المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب موانع الشهادة - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٩

[المرداوي]

الفصل: ‌باب موانع الشهادة

‌بَابُ مَوَانِع الشَّهَادَةِ

وَيَمْنعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ؛ أَحدُهَا، قَرَابَةُ الْوِلَادَةِ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ وَالِدٍ لِوَلَدِهِ، وَإِنْ سَفُلَ، وَلَا وَلَدٍ لِوَالِدِهِ، وَإِنْ عَلَا، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ. وَعَنْهُ، تُقْبَلُ فِيمَا لَا يَجُرُّ بِهِ نَفْعًا غَالِبًا، نَحْوَ أَنْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِعَقْدِ نِكَاحٍ، أَوْ قَذْفٍ. وَعَنْهُ، تُقْبَلُ شَهَادَةُ الوَلَدِ لِوَالِدِهِ،

ــ

بابُ موانِعِ الشَّهادَةِ

قوله: وَيَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهادَةِ خَمْسَةُ أشْياءَ؛ أحدُها، قَرابَةُ الوِلادَةِ، فلا تُقْبَلُ شَهادَةُ الوالدِ لوَلَدِه، وإنْ سَفُلَ، ولا وَلَدٍ لوالِدِه، وإنْ عَلا، في أَصَحِّ الرِّوَاياتِ. وسواءٌ في ذلك وَلَدُ البَنِينَ ووَلَدُ البَناتِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ، ونقَله الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ تعالَى. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا

ص: 413

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ.

ــ

ظاهِرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: لا شَكَّ أنَّ هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.

وعنه، تُقْبَلُ فيما لا يَجُرُّ به نفْعًا غالِبًا، نحوَ أنْ يَشْهدَ أحدُهما لصاحبِه بعَقْدِ نِكاحٍ، أو قَذْفٍ. قال (1) في «المُغْنِي» ، والقاضي، وأصحابُه، و «الفُروعِ» ، وغيرُهم: وعنه، تُقْبَلُ ما لم يَجُر نَفْعًا غالبًا، كشَهادَتِه له بمالٍ، وكلٌّ منهما غَنِيٌّ. قال في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ»: كالنِّكاحِ، والطَّلاقِ، والقِصاصِ، والمالِ إذا كان مُسْتَغْنًى عنه. وأَطْلقَ رِوايةَ القَبُولِ في «الكافِي» ، فقال: وعنه تُقْبَلُ شَهادَتُهما، لأنَّهما عَدْلانِ مِن رِجالِنا، فَيَدْخُلانِ في عُمومِ الآياتِ والأَخْبارِ. انتهى.

وعنه، تُقْبَلُ شَهادةُ الوَلَدِ لوالدِه، ولا تُقْبَلُ شَهادةُ الوالِدِ لوَلَدِه.

(1) في ا: «قاله» .

ص: 414

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: قال القاضي، وأصحابُه، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحبُ «التَّرْغيبِ» ، والزَّرْكَشِي، وغيرُهم: تُقْبَلُ شَهادَتُه لوالدِه ووَلَدِه مِن زِنًى أو

ص: 415

وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فِى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.

ــ

رَضاعٍ. وفي «المُبْهِجِ» ، و «الواضِحِ» رِوايةٌ، لا تُقْبَلُ. ونقَلَه حَنْبَلٌ.

قوله: وتُقْبَلُ شهادَةُ بَعْضِهم على بَعْضٍ، في أَصَحِّ الرِّوايتَيْن. وكذا قال في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «النَّظْمِ» . وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحاب. ونصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ:[نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ](1): ولم أَجِدْ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، في «الجامعِ» عنه اخْتِلافًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ» الأدَمِيِّ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ

(1) سقط من: الأصل.

ص: 416

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِي الصَّغيرِ» .

