الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"من لدنه"، ويحذف معها نون الوقاية كما يحذف مع مثلها، قالوا:"لعلي" كما قالوا: "إني"، وأبدلت من النون في: أُصيلال.
والرابع: أن
الأدلة على الزيادة
ثلاثة.
فأولها: الاشتقاق، وهو اقتطاع فرد عن أصل تدور في تصاريفه مع ترتيب الحروف
وزيادة المعنى، وذلك كقولهم: إن الياء في: "ضيغم" زائدة لأنه مشتق من "الضغم"، وكذلك الواو في "كوثر" لأنه من:"الكثرة"، والألف في "كاثر" لأنه منها.
والثاني: عدم النظير؛ وذلك نحو: "قرنفل"، ألا ترى أنه لا تكون النون أصلية لعدم:(فَعَلْل) كـ "سَفَرْجُل"، وكذلك نون "نَرْجِس" زائدة لعدم:(فَعْلِل) كـ "جَعْفِر".
والثالث: وقوع الحرف موقعاً تكثر فيه زيادته كالهمزة إذا وقعت أولاً وبعدها ثلاثة أصول نحو: "أحمر"، وكالنون إذا وقعت ثالثة ساكنة نحو:"جَحَنْفَل". وهنا تنبيه؛ إذ يدل على زيادة التاء الاشتقاق لأنه من: "رَتَبَ"، وعدم النظير،
وهو أنه ليس في الكلام (فُعْلَلٌ) كـ "جُعْفَر" بضم الفاء. وقد تجتمع الثلاث كـ "عُرُنْد" لأنها ثالثة ساكنة، ولا لبس في الكلام "كَجُعْفُر" بضم الفاء، والعين، وللاشتقاق لأنهم قالوا: عُرُدٌ. قال الشاعر:
(والقوس فيها وتر عرد)
قال: ويسمى أول الأصول فاء، وثانيها عيناً، وثالثها ورابعها وخامسها لا مات لمقابلتها في الوزن بهذه الأحرف." قلت: اعلم أن التصريفيين بما ملون الحروف الأصلية بالفاء، والعين، واللام، وأما الزائد فإنه يؤتى به في المثال بلفظة من غير مقابلة له بشيء من ذلك فيقولون وزن:"أحمر":
أفعل فيأتون بالهمزة، ويقابلون الحاء بالفاء، والميم بالعين، والراء باللام، وكذلك "عذافر" فعالل، و"عنتريس" فعلليل. وهنا تنبيه؛ وهو أن الزائد قد لا يقال بلفظه وذلك في مواضع؛ منها: أن يكون مبدلاً من تاء الافتعال، نحو:"اصطلح" فإن وزنه (افتعل)،ولا يقولون:
(افطعل) ، وإن كانت الطاء زائدة فيه. منها أن يكون مكرراً للالحاق، فوزن:"قرددن"(فَعْلَل)،ولا:(فلعد) إذ الحرف الملحق جار مجرى الأصل فعومل بما يعامل به، ومنها أن تكون العين مكررة
كـ"ضرب"، فوزنه:(فَعل)، ولا يقال:(فَعْوَلَ)، ولا:"فرعل".
فإن قيل: فلم خص الميزان الأحرف الثلاثة دون غيرها؟ فالجواب أنهم لما أرادوا أن يصوغوا مثالاً يكون كالميزان لمعرفة الأصل من الزائد جعلوا ذلك لفظ الفعل لعمومه وشموله كل فعل علاجاً كان أو غير علاج، غريزة كان، أو غير غريزة. قال الله تعالى:{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]، فهو أعم ما يعبر به عن الأفعال فوزنوا به لعمومه. فإن قيل: كان الميزان ثلاثياً ولم يكن رباعياً ولا خماسياً؟ فالجواب وجهين:
أحدهما: أن الثلاثي الأكثر تصرفاً من غيره//
الثاني: لو كان رباعياً لما أمكن وزن الثلاثي به إلا بإسقاط، وكذلك الخماسي، فجعل ثلاثياً، وإذا احتيج الوزن الرباعي كررت لامه مرة، وإذا احتيج الوزن الخماسي كررت لامه مرتين، لأن الزيادة أسهل عندهم من الحذف، ولهذا كان القول بزيادة الهاء في "أمهات" أحسن من ادعاء حذفها في "أمات".
