الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: "فإن لم تثبت
زيادة الألف
بدل لا أصل إلا في حرف أو شبهه". قلت: الألف في الأسماء المعربة والأفعال لا تكون إلا زائدة أو منقلبة فإن لم تكن زائدة فهي منقلبة، وألفات الحروف أصول غير زائدة، ولا منقلبة. أما الأول فلن الحرف لا يشتق ولا يشتق منه فانسد () باب عرفان الزيادة منه، وأيضاً فإن ذلك تصرف لا يليق به. وأما الثاني: فلأن ألف "لا" لو كانت من الواو لقيل: "لو" ولو كانت من الياء لقيل: "لي" وذلك لأنه الحرف مبني على السكون وإنما تقلب الواو مع تحركهما وانفتاح ما قبلهما وأيضاً فإن ذلك تصرف وهو بعيد منه. نعم لو سمي بالحرف الذي آخره ألف نحو (ال) لحكت أن ألفه منقلبة عن واو لكونها لم تُمل، ولذلك يقولون في التثنية: "ألوان". فإن قيل: قد تقدم أنها ليست بمبدلة فلم لم تقلب واواً من حيث ليس لها أصل في الواو ولا في الياء؟
فالجواب لما سمي به خرج إلى حكم الأسماء المتمكنة فقضي على ألفه كما قضي على الألف التي لا تسوغ أمالته كـ (قفا)، وكما قيل:" قفوان" قيل "الوان"، و"نظير ذلك:"ضرب" فإن حكمه إذا سمي به مخلوعاً فيه الضم أن يعرفب فيقال. "ضرب" ورأيت ضرباً، ومررت بضرب.
وقوله: "أو شبهه" يعني ما أشبه الحرف من الأسماء نحو: "إذا، ومتى، وأنى، فإن قيل: فلم حكمتم في ألف "ذا" المشار به بالانقلاب وهو كذلك؟ فالجواب: أن ذلك استجيز فيه لدخول أحكام الأسماء المعربة عليه من وصفه، والوصف به، وتصغيره، وتثنيته، إذ ألفه منقلبة عن ياء بدليل إمالتها، وإذا كانت العين ياء وجب أن تكون اللام كذلك لأن سيبويه نص على أن "حيوت" ليس في لغتهم.
وأما "الحيوان" فالواو فيه منقلبة عن الياء التي هي في: "حييت" والأصل // "حييان" فلما كره اجتماع مثلين قلبت الثانية واواً. فإن قيل: فلم قلبت الثانية، وهلا قلبت الأولى؟ فالجواب: أن إعلال اللام أولى من العين، ولذلك كثر الحذف فيه وقل في العين؛ وذهب أبو عثمان إلى أن واوه غير منقلبة وأنه مصدر فعل لم يستعمل، وشبهه بقولهم:"فاظ الميت يفيظ فيظاً"، و"فوظ" مصدر فعل لم يستعمل، وأجازه بعض المتأخرين. فإن سمي بـ "حكم على ألفه بالانقلاب فقيل في تثنيته:"إذوان"، فاعرفه. قال:"وزيدت النون في نحو: نفعل، وانصرف، واحرنجم، ومسلمين، وغضنفر". قلت: زيدت النون في أول المضارع إذا كان المتكلم مع غيره، أو للواحد العظم كقولك:"نكتب"، وزيدت للمطاوعة في:(انفعل) كقولك: "كسرته فانكسر، وجبرته فانجبر" وهو يناسب هذا المعنى. إلا ترى أنه حرف أغني خفيف فيه سهولة، وامتداد إلى
الخيشوم فكان مناسبا لمعنى السهولة والمطاوعة. وزيدت في: "احرنجم" ووزنه: "إفعلل"، والفعل الرباعي. زيدت بعد التثنية كقولك:"الزيدان" و"العمران" عوضاً عن الحركة والتنوين اللذين كانا في الواحد لأن الاسم يستحق الحركة والتنوين بحكم الاسمية والتمكن، فلما ضم إليه غيره لا سبيل العطف وزيد عليه حرف لمعنى التثنية، وامتنع ما قبله من الإعراب والتنوين وألزم حركة واحدة، ولم تكن التثنية أزالت عنه ما كان له عوض. نعم، قد كان ينبغي أن يكون العوض أحد حروف العلة غير أنهم لو فعلوا ذلك للزمهم انقلابه لوقوع ألف التثنية قبله، أو حذفه لاللتقاء الساكنين. وهنا تنبيه؛ وهو أن بعضهم يفتح هذه النون. قال:
(أعرف منها الأنف والعينانا
…
ومنخرين أشبها ظبيانا)
ويحتمل ذلك وجهين:
أحدهما: أن ذلك التقاء الساكنين، وهذه الحركة لا تأتي على منهاج واحد، ألا ترى أنهم قالوا: "رد، ورد، وأمس، وعِوض، وعوض، فكما كانت محركة بالكسر حركت عند هؤلاء بالفتح.
والثاني: أنه يجوز أن يكون ذلك حرف للإعراب تشبيهاً بالجمع حيث يقولون: " مضت سنين" ومن قوله:
(دعاني من نجد فإن سنينه
…
لعبن بنا شيباً وشيبننا مردا)
فعلى حركة النون حركة إعراب، وعلى الأول حركة بناء.
وللفراء مذهبان في النون التثنية وكسرها استقصيت الكلام في المسائل الخلافية. وزيدت في جمع المذكر السالم، والكلام عليها كالكلام على نون التثنية. وزيدت ثالثة ساكنة في نحو "عقنقل" و"جحنفل". وإنما حكم بذلك لأنها وقعت لموقع الألف الزائدة، ألا تراهما قد تعاورتا الكلمة الواحدة في نحو:"شرنبث"
و"شُرابث"، و"حَرِنفَش"، و"حَرافش" فالألف هنا زائدة، لأنها لا تكون أصلاً في بنات الأربعة؛ وكذلك ما وقع موقعها من حروف الزيادة؛ وقيل: لوقوعها موقع ما لا يكون إلا زائداً وهو حرف العلة نحو: "فدوكس" و"سميدع" و"عذافر". وهنا تنبيه؛ وهو أن الكلمة التي فيها النون ترد تارة موافقة للأصول نحو: "جَحَنْفَل". ألا ترى لولا زيادة النون لكان كـ "سَفَرْجَل"، وتارة مخالفة كـ "قَرَنْفُل" إذا ليس في الأصول "سفرجل" بضم الجيم.
قال:
«والتاء في: تفعل، وتفعل، وتفاعل، [وتفعلل]، وافتعل ومسلمة» .
قلت:
تزاد التاء في الفعل المضارع كقولك: "تفعل" وهي للمؤنثة الغائبة وللمخاطب، والمخاطبة، والمخاطبين، والمخاطبتين، والمخاطبين، وتزد: غب (تفعل) // وهو مطاوع (فعل) كقولك: "ناولته فتناول"، و (تفوعل) مطاوع:(فوعل) كـ"ضوربته فتضورب" و (تفعيل) مطاوع: (فعيل) كـ "بيطرته فتبيطر" و (إفتعل) مطاوع (فعل)، كـ"شويته فاشتوى).
واعلم أن النون أقعد في المطاوعة من التاء، والتاء محمولة عليها في ذلك لأنها أختها في الزيادة وقريبة منها في المخرج. ولشدتها طاوعت في بنات الأربعة، ولسهولة النون طاوعت في بنات الثلاثة وتزاد علامة التأنيث في نحو:"قائمة"، و"قاعدة"، فهذه التاء علم التأنيث والهاء بدل منها في الوقف، وذلك لأن التاء هي الثابتة في الوصل الذي تجري فيه الأسماء على الأصل، والهاء الثانية في الوقف الذي تخرج
فيه الأشياء عن أصلها ولهذا كان فيه البدل، ونقل الحركة، والتضعيف، والروم، والاشمام، وغير ذلك فهو خارج عن الأصل، ويقويه أن بعضهم يقف بالتاء، ومنه قول الشاعر:
(الله نجاك بكفي مسلمت
…
من بعد ما [وبعد ما] وبعدمت)
(صارت نفوس القوم عند الغلصمت
…
وكادت الحرة أن تدعى أمت)
والكوفي يذهب إلى أن الهاء الأصل، والتاء بدل منها، وقد ذكرته في المسائل الخلافية.
قال:
«والسين معها في: استفعل وفروعه» .
