الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإبدال:
[الفرق بين الإبدال والقلب والتعويض] :
الغرض من هذا الباب بيان الحروف التي تبدل من غيرها إبدالا شائعا لغير إدغام؛ فإن إبدال الإدغام لا ينظر إليه في هذا الباب؛ لأنه يكون في جميع حروف المعجم إلا الألف، كما أن الزائد للتضعيف لا ينظر إليه في حروف الزيادة لذلك، وأراد الإبدال ما يشمل اختص بحرف العلة والهمزة؛ لأنها تقارب حروف العلة بكثرة التغيير، وذلك كما في "قام" أصله: قوم؛ فألفه منقلبة عن واو في الأصل، وموسى ألفه عن الياء، وراس ألفه عن الهمزة، وإنما لينت لثبوتها؛ فاستحالت ألفا، والبدل لا يختص كما ستراه.
ويخالفهما التعويض؛ فإن العوض يكون في غير موضع المعوض منه كتاء "عدة"، وهمزة "ابن"، وياء "سفيريج"، ويكون عن حرف كما ذكر، وعن حركة كسين "أسطاع" كما تقدم.
وقد ضمن الناظم هذا البا أربعة أحكام من التصريف: الإبدال، والقلب، والنقل، والحذف.
[أحرف الإبدال الشائع] :
وأشار إلى حصر حروف البدل الشائع في التصريف بقوله:
943-
أَحْرُفُ الإبْدَالِ "هَدَأتَ مُوْطِيَا
…
فَأَبْدِلِ الْهَمْزَةَ مِنْ وَاوٍ وَيَا
944-
آخِرًا اثْرَ ألِفٍ زيدَ، وَفي
…
فاعِلِ مَا أُعِلَّ عَيْنَاً ذَا اقْتُفِي
"أَحْرُفُ الإبْدَالِ هَدَأتَ مُوْطِيَا" وخرج بالشائع البدل الشاذ، نحو: إبدال اللام من نون "أصيلان" تصغير "أصيل" على غير قياس كما في "مغرب" و"مغيربان" في قوله [من البسيط] :
1222-
وقفْتُ فيها أُصَيْلالًا أُسائِلُها
…
أعيَتْ جَوابًا، وما بالربْعِ مِنْ أَحَدِ
1222- التخريج: البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص14؛ والأغاني 11/ 27؛ وخزانة الأدب 4/ 122، 124، 126، 11/ 36؛ والدرر 3/ 159؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 54؛ وشرح شواهد الإيضاح ص191؛ وشرح المفصل 2/ 80؛ والكتاب 2/ 321؛ ولسان العرب 11/ 17 "أصل"؛ واللمع ص151؛ والمقتضب 4/ 414؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص260؛ ورصف المباني ص324؛ ومجلس ثعلب ص504.
اللغة: الأصيلان: تصغير الأصيل وهو قت ما قبل غروب الشمس. أعيت: عجزت عن النطق. الربع: الدار حيث كانت، والموضع ينزلونه في فصل الربيع.
المعنى: وقف قبيل غروب الشمس يسائل الديار العاجزة عن جوابه، فهي خالية من الناس.
الإعراب: "وقفت": فعل ماض مبني على السكون، و"التاء": ضمير متصل في محل رفع فاعل. "فيها" جار ومجرور متعلقان بـ"وقفت". "أصيلالا": مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بـ"وقفت". "أسائلها": فعل مضارع مرفوع بالضمة، و"ها": ضمير متصل في محل نصب مفعول به، و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "أنا". "أعيت": فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة، و"التاء": للتأنيث لا محل لها، و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "هي". "جوابا": تمييز منصوب بالفتحة. "وما": "الواو": حرف استئناف، "ما": نافية تعمل عمل "ليس". "بالربع": جار ومجرور متعلقان بخبر "ليس" المقدر "ليس أحد موجودا بالربع". "من": حرف جر زائد. "أحد": اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه اسم "ليس".
وجملة "وقفت": ابتدائية لا محل لها. وجملة "أسائلها": في محل نصب حال. وجملة "أعيت": استئنافية لا محل لها. وجملة " وما الربع من أحد": استئنافية لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "أصيلالا" حيث أبدل النون لاما، فأصلها أصيلان، تصغيرًا لوقت الأصل.
ومن ضاد اضطجع في قوله [من الرجز] :
1223-
[لمَّا رأَى أنْ لا دَعَهْ ولا شِبَعْ]
…
مَالَ إلَى أَرْطَاةِ حِقْفٍ فَالْطَجَعْ
والقليل، نحو: إبدال الجيم من الياء المشددة في الوقف، كقوله [من الرجز] :
1224-
خَالِي عُوَيْفٌ وَأبو عَلِجِّ
…
المُطْعِمَانِ اللحْمَ بِالعشِجِّ
وبالغداة كُتَلَ الْبَرْنَجِّ
…
يُقْلَعُ وبِالصِّيصِجِّ1
1223- التخريج: الرجز لمنظور بن حية الأسدي في شرح التصريح 2/ 367؛ والمقاصد النحوية 4/ 584؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 340؛ وإصلاح المنطق ص95؛ والخصائص 1/ 63، 263، 2/ 350، 3/ 163، 326؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 321؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 324، 3/ 266؛ وشرح شواهد الشافية ص274؛ وشرح المفصل 9/ 82، 10/ 46؛ ولسان العرب 5/ 304 "أبز"، 7/ 255 "أرط"، 8/ 219 "ضجع"، 14/ 325 "رطا"؛ والمحتسب 1/ 107؛ والممتع في التصريف 1/ 403؛ والمصنف 2/ 329.
شرح المفردات: الدعة: الاطمئنان. الأرطاة: نوع من الشجر ثمره كالعناب. الحقف: أصل الجبل، أو المعوج من الرمل. الطجع: مال إلى الأرض، اتكأ.
الإعراب: "لما": ظرف زمان متعلق ب"مال". "رأى": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". "أن": حرف مشبه بالفعل مخفف، واسمه ضمير الشأن المحذوف. "لا": نافية للجنس. "دعه": اسم "لا" مبني في محل نصب. والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها سد مسد مفعولي "رأى". و"لا": الواو حرف عطف، "لا": حرف نفي. "شبع": معطوف على "دعة"، وسكن للضرورة الشعرية، وخبر "لا" محذوف. "مال": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". "إلى أرطاة": جار ومجرور متعلقان بـ"مال"، وهو مضاف. "حقف": مضاف إليه مجرور. "فالطجع": الفاء حرف عطف. "الطجع": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو".
وجملة: "لما رأى
…
مال" الشرطية ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "رأى
…
" في محل جر بالإضافة. وجملة: "مال
…
" لا محل لها من الإعراب لأنها جواب غير جازم. وجملة: "لا دعة" في محل رفع خبر "أن". وجملة "الطجع" معطوفة على جملة "مال".
الشاهد فيه قوله: "فالطجع"، وأصله:"فاضطجع" بعد إبدال تاء "افتعل" طاء لوقوعها بعد حرف من حروف الإطباق، وهو الضاد، ثم إبدال الضاد لاما، وهو إبدال شاذ.
1 تقدم بالرقم 888.
1224-
التخريج: الرجز بلا نسبة في جمهرة اللغة ص42، 242؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 175؛ =
وربما أبدلت دون وقف، كقولهم في "الأيل":"أجل"، ودون تشديد، كقوله [من الرجز] :
لا همَّ إنْ كُنْتَ قَبِلْتَ حِجَّتِجْ
…
فَلَا يَزَالُ شَاحِجٌ يَأتِيْكَ بِجْ1
أقْمُرنَّهاتٌ يُنَزِّي وَفْرَتِجْ
وتسمى هذه عجعجة قضاعة.
ومعنى "هدأت" سكنت، و"موطيا" من أوطأته جعلته وطيئا؛ فالياء فيه بدل من الهمزة، وذكره الهاء زيادة على ما في التسهيل؛ إذ جمعها فيه في "طويت دائما" ثم إنه لم يتكلم عليها هنا مع عده إياها، ووجهه أن إبدالها من التاء إنما يطرد في الوقف، على نحو:
= وشرح التصريح 2/ 367؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 287؛ وشرح شواهد الشافية ص212؛ وشرح المفصل 9/ 74، 10/ 55؛ والصاحبي في فقه اللغة ص55؛ والكتاب 4/ 182؛ ولسان العرب 2/ 320 "عجج"، 4/ 395 "شجر"؛ والمحتسب 1/ 75؛ والمقرب 2/ 29؛ والممتع في التصريف 1/ 353؛ والمصنف 2/ 178، 3/ 79.
شرح المفردات: علج: أي علي. العشج: أي العشي. البرنج: أي البرني، وهو تمر.
الإعراب: "خالي": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "عويف": خبر المبتدأ مرفوع. "وأبو": الواو حرف عطف، "أبو": معطوف على "عويف" مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. "علج": مضاف إليه مجرور. "المطمعان": خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هما". "اللحم": مفعول به منصوب. "بالعشج": جار ومجرور متعلقان بـ"المطعمان". "وبالغداة": الواو حرف عطف، "بالغداة": معطوف على "بالعشج" مجرور. "كتل": مفعول به، وهو مضاف. "البرنج": مضاف إليه مجرور. "يقلع": فعل مضارع للمجهول. مرفوع، ونائب الفاعل: هو. "بالود": جار ومجرور متعلقان بـ"يقلع". "وبالصيصج": الواو: حرف عطف، "بالصيصج": جار ومجرور متعلقان بـ"يقلع".
وجملة: "خالي عويف" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "هما المطعمان" استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "أو علج"، وأصله:"أو علي". و"بالعشج" وأصله: "بالعشي"، فأبدل الياء جيما على لغة بعض العرب.
1 تقدم بالرقم 888.
"رحمة ونعمة" وذلك مذكور في باب الوقف، وأما إبدالها من غير التاء فمسموع كقولهم "هياك"، و"لهنك قائم"، و"هرقت الماء"، و"هردت الشيء"، و"هرحت الدابة".
تنبيهات: الأول: ذكر في التسهيل أن حروف البدل الشائع –يعني في كلام العرب_ اثنان وعشرون حرفا، وهذه التسعة المذكورة هنا حروف الإبدال الضروري في التصريف؛ فقال: يجمع حروف البدل الشائع في غير إدغام قولك: "لجد صرف شكس آمن طي ثوب عزته"، والضروري في التصريف هجاء "طويت دائما"، وهذا كلامه. فأفهم أن باقي حروف المعجم –وهي الحاء والخاء والذال والظاء والضاد والغين والقاف –قد تبدل على وجه الشذوذ، وقد قال ابن جني في قراءة الأعمش "فَشَرِّذْ بِهِمْ"1 بالذال المعجمة: إن الذال بدل من الدال، كما قالو: لحم خزاذل وخرادل. والمعنى الجامع لهما أنهما مجهوران ومتقاربان، وجرجها الزمخشري على القلب بتقديم اللام على العين من قولهم:"شذر مذر". وأفهم أيضا أن من الشائع ما تقدم من إبدال اللام من النون ومن الضاد، ومن إبدال الجيم من الياء، وكذا إبدال النون من اللام، كقولهم في "الرفل" وهو الفرس الذيال: رفن، ومن الميم كقولهم في "أمغرت الشاة" إذا خرج لبنها أحمر كالمغرة: أنغرت، وينبغي أن لا يسمى ذلك شائعا، بل الشائع في ذلك ما اطرد أو كثر في بعض اللغات كالعجعجة في لغة قضاعة، والعنعنة كقولهم:"ظننت عنك ذاهب"، أي أنك، والكشكشة في لغة تميم، كقولهم في خطاب المؤنث "ما الذي جاء بشِ" يريدون بك، وقراءة بعضهم:"قَدْ جَعَلَ رَبُّشِ تَحْتَشِ سَرِيًّا"2 والكسكسة في لغة بكر، كقولهم في خطاب المؤنث:"أبوسِ"، و"أمسّ" يريدون "أبوك" و"أمك".
قال في شرح الكافية: وهذا النوع من الإبدال جدير بأن يذكر في كتب اللغة، لا في كتب التصريف، وإلا لزم أن تذكر العين؛ لأن إبدالها من الهمزة المتحركة مطرد في لغة بني تميم، ويسمى ذلك عنعنة، وكان يلزم أيضا أن يذكر الكاف لأن إبدالها من تاء الضمير مطرد، كقول الراجز:
1 الأنفال: 57.
2 مريم: 24.
1225-
يا ابْنَ الْزّبَيْرِ طَالَمَا عَصَيْكَا
…
وَطَالَمَا عَنَّيْتَنَا إِلَيْكَا
أراد عصيت، وأمثال هذا من الحروف المبدلة من غيرها كثيرة. وإنما ينبغي أن يعد في الإبدال التصريفي ما لو لم يبدل أوقع في الخطأ أو مخالفة الأكثر؛ فالموقع في الخطأ كقولك في مال مول، والموقع في مخالفة الأكثر كقولك في سقاة: سقاية. هذا كلامه.
الثاني: عد كثير من أهل التصريف حروف الإبدال اثني عشر حرفا، وجمعوها في تراكيب كثيرة: منها "طال يوم أنجدته"، وأسقط بعضهم اللام، وعدها أحد عشر، وجمعها في قوله:"أجد طويت منها"، وزاد بعضهم الصاد والزاي، وعدها أربعة عشر، وجمعها في قوله:"أنصت يوم زل طاه جد"، وعدها الزمخشري ثلاثة عشر، وجمعها في "استنجده يوم طال" قال ابن الحاجب: هو وهم؛ لأنه أسقط الصاد والزاي وهما من حروف الإبدال، كقولهم: زراط، وزقر، في صراط وصقر، وزاد السين وليست من حروف الإبدال، فإن
1225- التخريج: الرجز لرجل من حمير في خزانة الأدب 4/ 428، 430؛ وشرح شواهد الشافية ص425؛ وشرح شواهد المغني ص446؛ ولسان العرب 15/ 445 "تا"؛ والمقاصد النحوية 4/ 591؛ ونوادر أبي زيد ص105؛ وبلا نسبة في لسان العرب 15/ 193 "قفا"؛ والجني الداني ص468؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 280؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 202؛ ومغني اللبيب 1/ 153؛ والمقرب 2/ 183.
اللغة: عصيك: عصيت، وعنيتنا: أتعبتنا بالمجيء إليك.
المعنى: يا ابن الزبير لقد استمر عصيانك علينا زمنا طويلا، كما أنك أتعبتنا بالمجيء إليك.
الإعراب: يا: حرف نداء. ابن: منادى مضاف منصوب. الزبير: مضاف إليه طال: فعل ماض. ما: حرف مصدري، والمصدر المؤول من "ما" والفعل "عصيت" فاعل للفعل "طال" والتقدير:"طال عصيانك. عصيك: فعل ماض، و"الكاف": ضمير مبني على الفتح في محل رفع فاعل، والألف للإطلاق، و"الواو": حرف عطف. طالما: مثل الأولى. عنيتنا: فعل ماض. و"التاء": فاعل، و"نا": مفعول به إليك: جار ومجرور متعلقان بـ"عنيتنا" لأنه بمعنى "استقدمتنا".
وجملة "يا ابن": ابتدائية لامحل لها. وجملة "طال عصيانك": استئنافية لا محل لها. وجملة "عصيت": صلة الموصول الحرفي لا محل لها. وجملة "طال تعنيتك لنا": معطوفة على "طال عصيانك". وجملة "عنيتنا": صلة الموصول الحرفي لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "عصيكا" حيث أبدل "الكاف" مكان "التاء" بدلا تصريفيا لضرورة القافية، ولم يجعلها ضميرا ناب عن ضمير.
أورد "اسمع" ورد "اذكر" و"اظلم"؛ لأنه من باب الإدغام، لا من باب الإبدال المجرد، هذا كلامه، قلت: قد أجاز النحاة في "استخذ" أن يكون أصله اتخذ، فأبدلوا من التاء الأولى السين، كما أبدلوا التاء من السين في "ست" إذ أصله سدس، فلعله نظر إلى ذلك. والذي ذكره سيبويه أحد عشر حرفا: ثمانية من حروف الزيادة، وهي ما سوى اللام والسين، وثلاثة من غيرها، وهي الدال والطاء والجيم.
[معرفة الإبدال] :
الثالث: يعرف الإبدال بالرجوع في بعض التصاريف إلى المبدل منه لزوما أو غلبة؛ فالأول نحو: "جدف"، فإن فاءه بدل من ثاء "جدث"؛ لأنهم قالوا في الجمع: أجداث، بالثاء فقط، والثاني، نحو:"أفلط" أي: أفلت، فإن طاءه بدل من التاء؛ لأن التاء أغلب في الاستعمال، وكذا قولهم في لص: لصت، التاء بدل من الصاد؛ لأن جمعه على "لصوص" أكثر من "لصوت".
فإن لم يثبت ذلك في ذي استعمالين فهو من أصلين، نحو: أرخ وورخ، ووكد وأكد؛ لأن جميع التصاريف جاءت بهما، فليس أحدهما بدلا من الآخر.
وقال ابن الحاجب: يعرف البدل بكثرة اشتقاقه كتراث؛ فإن أمثلة اشتقاقه ورث ووارث وموروث، وبقلة استعماله كقولهم "الثعالي" في الثعالب، و"الأراني" في الأرانب، وأنشد سيبويه [من البسيط] :
1226-
لَهَا أَشَارِيْرُ مِنْ لَحْمٍ تُتَمِّرُه
…
مِن الثَّعَالِي وَوَخزٌ مِنْ أرَانِيْهَا
1226- التخريج: البيت لأبي كاهل النمر بن تولب اليشكري في الدرر 3/ 47؛ والمقاصد النحوية 4/ 583؛ ولأبي كاهل اليشكري في شرح أبيات سيبويه 1/ 560؛ وشرح شواهد الشافية ص443؛ ولسان العرب 1/ 433 "رنب"، و4/ 93 "تمر"، 401 "شرر"، 5/ 428 و"خز"؛ ولرجل من بني يشكر في الكتاب 2/ 273؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص 327؛ وجمهرة اللغة ص395، 1246؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 742؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 212؛ وشرح المفصل 10/ 24؛ والشعر والشعراء 1/ 107؛ وكتاب الصناعتين ص151؛ ولسان العرب 1/ 237 "ثعب"، 11/ 84 "ثعل"، 12/ 66 "تلم"؛ والمقتضب 1/ 247؛ والممتع في التصريف 1/ 369؛ وهمع الهوامع 1/ 181؛ 2/ 157.
