المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني: التعريف بالكتاب - شرح التدمرية - الخميس

[محمد بن عبد الرحمن الخميس]

الفصل: ‌الفصل الثاني: التعريف بالكتاب

‌الفصل الثاني: التعريف بالكتاب

أـ اسم الكتاب:

(التدمرية) تحقيق الإثبات للأسماء والصفات، وحقيقة الجمع بين القدر والشرع.

والتدمري نسبة إلى بلد السائل وهي (تدمر) مدينة بالشام، ومن المعروف أن الشيخ لم يؤلف هذا الكتاب ابتداء بل كان عبارة عن إجابة لسؤال ورد عليه من طلاب العلم من مدينة تدمر.

وبذلك سمي هذا الكتاب نسبة إلى بلد السائل كبعض رسائل شيخ الإسلام الأخرى التي لم يؤلفها شيخ الإسلام ابتداءً، وإنما السؤال ورد عليه، كـ (الواسطية) ، نسبة إلى (واسط) ، و (الحموية) نسبة إلى بلد السائل (حماة) .

ب ـ موضوع الكتاب:

موضوع الكتاب يُفهم من اسمه (تحقيق الإثبات للأسماء والصفات حقيقة الجمع بين القدر والشرع) .

فالمراد بالتوحيد هو توحيد الربوبية.

وبالصفات: توحيد الأسماء والصفات.

وبالشرع: توحيد الألوهية، أي التوحيد الاعتقادي والعملي، فقد اشتمل موضوع الرسالة التدمرية على التوحيد الاعتقادي والعملي.

ص: 35

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما بعد؛ فقد سألني من تعينت إجابتهم أن أكتب لهم مضمون ما سمعوه مني في بعض المجالس من الكلام في التوحيد والصفات والشرع والقدر"، وسيأتي تفصيل موضوع الكتاب في ثنايا الشرح.

ج ـ أهمية الكتاب:

الرسالة التدمرية من الكتب السلفية المهمة التي تبين عقيدة أهل السنة والجماعة في التوحيد الاعتقادي والتوحيد العملي.

وترجع أهمية الكتاب للأمور التالية:

1 ـ أهمية المواضيع التي بحثها المؤلف في ثنايا الكتاب، وعاج فيها الإشكالات والتساؤلات التي يثيرها من ليس على منهج السلف، وخاصة في باب الأسماء والصفات فيورد الإشكالات المحتملة، ويتناول الإشكال بالتحليل ويبين حقيقته ومعناه، ويستعرض آراء الفرق في الموضوع ويرد كل رأي إلى أصحابه، ويبيّن خطأهم من صوابه بالقرآن والسنة النبوية المطهرة ومن فهم الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ فأظهر ما في المذاهب المبتدعة في باب الأسماء والصفات من عوار واضطراب في العقيدة، وأصول الاستدلال.

2 ـ ما غلب على الناس من انتحال البدع الاعتقادية من بينها: نفي الصفات عن الله والخلط بين التوحيد الاعتقادي والعملي، وبين مقام الإحسان الشرعي ومقام الفناء الصوفي، فهذا الكتاب المهم فيه ردود مفحمة على نفاة الصفات مفوضين كانوا أو مأولين، وفيه رد على المنحرفين من أهل التصوف والسلوك، وفي هذا بلاغ وبيان لمن أراد سبيل الرشد وآثر الحق وتجرد عن الهوى والتعصب.

3 ـ أقام الأدلة في هذا الكتاب على إبطال أصول المتكلمين، كالتأويل الكلامي والخلط بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية، وتفسير الإله بمعنى القادر على الاختراع، وحقية التوحيد عند المتكلمين وأهل التصوف وما يترتب على ذلك من أنواع الضلالات.

ص: 36

4 ـ قلة الكتب السلفية ـ فيما أعلم ـ التي تظهر البناء العقلي لمذهب السلف على وجه من الدقة في المبنى والمعنى، فبيّن شيخ الإسلام في هذا الكتاب الاستعمالات الصحيحة والمجالات الممكنة للعقل، من خلال تلك المناظرات بين السني والمعطل كما في الأصل الأول والأصل الثاني.

د ـ مباحث الكتاب:

اشتمل الكتاب على المباحث الآتية:

أولاً ـ المقدمة: بيّن فيها شيخ الإسلام موضوع الكتاب، وسبب تأليفه والفرق بين التوحيد والشرع والقدر.

ثانياً ـ ثم تكلم عن قاعدة السلف في النفي والإثبات موضحاً ذلك بالأمثلة والأدلة من القرآن الكريم مبيناً مذهب السلف في ذلك كله.

ثالثاً ـ وبين فرق الضلال في النفي والإثبات، وبيان مذاهبهم بأسلوب ينبئ عن بطلانها ورد عليها بدلالة المعقول المعتمد على المنقول.

