المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب فى تعارض البينتين - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٩

[المرداوي]

الفصل: ‌باب فى تعارض البينتين

‌بَابٌ فِى تَعَارُضِ الْبَيِّنَتيْن

إِذَا قَالَ لِعَبْدِه: مَتَى قُتِلْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قُتِلَ، وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ.

وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ، فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ، فَيَعْتِقُ، أَوْ يَتَعَارَضَانِ وَيَبْقَى عَلَى الرِّقِّ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

ــ

بابُ تَعارُضِ البَيِّنَتَيْن

قوله: إذا قال لعَبْدِه: متى قُتِلْتُ فأنتَ حُرٌّ. فادَّعَى العَبْدُ أَنَّه قُتِلَ، فأنْكَرَ الوَرَثَةُ، فالقَوْلُ قَوْلُهم- بلا نِزاعٍ- وإنْ أقامَ كُلُّ واحدٍ منهم بَيِّنَةً بما ادَّعاه، فهل تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ العَبْدِ، فيَعْتِقُ، أو يَتَعَارَضان ويَبْقَى على الرِّقِّ؟ فيه وجْهان. وأَطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» .

وهما احْتِمالان مُطْلَقان فى «الهِدايةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ؛ أحدُهما، تُقدَّمُ بَيِّنَةُ

ص: 205

وَإنْ قَالَ: إِنْ مِتُّ فِى الْمُحَرَّمِ، فَسَالِمٌ حُرٌّ، وَإِنْ مِتُّ فِى صَفَرٍ، فَغَانِمٌ حُرٌّ. فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمُوجبِ عِتْقِهِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ

سَالِمٍ.

ــ

العَبْدِ ويَعْتِقُ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ» .

وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ،

و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يتَعارَضان ويَبْقَى على الرِّقِّ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: وقيل: يتَعارَضَان؛ فيُقْضَى بالتَّساقُطِ أو القُرْعَةِ أو القِسْمَةِ.

قوله: وإنْ قال: إِنْ مِتُّ فى المُحَرَّمِ، فسالِمٌ حُرٌّ، وإنْ مِتُّ فى صَفَرٍ، فغانِمٌ حُرٌّ.

وأقامَ كُلُّ واحِدٍ بَيِّنَةً بمُوجِبِ عِتْقِه، قُدِّمَت بَيِّنَةُ سالِمٍ. هذا أحدُ الوُجوهِ فى المَسْألَةِ. وجزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» ، و «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» . والوَجْهُ الثَّانى، تتَعارَضان وتسْقُطان ويَبْقَى العَبْدُ على الرِّقِّ ويَصِيرُ

ص: 206

وَإنْ قَالَ: إِنْ مِتُّ فِى مَرَضِى هَذَا، فَسَالِمٌ حُرٌّ. وَإنْ بَرِئْت، فَغَانِمٌ حُرٌّ. وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، تَعَارَضَتَا، وَبَقِيَا عَلَى الرِّقِّ. ذَكَرَة أَصْحَابُنَا.

ــ

كَمَنْ لا بَيِّنَةَ لهما. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، [وهو ظاهرُ ما قطَع به فى «الفُروعِ»] (1). قال فى «المُحَرَّرِ»: وإنْ أقامَ كلُّ واحدٍ بَيِّنَة بمُوجِبِ عِتْقِه، تَعارَضَتا وكانا كَمَنْ لا بَيِّنَةَ له فى رِوايةٍ، أو يُقْرَعُ بينَهما فى الأُخْرَى، وقيل: تُقدَّمُ بيِّنَةُ المُحَرَّمِ بكُلِّ حالٍ. انتهى. والوَجْهُ الثَّالثُ، يُقْرَعُ بينَهما، فمَن قرَع، عتَق. وهو رِوايةٌ. عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ» .

وأَطْلَقَهُنَّ فى «الشرْحِ» .

فائدة: لو لم تَقُمْ بَيِّنَة وجُهِلَ وَقْتُ مَوْتِه، رَقَّا معًا، بلا نِزاعٍ. وإنْ عُلِمَ موْتُه فى أحَدِ الشَّهْرَيْن، أُقْرِعَ بينَهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ». وقيل: يُعْمَلُ فيهما بأَصْلِ الحياةِ. فعلى هذا، يَعْتِقُ غانِمٌ.

قوله: وإنْ قال: إنْ مِتُّ فى مَرَضِى هذا، فسالِمٌ حُرٌّ. وإنْ بَرِئْتُ، فغانِمٌ حُرٌّ.

وأقاما بَيِّنَتَيْن، تَعارَضَتا، وبَقِيا على الرِّقِّ. ذكَرَه أصحابُنا. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 207

وَالْقِيَاسُ أَنْ يَعْتِقَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعْتِقَ غَانِمُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَشْهَدُ بِزِيَادَةٍ.

ــ

وهو المذهبُ منهما. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» .

قال المُصَنِّفُ هنا: والقِياسُ أنْ يَعْتِقَ أحدُهما بالقُرْعَةِ. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، أيضًا. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ» . وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» .

ويَحْتَمِلُ أنْ يَعْتِقَ غانِمٌ وحدَه؛ لأنَّ بَيِّنَتَه تَشْهَدُ بزِيادَةٍ. وهو قَوِىٌّ. وقيلَ:

ص: 208

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَعْتِقُ سالِمٌ وحدَه.

فوائد؛ الأُولَى، لو قال: إنْ مِتُّ مِن مَرَضِى هذا، فسالِمٌ حُرٌّ. وإنْ بَرِئْتُ، فغانِمٌ حُرٌّ. وأَقامَا بَيِّنَتَيْن، فحُكْمُها حُكْمُ التى قبلَها، عندَ جماهيرِ الأصحابِ.

