المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[قلب فاء المثال تاء في الافتعال وفروعه] : - شرح الأشمونى لألفية ابن مالك - جـ ٤

[الأشموني، أبو الحسن]

الفصل: ‌[قلب فاء المثال تاء في الافتعال وفروعه] :

[قلب فاء المثال تاء في الافتعال وفروعه] :

986-

ذُو اللِّيْنِ فَاتا في افْتِعَالٍ أُبْدِلا

وَشَذ فِي ذِي الهَمْزِ نَحْوُ ائْتَكَلَا

"ذو اللين فاتا في افتعا أبدلا" تا: مفعول ثان لأبدل، والأول ضمير مستتر نائب عن الفاعل يعود على ذي اللين، وفا: حال منه.

أي إذا كان فاء الافتعال حرف لين –يعني واوا أو ياء- وجب في اللغة الفصحى إبدالها تاء فيه، وفي فروعه من الفعل واسمي الفاعل والمفعول؛ لعسر النطق بحرف اللين الساكن مع التاء لما بينهما من مقاربة المخرج ومنافاة الوصف؛ لأن حرف اللين من المجهور والتاء من المهموس، مثال ذلك في الواو اتِّصَالٌ، واتَّصَلَ، ويتصل، واتصل، ومتصِلٌ، ومتصَّلٌ به. والأصل: اوْتِصَال، واوْتَصَلَ، ويَوْتَصِلُ، واوتصل، وموتصل، وموتصل به. ومثاله في الياء اتِّسَارٌ، واتَّسَرَ، ويَتَّسِرُ، واتسر، ومتسر، ومتسر. والأصل: ايْتِسَارٌ، وايْتَسَرَ، وييتسر، وايتسر، وميتسر، وميتسر.

وإنما أبدلوا الفاء في ذلك تاء لأنهم لو أقروها لتلاعب بها حركات ما قبلها؛ فكانت تكون بعد الكسرة ياء، وبعد الفتحة ألفا، وبعد الضمة واوا؛ فلما رأوا مصيرها إلى تغيرها لتغير أحوال ما قبلها أبدلوا منها حرفا يلزم وجها واحدا وهو التاء، وهو أقرب الزوائد من الفم إلى الواو، وليوافق ما بعده فيدغم فيه. وقال بعض النحويين: البدل في باب اتصل إنما هو من الياء؛ لأن الواو لا تثبت مع الكسرة في اتصال وفي اتصل، وحمل المضارع واسم الفاعل واسم المفعول منه على المصدر والماضي.

تنبيهان: الأول: ذو اللين يشمل الواو والياء كما تقدم، وأما الألف فلا حاجة مدخل لها في ذلك؛ لأنها لا تكون فاء ولا عينا ولا لاما.

الثاني: من أهل الحجاز قوم يتركون هذا الإبدال، ويجعلون فاء الكلمة على حسب الحركات قبلها، فيقولون: ايتصل ياتصل فهو موتصل، وايتسر ياتسر فهو موتسر. وحكى الجرمي أن من العرب من يقول: ائتصل وائتسر، بالهمزة وهو غريب.

"وشذ" إبدال فاء الافتعال تاء "في ذي الهمز نحو" قولهم في "ائتكلا" وائتزر – افتعل

ص: 133

من الأكل والإزار –اتَّكَلَ واتَّزَرَ، بإبدال الياء المبدلة من الهمزة تاء وإدغامها في التاء، وكذا قولهم في اؤتمن – افتعل من الأمانة- اتمن بإبدال الواو المبدلة من الهمزة تاء، واللغة الفصيحة في ذلك كله عدم الإبدال، وإلا توالى إعلالان، وقول الجوهري في اتخذ إنه افتعل من الأخذ وهم، وإنما التاء أصل وهو من تخذ، كاتبع من تبع. قال أبو علي: قال بعض العرب: تخذ بمعنى اتخذ، ونازع الزجاج في وجود مادة تخذ، وزعم أن أصله اتخذ وحذف، وصحح ما ذهب إليه الفارسي بما حكاه أبو زيد من قولهم: تخذ يتخذ تخذا، وذهب بعض المتأخرين إلى أن اتخذ مما أبدلت فاؤه تاء على اللغة الفصحى؛ لأن فيه لغة وهي وخذ بالواو، وهذه اللغة وإن كانت قليلة إلا أن بناءه عليها أحسن؛ لأنهم نضوا على أن اتمن لغة رديئة.

[قلب تاء الافتعال دالا] :

987-

طَاتَا افْتِعَالٍ رُدَّ إثْرَ مُطْبَق

في ادَّانَ وَازْدَدْ وادَّكِرْ دَالا بَقِي

"طاتا افتعال رد إثر مطبق" طا: مفعول ثان لرد، والمفعول الأول "تا" إن كان رد أمرا، أو ضميره إن كان رد مجهولا.

أي إذا بني الافتعال وفروعه مما فاؤه أحد الحروف المطبقة –وهي الصاد والضاد الطاء والظاء- وجب إبدال تائه طاء؛ فتقول في افتعل من صير: اصطبر، ومن ضرب: اضطرب، ومن طهر: اطهر ومن ظلم: اظطلم، والأصل: اصتبر، واضترب، واطتهر، واظتلم، فاستثقل اجتماع التاء مع الحرف المطبق لما بينهما من تقارب المخرج وتباين الصفة، إذ التاء مهموسة مستفلة، والمطبق مجهور مستعل، فأبدل من التاء حرف استعلاء من مخرجها وهو الطاء.

تنبيه: إذا أبدلت التاء طاء بعد الطاء اجتمع مثلان والأول منهما ساكن؛ فوجب الإدغام.

وإذا أبدلت بعد الظاء اجتمع متقاربان؛ فيجوز البيان، والإدغام مع إبدال الأول من

ص: 134

جنس الثاني ومع عكسه، وقد روي بالأوجه الثلاثة قوله [من البسيط] :

1242-

هْوَ الْجَوَادُ الَّذِي يُعْطِيْكَ نَائِلَهُ

عَفْواً وَيُظْلَمُ أَحْيَانَاً فَيَظْطَلِمُ

روي: فيظطلم، وفيطلم، وفيطلم، وقد روي أيضا فينظلم، بالنون، وليس مما نحن فيه.

وإذا أبدلت بعد الصاد اجتمع أيضا متقاربان؛ فيجوز البيان، والإدغام بقلب الثاني إلى الأول دون عكسه؛ فتقول: اصطبر، واصبر، ولا يجوز اطبر؛ لما في الصاد من الصفير الذي يذهب في الإدغام.

وإذا أبدلت بعد الضاد اجتمع أيضا متقاربان؛ فيجوز البيان، والإدغام بقلب الثاني إلى الأول دون عكسه؛ فتقول: اضطرب، واضرب، ولا يجوز اطرب؛ لأن الصاد حرف مستطيل، فلو أدغم في الطاء لذهب ما فيه من ذلك، وحكي في الشذوذ اطَّجَعَ، وهو في

1242- التخريج: البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص152؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 219؛ وسمط اللآلي ص467؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 403؛ وشرح التصريح 2/ 391؛ وشرح شواهد الشافية ص493؛ وشرح المفصل 10/ 47، 149؛ والكتاب 4/ 468؛ ولسان العرب 12/ 377 "ظلم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 582؛ وبلا نسبة في الخصائص 2/ 141؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 189؛ ولسان العرب 13/ 273 "طنن".

شرح المفردات: هو: أي هرم بن سنان. الجواد: الكريم. النائل: العطاء. أظطلم: احتمل الظلم.

المعنى: يقول: إن هرم بن سنان رجل كريم يعطي من يسأله، وإن سئل فوق طاقته فإنه يحتمل الظلم.

