الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"فصل": عقده المصنف لأشياء تتعلق بالمثنى قصدا وإن ذكر غيره فيه فبطريق الاستطراد.
"
يتم في التثنية من المحذوف اللام ما يتم في الإضافة لا غير
".
قال ابن قاسم: محذوف اللام قسمان: قسم يرد في الإضافة /فيرد في التثنية، وهو المنقوص، فتقول: في التثنية قاضيان كما تقول: في الإضافة قاضيك.
قلت: ليس هذا من موضوع المسألة في شيء؛ لأن الإتمام إنما هو مفروض فيما حذفت لامه، والقاضي ليس من المحذوف اللام في الإفراد أصلا، فذكره في هذا المحل سهو.
ثم قال: وأب وأخ وحم -في أكثر اللغات- و (هن) في لغة، فتقول في التثنية: أبوان وأخوان وحموان وهنوان. كما تقول: في الإضافة: أبوك وأخوك وحموك وهنوك.
وقسم: لا يرد في الإضافة، فلا يرد في التثنية، نحو: سنة وحر فيقال: سنتان وحران كما تقول: سنتك وحرها. "وربما قيل أبان" قال الفرزدق:
واصرفا الكأس عن الجا
…
هل يحيى بن حصين
لا يذوق اليوم كأسا
…
أو يفدي بالأبين
"وأخان" لم يذكروا له شاهدا.
قال ابن قاسم: والظاهر أن قولهم: أبان، وأخان. على لغة من التزم النقص في الإفراد والإضافة.
قال الفراء: من قال هذا [أبك. قال: ] أبان. "ويديان" فأتم في التثنية ما لا يتم في الإضافة، فإنك تقول فيها: يدك، بدون رد. ولعل هذا جاء على لغة القصر، فلا إشكال "ودميان" قال الشاعر:
فلو أنا على حجر ذبحنا
…
جرى الدميان بالخبر اليقين
"ودموان" حكاه الجوهري في الصحاح عن بعض العرب، ولعله على لغة من يقصر المفرد. "وفميان وفموان" قال الفرزدق:
هما نفثا في في من فمويهما
…
على النابح العاوي أشد رجام
وقد مر. "وقالوا في ذات: ذاتا على اللفظ" وهو الأقيس لقولهم في المذكر: ذوا مال لا ذويا. قال:
يا دار سلمى بين ذاتي العوج
"وذواتا" على الأصل، وهو الكثر، قال الله تعالى:{ذواتا أفنان} "ويثنى اسم الجمع" نحو قوله تعالى: {قد كان لكم آية في فئتين} ، وقوله تعالى:{يوم التقى الجمعان} . وقوله عليه الصلاة والسلام: "مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين". وقول الفرزدق:
وكل رفيقي كل رحل وإن هما
…
تعاطى القنا قوماهما أخوان
ووقع لابن هشام في مغنيه في هذا البيت غلط أوجب ارتكابه لتعسف
لا حاجة إليه. وقد بينا ذلك في الحاشية التي كتبناها عليه. "و" الجمع "المكسر".
[لا] المصحح، لئلا يلزم اجتماع إعرابين في كلمة "بغير زنة منتهاه". نحو قولهم: جمالان، ورماحان. واحترز بهذا القيد من أن يكون على صيغة منتهى الجموع فتمتنع تثنيته، ومن هنا تبين لك وهم وقع للجاربردي في شرح تصريف ابن الحاجب؛ فإنه قال:[إنما] أميل نحو: يتامى،
ونصارى، لأنهما ترجع ألفهما ياء مفتوحة وذلك في التثنية، فإن المكسر يجوز فيه أن يثنى على معنى جماعتين قال:
بين رماحي مالك ونهشل
فعلى ذلك يقال: يتاميان ونصاريان. انتهى. وهذا وهم كما أشرنا إليه، وإنما يثنى ذلك لو سمي به، وأما مع بقاء الجمع فلا كما عرفت.
وظاهر كلام المصنف أن تثنية ما ذكره من اسم الجمع، ومن الجمع بغير زنة منتهاه قياس، ونص غيره على أن ذلك مقصور على السماع وجائز للضرورة. "ويختار في" الأمرين هما جزءان أو كجزءين "المضافين
لفظا" نحو: قطعت رؤوس الكبشين "أو معنى" لم يمثله ابن قاسم، وفي شرح الكافية [الشافية] للمصنف ما معناه: يختار في الجزءين المضافين إلى كليهما /ثم قال: والجزءان المميزان كالجزءين المضافين لكلهما. ومثل ذلك بقوله: هما ضخما الرؤوس، وجاء المنطلقان ألسنا. ومراده بالتمييز التفسير اللغوي لا التمييز الصناعي بدليل المثال الأول، فهذا مما يصلح أن يمثل به للمضافين بحسب المعنى لا بحسب اللفظ. "إلى متضمنيهما" كما تقدم من نحو: قطعت رؤوس الكبشين، وخرج به [نحو]: دارا زيديك، وثوبا عمريك، لأن الزيدين والعمرين لا يتضمنان المضاف.
