المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب(فرض الحج وسنت العمرة) - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٢

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌باب(فرض الحج وسنت العمرة)

‌باب

(فرض الحج وسنت العمرة)

مؤكدة آكد من الوتر (مرة) متعلق بهما فالأول عينًا وأما في غير المرة الأولى فينبغي له قصد إقامة الموسع ليقع فرض كفاية فإن لم يقصد إقامته وقع مندوبًا والظاهر جريان مثل ذلك في العمرة فسنة معين مرة في العمر وكفاية أن قصد بها القيام عن الناس وإلا فمندوبة كل عام وسيأتي أنه يكره تكرارها في العام الواحد ويلزم بالإحرام إتمام المكررة فيه (وفي فوريته) أي وجوب الإتيان به أول عام القدرة فيعصى بتأخيره وعنه لو ظن السلامة وأن فعله بعد فأداء وحكي عليه الإجماع وقال ابن القصار قضاء (وتراخيه لخوف الفوات) فيتفق على الفورية ويختلف الفوات باختلاف الناس قوة وضعفًا وكثرة مرض وقلته وأمن طريق وخوفه ووجود مال وعدمه (خلاف) الراجح الأول فكان حقه أن يقتصر عليه وغالب فروع الآتية مبنية عليه وانظر هل يدخل هذا الخلاف في العمرة فإني لم أر من تعرض له بنفي ولا إثبات قاله ح ولا خلاف في الفورية إذا فسد حجه سواء قيل إن الحج على التراخي أو على الفور لما يأتي عند قوله ووجب إتمام

ــ

باب الحج

وقد عرفه ابن عرفة بتعريفين انظرهما وشرحهما في خش غير أن ابن عرفة سمى أحدهما رسمًا والآخر حدًّا والصواب إنهما معًا رسمان لأنه أخذ فيهما لزوم الوقوف واللزوم عرض خارج عن الماهية (وسنت العمرة مرة) لفظ مرة منصوب على أنه مفعول مطلق معمول للعمرة ويقدر مثله للحج لأن الحج والعمرة مصدران ينحلان إلى أن والفعل أي فرض أن يحج مرة وسن أن يعتمر مرة ولا يعمل فيه فرض وسنت لأنه يفيد أن الفرض والسنة وقعا من الشارع مرة وليس بمراد لأن المفعول قيد في عامله ويجوز نصب مرة على التمييز المحول عن النائب عن الفاعل أي فرضت المرة من الحج وسنت المرة من العمرة ويصح رفع مرة على أنه خبر وفرض سنة مصدران مبتدآن مؤؤلان باسم المفعول أي المفروض من الحج مرة والمسنون من العمرة ومرة هذا حاصل ما في ح وقول ز آكد من الوتر الخ هذا الذي نقله ح عن مناسك ابن الحاج وفي النوادر قال مالك العمرة سنة واجبة كالوتر لا ينبغي تركها اهـ.

وقول ز يكره تكرارها في العام الخ يأتي أنه يستثنى منه من تكرر دخوله إلى مكة (خلاف) الأول رواه ابن القصار والعراقيون عن مالك وشهره صاحب الذخيرة وصاحب العمدة وابن بزيزة والثاني شهره ابن الفاكهاني قال في ضيح والباجي وابن رشد والتلمساني وغيرهم من المغاربة يرون أنه المذهب اهـ.

ص: 407

المفسد وسواء كان الأول فرضًا أو نفلًا (وصحتهما) مشروطة (بالإِسلام فيحرم ولي) ندبًا (عن رضيع) لا وجوبًا لما سيأتي أن غير المكلف يجوز له دخول الحرم بغير إحرام ولو أراد مكة قاله د وليس المراد بإحرام الولي عنه حقيقته وإنما معناه أن يجرده وينوي إدخاله في الإحرام كما في التوضيح لأن الإحرام إنما ينعقد بنية مع قول أو فعل تعلقًا به كما يأتي وكأنهم جعلوا تجريده كالتوجه في حق غيره ولا يشترط أن يكون الولي محرمًا ولا أن يتساويا في الإحرام والمراد به من يلي أمره بإيصاء أو غيره وخض الرضيع للخلاف في الإحرام عنه وإلا فمثله من لم يميز بدليل مقابلته بقوله والمميز (وجرد) وجوبًا الشخص الرضيع الذكر من المخيط والأنثى وجهها وكفيها ككبيرة (قرب الحرم) أي مكة وهو ظرف ليحرم وجرد أي لا يدخله في الإحرام ولا يجرده إلا قرب مكة لخوف المشقة وحصول الضرر فإن كانت تتحقق بتجريده قربه أحرم بغير تجريده كما هو الظاهر من كلامهم ويفدى (و) يحرم ولي أيضًا عن (مطبق) ويجري فيه ما ذكر في الصبي من تأخير إحرامه وتجريده إلى قرب الحرم وغيره وهو من لا يميز السماء من الأرض ولا الطول من العرض كما في تت أو من لا يفهم الخطاب ولا يحسن رد الجواب وأن ميز بين الإنسان والفرس أي ينوي ولي ماله أو كافله إدخاله في الإحرام ندبًا لا وجوبًا خلافًا للشارح في الصغير فإن لم يكن مطبقًا بل كان يفيق أحيانًا انتظر ولا ينعقد عليه ولا على المغمى عليه إحرام غيره فلو أفاق المطبق بعد إدخاله في الإحرام فالظاهر لزومه له وليس له رفضه

ــ

قال ح سوى المصنف هنا بين القولين وفي ضيح الظاهر قول من شهر الفور وفي كلام ابن الحاجب ميل إليه لأنه ضعف حجة التراخي ولأن القول بالفور نقله العراقيون عن مالك والقول بالتراخي إنما أخذ من مسائل وليس الأخذ منها بقوى انتهى.

قال وإذا علمت ذلك فقد ظهر لك أن القول بالفور أرجح ويؤيد ذلك أن كثيرًا من الفروع التي يذكرها المصنف في الاستطاعة مبنية على القول بالفور فكان ينبغي للمصنف أن يقتصر عليه اهـ.

ثم على القول بالتراخي إذا أخره فاختر منه المنية قبل خوف الفوات فقال في الطراز لا يعصى وقال بعض الشافعية يأثم بكل حال وإنما جوز له التأخير بشرط السلامة انظر ح والقول الثاني هو الذي عليه السبكي في جمع الجوامع والأول وهو الظاهر وقول ز وانظر هل يدخل هذا الخلاف في العمرة الخ كلام ابن شاس وابن الحاجب يفيد دخوله فيها (وصحتهما بالإِسلام) قول ز وليس المراد بإحرام الولي الخ أي ليس المراد أن الولي يحرم في نفسه ويقصد النيابة عن الرضيع كما تقتضيه العبارة بل المراد أن يفعل به ما ذكره (قرب الحرم) قول ز ظرف ليحرم وجرد الخ هذا هو الصواب إذ هو الذي في المدونة والطراز وابن الحاجب وضيح وابن عرفة وغيرهم من أهل المذهب حتى قال ح لم أر من قال يحرم به من الميقات ويجرده قرب الحرم إلا ما وقع في شرح العمدة وابن بشير وما وقع في عبارة ابن عبد السلام مما يوهم ذلك اهـ.

وقد قرر تت تبعًا للبساطي كلام المصنف بما أوهمه ابن عبد السلام وهو غير صواب

ص: 408

وتجديد إحرام بالفرض لعدم رفضه بالنية ويحتمل أن ما يأتي من عدم رفضه بها فيمن أحرم بنفسه لا فيمن أدخل في الإحرام كهذا فيعمل بما نواه ثم لا يجزيه إدخاله في الإحرام عن الفرض لأنه حال إدخاله لم يكن الحج فرضًا عليه (لا) يصح ولا يندب بفرض أو نفل إحرامه عن (مغمى) عليه قبل وقت الإحرام ولو خيف فوات الحج خلافًا لتت انظر ح لأنه مظنة عدم الطول ويرجى زواله بالقرب غالبًا بخلاف المطبق فإنه شبيه بالصبا لطول مدته وصح الإحرام عن الصبي لأنه يتبع غيره في أصل الدين ثم إن لم يفق إلا بعذر من الحج فلا شيء عليه فإن أفاق في زمن يدرك الوقوف فيه أحرم وأدركه ولا دم عليه في عدم رجوعه إلى الميقات وسيأتي حكم طرو إغمائه بعد إحرامه (و) يحرمه (المميز) حرًّا أو عبدًا ذكرًا أو أنثى وكذا السفيه المولى عليه (بإذنه) أي الولي وجرد قرب الحرم إن لم يناهز البلوغ كابن ثمان فإن ناهزه فمن الميقات قاله في المدونة انظر د فإذا أحرم بإذنه فلا يحلله (وإلا) يحرم بإذنه بل بغيره (فله تحليله) بحسب ما يراه مصلحة بالنية والحلاق معًا ولا يكفي رفضه بالنية لأن الحج لا يرتفض بها (ولا قضاء) على المميز إذا حلله وليه ثم بلغ ومثله في جواز التحليل وعدم القضاء السفيه البالغ إذا أحرم بغير إذن وليه (بخلاف العبد) البالغ فإن عليه قضاء ما حلله سيده منه إذا أذن له بعد أو عتق ويقدمه على حجة الإِسلام كما يأتي فإن قدمها على القضاء صح ومثل العبد المرأة إذا أحرمت في التطوع بغير إذن زوجها فله تحليلها وعليها القضاء كما سيقول المصنف في موانع الحج وعليها القضاء كالعبد والفرق بين السفيه وبين العبد والمرأة أن الحجر على السفيه لحق نفسه وهو مع الحجر وبعده والحجر على المرأة والعبد لحق غيرهما فإذا زال بالتأيم والعتق وجب القضاء.

تنبيه: إذا أذن للمميز الحر أو للرقيق بالغًا أولًا وأراد منعه قبل إحرامه ففي الشامل ليس لسيد منع عبد أذن له وإن لم يحرم على الأظهر اهـ.

ولأبي الحسن على المدونة له منعه قبل إحرامه لا بعده وهو الموافق لما مر في الاعتكاف (وأمره مقدوره) أي يجب على الولي أن يأمر المحجور الذي يقبل الأمر وإن لم يكن مميزًا بالمعنى المذكور في فصل الجماعة بأن يأتي بما يقدر عليه من أقوال الحج

ــ

(والمميز بإذنه الخ) أي يحرم قرب الحرم بإذن وليه ويجرد كذلك قربه إن لم يناهز وإلا أحرم وجرد من الميقات (بخلاف العبد) قول ز تنبيه إذا أذن للمميز الحر الخ أما الرقيق فقد ذكر فيه ابن عرفة القولين فقال وأذن رب ذي رق في إحرامه يمنع تحليله منه وفي صحة منعه منه قبله رواية اللخمي وقوله اهـ.

وعلى الأول مشى المصنف في الموانع حيث قال وإلا فلا أن دخل وتردّد الشارح في المميز قال ح والظاهر أن لوليه الرجوع كالعبد بل هو أولى لا سيما إن كان لمصلحة اهـ.

ص: 409

وأفعاله ويلقن التلبية أن قبل التلقين (وإلا) يكن مقدوره بأن عجز عن شيء أو لم يكن مميزًا أو كان مطبقًا (ناب) فيه (عنه أن قبلها) أي قبل ذلك الشيء النيابة ولا يكون إلا فعلًا (كطواف) وسعي ورمي وفي جعله الطواف ونحوه مما يقبل النيابة نظر فإن حقيقة النيابة أن يأتي النائب بالفعل دون المنوب عنه كما في الصحاح والطواف والسعي ليس كذلك بل لا بد أن يطاف به ويسعى محمولًا ويقف به بعرفة فحقه أن يمثل بما نصه كرمي وذبح (لا) إن لم يقبلها (كتلبية وركوع) لإحرام أو طواف فيسقط لأن ذلك من العمل البدني الذي لا يقبل النيابة وسيأتي للمصنف أنه إذا طاف شخص بصبي أو مجنون طوافًا واحدًا ينوي به عن نفسه ومن معه لم يجز عن واحد منهما والرمي مثله بخلاف السعي وحيث أراد فعل واحد من الثلاثة عن نفسه وآخر منها عن صبي وجب تقديم ما لنفسه وسكت المصنف عن شرط الطهارة في الصغير والظاهر اشتراطها كما في الكبير قاله ح أي فيما يمكن طهارته لا كالرضيع (وأحضرهم المواقف) عرفة والمشعر ومنى لأنه يقف فيها أثر رمي الجمار الأولى والثانية فالجمع حقيقي خلافًا لمن أسقط منى وقال الجمع مبني على أن أقله اثنان وعلى كل ففيه تغليب لأن الموقف حقيقة عرفة وهو واحد ولو قال المشاهد كان أحسن أي طلب من الولي أن يحضرهم المشاهد التي يطلب فيها الحضور كعرفة ومزدلفة ومنى وجوبًا في عرفة وندبًا في غيرها وضمير الجمع في أحضرهم للرضيع والمميز والمجنون والمغمى عليه إذا طرأ عليه الإغماء بعد الإحرام وقول د جمع الضمير باعتبار تعدد الأفراد بالرضيع الجنس وكذا المطبق هذا هو الظاهر أي الظاهر من المصنف لأنه نفى الإحرام عن المغمى عليه وذكر الشارح وقت أنه إذا أحرم ثم أغمي عليه فإن وليه يحضره المواقف فكلام د أمس بظاهر المصنف كما في ح لكن حمله على ما في شارحيه أولى ونظر فيه الشيخ سالم بعدم تقدم المغمى عليه إذا طرأ إغماؤه بعد إحرامه في كلام المصنف ثم تكلم على من تكون نفقة المحجور لصبا أو جنون في السفر وينبغي أن لا يخص ذلك بسفر الحج فقال (وزيادة النفقة) التي يحتاجها المحجور صبيًّا أو غيره في السفر ولو لحمله لا خصوص ما يأكله أو يلبسه (عليه) أي على المحجور يعني في ماله وجمع الضمير في أحضرهم وأفرده هنا والمراد في المحلين المحجور تفننا (أن خيف) بتركه (ضيعة) عليه ولا كافل له سوى من سافر به لأن النفقة حينئذ من مصالحه (وإلا) يخف عليه بتركه هملا بعده أو وجد له كافلًا وحمله معه للسفر (فوليه) الغارم لتلك الزيادة من أب أو وصي أو حاكم أو حاضن من جد أو أم أو غيرهما الأقدر ما كان ينفق

ــ

(وإلا ناب عنه أن قبلها) ضابط المسألة أن كل ما يمكن الصبي فعله مستقلًا فعله وما لا يمكنه مستقلًا فعل به كالطواف والسعي وما لا يمكنه فعله مستقلًا ولا أن يفعل به فإن قبل النياية كالرمي فعل عنه وإلا سقط كالتلبية والركوع انظر ح (وأحضرهم المواقف) قول ز وضمير الجمع في أحضرهم الخ الصواب عوده على الرضيع والمطبق والمميز لأنهم مذكورون في كلام المصنف

ص: 410

عليه في مقامه ثم شبه فيما بعد إلا قوله (كجزاء صيد) صاده الصبي محرمًا في غير الحرم (وفدية) وجبت عليه كلبس أو طيب أو غيره فالولي الغارم لذلك مطلقًا أي خاف عليه من تركه ضيعة أم لا على الأشهر فليس التشبيه تامًّا كما قرره عليه الشراح انظر تت وأما إن ترتب عليه الجزاء في الحرم بأن قتله فيه محرمًا أو لا فيفصل فيه كزيادة النفقة قاله ح أي لأنه لا تأثير للإحرام فيه وما ذكره من قوله (بلا ضرورة) ضعيف وظاهر المدونة وهو المذهب أنها على الولي لضرورة أم لأنه هو الذي أدخله في الإحرام انظر ح فلو حذف القيد كان أولى وفي قول تت ولضرورة في مال الصبي على المشهور شيء (وشرط وجوبه) أي الحج (كـ) ـشرط (وقوعه فرضًا) اثنان (حرية وتكليف) أي بلوغ وعقل وشرط الوجوب فقط ثلاثة حرية وتكليف واستطاعة كما سيقول ووجب باستطاعة فليس في قوله ووجب باستطاعة ما يفيد أنه إذا لم يكن مستطيعًا لا يقع واجبًا لدفعه بقوله هنا كوقوعه فرضًا حرية وتكليف فلم يقيد الوقوع فرضًا بالاستطاعة فلما قدم ذلك هنا على قوله ووجب باستطاعة علم منه أن غير المستطيع إذا تكلفه وقع فرضًا وأن شروط الحج ثلاثة أقسام شرط صحة فقط وقدمه بقوله وصحهما بالإِسلام وشرط وجوب ووقوع فرضًا وهي الحرية والتكليف وشرط وجوب فقط وهو الحرية والتكليف والاستطاعة ويزاد إذن ولي السفيه كما يأتي له في الموانع أن السفه من موانعه إلا بإذن وليه ولا يرد على ما هنا لأنه

ــ

وكلام أحمد وتت كليهما ساقط لا يحتاج إليه (كجزاء صيد وفدية) قول ز فالولي الغارم لذلك مطلقًا الخ ما قرر به ز كلام المصنف مثله للشارح في الصغير والأقفهسي والبساطي وهو ظاهر المدونة وعزاه ابن عرفة للتونسي عن ثالث حجها وحكي في ضيح عن الكافي أنه الأشهر وجعل الشارح في كبيره ووسطه التشبيه تامًّا وهو قول مالك في الموازية كما في ق ورجحه ابن يونس قائلًا لأن ما يتخوّف أن يطرأ في إحجاجه إياه من الجزاء والفدية أمر غير متيقن وإحجاجه طاعة وأجر لمن أحجه لا يترك لأمر قد يكون وقد لا يكون اهـ.

قال ح وتأول صاحب الطراز المدونة على ما في الموازية اهـ.

وبه تعلم أن حمل المصنف على كل منهما صحيح لكن يظهر من حج أنه اختار الأول وقول ز في قول تت ولضرورة في مال الصبي على المشهور شيء الخ بل كلام تت غير صحيح لأنه تبع الشارح والبساطي ونسبه الشارح للجواهر ورده ح بأن صاحب الجواهر لم يقل بأنه لضرورة في مال الصبي وإنما قال ما نصه ولو طيب الولي الصبي فالفدية على الولي إلا إذا قصد المداواة فيكون كاستعمال الصبي اهـ.

فلم يجعله في مال الصبي وإنما جعله كاستعمال الصبي وقد علمت أن الأشهر في استعمال الصبي كونه على الولي فكذلك إذا طيبه الولي ولو لضرورة انظر ح (وشرط وجوبه الخ) قول ز وشرط وجوب فقط وهو الحرية والتكليف الخ الصواب أن يقول وهو الاستطاعة فقط لأن الحرية والتكليف شرطان في الأمرين كما ذكر المصنف وقول ز ويزاد إذن ولي

ص: 411

لم يدع الحصر في شرط الوجوب وفيه أن الصيغة تقتضيه وزاد قوله كوقوعه فرضًا مع قوله وجوبه المستلزم لوقوعه فرضًا لأنه قد يقع من حر مكلف غير فرض بأن ينوي به النفل أو ينذره وإن كره تقديم كل منهما على الفرض الأصلي وبحث فيه د بأن الكلام في الواجب بطريق الأصالة إذ النذر لا يشترط فيه الحرية ولم يقل وشرط وقوعه فرضًا الخ ويحذف لفظ وجوبه للعلم به من وقوعه فرضًا من حر مكلف لم ينو به نفلًا لما علمت من أنه قد يقع فرضًا من غيره مستطيع تكلف وتقدم حكمة إتيانه بقوله كوقوعه فرضًا وليعلق به قوله (وقت إحرامه) إذ هو ظرف لوقوعه فرضًا لا لوجوبه إذ يجب على مستطيع قبل وقت إحرامه ولذا قال بعض الظاهر أن قوله كوقوعه فرضًا مقدم من تأخير والأصل وشرط وجوبه حرية وتكليف كوقوعه فرضًا فاعترض به بين المبتدأ وخبره ولم يعطفه على المبتدأ ويخبر عنهما بخبر واحد ليرجع قوله وقت إحرامه وما بعده لما بعد الكاف فمن لم يكن حرًّا أو غير مكلف وقته لم يصح منه الفرض ولو عتق العبد أو بلغ الصبي بعض ذلك قبل الوقوف صح نفلًا ولا ينقلب فرضًا ولا يرتفض إحرامه ولا يجزيهم أرداف إحرام عليه وقوله (بلا نية نفل) قال بعض حال ولم يبين ماذا والظاهر أنه من المضاف أي إحرام أي شرط وقوع الحج فرضًا حرية وتكليف وقت إحرامه حال كون ذلك لإحرام خاليًا من نية

ــ

السفيه الخ اعترضه طفى قائلًا لم أر من اشترط في الوجوب الرشد وقد قال ابن جماعة اتفق الأربعة على أن المحجور عليه لسفه كغيره في وجوب الحج عليه نقله ح في الموانع قال طفى ولا ينافي هذا عدّ السفه مانعًا فيما يأتي لأن المراد أنه يبيح التحلل لوليه لينظر له الأصلح في تلك السنة أو غيرها مع بقاء الوجوب لا سيما على القول بالتراخي اهـ.

وفيه نظر بل عده مانعًا مشكل إذ كون السفه من موانع الوجوب يستلزم توقف الوجوب على الإذن أو الرشد فتأمله وقول ز وفيه أن الصيغة تقتضيه يعني لأن إضافة شرط إلى وجوبه تفيد العموم وذلك يفيد الحصر وفيه نظر لأن الصيغة التي فيها شرط الوجوب فقط هي قوله ووجب باستطاعة وهذه ليس فيها ما يفيد الحصر أصلًا وقول ز وزاد قوله كوقوعه فرضًا الخ لا يخفى ما اشتمل عليه هذا الكلام من الخلل فلو أسقطه كان خيرًا والمصنف لو أسقط قوله كوقوعه فرضًا لتوهم أنه عند انتفاء أحد الشرطين يقع فرضًا مع انتفاء الوجوب كالاستطاعة وهذا التوهم لا يندفع إلا بقوله كوقوعه فرضًا فكونهما شرطًا في وجوبه لا يستلزم كونهما شرطًا في وقوعه فرضًا وبالجملة فالأول من حيث الانتفاء لا يغني عن الثاني لأن نفي الوجوب لا يستلزم نفي الوقوع فرضًا والثاني من حيث الثبوت لا يغني عن الأول لأن الوقوع فرضًا لا يستلزم الوجوب فلذا تعين ذكرهما معًا تأمله وقول ز وبحث فيه أحمد الخ هذا البحث لا يلاقي الكلام المبحوث فيه وقول ز وليعلق به قوله وقت إحرامه الخ فيه نظر بل الصواب تعلقه بقوله حرية وتكليف كما يفيدهما به إنما هو بالنسبة للوقوع فرضًا لا بالنسبة له وللوجوب كما يوهمه المصنف وقول ز إذ يجب على مستطيع الخ صوابه على حر مكلف بدل قوله مستطيع ليناسب ما قبله (بلا نية نفل) قول ز والظاهر أنه من المضاف أي إحرام الخ

ص: 412

نفل بأن نوى به الفرض أو الحج وأطلق وينصرف للفرض كما يأتي له فإن نوى النفل وقع نفلًا والفرض باق عليه ولا يصدق كلامه بعدم النية بالكلية لعدم توهمه (ووجب باستطاعة) لم يقل واستطاعة بالرفع عطفًا على حرية لاقتضائه أنه يشترط في وقوعه فرضًا الاستطاعة كما أنها مشترطة في الوجوب وليس كذلك إذ لو تكلفه غير مستطيع ممن هو صرورة وقع فرضًا كما مر ثم أبدل من باستطاعة بدل كل من قوله (بإمكان الوصول) إمكانًا عاديًا لا بطيران ونحوه فلا يجب عليه كما يفيده كلام بعضهم جزمًا لأنه خلاف ما وقع منه صلى الله عليه وسلم وتردد فيه الشيخ زروق ذكره ح عنه قائلًا أما الإجزاء فلظاهر أنه لا مانع منه وأما الوجوب فصل نظر اهـ.

وقوله الظاهر أنه لا مانع منه نقله الشيخ سالم بلفظ أما الإجزاء فلا مانع منه وهو حسن إذ لا يحتاج الإجزاء للاستظهار بل يجزم به (بلا مشقة عظمت) أي خرجت عن المعتاد في ذلك المحل بالنسبة للشخص وقوله (وأمن على نفس ومال) من عطف الخاص على العام أي على نفس من عدو بقتل أو أسر أو سباع ومال من لصوص جمع لص مثلث اللام وهو في الأصل السارق لكن المراد به هنا المحارب أما السارق الذي يندفع بالحراسة فلا يسقط به الحج واستثنى من مفهوم مال أي فإن لم يأمن على ماله سقط (إلا لأخذ ظالم ما قل) بالنسبة للمأخوذ منه لكونه لا يجحف به هذا ما عليه الأكثر ويحتمل أن يريد قل في نفسه وإن أخذ الكثير مسقط ولو لم يجحف كما للخمي انظر ح (لا ينكث) صفة لظالم ولو أتى به بلصقه كان أبين أي لا يرجع ويغدر بل يقف عند قوله هذا القدر يكفيني منكم وعلم ذلك منه عادة كعشار فإن علم أنه ينكث أو جهل حاله سقط الحج بلا خلاف قاله الشيخ زروق ويدل له ما في البرزلي عن ابن رشد قاله ح ونحوه في الشيخ سالم وما في عج من أن من جهل حاله كمن علم أنه لا ينكث من غير دليل نقلي غير ظاهر وكذا إذا شك هل ينكث فيسقط على المذهب وقيل لا كذا البعض الشراح وانظر مغايرة جهل حال الظالم للشك في نكثه فيما ذا وإذا كان يأخذ ما قل لم يسقط وجوب الحدّ (على الأظهر) ولا يرجع الاستظهار لقوله لا ينكث أيضًا إذ اعتبار كونه لا ينكث متفق عليه بل لما أفهمه الاستثناء وهو عدم سقوط الحد فتقدير كلامه إلا لأخذ ظالم ما قل فلا يسقط به الحد على الأظهر ثم ليس لابن رشد في هذه المسألة استظهار على ما قاله غ وق وكذا ح في صدر كلامه ثم ذكر عن البرزلي ما يشهد للمصنف وذكره حلولو بأتم منه واحترز بقوله ظالم من أخذ الدال على الطريق أجرة من المسافرين فإنه جائز

ــ

فيه مجيء الحال من المضاف إليه وهو إحرام من غير شرطه والصواب أنه حال من الضمير المضاف إليه لأن المضاف وهو إحرام صالح للعمل في الحال وقول ز ولا يصدق كلامه بعدم النية بالكلية يعني بأن يترك نية الحج من أصله (بإمكان الوصول) قول ز لأنه خلاف ما وقع منه صلى الله عليه وسلم منه الخ الظاهر أنه لا دليل في هذا لأنه صلى الله عليه وسلم أمكنه الوصول العادي وغيره والكلام هنا فيمن لا يمكنه الوصول العادي (لا ينكث) قول ز وانظر مغايرة جهل حال الظالم للشك فيما ذا الخ الظاهر أنه لا

ص: 413

وليس فيه تفصيل الظالم وتكون على عدد رؤوس المسافرين دون أمتعتهم إذ من معه دواب ولو كثرت كالمجرد منها في انتفاعهما به والظاهر اعتبار عدد رؤوس التابعين والمتبوعين لا المتبوعين فقط وإذا جرى عرف بشيء عمل به لأنه كالشرط واحترز أيضًا بقوله ظالم عما يأخذه الجند ونحوهم على حفظ المارة من موضع لآخر أو في جميع الطريق فإنه جائز ويلزم الحج حينئذ كما أفتى به ابن عرفة والجواز بثلاثة شروط أن لا يجحف وإلا سقط الحج وأن يمشوا هم أو خدمهم مع المارة وإلا حرم عليهم الأخذ لأنه أخذ على الجاه ولكن لا يسقط بذلك الحج الشرط الثالث أن لا يكون لهم من بيت المال قدر يكفيهم في مقابلة حفظ المارة وإلا كانوا كالظالم ثم إذا أخذوا على حفظ المارة بالشروط المذكورة فعلى عدد الرؤوس وقدر الأمتعة والدواب لاستواء الجميع في النفع بالحفظ من سارق ونحوه وأما الدال على الطريق فإنما ينتفع به المسافرون فقط فلذا كانت على عددهم دون أمتعتهم كما مر (ولو بلا زاد وراحلة الذي صنعة تقوم به) في السفر لزاده ولا تزرى به وعلم أو ظن عدم كسادها وهذا راجع لقوله ولو بلا زاد وقوله (وقدر على المشي) تحقيقًا أو ظنًّا راجع لقوله وراحلة فهو نشر مرتب للف السابق وظاهره كاللخمي ولو لم يكن المشي معتادًا له واشتراط القاضي والباجي اعتياده (كـ) أقطع وأشل وأعرج في يد أو رجل أو فيهما وأصم و (أعمى بقائد) ولو بأجرة وكان له مال يوصله اللخمي أو كان يتكلف اهـ.

وينبغي تقييد الأجرة بما لا يجحف (وإلا) بأن لم يمكن الوصول بلا زاد وراحلة ولا وجد ما يقوم مقامهما انفرادًا أو اجتماعًا فالصور ثلاث (اعتبر) في جانب الوجوب وجود (المعجوز عنه منهما) أي من الزاد وما ينوب عنه ومن الراحلة وما ينوب عنها فأيهما عجز عنه لم يكن مستطيعًا فلا يجب عليه الحج ويحتمل أن يريد في جانب السقوط كما في تت فقد المعجوز عنه منهما والأمر قريب فإن ما كان وجوده شرطًا كان فقده مانعًا من الوجوب ولو لحقته المشقة العظيمة في ركوب القتب والزاملة اعتبر في حقه وجود المحمل فإن لحقته في ركوبه أيضًا اعتبر وجود ما هو أرقى منه وظاهر كلام المصنف عدم اشتراط وجود الماء في كل منهل ونقل عبد الحق اشتراطه عن بعض أهل العلم ابن عرفة ولهذا لم يحج أكثر شيوخنا لتعذر الماء غالبًا في بعض المناهل وحكاية الشامل قول عبد الحق بقيل تقتضي ضعفه وكلام جمع يقتضي اعتماده وأنه المذهب وهو الظاهر والمراد والله أعلم في المناهل المعتاد وجوده فيها غالبًا لا في كل مرحلة وأحرى من المصنف عجزه عنهما ثم علق بقوله بإمكان الوصول مبالغة في وجوب الحج قوله

ــ

مغايرة بينهما وكلام البعض غير صواب وقد صرح ح في التنبيه الخامس بنفي الخلاف في الشك ونصه وأما لو علم نكثه أو شك فيه فقد تقدم أنه لا يجب الحج بلا خلاف اهـ.