وقال فى «التَّرْغيبِ» هنا: يَرِقَّان وَجْهًا واحدًا. يعْنِى؛ لتَكاذُبِهما. على كلامِه المُتَقَدِّمِ.

الثَّانيةُ، لو قال: إنْ مِتُّ فى مَرَضِى هذا، فسالِمٌ حُرٌّ. وإنْ بَرِئْتُ فغانِمٌ حُرٌّ.

وجُهِلَ ممَّا ماتَ، أُقْرِعَ بينَهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرِّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى». وقيل: يَعْتِقُ سالِمٌ. وقيل: يَعْتِقُ غانِمٌ.

الثَّالثةُ، لو قال: إنْ مِتُّ مِن مَرَضِى. بَدَلَ: فى مَرَضِى. وجُهِلَ ممَّا ماتَ،

ص: 209

وَإِنْ أَتْلَفَ ثَوْبًا، فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أنَّ قِيمَتَهُ عِشْرُونَ، وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّ قِيمَتَهُ ثَلَاثُونَ، لَزِمَهُ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ.

ــ

فقيلَ برِقِّهما؛ لاحْتِمالِ مَوْتِه فى المَرَضِ بحادِثٍ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «النَّظْمِ». وقيلَ: بالقُرْعَةِ؛ إذِ الأصْلُ عدَمُ الحادِثِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» . وقيلَ: يَعْتِقُ سالِمٌ؛ لأنَّ الأَصْلَ دَوامُ المَرَضِ وعدَمُ البَرْءِ. وقيلَ: يعْتِقُ غانمٌ. وأَطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ» . وأَطْلَقَ الثَّلاثَةَ الأُوَلَ فى «القَواعِدِ» .

قوله: وإنْ أتْلَفَ ثَوْبًا، فشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ قِيمَتَه عِشْرُون، وشَهِدَتْ أُخْرَى أنَّ قِيمَتَه ثَلاثُون، لَزِمَه أقَلُّ القِيمَتَيْن. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ.

ص: 210

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجزَم به في «الوَجيزِ» ،و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، والمُصَنِّفُ،

والشَّارِحُ ونَصَرَاه، وغيرُهم. وقيلَ: تسِقُطان لتَعَارُضِهما. وقيلَ: يُقْرَعُ. وقيلَ: يَلْزَمُه ثلاثُون. وقالَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، في

نَظيرِها في مَن أجَرَ حِصَّةَ مُوَلِّيه، فقالتْ بَيِّنَةٌ: أجَرَها بأُجْرَةِ مِثْلِها. وقالتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى: أجَرَها بِنصْفِ أُجْرَةِ المِثْلِ.

ص: 211

وَلَوْ مَاتَتِ امْرأَةٌ وَابْنُهَا، فَقَالَ زَوْجُهَا:[343 و] مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا، ثُمَّ مَاتَ ابْنِى فَوَرِثْتُهُ. وَقَالَ أَخوهَا: مَاتَ ابْنُهَا. فَوَرِثَتْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا. وَلَا بَيِّنَةَ، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إِبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَكَانَ مِيرَاثُ الابْنِ لِأَبِيهِ، وَمِيرَاثُ الْمَرأَة لأَخِيهَا

ــ

فائدة: لو كانَ بكُلِّ قِيمَةٍ شاهِدٌ، ثَبَتَ الأقَلُّ بهما، على المذهبِ، لا (1) على رِوايةِ التَّعارُضِ. قالَه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقال فى «الفُروعِ»: ثبَت الأقَلُّ بهما على الأَوَّلَةِ، وعلى الثَّانيةِ، يحْلِفُ مع أحَدِهما، ولا تَعارُضَ. وقال الشَّارِحُ: لو شَهِدَ شاهِدٌ أنَّه غصَب ثَوْبًا قِيمَتُه دِرْهمان، وشاهِدٌ أنَّ قِيمَتَه ثَلَاَثةٌ، ثبَت ما اتَّفَقَا عليه- وهو دِرْهَمان- وله أنْ يحْلِفَ مع الآخَرِ على

دِرْهَمٍ؛ لأنَّهما اتَّفَقَا على دِرْهَمَيْن، وانْفَرَدَ أحدُهما بدِرْهَمٍ، فأَشْبَهَ ما لو شَهِدَ أحدُهما بأَلْفٍ والآخَرُ بخَمْسِمِائَةٍ. وقال ابنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: لو اخْتَلَفَتْ بَيِّنَتَان فى قِيمَة عَيْنٍ قائمة ليَتِيمٍ يريدُ الوَصِىُّ بَيْعَها، أُخِذَ بَيِّنَةِ الأكْثَرِ فيما يظْهَرُ.

قوله: ولو ماتتِ امْرَأةٌ وابْنُها، فقال زَوْجُها: ماتَتْ فوَرِثْناها، ثُمَّ ماتَ ابْنِى

(1) سقط من: الأصل.

ص: 212

وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ. وَإنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، تَعَارَضَتَا، وَسَقَطَتَا. وَقِيَاسُ مَسَائِلِ الْغَرْقَى، أَنْ يُجْعَلَ لِلْأَخِ سُدْسُ مَالِ الابْنِ، وَالبَاقِى لِلزَّوْجِ.

