الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع "باب إعراب المثنى والمجموع على حده
"
أي على حد المثنى باعتبار سلامة الواحد فيه كسلامته في والمثنى
ولحوق حرف علة ونون كالمثنى، وهذا هو جمع المذكر السالم.
وكان حق المصنف أن يذكر هذا الباب قبل الكلام على إعرابه الأمثلة الخمسة؛ لأن الخوض في إعراب الاسم ينبغي أن يقدم على الخوض في إعراب الفعل، لكن طول الكلام على إعراب المثنى والمجموع على حده اقتضى إفراده بباب، وقصر الكلام على تلك الأمثلة اقتضى ذكرها في أثناء باب.
وكان حقه أيضا أن يعرف كلا من المثنى والمجموع المذكور، إذ هو المقصود بالذات، لكنه عدل عن ذلك إلى تعريف التثنية والجمع فقال:
"التثنية جعل الاسم"، أي: سواء كان واحدا كرجلين أو جمعا كجماين، أو اسم جمع كقومين
[وغنمين]، أو اسم جنس كتمرين. قال المصنف: وليس المراد بالجعل وضع الواضع فيدخل زكا وشبهه مما وضع لاثنين بل المراد به تصرف الناطق بالاسم على ذلك الوجه.
"القابل" صفة للاسم احترز به عن غير القابل للتثنية، وهو ما تؤدي تثنيته إلى إجماع إعرابين كزيدان وزيدون، أو إلى إفراط الثقل كمساجد ومصابيح، وما استغني عن تثنيته بلفظ آخر غير مثنى، وذلك ألفاظ العدد كلها إلا مائة وألفا وأشياء أخر وعلى الجملة فهذا رد إلى جهالة. "دليل اثنين" إحترازا مما لا يدل على اثنين كالجمع: ونحو: المقصين والجلمين "متفقين في اللفظ" احترازا من مختلفي اللفظ كزيد وعمرو اتفاقا "غالبا" لا دائما، فقد سمع من كلامهم القمران في الشمس والقمر
والعمران في أبي بكر وعمر، ومنه قول عائشة رضي الله عنها: لقد رأينا وما لنا طعام إلا الأسودان التمر والماء.
قلت: هذا الكلام من المصنف صريح في أن مثل القمرين والعمرين مثنى، وهو مخالف لقوله فيما يأتي: وما/أعرب إعراب المثنى مخالفا لمعناه أو غير صالح للتجريد وعطف مثله عليه فملحق به. إذ مقتضى هذا الكلام ألا يكون مثل القمرين والعمرين مثنى ضرورة أنه لا يصلح للتجريد وعطف مثله عليه، وإنما هو ملحق بالمثنى فالتنافي بين الكلامين ظاهر.
ولقائل أن يقول أيضا: لا نسلم أن التثنية وقعت في ذلك مع بقاء الاسمين على الاختلاف في اللفظ، وإنما وقعت بعد جعلهما متفقي اللفظ بالتغليب.
قال بعض المحققين: وذلك بشرط تصاحبهما وتشابههما حتى كأنها شيء واحد كتماثل أبي بكر وعمر، فقالوا: العمران وكذا القمران والحسنان وينبغي أن يغلب الأخف لفظا كما في العمرين والحسنين، لأن المراد بالتغليب التخفيف فيختار ما هو أبلغ في الخفة بل يغلب المذكر كالقمرين في الشمس والقمر.
"وفي المعنى على رأي"، فلا يجوز تثنية المشترك باعتبار مدلولاته المختلفة وعلى هذا الرأي أكثر المتأخرين.
قال ابن الحاجب: وهل يجوز أن تأخذ الاسم المشترك فتثنيه باعتبار المدلولين كقولك: عينان، في عين الشمس وعين الماء، فيه خلاف، والظاهر أن
جوازه شاذ، والأكثر المستعمل على خلافه. انتهى. ومما جاء على طريقة القلى قول أبي العلاء:
ألم تر في جفني وفي جفن منصلي
…
غرارين ذا نوم وذاك مشطب
المنصل: السيف. والغراران: بكسر الغين المعجمة النوم القليل وحد السيف.
\والمشطب: السيف الذي فيه شطب –على زنة غرف- أي: طرائق في متنه، وعليه قول الحريري في المقامة العاشرة:
جاد بالعين حين أعمى هواه
…
عينه فانثنى بلا عينين
فهذا وأمثاله عند المحققين مما يحمل على الشذوذ.
وقد اورد على هذا المذهب تثنية العلم وجمعه، وتقريره أن نسبة العلم المشترك إلى مسمياته كنسبة المشترك إلى مسمياته، إذ العلم لم يوضع للقدر المشترك بين مسمياته كما أن المشترك كذلك وقد صح أن يقال: الزيدان والزيدون بالاتفاق، فليصح القرءان والقروء.
باعتبار المدلولات المختلفة.
وأجاب ابن الحاجب عنه بوجهين:
تقرير الوجه الأول: أن مسمى العلم ذات الشخص معين من غير نظر إلى حقيقته من كونه آدميا أو غيره فإذا اجتمع معه مسمى آخر مثله فذلك العلم يصح تثنيته لأن مسمى الثاني من جنس الأول، إذ المراد هنا بالجنس ما وضع صالحا لأكثر من فرد واحد لمعنى جامع بينهما في نظر الواضع سواء كانت ماهيتهما مختلفة كالأبيضين لإنسان وفرس، فإن الجامع بينهما في نظره البياض، وليس نظره إلى الماهيتين بل إلى صفتهما التي اشتركا فيها، أو متفقة كما نقول: الأبيضان لإنسانين، والبيض لأفراس، وسواء كان الواضع واحد كرجلين، أو أكثر كالذيدين، فإن نظر كل واحد من الواضعين
في وضع كلمة زيد ليس إلى ماهية ذلك المسمى بل إلى كون ذلك المسمى متميزا بهذا الاسم عن غيره أي ماهية كان حتى لو سمي بزيد انسان وسمي به فرس، فالنظر بالوضعين إلى شيء واحد كما في الأبيضين، وهو كون تلك الذات متميزة عن غيرها بهذا الاسم.
وتقرير الوجه الثاني: أنه لو سلم أن العلم الذي فيه اشتراك كالمشترك بالنسبة إلأى مسمياته لم يلزم من صحة الزيدين صحة القرءين للحيض والطهر، لأن القرء إذا كان للحيض فهو اسم جنس إ له بهذا المعنى/أفراد وكذا إذا كان للطهر وقد صح أن يثنى باعتبار فردي أحد الجنسين، فلو عدل عن الاقتصار على ذلك وثني باعتبار فردي الجنسين لأورث لبسا؛ إذ لا يعلم أثنى باعتبار فردي جنس واحد أم باعتبار فردي جنسين، وهذا مفقود في العلم؛ إذ ليس لشيء من مسمياته أجناس.
وقال المصنف في شرح الكافية الشافية: منع أكثر النحويين التثنية والجمع في الأسماء المتفقة لفظا المختلفة معنى، والذي أراه الجواز بشرط أمن اللبس كقولك: عندي عينان منقودة ومورودة، وجه ذلك أنه لا خلاف في عود الضمير عليهما عند أمن اللبس كقولك: عندي عين منقودة وعين مورودة
أبحتهما للضيف، فكما اجتمعا في الإضمار يجتمعان في الإظهار، وممن أجاز ذلك ابن الأنباري مستدلا بحديث:"الأيدي ثلاث".
قلت: الدليل ضعيف، إذ لا يلزم من مجرد الاجتماع في الإضمار جواز الاجتماع في الإظهار، ثم هذا مخالف لظاهر قوله: على رأي؛ لإشعاره بقلة القائلين به؛ ولإطلاقه هنا في المتن؛ إذ لم يقيده بأمن اللبس. "بزيادة ألف في آخره رفعا" كالزيدان والباء متعلقة بالجعل من قوله أولا: جعل الاسم.