اللغة: الأشارير: قطع قديد من اللحم. تمر: جفف. الثعالي: الثعالب. الوخز: الشيء القليل. =
قال ابن جني: يحتمل أن يكون "الثعالي" جمع "ثعالة" ثم قلب؛ فيكون كقولهم "شراعي" في شرائع، والذي قاله سيبويه أولى؛ ليكون كأرانيها، وأيضا فإن ثعالة اسم جنس، وجمع أسماء الأجناس ضعيف، يعني بقوله اسم جنس علم جنس.
وبكونه فرعا والحرف زائد كضويرب تصغير ضارب؛ لأنه لما علم الأصل علم أن هذه الواو مبدلة من الألف.
ويكونه فرعا وهو أصل كمويه؛ فإنه تصغير "ما"، فلما صغر على مويه علم أن الهمزة مبدلة من هاء.
وبلزوم بناء مجهول، نحو:"هراق" يحكم بأن أصله أراق؛ لأنه لو لم يكن كذلك لوجب أن يكون وزنه هفعل وهو بناء مجهول.
[إبدال الواو والياء والألف همزة] :
"فَأَبْدِلِ الْهَمْزَةَ مِنْ وَاوٍ وَيَا آخِرًا اثْرَ ألِفٍ زيدَ" أي تبدل الهمزة من الواو والياء وجوبا في أربع مسائل:
الأولى: هذه، وهي: إذا تطرفت إحداهما بعد ألف زائدة، نحو: كساء وسماء ودعاء، ونحو: وبناء وظباء وقضاء، بخلاف نحو: قاول وبايع، وتعاون وتباين، لعدم التطرف، ونحو: غزو وظبي لعدم الألف، ونحو:"واو، وآي" لعدم زيادة الألف؛ لأنها أصلية فيهما فلا إبدال، وإلا لتوالى إعلالان، وهو ممنوع.
تنبيهات: الأول: تشاركهما في ذلك الألف، في نحو:"حمراء" فإن أصلها حمرى
= الإعراب: لها: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. أشارير: مبتدأ مؤخر مرفوع. من لحم: جار ومجرور متعلقان بصفة لـ"أشارير". تتمره: فعل مضارع مرفوع، و"الهاء": ضمير في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هي". من الثعالي: جار ومجرور متعلقان بصفة لـ"أشارير". ووخز: "الواو": حرف عطف، "وخز": معطوف على "أشارير" مرفوع. من أرانيها: جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة "وخز"، وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة.
وجملة "لها أشارير": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تتمره": في محل جر نعت "لحم".
الشاهد فيه قوله: "الثعالي" و"أرانيها" حيث أبدل الباء بباء، وأصلهما:"الثعالب"، و"أرانب".
كسكرى؛ فزيدت الألف قبل الآخر للمد كألف كتاب وغلام، فأبدلت الثانية همزة، فكان الأحسن أن يقول كما قال في الكافية:
من حرف لين آخر بعد ألف
…
مزيدٍ أبدل همزة وذا ألف
الثاني: هذا الإبدال مستصحب مع هاء التانيث العارضة، نحو:"بناء وبناءة" فإن كانت هاء التأنيث غير عارضة امتنع الإبدال، نحو:"هداية، وسقاية، وإداوة، وعداوة"؛ لأن الكلمة بنيت على التاء، أي أنها لم تبن على مذكر. قال في التسهيل: وربما صح مع العارضة وأبدل مع اللازم؛ فالأول كقولهم في المثل "اسق رقاش فإنها سقاية"1؛ لأنه لما كان مثلا –والأمثال لا تغير- أشبه ما بني على هاء التأنيث، ومنهم من يقول "فإنها سقاءة" بالهمز كحاله في غير المثل. والثاني كقولهم "صلاءة" في صلاية.
وحكم زيادتي التثنية حكم هاء التأنيث في اسصحاب هذا الإبدال، نحو:"كساءين" و"رداءين" فإن بنيت الكلمة على التثنية امتنع الإبدال، وذلك كقولهم:"عقلته بثنايين" وهما طرفا العقال.
الثالث: قد أورد على الضابط المذكور مثل "غاوي" في النسب2 إذا رخمته على لغة من لا ينوي؛ فإنك تقول "يا غاو" بضم الواو من غير إبدال، مع اندراجه في الضابط المذكور، وإنما لم يبدل لأنه قد أعل بحذف لامه؛ فلم يجمع فيه بين إعلالين، فلو أتى موضع قوله:"آخر" بـ"لا ما" فقال: "لا ما بإثر ألف زيد" لاستقام.
الرابع: اختلف في كيفية هذا الإبدال؛ فقيل: أبدلت الياء والواو همزة، وهو ظاهر كلام المصنف، وقال حذاق أهل التصريف: أبدل من الواو والياء ألف ثم أبدلت الألف همزة، وذلك أنه لما قيل كساو ورداي تحركت الواو والياء بعد فتحة، ولا حاجز بينهما إلا
1 ورد المثل في جمهرة الأمثال 1/ 56؛ وزهر الأكم 3/ 171؛ والعقد الفريد 3/ 100؛ وكتاب الأمثال ص138؛ ولسان العرب 14/ 392 "سقي"؛ والمستقصي 1/ 170؛ ومجمع الأمثال 1/ 333.
ورقاش: اسم امرأة. يقول: أحسن إلى رقاش فإنها محسنة، يضرب في الإحسان إلى المحسن.
2 قال محي الدين عبد الحميد:
"ظاهره أن قوله: "في النسب" قيد في الكلام، وليس الأمر على هذا الظاهر، فإن "غاويا" إذا نودي بعد صيرورته علما ورخم، قيل فيه ذلك على لغة من ينتظر، على أن الواو في "يا غاو" ليست متطرفة، بل هي حشو، وذلك لأن الحذف عارض والمحذوف مراعى.
الألف الزائدة وليست بحاجز حصين لسكونها وزيادتها، وانضم إلى ذلك أنهما في محل التغيير وهو الطرف، فقلبا ألفا –حملا على باب عصا ورحا- فالتقى ساكنان، فقلبت الألف الثانية همزة؛ لأنها من مخرج الألف، انتهى.
ثم أشار إلى الثانية بقوله "وفي * فاعل ما أعل عينا ذا اقتفى" أي اتبع، "ذا": إشارة إلى إبدال الواو والياء همزة.
أي يجب إبدال كل من الواو والياء همزة إذا وقعت عينا لاسم فاعل أعلت عين فعله، نحو:"قائل"، و"بائع" الأصل: قاول وبايع، فحملا على الفعل في الإعلال، بخلاف، نحو: عور فهو عاور وعين فهو عاين.
تنبيهات: الأول: هذا لإبدال جاز فيما كان على فاعل وفاعلة، ولم يكن اسم فاعل، كقولهم "جائز" وهو البستان، قال [من الرمل] :
صَعْدَةٌ نَابِتَةٌ فِي جَائِزٍ
…
أيْنمَا الرِّيْحُ تُمَيِّلُهَا تَمِلْ1
وكقولهم "جائزة" وهي خشبة تجعل في وسط السقف، وكلام الناظم هنا وفي الكافية لا يشمل ذلك، وقد نبه عليه في التسهيل.
الثاني: اختلف في هذا الإبدال أيضا؛ فقيل: أبدلت الواو والياء همزة كما قال المصنف، وقال الأكثرون: بل قلبتا ألفا، ثم أبدلت الألف همزة كما تقدم في "كساء" و"رداء"، وكسرت الهمزة على أصل التقاء الساكنين، وقال المبرد: أدخلت ألف "فاعل" قبل الألف المنقلبة في قال وباع وأشباههما، فالتقى ألفان وهما ساكنان، فحركت العين لأن أصلها الحركة، والألف إذا تحركت صارت همزة.
الثالث: يكتب نحو: "قائل"، و"بائع" بالياء على حكم التخفيف؛ لأن قياس الهمزة في ذلك أن تسهل بين الهمزة والياء، فلذلك كتبت ياء، وأما إبدال الهمزة في ذلك ياء محضة فنصوا على أنه لحن، وكذلك تصحيح الياء في "بائع". ولو جاز تصحيح الياء في "بائع" لجاز تصحيح الواو في "قائل"، ومن ثم امتنع نقط الياء من "قائل"، و"بائع". قال المظرزي: نقط الياء من "قائل" و"بائع" عامي. قال: ومر بي في بعض تصانيف أبي الفتح
1 تقدم بالرقم 1072
ابن جني أن أبا علي الفارسي دخل على واحد من المسمين بالعلم، فإذا بين يديه جزء مكتوب فيه "قائل" بنقطتين من تحت، فقال أبو علي لذلك الشيخ: هذا خط من؟ فقال: خطي، فالتفت إلى صاحبه، وقال: قد أضعنا خطواتنا في زيارة مثله، وخرج من ساعته، ا. هـ.
ثم أشار إلى الثالثة بقوله:
945-
وَالْمَدُّ زِيدَ ثَالِثاً فِي الوَاحِدِ
…
هَمْزًا يُرَى فِي مِثْلِ كالْقَلَائِدِ
أي يجب إبدال حرف المد الزائد الثالث همزة، إذا جمع على مثال مفاعل، نحو:"رعوفة ورعائف، وقلادة وقلائد، وصحيفة وصحائف، وعجوز وعجائز، وسليق وسلائق، وشمال وشمائل"، بخلاف نحو؛ "قسورة وقساور" لعدم المد، وبخلاف نحو:"مفازة ومفاوز، ومعيشة ومعايش، ومثوبة ومثاوب" لعدم الزيادة، وشذ "مصائب، ومنائر" والأصل مصاوب ومناور، وقد نطق فيهما بهذا الأصل، وبخلاف نحو:"صيرف وعوسج وحائط ومفتاح وقنديل ومكوك" لعدم كونه ثالثا.
ثم أشار إلى الرابعة بقوله:
946-
كَذَاكَ ثَانِي لَيِّنيْنِ اكْتَنَفَا
…
مَدّ مَفَاعِلَ كَجَمْعِ نَيِّفَا
نيفا: نصب على المفعول به بالمصدر المنون وهو جمع، وأضافه في الكافية للفاعل فقال "كجمع شخص نيفا".
أي: يجب أيضا إبدال كل من الواو والياء همزة إذا وقع ثاني حرفين لينين بينهما ألف مفاعل، سواء كان اللينان ياءين كنيائف جمع نيف، أو واوين كأوائل جمع أول، أو مختلفين كسيائد جمع سيد وأصله سيود، وصوائد جمع صائد، والأصل سياود وصوايد.
واعلم أن ما اقتضاه إطلاق الناظم هو مذهب الخليل وسيبويه ومن وافقهما، وذهب الأخفش إلى أن الهمزة في الواوين فقط، ولا يهمز في الياءين، ولا في الواو مع الياء،
فيقول: نيايف وسياود وصوايد، على الأصل، وشبهته أن الإبدال في الواوين إنما كان لثقلهما، ولأن لذلك نظيرا، وهو اجتماع الواوين أول كلمة، وأما إذا اجتمعت الياآان أو الياء والواو فلا إبدال؛ لأنه إذا التقت الياآان أو الياء والواو أول كلمة فلا همز، نحو:"يَيَن ويَوم" اسم موضع1.
واحتج أيضا بقول العرب في جمع "ضيون" –وهو ذكر السنانير- ضياون من غير همز، والصحيح ما ذهب إليه الأولان للقياس والسماع؛ أما القياس فلأن الإبدال في نحو:"أوائل" إنما هو بالحمل على "كساء" و"رداء"؛ لشبهه به من جهة قربه من الطرف، وهو في "كساء" و"رداء" لا فرق بين الياء والواو، فكذلك هنا. وأما السماع فحكى أبو زيد في سيقة سيائق، بالهمزة، وهو فعيلة1 من ساق يسوق. وحكى الجوهري في تاج اللغة جيد وجيائد، وهو من "جاد"، وحكى أبو عثمان عن الأصمعي في جمع "عيل": عيائل. وأما ضياون فشاذ مع أنه لما صح في واحده صح في الجمع فقالوا: ضياون كما قالوا: ضيون، وكان قياسه ضين، والصحيح أنه لا يقاس عليه.
تنبيهات: الأول: فهم من قوله "مد مفاعل" اشتراط اتصال المد بالطرف، فلو فصل بمدة شائعة ظاهرة أو مقدرة فلا إبدال؛ فالأولى نحو: طواويس، والثانية نحو، قوله [من الرجز] :
1227-
وَكَحَلَ الْعَيْنَيْنِ بِالْعَوَاوِر
أراد بالعواوير، لأنه جمع عوار، وهو الرمد، فحذفت الياء ضرورة؛ فهي في تقدير الموجودة. أما الفصل بمدة غير شائعة فلا أثر له، ويجب الإبدال كقوله [من الرجز] :
1 اسم الموضع هنا هو "يَين"، بتسكين الياء الساكنة كما في معجم البلدان 5/ 454؛ ومعجم ما استعجم ص1404، وهو اسم واد بين ضاحك وضويحك، وهما جبلان أسفل الفرش، وقيل: موضع في بلاد خزاعة، وقيل غير ذلك. "انظر: معجم البلدان 5/ 454" وقد ضبطت بطبعة محيي الدين عبد الحميد "بين" بفتح الياء الثانية، وأما "يوم" فهو وصف من "اليوم"، يقال: "يوم يوم".
2 الصواب أنه على وزن "فيعلة".
1227-
التخريج: الرجز للعجاج في الخصائص 3/ 326؛ وليس في ديوانه؛ ولجندل بن المثنى الطهوي في شرح أبيات سيبويه 2/ 429؛ وشرح التصريح 2/ 369؛ وشرح شواهد الشافية ص374؛ والمقاصد النحوية 4/ 571؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 785؛ والخصائص 1/ 195، 3/ 164؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 771؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 131؛ وشرح المفصل 5/ 70، 10/ 91، 92؛ والكتاب 4/ 370؛ ولسان العرب 4/ 615 "عور" والمحتسب 1/ 107، 124؛ والممتع في التصريف 1/ 339؛ =
1228-
فِيْهَا عَيَائِيْلُ أُسُوْدٍ وَنُمُر
الأصل عيائل، لكنه أشبع الهمزة اضطرارا فنشأت الياء، كقوله [من البسيط] :
[تَنْفِي يَدَاها الحصَى في كلِّ هاجِرَة
…
نَفْيَ الدَّراهِم] تنقاد الصياريف1
لأنه جمع عيل واحد العيال. قال الصغاني: واحد العيال عيل، والجمع عيائل مثل جيد وجيائد.
الثاني: لا يختص هذا الإبدل بتالي ألف الجمع، كما أوهمه كلامه، بل لو بنيت من القول مثل عوارض قلت "قوائل" بالهمز، هذا مذهب سيبويه والجمهور، وعليه مشى في التسهيل، وخالف الأخفش والزجاج فذهبا إلى منع الإبدال في المفرد لخفته.
الثالث: حكم هذه الهمزة في كتابتها ياء ومنع النقط كما سبق في "قائل" و"بائع".
ثم أشار إلى تقييد ما أطلقه من الحكم في الهمز المبدل مما بعد ألف مفاعل في النوعين المذكورين – أعني ما استحق الهمز لكونه مدا مزيدا في الواحد، وما استحق الهمز لكونه ثاني لينين اكتنفا مد "مفاعل"- بقوله:
947-
وَافْتَحْ وَرُدَّ الْهَمْزَ يَا فِيْمَا أُعِلْ
…
لَامَاً، وَفِي مِثْلِ هِرَاوَةٍ جُعِلْ
= شرح المفردات: العواور: ج عوار، وهو ما يسقط في العين فيسبب لها ألما.
المعنى: يصف الراجز ما أحل به من قذى في العين وألم بعد أن كبرت سنة.
الإعراب: "وكحل": الواو بحسب ما قبلها، "كحل": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". "العينين": مفعول به منصوب بالياء لأنه مثنى. "بالعواور": جار ومجرور متعلقان بـ"كحل".
الشاهد: فيه قوله: "تصحيح واو "العواور" الثانية لأنه ينوي الياء المحذوفة، والواو إذا وقعت في هذا الموضع تهمز لبعدها عن الطرف الذي هو أحق بالتغيير والاعتلال، ولو لم تكن منوية في للزم همزها كما همزت "أواول" فقيل: "أوائل" في جمع "أول".
1228-
التخريج: الرجز لحكيم بن معية في شرح أبيات سيبويه 2/ 397؛ ولسان العرب 5/ 234 "نمر"؛ والمقاصد النحوية 4/ 586.
اللغة: عيائيل: جمع العيل، وهو واحد العيال، والمقصود هنا: أشبال الأسود.
الإعراب: فيها: جار ومجرور متعلقان بخبر مقدم. عيائيل: مبتدأ مؤخر. أسود: يدل من عيائيل. ونمر: الواو للعطف، و"نمر" معطوف على أسود.
والشاهد فيه قوله: "عيائيل" حيث أبدل الياء همزة وأشبع كسرتها ياء.
1 تقدم بالرقم 690.
"وَافْتَحْ وَرُدَّ الْهَمْزَ يَا فِيْمَا أُعِلْ لَامًا" فالألف واللام في الهمز للعهد، أي يجب في هذين النوعين إذا اعتلت لامها أن يخففا بإبدال كسرة الهمزة فتحة، ثم إبدالها ياء فيما لامه همزة أو ياء أو واو ولم تسلم في الواحد.
فالنوع الأول مثال ما لامه همزة منه خطيئة وخطايا، ومثال ما لامه ياء منه هدية وهدايا، ومثال ما لامه واو منه لم تسلم في الواحج مطية ومطايا.
فأصل خطايا خطاييء بياء مكسورة وهي ياء خطيءة وهمزة بعدها هي لامها، ثم أبدلت الياء همزة علىحد الإبدال في صحائف فصار خطائئ بهمزتين، ثم أبدلت الثانية ياء؛ لما سيأتي من أن الهمزة المتطرفة بعد همزة تبدل ياء وإن لم تكن بعد مكسورة، فما ظنك بها بعد المكسورة؟ ثم فتحت الأولى تخفيفا، ثم قلبت الياء ألف لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار خطاءا بألفين بينهما همزة، والهمزة تشبه الألف، فاجتمع شبه ثلاث ألفات، فأبدلت الهمزة ياء فصار خطايا، بعد خمسة أعمال.
وأصل هدايا هدايي بياءين الأولى ياء فعيلة والثانية لام هدية، ثم أبدلت الأولى همزة كما في صحائف، ثم قلبت كسرة الهمزة فتحة، ثم قلبت الياء ألفا، ثم قلبت الهمزة ياء فصار هدايا، بعد أربعة أعمال.