قلت:
السين تزدا زيادة مطردة في: (استفعل) وهو على ضربين:
متعد نحو: "استخفه" و"استأخر" ويكون فعل منه متعديا نحو: "علم" و"استعلم"، و"فهم" واستفهم، وغير متعد:"قبح" واستقبح" و"حسن واستحسن" وله أربعة معان:
أولها: الطلب. كقولك: "استعطيت زيدا" أي: طلبت منه العطية.
وثانيها: الإصابة كقولك: "استكرمته" أي: أصبته كريما.
وثالثهما: أن يكون للتحول من حال إلى حال، كقولك، "استنوق الجمل" إذا تخلق
بأخلاق الناقة.
ورابعها: أن يكون لمعنى: (تفعل) كقولك: "تكبر واستكبر"، والغالب على هذا البناء الأول، والثاني يحفظ.
وقوله: "معها" أي: مع التاء.
وقوله: "وفروعه" أي: مع المستقبل، والمصدر، اسم الفاعل، واسم المفعول والأمر، والنهي. كقولك:"استخرج، يستخرج، استخراج، فهو مستخرج، ومستخرج، واستخرج، ولا تستخرج".
قال:
«والهاء وقفا في نحو: اقتده ولمه» .
قلت:
الهاء تزاد زيادة مطردة، وتكون في نحو "فيمه، ولمه" والأصل: "فيما، ولما" ولكن حذفت ألف ما الاستفهامية لما دخل عليها حرف الجر فرقا بينها وبين الخبرية التي
هي موصول، وكان الحذف من الاستفهامية أولى لأن الموصولة مع صلتها كلمة واحدة فالألف حينئذ حشو، وألف الاستفهامية طرف، والتغيير إلى الطرف أسرع منه إلى الحشو، وربما جاءت الألف ثابتة في الشعر. قال الكميت:
(إنا قتلنا بقتلانا سراتكم
…
أهل اللواء ففيما يكثر القيل)
وقال الآخر:
(على ما قم يشتمني لئيم
…
كخنزير تمرغ في دمال)
والدمال: السرجين.
ولما حذفت الألف بقيت الفتحة دالة عليها فكرهوا حذفها في الوقف فيزول الدليل والمدلول عليه، فزادوا الهاء ليكون الوقف عليها، وتسلم الفتحة الدالة على الألف. وقد وقف ابن كثير على:"عم" في قوله سبحانه: {عم يتساءلون} [النبأ: 2] بالهاء.
ومثل ذلك: "أغزه، وارمه، واخشه" أتو بالهاء مخافة مجيء الحركات الدالة على الألفات المحذوفة.//
وهنا تنبيهان:
الأول: أنها على ضربين لازمة وغير لازمة، فاللازمة إذا كان الفعل [الذي] تلحقه هذه الهاء على حرف واحد نحو:"عه، وقه".
وغير اللازمة إذا كان ما تلحقه على أكثر من ذلك نحو: "لمه، وفيمه، واغزه، وارمه، واخشه".
قال سيبوية: الأكثر في الوقف على "اغز" وشبهه بالحاق الهاء، ومنهم من لا يلحقها فيه.
فأما: "قه" فحكمها لحقها فيه.
والثاني: أنها تلحق الحركات المتوغلة في البناء من حيث كان موضوعة على اللزوم والثبات، ولا تدخل على حركات في الإعراب، ولا على ما يشبهها كحركة الفعل الماضي، والمنادى، والغايات، ولهذا استشكل أبو علي الهاء في قوله:
(أرفض من تحت وأضحى من عله)
ولا يكون هاء سكت لما ذكرناه، ولا يكون هاء ضمير لأن الغاي متى أضيفت أعربت.
وقال ابن الخشاب في الشرح (العوني) إنها بدل من الواو في "علو" وأحد اللغات في هذه الكلم. ونظيره قول الشاعر:
(وقد رابني قولها يا هنا
…
هـ ويحك ألحقت شراً بشر)
والأصل: "هناؤ" (فعال" من "هنول" فادلت الواو هاء، وقد استقصيت هذا في "المسائل الخلافية"
قال:
قلت:
اللام قلت زيادتها، واستبعد الجرمي كونها من حروف الزيادة، وعليه أنها أبعد الحروف شبها بحروف العلة، وقد زيدت في أسماء الإشارة لتدل على بعد المشار إليه، فهي نقيضة (ها) فالتي للتنبيه الدالة على القرب ولذلك لا يجتمعان لتناقضهما، وحركت لالتقاء الساكنين، وكسرت لئلا تلتبس بلام الملك، فقالوا: ذلك.
ويعني (بإخواته) التثنية، والجمع، والمؤنث، وتثنيته وجمعه كقولك:"ذلك، وذلكم، والإلك، وتلك، وتلكما، وتلكن" وقد حذفت ياء "تي" لالتقاء الساكنين الياء واللام.
نعم لم تحرك كما حركت في ذلك فراراً من وقوع التاء بين كسرتين وذا مستثقل، أو لا ترى تحريكها في:"تالك" حيث انتفى ذلك الجمع المستكره. وهنا تنبيهان:
- الأول: أن أسماء الإشارة بالنسبة إلى الكاف وحرف التنبيه ترد على أربعة أوجه:
أحدهما: أن تستعمل بهما كقولك: "هاذاك"
والثاني: أن تتجرد منهما كقولك: "ذا".
الثالث: أن تستعمل بالكاف وحدها كقولك: "ذاك"
والرابع: أن تستعمل بحرف التثنية وحده كقولك: "هذا".
- والثاني: أن هذه الكاف حرف خطاب لا موضع لها من الإعراب بدليل أنها لا تكون رفعا لعدم الرافع، ولا نصبا لعدم الناصب ولا جراً إذ لا يكون إلا بحرف الإضافة، وهو غير موجود، أو بالإضافة وهو ممتنع لأن أسماء الإشارة معرفة فما أغناه عنها.
ومن طريف زيادة اللام ما حكاه لي شيخي الثقة سعد المغربي عن الشيخ النظام الواسطي أن أبا علي الفارسي ذهب إلى أن اللام في: "ورتتل" زائدة وذلك أنه لا سبيل إلى جعل الواو زائدة لأنها أول الكلمة، وهي لا تزاد كذلك، ولا سبيل إلى جعلها أصلا إذ الكلمة الثنائية فصاعداً لا تكون حروف العلة فيها إلا زوائد لما لم يعرض التكرير وقد سلف هذا.
فإذا كانت اللام زائدة زال الإشكال إذ الكلمة أنها كانت ثلاثية بالواو والمراد أن تكون ثلاثية بغيرها.
ولو بنيت مثله من "أأأه" لقلت: أوبال فإن خففت الهمزة قلت: "أوبل" فنقلت حركتها إلى الساكن قبلها وحذفتها وجاز// اجتماع أربع متحركات لأن التحقيق هو الأصل وفيه لا يحصل ذلك فاعرفه.
قال:
«ونقل زيادة هذه الأحرف خالية مما قيدت به، ولا يسلم ذللك إلا بدليل.»
قلت:
الهمزة إذا وقعت حشواً كانت أصلا لا زائدة، ولا يحكم عليها بالزيادة إلا بدليل،
فالهمزة في "شمأل" و"شأمل" زائذة لقولهم: "شملت الريح" ووزنها: "فعال" و (فأعل)، فنقول من:"أويت" على الأول: "أوأي" وأصله: "أوأي" فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت الفاً، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين، وإن خففت الهمزة قلت: أوي.
ونقول على الثاني: "أاوي" فالهمزة لأولى فاء، والثانية زائدة، فقلبت الثانية الفاً لسكونها وانفتاح ما قبلها ووجب القلب كراهة لاجتماع الهمزتين، وقلبت الثانية ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت لما ذكرنا.
والهمزة في: "أحبنطي" زائدة، وكذلك النون لأنها من "الحبط" فوزنه:"أفعلاء" وكذلك الميم إذا وقعت حشوا، أو آخراً حكمها أن لا يحكم عليها بالزيادة إلا بدليل، فمن ذلك الميم في دلامص، ذهب الخليل إلى أنها زائدة لقولهم:"درع دلنص، ودلامص" فسقوطها في الاشتقاق دليل على زيادتها، وقيل:"دلمص" فحذفوا الألف
كما قيل: "هدبد".