فوائد؛ إحداها، قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه» على «الفُروعِ»: لو شَهِدَ [عندَ حاكمٍ مَنْ لا تُقْبَلُ شَهادَةُ](1) الحاكمِ له، فهل له الحُكْمُ بشَهادَتِه؛ كَشَهادَةِ وَلَدِ الحاكمِ عندَه لأَجْنَبِيٍّ، أو والِدِه، أو زوْجَتِه فيما تُقْبَلُ فيه شَهادةُ النِّساءِ؟ يتَوَجَّهُ عَدَمُ قبولِه؛ لأنَّ قَبُولَه تزْكِيَة له، وهى شَهادَةٌ له. انتهى.

ص: 417

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ، فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.

ــ

الثَّانيةُ، قال ابنُ نَصْرِ الله أِيضًا في «الحَواشِي»: لو شَهِدَ على الحاكم بحُكْمِه مَنْ شَهِدَ عندَه بالمَحْكومِ فيه، فهل تُقْبَلُ شَهادَتُه؟ الأظْهَرُ، لا تُقْبَلُ؛ لأنَّه يشْهَدُ عليه (1) أنَّه قبِلَ شَهادَتَه، وحكَمَ فيما ثَبَتَ عندَه بشَهادَتِه بكذا، فيكونُ قد شَهِدَ لنَفْسِه بأنَّ الحاكِمَ قَبِلَه. وقال أيضًا: تَزْكِيَةُ الشَّاهدِ رَفِيقَه في الشَّهادةِ لا تُقْبَلُ؛ لإِفْضائِه إلى انْحِصارِ الشَّهادةِ في أحَدِهما.

الثَّالثةُ، لو شَهِدَ ابْنانِ على أبِيهما بقَذْفِ ضَرَّةِ أُمِّهما، وهي تحتَه، أو طَلاقِها، فاحْتِمالان في «مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِىِّ» ، قطَع الشَّارِحُ بقَبُولِها فيهما، وقطَع النَّاظِمُ بقَبُولِها في الثَّانيةِ، وفي «المُغْنِي» ، في الثَّانيةِ وَجْهانِ. قالَه في «الفُروعِ». قلتُ: قطَع في «المُغْنِي» بالقَبُولِ، في كتابِ الشَّهاداتِ، عندَ قولِ الخِرَقِيِّ: ولا تجوزُ شَهادةُ الوالِدَيْن وإنْ عَلَوا، ولا شَهادةُ الولَدِ وإنْ سَفُلَ.

قوله: ولا تُقْبَلُ شَهادَةُ أحَدِ الزَّوْجَيْن لصاحِبِه، في إحْدَى الرِّوايتَيْن. وهي المذهبُ. نقَلها الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛

(1) في الأصل: «على» .

ص: 418

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

منهم، الخِرَقِيُّ، والقاضي في «التَّعْليقِ» ، وأبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ في «رُءوسِ المَسائلِ» ، وابنُ هُبَيْرَةَ، وغيرُهم، وقطَعُوا به. قال في «الفُروعِ»: نقَله الجماعةُ، واخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا هو المذهبُ المَشْهورُ المَجْزومُ به عندَ الأكْثَرِين. انتهى. وصحَّحه النَّاظِمُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» ، و «إدْراكِ الغايةِ» ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ: تُقْبَلُ. قال بعضُ الأصحابِ: والقَبُولُ ليس بمَنْصوصٍ، ولا اخْتارَه أحدٌ مِنَ الأصحابِ. وأَطْلَقَهما في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم.

فوائد؛ الأُولَى، قال الزَّرْكَشِيُّ: وقد خُرِّجَ مِن كلامِ الخِرَقِيِّ شَهادَةُ أحدِهما على صاحبِه، فتُقْبَلُ بلا خِلافٍ، وهو أَمْثَل الطَّرِيقَتَيْن، والطَّرِيقةُ الثَّانيةُ، فيه ذلك

ص: 419

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ، وَلَا الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ.

ــ

الخِلافُ. قلتُ: هذه الطَّرِيقَةُ أصْوَبُ، وقد رُوِى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، رِوايةٌ بعَدَمِ القَبُولِ، وعلى كلِّ حالٍ، المذهبُ القَبُولُ.