وخرج بتثنية المتضمن نحو: (المرء بأصغريه
…
) "لفظ الإفراد على لفظ التثنية"، فرأس الكبشين –بإفراد الرأس مختار على: رأس الكبشين بصيغة المثنى. "ولفظ الجمع" نحو: رؤوس الكبشين.
"على لفظ الإفراد؟ نحو: رأس الكبشين. فعلم أنها على هذا النمط عند المصنف، الجمع، ثم الإفراد، ثم التثنية. ووجه ترجيح الجمع أن المضاف والمضاف إليه كشيء واحد فكرهوا هنا الجمع بين تثنيتين، واختير لفظ الجمع
لأنه قد يعبر به عن الاثنين مع فهم المعنى. قلت: البصريون لا يقيسون الإفراد، والكوفيون يقيسونه، عليه التثنية، والمصنف خالف الفريقين فرجح الإفراد.
قال ابن هشام: وتجب التثنية في نحو:
...........................
…
............. وكلا أنفيهما رابي
لأن (كلا) لا يضاف إلى الواحد، ولا إلى الجمع.
قلت: المنصوص أن كلا وكلتا يضافان أبدا إلى كلمة دالة على اثنين: إما بالحقيقة والتنصيص نحو: {كلتا الجنتين} ، ونحو:{أحدهما أو كلاهما} أو بالحقيقة والاشتراك نحو: كلانا. فإن (نا) مشتركة بين الاثنين، والجماعة،
أو بالمجاز كقوله:
إن للخير وللشر مدى
…
وكلا ذلك وجه وقبل
فإن (ذلك) حقيقة في الواحد، وأشير بها إلى المثنى معنى. هذا نصه في مغني اللبيب.
وإذا كان كذلك فلم لا يجوز إضافة (كلا) إلى الجمع المراد به اثنان مجازا؟
وهذا مما لا يظهر لمنعه وجه. "فإن فرق متضمناهما اختير الإفراد"
نحو: {على لسان داود وعيسى بن مريم} ، وفي الحديث:(لما شرح الله [له] صدر أبي بكر وعمر). وفي كافية المصنف: أنه يلزم في هذه المسألة الإفراد. "وربما جمع المنفصلان"" وهما ما ليسا جزءين ولا كجزءين كالدرهمين مثلا، لكن إنما يجتمعان "إن أمن اللبس" كما ورد في الحديث:
(ما أخرجكما من بيوتكما؟ ) و (إذا أويتما إلى مضاجعكما) و (هذه فلانه
وفلانة تسالانك عن انفاقهما على أزواجهما، ألهما فيه أجر؟ )، وفي حديث علي وحمزة:(فضرباه بأسيافهما).
أما إذا خيف اللبس وامتنع نحو: قبضت درهميكما، وذكر المصنف في شرح كافيته –الجمع ولم يذكر الإفراد، ظاهر الكتابين: التسهيل والكافية امتناع الإفراد وإن أمن اللبس. "ويقاس عليه وفاقا للفراء" لأمن اللبس ووروده في الكلام الفصيح. "ومطابقة ما لهذا الجمع لمعناه أو لفظه جائزة" فالأول كقوله:
قلوبكما يغشاهما الأمن عادة
…
إذا كانت الأبطال يغشاهم الذعر
فقال: (يغشاهما) رعاية للمعنى والثاني كقوله:
خليلي لا تهلك نفوسكما أسى
…
فإن لها فيما به دهيت أسى
فقال: (لها) و (دهيت) رعاية للفظ، ولو اعتبر المعنى لقال: لهما ودهيتا. و (أسى) الأول مفتوح الهمزة معناه الحزن، و (أسى) الثاني مضموم الهمزة جمع أسوة. وفي الحقيقة ليس هذا الحكم خاصا بهذه المسألة، بل كل شيء له لفظ ومعنى متخالفان، يجوز رعاية لفظه ورعاية معناه. "ويعاقب الإفراد التثنية"، أي يقع /الإفراد في موضع التثنية، هنا هي الأصل، ويأتي المفرد في موضعها.
"في كل اثنين لا يغنى" أي لا يستغنى، وهو بفتح الياء مضارع غني، أي استغنى. "أحدهما عن الآخر" وذلك: كالعينين والأذنين والحاجبين [والجفنين] والنعلين، سواء كانا جزءين أو غير جزءين، أضيفا أو لم يضافا،
ومن (الإفراد قول عدي بن الرقاع:
وكأنها وسط النساء أعارها
…
عينيه أحور من جآذر جاسم
وسنان أقصده النعاس فرنقت
…
في عينه سنة وليس بنائم
قال الأصمعي: وهذا أحسن ما قيل في فتور الجفون. "وربما تعاقبا"، أي الإفراد والتثنية فوقع كل [منهما] في الموضع الذي يقع فيه الآخر بالأصالة.
