المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقوله: "ما لم يكن ذلك في فعل" يريد: "أحيي" و"هو - شرح التعريف بضروري التصريف

[ابن إياز النحوي]

الفصل: وقوله: "ما لم يكن ذلك في فعل" يريد: "أحيي" و"هو

وقوله: "ما لم يكن ذلك في فعل" يريد: "أحيي" و"هو يحيي"

وقوله: "أو اسم جار عليه" يريد بالجاري اسم الفاعل، أو المفعول وفيه نظير.

وذلك لأن اسم الفاعل في النسب تحذف منه الياء على سبيل الوجوب، وإذا لم تنسب إليه فإن فإن كان منوناً مرفوعا أو مجروراً حذفت ياءه لالتقاء الساكنين، وإن كان معترفا فإن ياءه تثبت؛ والاسم المفعول تقلب ياؤه ألفا ثم تحذف الألف لالتقاء الساكنين، وبعد ذلك تحذف الياء الساكنة أيضا فنقول:"محيوي" في النسب إليه، ولهذا قال أبو علي في التكملة:"يستوي لفظ الفاعل والمفعول"

والله تعالى أعلم بالصواب.

قال:

«فصل. تبدل ياء الألف التالية ياء‌

‌ التصغير

ما لم تستحق الحذف».

قلت:

إذا صغرت نحو: "كتاب، غراب، غوال" فإن ياء التصغير تقع تالية فيقع الألف

ص: 181

بعدها، ومحال أن يلفظ بها بعد حروف ساكن فتقلبها ياء، وتدغم ياء التصغير فتقول:"كتيب".

هنا تنبيه: وهو أن الضمة في: "غريب" غيرها في "غراب" إذ هي فيه حادثة للتصغير، والاختلاف بتقدير اللفظ.

ونظيره ما قاله عبد القاهر في مقتصده، وهو أن من قال:"ثبون" بضم الثاء، فالضمة غيرها في:"ثبة" وكذلك قول الجميع في ترخيم: "منصور: با منص" على لغة من يقول: "يا حار" بضم الواو وكذلك "فلك" للواحد والجمع.

وقوله: "ما لم يستحق الحذف" يحترز به من: "عذافر وجوالق فإن تصغيرهما:

ص: 182

"عذيفر وجويلق" بحذف الألف دون قبلها لأن (الكلمة بها) خماسية فلا بد من حذفها بخلاف ما سبق فإن الكلمة بها رباعية.

قال:

«والواو الملاقية ياء في كلمة [ما] لم// تشد أو ترد بأضعف الوجهين إن سكن سابقهما لزوما، ولم يكن بدلا غير لازم، ويتعين الادغام»

قلت:

يعني أن الياء إذا اجتمعا، وسبق الأول بالسكون قلبت الواو ياء، وأدغم الياء في الياء، ولا مبالاة بالمدوئة منها نحو:"سيد، وميت، وطيي، وشي" والأصل: "سيود، وميوت، وطوي، وشوي"(فعيل) يدلك ما ذكرناه.

وهنا سؤالان:

الأول: أن يقال لم وجب ذلك وليسأ بمثلين؟

والثاني: لم يتعين قلب الواو، ولم يكن الأمر بالعكس؟

ص: 183

والجواب عن الأول أنهما يجريان مجرى المثلين لوجوه؛ منها: اجتماعهما في المد واللين، ومنها كونهما بيانا للأسماء المضمرة نحو، "به، وعلامه" ومنها أنهما يحذفان في الفواصل والقوافي تخفيفا الوقوف كقوله:

(وبعض العوم يخلق ثم لا يفري)

وقوله:

(وقلت لشفاع المدينة أوجف)

يريد: أوجفوا

ومنها أن الياء إذا وقعت ساكنة وقبلها ضمة قلبت واوا، والواو إذا وقعت ساكنة وقبلها كسرة قلبت ياء.

ومنها قلبها إذا تحركا وانفتح ما قبلهما، وليس ذلك مطلقا، ويأتي تفصيله إن شاء الله تعالى.

ومنها قلبهما همزة عند وقوعها طرفا بعد ألف زائدة.