الثَّانيةُ، قولُه: ولا تُقْبَلُ شَهادَةُ السَّيِّدِ لعبدِه، ولا العَبْدِ لسَيِّدِه. بلا نِزاعٍ. قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: لا تُقْبَلُ شَهادَةُ العَبْدِ لسيِّدِه. وهو المذهبُ عندَ

ص: 420

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحابِ. وقال: وفى المَنْعِ (1) نظَرٌ، وبالغَ ابنُ عَقِيلٍ فقال: لا تُقبَلُ شَهادتُه لمُكاتَبِ سيِّدِه. قال: ويَحْتَمِلُ على قِياسِ ما (2) ذكَرْناه، أنَّ شَهادَتَه لا تصِحُّ لزَوْجِ مَوْلاتِه. انتهى. فعلى المذهبِ.، لو أَعْتَقَ عبدَيْن، فادَّعَى رَجُلٌ أنَّ المُعْتِقَ غَصَبَهما منه، فشَهِدَ العَتِيقان بصِدْقِ المُدَّعِى، وأنَّ المُعْتِقَ غصَبَهما، لم تُقْبَلْ شَهادَتُهما؛ لعَوْدِهما إلى الرِّقِّ. ذكَرَه القاضى وغيرُه. وكذا لو شَهِدَا بعدَ عِتْقِهما، أنَّ مُعْتِقَهما كان غيرَ بالغٍ حالَ العِتْقِ، أو جَرَحا (3) الشَّاهِدَيْن بحُرِّيَّتِهما. ولو عتَقا بتَدْبيرٍ أو وَصِيَّةٍ، فشَهِدَا بدَيْنٍ مُسْتَوْعِبٍ للتَّرِكَةِ، أو وَصِيَّةٍ مُؤَثِّرَةٍ في الرِّقِّ، لم تُقْبَلْ؛ لإِقْرارِهما بعدَ الحُرِّيَّةِ برِقِّهما لغيرِ السَّيِّدِ، ولا يجوزُ. قلتُ: فيُعايَي بذلك كلِّه.

(1) في ط، ا:«المقنع» .

(2)

سقط من: ط.

(3)

في النسخ: «يخرج» . وانظر المبدع 10/ 245.

ص: 421

وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الأخِ لِأَخِيهِ، وَسَائِرِ الْأَقَارِبِ، وَالصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ، وَالْمَوْلَى لِعَتِيقِهِ.

ــ

قوله: وتُقْبَلُ شَهادَةُ الصَّدِيقِ لصَديقِه. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ ابنَ عَقِيلٍ قال: تُرَدُّ شَهادةُ الصَّديقِ بصَدَاقَةٍ وَكِيدَةٍ، والعاشِقِ لمَعْشُوقِه؛ لأنَّ العِشْقَ يُطِيشُ.

فائدتان؛ إحداهما، قال في «التَّرْغيبِ»: ومِن مَوانعِ الشَّهادَةِ الحِرْصُ على

ص: 422

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أدائِها قبلَ اسْتِشْهادِ مَنْ يَعْلَمُ بها، قبلَ الدَّعْوى أو بعدَها، فتُرَدُّ. وهل يصِيرُ مَجْروحًا بذلك؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. قال: ومِن مَوانِعِها العَصَبِيَّةُ، فلا شَهادةَ لمَنْ عُرِفَ بها، وبالإِفْراطِ في الحَمِيَّةِ كَتَعَصُّبِ قَبِيلَةٍ على قِبيلَةٍ، وإنْ لم تَبْلُغْ رُتْبَةَ العَداوَةِ. انتهى. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ» . وقال في «التَّرْغيبِ» (1)، و «الحاوِى»: ومَنْ حَرَصَ على شَهادةٍ لم (2) يعْلَمْها، وأَدَّاها قبلَ سُؤالِه، رُدَّتْ، إلَّا في عِتْقٍ وطَلاقٍ ونحوِهما مِن شَهادةِ الحِسْبَةِ. قلتُ: والصَّوابُ عدَمُ قَبُولِها مع العَصَبِيَّةِ،

(1) في الأصل: «الرعايتين» .