وقال أبو عثمان المازني: لو قال إن "دلامصا" من الأربعة معناه: "دليص" وليس بمشتق منه لكان قولا قوياً كما أن "لآلآ" فيه بعض حروف "اللؤلؤ" وليس منه. ألا ترى أن: (فعالا) إنما يبني من الثلاثي و"لؤلؤ" رباعي، وروى أبو عبيدة عن الفراء أنه كان يقول لبائع اللؤلؤ:"لأأ" بوزن: (لعاع)، وكره قول الناس:"لأل" قال ابن بري المصري: وإنما اختار "لأاء" لكون اللؤلؤ لامه همزة فاختيار أن يكون المشتق منه كذلك، وهذا غلط منه لأنه خالف المسموع وهو:"لأءل" وكلاهما خارج عن القياس؛ أما: "الأول فإنه مبني من "لأل" والهمزة الأخيرة ساقطة، أما "لأ" فإنه مبني من: "لأأ" واللام ساقطة، فالأصل المسموع أولى. وأيضا فقول الفراء ضعيف لأنه
خالف قياس كلام العرب، ألا ترى أنهم إذا اشتقوا من الرباعي ثلاثيا حذفوا الرابع من الكلمة وهو آخرها فقالوا:«الأرض مثعلة، وتعقرة» للكثيرة العقارب والثعالب فحذفوا الباء وهو الحرف الرابع، وكذلك فعلوا في "لآلء" () وتقول في مثال "دلامص" من "وأيت" على قول الخليل:"وأأم" وأصله: "وأامي" فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، فإن همزة الواو لكونها مضمومة اجتمع همزتان فقلبت الثانية واواً فقيل:"أوام"
وعلى قول أبي عثمان المازني: "وأي واواي" وسلمت الياء الثانية وإن كانت بعد ألف زائدة لأنها ليست طرفا إذ بعدها ياء أخرى بعدها صاد دلامص حذفت لالتقاء الساكنين.
والميم في: "زرقم" زائدة لأنه مأخوذ من: "الزرقة" ووزنه: (فعل).
قال:
"ونون: "رعشن" و "بلغن" في "الرعش، والبلوغ"، وها/ "أمهات" و"هبلع" في "الأمومة والبلع"
قلت:
النون في "رعشن" و"بلغن" زائدة لأنها من: "الرعشة، والبلوغ" ووزنهما: (فعلن)، وقبلها:"ضيفن" عن أبي عثمان. وعند أبي زيد أن النون أصلية، والياء زائدة، ووزنه:(فيعل) كـ "صيرف"، و"خيفق" وقال بعضهم: هذا قوي لكثرة: (فيعل)، وقلة:(فعلن).
وأما "أمهات" فالهاء زائدة ووزنه: "فعلمات" والواحدة "أم"، فالهمزة فاء، والميم عين، والميم الثانية لام، وهذا يدل على الزيادة، وكذلك "أمات"، وقد غلبت "الأمهات" على الأناسي، و"الأمات" على البهائم، وقد جاءت "الأمهات" منهما جميعاً.
وأجاز أبو بكر بن السراج أن يكون الهاء أصلا كقولهم في الواحد: "أمهة" قال الشاعر
(أمهتي خندف والبأس أبي)
وفي كتاب العين: "تأمهت أماً" قال أبو الفتح: والأول أظهر كقولهم: أم بينة الأمومة// وأمهة شاذ، و"تأمهت" أشذ منه، وهو من مسترذل الكتاب المذكور.
والتحقيق في هذا أن قولهم: "أمهة وتأمهت" معارض ب"أم بينة الأمومة" والرجيح للنقل والقياس. أما النقل فلأن "الأمومة" نقلها ثعلب، وتأمهت، وأمهته حكاهما صاحب العين وفيه من الاضطراب، والتصريف الفاسد ما لا ينكر.
وأما القياس فإن اعتماد زيادة الهاء أولى من اعتماد حذفها لأن ما زيد أضعاف ما حذف.
وعندي أن مذهب ابن السراج قوي، وذلك لأنه لا يجوز أن تعادل رواية الخليل رواية غيره، والعين وإن وقع في تصريفه غلط فذلك منسوب إلى الأصحاب الذين نقلوا عنه لا إليه، وفي كتاب الفصيح على قلة أوراقه أغلاط كثيرة نبه عليها شارحوه.
وأما قوله: «إن ما زيد فيه أضعاف ما حذف منه» فلا يلزم لأنه نقول: "أم وأمهات" ثلاثيات والهمزة فاء، والميمان عين مضاعفة، والهاء لام فهي إذا ما يععقب عليه لامان: الهاء تارة"، والميم أخرى، وهذا له نظائر ك، "سنة، وعضة" على رأي.
في مثله على الأول من: "وأيت""وأيل" وعلى الثاني: "ويأي" فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فإن خففت الهمزة قلت:"ويي".
وقوله: (كلزوم عدم النظير بتقدير أصالة نون نرجس) يريد أن نون "نرجس" بفتح النون زائدة إذ لو كانت أصلا لكان الوزن (فعللا)، وهو بناء معدوم في الرباعي، وكذلك حالها مع الكسرة لثبوت زيادتها مع الفتح.
فإن قيل: فكيف حكم بزيادة النون في "نرجس" وهي أعجمي مجراه مجرى الحروف؟
فالجواب أنه لما تكلمت العرب بذلك وفرقته في الجمع والتصغير وغيرهما أجروه مجرى العربي، وكذا حكم على ألف:"لجام"، وواو:"نوروز" وياء: "إبراهيم" بالزيادة لقولهم: "لجم"، ونواريز، وأبارهمة" "ويا هناه" على رأي، وهذا بين.
و"هبلع" هاؤه زائدة عند الخليل لأنه من: "البلع"، وهو الأولى؛ والذي عليه الأكثرون أنها أصل لقلة زيادتها، فوزنه على الأول:(هفعل)، وعلى الثاني:(فعلل).
قال:
«ولام فحجل، وهدمل في: أفحج» وهدم، وكلزوم عدم النظير بتقدير أصالة نون: نرجس، وعرند، وكهنبل، وتاء: تنضب".
قلت:
اللام في: "فحجل"، و"هدمل" زائدة للاشتقاق، وهو واضح؛ ومثلهما:"عنسل" إذا أخذ من: "العنس" فالنون عين، واللام زائدة؛ وإن أخذ من:"العسلان" فالنون زائدة، واللام أصل، وهو رأي سيبويه، فتقول: قال الزعفراني: وقد يشتق من الأسماء الأعجمية كاشتقاقها من الأسماء العربية، وذلك نحو قول رؤبة، أنشده أبو علي:
(هل يتجيني حلف سختيت
…
أو فضة، أو ذهب كبريت)
فـ"سختيت" مشتق من: "السخت" وهو الشديد. ومع ذلك قلنا الحكم على الأعجمي بالزيادة قياسا على العربي، وبتقدير أنه لو كان عربيا لكان كذا.
فإن قيل: فهلا جعلتم النون أصلا وإن خالفت الكلمة الأصول حملا على ما ذهب إليه أبو الحسن الأخفش في "جالينوس" من كونها أصلا وإن خرج الوزن على الأصول؟
فالجواب: أن الفرق بينهما: كون: "جالينوس" علما في لغة أهلى كـ"زيد وعمرو" في لغة العرب، وقد تقرر أن الإعلام يستجاز فيها ما لا يستجاز في غيرها، وليس كذا في "نرجس" لأنه اسم جنس فاعرفه.
ونون: "عرند" زائدة لثلاثة أوجه:
الأول: أن: (فعنلا) ليس في الكلام، وهو الذي أراد المصنف، فإن قيل: ففي كلامهم: "جبن" و"عتل" وهما (فعل)؟
فالجواب أن المراد أن يكون اللامان مختلفين كـ"دحرج". مثلا، ولاما:"جبن، وعتل" من حرف واحد.
والثاني كونها ثالثة ساكنة.
والثالث: سقوطها في الاشتقاق. أنشد عبد القاهر في المقتصد:
(والقوس فيها وترعرد)
ونون: "كنهبل" زائدة لعدم: (فعلل) كـ"سفرجل" بضم الجيم.
وأما: "تنضب" ففيه ثلاث لغات: الأول: فتح التاء وسكون النون، وضم الضاد المعجمة، والباء زائدة لعدم:"جعفر" بضم الفاء للاشتقاق من: "نضب".
والثانية: بضم التاء، وسكون النون، وفتح الضاد.
والثالث: بضم التاء والضاد وسكون النون، والتاء زائدة لثبوت ذلك في اللغتين والاشتثاث، وهذا جلي.
قال:
«فصل وتبدل الهمزة من كل واو وياء تطرفت لفظاً أو تقديراً بعد ألف زائدة» .
قلت:
يريد نحو "كساء ورواء" وأصلهما: "كساء وردائي" بدليل قولهم: "كسوت، والردية"، ولا دليل في:"ترديت"لاحتمال أن تكون التاء منقلبة عن الواو لوقوعها رابعة كما في: "أصليت، وأدنيت"؛ وقال الأصفهاني: يدل على انه من الياء قولهم في التثنية: "ردايان" وأرى فيه نظراً، وذلك أن الهمزة التي حكي فيها قلبها ياء إنما هي همزة التأنيث كـ"حمراء".