أو بدليل/ ورفعا حال من الضمير المضاف إليه "أخر" العائد إلى الاسم من قوله: جعل الاسم. على معنى مرفوعا أو ذا رفع. أو مصدر ليرفع مقدرا والجملة في محل نصب على الحال أي حالة كونه يرفع رفعا. أو ظرف على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، أي: وقت رفع. "و" زيادة "ياء مفتوح ما قبلها جرا ونصبا" كالزيدين "تليهما" أي الألف والياء "نون مكسورة"، على أصل التقاء الساكنين، وذلك في الجر والنصب متفق عليه، وأما في الرفع فالشلوبين يرى أنه إذا التقى ساكنان أولهما ألف فالأصل تحريك الثاني بالفتح. فعلة الكسر عنده هنا إرادة الفرق بينهما وبين نون الجمع. "فتحها لغة" وهو قول الكسائي والفراء، لكن خصاه بالياء ومنعاه مع
الألف ثم اختلفا: فالكسائي نقله عن بني زياد بن فقعس، وكان لا يزيدك عليهم فصاحة، والفراء نقله عن بعض بني أسد وأنشد لبعضهم يصف قطاو:
على أحوذيين استقلت عشية
…
فما هي إلا لمحة وتغيب
الأحوذان: صفة جناحيها يصفها بالخفة والسرعة. قال ابن جني: فتحها بعضهم مع الثلاثة حملا للواحد على الاثنين. يريد بالواحد الرفع وبالاثنين الجر والنصب، وعلى هذا النقل اعتمد المصنف قال ابن جني: قرأت على أبي علي في نوادر أبي زيد:
أعرف منها الوجه والعينانا
…
ومنخرين أشبها ظبيانا
وغير ابن جني من البصريين لا يجيز الفتح أصلا لا مع الألف ولا مع الياء. وقيل في هذا البيت إنه مصنوع.
قال ابن هشام: وهذا عندي مردود، لأن أبا زيد هو الثقة في ما ينقل، وقد كاد أبو علي يصلي بنوادره، وهذا البيت ثابت فيها فوجب اطراح قول منكره، وفيه الشاهد في موضعين، لأن (ظبيانا) تثنية ظبي وهو على حذف مضاف.
وقال ابن عصفور: من العرب من يفتحها مع الألف إلا أن ذلك
لم يجئ إلا في لغة من يجعل المثنى بالألف في كل حال. وأنشد البيت، كذا في شرح ابن القاسم وسكت عليه.
قلت: وهو من العجب فإن في البيت شاهدا مقبولا على رد هذه الدعوى، وذلك أن قائله قال:(ومنخرين) بالياء/فدل ذلك على أن أصحاب هذه اللغة قد لا يلتزمونها، بل تارة يستعملون المثنى بالألف مطلقا وتارة يستعملونه كاستعمال الجماعة. "وقد تضم" ظاهره مطلقا، أي: مع الألف والياء، وكأنه اعتمد في ذلك ما نذكره، وذلك أن أبا الفتح بن جني قال: ضم نون التثنية واقع في كلامهم وهو من الشذوذ بحيث لا يقاس عليه. وقال الشيباني: هو لغة. وحكى: هما خليلان.
وأطلق، لكن قيد ذلك بعضهم بكون النون بعد الألف خاصة، وسمع من سيدتنا فاطمة –رضي الله عنها ياحسنان وياحسينان. وأنشد
أبو عمر الزاهد غلام ثعلب في كتاب اليواقيت:
يا أبتا أرقني القذان
…
فالنوم لا تطعمه العينان
القذان: بكسر القاف وتشديد الذال المعجمة: البراغيث، واحده قذة بضم القاف كذا في الصحاح. وحكى شيخنا كمال الدين الدميري في كتابه: حياة الحيوان أنه بالدال المهملة، ونسب ذلك إلة ابن سيده.
وقال بعضهم: من العرب من يلزم المثنى الألف ويعربه إعراب المفردات،
وعلى هذا تقول: جاء الزيدان –بضم النون- ورأيت الزيدان-بفتحها ومررت بالزيدان –بكسرها- وذلك قليل جدا. "وتسقط" النون، "للإضافة" وهو قياس كقوله تعالى:
"أو للضرورة" كقول الشاعر: قد سالم الحيات منه القدما ..................
أنشده ابن جني وقال: نحن نرويه برفع الحيات ونصب القدم، ورواه البغداديون بنصب الحيات، وقال أراد القدمان، كما قال:
كأن أذنيه إذا تشوفا
…
فادمتا أو قلما محرفا
أراد فادمتان أو قلمان محرفان، والذي يرونه تخال أذنيه، قادمة أو قلما، فالمعنى: تخال كلا من اذنيه. وأجاز الكسائي حذفها في غير الضرورة فيقال في
السعة: قام الزيدا.
فإن قلت: قيد بعضهم حذفها للضرورة بأمن اللبس فلا يجوز الحذف في هذان وهاتان، [والمصنف أخل بهذا القيد.
قلت: الكلام إنما هو في المثنى وليس هذان وهاتان] منه حقيقة، وإنما هما من الصيغ المراد بها الاثنان فلا ضير في ترك الاحتراز عن مثلهما، نعم يرد مثل: الخوزلان "أو لتقصير صلة".
قال ابن قاسم: يشمل صلة (أل) كقوله:
خليلي ما إن أنتما الصادقا هوى
…
إذا خفتما فيه عذولا وواشيا
قيل: ويحتمل افضافة، وصلة غيرها كقوله:
أبني كليب إن عمي اللذا
…
قتلا الملوك وفككا الأغلالا
قلت: إيراد البيت الثاني شاهدا على تقصير الصلة سهو؛ إذ الذي فيه إنما هو تقصير الموصول لا الصلة.
ثم قال ابن قاسم: ونقص المصنف من أسباب حذف النون شبه الإضافة، وذلك في موضعين، أحدهما: إثنا عشر واثنتا عشرة. والثاني قولهم: لا غلامي لك على مذهبه، والواقع قبل الضمير عند الأخفش وهشام في ضارباك، فإن الكاف عندهما في محل نصب.
قلت: لا يلزمه الأول لا الأخير؛ لأنه لا يقول به.
"ولزوم الألف" للمثنى في جميع الحالات الثلاث "لغة حارثية" كقوله: إن أباها وأبا أباها
…
قد بلغا في المجد غايتاها
قيل: وهذه اللغة هي: القياس، إذ كانت الألف إنما اجتلبت للدلالة على الاثنين لا لذلك وللرفع إذ كان الإعراب إنما يستحق بالتركيب والألف سابقة عليه.
"وما أعرب إعراب المثنى مخالفا [لمعناه] " نحو كرتين في قوله تعالى: {ثم ارجع البصر كرتين .... } ، لأن المعنى كرات كثيرة؛ إذ البصر لا ينقلب خاسئا وهو حسير من كرتي بل من كرات كثيرة. "أو غير صالح للتجريد" من علامة التثنية، وهو نوعان: اسم جنس وعلم، فالأول [نحو]: كلبتي الحداد والثاني نحو: البحرين اسم بلد. "وعطف مثله عليه" مثل القمرين، /والعمرين، فإنهما يصلحان للتجريد ولا يصلحان للعطف المذكور؛ لأنه إن وقع عطف بعد التجريد فإنما يعطف الاسم
على مخالفه مثل:
القمر والشمس وعمر وأبي بكر. "فملحق به"، أي: بالمثنى، فيلزم ألا يكون مثنى، وقد عرفت ما فيه.
"وكذلك كلا وكلتا" ليسا من المثنى حقيقة وإنما هما ملحقان به في الإعراب. "مضافين إلى مضمر" وهذا هو المشهور، وأما إذا أضيفا إلى ظاهر فألفهما لازمة وإعرابهما بحركات مقدرة [عليها] وأظن [أن] ابن المصنف وجه ذلك في شرح الخلاصة بأن الإضافة إلى المضمر فرع عن الإضافة إلى المظهر، والإعراب بالحرف فرع عن الإعراب بالحركات فأعطى كل ما يناسبه في الأصلية والفرعية. "ومطلقا على لغة كنانة" نحو: رأيت كلا أخويك.
