المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بَابُ القِسْمَةِ وَقِسْمَةُ الأَمْلَاكِ جَائِزَةٌ. وَهِىَ نَوْعَانِ؛ قِسْمَةُ تَرَاضٍ ــ بابُ القِسْمَةِ قوله: وقِسْمَةُ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٩

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌بَابُ القِسْمَةِ وَقِسْمَةُ الأَمْلَاكِ جَائِزَةٌ. وَهِىَ نَوْعَانِ؛ قِسْمَةُ تَرَاضٍ ــ بابُ القِسْمَةِ قوله: وقِسْمَةُ

‌بَابُ القِسْمَةِ

وَقِسْمَةُ الأَمْلَاكِ جَائِزَةٌ. وَهِىَ نَوْعَانِ؛ قِسْمَةُ تَرَاضٍ

ــ

بابُ القِسْمَةِ

قوله: وقِسْمَةُ الأمْلاكِ جائِزَةٌ. وهي نَوْعان؛ قِسْمَةُ تَراضٍ، وهي ما فيها ضَرَرٌ، أَوْ رَدُّ عِوَضٍ مِن أحَدِهِما، كالدُّورِ الصِّغَارِ، والْحَمَّامِ، والْعَضائِدِ

ص: 45

وَهِىَ نَوْعَانِ؛ قِسْمَةُ تَرَاضٍ، وَهِىَ مَا فِيهَا ضَرَرٌ، أَوْ رَدُّ عِوَضٍ مِنْ أحَدِهِمَا؛ كَالدُّورِ الصِّغَارِ، وَالحَمَّامِ، والعَضَائِدِ المُتَلَاصِقَةِ اللَّاتِى لَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ كُلِّ عَيْنٍ مُفْرَدَةٍ، والأرْضِ الَّتِى في بَعْضِهَا بِئْرٌ أَوْ بِنَاءٌ وَنَحْوُهُ، لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ بِالأَجْزَاءِ وَالتَّعْدِيلِ، إِذَا رَضُوا

بِقِسْمَتِها أَعْيَانًا بِالْقِيمَةِ، جَازَ. وَهَذِهِ جَارِيَةٌ مَجْرَى البَيْعِ، فِي أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا المُمْتَنِعُ مِنْهَا، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا إلَّا مَا يَجُوزُ فِي البَيْعِ.

ــ

الْمتَلاصِقَةِ اللَّاِتى لا يُمْكِنُ قِسْمَةُ كُلٍّ عَيْنٍ مُفْرَدَةٍ. والأَرْضِ الَّتى في بَعْضِها بِئْرٌ أو بِناءٌ ونَحْوُه، ولا يُمْكِنُ قِسْمَتُه بالأَجْزاءِ والتَّعْدِيلِ، إذا رَضُوا بقِسْمَتِها أَعْيانًا بالْقِيمَةِ، جازَ. بلا نِزاعٍ.

وقوله: وهذه جارِيَةٌ مَجْرَى الْبَيْعِ، لا يُجْبَرُ عليها الْمُمْتَنِعُ منها، ولا يَجُوزُ فيها

ص: 46

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلَّا ما يَجُوزُ في الْبَيْعِ. فلو قال أحدُهما: أَنا آخُذُ الأدْنَى، ويَبْقَى لى في الأَعْلَى تَتِمَّةُ حِصَّتِى. فلا إجْبارَ. قالَه في «التَّرْغيبِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الرَّوْضَةِ»: إذا كانَ بينَهم مَواضِعُ مُخْتَلِفَةٌ، إذا أخَذَ أحدُهم مِن كلِّ مَوْضِعٍ منها حقَّه لم ينْتَفِعْ به، جُمِعَ له حقُّه مِن كل مَكانٍ، وأخَذَه (1)، فإذا كان له سَهْمٌ

(1) في الأصل: «واحد» ، وفى ط:«وأخذ» .

ص: 47

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَسِيرٌ لا يمْكِنُه الانْتِفاعُ به إلَّا بإدْخالِ الضَّرَرِ على شُرَكائِه وافْتِياتِه عليهم، مُنِعَ مِن التَّصَرُّفِ فيه، وأُجْبِرَ على بَيْعِه. قال في «الفُروعِ»: كذا قالَ.

وقال القاضي في «التَّعْليقِ» ، وصاحِبُ «المُبْهِجِ» ، والمُصَنِّفُ فِي «الكافِى»: البَيْعُ ما فيه رَدُّ عِوَضٍ، وإنْ لم يَكُنْ فيها (1) رَدُّ عِوَضٍ، فهي إفْرازُ النَّصِيبَيْن، وتَمَيُّزُ الحَقَّيْن، وليستْ بَيْعًا. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله.

فائدة: مَن دَعا شَرِيكَه إلى البَيْعِ في قِسْمَةِ التَّراضِى، أُجْبِرَ، فإنْ أَبَى، بِيعَ عليهما وقُسِمَ الثَّمَنُ. نقَله المَيْمُونِىُّ، وحَنْبَلٌ. وذكرَه القاضي وأصحابُه.

وذكَرَه في «الإِرْشادِ» ، و «الفُصولِ» ، و «الإِيضاحِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّرْغيبِ» ، وغيرِها. وجزَم به في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والسَّبْعِين» ، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الفُروعِ»: وكلامُ الشَّيْخِ - يعْنِى به المُصَنِّفَ - والمَجْدِ، يقْتَضِى المَنْعَ، وكذا حُكْمُ الإِجارَةِ، ولو في وَقْفٍ. ذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، في الوَقْفِ.

(1) في ط، ا:«فيه» .

ص: 48

وَالضَّرَرُ المَانِعُ مِنَ الْقِسْمَةِ، هُوَ نَقْصُ القِيمَةِ

ــ

قوله: والضَّرَرُ المانِعُ مِن الْقِسْمَةِ - يعْنِى قِسْمَةَ الإجْبارِ - هو نَقْصُ القِيمَةِ

ص: 49

بِالْقَسْمِ، في ظَاهِرِ كَلَامِهِ. أَوْ لَا يَنْتَفِعَانِ بِهِ مَقْسُومًا، فِي ظَاهِرِ كَلَامَ الخِرَقِىِّ.

ــ

بالقِسْمَةِ في ظاهِرِ كلامِه. يعْنِى (1)، في رِوايَةِ المَيْمُونِيِّ. وكذا قال في «الهِدايةِ» ، و «المُحَرِّرِ» ، وغيرِهما. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» .

وقدَّمه فى «الخُلاصةِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.

أو لا يَنْتَفِعان به مَقْسُومًا في ظاهِرِ كلامِ الخِرَقِيِّ. وهو رِوايَةٌ عن الإمام أحمدَ، رحمه الله، اخْتارَه المُصَنِّفُ. وجزَم به في «العُمْدَةِ» . وأطْلَقَهُما في «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقال: ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، في رِوايَةِ حَنْبَلٍ، اعْتِبارُ النَّفْعِ، وعدَمُ نَقْصِ قِيمَتِه ولو انْتَفَعَ

(1) سقط من: ط.

ص: 50

فَإنْ كَانَ الضَّرَرُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الآخَرِ، كَرَجُلَيْنِ لِأحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ، وَلِلآخَرِ الثُّلُثُ، يَنْتَفِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ

ــ

به. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على بعْضِ ذلك، في بابِ الشُّفْعَةِ.

قوله: فإنْ كانَ الضَّرَرُ على أحَدِهِما دُونَ الآخَرِ، كَرَجُلَيْن لأحَدِهِما الثُّلُثان،

ص: 51

بِقَسْمِهَا، وَيَتَضَرَّرُ الآخَرُ، فَطَلَبَ مَنْ لا يَتَضَرَّرُ الْقَسْمَ، لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ الْآخَرُ، وَإِنْ طَلَبَهُ الْآخَرُ، أُجْبِرَ الأوَّلُ. وَقَالَ القَاضِى: إنْ طَلَبَهُ الْأَوَّلُ أُجْبِرَ الْآخَرُ، وَإِنْ طَلَبَهُ المَضْرُورُ لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ.

ــ

وللآخَرِ الثُّلُثُ، يَنْتَفِعُ صاحبُ الثُّلُثَيْنِ يِقَسْمِها، ويَتَضَرَّرُ الآخَرُ، فَطَلَبَ مَن لا يَتَضَرَّرُ الْقَسْمَ، لم يُجْبَرِ الآخَرُ عليه، وإنْ طَلَبَهُ الآخَرُ، أُجْبِرَ الأوَّلُ. هذا اخْتِيارُ

ص: 52

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جماعَةٍ مِن الأصحابِ؛ منهم أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ونَصراه.

وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، و «تَذْكِرَهِ ابنِ عَبْدُوسٍ» وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» . قال

ص: 53

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الزَّركَشِىُّ: وإليه مَيْلُ الشَّيْخَيْن.

وقال القاضي؛ إنْ طَلَبَه الأوَّلُ، أُجْبِرَ الآخَرُ، وإنْ طَلَبَه المَضْرُورُ، لم يُجْبَرِ الآخَرُ. وهو رِوايَةٌ عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. قال الزَّرْكَشِىُّ: وفيه بُعْدٌ.

وأَطْلَقَهما في «الحاوِى» . والصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه لا إجْبارَ على المُمْتَنِعِ مِن القِسمَةِ منهما. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وحكاه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ من الأصحابِ، وقالُوا: هو المذهبُ. وقدَّمه في «الفُروعِ» . قال الزَّرْكَشِىُّ: جزَم به القاضي في «الجامعِ» ، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خَلافَيْهما» ،

ص: 54

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَبِيدٌ، أَوْ بَهَائِمْ، أَوْ ثِيَابٌ وَنَحْوُهَا، فَطَلَبَ

ــ

والشيرَازِيُّ. وهو ظاهرُ روايةِ حَنْبَلٍ.

قوله: وإنْ كانَ بَيْنَهُما عَبِيدٌ، أو بَهائمُ، أو ثِيابٌ ونَحْوُها، فَطَلَبَ أَحَدُهُما

ص: 55

أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهَا أَعْيَانًا بِالقِيمَةِ، لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِى: يُجْبَرُ.

ــ

قَسْمَها أعْيانًا بالْقِيمَةِ، لم يُجْبَرِ الآخَرُ - هذا أحدُ الوُجوهِ، وإليه مَيْلُ أبى الخَطَّابِ، وهو احْتِمالٌ له في «الهِدايةِ» - وقال القاضي: يُجْبَرُ. وظاهِرُه، أنَّه سواءٌ تَساوَتِ القِيمَةُ أمْ لا. وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الخُلاصةِ» ، وظاهرُ كلامِه في «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. والمذهبُ، إنْ تَساوَتِ القِيمَةُ، أُجْبِرَ،

ص: 56

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإلَّا فلا. نصَّ عليه. قال في «الفُروعَ» : أُجْبِرَ المُمْتَنِعُ في المَنْصوصَ إنْ تَساوَتِ القِيمَةُ. ويَحْتَمِلُه كلامُ القاضي ومَن تابعَه.

تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ، إذا كانتْ مِن جِنْسٍ وَاحدٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إذا كانت مِن نوْعٍ واحدٍ.

ص: 57

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ، لَمْ يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ مِنْ قِسْمَتِهِ، وَإِنِ اسْتهْدمَ، لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَسْمِ عَرْصَتِهِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إِنْ

ــ

فائدة: الآجُرُّ واللَّبِنُ المُتَساوِى القَوالِبِ مِن قِسْمَةِ الأَجْزاءِ، والمُتَفَاوِتُ من قِسْمَةِ التَّعْديلِ.