ص: 184

ومنهما اجتماعهما في الردف كقوله:

(يا حبذا قريبتي وعموم .. وحبذا منطقها الرخيم)

ومنها أبدال الألف منهما ساكنين نحو: "تاجل" في "توجل" و: "يا بس في: ياءس"، وهو في الياء أكثر. نص عليه أبو الفتح في منصفه، ولذلك ترجح قول الخليل: في "هاهيت" على قول أبي عثمان.

ص: 185

"هاهيت" على قول أبي عثمان.

والجواب عن الثاني من وجهين:

أحدهما: قاله أبو علي في التكملة، وهو أن الياء من حروف الفم، والواو من حروف الشفة، والادغام في حروف الفم أكثر منه في حروف الطرفين، ويؤكده الباء في الفاء كقولك:"اذهب في ذلك" ولم يجيزوا ادغام الفاء في الباء.

ومما يحكي عن الكسائي من إدغام الفاء في الباء في قوله تعالى: {نخسف بهم}

ص: 186

فقد استضعف وحمل على الاخفاء.

والثاني: أن الياء أخف من الواو فكان القلب أسرع لها كذلك.

قوله: "لم يشذ" يعني: "ضيون" و"عوى الكلب عوية"

وقوله: "أو ترد بأضعف الوجهين" يريد نحو: "قيسور" في تصغير: "قسور"، و"جديول" في تصغير"جدول" وإنما سلمت حملا على:"قساور وجداول" وذلك لأن التصغير والتكبير من واد واحد فيحمل هذا على هذا تارة، وذلك على هذا أخرى.

فإن قيل: فأيهما يكثر حمله على صاحبه؟

والجواب أن الذي يكثر إنما هو حمل التصغير على التكثير، ويقل عكسه، وما ذكره

ص: 187

أبو الفتح في التعاقب من أن ذلك إنما يحمل أضعف التصغيرين على أقواهما، ألا ترى أنك لما صغرت الاسم فأنت تقيم على الأفراد الذي هو الحالة الأولى الأصلية، وإذا كسرته فقد انقلب إلى الجمع الذي هو الحالة الفرعية، ولذلك اعتد بالتكثير شيئا مانعاً من الصرف دون التصغير.

والحد أن يقول: "قسير، وجديل" فيقلب لما ذكرناه.

وقوله: "إن سكن سابقهما لزوما" إنما اشترط سكون الأول ليصح الادغام، فإن شرطه أن يكون الأول ساكنا، فإن عرض فيه السكون لم يقلب الواو ياء، وذلك أن نبني من:"طويت" مثل"عضد" ثم يسكن الضاد فنقول: "طوي" لا يقلب الواو ياء مع الاجتماع المذكور ولأن السكون عارض.

وقوله: "ولم يكن بدلا غير لازم" يريد نحو: "رييا" فإنك عند التخفيف تقلبها واوا لسكونها، وانضمام ما قبلها، وبعد ذلكل ال تقلب ياء، لأن أصلها الهمزة والتخفيف عارض والأصل التحقيق.

وكذلك واو: "سوير" منقلبة عن ألف "سائر" فهي عارضة، وإذا لأصل البناء للفاعل، والبناء للمفعول فرع عليه.

وقيل: لو قلبت الواو ياء فقيل: "سيير" لم يعلم أ (فيعل) وزنه أو (فوعل) فصححت

ص: 188

اجتنابا لللبس.

وهنا تنبيه.

وهو أن فائدة قوله: "غير//لازم" لا يظهر () فإن الواو حينئذ لا تصح بل يجب قلبها ياء، ومثاله أنك لو بنيت مثل: أبلم": من "الآية" وعينها ياء لقلت: "أي"، والأصل: "اأيي" فالهمزة الأولى زائدة، والثاني فاء، والياء الأولى عين، والثانية لام لكن وجب قلب الهمزة الثانية كراهية للمزتين، وقلبت واوا لسكونها وانضماما ما قبلها فبقي: "أويي" فحذفت لالتقائهما فبقي: "أي" منقوصا، ووزنه (أفع) بحذف لامه. فافهمه ففيه نوع غموض.

وقوله: "ويتعين الادغام" ظاهر لأنك إذا قلبت الواو ياء اجتمع مثلان، والأول ساكن، ولا مانع من الادغام فتعين المصير إليه.

ص: 189

قال:

«وكذلك تبدل ياء الواو المتطرف لفظاً، أو تقديراً بعد واوين سكنت ثانيتهما» .