قال المصنف: وفي هذه اللغة دليل على ضعف قول من زعم أنهما في لغة الجمهور معربان بحركات مقدرة وأن انقلاب ألفهما جرا ونصبا للتشبيه بألف على ولدى فإنه لو كان كذلك لم تقلبا ياء مع الظاهر في هذه اللغة، إذ لا يجوز ذلك في على ولدى، وأيضا فإن شبههما بالمثنى أقوى من شبههما بعلى ولدى فتعين إلحاقهما بما شبههما به أقوى، وأيضا فإن القلب هنا مع عامل مناسب، بخلاف القلب في ذينك فإنه حادث بغير عامل.
"ولا يغني العطف [عن التثنية] " ينبغي أن يقيد بالواو، ففي كتاب التصحيف الكبير للعسكري أنه لا يجوز في (قام زيد فزيد) قام الزيدان، بخلاف قام زيد وزيد.
قال: ولهذا لا يجوز قام زيد فعمرو الظريفان؛ لأن النعت كالمنعوت فكما لا يجتمع المنعوتان في لفظ واحد كذلك نعتاهما.
ووقع في بعض النسخ هنا: ولا يغني العطف عن التثنية والجمع وفي شرح المصنف أن ذلك لا يجوز في الجمع؛ لأنه أشق منه في التثنية؛ ولأنه ليس له حد ينتهي إليه. وهذا مخالف لما وقع في النسخة المذكورة.
"دون شذوذ" لم يذكروا عليه شاهدا. "أو اضطروا" كقوله: ليث وليث في محل ضنك .......
ويحكى أنه بلغ الحجاج:
أن رجلا من بني حنيفة باليمامة يقال له جحدر يقطع الطريق فاحتال حتى ظفر به فقال له: ما حملك على ما فعلت؟ فقال: جفوة السلطان وكلب الزمان وجرأة الجنان، ولو بلاني الأمير لوجدني من صالحي الأعوان.
فقال: إني قاذف بك مكبلا في حائر فيه أسد، فإن قتلك كفانا مؤونتك، وإن قتلته أحسنت جائزتك ثم ألقى به إلى الأسد قد أجيع ثلاثة أيام فأقبل إليه يرتجز:
ليث وليث في محل ضنك
…
كلاهما ذو أنف ومحك
ان يكشف الله قناع الشك
…
فهو أحق منزل بترك
فزأر الأسد وحمل عليه فضربه جحدر بالسيف ففلق هامته، فأعجب الحجاج ذلك وفرض له ولأهله. قوله: في حائر، أي: مكان مطمئن أو بستان أو مكان هو مجتمع الماء.
قوله: ذو أنف، أي: ذو استنكاف، تقول: أنف من الشيء يأنف
أنفا وأنفة أي استنكف. والمحك: اللجاج. "إلا مع التكثير" كقول جرير:
تخدي بنا نجب أفنى عرانكها
…
خمس وخمس وتأويب وتأويب
تحدي: بخاء معجمة ودال مهملة أي: تسرع، [يقال]: خدت الناقة تخدي أي: أسرعت. والعرائك: جميع عريكة وهي الطبيعة، والمراد بها هنا لين الانقياد. والخمس: بكسر [الخاء] المعجمة من أظماء الإبل وهو أن ترعى ثلاثة أيام وترد اليوم الرابع. والتأويب: الرجوع. ثم التكثير يحتمل معنيين.
أحدهما: أن يراد بذلك أن المعنى ليس على شفع الواحد بل على أكثر من ذلك.
قال ابن الشجري: تقول: /لمن صدر منه ذنب تعنفه [عليه]: قد قد صفحت لك عن ذنب وذنب وذنب [ذنب]، ولمن تعدد عطاء أعطيته إياه: قد أعطيتك مائة ومائة ومائة ومائة. وهذا يؤيد ما وقع في تلك النسخة من قوله: والجمع.
الثاني: أن يراد التكثير اللفظي لا المعنوي كأن تكون قد أعطيت شخصا مائتين ثم قال لك بين الناس: هلا أعطيتني مائة؟ فقلت له: قد
أعطيتك مائة ومائة. فهذا في هذا المقام أحسن من أن تقول: مائتين. وظاهر كلام المصنف أن مراده المعنى الأول. "أو فصل ظاهر" كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف""أو مقدر" كقول الحجاج –وقد نعى له المحمدان ابنه وأخوه-: سبحان الله محمد ومحمد في يوم، أي: محمد ابني ومحمد أخي، وإياهما عني الفرزدق بقوله:
إن الرزية لا رزية مثلها
…
فقدان مثل محمد ومحمد
ووجه ذلك أن الفصل يزيل الثقل الحاصل بالتكرار مع المجاورة لا ما قيل من أن إرادة كل منهما بصفة اقتضت ذلك؛ لجواز قولك: مررت
برجلين كريم وبخيل، وإنما جاز ذلك مع كون الفاصل مقدرا، لأن المقدر بمنزلة المنطوق به، على أن الحكم في ذلك ينبغي أن يعد قليلا، والواقع يشهد به لا كما يفهمه ظاهر عبارة المصنف من التساوي.
ولقائل أن يقول: لم لا يكون المبيح لذلك في محمد ومحمد إرادة التكثير اللفظي كما في أعطيتك مائة ومائة، إذ المقام مقام للمصاب وتفخيم لشأنه، فالعطف أليق به كما تقدم؟
"والجمع جعل الاسم" يشمل المفرد كرجل واسم الجمع كقوم والجمع كأكلب. "القابل" احترز به عما لا يقبل الجمع كالمثنى والأسماء المختصة بالنفي كديار وأسماء العدد إلا مائة وألفا، وقد عرفت ما يتوجه عليه من أن هذا حوالة على مجهول، وأراد بالجعل تجديد الناطق حالة للاسم لم يوضع عليها ابتداء فخرجت أسماء الجموع، كذا قال المصنف، وفيه ما لا يخفى.
"دليل ما فوق اثنين" فخرج المثنى وما لفظه لفظ الجمع مخالفا لمعناه، نحو: شابت مفارقه، وهو غير مقيس، وقطعت رؤوس الكبشين، وهو مقيس.
"كما سبق" إشارة إلى الاتفاق في اللفظ غالبا وفي المعنى على رأي
"بتغيير" متعلق بـ (دليل) أو بـ (جعل). "ظاهر" نحو: رجال.: أو مقدر" نحو: فلك فإنه يرد جمعا فتكون الضمة فيه كضمة أسد، ومفردا فتكون ضمته كضمة قفل، وقد خالف المصنف هذا في باب التكسير فصحح أن نحو فلك ودلاص اسم جمع مستعينا عن تقدير التغيير، والذي ذكره هنا هو المشهور.
قال الشلوبين في كتاب التنابيه – [جمع تنبيه]- ما معناه: ثبت لنا أن الجمع إما بزيادة في الآخر أو بتغيير في الكلمة وثبت لنا أن الحركات يقدر تغييرها نحو يامنص على اللغتين، فحملنا نحو: فلك على تقدير التغيير [حملا] على ما ثبت في لغتهم، ولو ادعينا أنه جمع لا على الوجهين السابقين كان ادعاء على العرب ما لم يثبت في لغتهم.