وأصل مطايا مطايو –لأن أصل مفرده وهو مطية مطيوة فعيلة من المطا وهو الظهر، أبدلت الواو ياء، وأدغمت الياء فيها على حد ما فعل بسيد وميت- فقلبت الواو ياء لتطرفها بعد كسرة كما في الغازي والداعي، ثم قلبت الياء الأولى همزة كما في صحائف، ثم أبدلت الكسرة فتحة، ثم الياء ألفا، ثم الهمزة ياء، فصار مطايا، بعد خمسة أعمال.
وإن كانت الهمزة أصلية سلمت، نحو: المرآة والمرائي؛ فإن الهمزة موجودة في المفرد؛ فإن المرآة مفعلة من الرؤية، فلا تغير في الجمع، وشذ مرايا كهدايا سلوكا بالأصلي مسلك العارض، كما شذ عكسه وهو السلوك بالعارض مسلك الأصلي في قوله [من الطويل] :
فما برحت أقدامنا في مكاننا
…
ثلاثتنا حتى أزيروا المنائيا1
وقول بعض العرب: اللهم اغفر لي خطائئي، بهمزتين.
والنوع الثاني مثاله زاوية وزواها، أصله زوائي، بإبدال الواو همزة لكونها ثاني لينين
1 تقدم بالرقم 864.
اكتنفا مد مفاعل، ثم خفف بالفتح فصار زواءي؛ ثم قلبت الياء ألفا فصار زواءا، ثم قلبت الهمزة ياء، على نحو ما تقدم في هدايا.
تنبيه: أدرج الناظم هنا الهمزة في حروف العلة، حسبما حمل الشارح كلامه على ذلك، ولكنه غاير بينهما في التسهيل. وفي الهمزة ثلاثة أقوال: أحدها حرف صحيح، والثاني حرف علة، وإليه ذهب الفارسي، والثالث أنها شبيهة بحرف العلة، انتهى.
وأشار بقوله: "وَفِي مِثْلِ هِرَاوَةٍ جُعِلْ وَاوًا" إلى أن المجموع على مثال مفاعل إذا كانت لامه واوا لم تعل في الواحد، بل سلمت فيه كواو هراوة، جعل موضع الهمزة في جمعه واو، فيقال: هراوي، والأصل هرائو، بقلب ألف هراوة همزة، ثم هرائي، بقلب الواو ياء لتطرفها بعد الكسرة، ثم خففت بالفتح فصار هراءي، ثم قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار هراءا، فكرهوا ألفين بينهما همزة لما سبق، فأبدلوا الهمزة واوا؛ طلبا للتشاكل؛ لأن الواو ظهرت في واحده رابعة بعد ألف، فقصد تشاكل الجمع لواحده فصار هراوي، بعد خمسة أعمال.
تنبيهات: الأول: إنما ترد الهمزة ياء فيما أعل لاما من الجمع المذكور إذا كانت عارضة كما رأيت، فإن كانت أصلية سلمت.
الثاني: شذ جعل الهمزة واوا فيما لامه ياء، وذلك قولهم في هدايا: هداوي، وفيما لامه واو أعلت في الواحد، وذلك قولهم في مطايا: مطاوي، وقاس الأخفش على هداوي، وهو ضعيف؛ إذ لم ينقل منه إلا هذه اللفظة
الثالث: مذهب الكوفيين أن هذه الجموع كلها على وزن "فعالي" صحت الواو في هراوي كما صحت في المفرد، وأعلت في مطايا كما أعلت في المفرد، وهدايا على وزن الأصل، وأما خطايا فجاء على خطية بالإبدال والإدغام على وزن هدية. وذهب البصريون إلى أنها فعائل، حملا للمعتل على الصحيح، ويدل على صحة مذهب البصريين قوله:
حَتَّى أُزِيرُوَا المَنَائِيَا
وأما ما نقل عن الخليل من أن خطايا وزنها فعالى فليس كقول الكوفيين؛ لأن الألف عندهم للتأنيث، وعنده بدل من المدة المؤخرة، وذلك لأنه يقول: إن مدة الواحد لا تبدل
1 تقدم بالرقم 864.
في هذا همزة؛ لئلا يلزم اجتماع همزتين، بل تقلب بتقديم الهمزة على الياء، فيصير خطائي، ثم يعل كما تقدم، انتهى.
948-
وَاوًا وهَمْزَاً أوَّلَ الْوَاوَيْنِ رُدْ
…
فِي بَدْءِ غَيْرِ شِبْهِ ووُفِي الأشدْ
وهَمْزَاً أوَّلَ الْوَاوَيْنِ رُدْ
…
فِي بَدْءِ غَيْرِ شِبْهِ ووُفِي الأشدْ
أي هذه المسألة خامسة اختصت بها الواو، يعني أن لكل كلمة اجتمع في أولها واوان فإن أولاهما يجب إبدالها همزة، بشرط أن لا تكون الثانية منهما مدة غير أصلية.
فخرج أربع صور:
الأولى: أن تكون الثانية مدة بدلا من ألف فاعل، نحو:"ووفي الأشد"، و {وُورِيَ عَنْهُمَا} 1.
والثانية: أن تكون مدة بدلا من همزة، كالوولي مخفف الوؤلي بواو مضمومة فهمزة، وهي أنثى الأوأل، أفعل تفضيل من "وأل" إذا لجأ.
والثالثة: أن تكون عارضة، كأن تبني من الوعد مثال فوعل ثم ترده إلى ما لم يسم فاعله.
والرابعة: أن تكون زائدة، كأن تبني من الوعد مثال طومار، فتقول: ووعاد؛ فهذه الصور الأربعة لا يجب فيها الإبدال، بل يجوز.
وخالف قوم في الرابعة فأوجبوا الإبدال؛ لاجتماع واوين، وكون الثانية غير مبدلة من زائد؛ فإن الضمة التي قبلها غير عارضة، وإلى هذا ذهب ابن عصفور، واختار المصنف القول بجواز الوجهين؛ لأن الثانية وإن كان مدها غير متجدد، لكنها مدة زائدة؛ فلم تخل عن الشبه بالألف المنقلبة.
ودخل صورتان يجب فيهما الإبدال:
الأولى: أن تكون غير مدة، نحو، قولك في جمع الأولى أنثى الأول: أول، والأصل وول، وقولك في جمع واصلة وواقية: أواصل وأواق، والأصل وواصل ووواق،
1 الأعراف: 20.
بواوين: أولاهما فاء الكلمة والثانية بدل من ألف فاعلة، كما تبدل في التصغير، نحو: أويصل وأويق، وكذا لو بنيت من الوعد مثال كوكب قلت: أوعد، والأصل ووعد.
والثانية: أن تكون مدة أصلية، نحو: الأولى أنثى الأول، أصلها وولى، بواوين أولاهما فاء مضمومة والثانية عين ساكنة.
وإنما وجب الإبدال حينئذ كراهة ما لا يكون في أول الكلمة من التضعيف إلا نادرا كددن.
وخرج بتقييده بالبدء، نحو: هووي ونووي.
تنبيهات: الأول: ظهر أن في كلام المصنف أمورا؛ أحدها: أنه يوهم قصر المستثنى، على نحو:"ووفي" مما مدته زائدة بدل من ألف فاعل، وأن ما سواه مما مدته زائدة يجب فيه الإبدال، وليس كذلك كما عرفت. ثانيها: أنه يوهم أيضا أن المستثنى ممتنع الإبدال، وليس كذلك؛ لما عرفت أن الصور الأربع المخرجة يجوز فيها الإبدال. ثالثها: أن كلامه ليس صريحا في وجوب الإبدال فيما يجب فيه مما سبق، فلو قال:
وواوًا وهمزًا بدءُ واوي مبدا
…
حتما سوى ما الثانِ طارٍ مدا
لخلص من ذلك كله؛ لما عرفت.
الثاني: زاد في التسهيل لوجوب الإبدال شرطا آخر، وهو أن لا يكون اتصال الواوين عارضا بحذف همزة فاصلة، مثال ذلك أن تبني افعوعل من الوأي؛ فتقول: اياوأى، والأصل اوأوأى، فقلبت الواو الأولى ياء لسكونها بعد كسرة، وقلبت الياء الأخيرة ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ فإذا نقلت حركة الهمزة الأولى إلى الياء الساكنة قبلها حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها، ورجعت الياء إلى أصلها وهو الواو لزوال موجب قلبها؛ فتصير الكلمة إلى ووأي، فقد اجتمع واوان أول الكلمة، لا يجب الإبدال، ولكن يجوز الوجهان، وكذلك لو نقلت حركة الهمزة الثانية إلى الواو فصارت "ووا" جاز الوجهان وفاقا للفارسي. قيل: وذهب غيره إلى وجوب الإبدال في ذلك، سواء نقلت الثانية أم لا.
الثالث: بقي مما تبدل منه الهمزة خمسة أشياء:
أحدها: الواو المضمومة ضمة لازمة غير مشددة، ولا موصوفة بموجب الإبدال السابق.
ثانيها: الياء المكسورة بين ألف وياء مشددة.
ثالثها: الواو المكسورة المصدرة.
رابعها وخامسها: الهاء والعين.
وقد ذكرهن في التسهيل، وإنما لم يذكر هذه الخمسة هنا لأن إبدال الهمزة منها جائز لا واجب، وإنما تعرض هنا للواجب، وإن تعرض لغيره فعلى سبيل الاستطراد.
فأما إبدلها من الواو المضمومة المذكورة فحسن مطرد، نحو: أجوه جمع وجه، وأدؤر جمع دار، وأنؤر جمع نار، الأصل: وجوه وأدور، وأنور، ونحو: سؤوق جمع ساق، وغؤوق مصدر غار الماء يغور غورا وغؤورا، وليس القلب في هذا لاجتماع الواوين؛ لأن الثانية مدة زائدة.
والاحتراز بالمضمومة عن المكسورة والمفتوحة، وسيأتي الكلام عليهما.
وبكون الضمة لازمة من ضمة الإعراب، نحو: هذه دلو، وضمة التقاء الساكنين، نحو:{اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ} 1، و {لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ} 2.
والاحتراز بغير مشددة، من نحو: التعوذ والتحول؛ فإنه لا يبدل فيه.
والاحتراز بالقيد الأخير، من نحو: أواصل وأواق؛ فإن ذلك واجب كما مر.
وأما إبدالها من الياء المذكورة فنحو؛ "رائي وغائي" في النسب إلى راية وغاية، الأصل رايي وغايي، بثلاث ياءات؛ فخفف بقلب الأولى همزة.
وأما إبدالها من الواو المكسورة المصدرة؛ فنحو إشاح وإفادة وإسادة في وشاح ووفادة ووسادة، وقرأ أبي وابن جبير والثقفي "مِنْ إِعَاءِ أَخِيهِ"3، ورأى أبو عثمان ذلك مطردا مقيسا، وقصره غيره على السماع، والاحتراز بالمصدرة، عن نحو: واو "طويل" فلا تقلب؛ لأن المكسورة أخف من المضمومة؛ فلم تقلب في كل موضع، والوسط أبعد من التغيير، وأما الواو المفتوحة فلا تقلب لخفة الفتحة، إلا ما شد من قولهم:"امرأة أناة" والأصل وناة؛ لأنه من الونية وهو البطء. قال ابن السراج: و"أسماء" اسم امرأة؛ لأنه في
1 البقرة: 16، 175.
2 البقرة: 237.
3 يوسف: 76.
الأصل وسماه من الوسامة وهو الحسن، و"أحد" المستعمل في العدد أصله وحد من الوحدة، بخلاف أحد في "ما جاءني أحد" فقيل: همزته أصلية؛ لأنه ليس بمعنى الوَحْدَة.
[إبدال الهاء والعين همزة] :
وأما إبدال الهمزة من الهاء والعين فقليل؛ فمن إبدالها من الهاء قولهم: "ماء" والأصل ماء، وأصل ماه موه، بدليل: أمواه، ومويه؛ فتحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، وإعلال حرفين متلاصقين من الشاذ، ومن ذلك أيضا قولهم:"أل فعلت؟ وألا فعلت" بمعنى هل فعلت وهلا فعلت، ومن إبدالها من العين قوله [من الرجز] :
1229-
وَمَاجَ سَاعَات مَلَا الْوَدِيْقِ
…
أُبَابُ بَحْرٍ ضَاحِكٍ هَرْوَقِ
فأصل "أباب""عُباب". وقال بعضهم: ليست الهمز فيه بدلا من العين، وإنما هو فعال من "أب" إذا تهيأ؛ لأن البحر يتهيأ للارتجاج؛ فالهمزة على هذا أصل، ومما شذ إبدالها من الألف في قولهم "دأبة"، و"شأبة"، و"ابيأض" وما روي عن العجاج من همز "العألم"، "الخأتم" وإبدالها من الياء في قولهم: قطع الله أديه، أي يديه، يريد يده؛ فردت اللام وأبدلت الياء همزة، وقالوا:"في أسنانه ألل" أي يلل، واليلل: قصر الأسنان، وقيل: احديدابها إلى داخل الفم، يقال:"رجل أيل، وامرأة أيلاء" وهمز بعضهم الشيمة، وهي الخلقة، وكذلك رئبال، وهو الأسد. ا. هـ.
1229- التخريج: الرجز بلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص106؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 207؛ وشرح شواهد الشافية ص432؛ وشرح المفصل 10/ 15، 16؛ ولسان العرب 1/ 205 "أيب"؛ والمقرب 2/ 164.
اللغة: الهروق: المستغرق في الضحك.
الإعراب: وماج "الواو": بحسب ما قبلها، "ماج": فعل ماض. ساعات: ظرف زمان متعلق بـ"ماج". ملا: مفعول مطلق منصوب، وهو مضاف. الوديق: مضاف إليه مجرور. أباب: فاعل مرفوع بالضمة، وهو مضاف. بحر: مضاف إليه مجرور. ضاحك: نعت "بحر" مجرور. هروق: نعت "بحر" مجرور.
الشاهد فيه قوله: "أباب" حيث أبدل العين بهمزة، وأصله "عباب". وقال بعضهم: ليست الهمزة فيه بدلا من العين وإنما هو "فعال" من "أب" إذا تهيأ.
[إبدال الهمزة ألفا أو واوا أو ياء] :
949-
وَمَدًّا ابْدِلْ ثَانِيَ الْهَمْزَيْنِ مِنْ
…
كِلْمَةٍ إنْ يَسْكُنْ كَآثِرْ وَائْتَمِنْ
950-
إنْ يُفْتَحِ اثْر ضَمَ أوْ فَتْح قُلِبْ
…
وَاوَاً، وَيَاءً إثْرَ كَسْرٍ يَنْقَلِبْ
951-
ذُو الكَسْرِ مُطْلَقَاً كَذَا، وَمَا يُضَمْ
…
وَاوَاً أَصِرْ، مَا لَمْ يَكُنْ لَفْظَاً أَتَمْ
952-
فَذَاكَ يَاءً مُطْلَقَاً جَا وَأَؤُمْ
…
وَنَحْوُهُ وَجْهَيْنِ فِي ثَانِيْهِ أُمْ
وَمَدًّا ابْدِلْ ثَانِيَ الْهَمْزَيْنِ مِنْ
…
كِلْمَةٍ إنْ يَسْكُنْ كَآثِرْ وَائْتَمِنْ
أي إذا اجتمع همزتان في كلمة كان لهما ثلاثة أحوال: أن تتحرك الأولى وتسكن الثانية، وعكسه، وأن يتحركا معا، وأما الرابع –وهو أن يسكنا معا- فمتعذر.
فإن تحركت الأولى وسكنت الثانية وجب في غير ندور إبدال الثانية حرف مد يجانس حركة ما قبلها، نحو:"آثرت أوثر إيثارا" والأصل أأثرت أؤثر إئثارا، ومن الإبدال ألفا بعد الفتحة قول عائشة رضي الله عنها "وكان يأمرني أن آتزر" بهمزة فألف، وعوام المحدثين يحرفونه؛ فيقرؤنه بألف وتاء مشددة، وبعضهم يرويه بتحقيق الهمزتين، ولا وجه لواحد منهما، وإنما وجب الإبدال لعسر النطق بهما، وخص بالثانية لأن إفراط الثقل حصل بها، وشذت قراءة بعضهم "إِئلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ"1 بتحقيق الهمزتين، والاحتراز بكونهما من كلمة، عن نحو:"أأتمن زيد أم لا؟ وأأنت فعلت هذا؟ وأأتمر بكر أم لا؟ "، فإنه لا يجب فيه الإبدال، بل يجوز التحقيق كما رأيت والإبدال: فتقول: أوتمن2 زيد أم لا؟ وآنت فعلت، وايتمر بكر أم لا؟ لأن همزة الاستفهام كلمة، والهمزة التي بعدها أول كلمة أخرى، وأما قول القراء في همزة الاستفهام وما يليها "همزتان في كلمة" فتقريب على المتعلمين.
وإن سكنت الأولى وتحركت الثانية؛ فإن كانتا في موضع العين أدغمت الأولى في الثانية، نحو: سأال ولأال ورأاس، ولم يذكر هذا القسم لأنه لا إبدال فيه، وإن كانتا في موضع اللام فسيأتي الكلام عليهما عند قوله:"ما لم يكن لفظا أتم".
ع" فتقريب على المتعلمين.
وإن سكنت الأولى وتحركت الثانية؛ فإن كانتا في موضع العين أدغمت الأولى في الثانية، نحو: سأال ولأال ورأاس، ولم يذكر هذا القسم لأنه لا إبدال فيه، وإن كانتا في موضع اللام فسيأتي الكلام عليهما عند قوله:"ما لم يكن لفظا أتم".
1 قريش: 2.
2 الصواب القول: "آتمن زيد؟ " لأن ألف الوصل تقلب بعد همزة الاستفهام إلى مدة ومثل هذا في "آيتمر بكر أم لا؟ ".
وإن تحركتا معا فإما أن يكون ثانيهما في موضع اللام، أو لا؛ فهذان ضربان، فأما الأول فسيأتي بيانه، أما الثاني فله تسعة أنواع؛ لأن الثانية إما مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة، وعلى كل حال من هذه الثلاثة فالأولى أيضا إما مفتوحة أو مكسوة أو مضمومة؛ فثلاثة في ثلاثة بتسعة، وقد أخذ في بيان ذلك بقوله:
"إن يفتح" أي ثاني الهمزتين "أثر ضم أو فتح قلب واوا" فهذان اثنان من التسعة، الأولى، نحو:"أويدم" تصغير آدم، والثاني، نحو:"أوادم" جمعه، والأصل أويدم وأأدم، بهمزتين؛ فالواو بدل من الهمزة، وليست بدلا من ألفه، كما في ضارب وضويرب وضوارب؛ لأن المقتضى لإبدال همزته ألفا زال في التصغير والجمع. وذهب المازني إلى إبدال المفتوحة إثر فتح ياء؛ فيقول في أفعل التفضيل من "أن": زيد أبن من عمر، ويقول: الواو في "أوادم" بدل من الألف المبدلة من الهمزة؛ لأنه صار مثل خاتم، والجمهور يقولون: هو أون من عمرو.