الإعراب: "هو": ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. "الجود": خبر المبتدأ مرفوع. "الذي": اسم موصول مبني في محل رفع نعت "الجواد". "يعطيك": فعل مضارع مرفوع، والكاف ضمير في محل نصب مفعول به أول، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". "نائله": مفعول به ثان، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. "عفوا": مفعول مطلق ناب عن صفته منصوب تقديره: "إعطاء عفوا". "ويظلم": الواو حرف عطف، "يظلم": فعل مضارع للمجهول، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". "أحيانا": ظرف زمان منصوب، متعلق بـ"يظلم". "فيظطلم": الفاء حرف عطف، "يظلم": معطوف على "يظلم" مرفوع بالضمة.

وجملة: "هو الجواد" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "يعطيك

" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "يظلم" معطوفة على سابقتها. وجملة "يظطلم" معطوفة أيضا.

الشاهد فيه قوله: "فيظطلم" وقد روي بالأوجه الثلاثة كما أوضح الشارح في المتن.

ص: 135

الندور والغرابة مثل الطجع، باللام، وقد روي بالأوجه الأربعة قوله:

[لما رأى أن لا دعه ولا شبع]

مَالَ إلَى أَرْطَاةِ حِقْفٍ فَالْطَجَعْ1

"في ادَّانَ وَازْدَدْ وادَّكِرْ دَالا بَقِي" أي إذا بني الافتعال مما فاؤه دال، نحو: دان، أو زاي، نحو: زاد، أو ذال، نحو: ذكر، وجب إبدال تائه دالا، فيقال: ادان، وازداد، وادكر، والأصل: اذتان، وازتاد، واذتكر، فاستثقل مجيء التاء بعد هذه الأحرف؛ لأن هذه الأحرف مجهورة والتاء مهموسة، فجيء بحرف يوافق التاء في مخرجه، ويوافق هذه الأحرف في الجهر، وذلك الدال.

تنبيهان: الأول: إذا أبدلت تاء الافتعال دالا بعد الدال وجب الإدغام لاجتماع المثلين.

وإذا أبدلت دالا بعد الزاي جاز الإظهار، والإدغام بقلب الثاني إلى الأول دون عكسه؛ فيقال: ازدجر، وازجر، ولا يجوز ادجر؛ لفوات الصفير.

وإذا أبدلت دالا بعد الذال جاز ثلاثة أوجه: الأظهار، والإدغام بوجهيه؛ فيقال: ازدكر، ومنه قوله [من الرجز] :

1243-

[تنحي على الشوك جرازا مقضبا]

وَالْهَرْمُ تُذْرِيْهِ اذْدِرَاء عَجَبَا

1 تقدم بالرقم 1223.

1243-

التخريج: الرجز لأبي حكاك في سر صناعة الإعراب 1/ 187؛ وشرح المفصل 10/ 49؛ والممتع في التصريف 1/ 358؛ والمقرب 2/ 166؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص523؛ وشرح المفصل 10/ 150؛ ولسان العرب 4/ 308 "ذكر".

اللغة: الجواز المقضب: السيف القاطع. الهرم: نوع من الحمض. تذري: تفرق.

الإعراب: تنحي: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هي". على الشوك: جار ومجرور متعلقان بـ"تنحي". جرازا: مفعول به. مقضبا: نعت "جرازا" منصوب. والهرم: "الواو": حرف عطف، "الهرم": معطوف على "جرازا" منصوب. "وبالرفع" مبتدأ مرفوع. تذريه: فعل مضارع مرفوع، و"الهاء": ضمير في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هي". اذدراء: مفعول مطلق منصوب. عجبا: نعت "اذدراء" منصوب.

وجملة "تنحي": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تذريه": في محل رفع خبر للمبتدأ "الهرم"، أو في محل نصب حال. وجملة "الهرم تذريه": معطوفة على "تنجي".

الشاهد فيه قوله: "اذدراء" حيث أبدلت تاء الافتعال دالا بعد الذال، ويجوز فيه ثلاثة أوجه الإظهار والإدغام بوجيهه.

ص: 136

وادكر، واذكر بذال معجمة، وهذا الثالث قليل، وقد قرئ شاذا "فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرٍ"1 بالمعجمة.

الثاني: مقتضى اقتصار الناظم على إبدال تاء الافتعال طاء بعد الأحرف الأربعة، ودالا بعد الثلاثة أنها تقر بعد سائر الحروف ولا تبدل، وقد ذكر في التسهيل أنها تبدل ثاء بعد الثاء، فيقال: اثرد بثاء مثلثة، وهو افتعل من ثرد، أو تدغم فيها الثاء فيقال: اترد، بتاء مثناة. قال سيبويه: والبيان عندي جيد، يعني الإظهار، فيقال: اثترد، ولم يذكر المصنف هذا الوجه. وذكر في التسهيل أيضا أنها قد تبدل دالا بعد الجيم كقولهم في اجتمعوا: اجدمعوا، وفي اجتز: اجدز، ومنه قوله [من الوافر] :

1244-

فَقُلْتُ لِصَاحِبِي: لَا تَحْبِسَانَا

بِنَزْعِ أُصُوْلِهِ وَاجْدزَّ شِيحَا

وهذا لا يقاس عليه. وظاهر كلام المصنف في بعض كتبه أنه لغة البعض العرب، فإن صح أنه لغة جاز القياس عليه.

1 القمر: 15، 17، 22، 32، 40، 51.

1422-

التخريج: البيت لمضرس بن ربعي في شرح شواهد الشافية ص481؛ وله أو ليزيد بن الطثرية في لسان العرب 5/ 319، و320 "جزز"؛ والمقاصد النحوية 4/ 591؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 85؛ وخزانة الأدب 11/ 17؛ وسر صناعة الإعراب ص187؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 228؛ وشرح المفصل 90/ 49؛ الصاحبي في فقه اللغة ص109، 218؛ ولسان العرب 4/ 125 "جرر"؛ والمقرب 2/ 166؛ والممتع في التصريف 1/ 357.

اللغة: تحبسانا: تمنعانا. اجدز: قطع. الشيح: نوع من النبت.

المعنى: يخاطب الشاعر صاحبه بقوله: لا تمنعنا عن شي اللحم بأن نقلع أصول الشجر، بل خذ منه ما تيسر وأسرع لنا في الشي.

الإعراب: فقلت: "الفاء": بحسب ما قبلها، "قلت": فعل ماض، "والتاء": ضمير في محل رفع فاعل. لصاحبي: جار ومجرور متعلقان بـ"قلت"، وهو مضاف، و"الياء": ضمير في محل جر بالإضافة. لا: ناهية. تحبسانا: فعل مضارع مجزوم بحذف النون، و"الألف" ضمير في محل رفع فاعل، و"نا": ضمير في محل نصب مفعول به. ينزع: جار ومجرور متعلقان بـ"تحبس"، وهو مضاف. أصوله: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، و"الهاء": ضمير في محل جر بالإضافة. واجدز: "الواو" حرف عطف، "اجدز": فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنت". شيحا: مفعول به منصوب.

وجملة "قلت": بحسب ما قبلها. وجملة "لا تحبسانا": في محل نصب مقول القول. وجملة "اجدز شيحا": معطوفة على جملة "تحبسانا".

الشاهد فيه قوله: "واجدز" حيث أبدلت التاء دالا بعد الجيم.

ص: 137

وهذا آخر ما ذكره الناظم من باب الإبدال وما يتعلق به من أوجه الإعلال.

خاتمة: قد علم مما ذكره أن حروف الإبدال منقسمة إلى ما يبدل ويبدل منه كالهمزة، وحروف العلة الثلاثة، وكالهاء؛ فإنها تبدل من الهمزة أولا كهراق، وتبدل منها الهمزة آخرا كما فإن أصله موه، وإلى ما يبدل ولا يبدل منه، وهو الميم والطاء والدال، وإلى ما يبدل منه ولا يبدل وهو التاء، أما إبدال الحروف المتقاربة بعضها من بعض لأجل الإدغام فلم يعدوها في باب الإبدال لعروضها.