وفي عمدة المصنف وشرحها له ان ضمة (يا منص) على اللغتين واحدة، وجعل ضمة البناء على لغة من لم ينو مقدرة في الحرف المضموم كما تقدر في الميم في نحو يا حذام. "وهو"، أي: جعل الاسم القابل دليل ما فوق اثنين كما سبق بتغيير ظاهر أو مقدر هو "التكسير"، سمي بذلك لتغيير بنيته تشبيها بتكسير الإناء. /"أو بزيادة" عطف على (بتغيير)، وقوله:"في الآخر": إما ظرف لغو متعلق بنفس (زيادة)، أو مستقر متعلق بمحذوف صفة لها، أي: زيادة كائنة في الآخر، وهي الواو والنون أو الياء والنون نح: مسلمون ومسلمين، والألف والتاء نحو: مسلمات.
واحترز بقوله: "مقدر انفصالها" من زيادتي نحو: صنوان، فإنهما كزيادتي نحو: زيدين، في سلامة نظم الواحد معهما، إلا أن زيادتي
زيدين مقدر انفصالهما لسقوطهما في النسب بخلاف زيادتي صنوان.
وقال ابن القاسم: ولوجه آخر وهو أن نونه تسقط للإضافة، بخلاف نون صنوان.
قلت: لا يستقيم، فإن الزيادة [في زيدان][هي] مجموع المدة والنون، وهذا المجموع لا يسقط، وإن سقط بعضه للإضافة فليس المجموع مقدر الإنفصال بهذا الدليل، ثم الزيادة منها الألف والتاء [في] نحو: مسلمات، وإنما يقدر انفصالها باعتبار سقوطها في النسب.
وظاهر كلام المصنف يقتضي دخول [نحو] زيدون وزيدين في قوله أولا: بتغيير ظاهر. وذلك لأن هذه الزيادة تغيير للفظ المفرد [قطعا]، ولولا ذلك لم يدخل صنوان تحت قوله:(بزيادة) حتى يحتاج إلى إخراجه بقوله: (مقدر انفصالها).
وأما قوله "لغير تعويض" فقد احترز به من سنين وبابه فإن زيادته –وإن كان مقدرا انفصالها- لكنها للتعويض، وذلك أن واحده منقوص يستحق أن يجبر في التكسير برد ما نقص منه، فزيد في آخره زيادتا جمع التصحيح عوضا عن الجبر الفائت له، فإذن ليس هذا بجمع تصحيح وإنما
هو جمع تكسير جرى مجرى الصحيح في الإعراب، واختار بعضهم كونه اسم جمع، وآخرون كونه جمع سلامة لم يستوف الشروط.
"وهو التصحيح"، أي: وهذا القسم الثاني [الذي] هو جعل الاسم القابل دليل ما فوق اثنين بزيادة [الخ] هو التصحيح، ويكون لمذكر ومؤنث، وكلامه شامل لهما. "فإن كان" الجمع المذكور وهو جمع التصحيح.
"المذكر فالمزيد في الرفع واو بعد ضمة" إما ظاهرة نحو: {أية المؤمنون} أو مقدرة نحو: {وأنتم الأعلون} "وفي الجر والنصب ياء بعد كسرة" إما ظاهرة نحو: {ولا الضالين} ، أو مقدرة نحو:{وإنهم عندنا لمن المصطفين} ، وكذا أكرمت المصطفين. "تليهما"، أي:[تلي] الواو والياء.
"نون مفتوحة" حركت لالتقاء الساكنين وفتحت للتخفيف.
"تكسر ضرورة"، أي: لأجل ضرورة تحصل للشاعر بسبب النظم، وذلك لأن الضرورة تبيح مراجعة الأصل كقوله:
عرفنا جعفرا وبني عبيد
…
وأنكرنا زعانف آخرين
بكسر النون، والزعانف، جمع زعنفة: -بكسر الزاي وإسكان العين المهملة وكسر النون وبفاء تليها هاء تأنيث –وهو القصير.
قال الجوهري: وأصل الزعانف أطراف الأديم وأكارعه.
"وتسقط" هذه النون "للإضافة" قياسا مطردا نحو: [غير] محلي الصيد} {والمقيمي الصلاة} ، فأما قوله:
...........................
…
لا يزالون ضاربين القباب
فقيل: الأصل ضاربين للقباب فحذف الجار وأبقي عمله على حد قوله:
...............................
…
أشارت كليب بالأكف الأصابع
وقيل: القبابي –بيائي النسب- فحذف إحداهما وفي شرح ابن قاسم: أنه حذف الساكنة وسكن المفتوحة على حد قوله:
كفى بالنأي من أسماء كافي
…
......................
وفيه نظر؛ إذ الظاهر أنه اعتقد التسكين لغير الوقف، لقوله على حد:
"كافي" البيت، والتسكين فيه/ ضرورة لا لأجل الوقف، وهذا لا حاجة إليه في تخريج البيت المتقدم؛ لأنه لما حذف الياء الساكنة للضرورة وقف عليه فحذف حركته وإن كانت فتحة واجب، لأنه اسم غير منون فلا ضرورة فيه من جهة تسكين المفتوح كما هي في "كافي" في ذلك البيت، لأنه منسوب منون، فتسكين المفتوح فيه لأجل الضرورة، إذ لولا التسكين لأبدل من التنوين ألفا فيلزم بقاء الفتحة كما في رأيت قاضيا. "أو" تسقط "للضرورة" كقوله:
ولسنا إذا تأبون بمذعني
…
لكم غير أنا إن نسالم نسالم
"أو" نسقط "لتقصير صلة" كقوله:
الحافظو عورة العشيرة ....................
بالنصب ومثلوا له بقراءة الحسن، (والمقيمي الصلاة) –بالنصب- وليس بقاطع، لما ستعرفه.
على أن أبا علي قال: يجوز أن يكون جمعا وأن يكون واحدا، وأصله: المقيم بالخفض.
قلت: قد يخدش فيه ثبوت الياء في رسم المصحف.
"وربما سقطت" النون المذكورة لا في وقت اضطرار بل "اختيارا" أي: في وقت اختيار "قبل لام ساكنة" كما قرئ في الشواذ {واعلموا أنكم غير معجزي الله} بالنصب، حكاها أبو زيد، وكما قرئ أيضا فيها {إنكم لذائقو العذاب} بالنصب، حكاه ابن جني. ومن حذفها لملاقاة اللام الساكنة قوله:
يقولون ارتحل قتل قريشا
…
وهم متكنفو البلد الحراما
وكأن الحاذف قدر النون ساكنة على الأصل ثم حذفها للساكنين كما في التنوين أحيانا [قال]:
فألفيته غير مستعتب
…
ولا ذاكر الله إلا قليلا
[بنصب الاسم الشريف]، وعلى هذا فلا دليل في قراءة من قرأ {والمقيمي الصلاة} بالنصب، على أن حذف النون لتقصير الصلة، لاحتمال كونه لملاقاة اللام الساكنة، وهذا ما كنا وعدناك به قريبا.
"غالبا" لا دائما، فإنها قد تسقط في بعض الأحيان لا قبل لام ساكنة كقراءة الحسن {وما هم بضاري به من أحد إلا بإذن الله} وخرجه
الزمخشري على أن طرح النون للإضافة إلى أحد والفصل بينهما بالظرف، ثم سال كيف يضاف إلى أحد وهو مجرور بمن؟
وأجاب بأن الجار جعل جزءا من المجرور، وفيه نظر.
فإن قلت: كيف يجتمع قيد الغلبة وقيد المستفادة من (ربما) مع تنافيهما؟
قلت: ليسا راجعين إلى محل واحد حتى يلزم التنافي، بل التقليل راجع إلى سقوطها في الاختيار، والغلبة راجعة إلى سقوطها فيه قبل لام ساكنة بالنسبة على غير ذلك مما [لا] يقع قبله في الاختيار، مع أن كليهما قليل في الكلام، أي: أن سقوطها في السعة [مطلقا] قليل، وهذه القلة تنقسم إلى مغلوبة ومحلها ما سقط فيه التنوين لا قبل لام ساكنة، وإلى غالبة للقسم المتقدم ومحلها ما سقطت فيه قبل لام ساكنة.
