المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب شروط من تقبل شهادته - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٩

[المرداوي]

الفصل: ‌باب شروط من تقبل شهادته

‌بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ

وَهِىَ سِتَّةٌ؛ أَحَدُهَا، الْبُلُوغُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ. وَعَنْهُ، تُقْبَلُ مِمَّن هُوَ فِى حَالِ الْعَدَالَةِ. وَعَنْهُ، لَا تُقْبَلُ إلَّا فِى الْجِرَاحِ، إذَا شَهِدُوا قَبْلَ الافْتِرَاقِ عَنِ الْحَالِ الَّتِى تَجَارَحُوا عَلَيْهَا.

ــ

بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ

قوله: وهى سِتَّةٌ؛ أحَدُها، البُلُوغُ، فلا تُقْبَلُ شَهادَةُ الصِّبْيانِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ،

ص: 321

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» ، وغيرِهم: لا تُقْبَلُ شَهادةُ الصِّبْيانِ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ مِن الرِّواياتِ، والمُخْتارُ للأصحابِ؛ مُتَقَدِّمِهم ومُتأخِّرِهم. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ،

ص: 322

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.

وعنه، تُقْبَلُ ممَّن هو فى حالِ العَدالَةِ. فتَصِحُّ مِن مُمَيِّزٍ. ونقَل ابنُ هانِئٍ، ابنِ عَشْرٍ. واسْتَثْنَى ابنُ حامِدٍ على هاتَيْن الرِّوايتَيْن، الحُدودَ والقِصاصَ.

وعنه، لا تُقْبَلُ إلَّا فى الجِراحِ، إذا شَهِدُوا قبلَ الافْتِراقِ عن الحالَةِ التى تجارَحُوا عليها. ذكَرها أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ» . وعنه، تُقْبَلُ فى الجِراحِ والقَتْلِ. ذكَرها فى «الواضحِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» . قال القاضى،

ص: 323

الثَّانِي، الْعَقْلُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَعْتُوهٍ وَلَا مَجْنُونٍ، إِلَّا مَنْ يُخْنَقُ فِى الأَحْيَانِ، إذَا شَهِدَ فِى إِفَاقَتِهِ.

ــ

وجماعَةٌ مِن الأصحابِ: يُشْترَطُ أنْ يؤدُّوها أو يَشْهَدُوا على شهادَتِهم قبلَ تَفَرُّقِهم، ثم لا يُؤَثِّرُ رجُوعُهم. وقيل: تُقْبَلُ شَهادَتُهم على مِثْلِهم. وسأله عَبْدُ اللهِ، فقال: عليٌّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أجازَ (1) شَهادةَ بعْضِهم على بعْضٍ.

فائدة: ذكَر القاضى أنَّ الخِلافَ عندَ الأصحابِ فى الشَّهادَةِ على الجِراحِ المُوجِبَةِ للقِصاصِ، فأمَّا الشَّهادَةُ بالمالِ، فلا تُقْبَلُ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: وهذا عَجَبٌ مِن القاضى؛ فإن الصِّبْيانَ لا قَوَدَ بينَهم، وإنَّما الشهادَةُ بما يُوجِبُ المالَ. ذكَرَه فى «القَواعِد الأُصُولِيَّةِ» .

قوله: الثَّاني، العَقْلُ، فلا تُقْبَلُ شَهادَةُ مَعْتُوهٍ ولا مَجْنُونٍ، إلَّا مَن يُخْنَقُ فى الأحْيانِ، إذا شَهِدَ فى إفاقَتِه. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» ،

(1) فى الأصل: «إجازة» .

ص: 324

الثالثُ، الْكَلَامُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ.

ــ

و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: نصَّ عليه. وقال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم: وتُقْبَلُ شَهادةُ مَن يُصْرَعُ فى الشَّهْرِ مَرَّةً أو مرَّتَيْن. وقال فى «الرِّعايتَيْن» (1)، و «الحاوِى» ، وغيرِهم: وتُقْبَلُ شَهادةُ مَن يُصْرَعُ فى الشَّهْرِ مرَّتَيْن. وقيل: مَن يُفِيقُ أحْيانًا، حالَ إفاقَتِه.

قوله: الثَّالثُ، الكَلامُ، فلا تُقْبَلُ شَهادَةُ الأخْرَسِ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. نصَّ عليه. قال الشَّارِحُ: هذا أوْلَى. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَنْصوصُ المَجْزومُ به

(1) فى الأصل: «الرعاية» .

ص: 325

[347 ظ] وَيَحْتَمِلُ أنْ تُقْبَلَ فِيمَا طَرِيقُهُ الرُّؤْيَةُ، إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ.

ــ

عندَ الأكْثَرِينَ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.

ويَحْتَمِلُ أنْ تُقْبَلَ فيما طَرِيقُه الرُّؤْيةُ، إذا فُهِمَتْ إشارَتُه. واخْتارَه بعْضُهم. قلتُ: وهو قَوِىٌّ جِدًّا. وقد أوْمَأَ إليه الإمامُ أحمدُ، رحمه الله.

ص: 326

الرَّابعُ، الإِسْلَامُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كَافِرٍ، إِلَّا أَهْلَ الْكِتَابِ فِى الْوَصِيَّةِ فِى السَّفَرِ، إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمْ، وَحَضَرَ الْمُوصِىَ الْمَوْتُ، فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَيُحَلِّفُهُمُ الْحَاكِمُ بَعْدَ العَصْرِ: لَا نَشْتَرِى بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى، وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللهِ، وَإِنَّهَا

ــ

فائدة: لو أدَّاها بخَطِّه، فقد توَقَّفً الإمامُ أحمدُ، رحمه الله. ومَنَعَها أبو بَكْرٍ. وهو احْتِمالٌ للقاضِى. وخالَفَه فى «المُحَرَّرِ» ، فاخْتارَ فيه قَبُولَها. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال فى «النُّكَتِ» : وكأنَّ وَجْهَ الخِلافِ بينَهما، أنَّ الكِتابةَ هل هى صَرِيحٌ أمْ لا؟ ويأْتِى فى أثْناءِ البابِ شَهادَةُ الأصَمِّ والأَعْمَى، وأحْكامُهما.

قوله: الرَّابعُ، الإسْلامُ، فلا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كافِرٍ، إلَّا أهْلَ الكِتابِ فى الوَصِيَّةِ فى السَّفَرِ، إذا لم يُوجَدْ غَيْرُهم، وحضَر المُوصِىَ المَوْتُ، فتُقْبَلُ شَهادَتُهم. يعْنِى إذا كانوا رِجالًا. الصَّحيحُ مِن المذَهبِ قَبُولُ شَهادَةِ أهْلِ الكِتابِ بالوَصِيَّةِ فى السَّفَرِ بشَرْطِه. وعليه الأصحابُ. وجزَم به كثيرٌ منهم. ونقَله الجماعَةُ عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، حتى قال المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الرَّوْضَةِ» ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: إنَّه نصَّ القُرْآنِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: رَواه نحوُ العِشْرِينَ عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ» رِوايةً بعَدَمِ القَبُولِ. وقيل: يُشْتَرَطُ فيه أنْ يكونَ ذِمِّيًّا. وهو ظاهرُ

ص: 327

لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ. فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا، قَامَ آخَرَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمُوصِى فَحَلَفَا بِاللهِ: لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَلَقَدْ خَانَا وَكَتَمَا. وَيَقْضِى لَهُمْ. وَعَنْهُ، أَنَّ شَهَادَةَ بَعْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ تُقْبَلُ عَلَى بَعْضٍ. وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ.

ــ

ما جزَم به فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «النظْمِ» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: وليس بشىْءٍ.

تنبيهات؛ أحدُها، مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ غيرَ الكِتابِىِّ لا تُقْبَلُ شَهادَتُهم فيها. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الكافى» ، و «الشَّرْحِ» ،

ص: 328

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الوَجِيزِ» ، و «الهِدايةِ» ، [و «المُذْهَبِ»](1)، وغيرِهم. وصحَّحه النّاظِمُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِن الرِّوايتَيْن. وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّر» . وعنه، تُقْبَلُ مِن الكافرِ مُطْلَقًا. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» . وأطلَقهما فى «الفُروعَ» ، و «المُحَرَّرِ» .

الثَّاني، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه سواءٌ كان المُوصِى مُسْلِمًا أو كافِرًا. وهو

(1) سقط من: الأصل.

ص: 329

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صحيحٌ. نقَله الجماعَةُ عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الزرْكَشِىِّ» ، وغيرِهم.

الثَّالثُ، صرَّح المُصَنِّفُ أنَّ شَهادةَ الكافرِ لا تُقْبَلُ فى غيرِ هذه المَسْأَلَةِ

ص: 330

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بشَرْطِهِا، وقال: هو المذهبُ. وهو كما قال. وعليه الأصحابُ. ونصَّ عليه فى رِوايةِ نحْوٍ مِن عِشرِينَ مِن أصحابِه، فى أنَّها لا تُقْبَلُ شَهادَةُ بعضِهم على بعضٍ. وعنه، تُقْبَلُ شَهادَتُهم للحَمِيلِ. وعنه، تُقْبَلُ للحَمِيلِ (1)، ومَوْضِعِ ضَرُورَةٍ. وعنه، تُقْبَلُ سَفَرًا. ذكَرَهما الشيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، وقال: كما تُقْبَلُ شَهادَةُ النِّساءِ فى الحُدودِ إذا اجْتَمَعْنَ فى العُرْسِ والحَمَّامِ. انتهى. وعنه، إنَّ شَهادَةَ بعْضِ أهْلِ الذِّمةِ تُقْبَلُ على بعْضٍ. نقَلها حَنبلٌ، وخطَّأَه الخَلَّالُ فى نقْلِه.