وعلم أيضا أن الهمزة تبدل من ثلاثة أحرف، وهي: الألف والواو والياء، وأن الياء تبدل من ثلاثة أحرف، وهي الهمزة، والألف، والواو، وأن الواو تبدل من ثلاثة أحرف، وهي: الهمزة، والألف، والياء، وأن الألف تبدل من ثلاثة أحرف، وهي: الهمزة، والواو، والياء، وأن الميم تبدل من النون، وأن التاء تبدل من حرفين، هما: الواو، والياء، وأن الطاء تبدل من التاء، وأن الدال تبدل من التاء، وأن الثاء تبدل من التاء، على ما سبق مفصلا.

وقد تقدم أول الباب أن ما قصد الناظم ذكره هنا هو الضروري في التصريف، وأن حروف الإبدال الشائع اثنان وعشرون حرفا، وأن الإبدال قد وقع في غيرها أيضا، ولكنه ليس بشائع.

وقد رأيت أن أذيل ما سبق ذكره باستيفاء الكلام على إبدال جميع الحروف على سبيل الإيجاز، مرتبا للحروف على ترتيبها في المخارج؛ فأقول وبالله التوفيق:

الهمزة – أبدلت من سبعة أحرف، وهي: الألف، والياء، والواو، والهاء، العين، والخاء، والغين، وقد تقدم الكلام عليها سوى الأخيرين.

فأما إبدالها من الخاء فقولهم في صرخ: صرأ، حكاه الأخفش عن الخليل.

ومن الغين قولهم في رغنة: رأنه، حكاه النضر بن شميل عن الخليل.

وإبدلها من هذين الحرفين غريب جدا.

الألف – أبدلت من أربعة أحرف، وهي: الياء، والواو، والهمزة، والنون الخفيفة، وقد تقدم الكلام عليها سوى الأخيرة، فأما إبدالها من النون الخفيفة فنحو:{لَنَسْفَعًا} 1.

1 العلق: 15.

ص: 138

الهاء – أبدلت من ستة أحرف، وهي: الهمزة، والألف، والواو، والياء، والتاء، والحاء، فإبدالها من الهمزة قد تقدم أول الباب.

وأما إبدالها من الألف ففي قوله [من الرجز] :

1245-

قَدْ وَرَدَتْ مِنْ أَمْكِنَه

مِنْ هَهُنَا وَمِنْ هُنَه

إنْ لَمْ أُرَوِّهَا فَمَه

فأبدل الهاء في "هنه" من الألف، وأما قول "فمه" فيجوز أن يكون من ذلك: أي فما أصنع، أو فما انتظاري لها، ويجوز أن يكون "فمه" بمعنى اكفف، أي أنها قد وردت من كل جانب وكثرت، فإن لم أروها فلا تلمني واكفف عني، وعن ذلك قولهم في أنا "أنه"، ويجوز أن تكون ألحقت لبيان الحركة. وقالوا في حيهله: إن الهاء الأخيرة بدل من الألف في "حيهلا".

وأما إبدالها من الواو ففي قوله [من المتقارب] :

1426-

وَقَدْ رَابَنِي قَوْلُهَا يَا هَنَا

هُ وَيْحَكَ ألْحَقْتَ شَرًّا بِشَرّ

1245- التخريج: الرجز بلا نسبة في لسان العرب 15/ 472 "ما"؛ والدرر 1/ 242، 2/ 214؛ ورصف المباني ص163؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 163؛ وشرح شواهد الشافية 2/ 32؛ والممتع في التصريف 1/ 400؛ والمنصف 2/ 156؛ وهمع الهوامع 1/ 78؛ 2/ 157؛ وتاج العروس "ما".

الإعراب: قد: حرف تحقيق. وردت: فعل ماض، و"التاء": للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هي". من أمكنة: جار ومجرور متعلقان بـ"وردت". من ها هنا: "ها": للتنبيه، وجار ومجرور بدل من "من أمكنة". ومن هنه: معطوف على "من ها هنا". إن: حرف شرط جازم. لم: حرف نفي وجزم وقلب. أروها: فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة، و"ها": ضمير في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنا". فمه: "الفاء": رابطة جواب الشرط، و"ما": اسم استفهام في محل نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره: "ما أفعل؟ " مثلا، ويجوز أن تكون "مه" اسم فعل أمر بمعنى:"اكفف".

وجملة "قد وردت": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "لم أروها": في محل جزم فعل الشرط. وجملة "فمه": جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. وجملة "إن لم أروها فمه": استئنافية لا محل لها.

الشاهد فيه قوله: "هنه" حيث أبدلت الألف بـ"هاء"، والأصل:"هنا"، وكذلك "فمه" قد يجوز أن تكون "فما" حيث أبدلت الألف بـ"هاء"، ويجوز أن تكون "مه" اسم فعل أمر بمعنى "اكفف".

1246-

التخريج: البيت لامرئ القيس في ديوانه ص160؛ وخزانة الأدب 1/ 375، 7/ 275؛ =

ص: 139

وقد اختلف في ذلك؛ فذهب الجماعة إلى أنها مبدلة من الواو، والأصل يا هناو، وقال أبو الفتح: ولو قيل إن الهاء بدل من الألف المنقلبة من الواو الواقعة بعد الألف لكان قولا قويا؛ إذ الهاء إلى الألف أقرب منها إلى الواو.

وإبدالها من الياء في قولهم "هذه" في "هذي"، و"هنيهة" في "هنية".

وإبدال الهاء من التاء، في نحو:"طلحة" في الوقف على مذهب البصريين، وقد تقدم. وحكى قطرب عن طيئ أنهم يقولون:"كيف البنون والبناه"، و"كيف الإخوة والأخواه"، وهو شاذ. ومن الشاذ أيضا قولهم:"في التابوت": "تابوه". قال ابن جني: وقد قرئ بها، يعني في الشواذ. قال: وسمع بعضهم يقول: قعدنا على الفراه، يريد على الفرات.

وإبدالها من الحاء في قولهم: طَهَرَ الشيءَ بمعنى طَحَرَه، أي: أبعده، ومنه الدَّلَوَ بمعنى مَتَحَهَا، ومَدَهَه بمعنى مدحه. وفرق بعضهم بين ذي الحاء وذي الهاء، فجعل المدح في الغيبة، والمده في الوجه، والأصح كونهما بمعنى واحد، إلا أن المدح هو الأصل.

العين – أبدلت من حرفين: الحاء، الهمزة، فالحاء في قولهم ضبع بمعنى ضبح، والهمزة في نحو:"عَنَّ زيدًا قائمٌ" بمعنى "أنَّ زيدا قائم"، وهي عنعنةُ تميم، وقد تقدَّمَ.

الغين – أبدلت من حرفين، وهما: الخاء والعين، فالخاء نحو قولهم: "غطر بيديه

= وسر صناعة الإعراب 1/ 66، 2/ 560؛ وشرح المفصل 10/ 43؛ ولسان العرب 13/ 438 "هنن"، 15/ 366، "هنا"؛ والمقاصد النحوية 4/ 264؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص400؛ وشرح المفصل 1/ 48؛ ولسان العرب 15/ 369 "هنا"؛ والمنصف 3/ 139.

اللغة: رابني: أوقعني في الريبة، أي الشك: يا هناه: يا إنسان.

الإعراب: وقد "الواو": بحسب ما قبلها، "قد": حرف تحقيق. رابني: فعل ماض، و"النون". للوقاية، و"الياء": ضمير في محل نصب مفعول به. قولها: فاعل مرفوع، وهي مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة. يا: حرف نداء. هناه: منادى مقصو مبني في محل نصب. ويحك: مفعول مطلق منصوب، وهو مضاف، و"الكاف": في محل جر بالإضافة. ألحقت: فعل ماض، و"التاء": ضمير في محل رفع فاعل. شرا: مفعول به. بشر: جار ومجرور متعلقان بـ"ألحقت".

وجملة "قد رابني": بحسب ما قبلها. وجملة مقول القول محلها النصب. وجملة "ألحقت": استئنافية لا محل لها.

الشاهد فيه قوله: "يا هناه" حيث أبدلت الهاء من الواو والأصل: "يا هناو".

ص: 140

يغطر" بمعنى خطر يخطر، حكاه ابن جني. والعين في قولهم لَغَنَّ في لَعَنَّ.