صرح بذلك ابن جني في سر الصناعة قال: "فصل" إذا صحب أكثر من أصلين ألف، أو واو، أو ياء، أو حرف مقرون بمثله، أو همزة مصدرة لا مؤخرة. قلت: إن حروف العلة تزاد في الثلاثي فصاعداً زيادة مطردة، فإذا كانت ثلاثة أحرف أصولاً فصاعداً، ومنها ألف، أو واو، أو ياء حكمت عليها بالزيادة، وذلك [نحو]:"عجوز" و"قضيب" و"كتاب" لأنها مأخوذ من: العجز، والقصب، والكتب، وكثر معرفة ذلك بالاشتقاق حتى حكم بذلك على كلمات كثيرة لم يعرف اشتقاقها لكن قيست على ما عرف. وهنا تنبيه؛ وهو أنه لو حصل في الكلمة تكرير لم يحكم على حرف العلة بالزيادة، وذلك نحو:"صيصة" وعلته أنه لو جعل الأول زائداً لصيرت الكلمة من باب "ددن"
ولو جعل الثاني كذلك لصيرت من باب "سلس" وهما بابان قليلان لا يحمل عليهما مع إمكان الانصراف عنهما. فإن قيل: فما الدليل على أنه "صيصة" من مضاعف الياء، وهلا كان من مضاعف الواو، والأصل هو:"صوه" فقلبت الواو الأولى ياء لسكونها وانكسار ما قبلها؟ فالجواب أن ذلك لا يجوز لقولهم في جمعها: "الصياصي"، ولو كان أصل الياء واواً لقيل:"الصواصي" ولما ثبت أصالة الأول دل ذلك على أصالة الثانية إذا كان يلزم أن يكون احدهما أصلاً والآخر زائداً لزوال التكرير، وقد تقدم أن ذلك لا يجوز الحمل عليه.
وقوله: أو حرف مقرون بمثله. يعني نحو: "عدبس" فإحدى البائين زائدة، واختلف في أيهما الزائد، فمذهب الخليل أنه الأول وتعلق بوجهين:
الأول: قولهم في "الصواغ": "الصياغ". وذلك لأنه إما أن تقلب الواو الأولى ياء، وتقلب الثانية لها.
أو تقلب الثانية ياء، وتقلب الأولى لها، وقلب الأولى أولى لأنها ساكنة، والتطرف على الساكن بالتغيير أولى من التطرف على المتحرك، وما أسرع إليه التغيير هو أولى بالزيادة.
والثاني: قولهم: "صمحمح"والصاد والميم أصلان، والميم الثانية هي عين
الكلمة المكررة، ولا يفصل بين العين إلا بزائد كما تقول في:"عثوثل" و"عقنقل" فإذا نعد أن الحاء الأولى زائدة، وكذلك الميم الأولى.
الأول: قولهم: "الخنافق" في جمع "خنفقيق"، ولا يخلو إما أن يكون حذف القاف الأخيرة أو الأولى لقال:"خنافيق" إذ كان واحدة: "خفقق"، والياء الرابعة تثبت ولا تحذف فلما لم يكن دل على حذف الثانية فبقي:"حنفقي" ثم حذف الياء لأنها خامسة، وتقدم أن الزائد أولى بالحذف.
والثاني: في قولهم: "اقعنسس" والنون إنما يكتنفها ألان كـ "احرنجم"
فوجب // أن تكون السين الأولى في: "اقعنسس" أصلية، والثانية زائدة فاعرفه. وقوله: أو همزة مصدرة لا مؤخرة يعني أنه متى كانت الهمزة أولاً وبعدها ثلاثة أصول حكم بزيادتها سواء عرف بالاشتقاق أو لم يعرف، وذلك لغلبة زيادتها عند وجود هذا الشرط فيما عرف بالاشتقاق من نحو:"أحمر" و (أخضر) ثم حمل عليه ما لم يعرف له اشتقاق نحو: "أفْكَلِ" وهو الرعدة، وجمعه:"أفاكل" فلو سميت به رجلاً لم تصرفه للتعريف ووزن الفعل، وكذلك "أيدع"، وهو اسم طائر، وقيل: اسم
للزعفران، ووزنه:(أفعل) حملاً على الأكثر، إذ باب:(أفْعَلٍ) أكثر من باب: (فَيْعَل)؛ وحكي: يدعت الثوب: صبغته بالزعفران، فاسقط الهمزة، واثبت الياء،
وكذلك حكمها إذا كان بعدها أكثر من أربعة لكن بعضها زائد،: كـ "إمخاض" ووزنه: (إفعال) لأنه من: "المخض"، و"إجفيل" ووزنه (إفعيل)، لأنه من:"جفل" و"إخريط" كذلك لأنه من: "الخرط". فإذا كان بعد الهمزة حرفان وليس هناك حرف محذوف فهي أصل كـ "أخذ" و"أكل""وأزار". ويخرج على هذا "ابن" و"اسم" لأن هناك حرفاً محذوفاً إذ الأصل: "بنو" و"سمو"؛ وكذلك إذا كان بعدها أربعة أحرف أصول نحو: "إصطبل"
لأن الرباعي لا يزاد أوله إلا أن يكون جارياً على فعل نحو: "يدحرج" ويدلك على ذلك قولهم في التصغير: "أُصطَيبل"، ولو كانت زائدة لقيل" "صطيبل". قال أبو البقاء: الدليل على أصالتها وجهان:
أحدهما: أنهما ثقيلة والكلمة الرباعية مستقلة، وليست الهمزة فيها لمعنى فلا وجه لزيادتها.