"وياء أثر كسر ينقلب" ثاني الهمزتين المفتوح، وثانيهما "ذو الكسر مطلقا كذا" أي ينقلب ياء، سواء كان إثر فتح أو كسر أو ضم؛ فهذه أربعة أنواع، مثال الأول أن تبنى من "أم" مثل إصبع –بكسر الهمزة وفتح الباء- فتقول: إئمم –بهمزتين مكسورة فساكنة- ثم تنقل حركة الميم الأولى إلى الهمزة قبلها لتتمكن من إدغامها في الميم الثانية فيصير إثم، ثم تبدل الهمزة الثانية ياء فتصير الكلمة "إيم". ومثال الثاني والثالث والرابع أن تبني من "أم" مثل أصبع بفتح الهمزة أو كسرها أو ضمها والباء فيهن مكسورة، وتفعل ما سبق؛ فتصير الكلمة أيم وأيم وأيم، وأما قراءة ابن عامر والكوفيين "أئمة" بالتحقيق فمما يوقف عنده ولا يتجاوز.
"وما يضم" من ثاني الهمزين المذكورين "واوا أصر" سواء كان الأول مفتوحا أو مكسورا أو مضموما؛ فهذه ثلاثة أنواع بقية التسعة المذكورة. أمثلة ذلك: أوب جمع "أب" وهو المرعى، وأن تبني من "أم" مثل إصبع بكسر الهمزة وضم الباء، أو مثل "أبلم" فتقول:"إوم" بهمزة مكسورة وواو مضمومة، و"أوم" بهمزة وواو مضمومتين. وأصل الأول "أأبب" على وزن "أفلس"، وأصل الثاني والثالث إئمم وأؤمم، فنقلوا فيهن، ثم أبدلوا الهمزة واوا، وأدغموا أحد المثلين في الآخر.
تنبيه: خالف الأخفش في نوعين من هذه التسعة، وهما المكسورة بعد ضم فأبدلها واوا، والمضمومة بعد كسر فأبدلها ياء، والصحيح ما تقدم، ا. هـ.
ثم أشار إلى الضرب الأول من ضربي اجتماع الهمزتين المتحركتين –وهو أن يكون ثانيهما في موضع اللام- بقوله: "ما لم يكن" أي ثاني الهمزتين "لفظا أتم" أتم: فعل ماض، ولفظا: إما مفعول به مقدم، والجملة خبر يكن، أو خبر يكن مفعول أتم: محذوف، أي أتم الكلمة، أي كان آخرها والجملة نعت للفظا "فذاك يا مطلقا جا" أي سواء كان إثر فتح أو كسر أو ضم أو سكون. أمثلة ذلك أن تبني من قرأ مثل جعفر وزبرج وبرثن وقمطر؛ فتقول في الأول قرأى على وزن سلمى، والأصل قرأأ، فأبدلت الهمزة الأخيرة ياء، ثم قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. وتقول في الثاني "قرء" على وزن هند، والأصل قرئيء أبدلت الهمزة الأخيرة ياء، ثم أعل إعلال قاض. وتقول في الثالث "قرء" على وزن جمل، والأصل قرؤؤ، أبدلت الهمزة الأخيرة ياء، ثم أعل إعلال أيد، أي سكنت الياء وأبدلت الضمة قبلها كسرة؛ فهذا والذي قبلها منقوصان، كل منهما على وزن رفعا وجرا، وتعود له الياء في النصب؛ فيقال: رأيت قرئيا وقرئيا. وتقول في الرابع "قرأي" والأصل قرأأ بهمزتين ساكنة فمتحركة، وأبدلت المتحركة ياء، وسلمت؛ لسكون ما قبلها، وإنما أبدلت الهمزة الأخيرة ياء ولم تبدل واوا، قال في شرح الكافية: لأن الواو الأخيرة لو كانت أصلية ووليت كسرة أو ضمة لقلبت ياء ثالثة فصاعدا، وكذلك تقلب رابعة فصاعدا بعد الفتحة، فلو أبدلت الهمزة الأخيرة واوا فيما نحن بصدده لأبدلت بعد ذلك ياء فتعينت الياء.
"وأؤم ونحوه" مما أولى همزتيه للمضارعة "وجهين في ثانيه أم" أي اقصد، وهما الإبدال والتحقيق؛ فتقول في مضارع أم وأن: أوم وأين بالإبدال، وأؤم وأئن بالتحقيق، تشبيها لهمزة المتكلم بهمزة الاستفهام، نحو:{أَأَنْذَرْتَهُمْ} 1 لمعاقبتها النون والتاء والياء.
تنبيهات: الأول: قد فهم من هذا أن الإبدال فيما أولى همزتيه لغير المضارعة واجب في غير ندور كما سبق.
الثاني: لو توالى أكثر من همزتين حققت الأولى والثالثة والخامسة، وأبدلت الثانية والرابعة، مثاله لو بنيت من الهمزة مثل أترجة قلت: أو أوأة، والأصل أأأأأة.
1 البقرة: 6؛ ويس: 10.
الثالث: لا تأثير لاجتماع همزتين بفصل، نحو:"ءاء" و"ءاءة"1 ا. هـ.
[إبدال الألف والواو ياء] :
953-
وَيَاءً اقْلِبْ أَلفاً كَسْرًا تَلَا
…
أَوْ يَاءَ تَصْغِيْرٍ، بَوَاوٍ ذَا افْعَلَا
954-
فِي آخِرٍ، أَوْ قَبْلَ تَا التَّأْنِيْثِ، أوْ
…
زِيَادَتَي فَعْلَانَ، ذا أيضًا رأوا
955-
في مَصْدَرِ المُعْتَلِ عَيْنًا، وَالْفِعَلْ
…
مِنْهُ صَحِيْحٌ غَالِبًا، نَحْوُ الحِوَلْ
"وَيَاءً اقْلِبْ أَلفاً كَسْرًا تَلَا أَوْ يَاءَ تَصْغِيْرٍ" ألفا: مفعول أول باقلب، وياء: مفعول ثان قدم، وكسرا: مفعول بتلا، وياء تصغير: عطف عليه، وتلا ومعموله في موض نصب نعت لألف، والتقدير: اقلب ألفا تلا كسرا أو تلا ياء تصغير ياء.
أي يجب قلب الألف ياء في موضعين:
الأول: أن يعرض كسر ما قبلها، كقولك في جمع مصباح ودينار: مصابيح ودنانير، وفي تصغيرهما: مصيبيح ودنينير.
والثاني: أن يقع قبلها ياء التصغير، كقولك في تصغير غزال: غزيل.
"بواو ذا" القلب "افعلا في آخر" أي تفعل بالواو الواقعة أخرا ما تفعل بالألف من قبلها ياء إذا عرض قبلها كسرة أو ياء التصغير؛ فالأول نحو: رضي وغزي وقوي وغاز، أصلهن رضو وغزو وقوو وغازو؛ لأنهن من الرضوان والغزو والقوة، فقلبت الواو ياء لكسر ما قبلها، وكونها آخرأ؛ لأنها بالتأخير تتعرض لسكون الوقف، وإذا سكنت تعذرت سلامتها، فعوملت بما يقتضيه السكون من وجوب إبدالها ياء توصلا إلى الخفة وتناسب اللفظ، ومن ثم لم تتأثر الواو بالكسرة وهي غير متطرفة كعوض وعوج، إلا إذا كان مع الكسرة ما يعضدها كحياض وسياط كما سيأتي بيانه، والثاني كقولك في تصغير جرو: جري، والأصل جريو، فاجتمعت الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون وفقد المانع من الإعلال فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء.
تنبيه: هذا الثاني ليس بمقصود من قوله "بواو ذا افعلا في آخر" إنما المقصود التنبيه
1 الآء: ضرب من الشجر. والآءة: واحدة الآء.
على الأول؛ لأن قلب الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق أحدهما بالسكون لا يختص بالواو المتطرفة، ولا بما سبقها ياء التصغير، على ما سيأتي بيانه في موضعه، ولذلك قال في التسهيل: تبدل الألف ياء لوقوعها إثر كسرة أو ياء تصغير، وكذلك الواو الواقعة إثر كسرة متطرفة، فاقتصر في الواو على ذكر الكسرة، فلو قال:
بإثر يا التصغير أو كَسْرِ ألفْ
…
تقلب يا والواو إن كسرًا رَدِفْ
في آخر" لطابق كلامه في التسهيل، ا. هـ.
"أَوْ قَبْلَ تَا التَّأْنِيْثِ أوْ زِيَادَتَي فَعْلَانَ" أي، نحو: شجية، وأكسية، وغازية، وعريقية تصغير عرقوة، الأصل شجوة وأكسوة وغازوة وعريقوة، ونحو: غزيان وشجيان من الغزو والشجو، والأصل غزوان وشجوان، فعله القلب ياء هو تطرف الواو بعد كسرة؛ لأن كلا من تاء التأنيث وزيادتي فعلان كلمة تامة؛ فالواقع قبلها آخر في التقدير، فعومل معاملة الآخر حقيقة. وشذ تصحيحا من الأول مقاتوة بمعنى خدام، وسواسوة جمع سواء. ومن الثاني إعلالا قولهم: رجل عليان مثل عطشان من علوت، وناقة لميان وقولهم صبيان بضم الصاد، وأما صبية وصبيان بكسر الصاد فسهل أمره وجود الكسرة والفاصل بينه وبين الواو ساكن وهو حاجز غير حصين.
ثم أشار إلى موضع ثان تقلب فيه الواو ياء بقوله: "وذا" أي الإعلال المذكور في الواو بعد الكسرة "أيضا رأوا في مصدر" الفعل "المعتل عينا" إذا كان بعدها ألف كصيام وقيام، وانقياد واعتياد، بخلاف سواك وسوار لانتقاء المصدرية. ونحو: لاوذ لواذا وجاور جوارا؛ لصحة عين الفعل، وحال حولا وعاد المريض عودا؛ لعدم الألف، والأصل صوام وقوام وانقواد واعتواد، لكن لما أعلت عينه في الفعل استثقل بقاؤها في المصدر، أعلوها في المصدر بعد كسرة وقبل حرف يشبه الياء، فأعلت بقلبها ياء حملا للمصدر على فعله، فقلبها ياء ليصير العمل في اللفظ من وجه واحد، وشذ تصحيحا مع استيفاء الشروط قولهم:"نار نوارا" أي نفر، ولا نظير له، وكان الأحسن أن يقول "المعل عينا"؛ لأن لاوذ يطلق عليه معتل العين؛ إذ كل ما عينه حرف علة فهو معتل وإن لم يعل.
وقد أشار إلى الشرط الأخير بقوله: "والفعل منه صحيح غالبا نحو الحول" يعني أن كل ما كان على فعل من مصدر الفعل المعل العين فالغالب فيه التصحيح، نحو الحول
والعود، قال في شرح الكافية: ونبه بتصحيح ما وزنه فعل على أنه إعلال المصدر المذكور مشروط بوجود الألف فيه حتى يكون على فعال، انتهى. وفي تخصيصه بفعال نظر؛ فإن الإعلال المذكور لا يختص به؛ لما عرفت من مجيئة في الانفعال والافتعال كما سبق. واحترز بقوله "منه" أي من المصدر عن فعل من الجمع؛ فإن الغالب فيه الإعلال كما سيأتي، لكن قال في التسهيل: وقد يصحح ما حقه الإعلال من فعل مصدرا أو جمعا وفعال مصدا، فسوى بين هذه الثلاثة في أن حقها الإعلال، وهو يخالف ما هنا من أن الغالب على فعل مصدر التصحيح.
ثم أشار إلى موضع ثالث تقلب فيه الواو ياء بقوله:
956-
وَجَمْعُ ذِي عَيْنٍ أُعِلَّ أَوْ سَكَنْ
…
فَاحْكُمْ بِذَا الإعْلَالِ فِيْهِ حَيْثُ عَنْ
"وَجَمْعُ ذِي عَيْنٍ أُعِلَّ أَوْ سَكَنْ فَاحْكُمْ بِذَا الإعْلَالِ" أي المذكور، وهو القلب ياء لكسر ما قبلها "فيه حيث عن" أي إذا وقعت الواو عينا لجمع صحيح اللام، وقبلها كسرة –وهي في الواحد إما معلة، وإما شبيهة بالمعل وهي الساكنة- وجب قبلها ياء؛ فالأولى، نحو: دار وديار، وحيلة وحيل، وقيمة وقيم، والأصل دوار وحول وقوم؛ لأنه لما انكسر ما قبل الواو في الجمع، في نحو: ديار وكانت في الأفراد معلة بقلبها ألف ضعفت، فسلطت الكسرة عليها، وقوَّى تسلَّطَها وجودُ الألف، وإعلال الباقي لإعلال واحده، ولوقوع الكسرة قبل الواو، وشذ من ذلك حاجة وحوج.
والثانية وشرطها أن يكون بعدها في الجمع ألف، نحو: سوط وسياط، وحوض وحياض، وروض ورياض، الأصل سواط وحواض ورواض؛ لأنه لما انكسر ما قبلها في الجمع وكانت في الأفراد شبيهة بالمعل لسكونها ضعفت، فسلطت الكسرة عليها، وقوى تسلطها وجود الألف لقربها من الياء، وصحة اللام؛ لأنه إذا صحت اللام قوي إعلال العين.
فتلخص أن لقلب الواو ياء في هذا ونحوه خمسة شروط: أن يكون جمعا، وأن تكون الواو في واحده ميتة بالسكون، وأن يكون قبلها في الجمع كسرة، وأن يكون بعدها فيه ألف، وأن يكون صحيح اللام؛ فالثلاثة الأول مأخوذة من البيت، والرابع يأتي في البيت بعده، والخامس لم يذكره هنا وذكره في التسهيل؛ فخرج بالأول المفرد؛ فإنه لا يعل، نحو:
خِوَان وسِوَار، إلا المصدر وقد تقدم، وشذ قولهم في الصوان والصوار: صيان وصيار، بالثاني، نحو: طويل وطوال، وشذ قوله [من الطويل] :
1231-
تبين لي أن القماءة ذلة
…
وأن أعزاء الرجال طِيَالها
قيل: ومنه {الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} 1. وقيل: إنه جمع "جيد"، لا "جواد"، وبالثالثة، نحو: أسواط وأحواض.
وبالرابع ما أشار إليه بقوله:
957-
وَصَحَّحُوا فِعَلَة وَفِي
…
فِعَلْ وَالإعْلَالَ أَوْلَى كَالْحِيَلْ
وصححوا فعلة" أي جمعا؛ لعدم الألف، فقالوا: كوز وكوزة، وعود وعودة، وشذ الإعلال في قولهم: ثور وثيرة. قال المبرد: أرادوا أن يفرقوا بين الثور الذي هو الحيوان والثور الذي هو القطعة من الأقط، فقالوا في الحيوان: ثيرة، وفي الأقط: ثورة. ذهب ابن السراج والمبرد فيما حكاه عنه الناظم أن ثيرة مقصور من فعالة، وأصله ثيارة كحجارة،
1231- التخريج: البيت لأنيف بن زبان في الحماسة البصرية 1/ 35؛ وشرح شواهد الشافية ص385؛ ولأثال بن عبدة بن الطبيب في خزانة الأدب 9/ 488؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 389؛ وشرح المفصل 5/ 45، 10/ 88؛ وعيون الأخبار 4/ 54؛ ولسان العرب 11/ 410 "طول"؛ والمحتسب 1/ 184؛ ومجالس ثعلب 2/ 412؛ والمقاصد النحوية 4/ 588؛ والممتع في التصريف 2/ 497؛ والمنصف
1/ 342.
شرح المفردات: القماءة: هنا قصر القامة. الذلة: المهانة. الطيال: الطوال.
المعنى: يقول: تبين لي بعد التجربة والاختبار أن صغر القامة دليل على الذل والهوان، وأن الرجل العزيز هو الرجل الطويل الفارع.
الإعراب: "تبين": فعل ماض. "لي": جار ومجرور متعلقان بـ"تبين". "أن": حرف مشبه بالفعل.
"القماءة": اسم "أن" منصوب. "ذلة": خبر "أن" مرفوع بالضمة. والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل رفع فاعل لـ"تبين". و"أن": الواو: حرف عطف "أن" حرف مشبه بالفعل. "أعزاء": اسم "أن" منصوب، وهو مضاف. "الرجال": مضاف إليه مجرور. "طيالها": خبر "أن" مرفوع، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها معطوف على المصدر المؤول السابق.
وجملة "تبين لي
…
" ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: "طيالها" في جمع "طويل"، وهذا شاذ قياسا واستعمالا، والقياس:"طوالها".
2 ص: 31.
حذفت الألف وبقيت الفتحة دليلا عليها. وقيل: جمعوه على فعله بسكون العين؛ فقلبت الواو ياء لسكونها، ثم حركت وبقيت الياء. وقيل: حملا على "ثيران" ليجري الجمع على سنن واحد. وبالخامس، نحو: رواء في جمع ريان، وأصله رويان؛ لأنه لما أعلت اللام في الجمع سلمت العين لئلا يجتمع إعلالان، ومثله جواء جمع جو بالتشديد، وأصله جواو؛ فلما اعتلت اللام سلمت العين.
"وفي فِعَلْ" جمعًا "وجهان" الإعلال والتصحيح "والإعلال أولى كالحِيَل" جمع حيلة، والقيم جمع قيمة، والديم جمع ديمة، وجاء التصحيح أيضا، نحو: حاجة وحوج.
تنبيهان: الأول: اقتضى تعبيره بأولى أن التصحيح مطرد، وليس كذلك، بل هو شاذ كما تقدم؛ فكان اللائق أن يقول:
وصححوا فعلة، وفي فعل
…
قد شذ تصحيح فختم أن يعل
وقد تقدم نقل كلامه في التسهيل.
الثاني: إنما خالف فعل فعلة لأن فعلة لما عدمت الألف وخف النطق بالواو بعد الكسرة لقلة عمل اللسان انضم إلى ذلك تحصين الواو ببعدها عن الطرف بسبب هاء التأنيث فوجب تصحيحها بخلاف فعل.
