَقِفْ" أي جوازا إن جُرَّتْ بحرف، نحو:"عَمَّهْ" ووجوبا إن جُرَّتْ
1203- التخريج: الرجز لسالم بن دارة في الحيوان 1/ 267؛ ولسان العرب 2/ 461 "روح"، 12/ 564 "لوم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 555.
المعنى: يهجو رجلا من قبيلة أسد على أكله جرو كلب، قائلا له: لو كان الله –جل وعلا- يخاف على الكلب منكم لحرم أكله، فلم تقترب منه.
الإعراب: "يا": حرف نداء. "أسدي" منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب. "لم": "اللام": حرف جر، و"م": هي "ما": اسم استفهام في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بـ"أكلت". "أكلته": فعل ماضي مبني على السكون، و"التاء": ضمير متصل في محل رفع فاعل، و"الهاء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به. "لمه": توكيد لفظي لـ"لم" السابقة، لا محل لها من الإعراب، و"الهاء" للسكت. "لو": حرف شرط غير جازم. "خافك": فعل ماض مبني على الفتح، و"الكاف": ضمير متصل في محل نصب مفعول به. "الله": فاعل مرفوع بالضمة. "عليه": جار ومجرور متعلقان بـ"خافك". "حرمه": فعل ماض مبني على الفتح، و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "هو"، و"الهاء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به. "فما": "الفاء": عاطفة، "ما": نافية لا عمل لها. "قربت": فعل ماض مبني على السكون، و"التاء": ضمير متصل في محل رفع فاعل. "لحمه": مفعول به منصوب بالفتحة، و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "ولا": "الواو": للعطف، "لا": نافية لا عمل لها. "دمه": معطوف على منصوب، منصوب مثله، و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
وجملة النداء: "يا أسدي" ابتدائية لا محل لها. وجملة "لم أكلته": استئنافية لا محل له. وجملة "لو خافك
…
حرمه": الشرطية لا محل لها. وجملة "حرمه": جواب الشرط غير جازم لا محل لها. وجملة "ما قربت": معطوفة على السابقة فهي مثلها لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "لم أكلته" حيث سكن الميم بعد حذف الألف من "لما" الأولى، ثم عوض عن الألف المحذوفة بهاء السكت في "لما" الثانية وهذا ضرورة.
باسم، نحو:"اقْتِضَاءَ مَهْ" ولهذا قال:
وَلَيْسَ حَتْمًا فِي سِوَى مَا انْخَفَضَا
…
بِاسْم كَقَوْلِكَ اقْتِضَاءَ مَ اقْتَضَى
أي: وليس إيلاؤها الهاء واجبا في سوى المجرورة بالاسم، وقد مثله، وعلة ذلك أن الجار الحرفي كالجزء؛ لاتصاله بها لفظ وخطا، بخلاف الاسم؛ فوجب إلحاق الهاء للمجرورة بالاسم لبقائها على حرف واحد.
تنبيه: اتصال الهاء بالمجرورة بالحرف –وإن لم يكن واجبا- أجود في قياس العربية، وأكثر، وإنما وقف أكثر القراء بغير هاء اتباعا لرسم.
897-
ووصلَ ذِي الهاءِ أجز بكُلّ مَا
…
حرك تحريك بناء لَزِمَا
898-
وَوَصْلُهَا بِغَيْرِ تَحْرِيْكِ بِنَا
…
أُدِيمَ شَذَّ فِي المُدَامِ اسْتُحْسِنَا
يعني أن هاء السكت لا تتصل بحركة إعراب ولا شبيهة بها؛ فلذلك لا تلحق اسم "لا" ولا المنادى المضموم، ولا ما بني لقطعه عن الإضافة كقبل وبعد، ولا العدد المركب، نحو: خمسة عشر؛ لأن حركات هذه الأشياء مشابهة لحركة الإعراب، وأما قول [من الرجز] :
1204-
يَا رُبَّ يَوْمٍ لِي لَا أُظَلَّلُهْ
…
أُرْمَضُ مِنْ تَحْتُ وأُضْحَى مِنْ عَلُهْ
1204- التخريج: الرجز لأبي مروان في شرح التصريح 2/ 346؛ ولأبي الهجنجل في شرح شواهد المغني 1/ 448؛ ومجالس ثعلب ص489؛ ولأبي ثروان في المقاصد النحوية 4/ 545؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص1318؛ وخزانة الأدب 2/ 397؛ الدرر 3/ 97، 6/ 305؛ وشرح عمدة الحافظ ص981؛ وشرح المفصل 4/ 87؛ ومغني اللبيب 1/ 154؛ وهمع الهوامع 1/ 203، 2/ 210.