(1) الحميل: المسبى يحمل من بلد إلى بلد.

ص: 331

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال أبو بَكْرٍ عَبْدُ العزيزِ: هذا غَلَطٌ لا شكَّ فيه. قال أبو حَفْصٍ البَرْمَكِىُّ: تُقْبَلُ شَهادَةُ السَّبْىِ بعْضِهم على بعْضٍ، إذا ادَّعَى أحدُهم أنَّ الآخَرَ أخُوه. والمذهبُ الأوَّلُ، والظَّاهِرُ غَلَطُ مَن روَى خِلافَ ذلك. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. واخْتارَ رِوايةَ قَبُولِ شَهادَةِ بعضِهم على بعْضٍ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، وابنُ رَزِينٍ، وصاحِبُ «عُيونِ المَسائلِ» ، ونَصَرُوه. واحْتَجَّ فى «عُيونِ المَسائلِ» بأنَّه أهْلٌ للوِلايَةِ على أوْلادِه، فشَهادَتُه عليهم أَوْلَى. ونَصَره أيضاً فى

ص: 332

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الانْتِصارِ» . وفى «الانتِصار» أيضًا: لا مِن حَرْبِىٍّ. وفيه أيضًا: بل على مِثْلِه. وقال هو وغيرُه: لا مُرْتَدٍّ، لأنَّه ليس أهْلًا للوِلَايةِ فلا يُقَرُّ، ولا فاسِقٍ منهم؛ لأنَّه لا يجْتَنِبُ مَحْظُورَ دِينِه، وتَلْحَقُه التُّهْمَةُ. وفى اعْتِبارِ اتِّحادِ المِلَّةِ وَجْهانِ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ؛ أحدُهما، لا يُعْتَبَرُ اتِّحادُ المِلَّةِ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» . والوَجْهُ الثَّانى، يُعْتَبَرُ اتِّحادُها. صحَّحه فى «النَّظْمِ» ، و [«تَصْحِيحِ المُحَرَّرِ»](1).

(1) فى الأصل: «التصحيح والمحرر» .

ص: 333

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنييه: يحْتَمِلُ قولُه: ويُحَلِّفُهم الحاكِمُ بعدَ العَصْرِ: لا نَشتَرِى به ثَمَنًا ولو كان ذا قُرْبَى، ولا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ، وإنَّها لوَصِيَّةُ الرَّجُلِ. أنَّ تحْلِيفَهم على سَبِيلِ الوُجوبِ (1). وهو الظَّاهِرُ، وهو ظاهِرُ كلام أكْثَرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو الأشْهَرُ، وهو أحدُ الوَجْهَيْن. وقدَّمه فى «الرِّعايةِ الكُبْرَى» . والوَجْهُ الثَّانى، يُحَلِّفُهم على سَبِيلِ الاسْتِحْبابِ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وقال فى «الواضحِ»: يُحَلِّفُهم مع الريِّبَةِ، وإلّا فلا.

(1) فى ط: «الواجب» .

ص: 334

الْخَامِسُ، أنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَحْفَظُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُغَفَّلٍ، وَلَا مَعْرُوفٍ بِكَثْرَةِ الْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ.

ــ

قوله: الخَامِسُ، أنْ يكونَ مِمَّن يَحْفَظُ، فلا تُقْبَلُ شَهادَةُ مُغفَّلٍ، ولا مَعْرُوفٍ بِكَثْرَةِ الْغلَطِ والنِّسْيانِ. لا تُقْبَلُ شَهادةُ المَعْروفِ بكَثْرَةِ الغلَطِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وكذا المَعْروفُ بكَثْرَةِ النِّسْيانِ. ذكَرَه جماعَةٌ مِن الأصحابِ؛ منهم المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وابنُ حَمْدانَ، والنّاظِمُ، وصاحِبُ «الوَجِيزِ» ، و «الحاوِى» ، والزَّرْكَشِىُّ، والخِرَقِىُّ، وغيرُهم. وقال فى «التَّرْغيبِ»: هذا الصَّحيحُ، إلَّا فى أمْرٍ جَلِىٍّ يَكْشِفُه الحاكِمُ ويُراجِعُه فيه

ص: 335

فَصْلٌ: السَّادِسُ، الْعَدَالَةُ، وَهِىَ اسْتِوَاءُ أحْوَالِهِ فِى دِيِنهِ، وَاعْتِدَالُ أقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ. وَقِيلَ: الْعَدْلُ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ. وَيُعْتَبَرُ لَهَا شَيْئَانِ؛ الصَّلَاحُ فِى الدِّينِ، وَهُوَ أدَاءُ الفَرَائِضِ، وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَرْتَكِبَ كَبِيرَةً، وَلَا يُدْمِنَ عَلَى صَغِيرَةٍ.

ــ

حتى يعْلَمَ تَثَبُّته، وأنَّه لا سَهْوَ ولا غَلَطَ فيه. وجزَم به فى «الرَّعايتَيْن» (1)، و «الحاوِى» .

قوله: السَّادِسُ، العَدالَةُ، وهى اسْتِواءُ أحْوالِه فى دِينِه، واعْتِدالُ أقْوالِه وأفْعالِه. تقدَّم فى بابِ طَريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه، أنَّ الصَّحيحَ مِن المذهبِ، اعْتِبارُ

(1) فى ط: «الرعاية» .

ص: 336

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

العَدالَةِ فى البَيِّنةِ ظاهِرًا وباطِنًا، فيُعْتَبَرُ اسْتِواءُ أحْوالِه فى دِينِه، واعْتدالُ (1) أقْوالِه وأفْعالِه. وهذا المذهبُ بلا رَيْبٍ.

وقيل: العَدْلُ مَن لم تَظْهَرْ منه رِيبَةٌ. وهو رِوايةٌ عن الإمام أحمدَ، رحمه الله، واخْتِيارُ الخِرَقِىِّ عندَ القاضى وجماعَةٍ، وتقدَّم ذلك. وذكَرَ أَبو محمدٍ الجَوْزِىُّ فى العَدالَةِ اجْتِنابَ الرِّيبَةِ، وانْتِفاءَ التُّهْمَةِ. زاد فى «الرِّعايةِ» ، وفِعْلُ ما يُسْتَحَبُّ، وتَرْكُ ما يُكْرَهُ.

(1) فى ط: «اعتبار» .

ص: 337

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: العاقِلُ مَن عَرَف الواجِبَ عَقْلًا، الضرورِىَّ وغيرَه، والمُمْتَنِعَ والمُمْكِنَ، وما يضُرُّه وينْفَعُه غالِبًا. والعَقْلُ نَوْعُ عِلْمٍ ضَرورِىٍّ إنْسانِّىٍ، ومَحَلُّ ذلك الأُصولُ. والإسْلامُ الشَّهادَتان، نُطْقاً أو حُكْمًا، تَبَعًا أو بِدارٍ مع الْتِزامِ أحْكامِ الدِّينَ. قالَه الأصحابُ.

تنبيه: ظاهرُ قولِه: ويُعْتَبَرُ لها شَيْئان؛ الصَّلاحُ فى الدِّينِ، وهو أداءُ الفَرائِضِ. أنَّ أداءَ الفَرائضِ وحدَها يَكْفِى ولولم يُصَلِّ سُنَنَها. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وهو ظاهِرُ كلامِه فى «المُذْهَبِ» . وذكَر القاضى،

ص: 338

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وصاحِبُ «التبصِرَةِ» ، و «التَّرْغيبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الوَجِيزِ» ، وغيرُهم، أداءَ الفَرائِضِ بسُنَنِها الرَّاتِبَةِ. وقال فى «الهِدايةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ»: بسُنَنِها. ولم يذْكُرِ الرَّاتِبَةَ. وقد أوْمَأ الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، إلى ما ذكَرَه القاضى، والجماعَةُ، لقَوْلِه (1)، فى مَن يُواظِبُ على تَرْكِ سُنَنِ الصَّلاةِ: رجُلُ سَوْءٍ. ونقَل أبو طالِبٍ،

(1) فى الأصل، ا:«كقوله» .

ص: 339

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[والوِتْرُ](1) سُنَّةٌ سنَّها النبىُّ صلى الله عليه وسلم، فمَن تَرَكَ سُنَّةً مِن سُنَنِه، فهو رجُلُ سَوْءٍ. وقال القاضى: يأْثَمُ. قال فى «الفُروعِ» : ومُرادُه، لأنَّه لا يَسْلَمُ مِن تَرْكِ فرْضٍ، وإلَّا فلا يأْثَمُ بتَرْكِ سُنَّةٍ، وإنَّما قال هذا الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، فى مَن ترَكَه طُولَ عُمْرِه أو أكْثَرَه، فإنَّه يفْسُقُ بذلك، وكذلك جميعُ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ إذا داوَمَ على تَرْكِها؛ لأنَّه بالمُداوَمَةِ يكونُ راغِبًا عنِ السُّنَّةِ، وتلْحَقُه التُّهْمَةُ بأنَّه غيرُ مُعْتَقِدٍ لكَوْنِها سُنَّةً. وكلامُ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، خُرِّجَ على هذا. وكذا قال فى «الفُصولِ»: الإدْمانُ على تَرْكِ هذه السُّنَنِ غيرُ جائزٍ. واحْتَجَّ بقَوْلِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، فى الوِتْرِ. وقال بعدَ قولِ الإمامِ أحمدَ، رحِمَهُ اللهُ تعالَى، فى الوِتْرِ: وهذا يقْتَضِى أنَّه حُكْمٌ (2) بفِسْقِه. قلتُ: فيُعايىَ بها على قولِ القاضِى، وابنِ عَقِيلٍ. ونقَل جماعةٌ، مَن ترَكَ الوِتْرَ فليس بعَدْلٍ. وقالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، فى الجماعَةِ، على أنَّها سُنَّةٌ؛ لأنَّه [يُسَمَّى ناقِصَ الإيمانِ] (3). وقال فى «الرعايةِ»: وتُرَدُّ شَهادَةُ مَن أكْثَرَ مِن تَرْكِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ.