قوله: وإنْ كانَ بَيْنَهُما حائطٌ، لم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ مِن قِسْمَتِه، فَإِنِ اسْتَهْدَمَ - يعْنى حتَّى بَقِىَ عَرْصَةٌ - لم يُجْبَرْ على قَسْمِ عَرْصَتِه. هذا أحدُ الوَجْهَيْن، والمذهبُ منهما. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وصحَّحه في

ص: 58

طَلَبَ قَسْمَهُ طُولًا، بِحَيْثُ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ الطُّولِ فِي كَمَالِ العَرْضِ، أُجْبِرَ المُمْتَنِعُ، وَإنْ طَلَبَ قَسْمَهُ عَرْضًا، وَكَانَت تَسَعُ حَائِطَيْنِ، أُجْبِرَ، وَإِلَّا فَلَا.

ــ

«المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الشَّرْحَ» ، و «الرِّعايتَيْن» . [واخْتارَه المُصَنِّفُ](1).

وقال أصحابُنا: إنْ طَلَبَ قِسْمَتَه طُولًا، بحيثُ يكونُ له نِصْفُ الطُّولِ في كَمالِ العَرْضِ، أُجْبِرَ المُمْتَنِعُ، وإنْ طَلَبَ قَسْمَه عَرْضًا، وكانتْ تَسَعُ حائِطَيْن، أُجْبِرَ، وإلَّا فلا. ونسَبَه في «الفُروعِ» إلى القاضِى فقطْ. وجزَم به في «الوَجيزِ» . قال

(1) سقط من: الأصل.

ص: 59

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأدَمِىُّ في «مُنْتَخَبِه» : ولا إجْبارَ في حائطٍ، إِلَّا أنْ يتَسِعَ لحائِطيْن. وقال أبو الخَطَّابِ في الحائطِ: لا يُجْبَرُ على قَسْمِها بحالٍ. وقال في العَرْصَةِ كقَوْلِ الأصحابِ. وقالَه في «المُذْهَبِ» . وقيل: لا إجْبارَ في الحائطِ والعَرْصَةِ، إِلَّا في قِسْمَةِ العَرْصَةِ طُولًا في كَمالِ العَرْضِ خاصَّةً. وأطْلَقَهُنَّ في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» .

فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ قُلْنا بجَوازِ القِسْمَةِ في هذا، فقيلَ: لكُلِّ واحدٍ ما يَلِيه. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن» . قال في «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ»: وإنْ حصَلَ له ما يُمْكِنُ بناءُ حائطٍ فيه (1)، أُجْبِرَ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُجْبَرَ؛ لأنَّه لا تدْخُلُه

(1) فى الأصل: «به» .

ص: 60

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا دَارٌ لَهَا عُلْوٌ وَسُفْلٌ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا، لأَحَدِهِمَا [337 و] العُلْوُ وَلِلآخَرِ السُّفْلُ، أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَنَافِعُ، لَم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ مِنْ قَسْمِهَا، وَإِن تَرَاضَيَا عَلَى قَسْمِهَا كَذَلِكَ، أَوْ عَلَى قَسْمِ المنَافِعِ بالمُهَايَأَةِ، جَازَ.

ــ

القُرْعَةُ، خَوْفًا مِن أنْ يحْصُلَ لكُلِّ واحدٍ منهما ما يَلى مِلْكَ الآخَرِ. انتهيا. وقيل: بالقُرْعَةِ. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ وأطْلَقهمَا في «الفُروعِ» .

الثَّانيةُ، قولُه: وإنْ كانَ بَيْنَهُما دارٌ لها عُلْوٌ وسُفْلٌ، فَطَلَبَ أَحَدُهُما قَسْمَها؛ لأحَدِهِما الْعُلْوُ، و [للآخَرِ السُّفْلُ، لم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ مِنْ قَسْمِها. بلا نِزاعٍ وكذا لو طلَبَ قِسْمَةَ](1) السُّفْلِ دُونَ العُلْوِ، أو العَكْسَ، أو قِسْمَةَ كلِّ واحدٍ على حِدَةٍ. ولو طلَبَ أحدُهما قِسْمَتَها معًا ولا ضَرَرَ، وَجَبَ، وعدَّلَ بالقِيمَةِ، لا ذِراعَ سُفْلٍ بذِرَاعَىْ عُلْوٍ، ولا ذِراعٌ بذِراعٍ.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 61

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: وإنْ كانَ بيْنَهما مَنافِعُ، لم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ مِن قَسْمِها. هذا المذهبُ مُطْلَقا. وجزَم به في «المُذْهَبِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوَّرِ» ،

و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وقدَّمه في «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والسَّبْعِين»: هذا المَشْهورُ، ولم يذْكُرِ القاضي وأصحابُه في المذهبِ سِواه. وفرَّقُوا بينَ المُهايَأَةِ [والقِسْمَةِ](1)، بأْنَّ القِسْمَةَ إفْرازُ أحَدِ المِلْكَيْن مِن الآخَرِ، والمُهايَأَةَ مُعاوَضَةٌ، حيثُ كانتِ اسْتِيفاءً للمَنْفَعَةِ مِن مِثْلِها في زَمَنٍ آخَرَ.

(1) سقط من: ط.

ص: 62

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وفيها تأْخِيرُ أحَدِهما عنِ اسْتِيفاءِ حقِّه، بخِلافِ قِسْمَةِ الأَعْيانِ. وعنه، يُجْبَرُ.

واخْتارَ في «المُحَرَّرِ» ، يُجْبَرُ في القِسْمَةِ بالمَكانِ إذا لم يكُنْ فيه ضَرَرٌ، ولا يُجْبَرُ بقِسْمَةِ الزَّمانِ.

قوله: وإنْ تَراضَيا على قَسْمِها كَذَلِكَ، أو على قَسْمِ الْمنافعِ بالْمُهَايأةِ، جازَ. إذا اقْتَسَما المَنافِعَ بالزَّمانِ أو المَكانِ، صحَّ، وكانَ ذلك جائزًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «التَّرْغيبِ» . وقدَّمه في «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. واخْتارَ فى «المُحَرَّرِ» لُزومَه إنْ تَعَاقَدا مُدَّةً معْلومَةً.

وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وذكَر ابنُ البَنَّا في «الخِصالِ» ، أنَّ الشُّرَكاءَ إذا

ص: 63

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اخْتَلَفُوا. في مَنافِعِ دارٍ بينَهما، أنَّ الحاكِمَ يُجْبِرُهم على قَسْمِها بالمُهَايَأَةِ، أو يُؤْجِرُها عليهم. قال في «الفُروعِ»: وقيل: لازِمًا بالمكانِ مُطْلَقًا. فعلى المذهبِ، لو رجَع أحدُهما قبلَ اسْتِيفاءِ نَوْبَتِه، فله ذلك، وإنْ رجَع بعدَ الاسْتِيفاءِ، غَرِمَ (1) ما انْفَرَدَ به. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: لا تَنْفسِخُ حتَّى يَنْقَضِىَ الدُّوْرُ، ويَسْتَوْفِىَ كلُّ واحدٍ حقَّه. انتهى. ولوِ اسْتَوْفَى أحدُهما نوْبَتَه، ثم تَلِفَتِ المَنافِعُ في مُدَّةِ الآخَرِ قَبْلَ تَمَكُّنِه مِن القَبْضِ، فأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، بأَنَّه يرْجِعُ على الأَوَّلِ ببَدَلِ حِصَّتِه مِن تلك المُدَّةِ، ما لم يَكُنْ رَضِىَ بمَنْفَعَةِ (2) الزَّمَنِ المُتَأخِّرِ على أيِّ حالٍ كانَ.

فائدتان؛ إحْداهما، لو انْتَقَلَتْ، كانْتِقالِ (3) وَقْفٍ، فهل تَنْتَقِلُ مقْسُومَةً، أمْ لا؟ فيه نظرٌ. فإنْ كانتْ إلى مُدَّةٍ، لَزِمَتِ الوَرَثَةَ والمُشْتَرِىُ. قال ذلك الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله. وقال أيضًا: معْنَى القِسْمَةِ هنا قَرِيبٌ من مَعْنَى البَيْعِ. فقد يقالُ: يجوزُ التَّبْديلُ، كالحَبِيسِ والهَدْىِ. وقال أيضًا: صرَّح الأصحابُ بأَنَّ الوَقْفَ إنَّما تجوزُ قِسْمَتُه إذا كان على جِهَتَيْن، فأمَّا الوَقْفُ على جِهَةٍ واحِدَةٍ، فلا

(1) بعده في الأصل: «على» .

(2)

في ط: «بمنفعته» .

(3)

بعده في الأصل، ا:«ملك» .

ص: 64

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أرْضٌ ذَاتُ زَرْعٍ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا دُونَ الزَّرْعَ، قُسِمَت.

ــ

تُقْسَمُ عَيْنُه قِسْمَةً لازِمَةً اتِّفاقًا؛ لتعَلُّقِ حقِّ الطَّبقَةِ الثَّانيةِ والثَّالثةِ، لكِنْ تجوزُ المُهَايَأةُ، وهى قِسْمَةُ المَنافعِ، ولا فرْقَ في ذلك بينَ مُناقَلَةِ المَنافعِ وبينَ تَرْكِها على المُهَايَأةِ بلا مُناقَلَةٍ. انتهى. قال في «الفُروعِ»: والظَّاهِرُ، أن ما ذكَر شيْخُنا عن الأصحابِ وَجْهٌ. وظاهِرُ كلامِهم، لا فَرْق، وهو أظْهَرُ. وفى «المُبْهِجِ» ، لُزومُها إذا اقْتَسَمُوا بأَنْفُسِهم. قال: وكذا إنْ تَهايَئُوا. ونقَل أبو الصَّقْرِ في مَن وَقَفَ ثُلُثَ قَرْيَتِه، فأَرادَ بعْضُ الوَرَثَةِ بَيْعَ نَصِيبِه، كيفَ يبيعُ؟ قال: يُفْرِزُ الثَّلُثَ ممَّا للوَرَثَةِ؛ فإنْ شاءُوا باعُوا، أو ترَكُوا.

الثَّانيةُ، نفَقَةُ الحَيوانِ؛ مُدَّةُ كلٌ واحدٍ عليه، وإنْ نقَصَ الحادِثُ عن العادَةِ، فلِلآخَرِ الفَسْخُ.

قوله: وإنْ كانَ بَيْنَهُما أرْضٌ ذَاتُ زَرْعٍ، فطَلَبَ أحَدُهُما قَسْمَها دُونَ

ص: 65

وَإِنْ طَلَبَ قَسْمَهَا مَعَ الزَّرْعِ، أَوْ قَسْمَ الزَّرْعِ مُفْرَدًا، لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ.

ــ

الزَّرْعِ، قُسِمَتْ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم.

قال في «الرِّعايتَيْن» : قُسِمَتْ في الأصحِّ. وقدَّمه في «الفُروعِ» . وقال المُصَنِّفُ في «الكافِى» : والأوْلَى أنْ لا يجبَ.

قوله: وإنْ طَلَبَ قَسْمَها مع الزَّرْعِ، لم يُجْبَرِ الآخَرُ. هذا المذهبُ. وجزَم به فِى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الهادِى» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُحَرِّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ

ص: 66

وَإنْ تَرَاضَوْا عَلَيْهِ وَالزَّرْعُ قَصِيلٌ أَوْ قُطْنٌ، جَازَ، وَإِنْ كَانَ

ــ

الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِى» ،

و «الكافِى» : يُجْبَرُ، سواءٌ اشْتَدَّ حَبُّه أو كانَ قَصِيلًا؛ لأنَّ الزَّرْعَ كالشَّجَرِ في الأرْضِ، والقِسْمَةُ إفْرازُ حَقٍّ، وليستْ بَيْعًا، وإنْ قُلْنا: هي بَيْعٌ، لم يَجُزْ ولو اشْتَدَّ الحَبُّ؛ لتَضَمُّنِه بَيْعَ السُّنْبُلِ بعْضِه ببَعْضٍ. ويَحْتَمِلُ الجوازَ إذا اشْتَدَّ الحَبُّ؛ لأنَّ السَّنابِلَ هنا دخَلَتْ تَبَعًا للأرْضِ، وليستِ المَقْصُودَ، فأَشْبَهَ بَيْعَ (1) النَّخْلَةِ المُثْمِرَةِ بمِثْلِها.