(كأعمى بقائد) قول ز وينبغي تقييد الأجرة الخ فيه نظر إذ هي من جملة النفقة كأجرة

ص: 414

(وإن بثمن ولد) لأمته أتت به من (زنا أو ما يباع على المفلس أو بافتقاره أو ترك ولده) ومن تلزمه نفقته كأبويه (للصدقة) بناء على أنه على الفور (إن لم يخش هلاكًا) ولا شديد أذى قياسًا على رعي ذلك في مسائل الصوم وهو قيد في المسألتين قبله قال تت ود يفهم مما ذكره في هذه المسائل أنه إذا كان معه ما ينفقه على زوجته أو يحج به ويعلم أنه إذا تركها بلا نفقة فإن شاءت أقامت أو طلقت نفسها يجب اهـ.

أي إلا أن يخاف الزنا ولو بغيرها أو كانت مضرة طلاقها تزيد على ترك الحج وقال تت أيضًا ويفهم منه أيضًا أنه إذا كان عزبًا ومعه من المال ما يحج به أو يتزوج به فإنه يحج ما لم يخش العنت ابن رشد ويأثم إن تزوج ولا يفسخ والمسألتان مبنيتان على وجوبه فورًا اهـ.

منه عند قوله بإمكان الوصول ولما ذكر أسباب الاستطاعة ذكر مقابلها فقال (لا) يجب الحج باستطاعة (بدين) ولو لولد كما في ح عن سند حيث لم يكن عنده ما يقضيه به ولا جهة يوفي منها أو كان ولا يمكنه الوصول إليه لبعده وإلا وجب عليه الحج به وفي كلام تت نظر (أو عطية) بغير سؤال بدليل ما بعده والمراد أنه يعطي لأجل الحج فإن لم يحج لم يعط فلا يجب عليه وأما إن أعطى مطلقًا وقبل فإنه يجب عليه فمحل كلامه حيث لم يقبل العطية كما يفيده القرافي أو توقف الإعطاء على السفر ومحله أيضًا إن لم يكن باذل الهبة له ولده وإلا وجب عليه ذكره تت وح عن سند زاد ح ولابن العربي وتبعه القرطبي في تفسيره سورة آل عمران لا يلزمه قبول هبة ابنة عند مالك وأبي حنيفة لأن فيه سقوط حرمة الأبوة ويلزمه القبول عند الشافعي لأن ابن الرجل من كسبه ولا منة عليه في ذلك اهـ.

وما قاله سند أظهر ولابن رشد ما يوافقه انتهى.

ــ

الدليل (وإن بثمن ولد زنا) ح ثمن ولد الزنا لا شبهة فيه وإثم الزنا على أبويه وإنما نبه عليه لئلا يتوهم أن كونه ناشئًا عن الزنا مانع من الحج بثمنه ولأن كلام ابن رشد يدل على أن المستحب عند مالك أن لا يحج به يعني لمن يملك غيره وأصل المسألة وقع في الموازية والعتبية وبه يرد قول البساطي ولو ترك المصنف خشونة هذا اللفظ في مثل الحج لكان أحسن اهـ.

(لا بدين) أي لا يجب عليه أن يستدين مالًا في ذمته ليحج به وهو حينئذ مكروه أو حرام كما في ح وقول ز وفي كلام تت نظر أي حيث قال ظاهره كانت له جهة وفاء أم لا وهو كذلك باتفاق في الثاني وعلى المشهور في الأول اهـ.

قال طفى وما ذكره من التشهير هو في عهدته ولم أره لغيره وقد قيد في الشامل الدين بكونه لا وفاء له وعلى هذا حمل ح كلام المصنف وتبعه عج اهـ.

(أو عطية) قول ز والمراد أنه يعطي لأجل الحج الخ الصواب أن يقال في شرح كلام المصنف كما في ح إذا أعطى مالًا على جهة الصدقة أو الهدية يمكنه به الوصول إلى مكة فإنه لا يلزمه أن يقبله ويحج به لأن الحج ساقط عنه اهـ.

ص: 415

كلام ح وأما والده فلا (أو سؤال مطلقًا) أي سواء كانت عادته السؤال في الحضر أم لا ويعطى أم لا ودخل فيه من عادته السؤال في الحضر ويعطى في السفر إذا سافر ما يكفيه أي علم ذلك أو ظنه فلا يجب عليه ولكن المذهب في هذه الحالة وجوب الحج عليه حيث قدر على الراحلة أو المشي وعليه اقتصر ابن عرفة فقال وقدرة سائل بالحضر على سؤال كفايته بالسفر استطاعة وأما غير سائل بحضر وغير قادر على سؤال كفاية بالسفر فلا يجب اتفاقًا كما قال ابن رشد وفي إباحته وكراهته روايتان انظر ح فإنه رد على التوضيح كابن عبد السلام الذي تبعه الشارح وقت ود في إدخال التي قلنا المذهب فيها الوجوب في المصنف بما معناه التبس عليهم مسألة الروايتين بالمعتمد في المستثناة من المصنف مع أن الموضوع مختلف (واعتبر) في الاستطاعة زيادة على إمكان الوصول لمكة وجود (ما يرد به) إلى أقرب مكان يمكن فيه التمعش بما لا يزري به من الحرف (إن خشي) في بقائه بمكة (ضياعًا والبحر) في وجوب ركوبه لمن تعين طريقه وجوازه لمن له عنه مندوحة (كالبر إلا أن يغلب) على الظن (عطبه) في نفس أو مال ويرجع في ذلك لقول أهل الخبرة بهذا الشأن فما قالوا فيه يغلب العطب امتنع ركوبه ونص الداودي أن من ركبه عند سقوط الثريا بريء من الله تعالى وكخوف عدو الدين أو المفسدين من المسلمين فإن قلت لا فائدة للاستثناء مع قوله أو من على نفس ومال ثم قال والبحر كالبر قلت فائدته أن ما تساوي السلامة فيه مع العطب ليس خارجًا عن قوله وأمن على نفس ومال بل هو من جملة ما يدخل في الأمن على نفس ومال أو لبيان أن المراد بالأمن في البحر أن

ــ

فالمدار على قبولها أن قبلها وجب عليه وإلا لم يلزمه (أو سؤال مطلقًا) قول ز وأما غير سائل بحضر وغير قادر الخ هكذا رأيت في كثير من النسخ بلفظ وغير قادر والصواب إسقاط لفظ غير الثانية كما في بعض النسخ ونص ابن عرفة ولا يجب على فقير غير سائل بالحضر قادر على سؤال كفايته بالسفر ابن رشد اتفاقًا وفي إباحته له أو كراهته روايتا ابن عبد الحكم وابن القاسم اهـ.

(والبحر كالبر) قول ز ويرجع في ذلك لقول أهل الخبرة الخ يعني أن غلبة عطبه تقع بأمور منها ركوبه في غير إبانه وعند هيجانه ويرجع في ذلك لأهل الخبرة الخ وركوبه حينئذ حرام انظر ح وقول ز قلت فائدته أن ما تساوى فيه الخ مثله في خش وهو غير صواب إذ قوله ليس خارجًا الخ لا يصح بل صورة التساوي خارجة من قوله وأمن على نفس الخ لأن المراد بالأمن ظن السلامة وصوابه لو قال فائدته أن صورة التساوي داخلة هنا فيجب فيها الحج وخارجة من قوله وأمن على نفس الخ ومع هذا ففيه نظر لقول التلقين والبحر كالبران غلبت السلامة وقال ابن عرفة البحر الآمن مع أداء فرض الصلاة كالبر وإلا سقط اهـ.

وأجاب بعض شيوخ ابن عاشر عن المصنف أيضًا بأنه لما كان البحر لا يتحقق أمنه بوجه كان المعتبر إنما هو انتفاء غلبة عطبه فلذا بينه المصنف وقال تشبيه البحر بالبر في مطلق

ص: 416

لا يغلب عطبه لا أن لا يحصل فيه عطب (أو) إلا أن (يضيع ركن صلاة لكميد) دوخة أو ضيق أو كان لا يستطيع السجود فيه إلا على ظهر أخيه ومثل ركنها الإخلال بشرطها من استبراء أو نجاسة أو عورة أو قبلة أو إخراج عن وقت ويقضي العالم باليد ما خرج وقته في غيبة عقله كالسكران بجامع إدخال ذلك على نفسه ولا يقضي غيره لعذره ويؤمر بالرجوع في الوجه الممنوع من أي وجه أمكنه (والمرأة) ولو متجالة (كالرجل إلا في بعيد مشى) فيكره لها ذلك والقريب مثل مكة وما حولها مما لا يكون مسافة قصر كما في تت وقال اللخمي مثل مكة من المدينة اهـ.

والظاهر أنه يختلف باختلاف الأشخاص فنساء البادية لسن كنساء الحاضرة قاله ح (وركوب بحر) فيكره لها (إلا أن تخض بمكان) فلا يكره فلا يجوز ويجب عليها الحج حينئذ ومثل اختصاصها بمكان فيها اتساعها بحيث لا تخالط الرجال عند حاجة الإنسان (و) إلا في (زيادة محرم) منها (أو زوج) لها كما ورد في الصحيحين فقول التوضيح قاسه العلماء على المحرم فيه نظر وورد في المحرم لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يومًا وليلة إلا ومعها محرم وروي نصف يوم ويومين وثلاثة وليلة وبريدًا وروي لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم فردوا روايات التحديد إلى رواية الإطلاق لما تقرر في الأصول أن المطلق إنما يحمل على المقيد بقيد واحد لا بأزيد من واحد فيعمل بالمطلق وأجيب هنا بأن روايات التحديد إنما هي واردة على اختلاف السائلين للمصطفى بأن سئل هل تسافر امرأة مسيرة يوم بغير محرم فقال لا تسافر يومًا بغير محرم وكذا باقي روايات التقييد فلا مفهوم لها والمراد ما يسمى سفرًا لحرمة اختلائها بأجنبي وأراد المصنف بقوله

ــ

الوجوب أن تعين من غير مراعاة شرطه (أو يضيع ركن صلاة لكميد) في ح عن ابن المعلى واللخمي أنه إن علم حصول الميد حرم عليه الركوب وإن علم عدمه جاز وإن شك كره وقول المصنف ركن صلاة يشمل القيام فما أدى إلى الإخلال به يمنع ركوبه وهو كذلك خلافًا لظاهر اللخمي وسند (إلا في بعيد مشى) المراد بالمشي على الرجلين لا ما يصدق به وبالركوب انظر ح وقول ز ولو متجالة نحوه في ضيح ونصه قوله عليه الصلاة والسلام لا يحل لامرأة الخ نكرة في سياق النفي فتعم هو قول الجمهور وقال بعض أصحابنا تخرج منه المتجالة لأنها كالرجل ورد بأن الخلوة ممنوعة اهـ.

ومثله لابن فرحون وعلى القول الثاني بالتفريق اقتصر ق نقلًا عن عياض وكان حق ز لو أخر قوله ولو متجالة عن المستثنيات في كلام المصنف (وزيادة محرم أو زوج) قول ز كما ورد في الصحيحين أشار به إلى ما في البخاري آخر كتاب الصلاة عن قزعة مولى زياد قال سمعت أبا سعيد الخدري يحدث بأربع عن النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبني وآنقنني قال لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم ولا صوم في يومي الفطر والأضحى ولا صلاة بعد صلاتين بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب ولا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الأقصى ومسجدي وأخرجه أيضًا آخر أبواب العمرة وفي

ص: 417

زيادة محرم أو زوج زيادتهما على ما قدمه في بيان معنى الاستطاعة وليس المراد أن يكون المحرم زائد أي متعددًا بل المراد صحبة محرم والواو في وزيادة بمعنى مع قال ح ولا يشترط في المحرم البلوغ بل يكفي التمييز ووجود الكفاية هذا هو الظاهر ولم أر فيها نصًّا وللشافعية في ذلك خلاف اهـ.

وينبغي أن يجري مثل ذلك في الزوج واختلف في عبدها هل هو محرم مطلقًا فتسافر معه ورجحه ابن القطان أولًا مطلقًا واستظهره ابن الفرات أو إن كان وغدًا فمحرم فتسافر معه وإلا فلا وعزاه ابن القطان لمالك وابن عبد الحكم وابن القصار ودخل في المحرم الربيب قال تت وكراهة مالك سفرها معه إما لفساد الزمان أو لضعف مدرك التحريم عند بعضهم ويلحق به على هذا محارم الصهر والرضاع وإما لخوف ضيعتها لما بينهما من العداوة قال المصنف وهو الظاهر والكافل كالأب اهـ.

وانظر قوله أو لضعف مدرك التحريم مع قوله تعالى {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] أشار له ح حكم الخنثى المشكل حكم المرأة.

تنبيه: لو امتنع المحرم أو الزوج من الخروج إلا بأجرة لزمتها إن قدرت عليها وحرم عليها حينئذ الخروج مع الرفقة المأمونة فإن امتنعا بكل وجه أو طلبا ما لا تقدر عليه خرجت مع الرفقة ذكره ابن جماعة عن المالكية قاله ح وظاهره أنهما إذا طلبا ما تقدر عليه فليس لها الخروج مع الرفقة المأمونة ولو كثر مطلوبهما ولا يقيد بالقلة كالظالم وشبه في الوجوب المفهوم من قوله إلا أن تخص بمكان أي فيجب عليها قوله (كرفقة أمنت بفرض) عند عدم زوج أو محرم أو امتناعهما أو عجزهما كذا يفيده النقل لا ما يفيده المصنف من مساواة الرفقة للمحرم والزوج إذا وجدا ثم لا بد أن تكون هي مأمونة في نفسها وقوله بفرض راجع لما بعد الكاف وهو متعلق بمحذوف أي فيجوز لها أن تسافر معها في فرض لا بأمنت لأن الأمن ثابت مطلقًا ومثل سفر الحج سفر واجب عليها

ــ

كتاب الصيام وقول ز وكراهة مالك سفرها معه الخ هذا لفظ ضيح لكن قول ز إما لفساد الزمان أو لضعف مدرك التحريم الخ جعلهما علتين وليس كذلك بل الصواب إسقاط أو لأنه في ضيح جعلهما علة واحدة ونصه إما لفساد الزمان لضعف مدرك التحريم عند بعضهم الخ ثم قال ح وتأمل قوله لضعف مدرك التحريم وقال ابن عبد السلام إما لفساد الزمان فلا تقوى الحرمة إذا كان التحريم طارئًا اهـ.

فيؤخذ منه أن صواب ضيح لو قال إما لفساد الزمان لحداثة الحرمة كما عبر به ابن عرفة وقد علمت بذلك سقوط ما أورده ز وقال ح عقب كلام ضيح وما ذكره في ضيح من الكراهة عن مالك يفهم منه أنه كرهه مطلقًا وليس كذلك إنما كرهه إذا كان أبوه قد طلقها وتزوجت بعده كما في العتبية انظر نصها فيه (كرفقة أمنت بفرص) قول ز كذا يفيده النقل لا ما يوهمه

ص: 418

كإسلامها بدار حرب فإنها تخرج منها مع رفقة مأمونة فإن لم تجدها وكان يحصل بكل من بقائها وخروجها ضرر فإن خف أحدهما ارتكبته وإن تساويا خيرت كذا يفيده كلامهم (وفي الاكتفاء) في الرفقة مأمونة (بنساء أو رجال) هذا أحد شقي التردد وهو أنه يكفي أحدهما وحينئذ فالمجموع أحرى (أو بالمجموع) مقتضاه أنه معطوف على قوله بنساء فيدل على أنه يكفي المجموع وليس هذا محل النزاع إذ لم يقل أحد أنه لا يكفي المجموع بمعنى الجميع بل الخلاف هل لا بد من المجموع أو يكفي أحدهما فلو قال وفي الاكتفاء بنساء أو رجال أو اشتراط المجموع لكان حسنًا والجواب أنه لما جعل الاكتفاء بالمجموع مقابلًا للاكتفاء بأحد النوعين أفاد بمفهومه عدم الاكتفاء بذلك فهو بمثابة ما لو قال وفي الاكتفاء بنساء أو رجال أو الاكتفاء بالمجموع لا أحدهما قاله د (تردد) حقه تأويلان (وصح) الحج فرضًا أو نفلًا (بـ) المال (الحرام) فيسقط عنه الفرض والنفل مع وجود الشروط والأركان ولذا عبر يصح دون سقط لئلا يتوهم اختصاصه بالفرض (وعصى) فلا يثاب عليه كثواب فعله بحلال وانظر هل يكون عاصيًا بسفره أو فيه وقدم هنا لفظ صح وأخره في الصلاة حيث قال وعصى وصحت تفننا واعتناء بالتنبيه على مخالفة قول أحمد بعدم صحته بالحرام ولم يقل وإن بالحرام كعادته اختصارًا (وفضل حج) ولو تطوعًا (على غزو) متطوع به أو فرض كفاية كما في د بدليل قوله (إلا لخوف)

ــ

المصنف الخ بمثل هذا اعترض ح عبارة المصنف قائلًا وظاهر النقول التي وقفت عليها إنها إنما تخرج مع الرفقة المأمونة عند عدم الزوج والمحرم أو امتناعهما اهـ.

ثم قال في التنبيه السادس وقيد ذلك الباجي بالعدد القليل قال الباجي وأما القوافل العظيمة فهي عندي كالبلاد يصح فيها سفرها دون نساء ودون محارم اهـ.

قال ح ونقله عنه في الإكمال وقبله ولم يذكر خلافه وذكر الزناتي أنه المذهب انظر نصه فيه قلت على القوافل الكبيرة حمل ق كلام المصنف فيندفع الاعتراض المذكور بذلك والله أعلم (تردد) قول ز حقه تأويلان الخ صحيح ففي ق عن عياض اختلف في تأويل قول مالك تخرج مع رجال أو نساء هل بمجموع ذلك أو في جماعة من أحد الجنسين وأكثر ما نقله أصحابنا اشتراط النساء اهـ.

ويظهر من كلام صاحب الإكمال أنها ثلاثة تأويلات على المدونة ولو أراد المصنف موافقته لقال وفي الاكتفاء بنساء أو رجال أو لا بد من المجموع أو لا بد من النساء تأويلات انظر كلام ح (وصح بالحرام وعصي) في ح أن الحج بالحرام لا ثواب فيه وأنه غير مقبول واعترضه الشيخ أبو علي بأن مذهب أهل السنة أن السيئة لا تحبط ثواب الحسنة بل يثاب على حجه ويأثم من جهة المعصية وقال ابن العربي في مسالكه من قاتل على فرس مغصوب فله الشهادة وعليه المعصية فله أجر شهادته وعليه إثم معصيته اهـ.

(وفضل حج على غزو) يتحصل في المسألة أربع صور حج التطوّع مع الغزو في غير

ص: 419

إذ مع عدم الخوف لا يكون الغزو فرضًا لذاته بل لغيره كتعيين الإِمام كما يأتي في الجهاد وأما مع الخوف فيقدم على الحج التطوع وكذا على الفرض على القول بالتراخي حيث لم يخف الفوات وكذا أن خيف أو قيل بفوريته حيث كثر الخوف من العدو أو اشتد أو فجا أو عين الإِمام ولا يقال في هذه الأمور الأربعة يفضل بل يقال يقدم كما قررنا فعلم أن الأقسام أربعة حج وغزو فرضان ومتطوع بهما وحج فرض وغزو تطوع وعكسه وقد علمت أحكامها وكذا يفضل حج التطوع على صدقة التطوع في غير مجاعة والصدقة أفضل من العتق إن كانت تساويه قدرًا وإلا فهو أفضل (وركوب) لأنه فعله عليه الصلاة والسلام لما فيه من مضاعفة النفقة ولأنه أقرب للشكر في سائر المناسك حتى الوقوف بعرفة ورمي جمرة العقبة كما يأتي ما يفيده للمصنف من أن الركوب بعرفة أفضل ومن قوله عاطفًا على المستحب ورميه العقبة حين وصولها وإن راكبًا والمشي في غيرها ففي قول بعض الشارحين إلا الوقوف بعرفة ورمي جمرة العقبة شيء فلعل صوابه والوقوف الخ بواو العطف والعمرة كالحج في ذلك ثم لا يرد على أفضلية الركوب على المشي خبر الطبراني كما في الجامع الصغير عن ابن عباس أن للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة وللماشي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة وخبران الملائكة تصافح الركاب وتعتنق المشاة لأن ذلك مزية وهي لا تقتضي الأفضلية (ومقتب) بوزن مكرم اسم مفعول مخففًا ومشددًا كما في النهاية من قتب وأقتب وهو ما جعل له قتب بفتح القاف والتاء المثناة الفوقية رحل صغير على قدر السنام وفي حديث المعراج في صفة طير الجنة وإذا بها

ــ

خوف وحج الفرض مع الغزو في غير خوف أيضًا وحج التطوع مع الغزو في سنة الخوف وحج الفرض مع الغزو أيضًا ففي الأولى يقدم الحج ندبًا على الغزو وفي الثانية يقدم ندبًا على التراخي ووجوبًا على الفور وفي الثالثة يقدم الغزو ندبًا وفي الرابعة على التراخي يقدم الغزو وعلى الفور ينظر إلى كثرة الخوف وقلته وما ذكر في الثلاثة الأول مأخوذ من كلام ابن رشد وما ذكر في الرابعة قال ح ظهر لي منها ولم أر فيها نصًّا وهذا كله ما لم يجب على الأعيان بفجء العدوّ وإلا فلا شك في تقديمه قولًا واحدًا انظر ح وقول ز ولا يقال في هذه الأمور يفضل بل يقال يقدم غير صحيح لتصريح ابن رشد بالأفضلية ونصه وأما الغزو مع الخوف فلا شك أنه أفضل من الحج في التطوّع نقله ح (وركوب) قول ز في سائر المناسك الخ فيه نظر إذ المشي عندنا في الطواف والسعي من الواجبات التي يجب الدم بتركها كما يأتي وما ذكره من أن الركوب في الرمي أفضل خلاف ما ذكره وهو عند قول المصنف ورميه العقبة الخ انظره (ومقتب) قول ز ومشددًا كما في النهاية الخ إن صح ما نقله عن النهاية كان جوابًا عن قول ح لم أقف في كلام أهل اللغة على قتب بالتشديد بل الذي في الصحاح والقاموس وغيرهما أقتب البعير بالهمزة اهـ.

ص: 420

كالإبل المقتبة (و) فضل (تطوع وليه) أي ولي الميت وكذا غير الولي من قريب أو أجنبي (عنه) أي عن الميت وكذا عن الحي (بغيره) أي بغير الحج (كصدقة ودعاء) وهدي وعتق لقبول هذه للنيابة ولوصولها للميت من غير خلاف فالمراد بالغير غير مخصوص وهو ما يقبل النيابة كما ذكر لا كصوم وصلاة وقراءة على المذهب ويكره تطوعه عنه بالحج كما يأتي ولما أشعر قوله وتطوع وليه عنه بغيره بصحة الاستئجار في الحج ذكر أنواعه الأربعة وهي إجارة ضمان مضمونة بذمة الأجير أو بعينه وبلاغ جعالة وفي كل أما في أي سنة وأما عينة فأشار إلى المضمون بقسيمة بل بأقسامة بقوله (و) فضلت (إجارة ضمان على بلاغ) ومعنى تفضيلها على البلاغ أنها أحوط للمستأجر لوجوب محاسبة الأجير فيها إن لم تتم لصد أو موت لا أنها أكثر ثوابًا إذ كل منهما لا ثواب فيه لأنه مكروه وإجارة الضمان ما تقع بقدر معين على وجه اللزوم سواء كانت في الذمة كمن يأخذ كذا في حجة أو من يضمن لي حجة بكذا ولم يعين لفعلها أحدًا أو في معين الأجير كاستأجرتك لتحج أنت عني وإن زاد بنفسك كان تأكيدًا قاله سند وسواء معين السنة فيهما أو أطلق كما سيأتي في قوله وعلى عام مطلق وقوله على بلاغ أي بقسميها أي كانت بلاع جعل بأن يجاعله على إتمامه أو بلاغ ثمن وهي إعطاء ما ينفقه بدءًا وعودًا بالعرف كما يأتي فقوله على بلاغ مالي أو عملي أي بلاغ في مال أو بلاغ في عمل وإجارة البلاغ سيعرفها المصنف وسيذكر قسمًا ثالثًا من أقسام المعاوضة في الحج وهو الجعل وهو أن لا يلزم الأجير نفسه شيئًا ولكن أن حج عنه كان له من الأجر كذا وأعلم أن إجارة البلاغ قد تجب ولا تجوز إجارة الضمان كما أوصى أن يحج عنه غيره بماله كما نذكره عن العوفي في قول المصنف ودفع

ــ

(وتطوع وليه عنه) نقل ح هنا ما للعلماء من الخلاف في جواز إهداء ثواب قراءة القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم أو شيء من القرب قال وجلهم أجاب بالمنع لأنه لم يرد فيه أثر ولا شيء عمن يقتدي به من السلف انظره وقد اعترضه الشيخ ابن زكري بحديث كعب بن عجرة كما في المواهب وغيرها قلت يا رسول الله أني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي قال ما شئت قلت الربع قال ما شئت وإن زدت فهو خير لك قلت النصف قال ما شئت وإن زدت فهو خير لك قال أجعل صلاتي كلها لك قال إذا تكفي همك ويغفر ذنبك اهـ.

(وإجارة ضمان على بلاغ) استشكله ابن عاشر بأن الموصي إذا معين أحدهما وجب وإن لم يعين تعين الضمان بدليل قوله وتعينت بالإطلاق فما محل التفضيل قلت محله ما إذا أراد الموصي أن يعين ينبغي له إجارة الضمان وكذا أن خيرهم أو أراد الحي أن يستأجر عن نفسه والله أعلم وقول ز لوجوب محاسبة الأجير الخ مثله في ضيح وابن عرفة إذ قال محمَّد عن مالك وأحب إلينا أن يؤاجر بمسمى لأنه إن مات قبل أن يبلغ كان ضامنًا لذلك محمَّد يريد ضامنًا للمال يحاسب بما سار ويؤخذ من تركته ما بقي وهذا أحوط من البلاغ اهـ.

فوجه الفرق أنه ضامن لما يبقى بالحساب يؤخذ من تركته بخلاف البلاغ فإنه إن مات

ص: 421

المسمى وإن زاد على أجرته لعين الخ (فالمضمونة كغيره) يحتمل عود ضميره على الحج أي فالضمونة فيه كالمضمونة في غيره أي في اللزوم وفي كون الفضل له والنقصان عليه والصفة وهو العقد على مال معلوم يملكه ويتصرف فيه بما شاء وفي عدم جواز شرط تعجيل الأجرة إذا تعلقت بعين وتأخر شروعه وجواز التقديم أن تعلقت بالذمة ولو تأخر الشروع سنين قاله سند وسيذكر المصنف في باب الإجارة أنه لا بد من تعجيل الشروع أو اليسير من الأجرة بقوله أو في مضمونة لم يشرع فيها إلا كري حج فاليسير وقوله إلا كري حج فاليسير محمول على ما إذا وقع الكراء قبل الإبان فإن وقع فيه فلا بد من الشروع أو تعجيل جميع الأجر ويحتمل عوده للمضمونة وذكرها باعتبار أنها نوع أي فهذا النوع وهو الكراء المضمون كغيره مما ليس بمضمون من بلاغ أو جعل في الكراهة (وتعينت) إجارة الضمان على الوصي (في الإطلاق) من الموصي بالحج ولم يعين صفة ما يعقد عليه بأن قال حجوا عني ولم يبين ضمانًا ولا بلاغًا فلا يستأجر الناظر بلاغًا لأنه تغرير بالمال (كميقات) بلد (الميت) كانت الإجارة أو الوصية به أو بغيره هذا هو المرتضى كما يفيده تت وق والشيخ سالم أي إذا لم يعين له ميقات بل أطلق فيتعين ميقات بلده خلافًا لقول ح يحرم ميقات بلد الميت إن لم تقع الإجارة في غيره وإلا أحرم من ميقات بلد الذي وقعت فيه الإجارة ومفهوم الميت أن ميقات المستأجر الحي لا يجب الإحرام منه وهو كذلك وإنما يستحب فقط قاله ح (وله) أي لأجير الضمان من الأجرة كان العقد متعلقًا بعينه أو بذمته وأبى وارثه من الإتمام (بالحساب) فيما سار فيما بقي (أن مات) أثناء سفره قبل الإحرام أو بعده فيعطي بقدر ما سار بحسب صعوبة المسافة وسهولتها وأمنها وخوفها لا بحسب مجرد مسافتها فقد يكون ربعها يساوي نصف الكراء لصعوبته وعكسه فيقال بكم يحج مثله في زمن الإجارة من موضع الاستئجار فإن قيل بعشرة قيل وكم يحج مثله

ــ

وإن كان يرجع عليه بما زاد على ما أنفق لكن ليس في ذمته بل إذا ضاع لا يضمنه كما يأتي وقول ز وسيذكر قسمًا ثالثًا الخ هذا معين ما ذكره من بلاغ الجعل لا غيره كما يوهمه وقول ز أن يحج عنه غيره الخ صوابه أن يحج عنه وارثه الخ إذ هذه صورة العوفي كما يأتي (فالمضمونة كنيره) قول ز لا بد من تعجيل الشروع أو اليسير الخ فيه نظر وصوابه لا بد من تعجيل الأجرة أو الشروع الخ وأما الاكتفاء بتعجيل اليسير فقط فإنما رخصه الإِمام في كراء الحج للضرورة كما يأتي والله أعلم (كميقات الميت) قول ز خلافًا لقول ح الخ ما قاله ح من اعتبار بلد العقد هو قول أشهب واستحسنه اللخمي وصاحب الطراز وهو أقوى وقول ز وإنما يستحب فقط قاله ح الخ ما نسبه لح ليس هو فيه فانظره (وله بالحساب) قول ز أو بذمته وأبى وارثه من الإتمام الخ فيه نظر بل كلام المصنف خاص بما إذا كان العقد متعلقًا بعينه وأما إن كان متعلقًا بذمته ومات فلا يرجع للحساب بل تؤخذ الحجة من تركته بالغة ما بلغت كما في ح ونصه وأما إذا كان الحج مضمونًا بذمته فسيأتي أنه إذا مات يقوم وارثه مقامه فإن أبى أخذ من تركة الميت أجرة حجة قاله المتيطي وسند اهـ.

ص: 422

من مكان الموت فإن قيل بثمانية رد أربعة أخماس الأجرة إن كان قبضها بقيت أو تلفت بسببه أو بغيره وإن قام وارثه مقامه أخذ خمسها إن لم يكن قبضها وأشار بقوله (ولو بمكة) لرد قول ابن حبيب يستحق جميع الأجرة أن مات بعد دخولها قال في توضيحه وضعف انتهى.