قوله: واجْتِنابُ المَحارِمِ، وهوأن لا يَرْتَكِبَ كَبِيرَةً، ولا يُدْمِنَ على صَغِيرَةٍ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «النَّظْمِ» .

(1) فى النسخ: «لو ترك» . والمثبت من الفروع 6/ 560، والمبدع 10/ 220.

(2)

فى الأصل: «يحكم» .

(3)

فى الأصل: «كمسمى ناقض للإيمان» .

ص: 340

وَقِيلَ: أنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ إِلَّا الْخَيْرُ.

ــ

وقيلَ: أنْ لا يظْهَرَ منه إلَّا الخَيْرُ. وقيل: أنْ لا يتَكَرَّرَ منه صَغِيرَةٌ. وقيل: ثلاثاً. وقطَع به فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى» . وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ» . وقال فى «التَّرْغيبِ» : بأنْ لا يُكْثِرَ مِن الصَّغائرِ، ولا يُصِرَّ على واحدَةٍ منها. وعنه، تُرَدُّ الشهادَةُ بكَذِبَةٍ واحدَةٍ. وهو ظاهرُ كلامِه فى «المُغْنِى» . واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله. قال ابنُ عَقِيلٍ: اخْتارَه بعضُهم. وقاسَ عليه بقِيَّةَ الصَّغائرِ، وهو بعيدٌ؛ لأنَّ الكَذِبَ مَعْصِيَةٌ فيما تحْصُلُ به الشهادَةُ، وهو الخَبَرُ. قالَه فى «الفُروعِ» . وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» . وأخذَ القاضى، وأبو الخَطَّابِ مِن هذه الرِّوايةِ، أنَّ الكَذِبَ كبيرةٌ. وجعَل ابنُ حَمْدانَ فى «الرِّعايةِ» الرِّوايتَيْن فى الكَذِبِ، وأوْرَدَ ذلك مذهبًا. قال الزَّرْكَشِىُّ: وفيه نظَرٌ. وقال أيضًا: ولعَلَّ الخِلافَ فى الكَذِبَةِ للتَّرَدُّدِ فيها، هل هى كبيرةٌ أو صَغِيرةٌ؟ وأَطْلقَ فى «المُحَرَّرِ» الرِّوايتَيْن فى رَدِّ الشَّهادَةِ بالكَذِبَةِ الواحدةِ. وظاهِرُ «الكافِى» ، أنَّ العَدْلَ مَن رَجَحَ خَيْرُه، ولم يأْتِ كبيرةً؛ لأنَّ الصَّغائرَ تَقَعُ مُكَفَّرَةً أولًا فأوَّلًا، فلا تجْتَمِعُ. قال ابنُ عَقِيلٍ: لوْلا الإجْماعُ لقُلْنا به. وظاهِرُ كلامِ القاضى فى «العُمْدَةِ» (1)، أنَّه عَدْلٌ ولو أَتَى كبيرةً. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: صرَّح به فى قِياسِ الشُّبَهِ. وعنه، فى مَن أكَلَ الرِّبا، إنْ أكْثَرً، لم يُصَلَّ خلفَه. قال القاضىٍ، وابنُ عَقِيلٍ: فاعْتَبَرَ الكَثْرَةَ. قال فى «المُغْنِى» (2): إنْ أخَذ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً وتكَرَّرَ، رُدَّتْ

(1) فى الأصل: «العدة» .

(2)

انظر: المغنى 14/ 169، 170.

ص: 341

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ فَاسِقٍ،

ــ

شَهادَتُه. وعنه فى مَن وَرِثَ ما أخَذَه موْرُوثُه مِن الطَريقِ، هذا أهْوَنُ، ليس هو أخْرَجَه، وأعْجَبُ إلىَّ أنْ يرُدَّة. وعنه أيضًا، لا يكونُ عَدْلًا حتى يَرُدَّ ما أخَذَ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: مَن شَهِدَ على إقْرارِ كَذِبٍ مع عِلْمِه بالحالِ، أو تكَرَّرَ نظَرُه إلى الأجْنَبِيَّاتِ والقُعودُ له بلا حاجَةٍ شَرْعِيَّةٍ، قُدِحَ فى عَدالَتِه. قال: ولا يَسْتَرِيبُ أحدٌ فى مَن صلَّى مُحْدِثًا، أو لغيرِ القِبْلَةِ، أو بعدَ الوَقْتِ، أو بلا قِراءَةٍ، أنَّه كبيرةٌ.

فائدة: الكَبِيرَةُ؛ ما فيه حدٌّ أو وَعِيدٌ. نصَّ عليه. وعندَ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رحمه الله: هى ما فيه حَدٌّ، أو وَعِيدٌ، أو غَضَبٌ، أو لَعْنَةٌ، أو نَفْىُ الإيمانِ. وقال فى «الفُصولِ» ، و «الغُنْيَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ»: الغِيبَةُ والنَّمِيمَةُ مِن الصَّغائرِ. وقال القاضى فى «مُعْتَمَدِه» : معْنَى الكبيرةِ أنَّ عِقابَها أعْظَمُ، والصَّغِيرةُ أقَلُّ، ولا يُعْلَمانِ إلَّا بتَوْقيفٍ. وقال ابنُ حامِدٍ: إنْ تكَرَّرَتِ الصَّغائرُ مِن نَوْعٍ أو أنْواعٍ، فظاهرُ المذهبِ، تجْتَمِعُ وتكونُ كبيرةً. ومِن أصحابِنا مَن قال: لا تجْتَمِعُ. وهو شَبِيهُ مَقالَةِ المُعْتَزِلَةِ.

قوله: وَلا تُقْبَلُ شَهادَةُ فاسِقٍ. سَواءٌ كان فِسْقُه مِن جِهَةِ الأفْعالِ، أوْ الِاعْتِقَادِ.

ص: 342

سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ مِنْ جِهَةِ الأفْعَالِ، أَوْ الِاعْتِقَادِ.

ــ

وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ.

ص: 343

وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَبُولُ شَهادَةِ الفَاسِقِ مِنْ جِهَةِ الِاعْتِقَادِ المُتَدَيِّنِ بِهِ، إِذَا لَمْ يَتَدَيَّنْ بِالشَّهَادَةِ لمُوَافِقِهِ عَلَى مُخَالِفِهِ.

ــ

ويتَخَرَّجُ على قَبُولِ شَهادَةِ أهْلِ الذِّمَّةِ قَبُولُ شَهادَةِ الفاسِقِ مِن جِهَةِ الاعْتقادِ المتَدَيِّن به، إذا لم يَتَدَيَّنْ بالشَّهادةِ لِمُوافِقِه على مُخالِفِه. كالخَطَّابِيَّةِ. وكذا قال أبو الخَطَّابِ.

فائدة: مَن قلَّد فى خَلْقِ القُرْآنِ، ونَفَى الرُّؤْيَةَ ونحوَهما، فَسَقَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جاهيرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ، قالَه فى «الواضِحِ» . وعنه، يَكْفُرُ كمُجْتَهِدٍ. وعنه فيه، لا يَكْفُرُ. اخْتارَه

ص: 345

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المُصَنِّفُ فى رِسالَتِه إلى صاحبِ «التَّلْخيصِ» ؛ لقولِ أحمدَ، رحمه الله، للمُعْتَصِمِ (1): يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ. ونقَل يعْقُوبُ الدَّوْرَقِىُّ، [فى مَن يقولُ: القُرْآنُ مخْلوقٌ] (2): كنتُ لا أُكَفِّرُه حتى قَرَأْتُ: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} (3) وغيرَها، فمَنْ زَعَم أنَّه لا يدْرِى، عِلْمُ اللهِ مخْلوقٌ أوْ لا؟ كَفَرَ. وقال فى «الفُصولِ» فى الكَفاءَةِ، فى جَهْمِيَّةٍ وواقِفِيَّةٍ وحَرُورِيَّةٍ وقَدَرِيًةٍ ورافِضَةٍ (4): إنْ ناظَرَ ودَعَا، كفَر، وإلَاّ لم يُفَسَّقْ؛ لأنَّ الإمامَ أحمدَ، رحمه الله، قال: يُسْمَعُ حدِيثُه ويُصَلَّى خلْفَه. قال: وعنْدى أنَّ عامَّةَ المُبْتَدِعَةِ فَسَقَةٌ، كعامَّةِ أهْلِ الكِتابَيْن كُفَّارٌ مع جَهْلِهِم. قال: والصَّحيحُ، لا كُفْرَ؛ لأنَّ الإمامَ أحمدَ، رحمه الله، أجازَ الرِّوايَةَ عن الحَرُورِيَّةِ والخَوارِجِ. وذكَر ابنُ حامِدٍ أنَّ قَدَرِيَّةَ أهْلِ الأَثَرِ - كسعيدِ بنِ أبى عَرُوبةَ، والأصَمِّ - مُبْتَدِعَةٌ، وفى شَهادَتِهم وَجْهانِ، وأنَّ الأوْلَى أنْ لا تُقْبَلَ؛ لأنَّ أقَلِّ ما فيه الفِسْقُ. وذكَر جماعَةٌ فى خَبَرِ غيرِ الدَّاعِيَةِ رِواياتٍ؛ الثَّالثَةُ، إنْ كانتْ مُفسِّقَةً، قُبِلَ، وإنْ كانت مُكَفِّرَةً، رُدَّ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، لا يُفَسَّقُ أحدٌ. وقالَه القاضى فى «شَرْحِ الْخِرَقِىِّ» فى المُقَلِّدِ، كالفُروعِ. وعنه، الدَّاعِيَةُ، كَتَفْضِيلِ علىَّ على الثَّلاثَةِ أو أحدِهم،