شرخ المفردات: أظلله: أي أظلل فيه. أرمض: أشعر بشدة الحر. أضحى: أصاب بالشمس.
المعنى: يصور الشاعر يوما شديد الحر فيقول: إنه لم يجد شيئا يتظلل فيه، فكانت قدماء تحترقان من تحت، وجسمه يحترق من تعرضه الشمس من فوق.
الإعراب: "يا": حرف تنبيه. "رب": حرف جر شبيه بالزائد. "يوم": اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ. "لي": جار ومجرور متعلقان بمحذوف نعت لـ"يوم". "لا": حرف نفي. "أظلله": فعل مضارع للمجهول مرفوع، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره:"أنا"، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. "أرمض": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"أنا". "من تحت": جار ومجرور =
فشاذ؛ لأن حركة "عل" حركة بناء عارضة لقطعه عن الإضافة؛ فهي كقبل وبعد. وإلى هذا أشار بقوله: "ووصلها بغير تحريك بنا أديم شذ" فحركة "عل" غير حركة بناء مدام، بل حركة بناء غير مدام، وأشار بقوله:"في المدام استحسنا" إلى أن وصل هاء السكت بحركة البناء المدام –أي الملتزم- جائز مستحسن، وذلك كفتحة هو وهي وكيف وثم؛ فيقال في الوقف:"هوه، وهيه، وكيفه، وثمه".
تنبيهان: الأول اقتضى قوله: "ووصلها بغير تحريك بنا أديم شذ" أن وصلها بحركة الإعراب قد شذ أيضا؛ لأن كلامه يشمل نوعين: أحدهما تحريك البناء غير المدام، والآخر تحريك الإعراب، وليس ذلك إلا في الأول.
الثاني: قوله "في المدام استحسنا" يقتضي جواز اتصالها بحركة الماضي؛ لأنها من التحريك المدام، وفي ذلك ثلاثة أقوال؛ الأول: المنع مطلقا، والثاني: الجواز مطلقا، والثالث: الجواز إن أمن اللبس، نحو:"قعده" والمنع إن خيف اللبس، نحو:"ضربه"1 والصحيح الأول، وهو مذهب سيبويه والجمهور، واختاره المصنف؛ لأن حركته وإن كانت لازمة فهي شبيهة بحركة الإعراب؛ لأن الماضي إنما بني على حركة لشبهه بالمضارع المعرب في وجوه تقدمت في موضعها؛ فكان من حق المصنف أن يستثنيه كما فعل في الكافية فقال فيها:
ووصلَ ذِي الهاءِ أجز بكُلّ مَا
…
حرك تحريك بناء لَزِمَا
ما لَمْ يَكُنْ ذلكَ فِعْلا ماضِيًا
= متعلقان بـ"أرمض". "وأضحى": الواو حرف عطف، "أضحى" فعل مضارع تام مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"أنا". "من عله": جار ومجرور متعلقان بـ"أضحى"، والهاء للسكت.
وجملة: "رب يوم
…
" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "لا أظلله" في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة: "أرمض" في محل رفع خبر ثان. وجملة: "أضحى" معطوفة على جملة "أرمض".