ــ

فوَرِثْتُه. وقال أخُوها: ماتَ ابْنُها فوَرِثَتْه، ثم ماتَتْ فوَرِثْناها. ولا بَيِّنَةَ، حلَف كلُّ واحِدٍ منهما على إبْطالِ دَعْوَى صاحِبِه، وكانَ ميِراثُ الابنِ لأبِيه، ومِيراثُ المَرْأةِ لأخِيها وزَوْجِها نِصْفَيْن. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ» فى بابِ مِيراثِ الغرْقَى: اخْتارَه الأكْثَرُ. قال المُصَنِّفُ فى هذا الكتابِ فى بابِ مِيراثِ الغرْقَى: هذا أحْسَنُ إنْ شاءَ الل تُعالَى. وقطَع به الْخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّر» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرُهم.

وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ،

ص: 213

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهم. وقال ابنُ أبى مُوسى: يُعَيَّنُ السَّابِقُ بالقُرْعَةِ، كما لو قال: أوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَه حُرٌّ. فوَلَدَتْ وَلَدَيْن وأَشْكَلَ السَّابِقُ منهما. وقال أبو الخَطَّابِ ومَن تَبِعَه: يَرِثُ كلُّ واحدٍ منهما مِن صاحبِه مِن تِلادِ مالِه دُونَ ما وَرِثَه عن المَيِّتِ معه، كما لو جَهِلَ الوَرَثَةُ مَوْتَهما. على ما تقدَّم فى بابِ مِيراثِ الغَرْقَى. قال المُصَنِّفُ هناك: هذا

ص: 214

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ظاهِرُ المذهبِ. وقال المُصَنِّف هنا: وقِياسُ مَسائلِ الغَرْقَى، أنْ يُجْعَلَ للأَخِ السُّدْسُ مِن مالِ الابنِ، والباقِى للزَّوْجِ. وقال أبو بَكْرٍ: يَحْتَمِلُ أنَّ المالَ بينَهما نِصْفان. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (1): وهذا لا يُدْرَى ما أرادَ به؛ إنْ أرادَ أنَّ مالَ [الابنِ و](2) المَرْأةِ بينَهما نِصْفان، لم يصِحَّ؛ لأنَّه يُفْضِى إلى إعْطاءِ الأَخِ ما لا يدَّعِيه ولا يسْتَحِقه يَقِينًا، لأنَّه لا يدَّعِى مِن مالِ الابنِ أكثرَ مِن السُّدْسِ، ولا يُمْكِنُ أنْ يسْتَحِقَّ أكثرَ منه، وإنْ أرادَ أنَّ ثُلُثَ مالِ الابنِ يُضَمُّ إلى مالِ المَرْأةِ فيَقْتَسِمانِه نِصْفَيْن، لم يصِحَّ، لأنَّ نِصْفَ ذلك للزَّوْجِ باتِّفاقٍ منهما (3)، لا يُنازِعُه

(1) انظر: المغنى 14/ 327.

(2)

سقط من: الأصل.

(3)

فى الأصل، ا:«فيهما» .

ص: 215

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأخُ فيه، وإنَّما النِّزاعُ بينَهما فى نِصْفِه. قال: ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ هذا مُرادَه، كما لو تَنازَعَ رَجُلان دارًا فى أيْدِيهما وادَّعاها أحدُهما كلها والآخَرُ نِصْفَها، فإنَّها تُقْسَمُ بينَهما نِصْفَين، ثم فَرَّقَ بينَهما.

قوله: وإنْ أقامَ كُلُّ واحِدٍ منهما بَيِّنَةً بدَعْواه، تَعارَضَتا، وسَقَطَا. ويُعْمَلُ فيها كما تقدَّم مِن اخْتِلافِهما فى السَّابقِ وعدَمِ البَيِّنَةِ، على الصَّحيحِ. وقال جماعَةٌ مِن الأصحابِ: إنْ تَعَارَضَتْ وقُفنا بالقِسْمَةِ، قُسِمَ بينَهما ما اخْتلَفا فيه نِصْفَيْن.

ص: 216

فَصْلٌ: إِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَيِّتٍ أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ سَالِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ، وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُ

مَالِهِ، أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ، عَتَقَ دُونَ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ.

ــ

وتقدَّم ذلك كلُّه فى بابِ مِيراثِ الغَرْقَى، فَلْيُعاوَدْ (1).

قوله: وإذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ على مَيِّتٍ أنَّه وَصَّى بعِتْقِ سالِمٍ، وهو ثُلُثُ مالِه، وشَهِدَتْ أُخْرَى أنَّه وَصَّى بعِتْقِ غانِمٍ، وهو ثُلُثُ مالِه، أُقْرِعَ بينَهما، فمَن تَقَعُ له القُرْعَةُ، عَتَقَ دُونَ صاحِبِه، إلَّا أنْ يُجِيزَ الوَرَثَةُ. وهذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ،

(1) تقدم فى 18/ 260.

ص: 217

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِى مُوسَى: يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ.

ــ

والشَّارِحُ: هذا قِياسُ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنتخَبِ الأدَمِىِّ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.

وقال أبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسى: يَعْتِقُ مِن كلِّ واحدٍ نِصْفُه بغيرِ قُرْعَةٍ. قال فى «المُحَرَّرِ» : وهو بعيدٌ على المذهبِ.

ص: 218

وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ أَنَّه رَجَعَ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ، عَتَقَ غانِمٌ وَحْدَهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ وَارِثَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ.

وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ غَانِمٍ سُدْسَ الْمَالِ، وَبَيِّنَتَهُ أَجْنَبِيَّةً، قُبِلَتْ، وَإِنْ كَانَتْ وَارِثَةً، عَتَقَ الْعَبْدَانِ.