ونقل عن الكسائي أنه يجيز في ذلك للافراد كقولك: "حمراءان" وقبلهما ياء كقولك: "حمرايان فإن كانت أصلا كـ"قراء" وجب اثباتها إلا أن يجيء القلب في شذوذ. وإن كانت منقلبة عن أصل نحو: "كساء" و"رداء" جاز الاثبات والقلب واواً نحو: كساأان وكساوان" والأول أحسن
وإن كانت منقلبة عن حرف زيد للالحاق نحو: "حرباء" جاز الاثبات والقلب واواً، والثاني أحسن، ولم أر أحداً ذكر جواز القلب في هذه الهمزة ياء، فلما وقعتا طرفاً بعد ألف زائدة، والألف في حكم الفتحة لزيادتها في مخرجها تبين ذلك أنهم أجروا (فعالا) في التكسير مجرى (فعل) نحو:"جواد واجواد" فصار ذلك كـ"علم وأعلام" و"جيل وأجيال" وكذلك اجروا (فعيلا) مجرى (فعل) قالوا: "يتيم وأيتام" فصار ذلك كـ"كتف وأكتاف" فقلبتا حينئذ الفين كما تقلبان بعد الفتحة، فالتقى ألفان الأولى زائدة والثانية المنقلبة غير أنهم كرهوا حذف إحداهما لزوال المد المقلوب، فحركوا الثانية ليحصل المد، ولأنها متطرفة فتغييرها أولى لأن لها أصلا في الحركة فانقلبت همزة من كل واو وياء) فيه أرسال إذ الهمزة منقلبة عن ألف انقلبت عن احداهما، فالألف أصل الهمزة الأقرب، وهما أصلهما الأبعد.
وقوله: (تطرفت) أي كانت الواو والياء طرفا، والطرف محل التغيير ولهذا كثر الحذف فيه ويكفيك أن الإعراب محله ذلك.
وقوله: (تقديراً) يريد نحو: "عباءة وصلاءة" إذ الأصل"عباية وصلاية" غير أن تاء
التأنيث حيث كانت زائدة على المذكر داخلة على حروفه ومقدراً فيها الانفصال جرى التاء مجرى المتطرفة في التقدير.
وقوله: (بعد ألف زائدة) يحترز به من نحو: "آي" جمع: "أية" و"راي" جمع راية للعلم، والأصل فيهما:"آيي" و"روي" بدليل قولهم: "إياء" ولم يقولوا: "إواء" من: "رويت الحديث" إذا أظهرته، إذ الراية تظهر أمر صاحبها، فالألف فيها منقلبة عن أصل، وإنما لم يجز القلب لأمرين:
أحدهما: أنه كان يؤدي إلى اجتماع إعلالين، وقلب العين ألفا، وقلب اللام همزة.
والقاني: أن الألف الزائدة لزيادتها تجري مجرى الحركة الزائدة بخلاف الألف الأصلية.
وهنا تنبيه: وهو أنهما مخالفتان للقياس وذلك لأن العين واللام إذا كانا// حرفي على أعلت اللام دون العين وذلك نحو: "طوى" و"شوى" وقد رأيت كيف أعلت عيناهما دون لاميهما وهذا واضح.
قل:
«أو كانت عين فعل أعتلت فيه عينه» .
قلت:
اسم الفاعل لما كان بينه وبين الفعل مضارعة ومشابهة، وذلك لأنه جار عليه في عدة حروفه، وسكونه، فـ"يضرب" كـ"ضارب" ولذلك عمل عمله وجب أن يصح بصحته، ويعتل باعتلاله ليكون العمل فيهما من جهة واحدة، ولولا اعتلال فعله لما اعتل، فإذا قلت:"قائم" فالأصل: "قادم" لكن حيث قصد اعلاله فأما أن يكون بالحذف أو القلب، فالأول ممتنع لأنه مزيل لصيغة اسم الفاعل ويصيرها إلى لفظ الفعل فخيف اللبس.
فإن قيل: الإعراب والتنوين يفصلان بينهما فإذا كانا فيه علم انه اسم فاعل، فإذا تجرد منهما علم أنه فعل؟
قيل: لا يكفي ذلك في الفرق لأنه قد يوقف عليه فيزول الإعراب والتنوين فيحصل اللبس عند ذلك، ولما تعين القلب عدل إليه فقيل: قلبت العين همزة () من غير تلاح وهو قول عبد القاهرة.
وقيل: قلبت العين ألفا لوقوعها بعد ألف زائدة قريبة من الطرف كما قلبوا الواوين في: "صيم" حملا على: "عصي" ثم قلبوا الألف همزة.
فإن قيل: صيم يجوز فيه الأصل فيقال: "صوم" و"قائم" لا يجوز فيه الأصل، فما الفرق بينهما؟
قيل: الاعلال في اسم الفاعل إنما كان لاعلال الفعل فوجب فيه لوجوبه، ثم لما وجب الاعلال لذلك، وقربت الواو من الطرف () قدم انقلابها القائم قلبت الألف همزة، وهذا غير موجود في:"صيم".
ونقل عن أبي الفتح أنه قال: لما قلب العين فقي "قام" وبنيت اسم الفاعل منه (جئت بألف أخرى) فانعقد الفان وامتنع الحذف لما تقدم تحركت الثانية بالكسرة فصارت همزة، واستضعف لأنه لو كان الأمر على ما ذكره لقيل:"مقيئم" بالهمز لأن الألف في الماضي نقلت إلى اسم الفاعل ثم حركت يا بالكسر فصارت: همزة ولا قائل بذلك.
وقوله: (فعل أعتلت عينه) محترز من نحو: "عرف" فهو: "عارف" فإن عين اسم لفاعل تصح لصحتها في الفعل فاعرفه.
قال: «ومن أول واوين صدرتا، وليست الثانية مدة مزيدة، أو مبدلة» .
قلت:
التضعيف في أوائل الكلمة قليل لأن اجتماع المثلين مستثقل، والادغام متعذر، فقد جاءت ألفاظ واوها وعينها من جنس واحد ولكن فصل بينهما نحو:"كوكب" و"ديدن" ومنه: "ديدن" ومنه: "أبنبم" وزنه: (أفنعل)، فالهمزة زائدة، والباء الأولى فاء، والنون زائدة والباء الثانية عين، والميم لام. وإنما دعاهم إلى ذلك الحرص على زيادة الهمزة، ولولا ذلك لجاز أن يكون:(فعنعلا) كـ"عقنقل" ويؤكد ذلك أمران:
الأول: أنه () اسم.
الثاني: أنه لا يؤدي إلى جعل الفاء والعين من جنس واحد.
فإن قيل: فإن كان الحرص على زيادة الهمزة كذا فما بال إبي عثمان المازني يجعل: (أما) إذا سمي بها: (فعلى) كـ"سلمى" ولا يجعلها: (أفعل)، والهمزة زائدة فراراً من جعل الفاء والعين من جنس واحد؟
قيل: الفرق بينهما مجيء الفصل في "أبنبم" وعدمه في "اما" فقد سوغ الفصل بالولاء لما ساغ. أو لا ترى أن "سير وسيار فنطقوا بالنون.
والرافع الفصل الواقع بينهما، ولم يقولوا:"سير" فيجمعوا بينهما متلاصقين؛ ولو قيل: إن (أفعل) حرصا على زيادة الهمزة كون الفاء، والعين من جنس واحد جواز الإدغام وزال الفصل بذلك لم أر به بأسا.
وبينه قول أبي علي الفارسي في المسائل الشيرازية أن"أول"(افعل)، وفاؤها واو، وعينها كذلك، وجوزه الإدغام، بخلاف:"ددن" و"أواول" التضعيف في الحروف
الصحيحة أمتنع في الواو لثقلها كيف وهي معرضة لدخول واو القسم عليها، أو واو العطف فتجمع ثلاث واوات وذلك مستثقلات جداً، فإذا جمعت:"واصلة" قلت: "أواصل" والأصل: ، ، // "وواصل: فالواو الأولى الفاء، والواو الثانية منقلبة عن ألف "واصلة كما قلبتها في "صوار" فاجتمع واوان، فقلبت الأولى همزة وهنا سؤلان.
أحدهما: لم قلبت الأولى دون الثانية؟
والجواب: أن الحرف الواقع طرفا أولى بالتغيير مما ليس كذلك.