الشاهد فيه قوله: "من عله" حيث ألحق هاء السكت بـ"عل"، وهي لفظة مبنية بناء عارضا، وهذا شاذ. وإنما تلحق ما كان مبنيا بناء دائما.
1 اللبس في "ضربه" لأن الهاء محتملة لأن تكون هاء السكت ولأن تكون ضميرا منصوب المحل، لأن الفعل متعد، بخلاف "قعد" فإنه فعل لازم.
899-
وَرُبَّمَا أُعْطِيَ لَفْظُ الْوَصْلِ مَا
…
لِلْوَقْفِ نَثْرَاً وَفَشَا مُنْتَظِماً
أي قد يحكم للوصل بحكم الوقف، وذلك في النثر قليل كما أشار إليه بقوله "وربما" ومنه قراءة غير حمزة والكسائي {لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} 1، {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ} 2 ومنه أيضا {مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ، خُذُوهُ} 3، {مَا هِيَهْ، نَارٌ حَامِيَةٌ} 4، ومنه قول بعض طيئ "هذه حبلو يا فتى" لأنه إنما تبدل هذه الألف واوا في الوقف، فأجرى الوصل مجراه، وهو في النظم كثير، من ذلك قوله [من الرجز] :
1205-
[كأنه السيلُ إذا اسلحبَّا]
…
مثل الحرِيقِ وَافَقَ القَصَبَّا
1 البقرة: 259.
2 الأنعام: 90.
3 الحاقة: 28، 29، 30.
4 القارعة: 10، 11.
1205-
التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص169؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 318، 320؛ ولربيعة بن صبح في شرح شواهد الإيضاح ص264؛ ولأحدهما في شرح التصريح 2/ 346؛ والمقاصد النحوية 4/ 549؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 138؛ وشرح ابن عقيل ص673؛ وشرح المفصل 3/ 94، 139، 9/ 68، 82.
شرح المفردات: اسلحب الطريق: كان ممتدا. وهنا بمعنى امتلأ. القصبة: نوع من البنات.
المعنى: يصف الراجز الجراد الذي يخشى أن يراه، وقد أخصبت الأرض، أن يهجم على الأرض كالسيل الجارف، وكالحريق الذي يلتهم القصب.
الإعراب: "كأنه": حرف مشبه بالفعل، والهاء ضمير في محل نصب اسم "كأن". "السيل": خبر "كأن" مرفوع. "إذا": ظرف زمان، متعلق بحال محذوفة من "السيل". "اسلحبا": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره "هو"، والألف للإطلاق. "مثل": خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هو"، أو خبر ثان لـ"كأن"، وهو مضاف. "الحريق": مضاف إليه مجرور. "وافق": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". "القصبا": مفعول به منصوب، والألف للإطلاق.
وجملة: "كأنه السيل" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "اسلحب" في محل جر بالإضافة. وجملة "هو مثل الحريق" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "وافق القصبا" في محل نصب حال من "الحريق".
الشاهد فيه قوله: "القصبا" حيث شدد الباء كأنه وقف عليها بالتضعيف، مع أنه وقف باجتلاب ألف الوصل، وهذا ضرب من معاملة الوصل معاملة الوقف.
فشدد الباء مع وصلها بحرف الإطلاق، وقوله [من الوافر] :
أَتَوْا نَارِي فَقُلْتُ مَنُوْنَ أَنْتُمْ؟
…
[فقالوا: الجن، قلت: عموا ظلاما] 1
وقد تقدم في الحكاية.
[لهجات العرب في الوقف على الروي الموصول بمدة] :
خاتمة: وقف قوم بتسكين الروي بمدة، كقوله [من الوافر] :
أقِليّ اللومَ عاذلَ والعتابْ
…
[وقولي إن أصبتُ لقد أصابْ] 2
وأثبتها الحجازيون مطلقا، فيقولون العتابا، وإن ترنم التميميون فكذلك، وإلا عوضوا منها التنوين مطلقا، كقوله [من الوافر] :
1206-
[متى كان الخيام بذي طلوح]
…
سُقِيْتِ الغَيْثَ أَيَّتُهَا الخِيَامَنْ
1 تقدم بالرقم 1153.