قلت:

يعني أنك لو بنيت مثال: (فعلول) كـ"عصفور" من"غزوت" لقلت: "غزوي" والأصل: "غزووو" بثلاث واوات، الأولى مضمومة، والثاني ساكن، والثالثة لام وهي طرف لفظاً، وذلك مستثقل فقلبت الآخرة ياء، ثم قلبت التي قبلها وهي الساكن ياء أيضا لاجتماعهما على الوصف السابق، فيبقى:"غزوي" فإن أدخلت على الكلمة تاء التأنيث صارت الواو متطرفة تقديرا لا لفظا.

قال:

«أو الكائنة لام فعول جمعا، ويعطي متلوهما ما ذكر من إبدال وإدغام» .

قلت:

"أو الكائنة" معطوف على قوله: "وكذلك تبدل ياء الواو المتطرفة" ويشير إلى "عصي" في جمع:

عصا" وأصله: "عصوو" بواوين، الأولى زائدة ساكنة ومقابلة الواو في "كعوب" والثانية لام الكلمة، ولائمة التصريف في طريقة الاعلال تقرير أحدهما أن

ص: 190

الكلمة جمع، والجمع مستثقل، والواو الأولى مد زائد فلم يعتد بها فصارت الواو هي لام الكلمة كأنها ليت الضمة التي في الصاد، فكأنه:"عصو" فقلبت الواو ياء على حد القلب في: "أدل وأحق" فاجتمعت الياء المنقلبة مع الواو الزائدة مثلها فقلبت الواو الزائدة ياء وادغمت الياء في الياء، ثم كسرت الصاد تمكيناً للياء وطلباً لسلامتها.

ومنهم من يكسر الياء اتباعاً لكسرة العين.

ومنهم من يبقيا على حركتها وهي الضم.

والآخر: أنهم يجرون الحرف مجرى الحركة؛ ألا ترى إلى حذفهم الحروف في: "لم يغزو، ولم يدم، ولم يخش" كما يحذفون الحركة في "لم يضرب" وإذا كان كذلك فالواو كذلك فالواو الساكنة في "عصو" كأنها ضمة، وكأن الواو التي هي لام قد وليتها ثم بعد ذلك جرى الابدال على ما ذكرنا.

وقد أتي بعض ذلك على أصله شاذا كـ"نحو" في جمع: "نحو" وهو أول ما تيسر من () و"بهو" في جمع "بهو" وهو الصدر.

قال أبو عثمان المازني: «هذا شاذ مشبه بما ليس مثله نحو: "صم" كما شبه الذين قالوا: "صيم" بباب "عصي" إلا أن "صيما" يطرد» .

ص: 191

وقوله: "لام (فعول) جمعا" يحترز به من (فعل) الذي لامه واو ليس بجمع ولكنه مصدر نحو: "عتو" مصدر: "عتا" فإن الوجه الجيد في هذا التصحيح، والقلب ضعيف.

وقوله: "ويعطي متلوهما ما ذكر من إبدال وادغام" يريد "بمتلوهما": الواو الزائد التي قبل الواو التي هي لام، والضمير الذي يعود إلى (فعلل) كـ"غزوي" وإلى (فعول) كـ"عصى" يبين أنهما يبدلان ويدغمان.

قال:

«فإن كانت لام مفعول ليست عينه واواً، ولا مكسورة أو لام فعول مصدراً، أو غين فعل جمعاً، فوجهان؛ التصحيح أكثر» .

قلت:

فإن كانت الواو (مفعول)، / وليست عينة واواً وذلك نحو:"معدو" فإنه يجيء منه: "معدي" وجاء في: "معدو معدي".

قال الشاعر: (وقد علمت عرسي مليكة أنني

أن الليث معديا عليه وعادياً)

ص: 192

إنما أعل تشبيها له بالجمع، وهو أقيس من التصحيح في الجمع.

قال سيبويه: ومنهم من يقول: مغزي تشبيها له بـ"ادلوا" على ما مضى من الوجهين الوجه التصحيح.