وأما الأجير في البلاغ فله بقدر ما أنفق ولا شيء له في الجعالة والصد بمرض أو عدو كالموت كما أشار له بقوله (أو صد) ومثله خطأ العدد إلا أن له البقاء في الصد بمرض أو عدو كما أفاده بقوله (و) لمن استؤجر على حج بعام غير معين وصد فيه حتى خشي فوات الحج فيه وشق صبره لزوال الصد (البقاء) على عقد الإجارة (لقابل) أي لعام قابل أي فالخيار له دون مستأجرة فإن لم يخشَ فوات الحج أو لم يشق صبره تعين البقاء إلا أن يتراضيا على الفسخ كتعين البقاء في عقد على عام معين إن لم يخشَ فواته بالصد وإلا فله البقاء حيث رضي هو ومستأجره بالبقاء على عقد الإجارة مع تحلل أو بدونه فإن لم يتراضيا فسخ.

تنبيه: قابل مصروف وتقدم أن قوله والبقاء أي على عقد الإجارة سواء أحرم قبل الصد أم لا تحلل بعد إحرامه أم لا هذا ما يفيده تت في كبيره وقوله في صغيره والبقاء على إحرامه يوهم أنه قبل الإحرام ليس فيه هذا الحكم وليس كذلك (و) إذا لم يبق

ــ

ونصه فيما يأتي عن سند قال ابن القاسم في الموازية ومن دفع إلى رجل عرضًا أو جارية على أن يكون عليه حجة عن فلان فمات الذي عليه الحج فذلك في ماله حجة لازمة تبلغ ما بلغت لا يلزمه غير ذلك بمنزلة سلعة من السلع وقاله أصبغ اهـ.

ز وإن قام وارثه مقامه أخذ خمسها الخ هذا سبق قلم إذ الوارث إذا قام مقام الأجير استحق الجميع إذا كانت الإجارة مضمونة في ذمته فإن كانت مضمونة في عينه لم يستحق الوارث غير الحساب وإنما صوابه أن يقول وأخذ وارثه خمسها إن لم يكن قبضها وهكذا في خش وغيره ويسقط قوله وإن قام وارثه مقامة أو يجعل مبالغة على ما قبله ويكون خاصًّا بما إذا كانت مضمونة في عينه الحاصل أنه إن كان ضمانًا في عينه رجع للحساب قام وراثه مقامه أولًا وإن كان ضمانًا في ذمته فإن قام وارثه مقامه أخذ الجميع وإن لم يقم أخذ من تركته أجرة حجة بالغة ما بلغت (والبقاء لقابل) الظاهر أن هذا غير مختص بالمضمونة خلافًا لطفى لما في مناسك المصنف من أن له البقاء لقابل في البلاغ أيضًا وقيده ح نقلًا عن سند بما إذا كان العام غير معين لكن لا نفقة له في مقامه بمكة حتى يأتيه الوقت الذي أمكنه فيه التحلل من العام الأول وأما إذا كان العام عينًا فلا نفقة له بعد وقت إمكان التحلل منه أصلًا اهـ.

مختصرًا ثم قال وأما إن أخذ على الجعالة ثم أحصر فإن أقام إلى قابل فهو على عقده وإن كان العام عينًا على ما مشى عليه المصنف في العين من الإجزاء وهو اختيار ابن أبي زيد وقول ز وإلا فله البقاء حيث رضي الخ هذا أحد قولين كما في ح وق ووجههما في ضيح فقال فمن رأى أنه لما تعذر الحج في هذا العام انفسخت فصار له دين في ذمته يأخذ منه منافع متأخرة منع لأنه فسخ دين في دين ومن رأى أن هذا النوع أخف من الإجارة الحقيقية ولم يقدر الانفساخ لأنه قبض الأجرة وقد صار الأمر إليه أجاز واختار ابن أبي زيد الجواز انتهى.

ص: 423

الأجير لقابل حين صد أو كان مات وأريد تتميم الأول (استؤجر من الانتهاء) في إجارة الضمان والبلاغ وقصره على الضمان وإن اقتضاه سياق المصنف قصور ويبتدئ الأجير الثاني الحج من حيث استؤجر ولا يكمل ما سبق من الأول خلافًا لبعض الشراح ولو لم يبق الأمثل طواف الإفاضة في عام غير معين ولا ينافي هذا قول المصنف من الانتهاء لأن المراد استؤجر من يبتدئ الحج من الانتهاء في المسافة ولا يلزمهم استئجار من يبتدئه من أول المسافة وإذا مات الأول أو صد بعد الوقوف وكان العام عينًا فسخت الإجارة فيما بقي ورد حصته فجعل الاستئجار حيث أمكن فعل الحج ولو في ثاني عام لا إن كان عينًا ولم تمكن إعادته في عامه فلا استئجار (ولا يجوز) في إجارة الضمان (اشتراط كهدي تتمتع عليه) أي على من لم يجب الهدي عليه من مستأجر أو أجير فإذا وجب على الأجير كما إذا قرن أو تمتع بغير إذن المستأجر فلا يجوز اشتراطه على المستأجر وإذا وجب على المستأجر كما إذا قرن أو تمتع بإذنه فلا يجوز اشتراطه على الأجير وإنما لم يجز اشتراطه على المستأجر في القسم الأول لما فيه من الغرر إذ تصير الأجرة حينئذ شيئين ما دفعه المستأجر وما يلزم الأجير من الهدي وهذا التعليل يقتضي فساد الإجارة وانظره فإن قلت هذا التعليل يجري أيضًا في حال كون الهدي على الأجير أصالة كما مر إذ المستأجر عليه النفقة والهدي قلت هو في هذه الحالة تابع للنفقة وفي حالة الاشتراط من جملة المقصود والأول مغتفر دون الثاني ومحل منع اشتراطه على الأجير حيث لم تنضبط صفته وجهل أجله لأنه كمبيع فإن انضبطت صفته وعلم أجله جاز وسيذكر حكم إجارة البلاغ عند قوله وفي هدي وفدية لم يتعمد موجبهما (وصح) عقد الإجارة (إن لم يعين العام) الذي وقعت الإجارة عليه خلافًا لقول ابن العطار لا تصح للجهل (و) حيث لم يعين (تعين) العام (الأول) فإن لم يفعل

ــ

قال ح وعليه مشى المصنف فأطلق في قوله والبقاء لقابل (واستؤجر من الانتهاء) قول ز لا إن كان عينًا ولم تمكن إعادته الخ يعني أنه لا يتعين على الورثة الاستئجار عن الميت الموصي إلا إذا كان لم يعين العام مطلقًا أو كان عينه ووقع الصد ونحوه قبل الوقوف حيث يمكن إعادته في عامة وإلا فلا استئجار (ولا يجوز اشتراط كهدي تمتع عليه) قول ز فإذا وجب على الأجير الخ مثله ما وجب من فدية أو جزاء صيد فإنه على الأجير مطلقًا سواء تعمد سببه أم لا اشترط عليه أم لا هذا إذا كانت الإجارة مضمونة فإن كانت على البلاغ فسيأتي أن ما تعمد سببه يكون عيه وما لم يتعمده يكون في المال انظر ح وقول ز في حال كون الهدي على الأجير أصالة الخ صوابه علي المستأجر ليلتئم مع ما قبله والصورة في السؤال من إجارة البلاغ وهذا على ما في ز بلفظ النفقة والهدي بالقاف والذي في عج هكذا إذا كان المستأجر عليه المنفعة والهدي بلفظ المنفعة بالعين المهملة وفتح الجيم من المستأجر وحينئذ فالأجير على حقيقته والمسألة من قبيل إجارة الضمان (وتعين الأول) قول ز فإن لم يفعل فيه إثم إن تعمد التأخير ولزمه فيما بعده الخ نحوه في البيان ونقله في ضيح وح وهو

ص: 424

فيه إثم أن تعمد التأخير ولزمه فيما بعده (و) فضل عام معين (على عام مطلق) أي أنه أحوط من المطلق لاحتمال موت الأجير ونفاد المال من يده وعدم وجود تركة له (و) فضلت الإجارة بأنواعها (على الجعالة) أي أنها أحسن وأحوط للمستأجر لا أن ثوابها أكثر إذ لا ثواب فيها كما مر (وحج) الأجير ضمانًا أو بلاغًا وجوبًا (على ما فهم) من حال الموصي بقرينة من ركوب محمل ومقتب وحمال وغيرها وإن لم تكن قرينة بشيء فينبغي له أن إلا يركب إلا ما كان يركب المستأجر (وجنى) الأجير أي أثم (أن وفى دينه) بالأجرة (ومشى) أي فعل الأمرين فلم يطلع عليه إلا بعد مشيه وحينئذ فإن اطلع عليه قبله وبعد وفاء دينه فلا تحصل منه جناية وينزع المال من أرباب الديون لأنه قد تبين أنه للغير وتصدقه بها ونحوه كوفاء دينه وكلام الشارح يقتضي حصول الجناية بمجرد وفاء دينه فقط لأنه قال أي إذا وفى دينه بما أخذه فيه جناية والحكم أنه يمشي وفيه نظر لأنه إذا كان العام عينًا وفات انفسخت الإجارة ويرجع عليه بما أخذ ولو حج بعد ذلك ماشيًا لمخالفته لقوله وحج على ما فهم وإن كان غير معين تعين عليه أنه يأتي بما يفهم من الحج عن الميت من ركوب مقتب أو غيره ولا يكفي مشيه فإن لم يرجع كذلك رجع عليه بما أخذ وأعطى لأهل الميت وكذا يجري ذلك التفصيل فيما إذا اطلع عليه بعد الوفاء وقبل المشي حيث فهم من الميت خلاف المشي وانظر ما الحكم إذ لم يفهم من الميت شيء واحتمل أن يكون ما فعله موافقًا لمراده أو مخالفًا وأشار إلى إجارة البلاغ بقوله (والبلاغ) ذات (إعطاء ما ينفقه بدءًا وعودًا) منصوبان على الظرفية أي ما ينفق منه في الذهاب والإياب وتكون تلك النفقة

ــ

يدل على أن تعين العام حكمًا كما هنا لا يتنزل منزلة تعيينه بالنص ولو كان بمنزلته لفسخ العقد كما يأتي في قوله وفسخت أن معين العام أو عدم تأمل (وعلى عام مطلق) قول ز وفضل عام معين الخ هذا تقرير الشارح وقرره البساطي بأن معناه وصح العقد على عام مطلق أي على أن يحج في أي عام شاء وارتضاه ح ونقل عليه كلام ابن بشير واستبعد البساطي تقرير الشارح قائلًا كأنه رأى أنه يتكرر مع قوله وصح إن لم يعين العام وعدي أن الصورة الأولى إذا قال حج عني ولم يقيد بعام ولم يطلق فيحمل على أول سنة وهذه مقيدة بالإطلاق كحج عني متى شئت اهـ.

(وعلى الجعالة) قول ز وفضلت الإجارة الخ لا وجه لهذا الحمل لأن الجعالة أحوط والصواب أن معنى كلام المصنف وصح العقد على الجعالة (وجنى أن وفى دينه ومشى) قول ز لمخالفته لقوله الخ هذا يوهم أن الفسخ هنا للمخالفة وليس كذلك بل للفوات وقول ز فإن لم يرجع كذلك رجع عليه الخ فيه نظر والذي استظهره ح أنه لا يرجع عليه بشيء ولا أدري ما مستند ز في الرجوع والحاصل أنه إما أن يطلع عليه بعد الوفاء والمشي أو بعد الوفاء وقبل المشي فإن اطلع عليه بعد الأمرين فقال ح إن كانت الإجارة وقعت على الضمان فالظاهر إنه لا يرجع عليه بشيء وإنما يقال فيها إنها خيانة وإن وقعت على البلاغ فالظاهر أنه يعطي من المال قدر نفقة مثله وأجرة ركوبه ويؤخذ منه الباقي فتأمله اهـ.

ص: 425

(بالعرف) ففي قوله إعطاء مضاف محذوف ليصح الأخبار إذا جارة البلاغ ليست إعطاء ما ينفقه وإنما هي عقد على إعطاء الخ وفهم من قوله إعطاء الخ أنه إذا دخل معه على أن ينفق على نفسه كل النفقة أو بعضها من عنده ثم يرجع بما أنفق أنه لا يكون بلاغًا جائزًا وهو كذلك إذ فيه سلف وإجارة فلا تصح تلك الإجارة قاله سند والمراد بالعرف ما لا بد له منه بالنسبة لنفقة مثله إنما يصلحه من كعك وزيت ولحم مرة بعد أخرى ووطاء ولحاف وخفاف وثياب وشبه ذلك وظاهر كلامه أنه يراعي فيما ينفقه العرف ابتداء وقال ح قوله بالعرف هذا بعد الوقوع وأما أولًا فينبغي أن يبين له النفقة (وفي هدي) معطوف على ما مقدر متعلق بجواب شرط مقدرين والتقدير وإن لم يكفه مأخذه رجع بما أنفقه فيما يحتاج إليه وفي هدي (وفدية لم يتعمد موجبهما) وتقدير الشرط لا بد منه فإن هذا ليس من جزئيات إجارة البلاغ إذ هي ذات إعطاء ما ينفقه بدءًا وعودًا بالعرف كما مر ثم تارة يفضل شيء فيرده ولو ثيابًا اشتراها من الأجرة وتارة يحتاج لشيء فينفقه ويرجع به إذا أنفقه في حوائجه وفي هدي وفدية بالشرط المذكور قاله د ولا يصلح جعل قوله وفي هدي عطفًا على مقدر متعلق بقوله ينفقه أي إعطاء ما ينفقه على نفسه فيما يحتاج إليه وفي هدي الخ كما ذكره تت لأمرين أحدهما أنه يقتضي أن ذلك من جملة مسمى البلاغ وليس كذلك الثاني أنه يقتضي أنه إذا عين الرجوع بما يصرفه في الهدي والفدية إنما ينفعه ذلك إذا لم يتعمد موجبهما وليس كذلك إذ في هذه الحالة يرجع به وإن تعمد موجبهما والتفصيل إنما هو عند عدم اشتراط الرجوع والمراد بتعمد موجبهما فعله اختيارًا ففعله عمدًا لعذر كإكراه كفعله ناسيًا وهو محمول على عدمه حتى يثبت عليه التعمد قاله سند (ورجع) بالبناء للمفعول (عليه) أي على الأجير (بالسرف) فيما ينفقه من الأجرة التي دفعت له وهو ما لا يليق بحاله لا ما لا يليق بحال الموصي وذلك كعمله وليمة وأولى من السرف في النفقة شراؤه لنفسه هدية وجعل تت هذه من أفراد السرف مسامحة (واستمر) أجير البلاغ على عمله إلى تمام الحج (أن فرغ) قبل الإحرام أو بعده في عام معين أو غيره ما أخذه ويرجع بما أنفقه على نفسه من عنده على مستأجره لا على الموصي لأن المستأجر مفرط بترك إجارة الضمان إلا أن يوصي بالبلاغ ففي بقية ثلثه (أو أحرم ومرض) ولو طال مرضه أو صد أو فاته لخطأ عدد بعد إحرامه فإنه يستمر وهذا إذا كان العام غير معين في الأمور الثلاثة وإلا فتفسخ في الثلاثة وتسقط أجرته عن مستأجره وفهم في المصنف أنه لو مرض

ــ

وظاهره سواء كان العام عينًا أم لا وخالفه ز وجزم بالرجوع عليه إن كان العام عينًا مطلقًا أو غير معين ولم يرجع في عام آخر على ما فهم وعلى ما قال يكون التعبير بالجناية لا إشكال فيه وعلى ما قال ح يكون مشكلًا كما قال والذي رأيته في تبصرة اللخمي خيانة بالخاء المعجمة وإما أن اطلع عليه بعد الوفاء وقبل المشي فلا إشكال أنه يرجع عليه إذا كان العام معينًا أو غير معين ولم يرد أن يحج على ما فهم والله أعلم (وفي هدي وفدية لم يتعمد بموجبهما) قول ز وليس كذلك الخ فيه نظر بل قد يقال إنه منه تبعًا كما يفيده كلام سند الذي

ص: 426

قبل الإحرام حتى فاته الحج يرجع وله النفقة في إقامته مريضًا ورجوعه لا في ذهابه إلى مكة قاله اللخمي نقله أبو الحسن (وإن ضاعت قبله) أي قبل الإحرام وعلم بضياعها (رجع) ولو كان في بقية ثلث الميت بدلها عند ابن القاسم خلافًا لأشهب حيث يمكنه الرجوع وله فيه النفقة فإن لم يرجع حينئذ بل أحرم واستمر على فعل الحج فلا نفقة له من موضع علمه بضياعها إلى عوده إليه على المستأجر من موضع الضياع لأنه أوقعه فيه والقول للأجير بيمينه في الضياع لتعذر الإشهاد عليه وسواء أظهره في مكانه أو بعد رجوعه وليس على الورثة أن يحجوا غيره إذا كان في الثلث فضلة حيث لم يوص بالبلاغ (وإلا) بأن ضاعت بعد إحرامه أو قبله ولم يعلم حتى أحرم أو علم ولم يمكنه الرجوع (فنفقته على آجره) بالمد أي مستأجره لا على الموصي ويتمادى الأجير على فعله (إلا أن يوصي) الميت (بالبلاغ) ويضيع المال (ففي) بقية (ثلثه ولو قسم) فإن لم يبق شيء منه فعلى العاقد وصي أو غيره ما لم يقل في العقد هذا جميع ما أوصى به الميت ليس لك يا أجير غيره فهذه أجرة معلومة فإن قال له أن فصل شيء ترده وإن زاد شيء لم ترجع به فإن قل المال بحيث يعلم أنه لا يكفي فالأجير متبرع بالزائد وكذا إن كان قطع بكفايته وإن أشكل الأمر فغرر يسير لا يفسخ بمثله العقد فلا يرجع أحدهما على الآخر بشيء لأن الوارث إذا لم يرد عليه شيء لا يؤخذ منه شيء وإن ضاعت النفقة في هذه الوجوه قبل إحرامه فلا شيء للأجير ولم يلزمه ذهاب انظر ح (وأجزأ أن قدم على عام الشرط) لأنه كدين قدم قبل محله يجبر ربه على اقتضائه مع أنه لا فائدة في تعيين الموسم إلا إرادة التوسعة عليه في زمن فعل ما استؤجر عليه فتأخيره حق له وهذا يقتضي أنه يجوز التقديم على عام الشرط ابتداء وقرره بعض الشيوخ على الكراهة ابتداء بحثًا أخذًا من قول

ــ

في ح على أن ما نقله أولًا عن ح من أن اعتبار العرف إنما هو بعد الوقوع يدل على أنه من مسمى البلاغ حقيقة تأمل وقول ز الثاني أنه يقتضي أنه إذا معين الرجوع إلى قوله وليس كذلك فيه نظر بل هو كذلك لأن تعيين الرجوع بالهدي والفدية لا ينفعه كما يدل عليه كلامهم وإنما الذي ينفعه تعيين سبب الهدي كما إذا شرط تمتعًا أو قرانًا فالهدي على المستأجر مطلقًا واستفيد من هذا أن ما قرر به تت هو الصواب وقرره الفيشي بجعله معطوفًا على قوله بدءًا وعودًا وهو أقرب مما لتت وأما ما قرر به ز ففي غاية التكلف (وإلا فنفقته على آجره) قول ز وإلا بأن ضاعت يعني أو فرغت لأن الحكم هنا واحد كما في ح وغيره وقول ز أي مستأجره الخ بحث فيه الناصر اللقاني بأن قياس هذه الكلمة في اللغة أن يكون المراد بها هو الأجير لأنها اسم فاعل من أجر الثلاثي بمعنى آجر الرباعي ولا شك أن الأجير هو الذي أجر نفسه اهـ.

(ولو قسم) أتى بلو لرد قول مخرج لابن رشد كما في ق وقول ز فهذه أجرة معلومة الخ يعني إنها تصير إجارة مضمونة فلا يرد شيئًا أن فضل كما في ح (وأجزأ أن قدم على عام الشرط) قول ز لأنه كدين قدم قبل محله الخ هكذا علله في المتيطية كما في ح ويؤخذ منه أنه لا فرق بين أن يكون الشرط من الوصي أو الموصي ويكون قوله الآتي وفسخت أن عين العام

ص: 427

المصنف أجزأ ومفهوم قدم عدم الإجزاءان أخر عن عام الشرط كما يفيده قوله الآتي وفسخت أن عين العام وعدم ظاهر كلام المصنف الإجزاء ولو كان في عام الشرط غرض للموصي ككون وقفته بالجمعة فإن قيل سيقول المصنف ولا يسقط فرض من حج عنه فما معنى الإجزاء عن الميت قبل معناه براءة ذمة الأجير مما التزمه ليستحق الأجرة (أو ترك الزيارة) المشترطة أو المعتادة للمصطفى عليه الصلاة والسلام فيجزئ الحج ومثلها العمرة ثم أخبر بعد الإجزاء بحكم قسطها من الأجرة فقال (ورجع) عليه (بقسطها) من الأجرة وصنع بها ما شاء سواء تركها لعذر أم لا كما يدل عليه كلامهم وفي الشارح وقت تبعًا للتوضيح أن محل الرجوع إذا تركها لعذر أي وأما إن لم تتعذر فيحتمل أن يقال يرجع ليأتي بها كما يقوله المقابل ويحتمل أن يقال يرجع عليه بقسطها بالأولى وفهم من المصنف أنه لا يرجع ليأتي بها وهو كذلك على الأصح (أو خالف أفرادًا) اشترطه عليه الورثة (لغيره) من تمتع أو قرآن فيجزيه في المسألتين (إن لم يشترطه) أي الأفراد (الميت وإلا) بأن اشتراطه حقيقة أو حكمًا بأن تعين في الإطلاق (فلا) يجزئ الغير وتفسخ الإجارة أن خالف إلى قرآن مطلقًا أو لتمتع والعام معين وإلا لم يفسخ ويأتي بالأفراد قاله ابن عبد السلام وإنما لم يجزيا حيث اشترطه الميت لأنه إنما شرط الأفراد لتعلق غرضه به ففعل غيره كفعل غير ما وقع عليه العقد بخلاف ما إذا لم يشترطه فيجزيان لاشتمالهما على الأفراد وأتى بقوله وإلا فلا مع أنه مفهوم شرط ليشبه به قوله (كتمتع) أي كمخالفة تمتع مشترط وأبدله (بقران أو عكسه أو هما بأفراد) فهو تشبيه بقوله فلا لا تام إذ لا فرق في هذه الأربع بين كون المشترط الميت أو غيره فإن قيل الأفراد عندنا أفضل من التمتع والقران فمن اشترط عليه أحدهما وأتى بالأفراد فلم لم يجزه عن أحدهما مع أنه أتى بالأفضل قلت الأجرة متعلقة بما وقعت في مقابلته ولو مفضولًا فعند المخالفة أتى بغير المعقود عليه ألا ترى أنه لو استؤجر على العمرة فأتى بدلها يحج لم يجزه مع أنه لا خلاف في أفضليته على العمرة أشار له سند (أو) خالف الأجير (ميقاتًا شرط) عليه

ــ

وعدم مقيدًا بما إذا لم يقدمه عليه خلافًا لابن عاشر (ورجع بقسطها الخ) قول ز محل الرجوع إذا تركها لعذر وأما أن يتعذر فيحتمل أن يقال يرجع الخ انظر هذا فإنه عكس ما نقله ق عن مناسك المصنف ونصه لو استؤجر واشترطت عليه زيارة النبي صلى الله عليه وسلم فتعذرت عليه فقال ابن أبي زيد يرد من الإجارة بقدر مسافة الزيارة وقيل يرجع ثانية حتى يزور اهـ.

ففرض الخلاف في تعذرها عليه قال طفى فربما يفهم من فرضهم أنه لو تركها عمدًا من غير تعذر يؤمر بالرجوع من غير خلاف اهـ.

وبذلك تعقب البساطي على المصنف والله أعلم (إن لم يشترطه الميت) قول ز أو حكمًا بأن تعين في الإطلاق الخ غير صواب بل الظاهر إسقاطه لأن صورة الإطلاق هي التي قبل إلا تأمله (أو ميقاتًا شرط) قول ز فلا اعتراض عليه الخ فيه نظر إذ لا يجوز في الصناعة

ص: 428

الإحرام منه فأحرم من غيره ولو كان الذي خالف له ميقات الميت لأنه شرط عليه غيره والمراد شرط ولو حكمًا كتعين ميقات الميت عند الإطلاق كما مر فلا تجزئ المخالفة وكذا أن تجاوز المشترط حلا ثم أحرم بعده بخلاف إحرامه قبله فإنه يجزيه كما قال سند لأنه يمر عليه وقوله أو ميقاتًا في حيز النفي فإن جر فبالعطف على مدخول الكاف أي وكمخالفة ميقات وفيه ضعف لأن المصدر لا يعمل محذوفًا وإن نصب فبإضمار فعل هو خالف كما في الشارح أنه عطف على أفراد أي مع مراعاة النفي ليلتئم مع حله بأنه لا يجزيء فلا اعتراض عليه خلافًا لتت وتبعه عج ومراعاة النفي مع العطف على المثبت صحيحة كما أشار له غ في قول المصنف أو شاة للبنها (و) حيث لم تجز المخالفة في المسائل السابقة (فسخت) الإجارة فيها وهو الأصل فيما لا يجوز بلاغًا أو ضمانًا (أن معين العام) ورد المال فإن لم يعين رجع وأحرم منه (أو عدم) معطوف على مقدر أي إذا حصلت المخالفة أو عدم أي الحج بأن لم يأت به لمرض أو غيره قاله د أي كان فإنه أو فسد بوجه وعلى نسخة د ففي الكلام مسألتان وعلى نسخة غيره وعدم بالواو لا بأو فالكلام مسألة واحدة وفي بعض النسخ وغرم أي إذا فسخت الإجارة غرم المال الذي أخذه (كغيره) أي كغير العام المعين (و) الحال أنه (قرن) بدل ما اشترطه عليه الميت من أفراد أو بدل ما اشترطه عليه الميت أو المستأجر من تمتع فإن الإجارة تنفسخ لإتيانه بغير ما اشترط عليه ومثله إذا اشترط عليه القران أو التمتع فأفرد فأنه يفسخ أيضًا فلو قال بعد وقرن أو أفرد لشمل ذلك فهذه أربع صور فيها الفسخ تزاد على الصور السبع السابقة المذكورة فيما إذا

ــ

عطف منفي على مثبت (وفسخت أن معين العام) المراد بالفسخ في العين بالفوات ونحوه أن من أراده له ذلك فإن تراضيا على البقاء لقابل جاز هذا مختار ابن أبي زيد وغيره وبهذا يوافق ما هنا إطلاقه السابق في قوله وله البقاء لقابل أي في العين وغيره لكن برضاهما في العين كما تقدم وليس المراد هنا تعين الفسخ ولو تراضيا على البقاء لأنه فسخ دين في دين كما يقوله اللخمي وغيرها لأن المصنف لم يعرج عليه سابقًا وقد حمل ح ما تقدم على الإطلاق وحمل ما هنا على تحتم الفسخ فعارض بينهما وقد علمت دفع المعارضة قاله طفى قول ز أي كأن فاته أو فسد بوجه الخ هذا على ما لابن رشد لتسويته بين الفوات بالمرض وخطا الهلال والإفساد بوطء وحصر العدو فجعل حكمها واحدًا لفسخ في العين والقضاء في غيره وقبله ابن عرفة وكذا إذا ترك الحج فيه لغير عذر فيما يظهر إذ قصاراه أن يكون كالإفساد بالوطء قاله طفى خلاف ما في ح عن الطراز من أن الورثة بالخيار في الفسخ والبقاء لقابل إذا تركه اختيارًا أو أفسده بوطء انظر طفى وقول ز وعلى نسخة غيره بالواو على هذه النسخة يشمل جميع ما ذكر أيضًا لأن المراد وعدم الحج حقيقة بأن تركه أو فات لصد أو مرض أو خطأ أو حكمًا بأن أفسده بوطء أو خالف كما في الصور المتقدمة (كغيره وقرن) قول ز أي كغير العام العين الخ هذا الحمل هو الذي استظهره ح خلاف ما استظهره غ من أن المراد تنفسخ إذا تولى الفعل غير الأجير والذي يظهر من سياقه أن قوله أو قرن بأو وأنه مسألة مستقلة والله

ص: 429

كان العام عينًا (أو) أحرم الأجير عن الميت ثم (صرفه لنفسه) فلا يجزئ عن الميت ولا عن الأجير أيضًا كما في الذخيرة ويفسخ ويرد الأجرة لأن الحج كما لا يرتفض لا ينتقل لغير من وقع له ولم يجز عن الميت لأنه خلاف شرطه حال صرفه لنفسه وسواء كان العام عينًا أم لا لأن عداءه خفي كعداء من اشترط عليه الإفراد أو التمتع فقرن هذا هو الملائم للفظ المصنف ونحوه للشارح في الصغير دون حمله في غيره على أنه أحرم به عن نفسه ابتداء في العين وفي غيره قولان أي في الفسخ فإنه غير ملائم للفظه ويجزئ عن فاعله كما في الصغير بمنزلة من غصب مالًا وحج به في العام المعين وكذا في غيره على القول بأنه مثله لظهور عدائه فيهما وأما على القول الثاني وهو عدم الفسخ فيحتمل أن يجزئ عنه أيضًا مع أن التعليل بالظهور موجود فيه ويلزمه بدله للمستنيب على هذا القيل كما هو ظاهر (و) أن اشترط على الأجير القران مطلقًا أو اشترط عليه الميت الإفراد فخالف (أعاد) ما شرط عليه بعام آخر ولا يفسخ (أن تمتع وهل تفسخ) الإجارة (أن اعتمر) أجير الحج (عن نفسه) من الميقات وحج من مكة عن الميت (في) العام (العين) ولو رجع إلى ميقات الميت وأحرم عنه لأنه باعتماره عن نفسه علم أن خروجه لغير من استأجره (أو) تفسخ (إلا أن يرجع للميقات فيحرم عن الميت فيجزئه) لأنه لم ينقصه حينئذ (تأويلان) محلهما في عام معين كما قال المصنف ولا يمكنه فيه الرجوع لبلده والعود منه بحيث

ــ

أعلم (أو صرفه لنفسه) قول ز دون حمله في غيره الخ ويرد أيضًا هذا الحمل الثاني بأن ابن شاس وابن عبد السلام وضيح جزموا بعدم الفسخ في غير المعين إذا أحرم ابتداء عن نفسه وفرض المصنف في غير العين أو مطلقًا لا في العين فقط وإنما المطابق له ما قرر به الشارح في الصغير وقد علمت من التقريرين حكم فرعين وهما إذا نواه الأجير عن الميت ثم صرفه لنفسه أو نواه عن نفسه ابتداء وزاد في ضيح فرعًا ثالثًا ونصه قال في النوادر وإن نوى الأجير الصرورة الحج عن نفسه وعن الميت أجزأه عن نفسه وأعاد عن الميت رواه أبو زيد عن ابن القاسم وروى عنه أصبغ لا يجزئ عن واحد منهما وقاله أصبغ وليرجع ثانيًا عن الميت اهـ.