2 تقدم بالرقم 4.
1206-
التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص278؛ والأغاني 2/ 179؛ وجمهرة اللغة ص550؛ والجني الداني ص174؛ وخزانة الأدب 0/ 121؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 349؛ وشرح شواهد المغني 1/ 311، 2/ 785؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص617؛ وشرح المفصل 9/ 78؛ والكتاب 4/ 206؛ ومعجم ما استعجم ص893؛ والمقاصد النحوية 2/ 469؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص164؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 479، 480، 481، 493، 502، 503؛ ولسان العرب 14/ 349 "روي"، 15/ 209 "قوا"؛ والمنصف 1/ 224.
اللغة: ذو طلوح: واد في أرض بني العنبر من تميم، سمي به لكثرة الطلح به، وهو شجر عظام ترعاه الإبل. الغيث: المطر.
المعنى: يتساءل الشاعر فيقول: متى كانت الخيام منصوبة في هذا المكان ومتى فارقه أهله، ثم يتوجه بالدعاء –وهو يتذكر أهل هذه الخيام- أن ينزل عليها المطر.
الإعراب: متى: اسم استفهام في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالفعل "كان" بعده أو بخبره. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الخيام: اسمها مرفوع بالضمة. بذي: "الباء": حرف جر، "ذي": اسم مجرور بالباء وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب خبر كان. طلوح: مضاف إليه مجرور. سقيت: فعل مضارع مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل و"التاء": ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. أيتها: "أية": منادى نكرة مقصودة، بحرف نداء محذوف مبني على الضم في محل نصب على النداء و"ها": حرف تنبيه لا محل له. الخيامن: بدل من أيتها مرفوع مثله على البناء وقد أشبعت الضمة فقلبت نونا.
وكقوله [من الرجز] :
1207-
يا صَاحِ مَا هَاجَ العُيُوْنَ الذُّرَّفَنْ
…
[من طلل أمسى يحاكي المصحفَنْ]
وكقوله [من الكامل] :
لَمَّا تَزُلْ بِرِحَالِنَا وَكَأنْ قَدِنْ1
والله أعلم.
= وجملة "كان الخيام بذي": ابتدائية لا محل لها. وجملة "سقيت الغيث": استئنافيه لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "الخيامن" حيث أشبعت الضمة التي على الميم، فتولدت النون، أو الواو على رواية ثانية.
1207-
التخريج: الرجز للعجاج في ديوانه 2/ 219؛ وتخليص الشواهد ص47؛ وخزانة الأدب 3/ 443؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 352؛ والكتاب 4/ 207؛ والمقاصد النحوية 1/ 26.
اللغة: هاج: حرك. الذرف: ج الذارفة، وهي القاطرة. الطلل: ما شخص من آثار الدار. يحاكي: يشابه. المصحف: الصحيفة.
الإعراب: يا: حرف نداء. صاح: منادى مضاف مرخم منصوب، و"الياء": المحذوفة في محل جر بالإضافة. ما مبتدأ. هاج: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". العيون: مفعول به. الذرفن: نعت "العيون" منصوب، و"النون": للترنم. من طلل: جار ومجرور متعلقان بحال من "ما". أمسى: فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". يحاكي: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". المصحفن: مفعول به منصوب، و"النون" للترنم.
وجملة "يا صاح": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "ما هاج
…
": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "هاج": في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة "أمسى....": في محل جر نعت "طلل". وجملة "يحاكي": في محل نصب خبر "أمسى".
الشاهد: قوله: "الذرفن" و"المصحفن" حيث وصل القافية بالنون للترنم.
1 تقدم بالرقم 5.