الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الشَّهادَاتِ
ــ
كتابُ الشَّهاداتِ
فائدة: الشَّهادةُ حُجَّةٌ شرعيَّةٌ، تُظْهِرُ الحقَّ المُدَّعَى به، ولا تُوجِبُه. قالَه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» .
تَحَمُّلُ الشَّهادَةِ وَأدَاؤها فرض عَلَى الْكِفَايَةِ، إذَا قَامَ بِها مَن يَكْفِىِ، سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ، وإنْ لَمْ يَقُف بِها مَنْ يَكْفِى، تَعَيَّنَتْ عَلى مَنْ وُجِدَ.
ــ
قوله: تَحَمُّلُ الشَّهادَةِ وأداؤُها فَرْضٌ على الكِفايَةِ. تحمُّلُ الشهادَةِ لا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ فى حقِّ اللهِ تعالَى، أو فى حقِّ غيرِ الله؛ فإنْ كان فى حقِّ غيرِ اللهِ، كحقِّ الآدَمِىِّ، والمالِ، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، أنَّ تحَمُّلَها فرضُ كِفايةٍ، كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. وجزَم به فى «الهدايةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبِوك الذَّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِب» ، [و «الخُلاصَةِ»](1)، و «الهادِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ،
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِهم. وقال في «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ»: فى إثْمِه بامتِناعِه مع وُجودِ غيرِه وَجْهان. وذكَر الوَجْهيْن فى «البُلْغَةِ» ، وأطْلَقهما. وإنْ كان فى حُقوقِ اللهِ تعالى، فليس تحَمُّلُها فرضَ كِفايةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «الفُروعِ» ، و «تَجْرِيدِ العِناية» ، وغيرِهم. وقيلَ: بل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هو فرضُ كِفايَةٍ. وقدَّمه فى «الرعايتَيْن» . ويحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. وقيل: إنْ قَلَّ الشهودُ وكَثُرَ أهْلُ البلدِ، فهى فيه فرضُ عَيْنٍ. ذكَرَه فى «الرِّعايةِ» .
فائدة: حيثُ وجَب تَحَمُّلُها، ففى وُجوبِ كتابتها لتُخفَظَ وَجْهان. وأطْلَقَهُما فى «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ الوجوبُ؛ للاحْتِياطِ. ثم وجَدتُ صاحِبَ «الرِّعايةِ الكُبْرى» قدَّمه، ذكَرَه فى أوائل بقِيةِ الشَّهاداتِ. في نقَل المُصَنِّفُ عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، إنّه قال: يكْتُبُها إذا كان رَدِئَ الحِفظِ. فظاهِرُه الوُجوب. وأمَّا أداءُ الشَّهادَةِ، فقدّم المُصَنِّفُ هنا، إنّه فرضُ كفايةٍ. واخْتارَه جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ. قال فى «المُسْتوعِب»: ذكَر أصْحابُنا أنَّه فرْضُ
قَالَ الخِرَقِىُّ: وَمَنْ لَزِمَتْهُ الشَّهَادَةُ، فَعَلَيْهِ أنْ يَقُومَ بِها عَلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، لَا يَسَعُهُ التَّخَلُّفُ عَنْ إِقَامَتِها وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ.
ــ
كِفاية. قال فى «التَّرْغيبِ» : هو أشْهرُ. وجزَم به فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» . وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الكافِى» ، و «المُغْنِى» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» . وذكَرَه ابنُ مُنَحى فى «شَرْحِه» رِوايةً.
وقال الخِرَقِىُّ: ومَن لَزِمَتْه الشَّهادةُ، فعليه أنْ يَقُومَ بها على القَرِيبِ والبعيدِ، لا يَسَعُه التخَلُّفُ عن إقامَتِها وهو قادِر على ذلك. فظاهِرُه أنَّ أداءَها فرضُ عَيْنٍ. قلتُ: وهو المذهبُ. نَصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، رحمه الله. قال فى «الفُروعِ»: ونصُّه أنَّه فرضُ عَيْنٍ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ» : ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، أنها فرضُ عَيْن. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» . وصحَّحه النَّاظِمُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ الأولَى، يُشْتَرَطُ فى وُجوبِ التَّحَمُّلِ والأداءِ أنْ يُدعَى إليهما، ويقْدِرَ عليهما بلا ضرَر يَلْحَقُه. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ونصَّ عليه. وقال فى «المُغْنِى» ، و «الشّرح»: ولا تَبَذُّلَ فى التَّزْكِيَةِ. قال فى «الرِّعايةِ» : ومَن تضرَّرَ بتحَمُّلِ شَهادةٍ أو أدائِها فى بَدَنِه، أو عِرضِه، أو مالِه، أو أهْلِه، لم يَلْزَمه.
الثَّانيةُ، يخْتَصُّ الأداءُ بمَجْلِسِ الحُكْمِ، ومَن تحمَّلَها أو رأى فِعلًا أو سَمِعَ قوْلًا بحق، لَزِمَه أداؤُها على القريبِ والبعيدِ والنَّسِيبِ وغيرِه سواءً، فيما دُونَ مَسافةِ القَصرِ. وقيل: أو ما يرجِعُ فيه إلى مَنْزِلِه ليَوْمِه. قالَه فى «الرِّعايتَيْن» ، وغيرِهما. قال فى «الفُروعِ»: تجِبُ فى مَسافَةِ كتاب القاضى عندَ سُلْطانٍ لا يُخافُ تعَدِّيِه - نقَله مُثَنَّى - أو حاكَم عَدلٍ. نَقَل ابنُ الحَكَمِ، كيف أشْهدُ عندَ رَجُلٍ ليس عَدلًا؟ قال: لا تَشْهَدْ. وقال فى رِوايةِ عَبْدِ اللهِ: أخافُ أنْ يَسَعَه أنْ لا يشْهدَ عندَ الجَهْمِيَّةِ. وقيلَ: أو لا ينْعَزِلُ بفِسْقِه. وقيل: لا أميرَ البلَدِ ووَزِيرَه.
الثَّالثةُ، لو أدَّى شاهِدٌ وأبَى الشَّاهِدُ الآخَرُ، وقال: اخلِفْ أنتَ بدَلِى. أَثِمَ اتفاقا. قالَه فى «الترغيبِ» وقدَّم فى «الرِّعايةِ» أنَّه لا يأثَمُ إنْ قُلْنا:
وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ أخْذُ الأجْرَةِ عَلَيْها، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ، [345 و] فِى أصَحِّ الْوَجْهيْنِ.
ــ
فَرضُ كِفايةٍ.
الرَّابعةُ، لو دُعِىَ فاسِقٌ إلى شهادةٍ، فله الحُضورُ مع عدمِ غيرِه. ذكَرَه فى «الرِّعاية». قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُه، لتَحَمُّلِها. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنى» (1) وغيرِه: لا تُعتَبَرُ له العَدالَةُ. قال فى «الفُروع» : فظاهِرُه، مُطقًا، ولهذا لو لم يُؤَدِّ حتى صارَ عدلاً، قُبِلَتْ، ولم يذْكُروا تَوْبَة لتَحَمُّلِها، ولم يُعللوا رَدَّ (2) مَنِ ادَّعاها بعدَ أنْ رُدَّ إِلَّا بالتُّهْمَةِ، وذكَرُوا، إنْ شَهِدَ عندَه فاسِقٌ يعرِفُ حالَه، قال للمُدَّعِى: زِدنى شُهودًا. لِئلا يفضَحَه. وقال فى «المُغْنِى» : إنَّ مَن شَهِدَ مع ظُهورِ فِسْقِه، لم يُعَزَّرْ؛ لأنّه لا يمنَعُ صدقَه. فدل إنّه لا يحرُمُ أداءُ الفاسِقِ، وإلَّا لَعُزِّرَ. يؤَيِّدُه أن الأشهرَ، لا يضْمَنُ مَن بانَ فِسْقُه. ويتَوَجَّهُ التَّحْريمُ عندَ مَن ضَمَّنَه، ويكونُ عِلةً لتَضْمينِه. وفى ذلك نظرٌ؛ لأنَّه لا تَلازُمَ بينَ الضَّمانِ والتَّحْريمَ.
قوله: ولا يَجُوزُ لمَن تَعَيَّنَتْ عليه أخْذُ الأجْرَةِ عليها. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. قال
(1) انظر المغنى 14/ 197.
(2)
فى ا، ط:«أن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى «الفُروع» : ويحرُمُ فى الأصحِّ أخْذُ أجْرَةٍ وجُعل. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، و «الهِداية» ، و «المُذْهبِ» ، و «الخُلاصَةِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّر» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى». وقيلَ: لا يجوزُ أخْذُ الأُجْرَةِ إنْ تعَينتْ عليه إذا كان غيرَ مُحتاجٍ. وذكَر الشَّيْخُ تَقِى الدينِ، رحمه الله، وجْهًا بجوازِ الأخْذِ لحاجَةٍ، تَعَيَّنَتْ أوْ لا، واخْتارَه. وقيلَ: يجوزُ الأخْذُ مع التَّحَمُّلِ. وقيلَ: أُجْرَتُه مِن بَيْتِ المالِ.
قوله: ولا يَجُوزُ ذلك لمَن لم تَتَعَيَّنْ عليه، فى أصَح الوَجْهيْن. وكذا قال فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» . وصحَّحه فى «الفُروعِ» ،؛ تقدَّم. وجزَم به فى «الوَجيز» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ. واخْتارَ الشيْخُ تَقِى الدينِ، رحمه الله، يجوزُ لحاجَةٍ. كما تقدَّم عنه. وقيلَ: يجوزُ الأخْذُ مع التَّحَمُّلِ. تنبيه: حيثُ قُلْنا بعَدَمِ الأخْذِ، فلو عجَز عن المَشْىِ، أو تأذَّى به، فأجْرَةُ المَركوبِ [على رب الشَّهادَةِ. قالَه فى «التَّرغيبِ» وغيرِه. واقتَصَرَ عليه فى «الفُروع». قال فى «الرِّعايةِ»: وأجْرَةُ المركوبِ] (1) والنَّفَقَةُ على ربِّها. ثم
(1) سقط من: الأصل.
وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهادَة فِى حَد لِلّهِ تَعَالَى، أبِيحَ إِقامَتُها، وَلَم يُسْتَحَبَّ، وَلِلْحَاكِمِ أن يُعَرِّضَ لَهُم بِالْوُقُوفِ عَنْها، فِى أحدِ الْوَجْهيْنَ.
ــ
قال: قلتُ: هذا إنْ تعَذَّر حُضورُ المَشْهودِ عليه إلى مَحَلِّ الشَّاهِدِ، لمرَضٍ، أو كِبَرٍ، أو حَبْس، أو جاهٍ، أو خَفَرٍ. وقال أيضًا: وكذا حُكْمُ مُزَكٍّ، ومُعَرِّفٍ، ومُتَرْجِم، ومُفْتٍ، ومُقِيمِ حدٍّ وقَوَدٍ، وحافِظِ مالِ بَيْتِ المالِ، ومُحْتَسِب (1)، والخَليفَةِ. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ» .
فائدة: لا يُقِيمُ الشهادةَ على مُسْلم بقَتْلِ كافر، وكِتابةٌ كشَهادةٍ، فى ظاهرِ كلامِ المُصَنِّفِ والشَّيْخِ تَقِى الدِّينِ. قالَه فى «الفُروعِ» .
قوله: ومَن كانتْ عندَه شَهادَة فى حَدٍّ لله تِعالى، أُبِيحَ له إقامَتُها، ولم يُسْتَحَبَّ.