والثاني: لم قلبت همزة دون غيرها؟
والجواب: أن الهمزة ألف مجيئها أولا وكثر ذلك فقلبت الواو إليها لذلك. ونظير ما قلته قول أبي سعيد السيرافي أنهم إنما عوضوا الميم في "اللهم" لأنها ألف زيادتها آخراً كـ"زرقم" وستهم" وكذلك تقول: "أويصل" في تصغير "واصل"، والأصل: "وويصل" فقلبت الواو الأولى همزة استثقالا لاجتماعهما.
وقوله: (صدرتا) أي: وقعتا صدر الكلمة احترازاً من وقوعهما حشوا كقولك في النسب إلى: "هوى، ونوى" هووي، ونووي".
وقوله: (وليست الثانية مدة "مزيدة" تحرز به من نحو قوله تعالى: {ما وزري عنهما} إذ الواو الأولى سلمت من القلب مع وقوع واو أخرى بعدها، وعلله أبو الفتح بأن الواو الثانية بدل من ألف "واريت" فلما لم يلزم لم يعتد بها لذلك صحت في قولهم: "سوير" و"بويع" مع وقوعها ساكنة قبل الياء، وذلك موجب لقلبها وادغامها في الياء، وأتي (بمزيدة) لحترز عن: "أولى" تأنيث "أول" إذ أصله: "وولي" فقلبت الأولى همزة، وإن كانت الثانية مدة لكونها عينا لازمة.
وقال ابن الحاجب في تصريفه: إذا اجتمعت واوان متحركان في أول الكلمة أبدلت الأولى التي هي فاء همزة والتزموه في الأولى حملا على الأول". انتهى كلامه.
وفيه نظر من وجهين:
الأول: أنهم قالوا: لو بنيت من: "وعد، ووزن" مثل: "كوثر" لقلت: "أوعد وأوزن" والأصل: "ووعد، ووزن" فقلبت الواو الأولى همزة لاجتماعهما أولا، وإن كانت الثانية ساكنة، ولو سميت بهما لصرفتهما لأنهما:(فوعل) لا: (أفعل).
والثاني: أنه ادعي: حمل (الأولى) على: (الأول) في وجوب الهمزة وذلك حمل للمد الذي هو الأصل على الجمع الذي هو الفرع، وذلك ممتنع، وله أن يقول:"الأولى" فيه علم التأنيث، و"الأول" مجرد من ذلك فهو مذكر فقد حملت مؤنثا على مذكر، وذلك جائز وقد سبق إلى مثلى ذلك الخليل فيما حكي عنه.
وقوله: (أو مبدلة) تحرز به عن مثل: (فعل) من: "وأيت" فإن القياس أن يقول: "وءي" فإن خففت الهمزة قلبتها واواً لسكونها وانضمام ما قبلها فصار إلى: "ووي".
فلم تقلب الواو الأولى همزة لأن الثانية مبدلة عن الهمزة فكأن الهمزة موجودة، وكذلك لم تقلب ياء لأجل الياء التي بعدها. وحكي الخليل أنه قال أقول:"أوي".
وقال ابن جني: فيه تناقض؛ لأنه اعتد بها حيث لم الثانية فقلب لها الأولى همزة، ولم يعتد بها حيث لم يقلبها ياء لوقوعها قبل الياء الساكنة، وهذا واضح.
قال.
«وما تلا ألف شبه مفاعل من مزيد لمد الواحد» .
أقول:
إذا جمعت "رسالة" ونحوها جمع تكسير زدت عليها ألف الجمع ثالثة، فالتقى ألفان، الأولى ألف الجمع، والثانية ألف رسالة الزائدة، فحركت الثانية بالكسر فصارت همزة فقلت:"رسائل". وحملوا على الألف الواو في "عجوز" والياء في "صحيفة"، فقلبوهما، كقولك:"عجائز، وصحائف" إذا تحريك الواو والياء ليس بمعتذر بخالف الألف فإن ذلك متعذر فيها.
وقوله: (مما تلا ألف شبه مفاعل) يعني: قلبت الهمزة في الألف، والواو، والياء الواقعة بعد ألف الجمع. و"صحائق" في التحقيق:(مفاعل) وليس ب، (مفاعل)، ولذا قال: شبه مفاعل.
وقوله: (من مزيد لمد الواحد) تحرز به عن نحو: "معيشة" و"معونة"، فإن الياء والواو أصلان فيهما، وهمت عينان فيحتمل:"معيشة" عند سيبويه أن يكون: (مفعلة) فقلبت الكسرة من الياء إلى العين.
ويحتمل أن يكون: (مفعلة) بضمها فقلبت الضمة إلى العين فوقعت الياء ساكنة بعد ضم فكان يجب أن تقلب واواً كما في"موسر" و"موفي" فقلبت الضمة كسرة محافظة على الياء، و"معونة" نعلمه بضم العين فإذا جمعتهما حركت الياء والواو بالكسر من غير قلب لها همزة فقلت:"معايش" و"معاون" وذلك لأنها// هنا أصلان ولهما حظ في الحركة بخلافهما في: "صحيفة" و"عجوز" فإنهما زائدان لا حظ لهما منها.
ونقل خارجة عن نافع همز: "معايش".
فقال أبو القاسم الزمخشري: ورواية خارجة عن الصواب خارجة".
وأما "مصائب" إذ بالهمز فحكي عن العرب، وقد ذكره أبو الفتح في جملة أغلاطهم، إذ أصل "مصيبة:"مصوبة"، فنقلت كسرة الواو إلى الصاد، فسكنت الواو مفردة بعد كسرة فانقلبت ياء: وقياس جمعه: "مصاوب".
قال أبو إسحق الزجاج: الهمزة منقلبة عن الواو في مصاوب الخارجة عن القياس.
ورده أبو علي بأن الواو المكسورة إنما تقلب إذا كانت أولا كـ"أشياح" في: "وشاح، وإسادة" في: "وسادة" ولم ينقل قلب المكسورة حشوا.
وقال أبو الحسن الأخفش لما اعتلت الواو في الواحد نقلبها ياء اعتلت نقلبها في الجمع همزة، واستضعفه أبو الفتح إذ يلزم منه:"مقائم" ولا قائل به.
قال:
«أو ثاني لينبن اكتنفاها، وليس الثاني بدلا» .
فقلت:
ألف الجمع إذا اكتنفها واوان أو ياءان، أو واو وياء، أو ياء وواو، وكان الثاني منهما ملاصقا للطرف لفظاً، أو تقديراً وجب قلبه همزة، وذلك نحو:"أوائل" جمع "أول"، وأصله "أواول" و"جيائز" جمع:"جير" و"سائق" جمع: سيقة.
وعللوا ذلك بوجهين:
الأول: أنهم كثيراً ما يعطون الجار حكم مجاوره بدليل: "صيم" و"قيم" في "صوم" وقوم" فقلبوا الواوين قلبهما في: "عصى ورحى" وكذلك فعلوا في: "أوائل" كما قلبوا في: "كساء" و"رداء".
والثاني أنهم استثقلوا وقوع حرفي علة بينهما ألف وهو حاجز غير حصين في جمع هو ثقيل لكونه أقصى الجمع وغايته.
وقوله: (ثاني اثنين مطلقا) وهو رأي سيبويه والخليل، وأما الأخفش فإنه لا يرى الهمز إلا في الواو فقط، وعلل بالسماع والقياس، أما السماع فقولهم:"ضياون" في جمع "ضيون" وأما القياس فلأن النقل في الواوين أكثر منه في غيرهما.
والجواب أن أبا عثمان المازني سأل الأصمعي عن: "عيل"، كيف يكسره العرب؟ فقال:"عيائل" بالهمز. فهذا نص في محل النزاع شاهد لهما دونه. وأما: "ضياون" فهو شاذ خرج منبته على أصل هذا الكتاب كـ "القود" و"استنوق الجمل" و"أي" في أحد الأقوال.
وقيل لما صح في الواحد صح في الجمع، وعكسه:"ديمة، وديم" وذلك لأنه اعتل الجمع بالقلب لاعتلال الواحد به.
وأما القياس فلأن العلة القرب من الطرف كما قدمنا، وذلك يتساوى فيه الواو والياء،
والياء كالواو. ولذلك يجتمعان ردفا كـ"سعيد، وعمود" ولا يجوز معهما ().
وهنا تنبيه: وهو أن كلامه خال عن التقييد بمجاورة الثاني للطرف، والحق ما ذكرته، ولذلك لم يقلب في "طواويس" جمع:"طاووس" و"نواويس" جمع "ناووس" حيث بعد عن الطرف بحجز الياء بين حرف العلة وبينه.