(1) الخليفة أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد بن محمد المهدى بن المنصور العباسى، ولد سنة ثمانين ومائة، بويع بعهد من المأمون فى رابع عشر رجب سنة ثمان عشرة ومائتين، كان ذا قوة وبطش وشجاعة وهيبة، لكنه نزر العلم، وامتحن الناس بخلق القرآن وكتب بذلك إلى الأمصار، وأخذ بذلك المؤذنين وفقهاء المكاتب، ودام ذلك حتى أزاله المتوكل. توفى سنة سبع وعشرين ومائتين وله سبع وأربعون سنة. سير أعلام النبلاء 10/ 290 - 306. شذرات الذهب 2/ 63، 64.

(2)

سقط من: ط.

(3)

سورة النساء 166.

(4)

فى الأصل، ا:«رافضية» .

ص: 346

وَأمَّا مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنَ الفُرُوعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، فَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ وَلِىٍّ، أوْ شَرِبَ مِنَ النَّبِيذِ مَا لَا يُسْكِرُهُ، أوْ أخَّرَ الْحَجَّ الوَاجِبَ مَعَ

ــ

رَضِىَ اللهُ عنهم، أو لم يَرَ مَسْحَ الخُفِّ، أو غَسْلَ الرِّجْلِ. وعنه، لا يُفَسَّقُ مَن فضَّل علِيًّا على عُثْمانَ، رِضْوانُ اللهِ عليهم أجْمَعِين. قال فى «الفُروع»: ويَتَوَجَّهُ فيه، وفى مَن رأى المَاءَ مِنَ المَاءِ ونحوِه، التَّسْوِيَةُ. نقَل ابنُ هانِئٍ فى الصَّلاةِ خَلْفَ مَن يُقَدِّمُ عَلِيَّا على أبى بَكْرٍ، وعمرَ، رَضِىَ اللهُ عنهم، إنْ كان جاهِلًا لا عِلْمَ له، أرْجُو أنْ لا يكونَ به بأْسٌ. وقال المَجْدُ: الصَّحيحُ أنَّ كلَّ بِدْعَةٍ لا تُوجِبُ الكُفْرَ، لا نُفَسِّقُ المُقَلِّدَ فيها؛ لخِفَّتِها، مِثْلَ مَن يُفَضِّلُ عليًّا على سائرِ الصَّحابَةِ، رَضِىَ اللهُ عنهم، ونَقِفُ عن تكْفِيرِ مَن كفَّرْناه مِن المُبْتَدِعَةِ. وقال المَجْدُ أيضًا: الصَّحيحُ أنَّ كلَّ بِدْعَةٍ كفَّرْنا فيها الدَّاعِيَةَ، فإنَّا نُفَسِّقُ المُقَلِّدَ فيها، كمَن يقولُ بخَلْقِ القُرْآنِ، أو بأنَّ ألْفاظَنَا به مَخْلوقَةٌ، أو أنَّ عِلْمَ اللهِ مخْلوقٌ، أو أنَّ أسْماءَه تعالَى مخْلوقَةٌ، أوأنَّه لا يُرَى فى الآخِرَةِ، أو يَسُبُّ الصَّحابَةَ، رَضِىَ اللهُ عنهم، تدَيُّنًا، أو (1)، أنَّ الإيمانَ مُجَرَّدُ الاعْتقادِ، وما أشْبَهَ ذلك، فمَن كان عالِمًا فى شئٍ مِن هذه البِدَعِ، يدْعُو إليه ويُناظِرُ عليه، فهو محْكومٌ بكُفْرِه. نصَّ الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، صَرِيحًا على ذلك فى مَواضِعَ. قال: واخْتُلِفَ عنه فى تَكْفيرِ القَدَرِيَّةِ بنَفْىِ خَلْقِ المَعاصِى، على رِوايتَيْن. وله فى الخَوارِجِ كلامٌ يقْتَضِى فى تكْفيرِهم رِوايتَيْن. نقَل حَرْبٌ، لا تجوزُ شَهادةُ صاحبِ بِدْعَةٍ.

قوله: وأمَّا مَن فعَلَ شَيْئًا من الفُرُوعِ المُخْتَلَفِ. فيها، فتَزَوَّجَ بغَيْرِ وَلىٍّ، أو

(1) فى الأصل: «و» . وبعده فى ا: «يقول» .

ص: 347

إِمْكَانِهِ، وَنَحْوَهُ، متَأوِّلًا، فَلَا ترَدُّ شَهَادَتُةُ، وَإنْ فَعَلَهُ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا تُرَدَّ.

ــ

شَرِبَ مِن النَّبِيذِ ما لَا يُسْكِرُ، أو أخَّرَ الحَجَّ الواجِبَ مع إمْكانِه، ونحوَه، مُتَأوِّلًا، فَلَا تُرَدُّ شَهادَتُه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه فى رِوايةِ صالحٍ. وعليه جاهيرُ الأصحابِ. وقال فى «الإرْشادِ»: تُقْبَلُ شَهادَتُه، الَاّ أنْ يُجِيزَ رِبا الفَضْلِ، أو يَرَى الماءَ مِن الماءِ؛ لتَحْرِيمِهما الآنَ. وذكَرَهُما الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، ممَّا خالفَ النَّصَّ مِن جِنْسِ ما يُنْقضُ فيه حُكْمُ الحاكمِ. وذكَر فى «التَّبْصِرَةِ» - فى مَن تزَوَّجَ بلا وَلِىّ، أو أكَلَ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ، أو تَزَوَّجَ بِنْتَه مِن الزِّنَى، أو أُمَّ مَن زَنَى بها - احْتِمالاً، تُرَدُّ. وعنه، يُفَسَّقُ مُتَأوِّلٌ لم يسْكَرْ مِن نَبِيذٍ. اخْتارَه فى

ص: 348

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الإرْشادِ» ، و «المُبْهِجِ» . قال الزَّرْكَشِىُّ، وأبو بَكْرٍ: كحدِّه؛ لأنَّه يدْعُو إلى المُجْمَعِ عليه، وللسُّنَّةِ المُسْتَفِيضَةِ. وعلَّله ابنُ الزَّاغُونِىِّ بأنَّه إلى الحاكمِ، لاإلى فاعلِه، كبَقِيَّةِ الأحْكامِ. وفيه، فى «الواضِحِ» ، رِوايَتانِ، كذِمِّىٍّ شَرِبَ خَمْرًا. وهو ظاهِرُ «المُوجَزِ» . واخْتلفَ فيه كلامُ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رحمه الله. نقَل مُهَنَّا، مَن أرادَ شُرْبَه يَتْبَعُ فيه مَن شَرِ بَه، فَلْيَشْرَبْه. وعنه، أُجيزُ شَهادَتَه ولا أُصَلِّى خلْفَه، وأحُدُّه (1). وعنه، ومَن أخَّرَ الحج قادِرًا، كمَن لم يُؤَدِّ الزَّكاةَ. نقَله صالِحٌ، والمَرُّوذِىُّ. قال فى «الفُروعِ»: وقِياسُ الأوَّلَةِ، مَن لَعِبَ بشِطْرَنْجٍ، وتَسَمَّعَ غِناءً بلا آلةٍ. قالَه فى «الوَسِيلةِ» ، لا باعْتِقادِ إباحَتِه.

فائدة: قال الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: اخْتَلَفَ النَّاسُ فى دُخولِ الفُقَهاءِ فى أهْلِ الأهْواءِ، فأدْخَلَهم القاضى وغيرُه (2)، وأخْرَجَهم ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه.

قوله: وإنْ فَعَلَه مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَه، رُدَّتْ شَهادَتُه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمَ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الزَّرْكَشِى» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعَ» ،

(1) فى النسخ: «وحده» ، والمثبت من الفروع 6/ 570.

(2)

فى الأصل: «غيرهم» .

ص: 349

الثَّانِى، اسْتِعْمَالُ المُرُوءَةِ، وَهُوَ فِعْلُ مَا يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ، وَتَرْكُ مَا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُصَافِعِ، وَالْمُتَمَسْخِرِ،

ــ

و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ونَصَراه، وغيرِ هم.

ويَحْتَمِلُ أنْ لا تُرَدَّ. وهو لأبى الخَطَّابِ.