وقوله:

" [وليست عينه واواً] " يحترز به [من نحو] قولك: "ربك مقوي عليه" اللأصل:// "مقوود" لأن العين واللام واوان لكن قد تقدم أن اجتماع ثلاث واوات في الآخر مهجور فقلبت الواوان يا أين، وأبدلت الأولى كسرة فصار:"مقويا" وقوله: "ولا مكسورة" يحترز به من "رضي" فإت أصله: "رضو" لأنه من "الرضوان" فقلبت الواو ياء لوقوعها طرفا وانكسار ما قبلها فصار: "رضي" ونقول في اسم المفعول منه: "مرضي" و"مرضو" على الأصل؛ وهو قليل.

وهو أنه لما استثنى ذلك لأن الأول يجب فيه القلب إلا أن يشذ فيه شيء فيحفظ.

والباقي الأكثر فيه القلب، والتصحيح قليل، والمصنف قصده ما يكثر فيه التصححي، ويقل فيه القلب.

وقوله: "أو غير فعل جمعا" وذلك نحو: "صيم وصووم، وقيم، وقوم" فإثبات الواو

ص: 193

على الأصل، وقلبها لمجموع أسباب، وهو ان هذا جمع لواحد أعتلت عينه وهو:"صائم وقائم" والجمع أثقل من الواحد، وقد جاوزت الواو الطرف فأشبه:"عصيا".

وربما كسر أوله كما كسر أول: عصي، / فقالوا:"صيم، وقيم"، ويدلك على الاعتداد بالقرب من الطرف عنا أنه إذا بعد صح نحو:"صوام وقوام" وهذا واضح.

قال:

«فإن كان (مفعول) من: " (فعل) رجح الاعلال. وقد يعل بذا الإعلال ما لامه همزة، وربما مححت الواو لام (فعول) واعتلت عين: (فعال) جميعن» .

قلت:

وقد قدمت أن (مفعولا) إذا كان من (فعل) نحو: (مرضي) كان الاعتلال هو الوجه المستعمل.

وقوله: «وقد يعل بذا الاعلال ما لامه همزة» إنما أتي بـ"قد" ليعرفك أن هذا قليل؛ وذلك نحو: "مقروء" اسم مفعول من: "قرأت"، فإذا خففت الهمزة قلبتها واواً، وادغمت الواو التي قبلها فيها فقلت:"مقرو" بواو مشددة.

ص: 194

ومنهم من يقلبها ياءيت فيقول: "مقريي" كـ"مغزيي"

وقوله: «ربما صححت الواو لام (فعول) واعتلت عين: (فعال) جميعن» يريد بالتصحيح نحو: "بهو" في جمع "بهو" وقد سبق بيانه. ويريد بالاعلال نحو: "نيام" في قوله: "

(ألا طرقتنا مية ابنة منذر

فما ارق النيام إلا سلامها)

وقالوا: "فلان في صبابة قومه، وصوابة قومه" أي: في خيارهم. حكاها الفراء.

وهذا شاذ في القياس والاستعمال لأن القلب إذا ضعف مع المجاورة في "صيم" كان مع الفعل أولى بالضعف، وأما الاستعمال فلقلة من استعمله.

قال:

«فصل. تبدل الياء من الواو لاما، لفعلى صفة محضة، أو جارية مجرى الأسماء، وشذ إبدال الواو من الياء لاما لفعلي اسما، فإن كان صفة فلا إبدال» .

ص: 195

فإن قيل: كيف تقول إن هذه أسماء وأنت قد تصف بها إذا قلت: "الدار الدنيا، والمنزلة العليا؟

قيل هذه إن كنت تراها صفات فإنها لا تكون إلا في حال التعريف ولا تقول//: «وأنت في منزلة عليا، ولا في دار دنيا» والصفة لا تلزم صفة واحدة، وإنما شأنها أن تكون مختلفة تارة نكرة وتارة معرفة، فما لزمت هذه كونها معرفة صفة كان كونها كلا صفة، وذا بين". انتهى كلامخ.

وقال أبو الفتح ابن جني: "الدنيا والعليا والقصيا" وإن كانت صفات إلا إنها خرجت إلى مذهب الأسماء، كما تقول في:"الأجرع، أو الابرق" إنها الآن أسماء، فاستعملوها استعمال الأسماء، وإن كانت في الأصل صفات. ألأا تراهم قالوا:"أبرق، وأبارق، واجرع، واجارع" فصرفوا: "أبرقا وأجرعا" وجمعوهما على فعال: "أحمد وأحامد"

وأما: "القصوى وخزوى" فهما في الأصل [صفتان نقول] الغاية القصوى"وأما: "حزوى" فمنقولة عن الصفة كأحمر، فالشذوذ منتف" انتهى كلامه.