(1) سقط من: ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا المذهبً. جزَم به فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال القاضى وأصحابُه، وأبو الفَرَجِ، والمصَنِّفْ، وغيرهم: يًسْتَحَبُّ تركً ذلك؛ للتَّرْغيبِ فى السَّتْرِ. قال النَّاظِمُ، وابن عَبْدوس فى «تَذْكِرَتِه» ، وصاحِب «الرِّعايَةِ»: تركُها أوْلَى. قال فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الفُروعِ» : وهذا يُخالِفُ ما جزَم به فى آخِرِ «الرِّعايةِ» مِن وُجوبِ الإعْضاءِ عمَّن سَتَرَ المَعصِيَةَ؛ فإنَّهم لم يُفَرِّقُوا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخَلَّالِ. قال: ويتوَجَّهُ فى مَن عُرِفَ بالشَّرِّ والفَسادِ، أنْ لا يُسْتَرَ عليه. وهو يُشبِهُ قولَ القاضى المُتَقَدِّمَ فى المُقِرِّ بالحدِّ. وسَبق قولُ شيْخِنا فى إقامةِ الحدِّ. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ، بل لو قيلَ بالتَّرَقِّى إلى الوُجوبِ لاتَّجَة، خُصوصًا إنْ كان ينْزَجِرُ به.
قوله: وللحاكِمِ أنْ يُعَرضَ لهم بالوُقُوفِ عنها، فِى أحَدِ الوَجْهيْنِ. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: وللحاكمِ، فى الأصحِّ، أنْ يُعَرِّضَ له بالتَّوَقُّفِ عنها. قال الشَّارِحُ: وللحاكمِ أنْ يُعَرِّضَ للشَّاهدِ بالوُقوفِ عنها فى أظْهَرِ الرِّوايتَيْن. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ» . وجزَم به فى «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، [و «الحاوِى»](1)، وغيرِهم. واختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. والثَّانى، ليس له ذلك.
فائدتان؛ إحداهما، قال فى «الرِّعايةِ»: هل تُقْبَلُ الشَّهادةُ بحَدٌّ قديمٍ؟ على وَجْهيْن. انتهى. والصَّحيحُ مِنَ المذهب القَبُولُ. قدَّمه فى «الفُروعِ» . والوَجْهُ الثَّاني، لا تُقْبَلُ. اخْتارَه ابنُ أبى مُوسى. وقدمه فى «الرِّعاية» فى مَوْضعٍ.
الثَّانيةُ، للحاكمِ أنْ يُعَرِّضَ للمُقِرِّ بحدٍّ أنْ يرجِعَ عن إقْرارِه. وقال فى «الانْتِصارِ»: تلْقِينُه الرُّجوعَ مشْروعٌ.
(1) سقط من: الأصل.
وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهادَةُ لآدَمِىٍّ يَعلَمُها، لَمْ يُقِمها حَتَّى يَسْألهُ، فَإنْ لَم يَعلَمها، اسْتُحِبَّ لَهُ إعلَامُه بِها، وَلَهُ إقَامَتُها قَبْلَ ذَلِكَ.
ــ
قوله: ومَن كانتْ عندَه شَهادَةٌ لآدَمِىّ يعلَمُها، لم يُقِمها حتى يَسْأَلَه، فإنْ لم يَعلَمها، اسْتُحِبَّ له إعلامُه بها. هذا المذهبُ. وقطَع به الأكثرُ، وأطْلَقوا. وقال الشيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: الطَّلَبُ العرفِىُّ أو الحالِىُّ كاللفْظِىِّ، عَلِمَها أوْ لا. قلتُ: هذا عَيْنُ الصَّوابِ. ويجِبُ عليه إعلامُه إذا لم يَعلَم بها. وهذا ممَّا لا شكَّ فيه. وقال الشيْخُ تَقِىُّ الذينِ، رحمه الله، فى رده على الرَّافِضِىِّ: إذا أدّاها قبلَ طَلَبِه، قامَ بالواجبِ وكان أفْضَلَ، كمَن عندَه أمانةٌ أدّاها عندَ الحاجَةِ، وأنَّ المسْأَلَةَ
وَلَا يَجُوزُ ان يَشْهدَ إلَّا بِمَا يَعلَمُهُ بِرُويَةٍ أَوْ سَمَاعٍ.
ــ
تُشْبِهُ الخِلافَ في الحُكْمِ قبلَ الطلَبِ.
قوله: ولا يَجُوزُ أنْ يَشْهدَ إلَّا بِما يَعلَمُه برُؤْيَةٍ أو سَماع. بلا نِزاعٍ في الجُملةِ. لكِنْ لو جَهِلَ رجُلًا حاضِرًا، جازَ له أنْ يَشْهَدَ فى حضْرَتِه؛ لمعرِفَةِ عَيْنِه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإنْ كان غائبًا، فعرفَه مَن يسْكُنُ إليه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وعندَ جماعةٍ، جازَ له أنْ يشْهَدَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، المَنْعُ مِن الشَّهادَةِ بالتَّعْريفِ. وحَمَلها القاضى على الاسْتِحبابِ. وأطْلَقَهما فى «النَّظْمِ» . والمرأةُ كالرَّجُلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى. وعنه، إنْ عَرَفَها كنَفْسِه، شَهِدَ، وإلا فلا. وعنه، أو نظَر إليها، شَهِدَ. ونقَل حَنْبَلٌ، لا يشْهدُ عليها إلَّا بإذْنِ زوْجِها. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو مُحتَمِلٌ أنْ لا يدخُلَ عليها بَيْتَها إلَّا بإذْنِ زوْجِها. وعلَّل رِوايةَ حَنْبَل، بأنَّه أملَكُ بعصمَتِها. وقطَع به فى «المُبْهِجِ»؛ للخَبَرِ. وعلَّله بعضُهم بأن النَّظَرَ حقه. قال فى «الفُروعِ»: وهو سَهْوٌ. وتقام هذا أيضًا، فى بابِ طريقِ الحُكْمِ وصفَتِه، عندَ التَّعريف، وذكَرنا هناك كلامَ صاحبِ
وَالرُّويَةُ تَخْتَصُّ بِالأفْعَالِ؛ كَالْقَتْلِ، وَالْغصبِ، وَالسَّرِقَةِ، وَشربِ الْخَمرِ، وَالرضَاعِ، وَالْوِلَادَةِ، وَغَيْرِها.
وَالسمَاعُ عَلَى ضَربَيْنِ؛ سَمَاع مِنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، نحوَ الإقْرَارِ، وَالْعُقُودِ، وَالطَلاقِ، وَالعَتَاقِ.
ــ
«المُطْلِعِ» ، فَلْيُراجَع.
قوله: والسماعُ على ضَربَيْن؛ سماع مِنَ المَشْهُودِ عليه، نحوَ الإقْرارِ، والعُقُودِ، والطَّلاقِ، والعَتَاقِ. ونحوِه. وكذا حُكْمُ الحاكمِ، فَيَلْزَمُ الشَّاهِدَ الشَّهادةُ بما سَمِعِ، لا بأنَّه عليه. وهذا المذهبُ. وعنه، لا يَلْزَمُه، فيُخَيرُ. وتَأْتى تَتِمَّةُ ذلك مُسْتَوْفى، عندَ قوله: وتجوزُ شَهادَةُ المُسْتَخْفِى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: لو شَهِدَ اثْنانِ فى مَحفلٍ على واحدٍ منهم أنَّه طلَّق، أو أعْتَقَ (1)، قُبِلَ، ولو أنَّ الشَّاهِدَيْن مِن أهْلِ الجُمُعَةِ، فشَهِدَا على الخَطيِبِ أنَّه قال، أو فعَل على
(1) فى ط: «عتق» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المِنْبَرِ فى الخُطةِ شيئًا يشْهد به غيرُهما فى المسْألتَيْن، قُبِل مع المُشارَكَةِ فى سَمعٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبصَر. ذكَره في «المُغْنِى» ، فى شَهادةِ واحد [برَمَضانَ](1). قال فى
(1) فى الأصل: «فى رمضان» .
وَسَمَاعٌ مِنْ جِهةِ الاسْتِفَاضَةِ، فِيمَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ فِى الغَالِبِ إِلَّا بِذلِكَ؛ كَالنَّسبِ، وَالْمَوْت، وَالْمِلْكِ، وَالنِّكَاحِ، وَالْخُلْعِ، وَالوَقْفِ وَمصرِفِهِ، وَالْعِتْقِ، وَالوَلَاءِ، وَالْوِلَايةِ، وَالْعَزْلِ، وَمَا أشْبَهَ ذَلِكَ.
ــ
«الفُروع» : ولا يُعارِضُه قولُهم: إذا انْفَرَدَ واحدٌ فيما تَتَوَفرُ الدَّواعِى على نقْلِه مع مُشارَكَةِ خلقٍ، رُدَّ.
قوله: وسَماعٌ مِن جِهةِ الاسْتِفاضَةِ، فيما يَتَعَذر عِلْمُه فى الغالِبِ إلَّا بذلك؛ كالنَّسَبِ، والموْتِ، والمِلْك، والنكاحِ، والخُلْعِ، والوَقف، ومَصْرِفِه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والعتقِ، والوَلاءِ، وَالولايةِ، والعَزْلِ، وما أشْبَهَ ذلك. كالطَّلاقِ ونحوِه. هذا المذهبُ. أغنى، أنْ يشْهدَ بالاسْتِفاضَةِ فى ذلك كله. وعليه جماهيرُ الأصحابِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجزَم به فى «الوَجِيز» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يشْهدُ بالاسْتِفاضَةِ فى الوَقْفِ. وحكَى فى «الرعايةِ» خِلافًا فى مِلْكٍ مُطْلَقٍ، ومَصْرِفِ وَقْفٍ. وقال فى «العُمدَة»: ولا يجوزُ ذلك فى حدٍّ ولا قِصاصٍ. قال فى «الفُروعِ» : فظاهِرُه الاقْتِصارُ عليهما. وهو أظْهرُ. انتهى. وسألَه الشَّالَنْجِىُّ عن شَهادةِ الأعمَى، فقال: يجوزُ فى كلِّ ما ظَنَّه، مِثْلَ النَّسَبِ، ولا يجوزُ فى الحدِّ. وظاهِرُ قولِ الخِرَقِىِّ، وابنِ حامدٍ، وغيرِ هما، أنَّه يثْبُتُ فيهما أيضًا؛ لأنَّهم أطْلَقُوا الشَّهادةَ بما تَظاهرَتْ به الأخْبارُ. وقال فى «التَرغيبِ»: تُسْمَعُ شَهادةُ الاسْتِفاضَةِ فيما تسْتَقِرُّ معرِفَتُه بالتَّسامُعِ، لا فى عَقْدٍ. واقْتَصَرَ جماعةٌ مِن الأصحابِ - منهم، القاضى فى «الجامعِ» ، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما» ، وابنُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَقِيل فى «التَّذْكِرَةِ» ، والشِّيرَازِىُّ، وابنُ البَنَّا - على النَّسَبِ، والموتِ، والمِلْكِ المُطْلَقِ، والنِّكاحِ، والوَقْفِ، والعِتْقِ، والوَلاءِ. قال فى «الفُروعِ»: ولعله أشْهرُ. قال فى «المُغْنِى» (1): وزادَ الأصحابُ على ذلك، مصرِفَ الوَقْفِ، والوِلايةَ، والعَزْلَ. وقال نحوَه فى «الكافِى». وقال فى «الروْضَة»: لا تُقْبَلُ إلَّا فى نَسَبٍ، وموتٍ، ومِلْك مُطْلَقٍ، ووَقفٍ، ووَلاءٍ، ونِكاحٍ. وأسْقطَ جماعة مِن الأصحابِ الخُلْعَ والطَّلاقَ، وأسْقَطَهما آخرون، وزادُوا الوَلاءَ. وقال الشَّارِحُ: لم يَذْكُرِ المُصَنِّف الخُلْعَ فى «المُغْنِى» ، ولا فى «الكافِى». قال: ولا رأيْتُه فى كتابٍ غيرِه، ولعَلَّه قاسَه على النِّكاحِ. قال: والأوْلَى أنْ لا يثْبُتَ، قِياسًا على النِّكاحِ والطَّلاقِ. انتهى. قلتُ: نَصَّ الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، على ثُبوتِ الشَّهادةِ بالاسْتِفاضَةِ فى الخُلْعِ والطلاقِ. وجزَم به فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى الصغيرِ» ، و «الوَجِيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّ عايتَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. لكِنَّ العُذْرَ للشَّارِحِ أنَّه لم يطَّلِع على ذلك، مع كَثْرَةِ نقْلِه. وقال فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ»: تعْليلُ أصحابنا بأنَّ جِهاتِ المِلْكِ تخْتَلِفُ تعليل يُوجَدُ فى الدَّيْنِ، فقِياسُ قوْلِهم، يقْتَضِى أَنْ يثْبُتَ الدَّيْنُ بالاسْتِفاضَةِ. قلتُ: وليس ببعيدٍ.
تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: والنِّكاحِ. يشْمَلُ العَقْدَ والدَّوامَ. وهو صحيحٌ. وهو
(1) انظر المغنى 14/ 142.
وَلَا تُقْبَلُ الاسْتِفَاضَةُ إلَّا مِنْ عَدَدٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ، فِى ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِىِّ. وَقَالَ القَاضِى: تُسْمَعُ مِنْ عَدلَيْنِ فَصَاعِدًا
ــ
طاهِرُ كلامِ غيرِه، وظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال جماعةٌ مِن الأصحابِ: يَشهدُ بالاسْتِفاضَةِ فى دَوامِ النِّكاح، لا فى عَقْدِه. مهم، ابنُ عَبْدُوس فى «تَذكِرَتِه» .
قوله: ولا تُقْبَلُ الاسْتِفاضَةُ إلَّا مِن عَدَدٍ يَقَعُ العِلْمُ بِخَبَرِهم، فى ظاهِرِ كلامِ أحمَدَ، وَالخِرَقى. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنور» ، و «مُنتخَبِ الأدَمِى» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِداية» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُستَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْم» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.
وقال القاضى: تُسْمَعُ مِن عَدْلَيْن. وقيلَ: تُقْبَلُ أيضًا ممَّن تَسْكُنُ النَّفْسُ إليه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولو كان واحِدًا. واخْتارَه المَجْدُ وحفيدُه.
فائدتان؛ إحداهما، يَلْزَمُ الحُكْمُ بشَهادَةٍ لم يُعلَم تَلَقِّيها مِن الاسْتِفاضَةِ. ومَن قال: شَهدتُ بها. ففَرع. وقال فى «المُغْنِى» (1): شهادةُ أصحابِ المَسائلِ شهادَةُ اسْتِفاضَةٍ، لا شَهادَة على شَهادَةٍ، فيُكْتَفَى بمَن شَهِدَ بها، كبَقِيةِ شَهادةِ الاسْتِفاضَةِ. وقال فى «التَّزغيبِ»: ليس فها فرع. وقال القاضى فى «التعليقِ» وغيرِه: الشهادَةُ بالاسْتِفاضَةِ خَبَرٌ، لا شَهادة. وقال: تحْصُلُ بالنِّساءِ والعَبِيدِ. وقال الشيْخُ تَقِى الدِّينِ، رحمه الله: هى نظيرُ أصحابِ المَسائلِ عن الشهودِ على الخِلافِ. وذكَر ابنُ الزاغُونِىِّ، إنْ شَهِدَ أن جماعَةً يثِقُ بهم أخْبَرُوه بمَوْتِ فُلانٍ، أو أنَّه ابنُه، أو أنَّها زَوْجَتُه، فهى شَهادَةُ الاسْتِفاضَةِ، وهى صحيحةٌ. وكذا أجابَ أبو الخَطَّابِ، يُقْبَلُ فى ذلك، ويُحكَمُ فيه بشَهادَةِ الاسْتِفاضَةِ. وأجابَ أبو الوَفاءِ، إنْ صرَّحا بالاسْتِفاضَةِ، أو اسْتَفاضَ بينَ النَّاسِ، قُبِلَتْ فى الوَفاةِ والنَّسَبِ جميعًا. ونقَل الحَسَنُ بنُ محمدٍ، لا يشْهد إذا ثبَت
(1) انظر المغنى 14/ 143.
[345 ظ] وإنْ سَمِعَ إنْسَانًا يُقِرُّ بِنَسَبِ أبٍ، او ابْنٍ، فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، جَازَ انْ يَشْهَدَ بِهِ، وَإنْ كَذَّبَهُ، لَمْ يَشْهَدْ، وَإنْ سَكَتَ، جَازَ أنْ يَشْهَدَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ حَتَّى يَتَكَرَّرَ.
ــ
عندَه بعدَ مَوْتِه. ونقَل مَعْناه جَعْفَر. قال فى «الفُروعِ» : وهو غريبٌ.
الثَّانيةُ، قال فى «الفُروعِ»: وإذا شَهِدَ بالأمْلاكِ بتَظاهُرِ الأخْبارِ، فعمَلُ وُلاةِ المظالمِ بذلك أحقُّ. ذكَره فى «الأحْكامِ السلْطانِيةِ» . وذكَر القاضى أنَّ الحاكِمَ يحْكُمُ بالتَّواتُرِ.
قوله: وإنْ سَمِعَ إنْسَانًا يُقِر بنَسَبِ أبٍ، أو ابن، فَصَدَّقَه المُقَر له، جازَ أنْ يَشْهَدَ - له - به، وإنْ كَذبَه، لم يَشْهَدْ - بلا نِزاع أعْلَمُه - وإنْ سَكَتَ، جازَ أنْ يَشْهَدَ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. من عليه. قال ابنُ مُنَجَّى، فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس فى «تَذْكِرَتِه» . [وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، و «الهِدايةِ»](1)، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِب» ، و «الخُلاصةِ» ، و «النظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» .
(1) سقط من: ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويحتَمِلُ أنْ لا يشْهدَ حتى يتَكَرَّرَ. وهو لأبي الخَطابِ فى «الهِدايةِ» . وعلَّله ابنُ مُنجى فى «شرحِه» ، فقال (1): لأنَّه لو أكْذَبَه، لم تَجُزِ الشَّهادةُ، وسُكوتُه يَحتَمِلُ التَّصْدِيقَ والتكْذيبَ. ثم قال: واعلم أنَّ هذا تِعليلُ كلامِ المُصَنِّفِ. قال: وعندِى فيه نظرٌ؛ وذلك أن الاخْتِلافَ المذْكورَ فى الصُّورَةِ المذْكُورة يَنْبَغِى أنْ تكونَ فى دَعوَى الأبُوَّةِ، مثلَ أنْ يدَّعِىَ شخْصٌ أنَّه ابنُ فُلانٍ، وفُلانٌ يسْمَعُ فيَسْكُتُ، فإن السُّكوتَ إذا نُزِّلَ هنا مَنْزِلَةَ الإِقْرارِ، صارَ كما لو أقَرَّ الأبُ أنَّ فُلانًا ابْنُه. قال: ويُقَوِّى ما ذَكَرتُه، أنَّ المُصَنِّفَ حكَى فى «المُغْنِى» ، إذا سَمِعَ رجُلًا يقولُ لصَبِىّ: هذا ابْنِي. جازَ أنْ يشْهدَ، وإذا سَمِعَ الصَّبِىَّ يقولُ: هذا أبِى. والرَّجُلُ يسْمَعُه، فسَكَت، جازَ أنْ يشْهدَ؛ لأنَّ سُكوتَ الأبِ إقْرارٌ، والإقْرارُ يُثْبتُ النَّسَبَ، فَجَازَتِ الشَّهادَةُ به. ثم قال فى «المُغْنِى» (3): وإنَّما أُقِيمَ السُّكوتُ مُقامَ النُّطْقِ؛ لأنَّ الإقْرارَ على الانْتِساب الفاسِدِ لا يجوزُ، بخِلافِ سائرِ الدَّعاوَى، ولأنَّ النَّسَبَ يغْلِبُ فيه الإثْباتُ، إلَّا أنَّه يَلْحَقُ بالإمكانِ فى النِّكاحِ. ثم قال في «المُغْنِى» (2): وذكَر أبو الخَطَّابِ أنَّه يَحتَمِلُ أنْ لا يشْهدَ به مع السُّكوتِ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
انظر المغنى 14/ 144.
وإنْ رَأَى شَيْئًا فِى يَدِ إنْسَانٍ، يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرفَ المُلَّاكِ؛ مِنَ النقْضِ، وَالْبِنَاءِ، وَالإجَارَةِ، وَالإعَارَةِ، وَنَحْوِها، جَازَ أنْ يَشْهدَ بالْمِلْكِ لَهُ. وَيَحتَمِلُ أنْ لَا يَشْهدَ إلأ بَالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ.
ــ
حتى يتَكَرَّرَ. قال ابنُ منُجى: والعَجَبُ مِن المُصَنِّفِ، رحِمَهُ اللهُ تعالَى، حيثُ نقَل فى «المُغْنِى» الاحتِمالَ المذْكورَ فى هذه الصُّورَةِ عن أبى الخَطَّابِ، وإنَّما ذكَر أبو الخَطَّابِ الاحتِمالَ فى هذه الصُّورَةِ التى ذكَرَها المُصَنِّفُ هنا. قال: وفى الجُملَةِ خُروجُ الخِلافِ فيه، فيما إذا ادَّعَى شَخْص أنَّه ابنُ آخَرَ بحُضورِ الآخَرِ، فَيَسْكُتُ، ظاهِر. وفى الصُّورَةِ التى ذكَرَها المُصَنِّفُ هنا، الخِلافُ فيها بعيدٌ.
انتهى.
قوله: وإذا رَأى شَيْئًا فى يَدِ إنْسان، يَتَصَرفُ فيه تَصَرُّفَ المُلاكِ؛ مِنَ النَّقْضِ، والبِناءِ، والإجارَةِ، والإعارَةِ، وَنَحوِها، جازَ أنْ يَشْهدَ بالْمِلْكِ له. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم، ابنُ حامدٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهب» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحررِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. ويحتَمِلُ أنْ لا يشْهدَ إلَّا باليَدِ والتصَرُّفِ. واخْتارَه السَّامَرِّيُّ فى «المُسْتَوْعِبِ» ، والنَّاظِمُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ خُصوصًا فى هذه الأزْمِنَةِ، ومع القولِ بجوازِ الإجارَةِ مُدَّةً طويلةً. وهذا الاحتِمالُ للقاضى. وفى «نِهايةِ ابنِ رَزِين» ، يَشْهدُ بالمِلْكِ بتَصَرُّفِه. وعنه، مع يَدِه. وفى «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ البَغْدادِىِّ» ، إنْ رأى مُتَصَرفًا فى شئٍ تَصَرُّفَ مالكٍ، شَهِدَ له بمِلْكِه.
تنبيه: ظاهِرُ قولِه: يتَصَرَّفُ فيه تصرُّفَ المُلاكِ. سواءٌ رأى ذلك مُدَّةً طويلةً
فصل: وَمَنْ شَهِدَ بِالنِّكَاحِ، فَلَا بدَّ مِنْ ذِكْر شُرُوطِهِ، وأنَّهُ تزَوّجَها بِوَلِى مرشِدٍ، وَشاهِدَىْ عَدلٍ، وَرِضَاهَا.