ــ

قوله: وإنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ غانِمٍ أنَّه رَجَعَ عن عِتْقِ سالِمٍ، عَتَقَ غانِمٌ وَحْدَه، سَواءٌ كانَتْ وَارِثةً أو لمْ تَكُنْ. لا أعلمُ فيه خِلافًا.

قوله: وإنْ كانَتْ قِيمَةُ غانِمٍ سُدْسَ المالِ، وبَيِّنَتُه أجْنَبِيَّةً، قُبِلَتْ، وإنْ كانَتْ وارِثةٌ، عَتَقَ العَبْدان. يعْنِى، إن شهِدَتِ الوارِثَةُ بأنَّه رجَع عن عِتْقِ سالِمٍ، عَتَقَ

ص: 219

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: [343 ظ] يَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا؛ فَإنْ خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لِسَالِمٍ، عَتَقَ وَحْدَهُ، وَإنْ خَرَجَتْ لِغانِمٍ، عَتَقَ هُوَ وَنِصْفُ سَالِمٍ.

ــ

العَبْدان ولم تُقْبَلْ شهادَتُهما. وهذا المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» : هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «الشَّرْحٍ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايَتْين» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.

وقال أبو بَكرٍ: يَحْتَمِل أنْ يُقْرَعَ بينَهما؛ فإنْ خرَجَتِ القُرْعَةُ لسالِمٍ، عَتَقَ وحدَه، وإنْ خرَجَت لغانِمٍ، عَتَقَ هو ونِصْفُ سالِمٍ. قال فى «المُحَرَّرِ»:

ص: 220

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَتَقَ أسْبَقُهما تارِيخًا، وكذلك إنْ كانتْ بَيِّنَةُ أحَدِهما وارِثَةً، على أصحٍّ الرِّوايتَيْن.

ص: 221

وَإِنْ شَهِدَت بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ سَالِمًا فِى مَرَضِهِ، وَشهِدَتِ الْأُخرَى أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ المَالِ، عَتَقَ سَالِمٌ

وَحْدَهُ، وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِى مَرَضِهِ أَيْضًا، عَتَقَ أَقْدَمُهُمَا تَارِيخًا، فَإنْ جُهِلَ السَّابِقُ، عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ.

ــ

و «الفُروعِ» ، وغيرِهما: وقَبِلَها أبو بَكْرٍ بالعِتْقِ لا الرُّجوعِ؛ فيَعْتِقُ نِصْفُ سالِمٍ ويقرَعُ بينَ بقِيِّتِه والآخَرِ.

قوله: وإنْ شَهدَتْ بَيِّنَةْ أنَّه أعْتَقَ سالِمًا فى مَرَضِه، وشَهِدَتْ أخْرى أنَّه أوْصَى بعِتْقِ غانِمٍ، وكُلُّ واحِدٍ منهما ثُلُثُ المالِ، عَتَقَ سالِمٌ وَحْدَه، وإنْ شَهِدَت بَيِّنَةَ غانِمٍ أنَّه أعْتَقَه فى مَرَضِه أيضًا، عَتَقَ أقْدَمُهما تارِيخًا. إنْ كانتِ البَيِّنَتَان أجْنَبِيَّتان،

ص: 222

فَإنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا وَارِثَةً، وَلَمْ تُكَذِّبِ الْأَجْنَبِيِّةَ، فَكَذَلِكَ.

وَإنْ قَالَتْ: مَا أَعْتَقَ سَالِمًا، إنَّمَا أَعْتَقَ غَانِمًا. عَتَقَ غَانِمٌ كُلُّهُ. وَحُكْمُ سَالِمٍ كَحُكْمِهِ لَوْ لَمْ يُطْعَنْ فِى بَيِّنَتِهِ، فِى أَنَّهُ يَعْتِقُ إِنْ تَقَدَّمَ تَارِيخُ عِتْقِهِ، أَوْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، وَإلَّا فَلَا. وَإِنْ كَانَتِ الوَارِثَةُ فَاسِقَةً، وَلَمْ تَطْعَنْ فِى بَيِّنَةِ سَالِمٍ، عَتَقَ سَالِمٌ كُلُّهُ، وَيُنظَرُ فِى غَانِمٍ، فَإِنْ

ــ

قالَه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وجزَم به المُصَنِّفُ هنا؛ وهو قولُه: فإنْ كانتْ بَيِّنَةُ أحَدِهما وارِثَةً ولم تُكَذَّبِ الأجْنَبِيَّةَ، فكذلك. وجزَم به الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» ، وغيرُهما.

ص: 223

كَانَ تَارِيخُ عِتْقِهِ سَابِقًا، أَوْ خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لَهُ، عَتَقَ كُلُّهُ. وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا، أَوْ خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لِسَالِمٍ، لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَىْءٌ. وَقَالَ

القَاضِى: يَعْتِقُ مِنْ غَانِمٍ نِصْفُهُ. وَإِنْ كَذَّبَتْ بَيِّنَةَ [344 و] سَالِمٍ، عَتَقَ العَبْدَانِ.

ــ

فائدة: لو كانتْ ذَاتُ السَّبْقِ الأجْنَبِيَّةَ، فكذَّبتْها الوارِثَةُ، أو كانتْ ذاتُ السَّبْقِ الوارِثَةَ وهى فاسِقَةٌ، عَتَقَ العَبْدان.

قوله: فإنْ جُهِلَ السَّابِقُ، عَتَقَ أحَدُهما بالقُرْعَةِ. هذا المذهبُ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وجزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِهِ» ، وغيرُه.