(2)

في ط، ا:«ولم» .

ص: 423

فَصْلٌ: الثَّانِي، أَنْ يَجُرَّ إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَتِهِ، كَشَهَادَةِ السَّيِّدِ لِمُكَاتَبِهِ، وَالْوَارِثِ لِمَوْرُوثِهِ بِالْجُرْحِ قَبْلَ الانْدِمَالِ.

ــ

خُصوصًا في هذه الأزْمِنَةِ. وهو في بعضِ كلامِ ابنِ عَقِيلٍ، لكِنَّه قال: في حيِّزِ العَداوَةِ.

الثَّانيةُ، قال في «الفُروعِ»: ومَنْ حَلَفَ مع شَهادَتِه، لم تُرَدَّ، في ظاهرِ كلامِهم، ومع النَّهْىِ عنه. قال: ويتَوَجَّهُ، على كلامِه في «التَّرْغيبِ» ، تُرَدُّ، أو وَجْهٌ.

قوله: الثَّاني، أنْ يَجُرَّ إلى نَفْسِه نَفْعًا بشَهادَتِه. هذا المذهبُ. وقالَه الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، والأصحابُ. قال في «التَّبْصِرَةِ»: وأنْ لا يَدْخُلَ مَداخِلَ السُّوءِ.

ص: 424

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله: أكْرَهُه. انتهى. و (1) مِن أمْثِلَةِ ما يَجُرُّ إلى نفْسِه نفْعًا

(1) بعده في الأصل: «هو» .

ص: 425

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بشَهادَتِه (1)، ما مثَّلَه المُصَنِّفُ وغيرُه؛

كشَهادةِ السَّيِّدِ لمُكاتَبِه، والوارِثِ لمَوْرُوثِه بالجُرْحِ قبلَ الانْدِمالِ. لأنَّه قَدْ يسْرِى الجُرْحُ إلى نفْسِه، فتَجِبُ الدِّيَةُ لهم.

(1) في الأصل: «شهادته» .

ص: 426

وَالْوَصِىِّ لِلْمَيِّتِ، وَالوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ بِمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ، وَالشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ، وَالغُرَمَاءِ لِلْمُفْلِسِ بِالْمَالِ، وَأَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ بِعَفْوِ الْآخَرِ عَنْ شُفْعَتِهِ.

ــ

والوَصِىِّ للمَيِّتِ، والوَكيلِ لمُوَكِّلِه بما هو وَكيلٌ فيه، والشَّرِيكِ لشَرِيكِه - يَعْنِي بما هو شَرِيكٌ فيه - والغُرماءِ للمُفْلِس - يعْنى المَحْجُورَ عليه - وأحَدِ الشَّفِيعَين بِعَفْوِ الآخرِ عن شُفْعَتِه. وكذا الحاكمُ لمَنْ هو في حِجْرِه. قالَه في «الإِرْشادِ» ، و «الرَّوْضَةِ». واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». وكذا أجِيرٌ لمُسْتَأْجِرٍ. نصَّ عليه. وقال في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: فيما إذا اسْتَأْجَرَه فقط. قال في «التَّرْغيبِ» : قيَّدَه جماعةٌ. وقال المَيْمُونِيُّ: رأيْتُ الإِمامَ أحمدَ، رحمه الله، يَغْلِبُ على قلْبِه جَوازُه. ولو شَهِدَ أحدُ الغانِمِين بشئٍ مِنَ المَغْنَمِ قبلَ القِسْمَةِ؛ فإنْ قُلْنا: قد ملَكُوه. لم تُقْبَلْ شَهادَتُه، كشَهادَةِ أحدِ الشَّرِيكَيْن للآخَرِ، وإنْ قُلْنا: لم تُمْلَكْ. قُبِلَتْ. ذكَرَه القاضي في «خِلافِه» . وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: وفي قَبُولِها نظَرٌ، وإنْ قُلْنا: لم تُمْلَكْ. لأنَّها شَهادَةٌ تَجُرُّ نفْعًا. قال

ص: 427

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في «الفائِدَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ» : قلتُ: ذكَرَه القاضي في مسْأَلَةِ ما إذا وَطِيَ أحدُ الغانِمِين جارِيَةً مِنَ المَغْنَمِ، وذكَرَ في مسْأَلَةِ السَّرِقَةِ مِن بَيْتِ المالِ والغنِيمَةِ (1)، أنَّها لا تُقْبَلُ شَهادةُ أحَدِ الغانِمِين بمالِ الغنِيمَةِ مُطْلَقًا، وهو الأظْهَرُ. انتهى.