ــ
أو قصِيرةً. وهو ظاهِرُ ما ذكَرَه ابنُ هُبَيْرَةَ، عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، وقالَه الأصحابُ فى كُتُبِ الخِلافِ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس» ، وغيرِهم. واقْتَصَرَ على المُدَّةِ الطويلةِ القاضى فى «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيل فى «الفُصولِ» ، والفَخْرُ فى «الترغيبِ» ، والمُصَنِّفُ فى «الكافِى» ، والمَجْدُ فى «المُحَرَّر» ، وابنُ حمدانَ فى «الرِّعايةِ» ، وصاحبُ «الوجِيزِ» ، وغيرُهم.
قوله: ومَن شَهِدَ بالنِّكاحِ، فلا بُدَّ مِن ذِكْرِ شُرُوطِه، وأنَّه تَزَوَّجَها بوَلِىِّ مُرْشِدٍ، وشاهِدَىْ عَدلٍ، ورِضاها. يعْنى، إنْ لم تكُنْ مُجْبَرَةً. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وعلَّله المُصَنِّفُ وغيرُه؛ لِئَلا يعتَقِدَ الشَّاهِدُ صِحَّتَه وهو فاسِد. قال فى «الفُروعِ»: ولعَل ظاهِرَه، إذا اتَّحَدَ مذهبُ الشَّاهدِ وِالحاكمِ لا يجِبُ التَّبْيِينُ. ونقَل عَبْدُ اللهِ، فى مَن ادَّعَى أن هذه المَيِّتَةَ امْرأتُه وهذا ابْنُه منها، فإنْ أقامَها بأصل النِّكاحِ ويصلُحُ ابنُه، فهو على أصْلِ النِّكاحِ، والفِراشُ ثابت يَلْحَقُه. وإنِ ادعَتْ أنَّ هذا المَيِّتَ زوْجُها، لم يُقْبَلْ، إلَّا أنْ تُقِيمَ بَينةً بأصلِ النِّكاحِ، وتُعطَى المِيراثَ، والبَيِّنَةُ، أنّه تزَوَّجَها بوَلِىٍّ مُرشِدٍ، وشُهودٍ، فى صِحَّةِ بدَنِه وجَوازٍ مِن أمرِه. ويأتِى فى أداءِ الشَّهادةِ، ولا يُعتَبَرُ قولُه فى صحَّتِه
وَإن شَهِدَ بِالرَّضَاعِ، فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكرِ عَدَدِ الرَّضَعَاتِ، وَأَنَّهُ
ــ
وجَوازِ أمرِه. ومُرادُه هنا؛ إمَّا لأنَّ المَهْرَ فوقَ مَهْر المِثْلِ، أو رِواية كمذهبِ مالك، أو احْتِياطًا لنَفْىِ الاحتِمالِ. ذكَرَه فى «الفُروعِ» .
فائدتان؛ إحداهما، لو شَهِدَ ببَيْع ونحوِه، فهل يُشترَطُ ذِكْرُ شُروطِه؟ فيه خِلافْ كالخِلافِ الذى فى اشْتِراطِ (1) صِحَّةِ دَعواه به، على ما سبَق فى بابِ طريق الحُكْمِ وصِفَتِه. [والمذهبُ هناك، يُشْترَطُ ذِكْرُ الشُّروطِ. فكذا هنا](2). فكُلُّ ما صحتِ الدعوى به صحتِ الشهادَةُ به (3)، وما لا فَلا. نقَل مُثَنَّى، فى مَن شَهِدَ على رجُلٍ أنَّه أقَر لأخٍ له (4) بسَهْمَيْن مِن هذه الدَّارِ مِن كذا وكذا سَهمًا، ولى يُحِدها، فيَشْهدُ كما سَمِعَ، أو يتَعَرفُ حدَّها؟ فَرَأى أنْ يشْهدَ على حدُودِها، فيتَعَرفَها. وقال الشيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: الشّاهِدُ يشْهدُ بما سَمِعَ، وإذا قامتْ بَينة بتَعَيُّنِ ما دخَل فى اللفْظِ قُبِلَ (5)، كما لو أقر، لفُلانٍ عندِى كذا، وأنَّ دارِى الفُلانيةَ أو المَحدودَةَ بكذا لفُلانٍ. ثم قامتْ بَيِّنةٌ بأنَّ هذا المُعَيَّنَ هو المُسَمَّى و (5) المَوْصوفُ، أو المَحدودُ، فإنَّه يجوزُ باتِّفاقِ الأئمَّةِ. انتهى.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
زيادة من: 1.
(4)
سقط من: ط.
(5)
في الأصل، ا:«أو» .
شَرِبَ مِنْ ثَديها، أوْ مِنْ لَبَنٍ حُلِبَ مِنْهُ.
وإنْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ، احتَاجَ أنْ يَقُولَ: ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ. أوْ: جَرَحَهُ فَقَتَلَهُ. أَوْ: مَاتَ مِنْ ذَلِكَ. فَإنْ قَالَ: جَرَحَهُ فَمَاتَ. لَمْ يحكم بِهِ.
ــ
الثَّانيةُ، لم (1) يذْكر لِرضاع، وقَتل، وسَرِقَة، وشُرْب، وقَذْفٍ، ونَجاسَةِ ماءٍ - قال ابنُ الزاغُونِى: وإكْراهٍ - ما يُشترَطُ لذلك، ويخْتَلِفُ به الحُكْمُ.
(1) سقط من: الأصل.
وإنْ شَهِدَ بِالزِّنَى، فَلَا بُدَّ أنْ يَذْكُرَ بِمَنْ زَنَى، وَأيْنَ زَنَى، وَكَيْفَ زَنَى، وَأنهُ رأى ذَكَرَهُ فِى فَرْجِهَا. وَمِن أصحَابِنَا مَنْ قَالَ: لَا يُحتَاجُ الَى ذِكْرِ الْمَزْنِىِّ بِها، وَلَا ذِكْرِ الْمَكَانِ.
ــ
قوله: وإنْ شَهِدَ بِالزِّنَى فلا بُدَّ أنْ يَذْكُرَ بمَن زَنَى، وأين زَنَى، وكيف زَنَى، وأنه رَأى ذَكَرَه فى فرجِها. هذا المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشارِحُ. وصحَّحه النَّاظِمُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّر» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الهِدايةِ» ، و «المُذْهب» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» .
ومِن أصحابِنا مَن قال: لا يحتاجُ إلى ذِكْرِ المزْنِىِّ بها، ولا ذِكْرِ المَكانِ. زادَ
[416 و] وَمَنْ شَهِدَ بِالسَّرِقَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَالنِّصَابِ، وَالْحِرزِ، وَصِفَةِ السرِقَةِ. وَإنْ شَهِدَ بِالْقَذْفِ، ذَكَرَ المَقْذُوفَ وَصِفَةَ الْقَذْفِ. وَإنْ شَهِدَا أنَّ هذَا العَبْدَ ابنُ أَمَةِ فُلَانٍ، لَمْ يُحكم لَهُ بِهِ حَتَّى يَقُولَا: وَلَدَتْهُ فِى مِلْكه.
ــ
فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، والزمانِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وأطْلَقَهما فى «المُحَررِ» . وتقدم فى أولِ البابِ، هل تُقْبَلُ الشهادةُ بحدٍّ قديمٍ، أم لا؟
قوله: وإنْ شَهِدَا أنَّ هذا العَبْدَ ابنُ أمَةِ فُلانٍ، لم يُحْكَمْ له به حتى يَقُولَا: وَلَدَتْه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى مِلْكِه. هذا المذهبُ. وقيلَ: يكْفِى بأنَّ أمَتَه وَلَدَتْه. وتقام ذلك فى بابِ اللَّقيطِ مُحَرَّرا عندَ قوْلِه: وإنِ ادَّعَى إنْسانٌ أنه مَملوكُه. فَلْيُعاوَدْ.
وإنْ شَهِدَا أنَّهُ اشْتَرَاها مِنْ فُلَانٍ، او وَقَفَها عَلَيْهِ، او أعتَقَها، لَمْ يحكَم لَهُ بِها حَتَّى يَقُولَا: وَهِىَ فِى مِلْكِهِ.
وإنْ شَهِدَا أنَّ هذَا الغَزْلَ مِنْ قُطْنِهِ، أوِ الطَّيْرَ مِنْ بَيْضَتِهِ، وَالدَّقِيقَ مِنْ حِنْطَتِهِ، حُكِمَ لَهُ بِها.
ــ
فائدتان؛ إحداهما، قولُه: وإنْ شَهِدَا أنَّ هذا الغزْلَ مِن قُطنه، أوِ الطَّيْرَ مِن بَيْضَتِه، أو الدَّقِيقَ مِن حِنْطتَه، حُكِمَ له بها. بلا نِزاعٍ. لكِن لو شَهِدَا (1) أنَّ هذه البَيْضَةَ مِن طَيْرِه، لم يُحْكَمْ له بها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارحُ، وغيرُهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُحكَمُ له بها.
(1) فى الأصل، ا:«شهد» .
وإذَا مَاتَ رَجُلٌ، فَادعَى آخَرُ أنهُ وَارِثُهُ، فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ أنَّهُ وَارِثُهُ، لَا يَعلَمَانِ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ، سُلِّمَ الْمَالُ إلَيْهِ، سَوَاء كَانَا مِنْ أهْلِ الخِبْرَةِ البَاطِنَةِ أوْ لَمْ يَكُونَا. وإنْ قَالَا: لَا نعلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فِى هذَا الْبَلَدِ. احتَمَلَ أنْ يُسَلمَ الْمَالُ إلَيْهِ، وَاحتَمَلَ أنْ لَا يُسَلَّمَ إلَيْهِ، حَتَّى يَسْتَكْشِفَ القَاضِى عَنْ خبَرِهِ فِى الْبُلْدَانِ الَّتِى سَافَرَ إلَيْها.
ــ
الثانيةُ، قولُه: وإذا ماتَ رَجُلٌ، فَادعى آخَرُ أنَّهُ وارِثُه، فَشَهِدَ له شاهِدانِ أنَّه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وارِثُه، لا يعلَمانِ له وارِثًا سِواه، سُلِّمَ المالُ إليه، سَواءٌ كانا مِن أهْلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ أو لم يَكُونا. هذا المذهبُ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الشّرحِ» وغيرِه. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويحتَمِلُ أنْ لا يُقْبَلَ، إلَّا أنْ يكونا مِن أهْلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ، لأنَّ عَدَمَ عِلْمِهم بوارِثٍ آخَرَ ليس بدَليل على عَدَمِه، بخِلافِ أهْلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ، فإنَّ الظَّاهِرَ أنَّه لو كانَ له وارِثٌ آخَرُ، لم يَخْفَ عليهم. انتهى. وصحَّحه النّاظِمُ. وقال فى «الفُروعِ»: وقيل: يجِبُ الاسْتِكْشافُ مع فَقدِ خِبْرَةٍ باطِنَةٍ، فَيَأمُرُ مَن يُنادِى بمَوْتِه، وَلْيَحضُر وارِثُه، فإذا ظَنَّ أنَّه لا وارِثَ، سَلَّمَه مِن غيرِ كَفِيلٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا يُسَلِّمُه إلَّا بكَفيلٍ. قال فى «المُحَرَّرِ» : حَكَمَ له بتَرِكَتِه إنْ كان الشَّاهِدَان مِن أهْلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ، وإلَّا ففى الاسْتِكْشافِ معها وَجْهانِ. انتهى. فعلى المذهبِ، يُكْمِلُ لذِى الفَرْضِ فرضَه. وعلى الثَّاني - وجزَم به فى «الترغيب» - يأخُذُ اليقينَ - وهو رُبْعُ ثمن للزَّوْجَةِ عائلًا، وسُدس للأمِّ عائلًا - مِن كلِّ ذِى فرضٍ لا حَجْبَ فيه، ولا يَقِينَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى غيرِه. وقال الشَيْخُ تَقِى الدينِ، رحمه الله: لا بُدَّ أنْ تُقَيدَ المَسْألةُ بأنْ لا يكونَ
المَيِّتُ ابنَ سَبِيل ولا غَرِيبًا.