ص: 197

قال الزمخشري: "و (فعلى) يقلب واواها ياء في الاسم دون الصفة فالاسم نحو: "الدنيا" وقد يشذ "القصوى وخزوى" والصفة قولك [إذا] بنيت فعلى من: "غزوت: غزوى"

فأقول: الذي أنكرته من قول المصنف قوله: "لفعلى صفة محضة؟ فإنه مخالف لأقوال هؤلاء الذين ذكرتهم.

وقولع: "وشد إبدال الواو والياء لاما لـ "فعلى" اسماً فإن كان صفة فلا إبدال" والتقوى، والدعوى" والأصل:"البقيا، والتقيا، والدعيا" لأنها مشتقات من: "بقيت، وتقيت، ودعيت" وعلة ذلك إرادة الفرق بين الاسم والصف. وخص به الاسم دونها أخف منها، والواو أثقل من الياء فجعل الأثقل مع الأخف تعديلا.

ص: 198

وأيضا فالصفة لا تخلو عن نوع ملاحظة الفعل المضارع قلباً وتصحيحاً، ولذلك اعتل:"قائم، وبائع" ولم يعتل: "مقاوم ومبايع" فإن قلب الاسم، أحمل من الصفة فالقلب به أولى لأنه مكون الفرق، إذا أدوم وأبقى.

وقال أبو الفتح: «إنما قلبوا هنا لأنهم قد قلبوا لام (فعلى) بالضم إذا كانت لامها واواً طلباً للخفة نحو: "الدنيا، والعليا" فلما قلبوا الواو في هذه عوضوا الواو من غلبة الياء عليها في أكثر المواضع ليكون ذلك ضربا من التعويض والتكافؤ» .

ومن المسائل المذكورة ها هنا: "العواء" قال صاحب الصحيح: "العواء: كوكب، وقيل: هي نجوم مجتمعة" قال أبو علي في المسائل الشيرازية: "ذكر أبو إسحق الزجاج أنها مأخوذة من: "عويت يده. أي: "لويتها" وذلك الذي فيها، وأصلها:"عيوا" فقلبت الياء واوا وأدغمت الواو في الواو.

وقال أبو علي: «قولهم: "للعرف ريا" لا يخلو أن يكون من باب "طويت" أو من باب: "حييت" ومن أيها كانت فهي زائدة، فإن كانت من الأول يجب أن يقال: "روا" وإن كانت من الثاني» .

كما في: "نقوى" فيصير: "ريوا" يم يجب قلب الواو ياء وادغام الياء في الياء، وهذا

ص: 199

لا يجوز لأنه يفضي إلى انقلاب الحرف مرتين فيجتمع في الحرف إعلالان.

وعندي فيه نظر وليس موضع بيانه.

وأما «صفة فلا تغير ذلك نحو: حزيا، وحديا» .

قال: «فصل: تبدل الألف بعد فتحة متصلة من الواو والياء المتحركة في الأصل إن لم يسكن ما بعدهما، أو يعل» .

قلت:

الفصل يتضمن إبدال الألف وحذف الواو والياء، فاعلم أن الألف تبدل من الواو والياء إذا تحركا وانفتح ما قبلهما؛ وعلل ذلك بوجوه.

الأول: أن كل واحد منهما مقدر بحركتين، فإذا انضم إلى ذلك حركته وحركه ما قبله أجتمع في التقدير أربع متحركات متواليات في كلمة، وذلك مستثقل فاجتنبوه كما اجتنبوا ما هو دونه في الثقل من اجتماع المثلين في مد ففروا إلى الادغام، كذلك هنا فروا إلى القلب.

والثاني: أن الواو والياء إذا تحركا صار كل منهما بمنزلة حرفي مد فالواو المفتوحة كواو وألف، والمكسورة كواو وياء، والمضمومة كواوين، وكذا حكم الياء، واجتماع حروف العلة مستثقل، فقلبوها إلى الألف لأنه حرف تؤمن معه الحركة.

ص: 200

والثالث: قاله السيرافي وهو أن هذه الأفعال لو سلمت في الماضي للزمها في المستقبل، لأنهم لو قالوا:"بيع، وقول" للزمهم أن يقولوا في المستقبل: "يبيع ويقول" حيث جعلوا الماضي بمنزلة: "يقيل" فيضم الواو وتكسر الياء، وذلك ثقيل لثقل الأفعال:"قاول".