فوائد؛ الأُولَى، تُرَدُّ الشَّهادَةُ مِن وَصِيٍّ ووَكيلٍ بعدَ العَزْلِ لمُوَلِّيه ومُوَكِّلِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: تُرَدُّ إنْ كان خاصَمَ فيه، وإلَّا فلا. وأَطْلَقَ في «المُغْنِي» وغيرِه القَبُولَ بعدَ عزْلِه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ خاصَمَ في خصومَةٍ مرَّةً، ثم نَزَعَ، ثم شَهِدَ، لم تُقْبَلْ.

الثَّانِيَةُ، تُقْبَلُ شَهادةُ الوَصِيِّ على المَيِّتِ، والحاكمِ على مَنْ هو في حِجْرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا تُقْبَلُ.

(1) في ط: «القسمة» .

ص: 428

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثَّالثةُ، تُقْبَلُ الشَّهادةُ لمَوْروثِه في مرَضِه بدَيْنٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». [وقطَع به المُصَنِّفُ وغيرُه] (1). وقيل: لا تُقْبَلُ. وأَطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِي» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» . فعلى القولِ بعدَمِ القَبُولِ، لو شَهِدَ غيرُ وارِثٍ، فصارَ عندَ المَوْتِ وارِثًا، سُمِعَتْ، دُونَ عكْسِه. وعلى المذهبِ، لو حُكِمَ بهذه الشَّهادَةِ، لم يتَغَيَّرِ الحُكْمُ بعدَ الموتِ.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 429

فَصْلٌ: الثَّالِثُ، أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا، كَشَهَادَةِ العَاقِلَةِ بِجَرْحِ شُهُودِ قَتْلِ الْخَطَأِ، وَالغُرَمَاءِ بِجَرْحِ شُهُودِ الدَّيْنِ عَلَى المُفْلِسِ، وَالسَّيِّدِ بِجَرْحِ مَنْ شَهِدَ عَلَى مُكَاتَبِهِ أَوْ عَبْدِهِ بِدَيْنٍ، وَالْوَصِيِّ بِجَرْحِ الشَّاهِدِ عَلَى الأَيْتَامِ، وَالشَّرِيكِ بِجَرْحِ الشَّاهِدِ عَلَى شَرِيكِهِ، وَسَائِرِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِإنْسَانٍ، إِذَا شَهِدَ بِجَرْحِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ.

ــ

قطَع به في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» .

الرَّابعةُ، قال في «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، عَدَمُ القَبُول ممَّنْ له الكَلامُ في شئٍ، أو يَسْتَحِقُّ منه وإنْ قلُّ، نحوَ مدْرَسَةٍ ورِباطٍ، قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، في قوْمٍ في دِيوانٍ أَجَرُوا شيئًا: لا تُقْبَلُ شَهادَةُ أحدٍ منهم على مُسْتَأْجِرِه؛ لأنَّهم وُكلاءُ أو وُلاةٌ. قال: ولا شَهادَةُ دِيوانِ الأمْوالِ السُّلْطانِيَّةِ على الخُصومِ.