الحاء – أبدلت من العين، قالوا "ربح" بمعنى ربع، وهو قليل.

الخاء – أبدلت من الغين، قالوا "الأخن" يريدون الأغن، فقد رقع التكافؤ بينهما، وذلك في غاية القلة.

القاف – أبدلت من الكاف، قالوا في وكنة الطائر – وهي مأواه من الجبل – وقنة، حكاه الخليل.

الكاف – أبدلت من حرفين: القاف، والتاء، فالقاف في قولهم "عربي كح" أي قح، وفسر الأصمعي القح فقال: هو الخالص من اللؤم، فقد وقع التكافؤ بينهما، لكن إبدال الكاف من القاف أكثر من عكسه، والتاء في قوله [من الرجز] :

يا ابْنَ الزُّبَيْرِ طَالَمَا عَصَيْكا1

وقد تقدم.

الجيم – أبدلت من الياء، وقد تقدم.

الشين – أبدلت من ثلاثة أحرف: الكاف التي للمؤنث، والجيم، والسين، فالكاف في نحو: أكرمتك" قالوا: أكرمتش، وهي كشكشة تميم كما تقدم، والجيم كما في قوله [من الرجز] :

1247-

إذْ ذَاكَ حَبْلُ الْوِصَالِ مُدْمَشُ2

أي مدمج. قال ابن عصفور: ولا يحفظ غيره، وسهل ذلك كون الجيم والشين متفقتين في المخرج. والسين قالوا: جعشوش في جعسوس، وهي القمئ الذليل، ويجمع بالمهملة دون المعجمة، وبذلك علم الإبدال.

1 تقدم بالرقم 251.

1247-

التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.

اللغة: مدمش: متين.

الإعراب: إذ: ظرف زمان في محل نصب. ذاك: اسم إشارة في محل رفع مبتدأ خبره محذوف. إذ: بدل من "إذ" الأولى. حبل: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. الوصال: مضاف إليه مجرور. مدمش: خبر المبتدأ مرفوع.

وجملة "ذاك حاصل": مضاف إليها محلها الجر، وكذلك جملة "حبل الوصال مدمش".

الشاهد فيه قوله: "مدمش" حيث أبدلت الشين من "الجيم" وأصله: "مدمج".

ص: 141

الياء –وهي أوسع حروف الإبدال، أبدلت من ثمانية عشر حرفا: من الألف في نحو: مصابيح، وغليم تصغير غلام، ومن الواو في نحو: أغزيت وما تصرف منه، ومن الهمزة في نحو: بير في بئر، ومن الهاء قالوا "دهديت الحجر" في دهدهته، وقالوا "صهصيت بالرجل" أي صهصهت به، إذا قلت له: صه صه. ومن السين في قوله [من الوافر] :

1247-

إذَا مَا عُدَّ أَرْبَعَةٌ فِسَالٌ

فَزَوْجُكِ خَامِسٌ وَأَبُوْكِ سَادِي

أي سادس. ومن الباء في قولهم "الأراني والثعالي"، والأصل الأرانب والثعالب، وقد مر. ومن الراء في "قيرط، وشيراز"، والأصل قراط وشراز، لقولهم في الجمع: قراريط، وشراريز. وقال بعضهم في شيراز "شواريز" فيكون البدل من الواو، والأصل شوراز. ومن النون في أناسي وظرابي، والأصل أناسين وظرابين؛ لأنهما جمعا إنسان وظربان، وكذلك تظنيت، أصله تظننت من الظن، وكان أبو عمرو بن العلاء يذهب إلى أن قوله تعالى:{لَمْ يَتَسَنَّهْ} 1 أصله يتسنن، أي لم يتغير من قوله تعالى:{مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ} 2 وكذلك "دينار" أصله دنار لقولهم دنانير ودنينير، وقالوا في إنسان: إيسان، بالياء. ومن الصاد في قولهم

1248- التخريج: البيت لامرئ القيس في ملحق ديوانه ص459؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص304؛ والدرر 6/ 226؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 471؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 213؛ وشرح شواهد الشافية ص446؛ وشرح المفصل 10/ 24؛ ولسان العرب 2/ 40 "ستت"، 11/ 519 "فسل"، 15/ 492 "يا"؛ والممتع في التصريف 1/ 368؛ وهمع الهوامع 2/ 157.

اللغة: إذا: ظرف زمان يتضمن معنى الشرط متعلق بجوابه. ما: زائدة. عد: فعل ماض للمجهول. أربعة: نائب فاعل مرفوع. فسال: نعت "أربعة" مرفوع. فزوجك: "الفاء": رابطة جواب الشرط، و"زوجك": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، و"الكاف": ضمير في محل جر بالإضافة. خامس: خبر المبتدأ مرفوع. وأبوك: "الواو": حرف عطف، "أبوك": مبتدأ مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف، و"الكاف": ضمير في محل جر بالإضافة. سادي: خبر المبتدأ مرفوع.

وجملة "إذا ما عد فزوجك خامس": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "عد": في محل جر بالإضافة. وجملة "زوجك خامس": جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. وجملة "أبوك سادي": معطوفة على سابقتها.

الشاهد فيه قوله: "سادي" حيث أبدلت الياء من "السين" والأصل "سادس".

1 البقرة: 259.

2 الحجر: 26، 28، 33.

ص: 142

"قضَّيْتُ أظفارِي" والأصل قصصت. وقيل: إن الياء هنا أصلها الواو، وإن المعنى تتبعت أقصاها. ومن الضاد في قوله [من الرجز] :

1249-

إذَا الْكِرَامُ ابْتَدَرُوا الْبَاعَ بَدَرْ

تَقَضِّي الْبَازِي إذَا الْبَازِي كَسَرْ

أي تقضض البازي، من الانقضاض. ومن اللام في أمليت وأصله أمللت؛ ومن الميم في قوله [من الطويل] :

1250-

تَزُورُ امْرأً أَمَّا الإلَهَ فَيَتَّقِي

وَأَمَّا بِفِعْلِ الْصَّالْحِيْنَ فَيَأْتَمِي

1249- التخريج: الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 42؛ وأدب الكاتب ص487؛ والأشباه والنظائر 1/ 48؛ وإصلاح المنطق ص301؛ والدرر 6/ 20؛ وشرح المفصل 10/ 25؛ والممتع في التصريف 1/ 374؛ وبلا نسبة في الخصائص 2/ 90؛ والمقرب 2/ 171؛ وهمع الهوامع 2/ 157.

اللغة: ابتدروا: استبقوا. بدر: سبق. تقضي: انقضاض، هجوم. البازي: طير جارح. كسر البازي: ضم جناحيه.

المعنى: إذا تسابق الكرام لفعل الخيرات، وانقض كالبازي إذا ضم جناحيه هاويا لاصطياد فريسة، فيكون هو السابق المجلي.

الإعراب: إذا ظرف زمان يتضمن معنى الشرط، متعلق بجوابه. الكرام: فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده، تقديره:"إذا ابتدر الكرام ابتدروا". ابتدروا: فعل ماض، و"الواو": ضمير في محل رفع فاعل. الباع: مفعول به منصوب. بدر: فعل ماض مبني على الفتح، وفاعله ضمير مستتر تقديره "هو" وسكن لضرورة القافية. تقضي: نائب مفعول مطلق. البازي: مضاف إليه مجرور. إذا ظرف زمان متعلق بالمصدر "تقضي". البازي: فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده. كسر: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو".

وجملة "إذا الكرام.... بدر": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "ابتدر الكرام": في محل جر بالإضافة. وجملة "ابتدروا": تفسيرية لا محل لها من الإعراب. وجملة "بدر": لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم. وجملة "كسر البازي": في محل بالإضافة. وجملة "كسر" تفسيرية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله: "تقضي" حيث أبدلت الياء من "الضاد"، والأصل:"تقضض".

1250-

التخريج: البيت بلا نسبة في سر صناعة الإعراب 2/ 760؛ وشرح المفصل 10/ 24؛ ولسان العرب 12/ 26 "أمم"، 14/ 46 "أما"، 256 "دسا"؛ والمقرب 2/ 172؛ والممتع في التصريف 1/ 374.