قوله: فإنْ تَراضَوْا عليه والزَّرْعُ قَصِيلٌ، أَوْ قُطْنٌ، جازَ، وإِنْ كانَ بَذْرًا أو

(1) بعده في الأصل، ا:«قال في الفروع» .

ص: 67

بَذْرًا أَوْ سَنَابِلَ قَدِ اشْتَدَّ حَبُّها، فَهَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

وَقَالَ الْقَاضِى: يَجُوزُ في السَّنَابِلِ، وَلَا يَجُوزُ في الْبَذْرِ.

ــ

سَنَابِلَ قَدِ اشْتَدَّ حَبُّها، فَهَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «المُذْهَبِ» أحدُهما، لا يجوزُ. وهو المذهبُ. قال في «الخُلاصةِ»: لم يَجُزْ، في الأصَحِّ. وصححه في «النَّظْمِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعَ» ، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يجوزُ مع تَراضِيهما.

وقال القاضي: يجوزُ في السَّنابِلِ، ولا يجوزُ في البَذْرِ. وجزَم به في «الكافِى» في السَّنابِلِ، وقدَّم في البَذْرِ، لا يجوزُ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: مأْخَذُ الخِلافِ، هل هي إفْرازٌ، أو بَيْعٌ؟.

ص: 68

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ، أَوْ قَناةٌ، أَوْ عَيْنٌ يَنْبُعُ مَاؤُهَا، فَالْمَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا عِنْدَ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ. فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى قَسْمِهِ بِالمُهَايَأْةِ، جَازَ.

وَإِنْ أرَادَا قَسْمَ ذَلِكَ بِنَصْبِ خَشَبَةٍ، أَوْ حَجَر مُسْتَوٍ في مَصْدَمِ المَاءِ، فيه ثُقْبَانِ عَلَى قَدْرِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا،

ــ

قوله: وإنْ كانَ بَيْنَهُما نَهْرٌ، أو قَناةٌ، أو عَيْنٌ يَنْبُعُ ماؤُها، فالْماءُ بَيْنَهُما على ما اشْتَرَطاه عِنْدَ اسْتِخْراجِ ذلك، فإنِ اتَّفَقا على قَسْمِه بالْمُهايأَةِ - بزَمَنٍ - جازَ، وإنْ أَرادا قَسْمَ ذلك بنَصْبِ خَشَبَةٍ، أو حَجَرٍ مُسْتَوٍ في مَصْدَم الْماءِ، فيه ثُقْبان على قَدْرِ حَقِّ كُلِّ واحِدٍ مِنْهُما، جازَ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. وتقدَّم هذا وغيرُه في بابِ

ص: 69

جَازَ، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِىَ بِنَصِيبهِ أَرْضًا لَيْسَ لَهَا رَسْمُ شِرْبٍ مِنْ هَذَا النَّهْرِ، جَازَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجوزَ. وَيَجِئُ عَلَى [337 ظ] أَصْلِنَا، أَنَّ المَاءَ لَا يُمْلَكُ، وَيَنْتَفِعُ كُلُّ وَاحِدٍ

ــ

إحْياءِ المَواتِ، فَلْيُراجَعْ.

قوله: فإنْ أَرادَ أَحَدُهُما أَنْ يَسْقِىَ بنَصِيبِه أرْضًا ليس لها رَسْمُ شِرْبٍ مِن هذا النَّهْرِ، جازَ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.

ويَحْتَمِلُ أنْ لا يجوزَ، وهو وَجْهٌ اخْتارَه القاضي. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» .

وقال المُصَنِّفُ هنا: ويَجِئُ على أصْلِنا، أنَّ الماءَ لا يُمْلَكُ، ويَنْتَفِعُ كلُّ واحدٍ

ص: 70

مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ.

فَصْلٌ: النَّوْعُ الثَّانِى، قِسْمَةُ الإِجْبَارِ، وَهِىَ مَا لَا ضَرَرَ فِيهَا، وَلَا رَدَّ عِوَضٍ، كَالْأرْضِ الْوَاسِعَةِ، وَالقُرَى، وَالبَسَاتِينِ، والدُّورِ الكِبَارِ، وَالدَّكَاكِينِ الوَاسِعَةِ، وَالْمَكِيلَاتِ وَالمَوْزُونَاتِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ، كَالدِّبْسِ وَخَلِّ التَّمْرِ، أَوْ لَمْ تَمَسَّهُ، كَخَلِّ العِنَب وَالأَدْهَانِ وَالأَلبَانِ، فَإذَا طَلَبَ أحَدُهُمَا قَسْمَهُ وَأَبَى

ــ

منهما على قَدْرِ حاجَتِه. وكذا قال في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ». قال في «الفُروعِ»: وقيلَ: له ذلك (1)، إذا قُلْنا: لا يُمْلَكُ الماءُ بمِلْكِ الأرْضِ. فلِكُلِّ منهما أنْ ينْتَفِعَ بقَدْرِ حاجَتِه. وتقدَّم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في كِتابِ البَيْعَ.

وذكَرْنا ما فيه مِن الخِلافِ، وتقدَّم أيضًا هذا في بابِ إحْياءِ المَواتِ، وفُروعٌ أُخَرُ كثيرةٌ، فَلْيُعاوَدْ.

قوله: النَّوْعُ الثَّانِى، قِسْمَةُ الإِجْبارِ؛ وهي ما لا ضَرَرَ فيها، ولا رَدَّ عِوَضٍ؛

(1) سقط من: الأصل.

ص: 71

الْآخَرُ، أُجْبِرَ عَلَيْهِ.

ــ

كالأرْضِ الْواسِعَةِ، والْقُرَى، والْبَساتِينِ، والدُّورِ الْكِبارِ، والدَّكاكِينِ الْواسِعَةِ، والْمَكِيلاتِ والْموْزُوناتِ مِن جِنْسٍ واحِدٍ، سَواء كانَ مِمَّا مَسَّتْه النَّارُ، كالدِّبْسِ وخَلِّ التَّمْرِ، أو لم تَمَسُّه، كَخَلِّ العِنَبِ، والأَدْهانِ، والأَلبانِ. ونَحْوِها. بلا نِزاعٍ.

ص: 72

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقوله: فإذا طَلَبَ أحَدُهُما قَسْمَه وأبَى الآخَرُ، أُجْبِرَ عليه. بلا نِزاعٍ. وكذا يُجْبَرُ وَلِىُّ مَن ليسَ أهْلًا للقِسْمَةِ، لكِنْ مع غَيْبَةِ الوَلِىِّ، هل يقْسِمُ الحاكمُ عليه؟ فيه وَجْهان. ذكرهما في «التَّرْغيبِ». واقْتَصَرَ عليهما مُطْلَقَيْن في «الفُروعِ»؛ أحدُهما: يقْسِمُه الحاكِمُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّه يقُومُ مَقامَ الوَلىِّ. قال في «المُحَرَّرِ» : ويَقْسِمُ الحاكِمُ على الغائبِ في قِسْمَةِ الإِجْبارِ. وكذا في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقال في «الرِّعايةِ» : ويَقْسِمُ الحاكِمُ على الغائبِ في قِسْمَةِ الإِجْبارِ.

ص: 73

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيلَ: إنْ كانَ له وَكِيلٌ حاضِرٌ (1)، جازَ، وإلَّا فلا. وقال: ووَلِىُّ المُوَلَّى عليه في قِسْمَةِ الإِجْبارِ كَهُوَ. وهذا يدُلُّ على أنَّ الحاكِمَ يقْسِمُ (2) مع غَيْبَةِ الوَلىِّ. وقال في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والعِشْرِين» : فإنْ كانَ المُشْتَرَكُ مِثْلِيًّا في قِسْمَةِ الإِجْبارِ، وهو المَكِيلُ والمَوْزُونُ، فهل يجوزُ للشَّرِيكِ أخْذُ قَدْرِ حقِّه [بدُونِ إذْنِ الحاكِمِ](3)، إذا امْتَنَعَ الآخَرُ أو غابَ؟ على وَجْهَيْن؛ أحدُهما، الجوازُ. وهو قولُ أبى الخَطابِ.

والثَّانى، المَنْعُ. وهو قولُ القاضِى؛ لأنَّ القِسْمَةَ مُخْتَلَفٌ في كَوْنِها بَيْعًا، وإذْنُ الحاكمَ يرْفَعُ النِّزاعَ، والثانى لا يقْسِمُه.

فائدة: قال جماعَةٌ، عن قَسْمِ الإِجْبارِ: يقْسِمُ الحاكِمُ إنْ ثَبَتَ مِلْكُهما عندَه.

(1) في الأصل: «خاصة» .

(2)

في الأصل، ا:«يقسمه» .

(3)

سقط من: الأصل، ط.

ص: 74

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

منهم الْخِرِقِى، وأقَرَّه المُصَنِّفُ عليه. وقالَه في «الرِّعايةِ الكُبْرى» بخَطِّه مُلْحَقًا.

ولم يذْكُرْه آخَرُون؛ منهم أبو الخَطَّابِ، وصاحِبُ «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرُهم. وجزَم به في «الرَّوْضَةِ» . واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، كَبَيْعِ مَرْهُونٍ، وعَبْدٍ جانٍ. وقال: كلامُ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، في بَيْعِ ما لا يُقْسَمُ، وقَسْمِ ثَمَنِه عام فيما ثَبَتَ أنَّه مِلْكُهما، وما لم يَثْبُتْ، كجَمِيعَ الأمْوالِ التي تُباعُ. قال: ومِثْلُ ذلك، لو جاءَتْه امْرَأَةٌ، فَزَعَمَتْ أنَّها خَلِيَّة لا وَلِىَّ لها، هل يُزَوِّجُها بلا بَيِّنَةٍ؟ ونقَل حَرْبٌ، في مَنْ أقامَ بَيِّنَةً بسَهْمٍ مِن ضَيْعَةٍ بيَدِ قَوْمٍ فهَرَبُوا منه، يَقْسِمُ عليهم، ويَدْفَعُ إليه حقَّه. قال الشَّيْخُ تقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: وإنْ لم يَثْبُتْ مِلْكُ الغائبِ. قال في «الفُروعِ» : فَدَلَّ أنَّه يجوزُ ثُبوتُه، وأنَّه أوْلَى. وهو مُوافِق لما يأْتِى في الدَّعْوى. قال في «المُحَرَّرِ»:

ص: 75

وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ إفْرَازُ حَقِّ أحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ فِي ظَاهِرِ المَذْهَبِ، وَلَيْسَتْ بَيْعًا، فَتَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ نِصْفُ العَقَارِ طِلْقًا وَنِصْفُهُ وَقْفًا، جَازَتْ قِسْمَتُه، وَتَجُوزُ قِسْمَةُ الثِّمَارِ خَرْصًا، وَقِسْمَةُ مَا يُكَالُ وَزْنًا، وَمَا يُوزَنُ كَيْلًا، وَالتَّفَرُّقُ فِي قِسْمَةِ ذَلِكَ قَبْلَ القَبْضِ، وَإذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ، فقَسَمَ، لَم يَحْنَثْ. وَحُكِىَ عَنْ أَبِى عَبْدِ اللهِ ابْنِ بَطَّةَ مَا يَدُلُّ

ــ

ويقْسِمُ حاكِمٌ على غائب قِسْمَةَ إِجْبارٍ. وقال في «المُبْهِجِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ»: بل مع وَكِيلِه فيها الحاضِرِ. واخْتارَه في «الرِّعايةِ» في عَقارٍ بيَدِ غائبٍ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، في قَرْيَةٍ مُشاعَةٍ قَسَمَهَا فلَّاحُوها، هل يصِحُّ؟ قال: إذا تَهايَئُوها، وزَرَعَ كلٌّ منهم حِصَّتَه، فالزَّرْعُ له، ولرَبِّ الأرْضِ نَصِيبُه، إِلَّا أنَّ مَن تَرَكَ نَصِيبَ مالِكِه، فله أخْذُ أُجْرَةِ الفَضْلَةِ أو مُقاسَمَتُها.