وفي هذا نظر. وذلك به يقتضي أن يكون إعلال الماضي تبعاً لإعلال المضارع، وإعلال المضارع هو الأصل، وإنما إعلال المضارع إنما كان لثقل الضمة على الواو، والكسرة على الياء مع سكون ما قبلهما. وقد استقصيت الكلام على هذا في كتاب:(الإسعاف بتتمة الإنصاف).

وقوله: "بعد فتحةٍ متصلة" يريد أنه لا يكون بين الفتحة والواو حاجز، أو لا ترى

ص: 201

قولك: "قاول، وبايع" فهما وإن وقعا بعد فتحة لكنهما ليسا متصلين بها إذ بينهما حاجز وهو الألف.

فإن قيل: يشكل بقولهم: "كساء، ورداء" وقول التصرفيين إنه قلبت الياء ثم قلبت الألف؟

فالجواب: أن لهم هنا طريقتين:

الأولى: أنهم أجروا الألف مجرى الحركة، وإذا كان كذلك فالواو والياء متصلان بالألف الجارية مجراهما.

والثانية: أن الساكن حاجز غير حصين، فإذا كان صحيحاً فالمعتل أولى بأن يكون كذلك، فكأنهما ووليا الفتحة حتى قبل الألف، ولو أن المصنف قال: بعد فتحة متصلة لفظاً أو تقديراً لكان جيداً.

نعم ربما كان يذهب إلى أنهما قلبا همزة من أول الحال، وقد استجاده عبد القاهر، ولا يحتاج إلى الاحتراز إذاً.

وقوله: "من الواو الياء المتحركة في الأصل" يحترز به من أن تكون الحركة عارضةً، ووذلك كقوله تعالى:{اشتروا الضلالة} [البقرة: 16]، {ولا تنسوا الفضل بينكم} [البقرة: 237]،

ص: 202

وذلك لأنها هنا لالتقاء الساكنين؛ وكذلك قولهم: "صنو، سي" في تخفيف: "صنو، أو سي" إذ أصلهما السكون، وإنما تحركا عند التخفيف، والتحقيق يزيله ويرده إلى السكون الأصلي.

وقوله: "إن لم يكن ما بعدهما" تحترز به من: "دعوى، ورميا" لأنهما لو قلبا ألفاً وبعدهما ألف التثنية لوجب حذف اللفظ الأولى دون التي للتثنية، لأن هذه الثانية لمعنى بخلاف الأولى فيبقى اللفظ في التثنية كاللفظ في الواحد؛ وكذلك:" () وعليان" لو قلبا فيهما لالتقى ألفان: الألف المتصلة وألف (فعلان) الزائدة، فتحذف الأولى دون الثانية ذلك لأنه يصاحب النون ويلازمها فلا يجوز حذفها دونها فيبقى:"ران وعلان" فيصير وزنه: (فعلان) معتل اللام: (تفعال) ولامه نون وصل إنما لم يقلبا لخروج الكلمة بالألف والنون عن الفعل.

وقوله: "أو يعل" يحترز به من "هوى، وشوى" وذلك لأن الأصل: "هوي، وشويٌ" فقلبت الياء التي هي لامٌ ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، ولم يقلبوا العين التي هي الواو لئلا يجتمع إعلالان متواليان في كلمة واحدة.

ص: 203

فإن قيل: فهلا أعلوا العين، وصححوا اللام فقالوا:"هاوى" وشاوى"؟

والجواب: أن إعلال اللام أولى من إعلال العين لتطرفه، ولذلك يكثر الحذف فيه. والضمير في قوله:"ويعل" يرجع إلى ما بعدها، والتقدير: أو يعل ما بعدها، وهذا بين.

قال:

"أو يكون ما هما فيه كـ "عور" فإنه محمولٌ على: أعورٌ، أو كالعور فإنه محمولٌ على: "عور"، أو كـ "اجتوروا" فإنه محمولٌ على: "تجاوروا"، أو كـ "الجولان والصورى" فإن في آخرهما زياد تخص الأسماء".