الإعراب: تزور: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره؛ "أنت". امرأ: مفعول به منصوب. أما: حرف تفصيل. الإله: مفعول به مقدم منصوب. فيتقي: "الفاء": رابطة جواب "أما"، و"يتقي": فعل مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هو". وأما:

"الواو": حرف عطف، =

ص: 143

قال ابن الأعرابي: أراد فيأتم، ومن العين في قوله [من الرجز] :

1251-

وَمَنْهَلٍ لَيْسَ لَهُ حَوَازِقُ

وَلِضَفَادِي جَمِّهِ نَقَانِقُ

يريد ولضفادع. وقالوا "تعليت" من اللعاعة وهي بقلة، والأصل تلععت: من الدال في التصدية وهي التصفيق والصوت، والأصل تصددة؛ لأنها من صددت أصد، قال تعالى:{إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} 1 ومن التاء في قوله [من الرجز] :

1252-

قَامَ بِهَا يَنْشُدُ كُلَّ مَنْشَدِ

وَايْتَصَلَتْ بِمِثْلِ ضَوْءِ الْفَرْقَدِ

= "أما" حرف تفصيل. بفعل: جار ومجرور متعلقان بـ"يأتمي"، وهو مضاف. الصالحين: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم. فيأتمي: "الفاء": رابطة جواب "أما". يأتمي: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو".

وجملة "تزور....": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يتقي": جواب شرط جازم مقترن بالفاء محلها الجزم، وكذلك جملة "يأتمي".

الشاهد فيه قوله: "فيأتمي" حيث أبدلت الياء من "الميم"، والأصل:"فيأتم".

1251-

التخريج: الرجز لخلف الأحمر في الدرر 6/ 227؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 4/ 438؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 762؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 212؛ وشرح المفصل 10/ 24؛ والكتاب 2/ 273؛ والمقتضب 1/ 247؛ والممتع في التصريف 1/ 376.

اللغة: المنهل: المورد. الحوازق: ج الحزيقة، وهي الجماعة. الضفادي: الضفادع. الجم: معظم الماء. النقانق: صوت الضفادع.

المعنى: يقول: هو منهل قفر لا تؤمه الجماعات، وليس فيه إلا الضفادع.

الإعراب: ومنهل: "الواو"ا: واو رب حرف جر، "منهل": اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ. ليس: فعل ماض ناقص. له: جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف. حوازق: اسم "ليس" مرفوع. ولضفادي: "الواو": حرف عطف، و"لضفادي": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، وهو مضاف. جمه: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف و"الهاء": ضمير في محل جر بالإضافة. نقانق: مبتدأ مؤخر مرفوع.

وجملة "ومنهل

": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "ليس له

": في محل رفع صفة لـ"منهل" على المحل، وعطف عليها جملة "لضفادي جمه نقانق"، وخبر المبتدأ "منهل" تقدير "وردته".

الشاهد فيه قوله: "الضفادي" حيث أبدلت الياء من "العين" والأصل: "ضفادع".

1 الزخرف: 57.

1252-

التخريج: الرجز بلا نسبة في سر صناعة الإعراب 2/ 764؛ وشرح المفصل 10/ 24، 36؛ ولسان العرب 11/ 726 "وصل"؛ والمقرب 2/ 173؛ والممتع في التصريف 1/ 378. =

ص: 144

أي واتصلت. ومن الثاء في قوله [من الرجز] :

1253-

قد مر يومان وهذا الثالي

[وأنتَ بالهجرانِ لا تبالي]

أي الثالث. ومن الجيم في قوله [من الطويل] :

[إذا لم يكن فيكن ظل ولا جنى]

فأبعدكُنَّ اللهُ من شَيَراتِ1

أي: من شجرات. وقالوا "دياجي" في جمع ديجوج، والأصل دياجيج. ومن الكاف في قولهم: مكوك مكاكي، والأصل مكاكيك، وهو مكيال.

الصاد – أبدلت من حرفين، من السين في قولهم {صِرَاطٌ} 2 من "السراط"، ومن اللام في قولهم "رجل جصد" أي جلد.

اللام – أبدلت من حرفين، وهما: النون في أصيلان، والضاد في اضطجع، كما مر.

= الإعراب: قام: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". بها: جار ومجرور متعلقان بـ"قام". ينشد: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". كل: مفعول مطلق منصوب، وهو مضاف. منشد: مضاف إليه مجرور. وايتصلت: "الواو": حرف عطف، "ايتصلت": فعل ماض، و"التاء": للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هي". بمثل: جار ومجرور متعلقان بـ"ايتصلت"، وهو مضاف. ضوء: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف. الفرقد: مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة "قام بها": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "ينشد" في محل نصب حال. وجملة "ايتصلت": معطوفة على جملة "قام".

الشاهد فيه قوله: "ايتصلت" حيث أبدلت الياء من "التاء" والأصل "اتصلت".

1253-

التخريج: الرجز بلا نسبة في الدرر 6/ 224؛ وسر صناعة الإعراب ص764؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 213؛ وشرح شواهد الشافية ص448؛ وشرح المفصل 10/ 24، 28؛ ولسان العرب 2/ 121 "ثلث"؛ وهمع الهوامع 2/ 157.

الإعراب: قد: حرف تحقيق. مر: فعل ماض. يومان: فاعل مرفوع بالألف لأنه مثنى. وهذا:

"الواو": حالية، "هذا": اسم إشارة في محل رفع مبتدأ. الثالي: خبر. وأنت: "الواو": حالية، و"أنت": ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. بالهجران: جار ومجرور متعلقان بـ"تبالي". لا: نافية. تبالي: فعل مضارع مرفوع، فاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنت".

وجملة "قد مر يومان": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "وهذا هو الثالث": حالية. وجملة "أنت لا تبالي" في محل نصب حال. وجملة "لا تبالي": في محل رفع خبر المبتدأ.

الشاهد فيه قوله: "الثالي" حيث أبدلت الياء من الثاء، والأصل "الثالث".

1 تقدم بالرقم 1243.

2 الفاتحة: 7.

ص: 145

الراء – أبدلت من اللام من قولهم "نثره" بمعنى نثله، و"رعل" بمعنى "لعل".

النون – أبدلت من أربعة أحرف: من اللام في قولهم "لعن" في لعل، و"نابن فعلت كذا"، في لا بل فعلت كذا، ومن الميم في قولهم للحيَّة: أيم، وأين، وقالوا: أسود قاتم، وقاتن. ومن الواو في صنعاني وبهراني نسبة إلى صنعاء وبهراء، والأصل صنعاوي بهراوي؛ لأن همزة التأنيث في النسب تقلب واوا، كما تقدم في بابه. ومن الهمزة، حكى الفراء حنان في حناء، وهو الذي يخضب به. وأما قول الخليل وسيبويه "إن نون فعلان الذي مؤنثه فعلى بدل من همزة فعلاء كنون سكران وغضبان" فليس المراد به هذا البدل، وإنما المراد أن النون عاقبت الهمزة في هذا الموضع كما عاقبت لام التعريف التنوين.

الطاء – أبدلت من حرفين: من التاء في الافتعال بعد حروف الإطباق، وقد تقدم، ومن الدال، حكى يعقوب عن الأصمعي "مط الحرف" في مده، و"الإبعاط" في الإبعاد.

الدال – أبدلت من ثلاثة أحرف: من التاء في الافتعال بعد الدال والذال والزاي والجيم، كما مر، ومن الطاء، قالوا المردي في المرطي، وهو حيث يمرط الشعر حول السرة. ومن الذال في قولهم "ذكر" في جمع ذكرة.