فائدة: مَن تَتَبَّعَ الرُّخَصَ فأخَذَ بها، فُسِّقَ. نصَّ عليه. وذكَرَه ابنُ عَبْدِ البَرِّ إجْماعًا. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: كَرِهَه أهلُ العِلْمِ. وذكَر القاضى، غيرَ مُتَأوِّلٍ أو مُقَلِّدٍ. قال فى «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ تخْرِيجٌ مِمَّن تَرَكَ شَرْطاً أو رُكْنًا مُخْتَلَفًا فيه، لا يُعِيدُ فى رِوايةٍ. ويتَوَجَّهُ تقْيِيدُه بما لم يُنْقَضْ فيه حُكْمُ حاكمٍ. وقيل: لا يُفَسَّقُ إلَّاالعالِمُ. ومع ضَعْفِ الدَّليلِ، فرِوايَتان.

تنبيه: تقدَّم فى أواخر كتابِ القَضاءِ، هل يَلْزَمُ التَّمَذْهُبُ بمَذْهبٍ، أوْ لا؟ فَلْيُعاوَدْ.

قوله: الثانِى، اسْتِعْمالُ المُرُوُءَةِ، وهو فِعْلُ ما يُجَمِّلُه ويُزَيِّنُهُ، وتَرْكُ ما يُدَنِّسُه ويَشِينُه، فلا تُقْبَلُ شَهادَةُ المُصافِعِ، والمُتَمَسْخِرِ، والمُغَنِّى. قال فى «الرِّعايةِ»: ويُكْرَهُ سَماعُ الغِناءِ والنَّوْحِ بلا آلةِ لَهْوٍ، ويَحْرُمُ معها. وقيل: وبدُونِها، مِن رَجُلٍ وامْرَأةٍ. وقيل: يُباحُ، ما لم يَكُنْ معه مُنْكَرٌ آخَرُ. وإنْ داوَمَه

ص: 350

وَالمُغَنىِّ، وَالرَّقَّاصِ، واللَّاعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ، وَالنَّرْدِ، والْحَمَامِ، وَالَّذِى يَتَغَدَّى فِى السُّوقِ، وَيَمُدُّ رِجْلَيْهِ فِى مَجْمَعِ النَّاسِ، وَيُحَدِّثُ بِمُبَاضَعَتِهِ أهْلَهُ أوْ أمَتَهُ، وَيَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

ــ

أو اتَّخذَه صِناعَةً يُقْصَدُ له، أو اتَّخذَ غُلامًا أو جارِيَةً مُغَنِّييْن يجْمَعُ عليهما النًاسَ، رُدًتْ شَهادَتُه، وإنِ اسْتَتَرَ به وأكْثَرَ منه، ردَّها مَن حرَّمه أو كَرِهَه. وقيل

ص: 351

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

: أو أَباحَه؛ لأنَّه سَفَهٌ ودناءَةٌ يُسْقِطُ المُروءَةَ. وقيل: الحُداءُ ونشِيدُ الأعْرابِ كالغِناءِ فى ذلك. وقيل: يُباحُ سَماعُها. انتهى. وقال فى «الفُروعِ» : يُكْرَهُ غِناءٌ. وقال جماعَةٌ: يَحْرُمُ. وقال فى «التَّرْغيبِ» : اخْتارَه الأكثرُ. قال الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله: لا يُعْجِبُنِى. وقال فى الوَصِىِّ: يَبِيعُ أمَةً للصَّبِىِّ على أنَّها غيرُ مُغَنِّيَةٍ، وعلى أنَّها لا تقْرَأُ بالألْحانِ. وقيل: يُباحُ الغِناءُ والنَّوْحُ. اخْتارَه الخَلَّالُ، وصاحِبُه أبو بَكْرٍ. وكذا اسْتِماعُه. وفى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّرْغيبِ» ، وغيرِهما: يَحْرُمُ مع آلةِ لَهْوٍ، بلا خِلافٍ بَيْنَنا. وكذا قالوا هم وابنُ عَقِيلٍ، إنْ كان المُغَنِّى امْرأةً أجْنَبِيَّةً. ونقَل المَرُّوذِىُّ، ويَعْقُوبُ، أنَّ الإمامَ

ص: 352

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحمدَ، رحمه الله، سُئِلَ عنِ الدُّفِّ في العُرْسِ بلا غِناءٍ؟ فلم يَكْرَهْهُ.

فوائد؛ منها، يُكْرَهُ بِناءُ الحَمَّامِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. على ما تقدَّم فى أواخرِ بابِ الغُسْلِ. ونقَل ابنُ الحَكَمِ، لا تجوزُ شَهادَةُ مَن بَناه للنِّساءِ. وتقدَّم أحْكامُ الحَمَّامِ، فى آخِرِ بابِ الغُسْلِ.

ومنها، الشَّعْرُ كالكَلامِ. سألَه ابنُ مَنْصُورٍ: مايُكْرَهُ منه؟ قال: الِهجاءُ، والرَّقيقُ الذى يُشَبِّبُ بالنِّساءِ. واخْتارَ جماعَةٌ قوْلَ أبى عُبَيْدٍ: أنْ يغْلِبَ عليه الشِّعْرُ. قال فى «الفُروعِ» : وهو أظْهَرُ.

ومنها، لو أفْرَطَ شاعِرٌ بالمِدْحَةِ بإعْطائِه، وعكْسُه بعكْسِه، أو شبَّبَ بمَدْحِ خَمْرٍ، أو بمُرْدٍ - وفيه احْتِمالٌ - أو بامْرَأةٍ مُعَيَّنةٍ مُحَرَّمَةٍ، فُسِّقَ، لا إنْ شبَّبَ

ص: 353

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بامْرأتِه أو أمَتِه. ذكَره القاضى. واخْتارَ فى «الفُصولِ» ، و «التَّرْغيبِ» ، تُرَدُّ،

ص: 354

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كدَيُّوثٍ.

قوله: واللَّاعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ فى الجُملةِ.

ص: 355

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وذكَر القاضى، وصاحِبُ «الترْغيبِ» ، لا تُقْبَلُ شَهادَةُ اللَّاعبِ به، ولو كان

ص: 356

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُقَلِّدًا.

قوله: واللَّاعِبِ بالحَمَامِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم: الطَّيَّارَةِ. ونقَل بَكْرٌ عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، أو يسْتَرْعِيه مِنَ المَزارِعِ. قال فى «الرِّعايةِ»: وكذا تسْرِيحُها فى مَواضِعَ يُراهِنُ بها.

ص: 357

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: اللَّعِبُ بالشِّطْرَنْجِ حَرامٌ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. ونصَّ عليه.

وعليه الأصحابُ، كمَعَ عِوَضٍ، أو تَرْكِ واجِبٍ، أو فِعْلِ مُحَرَّم، إجْماعًا فى المَقِيسِ عليه. قال فى «الرِّعايةِ»: فإنْ داومَ عليه، فُسِّقَ. وقيل: لا يَحْرُمُ إذا خَلَا مِن ذلك، بل يُكْرَهُ. ويَحْرُمُ النرْدُ، بلا خِلافٍ فى المذهبِ. ونصَّ عليه. وعندَ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رحمه الله، الشِّطْرَنْجُ شَرٌّ مِنَ النَّرْدِ. وكَرِهَ الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، اللَّعِبَ بالحَمامِ. ويَحْرُمُ ليَصِيدَ به حَمامَ غيرِه (1)، ويجوزُ للأُنْسِ بصَوْتِها واسْتِفْراخِها، وكذا لحَمْلِ الكُتُبِ مِن غيرِ أَذًى يتَعَدَّى إلى

(1) فى الأصل: «لصيد حمام وغيره» .

ص: 358

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النَّاسِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «التَّرْغيبِ»: يُكْرَهُ. وفى ردِّ الشَّهادَةِ باسْتِدامَتِه وَجْهان. ويُكْرَهُ حَبْسُ طَيْرٍ لنَغَمَتِه، ففى ردِّ شَهادَتِه وَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ» . وهما احْتِمالَانِ فى «الفُصولِ» . وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ المُتَقَدِّمِ، أنَّها لا تُرَدُّ بذلك. وقيل: يَحْرُمُ، كمُخاطَرَتِه بنَفْسِه فى رَفْعِ الأعْمِدَةِ والأحْجارِ الثَّقِيلَةِ والثِّقافِ (1). قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: ويَحْرُمُ مُحاكَاةُ النَّاسِ للضِّحِكِ (2) ويُعَزَّرُ هو ومَن يأْمُرُه به.

قوله: والَّذِى يَتَغَدَّى فى السُّوقِ. يعْنِى بحَضْرَةِ النَّاسِ. وقال فى «الغُنْيَةِ» : أو يتَغَدَّى على الطَّريقِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: كالذى ينْصِبُ مائدةً ويأْكُلُ عليها. ولا يضُرُّ أكْلُ اليَسيرِ كالكِسْرَةِ ونحوِها (3).

قوله: ويَمُدُّ رِجْلَيْه فى مَجْمَعِ النَّاسِ. وكذا لو كَشَفَ مِن بدَنِه ما العادَةُ تغْطِيَتُه. ونوْمُه بينَ الجالسِينَ، وخُروجُه عن مُسْتَوَى الجُلوسِ بلا عُذْرٍ.

فائدة: لا تُقْبَلُ شَهادةُ الطفَيْلىِّ. قطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» ، وغيرُهم.

قوله: ويُحَدِّثُ بِمُبَاضَعَتِه أهْلَه وأمَتَه. وكذا مُخاطَبَتُهما بخِطابٍ فاحِشٍ بينَ النَّاسِ. وحَاكِى المُضْحِكاتِ، ونحوُه. قال فى «الفُنونِ» (4): والقَهْقَهَةُ. قال

(1) الثقاف: أداة من خشب أو حديد تثقف بها الرماح لتستوى وتعتدل.