قوله: وإنْ قال: لا نَعلَمُ له وارِثًا غيرَه فى هذا البَلَدِ. احتَمَلَ أنْ يُسَلَمَ المَالُ إليه. وهو المذَهبُ. جزَم به فى «الوَجِيز» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِى» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ». قال الشَّارِحُ: وذُكِرَ ذلك مذَهبًا للإمام أحمدَ، رحمه الله.
واحتَمَلَ أنْ لا يُسَلَمَ إليه، حتى يَسْتَكْشِفَ القاضى عن خَبَرِه فى البُلْدانِ التى سافَرَ إليها. قال الشَّارِحُ: وهو أوْلَى إنْ شاءَ الله تَعالَى. وأطْلَقَهما ابنُ مُنَجَّى فى «شَرحِه» ، والنَّاظِمُ. قال فى «المُحَرَّرِ»: حُكِمَ له بالتَّرِكَةِ إنْ كانَا مِن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أهْلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ، وفى الاسْتِكْشافِ معها وَجْهان. وقال فى «الانْتِصار» ، و «عُيونِ المَسائلِ»: إنْ شَهِدَا بإرثة فقط، أخَذها بكَفيلٍ. وقال فى «الترغيب» وغيرِه، وهو ظاهِرُ «المُغْنِى»: فى كَفِيل بالقدرِ المُشْتَرَكِ وَجْهان. واسْتِكْشافُه كما تقدَّم. فعلى المذهبِ، لو شَهِدَ الشّاهِدان الأولانِ أنَّ هذا وارِثُه، شارَك الأوَّلَ. ذكَرَه ابنُ الزَّاغُونِىِّ. وهو معنَى كلامِ أبى الخَطَّابِ، وأبي الوَفاءِ. واقتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ» .
فائدة: لو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أنَّ هذا ابْنُه لا وارِثَ له غيرُه، وشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أخْرى أنَّ هذا ابْنُه لا وارِثَ له غيرُه، قُسِمَ المالُ بينَهما؛ لأنَّه لا تَنافِىَ. ذكَرَه فى «عُيونِ المَسائلِ» ، و «المُغنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النّظمِ» ، وغيرِهم. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». قال المُصَنِّفُ فى «فَتايه»: إنما احتاجَ إلى إثْباتِ أنَّه (1) لا وارِثَ له سِواه؛ [لأنَّه يُعلَمُ ظاهِرًا](2)، فإن بحُكْمِ العادَةِ (3) يعلَمُه جارُه، ومَن يعْرِفُ باطِنَ أمرِه، بخِلافِ دينه على المَيِّتِ، لا يختاجُ الى إثْباتِ أنَّه (2) لا دَيْنَ عليه سِواه؛ لخَفَاءِ الدَّيْنِ، ولأنَّ جِهاتَ الإرثِ يُمكِنُ الاطِّلاعُ على تعَيُّنِ انتِقالِها، ولا
(1) زيادة من: 1.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
بعده فى الأصل: «به» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَرِدُ الشَّهادةُ على النَّفْىِ مُطْلَقًا؛ بدَليلِ المَسْألةِ المذْكورةِ، والإعسارُ والبَيِّنَةُ فيه تُثْبتُ ما يظْهرُ ويُشاهدُ، بخِلافِ شَهادَتِهما أنَّه (1) لا حقَّ له عليه. قال فى «الفُروعِ»: ويدخلُ فى كلامِهم قَبُولُها إذا كان النَّفْىُ محصورًا، كقولِ الصَّحابِىِّ، رَضِىَ اللهُ عنه: دُعِى صلى الله عليه وسلم إلى الصَّلاةِ، فَقامَ وطَرَحَ السِّكِّينَ وصلَّى، ولم يتَوَضَّأ (2). ولهذا قيلَ للقاضى: أخْبارُ الصَّلاةِ على شُهداءِ أحُدٍ مُثْبِتَة وفيها زِيادَةٌ، وأخْبارُكم نافِيَةٌ وفيها نُقْصان، والمُثْبِتُ أوْلَى. فقال: الزِّيادةُ هنا مع النَّافِى؛ لأنَّ الأصلَ فى المَوْتَى الغُسْلُ والصَّلاةُ، ولأنَّ العِلْمَ بالتركِ والعِلْمَ بالفِعلِ سَواءٌ فى هذا المَعنَى؛ ولهذا نقولُ: إنَّ مَن قال: صَحِبْتُ فُلانًا فى يومِ كذا، فلم يَقْذِفْ فُلانًا. تُقْبَلُ شَهادَتُه، كما تُقْبَلُ فى الإثْباتِ، وذكَر القاضى أيضًا، أنه لا تُسْمَعُ بَينةُ المُدَّعَى عليه بعَيْن فى يَدِه، كما لا تُسْمَعُ بأنه لا (3) حقَّ عليه فى دَيْنٍ ينكِرُه، فقيلَ له: لا سَبِيلَ للشَّاهِدِ إلى معرِفَتِه. فقال: لهما سَبِيلٌ؛ وهو إذا كانتِ الدَّعوى ثَمَنَ مَبِيع فأنكَرَه، وأقامَ البينةَ على ذلك، فإنَّ للشَّاهِدِ سَبِيلًا إلى معرِفَةِ ذلك؛ بأنْ شاهدَه (4) أْبرَأه مِن الثَّمَنِ، أو أقْبَضَه إيَّاه، فكانَ يجبُ أنْ يقْبَلَ. الهى. وفى «الرَّوْضَةِ» فى مسْألةِ النافِى، لا سَبِيلَ إلى إقامَةِ دليل على النَّفْىِ؛ فإنَّ ذلك إنَّما يعرَفُ بأنْ يُلازِمَه الشَّاهِدُ مِن أوَّلي وُجودِه إلى وَقْتِ الدَّعوَى، فَيَعلَمَ سَبَبَ اللُّزومِ قوْلًا وفعلًا، وهو مُحالٌ. انتهى. وفى «الواضِحِ»: العَدالَةُ، بجَمعِ (5) كلِّ فَرض، وتَركِ كلِّ محظور، ومَن يُحيطُ به علْمًا، والتَّركُ نَفْىٌ، والشَّاهِدُ (6)
(1) بعده فى الأصل: «به» .
(2)
تقدم تخريجه فى 2/ 61، 21/ 360.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
فى ط: «يشاهده» .
(5)
فى ط، ا:«تجمع» .
(6)
كذا بالنسخ، ولعلها «الشهادة» ، كما فى الفروع 6/ 558.
وَتَجُوزُ شَهادَةُ الْمُسْتَخْفِى.
ــ
بالنَّفْىِ لا يَصِحُّ. انتهى.
قوله: وتَجُوزُ شَهادَةُ المُسْتَخْفِى، ومَن سَمِعَ رَجُلًا يُقِرُّ بحَق، أوْ يُشْهِدُ
وَمَنْ سَمِعَ رَجُلًا يُقِرُّ بِحَق، أوْ يُشْهِدُ شَاهِدًا بِحَقٍّ، أوْ سَمِعَ الْحَاكِمَ يَحكُمُ، أوْ يُشْهِدُ عَلَى حُكْمِهِ وَإنْفَاذِهِ، فِى [346 ظ] إحدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ فِى الأخْرَى حَتَّى يُشهِدَهُ عَلَى ذَلِكَ.
ــ
شاهِدًا بحَقٍّ، أو سَمِعَ الحاكِمَ يَحكُمُ، أو يُشْهِدُ على حُكْمِه ووإنْفاذِه، فِى إحدَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرِّوايَتَيْن. وكذا لو سَمِعَ رجُلًا يُعتِقُ، أو يُطَلِّقُ، أو يُقِر بعَقْدٍ ونحوِه. يعنِى أنَّ شَهادَتَه عليه جائزةٌ، ويَلْزَمُه أنْ يَشْهدَ بما سَمِعَ. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه. وقطَع به الخِرَقِىُّ وغيرُه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِير» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال المُصنفُ، والشَّارِحُ عن شَهادةِ المُسْتَخْفِى: تجوزُ على الرِّوايةِ الصَّحيحةِ. وقالا عن الإقْرارِ: المذهب أنَّه يَجُوزُ
أنْ يَشْهدَ عليه، وإنْ لم يقُلْ: اشْهد علىَّ. انتهيا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا يجوزُ فى الأخْرى حتى يُشْهِدَه على ذلك. اخْتارَه أبو بَكْر. وتَبِعَه ابنُ أبى مُوسى فى عدَمِ صِحَّةِ شَهادَةِ المُسْتَخْفِى. وعنه، لا يجوزُ أنْ يشهدَ عليه بالإقْرارِ والحُكْمِ حتى يُشْهِدَه على ذلك. وعنه، إنْ أقَرَّ بحق فى الحالِ، شَهِدَ به، وإنْ أقرَّ بسابِقَةِ الحق، لم يَشْهد به. نقَلها أبو طالِبٍ، واخْتارَها المَجْدُ. وعنه، لا يَلْزَمُه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنْ يشْهدَ فى ذلك كلِّه، بل يُخَيَّرُ. نقَلها أحمدُ بنُ سعيدٍ. وتورَّع ابنُ أبى مُوسى، فقال فى القرضِ ونحوِه: لا يَشْهدُ به. وفى الإقْرارِ بحَق فى الحالِ يقولُ: حضَرْتُ إقْرارَ فُلانٍ بكذا. ولا يقولُ: أشْهدُ على إقْرارِه. وقال أبو الوَفاءِ: ولا يجوزُ أنْ يَشهدَ على المَشْهودِ عليه، إلَّا أنْ يَقْرَأ عليه الكِتابَ، أو يقولَ المَشْهودُ عليه: قُرئَ على. أو: فَهِمْتُ جميعَ ما فيه. فإذا أقَرَّ بذلك، شَهِدَ عليه. وهذا معنَى كلامِ أبى الخَطابِ. وحِينَئذٍ لا يُقْبَلُ قولُه: ما عَلِمتُ ما فيه. فى الظاهرِ. قالَه فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الفُروعِ» . فعلى المذهبِ، إذا قال المُتَحَاسِبانِ لا تشْهدُوا علينا بما يجْرِى بيْنَنا. لم يمْنَعْ ذلك الشَّهادةَ، ولُزومَ إقامَتِها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّر» ، و «الفُروعِ» ، و «الحاوِى» ، وغيرِهم. وقطَع به المُصَنِّفُ، والشّارِحُ، وصاحِبُ «الوَجِيزِ» ، وغيرُهم. وعنه، يمنَعُ. وأطْلَقهما الزَّركَشِىُّ.