وأما قوله:
(وكحل العينين بالعواور)
فإنما صح مع المجاورة لطرف لفظاً لبعده عنه تقديراً، وأصله:"عواوير" بدليل أنه جمع: "عوار" وحرف العلة إذا كان في المفرد رابعاً لم يحذف في الجمع بل يقلب ياء إن لم يليها نحو: "حملاق وحماليق" و"جرموق وجراميق" و"قنديل وقناديل"
، فلما حذفها للضرورة جرى مجرى المنطوق به فوجب التصحيح.
وعكسه: "عيائل" بالهمز والياء، ذلك لأنه حيث اشبع الكسرة فزيدت الياء، فكان التقدير بها السقوط أبقى الهمزة. ونقل أبو الفتح في تعاقبه أنهم قالوا:"هواوسة" في جمع: "هواس" للأسد، وذهب إلى أن التصحيح أحسن منه في "العواوير" لأمرين:
أحدهما: أن التاء عوض عن الياء المحذوفة إذ قياسه: "هواويس" كـ"زناديق" فحذفت الياء وعوض منها التاء كـ"زنادفة" في "زنديق" وإذا كان التصحيح اعتباراً بالياء المقدرة، فاعتبار ما عوض عنه أولى من اعتبار ما لم يعوض منه.
والثاني: بعد المعتل من الطرف لفظاً بخلاف: "العواور" وقوله: (وليس الثاني بدلا).، يحترز به، من نحو:"روايا" في جمع: "رواية"، فإنه قد اكتنف ألف الجمع واو () من ألف رواية، ونبين لك ذلك في البحث الذي يتلو هذا// إن شاء الله تعالى.
قال: "وتفتح الهمزة مجعولة واواً إن كانت اللام واواً، سلمت في الواحد بعد ألف، ومجعولة ياء إن كانت اللام همزة أو حرف لين غير الواو المذكورة".
قلت: يعني نحو قولك: "أداوي" في جمع "دواة"، وذلك لأنك إذا أدخلت ألف الجمع ثالثة بعد الدال فالتقى الفان، ألف الجمع، وألف الواحد، فهمزت الثانية وكسرت، فيقي:"أدائو"، فوقعت الواو متطرفة بعد كسرة فانقلبت ياء فبقي:"أدائي" فحصل () فجمع وفيه همزة عارضة، وآخره حرف عليل، ومجموع هذا مستعمل.
فخفف بأن أبدلت كسرة همزته فتحة فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فبقي "أداء" ومعلوم شدة شبه الألف للهمزة فكأنه إذا اجتمع ثلاث همزات، أو ثلاث ألفات فقلبت الهمزة واواً لظهورها في الواحد الذي هو:"أداة"
وقال أبو بكر بن السراج ليكون آخر الجمع كأخر الواحد، وليست الواو في "أداوي" هي الواو التي في "إداوة" لأن الواو التي في "إداوة" قد انقلبت ياء وهي طرف، والألف التي هي:"أداوي" منقلبة عنها وليست للتأنيث، والواو في "أداوي" منقلبة عن الهمزة التي كانت بدلا من الألف التي في
"إداوة"، الألف التي في "أداوي" بدل من الواو في "إداوة" وألزموا الواو في هذا كما ألزموا الياء في "مطايا" فقد تبين.
معنى قوله: (وتفتح الهمزة مجعولة واواً" أي أن الأصل: "أدأي" ثم: "أداءا" ثم "أداوي".
وقوله: (إن كانت اللام واواً سلمت في الواحد) أي: ليناسب الجمع الواحد كما قدمنا.
وقوله: (وياء إذا كانت اللام همزة) يريد نحو: "خطيئة" تقول في الجمع: "خطايا" والأصل: "خطاءو" فالهمزة الأولى منقلبة عن الياء المزيدة في الوحد للمد والثانية لام الكلمة فقلبت الثانية ياء كراهة لاجتماعها غير عينين فصار: "خطائي" ثم فتحت الهمزة فانقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار: "خطاءا" همزة بين العين فقلبت الهمزة ياء استثقالا لوقوعها بينهما، وكان القلب إلى الياء لما ذكرناه من طلب مشاكلة الجمع لواحده، فالياء في:"خطايا" ليس التي في "خطيئة" بل هي منقلبة عن الهمزة المنقلبة عن الياء في "خطيئة" والألف في "خطايا" منقلبة عن اليائ التي هي لام وهي همزة: "خطيئة.
وقوله: (أو حرف لين غير الواو المذكورة) يريد: "مطايا" جمع "مطية" وهي فعلية فلما جمعتها قلبت الياء همزة على حد: "صحائف" فصار "مطاءي" ففتحت الهمزة فانقلبت الياء ألفا فصار: "مطاءا"
وهنا تنبيه: وهو أنه إنما قال: (أو حرف لين)، ولم يقل: أو ياء، لأن اللام قد تكون ياء منقلبة عن الواو كما في "مطية وزكية" إذ أصلهما:"مطيوة وزكيوة" من: "مطا يمطو" و"الزكوة" وقد تكون ياء غير منقلبة كما في: "هدية".
وقوله: (غير الواو المذكورة) يتحرز به عن الواو المذكورة لدخولها تحت حرف اللين فالحكم بها مختلف فاعرفه.
قال:
«فصل تبدل الهمزة الساكنة بعد همزة متصلة متحركة مدة تجانس الحركة» .
أقول:
هذا الفصل يتضمن تخفيف الهمزة، وهي لا تخلو من أن تكون ساكنة أو متحركة،
وتقدم القول على الساكنة لأن السكون في الحرف هو الأصل، ولهذا قال محققو التصريفيين إن أصل:"شاة": "شوهة" بسكون الواو، ولعدم الدلالة على الحركة لا يقال دليلها قلبها ألفا في:"شاة" ولو كانت ساكنة لسلمت في "نوق" لأنا نقول لما حذفت الهاء وهي اللام لاقت الواو تاء التأنيث وقد علم أنها لا تكون فيما قبلها إلا مفتوحاً كقائمة وصائمة اللهم إلا أن يكون الألف كـ "قطاة" ففتحت الواو لها ثم انقلبت الفا لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ واستدل بعضهم على ذلك بقلب الواو ياء في "شياه" إذ من جملة شروط القلب بسكون واو (الواحد) وذلك بقلب الواو ياء في "شياه" إذ من جملة شروط القلب بسكون واو (الواحد) وذلك نحو: "ثوب وثياب" وحوض وحياض" و"سوط وسياط" لفوات السكون في: "طويل" سلمت في: "طوال، وشذت في:"طيال".
في قوله:
(تبين لي أن القماءة ذلة
…
وأن أشداء الرجال طيالها)
[وقد ذكره] // أيضا السيد النقيب ضياء الدين ابن الشجري في أمياله، ولا أراه ينهض وذلك لأن العين إذا اعلت بالقلب في الواحد قلبت في الجمع؛ ألا تراهم قالوا:"دار وديار" فقلبوا الواو في "ديار" وإن كانت متحركة في "دار" حيث اعتلت بالقلب.
وقائل أن يقول: إن الواو في "شياه" متحركة فقلبت في "شاه" لاعتلالها بالقلب في الواو في الواحد، وهذه المسألة مستقصاة في المسائل الخلافية. فإذا كانت الهمزة ساكنة وقبلها همزة وجب تخفيف الثانية الساكنة، وتخفيفها أن تلقب إلى حرف لين مجانس لحركة الحرف الذي قبلها فقلبت واواً بعد الضمة، وياء بعد الكسرة، وألفا بعد الفتحة فالأول نحو:"آدم" وأصله: "أأدم" بهمزتين الأولى زائدة والثانية فاء الكلمة فخففنا في الكلمة وجوبا كراهة لاجتماعهما.
هلا كانت الأولى فاء الكلمة، والثانية زائدة؟ إنا نقول: يفسر ذلك شيئان:
لأحدهما: أن الهمزة تقل زيادتها حشواً، ويكثر أولا، والحمل على الكثير المطرد أولى.
والثاني: أن وزنه على هذا: (فاعل) كـ"ساءل" فيجب أن يصرف فلما لم يرد مصروفا دل ذلك على أنه: "أفعل" ولا يقال: "آدم" كـ"حاتم" لأن نقول كان يجب صرفه.
وهنا تنبيه: وهو أن الألف وإن كان أصلها الهمزة فإنها تجري مجرى غير المنقلبة ولذلك تقلب واواً في: "أوادم" و"أويدم" وفي ذلك ترجيح لمن أجاز وقوعها تأسيسا ً في الشعر فاعرفع.