والثاني: أنها لفظة أعجمية، والأعجمي لا يعرف له أصل، ولذلك حكم بأصالة الهمزة في "إبراهيم" و"إسماعيل". ومثل إصطبل:"إصطخر".
وقال بعضهم: إنما لم يزد أول الرباعي لقلة التصرف في الرباعية، وإنما قل ذلك لقلته في الكلام لأن الكلمة إذا تكثر لم يكثر التصرف فيها، ولذلك لم يكن للرباعي إلا مثال واحد في الجمع، ولما كان الخماسي [على] حرف واحد. وقوله:"لا مؤخرة" يعني أن الهمزة متى كانت غير أول حكم عليها بالأصالة إلا إذا قام الدليل على أصالتها. كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وقال أبو الفتح المملوكي: وقد إطردت زيادة الهمزة آخراً نحو: "حمراء" و"صفراء"، و"عشراء"، وشبهه وقال ابن يعيش: حكم الهمزة إذا وقعت آخراً كحكمها إذا وقعت حشواً، ولا يقضى بزيادة إلا بثبت، فأما نحو:"حمراء"
و"صفراء" فإن الهمزة فيه () بدل من ألف التأنيث المقصورة في نحو: "حبلى" و"سكرى" وإنما زيدت قبلها ألف أخرى للمد فاجتمع ألفان ساكنان فقلبت الثانية همزة، وحقها أن تذكر في باب البدل، وإنما ذكرها هنا للفظها فاعرفه. قال:"أو نون بعد ألف زائدة، أو ميم مصدرة حكم بالزيادة". قلت: أصل هذه الألف والنون أن تلحق الصفات مما كان مؤنثة: (فَعْلَى) نحو: "غضبان" و"غضبى"، و"عطشان" و"عطشى"، و"سكران"، و"سكرى"؛ لأن الصفات بالزيادة أولى من الأسماء حيث أنها مشبهة بالأفعال، والفعل أقعد في الزيادة من الاسم، والأعلام نحو:"قحطان""عمران" و"عثمان" محمولة عليها.
وقال التصريفيون متى رأيت ألفاً ونوناً فاحكم بأنهما زائدتان، إلا أن تقوم دلالة على الأصالة كم في:"فتيان" وهو من: "الفتى" //، وكذلك "حسان" إذا أخذته من "الحسن" وقوله: : "أو ميم مصدرة" ليعلم أن الميم متى وقعت أولاً وبعدها ثلاثة أحرف أصول حكم بزيادتها، وهي في ذلك مساوية للهمزة، وإنما كانت كذلك لأنها تقابلها في المخرج، فالهمزة من أول المخارج والميم من آخرها. وقيل: إنها لما كانت أخت الواو وقد منعت الواو من الزيادة أولاً زيدت الميم أولاً لتكون كالعوض منها، وذلك نحو:"مضرب" و"مقتل".