وقول ز لظهور عدائه فيهما الخ ظاهره أن هذا تعليل لإجزائه عن فاعله في المعين وغيره ولا معنى لهذا التعليل على أن العداء هنا خفي قطعًا كما قدمه في الحمل الأول وإنما الظاهر في علة الإجزاء سلامته من الارتفاض الذي علل به عدم الإجزاء في الحمل الأول (وهل تفسخ إن اعتمر عن نفسه) قول ز وأما في عام غير معين ويمكنه فيه الرجوع الخ فيه حذف والصواب لو قال وأما في عام غير معين أو في عام معين ويمكنه فيه الرجوع الخ وقول ز ففي ذلك تأويلان الخ هذان التأويلان في غير المعين هما المنصوصان واللذان عند المصنف في المعين مخرجان عليهما لأن كلام المدونة مفروض في غير المعين كما في ح وق فمن قال يرجع إلى بلده في غير المعين وهو لبعض شيوخ ابن يونس قال بالفسخ في العين ومن قال يرجع إلى الميقات في غير المعين وهو لابن يونس وسند قال بعدم الفسخ في العين أن رجع إلى الميقات وبهذا العلم أن كلام خش غير صحيح وأن الصواب فيه

ص: 430

يدرك الحج فيه وإنما يمكنه الرجوع للميقات فقط وأما في عام غير معين ويمكنه فيه الرجوع لبلده ويعود منه ويدرك الحج فيه ففي ذلك تأويلان آخران غير تأويلي المصنف وهما هل لا بد أن يرجع لبلده الذي استؤجر منه فإن لم يرجع فسخت أو يجزئ أن رجع للميقات وأحرم منه عن الميت ثم على القول بالإجزاء في تأويلي المصنف فإن كان اعتماره عن نفسه في أشهر الحج فهو متمتع والدم في ماله لتعمده بتسببه قال سند وظاهر المذهب أنه لا يرجع عليه بشيء فيما أدخل في ذلك من نقص التمتع وعن التونسي لو قيل يرجع عليه بمقدار ما نقص ما بعد وسكت المصنف عما إذا اشترط عليه القران فنوى العمرة فيه عن نفسه والحج عن المستأجر له والمنصوص عدم الإجزاء ابن عبد السلام واختلف هل يمكن من الإعادة أو تفسخ الإجارة انتهى.

قال ح والظاهر أن هذا الخلاف في غير المعين ثم الجاري على العلة السابقة من قولهم عداء القارن خفي الفسخ مطلقًا وفي كلام سند ما يدلس عليه (ومنع استنابة صحيح) أي مستطيع وإن كان مريضًا مرجوًا صحته كما في ابن عرفة والمصدر مضاف لفاعله وقال استنابة دون إنابة أو نيابة مع أن كلًّا منهما أخصر لأن النيابة عرفًا وقوع الشيء عن المنوب عنه مع سقوط الشيء عنه كقوله صحت الوكالة في قابل النيابة من عقد وفسخ وقبض حق وأما الاستنابة فهي الفعل عن المستنيب من غير سقوطه عنه ولذا سيقول ولا يسقط فرض من حج عنه أي حرم على مستطيع أو مرجو صحته أن يستنيب غيره عنه (في) حج (فرض) ولو على القول بالتراخي لخوف الفوات بأجرة وتكون إجارة فاسدة كما في ابن عرفة له فيها أجر مثله إن تممها (وإلا) بأن كانت منه في نفل أو من عاجز غير مرجو أو في عمرة مطلقًا أي سواء كان المستنيب صحيحًا أو عاجزًا اعتمر أم لا (كره) ولو على الفورية لأنه استنابة في غير فرض والإجارة فيه صحيحة ولا يدخل تحت إلا ما إذا كان

ــ

العكس (ومنع استنابة صحيح) قول ز فهي الفعل الخ فيه نظر إذ ليس عدم السقوط من حقيقة الاستنابة والصواب أن الاستنابة هي طلب وقوعه عنه فقط سواء سقط عنه بفعل المستناب أم لا فهي أعم من هذا الوجه من النيابة بحسب الوجود والتحقق لا باعتبار الحقيقة والمفهوم لتغايرهما كما هو بين من حديهما نظير ما قيل في النسبة بين الحمد اللغوي والشكر العرفي كما هو شهير وهذا معنى ما نقله ح عن الطرطوشي من قوله ومعنى الاستنابة هي جواز الفعل من الغير فقط قال يريد بالغير المستنيب اهـ.

فجواز في كلامهم اسم مصدر أجاز فهو بمعنى إجازة ومعناه الإذن والإباحة المقابلة للمنع وقوله من الغير من فيه بمعنى عن متعلقة بالفعل وكأنه عبر بجواز دون طلب الذي يشعر به السين والتاء لأنها تارة تكون على وجه الطلب من المستنيب وتارة بدونه بل إطلاقًا وإباحة لمن أراد ذلك ولفظ جواز يتناول الأمرين وإن كان فيه من الخفاء ما لا يخفى قاله مس (وإلا كره) تبع المصنف في حكم الصحيح قول سند اتفق أرباب المذاهب أن الصحيح لا تجوز

ص: 431

غير صحيح في فرض إذ العاجز لا فريضة عليه قاله ح وغيره إلا أن يريد بغير الصحيح في الفرض ما يقع منه أن لو كان صحيحًا ومحل الكراهة إن كانت الاستنابة بأجرة أو بغيرها وبدأ بها مستطيع عن غيره كما أشار له بقوله (كبدء) صرورة (مستطيع به عن غيره) سواء كان النائب في قوله وإلا كره أجنبيًّا أو قريبًا للمستنيب ولو ولدا على المشهور ثالثها إلا لولد ورابعها أو قريب قاله في الشامل وقول تت غير الوالد والولد غير ظاهر ولذا أسقطها في صغيره قاله عج في كبيره ثم الكراهة واضحة على القول بتراخي الحج ولم يخف الفوات وإلا فينبغي الحرمة ومفهوم بدء أن تطوع مستطيع عن شخص بعد سقوط الفرض عن ذلك المتطوع لا يكره حيث كان بغير أجر بدليل قوله (وإجارة نفسه) في عمل لله بل

ــ

استنابته في فرض الحج والمذهب كراهة استنابته في التطوع وإن وقعت صحت الإجارة اهـ.

وتبعه فيه ابن فرحون والتلمساني والقرافي والتادلي وغيرهم كما في ح وأطلق غير سند منع النيابة في الحج قاله طفى ونحوه قول ضيح فائدة من العبادات ما لا يقبل النيابة بإجماع كالإيمان بالله تعالى ومنها ما يقبلها إجماعًا كالدعاء والصدقة ورد الديون والودائع واختلف في الصوم والحج والمذهب إنهما لا يقبلان النيابة اهـ.

وأما المريض فاعتمد فيه المصنف ما حكاه في ضيح عن الجلاب من أنه يكره استئجاره من يحج عنه فإن فعل مضى اهـ.

وفسر به ما شهره ابن الحاجب من عدم الجواز في العاجز واعترضه ابن فرحون قائلًا ينبغي حمل الكراهة على المنع ويدل على ذلك أن ابن عبد السلام حمل عدم الجواز على عدم الصحة وشهره والحاصل أن المصنف اعتمد في كراهة النيابة عن الصحيح قول سند وعن المريض كلام الجلاب والمعتمد منع النيابة عن الحي مطلقًا هذا ما يفيده طفى والله أعلم ولا فرق في النيابة بين أن تكون بأجرة أو تطوعًا قاله طفى وأما قول شارح العمدة النيابة في الحج إن كانت بغير أجرة فحسبة لأنه فعل معروف وإن كانت بأجرة فالمنصوص عن مالك الكراهة لأنه من أكل الدنيا بعمل الآخرة اهـ.

نقله ح فالظاهر حمله على النيابة عن الميت الموصي لا عن الحي فلا يخالف ما قبله فقول ز ومحل الكراهة إن كانت الاستنابة بأجرة الخ غير صواب ولذا قال طفى في قول المصنف كبدء مستطيع الخ أنه لا يأتي على المشهور من منع النيابة وعدم صحتها لا عن الصحيح ولا عن المريض ولا على ما ذكره من الكراهة على ما فيه وإلا لكرهت مطلقًا وإنما هو مفرع على جواز الوصية فهو إشارة لقولها وإن أوصى أن يحج عنه أنفذ ذلك ويحج عنه من قد حج أحب إلي ونحوه لابن الحاجب اهـ.

(وإجارة نفسه) هذا أيضًا مفرع على قوله بعد ونفذت الوصية به كما لابن الحاجب وابن عبد السلام وضيح ونصه إذا أجزنا الوصية وأنفذناها بعد الوقوع فهل يجوز بعد ذلك لأحد أن يؤاجر نفسه ويكره في ذلك قولان المشهور كراهته لأنه أخذ العوض عن العبادة وليس ذلك من شيم أهل الخير اهـ.

ص: 432

هو أعم مما قبله أكان مستطيعًا أو غيره على القول بالتراخي في المستطيع وإلا حرم محل الكراهة إذا كان العقد من جانب المستأجر مكروهًا أيضًا كما مر من قوله وإلا كره وتلزم الإجارة فإن كان ممنوعًا يفسخ فلا تكون إجارة نفسه مكروهة إذ لا يتصور كون العقد من جانب مكروهًا ومن جانب حرامًا ويفسخ (ونفذت الوصية به) أي بالحج المكروه لا الممنوع لأنه يفسخ كما علمت (من الثلث) ضرورة أو غيره فإن لم يوص لم يلزم وإن كان صرورة على الأصح قاله ابن الحاجب ومحل نفوذها منه إلا أن يعارضها وصية أخرى غير مكروهة كوصية بمال ولم يسع الثلث إلا أحدهما فتقدم على الوصية بحج التطوع كما هو مذهب المدونة ولو أوصى بمال وحج فرض أي صرورة تحاصا كما هو مذهبها أيضًا خلافًا لتصحيح ابن رشد في هذه بتقديم وصية المال وإن اقتصر عليه تت وخلافًا لما في العتبية من تقديم حج الفريضة انظر ح وذكر المصنف الفرعين في باب الوصية مقتصرًا على مذهبها فيهما وذكرهما ح هنا بصيغة فرع ولم ينبه على أن المصنف ذكرهما في الوصية لا أنه اقتصر فيهما على مذهبها (و) إن أوصى بثلث ماله للحج (حج عنه) به (حجج) ولو من أقرب مكان كمكة واستحسن ابن المواز جعله في حجة ومحل الأول (أن وسع) الثلث (وقال يحج به) ولو كثر الثلث كثلاثة آلاف دينار كان الموصي صرورة أو غيره (لا) أن وسع وقال الموصي يحج (منه) فحجة واحدة لظهور التبعيض فلا يزاد عليها (وإلا) يسع الثلث حججًا متعددة أو وسع ولكن كان الموصي قال يحج منه (فميراث) يرجع الباقي بعد حجة واحدة (كوجوده) أي الأجير (بأقل) مما سمى من مال لمن ينوب

ــ

ونحوه لابن عاشر انظر طفى (ونفذت الوصية به من الثلث) إنما نفذت الوصية به عند مالك وإن كان لا يجيز النيابة فيه مراعاة لخلاف الشافعي وقول ز وإن كان صرورة على الأصح قاله ابن الحاجب الخ اعترضه ابن عرفة فقال مقابل الأصح لا أعرفه اهـ.

واعترضه في ضيح أيضًا بأن الخلاف في الجواز وعدمه كما يظهر من ابن بشير وابن شاس لا في اللزوم خلافًا لابن الحاجب وقول ز تحاصًا كما هو مذهبها الخ هو نحو قول ضيح إذا أوصى بمال وحج فإن كان صرورة فقال مالك في المدّونة يتحاصان ثم قال وإن كان غير صرورة ففي المدونة أن المال مبدأ اهـ.

(وحج عنه حجج) قول ز ولو من أقرب مكان كمكة الخ ظاهره أن الحجج كلها تكون من أقرب مكان كمكة وليس كذلك بل إنما يحج عنه من بلده إن لم يسم بلدًا وإلا فمنه فإن فضلت فضلة لم يمكن الحجج بها من بلده فإنه يحج بها عنه من حيث ما بلغ ولو من مكة هكذا في ق عن ابن رشد وسيأتي وإن لم يوجد بما سمي من مكانة حج من الممكن الخ (أن وسع) ابن عاشر ليس المراد بوسع المال إمكان الحج به أكثر من مرة واحدة فقط كما قد يتبادر من لفظة بل المراد كثرته جدًّا حتى أنه لو كان ثلثه يشبه أن يحج به حجة واحدة وأمكن أكثر من ذلك كان الزائد ميراثًا قف على ضيح اهـ.

(كوجوده بأقل) هذا في غير الواسع وهو ما يشبه أن يحج به حجة واحدة ويمكن أكثر

ص: 433

عنه في الحج فيرجع الباقي ميراثًا بأقل مما سمى من ثلث وقال يحج به (أو تطوع غير) عنه في مسألتي وصيته بثلثه ووصيته بقدر معين من ماله فيرجع الثلث والقدر العين ميراثًا (وهل) رجوع الباقي ميراثًا في مسألة وجوده بأقل فقط كما عليه جمع من الشراح (مطلقًا) أي سواء قال يحج عني فلان بكذا أو يحج عني بكذا ولم يعين في الأول بقوله في حجة أو (إلا أن يقول يحج عني بكذا فحجج) فلا يرجع الباقي ميراثًا بعد حجة (تأويلان) محلهما إن لم يقل في حجة ولم يعين من يحج عنه أو عينه ولم يقل في حجة كما مر فإن قال في حجة وعين ولو بلفظ رجل رجع الباقي ميراثًا من غير تأويلين وإنما جريا في مسألة وجوده بأقل دون قوله وحج عنه حجج أن وسع وقال يحج به لأن الميت لما أوصى بثلثه وهو مجهول له حال الموت علم أن قصده صرف جميعه في الحج وأن تعدد بخلاف من معين قدرا إنما قصده بالتعين ما يحصل به الحج وهو يحصل بواحدة قاله البرموني وفيه شيء وظهر لي فرق أوضح منه وهو أن جهل الموصي يحال الثلث حين موته هل يسع حجة أو أكثر أو لا يسع شيئًا مما ذكر عذر له في عدم تعيين الحج ولا عذر له في عدم تعيين العدد فيما إذا أوصى بعدد سماه مع كون المتبادر من لفظه عدم التعدد فتركه التعيين المخالف للمتبادر من لفظه مع إمكانه يقتضي أن مراده عدم التعدد قاله عج ولعل الشيء الذي أشار له في كلام شيخه أن فيه بعض خفاء أو أنه لا يتم في وصيته بقدر معين إلا على أحد التأويلين ثم جعلنا الضمير في وسع للثلث هو المتبادر من المصنف من أن المسألة الأولى في وصيته بالثلث وقوله بعده كوجوده بأقل في وصيته بمال وجعل الشارح وقت الأولى في وصيته بالثلث أو

ــ

كما ذكر ابن عاشر وهو داخل تحت الألكن ذكره لأجل التأويلين هذا هو الصواب في فهم كلام الصنف كما يدل عليه كلام ابن رشد الآتي وغيره ولا فرق بين أن يوصي بمال معين أو بالثلث كما حمله عليه الشارح وتت وفهم ز أن قوله كوجوده بأقل في المال الواسع أيضًا وفرق بينه وبين ما قبله يحمل ما قبله على العين بالجزء للشائع كالثلث وحمل هذا على العين بالعدد وهو غير صواب إذ ليس الواسع هو محل التأويلين (وهل إلا أن يقول يحج عني بكذا) قول ز في مسألة وجوده بأقل فقط الخ فيه نظر بل الظاهر أن التأويلين يرجعان للمسألتين كما في ح وخش وغيرهما وهو ظاهر المصنف ويفيده كلامه في المناسك ونصه إن سمي قدرًا حج عنه فإن وجدوا من يحج عنه بدونه كان الفاضل ميراثًا إلا أن يفهم إعطاء الجميع هذا أن سمي حجة وإن لم يسم فكذلك عند ابن القاسم وقال ابن المواز يحج عنه حجج واختلف هل قوله تفسير أو خلاف والأقرب أنه خلاف اهـ.

فقوله من يحج عنه بدونه صادق بالمتطوع دون مال وبالحاج بأقل وقال ابن عرفة ولو عين عددًا ليحج به عنه معين أو غيره ففيه ثلاثة أقوال الأول للمدونة يكون ما فضل عن حجة ميراثًا والثاني للشيخ عن محمَّد يكون للأجير أن عينه أو قال يحج عنه به رجل وإن قال حجوا عني به أو يحج به عني ففي حجات والأحسن حجة واحدة ثالثها لأشهب يكون للأجير أن عينه وإلا ففي حجات اهـ.

ص: 434

بمال معين وضمير وسع للثلث أو المال يؤدي إلى تكرار فيه مع قوله كوجوده بأقل وعدم ملائمته لذكر التأويلين الخاصين بمسألة وجوده بأقل فقط.

تنبيه: حيث قلنا يحج عنه حجج فهل يجتزئ بفعلها من متعدد واحدًا وإنما يجتزئ به أن وقعت على ما كان يوقعها الموصي وهذا حيث لا يفهم من حاله شيء وإلا عمل عليه كما في قوله وحج على ما فهم (ودفع المسمى) جميعه بالعدد كأربعين أو بالجزء العين كسدس مالي أو ثلثه (وإن زاد على أجرته) أي أجرة مثله (لمعين) بالشخص أو بالوصف قال في حجة أم لا (لا يرث) بالفعل كان أجنبيًّا أو أخًا مع وجود ابن وهذا قيد في المبالغ عليه فقط وأما قدر الأجرة فيدفع له وإن كان يرث فلو حذف المصنف الواو الداخلة على أن لكان أحسن أو تجعل للحال ويعتبر كونه وارثًا أو غيره وقت تنفيذ الوصية كما يفيده قوله في بابها والوارث يصير غير وارث وعكسه المعتبر ماله والضمير في أجرته عائد على متأخر لفظًا ورتبة وهو غير سائغ فلو قال ودفع المسمى لعين لا يرث وأن زاد على أجرته لسلم من هذا ومفهوم قوله لا يرث أنه إذا كان يرث لا يدفع له المسمى الزائد

ــ

بإيضاح وقال ابن بشير اختلف المتأخرون في قول ابن المواز إذا سمي ما يعطي بذلك كله للموصى له إلا أن يرضى بدونه بعد علمه بالوصية وهذا إذا قال يحج عني بهذه الأربعين فلان أو قال رجل وإما أن قال حجوا عني بهذه أو يحج عني بها فلتنفد كلها في حجة أو حجتين أو ثلاث أو أكثر ولو جعلت من حجة واحدة فهو أحسن هل هو تفسير لكلام ابن القاسم أو خلاف اهـ.

ونحوه في ضيح وإذا تأملت هذه النقول وجدتها متوافقة في النقل عن ابن المواز خلاف ما فهمه طفى من التخالف بين نقل ابن عرفة عن الشيخ وابن بشير وقول ز أو عينه ولم يقل في حجة الخ فيه نظر والصواب ما في ح وهو الذي يؤخذ من تقرير ز أولًا أن محلهما إذا لم يعين ولم يقل في حجة أما إذا عين الشخص فإن الباقي ميراث كما في المدونة إلا أن يفهم إعطاؤه له وهو الذي يأتي للمصنف انظر طفى وقول ز لأن الميت لما أوصى بثلثه وهو مجهول الخ هذا الفرق والذي بعده مبنيان على ما قرر به أولًا قوله كوجوده بأقل من حمله على المسمى بالعدد وما قبله بالجزء الشائع وتقدم ما فيه والصواب أن محل التأويلين في غير الواسع كما تقدم والفرق بينه وبين الواسع ما ذكره ابن رشد كما في ضيح ونصه قال في العتبية في رجل أوصى أن يحج عنه بثلثه فوجد ثلاثة آلاف دينار ونحو ذلك أنه يحج عنه حتى يستوعب الثلث قال في البيان لأنه لما كان الثلث واسعًا حمل على أنه لم يرد حجة واحدة ولو كان ثلثه يشبه أن يحج به حجة واحدة رجع ما بقي ميراثًا كما قال في المدونة في مسألة الأربعين دينارًا اهـ.

ففهم منه أن المدار على كون المال واسعًا أولًا ولا فرق بين المعين بالعدد أو الجزء وفهم منه الفرق بين الواسع وغيره (وإن زاد على أجرته لمعين) ما ذكره المصنف هنا هو قول ابن القاسم في المدونة وقال ابن المواز يكون الجميع للموصى له أن فهم إعطاؤه له أولًا إلا

ص: 435

على أجرته فإن أوصى أن يحج عنه وارث بثلثه فقال العوفي لا يدفع له إلا على البلاغ إذا كان فيه كثرة لأنه فيه يرد الفضل وفي الضمان لا يرد فتتحقق الوصية لوارث اهـ.

وهو يخصص قوله فيما مر وإجارة ضمان بما لم يعلم أنه لا يفضل منها شيء من الأجرة للوارث وإلا منعت إلا أن يرضى بها الوارث فينتفي المنع فيقع العقد عليها كما يفيده طخ (فهم إعطاؤه له) فلو لم يفهم إعطاؤه فإنما له أجرة مثله ولا يزاد عليها فإن أبى فلا شيء له ويرجع ميراثًا (وإن عين) الموصي للحج عنه شخصًا وارثًا لم يزد على كراء مثله شيئًا وأن عين (غير وارث) فإن سمى شيئًا لم يرد عليه (و) أن (لم يسم) قدرًا يدفع له فإن رضي بأجرة مثله فدون فواضح و (زيد إن لم يرض بأجرة مثله ثلثها) بالرفع نائب فاعل زيد والنصب مفعول ثان لزيد ونائب الفاعل مستتر تقديره الموصى له كما قالوه في نحو زيد زيد في رزقه عشرون من جواز الرفع على أنه نائب الفاعل والنصب ونائب الفاعل مستتر أي زيد هو عشرون وعلى الرفع يقال في المثنى والجمع والزيدان زيد في رزقهما عشرين والزيدون زيد في رزقهم عشرون وعلى النصب يقال في المثنى والجمع الزيدان زيدًا في رزقهما عشرين والزيدون زيدوا في رزقهم عشرين (ثم) إن لم يرض أيضًا بزيادة ثلثها أن حمله الثلث (تربص) وهو سنة أو بالاجتهاد قولان وزيادة الثلث والتربص المذكور جار في الصرورة وغيره ويختص الصرورة بما أشار له بقوله (ثم أوجر للصرورة) وهو من لم يحج ويطلق على من لم يتزوج لأنهما صرا دراهمهما ولم ينفقاها (فقط) دون غيره فتبطل الوصية للعين يرجع المال كله ميراثًا كما في المدونة لأن رده عينًا كرد الوصية من أصلها وقوله (غير عبد ووصبي) شرط في كل أجير حاج عن صرورة وليس

ــ

أن يرضى بدونه بعد علمه بالوصية كما تقدم وقول ز عائد على متأخر لفظًا ورتبة الخ فيه نظر بل هو عائد على متقدم وهو الحج ولو سلم عوده على معين لم يكن متأخرًا لفظًا ورتبة بل لفظًا فقط لأن لمعين معمول لقوله دفع فهو مؤخر من تقديم تأمل (فهم إعطاؤه له) قول ز ولا يزاد عليها فإن أبى فلا شيء له الخ فيه نظر لأن أقل أحواله أن يكون كما إذا عين غير وارث ولم يسم وقد قال المصنف زيد إن لم يرض بأجرة مثله ثلثها الخ (ثم أوجر للصرورة فقط) قول ز لأن رده معينًا الخ أي لأن رد الشخص المال حال كون الشخص عينًا كرد الوصية من أصلها وقوله وإن لم يعين له قدرًا الخ فيه نظر لأن هذا خلاف قول ابن القاسم في المدونة أن المال كله يرجع ميراثًا الذي قرر به عند قوله فقط ففي البيان ما نصه لو قال أحجوا فلانًا عني فأبى فلان إلا بأكثر من أجرة المثل زيد مثل ثلثها فإن أبى أن يحج عنه إلا بأكثر من ثلثها لم يزد على ذلك واستؤجر من يحج عنه غيره بعد الاستيفاء ولم يرجع ذلك إلى أن الورثة إن كانت الحجة فريضة باتفاق أو نافلة على قول غير أن القاسم في المدونة خلاف قول ابن القاسم فيها اهـ.

نقله ضيح وق والمصنف مشى على قول ابن القاسم بدليل قوله فقط وخلط ز بين القولين وقول ز وعليه فهل يرجع الخ هذا قصور إذ قد صرح ح برجوعه ميراثًا عند اليأس

ص: 436

خاصًّا بالصرورة قبله ولم يؤجرا له لوجوب الحج عليه فيؤجر له من يخاطف به وأما غير الصرورة فإن عين له قدرًا ولم يرض به بطلت الوصية كما مر عن المدونة وإن لم يعين له قدرًا أوجر له عبد أو صبي لعدم وجوب الحج عليه فلم يضر إيجارهما له لأنه نفل في حقه فيستأجران له لأن فعلهما نفل غايته شرط الصبي التمييز والإِسلام فيهما قاله زروق قال ح انظر شرطه التمييز فكأنه للخلاف في صحة حج غير المميز ومحل ذلك إن لم يمنع من استئجارهما وأشار بقوله (وأن امرأة) عن رجل لمشاركتها له في أصل تعلق الخطاب وإن خالفته في صفة الإحرام والرمل في الطواف والسعي خلافًا لمن منع نيابتها لذلك عنه.

تنبيهان الأول: إذا أبى الموصى له ثم رجع قبل قسم الوارث المال في مسألة غير الصرورة وقبل استئجار غيره في مسألة الصرورة فهل يعمل برجوعه أو بمجرد إبايته استحق الورثة المال في مسألة غير الصرورة ووجب الاستئجار للصرورة وأما أن رجع بعد قسم الورثة المال وبعد الاستئجار فلا يعمل برجوعه انظر في ذلك.

الثاني: إذا أوصى الصرورة بأن يحج عنه صبي أو عبد نفذت وصيته فإن منع ولي الصبي وسيد العبد انتظر بلوغ الصبي فإن لم يرض حينئذ بطلت وهل ينتظر عتق العبد لليأس من عتقه وهو ما اختاره ابن يونس أولًا ينتظر وهو ما عليه غير واحد من متأخري الفقهاء واختاره ح وعليه فهل يرجع ميراثًا أو يؤجره غيره انظره وإنما جزم بوقفه لبلوغ الصبي وجرى قولان في انتظار عتق العبد لأن بلوغ الصبي محقق إذا عاش وعتق العبد غير محقق (ولم يضمن وصي دفع لهما) مالًا ليحجا به عن موص به وحجا به أم لا حال كون الوصي (مجتهدًا) أي ظانا أن العبد حر وأن الصبي لطوله وسمنه بالغ ومحل التقييد بالاجتهاد حيث كانا لا يستأجران وذلك فيما إذا كان الموصي صرورة ولم يأذن في استئجارهما أو غير صرورة ومنع من استئجارهما كما مر واقتصار تت على الصرورة قصور وأما في غير هاتين الصورتين فلا ضمان على الوصي ولو دفع بغير اجتهاد وإذا قلنا بعدم ضمان الوصي في مسألة المصنف بقيدها فإن العبد يضمن أن غرو تكون جناية في رقبته ويضمن الصبي أن غرفي ماله ولو حجًّا وسيأتي آخر الوديعة أن كل ما يتعلق برقبة العبد فهو في مال الصبي وكل ما يتعلق بذمته فهو ساقط عن الصبي وإذا سمى الموصي مقدارًا فلا يزاد الأجير عليه ويحج عنه به من مكان إيصائه (فإن لم يوجد) أجير (بما سمى) الموصي من القدر (من مكانه) متعلق بيوجد أو بمحذوف تقديره حج من مكانه ولا يتعلق بسمى لتكرره ومنافاته لقوله ولو سمى والظاهر أن لفظ المحذوف مصدر هو حج

ــ

على القول بالانتظار وعند إباحة سيده على القول بعدمه انظره (ولم يضمن وصي دفع لهما مجتهدًا) قول ز ويضمن الصبي أن غر في ماله الخ غير صحيح وكذا قوله بعد كل ما يتعلق برقبة العبد فهو في مال الصبي الخ بل هو في ذمة الصبي وكذا مهما تعلق به الضمان ففي ذمته كما لابن عرفة عنها انظر ما يأتي عند قوله وإن أودع صبي الخ (بما سمى من مكانه) طفى المراد بمكانه

ص: 437

نائب فاعل يوجد وعليه فلا يحتاج لتقديري أجير أي أنه إذا سمى قدرًا من المال وقالوا حجوا عني به فلم يوجد حج أي من يحج عنه من مكانه بما سمى من القدر (حج) عنه (من) المكان (الممكن ولو سمى) مكانًا ولا يرجع ميراثًا (إلا أن يمنع) الموصي أن يحج عنه بنص كلا تحجوا عني إلا من موضع كذا أو بقرينة (فميراث) ولا يحج عنه من الممكن (ولزمه) أي أجير الحج (الحج بنفسه) أن نص على تعيينه كاستأجرتك للحج بنفسك أو قامت قرينة على تعيينه ككونه ممن يرغب فيه لعلمه أو صلاحه ولا يجوز له استئجار غيره ولا يقوم وارثه مقامه وكذا إن لم ينص ولم تقم قرينة على ما شهره المصنف هنا بخلاف أجير غير الحج في هذا الأخير فقوله بنفسه توكيد للهاء في لزمه الأولى أن تكون الباء للاستعانة أي ولزمه الحج مستعينًا بنفسه لا زائدة كقولك جاء زيد بنفسه ثم أن النائب يصلي ركعتي الإحرام والطواف وليس هذا من النيابة في الأعمال البدنية لأن هذه ليست نيابة حقيقة قال في المدونة من حج عن ميت فالنية تجزئه وإن لم يقل لبيك عن فلان قال سند مقصوده أنه ينعقد عن الغير بمجرد النية كما ينعقد عن المحرم بمجردها (لا) يلزم الأجير (الإشهاد) عند الإحرام أنه أحرم عن فلان وهذا إذا قبض الأجرة مطلقًا أو لم يقبضها وكان غير متهم وحلف أنه أحرم عن المستأجر وظاهر سند تصديقه بغير يمين وأما إن كان متهمًا فلا بد من الشهادة عند الإحرام ولا يكفي منه اليمين وهذا التفصيل في إجارة الضمان فقط لا في البلاغ أيضًا لأن تأخير الأجرة فيها أو بعضها يفسدها (إلا أن يعرف) الإشهاد عند الناس أو يشترط فيلزمه الإشهاد عند الإجزاء ولا يصدق في دعواه ولو أمينًا وحلف ولا يستحق أجرة ولو قبضها ولما قدم أن الأجير العين بنص أو قرينة أو عند الإطلاق يلزمه الحج بنفسه وقيل بذمته وعليهما ينبني لو مات

ــ

محل موته ابن عرفة ويحج عنه من محل موته فإن قصر عنه المال فمن حيث أمكن اهـ.