والثاني: نحو: "إيلاف" والأصل: "إألاف بهمزنين، الأولى همزة (إفعال)، والثانية فاء الكلمة، فقلبت ياء لما ذكرناه لا يقال: "إيلاف": (فيقال) كـ "صيراف" "وأألف"
(فاعل) كـ "ضارب" لأنا نقول: لا يجوز ذلك لوجهين:
أحدهما: أنه كان يلزم أن يجيء فيه: "آلاف" كـ "ضراب" أكثر من: "ضيراب" وإن كان الأصل.
والثاني: أن: (فاعل) يجيء أيضاً مصدره على "مفاعلة" كـ "مضاربة" ولم ينقل ذلك في "أألف".
قال:
"وإن تحركنا أبدلت الثانية ياء، إن كسرت، أو وليت كسرة، ولم تضم، أو كانت موضع اللام مطلقا.
قلت:
لما تكلم على الهمزتين والثانية ساكنة أخذ يتكلم عليها وهما متحركتان فقال: إذا اجتمعنا متحركين مأما أن تبدل الثانية ياء، أو واوا فذك للأول ثلاثة مواضع.
الأول: أن تكون مكسورة وذلك نحو: "أيمة" وأصله: "أأممة" بوزن أردية واحده: "إمام"، فالهمزة الأولى زائدة، والثانية فاء الكلمة، والميم الأولى عين، والميم الثانية لام، فثقل اجتماع المثلين وهما الميمان، فنقلبت حركة الميم الأولى إلى الهمزة الثانية ووقع الادغام فصار:"أامة" ثم قلبت الهمزة الثانية ياء فقيل: "أيمة".
ونقل عن بعض الكوفيين: "أأمة" بهمزتين.
والثالث: "أوتمن" والأصل: "أأتمن" فقلبت الهمزة الثانية واواً لذلك أيضا.
وقوله: (بعد همزة متحركة متصلة) تحرز به من أن تكون ساكنة بعد حرف غير الهمزة، فلا يجب تخفيفها حينئذ بل يجوز. وغرضه كـ"رأس، وجؤنة، وذئب".
ومعنى: (متصلة) أن تكون الهمزة الساكنة بعد الهمزة المتحركة، ولو قال: تبدل الهمزة الساكنة بعد همزة متحركة لأوهم أن ذلك يجب مع وقوعها حاجز بينهما.
وقوله: (مدة تجانس الحركة) ظاهراً والمراد تبدل ياء بعد الكسرة، وواواً بعد الضمة، وألفاً بعد الفتحة.
والثاني: أن تلي كسرة، وذلك نحو: جاء وأصله: "جاء" فالهمزة الأولى منقلبة عن الياء التي هي عين كما قلبت في: "بائع" والثانية لام الكلمة فقلبت اللام ياء لانكسار الأولى () التقى ساكنان فحذفت الياء// لالتقائهما. وذهب الخليل إلى أن الهمزة في: "الجائي" لام الفعل والياء عين فقدموا اللام، وأخروا العين، ووزنه:(فالع) وحجته من وجهين:
الأول: أن لولا تقدير ذلك للزم توالي آعلالين: قلب العين همزة، وقلب اللام ياء وذلك مرفوض.
والثاني: أن العرب تؤخر العين المعتلة إلى موضع اللام فيقولون في موضع: «شائك السلاح: شاكي السلاح» وفي: "هاير: هار" وإنما قلبوا لئلا يهمزوا عين الفعل التي ليس لها أصل في: "هار" فجاء هذا فيما كان لامه همزة والعين معتلة لئلا تنضم
همزة العين إلى همزة لامه، وإذا أخروا لم يلزمهم ذلك.
وقد حكى سيبويه عنه خلاف هذا، وذلك لأنه سأله عن العلة في تخفيف الهمزة الثانية من الهمزتين إذا كانتا في كلمتين؟ فأجابه أن العرب يخففون الثانية إذا اجتمعتا في كلمة واحدة نحو:"جائي وآدم" فهذا التصريح منه بأن الياء مبدلة من الهمزة التي هي لام.
وقوله: (ولم تضم) أي: ولم تضم الياء المبدلة من الهمزة كما لم تضم الياء الخالصة التي هي غير مبدلة، وذلك لأن البدل فيها واجب لاجتماع الهمزتين فأطرح حكم الهمزة فلم يبق للياء التفات البتة، وهذا بخلاف ما إذا قلبت الهمزة وكانت مفردة نحو:"يستهزءون" على قول الأخفش فإنك تقلب الهمزة ياء، ويجوز ضمها مراعاة للهمزة ونظراً إليها.
وهنا تنبيه: وهو أنه ليس لتخصيصه امتناع الضم في هذه الياء وجه إذ لا يجوز كسرها أيضا، فقد كان يجب إذا أن ينبه عليه. ونحو:"جائي" في الضرورة أنشد ابن الدهان
في "الغرة":
(لعمرك ما ندري متى الموت جائي
…
ولكن أقصى مدة العمر غافل)
والثالث: أن يكون موضع اللام مطلقا، وذلك بأن يبنى من "قرأ" مثل:"جعفر" فتقول: "قرأي" وأصله: "قرأأ" زيدت همزتان فقلبت الثانية ياء.
وهنا سؤالان:
الأول: لم قلبت الثانية دون الأولى؟ والجواب أنها لام، واللام أولى من العين بالإعلال لتطرفه.
والثاني: لم كان القلب إلى الياء؟ والجواب لأن الياء تغلب على اللام. ألا ترى أن الواو متى وقعت رابعة فصاعداً انقلبت ياء كـ"أعزيت، واستعديت، وأدنيت،
وإستدنيت" ولذلك قال البصريون إن الألف إذا كان لاماً وجبل أصلها حملت على الانقلاب عن الياء بخلاف ما إذا كانت عيناً فإنها تحمل على الانقلاب عن الواو.
وقوله: (مطلقاً) أي: سواء في ذلك انفتح ما قبلها، أم انضم، أو انكسر. فالتح قد تقدم، والضم كما لو بنيت مثل:"برثن" من "قرأت" لقلت: "قراء" واصله: "قرأأ" فقلبت الثانية ياء، وكسر ما قبلها كما كسر ما قبل الياء في "أظب" جمع:"ظبي"، وحذفت بعد أسكانها لالتقاء الساكنين.
والكسر كما لو بنيت مثل: "زبرج" لقلت: "قرأي" وأصله "قرأأ" فقلبت الثانية ياء ثم أسقطت بعد الإسكان أيضاً فاعرفه.
قال:
: وواواً في ما سوى ذلك خلافاً للمازني في استصحاب الياء المبدلة منها لكسرة أزالها تصغير، أو تكسير، وفي إبدال الياء فاء لأفعل"
قلت:
إن الهمزة تقلب واواً فيما عد هذه الأماكن التي ذكرها.
وقوله: (خلافا) للمازني في استصحاب الياء) ينبئ عن مسألة وقع فيها خلاف بينه وبين أبي الحسن الأخفش، أنا أذكرها مستقصاة إن شاء الله تعالى.
قال أبو عثمان: سألت أبا الحسن عن بناء: (أفعل) من: "أممت" أي قصدت؟ فقال: أقول: "أوم من هذا" فجعلها واواً حتى تحركت بالفتحة كما فعلوا ذلك في: "أويدم".
فقلت له: كيف تصنع بـ "أيمة" ألا تراها: (أفعلة) والفاء منها همزة؟
فقال: لما حركوها بالكسر جعلوها ياء، وقال: لو بنيت مثل: "أبلم" لقلت: "أوم" أجعلها واواً.
فسألته: كيف تصغر: "أيمة" فقال: "أويمة" لأنها قد تحركت بالفتح".
فأما ما كان مضاعفا فإنه تلقى حركته على الفاء، ولا تبدل همزته ألفاً، ولو [أبدلت] ألفا لما حركوا الألف لأن الألف قد يقع بعدها [المدغم] ولا تغير فتغيرهم:"أيمة" يدل على [أنها] لا تجري مجرى ما [تبدل] منه الألف [والقياس عندي أن أقول في//.