وقدَّمه فى «المُحَررِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: يَعْتِقُ مِن كلِّ عَبْدٍ

نِصْفُه. قال فى «المُحَرَّرِ» : وهو بعيدٌ على المذهبِ. قال فى «المُنْتَخَبِ» :

ص: 224

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كدَلالَةِ كلامِه على تَبْعِيضِ الحُرِّيَّةِ فيهما، نحوَ: اعْتِقُوا إنْ خرَج مِن الثُّلُثِ.

قوله: وإنْ قالَتْ- أى، البَيِّنَةُ الوارِثَةُ: ما أعْتَقَ سالِمًا، وإنَّما أعْتَقَ غانِمًا.

عَتَقَ غانِمٌ كُلَّه، وحُكْمُ سالِمٍ كَحُكْمِه لو لم يُطْعَنْ فى بَيِّنَتِه، فى أنَّه يَعْتِقُ إنْ تَقَدَّمَ

ص: 225

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تارِيخُ عِتْقِه، أو خَرَجَتْ له القُرْعَةُ، وإلَّا فلا. الصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّ غانِمًا يَعْتِقُ كلُّه. قاله القاضى وغيرُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو أصحُّ. وقيلَ: يَعْتِقُ ثُلُثاه إنْ حُكِمَ بعِتْقِ سالِمٍ، وهو ثُلُثُ الباقِى؛ لأنَّ العَبْدَ الذى شَهِدَ به الأجْنَبِيَّان كالمَغْصوبِ مِنَ التَّرِكَةِ. وردَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.

قوله: وإنْ كانَتِ الوارِثَةُ فاسِقَةً، ولم تَطْعَنْ فى بَيِّنَةِ سالِمٍ، عَتَقَ سالِمٌ كُلُّه،

ص: 226

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويُنْظَرُ فى غانِمٍ، فإنْ كان تارِيخُ عِتْقِه سابِقًا، أو خَرَجَتِ القُرْعَةُ له، عَتَقَ كُلُّه.

وإنْ كان مُتَأخِّرًا، أو خَرَجَتِ القُرْعَةُ لسالِمٍ، لم يَعْتِقْ منه شَىْءٌ. وهذا المذهبُ.

قدَّمه فى «المُغنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» .

ص: 227

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال القاضى: يَعْتِقُ مِن غانِمٍ نِصْفُه. وردَّه المُصَنِّفُ.

قوله: وإنْ كَذَّبتْ بَيِّنَةَ سالِمٍ، عَتَقَ العَبْدان. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «المُغْنِى» ،

ص: 228

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الشَّرْحِ» ، ونَصَراه. وقيلَ: يَعْتِقُ مِن غانِمٍ ثُلُثاه. كما تقدَّم نَظِيرُه. قالَه

ص: 229

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشَّارِحُ.

ص: 230

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: التَّدْبِيرُ مع التَّنْجيزِ كآخِرِ التَّنْجِيزَيْن مع أوَّلِهما، فى كلِّ ما تقدَّم.

قدَّمه (1) فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، وغيرهم.

(1) فى الأصل: «قاله» .

ص: 231

فَصْلٌ: إِذَا مَاتَ رَجُلٌ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ؛ مُسْلِمًا وَكَافِرًا، فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ، فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ، فَالْمِيرَاثُ لِلْكَافِرِ؛ لِأَنَّ المُسْلِمَ لَا يُقِرُّ وَلَدَهُ عَلَى الكُفْرِ فِى دَارِ الإِسْلَامِ.

ــ

قوله: وإذا ماتَ رَجُلٌ وخَلَّفَ وَلَدَيْن؛ مُسْلِمًا وكافِرًا، فادَّعَى كُلُّ واحِدٍ منهما أنَّه ماتَ على دِينِه، فإنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِه، فالقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِيهِ، وإن لم يُعْرَف،

ص: 232

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فالمِراثُ للكافِرِ؛ لأنَّ المُسْلِمَ لا يُقِرُّ ولَدَه على الكُفْرِ فى دارِ الإِسْلامِ. وهو المذهبُ؛ بشَرْطِ أنْ يعْتَرِفَ المُسْلِمُ أنَّ الكافِرَ أَخُوه. وهو الذى قالَه الْخِرَقِىُّ.

وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وذكَر ابنُ أبى مُوسى رِوايَةً عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، أنَّهما فى الدَّعْوَى سواءٌ، فيَكونُ المِيراثُ بينَهما نِصْفَيْن. وهو ظاهرُ كلامِ القاضى فى «الجامعِ الصَّغِيرِ» ، والشَّرِيفِ، وأبى الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما» . قالَه

ص: 233

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الزَّرْكَشِىُّ. ونقَلَها ابنُ مَنْصُورٍ؛ سواءٌ اعْتَرَفَ بالأُخُوَّةِ أوْ لا. وهو مِن المُفْرَداتِ أيضًا. وقيلَ: بالقُرْعَةِ. وقيل: المالُ للمُسْلِمِ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». وجزَم به فى «العُمْدَةِ». وقيلَ: بالوَقْفِ. وهو احتْمِالٌ لأبى

ص: 234

وَإنْ لَمْ يَعْتَرِفِ المُسْلِمُ أَنَّهُ أَخُوهُ، وَلَمْ تَقُمْ بِهِ بَيِّنَةٌ، فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِ؛

ــ

الخَطَّابِ. وقال القاضِى: إنْ كانتِ التَّرِكَةُ بأيْدِيهما، تَحالَفَا وقُسِمَتْ بينَهما. قال فى «الفُروعِ»: وهو سَهْوٌ؛ لاعْتِرافِهما أنَّه إرْثٌ. قال المُصَنِّفُ: ومُقتَضَى كلامِه أنَّها له مع يَمِينِه، ولا يصِحُّ؛ لاعْتِرافِهما بأنَّ التَّرِكَةَ للمَيِّتِ، وأنَّ اسْتِحْقاقَها بالإرْثِ، فلا حُكْمَ لليَدِ. انتهى. قلتُ: قال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» : وإنْ كانتْ بيَدَيْهما، حَلَفَا وتَناصَفاها؛ اعْتَرَفَا بالأُخْوَّةِ أوْ لا. وفى «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِينٍ» ، إنْ عُرِفَ ولا بَيِّنَةَ، فالقولُ قولُ المُدَّعِى. وقيلَ: يُقْرَعُ أو يُوقَفُ.