فائدة: قال في «الفُروعِ» : وظاهِرُ كلامِهم أن الحاكِمَ إذا شَهِدَ عليه، شَهِدَ، سواءٌ كان وَقْتَ الحُكْمِ أوْ لا، وتقدَّم فى كتابِ القاضِى، وقيلَ لابنِ الزاغُونِى: إذا قال القاضى للشاهِدَيْن: أعلِمُكُما أني حَكَمتُ بكذا. هل يصِحُّ أنْ يقولَا (1): أشْهدَنا على نفْسِه أنّه حكَم بكذا؟ فقال: الشَّهادةُ على الحُكْمِ تكونُ فى وَقْتِ حُكْمِه، فأمَّا بعدَ ذلك، فإنَّه مُخْبر لهما بحُكْمِه، فيقولُ الشاهِدُ: أخْبَرني، أو أعلَمَنِى، أنه حكَمَ بكذا، فى وَقْتِ كذا وكذا. قال
(1) فى الأصل، ا:«يقول» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبو الخطَّابِ، وأبو الوَفَاءِ: لا يجوزُ لهما أنْ يقُولَا: أشْهدَنا. وإنَّما يخْبِران بقَوْلِه.
فَصْلٌ: وإذَا شَهدَ أحَدُهُمَا أنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا أحْمَرَ، وَشَهِدَ آخَرُ أنَّهُ غصَبَهُ ثَوْبًا أَبْيَضَ، أوْ شَهدَ أحَدُهُمَا أنَّهُ غَصَبَهُ الْيَوْمَ، وَشهِدَ آخرُ أنَّهُ غصَبَهُ أمسِ، لَمْ تَكمُلِ الْبَيِّنَةُ. وَكذلِكَ كُلُّ شَهادَةٍ عَلَى الْفعلِ، إِذَا اخْتَلَفَا فِى الْوَقْتِ، لَمْ تَكْمُل الْبَيِّنَةُ.
ــ
قوله: فصلٌ: وإذا شَهِدَ أحَدُهما أنَّه غَصَبَه ثَوْبًا أحمَرَ، وشَهِدَ آخَرُ أنَّه غَصَبَه ثَوْبًا ابيَضَ، أوْ شَهِدَ أحَدُهما أنَّه غَصَبَه اليومَ، وشَهِدَ آخَرُ أنه غَصَبَه أمسِ، لم تَكْمُلِ البَيِّنَةُ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «مُنتخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِ هم. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرح» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال فى «المُحَرَّرِ»: قالَه أكثرُ أصحابِنا. وقال أبو بَكْر: تَكْمُلُ البَيِّنَةُ. واخْتارَه القاضى، وأبو الخَطابِ، وغيرُهما.
قوله: وكذلك كلُّ شَهادَةٍ على الفِعلِ، إذا اخْتَلَفَا فِى الوَقْتِ، لم تَكْمُل البَيِّنَةُ. وكذا لو اخْتَلَفَا فى المكانِ، أو فى الصِّفَةِ بما يَدُلُّ على تَغايُرِ الفِعلَيْن. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «شرحِ ابن مُنَجَّى» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرحِ» ، و «النظْمِ» ، و «الرعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال أبو بَكْر: تَكْمُلُ البينةُ ولو فى قَوَدٍ وقَطْعٍ. وذكَرَه القاضى أيضًا فى القَطْعَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحداهما، لو اخْتَلَفا فى صِفَةِ الفعلِ، فشَهِدَ أحدُهما أنَّه سرَق مع الزوالِ كِيسًا أبيَضَ، وشَهِدَ آخَرُ أنَّه سرَق مع الزَّوالِ كِيسًا أسْوَدَ، أو شَهِدَ أحدُهما أنَّه سرَق هذا الكِيسَ غُدوَةً، وشَهِدَ آخَرُ أنَّه سرَقَه عَشِيَّةً، لم تَكْمُلِ الشَّهادَةُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ذكَرَه ابنُ حامِدٍ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشرحِ» ، وصحَّحاه. وجزَم به فى «الفُروعِ». وقال أبو بَكْر: تَكْمُلُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّانيةُ، لو شَهِدَ بكُلِّ فِعل شاهِدان، واخْتَلَفَا فى المَكانِ أو الزَّمانِ أو الصفَةِ، ثَبَتَا جميعًا إنِ ادعاهما، وإلَّا ثبَت ما ادَّعاه، إلَّا أنْ يكونَ الفِعلُ ممَّا لا يمكِنُ تَكْرارُه - كقَتْلِ رَجُل بعَيْنه - تَعَارَضَتا. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». وقال فى «الفُروعِ»: تعارَضَتا، إلَّا على قوْلِ أبى بَكْرٍ. وهو مُرادُهما. ولو شَهِدَ شاهِدان أنَّه سرَق بع الزَّوالِ كِيسًا أبيَضَ، وشَهِدَ آخَرانِ أنَّه سرَق مع الزَّوال كِيسًا أسْودَ، أو شَهِدَا أنه سرَق هذا الكِيسَ غُدوَةً، وشَهِدَ آخَران
وَإِنْ شَهِدَ احَدهمَا أنَّه أَقَرَّ له بِألْفٍ أمْسِ، وَشهِدَ آخر أنَّه أقَرَّ لَهُ بألْفٍ اليَوْمَ، أَوْ شَهِدَ أحَدهُمَا أنَّهُ بَاعَه دَارَهُ أمْسِ، وَشَهِدَ آخَرُ
ــ
أنَّه سرَقَه عَشِيةً، تعارَضَتا. قالَه القاضِى وغيرُه. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ»: تَعَارَضَتا وسَقَطَتا، ولم يثْبُتْ قَطْع ولا مال. قال المُصَنِّفُ: والصَحيحُ أنَّ هذا لا تَعارُضَ فيه لإمكانِ صِدْقِهما، بأنْ يسْرِقَه بُكْرَةً، ثم يعودَ إلى صاحبِه أو غيرِه، فيَسْرِقَه عَشِيَّةً، فيَثْبُتَ له الكِيسُ المَشْهودُ به حَسْبُ، فإنَّ المَشْهودَ به، وإنْ كانَا فِعْلَيْن، لكِنَهما فى مَحَلٍّ واحد، فلا يجبُ أكثرُ مِن ضَمانِه. انتهى.
قوله: وإنْ شَهِدَ أحدُهما أنَّه أقَرَّ له بألفٍ أمْسَ، وشَهِد آخَرُ أنَّه أقَرَّ له بها اليومَ،
أنَّه بَاعَهُ إيَّاها الْيَوْمَ، كَمَلَتِ الْبَيِّنَةَ، وَثَبَتَ الْبَيْع وَالإقْرَارُ. وَكَذَلِكَ كُلُّ شَهادَةٍ عَلَى الْقَوْلِ،
ــ
أو شَهِدَ أحدُهما إنّه باعَه دارَه أمسِ، وشَهِدَ آخَرُ أنه باعَه إيَّاها اليَوْمَ، كَمَلَتِ البَيِّنَةُ، وثبَت البَيْعُ والإقْرارُ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. جزَمُوا به. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وفى «الكافِى» احتِمال، أنَّها لا تَكْمُلُ. وفى «التَّرْغيب» وَجْهٌ، كل العُقودِ، كالنِّكاحِ. على ما يأتِى.
قوله: وكذلك كلُّ شَهادَةٍ على القَوْلِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وتقدَّمَ احتِمالُ صاحبِ «الكافِى» ، ووَجْهُ صاحبِ «التَّرْغيبِ» .
الَّا النِّكَاحَ، إِذَا شَهِدَ أحَدُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا أمْسِ، وَشَهِدَ الآخَرُ أَنَّهُ تزَوَّجَهَا اليَوْمَ، لَمْ تَكمُلِ الْبَيِّنَةَ. وَكذلِكَ الْقَذْفُ.
ــ
قوله: إلَّا النِّكاحَ، إذا شَهِدَ أحدُهما أَنَّهُ تَزَوَّجَها أمْسِ، وشَهِدَ آخَرُ أنَّه تَزَوَّجَها الْيومَ، لم تَكْمُلِ البَيِّنَةُ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الوَجِيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. قال فى «المُحَرَّرِ»: أكثرُ أصحابِنا قال: لا يُجْمَعُ؛ للتَّنافِى. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال أبو بَكْرٍ: يُجْمَعُ وتكْمُلُ.
قوله: وكَذلك القَذْفُ. يعْنِى أنَّ البَيِّنَةَ لا تَكْمُلُ إذا اخْتَلَفَ الشَّاهِدان فى وَقْتِ قَذْفِه. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «المُحَرَّرِ» : حُكْمُه حكمُ النِّكاحِ عندَ أكثرِ أصحابِنا. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَثْبُتُ الْقَذْفُ.
ــ
وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال أبو بَكْرٍ: يَثْبُتُ القَذْفُ.
فوائد؛ الأُولَى، لو كانتِ الشَّهادةُ على الإقْرارِ بفِعْل أو غيرِه، ولو نِكاحًا أو قَذْفًا، جُمِعَتْ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحبُ «الوَجِيزِ» ، وغيرُهم.
الثَّانِيةُ، لو شَهِدَ واحدٌ بالفِعْلِ، وآخَرُ على إقْرارِه، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّ البَيِّنَةَ تُجْمَعُ. نصَّ عليه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، فى القَسامَةِ، والشَّارِحُ فى أقْسامِ المَشْهودِ به، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ» ، وغيرُهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال فى «الفُروعِ» : فنَصُّه، تُجْمَعُ. وقال القاضى: لا تُجْمَعُ. وقالَه غيرُه. وذكَرَه فى «المُحَرَّرِ» عن الأكْثَرَين.
الثَّالثةُ، لو شَهِدَ واحدٌ بعَقْدِ نِكاحٍ، أو قَتْل خَطَأٍ، وآخَرُ على إقْرارِه، لم تُجْمَعْ، وَلمُدَّعِى القَتْلِ أنْ يحْلِفَ مع أحَدِهما، ويأْخُذَ الدِّيَةَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرَّابعةُ، متى جمَعْنا البَيِّنةَ، مع اخْتِلافِ زمَن فى قَتْلٍ (1) أو طَلاقٍ، فالعِدَّةُ، والإرْثُ تَلِى آخِرَ المُدَّتَيْن. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.
(1) فى ط: «طلاق» .
وَإنْ شهِدَ شاهِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ لهُ بِأَلْفٍ، وَشهِدَ آخرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفيْنِ، ثَبَتَ الْأَلْفُ، وَيَحْلِفُ عَلَى الآخَرِ مَعَ [347 و] شَاهِدِهِ إِنْ أَحَبَّ.
ــ
قوله: وإنْ شَهِدَ شاهدٌ أنَّه أقَرَّ له بألْفٍ، وشَهِدَ آخَرُ أنَّه أقَرَّ له بألْفَيْن، ثَبَتَتِ الأَلْفُ، ويَحْلِفُ على الآخَرِ مع شاهدِه إنْ أحَبَّ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الوَجِيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَحْلِفُ مع كلِّ شاهدٍ؛ لأنَّها لم تَثْبُت.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: لو شَهِدَ شاهِدان بأَلْفٍ، وشاهِدان بخَمْسِمِائَةٍ، ولم تخْتَلِفِ الأسْبابُ والصِّفاتُ، دخلَتِ الخَمْسُمِائَة فى الأَلْفِ، ووَجَبَتِ الألْفُ، وإنِ اخْتَلَفَتِ الأسْبابُ والصِّفاتُ، وَجَبَتْ له الأَلْفُ والخَمْسُمِائَة. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.
وِإنْ شَهِدَ أحَدُهُمَا أنَّ لَهُ أَلْفًا، وَشَهِدَ آخَرُ أنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَيْنِ، فَهَلْ تَكْمُلُ الْبَيِّنةُ عَلَى أَلْفٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا مِنْ قَرْضٍ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ.