ثم أشار إلى موضع رابع تقلب فيه الواو ياء بقوله:
958-
وَالْوَاوُ لَامَاً بَعْدَ فَتْحٍ يَا انقَلَبْ
…
كَالمُعْطَيَانِ يُرْضَيَانِ، وَوَجَبْ
959-
إبْدَالُ وَاوٍ بَعْدَ ضَمَ مِنْ ألِفْ
…
وَيَا كموقنٍ بِذَا لها اعْتُرِفْ
والواو لاما بعد فتح يا انقلب كالمعطيان يرضيان" أي إذا وقعت الواو طرفا رابعة فصاعدا بعد فتح قلب ياء وجوبا؛ لأن ما هي في حينئذ لا يعدم نظيرا يستحق الإعلال؛ فيحمل هو عليه، وذلك نحو: "أعطيت" أصله أعطوت؛ لأنه من عطا يعطو بمعنى أخذ؛ فلما دخلت همزة النقل صارت الواو رابعة؛ فقلبت ياء حملا للماضي على مضارعه، وقد أفهم بالتمثيل أن هذا الحكم ثابت لها سواء كانت في اسم كقولك المعطيان، وأصله المعطوان؛ فقلبت الواو ياء حملا لاسم المفعول على اسم الفاعل، أم في فعل كقولك
يرضيان أصله يرضوان لأنه من الرضوان؛ فقلبت الواو ياء حملا لبناء المفعول على بناء الفاعل، وأما يرضيان المبني للفاعل من الثلاثي المجرد؛ فلقولك في ماضيه رضي.
تنبيهان: الأول: يستصحب هذا الإعلال مع هاء التأنيث، نحو:"المعطاة" ومع تاء التفاعل، ونحو:"تغازينا وتداعينا" مع أن المضارع لا كسر قبل آخره. قال سيبويه: سألت الخليل عن ذلك؛ فأجاب بأن الإعلال ثبت قبل مجيء التاء في أوله، وهو غازينا وداعينا، حملا على نغازي ونداعي، ثم استصحب معها.
الثاني: شذ قولهم في مضارع شأوا بعنى سبق يشأيان، والقياس يشأوان؛ لأنه من الشأو، ولا كسرة قبل الواو فتقلب لأجلها ياء، ولم تقلب في الماضي فيحمل مضارعه عليه، نعم إن دخلت عليه همزة النقل قلت: يشأيان حملا على المبني للفاعل.
[إبدال الألف والياء واوا] :
وأشار بقوله: "ووجب، إبدال واو بعد ضم من ألف * ويا كموقن بذا لها اعترف" إلى إبدال الواو من أختيها الألف والياء.
أما إبدالها من الألف ففي مسألة واحدة، وهي أن ينضم ما قبلها، نحو:"بويع، وضورب" وفي التنزيل: {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا} 1.
وأما إبدالها من الياء لضم ما قبلها ففي أربع مسأئل:
الأولى: أن تكون ساكنة مفردة أي غير مكررة في غير جمع، نحو:"موقن وموسر" أصلهما ميقن وميسر؛ لأنهما من أيقن وأيسر؛ فقلبت الياء واوا لانضمام ما قبلها.
وخرج بالساكنة المتحركة، نحو:"هيام". فإنها تحصنت بحركتها؛ فلا تقلب إلا فيما سيأتي بيانه.
وبالمفردة المدغمة، نحو:"حيض" فإنها لا تقلب لتحصنها بالإدغام.
وبغير الجمع من أن تكون في جمع؛ فإنها لا تقلب واوا، بل تبدل الضمة قبلها كسرة
1 الأعراف: 20.
فتصح الياء، وإلى هذا أشار بقوله:
960-
يُكْسَرُ المَضْمُوْمُ فِي جَمْعٍ كَمَا
…
يُقَالُ "هِيْمٌ" عِنْدَ جَمْعِ "أَهْيَمَا
أو هيماء؛ فأصل هيم هيم بضم الهاء؛ لأنه نظير حمر جمع أحمر أو حمراء، فخفف بإبدال ضمة فائه كسرة لتصح الياء، وإنما لم تبدل ياؤه واوا كما فعل في المفرد لأن الجمع أثقل من المفرد، والواو أثقل من الياء؛ فكان يجتمع ثقلان، ومثل هيم بيض جمع أبيض أو بيضاء.
تنبيهات: الأول: سمع في جمع عائط عوط، بإقرار الضمة وقلب الياء واوا، وهو شاذ، وسمع عيط على القياس.
الثاني: سيأتي في كلامه أن فعلى وصفا كالكوسي أنثى الأكيس يجوز فيها الوجهان عنده؛ فكان ينبغي أن يضمها إلى ما تقدم في الاستثناء من الأصل المذكور.
الثالث: حاصل ما ذكره أن الياء الساكنة المفردة المضموم ما قبلها إذا كانت في اسم مفرد غير فعلى الوصف تقلب واوا، وتحت ذلك نوعان؛ أحدهما: ما الياء فيه فاء الكلمة، نحو: موقن، وقد مر. والآخر: ما الياء فيه عين الكلمة كما إذا بنيت من البياض مثل برد؛ فتقول: بيض، وفي هذا خلاف؛ فمذهب سيبويه والخليل إبدال الضمة فيه كسرة كما فعل في الجمع، ومذهب الأخفش إقرار الضمة وقلب الياء واوا، وظاهر كلام المصنف موافقته؛ فتقول على مذهبهما: بيض، وعلى مذهبه: بوض، ولذلك كان "ديك" عندهما محتملا لأن يكون فعلا وأن يكون فعلا، ويتعين عنده أن يكون فعلا بالكسر، وإذا بنيت مفعلة من العيش قلت على مذهبهما: معيشة، وعلى مذهبه: معوشة، ولذلك كانت معيشة عندهما محتملة أن تكون مفعلة وأن تكون مفعلة، ويتعين عنده أن تكون مفعلة بالكسر.
واستدل لهما بأوجه؛ أحدها: قول العرب أعيس بين العيسة، ولم يقولوا العوسة، وهو على حد أحمر بين الحمرة. ثانيها: قولهم مبيع، الأصل مبيوع، نقلت الضمة إلى الباء ثم كسرت لتصح الياء، وسيأتي بيانه. ثالثها: أن العين حكم لها بحكم اللام، فأبدلت الضمة لأجلها كما أبدلت لأجل اللام.
واستدل الأخفش بأوجه؛ أحدها: قول العرب مضوفة لما يحذر منه، وهي من ضَافَ
يضيف؛ إذا أشفق وحذر. قال الشاعر [من الطويل] :
1232-
وَكُنْتُ إذَا جَارِي دَعَا لِمَضُوْفَةٍ
…
أُشَمِّرْ حَتَّى يَبْلُغَ السَّاقَ مِئْزَرِي
ثانيها: أن المفرد لا يقاس على الجمع؛ لأنا وجدنا الجمع يقلب فيه ما لا يقلب في المفرد، ألا ترى أن الواوين المتطرفتين يقلبان ياءين في الجمع، نحو:"عتي" جمع عات. ولا يقلبان في المفرد، نحو: عتو مصدر عتا. ثالثها: أن الجمع أثقل من المفرد، فهو أدعى إلى التخفيف.
وصحح أكثرهم مذهب الخليل وسيبويه، وأجابوا عن الأول من أدلة الأخفش بوجهين؛ أحدهما: أن مضوفة شاذ فلا تُبْنًى عليه القواعد. والآخر أن أبا بكر الزبيدي ذكره في مختصر العين من ذوات الواو، وذكر أضاف إذا أشفق رباعيا، ومن روى ضاف يضيف فهو قليل. وعن الثاني والثالث بأنهما قياس معارض للنص؛ فلا يلتفت إليه، ا. هـ.
1232- التخريج: البيت لأبي جندب في شرح أشعار الهذليين 1/ 358؛ وشرح شواهد الشافية ص383؛ والمقاصد النحوية 4/ 588؛ ولسان العرب 4/ 154 "جور"، 9/ 212 "ضيق"، 9/ 331 "نصف"، 13/ 366 "كون"؛ والمعاني الكبير ص700، 1119؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص241؛ وخزانة الأدب 7/ 417؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص29، 688؛ وشرح المفصل 10/ 81؛ والمحتسب 1/ 214؛ والممتع في التصريف 2/ 470؛ والمنصف 1/ 301.
اللغة: المضوفة: المصيبة.
المعنى: يقول: إذا أصاب جاره مكروه، ودعاه شمر عن ساعديه، وهب لنصرته.
الإعراب: وكنت: "الواو": بحسب ما قبلها، و"كنت": فعل ماض ناقص، و"التاء": ضمير في محل رفع اسم "كان". إذا: ظرف زمان يتضمن معنى الشرط متعلق بجوابه. جاري: فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده، تقديره:"إذا دعا جاري دعا". دعا: فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: "هو". لمضوفة: جار ومجرور متعلقان بـ"دعا". أشمر: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنا". حتى: حرف غاية وجر. يبلغ: فعل مضارع منصوب. الساق: مفعول به منصوب. مئزري: فاعل مرفوع، وهو مضاف، و"الياء": ضمير في محل جر بالإضافة.
وجملة "كنت
…
": بحسب الواو. وجملة "إذا جاري....": اعتراضية لا محل لها من الإعراب. وجملة "دعا جاري": في محل جر بالإضافة. وجملة "دعا لمضوفة": تفسيرية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أشمر": جواب شرط غير جازم لا محل لها. وجملة "يبلغ الساق
…
": صلة الموصول لا محل لها. وجملة "إذا دعا جاري أشمر": خبر "كان" محلها النصب.
الشاهد فيه قوله: "لمضوفة" والقياس فيه "لمضيفة"، وهو عند سيبويه شاذ.
ثم أشار إلى ثلاث مسائل أخرى ثانية وثالثة ورابعة، تبدل فيها الياء واوا لانضمام ما قبلها، بقوله:
961-
"
وَوَاواً اثْرَ الضمِّ رُدَّ اليَا مَتَى
…
أُلْفِيَ لَامَ فِعْلٍ أوْ مِنْ قَبْلِ تَا
962-
كَتَاءِ بانٍ مِنْ رَمَى كَمَقْدُرَهْ
…
كَذَا إذا كَسَبُعَانَ صَيَّرَهْ
فالأولى من هذه الثلاثة: أن تكون الياء لام فعل، نحو:"قضو الرجل، ورمو". وهذا مختص بفعل التعجب؛ فالمعنى ما أقضاه، وما أرماه. ولم يجئ مثل هذا في فعل متصرف إلا ما ندر من قولهم:"نهو الرجل فهو نهي"؛ إذا كان كامل النهية، وهو العقل.
والثانية: أن تكون لام اسم محتوم بتاء بنيت الكلمة عليها، كأن تبنى من الرمي مثل مقدرة؛ فإنك تقول: مرموة، بخلاف نحو: توانى توانية؛ فإن أصله قبل دخول التاء توانيا بالضمخ كتكاسل تكاسلا، فأبدلت ضمته كسرة لتسلم الياء من القلب؛ لأنه ليس من الأسماء المتمكنة ما آخره واو قبلها ضمة لازمة، ثم طرأت التاء لإفادة الوحدة، وبقي الإعلال بحاله؛ لأنها عارضة لا اعتداد بها.
والثالثة: أن تكون لام اسم مختوم بالألف والنون، كأن تبني من الرمي مثل سبعان اسم الموضع الذي يقول فيه ابن أحمر [من الطويل] :
1233-
أَلَا يَا دِيَارَ الحَيّ بِالسّبُعَانِ
…
أَمَلَّ عَلَيْهَا بِالبِلى المَلَوَانِ
1233- التخريج: البيت لابن أحمر في ديوانه ص188؛ ولابن مقبل في ديوانه ص335؛ وإصلاح المنطق ص394؛ وخزانة الأدب 7/ 302، 303، 304؛ وسمط اللآلي ص533؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 422؛ وشرح التصريح 2/ 329، 384؛ والكتاب 4/ 259؛ ولسان العرب 8/ 150 "سبع"، 11/ 621 "ملل"، 15/ 291 "ملا"؛ ومعجم ما استعجم ص719؛ ولأحدهما في معجم البلدان 3/ 185 "السبعان"؛ والمقاصد النحوية 4/ 542؛ بلا نسبة في الخصائص 3/ 202؛ ولسان العرب 4/ 591 "كفزر".
ويروى:
أَلَا يَا دِيَارَ الحَيّ بِالسّبُعَانِ
…
عفت حججا بعدي وهن ثماني
وهو بهذه الرواية لشاعر جاهلي من بني عقيل في خزانة الأدب 7/ 306؛ ومعجم البلدان 3/ 185.
شرح المفردات: السبعان: اسم واد. أمل: طال. الملون: الليل والنهار.
فإنك تقول: رموان، والأصل رميان، فقلبت الياء واوا وسلمت الضمة؛ لأن الألف والنون لا يكونان أضعف حالا من التاء اللازمة في التحصين من الطرف.
963-
وَإنْ تَكُنْ عَيْنًا لِفُعْلَى وَصْفًا
…
فَذَاكَ بِالوَجْهَيْنِ عَنْهُمْ يُلفَى
"وإن يكن" الياء الواقعة إثر الضم "عينا لفعلى وصفا * فذاك بالوجهين عنهم" أي عن العرب "يلفى" أي يوجد، كقولهم في أنثى الأكيس والأضيق: الكيسى والضيقى، والكوسى والضوقى، بترديد بين حمله علىمذكره تارة وبين رعاية الزنة أخرى.
واحترز بقوله: "وصفا" عما إذا كانت عينا لفعلى اسما كطوبى مصدر لطاب، أو اسما لشجرة في الجنة تظلها، فإنه يتعين قلبها واوا. وأما قراءة "طيبى لهم"1 فشاذ.
تنبيه: فعلى الواقعة صفة على ضربين؛ أحدهما: الصفة المحضة، وهذه يتعين فيها قلب الضمة كسرة لسلامة الياء، ولم يسمع منها إلا {قِسْمَةٌ ضِيزَى} 2 أي جائزة، يقال: ضازه حقه يضيزه، إذا بخسه وجار عليه، و"مشية حيكى" أي يتحرك فيها المنكبان، يقال: حاك في مشيه يحيك، إذا حرك منكبيه، والآخر غير المحضة، وهي الجارية مجرى الأسماء، وهي فعلى أفعل، كالطوبى والكوسى والضوقى والخورى، مؤنثات الأطيب والأكيس والأضيق والأخير. وهذا الضرب هو مراد المصنف، وهو فيما ذكره فيه مخالف لما عليه سيبويه والنحويون، فإنهم ذكروا هذا الضرب في باب الأسماء فكحموا له بحكم
= المعنى: بخاطب الشاعر الديار الكائنة بالسبعان، والتي تعاقبت عليها الأيام والليالي بالبلى.
الإعراب: "ألا": حرف استفتاح. "يا": حرف نداء. "ديار": منادى منصوب، وهو مضاف. "الحي": مضاف إليه. "بالسبعان": جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من "ديار". "أمل": فعل ماض. "عليها": جار ومجرور متعلقان بـ"أمل". "بالبلى": جار ومجرور متعلقان بـ"أمل". "الملوان": فاعل مرفوع بالألف.
الشاهد فيه قوله: "بالسبعان" فإنه في الأصل، مثنى "سبع"، ثم سمي به، فصار علما على مكان بعينه، وقد استعمله الشاعر، هنا، بالألف، وهو مجرور فدل على أنه عامله كما يعامل المفردات نظرا إلى معناه العارض بعد صيرورته علما، ولو نظر إلى معناه الأصلي، وعامله معاملة المثنى لرده إلى المفرد، ونسب إليه على لفظه في الإفراد.
1 الرعد: 29.
2 النجم: 22.
الأسماء، أعني من إقرار الضمة وقلب الياء واوا، كما في "طوبى" مصدرا، وظاهر كلام سيبويه أنه لا يجوز فيه غير ذلك، والذي يدل على أن هذا الضب من الصفات جار مجرى الأسماء، أن أفعل التفضيل يجمع على أفاعل فيقال: أفضل وأفاضل، وأكبر وأكابر، كما يقال في جمع أفكل –وهي الرعدة-: أفاكل، والمصنف ذكره في باب الصفات، وأجاز فيه الوجهين، ونص على أنهما مسموعان من العرب؛ فكان التعبير السالم من الإبهام الملاقي لغرضه أن يقول:
وإن يكن عينا لفعلى أفعلا
…
فذاك بالوجهين عنهم يُجتلَى
فصل:
964-
مِنْ لَامِ فَعْلى اسْمًا أَتَى الْوَاوُ بَدَلْ
…
يَاء كَتَقْوَى غَالِبًا جَا ذَا الْبَدَلْ
أي إذا اعتلت لام فعلى بفتح الفاء، فتارة تكون لامها واوا، وتارة تكون ياء فإن كانت واوا سلمت في الاسم، نحو: دعوى، وفي الصفة، نحو نشوى. ولم يفرقوا في ذوات الواو بين الاسم والصفة، وإن كانت ياء سلمت في الصفة، نحو: خزيا وصديا مؤنثا خزيان وصديان، وقلبت الواو في الاسم، نحو:"تقوى، وشروى، وفتوى"؛ فرقا بين الاسم والصفة، وأوثر الاسم بهذا الاعلال لأنه أخف، فكان أحمل للثقل، وإنما قال "غالبا" للاحتراز في الريا للرائحة، وطغيا لولد البقرة الوحشية، وسعيا لموضع، كما صرح بذلك في شرح الكافية، وفي الاحتراز عن هذه نظر؛ أما ريا فالذي ذكره سيبويه وغيره من النحويين أنها صفة غلبت عليها الاسمية، والأصل: رائحة ريا، أي: مملوءة طيبا. وأما طغيا فالأكثر فيه ضم الطاء، ولعلهم استصحبوا التصحيح حين فتحوا للتخفيف. وأما سعيا فعلم؛ فيحتمل أنه منقول منصفة كخزيا وصديا.