رابعأ ـ وتحث عن اتفاق المسميات بين الخالق والمخلوق، وبيّن أن ذلك اتفاق في المعنى العام ولا يلزم منه الاتفاق في الخصائص، وبين ما يترتب على القول بأن الاتفاق لفظي، وبين أن الإضافة إلى الرب أو العبد مانعة من اشتراك كل منهما في خصائص الآخر، وأن المعاني المختصة لا يمكن إثباتها وفهمها إلا بعد إثبات الاتفاق في المعنى العام، لأنه أصل المعنى ونفيه تعطيل للمعنى كله؛ العام والخاص، وأطال الاستشهاد لذلك من القرآن الكريم.

خامساً ـ عقد فصلاً أصّل فيه أصلين في مناظرة أهل البدع هما:

1 ـ القول في الصفات كالقول في بعض الصفات.

2 ـ القول في الصفات كالقول في الذات.

وضرب لكل من الأصلين أمثلة موضحة لهما.

سادساً ـ وذكر مثلين أراد أن يبين من خلالهما أن الاتفاق المعنوي بين صفات الخالق والمخلوق لا يستلزم التماثل في الخصائص وهما:

ص: 37

1 ـ ضرب المثل بالعلامة اللغوية بين ما في الدنيا وما في الآخرة، والذي بفهمنا لهذه العلامة المشتركة بينهما يحصل في نفوسنا الرغبة والرهبة كما في الآخرة، وفرّع على ذلك الخلاف بين أهل السنة والجماعة وبين أهل البدع في إثبات حقائق اليوم الآخر، وكيف أن إنكار هذا النوع من المعاني أدى بهم إلى الإنكار لبعض حقائق اليوم الآخر.

2 ـ وضرب المثل بالروح، وذلك لأن كل واحد منا فيه روح، وهذه الروح موصوفة بالصفات، وموصوفة بأنها تذهب وتجيء، ومع ذلك هي مباينة لغيرها من المخلوقات، فمباينة الخالق أولى.

سابعاً ـ ذكر شيخ الإسلام رحمه الله سبع قواعد لمناظرة أهل التعطيل والتفويض هي:

القاعدة الأولى: أن الله تعالى موصوف بالإثبات خلافاً للمعطلة، وموصوف بالنفي خلافاً للمشبهة الممثلة.

القاعدة الثانية: أن ما يضاف إلى الله؛ منه ما هو ثابت في الكتاب والسنة فيُثبت لله، ومنه ما لم يرد فيهما؛ فيستفصل عن المعنى، فإن كان حقاً قبل وإلا رد المعنى واللفظ.

القاعدة الثالثة: في بيان ظاهر النصوص وهل هو مراد أم لا؟

القاعدة الرابعة: ومحورها يدور على ما يترتب من التوهم في صفات الله عند المعطلة فمن يتوهم التشبيه ثم ينفي الصفات يقع في محاذير أربعة:

1 ـ تعطيل النصوص.

2 ـ وتعطيل الله عن صفاته.

3 ـ ثم تشبيه الله بخلقه.

4 ـ ووصفه بما لا يليق به سبحانه.

القاعدة الخامسة: في بيان أن ما وصف الله به نفسه معلوم المعنى دون الكيف.

ص: 38

القاعدة السادسة: في بيان الضابط السديد في باب الأسماء والصفات، وهو إثبات ما أثبته الله لنفسه ونفي ما نفاه عن نفسه، وما لا دليل على نفيه وإثباته يتوقف فيه، وكل كمال لا نقص فيه فالله أولى به، وكل نقص فالله منزه عنه.

القاعدة السابعة: تدور على أن ما جاءت به الأدلة في هذا الباب تعرف عن طريق العقل، كذلك إذ العقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح، وبهذه القاعدة ختم شيخ الإسلام هذه القواعد المباركة.

ثامناً ـ بَيَّن شيخ الإسلام الأصلَ الثاني من موضوع الرسالة التدمرية ألا وهو الشرع والقدر وذكر الواجب فيه، وهو عبادة الله وحده وما تضمنه العبادة من كمال الذل والخضوع لله، وأن ذلك هو دين الإسلام وأن الأنبياء جميعاً جاؤوا به، وأنه الحكمة التي خلق الله الإنس والجن من أجلها ثم تحدث عن الصوفية وأخطائهم ومعنى الفناء.

وأنه ثلاثة أنواع هي:

أولاً: الفناء الديني الشرعي، وهو الفناء بعبادته عن عبادة غيره.

ثانياً: الفناء عن شهود ما سوى الله، وهو الفناء في توحيد الربوبية، وبيّن أن هذا ليس من لوازم الطريق إلى الله، وأن السابقين الأولين لم يكونوا يعرفونه، بل إن المشركين أنفسهم كانوا مقرين به.

ثالثاً: الفناء عن وجود السوي بحيث يرى أن وجود المخلوق هو عين وجود الخالق، وهو قول أهل الاتحاد والحلول من الصوفية، وبيّن ما في قول هؤلاء من الباطل.

وبيّن العلاقة بين العبادة والاستعانة، وأن إعانة العبد غير واجبة على الله بل هي محض التفضل منه.

وذكر أقسام الناس في ذلك وما يترتب على هذه الأقسام من قول الحق أو قول الباطل.