(2)

سقط من: الأصل، ط.

(3)

حاشية فى ط نصها: «وقاله المصنف فى المغنى والشارح» .

(4)

فى الأصل: «الفروع» .

ص: 359

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى «الغُنيةِ» : يُكْرَهُ تشَدُّقُه بالضَّحِكِ وقَهْقَهَتُه، ورَفْعُ صوْتِه بلا حاجَةٍ. وقال: ومَضْغ العِلْكِ؛ لأنَّه دَناءَةٌ، وإزالَةُ دَرَنِه بحَضْرَةِ ناسٍ، وكلامٌ بمَوْضِعٍ قَذِرٍ، كَحَمَّام وخَلاءٍ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: ومُصارِعٌ، وبوْلُه فى شارِعٍ. ونقَل ابنُ الحَكَمِ، ومَن بنَى حمَّامًا للنِّساءِ. وقال فى «الرِّعايةِ»: ودَوامُ اللَّعِبِ، وإنْ لم يتَكَرَّرْ أو اختَفَى بما حَرُمَ منه (1)، قُبِلَت.

(1) فى النسخ: «واختفى بمأمنه» والمثبت كما فى الفروع. انظر: الفروع 6/ 573.

ص: 360

فَأمَّ الشَّيْنُ فِى الصِّنَاعَةِ؛ كَالحَجَّامِ، وَالْحَائِكِ، وَالنَّخَّالِ، وَالنَّفَّاطِ، وَالْقَمَّامِ، والزَّبَّالِ، وَالْمُشَعْوِذِ، وَالدَّبَّاغِ، وَالْحَارِسِ، وَالْقَرَّادِ، والْكَبَّاشِ، فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إذَا حَسُنَتْ طَرَائِقُهُمْ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

قوله: فأَمَّا الشَّيْنُ فى الصّناعَةِ؛ كالحَجَّامِ، والحَائِكِ، والنَّخَّالِ، والنَّفَّاطِ وَالقَمَّامِ، والزَّبّالِ، والمُشَعْوِذِ، والدَّبّاغِ، والحَارِسِ، والقَرّادِ، والكَبَّاشِ، فهل تُقبَلُ شَهادَتُهم إذاحَسُنَتْ طَرائِقُهم؟ على وَجْهَيْن. وهما رِوايَتان. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ؛ أحدُهما، تُقْبَلُ إذا حسُنَت طرِيقَتُهم. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: تُقْبَلُ شَهادتُهم على الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»

ص: 361

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وغيرِه. وقدَّمه فى «الخُلاصةِ» ، و «المُحَرَّرِ» . والوَجْهُ الثَّانى، لا تقْبَلُ مُطْلَقًا. وقال فى «المُحَرَّرِ»: ولا يُقْبَلُ مسْتورُ الحالِ منهم، وإنْ قبِلْناه مِن غيرِ هم. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهما. قال الزَّرْكَشِىُّ: المَشْهورُ مِنَ الوَجْهَيْن، لا يُقْبَلُ مسْتورُ الحالِ منهم (1)، وإنْ قُبِلَ مِن غيرِهم. واخْتارَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّرْغيبِ» ، قَبُولَ

(1) سقط من: الأصل.

ص: 362

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شَهادةِ الحائِكِ، والحارِسَ، والدَّبَّاغَ. واخْتارَه (1) النَّاظِمُ وزادَ النَّفَّاطَ، والصَّبَّاغَ. واخْتارَ عَدَمَ قَبُولِ شَهادَةِ الكبَّاشِ (2)، والكاسِحِ (3)، والقَرَّادِ، والقَمَّامِ، والحَجَّامِ، والزَّبَّالِ، والمُشَعْوذِ، ونخَّالِ التُّرابِ، والمُحَرِّشِ بينَ البَهائمِ. واخْتارَ ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» قَبُولَ شَهادةِ الحائِكِ، والحَجَّامِ، والنَّخَّالِ، والنَّفَّاطِ، والحارِسِ، والصَّبَّاغِ، والدَّبَّاغِ، والقَمَّامِ، والزبَّالِ، والوَقَّادِ (4) والكَبَّاشِ (3)، والكَسَّاحِ، والقَيِّمِ، والجَصَّاصِ، ونحوِهم. واخْتارَ الأدَمِىَّ فى «مُنتَخَبِه» قَبُولَ شَهادَةِ الحَجَّامِ، والحائِكِ، والنَّخَّالِ، والنَّفَّاطِ، والقَمَّامِ، والمُشَعْوذِ، والدَّبَّاغِ، والحارسِ. واخْتارَ فى

(1) فى الأصل: «اختارهم» .

(2)

فى ط: «الكناس» .

(3)

فى الأصل: «الكاشح» .

(4)

فى الأصل، ا:«القراد» .

ص: 363

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«المُنَوِّرِ» قَبُولَ شَهادةِ الحارِسَ، والحائِكِ، والنَّخَّالِ (1) والصَّبَّاغَ، والحاجِمِ، [والكَسَّاحِ، والزَّبَّالِ، والدَّبَّاغِ](2)، والنَّفَّاطِ. وقال صاحبُ «التَّرْغيبِ»: أو نقولُ بردِّ شَهادةِ الحائكِ، والحارسِ، والدَّبَّاغِ، ببَلَدٍ يُسْتَزْرَى فيه بهم. وجزَم الشَّارِحُ بعَدَمِ قَبُولِ شَهادَةِ الكَسَّاحِ، والكَنَّاسِ. وأَطْلَقَ فى الزَّبَّالِ، والحَجَّامِ، ونحوِهم، وَجْهَيْن. قلتُ: ليس الحائكُ والنَّخَّالُ والدَّبَّاغُ والحارِسُ، كالقَرَّادِ والكَبَّاشِ (3) والمُشَعْوِذِ ونحوِهم.

(1) فى ط: «النجار» .

(2)

سقط من: ط.

(3)

فى ط: «الكناس» .

ص: 364

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحْداهما، مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ الدَّبَّابُ، والصَّبَّاغُ، والكَنَّاسُ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»: وصانعٍ، ومُكَارٍ، وجمَّالٍ، وجزَّارٍ، ومُصارِعٍ، ومَن لَبِسَ غيرَ زِىِّ بَلَدٍ يسْكُنُه، أو (1) زِيِّه المُعْتَادِ بلا عُذْرٍ، والقَيِّمِ. وقال غيرُه: وجرَّارٍ. وفى «الفُنونِ» : وكذا خيَّاطٌ. قال فى «الفُروعِ» : وهو غريبٌ. قلتُ: هذا ضعيفٌ جِدُّا. ومثْلُ ذلك الصَّيْرَفِىُّ ونحوُه إنْ لم يتَّقِ الرِّبا. ذكَرَه المُصَنِّفُ. قال الإمامُ أحمدُ، رحمه الله: أكْرَهُ الصَّرْفَ. قال القاضى: يُكرَهُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى الصَّائغِ، والصَّبَّاغِ: إنْ تَحَرَّى الصِّدْقَ والثَّقَةَ، فلا مَطْعَنَ عليه.

(1) فى الأصل: «و» .

ص: 365

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثَّانيةُ، يُكْرَهُ كَسْبُ مَن صَنْعَتُه دَنِيَّةٌ. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ مع إمْكانِ أصْلَحَ منها. وقالَه ابنُ عَقِيلٍ. ومَن يُباشِرُ النَّجاسَةَ، والجزَّارُ. ذكَرَه فيه القاضى، وابنُ الجَوْزِىِّ؛ للخَبَرِ، ولأنه يُوجِبُ قَساوَةَ قلْبِه. وفاصِدٌ، ومُزَيِّنٌ، وجَرائِحِىٌّ، ونحوُهم. قال بعضُهم: وبَيْطارٌ. وظاهِرُ «المُغْنِى» : لا يُكْرَهُ كَسْبُ فاصِدٍ. وقال فى «النهايَةِ» : الظَّاهِرُ، يُكرَهُ. قال: وكذا الخَتَّانُ، بل

ص: 366

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أوْلَى. قال فى «الفُروعِ» : وظاهِرُ كلامِ الأكثرِ، لا يُكْرَهُ فى الرَّقيقِ، وكَرِهَه

ص: 367

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القاضى.

تنبيه: تقدَّم فى أوَّلِ كتابِ الصَّيْدِ، أىُّ المَكاسِبِ أفْضَلُ.

ص: 368

فَصْلٌ: وَمَتَى زَالتِ المَوَانِعُ مِنْهُمْ، فَبَلَغ الصَّبِىُّ، وَعَقَلَ الْمَجْنُونُ، وَأسْلَمَ الْكَافِرُ، وتَابَ الْفَاسِقُ، قُبلَتْ شَهَادَتُهُمْ بمُجَرَّدِ ذَلِكَ.

ــ

قوله: ومتى زالَتِ المَوانِعُ منهم، فبَلَغ الصَّبِىُّ، وعَقَلَ المَجْنُونُ، وأسْلَمَ

ص: 383

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الكافِرُ، وتابَ الفاسِقُ، قُبِلَتْ شَهادَتُهم بمُجَرَّدِ ذَلِكَ.

ص: 384

وَلَا يُعْتَبَرُ إصْلَاحُ الْعَمَلِ. وَعَنْهُ، يُعْتَبَرُ فِى التَّائِبِ إصْلَاحُ العَمَلِ سَنَةً.

ــ

ولا يُعْتَبَرُ إصْلاحُ العَمَلِ. وهذا المذهبُ. وعليه اكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.