(ولو سمي) محل الخلاف كما في ق عن ابن رشد إذا قال حجوا عني من بلد كذا وبه مات اهـ.

وعليه فتسميته غير ما مات به لغو قاله طفى ورد بلو قول ابن القاسم يرجع ميراثًا وإن لم يمنع وما عند المصنف هو قول أشهب وفي ضيح أنه روي أيضًا عن ابن القاسم (ولزمه الحج بنفسه) قول ز على ما شهره المصنف هنا الخ وقيل يتعلق بذمته واقتصر المصنف على الأول لقوله في توضيحه أنه الذي اختاره ابن عبد البر وغيره وينبني على الخلاف إذا أراد الأجير أن يستأجر من هو في مثل حاله ضيح ويخرج عليهما ما إذا مات الأجير في أثناء الطريق فعلى تعلقها بنفسه تنفسخ وعلى تعلقها بذمته يستأجر من ماله من يتم ويكون الفضل له والنقصان عليه اهـ.

وقول ز والأولى أن تكون الباء للاستعانة الخ فيه نظر إذ كونه توكيدًا يوجب كون الباء زائدة كما ذكره المرادي وغيره فانظره (لا الإشهاد) قول ز لأن تأخير الأجرة فيها يفسدها الخ

ص: 438

أثناء الطريق كما مر بين أن هذا في الإجارة المضمونة بذاته أما المضمونة بذمته فإن وارثه يقوم مقامه إن شاء ويحج بنفسه أو يستأجر غيره ويكون الفضل له فقال (وقام وارثه) أي وارث الأجير غير المعين (مقامه) أي مقام مورثه (في) قول الموصي ادفعوا هذا القدر إلى (من يأخذه في حجة) مضمونة في ذمة أجير واستشكل قيامه مقامه بأن القاعدة أن تلف ما يستوفي منه المنفعة تنفسخ به الإجارة ولا شك أن الأجير تستوفى منه المنفعة وأجيب بأن المنفعة هو الثواب وهو لا يستوفي من الأجير بل يستوفي بسببه كذا قال بعض شيوخنا قاله د وحملنا كلام المصنف على وارث الأجير كما حمله عليه غ ظاهر لأنه الذي يفصل فيه بين كون الأجير معينًا أو غير معينًا أو غير معين بخلاف وارث الموصي فإنه لا يختلف فيه حال الموصى له العين من غيره وحمله تت عليهما ثم إذا قام وارث الأجير مقامه فإنه يبتدئ الحج ولا يكمل على فعل موروثه ويحرم من الوضع المشترط الإحرام منه أو من ميقات المستأجر حيث اتسع الوقت وإلا فمن موضع يدرك فيه قال غ الأولى كتب في منفصلة عن من اهـ.

قال الهروي وغيره من أهل اللغة المسموع من العرب في واحدة الحج حجة بكسر الحاء أي وفي القاموس والصحاح أنه الأشهر خلافًا لتشهير ح فتحها قالوا والقياس فتحها لكونها اسما للمرة الواحدة وليست عبارة عن الهيئة حتى تكسر قالوا فيجوز الكسر بالسماع والفتح بالقياس اهـ.

وهو صريح في أن ما جاء على خلاف القياس يجوز النطق فيه بالقياس قاله عج أي وهو ظاهر قول الفراء ومذهب سيبويه والأخفش والجمهور والوقوف عند السماع وإنما يقاس عند عدمه كما في شرح التوضيح والمرادي عند قول الألفية:

فعل قياس مصدر المعدي

وقال القسطلاني في باب الفتيا وهو واقف على الدابة في وقوفه عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع الفتح في حاء حجة هو الرواية ويجوز كسرها اهـ.

وذو القعدة بفتح القاف على الأشهر كما في ح (ولا يسقط فرض من حج عنه) حيًّا أو ميتًا ولا يكتب له نافلة أيضًا فلو قال ولا يكتب لمن حج عنه غير أجر النفقة والدعاء

ــ

يعني إذا كان التأخير مدخولًا عليه كما تقدم (وقام وارثه الخ) قول ز واستشكل قيامه الخ هذا السؤال غير وارد إذ ما هنا الأجير غير معين كما في ح والفسخ بتلف ما يستوفي منه إنما هو في المعين كما يأتي وحينئذ فالجواب ساقط وقول ز وهو صريح في أن ما جاء الخ غير صحيح بل لا صراحة في ذلك والظاهر من قول القاموس والصحاح أن الكسر هو الأشهر وأن الفتح مسموع أيضًا (ولا يسقط فرض من حج عنه) قول ز وذكر عند قوله الخ فيه نظر بل ليس في كلام ح في الموضعين ما يخالف ما ذكر عنه هنا ونصه عند قوله كتمتع بقران الخ تنبيه صرح صاحب الطراز بأن من استؤجر على شيء فخالف ما استؤجر عليه أنه يقع عن نفسه وإن كان نواه عن غيره اهـ.

ص: 439

لأفاد ذلك ومفهوم فرض مفهوم موافقة إذ لا يسقط نفل من حج عنه أيضًا ويكتب فرض من حج عنه نافلة للأجير على ما يفيده ح هنا وذكر عند قوله أو خالف أفراد الغيره وعند قوله كتمتع بقران ما يفيدان ذلك على مقابل المشهور لا على المشهور الذي مشى عليه المصنف هناك وهو ظاهر لعموم خبر أنها الأعمال بالنيات ويعارض الضعيف الخبر المذكور لأن النائب لم ينوه عن نفسه وعلى كلامه هنا يستفاد منه أن المستنيب إذا كان شافعيًّا عنده الوقوف الركني من الزوال والنائب مالكي عنده الركني ساعة ليلة النحر فإن وقف نهارًا صح عن المستنيب ويقف جزءًا من الليل أيضًا ليقع الحج نافلة للنائب على قول وإن كان ضعيفًا كما ذكره ح كما علمت وقد سئلت عن هذه المسألة فأجبت بذلك أخذا من كلام المصنف المار ومما هنا لح قال عج وظاهر ما تقدم أن النائب لو نوى الحج عن نفسه لا يسقط عنه الفرض اهـ.

من كبيره وإنما لم يسقط فرض من حج عنه لأن الحج من الأعمال البدنية التي لا تقبل النيابة كالصوم والصلاة وصحت النيابة فيه مع الكراهة الغير المستطيع ونفذت الوصية به مراعاة لما فيه من شائبة المال ففيه شائبتان فمن حيث كونه عبادة بدنية لم يسقط الفرض بفعل النائب ومن حيث كونه يصرف فيه مال صح عقد الإجارة عليه كنيابة إمام الصلاة شخصًا يصلي عنه فبالنيابة لا يسقط الفرض عن الأصلي وصحت النيابة مراعاة للمال وملازمة المحل الذي صلى فيه (وله أجر النفقة) إن أوصى أن يستأجر من ماله (و) له أجر (الدعاء) أن تطوع به أحد عنه كما في تت وأولى في الاستئجار ففيه له أجرهما وفي التطوع أجر الدعاء فقط والمراد بأجره في القسمين ثوابه ولو كان الدعاء لنفس الأجير بدنيوي فيحصل لمن حج عنه ثواب خضوعه وتضرعه لله كما في خبر الدعاء مخ العبادة ومتعلقة وهو مطلوب الأجير له وانظر هل يجري ما ذكره المصنف في الإجارة الممنوعة وفي النيابة الممنوعة كمن استناب غيره في الفرض ولم يطلع عليه حتى فعل الأجير

ــ

وما ذكره هنا نقله عن سند وابن فرحون ونقله ق عن القرافي واستشكل بأنه لا يثاب الإنسان إلا على ما نوى لقوله عليه الصلاة والسلام إنما الأعمال بالنيات وأجيب بأن هذا مستثنى من الحديث وهو غير ظاهر قال مس والحق أن نية الحج هنا موجودة والخلل إنما وقع في متعلقها وهو كونه عن فلان وذلك لا يضر في أصل النية كما قالوا في قوله أو أخرج بعض المستباح اهـ.

وقول ز فأجبت بذلك الخ الظاهر أن هذا الجواب غير صحيح وأن المعتبر مذهب النائب لا غير وقول ز لو نوى الحج عن نفسه لا يسقط عنه الفرض الخ فيه نظر وقد تقدم عند قوله أو صرفه لنفسه أنه يجزي عن فاعله بمنزلة من غصب مالًا وحج به وهو الظاهر (وله أجر النفقة والدعاء) قول ز نواب خضوعه وتضرعه الخ فيه نظر بل لا يصح على مذهبنا لأن الخضوع لا يقبل النيابة وعبارة ابن فرحون كما في ح وثواب الحج للحاج وإنما للمحجوج عنه بركة الدعاء وثواب المساعدة اهـ.

ص: 440

واستحق أجرة المثل ولا يقال المعصية لا ثواب فيها لأنا نقول المعصية من جهة والثواب من جهة كمن تنفل وعليه فريضة كما قال ابن رشد أولًا يجري فيهما حرره قاله عج في كبيره ثم ذكر أركان الحج والعمرة وكان الأولى تعبيره بأركانهما جمع قلة بدل قوله: (وركنهما الإحرام) ثم ذكر أن للإحرام بالحج ميقاتين زماني ومكاني وكذا العمرة والميقات إن كان مأخوذًا من الوقت الذي هو الزمان فإطلاقه على المكان إنما هو بالحقيقة الشرعية لخبر وقت لأهل المدينة ذا الحليفة الحديث وإن كان مأخوذًا من التأقيت

ــ

(وركنهما الإحرام) الأركان التي ذكرها المصنف أربعة ثلاثة منها مجمع عليها وهي الإحرام والوقوف والطواف والرابع السعي والمشهور أنه ركن في الحج والعمرة وروى ابن القصار أنه واجب ينجبر بالدم وليس بركن وبه قال أبو حنيفة وزاد ابن الماجشون في الأركان الوقوف بالمشعر ورمي العقبة والمشهور أنهما ليسا بركنين بل الأول مستحب والثاني واجب ينجبر بالدم وحكى ابن عبد البر قولًا بركنية طواف القدوم وليس بمعروف بل المذهب أنه واجب ينجبر بالدم واختلف في اثنين خارج المذهب وهما النزول بمزدلفة والحلاق والمذهب عندنا أنهما واجبان يجبران بدم فهذه تسعة أركان بين مجمع عليه ومختلف فيه في المذهب أو خارجه قال ح لكن ينبغي للإنسان إذا أتى بهذه الأشياء أن ينوي الركنية ليخرج من الخلاف وليكثر الثواب أشار له السيبي اهـ.

باختصار واعلم أن أفعال الحج ثلاثة أقسام أركان وواجبات وسنن منهم من يقول فروض وسنن وفضائل ومنهم من يقول فروض وواجبات وسنن فالقسم الأول هو ما لا بد من فعله ولا يجزيء عنه بدل لا دم ولا غيره وهو ما تقدم ذكره وهو ثلاثة أقسام قسم يفوت الحج بتركه ولا يؤمر بشيء وهو الإحرام وقسم يفوت الحج بفواته ويؤمر بالتحلل بعمرة والقضاء في قابل وهو الوقوف وقسم لا يتحلل من الإحرام إلا بفعله ولو صار إلى أقصى المشرق والمغرب رجع إلى مكة ليفعله وهو طواف الإفاضة والسعي والقسم الثاني هو ما يطلب بالإتيان به فإن تركه لزمه الدم كطواف القدوم والتلبية ورمي العقبة وغير ذلك وجرم ابن الحاج بالتأثيم بتعمد ترك ذلك وكذا ابن فرحون وتردد في ذلك الطرطوشي وقال ابن عبد السلام من يقول بالوجوب يقول بالتأثيم ومن يقول بالسنية لا يقول به والقسم الثالث هو ما لا دم ولا إثم بتركه كغسل الإحرام وركوعه وغيرهما من المستحبات واعلم أن الإحرام مصدر أحرم إذا دخل الحرم أو في حرمة الحج أو العمرة أو الصلاة وعرفه ابن عرفة أنه صفة حكمية توجب لموصوفها حرمة مقدمات الوطء وإلقاء الشعث والطيب ولبس الذكور المخيط والصيد لغير ضرورة لا تبطل بما منعه اهـ.

قال ح والظاهر أنه غير جامع لخروج من حصل منه التحلل الأول فقط مع أنه محرم كما صرح به صاحب الطراز وصاحب المعلم وغيرهما قال ولو اقتصر على قوله توجب حرمة مقدمات الوطء والصيد لدخل ذلك وعرفه غير ابن عرفه بأنه الدخول بالنية في حرمة أحد النسكين أو كليهما مع القول أو الفعل المتعلقين به قال ح وتعريف الجماعة للإحرام الذي هو ركن بهذا أولى من تعريفه بالصفة الناشئة عنه لأنهم بصدد بيان الأركان التي يطلب المكلف بالإتيان بها اهـ.

ص: 441

بمعنى التحديد فكل منهما حقيقة لغوية باقية على أصلها فقال (ووقته) أي وقت الإحرام والتحلل (للحج شوال لآخر الحجة) بمعنى أن بعض هذا الزمن وقت لجواز الإحرام به وهو ما يسعه مع الوقوف من شوال الفجر يوم النحر وبعضه وقت لجواز التحلل وهو من فجر يوم النحر لآخر الحجة فليس المراد أن جميع الزمن الذي ذكره المصنف وقت لجواز الإحرام فقط كما يوهمه لفظه ولا وقت لجواز التحلل فقط وبما قررته في كلامه من حذف عاطف ومعطوف وهما والتحلل سقط ما اعترض به عليه من أنه لا يصح فيما ذكره أن يكون بيانًا لوقت صحة الإحرام إذ يصح في غيره ولا لجوازه من غير كراهة إذ يكره بعد فجر يوم النحر لأنه حينئذ إحرام للعام القابل قبل وقته فيكره وجواب بعضهم بأنه أتى بقوله لآخر الحجة لبيان أنه لا دم على من أخر طواف الإفاضة وفعله قبل غروب الحجة إنما يلزمه دم إذا أخره لأول المحرم كما سيقول المصنف عاطفًا على ما فيه الدم أو الإفاضة للمحرم جواب عن الغاية فقط لا عن المبدأ أيضًا بخلاف حذف عاطف ومعطوف.

تنبيه: الأفضل لأهل مكة الإحرام من أول الحجة على المعتمد وهو لمالك في المدونة وقيل يوم التروية وهو لمالك أيضًا ونحوه للشافعي (وكره) الإحرام (قبله) أي قبل زمانه وانعقد كما يذكره فإن نذره قبل زمانه لزم نظر المطلق الإحرام لا من حيث كونه مكروها إذ لا يلزم به إلا ما ندب كما يأتي (كمكانه) أي كما يكره الإحرام قبل مكانه الذي سيذكره (وفي) كراهة الإحرام بهما من (رابغ) وعليه صاحب المدخل قائلًا لأنه قبل الحجفة وعدم كراهته وعليه المنوفي في شيخ المصنف لأنه من أعمال الحجفة ومتصل بها (تردد) لمن ذكر (وصح) الإحرام برابغ وفي المكروهين المتقدمين وذكره وإن علم من الكراهة تبعًا لغيره وجواب بعضهم بأنه ذكره لإفادة أن الكراهة غير محمولة على التحريم فيه نظر إذ المصنف لم يطلقها في كتابة على التحريم وإنما يذكر في بعض الأحيان حمل ما في المدونة من الكراهة على التحريم والفرق بين صحته قبل وقته مع الكراهة وبين عدم

ــ

(ووقته للحج شوال) قول ز سقط ما اعترض به عليه الخ الاعتراض لا يسقط بمثل هذا إذ لا دليل عليه في كلام المصنف وقول ز وجواب بعضهم الخ معنى هذا الجواب أن مراد المصنف بيان وقت جواز التلبس بالإحرام من غير كراهة وهو صحيح لأن التلبس به بلا كراهة ينتهي لآخر الحجة وعلى هذا يكون المصنف ساكتًا عن تحديد وقت المبدأ ولذا قال ح وعلى كل حال ففيه مسامحة لأن المقصود بيان الوقت الذي يبتدأ فيه الإحرام بالحج لا وقت التحليل منه اهـ.

(وفي رابغ تردد) رابغ بكسر الباء الموحدة كما في القاموس وغيره وقول ز وعن مالك عدم انعقاده قبل وقته الخ مثله في ح عن ابن فرحون قال ح ولم أر من عزاه لمالك غيره وقد نقله اللخمي ولم يعزه وقول ز وذكره وإن علم من الكراهة الخ الظاهر أن المصنف إنما أتى به دفعًا لتوهم عدم اللزوم كما تقدم فيمن أحرم بالصلاة في وقت نهي وإن المراد يصح لزم كقول المدونة فإن فعل الوجهين جميعًا لزمه اهـ.

ص: 442

صحة الإحرام بصلاة لفرض قبل وقته مع أن كلًّا له إحرام تحليل في وقته معين أنه وإن أحرم به قبل وقته لا يمكن فراغه قبله إذ وقته عرفة أي بخلاف الصلاة فإنه يمكن فراغه منها قبل وقتها للمحرم بها حينئذ أشار له الأبهري وأجاب عبد الحق بمباينة الحج لها في أمور شتى ذكرهما تت ويقدح في الأول اقتضاؤه صحة إحرامه بالصلاة قبل وقتها بمقدار تكبيرة الإحرام فقط وفعل الركعات بوقتها وليس كذلك وفي الثاني بأنه وأن باينها لكن الجامع بينهما وهو أنه لكل إحرام وتحليل موجود ولما رأى الشيخ سالم ليونة هذين الجوابين قال عقب قوله وصح الإحرام قبل المكان اتفاقًا وقبل الزمان على المشهور لقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] فإنه يقتضي بجعل الألف والسلام للعموم أن سائر الأهلة ميقات للحج وعن مالك عدم انعقاده أي قبل وقته لقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] لوجوب انحصار المبتدأ في الخبر فيجب حصر الحج في الأشهر فالإحرام به قبلها كالإحرام بالظهر قبل الزوال فلا ينعقد والجواب أن المحصور في الأشهر المعلومات الحج الكامل أي الذي لا كراهة فيه والذي في آية {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} [البقرة: 189] الحج غير الكامل الذي فيه كراهة جمعًا بين الآيتين اهـ.

باختصار وفيه جواب عن السؤال عن الفرق بينه وبين الصلاة أن الحج وقته مستحب والصلاة وقتها واجب (و) وقته (للعمرة أبدًا) أي في أي وقت من السنة (إلا لمحرم بحج) مفردًا أو قارنًا (فـ) يمنع إحرامه بها ويفسد ولا يلزمه قضاؤها ويستمرد منعا (لتحلله) من جميع أفعال الحج وأراد بتحلله منه فراغه من طوافه وسعيه ورمي الرابع لغير متعجل وقدره لمن تعجل في يومين وهو مجيء زوال الرابع ومضي قدر رميه مع كراهة الإحرام كما أشار له بقوله (وكره) الإحرام بها (بعدهما) أي التحللين (وقبل غروب الرابع) فإن أحرم صح إحرامه لكن لا يفعل منها شيئًا حتى تغرب الشمس وإلا لم يعتد به على المذهب حتى لو تحلل منها قبل غروب الرابع ووطيء أفسد عمرته أي ويقضيها بعد تمامها عبد الحق عن بعض شيوخه ويكون خارج الحرم حتى تغيب الشمس أي للرابع ولا يدخله لأن دخوله الحرم بسبب العمرة عمل لها وهو ممنوع من أن يعمل عملا من أعمالها حتى تغيب الشمس انتهى.

وانظر لو دخل من الحل قبل الغروب والظاهر على بحثه أن دخوله لغو ويؤمر بالعود إلى الحل ليدخل منه بعد الغروب ولم أره منصوصا قاله ح وفي بعض النسخ لتحلليه بالتثنية أي الأصغر وهو رمي جمرة العقبة والأكبر وهو طواف الإفاضة هذا هو المتبادر من لفظه وفيه نظر لما مر من أن إحرامه بها قبل رمي الرابع أو مضي قدره فاسد

ــ

(إلا المحرم بحج) قول ز فيمنع إحرامه بها الخ ما ذكره من المنع مثله في مناسك المصنف وسيأتي لز عند قوله وألغى عمرة عليه الخ أنه مكروه (وكره بعدهما) قول ز ويدل على هذا المراد الخ غير صحيح بل لا دليل فيه تأمل وقول ز كما يأتي في قول المصنف

ص: 443

ولذا أخذ على المصنف هنا بوجهين أحدهما أنه يقتضي أن إحرامه بها يصح بعد الطواف الإفاضة والأمر بخلافه إلا أن يجاب بأنه أراد بالتحللين انقضاء رمي الرابع تحقيقًا لغير المتعجل أو تقديرًا له ويدل على هذا المراد قوله وكره الخ ثانيهما أن قوله بحج لا مفهوم له فمفهومه مفهوم موافقة كما في تت ويجاب عنه بأنه أراد مفهوم الموافقة بدليل قوله الآتي ولنا عمرة عليه كالثاني في حجتين أو عمرتين ويستثنى من عدم صحة الإحرام بها قبل إتمام أفعال الحج إحرامه بها قبل الحلاق منه فإنه صحيح كما يأتي في قول المصنف وصح بعد سعي وعطف على وقته قوله (مكانه) أي الإحرام (له) أي للحج غير قران (للمقيم) بمكة أي المتوطن وغيره سواء كانت إقامته تقطع حكم السفر أم لا كما هو ظاهر المدونة والشارح قاله عج وهو ظاهر المصنف وإن كان لا يسمى مقيمًا في قصر الصلاة إلا ما فيه قطع حكمه (مكة) أي أولى لغير ذي النفس لا متعين فإن أحرم من الحل أو من الحرم خارج مكة خالف الأولى ولا دم عليه وأما المتمتع فعليه دم لتمتعه لا لكونه أحرم به خارج مكة فليست مكة للمقيم بميقات بدليل أنه يحرم بالعمرة من الحل ولو كانت ميقاتًا لكان يحرم بها منه لاستواء الحج والعمرة في الميقات ومثل المقيم بها من منزله بالحرم كمنى ومزدلفة والظاهر أن المقيم بالبلاد المذكورة كأهلها (وندب بالمسجد) أي جوفه كما في المدونة خلافًا لقول ابن حبيب يحرم من بابه لأن المسجد وضع للصلاة لا للإحرام والظاهر أن المراد بجوفه ما قابل الباب بدليل القول المقابل المذكور وعلى ما فيها يحرم من موضع صلاته ويلبي وهو جالس في موضعه ولا يلزمه أن يقوم من مصلاه ولا أن يتقدم إلى جهة البيت كما يقول الشافعي ولا إلى تحت الميزاب كما يقول الحنابلة وشبه في الاستحباب قوله (كخروج ذي النفس) الآفاقي الداخل مكة بعمرة في أشهر الحج ومعه سعة زمان وهو المراد بذي النفس يندب له الخروج (لميقاته و) مكان الإحرام (لها) للعمرة للمقيم بمكة (وللقران الحل) فيجمع في إحرامه بين حل وحرم في الصورتين ولا يجوز الإحرام من الحرم ولكن ينعقدان وقع ولا دم عليه (والجعرانة) بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء المهملة وبكسر العين وشد الراء وعليه أكثر المحدثين وعن الشافعي هو خطأ وإن الأول متعين موضع بين مكة والطائف (أولى) لبعدها عن مكة من جهة الطائف ولاعتماره صلى الله عليه وسلم منها وكان في ذي القعدة كما في الصحيح حين قسم غنائم حنين وقد قيل إنه اعتمر منها ثلاثمائة نبي (ثم التنعيم) ويعرف بمساجد عائشة وهذان راجعان للعمرة وأما القران فلا يطلب فيه مكان معين من الحل على

ــ

وصح بعد سعي الخ هكذا ذكره ح هنا وأحال على ما يأتي أيضًا ولم يأت لهما شيء مما ذكراه (ثم التنعيم) قال ح قوله هنا ثم التنعيم أحسن من قوله في مناسكه أو التنعيم لأنه لا يقتضي تفضيل الجعرانة على التنعيم وقد وقع التصريح بأفضليتها في كلام النوادر اهـ.

واعترضه طفى بأن ما في المناسك هو الذي عليه الأكثر كما في الشارح وقد سوى

ص: 444

سبيل الأولى وقوله (وإن لم يخرج أعاد طوافه وسعيه بعده) أي بعد خروجه للحل راجع أيضًا لقوله ولها فقط فهو فيمن اعتمر من الحرم وأمر بالخروج ليجمع في إحرامه بين الحل والحرم فلم يخرج حتى طاف لها وسعى لها وأما من أحرم قارنًا من الحرم فإنه يلزمه أن يخرج للحل كما قال سند وابن عرفة وغيرهما لكنه لا يطوف ويسعى بعد خروجه لأن طواف الإفاضة والسعي بعده يندرج فيهما طواف العمرة وسعيها فإن لم يخرج إلى الحل حتى خرج إلى عرفة ثم رجع فطاف للإفاضة وسعى فالظاهر أنه يجزئه كما يفهم من كلام ابن بشير وغيره وهو ظاهر قاله ح وقول بعض الشارحين وما رأيت من شراحه من أفصح عن القارن من الحرم هل هو كالمعتمر في إعادة ما ذكر بعد الخروج وهو الظاهر انتهى.

قصور وما استظهره خلاف ما ذكرناه عن ح مع أنه ذكره بعد استظهاره قاله عج وقول الشيخ سالم من شراحه أراد لم ينقلوه بدليل ذكره استظهار ح بعد ذلك (وأهدى أن حلق) بعد سعيه الفاسد لأنه حلق وهو محرم وفي التعبير بأهدى تجوز من افتدى لأن الحلق مما يترفه به أو يزيل أذى كما سيذكر (وإلا) يكن مقيمًا بمكة وما في حكمها مما سبق (فلهما) أي فالميقات للحج والعمرة (ذو الحليفة) تصغير حلفة وكان بها مسجد يسمى مسجد الشجرة وقد خرب وبها بئر تسميه العوام بئر علي ويزعمون أنه قاتل بها الجن وهذه بالنسبة غير معروفة ولا يرمي بها حجر ولا غيره كما يفعله الجاهلون للمدني من وراءه (والجحفة) لأهل المغرب ومن وراءهم من أهل الأندلس وكذا الأهل الروم وبلاد التكرور ولأهل مصر والشام (ويلملم) لأهل اليمن والهند ويماني تهامة (وقرن) لأهل نجد اليمن ونجد الحجاز وأصل النجد بفتح فسكون ما ارتفع من الأرض وفي الإكمال أصل القرن الجبل الصغير المستطيل المنقطع عن الجبل الكبير (وذات عرق) لأهل العراق والفارس وخراسان والمشرق ومن وراءهم (و) مكانه لهما (مسكن دونها) أي من مسكنه أقرب لمكة من هذه المواقيت كقديد وعسفان ومر الظهران فمسكنه أو مسجده ميقاته أن أحرم مفردًا كائن قرن أو اعتمر إن كان مسكنه بالحل فإن كان بالحرم أحرم من الحل فإن سافر قبل الإحرام من مسكنه دونها إلى وراء المواقيت ثم رجع مريد الإحرام فكمصري يمر بالحليفة وله أن يؤخر لمنزله فيحرم منه ويفعل في إحرامه منه حينئذ كما سبق قريبًا ومسكن بالتنوين ودونها صفة له مبني على الفتح في محل رفع لأنه ظرف غير

ــ

بينهما ابن شاس وابن الحاجب وابن عرفة وغيرهم (وإن لم يخرج أعاد طوافه وسعيه بعده) قول ز وقول بعض الشارحين الخ ما ذكره هذا البعض وهو س مشكل إذ الموضوع هنا هو المقيم بمكة والمقيم إذا قرن لا يتصور أن يطوف ويسعى قبل عرفة حين يقال يعيدهما بعد الخروج إلى الحل أولًا لأن سعيه لا يكون إلا بعد الإفاضة إذ ليس له طواف قدوم إنما هو على الآفاقي تأمله (ومسكن دونها) قول ز مبني على الفتح الخ غير صحيح بل هو منصوب

ص: 445

متصرف لا بالإضافة وقوله دونها أي جهة مكة بأن يكون الميقات خلف مسكنه لا إلى جهة الذاهب إلى مكة وكذا يحرم من الميقات ولا يتجاوزه حيث كان يريد منزله وهو دون مكة إلا أنه لا يمكنه الوصول إليه إلا بالمرور على مكة لئلا يؤدي إلى دخولها بلا إحرام سواء كان يحرم بالعمرة أو بغيره قاله ح (و) مكانه لهما أيضًا (حيث) اسم مكان أوقعها المصنف في محل رفع معطوفة على ذو من قوله ذو الحليفة بناء على مذهب من يثبت لها التصرف والخروج عن الظرفية كما قيل به في قوله تعالى الله أعلم حيث يجعل رسالاته فإنها مفعول به ليعلم مقدر إلا بالمذكرر لأن أفعل التفضيل لا ينصب المفعول إجماعًا وتصرفها نادر ومنه نصبها على المفعولية كما في الآتي وليس نصبها على المفعولية من شبه الظرفية المشار له يقول الألفية وغير ذي التصرف الذي لزم ظرفية أو شبهها لأن المراد بشبهها الجر بمن خاصة فهي هنا مبنية على الضم محلها رفع مضافة إلى جملة (حاذى) ساوى بمقابلة أو ميامنة أو مياسرة (واحدًا أو مر) به من هذه المواقيت وإن لم يكن من أهله ومن منزله بعيد عن الميقات مشرقًا أو مغربًا عنه وإذا قصد مكة من موضعه لم ير ميقاتًا وإذا قصده شق ذلك عليه لإمكان أن تكون مسافته إليه مسافة بلده إلى مكة فإذا حاذى الميقات بالتقدير والتحري أحرم منه ولم يلزمه السير إلى الميقات وشمل كلامه المكي إذا خرج إلى وراء الميقات ثم عاد إليها يريد نسكًا فمر بميقات أو حاذاه فإن تعداه قدم وليس كالمصري يمر بالحليفة يجوز تأخيره لميقاته فيحرم على المكي تأخير الإحرام لمكة لئلا يدخلها حلا مع إرادته النسك (ولو) كان المحاذي مسافرًا (ببحر) فهو مبالغة في حاذى واحدًا فقط كما في د والعجماوي وزاد فلو قال المصنف وحيث مر بواحد أو حاذاه ولو ببحر لكان أدل على ذلك وظاهر قوله ولو ببحر سواء كان بحر القلزم أو عيذاب قال في منسكه وهو ظاهر المذهب انتهى.