«هذا أفعل من هذا» مثل: أممت هذا أيم من هذا، وأصغر:"أيمة""أيمة" ولا أبدل الياء واواً لأنها قد ثبتت ياء بدلا من الهمزة، إلا أن هذه الهمزة إذا لم طرفها تحريك فبنيت من:"الأدمة" مثل: "أبكم" لقلت: "أودم" ومثل: "إصبع": "إيدم"، ومثل:"أفكل": "آدم" فاجعلها واواً إذا انفتح ما قبلها، وياء ساكنة إذا انكسر ما قبلها، واواً ساكنة إذا انضم ما قبلها، فإذا احتجت إلى تحريكها في تكسير أو تصغير جعلت كل واحدة منهن على لفظها الذي قد بنيت عليه، فاترك الياء ياء، والواو واواً، وأقلب الألف واواً كما فعلت العرب ذلك في تكسير:"آدم" وتصغيره فهذا هو القياس عندي
وأبو الحسن يرى أنها إذا تحركت بفتحة أبدلها واواً كما ذكرت لك. وإذا قال العالم قولا متقدماً فللمتعلم الاقتداء به، والاحتجاج لقوله، والاختيار لخلافه إذا وجد لذلك قياساً.
قال أبو الفتح: يقول أبو عثمان لما ثبتت الياء في "أيمة" بدلا من الهمزة فسبيلها أن تجري مجرى الياء التي لا حظ لها في الهمز؛ وهو ألف: "طالب" وهذا القول ليس بمرضي من أبي عثمان، لأن الياء في:"ايمة" إنما انقلبت عن الهمزة لانكسارها؛ فإذا زالت الكسرة زالت الياء التي وجبت عنهما؛ كما أن الياء في "ميزان" لما وجب انقلابها عن الواو لانكسار ما قبلها، زالت عند زوال الكسرة في قولهم:"موازين ومويزين".
فإن قيل فألف: "آدم" لا ترجع إلى الهمزة وإن زالت عن هذا الموضع؛ ألا تراهم يقولون: "أوادم وأويدم" ولا يردون الهمزة كما يردونها في قولهم: "موازين ومويزين" فما تنكر أن يكون البناء "أيمة" أقوى منه في ميزان، فلا تزول [الياء] وإن زالت الكسرة؟
قيل: هذا إلزام فاسد؛ لأنك لو جمعت: "آدم" على (فعل) و (فعلان) لقلت: "أدم وأدمان" فرجعت الهمزة لما زالت الأولى، وإنما لم ترد فاء (افعل) في: "أوادم، وأويدم) إلى الهمزة لأنه كان يلزم ما منه هربوا، وهو اجتماع همزتين، ألا ترى الهمزة
لأنه لو قالوا: "أآدم، وأأيدم" فلما كان يجب في التحقير والتكسير اجتماع همزتين، لم يمكن إقرار الهمزة فيهما، كما لم يمكن ذلك في الواحد" وليس كذلك في "ميزان" لأن الياء إنما وجب انقلابها عن الواو لانكسار ما قبلها وسكونها، فإذا زال ذلك رجعت الواو".
فإن قيل: أليس القياس عند سيبويه أن يقول في تحقير: "قائم قويئم" فيقر الهمزة ولا يحذفها وإن كانت الألف التي عنها وجبت الهمزة قد زالت، ويحتج في لزوم الهمزة بأنها قوية لكونها عيناً والعين أقوى من اللام فما تنكر أن يكون البدل في:"أيمة" لازماً أيضا، بل يكون هذا أجرى لأن الهمزة فاء والفاء أقوى من العين".
قيل: إن شبه ياء التحقير بألف التكسير فجرت الياء في: "قويم" مجرى ألف "قوائم" كما صححوا في "أسيود" حملاً على: "أساود"«وأيضا فإن الياء قريبة من الألف ولذلك ولذلك قالوا: "طيء" طاء" وفي "الحيرة: حاري» .
ولو صح قول الأخفش: "ذوائب" في جمع: "ذؤابة" والأصل: "ذأابة" بهمزتين بنهما ألف، الأولى مفتوحة، والثانية مكسورة والألف كالهمزة فكأنه اجتمع ثلاث ألفاتن أو ثلاث همزات، واجتماع مثلين مستكره، فاستكراه الثلاثة أولى، فقلبت الأولى واواً فقيل:"ذوائب" وكل واحد من الواو والهمزة ينقلب إلى صاحبه.
قال المبرد لأن الهمزة في مخرجها نظيرة الواو في ذلك، وهو أنهما طرفان هذه أسفل الحروف وهذه أعلاها. فاعرفع.
قال:
«فإن سكنت الأولى أبدلت الثانية ياء [إن] كانت موضع اللام وإلا صححت» .
قلت:
يشير إلى أنك لو بنيت مثل: "قمطر" من: "قرأت" لقلت: "قرأي"[والأصل: قرائي] فقلبت الهمزة الثانية ياء.
فإن قيل: فلم لم تدغم الأولى في الثانية ويستغنى عن القلب// كما في: "سال، ورءاس" فالجواب من وجهين:
أحدهما أن أبا عثمان ذكر أنه سال أبا الحسن عن ذلك فأجابه بما معناه أن العينين لا تكون إلا بلظ واحد، وأما اللامان فقد يكونان مختلفين كـ"سبطر، ودرهم، وبرثن، وسفرجل" ومتفقين كـ "معدد، ورمدد، وجلبب" فلذلك افترقت الحال بينهما.
والثاني: أنه يجوز في الحشو ما لا يجوز في الطرف. ألا ترى أنه لا يجوز اجتماع الواوين أولا، وسيأتي تقدير هذا، ويجوز اجتماعها حشوا نحو:"هووي" في النسب إلى: "هو وطو" وكذلك لا يجوز زيادة الواو أولا، ويجوز زيادتها منقلبة حشواً كـ"عطود".
قال:
«ولو توالى أكثر من همزتين ألحق بالأولى الثالث، والخامسة وبالثانية الرابعة» .
قلت:
يعني مسألة ذكرها أبو الفتح في مصنفه، وهو أنك إذا بنيت من كلمة كلها همزات مثل:"أترجة" لاجتمعت خمس همزات فقلبت الثانية واواً لسكونها وانضمام ما قبلها فحجزت بين الهمزة الأولى والثالثة، ثم قلبت الهمزة الرابعة واواً أيضا لتلك العلة فحجزت بين الرابعة والخامسة فقلت:"أوأوؤه" بوزن/ (عوعوعة) فقد رأيت هذا يخفف الثالثة والخامسة بالأولى في التصحيح وكيف يخفف الرابعة بالثانية في القلب، فإن خففت الهمزة التي بعد الواو الأولى نقلت حركتها إليها وحذفتها فقلت:"أؤواة"، وإن خففت الهمزة التي قبل الياء تقلب كما تقلب ذلك أيضا فقلت:"أوءوءة"
فإن قيل: فهلا قلبت الهمزة واواً وادغمت الواو في الواو كما في "مقروءة" حين قلت: "مقروة"؟
فالجواب أن الواو في: "مقروءة" زائدة للمد فتحريكها يبطل ذلك، بخلاف الواوين في:"أوأوأة" فإنهما متقلبتان عن حرف أصل.
نعم. قد قيل في: "ضوء: صو" وفي: "شيء" شي" فخففت الهمزة بالقلب والادغام بعد الواو وهما أصليتان فنقول على هذا: "أووة" بتشديدها؛ فإن جمعته قلت: "أواء" وأصله: "أأأء" بهمزتين مفتوحتين بعدهما ألف وهمزة مكسورة أخرى هي حرف الإعراب، فقلب الثانية واواً كما في: "ذوائب" ثم قلبت لأخيرة ياء وحذفتها ونونت الكلمة كما في جوار فإن عوضت قلت: "أواءي"، فاعدت الهمزة الأخيرة التي خففت الهمزة منقلبة لحجز الياء التي للتعويض بين الهمزتين، فإن خففت الهمزة الأخيرة ياء، ثم حذفتها بعد إسكانها مرفوعة، وادغمت الياء في الياء فقلت: "اوي" فإن نسبت إليه حذفت ياء التصغير ثم قلبت الياء ألف لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم قلبت الألف واواً فقلت: "أووي"؛ فالواو الثانية إذا منقلبة عن ألف منقلبة عن ياء منقلبة عن همزة. متفهمه.
قال:
قلت:
أصل الاعتلال إنما هو في الفعل، والاسم في ذلك محمول عليه بدليل أن الاسم إنما يعل إذا وافقه في وزنه فإن خرج عن ذلك صح، وسنبين هذا. فقلب الواو في "قيام، وعياد" لاعتلالها في: "قام، وعاد" وانكسار ما قبلها، ولصحتها في "قاوم وعاود" صحت في:"قوام، وعواد"
قوله: (أو عين فعال جمعاً لواحد) نحو: "ثياب" جمع: "ثوب" و"حياض" جمع "حوض" وقد قال أبو الفتح إن أغلب هذا () //.
احتراز من "خوان" الذي يؤكل عليه، و"صوان" للتخت، وأن يكون قبل الواو