قوله: وهذه الْقِسْمَةُ إفْرازُ حَقِّ أَحدِهِما مِن الآخَرِ، في ظاهِرِ المذهبِ، ولَيْسَتْ بَيْعًا. وكذا قال في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» . وهو المذهبُ، كما قالَ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم.، وقدَّمه في

ص: 76

أَنَّهَا كَالْبَيْعِ، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ، بَعْضُهَا يُسْقَى [338 و] سَيحًا، وَبَعْضُهَا بَعْلًا، أَوْ في بَعْضِهَا نَخْلٌ، وَفِى بَعْضِهَا شَجَرٌ، فَطَلبَ أحَدُهُمَا قَسْمَ كُلِّ عَيْنٍ عَلَى حِدَةٍ، وَطَلَبَ الْآخَرُ قَسْمَهَا أَعْيَانًا بِالقِيمَةِ، قُسِمَتْ كُلُّ عَيْنٍ عَلَى حِدَةٍ إذَا أَمْكَنَ.

ــ

«المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الكافِي» ، و «الهادِى» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «إدْراكَ الغايةِ» ، و «الفُروعِ» ، و «تَجْريدِ العِنايةِ» ، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذْهبُ المَشْهورُ المُخْتارُ لعامةِ الأصحابِ. وحُكِىَ عن أبى عَبْدِ اللهِ ابن بَطَّةَ ما يدُلُّ على أنها بَيْعٌ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقَع في تَعاليقِ أبى حَفْصٍ العُكْبَرِى، عن شيْخِه ابنِ بَطَّةَ، أنَّه منَع قِسْمَةَ الثِّمارِ التي يَجْرِى فيها الرِّبا خَرْصًا، وأخَذَ مِن هذا، أنَّها عندَه بَيْعٌ. انتهى. وحكَى الآمِدِيُّ فيه رِوايتَيْن. قال الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ: الَّذي تحَرَّرَ عنْدِى فيما فيه ردٌّ، أنَّه بَيْعٌ فيما يُقابِلُ الرَّدِّ، وإفْرازٌ في الباقِى؛ لأنَّ

أصحابَنا قالُوا في قِسْمَةِ الطِّلْقِ، عن الوَقْفِ: إذا كانَ فيها رَدٌّ مِن جِهَةِ صاحبِ

ص: 77

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الوَقْفِ، جازَ؛ لأنَّه يشْتَرِى به الطِّلْقَ، وإنْ كانَ مِن صاحبِ الطِّلْقِ، لم يَجُزْ.

انتهى. ويَنْبَنِى على هذا الخِلافِ فَوائدُ كثيرَةٌ، ذكَر المُصَنِّفُ بعْضَها هنا، وذكَره غيرُه، وذكَرُوا فَوائِدَ أُخَرَ؛

فمنها، أنَّه يجوزُ قَسْمُ الوَقْفِ، على المذهبِ. أعْنِى، بلا رَدِّ عِوَضٍ. وعلى الثانى، لا يجوزُ. وجزَم به في «الفُروعِ». وقال في «القَواعِدِ»: هل يجوزُ قِسْمَتُه؟ فيه طَرِيقان؛ أحدُهما، أنَّه كإفْراز الطِّلْقِ مِن الوَقْفِ. وهو المَجْزومُ به في «المُحَرَّرِ». قلتُ: وفى غيرِه. والطريقُ الثَّانى، أنَّه لا يصِحُّ قِسْمَتُه على الوَجْهَيْن جميعًا، على الأصحِّ. وهي طرِيقَةُ صاحبِ «التَّرْغيبِ» . وعلى القَوْلِ

بالجَوازِ، فهو مُخْتَصُّ بما إذا كانَ وَقْفًا على جِهَتَيْن، لا على جِهَةٍ واحِدَةٍ. صرَّح به الأصحابُ. نقَله الشيْخُ تَقِى الدِّينِ، رحمه الله. انتهى. قلتُ: تقَدّمَ لَفْظُه قبلَ

ص: 78

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك في الفائِدَةِ الأُولَى، بعدَ قوْلِه: وإنْ تَراضَيا على قَسْمِها كذلك. فَلْيُراجَعْ.

وكلامُ صاحِبِ «الفُروعِ» هناك أيضًا.

ومنها، إذا كانَ نِصْفُ العَقارِ طِلْقًا ونِصْفُه وَقْفًا، جازَتْ قِسْمَتُه، على المذهبِ، لكِنْ بلا رَدٍّ مِن ربِّ الطَّلْقِ. وقال في «المُحَرَّرِ» عليهما: إنْ كانَ الرَّدُّ مِن ربِّ الوَقْفِ لرَبِّ الطِّلْقِ، جازَتْ قِسْمَتُه بالرِّضَا، في الأصحِّ. انتهى. وإنْ قُلْنا: هي بَيْعٌ. لم يَجُزْ.

ومنها، جَوازُ قِسْمَةِ الثِّمارِ خَرْصًا، وقِسْمَةِ ما يُكالُ وَزْنًا، وما يُوزَنُ كَيْلًا، وتَفَرُّقِهما قبلَ القَبْضِ فيهما، على المذهبِ. وقطَع به أكثرُهم. ونصَّ عليه في رِوايةِ الأَثْرَمِ، في جَوازِ القِسْمَةِ بالخَرْصِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: يجوزُ في الأصحِّ فيهما. وقال في «القَواعِدِ» : وكذلك لو تَقاسَمُوا التَّمَرَ على الشَّجَرِ قبلَ صَلاحِه، بشَرْطِ التَّبْقِيَةِ. انتهى. وإنْ قُلْنا: هي بَيْعٌ. لم يصِحَّ في ذلك كلِّه.

ومنها، إذا حَلَفَ لا يَبِيعُ، فَقَاسَم، لم يَحْنَثْ على المذهبِ. ويَحْنَثُ إنْ قُلْنا: هي بَيْعٌ. قال في «القَواعِدِ» : وقد يُقالُ: الأيْمانُ مَحْمولَةٌ على العُرْفِ، ولا تُسَمى القِسْمَةُ بَيْعًا في العُرْفِ؛ فلا يَحْنَثُ بها ولا بالحَوالَةِ والإِقَالَةِ، وإنْ قيلَ: هي بُيوعٌ.

ومنها ما قالَه في «القَواعِدِ» : لو حَلَفَ لا يَأَكُلُ مما اشْتَراه زَيْدٌ، فاشْتَرَى زَيْدٌ وعَمْرٌو طَعامًا مُشاعًا - وقُلْنا: يَحْنَثُ بالأكْلِ منه - فتَقاسَماه، ثم أكَلَ الحالِفُ مِن نَصِيبِ عَمْرٍو، فذَكَرَ الآمِدِيُّ أنَّه لا يَحْنَثُ؛ لأنَّ القِسْمَةَ إفْرازُ حقٍّ لا بَيْعٌ.

وهذا يقْتَضِى أنَّه يَحْنَثُ إذا قُلْنا: هي بَيْعٌ. وقال القاضي: المذهبُ أنَّه يَحْنَثُ مُطْلَقًا؛ لأنَّ القِسْمَةَ لا تُخْرِجُه عن أنْ يكونَ زَيْدٌ اشْتَراه، ويَحْنَثُ عندَ أصحابِنا

ص: 79

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بأكْلِ ما اشْتَرَاه زَيْدٌ، ولو انْتَقَلَ المِلْكُ عنه إلى غيرِه. وفى «المُغْنِى» احْتِمالٌ، لا يَحْنَثُ هنا. وعليه يتَخَرَّجُ، أنَّه لا يَحْنَثُ إذا قُلْنا: القِسْمَةُ بَيْعٌ.

ومنها، لو كانَ بينَهما ماشِيَةٌ مُشْترَكَةٌ، فاقْتَسَماها في أثْناءِ الحَوْلِ، واسْتَدَاما خُلْطَةَ الأوْصافِ، فإنْ قُلْنا: القِسْمَةُ إفْرازٌ. لم ينْقَطِعِ الحَوْلُ بغيرِ خِلافٍ، وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. خُرِّجَ على بَيْعِ الماشِيَةِ بجِنْسِها في أثْناءِ الحَوْلِ، هل يقْطَعُه أمْ لا؟ ومنها، إذا تَقَاسَما وصرَّحا بالتَّراضِى، واقْتَصَرَا على ذلك، إنْ قُلْنا: إفْرازٌ.

صحَّتْ، وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. فوَجْهان في «التَّرْغيبِ» . وكأنَ ماْخَذَهما الخِلافُ في اشْتِراطِ الإِيجابِ والقَبُولِ. وظاهرُ كلامِه، أنَّها تصِحُّ بلَفْظِ القِسْمَةِ على الوَجْهَيْن. ويتَخَرَّجُ أنْ لا تصِحَّ مِن الرِّوايةِ التي حكاها في «التَّلْخيصِ» باشْتِراطِ لَفْظِ البَيْعِ والشِّراءِ.

ومنها، قِسْمَةُ المَرْهُونِ، كلِّه أو نِصْفِه، مُشاعًا، إنْ قُلْنا: هي إفْرازٌ.

صحَّتْ، وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. لم تصِحَّ. ولو اسْتَقَرَّ بها المُرْتَهَنُ، بأنْ رهَنَه أحدُ الشَّرِيكَيْن حِصَّتَه مِن حقٍّ مُعَيَّنٍ مِن دارٍ ثم اقْتَسَمَا، فحَصَلَ البَيْتُ في حِصَّةِ شَرِيكِه، فظاهرُ كلامِ القاضي، لا يُمْنَعُ منه على القَوْلِ بالإِقْرارِ. وقال صاحِبُ «المُغْنِى»: يُمْنَعُ منه.

ومنها، ثُبوتُ الخِيارِ. وفيه طَرِيقان؛ أحدُهما، بِناؤُه على الخِلافِ. فإنْ قُلْنا: إفْرازٌ. لم يثْبُتْ فيها خِيارٌ. وإنْ قُلْنا: [بَيْعٌ. ثَبَتَ](1). وهو المذْكُورُ فِي «الفُصولِ» ، و «التَّلْخيصِ» . وفيه ما يُوهِمُ اخْتِصاصَ الخِلافِ في خِيارِ المَجْلِسِ. فأمَّا خِيارُ الشَّرْطِ، فلا يَثْبُتُ فيها على الوَجْهَيْن. والطَّريقُ الثَّانى،

(1) في الأصل: «يثبت» .

ص: 80

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَثْبُتُ فيها خِيارُ المَجْلِسِ وخِيارُ الشَّرْطِ، على الوَجْهَيْن. قالَه القاضي في «خِلافِه» .

ومنها، ثُبوتُ الشُّفْعَةِ بالقِسْمَةِ. وفيه طَرِيقان؛ أحدُهما، بِناؤُه على الخِلافِ.

إنْ قُلْنا: إفْرازٌ. لم يثْبُتْ، وإلَّا ثَبَتَ. وهو الَّذي ذكَره في «المُسْتَوْعِبِ» ، في بابِ الرِّبا. والطَّرِيقُ الثَّانى، لا يُوجِبُ الشُّفْعَةَ على الوَجْهَيْن. قالَه القاضي، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ» . وقدَّمها في «الفُروعِ» ؛ لأنَّه لو ثَبَتَ لأحَدِهما على الآخَرِ لَثَبَتَ لِلْآخَرِ عليه، فيَتنافَيان. قلتُ: وهذه الطَّرِيقَةُ هي الصَّوابُ.

ومنها، قِسْمَةُ المُتَشارِكَين في الهَدْىِ والأَضاحِى اللَّحْمَ. فإنْ قُلْنا: إفْرازُ حَقٍّ. جازَ، وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. لم يَجُزْ. وهو ظاهِرُ كلام الأصحاب. قلتُ: لو قيلَ بالجَوازِ على القَوْلَيْن، لَكانَ أَوْلَى. والذي يظهَرُ، أنَّه مُرادُهم.