قلت:

اعلم أنهم لم يقلبوا الواو في: "عور" ألفاً وإن تحركت وانفتح ما قبلها لأنه محذوف من "اعور" ومنتقصٌ منه فجعل تصحيحه إمارةٌ على ذلك.

ص: 204

ومثله تصحيح: "محيط" لما كان محذوفاً من: "محتاط" وإنما حذفت الزوائد لضرب من التخفيف والمبالغة فـ "عور" صحيحٌ لانتقاصه من: "أعور"، و"العور" صحيحٌ لأنه مصدر:"عور"، والمصدر تبع الفعل في الصح والاعلال.

فإن قيل: فهلا عكس الأمر، وكان صحة الفعل لصحة المصدر؟

فالجواب: أن الفعل هو الأصل في الزياد والاعلال لكونه أصلاً في التصرف، وكون الاسم أصلاً في الجمود، ألا ترى إلى قول التصريفيين: لا يجمع زائدان أول كلمة إلا أن تكون جارية على فعل كـ "منطلقٍ" وكذلك لا يراد أول الرباعي إلا فيه كـ "مدحرج".

وقولهم: "إنما يعل الاسم إذا كان على وزن الفعل، إن اخرج عنه لم يعل، فلذلك حمل صح المصدر على الفعل، ولم يعكس؛ وأيضاً فلو جعل المصدر الأصل في ذلك لم يكن لتصحيحه وجه بخلاف الفعل إذ هو كما قدمنا منتقصٌ من: "اعوار"، وكذلك: "اجتوروا" فحمل في التصحيح على: "تجاوروا".

وقوله: "أو الجولان والصورى فإن آخرهما زيادةٌ تخص الأسماء".

اعلم أن في في "الجولان" وشبهه خلافاً، فنقل الزعفراني في تصحيحه أن سيبويه يذهب إلى أن التصحيح إنما كان فيه للحاق الألف والنون واختصاص ذلك بالاسم دون الفعل، و"هاهان، وداران" عنده شاذٌ والقياس: "موهان، ودوران.".

ص: 205

قال أبو علي: "ويقويه تكسيرهم الكلمة عليها، وذلك نحو: "سرحان: وسراحين، و: ورشان، وراشين" فهذا كـ "سرداح".

والمبرد يقول: إن الألف والنون لا تخرجه عن شبه الفعل لأنهما غير معتد بهما حيث قوي بهما الانفصال، ولهذا يصغر الاسم ثم يؤتى بهما كما يصغر ما فيه الياء ثم يؤتى بها.

قال أبو علي الفارسي مقوياً له: تصغيرهم "زعفراناً" على: "زعيفران" فنقلوهما في

ص: 206

التصغير دليل على ذلك: "فماهان وداران عنده قياس، و"الجولان" شاذ.

وقيل لما صحح: "الثوران، والعليان" وحرف العلة فيه لام، واللام محل التغيير صحح في بعض المواضع العين "كالجولان" إذ العين أولى بالتصحيح من اللام لتوسطها، والتغيير إنما يسلط على الأطراف؛ "والصورى" صحح لاتصال الألف التي هي للتأنيث به، ولا شك في أنها لازمة مخرجة للبناء من أبنية الأفعال.

قال:

"أو يقصدد التنبيه على الأصل كـ "مود، غيب".

قلت:

اعلم أن العرب إذا طردوا الاعلال في كلامهم أخرجوا بعض الكلمات مصححاً تنبيهاً على الأصل، وذلك كما مثل به من:"القود" و"الغيب". وكأنهم لما راموا ذلك نزلوا الفتحة منزلة الحرف فصار (فعلٌ) كـ: (فعالٍ)، وجرى "قود" في التصحيح مجرى:"جوار" و"غيب" مجرى: (سيال) فقد انعكس التقدير في الحركة إذ هي سبب الاعلال في: "قام"، وهنا هي السبب في الصحة، ويدلك على إجرائهم الحرف مجرى الحركة قوله:

ص: 207

(في ليلةٍ من جمادى ذات أنديةٍ

لا [يبصر الكلب] من ظلمائها الطنبا)

و"أندية": (أفعلةٌ وأفعلة) تكسير: (فعال) كـ "جراب وأجربة" فلولا إجراؤهم: "نوى" مقصوراً مجرى: "بداء" ممدوداً لما جاز ذلك.

وهنا تنبيه: في التنبيه على الأصل.