قوله: الثَّالِثُ، أنْ يَدْفَعَ عن نَفْسِه ضَرَرًا، كشَهادَةِ العاقِلَةِ بجَرْحِ شُهُودِ قَتْلِ

ص: 430

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الخَطَأْ. وكشَهادَةِ مَن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه لإنْسانٍ بجَرْحِ الشَّاهدِ عليه، وكزَوْجٍ في زِنًى، بخِلافِ قَتْلٍ وغيرِه. وقال في «الرِّعايتَيْن»: لا تُقْبَلُ على زَوجَتِه بزِني. وقيل: مع ثَلاثَةٍ. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالمذهبُ أنَّها لا تُقْبَلُ ممَّنْ يَدْفعُ عن نفْسِه ضرَرًا مُطْلَقًا. وعليه الأصحابُ. ونصَّ عليه. وقال في «مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِىِّ»: البعيدُ ليس مِن عاقِلَتِه حالًّا، بل الفَقِيرُ المُعْسِرُ وإنِ احْتاجَ صفةَ اليَسارِ. قال في «الفُروعِ»: وسَوَّى غيرُه بينَهما، وفيهما احْتِمالان. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقيلَ: إنْ كان الشَّاهِدُ مِنَ العاقِلَةِ فقِيرًا أو بعيدًا، قُبِلَتْ شَهادَتُه؛ لانْتِفاءِ التُّهْمَةِ في الحالِ الرَّاهِنَةِ. وأَطْلَقَ الاحْتِمالَيْن في «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «الرِّعايةِ الكُبرى» ، وغيرِهم. قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ القَبُولِ.

ص: 431

فَصْلٌ: الرَّابعُ، الْعَدَاوَةُ، كَشَهَادَةِ الْمَقْذُوفِ عَلَىْ قَاذِفِهِ، وَالمَقْطُوعِ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ عَلَى قَاطِعِهِ، وَالزَّوْجِ بِالزِّنَى عَلَى امْرَأَتِهِ.

ــ

فائدة: تُقْبَلُ فُتْيا مَنْ يَدْفَعُ عن نفْسِه ضرَرًا بها.

قوله: والرَّابعُ: العَداوَةُ، كشَهادَةِ المَقْذُوفِ على قاذِفِه، والمقطُوعِ عليه الطَّرِيقُ على قاطِعِه. بلا نِزاعٍ. فلو شَهِدُوا أنَّ هؤلاءِ قَطَعُوا الطَّريقَ علينا، أو على القافِلَةِ، لم تُقْبَلْ، ولو شهِدُوا أنَّ هؤلاءِ قطَعُوا الطَّريقَ على هؤلاءِ، قُبِلوا. وليس للحاكمِ أنْ يَسْألَ: هل قطَعُوها عليْكم معهم؟ لأنَّه لا بَيْحَثُ عمَّا شَهِدَ به

ص: 432

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشُّهودُ. ولو شَهِدوا أنَّهم عرَضُوا لَنا، وقَطَعُوا الطَّريقَ على غيرِنا، فقال في «الفُصولِ»: تُقْبَلُ. قال: وعنْدِى، لا تُقْبَلُ.

فوائد؛ الأُولَى، يُعْتَبَرُ في عدَمِ قَبُولِ الشَّهادَةِ بالعَداوَةِ كوْنُها لغيرِ الله تِعالَى؛ سَواءٌ كانتْ موْرُوثَةً أو مُكْتَسَبَةً. وِقال في «التَّرغيبِ»: تكونُ ظاهِرَةً، بحيثُ يُعْلَمُ أنَّ كُلًّا منهما يُسَرُّ بمَساءَةِ الآخرِ، ويَغْتَمُّ بفرَحِه، ويَطْلُبُ له الشَّرَّ. قلتُ: قال في «الرِّعايتَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِي» ، و «الوَجيزِ»: ومَنْ سَرَّه مَساءَةُ أحدٍ، وغَمَّه فَرَحُه، فهو عَدُوٌّ. وقال في «الرِّعايةِ (1) الكُبْرَى»: قلتُ: أو حاسِدُه.

الثَّانيةُ، تُقْبَلُ شَهادةُ العَدُوِّ لعَدُوِّه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وعنه، لا تُقْبَلُ.