والمعتمد تقييده ببحر القلزم وهو من ناحية مصر حيث يحاذي به الجحفة فيجب عليه الإحرام منه فإن ترك منه إلى البر لزمه هدي وأما بحر عيذاب وهو من ناحية اليمن

ــ

على الظرفية معلق بمحذوف صفة أي كائن دونها (وحيث حاذى واحدًا) قول ز ساوى مقابلة الخ غير صحيح بل ميامنة ومياسرة فقط ولا تتصور المقابلة (ولو ببحر) قول ز والمعتمد تقييده ببحر القلزم الخ هذا التفصيل لسند نقله ضيح وح وغيرهما ولم يأت به ز على وجهه وحاصل ما نقلوه عنه أن المسافر في البحر مطلقًا يباح له تأخير الإحرام إلى البر للضرورة خوف أن ترده الريح فيبقى محرمًا لكن المسافر في بحر القلزم عليه الدم ما إذا أخر كسائر الممنوعات المباحة للضرورة بخلاف المسافر في بحر عيذاب فإنه لا دم عليه في التأخير لأن المسافر في القلزم يسافر مع الساحل فيمكنه النزول إلى البر فيحرم منه لكن فيه مضرة بمفارقة رحله والآخر يسافر في لجة البحر لا مع الساحل فلا يقدر عند الميقات على النزول إلى البر وما ذكره من أن هذا هو المعتمد مثله في ح لكن إذا حمل عليه المصنف تبقى لو غير مثار بها للخلاف إلا أن يقال أشار بها لرواية ابن نافع عن مالك لا يحرم المسافر في السفن ولم

ص: 446

والهند فلا يلزمه الإحرام فيه بمحاذاته الميقات لأن فيه خوفًا وخطرًا من أن ترده الريح بخلاف الأول فإنه ليس مثله ولا هدي عليه بتأخيره الإحرام إلى البر في هذا قاله ح (إلا كمصري) ومغربي وشامي ومن منزله دون ميقات وخرج إلى ورائه ثم أتى مريد النسك (يمر بالحليفة) مريدًا لمرور بالجحفة أو محاذاتها (فهو) أي إحرامه من ذي الحليفة (أولى) لا واجب لأن ميقاته أمامه (وإن لحيض) أو نفاس (رجي رفعه) أي أن إحرام الحائض من أهل مصر ونحوها من الحليفة أولى من تأخيرها الإحرام إلى الجحفة وإن أدى ذلك إلى إحرامها الآن من غير صلاة وكانت ترتجي إذا أخرت إلى الجحفة أن تطهر وتغتسل وتصلي للإحرام وإنما كان إحرامها من الحليفة أفضل لأنها تقيم في العبادة أيامًا قبل أن تصل إلى الجحفة فلا يفي ركوعها للإحرام بفضل تقدمة إحرامها من ميقاته عليه الصلاة والسلام قاله ح فإن لم يرد المرور بالجحفة ولا محاذاتها وجب إحرامه بذي الحليفة كنجدي وعراقي ويمني وشبه في الأولوية قوله (كإحرامه) أي مريده من كل ميقات (أوله) لأنه من المبادرة إلى الطاعة وتستثنى ذو الحليفة فإن الأفضل الإحرام من مسجدها أو فنائه لا من أوله بخلاف غيره (وإزالة شعثه) بتقليم أظفاره وقص شاربه وحلق عانته ونتف إبطه واكتحاله وادهانه بغير مطيب وإزالة شعر بدنه إلا رأسه فالأفضل إبقاء شعره طلبًا للشعث في الحج ويلبده بصمغ أو غاسول ليلتصق بعضه على بعض وتقل دوابه والشعث الدرن والقشف والوسخ (وترك اللفظ به) أي بالإحرام فالاقتصار على النية أفضل على المعروف وعن مالك كراهة التلفظ وعن ابن وهب التسمية أحب إلي بأن يقول لبيك أو أحرمت بعمرة أو حجة أو بعمرة وحجة وقال الشيخ عبد الرحمن الثعالبي قيل التلفظ أولى للخروج من الخلاف لأن أبا حنيفة يقول إن لم ينطق لم ينعقد ولما أنهى الكلام على الميقات وأهله شرع في تقسيم المار به من عدم وجوب الإحرام به ووجوبه إلى أربعة أقسام لأن المار بالميقات إما أن يكون مريد الملكة أو لا والمريد لها إما أن يتردد أو لا وعلى كل إما أن يكون مخاطبًا بالحج أو لا وهو تقسيم بديع لم يسبق به فقال (والمار به إن لم يرد مكة) بأن كانت حاجته دونها أو في جهة أخرى

ــ

يفصل تفصيل سند نقلها في التوضيح (كإحرامه أوله) هنا نقل ح عن مناسك ابن مسدي ما نصه روينا عن معن بن عيسى قال سمعت مالكًا يقول إنما أنا بشر أخطىء وأصيب فانظر وافي رأيي ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به وما لم يوافق الكتاب والسنة من ذلك فاتركوه اهـ.

قلت ومثله لعياض في المدارك بلفظه ثم قال ومعن هذا هو ربيب مالك قال ابن عبد البر كان أشد الناس ملازمة لمالك وقال الرازي أوثق أصحاب مالك وأثبتهم معن وهو أحب إلي من ابن نافع وابن وهب وقال الشافعي قال لي الحمدي حدثني من لم تر عيناك مثله وهو معن وقد روى عنه الأئمة أحمد وابن معين والحميدي وابن نمير وغيرهم وأخرج له البخاري ومسلم اهـ.

(وترك اللفظ به) قول ز وعلى كل إما أن يكون مخاطبًا الغ صوابه وغير المتردد إما أن يكون مخاطبًا الخ كما في عبارة غيره (والمار به إن لم يرد مكة الخ) هذا نحوه

ص: 447

وهو ممن يلزمه الإحرام لو أرادها (أو) أرادها إلا أنه ممن لا يخاطب بالحج (كعبد) أوصى أو يخاطب به ولكنه كافر (فلا إحرام عليه) جواب أن وقرن بالفاء لكونه جملة اسمية قاله د وعليه فيختلف في خبر المبتدأ وهو قوله والمار ما هو هل هو الشرط أو الجزاء أو هما وهو الراجح وأما على جعله خبر المبتدأ أي فهو لا إحرام عليه وقرن بالفاء لما في المبتدأ من معنى العموم فلا خفاء ويكون حذف جواب الشرط للعلم به من خبر المبتدأ (ولا دم) في مجاوزة الميقات حلالًا (وإن) بدا له في دخولها بعد مجاوزته أو أذن الولي للعبد أو الصبي أو عتق أو بلغ أو أفاق المجنون أو المغمى عليه أو أسلم الكافر و (أحرم) واحد منهم بفرض أو نفل ويسقط عنهم الفرض وإنما كان لا دم على واحد منهم في مجاوزة الميقات لأنهم جاوزوه قبل توجه الفرض عليهم في غير الكافر (إلا الصرورة المستطيع فتأويلان) في لزوم الدم لأنه بإحرامه صار بمنزلة مريدة أو تبين أنه مريده وعدم لزومه رعيًا لحال مروره عليه فهما راجعان للمبالغ عليه فقط وهما فيمن أحرم في أشهر الحج وإلا فلا دم عليه اتفاقًا وهما كما علمت فيمن أحرم بعد تعديه الميقات حلا وكان حال مروره غير مخاطب بالإحرام لعدم إرادة دخوله مكة على ما يأتي فإن انتفى واحد من قيدي الصرورة المستطيع فلا دم عليه قطعًا وهو ما قبل الاستثناء وذكر مفهوم إن لم يرد وإن كان مفهوم شرط لما فيه من التفصيل بقوله (ومريدها أن تردد) لها متسببًا بفاكهة وحطب ونحوهما الإحرام عليه ولا دم (أو عادلها) من قريب كمسافة قصر بعد أن خرج منها لا يريد العود (لأمر) عاقه عن السفر أو بريد العود ورجع من مكان قريب ولم يقم فيه كثيرًا ولو لغير عائق مثل فعل ابن عمر حيث خرج من مكة إلى قديد فبلغه فتنة المدينة فرجع فدخل مكة بلا إحرام (فكذلك)

ــ

قول ابن عرفة وتعديه حلالًا لغير دخول مكة ولا لحج ولا لعمرة عفو اهـ.

ولا يعارضه قول المدونة وإن جاوز الميقات غير مريد الحج فلا دم عليه وقد أساء حين دخل الحرم حلالًا من أيّ الآفاق كان اهـ.

كما زعمه طفى حيث توهم أن قولها وقد أساء ينافي ما أفاده المصنف وابن عرفة من جواز ترك الإحرام قائلًا إلا أن يقال عفو عن الدم أو العفو لا ينافي الإساءة اهـ.

لانا نقول كلام المدونة في مريد مكة لغير نسك فلذا قالت فلا دم عليه وقد أساء وسيأتي وأساء تاركه ولا دم إن لم يقصد نسكًا وبه تعلم ما في طفى (ومريدها أن تردد) اللخمي يحرم أول مرة استحبابًا كما صرح به ابن عرفة وضيح واعلم أن قول المصنف ومريدها الخ ليس هو في متعدي الميقات كما هو المتبادر منه وإنما هو في دخول مكة من غير إحرام من مكان قريب وأما المار على الميقات إن أراد مكة فيجب عليه الإحرام من غير تفصيل بين المتردد وغيره كما تفيده المدونة انظر ضيح وقول ز لأمر عاقه الخ أي فإن خرج لا يريد العود ورجع من قريب لغير عائق أحرم وإلا وجب الدم بخلاف من خرج يريد العود هذا ما حصله ابن رشد انظر ح وقول ز مثل فعل ابن عمر مثال لقول المصنف أو عاد لها

ص: 448

أي كالمار الذي لم يردها لا يلزمه إحرام ولا دم وانظر هل يأتي هنا إلا الصرورة المستطيع فتأويلان أم لا ويحلق بقوله فكذلك من خاف سلطانًا أو جورًا يلحقه كما لسند أي خارجها اللخمي وغيره ويلحق بذلك أيضًا دخولها لقتال جائز كما في توضيحه وهذا إذا رجع بسبب من هذه الأسباب وهو لا يريد نسكًا وإلا تعين عليه الإحرام من موضع إرادته إن كان دون ميقات كحدة وعسفان فإن أخره عن موضعه فالدم كما صرحوا به فيمن جاوز الميقات لا يريد نسكًا ثم أراد دخولها بأحد النسكين فإنه يلزمه الإحرام من موضع إرادته وأن جاوزه فالدم وبذلك شاهدت والدي يفتي به غير مرة فيمن خرج لجدة بالجيم بنية العود ثم لما رجع أخر الإحرام إلى حدة بحاء مهملة قرية بين مكة وجدة ولم يحرم مما خرج إليه وعرضه على جمع من المشايخ فوافقوه وخالفه في ذلك بعض مشايخنا فكلمه والدي فلا أدري رجع إليه أم لا قاله ح (وإلا) يكن مريدها من المترددين ولا ممن عاد لها الأمر بل أرادها لنسك أو تجارة أو لأنها بلده ولا عاد عن قرب بل عن بعد بأن زاد على مسافة القصر سواء خرج منها بنية العود أو عدمه أو عاد ناويًا الإقامة وترك السفر (وجب) عليه (الإحرام) من الميقات الذي يأتي عليه لأن دخولها حلالًا من خصائصه صلى الله عليه وسلم (وأساء) أي أثم (تاركه) المجاوز له من أي الآفاق ولا يغني عنه قوله وجب لأن الوجوب قد يستعمل في المتأكد كقولهم الوتر واجب والأذان واجب أي متأكد لا في خصوص ما يثاب على فعله ويعاقب

ــ

لأمر فحقه لو قدمه عنده والله أعلم (فكذلك) قول ز كما لسند أي خارجها الخ الصواب إسقاط قوله أي خارجها لأنه تحريف لكلام الناس ونص ح ويلحق به على ما قاله صاحب الطراز من كان خائفًا من سلطانها ولا يمكنه أن يظهر أو خائفًا من جور يلحقه بوجه قال فهذا لا يكره له دخولها حلالًا في ظاهر المذهب لأن ذلك يجوز مع عذر التكرار فكيف بعذر المخافة وقاله الشافعي وغيره اهـ.

(وإلا وجب الإحرام) قول ز من الميقات الذي يأتي عليه الخ قال طفى الأولى تقرير ح وجب عليه الإحرام لدخول مكة لأن ما قبله في دخول مكة بغير إحرام وبه قرر ابن عبد السلام وضيح وقول ابن الحاجب بخلاف غيرهم فقالا أي بخلاف غير المترددين ومن رجع لفتنة كالتجار فالأشهر وجوب الإحرام عليهم إذا دخلوها فتحصل أن مريد مكة من مكان قريب إذا كان مترددًا أو رجع لها لكفتنة فلا إحرام عليه وإلا وجب الإحرام وأن المار بالميقات إن لم يرد مكة أو كان كعبد فلا إحرام عليه ولا دم وإلا بأن أرادها وكان مخاطبًا به وجب عليه الإحرام من غير تفصيل وإنما التفصيل في الدم إن لم يحرم ابن عرفة تعديه حلال لغير دخول ولا حج ولا عمرة عفو ثم قال ولأحدهما ممنوع اهـ.

ثم ذكر التفصيل في الدم وانظر في ق كلام المناسك قال طفى لكن التفصيل المذكور في قوله إن لم يقصد نسكًا الخ في متعدي الميقات لأن من دخل حلالًا غير متعدي الميقات لا دم عليه ولو قصد النسك عند ابن القاسم وهو مذهب المدونة قال والحاصل أن المصنف أداه الاختصار إلى عدم ترتيب هذه المسائل وعلى ما قرره ح يبقى على المؤلف حكم تعدي الميقات

ص: 449

على تركه فنبه على أن هذا الأخير هو المراد هنا (ولا دم) عليه بتركه صرورة أم لا (إن لم يقصد نسكًا) أو دخول مكة فقصد دخولها كقصد النسك (وإلا) بأن قصد مريد مكة نسكًا يحج أو عمرة ولم يكن مترددا وتعدى الميقات جاهلًا به أو عالمًا ولم يحرم منه (رجع) وجوبًا للميقات وأحرم منه (وإن شارفها) أي قارب مكة بل يرجع وإن دخلها كما هو ظاهر المدونة وبه أفتى صر خلافًا لما يوهمه المصنف ما لم يحرم قاله ح (ولا دم) عليه إذا رجع قبل إحرامه لأنه لما رجع إليه وأحرم منه فكأنه أحرم منه ابتداء وظاهره رجع من قرب أو بعد خلافًا لقول ابن الحاجب فإن عاد قبل البعد فلا دم عليه للميقات وأحرم منه أن جهل أن مجاوزته حلا ممنوعة بل (وإن علم) ذلك وأخرج من قوله رجع قوله (ما لم يخف) قاصد النسك برجوعه (فوتًا) لحجه أو رفقته ولا مرضًا شاقًّا فإن خاف شيئًا من ذلك (فالدم) ويحرم من مكانه ويتمادى لأن محظورات الإحرام تستباح بالأعذار بالهدي وهذا إن لم يخف فوات الحج فإن خاف فواته وفاته بالفعل وتحلل منه فلا دم عليه كما أشار له بقوله الآتي لا فات كما في د وبما قررنا علم أن الصور ثمان لأنه إما أن يخرج ليعود أولًا وفي كل إما أن يعود عن قرب أو بعد فهذه أربعة وفي كل إما أن تطول إقامته قبل العود أم لا فمتى خرج لا ليعود فلا يدخلها إلا محرمًا عاد عن قرب أو بعد طالت بالعرف إقامته قبل العود أم لا إلا أن يرجع لأمر عاقه كما وقع لابن عمرو متى خرج ليعود فلا بد من إحرامه أن عاد عن بعد مطلقًا أو عن قرب وطالب إقامته لا إن لم تطل فيدخلها محرمًا في سبع وغير محرم في واحدة وكذا في قوله ما لم يخف فوتًا فالدم وشبه في وجوب الدم قوله (كراجع) إلى الميقات (بعد إحرامه) في محل جاوز الميقات حلًا وظاهره أن الدم مترتب على رجوعه وليس كذلك وإنما هو مترتب على إحرامه بعد مجاوزة الميقات ولا يسقط برجوعه قاله تت ود وقد أشرنا في التقرير لرده وأجاب عنه عج بقوله إنما قال كراجع لأن غير الراجع أولى (ولو أفسد) ظاهره أنه متعلق بالرجوع وليس كذلك أيضًا بل هو مرتبط بمن جاوز الميقات وأحرم بعده قاله بعض الشراح قاله د أي فلا يسقط الدم عن المحرم بعد الميقات ولو أفسد إحرامه بجماع ونحوه لتماديه عليه قال بعض ولا أعلم فيه خلافًا كما هو ظاهر كلام المصنف إنما الخلاف في قوله (لا) أن (فات) وتحلل منه بفعل عمرة فيسقط عنه دم التعدي لأنه بتحلله صار بمنزلة من لم يحرم أصلًا ولأنه لم يتسبب فيه بخلاف الأول لتسببه في إفساده فإن بقي على إحرامه لقابل فعليه الدم لأنه حينئذ بمنزلة من لم يفته وتكلم

ــ

حلالًا هل هو ممنوع أم لا فالأولى التعميم في قوله وإلا وجب الإحرام أما وجوبه لدخول مكة فظاهر وأما عند الميقات فقال ابن عرفة تعديه حلال لدخول مكة ممنوع فصرح بالمنع اهـ.

وانظر قوله لأن من دخل مكة حلالًا الخ فإنه خلاف ما قاله ح ونقله ز عنه قبل وإلا وجب الإحرام وعلى ما ذكر ح يكون قوله وإلا وجب الإحرام عامًا وكذا التفصيل الذي بعده لحسن سياق كلام المصنف والله أعلم (إن لم يقصد نسكًا) قول ز أو دخول مكة فقصد دخولها

ص: 450

هنا على سقوط دم التعدي في الفوات بشرطه وعلى لزومه في الفساد ولم يتكلم على دم الفوات والفساد معًا لأنه يذكره أثناء فصل محرمات الإحرام وفصل الحصر ولما قدم أن الإحرام ركن في النسكين ذكر ما ينعقد به فقال (وإنما ينعقد) الإحرام بحج أو عمرة (بالنية) والحصر منصب على قوله الآتي مع قول الخ (وإن خالفها لفظه) عمدًا لقوته على الصلاة بعدم رفضه (ولا دم) إذا كان ما أحرم به فيه لو قصده كنيته الإفراد فتلفظ بتمتع أو قران وأما أن نوى أحدهما فلفظ بإفراد فعليه دم بالشروط الآتية في المصنف كما في د وينعقد بالنية (وإن) كانت أو حصلت (بجماع) أي أحرم وهو يجامع والباء بمعنى مع فينعقد فاسدًا ويتمه ويقضيه ويهدي وأما لو نوى حين الإحرام أن يجامع أي وجامع حينئذ فلا ينعقد كما في ح عن طرر التلقين فإن قلت قد قارن المانع الإحرام في المسألتين فلم انعقد في الأولى دون الأخرى قلت لأن الدخول على المقارنة مع وجود الفعل عند استصحاب نيته أشد من حصول المقارنة بالفعل من غير نية دخول لأنه اجتمع فيما لا ينعقد شيآن نية الإحرام في الجماع قبل دخوله فيه ونية الإحرام وقته وأولى منه أن ينوي أن لا يحرم إلا حال الجماع وأحرم حينه قال بعض أن قيل لم لزمه في الحج القضاء ولا يلزمه قضاء الصوم إذا نزع فرجه طلوع الفجر قيل لإدخاله الحج على نفسه وفي الصوم لا اختيار له في طلوع الفجر والظاهر أنه يجب عليه النزع كما في الصوم ولم أر من نص عليه قاله لشيخ سالم وعلق بالنية ما هو حال منها وإن فصل بينه وبينها بأجنبي لأنهم يتوسعون في الظروف ما لا

ــ

الخ فيه نظر بل غير صحيح إذ من لم يقصد دخول مكة لا يجب عليه إحرام وهو القسم الأول المتقدم وليس الكلام الآن فيه (وإن خالفها لفظه ولا دم) هذا قول مالك المرجوع عنه والذي رجع إليه أن عليه الدم وقاله ابن القاسم لكن قال المصنف في مناسكه الأول أقيس وعلى الثاني فهل الدم أن أوجبه اللفظ فيكون مقصورًا على ما إذا لفظ بقران أو مطلقًا احتمالان لابن عبد السلام وعلى الأول منهما يدل كلام الجواهر وبه تعلم أن الصواب في قول ز فقط بتمتع أو قران أن يسقط لفظ تمتع لقول ابن عبد السلام على الاحتمال الأول يكون الجواب مقصورًا على ما إذا لفظ بقران وهو ظاهر لأن لفظ التمتع ولو قصده لا يوجب الدم إنما يوجبه الحج بعد العمرة تأمله والله أعلم (وإن بجماع) قول ز أي وجامع حينه الخ ليس هذا من كلام الطرر وإنما ز تأوله عليه وبنى عليه سؤاله وجوابه بعده ونص ح عن طرر التلقين وشرط صحة انعقاد الإحرام أن لا ينوي عند الدخول فيه وطأ ولا إنزالًا فإن نوى ذلك مع إحرامه لم ينعقد ولم يكن عليه من أفعال الحج والعمرة ولا من لوازم الإحرام بهما شيء اهـ.

وما تأوله عليه ز غير ظاهر فإن حاصله على تأويله أنه نوى قبل الدخول في الإحرام أن يحرم حين الوطء ثم بعد نيته أحرم عند الوطء كما يدل عليه قول ز في الجواب اجتمع فيما لا ينعقد شياآن نية الإحرام في الجماع قبل الدخول فيه ونية الإحرام وقته الخ وهذه هي صورة المصنف لا غيرها لا نيته قبل الدخول في الإحرام لا أثر لها وإنما المعتبر الإحرام وقد حصل حين الوطء فيبقى الإشكال بحاله والظاهر كما قال بعض شيوخنا أن معنى قول الطرر فإن نوى ذلك مع

ص: 451

يتوسعون في غيرها فقال حال كون النية (مع قول أو فعل تعلقًا به) أي بالإحرام كما هو ظاهره وقال ق الضمير المفرد للحج والعمرة مقيسة عليه أو للنسك لا للإحرام لأن الفعل والقول لا يتعلقان بالإحرام أي لأنه لا ينعقد إلا بذلك وطابق النعت بقوله تعلقًا به مع أن العطف بأو واحترز به من غير المتعلق به كالبيع ونحوه وتبع المصنف في قوله مع الخ قول ابن شاس أنه المنصوص وشهره في منسكه والذي لصاحب التلقين والمعلم والقبس وسند أن النية كافية في انعقاده وهو ظاهر المدونة بل قال ق إنه نصها وقال شيخنا ق وهذا مرتبط بقوله بالنية وبقوله وإن بجماع ويمكن الجماع مع قول بأن يجامع وهو يلبي أو فعل بأن يجامع وهو على دابته وهي متوجهة أي سائرة أو معهما بأن يجامع على دابته وهي متوجهة وهو يلبي وبهذا التقرير يكون ماشيًا على الطريقة الراجحة التي مشى عليه المصنف بقوله مع قول أو فعل لا على المرجوحة وهي انعقاده بمجرد النية فيندفع اعتراض غ وطخ وغيرهما انتهى.

وفي قوله وبهذا التقرير نظر لأنه صورة المصنف لا زائد عليها سواء كان هو الراجح كما شهره في منسكه أو لا كما يفيده كلام ق وقت لا أنه بهذا التقرير يندفع الاعتراض على المصنف دون غير هذا التقرير ويجوز الدخول في الإحرام سواء (بين أو أبهم)

ــ

إحرامه الخ أنه أحرم على شرط أن لا يحرم عليه وطء ولا إنزال فهذا الذي لا ينعقد إحرامه لأن شرطه مناقض لمقتضى العقد وهذا مثل قول ابن القصار المقابل للمشهور في قوله في الاعتكاف وإن اشترط سقوط القضاء لم يفده والله أعلم (مع قول أو فعل) قول ز مع أن العطف بأو الخ فيه نظر بل كلام الرضي يفيدان المطابقة هنا واجبة كما فعل المؤلف لأن المراد هنا ثبوت التعلق بالحجج لهما معًا وقد قال الله تعالى {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: 135] بالمطابقة لأن المعنى أن الله أولى بالغني والفقير معًا وقول ز وهو ظاهر المدونة الخ لفظ المدونة الذي احتج به ابن عرفة للانعقاد بالنية فقط كما في غ قولها من قال أنا محرم يوم أكلم فلانًا فهو يوم يكلمه محرم قال فقول ابن عبد السلام لم أر لمتقدم في انعقاده بمجرد النية نصًّا قصور اهـ.

واعترضه ح بأن كلامه يقتضي أنه في المسألة المذكورة محرم من غير تجديد إحرام وليس كذلك إذ هذا قول سحنون وهو خلاف مذهب ابن القاسم ومالك أنه لا يكون محرمًا حتى ينشيء الإحرام قال في ضيح واستشكل اللخمي قول سحنون قال وهو حقيق بالإشكال فإن الإحرام عبادة تفتقر إلى نية اهـ.

وحينئذ فلا دليل فيه لابن عرفة ومما يؤيد الطريقة التي مشى عليها المصنف قول ابن عرفة وفيه بالتقليد والإشعار معها قولا إسماعيل عن المذهب والأكثر عنه اهـ.

أي في الانعقاد بالتقليد والإشعار مع النية القولان وإن الأكثر نقلوا عن المذهب عدم الانعقاد بهما مع النية فعدم الانعقاد بالنية وحدها أحرى وأما قول ز بل قال ق أنه نصها الخ فكلام ق هو ما نصه القرافي صرح ابن شاس وابن بشير واللخمي أن النية إذا تجردت عن القول والفعل المتعلق بالحج وتقدم تصريح المدونة أن النية كافية وبه صرح في التلقين والمعلم والقبس اهـ.

ص: 452

كأحرمت لله ولا يفعل شيئًا إلا بعد التعيين ولهذا قال (وصرفه الحج) وجوبًا أن وقع الصرف بعد طواف قدوم سواء كان في أشهر الحج أم لا وندبًا إن كان قبله ووقع الإحرام منه في أشهر الحج ويؤخر سعيه في الثلاث صور لإفاضته فإن كان في غير أشهر الحج كره صرفه الحج لأنه أحرم به من قبل وقته يصرفه لعمرة فعلم أن الصور أربع وإنما وجب صرفه له في الأولين لأن الطواف الذي وقع منه يجعل للقدوم وهو غير ركن فلا ينوب عن طواف العمرة الركني لو صرف لها بغير نية النيابة إذ قد وقع منه بغير نية العمرة وأشار له سند والأولى أن يقول المصنف بدل الحج لأفراد لأن الحج شامل للأقسام الثلاثة والمراد الأفراد (والقياس) صرفه (لقران) لأنه أحوط لاشتماله على النسكين (وإن) أحرم بمعين ثم (نسي) ما أحرم به فلم يدر أهو حج مفرد أو عمرة أو قران (فقران) أي يعمل عمله لأنه أجمع ويهدي له لا أنه ينوي القران وإلا نافي قوله (ونوى) وقت عمله (الحج) وجوبًا بأعمال القران وقال غ أي يحدث نية الحج الآن ليتم القران إن كان الواقع في نفس الأمر هو العمرة فيكون على هذا التقدير قد أردف الحج على العمرة قبل الطواف انتهى.

ــ

قيل إنه أشار إلى لفظ المدونة الذي نقله عند قول المصنف وترك اللفظ به ونصه فيها يجزئ من أراد الإحرام التلبية وينوي بها ما أراد من حج أو عمرة وتكفيه النية في الإحرام ولا يسمى عمرة ولا حجة اهـ.

قلت ولا دليل فيه للانعقاد بمجرد النية لأن مرادها أن نية العمرة أو الحجة تكفي عن تسميتهما واللفظ بهما كما يدل عليه آخر الكلام والله أعلم وقول ز فيندفع اعتراض غ الخ نص اعتراض غ الذي أشار إليه هو قوله سلم المصنف هذا في قوله وإن بجماع مع أنه يقول لا ينعقد بمجرد النية الخ ونحوه في ق وأجاب ح عنه بما في ز من قوله ويمكن الجماع مع قول الخ وهو ظاهر وأما قول ز وفي قوله وبهذا التقرير نظر الخ فكلام ركيك صدر من غير تأمل (وصرفه لحج) قول ز وجوبًا أن وقع الصرف الخ فيه نظر إذا هذا الفرع الذي وقع الصرف بعد الطواف إنما نقلوه عن سند والقرافي وهما لم يذكرا فيه وجوب الصرف لحج وإنما قالا الصواب أن يجعل حجا الخ وذلك لا يقتضي الوجوب وكذا تعليله الآتي لا يقتضيه وقول ز ويؤخر سعيه في الثلاث صور لإفاضته الخ فيه نظر أما إذا صرفه قبل الطواف وقد أحرم من الحل فلا بد من طواف القدوم ويسعى بعده ولا قائل بتأخير السعي هنا وأما إذا صرفه بعد الطواف فقد قال سند يؤخر سعيه للإفاضة أي لأن الطواف لم ينو به القدوم وبحث فيه ح بأنه تكلف وقول ز لأن الطواف الذي وقع الخ لا يخفى ما في هذا التعليل من الخلل والانحلال وعبارة الذخيرة ولو أحرم مطلقًا ولم يعين حتى طاف فالصواب أن يجعل حجا ويكون هذا طواف القدوم لأن طواف القدوم ليس ركنًا في الحج والطواف ركن في العمرة وقد وقع قبل تعيينها اهـ.