تنبيه: ما ذكره الناظم هنا وفي ضرح الكافية موافق لمذهب سيبويه وأكثر النحويين، أعني في كون إبدال الياء واوا في فعلى الاسم مطردا، وإقرار الياء فيها شاذ، وعكس في التسهيل فقال: وشذ إبدال الواو من الياء لفعلى اسما، وقال أيضا في بعض تصانيفه: من شواذ الإعلال إبدال الواو من الياء في فعلى اسما، كالنشوى، والتقوى، والعنوى،
والفتوى. والأصل فيهن الياء. ثم قال: وأكثر النحويين يجعلون هذا مطردا، فألحقوا بالأربعة المذكورة الشروى، والطغوى، واللقوى، والدعوى، زاعمين أن أصلها الياء، والأولى عندي جعل هذه الأواخر من الواو، سدا الباب التكثير من الشذوذ، ثم قال: ومما يبين أن إبدال يائها واوا شاذ تصحيح الريا، وهي الرائحة، والطغيا، وهي ولد البقرة الوحشية، تفتح طاؤها وتضم، وسعيا اسم موضع؛ فهذه الثلاثة الجائية على الأصل، والتجنب للشذوذ أولى بالقياس عليها، هذا كلامه، وقد مر تعقب احتجاجه بهذه الثلاثة، وهذه المسألة خامسة مسألة تبدل بها الياء واوا.
[إبدال الواو ياء] :
ثم أشار إلى موضع خامس تقلب فيه الواو ياء بقوله:
965-
"
بِالْعَكْسِ جَاءَ لَامُ فُعْلَى وَصْفًا
…
وَكَوْنُ قُصْوَى نَادِرًا لَا يَخْفَى
أي إذا اعتلت لام فعلى بضم الفاء، فتارة تكون لامها ياء، وتارة تكون واوا؛ فإن كانت ياء سلمت في الاسم، نحو الفتيا، وفي الصفة، نحو: القصيا تأنيث الأقصى؛ فلم يفرقوا في فعلى من ذوات الياء بين الاسم والصفة، كما لم يفوقوا في فعلى بالفتح من ذوات الواو كما سبق، وإن كانت واوا سلمت في الاسم، نحو: حزوى اسم موضع، قال الشاعر [من الطويل] :
أَدَارًا بِحُزْوى هِجْتِ لِلْعَيْنِ عَبْرَةً
…
فَمَاءُ الْهَوَى يَرْفَضُّ أَوْ يَترقْرَقُ1
وقلبت ياء في الصفة، نحو:{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا} 2، ونحو: قولك: للمتقين الدرجة العليا. وأما قول الحجازيين "القصوى" فشاذ قياسا فصيح استعمالا نبه به على الأصل. وتميم يقولون "القصيا" على القياس، وشذ أيضا "الحلوى عند الجميع.
تنبيه: ما ذهب إليه الناظم مخالف لما عليه أهل التصريف؛ فإنهم يقولون: إن فعلى
1 تقدم بالرقم 878.
2 الصافات: 6.
إذا كانت لامها واوا تقلب في الاسم دون الصفة، ويجعلون حزوى شاذا. قال الناظم في بعض كتبه: النحويون يقولون: هذا مخصوص بالاسم، ثم لا يمثلون إلا بصفة محضة أو بالدنيا، والاسمية فيها عارضة، ويزعمون أن تصحيح حزوى شاذ كتصحيح حيوة، وهذا قول لا دليل على صحته، وما قلته مؤيد بالدليل، وموافق لأئمة اللغة، حكى الأزهري عن الفراء وابن السكيت أنهما قالا: ما كان من النعوت مثل الدنيا والعليا فإنه بالياء، فإنهم يستثقلون الواو مع ضمة أوله، وليس فيه اختلاف، إلا أن أهل الحجاز أظهروا الواو في القصوى، وبنو تميم قالوا: القصيا، انتهى. وأما قول ابن الحاجب بخلاف الصفة كالغزوى يعني تأنيث الأغرى، فقال ابن المصنف: هو تمثيل من عنده، وليس معه نقل، والقياس أن يقال: الغزيا كما يقال العليا، انتهى.
فصل:
966-
"
إنْ يَسْكُنِ السَّابِقُ مِنْ وَاوٍ وَيَا
…
وَاتَّصَلَا وَمِنْ عُرُوضٍ عَرِيا
967-
"
فَيَاء الْوَاوَ اقْلِبَنَّ مُدْغِمَا
…
وَشَذَّ مُعْطًى غَيْرَ مَا قَدْ رُسِمَا
"فياء الواو اقلين مدغما" أي هذا موضع سادس تقلب فيه الواو ياء وهو أن تلتقي هي والياء في كلمة أو ما هو في حكم الكلمة كمسلمي، والسابق منهما ساكن متأصل ذاتا وسكونا، ويجب حينئذ إدغام الياء في الياء، مثال ذلك فيما تقدمت فيه الياء سيد وميت، وأصلهما سيود وميوت ومثاله فيما تقدمت فيه الواو طي ولي، مصدرا طويت ولويت، وأصلهما طَوْيٌ ولَوْيٌ.
ويجب التصحيح إن لم يلتقيا كزيتون، وكذا إن كانا من كلمتين، نحو: يدعو ياسر، ويرمي واعد، أو كان السابق منهما متحركا، نحو: طويل وغيور، أو عارض الذات، نحو: روية مخفف رؤية، وديوان إذ أصله دوان وبويع إذ راوه بدل من ألف بايع، أو عارض السكون، نحو: قوي فإن أصله الكسر ثم سكن للتخفيف كما يقال في عَلِمَ: عَلْمَ.
تنبيه: لوجوب الإبدال المذكور شرط آخر لم ينبه عليه هنا، وهو أن يكون في تصغير ما يكسر على مفاعل، فنحو جدول وأسود للحية يجوز في مصغره الإعلال، نحو جديل وأسيد وهو القياس، والتصحيح نحو جديول وأسيود حملا للتصغير على التكسير، أما
أسود صفة فتقول فيه "أسيد" لا غير؛ لأنه لم يجمع على أساود.
"وشذ معطى غير ما قد رسما" وذلك ثلاثة أضرب: ضرب أعل ولم يستوف الشروط، كقراءة بعضهم "إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّيَّا تَعْبُرُونَ"1 بالإبدال، وحكى بعضهم اطراده على لغة، وضرب صحح مع استيفائها، نحو: ضيون وهو السنور الذكر، ويوم أيوم، وعوى الكلب عوية، ورجاء بن حيوة، وضرب أبدلت فيه الياء واوا وأدغمت الواو فيها، نحو: عوى الكلب عوة، وهو نهو من المنكر.
[إبدال الواو والياء ألفا] :
ثم أشار إلى إبدال الألف من أختيها بقوله:
968-
مِنْ وَاوٍ أوْ يَاءٍ بِتَحْرِيْكٍ أصُلْ
…
أَلِفاً ابْدِلْ بَعْدَ فَتْحٍ مُتَّصِل
969-
إنْ حُرِّكَ التَّالِي، وَإنْ سُكِّنَ كَفْ
…
إعْلَالَ غَيْرِ اللَاّمِ، وَهْيَ لَا يُكَفْ
970-
إعْلَالُهَا بِسَاكِنٍ غَيْرِ أَلِفْ
…
أوْ يَاءِ التَّشْدِيْدُ فِيْهَا قَدْ أُلِفْ
مِنْ وَاوٍ أوْ يَاءٍ بِتَحْرِيْكٍ أصُلْ
…
أَلِفاً ابْدِلْ بَعْدَ فَتْحٍ مُتَّصِل
أي يجب إبدال الواو والياء ألفا بشروط أحد عشر:
الأول: أن يتحركا؛ فلذلك صحتا في القول والبيع لسكونهما.
والثاني: أن تكون حركتهما أصلية؛ ولذلك صحتا في جبل وتوم مخففي جيئل وتوأم، وفي {اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ} 2، و {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} 3، {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} 4.
والثالث: أن يفتح ما قبلهما؛ ولذلك صحتا في العوض والحيل والسور.
والرابع: أن تكون الفتحة متصلة، أي في كلمتيهما، ولذلك صحتا في "إن عمر وجد يزيد".
والخامس: أن يكون اتصالهما أصليا؛ فلو بنيت مثل علبط من الغزو والرمي قلت فيه:
1 يوسف: 43.
2 آل عمران: 186.
3 البقرة: 16، 175.
4 البقرة: 237
غزو ومي، منقوصا، ولا تقلب الواو والياء ألفا؛ لأن اتصال الفتحة بهما عارض بسبب حذف الألف، إذا الأصل غزاوي ورمايي؛ لأن علبطا أصله علابط.
والسادس: أن يتحرك ما بعدهما إن كانتا عينين، وأن لا يليهما ألف ولا ياء مشددة إن كانتا لامين، وإلى هذا أشار بقوله:"إن حرك التالي" أي التابع "وإن سكن كف * إعلال غير اللام، وهي لا يكف""إعلالها بساكن غير ألف * أو ياء التشديد فيها قد ألف" ولذلك صحت العين في نحو: بيان وطويل وغيور وخورنق، واللام في نحو: رميا وغزوا، وفتيان وعصوان، وعلوي وفتوي، وأعلت العين في قاع وباع وناب وباب؛ لتحرك ما بعدها، واللام في غزا ودعا ورمى وتلا؛ إذ ليس بعدها ألف ولا ياء مشددة، وكذلك يخشون ويمحون1، وأصلهما يخشيون ويمحوون، فقلبتا ألفين لتحركهما وانفتاح ما قبلهما، ثم حذفتا للساكنين، وكذلك تقول في جمع عصا مسمى به: قام عصون، واواصل عصوون، وغزووت، والأصل رمييوت وغزوووت، ثم قلبا وحذفا لملاقاة الساكن، وسهل ذلك أمن اللبس؛ إذ ليس في الكلام فعلوت. وذهب بعضهم إلى تصحيح هذا؛ لكون ما هو فيه واحدا.
وإنما صححوا قبل الألف والياء المشددة لأنهم لو أعلوا قبل الألف لاجتمع ألفان ساكنان، فتحذف إحداهما، فيحصل اللبس في نحو رميا؛ لأنه يصير رمى ولا يُدرَى للمثنى هو أم للمفرد، وحمل ما لا لبْسَ فيه على ما فيه لبس؛ لأنه من بابه. وأما نحو علوي فلأن واوه في موضع تبدل فيه الألف واوا.
والسابع: أن لا تكون إحداهما عينا لفعل الذي الوصف منه على أفعل.
1 قال محيي الدين عبد الحميد: "الأشهر في الكلمة محاه يمحوه محوا مثل دعاه يدعوه، وليس في هذه اللغة قلب الواو ألفا في المضارع المسند لواو الجماعة؛ لأن الحاء حينئذ مضمومة، وفيه ثلاث لغات آخر: إحداها محاه يمحيه محيا مثل رماه يرميه رميا، وهذه كالأولى في أنه ليس في مضارعها المسند الواو الجماعة قلب لامها ألفا؛ لأن ما قبل اللام مكسور، وتزيد هذه بأن لامها ياء فلا يتفق مع قول الشارح "أصله يمحوون" وإن كانت اللام قد قلبت في المضارع المسند لواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، لكن أصله "يمحيون" بفتح الحاء وضم الياء، وإنما الذي يتفق مع كلام الشارح لغة رابعة هي محاه يمحاه محوا؛ فهذه لامها واو، وتقلب الواو ألفا في مضارعه المسند لواو الجماعة".
والثامن: أن لا تكون عينا لمصدر هذا الفعل.
وإلى هذين الشرطين الإشارة بقوله:
971-
وصح عين فَعَلٍ وفَعِلا
…
ذا أفْعَلٍ كأغيْدٍ وأحوَلا
"وصح عين فعل" أي نحو: الغيد والحول "وفعلا" أي: نحو: غيد وحول "ذا أفعل" أي صاحب وصف على أفعل "كأغيد وأحولا" وإنما التزم تصحيح الفعل في هذا الباب حملا على افعل، نحو: احول واعور لأنه بمعناه وحمل مصدر الفعل عليه في التصحيح.
واحترز بقوله "ذا أفعل" من نحو: خاف فإنه فعل بكسر العين بدليل أمن1، واعتل لأن الوصف منه على فاعل كخائف لا على أفعل.
والتاسع –وهو مختص بالواو- أن لا يكون عينا لافتعل الدال على معنى التفاعل أي التشارك في الفاعلية المفعولية وإلى هذا أشار بقوله:
972-
وإنْ يَبِنْ تفاعُلٌ من افتعَلْ
…
والعينُ واوٌ سلمَتْ ولم تُعَلّ
"وإن يبن" أي يظهر "تفاعل من افتعل * والعين واو سلمت ولم تعل" أي إذا كان افتعل واوي العين بمعنى تفاعل صحح، حملا على تفاعل؛ لكونه بمعناه، نحو: اجتوروا وازدوجوا، بمعنى تجاوروا وتزاوجوا.
واحترز بقوله "وإن يبن تفاعل" من أن يكون افتعل لا بمعنى تفاعل؛ فإنه يجب إعلاله مطلقا، نحو: اختان بمعنى خان، واجتاز بمعنى جاز.
وبقوله: "والعين واو" من أن تكون عينه ياء؛ فإنه يجب إعلاله، ولو كان دالا على التفاعل، نحو: امتازوا وابتاعوا واستافوا، أي تضاربوا بالسيوف، بمعنى تمايزوا وتبايعوا، وتسايفوا؛ لأن الياء أشبه بالألف من الواو، فكانت أحق بالإعلال منها.
1 قوله: "بدليل أمِنَ"، لأن من عادة العرب حمل الشيء على ضده كما يحملونه على نظيره.
والعاشر: أن لا يكون إحداهما متلوة بحرف يستحق هذا الاعتلال، وإلى هذا أشار بقوله:
973-
وَإِنْ لِحَرْفَيْنِ ذَا الإعْلَالُ اسْتَحَقْ
…
صُحِّحَ أَوَّلٌ وَعَكْسٌ قَدْ يَحِقْ
وإن لحرفين ذا اعلال استحق صحح أول" أي إذا اجتمع في الكلمة حرفا علة: واوان أو ياآن أو واو وياء، وكل منهما يستحق أن يقلب ألفا لتحركه وانفتاح ما قبله، فلا بد من تصحيح إحداهما، لئلا يجتمع إعلالان في كلمة، والآخر أحق بالإعلال؛ لأن الظرف محل التغيير، فاجتماع الواوين، نحو: الحوى مصدر حوى إذا اسود، ويدل على أن ألف الحوى منقلبة عن واو قولهم في مثناه: حووان، وفي جمع أحوى: حو، وفي مؤنثه: حواء، واجتماع الياءين، ونحو: الحيا للغيث، وأصله حيي، لأن تثنيته: حييان، فأعلت الياء الثانية لما تقدمِ، واجتماع الواو والياء، نحو: الهوى، وأصله هوي، فأعلت الياء، ولذلك صحح في نحو: حيوان؛ لأن المستحق للإعلال هو الواو، وإعلاله ممتنع لأنه لام وليها ألف.
وأشار بقوله: "وعكس قد يحق" إلى أنه أعل فيما تقدم الأول وصحح الثاني، كما في نحو: غاية، أصلها غيية، وأعلت الياء الأولى وصحت الثانية، وسهل ذلك كون الثانية لم تقع طرفا. ومثل غاية في ذلك ثاية، وهي حجارة صغار يضعها الراعي عند متاعه فيثوي عندها، وطاية، وهي السطح والدكان أيضا، وكذلك آية عند الخليل، وأصلها أييه، فأعلت العين شذوذا؛ إذ القياس إعلال الثانية، وهذا أسهل الوجود كما قال في التسهيل. أما من قال أصلها أيية بسكون الياء الأولى فيلزمه إعلال الياء الساكنة، ومن قال أصلها آيية على وزن فاعله، فيلزمه حذف العين لغير موجب، ومن قال أصلها أيية كنبقة فيلزمه تقديم الإعلال على الإدغام، والمعروف العكس، بدليل إبدال همزة أئمة ياء لا ألفا.
والحادي عشر: أن لا تكون عينا لما آخره زيادة تختص بالأسماء، وإلى هذا أشار بقوله:
974-
"
وَعَيْنُ مَا آخِرَهُ قَدْ زِيْدَ مَا
…
يَخُصُّ الاِسْمَ وَاجِبٌ أَنْ يَسْلَمَا
يعني أنه يمنع من قلب الواو والياء ألفا لتحركهما وانفتاح ما قبلها كونهما عينا لما في
آخره زيادة تخص الأسماء؛ لأنه بتلك الزيادة بعد شبهه بما هو الأصل في الإعلال وهو الفعل، وذلك نحو: جولان وسيلان، وما جاء من هذا النوع معلا شاذا، نحو: داران وماهان، وقياسهما دوران وموهان. وخالف المبرد، فزعم أن الإعلال هو القياس، والصحيح الأول، وهو مذهب سيبويه.
تنبيهات: الأول: زيادة تاء التأنيث غير معتبرة في التصحيح؛ لأنها لا تخرجه عن صورة فعل؛ لأنها تلحق الماضي؛ فلا يثبت بلحاقها مباينة في نحو: قالة وباعة، وأما تصحيح حوكة وخونة فشاذ بالاتفاق.
الثاني: اختلف في ألف التأنيث المقصورة في نحو صورى وهو اسم ماء، فذهب المازني إلى أنها مانعة من الإعلال؛ لاختصاصها بالاسم، وذهب الأخفش إلى أنها لا تمنع الإعلال؛ لأنها لا تخرجه عن شبه الفعل؛ لكونها في اللفظ بمنزلة فعلا، فتصحيح صورى عند المازني مقيس، وعند الأخفش شاذ لا يقاس عليه؛ فلو بني مثلها من القول لقيل على رأي المازني: قولى، وعلى رأي الأخفش: قالا. وقد اضطرب اختيار الناظم في هذه المسألة، فاختار في التسهيل مذهب الأخفش، وفي بعض كتبه مذهب المازني، وبه جزم الشارح، واعلم أن ما ذهب إليه المازني هو مذهب سيبويه.
الثالث: بقي شرطان آخران؛ أحدهما –وذكره في التسهيل وشرح الكافية- أن لا تكون العين بدلا من حرف لا يعل، واحترز به عن قولهم في شجرة: شيوة، فلم يعلوا لأن الياء بدل من الجيم، قال الشاعر [من الطويل] :
1234-
إذَا لَمْ يَكُنْ فِيْكُنَّ ظِلٌّ وَلَا جَنَى
…
فَأَبْعَدَكُنَّ اللَّهُ مِنْ شِيَرَاتِ
1234- التخريج: البيت لجعيثنة البكائي في سمط اللآلي ص834؛ وبلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 589.
اللغة: الجني: ما يجتني من الشجر. شيرات: أي شجرات.