التاء – أبدلت من سبعة أحرف: من الطاء في فستاط، والأصل فسطاط، لقولهم في الجمع: فساطيط، دون فساتيط. ومن الدال في قولهم "ناقة تربوط" والأصل دربوت، أي مذللة؛ لأنه من الذربة. ومن الواو في "تراث وتجاه" ونحوهما. ومن الياء في نحو: اتسر، الأصل ايتسر كما مر، وفي قولهم "ثنتان" الأصل ثنيان؛ لأنه من ثنيت الواحد ثنيا، وفي قولهم كيت وذيت، والأصل كية وذية، فحذفت تاء التأنيث، وأبدلت من الياء الأخيرة وهي لام الكلمة تاء؛ لقولهم: كان من الأمر كية وكية وذية وذية. ومن الصاد في قولهم في لص: لصت، ومن السين في قولهم في طس: طست، وقولهم في العدد: ست، والأصل سدس، لقولهم: سديسة، ثم أبدلت الدال تاء وأذغمت. ومن الباء في قولهم "ذعالت" في ذعالب، والذعالب والذعاليب: الأخلاق من الثياب، الواحد ذعلوب. قال في التسهيل: وربما أبدلت من هاء السكت، ومثاله ما تأوله بعضهم في قوله [من الكامل] :

1254-

العَاطِفُونَةُ حِينَ مَا مِنْ عَاطِفٍ

[والمطعمون زمان أين المطعم؟]

1254- التخريج: البيت لأبي وجزة السعدي في الأزهية ص264؛ وخزانة الأدب 4/ 175، 176، =

ص: 146

إنه أراد العاطفونه بهاء السكت، ثم أبدلها تاء وحركها للضرورة. ومثله بعضهم بنحو "جنت ونعمت" لأنه جعل الهاء أصلا.

الصاد – أبدلت من السين، نحو: صراط. [وهو مكرر قبل قليل] :

الزاي – أبدلت من حرفين: من السين الساكنة قبل دال، نحو: يزدل في يسدل، ويزدر في يسدر، يقال: سدر البعير يسدر سدرا؛ إذا تحير من شدة الحر. ومن الصاد الساكنة قبل الدار، نحو: يزدق في يضدق، ونحو: القزد في القصد، فإن تحركت الصاد لم تبدل، وفي كلامهم: لم يحرم الرفد من فزدله، أي من فصد له، فأسكن الصاد وأبدلها زايا.

السين – أبدلت من ثلاثة أحرف: من التاء في استخذ على أحد الوجهين، وأصله اتخذ. ومن الشين في قولهم في مشدود: مسدود. ومن اللام في قولهم "استقطه" في التقطه، وهو في غاية الشذوذ.

الظاء – لم أر في إبدالها شيئا.

الذال – أبدلت من حرفين: من الدال في قراءة من قرأ "فَشَرِّذ بِهِمْ"1 بالمعجمة،

178، 180؛ والدرر 2/ 115، 116؛ ولسان العرب 2/ 87 "ليت"، 9/ 251 "عطف"، 13/ 43 "أين"، 134 "حين"، 15/ 472 "ما"؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص487؛ وخزانة الأدب 9/ 383؛ والدرر 2/ 122؛ وصف المباني ص163، 173؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 163؛ ومجلس ثعلب 1/ 270؛ والذين يطمعون الناس في وقت العسر.

الإعراب: "العاطفون": خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هم" مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم. "تحين": "التاء": زائدة، و"حين": مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة. "ما": حرف نفي. "من": حرف جر زائد. "عاطف": اسم مجرور لفظا، مرفوع محلا على أنه مبتدأ، والخبر محذوف تقديره:"كائن". "والمطعمون": "الواو": عاطفة، "المطعمون": اسم معطوف على "العاطفون" فهو مثله في محل رفع. "زمان": مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة، متعلق بـ"المطعمون". "أين": اسم استفهام مبني على الفتح في محل رفع خبر مقدم. المطعم: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.

وجملة "هم العاطفون": ابتدائية لا محل لها. وجملة "أين المطعم": في محل جر بالإضافة.

والشاهد فيه قوله: "العاطفونة": حيث أبدل "هاء" الوقف تاء للضرورة، ويروى:"المطعمون تحين" كما مر.

1 الأنفال: 57.

ص: 147

ومن الثاء في قولهم "تلعذم الرجل" أي تلعثم، إذا أبطأ في الجواب.

الثاء – أبدلت من حرفين: من الفاء في مغثور، الأصل مغفور، ومن الذال في قولهم في الجذوة من النار: جثوة.

الفاء – أبدلت من حرفين: من الثاء في قولهم: "قام زيد فم عمرو"، أي ثم عمرو، حكاه يعقوب، وقولهم:"فوم" بمعنى ثوم. ومن الباء في قولهم: "خذه بإفانه" أي بإبانه.

الباء – أبدلت من حرفين: من الميم في قولهم: "با اسمك؟ " يريدون: ما اسمك؟ ومن الفاء في قولهم "البسكل" في الفسكل1.

الميم – أبدلت من أربعة أحرف: من الواو في فم عند الأكثر، أصله فوو مثل فوج؛ فحذفت الهاء تخفيفا؛ لأنه قد يضاف إلى الضمير فيقال: فوهه؛ فيسثقل ذلك، ثم أبدلت الميم من الواو. ومن النون، في نحو: عمبر، والبنام في البنان. ومن الباء في قولهم: بنات مخر، في بنات بخر، للسحاب؛ لأنه من البخار، وقولهم "ما زلت داتما على هذا" أي راتبا. وعن ابن السكيت: رأيته من كثب ومن كثم، أي قرب؛ فالميم بدل من الباء؛ لأنهم قالوا "كثب الفقيه الأمر" ولم يقولوا كثم، ومنه قوله [من البسيط] :

1255-

فَبَادَرَتْ سِرْبَهَا عَجْلَى مُثَابِرَةً

حَتَّى اسْتَقَتْ دُوْنَ مَحْيَا جِيْدِهَا نَغَمَا

أراد نغبا، النغبة: الجرعة. ومن لام التعريف في اللغة اليمنية.

1 الفسكل بضم الفاء أو كسرها: الفرس الذي يجيء في السباق آخر الرعيل.

1255-

التخريج: البيت بلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 426؛ وشرح المفصل 10/ 33؛ ولسان العرب 1/ 765 "نغب"؛ والمقرب 2/ 178؛ والممتع في التصريف 1/ 343.

اللغة: النعم: النغب، ومفرده النغبة، وهي الجرعة.

الإعراب: فبادرت: "الفاء": بحسب ما قبلها، "بادرت": فعل ماض، و"التاء": للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هي". سربها: مفعول به، وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة. عجلى: حال منصوب. مثابرة: حال منصوب. حتى: حرف ابتداء وغاية. استقت: فعل ماض، و"التاء": للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هي": دون: ظرف مكان متعلق بـ"استقت"، وهو مضاف. محيا: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف. جيدها: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة. نغما: مفعول به منصوب.

وجملة "بادرت": بحسب ما قبلها. وجملة "استقت": استفهامية لا محل لها.

الشاهد فيه قوله: "نغما" حيث أبدلت الميم من الباء، والأصل "نغبا".

ص: 148

الواو – أبدلت من ثلاثة أحرف: الألف، والياء، والهمزة، وقد تقدمت، والله أعلم.

فصل: في الإعلال بالحذف

وهو على ضربين: مقيس، وشاذ؛ فالمقيس هو الذي تعرض لذكره في هذا الفصل، وهو ثلاثة أنواع، وقد أشار إلى الأول منها بقوله:

988-

فَا أَمْرَ أوْ مُضَارِعٍ مِنْ كَوَعَدْ

احْذِفْ وَفِي كَعِدَةٍ ذَاكَ اطَّرَدْ

989-

وَحَذْفُ هَمْز أَفْعَلَ اسْتَمَرَّ فِي

مُضَارِعٍ وَبِنْيَتَيْ مُتَّصِفِ

أي: إذا كان الفعل ثلاثيا واوي الفاء مفتوح العين؛ فإن فاءه تحذف في المضارع ذي الياء، نحو: وعد يعد، والأصل يوعد؛ فحذفت الواو استثقالا لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة، وحمل على ذي الياء أخواته، نحو: أعد وتعد ونعد، والأمر، نحو: عد، والمصدر الكائن على فعل بكسر الفاء وسكون العين، نحو:"عدة" فإن أصله وعد على وزن فعل؛ فحذفت فاؤه حملا على المضارع، وحركت عينه بحركة الفاء، وهي الكسرة؛ ليكون بقاء كسرة الفاء دليلا عليها، وعوضوا منها تاء التأنيث، ولذلك لا يجتمعان، وتعويض التاء هنا لازم، وقد أجاز بعضهم حذفها للإضافة، تمسكا بقوله [من البسيط] :

[إن الخليط أجد البين فانجردوا]

وَأَخْلَفُوْكَ عِدَ الأَمْرِ الَّذِي وَعَدُوا1

يعني عدة الأمر، وهو مذهب الفراء، وخرجه بعضهم على أن عدا جمع عدوة، أي ناحية، أي وأخلفوك نواحي الأمر الذي وعدوا.