نقله في ضيح وأصرح منه كلام سند انظره في ح (ونوى الحج) قول ز وجوبًا الخ فيه نظر بل الذي يدل عليه كلامه أنه أراد البراءة من الحج أحدث نيته صرورة كان أولا وإن ترك نيته برئ من عهدة الإحرام فقط وليس محققًا عنده إلا عمرة انظر غ وح وقول ز وإن كانت

ص: 453

وهذا حيث حصل شكه في وقت يصح فيه الارداف كما لو وقع قبل الطواف أو في أثنائه أو بعده وقبل الركوع على المشهور أما لو كان بعد الركوع أو في أثناء السعي فلا ينوي الحج إذ لا يصح إردافه على العمرة إذ ذاك بل يستمر على ما هو عليه فإذا فرغ من سعيه أحرم بالحج وكان متمتعًا إن كان في أشهر الحج وكذا إن كان إحرامه بعد السعي وينبغي أن يهدي احتياطًا لخوف تأخير الحلاق قاله سند (و) إذا نوى الحج (برىء منه) وأعلم أن مفاد النقل أن عمل القران لازم له سواء نوى الحج أم لا وبراءته من الحج إنما تكون إذا نواه (فقط) لا من العمرة أيضًا فيأتي بها الاحتمال أن يكون إحرامه أولًا بحج ثم شبه في أصل نية الحج وإن كانت فيما مر واجبة وهنا مندوبة في البراءة من الحج فقط ويأتي فيه ما قدمناه عن سند قوله (كشكه أفرد أو تمتع) أي اعتمر هذا مراده بدليل أن الشك حاصل عقب إحرامه والتمتع إنما يتحقق بفراغه عن العمرة ثم إحرامه بالحج في أشهره ولم يوجد الآن فقوله أو تمتع فيه مجاز الأول أي فعل ما يصيره متمتعًا وذلك الفعل هو الاعتمار الآن وتبع ابن الحاجب وفي توضيحه الأولى أو اعتمر والظاهر أن عدوله هنا أولى لأنه ليس معنى أو اعتمر أنه قصد العمرة فقط من غير أن يردف عليها حجًّا وإنما معناه كما في كلامهم أنه شك هل أحرم الحج مفردًا أو بعمرة قاصدًا حجًّا بعدها فلو قال أو اعتمر لشمل شكه هل أحرم بالحج مفردًا أو بعمرة لم يقصد حجًّا بعدها فعدل عنها وفي غ ما يشير لهذا لكن الظاهر أن الحكم كذلك إذا لم يقصد حجًّا بعدها اللخمي أن شك هل أفرد أو قرن تمادى على نية القران وحده قال بعض وانظر لو شك هل قرن أو تمتع والظاهر أنه يمضي على القران أيضًا قلت وينبغي في هذه أن يحدث نية الحج ليتحقق القران لأن حاصل أمره أنه شك هل أحرم بهما معًا أو بالعمرة فقط وهو معنى التمتع كما سبق فينوي الحج ليرتدف على العمرة إن كان أحرم بها أولًا وينبغي في هذه إن يبرأ منهما معًا وإن لم يحدث نية الحج لم يبرأ إلا من العمرة فقط قاله الشيخ سالم (ولغا) فعل لازم فاعله (عمرة) أردفت (عليه) أي بطلت ولم يؤنث الفعل لكونه مجازي التأنيث ومضارعه يلغي مفتوح الغين لأن لامه من حروف الحلق بخلاف لغا يلغو

ــ

فيما مر واجبة الخ فيه نظر كما تقدم وتأمل كلام ح وما نقله عن اللخمي يظهر لك أن لا وجوب في المسألتين (كشكه أفرد أو تمتع) قول ز والظاهر أن عدوله هنا أولى الخ وكذا قوله وإنما معناه في كلامهم الخ فيه نظر بل ما ذكره ليس بظاهر وليس هو معنى كلامهم بل الحكم واحد قصد حجًّا أم لا كما سيرجع إليه وما ذكره غ قد حكم ح بسهوه فيه ونص غ قوله كشكه أفرد أو تمتع ليس بمثال لأصل المسألة فإن الذي قبله نسي ما أحرم به من كل الوجوه وهذا جزم بأنه لم يحرم بعمرة ولا بقران وشك هل أحرم بالإفراد أو التمتع اهـ.

قال ح ونحوه لابن عبد السلام وهو سهو ظاهر لأن الإحرام بالعمرة هو التمتع ويظهر من كلام ابن عبد السلام أن بينهما فرقًا وليس كذلك انتهى.

ص: 454

من اللغو قاله د وقوله لأن لامه من حروف الحلق صوابه عينه كما هو ظاهر وإنما لم ترتدف العمرة على الحج لضعفها وقوته (كالثاني في حجتين أو عمرتين) لأن المقصود من الثاني في كل منهما حاصل بالأول وأما إرداف الحج على العمرة فيصح لقوته وضعفها ولأنه يحصل منه ما لا يحصل منها والقسمة رباعية تصح منها المسألة الأخيرة ومعنى اللغو في الثلاثة عدم الانعقاد ولم يذكر حكم إقدامه على ما يلغي وهو الكراهة في الثلاثة كما في ح وعطف على عمرة قوله (و) لغا (رفضه) بعد الفراغ أو في الأثناء وأتى ببقيته بنية متعلقة به كالطواف ولا يلزمه هدي ولا شيء وأما إن كان في الأثناء ولم يأت ببقيته أصلًا أو أتى به بغير نية كالطواف فإنه يرتفض وفي نص ق وتت ما يفيد هذا والظاهر أن العمرة كالحج (وفي كإحرام زيد تردد) للصواب قولان أحدهما نقل سند والقرافي عن أشهب الجواز والثاني نقل صاحب المفهم عن مالك المنع أشار له د فإن قلت حيث اختلف هؤلاء المتأخرون في النقل عن هذين المتقدمين صح تعبيره بتردد لأن قول المصنف لتردد المتأخرين في النقل أي عن المتقدمين أو في الحكم وما هنا من القسم الأول قلت معنى تردد المتأخرين في النقل عن المتقدمين أن يختلف المتأخرون في النقل عن واحد أو أكثر فينقل جماعة عنه الجواز وآخرون عنه المنع وما هنا ليس كذلك وإنما نقل جماعة عن واحد الجواز وآخرون عن آخر المنع فتأمله وعلم من هذا إنهما بالجواز والمنع ونحوه في تت وجمع جعلهما الشارح وح والشيخ سالم في الصحة وعدمها لعدم الجزم في النية والحال أنه لم يعلم حين قوله المذكور ما أحرم به زيد قال عج والأولى ما لد وتت اهـ.

ولا يخفى أن مآل الكلامين واحد لأن الجواز يستلزم الصحة والمنع يستلزم عدمها غالبًا وإذا قلنا يتبع زيدًا في إحرامه فالظاهر أنه إنما يتبعه في أوجه الإحرام خاصة وأما كل شخص فهو على ما نواه من فرض أو نفل فلو تبين أن زيدًا لم يحرم لزمه هو الإحرام أي يقع إحرامه مطلقًا ويخير في صرفه فيما شاء وكذا لو مات زيدًا ولم يعلم ما أحرم به أو وجده محرمًا بالإطلاق كذا ينبغي والنص للمخالف كذلك قاله ح ولعل صحة إحرامه وصرفه فيما شاء فيما إذا تبين أن زيدًا لم يحرم بالنظر إلى وجود الإحراز من الناوي في

ــ

والله أعلم (ورفضه) قول ز وفي نص ق وتت ما يفيد هذا الخ فيه نظر والذي يظهر مما نقلاه عن عبد الحق أنه إن رفض إحرامه في الأثناء ثم أتى ببقيته لم يرتفض مطلقًا أتى بها بنية أو بغير نية ونص عبد الحق فإذا رفض إحرامه ثم عاد إلى المواضع التي يخاطب بها ففعلها لم يحصل لرفضه حكم وأما إن كان في حين الأفعال التي تجب عليه نوى الرفض وفعلها بغير نية كالطواف ونحوه فهو رافض يعد كالتارك لذلك اهـ.

فقوله ثم عاد إلى المواضع الخ ظاهره مطلقًا وقوله وأما إن كان الخ فهو مسألة أخرى وهي إذا رفض الطواف في أثنائه أو السعي مثلًا فتأمله والله أعلم (وفي كإحرام زيد تردد) قول ز نقل سند والقرافي عن أشهب الخ مثله في ضيح والمواق والذي في ح نقل سند والقرافي

ص: 455

الجملة فهو كالنظر إلى المقيد بدون قيده فلا يقال إذا كان إحرامه معلقًا على إحرام زيد ولم يوجد منه إحرام فالقياس أن لا يلزم هذا إحرام وانظر لو تبين له بعد تعيين شيء ما أحرم به زيد وتبين أنه مخالف لما عينه هو فهل يرجع لما أحرم به زيد أو يبقى على ما نواه.

تنبيه: إنما جرى هنا التردد في جواز إحرامه بما أحرم به زيد وجزم بجوازه في الصلاة بقوله وجاز له دخول على ما أحرم به الإِمام لشدة ارتباط صلاة المأموم بصلاة إمامه وتبعيته له لكون الاقتداء في الصلاة مطلوبًا ولا كذلك الحج أجيب أيضًا بأن الصلاة لتكررها جزم فيها بالجواز بخلاف هذا لعدم تكرره وبأن الحج له أنواع ولا قرينة تصرفه لأحدها بخلاف الصلاة فإن الوقت قرينة على إرادة ما دخل وقته (وندب) أي فضل (أفراد) على قران وتمتع لأنه لا هدي فيه إذ الهدي للنقص وعبادة لا نقص فيها أفضل قاله تت ولا ينتقض ذلك بالصلاة المرقعة لأن السجود فيها المقتضي لفضلها إنما هو لترغيم الشيطان ولأن المصلي يدخل عليه السهو من غير قصده بخلاف ما هنا فإنه فعل قصدًا ما يوجب الهدي وظاهر المصنف كظاهر أهل المذهب أفضليته على الأمرين بعده وإن لم ينو فعل عمره بعده ونقل سند عن الشافعية أن أفضلية الإفراد إذا كان بعده عمرة وإلا فالقران أفضل (ثم قران) يلي الإفراد في الفضل لأن القارن في عمله كالمفرد والمشابه للأفضل

ــ

عن المذهب وعليه يكون التردد في كلام المصنف على حقيقته وقول ز تنبيه إنما جرى هنا التردد الخ نقل ق فيما تقدم في الصلاة عن ابن رشد ما يفيد أن الإبهام في الحج أصل للإبهام في الصلاة (وندب أفراد) قول ز ولا ينتقض ذلك بالصلاة المرقعة الخ هذا الكلام مبني على ما قدمه أول السهو من أن الصلاة المرقعة أفضل من غيرها وتقدم ما فيه وبه يبطل ما هنا والله أعلم وقول ز ونقل سند عن الشافعية الخ ما نقله سند عنهم نقله المقري في قواعده عن مالك ومحمد قال ح ولم أر من صرح بذلك من المالكية غيره اهـ.

تنبيه: قد اختلفت أحاديث الصحيح فيما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وحاصل الروايات أنه عليه الصلاة والسلام أحرم بالإفراد ثم استقر أمره على القران لما بات بوادي العقيق وقيل له قل عمرة في حجة فأحرم بعمرة وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام القران بضعة عشر صحابيًّا ورواياتهم لا تحتمل التأويل إلا بتعسف ولم يختلف عنهم في ذلك كما اختلف عمن روى الإفراد والتمتع ومع ذلك فهذا يجمع بين الروايات فمن قال بالإفراد أخبر عن أول أمره ومن قال بالقران أخبر عن آخره ومن قال متمتعًا فمعناه أنه أمر به لا فعله فإنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام إنه لم يحل حتى أتم حجه وفي البخاري التصريح بأنه أهل بعمرة ثم أهل بحج فالبداءة كانت بالعمرة ثم أردف عليها الحج بعد أن أفرد العمرة فآل الأمر إلى القران وإن كان أول أمره مفردًا باعتبار العمرة هذا ملخص ما نقله ابن حجر عن الطحاوي وابن حبان وغيرهما والذي اختاره عياض أنه عليه الصلاة والسلام أحرم أولًا بالحج مفردًا ثم أردف عليه العمرة بوادي العقيق فآل أمره إلى القران قال ابن حجر وهذا الجمع هو المعتمد وقد سبق إليه ابن المنذر وابن حزم والطبري اهـ.

ص: 456

يعقبه في الفضل وترك تعريف الإفراد لعدم خفائه بخلاف القرآن والتمتع لخفائهما فذكر أن القران يقع على وجهين أولهما قوله (بأن يحرم بهما) معًا بنية واحدة بأن يقصدهما أو بنية مرتبة (وقدمها) أي قدم نيتها وجوبًا فيما إذا أحرم بهما مترتبين ليرتدف الحج عليها ولا يتصور ذلك فيما إذا أحرم بهما معا لكن يتصور فيه تقديم لفظها وهو حينئذ مستحب وثانيهما قوله (أو) يحرم بالعمرة مفردة و (يردفه) أي يردف الحج على العمرة وله صور جواز وكراهة مع صحة وكراهة لا مع صحة فمن الأول أن يقع بعد إحرامه وقبل أن يعمل من أعمالها شيئًا أو بعد عمل شيء وقبل طوافها اتفاقًا أو (بطوافها) قبل تمامه عند ابن القاسم خلافًا لأشهب فلو قال المصنف ولو بطوافها لكان أبين للإشارة إلى الخلاف في أرادفه بطوافها وحيث حصل الإرداف قبله فإنه لا يطوف ولا يسعى ويؤخر ذلك ليأتي به بعد الإفاضة قاله في التوضيح وهذا من ثمرات اندراجها (أن صحت) العمرة المردف عليها وهو شرط في صحة الإرداف مطلقًا في جميع صوره فإن فسدت لم يصح الإرداف ولم ينعقد إحرامه به ولا قضاء عليه فيه وهو باق على عمرته ولا يحج حتى يقضيها فإن أحرم به قبل قضائها أي وبعد إتمام الفاسدة فتمتع وحجه تام وعليه قضاء عمرته (و) إذا أردف الحج في أثناء طواف العمرة الصحيحة (كمله) وقول الشارح في الأوسط والصغير في الفاسدة سبق قلم قاله تت والضمير البارز للطواف قال طخ وقت أي كمله جوازًا ومقتضى قوله وكمله أنه يأتي بركعتي الطواف وهو كذلك وذكر بعض الشراح عن التوضيح أن إكماله واجب على ظاهر المدونة والذي لأبي الحسن شارحها أن إكماله مستحب (ولا يسعى) في الصحيحة أيضًا خلافًا للأوسط والصغير قاله تت أي لا يسعى

ــ

باختصار قلت لكن فيه إرداف العمرة على الحج ولم يأخذ به الإِمام انظر ابن حجر والله أعلم (وقدمها) أي إذا أحرم بهما معًا يقدم العمرة في نيته استحبابًا وقول ز ولا يتصور ذلك الخ فيه نظر وفي العتبية قال مالك فيمن أراد أن يقرن بين الحج والعمرة إذا أحرم بالتلبية أن يقول لبيك بعمرة وحجة يبدأ بالعمرة قبل الحجة هذا وجه الصواب فيه ابن رشد يريد أنه يقدمها في نيته قبل الحجة لا أنه يتكلم بذلك إذ النية تجزئ في ذلك عنده كالصلاة ومثل هذا في الحج الأول من المدونة وهو مما لا اختلاف فيه في المذهب اهـ.

(أو يردفه بطوافها) قول ز أو بعد عمل شيء وقبل طوافها الخ انظر أي عمل قبل الطواف اللهم إلا أن يريد بالعمل الدخول من الحل إلى الحرم وقول ز وحيث حصل الإرداف قبله الخ هذا مقيد بما إذا وقع الإرداف في الحرم وأما إذا أردف في الحل فإنه يطوف للقدوم ويسعى بعده كما يأتي في قول المصنف ولم يردفه بحرم (وكمله) قول ز والذي لأبي الحسن الخ ما لأبي الحسن قال طفى خلاف ظاهر كلامهم وخلاف أصل المذهب من أن الطواف يجب إتمامه بالشروع وفيه حينئذ فما في ضيح من وجوب إكماله هو الصواب وإن كان إكماله ليس شرطًا في صحة الإرداف عند ابن القاسم وقول ز بإثبات الياء الخ صوابه الألف وقول ز وإن قصد العمرة فقط لم يجزه الخ يعني أن ذكر ذلك وهو بمكة فيؤمر بالإعادة كما في ح فإن

ص: 457

للعمرة بعد هذا الطواف بل بعد الإفاضة لوجوب إيقاع السعي بعد طواف واجب وقد سقط طواف القدوم لأنه كمن أنشأ الحج وهو بمكة أو الحرم فيؤخر السعي للإفاضة وكذا لو أردف بعد الطواف وقبل الركوع فيركع له ويسعى بعد الإفاضة وهو بإثبات الياء لأن ما يقع للمصنف وغيره من العمل أخبار من الأحكام والأمر والنهي من الشارع قال تت عن غ في باب الباغية عند قول المصنف ولا يسترقون ما نصه أن الغالب في عبارة الفقهاء الأخبار وفي عبارة الشارح الطلب ولما كان القارن إنما يقصد بأفعاله التي يأتي بها الحج لا العمرة بخصوصها ولا التشريك بينهما أشار إلى ذلك بقوله (وتندرج) في الحج أي تستغنى بطوافه وسعيه وحلاقه عما وافق ذلك من عملها حتى لو كان هذا القارن مراهقًا جاز له ترك طواف القدوم ويقع حلاقه قبل طوافه وسعيه وقاله ابن عبد السلام أي لأن حلاقه حينئذ يقع بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر وقبل طواف الإفاضة الذي يسعى بعده قال بعض عقب كلام ابن عبد السلام فينوي بطوافه الأول طواف القدوم الواجب عليه في إحرامه الذي أحرم به بالحج والعمرة بالسعي بعده السعي الذي هو ركن للإحرام المذكور وبالوقوف الوقوف الذي هو ركن للإحرام المذكور وبالطواف الذي بعده طواف الإفاضة الذي هو ركن للإحرام المذكور اهـ.

وقوله حتى لو كان هذا القارن مراهقًا الخ أي ولو لمن تندرج أفعال العمرة في الحج لوجب أن يطوف لها ويسعى كمن أحرم بعمرة فقط فإنه يجب عليه أن يطوف ويسعى لها سواء كان مراهقًا أو غير مراهق ويتفرع على اندراجها أيضًا فيه أن ذلك القارن لو لم يستشعر العمرة حال فعل شيء من أعمال الحج فإنه يجزئه ذلك بل لا يطلب أن يقصد التشريك بين الحج والعمرة فإن قصد ذلك لم يضره وإن قصد العمرة فقط لم يجزه فمسائل القارن ثلاثة قصد الحج بالأعمال وهذا هو الأولى له وقصدهما وقصده به العمرة فقط بالعمل وفي هذه لا يجزئ بخلاف الأولين وقصد بقوله وتندرج أي فلا يبقى لها فعل ظاهر يخصها رد قول أبي حنيفة يجب على القارن طوافان وسعيان اهـ.

(وكره) الإرداف بعد الطواف و (قبل الركوع) ويصير قارنًا ويصح إردافه (لا بعده) فلا يصح إردافه ولا ينعقد فالمعطوف عليه بلا مقدر كما ذكرنا أو معطوف على بطوافها والضمير للركوع أي لا يردف الحج بعد الركوع ولا يصح الإرداف حينئذ ولا يكون قارنًا وكذا لو أردف في أثناء السعي ويكره إقدامه في الصورتين على ذلك فليس النفي في كلامه راجعًا للكراهة ولا قضاء عليه فيما لم يصح إردافه ولا دم عليه لأنه كالعدم ووجب

ــ

لم يذكر حتى رجع لبلده أجزأه قاله ح (لا بعده) قول ز ولا قضاء عليه الخ ذكر ح أن سقوط القضاء هو المشهور كما صرح به ابن يونس وغيره وهو الذي اعتمده في ضيح والذي عزاه عياض للأكثر وقال إنه ظاهر المدونة هو لزوم القضاء ابن عرفة وفيها يكره بعد ركوعه وفي سعيه فإن فعل أتم سعيه وحل واستأنف عياض ألزمه بذلك الأكثر ونفاه يحيى بن عمر اهـ.

ص: 458

ابتداؤه بعد ذلك إن كان صرورة وسقط إن كان تطوعًا قاله في توضيحه وأشعر قوله لا بعده بصحته في الركوع (وصح) إحرام الحج المفهوم من قوله بأن يحرم بهما (بعد سعي) للعمرة قبل حلاقه منها فليس فاعل صح الإرداف إذ لا يرتدف بعد سعيها بالأولى من عدم إردافه بعد ركوعها وإنما هو ابتداء إحرام به ثم أنه إن أتم عمرته قبل أشهر الحج يكون مفردًا وإن فعل بعض ركنها في وقته يكون متمتعًا وعبر بصح لأنه لا يجوز له الإقدام عليه لاستلزامه تأخير الحلق أو سقوطه كما قال (وحرم الحلق) للعمرة حتى يفرغ من حجه (وأهدى لتأخره) أي لما أوجب تأخر حلاقها وهو الإحرام بالحج هذا مراده أنه يتطلب بتقديمه فإن أخره أهدى لأنه يطلب بتأخيره كما أفاده بقوله وحرم الحلق أي بسبب الإحرام (ولو فعله) مبالغة في أنه يهدي إذا فعله من غير تأخير وعليه حينئذ هدي وفدية (ثم) ندب (تمتع) أي تقديمه على مرتبة الإحرام مطلقًا إذ أوجه الإحرام خمسة أفراد وقران وتمتع وإطلاق وكإحرام زيد والثلاثة الأول على هذا الترتيب في الأفضلية والرابع لا فضل فيه كالخامس وهما يرجعان إلى الثلاثة فلا ينبغي عدهما وجهين أشار له الشيخ سالم وقال بعضهم قوله ثم تمتع من عطف الجمل (بأن) يحرم بعمرة يحل منها في أشهر الحج ثم (يحج بعدها) با فزاد بل (وإن بقران) فيصير متمتعًا قارنًا ولزمه هديان واحد لتمتعه وآخر لقرانه وسواء كانت تلك العمرة صحيحة أو فاسدة لأنه بعد الإحلال منها ولا إرداف عليها بخلاف القران لما كان فيه إرداف عليها اشترط صحتها كما قدم المصنف ولو تكرر منه فعل العمرة في أشهر الحج ثم حج من عامه فهدى واحد بجزئه قاله في النوادر وسمي المتمتع متمتعًا لأنه تمتع بإسقاط أحد السفرين وقيل لأنه تمتع بعد تمام عمرته بالنساء والطيب وغير ذلك (وشرط دمهما) أي التمتع والقران (عدم إقامة بمكة) وما في حكمها مما لا يقصر المسافر حتى يجاوزه (أو ذي طوى) مثلث الطاء موضع بين الثنية التي يهبط منها إلى مقبرة مكة المسماة بالمعلاة والثنية الأخرى التي إلى جهة الزاهر ويسمى عند أهل مكة بين الحجونين وقول البساطي بفتح الطاء وهو الذي يعبر عنه الآن ببطن مر وفيه نظر لأن بطن مر وهو مر الظهران وقد صرح في المدونة بأن أهله ليسوا من حاضري المسجدي الحرام انظر ح وقوله بفتح الطاء قصور بل هو مثلث وأما طوى الواقع

ــ

(وأهدى لتأخره) ظاهره ولو حلق بالقرب كمن اعتمر في آخر يوم عرفة ثم أحرم بالحج ولم يحلق حتى وصل إلى منى يوم النحر فحلق وهو كذلك فيلزمه الدم ولا يسقط عنه لأن الحلق للنسك الثاني كما نقله ح عن الطراز (ولو فعله) رد بلو قول بعض أصحاب ابن يونس أنه لا دم عليه تخريجًا على قول ابن القاسم فيمن قام من اثنتين في الصلاة ثم رجع فجلس أنه يسجد بعد السلام قاله في ضيح ابن عرفة وفي سقوط دم تأخيره قولًا المتأخرين كقولي سقوط دم محرم تعدى الميقات رجع إليه وكقولي ابن القاسم وأشهب في سجود من قام من اثنتين في رجوعه اهـ.

ص: 459

في القرآن فبضم الطاء فقط في السبع منونًا وغير منون وهو موضع بالشأم وقول عج بضم الطاء وكسرها وبهما قرئ في السبع صوابه في غير السبع فإنها قراءة الحسن والأعمش في الأربعة عشر كما في حل الرموز للقباقبي (وقت فعلهما) أي وقت الإحرام بالقران والتمتع والمراد وقت الإحرام بالعمرة فيهما كما يفيده ابن عرفة وغيره كما نقله تت عند قوله وفعل بعض ركنها قال تت ولو قدم آفاقي بعمرة في أشهر الحج ونيته السكنى ثم حج من عامه فإنه ليس كالمقيم بل يجب عليه دم التمتع على الأصح لأنه لم يكن وقت فعل العمرة من الحاضرين اهـ.

ثم بالغ على مفهوم قوله عدم إقامة فقال إن من كان مقيمًا بها لا دم عليه لأن ميقاته مكة فلم يتمتع بإسقاط أحد السفرين (وإن) كانت إقامته (بانقطاع بها) بمكة أو ذي طوى وأنثه باعتبار البقعة وأفرده لأن العطف بأو قال بعض ويصح عوده لمكة خاصة تنبيهًا على أن حكمها مع ذي طوى حكم البلد الواحد أي سكناه بنية عدم الانتقال رافضًا سكنى غيرها وقول التوضيح المجاور بها المنقطع كأهلها أي المجاور بها بنية عدم الانتقال لا المجاورة بنية الانتقال أو بلا نية فإن عليه الدم (أو خرج) من هو من أهلها أو غيرهم ممن استوطنها قبل ذلك بأهله أو بغيرهم (لحاجة) من غزو أو رباط أو تجارة أو أمر عرض له طالت إقامته أو قصرت ثم قدمها بعمرة في أشهر الحج فليس بمتمتع ولا دم عليه كما ليس على أهل مكة متعة فقوله خرج عطف على ما في حيز إن (لا انقطع بغيرها) أي بغير مكة وما في حكمها رافضًا سكناها (أو) بمعنى الواو (قدم بها) أي بالعمرة (ينوي الإقامة) وأولى إن لم ينوها فعليه دم أن قرن أو تمتع وأما أن انقطع بغيرها غير رافض سكناها أي مكة ثم قدم بها ينوي الإقامة فتمتع أو قرن فلا دم عليه على المعتمد (وندب) دم التمتع (لذي أهلين) أهل بمكة وما في حكمها وأهل بغير ما في حكمها وانظر هل القارن كذلك قاله الشيخ سالم (وهل) ندب دم التمتع مطلقًا أو (إلا أن يقيم بأحدهما أكثر فيعتبر) فيجب إن كان الأكثر بغير مكة وما ألحق بها لأنه ليس من أهله وإن كانت إقامته بمكة أكثر فلا يجب لأنه من أهل المسجد الحرام (تأويلان) والمذهب الأول فالندب مطلق (و) شرطه فيهما (حج من عامه) متمتعًا أو قارنًا أو بقاء بعام ثان حيث فاته الحج ولم يتحلل منه بفعل عمرة فإن فاته وحل منه بفعل عمرة كما هو الأفضل فلا دم عليه (و) يشترط (للتمتع) زيادة على الشرطين السابقين المشتركين بينه وبين القرآن (عدم عود لبلده أو مثله) في البعد (ولو) كان مثل بلده (بالحجاز) فإن عاد إلى مثله بعد أن حل من عمرته بمكة ودخلها محرمًا يحج في ذلك العام فلا يلزمه دم التمتع لأنه لم يتمتع بإسقاط أحد السفرين

ــ

أي قال ابن القاسم يسجد بعد السلام وقال أشهب قبله (تأويلان) الإطلاق للتونسي والتقييد للخمي وقول ز والمذهب الأول مثله في خش واعترضه أبو علي قائلًا لم أر من ذكره (ولو بالحجاز) قول ز ولو كان مثل بلده الخ هذا هو الصواب وجعل تت المبالغة راجعة لكل

ص: 460

وأما العود إلى أفقه أو بلده فمسقط اتفاقًا (لا) أن عاد إلى (أقل) من أفقه أو بلده أو مثله فيلزمه الدم لأن عوده لما ذكر كالعدم وكذا لو أحرم بالحج قبل عوده لبلده أو مثله ثم عاد فعليه الدم لأن سفره لم يكن للحج وفي بعض النسخ لا بأقل بالباء وهي للملابسة والمعطوف محذوف أي لا عدم العود ملتبسًا بأقل من بلده أو مثله أي تكون مسافته أقل مما ذكر.

تنبيه: قال المصنف أطلق المتقدمون في هذا الشرط أي قوله وعدم عود الخ وقيده أبو محمَّد بمن كان أفقه إذا ذهب إليه وعاد يدرك الحج من عامه وأما من أفقه بعيد كإفريقية يرجع إلى مصر فهذا عندي يسقط التمتع لأن موضعه لا يدرك أن ذهب إليه ثم عاد من عامه انظر ح وقت زاد تت ولم يعتبر المصنف هنا هذا القيد اهـ.

قلت قد يقال بل اعتبره هنا إذ قد شرط في الدم الحج من عامه (و) شرطه لتمتعه (فعل بعض ركنها في وقته) ويدخل بغروب الشمس من آخر رمضان فإن حل منها قبل غروبه ثم أحرم في شوال أو بعده بالحج لم يكن متمتعًا فلا دم عليه بخلاف تأخيره ولو سعيها لشوال فمتمتع (وفي شرط كونهما) أي العمرة والحج (عن واحد) فلو كانا عن اثنين كل واحد عن واحد لم يجب الدم وعدم شرطه (تردد) والراجح الثاني فيجب ولو كان كل واحد عن واحد (ودم التمتع يجب) موسعًا (بإحرام الحج) ويتحتم برمي جمرة العقبة كما سيقول وإن مات متمتع فالهدي من رأس ماله أن رمى العقبة فإن لم يرمها قبل موته لم يلزمه هدي من رأس ماله ولا من ثلثه ومثل رميها بالفعل فوات وقته أو فعل طواف الإفاضة فما ذكره هنا بيان لمبدأ الوجوب وما في أواخر محرمات الإحرام بيان لتقرره وتخلده في الذمة فلا اعتراض عليه وبأن ما مشى عليه المصنف هنا طريقة اللخمي ومن تبعه وطريقة ابن رشد وابن العربي وصاحب الطراز وابن عرفة أنه إنما يجب برمي جمرة

ــ

من بلده ومثله ونحوه للشارح وأصله لابن عبد السلام واعترضه ح انظره ورد المصنف بلو قول ابن المواز باشتراط الرجوع إلى أفقه أو الخروج من الحجاز (لا أقل) قول ز أي لا عدم العود ملتبسًا بأقل الخ لا معنى لهذا التقدير وصوابه لا أن عاد ملتبسًا بأقل الخ وقول ز قد يقال بل اعتبره هنا الخ غير صحيح لأن من بلده إفريقية ورجع إلى مصر وحج من عامة يصدق عليه أنه لم يرجع لبلده ولا لمثله وإنما رجع لأقل من ذلك فيلزمه الدم لقوله لا أقل (وفي شرط كونهما عن واحد تردد) ح أشار بالتردد لتردد المتأخرين في النقل فالذي نقله في النوادر وابن يونس واللخمي عدم اشتراط ذلك وقال ابن الحاجب الأشهر اشتراط كونهما عن واحد وحكى ابن شاس في ذلك قولين لم يعزهما وأنكر ابن عرفة والمصنف في المناسك وجود القول بالاشتراط من أصله (ودم التمتع يجب بإحرام الحج) قول ز وبأن ما مشى عليه المصنف الخ اعترضه طفى بأنه يقتضي أن أهل هذه الطريقة يطالب عندهم به إذا مات قبل رمي العقبة وليس كذلك إذ لو كان كذلك لسلمها ابن عرفة كعادته في عزو الطرق مع أنه اعترض على ابن الحاجب بقوله قول ابن الحاجب فيجب بإحرام الحج يوهم وجوبه على من مات قبل وقوفه ولا أعلم في سقوطه خلافًا اهـ.