الإعراب: إذا: ظرف يتضمن معنى الشرط متعلق بجوابه. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يكن: فعل مضارع ناقص. فيكن: جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف. ظل: اسم "يكن" مرفوع. ولا "الواو": حرف عطف، "لا": زائدة لتأكيد النفي. جنى: معطوف على "ظل" مرفوع. فأبعدكن: "الفاء": رابطة جواب الشرط، و"أبعدكن": فعل ماض، و"كن": ضمير في محل نصب مفعول به. الله: فاعل مرفوع. من شيرات: جار ومجرور متعلقان بحال من مفعول "أبعد". =
والآخر أن لا تكون في محل حرف لا يعل وإن لم تكن بدلا. والاحتراز بذلك عن نحو: أيس بمعنى يئس، فإن ياءه تحركت وانفتح ما قبلها ولم تعل لأنها في موضع الهمزة، والهمزة لو كانت في موضعها لم تبدل، فعوملت الياء معاملتها لوقوعها موقعها، هكذا قال في شرح الكافية. قال: ويجوز أن يكون تصحيح ياء أيس انتفاء علتها، فإنها كانت قبل الهمزة ثم أخرت، فلو أبدلت لاجتمع فيها تغييران: تغيير النقل، وتغيير الإبدال، هذا كلامه وذكر بعضهم أن أيس إنما لم يعل لعروض اتصال الفتحة به؛ لأن الياء فاء الكلمة فهي في نية التقديم والهمزة قبلها في نية التأخير، وعلى هذا فيستغنى عن هذا الشرط بما سبق من اشتراط أصالة اتصال الفتحة.
الرابع: ذكر ابن بابشاذ بهذا الإعلال شرطا آخر، وهو أن لا يكون التصحيح للتنبيه على الأصل المرفوض. واحترز بذلك عن القود والصيد والجيد وهو طول العنق وحسنه، والحيدى، يقال: حمار حيدى، إذا كان يحيد عن ظله لنشاطه، والحركة والخونة، وهذا غير محتاج إليه؛ لأن هذا مما شذ مع استيفائه الشروط. ومثل ذلك في الشذوذ قولهم روح وغيب جمع رائح وغائب، وعفوة جمع عفو وهو الجحش، وهيوة وأوو جمع أوة وهو الداهية من الرجال، وقروة جمع قرو وهي ميلغة الكلب، ا. هـ.
[إبدال النون والواو ميما] :
975-
وَقَبْلَ بَا اقْلِبْ مِيْمًا النُّوْنَ إذَا
…
كَانَ مُسَكَّنًا، كَمَنْ بَتَّ انْبِذَا
وقبل با اقلب ميما النون إذا كان مسكنا" أي تبدل النون الساكنة قبل الباء ميما، وذلك لما في النطق بالنون الساكنة قبل الباء من العسر؛ لاختلاف مخرجيهما مع تنافر لين النون وغنتها لشدة الباء، وإنما اختصت الميم بذلك لأنها من مخرج الباء ومثل النون في الغنة، ولا فرق في ذلك بين المنفصلة والمتصلة، وقد جمعهما في قوله: "كمن بت انبذا" أي من قطعك فألقه عن بالك واطرحه. وألف "انبذا" بدل من نون التوكيد الخفيفة.
= وجملة "إذا لم يكن فأبعدكن": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "لم يكن
…
": في محل جر بالإضافة. وجملة "أبعدكن
…
": لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم.
الشاهد فيه قوله: "من شيرات" حيث أبدلت الجيم بـ"ياء" لأن الأصل "شجرات".
تنبيهات: الأول: كثيرا ما يعبرون عن إبدال النون ميما بالقلب كما فعل الناظم، والأولى أن يعبر بالإبدال؛ لما عرفت أول الباب.
الثاني: قد تبدل النون ميما ساكنة ومتحركة دون باء، وذلك شاذ، فالساكنة كقولهم في حنظل: حمظل، والمتحركة كقولهم في بنان: بنام، ومنه قوله [من الرجز] :
1235-
يَا هَالُ ذَاتُ الْمَنْطِقِ التَّمْتَامِ
…
وَكَفّكِ الْمُخَضَّبِ البَنَامِ
وجاء عكس ذلك في قولهم: أسود قاتن، وأصله قاتم.
الثالث: أبدلت الميم أيضا من الواو في فم؛ إذا أصله فوه، بدليل أفواه، فحذفوا الهاء تخفيفا، ثم أبدلوا الميم من الواو، فإن أضيف رجع به إلى الأصل فقيل: فوك، وربما بقي الإبدال، نحو:"لخلوف فم الصائم".
فصل [الإعلال بالنقل]
976-
لِسَاكِنٍ صَحَّ انْقُلِ الْتَّحْرِيكَ مِنْ
…
ذِي لِيْنٍ آتٍ عَيْنَ فِعل كَأَبِنْ
أي: إذا كان عين الفعل واوا أو ياء وقبلهما ساكن صحيح وجب نقل حركة العين إليه؛ لاستثقالها على حرف العلة، نحو: يقوم ويبين، الأصل: يقوم ويبين، وبضم الواو
1235- التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص183؛ وجواهر الأدب ص98؛ وسر صناعة الإعراب 422؛ وشرح التصريح 2/ 392؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 216؛ وشرح شواهد الشافية ص455؛ وشرح المفصل 10/ 33؛ والمقاصد النحوية 4/ 580؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 10/ 35.
شرح المفردات: هال: اسم امرأة. التمتام: الذي يعجل في كلامه فلا يفهمك. المخضب: الذي فيه الخضاب. البنام: الأصابع.
الإعراب: "يا": حرف نداء. "هال": منادى مبني على ضم الحرف المحذوف في محل نصب تقديره: "هالة". "ذات": نصب "حال" مرفوع، وهو مضاف. "المنطق": مضاف إليه مجرور. "التمتام": نعت "المنطق" مجرور. "وكفك": الواو حرف عطف، "كفك": معطوف على "المنطق" مجرور وهو مضاف، والكاف ضمير في محل جر بالإضافة. "المخضب": نعت "كفك" مجرور، وهو مضاف. "البنام": مضاف إليه مجرور بالكسرة.
الشاهد فيه قوله: "البنام" يريد "البنان"، فأبدل النون ميما للضرورة الشعرية. وفي البيت شاهد آخر للنجاة هو قوله:"يا هال" مرخم "يا هالة".
وكسر الياء، فنقلت حركة الواو والياء إلى الساكن قبلهما، وهو قاف يقوم وباء يبين، فسكنت الواو والياء.
ثم اعلم أنه إذا نقلت حركة العين إلى الساكن قبلها؛ فتارة تكون العين مجانسة للحركة المنقولة، وتارة تكون غير مجانسة.
فإن كان مجانسة لها لم تغير بأكثر من تسكينها بعد النقل، وذلك مثل ما تقدم.
وإن كانت غير مجانسة لها أبدلت حرفا يجانس الحركة، كما في نحو: أقام وأبان، أصلهما أقوم وأبين، فلما نقلت الفتحة إلى الساكن بقيت العين غير مجانسة لها، فقلبت ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها، ونحو يقيم أصله يقوم، فلما نقلت الكسرة إلى الساكن بقيت العين غير مجانسة لها فقلبت لها فقلبت ياء؛ لسكونها وانكسار ما قبلها.
ولهذا النقل شروط:
الأول: أن يكون الساكن المنقول إليه صحيحا، فإن كان حرف علة لم ينقل إليه، نحو: قاول وبايع وعوق وبين، وكذا الهمزة لا ينقل إليها، نحو: يأيس مضارع أيس؛ لأنها معرضة للإعلال بقلبها ألفا، نص على ذلك في التسهيل، وإنما لم تستثنها هنا لأنه قد عدها من حروف العلة؛ فقد خرجت بقوله "صح".
الثاني: أن لا يكون الفعل تعجب، نحو: ما أبين الشيء، وأقومه، وأبين به وأقوم به، وحملوه على نظيره من الأسماء في الوزن والدلالة على المزية، وهو أفعل التفضيل.
الثالث: أن لا يكون من المضاعف اللام، نحو ابيض واسود، وإنما لم يعلوا هذا النوع لئلا يلتبس مثال بمثال، وذلك أن أبيض لو أعل الإعلال المذكور لقيل فيه باض وكان يظن أنه فاعل من البضاضة وهي نعومة البشرة.
الرابع: أن يكون من المعتل اللام، نحو: أهوى؛ فلا يدخله النقل لئلا يتوالى إعلالان وإلى هذه الشروط الثلاثة أشار بقوله:
977-
"
مَا لَمْ يَكُنْ فِعْلَ تَعَجُّبٍ وَلَا
…
كَابْيَضَّ أَوْ أَهْوَى بِلَامٍ عُلِّلَا
وزاد في التسهيل شرطا آخر، وهو أن لا يكون موافقا لعفل الذي بمعنى افعل نحو يعور ويصيد مضارعا عور وصيد، وكذا ما تصرف منه، نحو: أعوره الله، وكأن استغنى عن ذكره هنا بذكره في الفصل السابق في قوله:"وصح عين فعل وفعلا ذا أفعل" فإن العلة واحدة.
978-
"
وَمِثْلُ فِعْلٍ في ذَا الإعْلَالِ اسْمُ
…
ضَاهَى مُضَارِعَاً وَفِيْهِ وَسْمُ
أي الاسم المضاهي للمضارع –وهو الموافق له في عدد الحروف والحركات- يشارك الفعل في وجوب الإعلال بالنقل المذكور، بشرط أن يكون فيه وسم يمتاز به عن الفعل فاندرج في ذلك نوعان:
أحدهما: ما وافق المضارع في وزنه دون زيادته كمقام؛ فإنه موافق للفعل في وزنه فقط وفيه زيادة تنبيء على أنه ليس من قبيل الأفعال وهي الميم؛ فأعل، وكذلك نحو مقيم ومبين، وأما مدين ومريم فقد تقدم أن وزنهما فعلل، ولا مفعل وإلا وجب الإعلال، ولا فعيل لفقده في الكلام، ولو بنيت من البيع مفعلة بالفتح قلت مباعة أو مفعلة بالكسر قلت مبيعة أو مفعلة بالضم، فعلى مذهب سيبويه تقول مبيعة أيضا، وعلى مذهب الأخفش تقول مبوعة، وقد سبق ذكر مذهبهما.
والآخر: ما وافق المضارع في زيادته دون وزنه، كأن تبني من القول أو البيع اسما على مثال تحلئ –بكسر التاء وهمزة بعد اللام- فإنك تقول: تقيل وتبيع، بكسرتين بعدهما ياء ساكنة؛ وإذا بنيت من البيع اسما على مثال ترتب قلت على مذهب سيبويه: تبيع، بضم فكسر، وعلى مذهب الأخفش: تُبُوع.
فالوسم الذي امتاز به هذا النوع عن الفعل هو كونه على وزن خاص بالاسم، وهو أن تفعلا بكسر التاء وضمها لا يكون في الفعل، ولذلك أعل.
أما ما شابه المضارع في وزنه وزيادته، أو باينه فيهما معا، فإنه يجب تصحيحه، فالأول، نحو: أبيض وأسود؛ لأنه لو أعل لتوهم فعلا، وأما نحو يزيد علما فمنقول إلى
العلمية بعد أن أعل إذ كان فعلا، والثاني كمخيط، هذا هو الظاهر. وقال الناظم وابنه: حق نحو مخيط أن يعل؛ لأن زيادته خاصة بالأسماء، وهو مشبه لتعلم أي بكسر حرف المضارعة في لغة قوم، لكنه حمل على مخياط لشبهه به لفظا ومعنى، انتهى. وقد يقال: لو صح ما قالا للزم أن لا يعل مثال تحلئ؛ لأنه يكون مشبها لتحسب في وزنه وزيادته، ثم لو سلم أن الإعلال كان لازما لما ذكرا لم يلزم الجميع، بل من يكسر حرف المضارعة فقط.
وقد أشار إلى هذا الثاني بقوله:
979-
وَمِفْعَلٌ صُحِّحَ كَالْمِفْعَال
…
وَأَلِفُ الإفْعَالِ وَاسْتِفْعَالِ
980-
أَزِلْ لِذَا الإعْلَالِ وَالتَّا الْزَمْ عِوَضْ
…
وَحَذْفُهَا بِالنَّقْلِ رُبَّمَا عَرَضْ
ومفعل صحح كالمفعال" يعني أن مفعالا لما كان مباينا للفعل، أي غير مشبه له في وزن ولا زيادة، استحق التصحيح، كمسواك ومكيال وحمل عليه في التصحيح مفعل لمشابهته له في المعنى كمقول ومقوال، ومخيط ومخياط والظاهر ما قدمته، من أن علة تصحيح، نحو: مخيط مباينته الفعل في وزنه وزيادته؛ لأنه مقصور من مخياط، فهو هو، لا أنه محمول عليه، وعلى هذا كثير من أهل التصريف.
"وألف الإفعال واستفعال أزل لذا الإعلال، والتا الزم عوض" أي إذا كان المصدر على إفعال أو استفعال، مما أعلت عينه؛ حمل على فعله في الإعلال فتنقل حركة عينه إلى فائه، ثم تقلب ألفا لتجانس الفتحة، فيلتقي ألفان، فتحذف إحداهما لالتقاء الساكنين، ثم تعوض عنها تاء التأنيث، وذلك نحو إقامة واستقامة، أصلها إقوام واستقوام، فنقلت فتحة الواو إلى القاف، ثم قلبت الواو ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها، فالتقى ألفان الأولى بدل العين والثانية ألف إفعال واستفعال، فوجب حذف إحداهما. واختلف النحويون أيتهما المحذوفة؟ فذهب الخليل وسيبويه إلى أن المحذوفة ألف إفعال واستفعال؛ لأنها الزائدة، ولقربها من الطرف، ولأن الاستثقال بها حصل. وإلى هذا ذهب الناظم، ولذلك قال "وألف الإفعال واستفعال أزل". وذهب الأخفش والفراء إلى أن المحذوفة بدل عين الكلمة، والأول أظهر، ولما حذفت الألف عوض عنها تاء التأنيث فقيل: إقامة، واستقامة.
وأشار بقوله: "وحذفها بالنقل" أي بالسماع "ربما عرض" إلى أن هذه التاء التي جعلت عوضا قد تحذف؛ فيقتصر في ذلك على ما سمع، ولا يقاس عليه، ومن ذلك قول بعضهم: أراه إراء، وأجابه إجابا، حكاه الأخفش، قال الشارح: ويكثر ذلك مع الإضافة كقوله تعالى: {وَإِقَامَ الصَّلاةِ} 1 قيل: وحسن حذف التاء في الآية مقارنته لقوله بعد {وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ} 2.
تنبيه: قد ورد تصحيح إفعال واستفعال وفروعهما في ألفاظ: منها أعول إعوالا، وأغيمت السماء إغياما، واستحوذ استحواذا، واستغيل الصبي استغيالا، وهذا عند النحاة شاذ يحفظ ولا يقاس عليه. وذهب أبو زيد إلى أن ذلك لغة قوم يقاس عليها، وحكى الجوهري عنه أنه حكى عن العرب تصحيح أفعل واستفعل تصحيحا مطردا في الباب كله، وقال الجوهري في مواضع أخر: تصحيح هذه الأشياء لغة فصيحة، وذهب في التسهيل إلى موضع ثالث، وهو أن التصحيح مطرد فيما أهمل ثلاثيه، وأراد بذلك نحو: استنوق الجمل استنواقا، واستتيست الشاة استتياسا، أي صار الجمل ناقة، وصارت الشاة تيسا، وهذا مثل يضرب لمن يخلط في حديثه، لا فيما له ثلاثي، نحو: استقام انتهى.
981-
وَمَا لإفْعَال -مِنَ الْحَذْفِ، وَمِنْ
…
نَقْلٍ- فَمَفْعُولٌ بِهِ أيْضَاً قَمِنْ
982-
نَحْوُ مَبِيْعٍ وَمَصُوْنٍ، وَنَدَرْ
…
تَصْحِيْحُ ذِي الْوَاوِ، اشْتَهَرْ
وما لإفعال" واستفعال المذكروين "من الحذف ومن * نقل فمفعول به أيضا قمن
أي: حقيق "نحو مبيع ومصون" والأصل مبيوع ومصوون، فنقلت حركة الياء والواو إلى الساكن قبلهما؛ فالتقى ساكنان الأول عين الكلمة، والثاني واو مفعول الزائدة؛ فوجب حذف إحداهما. واختلف في أيتهما المحذوفة على حد الخلف في إفعال واستفعال المتقدم.
ثم ذوات الواو – نحو مصون ومقول- ليس فيها عمل غير ذلك.
1 الأنبياء: 73؛ والنور: 37.
2 الأنبياء: 73؛ والنور: 37.
وأما ذوات الياء، نحو: مبيع ومكيل؛ فإنه لما حذفت واوه على رأي سيبويه بقي مبيع ومكيل بياء ساكنة بعد ضمة؛ فجعلت الضمة المنقولة كسرة لتصح الياء. وأما على رأي الأخفش فإنه لما حذفت ياؤه كسرت الفاء وقلبت الواو ياء فرقا بين ذوات الواو وذوات الياء. وقد خالف الأخفش أصله في هذا؛ فإن أصله أن الفاء إذا ضمت وبعدها ياء أصلية باقية قلبها واوا لانضمام ما قبلها إلا في الجمع، نحو: بيض، وقد قلب ههنا الضمة كسرة مراعاة للعين التي هي ياء مع حذفها، ومراعاتها موجودة أجدر.
تنبيه: وزن مصون عند سيبويه مفعل، وعند الأخفش مفول، وتظهر فائدة الخلاف في نحو:"مسو" مخففا. قال أبو الفتح: سألني أبو علي عن تخفيف مسوء، فقلت: أما على قول أبي الحسن فأقول: رأيت مسوا، كما تقول في مقروء: مقرو؛ لأنها عنده واو مفعول، وأما على مذهب سيبويه فأقول: رأيت مسوا كما تقول في خبء: خب؛ فتحرك الواو؛ لأنها في مذهبه العين، فقال لي أبو علي: كذلك هو، ا. هـ.
"وندر تصحيح ذي الواو" من ذلك في قول بعض العرب: ثوب مصوون، ومسك مدووف، وفرس مقوود، ولا يقاس على ذلك، خلافا للمبرد "و" التصحيح "في ذي اليا" ومن ذلك "اشتهر لخفة الياء، كقولهم: "خذه مطيوبة به نفسا"1، وقوله [من الرجز] :
1236-
كَأَنَّهَا تُفَّاحَةٌ مَطْيُوْبَةٌ
وقوله [من الكامل] :
1237-
[قد كان قومك يحسبونك سَيِّدًا]
…
وَإِخَالُ أنَّكَ سَيِّدٌ مَعْيُونُ
1 لعل الأصوب: "خذه مطيوبة به نفسك".