ثم بيّن الواجب في العبادة والاستعانة، وبيّن أن محاجة آدم لموسى إنما

ص: 39

كانت في المصائب ولم تكن محاجة على المعصية، لأنه تاب منها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

تاسعاً ـ الخاتمة: وبيّن فيها أنه لا بد في العبادة والاستعانة من الإخلاص والمتابعة للشرع، وأن الحق كله فيما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين، وأن الواجب اتباع ما هم عليه؛ لأن ذلك هو صراط الله المستقيم، وما عداه فهو من السبل المخالفة له.

هـ ـ منهج المؤلف في الكتاب:

كما هو معلوم فإن الكتاب عبارة عن جواب لسؤال ورد على شيخ الإسلام من طلاب العلم في (تدمر) لذا خلا من الأبواب، ويمكن استخلاص منهج المؤلف فيما يلي:

1 ـ الاستدلال بالأدلة النقلية من الكتاب والسنة والآثار عن السلف.

2 ـ الاستدلال بالأدلة العقلية التي تؤيد الأدلة النقلية.

3 ـ الاحتجاج على المخالفين من المتكلمين والصوفية بمصطلحاتهم المنطقية الكلامية.

4 ـ استخدام الأساليب الجدلية في بعض الأحيان حينما يعرض المقدمات ويستخلص النتائج منها. ومن أمثلة استخدامه لأسلوب المتكلمين: تقريره أن الله منزه عن كل نقص؛ فيمتنع عليه العدم والفناء؛ لأنه واجب الوجود بخلاف المحدَث، وهو مفتقر إلى محدِث، واجب الوجود.

5 ـ العدالة في الحكم على الأقوال وذلك ظاهر من قوله: "وغلت طائفة منهم" فلم يعمم هذا الغلو عليهم جميعاً.

6 ـ التوسع والإطالة في بعض المواضيع، كتوسعه عند ضرب المثل الثاني بالروح، فذكر اضطراب الناس في ماهية الروح، وسبب هذا الاضطراب وأقوال الناس في لفظ الجسم وغير ذلك.

7 ـ حكاية الأقوال للمخالفين لأهل السنة والجماعة على وجه يعرف منه

ص: 40

بطلانها مع العدالة في الحكم على الأقوال كما تقدم.

8 ـ استعماله لبعض الألفاظ المنطقية في بعض مواضع الكتاب، حيث أن خصوم شيخ الإسلام المردود عليهم في هذا الكتاب هم أهل الفلسفة والكلام.

9 ـ التكرار في بعض المسائل مثل: تقريره لمذهب الباطنية في الأصل الأول ورد عليهم بالأصل الأول، وأعاد ذلك في الأصل الثاني، وكذلك شبهة التقابل ذكرت في القاعدة السابعة، وقد تقدمت قبل ذلك.

وـ ما يُنتقد على الكتاب:

انتقد بعض أهل العلم عدة أمور، وهي في الحقيقة شكلية لا تثبت أمام التحقيق وهي:

1 ـ صعوبة بعض ألفاظ الكتاب: لاشتماله على مجموعة من المصطلحات المستعملة عند المتكلمين وأهل التصوف، وهو في مقام الرد عليهم فيخاطبهم بما يفهمونه من اصطلاحاتهم، حتى يقيم الحجة عليهم، ويبيّن اضطرابهم في هذا الباب.

2 ـ الاستطراد: وهذا يدل على سعة علمه وطول باعه رحمه الله تعالى.

ز ـ طبعات الكتاب:

طبع الكتاب عدة طبعات، فأول تلك الطبعات هي المطبوعة الحسينية طبعت ضمن مجموع يشتمل على الرسالة التدمرية، وكتاب الحيدة للإمام عبد العزيز الكناني سنة 1325هـ بمصر.

وطبع في بيروت بتحقيق الأستاذ زهير الشاويش في المكتب الإسلامي.

وكذا طبع بتحقيق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط.

وطبع ضمن مجموع فتاوى شيخ الإسلام، جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم وابنه محمد، الطبعة الأولى سنة 1381هـ، وهي

ص: 41

ضمن الجزء الثالث من مجموع فتاوى شيخ الإسلام من ص1 إلى ص128.

وأجودها وأفضلها، طبعة مكتبة العبيكان عام 14.6هـ بتحقيق الشيخ الدكتور محمد بن عودة السعوي.

ح ـ شروح الكتاب:

للكتاب عدة شروح مختصرة وهي كالآتي:

1 ـ التحفة المهدية شرح الرسالة التدمرية تأليف الشيخ فالح بن مهدي آل مهدي، طبعت بتعليق وعناية الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود.

2 ـ تقريب التدمرية، تأليف سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ.

3 ـ الأجوبة المرضية في تقريب التدمرية لأبي مصعب الجزائري.

4 ـ التوضيحات الأثرية على الرسالة التدمرية تأليف فخر الدين المحسي.

5 ـ توضيح مقاصد المصطلحات العلمية في الرسالة التدمرية ومعه الأسئلة والأجوبة المرضية مع الرسالة التدمرية مؤلفه صاحب الكتاب العبد الفقير إلى الله، وهو يدل على عنوانه حل ألفاظ ومصطلحات الرسالة التدمرية.

ص: 42