وذلك أنه جاز في الأسماء دون الأفعال، وذلك لما تقدم من فرعيه الاسم في الاعلال، وأصالة الفعل فيه، وجاز في العين دون اللام لقوة العين وضعف اللام، وكثر في الواو، وقل في الياء لقرب الياء من الألف وبعد الواو عنها.

واختم هذا البحث بفائدةٍ وأقول: صرح أبو الفتح والعبدي بأن قلب الواو والياء ألفاً إنما كان بعد إضعافهما، ولا يقدر انقلابهما متحركين لأنهما بها تحصنا من التغيير.

فإن قيل: فهلا قلبا في: "القول والبيع"؟

فالجواب: أن الحرف إذا كرهت الحركة عليه جعل تسكينه وصلةً إلى تغييره، فإذا كان ساكناً فلا كراهية فيه.

ص: 208

وقال السخاوي قلباً متحركين لثلاثة أوجه:

الأول: أن التغيير كلما قل كان أولى، وعلى قولها يحصل تغييران: إسكان وقلب، وعلى قولي يحصل تغيير واحدٌ، وهو القلب.

والثاني: أن هذا الإسكان لم يلفظ به فلا فائدة في تقديره.

والثالث: أن المقصود الإسكان، فلو سكن لم يكن وجهٌ إلى القلب".

وعندي لا يلزم ما ذكره، وذلك لأن الانقلاب بموجب ما يقتضيه التصغير لا ينكر، أو () التغيير الذي في:"خطايا" وأنه يقدر أن الياء منقلبةٌ عن الهمزة المنقلبة عن الياء في: "خطيةٍ"، ولم أجد أحداً أنكر ذلك حيث اقتضاه القياس، وكذا الناس استحسنوا

ص: 209

الباب الذي وسمه أبو الفتوح بباب ملاطفة الصنعة ومبناه على التدريج في القلب، وأنه لا يقلب ذلك من غير ملاطفة.

وقوله: "السكون" لا يلفظ به غير لازم لأن كل ما يقدر بسكونه لا يلزم النطق به، ألا ترى أن "قيل" حيث تقلب الكسرة في الواو إلى القاف ثم قلبت الواو ياء ليس لقائلٍ أن يقول: هذا لا يجوز لعدم النطق به، وهذه الأشياء التي يقولها التصريفيون إنما تقدر أصلاً لازماً ووقتاً ومولداً لغرض السكون، فلو حمل لما قلبت الواو والياء ألفاً غير لازم لأن الغرض القلب إلى حرف تؤمن معه الحرك، وهو الألف وليس هو مطلوباً لنفسه، فاعرفه.

قال:

"ويحذفان بعد الإبدال إن ضمتا، أو كسرتا لامين قبل واوٍ أو ياءٍ ساكنٍ مفردةة".

قلت:

يريد بذلك قولك: "هؤلاء غازين، ومررت بغازين" وأصله؛ "غازُوُن وغازُوِن" فأستثقلت الضمة والكسر على الواو وهو الزاي بعد إسكانه، إذ الحرف يستحيل استعماله بحركتين، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين هم واو الجمع أو ياؤه.

ص: 210

وكذا حكم ما لامه ياء نحو قولك: "هؤلاء رامون، ومررت برامين" والأصل: "راميون" فعل ما ذكرنا.

وإنما نقلت الضم في: "غازون ورامون" ولم تحذف محافظة على واو الجمع، وصناً لها عن التغيير، ألا تراك لو حذفتها لوليت الواو المذكورة كسرة الزاي والميم، فكان يجب قلبها ياءً.

فإن قيل: أما علة النقل مع الواو فواضحةٌ ولكن الإشكال مع الياء لو لم نقدر نقل الكسرة من الياء إلى ما قبلها لم يتغير لأن ما قبلها مكسور؟

فالجواب: أن قاعدة العرب والنحاة أنه إذا حصل في بعض الكلمة إعلال لعلة أعل في ياءٍ تحمل عليه وإن خلا منها، ألا ترى أن حذفهم الواو من:"أعد، وبعد، ونعد" حملاً على: "تعد"، وكذلك حذفوا الهمزة من:"مكرِمٍ ومكرَمٍ، ونكرم" حملاً على: "إكرم". وكذلك حمل قلب الواو ياءً في: "رايت غازياً" على: جاءني الغازي،

ص: 211