"مطلقا" أي وإن لم يكونا مما تقدم [كذا يظهر من كلام المصنف، فإنه قال في الشرح: والمراد بتعاقب الإفراد والتثنية وقوع كل منهما موقع الآخر وإن لم يكونا مما تقدم] الكلام عليه: كاليدين والرجلين، ولا من باب:(قلوبكما) انتهى.
وقد يقال: هذا يقتضي أن (مطلقا) مدخل للمسألة السابقة، فلم ذكرها
أولا؟ وكيف قال هنا: (وربما) فأفاد التقليل وقال: أولا: (ويعاقب)، فلم يشر إلى التقليل؟ ، وكيف يصح دعوى التعاقب في النوع الأول، وليس فيه أن التثنية تقوم مقام الواحد؟
والجواب: أنه تبين أن مراده بقوله: مطلقا ما يراد بقولك: وإن لم يكن مما تقدم. والذي تقدم نوعان: باب قلبكما، ناب فيه الواحد عن التثنية، وكذا باب (عينك) في (أقر الله عينك)، وليس المراد بـ (مطلقا) معنى قولك: فيما تقدم وغيره. وظهر وجه ما صنعه المصنف فتدبره.
ومثل المصنف لما ذكره هنا من التعاقب بقوله تعالى: {فقولا إنا رسول رب العالمين} وقوله تعالى: {عن اليمين وعن الشمال قعيد} .
وبقول حسان رضي الله [تعالى] عنه:
إن شرح الشباب والشعر الأسود ما لم يعاص كان جنونا فهذا من وقوع المفرد موقع المثنى، ومن عكسه قول الشاعر:
إذا ما الغلام الأحمق الأم سافني
…
بأطراف أنفيه استمر فأسرعا
ولا يخفى احتمال هذه الشواهد للتأويل، والأبواب لا تثبت بالمحتملات.
"وقد وقع افعلا ونحوه"، أي تفعلان "موقع افعل ونحوه"، أي تفعل، والمعنى أنه قد يخاطب الواحد به الاثنان في الأمر ونحوه وهو المضارع فيقع افعلا موقع افعل ويقع تفعلان موقع تفعل. وقد حمل على الول قول الحجاج: يا حرسي، اضربا عنقه.
وقول امرئ القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل .......................
وحمل على الثاني قول الشاعر:
فإن تزجراني با ابن عفان أزدجر
…
وإن تدعاني أحم عرضا ممنعا
ف، (تزجراني) واقع موقع (تزجرني)، و (تدعاني)، واقع موقع (تدعني)، ومشى المصنف في ذلك على ما ذهب إليه ابن جني والمازني والبغداديون، وقد تؤولت هذه الشواهد.
"وقد تقدر تسمية جزء باسم كل فيقع الجمع موقع واحده".
أي: واحد الجمع نحو: شابت مفارقه وإنما للإنسان مفرق واحد ونحو قوله:
تمد للمشي أوصالا وأصلابا
وإنما هو صلب واحد.
وقول العباس عم النبي –صلى الله عليه وسلم:
بل نطفة تركب السفين وقد
…
ألجم نسرا وأهله الغرف
قال ابن الشجري: السفين جمع في موضع الواحد، كقولهم:
بعير ذو عثانين، وشابت مفارقه، كأنه سمى كل جزء من السفينة سفينة ثم جمع قال: ويجوز أن يكون أراد /السفينة وحذف الهاء للضرورة كقول أبي طالب:
وحيث ينيخ الأشعرن ركابهم
…
بمفضي السيول من أساف ونائل
أي ونائلة. وأساف ونائلة: صنمان. "أو" يقع الجمع موقع "مثناة" أي مثنى واحد الجمع، نحو قولهم: عظيم المناكب والحواجب والوجنات. وإنما للإنسان منكبان وحاجبان ووجنتان، وعليه قوله:
فالعين بعدهم كأن حداقها
…
سملت بشوك فهي عور تدمع
قال الأصمعي: أراد الحدقة وا حولها، كقولهم عظيم المناكب والمشافر.
وعور جمع عوراء. وعقد ابن خالويه [لذلك] في كتاب (ليس) بابا فقال: يقولون: رأيت ترائبها، وإنما لها تريبة واحدة.
وكان ينبغي للمصنف أن يقول: فيقع الجمع أو التثنية موقع واحده، والجمع موقع مثناه. فقد قالوا في قوله:
ليث مدل هزبر عند خيسته
…
بالرقمين له أجر وأعراس
ثنى الواحد. وكذا قالوا في قول الفرزدق:
عشية سال المربدان كلاهما
…
سحابة موت بالسيوف الصوارم
ولا يقاس على شيء من ذلك.