فإن قلت: فعلى أي وجه تعرب قوله غالبا؟
قلت: أجعله صفة لمصدر فعل محذوف، أي: يقع ذلك، أي: سقوطها قبل لام ساكنة وقوعا غالبا بالنسبة إلى غيره، ولو جعل صفة لمصدر
"سقطت" المذكور، أي: سقطت سقوطا غالبا، مع تقييد الفعل المذكور بقوله:(ربما) المفيد للتقليل، حصل المحذور.
وأنت خبير بأنه ينبغي أن يكون المحل الذي يقدر فيه الفعل المحذوف للمصدر هو ما يلي قوله (اختيارا)، بحيث يكون قوله:(قبل لام ساكنة) متعلقا بذلك الفعل المقدر، فتأمله.
"وليس الإعراب انقلاب الألف والواو ياء" في الجر والنصب كما هو مذهب الجرمي، وتبعه ابن عصفور، وزعم أنه ظاهر كلام سيبويه نحو: مررت بالرجلين ورأيت/الرجلين في المثنى، ومررت بالزيدين ورأيت الزيدين في الجمع، فالإعراب هو انقلاب الألف ياء في المثنى جرا ونصبا، وانقلاب الواو ياء في الجمع جرا ونصبا، فإذا دخل عامل الرفع لم يغير شيئا، ووجهه أن الألف والواو ثبتتا فيهما قبل التركيب.
ورد بمخالفته للنظائر، وبأن تقدير الإعراب إذا أمكن راجح على عدمه بالإجماع، وقد أمكن تقدير مغايرة الألف والواو في: عندي اثنان وعشرون –مثلا- للألف والواو فيهما قبل التركيب، كما تقدر المغايرة في [نحو]، نعم الزيدان أنتما يا زيدان، ونعم
الزيدون أنتم يا زيدون، وإن الرجلين [لا رجلين] مثلهما. "ولا مقدرا في الثلاثة" وينسب هذا القول لسيبويه، ووجه أن أصل الإعراب أن يكون بالحركة، وقد أمكن بحسب التقدير، فليقل به.
قال الرضي الإسترباذي: وفهم الإعراب من هذه الحروف يضعف هذا القول.
وقال غيره: لا وجه لتقدير الفتحة في الياء، لخفتها، بدليل رأيت القاضي، بل المثنى أبعد عن ذلك، لأن ما قبل يائه مفتوح لا مكسور."ولا مدلولابها"، أي: بالأحرف الثلاثة المذكورة. "عليه"، أي: على الإعراب "مقدرا" في الحرف حال من المجرور بـ (على)"في متلوها" أي: في الحرف الذي يتلوه الأحرف المذكورة كالدال في الزيدان والزيدون والزيدين [والزيدين]، هذا مذهب الخفش والمبرد والمازني والزيادي.
ورده المصنف بأن الأحرف المذكورة مكملة للاسم، إذ هي مزيدة لمعنى
كألف التأنيث فلا يكون ما قبلها محلا للإعراب وبأن الإعراب لو كان مقدرا في متلوها لم يحتج إلى تغييرها كالمقصور، وبأن الإعراب إنما جئ به لبيان ما يحدث بالعامل، والحروف وافية بذلك فلا معدل عنها.
"ولا النون عوضا من حركة الواحد" وهو مذهب الزجاج، قال: لثباتها مع الألف واللام. واعتذر عن حذفها للإضلافة بأنها زيادة فكرهوا الجمع بين زيادتين، ورد بقيام الحرف مقام الحركات فلا حاجة إلى التعويض "ولا من تنوينه" أي: تنوين الواحد، وهو مذهب ابن كسيان، قال: لحذفها للإضافة، واعتذر عن ثباتها مع الألف واللام بأنها قويت بالحركة فبعدت عن موجب الحذف، ورد بـ "حبليان"، وأجيب بأن فيه تنوينا مقدراـ وكذا كل مالا ينصرف. " ولا منهما"، أي: من حركة الواحد وتنوينه معا، وهو
مذهب [ابن] ولاد وأبي علي وابن طاهر، قالوا: لوجود ححم الحركة مع الألف واللام وحكم التنوين مع الإضافة ويرده ما تقدم "ولا من تنوينين" في جانب المثنى "فصاعدا" في جانب الجمع، وهو قول ثعلب، وله قول في الإعراب يشبه ذلك، ولم يذكره المصنف، وذكره الزجاج في مسأله، قال: وذهب ثعلب إلى أن ألف المثنى عوض من [ضمتين وواو الجمع عوض من] ثلاث ضمات، فيلزمه أنا إذا جمعنا مائة اسم أن يكون الواو عوضا من مائة ضمة. انتهى [بمعناه]، وهذا الإلزام وارد في النون أيضا. "خلافا لزاعمي ذلك"، وقد عرفت من ذهب إلى كل واحد من المذاهب السابقة على التعيين. /"بل الأحرف الثلاثة إعراب" على ما اختاره المصنف
وابن الحاجب وجماعة من المحققين؛ وذلك لأن الحركات استوفتها الآحاد، مع أن في آخر هذين –أعني المثنى والمجموع على حده- ما يصلح لأن يكون إعرابا من حروف المد، ومن ثم أعرب المكسر وجمع المؤنث السالم بالحركات، وإنما أعربا –أعني المثنى وجمع المذكر السالم- هذا الإعراب المعين لأن الألف كان قد جلب قبل الإعراب في المثنى علامة للتثنية وكذا الواو في الجمع لمناسبة الألف لخفته لقلة عدد المثنى والواو لثقله لكثرة عدد الجمع ثم أرادوا إعرابهما، فإن صوغ المثنى والمجموع متقدم لا محالة على إعرابهما، فحصل فيها ما صلح لأن يكون إعرابا، وأسبق الإعراب الرفع لأنه علامة العمد، فجعلوا ألف المثنى وواو الجمع علامتي الرفع فيهما، فلم يبق من حروف اللين –وهي التي هي أولى بالقيام مقام الحركات- إلا الياء للجر والنصب في المثنى والمجموع، والجر أولى بها، فقلبت ألف المثنى وواو الجمع في الجر ياء فلم يبق للنصب حرف فأتبع الجر دون الرفع لكونهما علامتي الفضلات بخلاف الرفع.
"والنون لرفع توهم الإضافة" في بعض الصور نحو: عجبت من بنين كرماء وبنين كرام، ومررت بناصرين باغيين [تريد بباغيين] الصفة لا]] المفعولية.
"أو" لرفع توهم "الإفراد" كالخوزلان تثنية الخوزلى في لغة،
والتمثيل لذلك بنحو: هذان كما فعل ابن قاسم ليس بجيد، لأن (هذان) ليس بمثنى حقيقة، وإنما هو على صورة المثنى، ومثال توهم الإفراد في الجمع: مررت بالمهتدين وبالقاضين، ثم حمل ما لم يوجد فيه هذا التوهم على ما وجد فيه، ليجري الباب على سنن واحد.
"وإن كان التصحيح لمؤنث أو محمول عليه فالمزيد ألف وتاء" لأولويتهما به من حيث إن كلا منهما جاء للتأنيث والجماعة: أما مجيء الألف للتأنيث ففي نحو: حبلى، وأما للجمع ففي نحو: رجال، وأما مجيء التاء للتأنيث فظاهر، للجمع في (كمأة)، فإنها جمع كمء، وكمأة وكمء عكس تخمة وتخم.
"وتصحيح المذكر" باعتبار المسمى لا باعتبار اللفظ، إذ لا خلاف أنك لو سميت رجلا بزينب أو أسماء أو سلمى جمعته بالواو والنون، وانظر لأي شيء امتنع طلحون وقيل طلحات، فأعطى حكم المؤنث اعتبارا، بلفظه، وقيل: -في العدد- ثلاثة طلحات، بإلحاق عدده حرف التاء على إعطائه حكم المذكر اعتبارا بمعناه؟ ، ولأي شيء قيل: زيينب، فلم ترد التاء في التصغير تنزيلا للحرف الزائد منزلة طلحة؟ . "مشروط بالخلو من تاء التأنيث" فلا
يجمع نحو: طلحة وحمزة وهبيرة بالواو والنون. "المغايرة لما في عدة وثبة علمين".