ومنها، لو ظَهَرَ في القِسْمَةِ غَبْنٌ فاحِشٌ. فإنْ قُلْنا: هي إفْرازٌ. لم تَصِحَّ؛ لتَبَيُّنِ فَسادِ الإِفْرازِ، وإنْ قُلْنا: هي بَيْعٌ. صحَّتْ، وثَبَتَ خِيارُ الغَبْنِ. ذكَرَه في «التَّرْغيبِ» (1)، و «المُسْتَوْعِبِ» (2)، و «البُلْغَةِ» .

ومنها، إذا ماتَ رَجُلٌ وزَوْجَتُه حامِلٌ، وقُلْنا: لها السُّكْنَى. فأَرادَ الوَرَثَةُ قِسْمَةَ المَسْكَنِ قبلَ انْقِضاءِ العِدَّةِ مِن غيرِ إضْرارٍ بها، بأنْ يُعَلِّمُوا الحُدودَ بخَطٍّ أو نحوِه مِن بناءٍ، فقال في «المُغْنِى» (3): يجوزُ ذلك. ولم يَبْنِه على الخِلافِ في القِسْمَةِ، مع أَنه قال: لا يصِحُّ بَيْعُ المَسْكَنِ في هذه الحالِ؛ لجَهالَةِ مدَّةِ الحَمْلِ المُسْتَثْناةِ فيه حُكْمًا. وهذا يدُلُّ على أن هذا يُغتَفَرُ في القِسْمَةِ على الوَجْهَيْن. ويَحْتَمِلُ أنْ يقالَ:

(1) سقط من: الأصل.

(2)

سقط من: ط.

(3)

انظر المغنى 11/ 296.

ص: 81

فَصْلٌ: وَيَجُوزُ لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَنْصِبُوا قَاسِمًا يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ، وَأَنْ يَسْأَلُوا الْحَاكِمَ نَصْبَ قَاسِمٍ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ. وَمِنْ شَرْطِ

ــ

متى قُلْنا: القِسْمَةُ بَيْعٌ، وأنَّ بَيْعَ هذا المَسْكَنِ يصِحُّ. لم تصِحَّ القِسْمَة. قالَه في «الفَوائِدِ» .

ومنها، قِسْمَةُ الدَّيْنِ في ذِمَمِ الغُرَماءِ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى في أوَائلِ كتابِ الشَّرِكَةِ، في أثْناءِ شَرِكَةِ العِنَانِ، عندَ قوْلِه: وإنْ تَقَاسَما الدِّينَ في الذِّمَّةِ.

ومنها، قَبْضُ أحَدِ الشَّرِيكَيْن نَصِيبَه مِن المالِ المُشْتَرَكِ المِثْلِىِّ مع غَيْبَةِ الآخَرِ، أو امْتِناعِه مِن الإِذْنِ بدُونِ إذْنِ حاكمٍ، وفيه وَجْهان. وهما على قَولِنا: هي إفْرازٌ.

وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. لم يَجُزْ، وَجْهًا واحدًا. فأمَّا غيرُ المِثْلِىِّ، فلا يُقْسَمُ إلَّا مع الشَّرِيكِ، أو مَن يقُومُ مَقامَه.

ومنها، لو اقْتَسَمَا أرْضًا، أو دارَيْن، ثم اسْتُحِقَّتِ الأرْضُ، أو أَحَدُ الدَّارَيْن بعدَ البِناءِ. ويأْتِى ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في آخِرِ البابِ.

ومنها، لو اقْتَسَمَ الوَرَثَةُ العَقارَ، ثم ظهَر على المَيِّتِ دَيْنٌ أو وَصيَّةٌ. ويأتِى في كلام المُصَنِّفِ أيضًا في آخِرِ البابِ.

ومَنها، لو اقْتَسَمَا دَارًا، فحَصَلَ الطَّرِيقُ في نَصِيبِ أحَدِهما، ولم يَكُنْ للْآخَرِ مَنْفَذٌ. ويأتِى ذلك أيضًا في كلامِ المُصَنِّفِ فى آخِرِ البابِ.

قوله: ويَجُوزُ للشُّرَكاءِ أنْ يَنْصِبُوا قاسِمًا يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ، وأنْ يَسْأَلُوا الْحاكِمَ

ص: 82

مَنْ يُنْصَبُ أنْ يَكُونَ عَدْلًا عَارِفًا بِالْقِسْمَةِ.

ــ

نَصْبَ قاسِمٍ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ. بلا نِزاعٍ.

قوله: ومِن شَرْطِ مَن يُنْصَبُ، أنْ يَكُونَ عَدْلًا عارِفًا بالْقِسْمَةِ. وكذا يُشْترَطُ إسْلامُه. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّرْكشِىُّ: يعْرِفُ الحِسابَ؛ لأنَّه كالخَطِّ للكاتِبِ. وقال في «الكافِى» ، و «التَّرْغيبِ»: تُشْترَطُ عَدالَةُ قَاسِمِهم، لِلُّزومِ. وقال في «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ»: تُشْترَطُ عَدالَةُ قاسِمِهم ومَعْرِفَتُه، لِلُّزومِ. وقيلَ: إنْ نصَبُوا غيرَ عَدْلٍ، صحَّ.

ص: 83

فَمَتَى عُدِّلَتِ السِّهَامُ وَأُخْرِجَتِ القُرْعَةُ، لَزِمَتِ القِسْمَةُ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَلْزَمَ فِيمَا فِيهِ رَدٌّ بِخُرُوجِ الْقُرْعَةِ حَتَّى يَرْضَيَا بِذَلِكَ.

ــ

قوله: فمتى عُدِّلَتِ السِّهامُ وخَرَجَتِ الْقُرعَةُ، لَزِمَتِ الْقِسْمَةُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «الهِدايةِ» ، و «المُذهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.

ويَحْتَمِلُ أنْ لا تَلْزَمَ فيما فيه ردٌّ بخُروجِ القُرْعَةِ حتَّى يَرْضَيا بذلك. وهو لأبى الخَطَّابِ في «الهِدايةِ» . وقيل: لا تَلْزَمُ فيما فيه رَدُّ حقٍّ (1) أو ضرَرٌ، إِلَّا بالرضا بعدَها. وقيل: لا تَلْزَمُ إلَّا بالرضا بعدَ القِسْمَةِ. وقال في «المُغْنِى» ، و «الكافِى»: لا تَلْزَمُ إِلَّا بالرِّضا بعدَ القِسْمَةِ، إنِ اقْتَسَمَا بأنْفُسِهما. وقال في «الرِّعايةِ»: وللشُّرَكاءِ القِسْمَةُ بأَنْفُسِهم، ولا تَلْزَمُ بدُونِ رِضاهم، ويُقاسِمُ عالِمٌ بها ينْصِبُونَه، فإنْ كانَ عدْلًا، لَزِمَتْ قِسْمَتُه بدُونِ رِضَاهم، وإلَّا فلا، أو بعَدْلٍ

(1) سقط من: الأصل.

ص: 84

وَإِذَا كَانَ في القِسْمَةِ تَقْويمٌ، لَمْ يَجُزْ أَقَلُّ مِنْ قَاسِمَيْنِ وَإِنْ خَلَتْ مِنْ تَقْوِيم، أَجْزَاَ قَاسِمٌ وَاحِدٌ.

ــ

عارِفٍ بالقِسْمَةِ ينْصِبُه حاكِمٌ بطَلَبِهم، وتَلْزَمُ قِسْمَتُه وإنْ كان عَبْدًا، ومع الرَّدِّ فيها وَجْهان. انتهى.

فائدة: لو خيَّر أحدُهما الآخَرَ، لَزِمَ برِضاهما وتفَرُّقِهما. ذكَرَه جماعَةٌ مِن الأصحابِ. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ» .

قوله: وإذا كانَ في الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ، لم يَجُزْ أقَلُّ مِن قاسِمَيْن. هذا المذهبُ.

وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْنِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُرُوعِ» ، وغيرِهم. وقيل: يُجْزِئ قاسِمٌ واحِدٌ، كما لو خَلَتْ مِن تَقْويمٍ.

فائدتان؛ إحْداهما، تُباحُ أُجْرَةُ القاسِمِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، هي كقُرْبَةٍ. نقَل صالِحٌ، أكْرَهُه. ونقَل عَبْدُ اللهِ، أتَوَقَّاه. والأُجْرَةُ على قَدْرِ

ص: 85

وَإذَا سَأَلُوا الْحَاكِمَ قِسْمَةَ عَقَارٍ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَهُمْ، قَسَمَهُ، وَذَكَرَ في كِتَابِ القِسْمَةِ أَنَّ قَسْمَهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُمْ، لَا عَنْ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لَهُمْ بِمِلْكِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى طَلَبِ

ــ

الأمْلاكِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ.

وقطَع به كثيرٌ منهم. زادَ في «التَّرْغيبِ» ، إذا أطْلَقَ الشُّرَكاءُ العَقْدَ، وأنَّه لا ينْفَرِدُ واحِدٌ بالاسْتِئْجارِ بلا إذْنٍ. وقيلَ: بعَدَدِ المُلَّاكِ. وقال في «الكافِى» : هي على ما شَرَطاه. فعلى المذهبِ المَنْصوصِ، أُجْرَةُ شاهِدٍ يخْرُجُ لقَسْمِ البِلادِ، ووَكِيلٍ، وأَمِينٍ للحِفْظِ، على مالِكٍ، وفَلَّاحً كأمْلاكٍ. ذكَره الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله. قال: فإذا مانَهم الفَلَّاحُ بقَدْرِ ما عليه أو يسْتَحِقُّه الضَّيْفُ، حلَّ لهم. قال: وإنْ لم يأْخُذِ الوَكيلُ لنَفْسِه إلَّا قَدْرَ أُجْرَةِ عمَلِه بالمَعْروفِ، والزِّيادَةُ يأْخذُها المُقْطِعُ، فالمُقْطِعُ هو الَّذي ظلَم الفَلَّاحِين، فإذا أَعْطَى الوَكيلُ المُقْطِعَ مِن الضَّرِيبةِ ما يزيدُ على أُجْرَةِ مِثْلِه، ولم يأْخُذْ لنَفْسِه إلَّا أُجْرَةِ عَمَلِه، جازَ له ذلك. وقال ابنُ هُبَيْرَةَ في «شَرْحِ البُخَارِىِّ»: اخْتَلَفَ الفُقَهاءُ في أجْرِ القَسَّامِ؛ فقال قومٌ: على المُزارِعِ. وقال قومٌ: على بَيْتِ المالِ. وقال قومٌ: عليهما.

الثَّانيةُ: قولُه: وَإذَا سَأَلُوا الْحَاكِمَ قِسْمَةَ عَقَارٍ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَهُمْ، قَسَمَهُ، وَذَكَرَ في كِتَابِ القِسْمَةِ أَنَّ قَسْمَهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُمْ، لَا عَنْ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لَهُمْ

ص: 86

الْقِسْمَةِ، لَمْ يَقْسِمْهُ.

فَصْلٌ. وَيُعَدِّلُ القَاسِمُ السِّهَامَ بِالْأَجْزَاءِ إِنْ كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً، وَبِالقِيمَةِ إِنْ كَانتْ مُخْتَلِفَةً، وَبِالرَّدِّ إِنْ كَانَتْ تَقْتَضِيهِ،

ــ

بمِلْكِهِمْ. هذا بلا نِزاعٍ. قال القاضِى: عليهما بإقْرارِهما، لا على غيرِهما.