ص: 386

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل: يُعْتَبَرُ فى التَّائبِ إصْلاحُ العَمَلِ سَنَةً. وقيل: ذلك فى مَن فِسْقُه بفِعْلٍ. وذكَرَه فى «التَّبْصِرَةِ» رِوايةً. وعنه، ذلك فى مُبْتَدِعٍ. جزَم به القاضى، والحَلْوانِّىَّ؛ لتَأجيلِ عُمَرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، صَبِيغاً. وقيل: يُعْتَبَرُ فى قاذِفٍ وفاسقٍ مُدَّةٌ يُعْلَمُ حالُهما. وهو احْتِمالٌ فى «الكافِى» . وقال ابنُ حامِدٍ فى «كِتابِه» : يجئُ على مَقالةِ بعْضِ أصْحابِنا: مِن شَرْطِ صِحَّتِها وُجودُ أعْمالٍ

ص: 387

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صالحةٍ؛ لظاهرِ الآيَةِ: {إلَّا مَن تَابَ. . . .} (1).

فائدتان؛ الأُولَى، تَوْبَةُ غيرِ القاذِفِ النَّدَمُ، والإقْلاعُ، والعَزْمُ أنْ لا يعودَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. فلو كانَ فِسْقُه بتَرْكِ واجب؛ كصَلاةٍ، وصَوْمٍ،

(1) سورة مريم 60. وسورة الفرقان 70.

ص: 388

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وزكاةٍ، ونحوِها، فلابُدَّ مِن فِعْلِها. وقيل: يُشْترَطُ مع ذلك قولُه: إنِّى تائِبٌ. ونحوُه. وعنه: يُشْتَرَطُ مع ذلك أيضًا مُجانَبَةُ قَرِينِه فيه.

الثَّانيةُ، يُعْتَبَرُ فى صِحَّةِ التَّوْبَةِ ردُّ المَظْلِمَةِ إلى ربِّها، وأنْ يسْتَحِلَّه، أو يسْتَمْهِلَه مُعْسِرٌ، ومُبادرَتُه إلى حق اللهِ تِعالَى حَسَبَ إمْكانِه. ذكَره فى «التَّرْغيب» وغيرِه. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ» . وذكَر المُصَنِّفُ وغيرُه، يُعْتَبَرُ ردُّ المَظْلِمَةِ أو بَدَلُها (1)، أو نِيَّةُ الرَّدِّ متى قَدَر. وتقدَّم فى آخِرِ القَذْفِ، إذا كانَ عليه حقٌّ غيرُ مالِىّ لحىٍّ. وَأمَّا إنْ كانتِ المَظْلِمَةُ لمَيَّتٍ فى مالٍ، ردَّه إلى قَرِيبه (2)، فإنْ لم يَكُنْ له وارِثٌ، فإلى بَيْتِ المالِ، وإنْ كانتْ للمَيَّتِ فى عِرْضِه، كسَبِّه وقَذْفِه، فيَنْوِى اسْتِحْلالَه إنْ قَدَرَ فى الآخِرَةِ، أو يَسْتَغْفِرُ اللهَ له (3) حتى يُرْضِيَه عنه. والظَّاهِرُ صِحَّةُ توْبَتِه فى الدُّنْيا، مع (4) بَقاءِ حقِّ المَظْلومِ عليه؛ لعَجْزِه عن الخَلاصِ منه،

(1) فى الأصل: «بذلها» .

(2)

فى ا: «ذريته» .

(3)

سقط من: الأصل.

(4)

سقط من: الأصل.

ص: 389

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ القَاذِفِ حَتَّى يَتُوبَ.

ــ

كالدَّيْنِ، فتُقْبَلُ شَهادَتُه، وتصِحُّ إمامَتُه. قالَه ابنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِى الفُروعِ» . وعنه، لا تُقْبَلُ توْبَةُ مُبْتَدِعٍ. اخْتارَه أبو إسْحاق.

قوله: ولا تُقْبَلُ شَهادَةُ القاذِفِ حتى يَتُوبَ. هذا المذهبُ. وقطَع به

ص: 390

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحابُ، وسَواءٌ حُدَّ أوْ لا. ومالَ صاحِبُ «الفُروعِ» إلى قَبُولِ شَهادَتِه.

ص: 391

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال: ويتَوَجَّهُ تخْريجُ رِوايةِ بَقاءِ عَدالَتِه مِن رِوايةِ أنَّه لا يُحَدُّ.

ص: 392

وَتَوْبَتُهُ أَنْ يُكْذِبَ نَفْسَهُ. وَقِيلَ: إنْ عَلِمَ صِدْقَ نَفْسِهِ، فَتَوْبَتُهُ أَنْ يَقُولَ: قَدْ نَدِمْتُ عَلَى مَا قُلْتُ، وَلَا أَعُودُ إلَى مِثْلِهِ، وَأَنَا تَائِبٌ إلَى اللهِ تَعَالَى مِنْهُ.

ــ

قوله: وتَوْبَتُه أنْ يُكْذِبَ نَفْسَه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، لكَذِبِه حُكْمًا. وجزَم به القاضي في «الجامعِ الصَّغِيرِ» ، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، في

ص: 394

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«خِلَافَيْهما» ، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ» ، وصاحِبُ «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجِيزِ» ، وغيرُهم مِن الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه.

وقيلَ: إنْ عَلِمَ صِدْقَ نفْسِه، فتَوْبَتُه أنْ يقولَ: نَدِمْتُ على ما قُلْتُ، ولن أعودَ إلى مِثْلِه، وأنا تائِبٌ إلى الله تِعالَى منه. قلتُ: وهو الصَّوابُ.

ص: 395

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو حسَنٌ. وقال: واخْتارَ أبو محمدٍ في «المُغْنِي» ، أنَّه إنْ لم يَعْلَمْ صِدْقَ نفْسِه، فكالأَوَّلِ، وإنْ عَلِمَ صِدْقَه، فتَوْبَتُه الاسْتِغْفارُ، والإِقْرارُ ببُطْلانِ ما قالَه، وتحْرِيمُه، وأنْ لا يعودَ إلى مِثْلِه. وقال القاضي، وصاحبُ «التَّرْغيبِ»: إنْ كانَ القَذْفُ شَهادةً، قال: القَذْفُ حَرامٌ باطِلٌ، ولن أعودَ إلى ما قُلْتُ. وإنْ كانَ سبًّا، فكَالمذهبِ. وقطَع في «الكافِي» ، أنَّ الصَّادِقَ يقولُ: قَذْفِى لفُلانٍ باطِلٌ، نَدِمْتُ عليه.

فائدة: القاذِفُ بالشَّتْمِ تُرَدُّ شَهادَتُه ورِوايتُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وفُتْياه، حتى يتُوبَ. والشَّاهِدُ بالزِّنَى إذا لم تَكْمُلِ البَيِّنَةُ تُقْبَلُ رِوايتُه، دُونَ شَهادَتِه.

ص: 396

فَصْلٌ: وَلَا يُعْتَبَرُ فِى الشَّهَادَةِ الْحُرِّيَّةُ، بَلْ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ فِى كُلِّ شَىْءٍ، إِلَّا فِى الْحُدُودِ وَالقِصَاصِ، عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَمَةِ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ.

ــ

قوله: ولا تُعْتَبَرُ في الشَّهادَةِ الحُرِّيَّةُ، بل تَجُوزُ شَهادَةُ العَبْدِ في كُلِّ شَىْءٍ، إلَّا في الحُدُودِ والْقِصاصِ، على إحْدَى الرِّوايتَيْن. شَهادَةُ العَبْدِ لا تخْلُو؛ إمَّا أنْ تكونَ في الحُدودِ والقِصاصِ، أو في غيرِهما؛ فإنْ كانتْ في غيرِهما، قُبِلَتْ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. ونقَل أبو الخَطَّابِ رِوايةً، يُشْترَطُ في الشَّهادَةِ الحُرِّيَّةُ. ذكَرَه الخَلَّالُ في أنَّ الحُرَّ لا يُقْتَلُ بالعبدِ. وفي «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِينٍ» ، في شَهادةِ العَبْدِ خِلافٌ. وإنْ كانتْ في الحُدودِ والقِصاصِ، قُبِلَتْ أيضًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. واخْتارَه ابنُ حامدٍ، وأبو الخَطّابِ في «الانْتِصارِ» ، وابنُ عَقِيلٍ، والقاضى يعْقُوبُ،

ص: 397

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. واخْتارَه في «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، و «إدْراكِ الغايةِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، لا تُقْبَلُ فيهما. قال في

ص: 398

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الفُروعِ» : وهى أشْهَرُ. قال ابنُ هُبَيْرَةَ: هذا (1) المشْهورُ مِن مذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقطَع به القاضي في «التَّعْليقِ» ، وتابعَه جماعةٌ. وقدَّمه في «الخُلاصةِ» . وجزَم به في «العُمْدَةِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» . وقال الخِرَقِيُّ، وأبو الفَرَجِ، وصاحبُ «الرَّوْضَةِ»: لا تُقْبَلُ في الحُدودِ خاصَّةً. وهو رِوايةٌ في «التَّرْغيبِ» . وهو ظاهِرُ رِوايةِ المَيْمُونِيِّ. وهو أحدُ الاحْتِمالَيْن في

(1) في الأصل، ا:«هو» .

ص: 399

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الكافِي» ، و «المُغْنِي» .

فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ تعَيَّنتْ عليه، حَرُمَ على سيِّدِه مَنْعُه. ونقَل المَرُّوذِيُّ، مَن أجازَ شَهادَتَه، لم يَجُزْ لسيِّدِه مَنْعُه مِن قِيامِها (1).