قال ابن قاسم: المراد بهما كل ما كانت التاء فيه عوضا عن الفاء كعدة أو عن اللام كثبة، فإن هذا النوع إذا كان علما لمذكر جمع بالواو والنون نحو: عدون وثبون.
قلت: الذي ينبغي أن يؤخذ في عدة وثبة ثلاثة قيود:
أحدهما: كون التاء عوضا حتى إذا كانت لغير عوض لم يجمع ما هي فيه هذا الجمع.
الثاني: كون اللام صحيحة حتى إذا كانت حرف علة امتنع جمعه هذا الجمع.
فإن قلت: وقع في خطبة المخصص لابن سيده: أن أصل لغة لغوة، قال: ونظيرها كرة وقلة وثبة لامها كلها واو. فإذا كان كذلك لم يتأت التقييد بما ذكرته من كون اللام صحيحة؛ لأن لام ثبة واو النص.
قلت: في/صحاح. [الجوهري]: والثبة وسط الحوض الذي يثوب إليه الماء، فالهاء هنا عوض من الواو الذاهبة من وسطه. انتهى. فأصله إذن: ثوبة؛ لأنه من ثاب يثوب إذا رجع، فهذا معارض لما في المخصص، على أن ابن سيده قد قال هناك: ولأن الثبة كأنها مقلوب ثاب يثوب. فاعترف بأنها ذات لام صحيحة في الأصل.
القيد الثالث: كون الكلمة لا تكسير لها قبل العلمية، وهذه حالة عدة وثبة، حتى إذا كانت قد كسرت قبل العلمية نحو: شفة وشفاه، امتنع جمعها جمع تصحيح بالواو أو الياء والنون، فتأمله.
"و" مشروط أيضا بالخلو "من إعراب بحرفين"، فلا يجمع نحو زيدين وزيدين مسمى به هذا الجمع، وهذا الشرط والاثنان بعده شروط لصحة الجمع عموما لا لجمع المذكر خصوصا، وكلامه يوهمه، وكلها خارجة من قوله –فيما تقدم-: الاسم القابل. إلا أن ذاك إجمال وهذا تفصيل. "و" مشروط أيضا [بالخلو]"من تركيب إسناد" نحو:
تأبط شرا وبرق نحره. "أو" تركيب "مزج" نحو: بعلبك وسيبويه. وفي الصحاح للجوهري: عمرويه، ذكر المبرد في تثنيته وجمعه العمرويهان والعمرويهون. وذكر غيره أن من أعرب سيبويه وعمرويه ثناه وجمعه. ولم يشترط ذلك المبرد. فمقتضى كلامه أن جمع ذلك حين الإعراب قول الجميع وأن محل الخلاف ما إذا بني وأن المبرد لا يشترط الإعراب وأن اشتراطه هو قول الجميع وأن محل الخلاف ما إذا بني وأن المبرد لا يشترط الإعراب وأن اشتراطه هو قول الأكثرين، ويؤيد ذلك قوله في فصل ويه: ومن قال [جاء] سيبويه ورأيت سيبويه وأعربه كإعراب ما لا ينصرف ثناه وجمعه، ومن بناه يقول في التثنية ذوا سيبويه وكلاهما سيبويه، ويقول في الجمع: ذوو سيبويه وكلهم سيبويه.
وعلى هذا نقول: المصنف مخالف للجميع، وذكر أبو حيان خلافا في المختوم بويه من المركب المزجي هل يثنى ويجمع جمع المذكر؟ ، وأن الذين أجازوا ذلك جوزوا سيبون وسيبويهون، ولم يقيد ذلك بمن أعرب ولا بمن بنى، ولا ذكر خلافا في معدي كرب ونحوه، ولا قيد الخلاف بما قيده الجوهري، فكلام الثلاثة متخالف "و" مشروط أيضا "بكونه" أي: كون المذكر "لمن يعقل" كزيد وفاضل. "أو مشبه به"، أي: بمن يعقل كقول الشاعر يصف قوسا وسهامها.
محالفتي دون الأخلاء نبعة
…
ترن إذا ما حركت وتزمجر
لها فتية ماضون حيث رمت بهم
…
شرابهم قان من الدم أحمر
قلت: المراد بالنبعة القوس وبالفتية السهام، والشاهد في قوله ماضون. وما أحسن قول بعض الشعراء [المتأخرين] ملغزا في القوس والنشاب:
ما عجوز كبيرة بلغت عمرا طويلا وتتقيها الرجال
وقد علا جسمها اصفرار ولم تشك سقاما ولا عراها هزال
ولها في البنين سهم وقسم
…
وبنوها كبار قدر نبال
وأراه لم يشبهوها ففي الأمم
…
اعوجاج وفي البنين اعتدال
"علما" قال المازني: غير معدول، فلا يجوز في نحو: عمر أن يجمع هذا الجمع، بل ألا يثنة ولا يجمع مطلقا.
فإن قلت: إذا قيل: الزيدون، فقد وقع الجمع في غير علم، ضرورة أن تثنية العلم وجمعه يقتضي إخراجه عن حقيقة كونه علما، إذ يصير نكرة، لأن العلم إنما/ يكون معرفة على تقدير إفراده لموضوعه، لأنه لم يوضع علما إلا مفردا، فإذا قصد إلى تثنيته وجمعه فقد زال معنى العلمية منه فصار نكرة.
قلت: معنى كلامهم أن الاسم إذا كان علما بشروطه صح إيراد الجمع عليه، وذلك بعد أن تنكره، وليس المراد [منه] أنه بقي علما وجمع وهو على
تلك الحالة، وهذا مما يحاجي به فيقال: أمر اشترط وجوده لحكم فإذا وجد لم يثبت ذلك الحكم إلا بعد إزالة ذلك الأمر الذي اشترط وجوده، فصار في الحقيقة وجوده شرطا للإقدام على الحكم، وعدمه شرطا لثبوت ذلك الحكم. وقد عن لي أن أنظم ذلك لغزا فقلت:
أيا علماء الهند لا زال فضلكم
…
مدى الدهر يبدو في منازل سعده
ألم بكم شخص غريب لتحسنوا
…
بإرشاده عند السؤال لقصده
وها هو بيدي ما تعسر فهمه
…
عليه لتهدوه إلى سبل رشده
فيسال ما أمر شرطتم وجوده
…
لحكم فلم تقض النحاة برده
فلما وجدنا ذلك الأمر حاصلا
…
منعتم ثبوت الحكم إلا بفقده؟
وهذا لعمري في الغرابة غاية
…
فهل من جواب تنعمون بسرده؟
"أو مصغرا" نحو: رجيلون، فلا تشترط فيه العلمية لتعذر تكسيره.
"أو صفة تقبل تاء التأنيث" نحو: ضارب، فإنه يقال في مؤنثه: ضاربة، فإن لم يقبلها امتنع جمعه هذا الجمع نحو أحمر وسكران في لغة غير بني أسد ونحو صبور وقتيل.
قال ابن القاسم: ويستثنى من ذلك أفعل التفضيل غير المقرون بمن، فإنه يجمع هذا الجمع وإن كان صفة يقصد فيها التأنيث، ولا يقبل التاء.
قلت: فيتوجه الاعتراض على المصنف، وفي بعض النسخ تقييد تاء التأنيث بإطراد، احترازا من نحو: مسكين فإنهم قالوا في مؤنثه، مسكينة، ومع ذلك فالقياس ألا يقال: مسكينون وإن كانوا قد قالوه؛ لأن دخول التاء في مسكينة لا ينقاس.