قوله: ويُعَدِّلُ الْقاسِمُ السِّهامَ بالأجْزاءِ إنْ كانَتْ مُتَساوِيَةً، وبالْقِيمَةِ إِنْ كانَتْ مُخْتَلِفَةً، وبالرَّدِّ إنْ كانَتْ تَقْتَضِيه، ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَهُم، فَمَن خَرَجَ له سَهْمٌ، صارَ

ص: 87

ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَهُمْ، فَمَنْ خَرَجَ [338 ظ] لَهُ سَهْمٌ، صَارَ لَهُ، وَكَيْفَمَا أَقْرَعَ، جَازَ، إِلَّا أَنَّ الأَحْوَطَ أَنْ يَكْتُبَ اسْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ في رُقْعَةٍ، ثُمَّ يُدْرِجَها في بَنَادِقِ شَمْعٍ أَوْ طِينٍ مُتَسَاوِيَةِ الْقَدْرِ وَالْوَزْنِ، وتُطْرَحَ في حِجْرِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ، وَيُقَالُ لَهُ: أَخْرِجْ بُنْدُقَةً عَلَى هَذَا السَّهْمِ.

ــ

له. بلا نِزاعٍ فِي الجُمْلَةِ.

قوله: وكَيْفَما أقْرَعَ، جازَ، إلَّا أَنَّ الأَحْوَطَ أنْ يَكْتُبَ اسْمَ كُلِّ واحِدٍ مِن

ص: 88

فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ، كَانَ لَهُ، ثُمَّ الثَّانِى كَذَلِكَ، وَالسَّهْمُ البَاقِى لِلثَّالِثِ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَسِهَامُهُمْ مُتَسَاويَةً. وَإِنْ كَتَبَ اسْمَ كُلِّ سَهْمٍ في رُقْعَةٍ، وَقَالَ: أَخْرِجْ بُنْدُقَةً بِاسْمِ فُلَانٍ، وَأَخْرِجِ

ــ

الشُّرَكاءِ في رُقْعَةٍ، ثُمَّ يُدْرِجَها في بَنادِقِ شَمْعٍ أو طِينٍ مُتَساوِيَةِ الْقَدْرِ والْوَزْنِ، وتُطْرَحَ في حِجْرِ مَن لم يَحْضُرْ ذلكَ، ويُقالُ له: أخْرِجْ بندُقَةً على هذا السَّهْمِ.

فمن خرَجَ اسْمُه، كانَ له، ثُمَّ الثَّانِى كذلكَ، والسَّهْمُ الْباقِى للثَّالِثِ إذا كانُوا ثَلَاثَةً وسِهامُهُمْ مُتَساوِيَةً. وَإِنْ كَتَبَ اسْمَ كُلِّ سَهْمٍ في رُقْعَةٍ، وقالَ: أخْرِجْ بُنْدُقَةً باسْمِ فُلانٍ وأَخْرِجِ الثَّانِيَةَ باسْمِ الثَّانى، والثَّالِثَةَ للثَّالِثِ. جازَ. والأَوَّلُ أحْوَطُ. وهذا المذهبُ في ذلك كلِّه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يُخَيَّرُ في هاتَيْن الصِّفَتَيْن. وهو ظاهرُ كلامِه في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، وغيرِهم. قال الشَّارِحُ: واخْتارَ أصحابُنا في القُرْعَةِ، أنْ يكْتُبَ رِقاعًا (1) مُتَساوِيَةً بعَدَدِ السِّهامِ، وهو ههُنا مُخَيَّر بينَ أنْ يُخْرِجَ السِّهامِ على الأسْماءِ، أو يُخْرِجَ الأَسْماءَ على السِّهامِ. انتهى. وذكَرَ أبو بَكْرٍ، أنَّ البَنادِقَ تُجْعَلُ طِينًا، وتُطْرَحُ في ماءٍ، ويُعيِّنُ واحِدًا، فأىُّ البَنادِقِ انْحَلَّ الطِّينُ عنها، وخَرَجَتْ رُقْعَتُها على الماءِ، فهي له، وكذلك الثَّانى والثَّالثُ ومْا بعدَه، فإنْ خرَج اثْنان معًا، اُعِيدَ الإقْراعُ. انتهى.

(1) في الأصل: «رقاعه» .

ص: 89

الثَّانِيَةَ بِاسْمِ الثَّانِى، وَالثَّالِثَةَ لِلثَّالِثِ، جَازَ. وَإِن كَانَتِ السِّهَامُ مُخْتَلِفَةً كثَلَاثَةٍ، لأَحَدِهِمُ النِّصْفُ، وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ، وَلِلْآخَرِ السُّدْسُ؛ فَإنَّه يُجَزِّئُهَا سِتَّةَ أجْزَاءٍ، وَيُخْرِجُ الأَسْمَاءَ عَلَى السِّهَامِ لَا غَيْرُ، فَيَكْتُبُ بِاسْمِ صَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثًا،

ــ

قوله: فإنْ كانَتِ السِّهَامُ مُخْتَلِفَةً، كَثَلَاثَةٍ، لأَحَدِهم النِّصْفُ، وللآخَرِ

ص: 90

وَبِاسْمِ صَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَتَيْنِ، وَبِاسْمِ صَاحِبِ السُّدْسِ وَاحِدَةً، وَيُخْرِجُ بُنْدُقَةً عَلَى السَّهْمِ الأَوَّلِ، فَإنْ خَرَجَ اسْمُ

ــ

الثُّلُثُ، وللآخَرِ السُّدْسُ؛ فإِنَّه يُجَزِّئُها سِتّةَ أجْزاءٍ، ويُخْرِجُ الأَسْمَاءَ على السِّهَامِ لا غيرُ، فيَكْتُبُ باسْمِ صاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةً، وباسْمِ صاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَيْن،

ص: 91

صَاحِبِ النِّصْفِ، أَخَذَهُ وَالثَّانِىَ وَالثَّالِثَ، وَإِنْ خَرَجَ اسْمُ صَاحِبِ الثُّلُثِ، أخَذَهُ [339 و] وَالثَّانِىَ، ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَ الآخَرَيْنِ، وَالبَاقِى لِلثَّالِثِ.

ــ

وباسْمِ صاحِب السُّدْسِ واحِدَةً، ويُخْرِجُ بُنْدُقَةً على السَّهْمِ الأوَّلِ، فإنْ خَرَجَ اسْمُ صاحِبِ النِّصفِ، أخَذَه، والثَّانِىَ والثَّالِثَ، وإِنْ خَرَجَ اسْمُ صاحِبِ الثُّلُثِ، أخَذه والثانِيَ، ثُم يُقْرِعُ بَيْنَ الآخَرَيْن، والباقِى للثَّالِثِ. اعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِن المذهبِ، أنه يكْتُبُ باسْمِ صاحبِ النِّصْفِ ثَلَاثةً، وباسْمِ صاحبِ الثُّلُثِ اثنَيْن، وباسْمِ صاحبِ السُّدْسِ واحِدَةً. كما قالَ المُصَنِّفُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ.

وجزَم به فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، [و «الكافِى» ، و «المُحَرَّرِ» ،

و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الوَجيزِ» ] (1)، وغيرِهم.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 92

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وقدَّم فى «المُغْنِى» ، أنْ يكْتُبَ باسْم كلِّ واحدٍ رُقْعَةً؛ لحُصُولِ المَقْصودِ. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» أيضًا. واخْتارَ الشيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، أنَّه لا قُرْعَةَ فى مَكِيلٍ ومَوْزُونٍ، إلَّا (1) لِلابْتداءِ، فإنْ خَرَجَتْ لرَبِّ

(1) فى ط، ا:«لا» .

ص: 93

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأكثرِ، أخَذَ كلَّ حَقِّه. فإنْ تَعَدَّدَ سَبَبُ اسْتِحْقاقِه، توَجَّهَ وَجْهان.

فائدة: قِسْمَةُ الإجْبارِ تنْقَسِمُ أرْبَعَةَ أقْسامٍ؛ أحدُها، أنْ تكونَ السِّهامُ مُتَساوِيَةً، وقِيمَةُ الأجْزاءِ مُتَساوِيَةً. وهى مسْألةُ المُصَنِّفِ الأُولَى. الثَّاني، أنْ تكونَ السِّهامُ مُخْتَلِفَةً، وقِيمَةُ الأجْزاءِ مُتَساوِيَةً. وهى مَسْألَةُ المُصَنِّفِ الثَّانيةُ.

ص: 94

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثَّالثُ، أنْ تكونَ السِّهامُ مُتَساوِيَةً، وقِيمَةُ الأجْزاءِ مُخْتَلِفَةً. الرابعُ، أنْ تكونَ السِّهامُ مُخْتَلِفَةً، والقِيمَةُ مُخْتَلِفَةً. فأَمَّا الأوَّلُ والثَّانِى، فقد ذكَرْنا حُكْمَهما فى كلامِ المُصَنِّفِ، وأما القِسْمُ الثَّالِثُ- وهو أنْ تكونَ السِّهامُ مُتَساوِيَةً والقِيمَةُ مُخْتَلِفَةً- فإنَّ الأَرْضَ تُعَدَّلُ بالقِيمَةِ، وتُجْعَلُ سِتَّةَ أَسْهُم مُتَساوِيَةِ القِيمَةِ، ويُفْعَلُ

ص: 95

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى إخْراجِ السِّهامِ مِثْلُ الأوَّلِ. وأمَّا القِسْمُ الرَّابعُ -[وهو ما](1) إذا اخْتَلَفَتِ السَّهامُ والقِيمَةُ- فإنَّ القاسِمَ يُعْدِّلُ السِّهامَ بالقِيمَةِ، ويجْعَلُها سِتَّةَ أسْهُمٍ مُتَساوِيَةِ القِيَمِ، ثم يُخْرِجُ الرِّقاعَ فيها الأسْماءُ على السِّهامِ، كالقِسْمِ الثَّالثِ سَواءً، إلَّا أنَّ

(1) سقط من: ط. وفى الأصل: «ما» .

ص: 96

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التَّعْديلَ هنا بالقِيَمِ، وهناك بالمِسَاحَةِ.

ص: 97

فَصْلٌ: فَإنِ ادَّعَى بَعْضُهُمْ غَلَطًا فِيمَا تَقَاسَمُوهُ بِأَنْفُسِهِمْ، وَأَشْهَدُوا عَلَى تَرَاضِيهِمْ بِهِ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ فِيمَا

ــ

قوله: [3/ 238 و] فإنِ ادَّعَى بَعْضُهُمْ غَلَطًا فِيما تَقاسَمُوه بأَنْفُسِهِمْ، وأشْهَدُوا

ص: 99

قَسَمَهُ قَاسِمُ الْحَاكِمِ، فَعَلَى المُدَّعِى البَيِّنَةُ، وَإلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ المُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِنْ كَانَ فِيمَا قَسَمَهُ قَاسِمُهُمْ الَّذِى نَصَبُوهُ، وَكَانَ فِيمَا اعْتَبَرْنَا فِيهِ الرِّضَا بَعْدَ القُرْعَةِ، لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَإلَّا فَهوَ كَقَاسِمِ الْحَاكِمِ.

ــ

على تَراضِيهِمْ به، لَمْ يُلْتَفَتْ إليه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ،

و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُقْبَلُ قوْلُه [مع التَّنْبِيهِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»: لم يُقْبَلْ قوْلُه و](1) إنْ أقامَ بَيِّنةً، إلَّا أنْ يكونَ

(1) سقط من: ط.

ص: 100

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُسْتَرْسِلًا. زادَ فى «الكُبْرى» : أو مَغْبُونًا بما لا يُسامَحُ به عادَةً، أو بالثُّلُثِ أو بالسُّدْسِ، كما سَبَق.

قوله: وإنْ كانَ فيما قَسَمَه قاسِمُ الْحاكِمِ، فعلى الْمُدَّعِى الْبَيِّنَةُ، وإلَّا فالْقَوْلُ

ص: 101

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُ الْمُنْكِرِ مع يَمِينِه، وإنْ كانَ فيما قَسَمَه قاسمُهُم الَّذِى نَصَبُوه، وكانَ فيما اعْتَبَرْنا فيه الرِّضا بَعْدَ القُرْعَةِ، لم تُسْمَعْ دعْواه، وإلَّا فهو كَقاسِمِ الْحاكِمِ. بلا نِزاعٍ.