وقال بعضهم: اطردت زيادتها في خمسة أصناف في: اسم الفاعل، والمفعول، والمصدر، والزمان، والمكان، وكذلك فيما [فيه] عدول عن اسم الفاعل للمبالغة كـ "مضراب"، و"مطعان"، وكذلك في اسم الآلة، وكذلك في مأسدة ومسبعة قال:"إلا أن يعارض دليل الأصالة لملازمة ميم معد في الاشتقاق وكالتقدم على أربعة أصول من غير فعل، أو اسم يشبهه". قلت: الميم في "معد" أصل، وهي فاء لقولهم:"تمعدد" أي: صار على خلق معدي أو تعلم كلامه، وهو:(يفَلَلَ) كـ "يدحرج". ولا يكون: (تمفعل) لأنه لا يعرف فصيحاً، و"تمسكن" إذا أظهر السكينة، و"تمددع" إذا لبس الدرع، و"تمندل" من: المنديل من قبل الغلط، والجيد: تسكن، وتدرع،
وتمدل. قال أبو عثمان: وهو كلام أكثر العرب. وقوله: "وكالتقدم على أربعة أصول" يعني أنه متى كانت الميم أولاً لأربعة أصول حكم بأصالتها كميم: "مرزجوش" فإنها أصل، والوزن:(فَعْلَلول) كـ " عضرفوط"، وذلك لما ذكرناه من أن الزيادة لا تلحق بنات الأربعة لقلة التصرف فيها، وأيضاً فإن الزيادة أولاً (لا يمكن تمكينها) حشواً، ألا ترى أن الواو الواحدة لا تزداد أولاً البتة وتزداد حشواً مضاعفة وغير مضاعفة نحو:"كروس" و"عطود"
و"اجلوذ" و"اخروط"، وغير المضاعفة نحو:"عجوز" و"جرموق". وقوله: "من غير فعل" نحو: "ادحرج"، فإن الفعل أقوى في الزيادة من الاسم: ، لذلك يجوز أن نلحق أول الفعل زياتان وثلاث، كـ "انطلق"؛ و"استخرج" ولا يجيء ذلك في الاسم ثلاثياً، ولا رباعياً إلا ما شذ. من ذلك قولهم:"رجل 'نقحل وانزهو" فإن الهمزة والنون منهما زائدتان لأنهما مشتقان من: "القحل" و"الزهو" ولا نضير لهما. نعم. ذهب أبو الفتح إلى أن "إنقحلاً" من معنى القحل لا من لفظه ووزنه:
"فِعْلَل" كـ "جردحل"، وتقول في تصغيره:"أنيقح" كـ "جريدح"، وعلى الأول أنت مخير إن حذفت الهمزة قلت:"نقيحل"، وإن حذفت النون قلت:"أقيحل". وذهب الزعفراني، إلى جواز كون الهمزة بدلاً من العين في:"عنزهو" فهي إذا أصل والنون والواو زائدتان لأنهما بازاء: "قندأو" وسندأو" و" حنطأو" "والوزن": (فنعلو) ، وإنما زيدت الواو ها هنا لخفاء الهمزة والهاء في الوقف؛ وعكسه ما حكاه البشتي في التعليق من أنه جرى عند أبي على ذكر ما فات سيبويه من الأبنية،
وقيل إن منها: "عياهما" والظاهر أنه (فَيَاعل). فقال أبو الفتح: يجوز أن تكون العين مبدلة من الهمزة، والأصل:"أياهم" كـ "أجاد". وسيبويه قد ذلك فارتضاه أبو علي، وأقول هذا وجه جيد ذهب إلى مثله المتقدمون في قول خطام. أنشده أبو بكر بن الأنباري والزعفراني:
(عن كيف بالوصل لكم أم كيف لي)
قيل: أصله؛ "أن كيف" فأبدلت الهمزة عيناً، و"أن" على أحد وجهين إما أن تكون مخففة من الثقيلة، وأما أن تكون بمعنى: أي كقوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} [الأنعام: 151] والتقدير: أي لا تشركوا. وقيل: إن "عليكم" إغراء، وأن لا تشركوا، نصب به، ويقوي هذا أن الزعفراني
نقل أن قلب الهمزة عيناً لغة لبني تميم. فإن قيل: فكيف جاز دخول "أم" من حروف الاستفهام، وأخلصت للعطف، والعطف بـ "أم"، والسؤال بكيف فلا يجوز أن تجرد "كيف" في الاستفهام لأن بناءها كذلك فلو جردت لأعربت وهذا واضح. وقوله:"أو اسم يشبهه" نحو: "مدحرج"، و "مرهف".
قال: "وكون التكرير على نحو: ما هو في: سندس، وسمسم". قلت: اعلم أن وزن "قرقف": (فَعْلل) ، فالقاف فاء، والراء علين، والقاف الثانية والفاء لامان، ولا يجوز أن يكون:(مفعلاً) لأنه لم يعهد في لغة العرب تكرير يراد به الزيادة مع الفصل بحرف أصلي مغاير لما زيد؛ و"مرمريس" زيدت الفاء والعين بعد الفاء والعين من غير فصل بينهما، وكذلك جميع ما يكون زائداً، فلما كان "قرقف" قد فصل بين القافين الراء وجب أن تكون الثانية غير تكرير للفاء، وهو عند الكوفي فصل، وكذا:"سمسم" و"سندس".