"إن قصد معناه" جعلوه شرطا احترز به عن نحو: راوية وعلامة، فإنه صفة تقبل التاء عند عدم قصد معنى التأنيث فلا يجمع هذا الجمع.
قال ابن قاسم: وما كان مختصا بالمذكر نحو خصي يجوز جمعه بالواو والنون؛ إذ لا يقصد به معنى التأنيث.
قلت: يعني أن انتقاء القبول المذكور يصدق بصورتين: كونه ذا مؤنث ولا يقبل التاء، وكونه لا مؤنث له.
قال ابن هشام: والذي عندي أن هذا لم يخرج مخرج الشرط بل مخرج البيان للمحل الذي يقبل فيه التاء. ويدل على أنه لم يرد بهذا الكلام تقييدا واحترازا من شيء أنه لم ينبه على ذلك في شرحه.\
"خلافا للكوفيين في" الشرط "الأول"، وهو الخلو من تاء التأنيث فأجازوا طلحون واقتصر جمهورهم على ذلك، وبعضهم يقول: تفتح عين الكلمة.
"و" في الشرط "الآخر" بكسر الخاء، وهو قبول تاء التأنيث عند قصد معناه، استدلوا على ذلك بقول الشاعر:
منا الذي هو ما إن طر شاربه
…
والعانسون ومنا المرد والشيب
فجمع عانسا، وهو من الصفات التي تقع على المذكر والمؤنث بلفظ واحد.
" وكون العقل لبعض مثنى" كقولك في رجل وفرس: هما سابقان.
"أو مجموع" كقولك في رجل وفرسين. هم سابقون.
"كاف"، وإدخال المثنى في هذا الحكم سهو، لأن العقل غير شرط فيه قطعا. "وكذا التذكير"[وذلك] عند اجتماع مذكر ومؤنث فصاعدا.
"مع اتحاد المادة" الأصلية نحو: قائم وقائمة وقائم وقائمتين، فتقول: قائمان وقائمون، وأما عند /اختلاف المادة فلا يأتي ذلك، ولا يجوز التغليب حينئذ، وفيه نظر.
قلت: واشتراط اتحاد المادة تكرارا؛ لأن الاتفاق في اللفظ مأخوذ في تعريف كل من التثنية والجمع فلا حاجة إلى ذكره هنا. "وشذ ضبعان في ضبع وضبعان"، من حيث تغليب المؤنث –وهو ضبع- على المذكر وهو ضبعان وكأنهم فعلوا ذلك لإيثار الخفة فإن ضبعا أخف من ضبعان، وكذا فعلوا في الجمع فقالوا: ضباع ولم يقولوا ضباعين. وحكى ابن الأنباري أن ضبعا يقع على المذكر فلا تغليب إذن.
"وما أعرب مثل" إعراب "هذا الجمع" بالواو والياء "غير مستوف للشروط فمسموع"، أي: مقصر على السماع فلا يتعدى "كـ {نحن الوارثون} " مرادا به الباري سبحانه. ولا يخفى [أن] معنى الجمعية في أسماء الله ممتنع، وما ورد منها بلفظ الجمع فهو للتعظيم يقتصر فيه على محل وروده ولا يتعدى، فلا يقال: الله رحيمون، قياسا على ما ورد. "وأولي"، لأنه ليس له مفر ألحقت به علامة الجمع، وإنما هو معرب إعراب جمع المذكر السالم وليس به. "وعليين".
قال المصنف وشارحو كلامه: هو اسم لأعلى الجنة كأنه في الأصل فعيل من العلو، فجمع ما يعقل وسمي به أعلى الجنة.
قلت: فيلزم على هذا ألا يكون فيه شذوذ، لأنه يكون علما منقولا عن جمع، ولا ينفعهم أن يدعوا أنه جعل من باب المسموع لا المقيس لكونه لما لا يعقل، بخلاف نحو: زيدون –علما-؛ لأنه لو سمي فرس بـ (زيدون) استحق [هذا] الإعراب، ألا ترى إلى قنسرين ونصيبين؟ ولا ينفعهم أيضا أن يقولوا:
علي في الأصل غير علم لا صفة، لأن المصنف قد صرح بأنه إذا سمي بالجمع على سبيل النقل –يعني عن الجمع- أو على سبيل الاتجال –يعني بصيغة تسبه صيغة الجمع- ففيه تلك اللغات.
[قال] ويؤيده أننا لا نعرف قنسرا ولا نصيبا ولا يبرا في يبرون أعلاما ولا صفات نعم لو قيل: إن (عليين) غير علم، بل هو جمع علي وصفت الأماكن المرتفعة كان شاذا لعدم التذكير والعقل. "وعالمين"، سواء قلنا: إنه جمع لعالم كما تقدم في شرح الخطبة؛ لأنه اسم جنس وليس بعلم ولا صفة، أو قلنا: بأنه اسم مخصوص لمن يعقل كما يقوله المصنف. فإنه ادعى ذلك ومنع كونه جمعا لعالم قال: لأن العالم عام والعالمين خاص، وليس هذا شأن الجموع. ولذلك أبى سيبويه أن يجعل الأعراب جمع عرب، لأن العرب يعم الحاضرين والبادين، والأعراب خاص بالبادين. ووجه شذوذه على هذا الرأي واضح، لكونه ليس جمعا.
"وأهلين" لأنه جمع لأهل وليس بعلم ولا صفة، وحسن جمعه على شذوذه أنه قد يستعمل بمعنى:(مستحق)، فيقال: هو أهل لذلك، أي: مستحق له. "وأرضين" بفتح الراء وحكي إسكانها، ووجه الشذوذ فيها ظاهر. "وعشرين إلى التسعين"، إذ من المعلوم أنها غير جموع وأنها فاقدة للشروط وأغرب الرضي الإستراباذي حيث قال:
ولنا أن نحد المثنى بأنه اسم دال على مفردين في آخره ألف أو ياء ونون مزيدتان، فيدخل فيه اثنان ونحوه، ونحد جمع المذكر السالم بأنه اسم دال على أكثر من اثنين في آخره واو أو ياء ونون مزيدتان، فيدخل فيه أولو وعشرون وأخواته. "وشاع هذا الإستعمال" وهو الجمع بالواو والنون أو بالياء والنون. "في ما لم يكسر" لا في ما كسر نحو: شفة وشفاه وشاة وشياه. "من" اللفظ "المعوض من لامه" لا من فائه نحو: / عدة ورقة، ولا من عينه نحو: ثبة كما تقدم، فلا يجمع هذا الجمع حتى يصير علما لمن يعقل. "هاء تأنيث" لا تاء تأنيث ليخرج نحو: بنت وأخت، فإن المعوض من لامه تاء
التأنيث لا هاء التأنيث "بسلامة فاء المكسورها"، أي: المكسور الفاء، فتبقى الكسرة ولا تبدل نحو: عضة وعزة. قال تعالى: {الذين جعلوا القرآن عضين} ، وقال تعالى:{عن اليمين وعن الشمال عزين} ، ونحو: رئة، قال الشاعر:
فغظناهم حتى أتى الغيظ منهم
…
قلوبا وأكبادا لهم ورئينا
ونحو: مائة ومائتين "وبكسر المفتوحها"، أي: المفتوح الفاء، فلا تقر فتحته بل تكسر وتزال الفتحة نحو: سنين في سنة. قال المصنف: وقد روي ضمها.
"وبالوجهين"، وهما سلامة الفاء –أي: إقرار ضمها على ما هو عليه –وحذفه والإتيان بالكسر. "في المضمومها"، أي: المضموم الفاء نحو: قلة وثبة وإن قيل: بأنهما من الواوي اللام كما مر عن ابن سيده فنقول فيهما: قلون وثبون بضم القاف والثاء وكسرهما.
ولامات هذا الباب أنواع: إما هاء أو واو أو ياء، فمائة ورئة من اليائي، لقولهم مأيت الدراهم، أي: جعلتها مائة، ورأيت الصيد، أي: أصبت رئته، وصرح الجوهري بأن لام عزة ياء ولام عضة إما واو أو هاء.