ص: 102

وَإِنْ تَقَاسَمُوا ثُمَّ اسْتُحِقَّ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا شَىْءٌ مُعَيَّنٌ، بَطَلَتْ. وَإنْ كَانَ شَائِعًا فِيهِمَا، فَهَلْ تَبْطُلُ القِسْمَةُ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ.

ــ

قوله: وإنْ تَقَاسَمُوا ثُم اسْتُحِقَّ مِن حِصَّةِ أحَدِهِما شَئٌ مُعَيَّنٌ، بَطَلَتْ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وجزَم به فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الهادِى» ، و «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وقال فى «القَواعِدِ»: ومِن الفَوائدِ، لو اقْتَسَمَا دارًا نِصْفَيْن، ظهَر بعْضُها مُسْتَحَقًّا؛ فإنْ قُلْنا: القِسْمَةُ إفْرازٌ. انْتَقَضَتِ القِسْمَةُ لفَسادِ الإفْرازِ، وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. لم تنْتَقِضْ، ويرْجِعُ على شَريكِه بقَدْرِ حقِّه

ص: 103

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى المُسْتَحَقِّ،؛ إذا قُلْنا بذلك [فى تفْريقِ](1) الصَّفْقَةِ، كما لو اشْتَرَى دارًا، فبانَ بعْضُها مُسْتَحَقَّا. ذكَره الآمِدِىُّ. وحكَى فى «الفوائدِ» ، عن صاحِبِ «المُحَرَّرِ» ، أنَّه حكَى فيه فى هذه المَسْأَلةِ ثلَاثَةَ أوْجُهٍ، وظاهِرُ ما فى «المُحَرَّرِ» يُخالِفُ ذلك.

فائدة: لو كانَ المُسْتَحَقُّ مِن الحِصَّتَيْن، وكان مُعَينًا، لم تَبْطُلِ القِسْمَةُ فيما بَقِىَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» .

وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «القَواعِدِ». وقيل: تَبْطُلُ. وهو احْتِمالٌ فى «الكافِى» ، بِناءً على عدَمِ تفْريقِ الصَّفْقَةِ، إذا قُلْنا: هى بَيْعٌ.

قوله: وإِنْ كانَ شائِعًا فيهما، فهل تَبْطُلُ القِسْمَةُ؟ على وجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» ؛ أحدُهما، تَبْطُلُ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. اخْتارَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ. قال في «الخُلاصةِ»: بَطَلَتْ فى الأصحِّ. وصحَّحه في

(1) فى الأصل: «بتفريق» .

ص: 104

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«التَّصْحيحِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، لا تَبْطُلُ فى غيرِ المُسْتَحَقِّ. قدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» .

فائدتان؛ إحْداهما، لو كانَ المُسْتَحَقُّ مُشاعًا فى أحَدِهما، فهى كالتى قبلَها، خِلافًا ومذهبًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقدَّمه فى «المُحَررِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيلَ: تبْطُلُ هنا وإنْ لم تَبْطُلْ فى التى قبلَها. وظاهرُ كلامِه فى «القَواعِدِ» ، أنَّ ذلك كلَّه مَبْنِىٌّ على أنَّ القِسْمَةَ إفْرازٌ أو (1) بَيْعٌ. وتقدَّم لَفْظُه.

الثَّانيةُ، قال المَجْدُ: الوَجْهان الأَوَّلان فَرْعٌ على قَوْلِنا بصِحَّةِ تفْريقِ الصَّفْقَةِ فى المبَيعِ. وهو المذهبُ، على ما تقدَّم. فأمَّا إنْ قُلْنا: لا تَتَفَرَّقُ هناك. بَطَلَتْ هُنا وَجْهًا واحِدًا. وقال فى «البُلْغَةِ» : إذا ظَهَرَ بعْضُ حِصَّة أحَدِهما مُسْتَحَقًّا، انْتَقَضَتِ القِسْمَةُ، وإنْ ظَهَرَتْ حِصَّتُهما على اسْتِواءِ النِّسْبَةِ، وكان مُعَيَّنًا، لم تَنْتَقِصْ إذا علَّلْنا بفَسادِ تفْريقِ الصَّفْقَةِ بالجَهالَةِ، وإنْ علَّلْناه باشْتِمالِها على ما لا يجوزُ، بَطَلَتْ، وإنْ كان المُسْتَحَقُّ مُشاعًا، انْتَقَضَتِ القِسْمَةُ فى الجميعِ، على

(1) فى الأصل، 1:«و» .

ص: 105

وَإِذَا اقْتَسَمَا دَارَيْنِ قِسْمَةَ تَرَاضٍ، فَبَنَى أَحدُهُمَا فِى نَصِيبِهِ، ثُمَّ خَرَجَتِ الدَّارُ مُسْتَحَقَّةً، وَنُقِضَ بِنَاؤُهُ، رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى شَرِيكِهِ.

ــ

أصحِّ الوَجْهَيْن.

قوله: وإذا اقْتَسَما دارَيْن قِسْمَةَ تَراضٍ، فبَنَى أحَدُهُما فى نَصِيبِه، ثُمَّ خَرَجَتِ الدَّارُ مُسْتَحَقَّةً، ونُقِضَ بِناؤُه، رَجَعَ بنِصْفِ قِيمَتِه على شَرِيكِه. وقال فى «الهِدايةِ»: فقال شيْخُنا: يرْجِعُ على شرِيكِه بنِصْفِ قِيمَةِ البِناءِ. واقْتَصَرَ عليه.

وجزَم به فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصغِيرِ» ، و «مُنتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. قال الشَّارِحُ: هكذا ذكَرَه الشَّرِيفُ أبو

ص: 106

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جَعْفَرٍ، وحكاه أبو الخَطَّاب عن القاضى. وجزَم به الشَّارِحُ ونَصَرَه، وقال: هذه قِسْمَة بمَنْزِلَةِ البَيْعِ؛ فإنًّ الدَّارَيْن لا يُقْسَمان قِسْمَةَ إجْبارٍ، وإنَّما يُقْسَمان بالتَّراضِى، فتكونُ جارِيَةً مَجْرَى البَيْعِ. قال: وكذلك يُخَرَّجُ فى كلِّ قِسْمَةٍ جارِيَةٍ مَجْرَى البَيْعِ، وهى قِسْمَةُ التَّراضِى كالذى (1) فيه رَدُّ عِوَضٍ، وما لا يُجْبَرُ على قِسْمَتِه لضَرَرٍ فيه، فأمَّا قِسْمَةُ الإجْبارِ، إذا ظَهَرَ نصِيبُ أحَدِهما مُسْتَحَقًّا بعدَ البناءِ والغِراسِ فيه، فنُقِضَ البِناءُ، وقُلِعَ الغِراسُ، فإنْ قُلْنا: القِسْمَةُ بَيْعٌ.

فكَذلك. وإنْ قُلْنا: ليستْ بَيْعًا. لم يرْجِعْ به، هذا الذى يقْتَضِيهَ قولُ الأصحابِ. انتهى. وقال فى «القَواعِدِ»: إذا اقْتَسَما أرْضًا، فَبَنَى أحدُهما فى نَصِيبِه وغرَسَ، ثم اسْتَحِقَّتِ الأرْضُ، فَقَلَعَ غرْسَه وبِناءَه، فإنْ قُلْنا: هى إفْرازُ حقٍّ. لم يرْجِعْ على شَريكِه. وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. رجَع عليه بقِيمَةِ النَّقْصِ، إذا كانَ

(1) فى النسخ: «كالتى» والمثبت من الشرح.

ص: 107

وَإنْ خَرَجَ فِى نَصِيبِ أحَدِهِمَا عَيْبٌ، فَلَهُ فَسْخُ القِسْمَةِ.

ــ

عالِمًا بالحالِ دُونَه. وقال: ذكَرَه فى «المُغْنِى» . ثم ذكَرَ قولَ القاضِى المُتَقَدِّمَ. وقال فى «الفُروعِ» : وإنْ بنَى أو غَرَسَ، فخرَج مُسْتَحَقًّا، فقلَع، رجَع على شَريكِه بنِصْفِ قِيمَتِه فى قِسْمَةِ الإِجْبارِ إنْ قُلْنا: هى بَيْعٌ. كقِسْمَةِ تَراضٍ، وإلَّا فلا. وأَطْلقَ فى «التَّبْصِرَةِ» رُجوعَه، وفيه احْتِمالٌ. انتهى.

قال النَّاظِمُ:

وإنْ بانَ فى الإجْبارِ لم يَغْرَمِ البِنَا

ولا الغَرْسَ إذْ هى مَيْزُ حقٍّ بأجْوَدِ

وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: إذا لم يرْجِعْ، حيثُ لا يكونُ بَيْعًا، فلا يرْجِعُ بالأُجْرَةِ، ولا بنِصْفِ قِيمَةِ الوَلَدِ فى الغُرورِ، إذا اقْتَسَمَا الجَوارِىَ أعْيانًا، وعلى هذا، فالذى لم يسْتَحِق شيئًا مِن نَصِيبِه يرْجِعُ الآخَرُ عليه بما فوَّتَه (1) مِن المَنْفَعَةِ هذه المُدَّةَ، وهنا احْتِمالَاتٌ؛ أحدُها، التَّسْوِيَة بينَ القِسْمَةِ والبَيْعِ.

والثاني، الفَرْقُ مُطْلَقًا. والثَّالثُ، إلْحاقُ ما كانَ مِن القِسْمَةِ بَيْعًا بالبَيْعِ.

قوله: وإِنْ خَرَجَ فى نَصِيبِ أحَدِهِما عَيْبٌ، فله فَسْخُ الْقِسْمَةِ. [يعْنِى، إذا كانَ جاهِلًا به، وله الإِمْساكُ مع الأرْشِ](2). هذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايةِ» ،

(1) فى الأصل: «فاته» .

(2)

سقط من: الأصل.

ص: 108

وَإِذَا اقْتَسَمَ الوَرَثَةُ الْعَقَارَ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى المَيِّت دَيْنٌ، فَإِنْ قُلْنَا: هِىَ إفْرَازُ حَقٍّ. لَمْ تَبْطُلِ القِسْمَةُ. وَإِنْ قُلْنَا: هِىَ بَيْعٌ.

انْبَنَى عَلَى بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، هَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ.

ــ

و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. [وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم](1). ويَحْتَمِلُ أنْ تَبْطُلَ القِسْمَةُ؛ لأنَّ التَّعْديلَ فيها شَرْطٌ، ولم يُوجَدْ (2)، بخِلافِ البَيْعِ.

قوله: وإِذا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الْعَقارَ، ثُمَّ ظَهَرَ على الْميِّتِ دَيْنٌ، فإنْ قُلْنَا: هى إفْرازُ حَقٍّ. لم تَبْطُلِ الْقِسْمَةُ، وإنْ قُلْنَا: هى بَيْعٌ. انْبنَى على بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَضَاءِ

(1) سقط من: الأصل.

(2)

فى الأصل: «يؤخر» .

ص: 109

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الدَّيْنِ، هل يَجُوزُ؟ على وجْهَيْن. اعلمْ أنَّه إذا قُلْنا: القِسْمَةُ إفْرازُ حقٍّ. فإنَّها لا تَبْطُلُ، ولا تفْرِيعَ عليه. وإنْ قُلْنا: هى بَيْعٌ. انْبَنَى على صِحَّةِ بَيْعِ التَّرِكَةِ قبلَ قَضاءِ الدَّيْنِ، هل يصِحُّ أمْ لا؟ فأطْلَقَ المُصَنِّفُ هنا وَجْهَيْن، وهما رِوايَتان، وأطْلَقهما فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ؛ أحدُهما، يصِحُّ بَيْعُها قبلَ قَضاءِ الدَّيْنِ. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا المذهبُ، وهو أوْلَى. قال فى «الفُروعِ»: ويصِحُّ البَيْعُ، على الأصحِّ، إنْ قُضِىَ. قال فى «المُحَرَّرِ»: أصحُّ الرِّوايتَيْن الصِّحَّةُ. وصحَّحَه

ص: 110

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النَّاظِمُ (1)، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ». قال فى «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والخَمْسِينَ»: أصحُّهما، يصِحُّ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ. فعليه، يصِحُّ العِتْقُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقدَّمه فى «القَواعِدِ» . واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ فى «نَظَرِيَّاتِه» ، لا ينْفُذُ إلَّا مع يَسارِ الوَرَثَةِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّ تَصَرُّفهم تبَعٌ لتَصَرُّفِ المَوْرُوَثِ

(1) بعده فى ا: «وصاحب المبهج» .