الثَّالثةُ، لو شَهِدَ بحقٍّ مُشْتَرَكٍ بينَ مَنْ تُرَدُّ شَهادَتُه له وبينَ مَنْ لا تُرَدُّ شَهادتُه له،

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 433

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لم تُقْبَلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونصَّ عليه؛ لأنَّها لا تتَبَعَّضُ في نفْسِها. وقيل: تصِحُّ لمَنْ لا تُرَدُّ شَهادَتُه له. وذكرَ جماعةٌ، تصِحُّ إنْ شَهِدَ أنَّهم قَطَعُوا الطَّريقَ على القافِلَةِ، لا عليْنا.

الرَّابعَةُ (1)، لو شَهِدَ عندَه، ثم حدَث مانِعٌ، لم يَمْنَعِ الحُكْمَ، إلَّا فِسْقٌ أو كُفْرٌ أو تُهْمَةٌ، فيَمْنَعُ (2) الحُكْمَ، إلَّا عداوةً ابْتدأَها المشْهودُ عليه (3)، كقَذْفِه (4)

(1) في الأصل: «قوله: الرابعة» .

(2)

في الأصل: «فمنع» .

(3)

سقط من: الأصل.

(4)

في الأصل: «على القذفة» . وفى ط: «القذفة» .

ص: 434

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

البَيِّنَةً. وكذا مُقاوَلَتُه وقْتَ غضَبٍ ومُحاكَمَة بدُونِ عَداوَةٍ ظاهرةٍ سابقَةٍ. قال في «التَّرْغيبِ» : ما لم يصِلْ إلى حدِّ العَداوَةِ أو الفِسْقِ. وحُدوثُ مانعٍ في شاهِدِ أصْلٍ كحُدوثِه في مَن أقامَ الشَّهادَةَ. وفي «التَّرْغيبِ» : إنْ كانَ بعدَ الحُكْمِ لم يُؤَثِّرْ، وإنْ حدَث مانِعٌ بعدَ الحُكْمِ، لم يُسْتَوْفَ حدٌّ، بل مالٌ. وفى قَوَدٍ وحدِّ قَذْفٍ وَجْهان. وأَطْلَقهما في «الفُروعِ» و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «المُغْنِي» في مَوْضِعٍ. وقطَع في مَوْضعٍ (1) آخَرَ، أنَّه لا يُسْتَوْفَى الحدُّ والقِصاصُ. وصحَّحه النَّاظِمُ في القِصاصِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ.

(1) سقط من: ط.

ص: 435

فَصْلٌ: الْخَامِسُ، أَنْ يَشْهَدَ الْفَاسِقُ بِشَهَادَةٍ، فَتُرَدَّ، ثُمَّ يَتُوبَ، فَيُعِيدَهَا، فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ؛ لِلتُّهْمَةِ.

ــ

قوله: الخامِسُ: أنْ يَشْهَدَ الفاسِقُ بشَهادَةٍ، فَتُرَدَّ، ثَمَّ يَتُوبَ، ويُعِيدَها، فإنَّها لا تُقْبَلُ؛ لِلتُّهْمَةِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقَطعُوا به. وذَكَرَ في «الرِّعايةِ» رِوايةً، تُقْبَلُ.

ص: 436

وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ بِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ حَتَّى صَارَ عَدْلًا، قُبِلَتْ.

وَلَوْ شَهِدَ كَافِرٌ، أوْ صَبِيٌّ، أَوْ عَبْدٌ، فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ، ثُمَّ أَعَادُوهَا

ــ

قوله: ولو شَهِدَ كافِرٌ، أو صَبِيٌّ، أو عَبْدٌ، فَرُدَّتْ شَهادَتُهم، ثُمَّ أعادُوها بعدَ

ص: 437

بَعْدَ زَوَالِ الْكُفْرِ وَالرِّقِّ والصِّبَا، قُبِلَتْ.

ــ

زَوالِ الكُفْرِ والرِّقِّ والصِّبا، قُبلَتْ. هذا الصَّحيحُ مِن المذهب. قال في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ»: قُبِلَتْ على الأصحِّ. وصحَّحه النَّاظِمُ، والزَّرْكَشِيُّ. وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّي» ، و «الوَجِيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِي» ، وغيرِهم. وعنه، لا تُقْبَلُ أبدًا.