"وربما نال هذا الاستعمال ما كسر".
قال ابن قاسم: نحو: ظبين، جمع ظبة، وهي طرف السيف، وقد كسروها على ظبا، ولامها واو، لقولهم: ظبوته إذا أصبته بالظبة، وكذا برة، جمعوها على برين، وقد كسروها على برى. انتهى. والبرة: حلقة من صفر تجعل في لحم أنف البعير. وقال الأصمعي: تجعل في احد جانبي أ، ف البعير، قال: وربما كانت البرة من شعر وهي الخزامة. وقد يقال: إن ظبا وبرى من أسماء الأجناس فلا يدخلان تحت قوله: ما كسر. "ونحو رقة"، بالنصب عطفا على مفعول (نال)، وهو ما كسر، أي: ونال نحو رقة [وهي الفضة]، فإنهم قالوا في جمعها: رقين، كذا في شرح المصنف و [هي]
على هذا مما حذفت فاؤه، وعوض منها هاء التأنيث. وفي المحكم ما نصه: الرقون النقوش والرقون: بفتح الراء ورفع [النون] الدرهم، سمي بذلك للترقين الذي فيه، يعنون به الخط [كذا] عن كراع، قال: ومنه قولهم: وجدان الرقين يغطي أفن الأفين، وأما ابن دريد فقال: وجدان الرقين يعني جمع رقة وهي الورق. انتهى بحروفه. وكلام المصنف إنما هو على قول ابن دريد. "و [نحو] إحرة وإضاة وإوزة" بكسر همزاتهن، أما إحرة فظاهر كلامهم أن المسموع فيها حرة بدون همزة، وهي أرض ذات حجارة سود لكنعم قالوا في جمعها: حرون وإحرون [الهمزة]. قال الجوهري: كا، هـ جمع إحرة تقديرا؛ لأنهم لا يقولون إحرة. وأما الإضاة
فهي الغدير الصغير. وفي الصحاح: الإضاة الغدير، والجمع أضا، مثل: قناة وقنا. وظاهره أنه مفتوح الهمزة. قال السيرافي: المشهور فيه القصر، ولا أعلم أحدا ذكر فيه المد إلا سيبويه. وقيل في جمع المقصور أضاء. قال:
...........................
…
فهن أضاء صافيات الغلائل
وأضي على فعول، وإضون وهو شاذ، لأنه ليس بمحذوف اللام. ولا تظن أن فيه شذوذا آخر، وهو كونه قد كسر؛ لأن اشتراط انتقاء التكسير إنما هو لمحذوف اللام، فإنه إذا كسر ردت لامه فلا يستحق التعويض، فأما ما لم يحذف منه شيء فتكسيره وعدم تكسيره سيان؛ لأن اللام ثابتة فيه نفسه، فلا يضره التكسير ولا ينفعه.
وفي التذكرة/ لأبي علي الفارسي: إنما قالوا:
إحرة وإحرون وإوزة وإوزون، مع أنه لا نقص فيه فيجبر كما في: ثبة، ولا هو ثلاثي مجرد من التاء فيعوض من التاء الذاهبة، بل هو رباعي، والرباعي يقوم رابعه مقام التاء؛ لأنه مضاعف، والتضعيف اعتلال، ويحذف في القوافي والأسجاع نحو: من سر ومن ضر ومن إنس ولا جان، فكأنه ثلاثي فعوض كما في: أرض، وإن شئت قلت: لما ألحقوا التاء في تصغير وراء
قدام وأمام وإن تجاوزت الثلاثة جمعوا هذين وإن تجاوزوا الثلاثة. وإن شئت قلت:
لما لم تثبت الهمزة في واحد إحرون لم يعتدوا بها في العدة لعروضها فكان كأنهم إنما جمعوا ثلاثيا وكذلك إوزون، لأنهم قالوا: إوزة، فالهمزة غير لازمة، وإن شئت قلت: لما كانت الهمزة في إحرون إنما لحقت للتكسير كما كسروا سين سنين لذلك، كان بمنزلة الحركة فلم يعتد بها، وهم مما يقيمون الحركة مقام الحرف وبالعكس. "وقد يجعل إعراب المعتل اللام في النون" كقوله:
الو نسق الحجيج سلي معدا
…
سنينا ما نعد لها حسابا
أنشده الفراء
وقد يتجه على المصنف هنا مناقشة، تقريرها أن يقال: المعتل اللام هو ما لامه حرف علة فيخرج عنه [نحو]: سنون على من جعل لام مفرده هاء فقال: سنهات، وعضون، في من جعل لام مفرده هاء فقال: إن أصله عضهة، وأنه بلغة قريش السحر، ويسمون الساحر عاضها. قال:
أعوذ بربي من النافثا
…
ت في عقد العاضه المعضه
فلو قال المصنف: المحذوف اللام لسلم من ذلك، "منونة غالبا" نحو:"اللهم اجعلها [عليهم] سنينا كسنين يوسف، ومنهم من لا ينون وهم تميم، حكاه عنهم الفراء. "ولا تسقطها الإضافة" نونت أم لم تنون.
قال الشاعر:
دعاني من نجد فإن سنينه
…
لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا
ومنه الحديث المتقدم "
…
كسنين يوسف" "وتلزمه الياء" في جميع الحالات.
"وينصب"، أي: المعتل اللام المعوض من لامه هاء التأنيث "كائنا بالألف والتاء بالفتحة"، الجار الأول متعلق بـ (كائنا) والجار الثاني بـ (ينصب).
فإن قلت: (كائن) يدل على كون عام، فيكون واجب الحذف.
قلت: قد يجتمعان قليلا كما ستعرفه في باب المبتدأ –إن شاء الله تعالى- "على لغة" كما صرح به ثعلب، وحكى الكسائي: سمعت لغاتهم –بفتح التاء-، وحكى ابن سيده رأيت بناتك.
قال المصنف: ولا يعامل نحو عدة من المعتل الفاء هذه المعاملة و [قد] حكي أن ذلك مسموع في بعضه. قالوا: حفرت إراتك، بكسر أوله وفتح آخره، وهو جمع إرة: فعلة من وأرت إره أئرها وأرا، [إذا] حفرت حفيرة يطبخ فيها. "مالم يرد إليه المحذوف"، أي: مدة انتقاء رد المحذوف إليه، فـ (ما) مصدرية ظرفية وعامل الظرف (ينصب). واحترز
المصنف بذلك من نحو: سنوات جمع سنة وعضوات جمع عضة، فإنه ينصب بالكسرة قولا واحدا لرد المحذوف إليه.
"وليس الوارد من ذلك واحدا مردود اللام خلافا لأبي علي" الفارسي، فإنه زعم أن ما يتخلل جمعا في قولهم سمعت لغاتهم، وخرجت النحل ثباتا، هو مفرد ردت لامه، وأصله: لغوة وثبوة، فقلبت الواو ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، ورده المصنف: باقتضائه الاشتراك، وهو خلاف الأصل، والجمع بين العوض والمعوض منه، وبأن النحل إذا دخن عليهن خرجن جماعات لا جماعة.
والجواب: أنه معارض بأن الجمع الذي بألف وتاء لا ينصب بالفتحة وأن التاء حينئذ بمنزلتها في حصاة ونواة، وأنهن لازدحامهن وخروجهن دفعة جعلهن كأنهن/جماعة واحدة.
والذي على المصنف من الإشكال أنه لم يحك خلافا في أصل المسألة، مع أن البصريين يمنعونها، ونقله تخريج أبي علي من البصريين، وإن اقتضى المخالفة، ولكنه لا يستلزم مخالفة الباقين. وينبغي على قول أبي علي أن يكتب: سمعت اللغاة، بالهاء لا بالتاء، لأن الوقف كذلك للمذكر والمؤنث.