ص: 111

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى مرَضِه. وهذا مُتَوَجِّهٌ على قوْلِنا: إنَّ حقَّ الغُرَماءِ مُتعَلِّقٌ (1) بالتَّرِكَةِ في المَرَضِ.

وعلى المذهبِ، النَّماءُ للوارِثِ، كنَماءِ جَانٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، لا كَمَرْهُونٍ. قال فى «التَّرْغيب» وغيرِه: هو المَشْهورُ. وقيلَ: النَّماءُ تَرِكَةٌ.

وقال فى «الانْتِصارِ» : مَن أدَّى نَصِيبَه مِنَ الدَّيْنِ، انْفَكَّ نَصِيبُه منها، كجَانٍ.

فائدة: لا يَمْنَعُ الدَّيْنُ الذى على المَيِّتِ نَقْلَ تَرِكَتِه إلى الوَرَثَةِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم، أبو بَكْر، والقاضى، وأصحابُه.

قال ابنُ عَقِيل: هى المذهبُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَنْصوصُ المَشْهورُ المُخْتارُ للأصحابِ. وقد نصَّ الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، أنَّ المُفْلِسَ [إذا ماتَ](2) سقَطَ حقُّ البائعِ مِن عَيْنِ مالِه؛ لأنَّ المالَ انْتَقَلَ إلى الوَرَثَةِ. قال فى «القَواعِدِ

(1) فى ط: «تعلق» .

(2)

سقط من: الأصل.

ص: 112

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفِقْهِيَّةِ»: أشْهَرُ الرِّوايتَيْن الانْتِقالُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه رِوايَةٌ ثانيةٌ، يَمْنَعُ الدَّيْنُ نقْلَها بقَدْرِه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا يَرِثُون شيئًا حتى يؤدُّوه.

وذكَرَها جماعَةٌ، وصحَّح النَّاظِمُ المَنْعَ، ونَصَرَه فى «الانْتِصارِ». وتقدَّم فوائدُ الخِلافِ فى بابِ الحَجْرِ بعدَ قوْلِه: ومَن ماتَ وعليه دَيْنٌ مُؤجَّلٌ. وهى فوائدُ جليلَة، فَلْتُراجَعْ. قال فى «الفُروعِ»: والرِّوايَتَان فى وَصِيَّةٍ بمُعَيَّنٍ. ونصَر في «الانْتِصارِ» المَنْعَ، وذكَر عليه، إذا لم يَسْتَغْرِقِ التَّرِكَةَ، أو كانتِ الوَصِيَّةُ

ص: 113

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بمَجْهُولٍ مَنْعًا، ثم سلَّم لتَعَلُّقِ الإرْثِ بكُلِّ التَّرِكَةِ، بخِلَافِهما، فلا مُزاحَمَةَ.

وذكَرَ مَنْعًا وتَسْلِيمًا، هل للوَارِثِ- والدَّيْنُ مُسْتَغْرِقٌ - الإيفاءُ مِن غيرِها؟ وقال فى «الرَّوْضَةِ»: الدَّيْنُ على المَيِّتِ لا يَتَعَلَّقُ بتَرِكَتِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ.

وفائِدَتُه، أنَّ لهم أداءَه وقِسْمَةَ التَّرِكَةِ بينَهم. قال: وكذا حُكْمُ مالِ المُفْلِسِ.

وقال فى «القَواعِدِ» : ظاهرُ كلامِ طائفةٍ مِن الأصحابِ، اعْتِبارُ كوْنِ الدَّيْن مُحِيطًا بالتَّرِكَةِ، حيثُ فرَضُوا المَسْألةَ فى الدَّيْنِ المُسْتَغْرِقِ، ومنهم مَن صرَّح بالمَنْعِ مِن الانْتِقالِ، وإنْ لم يكَنْ مُسْتَغْرِقًا. ذكَره فى مَسائلِ الشُّفْعَةِ. وقال فى «القَواعِدِ» أيضًا: تعَلُّقُ حقِّ الغُرَماءِ بالتَّرِكَةِ، هل يَمْنَعُ انْتِقالَها؟ على رِوايتَيْن.

وهل هو كَتَعَلُّقِ الجِنايَةِ أو الرَّهْنِ؟ اخْتَلَفَ كلامُ الأصحابِ فى ذلك، وصرَّح الأكْثَرون، أنَّه كتعَلُّقِ الرَّهْنِ. قال: ويُفَسَّرُ بثَلَاثَةِ أشْياءَ؛ أحدُها، أنَّ تعَلُّقَ

ص: 114

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الدَّيْنِ بالتَّرِكَةِ وبكُلِّ جُزْءٍ مِن أجْزائِها، فلا يُنْقَلُ منها شئٌ حتى يُوَفَّى الدَّيْنُ كلُّه.

وصرَّح بذلك القاضى فى «خِلافِه» إذا كانَ الوارِثُ واحِدًا. قال: وإنْ كانُوا جماعةً، انْقَسَمَ عليهم بالحِصَصِ، وتتَعَلَّقُ كل حِصَّةٍ مِن الدَّيْنِ بنَظِيرِها مِن التَّرِكَةِ وبكُلِّ جُزْءٍ منها، فلا ينْفُذُ منها شئٌ حتى يُوَفَّى جميعُ تلك الحِصَّةِ، ولا فَرْقَ فى ذلك بينَ أنْ يكونَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا للتَّركَةِ، أمْ لا. صرَّحِ به جماعَةٌ، منهم صاحِبُ «التَّرْغيبِ» فى المُفْلِسِ. الثَّاني، أنَّ الدَّيْنَ فى الذِّمَّةِ ويتَعَلَّقُ

ص: 115

وَإنِ اقْتَسَمَا [339 ظ] فَحَصَلَتِ الطرِيقُ فِى نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، وَلَا مَنْفَذَ لِلْآخَرِ، بَطَلَتِ الْقِسْمَةُ.

ــ

بالتَّرِكَةِ، وهل هو باقٍ فى ذِمَّةِ المَيِّتِ، أو انْتَقَلَ إلى ذِمَمِ الوَرَثَةِ، أو هو مُتعَلِّقٌ بأعْيانِ التَّرِكَةِ لا غيرُ؟ فيه ثَلَاثَةُ أوْجُهٍ؛ الأوَّلُ، قوْلُ الآمِدِىِّ (1)، وابنِ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ» . والثَّاني، قولُ القاضى فى «خِلافِه» ، وأبي الخَطَّابِ فى «انْتِصارِه» ، وابنِ عَقِيلٍ فى مَوْضِعٍ آخَرَ، وكذلك القاضى فى «المُجَرَّدِ» ، لكِنَّه خصَّه بحالَةِ تأْجِيلِ الدَّيْنِ لمُطالَبَةِ الوَرَثَةِ بالتَّوْثِقَةِ. والثَّالثُ، قولُ ابنِ أبي

مُوسَى. التَّفْسِيرُ الثَّالثُ مِن تَفْسيرِ تعَلُّقِ حقِّ الغُرَماءِكتعَلُّقِ الرَّهْنِ، أنَّه يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ، وفيه وَجْهان. وهل تعَلُّقُ حقِّهم بالمالِ مِن حينِ المَرَضِ أمْ لا؟ ترَدَّد الأصحابُ فى ذلك. انتهى. وتقدَّم بعْضُ ذلك فى بابِ الحَجْرِ.

قوله: وإذا اقْتَسَما، فحَصَلَتِ الطرِيقُ فى نَصِيبِ أَحَدِهِما، ولا مَنْفَذَ للآخَرِ، بَطَلَتِ الْقِسْمَةُ. لعدَمِ التَّعْديلِ والنَّفْعِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «القَواعِدِ» ،

(1) في الأصل، ا:«الأدمى» .

ص: 116

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم. وخرَّج المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» وَجْهًا، أنَّها تصِحُّ، ويَشتَرِكانِ فى الطَّريقِ، مِن نَصِّ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، على اشْتِراكِهما فى مَسيلِ (1) الماءِ. قال فى «القَواعِدِ»: ويتَوَجَّهُ إنْ قُلْنا: القِسْمَةُ إِفْرازٌ. بَطَلَتْ.

وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. صَحَّتْ، ولَزِمَ الشَّرِيكَ تَمْكِينُه مِن الاسْتِطْراقِ، بِناءً على قولِ الأصحابِ: إذا باعَه (2) بَيْتًا فى وَسَطِ دارِه ولم يذْكُرْ طَرِيقًا، صحَّ البَيْعُ، واسْتَتْبَعَ طرِيقَه.؛ ذكَرَه القاضى فى «خِلافِه» ، لو اشْتَرَطَ عليه الاسْتِطراقَ فى القِسْمَةِ، صحَّ. قال المَجْدُ: هذا قِياسُ مذهبِنا فى جَوازِ بَيْعٍ. وفى «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ البَغْدادِىِّ» ، يَفْسَخُ بعَيْبٍ. وسَدُّ المَنْفَذِ عَيْبٌ.

فوائد؛ الأُولَى، مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، لو حصَل طَرِيقُ الماءِ فى نَصِيبِ أحَدِهما. قالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله. وقال فى «الفُروعِ»: ونصُّه، هو لهما ما لم يَشْتَرِطا ردَّه. وهو المذهبُ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» .

والمُصَنَّفُ قاسَ المَسْأَلةَ الأُولَى على هذه، كما تقدَّم فى التَّخْريجِ. ونقَل أبو طالِبٍ فى مَجْرَى الماءِ، لا يُغَيِّرُ مَجْرَى الماءِ ولا يضُرُّ بهذا، إلَّا أنْ يَتَكَلَّفَ له النَّفَقَةَ حتى يُصْلِحَ

(1) فى الأصل: «سبيل» .

(2)

سقط من: ط.

ص: 117

وَيَجُوزُ لِلْأَب وَالْوَصِىِّ قَسْمُ مَالِ الْمُولَّى عَلَيْهِ مَعَ شَرِيكِهِ.

ــ

مَسِيلَه (1).

الثَّانيةُ، لو كانَ للدَّارِ ظُلَّةٌ، فَوَقَعَتْ فى حقِّ أحَدِهما، فهى له بمُطْلَقِ العَقدِ.

قالَه الأصحابُ.

الثَّالثةُ، لو ادَّعَى كلُّ واحدٍ أنَّ هذا البَيْتَ مِن سَهْمِى، تَحالَفا [ونُقِضَتِ القِسْمَةُ](2).

الرَّابعَةُ، قولُه: ويَجُوزُ للْأبِ والْوَصِىِّ قَسْمُ مالِ الْمُوَلَّى عليه مع شَرِيكِه. بلا نِزاعٍ. ويُجْبَران فى قِسْمَةِ الإجْبارِ، ولهما أنْ يُقاسِما فى قِسْمَةِ التَّراضِى إنْ رأيَا المصْلَحَةَ. وتقدُّم حُكْمُ ما إذا غابَ الوَلِىُّ فى قِسْمَةِ الإجْبارِ، هل يقْسِمُ الحاكِمُ؟ وتقدَّم، إذا غابَ أحدُ الشَّرِيكَيْن. فى فصْلِ قِسْمَةِ الإجْبارِ. واللهُ أعلَمُ.

(1) فى الأصل، ا:«له المسيل» .

(2)

فى ط: «ونقصت القيمة» .

ص: 118