ــ
قوله: وإنْ شَهِدَ أحدُهما أنَ له عليه ألْفًا، وشَهِدَ آخَرُ أن له عليه ألْفَيْن، فهلْ تَكْمُلُ البَيِّنَةُ على ألْفٍ؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ؛ أحدُهما، تَكْمُلُ البَيِّنَةُ فى الأَلْفِ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجِيزِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. والثَّاني، لا تَكْمُلُ، فَيَحْلِفُ مع كلِّ شاهدٍ.
قوله: وإنْ شَهِدَ أحدُهما أنَّ له عليه ألْفًا مِن قَرْضٍ، وشَهِدَ آخَرُ أن له عليه ألْفًا مِن ثَمَنِ مَبِيعٍ، لم تَكْمُلِ البَيِّنَةُ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الوَجِيزِ» . وقدَّمه
وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ الْفًا، وَقَالَ أَحَدُهُمَا: قَضَاهُ بَعْضَهُ. بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: قَضَاهُ نِصْفَهُ. صَحَّتْ شَهَادَتُهُمَا.
ــ
فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: تَكْمُلُ إنْ شَهِدَا على إقْرارِه، وإلَّا فلا.
فائدةٌ: لو شَهِدَ شاهدٌ بأَلْفٍ، وآخَرُ بأَلْفٍ مِن قَرْضٍ، جُمِعَتْ شَهادَتُهما.
قوله: وإنْ شَهِدَ شاهِدان أنَّ له عليه ألْفًا، وقالَ أحَدُهما: قَضاه بَعْضَه - مثلَ أنْ يقولَ: قَضَى منه مِائَةً - بَطَلَتْ شَهادَتُه - هذا المذهبُ - نصَّ عليه. جزَم به فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرُه. ونَقَل الأَثْرَمُ، تفْسُدُ فى المِائَةِ كرُجوعِه. قال الشَّارِحُ (1): والمَنْصوصُ عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، أنها تُقْبَلُ فيما بَقِىَ. قال الإمامُ أحمدُ، رحمه الله: ولو جاءَ بعدَ المَجْلِسِ، فقال: أشْهَدُ أنه قَضاه بعْضَه. لم يُقْبَلْ منه. قال الشَّارِحُ: فهذا يَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ، إذا جاءَ بعدَ الحُكْمِ، فيَحْتاجُ قَضاءُ المِائَةِ إلى شاهِدٍ آخَرَ، أو يَمِينٍ.
(1) فى حاشية ط: «وقاله المصنف أيضا فى «المغنى» ، أعنى قوله: والمنصوص عن أحمد. إلى آخره».
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: وإنْ شَهِدَا أنَّه أقْرَضَه ألفًا، ثم قالَ أحَدُهما: قَضاه نِصْفَه. صَحَّتْ شَهادَتُهما. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم؛ منهم (1)، صاحِبُ «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» . وجزَم به الشَّارِحُ، وقال: وَجْهًا واحدًا. وكذلك قال (2) ابنُ مُنَجَّى. وقال فى «الفُروعِ» : لو شَهِدَا (3) أنَّه أقْرَضَه ألْفًا، ثم قال أحدُهما: قَضاه خَمْسَمِائَةٍ (4). صحَّ. نصَّ عليه. وقال فى «المُحَرَّرِ» : ونصَّ فيما إذا شَهِدَا (5) أنَّه أقْرَضَه ألْفًا، ثم قال أحدُهما: قَضاه خَمْسَمِائَةٍ، فشَهادَتُهما صحيحةٌ بالأَلْفِ، ويحْتاجُ قَضاءُ الخَمْسِمِائَة إلى شاهدٍ آخَرَ، أو يَمِينٍ. ويتَخرَّجُ مِثْلُه فى التى قبلَها، ويتخَرَّجُ فيهما أنْ لا تَثْبُتَ بشَهادَتِهما سِوَى خَمْسِمِائَةٍ. انتهى. وقال فى «الفُروعِ»: ويتخَرَّجُ بُطْلانُ شَهادَتِه، كرِوايةِ الأَثْرَمِ.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: الأصل، ا.
(3)
فى الأصل، ط:«شهد» .
(4)
فى الأصل، ط:«خمسين» . وكذا فى الفروع 6/ 546.
(5)
فى الأصل: «شهد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ الأُولَى، لو شَهِدَ عندَ الشَّاهدِ عَدْلانِ أو عَدْلٌ أنَّه اقْتَضاه ذلك الحَقَّ، أو قد باعَ ما اشْتَرَاه، لم يشْهَدْ له. نقَله ابنُ الحَكَمِ. وسألَه ابنُ هانِئٍ، لو قَضاه نِصْفَه، ثم جَحَدَه بقِيَّتَه، ألَه أنْ يدَّعِيَه، أو بقِيَّتَه؟ قال: يدَّعِيه كلَّه، وتَقُومُ (1) البَيِّنَةُ، فَتَشْهَدُ (2) على حقِّه كلِّه، ثم يقولُ للحاكمِ: قَضانِى نِصْفَه.
الثَّانيةُ، لو علَّق طَلاقًا، إنْ كانَ لزَيْدٍ عليه شئٌ (3)، فشَهِدَ شاهِدان أنَّه أقْرَضَه، لم يَحْنَثْ، بل إنْ شَهِدَا أنَّ له عليه، فحكمَ بهما. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُهم، فى صادِقٍ ظاهرٍ. ولهذا قال فى «الرِّعايةِ»: مَن حَلَفَ بالطَّلاقِ لا حَقَّ عليه لزَيْدٍ، فقامَتْ عليه بَيِّنَةٌ تامَّةٌ بحَقٍّ لزَيْدٍ، حَنِثَ حُكْمًا.
الثَّالثةُ، لو شَهِدَا على رَجُلٍ أنَّه طلَّق مِن نِسائِه، أو أعْتَقَ مِن أمائِه، أو أبْطَلَ مِن وَصاياه واحِدَةً بعَيْنِها، وقالَا (4): نَسِينا عَيْنَها. لم تُقْبَلْ هذه الشَّهادَةُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: تُقْبَلُ. وجزَم به فى «المُبْهِجِ» فى صُورَةِ الوَصِيَّةِ. وفيها قال فى «التَّرْغيبِ» : قال أصحابُنا: يقْرَعُ بينَ الوَصِيَّتيْن، فمَن خَرَجَتْ قُرْعَتُها فهى الصَّحِيحَةُ.
الرَّابعَةُ، هل يَشْهَدُ عقْدًا فاسِدًا مُخْتَلَفًا فيه، ويشْهَدُ به؟ قال فى «الفُروعِ»: يتَوَجَّهُ دخُولُها فى مَن أتَى فَرْعًا مُخْتَلَفًا فيه. وقال القاضى فى «التَّعْليقِ» : يَشْهَدُ.
(1) فى الأصل، ا:«يقيم» .
(2)
فى الأصل: «فشهدا» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
فى الأصل: «قال» .
وَإذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ، فَقَالَ: أُرِيدُ أنْ تَشْهَدَا لِى بِخَمْسِمِائَةٍ. لَمْ يَجُزْ. وَعِنْدَ أَبِى الْخَطَّابِ، يَجُوزُ.
ــ
وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» : لو رَهَنَ الرَّهْنَ بحَقٍّ [ثانٍ، كان رَهْنًا](1) بالأَوَّلِ فقطْ، فإنْ شَهِدَ بذلك شاهِدان؛ فإنِ اعْتَقَدَا فَسادَه، لم يَكُنْ لهما، وإنِ اعْتَقَدَا صِحَّتَه، جازَ أنْ يَشْهَدَا بكَيْفِيَّةِ الحالِ فقطْ. ومَنَعَه الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، فى رِوايةِ الجماعَةِ إذا عَلِمَه بتَخْصِيصِ بعْضِ وَلَدِه أو تفْضِيلِه. وذكَره فيه الحارِثِىُّ عن الأصحابِ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، يُكْرَهُ ما ظَنَّ فَسادَه، ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ، يَحْرُمُ. انتهى.
قوله: وإذا كانتْ له بَيِّنَة بألْفٍ، فقال: أُرِيدُ أنْ تَشْهَدَا لى بخَمْسِمِائَةٍ. لم يَجُزْ - وهو المذهبُ بلا رَيْبٍ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ - وعندَ
(1) فى الأصل: «بأن كان أرهن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبي الخَطَّابِ، يَجُوزُ. فقال فى «الهِدايةِ»: ولو كانَا شَهِدَا على رَجُلٍ بأَلْفٍ، فقال صاحِبُ الدَّيْنِ: أُرِيدُ أنْ تشْهَدَا لى (1) مِنَ الأَلْفِ بخَمْسمِائَةٍ. فإنْ كان الحاكِمُ لم يُوَلَّ الحُكْمَ بأكْثَرَ مِن ذلك، لم يَجُزْ لهما أنْ يشْهَدَا بخَمْسِمِائَةٍ. قال: وعنْدى، يجوزُ أنْ يشْهَدَا بذلك. انتهى. وقال فى «المُحَررِ»: إذا قال مَن له بَيِّنَة بأَلْفٍ: أُرِيدُ أنْ تشْهَدَا لى بخَمْسِمِائَةٍ. لم يَجُزْ ذلك إذا كان الحاكِمُ لم يُوَلَّ الحُكْمَ بأكْثَرَ منها، وأجازَه أبو الخَطَّابِ. انتهى. وتَبِعَه فى «الفُروعِ» ، فقال: ومَن قال لبَيِّنَةٍ
(1) زيادة من: ا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بمِائَةٍ: اشْهَدَا لى بخَمْسِينَ. لم يَجُزْ إذا كانَ الحاكِمُ لم يُوَلَّ الحُكْمَ فوْقَها. نصَّ عليه. وأجازَه أبو الخَطَّابِ. انتهى. وقال فى «الوَجِيزِ» : وإذا قال مَن له بَيِّنَةٌ بأَلْفٍ: أُرِيدُ أنْ تشْهَدَا لى (1) بخَمْسِمِائَةٍ. لم يَجُزْ ذلك إذا كانَ الحاكِمُ لم يُوَلَّ الحُكْمَ بأكْثَرَ منها، وإلَّا جازَ. انتهى. فظاهِرُ كلامِه فى «المُحَرَّرِ» ومَن تَبِعَه، أنَّ الحاكِمَ إذا كانَ مُوَلَّى بأكْثَرَ منها، أنَّه يجوزُ. وصرح بذلك فى «الوَجِيزِ» ، فقال: لم يَجُزْ ذلك إذا كانَ الحاكِمُ لم يوَلَّ الحُكْمَ بأكْثَرَ منها، وإلا جازَ. فظاهِرُ هذا أنَّه إنْ وُلِّىَ بأكْثَرَ منها، جازَ على القَوْلَيْن. قال شيْخُنا فى حَواشِيه على «المُحَرَّرِ»: وهذا مُشْكِلٌ مِن جِهَةِ المَعْنَى والنَّقْلِ؛ أمَّا مِن جِهَةِ المَعْنَى، فإنَّه إذا كان قد وُلِّىَ بأكْثَرَ منها، فليس معَتا حاجَة داعِيَةٌ إلى الشهادَةِ بالبَعْضِ، بخِلافِ العَكْسِ؛ فإنَّه إذا لم يُوَلَّ الحُكْمَ (2) بأكْثَرَ منها، فالحاجَةُ داعِيَةٌ إلى الشَّهادَةِ بالبَعْضِ، وهو المِقْدارُ الذى يحْكُمُ به، ولهذا لم يَذْكُرِ الشَّيْخُ فى «المُقْنِعِ» هذا القَيْدَ، ولا «الكافِى» ؛ لأنَّه، واللهُ أعلمُ، فَهِمَ أنَّه ليس بقَيْدٍ يُحْتَرَزُ به. ولا يقالُ: إنه لم يطَّلِعْ عليه؛ لأنَّه فى كلامِ أبي الخَطَّابِ، وهو قد نقَل كلامَه. وأمَّا [مِن جِهةِ](3) النَّقْلِ، فقال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللهُ تعالَى: إذا قال: اشْهَدْ علىَّ
(1) سقط من: ط.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
زيادة من: ا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بمِائَةِ درْهَمٍ، ومِائَةِ درْهَمٍ، [ومِائَةِ درْهَمٍ](1). فشَهِدَ على مِائَةٍ دُونَ مِائَةٍ، كُرِهَ، إَلَّا أنْ يقولَ: أشهَدُونِى على مِائَةٍ ومِائَةٍ ومِائَةٍ. يَحْكِيه كلَّه للحاكمِ كما كانَ. وقال الإمامُ أحمدُ، رحمه الله: إذا شَهِدَ (2) على أَلْفٍ، وكان الحاكِمُ لا يَحْكُمُ إلَّا على مِائَةٍ ومِائتَيْن، فقال صاحِبُ الحقِّ: أُرِيدُ أنْ تَشْهَدَ لى على مِائَةٍ. لم يَشْهَدْ إلَّا بالأَلْفِ. قال القاضى: وذلك أنَّ على الشَّاهدِ نَقْلَ الشَّهادَةِ على ما شَهِدَ. فقَوْلُ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله: إذا شَهِدَ على أَلْفٍ، وكان الحاكِمُ لا يَحْكُمُ إلَّا على مِائَةٍ ومِائتَيْن. يَرُدُّ ما قالُوه؛ فإنَّه ذكَر فى الروايَةِ، إذا كان يَحْكُمُ على مِائَةٍ ومِائتَيْن، فقال صاحِبُ الحقِّ: أُيدُ أنْ تَشْهَدَ لى على مِائَةٍ. لم يَشْهَدْ إلَّا بالأَلْفِ. فَمَنَعَه، مع أنَّه ذكَر أنَّه يَحْكُمُ بمِائتَيْن، فإذا (3) منَعه مِن الشَّهادَةِ بمِائَةٍ، وهو
(1) سقط من: الأصل.