قوله: وإنْ لم يَعْتَرِفِ المُسْلِمُ أنَّه أَخُوه، ولم تَقُمْ بَيِّنَةٌ، فالمِيراثُ بينَهما. وهو المذهبُ. جزَم. به فى «الوَجِيزِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ،

ص: 235

لِأنَّ حُكْمَ المَيِّتِ حُكْمُ المُسْلِمِينَ، فِى غَسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ. وَقَالَ القَاضِى: القِيَاسُ أَن يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَظْهَرَ أَصْلُ دِينِهِ.

ــ

و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وقال: هذا المَشْهورُ. وغيرِهم.

ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ للمُسْلِمِ؛ لأنَّ حُكمَ المَيِّتِ حُكْمُ المُسْلِمين، فى غَسْلِه والصَّلاةِ عليه. وقال القاضى: القِياسُ أن يُقْرَعَ بينَهما. قال فى «المُغْنِى» (1) و (2) هنا: ويَحْتَمِلُ أنْ يَقِفَ الأمْرُ حتى يظْهَرَ أصْل دِينِه.

فائدة: هذه الأحْكامُ إذا لم يُعْرَفْ أصْلُ دِينِه، فإنْ عُرِفَ أصْلُ دِينِه، فالمذهبُ كما قال المُصَنِّفُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به القاضى، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، والمَجْدُ. وقال رِوايةً واحدةً: إنَّ القَوْلَ قولُ

(1) انظر: المغنى 14/ 323.

(2)

سقط من: ط، ا.

ص: 236

وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينهِ، تَعَارَضَتَا، وَإِنْ قَالَ شَاهِدَانِ: نَعْرِفُهُ مُسْلِمًا. وَقَالَ شَاهِدَانِ: نَعْرِفُهُ كَافِرًا. فَالْمِيرَاث لِلْمُسْلِمِ إِذَا لَمْ يُؤَرِّخِ الشُّهُودُ مَعْرِفَتَهُمْ.

ــ

مَن يدَّعِيه. وأَجْرَى ابنُ عَقِيلٍ كلامَ الخِرَقِىِّ على إطْلاقِه، فحكَى عنه أنَّ المِيراثَ للكافِرِ والحالَةُ هذه. وقدَّمه كما تقُولُه الجماعَةُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وشَذَّ الشِّيرَازِىُّ، فحكَى فيه الرِّوايتَيْن اللَّتَيْن فيما إذا اعْتَرَفَ بالأُخُوَّةِ ولم يُعْرَفْ أصْلُ دِينِه.

قوله: وإنْ أقامَ كُلُّ واحِدٍ منهما بَيِّنَةً أنَّه ماتَ على دِينِه، تَعارَضَتا. إذا شَهِدَتِ البَيِّنَتَان بذلك، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يُعْرَفَ أصْلُ دِينِه أوْ لا؛ فإنْ لم يُعْرَفْ أصْلُ دِينِه، فجزَم المُصَنِّفُ هنا بالتَّعارُضِ. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى وجماعَةٌ؛ منهم الخِرَقِىُّ، والمُصَنِّفُ فى «الكافِى» . وجزَم به فى «الشَّرْح» ،

ص: 237

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والشِّيرَازِىُّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» . وعنه، تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الإِسْلامِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «العُمْدَةِ» . وهو ظاهرُ كلامِ أبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» . وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» . وإنْ عُرِفَ أصْلُ دِينِه، قُدِّمَتِ البَيِّنَةُ النَّاقِلَةُ عنه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقالَه القاضى وجماعَةٌ. نَقَلَه الزَّرْكَشِىُّ. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وظاهرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ التَّعْارُضُ؛ لأنَّه لم يُفَرِّقْ بينَ مَن عُرِفَ أصْلُ دِينِه وبينَ مَن لم يُعْرَفْ [أصْلُ دِينِه] (1). وقال الشَّارِحُ: إنْ عُرِفَ أصْلُ دِينِه، نظَرْنا فى لَفْظِ الشَّهادَةِ؛ فإنْ شَهِدَتْ كلُّ واحِدَةٍ منهما أنَّه كان آخِرُ كلامِه التَّلَفُّظَ بما شَهِدَتْ به، فهما مُتَعارِضَتان، وإن شَهِدَتْ إحْداهما أنَّه ماتَ على دِينِ الإسْلامِ، وشَهِدَتِ الأُخْرَى أنَّه ماتَ على دِينِ الكُفْرِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مَن يدَّعِى انْتِقالَه عن دِينِه. انتهى. وقال فى «الرِّعايةِ»: وإنْ قالتْ بَيِّنَةُ المُسْلِمِ: ماتَ مُسْلِمًا. وبَيِّنَةُ الكافِرِ: ماتَ كافِرًا.

(1) زيادة عن: ا.