فائدة: مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ والخِلافِ والمذهبِ، لو ردَّه لجُنونه ثم عَقَلَ، أو لخَرَسِه ثم نطَقَ.

ص: 438

وَإِنْ شَهِدَ لِمُكَاتَبِهِ، أوْ لِمَوْرُوثِهِ بِجُرْحٍ قَبْلَ بُرْثِهِ، فَرُدَّتْ، ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ وبُرْءِ الْجُرْحِ، فَفِى رَدِّهَا وَجْهَانِ.

ــ

قوله: وإنْ شَهِدَ لمُكاتَبِه، أولمَوْرُوثِه بجُرْحٍ قبلَ بُرْئِه، فَرُدَّتْ، ثم أعادَها بعدَ عِتْقِ المكَاتَبِ وبُرْءِ الجُرْحِ، ففى رَدِّها وَجْهَان. وأَطْلَقهما في «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» . وظاهرُ «الفُروعِ» ، إدْخالُ ذلك في إطْلاقِ الخِلافِ. أحدُهما، تُقْبَلُ. وهو المذهبُ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» ، وصاحبُ «التَّصْحيحِ» ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجِيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ

ص: 439

وَإِنْ شَهِدَ الشَّفِيعُ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ فِى الشُّفْعَةِ عَنْهَا فَرُدَّتْ، ثُمَّ عَفَا الشَّاهِدُ عَنْ شُفْعَتِهِ، وَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ، لَمْ تُقْبَلْ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُقْبَلَ.

ــ

الأدَمِيٌ». والوَجْهُ الثَّاني، لا تُقْبَلُ. وقيل: إنْ زالَ المانِعُ باخْتِيارِ الشَّاهدِ، رُدَّتْ، وإلَّا فلا.

فائدة: لو رُدَّتْ لدَفْعِ ضَرَرٍ، أو جَلْبِ نَفْعٍ، أو عَداوَةٍ، أو رَحِمٍ (1)، أو زَوْجِيَّةٍ، فزالَ المانِعُ، ثم أعادَها، لم تُقْبَلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجِيزِ». قال في «المُحَرَّرِ»: لم تُقْبَلْ على الأصحِّ. صحَّحه في «النَّظْمِ» . قال في «الكافِي» : هذا الأَوْلَى (2). وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِي». وقيل: تُقْبَلُ. قال في «المُغنِي» (3). والقَبُولُ أشْبَهُ بالصِّحَّةِ. وأَطْلَقَهما في «الفُروعِ» . وقيل: تُرَدُّ مع مانعٍ زالَ باخْتِيارِ الشَّاهِدِ، كتَطْليقِ الزَّوْجَةِ، وإعْتاقِ القِنِّ، وتُقْبَلُ في غيرِ ذلك.

قوله: وإنْ شَهِدَ الشَّفِيعُ بعَفْوِ شَرِيكِه في الشُّفْعَةِ عنها فرُدَّتْ، ثم

(1) في الأصل: «رجم» .

(2)

في الأصل: «أولى» .

(3)

انظر: المغنى 14/ 197.

ص: 440

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَفا الشَّاهِدُ عن شُفْعَتِه، وأعادَ تلك الشَّهادَة، لم تُقْبَلْ، ذَكَرَه الْقَاضِي. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجِيزِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» .

وَيَحْتَمِلُ أنْ تُقْبَلَ. قال الشَّارِحُ: والأَوْلَى أنْ تُخَرَّجَ على الوَجْهَيْن؛ لأنَّها إنَّما رُدَّتْ لكَوْنِه يَجُرُّ إلى نفْسِه بها (1) نَفْعًا، وقد زالَ ذلك بعَفْوِه. والظَّاهِرُ أنَّ هذا الاحْتِمالَ مِن زِياداتِ الشَّارحِ في «المُقْنِعِ» . وأَطْلَقهما في «الفُروعِ» .

(1) في الأصل: «به» .

ص: 441