(2)
فى الأصل: «شهدا» .
(3)
فى الأصل: «فقد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَحْكُمُ بمِائتَيْن، فقد منَعَه فى صُورَةِ ما إذا وُلِّىَ الحُكْمَ بأكْثَرَ منها، وتَعْليلُ المسْألَةِ لا يحْتاجُ معه إلى تطْويلٍ. وأمَّا تقْييدُ الحاكمِ، فهو لبيانِ الواقعِ؛ فإنَّ الواقِعَ فى هذه الصُّورَةِ لا يكونُ فى العُرْفِ، إلًّا إذا كان الحاكِمُ لا يَحْكُمُ بأكْثَرَ؛ لأنَّ صاحِبَ الحقِّ لا يَطْلُبُ إلَّا فى هذه الصُّورَةِ، أو نحوِها مِن الصُّوَرِ التى تمْنَعُه مِن طَلَبِ الحقِّ كامِلًا. وأمَّا كلامُ أبي الخَطَّابِ، وصاحِبِ «المُحَرَّرِ» ، فى القَيْدِ المذْكورِ، فيَحْتَمِلُ أنْ يكونَ لأجْلِ الخِلافِ، أىْ أنَّ أبا الخَطَّابِ لا يُجِيزُه إلَّا إذا كان الحاكِمُ لم يُوَلَّ بأكْثَرَ، فيَكُونُ التَّقْدِيرُ، لا يجوزُ. وعندَ أبي الخَطَّابِ، يجوزُ إذا كانَ لم يُوَلَّ الحُكْمَ (1) بأكْثَرَ منها. وأمَّا إذا كانَ قد وُلِّىَ الحُكْمَ بأكْثَرَ منها، لم يَجُزْ، بلا خِلافٍ؛ لعدَمِ العُذْرِ، لكِنْ تَعْلِيلُ قولِ أبي الخَطَّابِ الذى علَّل به المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» - وهو أنَّه مَن شَهِدَ بألْفٍ، فقد شَهدَ بالخَمْسِمِائَة، وليس كاذِبًا - يَدُلُّ على أنَّ أبا الخَطَّابِ يُجِيزُه مُطْلَقًا، وأبو الخَطَّابِ لم يُعَلِّلْ قولَه فى «الهِدايةِ» ، فإنْ كان رأى تَعْلِيلَه فى كلامِه فى غيرِ «الهِدايةِ» ، فلا كلامَ، وإنْ كان علَّلَه مِن عنْدِه، فيَحْتَمِلُ أنَّ أبا الخَطَّابِ قصَد ما فَهِمَه الشَّيْخُ، وأرادَ الجوازَ مُطْلَقًا. ويَحْتَمِلُ أنَّ مُرادَه الجوازُ فى صُورَةِ ما إذا لم يُوَلَّ بأكْثَرَ منها، ويكونُ كوْنُه ليس كاذِبًا فى شَهادَةٍ يَمْنَعُ (2) الاحْتِياجَ إلى ذلك لأجْلِ الحُكْمِ؛ لكَوْنِه لا يَحْكُمُ بأكْثَرَ منها، فتَكونُ العِلَّةُ المَجْموعَ، مع أنَّ كلامَ أبي الخَطابِ يَحْتَمِلُ أنْ تكونَ بالباءِ المُوَحَّدَةِ مِن تحتَ؛ أىْ قال صاحِبُ الحقِّ ذلك، بأنْ كان الحاكِمُ [لم يُوَلَّ](3) بأكْثَرَ منها، لكِنَّ النُّسْخَةَ بالفاءِ، فيَحْتَمِلُ أنَّه مِن الكاتبِ، وإنْ كان بعيدًا. وأمَّا
(1) سقط من: ط.
(2)
فى الأصل: «مع» .
(3)
فى الأصل: «مول» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صاحِبُ «الوَجِيزِ» ، فَيَحْتَمِلُ أنَّه ظَنّ المَفْهومَ مَقْصُودًا، فصرَّح به، وإنْ كان بعيدًا، ولكِنِ ارْتَكَبْناه لِما دلَّ عليه كلامُ الإمام أحمدَ، رحمه الله، ولِما عَلَّلَه الجماعةُ. انتهى كلامُ شيْخِنا. قال: وقد ذكَر الشَّيْخُ مُحِبُّ الدِّينِ بنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِيه» ، أنَّ الشُّهودَ إذا شَهِدُوا بالخَمْسِمِائَة، وكانَ أصْلُها بأَلْفٍ، وأعْلَمُوا الحاكِمَ بذلك، يكونُ حُكْمُه بالخَمْسِمِائَة حُكْمًا بالأَلْفِ؛ لأنَّ الحُكْمَ ببَعْضِ الجُمْلَةِ حُكْمٌ بالجُمْلَةِ، فإذا كان لم يُوَلَّ الحُكْمَ بأَلْفٍ، يكونُ قد حكَم بما لم يُوَلَّ فيه، وهو مُمْتَنِعٌ، بخِلافِ ما إذا كان وُلِّىَ الحُكْمَ بأَلْفٍ، فإنَّه يكونُ (1) قد حكَم بما وُلِّىَ فيه. هذا مَعْنَى ما رأيْتُه مِن كلامِه. قال: وفيه نظَرٌ؛ لأنَّ الذينَ ذكَرُوا المَنْعَ مِن ذلك إنَّما علَّلُوه بأنَّ الشَّاهِدَ لم يَشْهَدْ كما سَمِعَ. وهذا يَدُلُّ على أنَّ المَنْعَ لأمْرٍ يَرْجِعُ إلى الشَّاهِدِ، لا لأمْرٍ يَرْجِعُ إلى حُكْمِ الحاكمِ، ولأنَّه قد يُقالُ: لا نُسَلِّمُ فى مِثْلِ هذه الصُّورَةِ أنَّ الحُكْمَ بالبَعْضِ المَشْهودِ به يكونُ حُكْمًا بالجُمْلَةِ، بل إنَّما يكونُ حُكْمًا بما ادُّعِى به وشُهِدَ به. وقد يُقالُ: الذينَ علَّلُوا المَنْعَ بأنَّ الشَّهادةَ لم تُؤدَّ كما سُمِعَتْ، كلامُهم يقْتَضِى المَنْعَ مُطْلَقًا. وأمَّا مَن قَيَّدَ المَنْعَ بما إذا كانَ الحاكِمُ لم يُوَلَّ الحُكْمَ بأكْثَرَ منها، يكونُ تَوْجِيهُه ما ذُكِرَ، ويَدُلُّ عليه ذِكْرُ هذا القَيْدِ؛ لأنَّهم لم يَمْنَعُوا إلَّا بهذا الشَّرْطِ، لكِنْ يَحْتاجُ إلى إثْباتِ أنَّ الحُكْمَ بالبَعْضِ مِن الجُمْلةِ حُكْمٌ بكُلِّها. وقد ذكَرَ القاضى فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» ما يُخالِفُ ذلك؛ فإنَّه ذكَر فى أوائلِ الكُرَّاسِ الرَّابعِ - فيما إذا كانت وِلايةُ القاضِى خاصَّةً - وقد نصَّ الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، على صِحَّتِها فى قَدْرٍ مِن المالِ، فقال فى رِوايةِ أحمدَ بنِ نصْرٍ، فى رَجُلٍ أُشْهِدَ على أَلْفِ دِرْهَمٍ، وكان الحاكمُ لا يحْكُمُ إلَّا فى مِائَةٍ ومِائتَيْن، فقال: لا تشْهَدْ إلَّا بما أُشْهِدْت عليه.
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وكذلك (1) قال في رِوايةِ الحَسَنِ بنِ محمدٍ، في رَجُلٍ أُشْهِدَ على أَلْفٍ، ولا يُحْكَمُ في البِلادِ إلَّا على مِائَةٍ: لا يشْهَدُ إلَّا بالأَلْفِ (2). فقد نصَّ على جَوازِ القَضاءِ فى قَدْرٍ مِن المالِ. ووَجْهُه ما ذكَرْنا. ومنَع مِن تَبْعِيضِ الشَّهادَةِ إذا كانت بقَدْرٍ يَزِيدُ على ما جَعَل له فيه، بل يَشْهَدُ بذلك، ويَحْكُمُ الحاكِمُ مِن ذلك بما جعَل له؛ لأنَّه إذا شَهِدَ بخَمْسِمِائَةٍ عندَ هذا القاضى، وشَهِدَ بالخَمْسِمِائَةٍ الأُخْرَى عندَ قاضٍ آخَرَ، ربَّما ادَّعَى المُقِرُّ أنَّ هذه الخَمْسَمِائَةٍ الثَّانيةَ هى التى شَهِدَ بها [أوَّلًا، وتَسْقُطُ إحْداهما](3) على قولِ مَن يَحْمِلُ تَكْرارَ الإقْرارِ فى مَجْلِسَيْنِ بأَلْفٍ واحدةٍ، وقد يَشْهَدُ لذلك قولُه تعالَى:{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا} (4). وإذا بَعَّضَها، فلم يأْتِ بها على وَجْهِها. انْتَهَى كلامُ القاضِى في «الأحْكامَ السُّلْطانِيَّةِ» .
(1) بعده فى الأصل: «لو» .
(2)
فى الأصل، ا:«بألف» .
(3)
فى الأصل: «وإلا تسقط إحداهم» ، وفى ط:«أو لا فسقط أحدهما» .
(4)
سورة المائدة 108.