ص: 238

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الإِسْلامِ. وقيلَ: إنْ عُرِفَ أصْلُ دِينِه، قُدِّمَتِ النَّاقِلَةُ عنه. وقيلَ: بالتَّعارُضِ مُطْلَقًا كما لو جُهِلَ. وقيلَ: تُقَدَّمُ إحْداهما بقُرْعَةٍ. وقيلَ: يَرِثانِه نِصْفَيْن.

قوله: وإنْ قال شاهِدان: نَعْرِفُه مُسْلِمًا. وقال شاهِدان: نَعْرِفُه كافِرًا. فالمِيرَاثُ للمُسْلِمِ إذا لم يُؤَرِّخِ الشُّهُودُ مَعْرِفَتَهُم. إذا شَهِدَتِ الشُّهودُ بهذه الصِّفَةِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يُعْرَفَ أصْلُ دِينِه أوْ لا؟ فإنْ [لم يُعْرَفْ بل](1) جُهِلَ أصْلُ دِينِه، فالمِيراثُ للمُسْلِمِ إذا لم يُؤرِّخِ الشهودُ، كما هو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ. وهو المذهبُ. اخْتارَ الْخِرَقِىُّ، والمُصَنِّفُ فى «الكافِى» ، والشِّيرَازِىُّ.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 239

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «العُمْدَةِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» . وعنه، يتَعَارَضَان. وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه. اخْتارَه جماعَةُ، منهم القاضِى. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . واخْتارَه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . ولوِ اتَّفَقَ تارِيخُهما، وهو ظاهرُ كلامِه فى «منُتْخَبِ الشِّيرَازِىِّ» . وإنْ عُرِفَ أصْلُ دِينِه، قُدَّمَتِ البَيِّنَةُ النَّاقِلَةُ. وهو المذهبُ. وعليه الأكثرُ. وقدَّم فى «الرِّعايتَيْن» أنَّ بَيِّنَةَ الإسْلامِ تُقَدَّمُ. وذكَر قَوْلًا بالتَّعارُضِ، وقوْلًا: تُقَدَّمُ إحْداهما بقُرْعَةٍ. وقوْلًا: يَرِثانِه نِصْفَيْن.

فائدة: لو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أنَّه ماتَ ناطِقًا بكَلِمَةِ الإِسْلامِ، وبَيِّنَةٌ بأنَّه ماتَ ناطِقًا بكَلِمَةِ الكُفْرِ، تَعارَضَتا؛ سواءٌ عُرِفَ أصْلُ دِينِه أوْ لا. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال فى «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»: وإنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أنَّه ماتَ لمَّا نطَق بالإِسْلامِ، وبَيِّنَةٌ أنَّه ماتَ لمَّا نَطَقَ بالكُفْرِ، وعُرِفَ أصْلُ دِينِه أو جُهِلَ، سَقَطَا، والحُكْمُ كما سبق. وعنه، لا سُقوطَ ويَرِثُه مَن قرَع. وعنه، بل هما.

ص: 240

وَإِنْ خَلَّفَ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ، فَاخْتَلَفُوا فِى دِينِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبَوَيْنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ القَوْلَ قَوْل الِابْنَيْنِ.

ــ

انتهى. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ» : إنْ عُرِفَ أصْلُ دِينِه، قُبِلَ قولُ مَن يدَّعِى نَفْيَه. وشَذَّذَه الزَّرْكَشِىُّ.

قوله: وإنْ خَلَّفَ أبَوَيْن كافِرَيْن وابنَيْن مُسْلمَيْن، فاخْتَلَفُوا فى دِينِ، فالقَوْلُ قَوْلُ الأبَوَيْن. كما لو عُرِفَ أصْلُ دِينِه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهرُ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايةِ» .

ويَحْتَمِلُ أنَّ القَوْلَ قولُ الابْنَيْن. لأنَّ كُفْرَ أبوَيْه يدُلُّ على أصْلِ دِينِه فى صِغَرِه، وإسْلامُ ابْنَيْه يدُلُّ على إسْلامِه فى كِبَرِه، فيُعْمَلُ بهما جميعًا. وهو لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايةِ». قال فى «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: وهو أَوْلَى. والذى قدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما، أنَّ حُكْمَهم كحُكْمِ الابنِ المُسْلمِ والابنِ الكافِرِ.

ص: 241

وإنْ خَلفَ ابْنًا كَافِرًا [344 ظ] وَأخًا وَامْراةً مُسْلِمَيْنِ، فَاخْتَلَفُوا فِى دِينهِ، فَالْقَوْل قَوْلُ الِابنِ، عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِىِّ. وَقَالَ القَاضِى: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ أبو بَكْر: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ تُعْطَى الْمَرأَةُ الرُّبْعَ، وَيُقْسَمَ الْبَاقِى بَيْنَ الِابنِ وَالْأَخِ نِصْفَيْنِ.

ــ

على ما تقدَّم مِن التَّفْصيلِ والخِلافِ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» .

قوله: وإنْ خَلَّفَ ابنًا كافِرًا وأخًا وامْرَأةً مُسْلِمَيْن، واخْتَلَفُوا فى دِينِه، فالقَولُ قَوْلُ الابنِ، على قَوْلِ الخِرقِىِّ - وجزَم به فى «الوَجِيزِ» - وقال القاضِى: يُقْرَعُ بينَهما. والذى قدَّمه فى «المُحرَّرِ» ، و «الرِّعايةِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم، أنَّ حُكْمَهم حكمُ الإبنِ المُسْلِمِ مع الابْنِ الكافِرِ، على ما تقدَّم مِنَ التَّفْصِيلِ

ص: 242

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والخِلافِ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» .