تنبيهات: الأول: فهم من قوله "من كوعد" أن حذف الواو مشروط بشروط؛ أولها: أن تكون الياء مفتوحة؛ فلا تحذف من يوعد مضارع أوعد، ولا من يوعد مبنيا للمفعول، وشذ من ذلك قولهم "يدع، ويذر"2 في لغة. ثانيها: أن تكون عين الفعل مكسورة؛ فإن

1 تقدم بالرقم 591.

2 هما فعلان مضارعان مبنيان للمجهول، وشذوذهما من جهتين؛ لأن ياء المضارعة مضمومة، وما بعد الواو المحذوفة مفتوح، والواو لا تحذف قياسا إلا إذا وقعت بين ياء مفتوحة وكسرة.

ص: 149

كانت مفتوحة، نحو: يوجل، أو مضمومة، نحو: يوضؤ لم تحذف الواو، وشذ قول بعضهم في مضارع وجد يجد، ومنه قوله [من الكامل] :

1256-

لَوْ شِئْتِ قَدْ نُقِعَ الفُؤَادُ بِشَرْبَةٍ

تَدَعُ الْصَّوَادِيَ لَا يَجُدْنَ غَلِيْلَا

وهي لغة عامرية.

وأما حذف الواو من يقع، ويضع، ويهب؛ فللكسر المقدر؛ لأن الأصل فيها كسر العين؛ إذ ماضيها فعل بالفتح؛ فقياس مضارعها يفعل بالكسر، ففتح لأجل حرف الحلق تخفيفا؛ فكان الكسر فيه مقدرا، ويسع كذلك؛ لأنه وإن كان ماضيه وسع بالكسر، وقياس مضارعه الفتح، إلا أنه لما حذفت منه الواو دل ذلك على أنه كان مما يجيء على يفعل بالكسر، نحو: ومن يمق، وإلى هذا أشار في التسهيل بقوله:"بين ياء مفتوحة وكسرة ظاهرة كيعد أو مقدرة كيقع ويسع". ثالثها: أن يكون ذلك في فعل؛ فلو كان في اسم لم تحذف

1256- التخريج: البيت لجرير في الدرر 5/ 103؛ وشرح شواهد الشافية ص53؛ ولسان العرب 8/ 361 "نقع"؛ والمقاصد النحوية 4/ 591؛ وليس في ديوانه؛ وهو للبيد بن ربيعة في شرح شافية ابن الحاجب 1/ 32؛ وللبيد أو جرير في لسان العرب 3/ 445 "وجد"؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 2/ 596؛ وشرح المفصل 10/ 60؛ والمقرب 2/ 184؛ والممتع في التصريف 1/ 177، 2/ 427؛ والمنصف 1/ 187؛ وهمع الهوامع 2/ 66.

اللغة: نفع: روى وشفى. الصوادي: العطاش الحائمات حول الماء. يجدن: يصبن. الغليل: حرارة العطش، وهنا شدة الشوق.

المعنى: لو شئت، شفيتني بوصلك، من ريق يشفي أمثالي من المشوقين ويبعد عنهم شدة الوجد.

الإعراب: لو: حرف امتناع لامتناع. شئت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالتاء المتحركة الفتحة الظاهرة. الفؤاد: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. بشربة: جار ومجرور متعلقان بالفعل نقع. تدع: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، و"الفاعل": ضمير مستتر جوازا تقديره هي. الصوادي: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. لا يجدن: "لا": نافية، و"يجدن": فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة و"النون": ضمير متصل في محل رفع فاعل. غليلا: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.

وجملة "لو شئت قد نقع": ابتدائية لا محل لها. وجملة "شئت": فعل الشرط لا محل لها. وجملة "قد نقع الفؤاد": جواب شرط غير جازم لا محل لها. وجملة "تدع الصوادي": في محل جر صفة لـ"شربة". وجملة "لا يجدن غليلا": في محل نصب حال، أو مفعول ثان.

والشاهد فيه قوله: "لا يجدن" حيث جاء بمضارع وجد على صيغة يجد، وهو شذوذ.

ص: 150

الواو؛ فتقول في مثال يقطين من وعد: يوعيد؛ لأن التصحيح أولى بالأسماء من الإعلال.

الثاني: فهم من قوله: "كعدة" أن حذف الواو من فعلة المشار إليها مشروط بشرطين:

أحدهما: أن تكون مصدرا كعدة، وشذ من الأسماء رقة للفضة، وحشة للأرض الموحشة، ومن الصفات لدة بمعنى ترب، ويقع على الذكر فيجمع بالواو والنون، وعلى الأنثى فيجمع بالألف والتاء، قال [من الوافر] :

1257-

رَأَيْنَ لِدَاتِهنَّ مُؤَزَّرَاتٍ

وَشَرْخُ لِدِيَّ أَسْتَارُ الهِرَامِ

وفيها احتمال، وهو أن تكون مصدرا وصف به، ذكره الشلوبين. وقوله في التسهيل:"وربما أعل بذا الإعلال أسماء كرقة، وصفات كلدة" فيه نظر؛ لأن مقتضاه وجود أقل الجمع من النوعين؛ أما الأسماء فقد وجد رقة، وحشة، وجهة، عند من جعلها أسماء. وأما الصفات فلا يحفظ غير لدة، وقد أنكر سيبويه مجيء صفة على حرفين.

ثانيهما: أن لا تكون لبيان الهيئة، نحو: الوعدة والوقفة المقصود بهما الهيئة؛ فإنه لا يحذف منهما كما اقتضاه كلام الكافية.

الثالث: قد ورد إتمام فعلة شاذا، قالوا: وتره وترا ووترة بكسر الواو، حكاه أبو علي في أماليه. قال الجرمي: ومن العرب من يخرجه على الأصلِ، فيقول: وعدة، ووثبة،

1257- التخريج: البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 291؛ ولسان العرب 3/ 469 "ولد".

اللغة: اللدات: ج اللدة، وهي الذي ولد أو تربي معك. الشرخ: الأصل، العرق: لدى: مفردها "لدة" وهي من كان في مثل سنك. الهرام: ج الهرم، وهو الكبر في السن.

المعنى: يقول: إن النساء يجدن أترابهن منعمات في مآزرهن، أما من كانوا في عمره فق صاروا بلا أسنان طاعنين في السن.

الإعراب: رأين: فعل ماض، و"النون": ضمير في محل رفع فاعل. لداتهن: مفعول به منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم، وهو مضاف، و"هن": ضمير في محل جر بالإضافة. مؤزرات: صفة المفعول به منصورب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم. وشرخ "بالنصب""الواو": حرف عطف، "شرخ": معطوف على "لدات"، وهو مضاف. لدي: مضاف إليه مجرور بالكسرة، وهو مضاف، و"الياء": ضمير في محل جر بالإضافة. أستار: مفعول به ثان منصوب، وهو مضاف. الهرام: مضاف إليه مجرور. وشرخ "بالرفع" مبتدأ. و"أستار": خبر المبتدأ مرفوع، والواو على ذلك حالية.

وجملة "رأين": ابتدائية لا محل لها.