الثَّانيةُ، لو عتَق بمَجْلِسِ الحُكْمِ، فشَهِدَ، حَرُمَ ردُّه. قال في «الانْتِصارِ» ، و «المُفْرَداتِ»: فلو ردَّه الحاكِمُ، مع ثُبوتِ عَدالَتِه، فسَقَ.

(1) في ا: «قيامه بها» .

ص: 400

وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الأَصَمِّ عَلَى مَا يَرَاهُ، وَعَلَى المَسْمُوعَاتِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ صَمَمِهِ.

وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى فِي المَسْمُوعَاتِ، إذَا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ، وَبِالِاسْتِفَاضَةِ.

ــ

قوله: وتَجُوزُ شَهادَةُ الأعْمَى في المَسْمُوعاتِ، إذا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ،

ص: 401

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وبالاسْتِفاضَةِ.

ص: 402

وَتَجُوزُ فِى الْمَرْئِيَّاتِ الَّتِى تَحَمَّلَهَا قَبْلَ الْعَمَى، إِذَا عَرَفَ الفَاعِلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ، وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ.

ــ

وتَجُوزُ في المَرْئيَّاتِ الَّتِى تَحَمَّلَهَا قبلَ العَمَى، إذا عرَفَ الفاعِلَ باسْمِه ونَسَبِه، وما يَتَمَيَّزُ بِه. بلا نِزاعٍ.

ص: 403

فَإنْ لَمْ يَعْرِفْهُ إلَّا بِعَيْنِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَيْضًا، وَيَصِفُهُ لِلْحَاكِمِ بمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَجُوزَ؛ لِأنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ غَالِبًا.

ــ

فإنْ لم يَعْرِفْه إلَّا بعَيْنِه، فقال القاضِي: تُقْبَلُ شَهادَتُه أيْضًا، ويَصِفُه لِلْحاكِمِ بما يتَمَيَّزُ بِه. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. قال في «تَجْريدِ العِنايةِ»: وهو الأظْهَرُ. وجزَم به في «الوَجِيزِ» ، [و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وصحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»](1).

ويَحْتَمِلُ أنْ لا تجوزَ؛ لأنَّ هذا ممَّا لا ينْضَبِطُ غالبًا. وهو وَجْهٌ في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وأَطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى

(1) سقط من: الأصل.

ص: 404

وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، ثُمَّ عَمِىَ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَجْهًا وَاحِدًا. وَشَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَى جَائِزَةٌ فِى الزِّنَى وَغَيْرِهِ.

ــ

الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ» - وقال: ونصُّه يُقبَلُ - و «الزَّرْكَشِيُّ» . وقال: ولعَلَّ لهما الْتِفاتًا إلى القَوْلَيْن في السَّلَمِ في الحَيوانِ. انتهى. قلتُ: الصَّحيحُ مِن المذهبِ صِحَّةُ السَّلَمِ فيه. فعلى هذا تِصحُّ الشَّهادةُ به. وكذا الحُكْمُ لو عَرَفَه يقِينًا بصَوْتِه. وجزَم في «المُغْنِي» هنا بالقَوْلَيْن (1). وقال في «الرِّعايتَيْن» : وإنْ عرَفَه بعَيْنِه فقطْ - وقيلَ: أو بصَوْتِه - فَوَصَفَه للحاكمِ بما يُمَيِّزُه، فوَجْهان.

فائدة: قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: وكذا الحُكْمُ إنْ تعَذَّرَ (2) رُؤْيَةُ

(1) في الأصل: «بالقبول» .

(2)

في ا: «تعذرت» .

ص: 405

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

العَيْنِ المَشْهودِ لها أو عليها أو بها، لموْتٍ أو غَيْبَةٍ،

ص: 406

وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الإِنْسَانِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ؛ كَالْمُرْضِعَةِ عَلَى الرَّضَاعِ، وَالْقَاسِمِ عَلَى الْقِسْمَةِ، وَالْحَاكِمِ عَلَى حُكْمِهِ بَعْدَ الْعَزْلِ.

ــ

قوله: وتُقْبَلُ شَهَادَةُ الإِنْسانِ على فِعْلِ نَفْسِه؛ كالمُرْضِعَةِ على الرَّضاعِ، والقاسِمِ على القِسْمَةِ، والحاكمِ على حُكْمِه بعدَ العَزْلِ. أمَّا المُرْضِعُ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ شَهادَتَها تُقْبَلُ على رَضاعِ نفْسِها مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجِيزِ» ، وغيرِهما (1). وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال بعضُ الأصحابِ: لا تُقْبَلُ إنْ كان (2) بأُجْرَةٍ، وإلَّا قُبِلَت. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصةِ»؛ فإنَّهم قالوا: تُقْبَلُ شَهادَةُ الإنْسانِ على فِعْلِ نفْسِه؛ كالمُرْضِعَةِ

(1) في الأصل: «غيرهم» .

(2)

في ا: «كانت» .

ص: 407

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على الرَّضاعِ، والقاسِمِ على القِسْمَةِ بعدَ فراغِه إن كان (1) بغيرِ عِوَض. وأمَّا القاسِمُ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، قبولُ شَهادَتِه على قَسْمِ نفْسِه مُطْلَقًا. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجِيزِ» ، وغيرِهما (2). وقدَّمه في (3)«الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِي» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال القاضي، وأصحابُه: لا تُقْبَلُ. وقال صاحبُ «التَّبْصرَةِ» ، و «التَّرْغيبِ»: لا تُقْبَلُ مِن غيرِ مُتَبَرِّعٍ، للتُّهْمَةِ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصةِ». وقد تقدَّم لَفْظُهم. وقال في «المُغْنِي» (4): وتُقْبَلُ شَهادَةُ القاسِمِ بالقِسْمَةِ إذا كان مُتَبَرِّعًا، ولا تُقْبَلُ اذا كان بأُجْرَةٍ. انتهى. وذكَرَه في «الرِّعايةِ» قوْلًا، وقطَع به في مَوْضِعٍ آخَرَ. وكذا قال في «المُسْتَوْعِبِ» ، إلَّا أنَّه قال: إذا شَهِدَ قاسِمُ الحاكمِ. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: تُقْبَلُ شَهادَةُ القاسِمِ بعدَ فراغِه، إذا كان بغيرِ عِوَضٍ. وعِبارَتُه الأُولَى هى المشْهورَةُ في كلامِ القاضي وغيرِه. قالَه في «الفُروعِ». قلتُ: وعِبارَتُه الثَّانيةُ تابعَ فيها أبا الخَطَّابِ في «الهِدايةِ» . قال القاضي: اذا شَهِدَ قاسِمَا الحاكمِ على قِسْمَةٍ، قسَماها بأَمْرِه، أنَّ فُلانًا اسْتَوْفَى نَصِيبَه. جازَت شَهادَتُهما إذا كانتِ القِسْمَةُ بغيرِ أجْرٍ، وإنْ كانتْ بأجْرٍ لم تَجُزْ شَهادَتُهما. وتقدَّم في بابِ جَزاءِ الصَّيْدِ، أنَّه يجوزُ

(1) في ا: «كانت» .

(2)

في الأصل: «غيرهم» .

(3)

بعده في الأصل، ا:«المغني و» .

(4)

المغني: 14/ 101.

ص: 408

وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ عَلَى الْقَرَوِىِّ، وَالْقَرَوِىِّ عَلَى الْبَدَوِىِّ. وَعَنْهُ، فِى شَهَادَةِ البَدَوِىِّ عَلَى الْقَرَوِىِّ: أَخْشَى أَنْ لَا تُقْبَلَ. فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنَ.

ــ

أنْ يكونَ القاِتلُ أحدَ الشَّاهِدَيْن إذا قَتَلَ صيْدًا، ولم تقْضِ فيه الصَّحابَةُ في قِيمَتِه. وهو يُشابِهُ هذه المسْألةَ. وأمَّا شَهادَةُ الحاكمِ على حُكْمِ نفْسِه بعدَ عزْلِه، فَمَقْبولَةٌ. وقد تقدَّم في آخِرِ بابِ أدَبِ القاضي، إذا أخْبَرَ بعدَ عزْلِه أنَّه كان حكَمَ بكذا.

قوله: وتُقْبَلُ شَهادَةُ البَدَوِيِّ على القَرَوِيِّ، والقَرَوِيِّ على البَدَوِىِّ. تُقْبَلُ شَهادةُ القَرَوِىِّ على البَدَوِىِّ. بلا نِزاعٍ. وأمَّا شَهادةُ البَدَوِيِّ على القَرَوِىِّ، فقدَّم المُصَنِّفُ هنا قَبُولَها. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايةِ» ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهما. وصحَّحه في «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» ، والنَّاظِمُ، وصاحبُ «التَّصْحيحِ» . وجزَم به في «الوَجِيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» .

ص: 409

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعنه، في شَهادةِ البَدَوِىِّ على القَرَوِىِّ: أخْشَى أنْ لا تُقْبَلَ. فيَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. أحدُهما، تُقْبَلُ. كما تقدَّم. والآخر، لا تقْبَلُ. قال في «الفُروعِ»: وهو المَنْصوصُ. قال الشَّارِحُ: وهو قولُ جماعةٍ مِن الأصحابِ. قلتُ: منهم القاضي في «الجامعِ» ، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيْهما» ، والشِّيرَازِىُّ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وأَطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، و «تَجْريدِ العِنايةِ» .

ص: 410