وقال أبوِ بَكْر: قِياسُ المذهبِ، أنْ تُعطَى المَرْأةُ الرُّبْعَ، ويُقْسَمَ الباقِى بينَ الابْنِ والأخِ نِصْفيْن. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهو بعيدٌ. وحُكِىَ عن أبى بَكْرٍ، أنَّ المَرأةَ تعطَى الثُّمْنَ، والباقِى للابْنِ والأخ نِصْفَيْن. قال فى «المُحَرَّرِ» أيضًا: وهو بعيدٌ. وقال فى «الفُروعِ» ، فى المسأَلةِ الأُولَى: ومتى نَصَّفْنا المالَ، فنِصْفُه للأبَوَيْن على ثَلَاثةِ. وقال فى الثَّانيةِ: متى نصَّفْناه، فنصفُه للزَّوْجَةِ والأخِ على أربَعَةٍ.

ص: 243

وَلَوْ مَاتَ مُسلِم وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ؛ مُسْلِمًا وَكَافِرًا، فَأسْلَمَ الكَافِرُ، وَقَالَ: أسلَمتُ قَبْلَ مَوْتِ أَبِى. وَقَالَ أخُوهُ: بَلْ بَعدَهُ. فَلَا مِيرَاثَ

ــ

قوله: ولو ماتَ مُسْلِم وخَلفَ وَلَدَيْن؛ مُسْلِمًا وكافِرا، فأسْلَمَ الكافِرُ، وقال: أيسَلمتُ قبْلَ مَوْتِ أَبِى. وقال أخُوه: بل بعدَه. فلا مِيراثَ له، فإنْ قال:

ص: 244

لَهُ، فَإنْ قَالَ: أسْلَمتُ فِى الْمُحَرَّم، وَمَاتَ أبِى فِى صَفَرٍ. وَقَالَ أخُوهُ: بَلْ مَاتَ فِى ذِى الْحِجَّةِ. فَلَهُ الْمِيرَاثُ مَعَ أَخِيهِ.

ــ

أسْلمتُ فى المُحَرَّمِ، وماتَ أبِى فى صفَر. وقال أخُوه: بلْ ماتَ فى ذِى الحِجَّةِ. فله المِيرَاثُ مع أخِيه. وهذا المذهبُ. وقطَع به الأصحابُ فى الثَّانيةِ. وعليه الأكثرُ فى الأولَى. وجزَم به فى «المُحَرَّر» ، و «الشَّرحِ» ، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الحاوِى» ، و «النظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، المِيراثُ بينَهما. قدَّمه فى «الخُلاصةِ» ، و «الرعايتَيْن» .

فوائد؛ الأولَى، لو أقامَ كلُّ واحدٍ بَينةً بذلك، فهل يتَعارَضان أو تُقدَّمُ بَيِّنَةُ مُدَّعِى تَقْديمِ مَوْتِه؟ على وَجْهيْن. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» .

الثَّانيةُ، لو خَلَّفَ كافِرٌ ابْنَيْن؛ مُسْلِمًا وكافِرًا، فقال المُسْلِمُ: أسْلَمتُ أنا عَقِبَ مَوْتِ أبِى وقبلَ قَسْمِ تَرِكَتِه - على رِوايةٍ - فإرثُه لى [ولك](1). وقال الآخَرُ: بل أسْلمتَ قبلَ مَوْتِه، فلا إرثَ لك. صُدقَ المُسْلِمُ بيَمِينه، وإنْ أقاما بَيِّنَتَيْن بما قالا،

(1) سقط من: ط، 1.

ص: 245

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قدمَتْ بَيِّنَةَ الكافِرِ؛ سواء اتَّفَقَا على وقْتِ (1) مَوْتِ أبِيهما أوْ لا؛ فإنِ اتَّفَقا أنَّ المُسْلِمَ أسْلَم فى رَمَضَانَ، فقال: ماتَ أبى فى شَعْبانَ (2)، فأرِثُه أنا وأنتَ. وقال الكافِرُ: بل ماتَ فى شَوَّالٍ. صُدِّق الكافِرُ، وإنْ أقاما بَيِّنَتَيْن، صُدِّقَتْ بَيِّنَةَ المُسْلِمَ.

الثَّالِثَة، لو خلف حُرٌّ ابنا حُرًّا وابْنًا كان عَبْدًا، فادَّعَى أنَّه عَتَقَ وأبوه حىٍّ ولا بَيِّنَةَ، صُدِّق أخُوه فى عدَمِ ذلك، وإنْ ثَبَتَ عِتْقُه فى رَمَضَانَ، فقال الحُرُّ: ماتَ أبِى فى شَعْبانَ. وقال العَتِيقُ: بل فى شَوَّالٍ. صُدق العَتِيقُ، وتُقدَّمُ بَيِّنَةَ الحُرِّ مع التَّعارُضِ.

الرَّابعةُ، لو شَهِدا على، اثَنين بقَتلٍ، فشَهِدا علي الشَّاهِدَين به (3)، فصَدَّق الوَلِيُّ الكُلَّ أو الآخَرَيْن، أو كَذَّب الكُلَّ أو الأوَّلَيْن فقطْ، فلا قَتْلَ ولا دِيَةَ، وإنْ صدَّق الأَوْلَيْن فقطْ، حَكَمَ بشَهادَتِهما وقَتَلَ مَن شَهِدَا عليه. واللهُ أعلمُ بالصَّوابِ.

(1) سقط من: 1.

(2)

في الأصل، ا:«شوال» .

(3)

سقط من: الأصل.

ص: 246