1236-
التخريج: الشطر لشاعر تميمي في المقاصد النحوية 4/ 574؛ وبلا نسبة في الخصائص 1/ 261؛ والمقتضب 1/ 101؛ والمنصف 1/ 286، 3/ 47.
شرح المفردات: مطيوبة: اسم مفعول بمعنى: طيبة.
الإعراب: "كأنها": حرف مشبه بالفعل، و"ها" ضمير في محل نصب اسم "كأن". "تفاحة": خبر كأن مرفوع بالضمة. "مطيوبة": نعت "تفاحة" مرفوع بالضمة.
الشاهد فيه قوله: "مطيونة"، وذلك على لغة بني تميم، والقياس الشائع "مطيبة".
1237-
التخريج: البيت للعباس بن مرداس في ديوانه ص108؛ وجمهرة اللغة ص956؛ والحيوان 2/ 142؛ وشرح التصريح 2/ 395؛ وشرح شواهد الشافية ص387؛ ولسان العرب 13/ 301 =
وقوله [من البسيط] :
1238-
حَتَّى تَذَّكَرَ بَيْضَاتٍ وَهَيَّجَهُ
…
يَوْمُ الرِّذَاذِ عَلَيْهِ الدَّجْنُ مَغْيُوْمُ
وهذه لغة تميمية.
تنبيه: قالوا "مشيب" في المختلط بغيره، والأصل مشوب، ولكنهم لما قالوا في الفعل:"شيب" حملوا عليه اسم المفعول، وكما قالوا "مشيب" بناء على شيب قالوا:"مهوب" بناء على "هوب الأمر" في لغة من يقول "بوع المتاع" والأصل مهيب.
= "عين"؛ والمقاصد النحوية 4/ 574؛ وبلا نسبة في الخصائص 1/ 261؛ والمقتضب 1/ 102.
شرح المفردات: إخال: أظن. المعيون: المصاب بالعين.
الإعراب: "قد": حرف تحقيق. "كان": فعل ماض ناقص. "قومك": اسم "كان" مرفوع، وهو مضاف، الكاف ضمير في محل جر بالإضافة. "يحسبونك": فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو ضمير في محل رفع فاعل، والكاف ضمير في محل نصب مفعول به أول. "سيدا": مفعول به ثان. "وإخال": الواو حرف عطف، "إخال": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره. "أنا". "أنك": حرف مشبه بالفعل، والكاف ضمير في محل نصب اسم "أن". "سيد": خبر "أن" مرفوع. "معيون": نعت "سيد" مرفوع. والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها سد مسد مفعولي "إخال".
وجملة "كان قومك
…
" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يحسبونك" في محل نصب خبر "كان". وجملة "إخال" معطوفة على جملة: "كان قومك
…
" فهي مثلها لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: "معيون" حيث صحح اسم المفعول من الأجوف اليائي، والقياس "معين".
1238-
التخريج: البيت لعلقمة بن عبدة في ديوانه ص59؛ وجمهرة اللغة ص963؛ وخزانة الأدب 11/ 295؛ والخصائص 1/ 261؛ وشرح المفصل 10/ 78، 80؛ والمقتضب 1/ 101؛ والممتع في التصريف 2/ 460؛ والمنصف 1/ 286، 3/ 47؛ والمقاصد النحوية 4/ 576.
اللغة: هيجة: حركة. الرذاذ: المطر الخفيف: الدجن: المطر الغزير، أو الغيم الكثيف. المغيوم: ذو الغيم.
المعنى: يقول: لما تذكر بيضاته أسرع إليها، وهيجه على ذلك رذاذ وريح وغيم.
الإعراب: حتى: حرف غاية وابتداء. تذكر: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". بيضات: مفعول به منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم. وهيجه: "الواو": حرف عطف، و"هيجه": فعل ماض، و"الهاء": ضمير في محل نصب مفعول به. يوم: فاعل مرفوع، وهو مضاف. الرذاذ: مضاف إليه مجرور. عليه: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. الدجن: مبتذأ مرفوع. مغيوم: نعت "يوم" مرفوع بالضمة. =
983-
وَصَحِّحِ المَفْعُولَ مِنْ نَحْوِ عَدَا
…
وَأَعْلِلِ انْ لَمْ تَتَحَرَّ الأَجْوَدَا
"وصحح المفعول من" كل فعل واوي اللام مفتوح العين، كما في "نحو عدا" ودعا؛ فإنك تقول في المفعول منهما:"معدو، ومدعو" حملا على فعل الفاعل، هذا هو المختار، ويجوز الإعلال مرجوحا، كما أشار إليه بقوله:"وأعلل أن لم تتحر" أي لم تقصد "الأجودا"؛ فتقول: معدي، ومدعي، ويروى بالوجهين قوله [من الطويل] :
1239-
[وقد علمت عرسي مليكة أنني]
…
أَنَا اللَّيْثُ مَعْدِيًّا عَلَيْهِ وعَادِيَا
أنشده المازني "معدوا" بالتصحيح، وأنشده غيره بالإعلال.
واختلف في علة الإعلال؛ فقيل: حمل على فعل المفعول، وهو قول الفراء وتبعه
= وجملة "تذكر
…
": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "هيجه": معطوفة على سابقتها وجملة "عليه الدجن مغيوم": في محل رفع نعت "يوم".
الشاهد فيه قوله: "مغيوم" حيث جاء على غير قياس، والقياس فيه "معيم".
1239-
التخريج: البيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثي في خزانة الأدب 2/ 101؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 691؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 433؛ وشرح اختيارات المفضل ص771؛ وشرح التصريح 2/ 382؛ والكتاب 4/ 385؛ ولسان العرب 5/ 219 "نظر"، 15/ 34 "عدا"؛ والمقاصد النحوية 4/ 589؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص569، 600؛ وأمالي ابن الحاجب ص331؛ وشرح شافية ابن الحاجب ص172؛ وشرح شواهد الشافية ص400؛ وشرح المفصل 5/ 36، 10/ 22، 110؛ ولسان العرب 6/ 115 "شمس"، 14/ 148 "جفا"؛ والمحتسب 2/ 207؛ والمقرب 2/ 187؛ والممتع في التصريف 2/ 550؛ والمنصف 1/ 118، 2/ 122.
شرح المفردات: عرسي: زوجي. الليث: الأسد. المعدي عليه: المظلوم.
الإعراب: "وقد": الواو بحسب ما قبلها، "قد": حرف تحقيق. "علمت": فعل ماض، والتاء للتأنيث. "عرسي": فاعل مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير في محل جر بالإضافة. "مليكة": بدل من "عرسي"، أو عطف بيان، مرفوع. "أنني": حرف مشبه بالفعل، والنون للوقاية، والياء ضمير في محل نصب اسم "أن". "أنا": ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. "الليث": خبر المبتدأ مرفوع. والمصدر المؤول من "أن" وما بعده سدت مسد مفعولي "علمت". "معديا": حال منصوب. "عليه": جار ومجرور متعلقان بـ"معديا". "وعاديا": الواو حرف عطف، "عاديا": معطوف على "معديا" منصوب.
وجملة: "علمت
…
" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أنا الليث.." في محل رفع خبر "أن".
الشاهد فيه قوله: "معديا" وأصله "معدوا" فقلب الواو ياء استثقالا للضمة والواو وتشبيها بما يلزم قلبه من الجمع. ويجعل بعضهم "معديا" جاريا على "عدي" في القلب والتغيير.
المصنف، واعترض بوجوب القلب في المصدر، نحو: عَتَا عِتِيًّا، والمصدر ليس مبنيا على فعل المفعول، وقيل: أعل تشبيها بباب أدْلٍ وأجْرٍِ؛ لأن الواو الأولى ساكنة زائدة حقيقة بالإدغام، فلم يعتد بها حاجزا؛ فصارت الواو التي هي لام الكلمة كأنها وليت الضمة؛ فقلبت ياء على حد قلبها في أدل وأجر.
والاحتراز بواوي اللام من يائيها؛ فإنه يجب فيه الإعلال نحو رمى وقلى، فإنك تقول في المفعول منه: مَرْمِيّ، ومَقْلِيّ، والأصل مرمَوِيّ ومقْلَوِيّ –قلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون، وأدغمت في لام الكلمة، وكسر المضموم لتصح الياء، وقد سبق الكلام على هذا.
وبكونه مفتوح العين من مكسورها، وهو على قسمين: ما ليس عينه واوا، وما عينه واو؛ فأما الأول نحو:{رَضِيَ} فإن الإعلال فيه أولى من التصحيح، لأن فعله قد قلبت فيه الواو ياء في حالة بنائه للفاعل وفي حالة بنائه للمفعول؛ فكان إجراء اسم المفعول على الفعل في الإعلال أولى من مخالفته له، ولهذا جاء الإعلال في القرآن دون التصحيح؛ فقال تعالى:{ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} 1 ولم يقل مرضوة مع كونه من الرضوان، وقرأ بعضهم:"مرضوة"2 وهو قليل، هذا ما ذكره المصنف –أعني ترجيح الإعلال على التصحيح في نحو مرضي –وذكر غيره أن التصحيح في ذلك هو القياس، وأن الإعلال فيه شاذ؛ فإن كان فعل بكسر العين واويها نحو قوي تعين الإعلال وجها واحد؛ فتقول:"مقوي" والأصل مقووو؛ فاستثقل اجتماع ثلاث واوات في الطرف مع الضمة؛ فقلبت الأخيرة ياء، ثم قلبت المتوسطة ياء؛ لأنه قد اجتمع ياء وواو وسبقت إحداهما بالسكون، ثم قلبت الضمة كسرة لأجل الياء، وأدغمت الياء في الياء فقيل: مقوي.
تنبيه: باب مرضي ومقوي سابع موضع تقلب فيه الواو ياء.
984-
"
كَذَاكَ ذَا وَجْهَيْنِ جَا الْفُعُولُ مِنْ
…
ذِي الْوَاوِ لَامَ جَمْعٍ اوْ فَرْدٍ يَعِنْ
1 الفجر: 28.
2 الفجر: 28.
هذا موضع ثامن تقلب فيه الواو ياء.
أي إذا كان الفُعُول مما لامه واو لم يخل من أن يكون جمعا أو مفردا.
فإن كان جمعا جاز فيه الإعلال والتصحيح، إلا أن الغالب الإعلال، نحو عصا عصي وقفا وقفي ودلو ودلي، واوصل عصوو وقفوو ودلوو؛ فأبدلت الواو الأخيرة ياء حملا على باب أدل، وأعطيت الواو التي قبلها ما استقر لمثلها من إبدال وإدغام.
وقد ورد بالتصحيح ألفاظ، قالوا: أبو وأخو ونحو جمعا لنحو، وهي الجهة، ونجو بالجيم جمعا لنجو وهو السحاب الذي هراق ماءه، وبهو جمعا لبهو وهو الصدر.
وإن كان مفردا جاز فيه الوجهان إلا أن الغالب التصحيح، نحو {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} 1، {لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَادًا} 2، وتقول: نما المال نموا، وسما زيد سموا. وقد جاء الإعلال في قولهم: عتا الشيخ عتيا، وعسا عسيا، أي ولى وكبر، وقسا قلبه قسيا، وإنما كان الإعلال في الجمع أرجح والتصحيح في المفرد أرجح لثقل الجمع وخفة المفرد.
تنبيهان: الأول: في كلامه ثلاثة أمور؛ أحدها: أن ظاهرة التسوية بين فعول المفرد وفعول الجمع في الوجهين، وليس كذلك كما عرفت؛ ثانيها: ظاهرة أيضا التسوية بين الإعلال والتصحيح في الكثرة، وليس كذلك كما عرفت، وقد رفع هذين الأمرين في الكافية بقوله:
وَرُجِّحَ الإعلالُ في الجمْعِ، وفِي
…
مُفْرَدٍ التصحيحُ أولَى ما قُفِي
ثالثها: أطلق جواز التصحيح في فعول من الواوي اللام، وهو شرط بأن لا يكون من باب قوي؛ فلو بني من القوة وجب أن يفعل به ما فعل بمفعول من القوة، وقد تقدم؛ فكان التعبير السالم من هذه الأمور المناسب لغرضه أن يقول:
كذا الفُعُول منه مُفردًا وإن
…
يعِنَّ جمعًا فهو بالعكْسِ يَعِنّ
والضمير في "منه" يرجع لنحو عدا في البيت قبله.
1 الفرقان: 21.
2 القصص: 83.
الثاني: ظاهر كلامه هنا وفي الكافية وشرحها أن كلا من تصحيح الجمع وإعلال المفرد مطرد يقاس عليه، أما تصحيح الجمع فذهب الجمهور إلى أنه لا يقاس عليه، وإليه ذهب في التسهيل، قال: ولا يقاس عليه خلافا للفراء، هذا لفظه، وأما إعلال المفرد فظاهر التسهيل اطراده، والذي ذكره غيره أنه شاذ.
985-
وَشَاعَ نَحْوُ نُيَّمٍ فِي نُوَّمِ
…
وَنَحْوُ نُيَّامٍ شُذُوْذُهُ نُمِي
"وشاع" أي كثر الإعلال بقلب الواو ياء إذا كانت عينا لفعل جمعا صحيح اللام "نحو نيم في نوم" جمع نائم، وصيم في صوم جمع صائم، وجيع في جوع جمع جائع، ومنه قوله [من الكامل] :
1240-
وَمُعَرِّصٍ تَغْلِي المَآجِلُ تَحْتَهُ
…
عَجَّلَتْ طَبْخََتََهُ لِقَوْمٍ جُيَّعِ
ووجه ذلك أن العين شبهت باللام لقربها من الطرف، فأعلت كما تعل اللام، فقلبت الواو الأخيرة ياء، ثم قلبت الواو الأولى ياء، وأدغمت الياء في الياء، ومع كثرته التصحيح أكثر منه، نحو: نوم وصوم. ويجب إن اعتلت اللام لئلا يتوالى إعلالان، وذلك كشوى وغوى جمع شاو وغاو، وأو فصلت من العين كنوام وصوام؛ لبعد العين حينئذ من الطرف
1240- التخريج: البيت للحادرة في ديوانه ص58؛ وبلا نسبة في الخصائص 3/ 219؛ ولسان العرب 8/ 61 "جوع"؛ والممتع في التصريف 2/ 497؛ والمنصف 2/ 3.
اللغة: المعرص: اللحم الموضوع في العرصة، وهي فناء الدار، ليجف. المراجل: جمع المرجل، وهو القدر.
المعنى: جاءوا إلي باكرا فأسرعت بتقديم الخمرة واللحم الذي لم ينضج جيدا – رغم غليه في المراجل- بسبب استعجالنا كي لا يجوع الضيوف.
الإعراب: ومعرص: "الواو": حرف عطف، "معرص": اسم معطوف على "عاتق" في بيت سابق مجرور مثله. تغلي: فعل مضارع مرفوع. المراجل: فاعل مرفوع بالضمة. تحته: ظرف مكان، متعلق بـ"تغلي" وهو مضاف، و"الهاء": ضمير في محل جر بالإضافة. عجلت: فعل ماض، و"التاء": ضمير في محل رفع فاعل. طبخته: مفعول به، وهو مضاف، و"الهاء": ضمير في محل جر بالإضافة. لقوم: جار ومجرور متعلقان بـ"عجل". جمع: نعت "قوم" مجرور.
وجملة "تغلي": في محل جر صفة "معرص". وجملة "عجلت
…
": في محل جر صفة ثانية لـ"معرص".
الشاهد فيه قوله: "قوم جيع" حيث قلب الواو ياء، فالأشهر القول "جُوَّع".
"وَنَحْوُ نُيَّامٍ شُذُوْذُهُ نُمِي" أي روي في قوله [من طويل] :
1241-
[ألا طرقتنا مية ابنه منذر]
…
فَمَا أَرَّقَ النُّيَّامَ إلَاّ كَلَامُهَا
تنبيهات: الأول: قوله: "شاع" ليس نصا في أنه مطرد، وقد نص غيره من النحويين على اطراده، وقد بان لك أن قوله "شاع نحو نيم" هو بالنسبة إلى نُيَّام لا إلى نُوّم.
الثاني: يجوز في فاء فعل المعل العين الضم والكسر، والضم أولى، وكذلك فاء نحو دلي وعصي وإلي جمع ألوى وهو الشديد الخصومة.
الثالث: هذا الموضع تاسع موضع تقلب فيه الواو ياء.
وبقي عاشر لم يذكره هنا، وهو: أن تلي الواو كسرة وهي ساكنة مفردة، نحو ميزان وميقات، والأصل موزان وموقات، فقلبوا الواو ياء استثقالا للخروج من كسرة إلى الواو، كالخروج من كسرة إلى ضمة، ولذلك لم يكن في كلامهم مثل فعل، وخرج بالقيد الأول، نحو: موعد، وبالثاني، نحو: طول وعوض وصوان وسوار، وبالثالث، نحو: اجْلِوَّاذٍ واعْلِوَّاطٍ.
1241- التخريج: البيت لذي الرمة في ديوانه ص1003؛ وخزانة الأدب 3/ 419، 420؛ وشرح شواهد الشافية ص381؛ وشرح المفصل 10/ 93؛ والمنصف 2/ 5، 49؛ ولأبي النجم الكلابي في شرح التصريح 2/ 383؛ وبلا نسبة في شرح شافية ابن الحاجب 3/ 143، 173؛ وشرح ابن عقيل ص707؛ ولسان العرب 12/ 596 "نوم"؛ والممتع في التصريف 2/ 498. ويروى "سلامها" مكان "كلامها".
شرح المفردات: طرقتنا: زارتنا ليلا. أرق: أسهر.
الإعراب: "ألا": حرف استفتاح وتنبيه. "طرقتنا": فعل ماض، والتاء للتأنيث، و"نا": ضمير في محل نصب مفعول به. "مية": فاعل مرفوع بالضمة. "ابنه": نعت "مية" مرفوع وهو مضاف. "منذر": مضاف إليه مجرور. "فما": الفاء حرف عطف، "ما": حرف نفي. "أرق": فعل ماض. "النيام": مفعول به منصوب. "إلا": أداة حصر. "كلامها": فاعل مرفوع، وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة.
وجملة: "طرقتنا" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "أرق
…
" معطوفة على الجملة السابقة.
الشاهد فيه قوله: "النيام" في جمع "نائم" والقياس "النوام" فقلب الواو ياء.