الشاهد فيه قوله: "لداتهن" حيث جمعت جمع مؤنث سالم لوقوعه على الأنثى.

ص: 151

ووِجْهة. وذهب المازني والمبرد والفارسي إلى أن وجهة اسم للمكان المتوجَه إليه؛ فعلى هذا لا شذوذ في إثبات واوه؛ لأنه ليس بمصدر. وذهب قوم إلى أنه مصدر، وهو ظاهر كلام سيبويه، ونسب إلى المازني أيضا، وعلى هذا فإثبات الواو فيه شاذ، قال بعضهم: والمسوغ لإثباتها فيه دون غيره من المصادر أنه مصدر غير جار على فعله؛ إذ لا يحفظ وجه يجه؛ فلما فقد مضارعه لم يحذف منه؛ إذ لا موجب لحذفها إلا حمله على مضارعه، ولا مضارع، والفعل المستعمل منه توجه واتجه، والمصدر الجاري عليه التوجه؛ فحذفت زوائده، وقيل: وجهة. ورجح الشلوبين القول بأنه مصدر، وقال: لأن وجهة وجهة بمعنى واحد، ولا يمكن أن يقال ف جهة إنها اسم للمكان؛ إذ لا يبقى للحذف وجه.

الرابع: ربما فتحت عين هذا المصدر لفتحها في مضارعه، نحو: سعة وضعة، وقد تضم، قالوا في الصلة: صلة بالضم، وهو شاذ.

الخامس: ربما أعل بهذا الإعلال مصدر فعُل بالضم، نحو: وقُح قِحَةً.

السادس: فهم من تخصيص هذا الحذف بما فاؤه واو أن ما فاؤه ياء لا حظ له في هذا الحذف إلا ما شذ من قول بعضهم في مضارع يسر يسر، والأصل ييسر، وفي مضارع يئس يئس، والأصل ييئس، ا. هـ.

ثم أشار إلى النوع الثاني بقوله:

وَحَذْفُ هَمْز أَفْعَلَ اسْتَمَرَّ فِي

مُضَارِعٍ وَبِنْيَتَيْ مُتَّصِفِ

أي مما اطرد حذفه همزة أفعل من مضارعه، واسمي فاعله، ومفعوله، وهما المراد بقوله:"وبنيتي متصف" فتقول: أكرم يكرم؛ فهو مكرم ومكرم، والأصل يؤكرم ومؤكرم ومؤكرم، إلا أنه لما كان من حروف المضارعة همزة أخواته، واسما الفاعل والمفعول، ولا يجوز إثبات هذه الهمزة على الأصل إلا في ضرورة أو كلمة مستندرة؛ فمن الضرورة قوله [من الراجز] :

1258-

فَإِنَّهُ أَهْلٌ لأَنْ يُؤَكْرَمَا

1258- التخريج: الرجز بلا نسبة في الإنصاف ص11؛ وخزانة الأدب 2/ 316؛ والخصائص 1/ 144؛ والدرر 6/ 319؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 139؛ وشرح شواهد الشافية ص58؛ ولسان

ص: 152

والكلمة المستندرة قولهم: "أرض مُؤرنِبة" بكسر النون، أي كثيرة الأرانب، وقولهم "كساء مؤرنب" إذا خلط صوفه بوبر الأرانب، هذا على القول بزيادة همزة أرنب وهو الأظهر.

تنبيه: لو أبدلت همزة أفعل هاء، كقولهم في أراق: هراق، أو عينا، كقولهم في أنهل الإبل: عنهل – لم تحذف لعدم مقتضى الحذف، فتقول: هراق يهريق، فهو مهريق ومهراق، وعنهل الإبل يعنهلها، فهو معنهل وهي معنهلة، ا. هـ.

ثم أشار إلى النوع الثالث بقوله:

990-

ظِلْتُ وَظَلْتُ فِي ظللْتُ اسْتُعْمِلا

وَقِرْنَ فِي اقْرِرْنَ، وَقَرْنَ نُقِلا

"ظلت وظلت في ظللت استعملا" أي كل فعل ثلاثي مكسور العين ماض عينه ولامه من جنس واحد يستعمل في إسناده إلى الضمير المتحرك على ثلاثة أوجه؛ تاما كظللت، ومحذوف اللام مع نقل حركة العين إلى الفاء كظلت، ودون نقلها كظلت، وكذا تفعل في ظللن، فإن زاد على الثلاثة تعين الإتمام، نحو أقررت، وشذ أحست في أحسست، وكذا يتعين الإتمام إن كان مفتوح العين، نحو: حللت، وشذ همت في هممت، حكاه ابن الأنباري.

العرب 1/ 435 "رنب"، 12/ 512 "كرم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 578؛ والمقتضب 2/ 98؛ والمنصف 1/ 37؛ 192، 2/ 184؛ وهمع الهوامع 2/ 218.

شرح المفردات: أهل: يستحق، خليق. يؤكرم: يكرم.

الإعراب: "فإنه": الفاء بحسب ما قبلها، "إنه": حرف مشبه بالفعل، والهاء ضمير في محل نصب اسم "إن". "أهل": خبر "إن" مرفوع بالضمة. "لأن": اللام للتعليل، "أن": حرف نصب ومصدري. "يؤكرما": فعل مضارع للمجهول منصوب بالفتحة، والألف للإطلاق، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بالخبر "أهل".

وجملة: "إنه أهل" بحسب ما قبلها. وجملة: "يؤكرما" صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله: "يؤكرما" والقياس "يكرما" فأثبت الهمزة على ما هو الأصل الأصيل فيه للضرورة.

ص: 153

وإن كان الفعل مضارعا أو أمرا واتصل بنون نسوة جاز الوجهان الأولان فقط، نحو: يقررن ويقرن، واقررن وقرن، وإلى ذلك الإشارة بقوله:"وقرن في اقررن" أي استعمل قرن في اقررن، قال تعالى:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} 1 وهو أمر من قررت بالمكان أقر بالفتح في الماضي والكسر في المستقبل، فلما أمر منه اجتمع مثلان أولهما مكسور، فحسن الحذف كما فعل بالماضي. وقيل: هو أمر من الوقار، يقال: وقر يقر، فيكون قرن محذوف الفاء مثل عدن، ورجح الأول لتتوافق القراءتان.

فإن كان أول المثلين مفتوحا كما في لغة من قال قررت بالمكان بالكسر أقر بالفتح فالتخفيف قليل، وإليه أشار بقوله:"وقرن نقلا": أي في قراءة نافع وعاصم لأنه تخفيف لمفتوح. وقد أفهم بقوله "نقلا" أن ذلك لا يطرد، وصرح به في الكافية، وأما الذي قبله فصرح في الكافية باطراد، فقال:

وقرن في اقْرِرًنَ وقِسْ مُعْتَضِدَا

وذكر غيره أنه لا يطرد، وهو ظاهر كلام التسهيل. بل ذهب ابن عصفور إلى أن الحذف في ظللت ونحوه غير مطرد، وقد صرح سيبويه بأنه شاذ، وأنه لم يرد إلا في لفظتين من الثلاثي، وهما ظلت ومست، وفي لفظ ثالث من الزوائد على ثلاثة، وهو أحست في أحسست. وإلى الاطراد ذهب الشلوبين، وحكى في التسهيل أن الحذف لغة سليم، وبذلك يرد على ابن عصفور.

تنبيهان: الأول: اختلف كلام الناظم في المحذوف؛ فذهب في شرح الكافية إلى أن المحذوف اللام. وذهب في التسهيل إلى أن الحذف العين، وهو ظاهر كلام سيبويه.

الثاني: أجاز في الكافية وشرحها إلحاق المضموم العين بالمكسور، فأجاز في اغضضن أن يقال: غضن قياسا على قرن، واحتج له بأن فك المضموم أثقل من فك المكسور، وإذا كان فك المفتوح قد فر منه إلى الحذف في قرن المفتوح القاف؛ ففعل ذلك بالمضموم أحق بالجواز، قال: ولم أره منقولا، ا. هـ.

1 الأحزاب: 33.

ص: 154