ص: 461

العقبة انظر ح أو بفوات وقته أو بفعل طواف الإفاضة فإذا مات بعد فوات وقت رميها وقبل الرمي بالفعل أو بعد طوافه للإفاضة وإن لم يرمها ولا فات وقته كما إذا دخل مكة ليلة النحر فطاف للإفاضة ثم مات قبل رمي جمرة العقبة وقبل فوات وقتها فالهدي من رأس ماله أيضًا على المعتمد (وأجزأ) دم التمتع بمعنى تقليد وإشعاره (قبله) أي قبل الإحرام بالحج ولو عند إحرام العمرة بل ولو ساقه فيها ثم حج من عامه كما يأتي له وليس مراده أجزاء نحو الهدي أو ذبحه قبل إحرامه بالحج لعدم صحته قبله (ثم الطواف) معطوف على الإحرام أي وركنهما الطواف وحينئذ فلا يحتاج لقوله (لهما) فلو أسقطه كان أحسن كما قاله بعض الشراح ولذلك أسقطه من قوله ثم السعي قاله د وأراد ببعض الشراح البساطي وقول تت قد يقال لو أسقطه لتوهم أنه ركن للحج لا للعمرة فيه شيء إذ عطفه على الإحرام يمنع هذا التوهم بل على إثباته يلزم في الكلام شبه تكرار لأنه يصير التقدير حينئذ وركنهما الطواف لهما قاله عج وقوله شبه تكرار أي لا تكرار حقيقة لأنه يغتفر في التقدير ما لا يغتفر في المنطوق به كما يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في المتبوعات ولعله إنما أعاده لطول الفصل وأسقطه من السعي لقرب ذكره وثم للترتيب الذكري والرتبي جميعًا والمراد أن رتبة الطواف متأخرة عن رتبة الإحرام وأما الطواف في أي وقت فشيء آخر يأتي وللطواف مطلقًا ركنًا أو واجبًا أو مندوبًا في أحد النسكين أو غيرهما شروط أولها كونه أشواطًا (سبعًا) تمييز موزع

ــ

فالصواب إذًا في المسألة هو الجواب الأول وقول ز كما في إذا دخل مكة ليلة النحر فطاف للإفاضة الخ صوابه أن يقول صبيحة النحر بدل ليلة النحر لأن طواف الإفاضة إنما يدخل وقته بطلوع فجر يوم النحر (وأجزأ قبله) قول ز بمعنى تقيده وإشعاره الخ ثم قال وليس مراده أجزاء نحو الهدي الخ طبق من يعتد به من الشراح على هذا التأويل في كلام المصنف محتجين بأنه لم يصرح أحد من أهل المذهب بأن نحر الهدي قبل الإحرام بالحج مجزئ وهو غير ظاهر لقول الأبي في شرح مسلم على أحاديث الاشتراك في الهدي على قول الراوي فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ما نصه عياض وفي الحديث حجة لمن يجيز نحو الهدي للتمتع بعد التحلل بالعمرة وقبل الإحرام بالحج هو إحدى الروايتين عندنا والأخرى أنه لا يجوز إلا بعد الإحرام بالحج لأنه بذلك يصير متمتعًا والقول الأول جار على تقديم الكفارة على الحنث وعلى تقديم الزكاة على الحول وقد يفرق بين هذه الأصول والأول ظاهر الأحاديث لقوله إذا أحللنا أن نهدي المازري مذهبنا أن هدي التمتع إنما يجب بالإحرام بالحج في وقت جواز نحره ثلاثة أوجه فالصحيح والذي عليه الجمهور أنه يجوز نحره بعد الفراغ من العمرة وقيل الإحرام بالحج والثاني لا يجوز حتى يحرم بالحج والثالث أنه يجوز بعد الإحرام بالعمرة اهـ.

وبه تعلم أنه يتعين صحة حمل كلام المصنف على ظاهره وسقوط تعقب الشراح عليه وتأولهم له من غير داع لذلك والله أعلم (ثم الطواف لهما) قول ز وثم للترتيب الذكري الخ فيه نظر بل هي للترتيب المعنوي لا غير لأنها لا تكون للترتيب الذكري إلا في عطف الجمل وهي هنا قد عطفت المفرد (سبعًا) قول ز تمييز الخ لا معنى لكونه تمييزًا والصواب أنه

ص: 462

أي الطواف للحج سبعًا وللعمرة سبعًا فقوله لهما أي لكل واحد منهما سبعًا وإلا فظاهر العبارة أن لكل واحد منهما ثلاثة ونصفًا فإن ترك شيئًا منها يقينًا أو شكًّا ولو بعض شوط لم يجزه ولم ينسب عنه دم في الطواف الركني ويجب رجوعه له ولو من بلده أو أبعد منه كما يأتي له تفصيله في قوله ورجع إن لم يصح طواف عمرة الخ وفي قوله وابتدأ أن قطع لجنازة إلى قوله أو نسي بعضه أن فرغ سعيه فإن زاد على السبع فيه أو في السعي فمقتضى قول تت والعدد شرط باتفاق كعدد ركعات الصلاة وسواء كان واجبًا أو غيره اهـ.

أنه يبطل بالزيادة عمدًا ولو قلت كبعض شوط وبزيادة مثله عليه سهوًا أو جهلًا إذ الجاهل في الصلاة كالناسي في ذلك وابتداء الطواف من الحجر الأسود واجب ينجبر بالدم فإن ابتدأه من الركن اليماني أتم إليه وعليه دم وإن ابتدأ من بين الباب والحجر الأسود بالشيء اليسير أتم إليه وأجزأه ولا دم إن لم يتعمد ذلك وإلا أجزأ أيضًا وعليه دم وقولنا إن لم يتعمد ذلك أي إذا أتم إلى المحل الذي ابتدأ منه كما قدمنا فإن أتم إلى الحجر الأسود فقط لم يجزه خلافًا لبعض طلبة العلم في قوله لا يتمه ويغتفر ذلك ليسارته انظر ح وفيه أيضًا إلحاق الجاهل هنا بالناسي لا بالعامد كما في غالب العبادات وينظر ما الفرق (بالطهرين والستر) فإن شك في أثنائه ثم بان الطهر لم يعد كما في الصلاة والباء للمعية أي ثم الطواف لهما بشروط أولها كونه سبعًا وكونه مع الطهرين والستر للعورة ولو قال بالطهارتين كان أحسن لأنه كثر في لسان الفقهاء استعمال الطهرين في الحدث الأصغر والأكبر فيصير الخبث مسكوتًا عنه وكثر في لسانهم استعمال الطهارتين في الحدث والخبث وتعليل بعضهم الأحسنية بأن الطهر هو الفعل والطهارة صفه قائمة بالفاعل نظر

ــ

مفعول مطلق وقول ز فمقتضى قول تت والعدد شرط الخ هذا المقتضى غير صحيح ولا أظن تمت أراده والتمسك به قصور فقد نقل ح عند قوله وركوعه للطواف بعد المغرب ما نصه وقال التادلي قال الباجي ومن سها في طوافه فبلغ ثمانية أو أكثر فإنه يقطع ويركع ركعتين للأسبوع الكامل ويلغي ما زاد عليه ولا يعتد به وهكذا حكم العامة في ذلك اهـ.

مختصرًا وقول ز إذ الجاهل في الصلاة كالناسي الخ قد تقدم عند ح وز في باب السهو عن ابن رشد أن المذهب إلحاق الجاهل بالعامد في العبادة فانظره وقول ز فإن ابتدأه من الركن اليماني أتم إليه وعليه دم الخ في هذا الكلام خلل وفي ضيح قال ابن المواز ولو بدأ في طوافه من الركن اليماني فليلغ ذلك ويتم إلى الركن الأسود وإذا لم يتذكر حتى رجع إلى بلده أجزأه ويبعث بهدي وكذلك أن بدأ الطواف من باب البيت فليلغ ما مشى من باب البيت إلى الركن الأسود قيل فلو ابتدأ الطواف من بين الحجر الأسود والباب قال هذا يسير يجزئه ولا شيء عليه سند والبداءة عند مالك من الحجر الأسود سنة فلو بدأ من الركن اليماني تمادي إلى الحجر الأسود وإن خرج من مكة أجزأه وعليه الهدي لقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] وهذا قد طاف اهـ.

ص: 463

فيه بعض بأن الفعل ينشأ عنه الصفة وأراد المصنف بالطهرين أعم من الوضوء والتيمم ولامه للعهد المتقدم في الصلاة (وبطل يحدث بناء) على ما مضى من الأشواط وأراد أنه إن أحدث فلا بناء لا ظاهره أن هنا بناء بطل مع أنه لا بناء هنا بل المراد البناء الحاصل مع الخروج على تقديره وإنما لم يقل وبطل يحدث ويكون الضمير عائدًا على الطواف لاحتمال أن يكون معنى بطلانه قطعه والبناء قاله د وسواء كان حدثه غلبة أو سهوًا أو عمدًا كان الطواف واجبًا أو تطوعًا وتوضأ واستأنف في الواجب كالنفل أن تعمد فيه الحدث وإلا لم يطلب بإعادته وأولى في البطلان طوافه ابتداء محدثًا عمدًا أو نسيانًا أو غلبة (وجعل البيت عن يساره) ولا بد أن يمشي مستقيمًا فلو مشى القهقرى لم يصح (وخروج كل البدن عن الشاذروان) بفتح الذال المعجمة وكسرها وهو أقوى واشترط الخروح عنه لأنه من البيت (وستة أذرع) بإثبات التاء في عدده لأن ذراع اليد يذكر ويؤنث (من الحجر) بكسر فسكون سمي حجرًا لاستدارته وهو محوط مدور على صورة نصف دائرة خارج عن جدار الكعبة في جهة الشام جعله إبراهيم عليه السلام عريشًا من أراك تقتحمه الغنم وكان زر بالغنم إسماعيل عليه السلام ثم أن قريشًا أدخلت فيه أو ذرعًا من الكعبة وتبع المصنف في التحديد بستة أذرع اللخمي ولكن الظاهر من قول مالك في المدونة ولا يعتد بما طاف داخل الحجر أنه لا بد من الخروج عن جميع الحجر لأن ذلك شامل للستة أذرع وما زاد عليه وهو الذي يظهر من كلام أصحابنا ولطوافه كع من ورائه وقال خذوا عني مناسككم انظر ح (ونصب المقبل) للحجر ومستلم اليماني (قامته) ويعتدل قائمًا على قدميه ثم يطوف لأنه لو طاف مطأطئًا ورأسه أو يده في هواء الشاذروان

ــ

فقول ز أتم إليه أن أراد إلى الركن اليماني كما هو المتبادر منه فهو غير صحيح لقول الإِمام تمادى إلى الحجر الأسود وإن أراد إلى الحجر الأسود بطل قوله وعليه دم لما علمت من أن الدم لا يلزم إلا إذا لم يتم إلى الأسود ولم يتذكر حتى رجع لبلده وفي ح وعن ابن الموازنة أن تذكر وهو بمكة أعاد الطواف والسعي إن طال أو انتقض وضوءه وإلا بنى هذا كله في النسيان والجهل وأما إن بدأ منه عمدًا وأتم إليه فإنه لا يبني إلا أن رجع بالقرب جدًّا ولم يخرج من المسجد انظر ح (وبطل بحدث بناء) قول ز لاحتمال أن يكون معنى بطلانه الخ فيه نظر إذ البطلان لا يطلق على ما فيه البناء (وجعل البيت عن يساره) قال ح حكمة جعل الطائف البيت عن يساره ليكون قلبه إلى جهة البيت وفي الذخيرة أن باب البيت هو وجهه فلو جعل الطائف البيت عن يمينه لأعرض عن باب البيت الذي هو وجهه ولا يليق بالأدب الإعراض عن وجوه الأماثل اهـ بخ (وخروج كل البدن عن الشاذروان) هو بناء لطيف خارج في أسفل جدار الكعبة واعتمد المصنف فيما ذكره على كلام سند وابن شاس ومن تبعهما كالقرافي وابن جزي وابن جماعة وابن الحاجب وابن عبد السلام وابن هارون وابن راشد ولم يتعقبه ابن عرفة وهو المعتمد عند الشافعية قال ح وقد أنكر جماعة من العلماء المتأخرين من المالكية والشافعية كون الشاذروان من البيت منهم ابن رشيد

ص: 464

أو وطئه برجله لم يصح طوافه وكثير من الناس يرجعون بلا حج بسبب الجهل بذلك قاله ابن المعلى في منسكه ونازعه غيره في قوله ويرجعون بلا حج وكون الطواف (داخل المسجد) فلا يجزئه خارجه ولا في سطحه على ما يظهر وصرح الحنفية والشافعية بجوازه في سطحه قاله ح وداخل منصوب على الحال من الطواف ويندب للطائف الدنو من البيت كالصف الأول في الصلاة (وولاء) أي لا يفرق بين أجزائه وإلا ابتدأ إلا أن يكون يسيرًا أو لعذر وهو على طهارته فلا يضر قاله اللخمي ولسند أيضًا أن التفريق اليسير لا يضر ولكنه إن كان لغير عذر كره وندب له أن يبتدئه.

تتمة: أن انتقض وضوءه قبل أن يصلي ركعتي الطواف توضأ وأعاده قبل صلاتهما فإن توضأ وصلاهما وسعى بعدهما أعاد الطواف والركعتين والسعي ما دام بمكة أو قريبًا منها فإن تباعد عنها فليركعهما بموضعه ويبعثه بهدي ابن المواز ولا تجزئه الركعتان الأوليان قاله ابن يونس انظر ح وظاهر كلامه سواء انتقض عمدًا أولًا وقوله فإن تباعد الخ انظر ما حد التباعد والظاهر أن تعذر الرجوع مع القرب تباعد (وابتدأ) الطواف واجبًا أو تطوعًا (أن قطع لجنازة) ولو قل الفصل لأنها فعل آخر غير ما هو فيه ويمتنع القطع لها ما لم تتعين فإن تعينت وخشي تغير الميت ولم يوجد سوى الطائف فالظاهر وجوب القطع كالفريضة والظاهر أنه حينئذ يبنى كالفريضة وأما أن تعينت ولم يخش تغيرها فلا يقطعه لها (أو) خرج من المسجد لأجل (نفقة) نسيها ويمنع القطع لها ابتداء كما هو ظاهر المدونة فإن قطع لها ولم يخرج من المسجد بنى ذكره ح بحثًا قال المصنف ولو قيل بجواز الخروج للنفقة كان أظهر كما أجاز واقطع الصلاة لمن أخذ له مال له بال وهي أشد حرمة اهـ.

وبحث فيه المدني شارح الشامل بالفرق بأن الصلاة لما لم يبح فيها إلا يسير الكلام لإصلاحها فقط لم يكن له مندوحة في القطع لحفظ ماله ولا كذلك الطواف فعدم حرمة الكلام فيه يقتضي أنه يوكل في عود نفقته له بدون قطع فلذا بطل أن قطع لها وخرج من المسجد (أو نسي بعضه) ولو بعض شوط والجهل مثله (أن فرغ سعيه) وطال الأمر بالعرف بعد فراغه أو انتقض وضوءه وإلا بنى قال سند إن قيل كيف يبني بعد فراغ السعي وهذا تفريق كثير يمنع مثله البناء في الصلاة قلنا لما كان السعي مرتبطًا بالطواف حتى لا يصح دونه جرى معه مجرى الصلاة الواحدة كمن ترك السجود من الركعة الأولى ثم قرأ

ــ

بالتصغير في رحلته وأبو العباس القباب في شرح قواعد عياض وابن فرحون ثم قال ح وبالجملة فقد كثر الاضطراب في الشاذروان وصرح جماعة من الأئمة المقتدى بهم بأنه من البيت فيجب على الشخص الاحتراز منه في طوافه وأنه إن طاف وبعض بدنه في هوائه أنه يعيد ما دام بمكة فإن لم يذكر ذلك حتى بعد عن مكة فينبغي أن لا يلزم الرجوع لذلك مراعاة لمن يقول إنه ليس من البيت والله أعلم اهـ بخ.

(وولاء) قول ز ولا تجزئه الركعتان الأوليان الخ لعله لكونه صلاهما في وقت يطلب

ص: 465

في الثانية البقرة فتذكر سجود الأولى رجع له من غير جعل قراءة البقرة طولًا وأشعر قول المصنف أن فرغ سعيه أن ذلك في طواف قدوم وهو كذلك فإن كان لا سعي بعده كطواف الإفاضة والوداع والتطوع روعي القرب والبعد من فراغه من الطواف فإن قرب بنى وإن بعد ابتدأه (وقطعه) وجوبًا أي الطواف الركني إذ الكلام فيه وأولى الواجب أو النفل (للفريضة) أي لإقامتها عليه ولزمه الدخول مع الإِمام الراتب بأي محل على رأي أو بمقام إبراهيم على آخران لم يكن صلاها أصلًا أو صلاها منفردًا ببيته أو بالمسجد الحرام أو جماعة بغيره فإن كان قد صلاها جماعة فيه وأقيمت للراتب فهل يقطعه ويخرج لأن في بقائه طعنًا عليه كما مر في الصلاة أولًا لأن تلبسه بالطواف يدفع الطعن ومثل الفريضة المقامة فريضة حاضرة تذكرها وخشي خروج وقتها ولو الضروري لو أتم الطواف الفرض كما ذكره ح قال وأما طواف التطوع فلا إشكال في قطعه لا تذكر الفائتة فلا يقطعه لها وظاهره ولو كان ذلك الطواف مندوبًا وانظر ما الفرق بينه وبين الصلاة ومفهوم قوله للفريضة أنه لا يقطعه ركنًا أو واجبًا لغيرها كركعتي الفجر والوتر والضحى فإن كان مندوبًا فله قطعه لركعتي الفجر أن خاف أن تقام الصلاة عليه فلا يقدر أن يركع ركعتي الفجر قال ح ويبني وانظر هل مثلهما صلاة الضحى إذا خاف خروج وقتها أم لا وعموم عبارة البيان يقتضي أنها كذلك وانظر قوله أولًا فله قطعه ولم يندب له حيث خشي خروج وقت تلك العبادة والظاهر قطع غير الطواف الواجب أيضًا للوتر إذا خشي خروج وقته الاختياري وإيقاعه في الضروري والظاهر أن المراد بالنفل هنا ما يشمل الوتر كما مر أي فقط دون الشفع بأن يكون قدم الشفع قبل الطواف أو أراد الاقتصار على الوتر مع الكراهة والظاهر أن سجود التلاوة للسامع بشرطه أو للقارىء وإن كره له القراءة في الطواف لا يطلب به ابتداء وانظر السجود البعدي (وندب) له قبل خروجه (كمال الشوط) الذي أقيمت عليه أثناءه ولو أحرم الإِمام قبل قطعه بأن يخرج من عند الحجر الأسود ليحصل البداءة من أول الشوط فإن لم يكمله فقال ابن جبيب يدخل من موضع خرج والمستحب أن يبتدئ ذلك الشوط اهـ.

ولا منافاة بين كلاميه لأنه أخبر أولًا بما يفهم من ظاهر المدونة والموازية ثم ذكر مختاره وهو الاستحباب (وبنى أن رعف) حقه أن يقول كأن رعف ليفيد أنه إذا قطعه للفريضة يبني قبل تنفله قاله في الموازية فإن تنفل قبل أن يتم طوافه ابتدأ قال بعض وكذا

ــ

منه فيه إعادة الطواف قاله بعضهم (وقطعة للفريضة) قول ز وانظر ما الفرق بينه وبين الصلاة الخ قلت الفرق بينهما ظاهر لأن الصلاة الحاضرة يجب ترتيبها مع يسير الفوائت بخلاف الطواف فلم يقل أحد بترتيبه مع الفائتة وقطعه للحاضرة خوف خروج وقتها لا للترتيب (وندب كمال الشوط) قول ز فقال ابن حبيب يدخل من موضع خرج الخ عبارة ضيح ظاهر المدّونة والموازية يبني من حيث قطع واستحب ابن حبيب أن يبتدئ ذلك الشوط ولذا كان المستحب أن يخرج على كمال الشوط اهـ.

ص: 466

أن جلس بعد الصلاة طويلًا لذكر أو حديث لترك الموالاة ولو قال المصنف كان رعف كان أولى كما مر لكن لا يكون التشبيه في ندب كمال الشوط في مسألة الرعاف أيضًا لأن الباني في الرعاف يخرج بمجرد حصوله وينبغي أن يشترط هنا أن لا يجاوز مكانًا ممكنًا قرب وإن لا يبعد جدًّا وإن لا يطأ نجسًا وجزم تت بالأول والأخير عن البساطي وأما استقبال القبلة وعدم الكلام فغير معتبرين لعدم اعتبارهما هنا (أو علم) في أثنائه (ينجس) في بدنه أو ثوبه فطرحها أو غسلها ويبني على ما تقدم على طوافه إن لم يطل وإلا بطل لعدم الموالاة وتبع المصنف ابن الحاجب واعترضه ابن عرفة بأنه لا يبني بل يبتدىء كما ذكره ابن أبي زيد عن أشهب ولم يحك مقابله وجواب ح بأنه تبع استظهار أبي إسحق التونسي لا يعادل ذلك (و) إذا لم يعلم بالنجس إلا بعد فراغ الطواف فلا يعيده كمن علم بنجاسة ثوبه مثلًا بعد فراغه من الصلاة فإن علم به بعد فراغه منه ومن ركعتيه (أعاد) ندبًا ركعتيه) فقط (بالقرب) بالعرف فإن طال فلا إعادة عليه الخروج الوقت بالفراغ منها ونقض الوضوء كالطول (وعلى الأقل أن شك) وهو مطلق التردد فيما يظهر فيشمل الوهم كما في الصلاة لشبه بها كما في خبر الطواف كالصلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام لا كالوضوء الذي يلغي فيه الوهم ومحل بنائه على الأقل إن لم يكن مستنكحًا وإلا بنى على الأكثر ويعمل بإخبار غيره ولو واحدًا ليس معه في الطواف كما ذكره ح عن مالك وما في تت من أنه لا يرجع لإخبار غيره ولو اثنين مقابل (وجار بسقائف) ووراء زمزم وقبة الشراب ولا يضر

ــ

قال ح وينبغي أن يحمل كلام ابن حبيب على الوفاق وهو ظاهر كلامه في الطراز اهـ.

(وبنى أن رعف) قول ز ليفيد أنه إذا قطعه للفريضة يبني قبل تنفله قاله في الموازية الخ بل قال ابن رشد في سماع القرينين كونه إذا أقيمت الصلاة وهو في الطواف يدخل مع الإِمام في الصلاة ثم يبني على طوافه هو قول مالك في الموطأ والمدوّنة ولا اختلاف أعلمه في ذلك اهـ.

فنسبته للموازية مع أنه مذهب الموطأ والمدونة والعتبية وحكى ابن رشد عليه الاتفاق قصور وقول ز وينبغي أن يشترط هنا الخ صحيح وقد استظهر ح الأولين وطفى الثالث (أو علم بنجس) قول ز ولم يحك مقابله الخ فيه نظر وقد ذكر ابن رشد في سماع القرينين ثلاثة أقوال أحدها لمالك في السماع المذكور وهو كراهة الطواف بالثوب النجس قال ابن رشد وعليه لا تجب عليه الإعادة وإن كان متعمدًا الثاني لابن القاسم إذا لم يعلم به إلا بعد الطواف لا إعادة إليه والثالث لأشهب أن علم به أثناءه ابتدأه وبعد كماله أعاده وأعاد السعي أن قرب اهـ بخ.

فقد علمت أن قول أشهب مقابل لقول مالك وابن القاسم وعلى قول ابن القاسم لا إعادة عليه بعد كماله قال التونسي يشبه أن يبني إن علم أثناءه بعد غسلها أو طرحها الحاصل الموافق لقول مالك وابن القاسم هو ما جرى عليه المصنف وابن الحاجب (وعلى الأقل أن شك) قال ح المنصوص عن مالك أنه يبني على الأقل سواء شك وهو في الطواف أو بعد فراغه منه بل في الموازية أنه إذا شك في إكمال طوافه بعد رجوعه لبلده أنه يرجع لذلك من بلده اهـ.

ص: 467

حيلولة الأسطوانات وزمزم والقبة (لزحمة) انتهت إليها وقول تت يعلم جوازه وراء زمزم بالأولى قد يقال يتوهم مما اقتصر عليه المصنف جوازه خلف زمزم ولو لغير زحمة وليس كذلك وقد جمع في المدونة بين الأمرين فإن ذهبت أثناءه كمله بمكانه المعتاد ولا يجوز تجاوزه فيما بقي من أشواطه لأنه كان لضرورة وقد زالت فإن طاف في السقائف حين زوالها فانظر هل يعيد ما طافه بها إن كان قريبًا وإلا أعاد الجميع أو يعيد الجميع لفصله بما طافه بها حين لا زحام (وإلا) بأن طاف فيما ذكر لا لزحام بل لحر أو مطر أو نحوه (أعاد) وجوبًا ما دام بمكة بدليل قوله (و) أن خرج منها (لم يرجع له) من بلده ونحوه مما يتعذر الرجوع منه (ولا دم) المذهب وجوبه قال د قوله وجاز بسقائف الخ هذا في الطواف الواجب أي ولو كان وجوبه بالنذر ومقتضاه أنه في التطوع يجوز في السقائف لزحمة أو غيرها وانظر النقل في ذلك والذي يظهر أنه لا يجوز بالسقائف واجبًا كان أو غيره إلا لزحمة فإن فعل ذلك لغيرها أعاد في الواجب لا في غيره في قوله وجاز بسقائف محمول على غير زمننا هذا فإن السقائف كانت من المسجد الحرام في الصدر الأول وأما في زمننا هذا وبدّلها الأروام بعقود كما هو الآن فخارجة لأنها مزيدة فيه فالطواف فيها طواف خارج المسجد وهو باطل كان لزحمة أم لا كما يفيده قوله أولًا داخل المسجد وقد أخبرت أن على طرف المسجد الأصلي علامة وهي اثنان وثلاثون عمودًا من النحاس وعمودان من الرخام فما وراء هذه العواميد هو الزيادة قال سحنون ولا يمكن أن ينتهي الزحام إلى السقائف انتهى.

ولم نسمع قط أن الزحام انتهى.

إليها بل لا يجاوز الناس محل الطواف المعتاد قاله ح ولما ذكر شروط الطواف مطلقًا ذكر أنه في الحج ثلاثة طواف قدوم وهو المذكور هنا وإفاضة وقد تقدم ووداع سيأتي فالأول واجب على المشهور وإليه أشار بقوله (ووجب) أي طواف القدوم هذا مراده بدليل قوله قبل عرفة وإن كان كلامه أولًا في الركني لأنه بعد عرفة كما يأتي له أي يجب أن يكون طواف القدوم (كالسعي) أي كوجوب تقديم السعي الركني (قبل عرفة)

ــ

وقول ز ولو واحدًا ليس معه في الطواف الخ فيه نظر بل لا يرجع إليه إلا إذا كان قد طاف معه كما نقله ابن عرفة عن سماع ابن القاسم ونصه وسمع ابن القاسم تخفيف مالك للشاك في قبول خبر رجلين طافا معه الشيخ وفي رواية قبول خبر رجل معه الباجي عن الأبهري القياس لغو قول غيره وبناؤه على يقينه كالصلاة وقاله عبد الحق اهـ.

ونقله ح (ولم يرجع له ولا دم) قول ز وقد أخبره أن على طرف المسجد الخ ما أخبر به غير صحيح بالمشاهدة لأن هذه العواميد إنما هي على طرف المحل المعتاد للطواف لا على طرف المسجد الأصلي وفي ح فهم من كلام سند أن الطواف خلف المقام لا يؤثر وهو ظاهر وكذلك الطواف خلف الأساطين التي في حاشية الطواف لا يؤثر فيما يظهر اهـ.

(كالسعي قبل عرفة) قول ز ولهذا الحكم الثاني فيهما شروط الخ بل الشروط المذكورة

ص: 468

وإنما يجب طواف القدوم في حق غير حائض ونفساء ومجنون ومغمى عليه وناسي إلا أن يزول مانع كل ويتسع الزمن فيجب فالظرف متعلق بهما وليس التشبيه تامًّا إذ طواف القدوم واجب والسعي ركن فقول تت ثم شبه في الوجوب فقال كالسعي مراده وجوب تقديمه قبل عرفة وإن كان ركنًا فأفاد المصنف كما قال بعض شيئين وجوب طواف القدوم في نفسه لا سنيته كما عبر بها بعضهم ووجوب قبليته لعرفة الذي هو وجه الشبه بينه وبين السعي ولهذا الحكم الثاني فيهما شروط ثلاثة أفادها بقوله (إن أحرم) مفردًا أو قارنًا (من الحل) ولو حاضر اخرج إليه (ولم يراهق) يصح كسره هاء كما اقتصر عليه الشارح أي لم يقارب الوقت بحيث يخشى فوات الخروج لمعرفة أن اشتغل بطواف القدوم من قولهم غلام مراهق إذا قارب الحلم ويصح فتح الهاء كما اقتصر عليه تت أي لم يزاحمه الوقت (ولم يردف) الحج على العمرة بعد فراغها (بحرم وإلا) بأن اختل شرط من الثلاثة التي لما قبل الكاف ولما بعدها (سعى) السعي الركني (بعد الإفاضة) ولا طواف قدوم عليه حينئذ ففيه حذف الواو وما عطفت ولا دم في تركه لفقد ما اشترط لوجوبه وقوله وسعى بعد الإفاضة مثله ناس وحائض ونفساء ومجنون ومغمى عليه لم يزل عذرهم ليمكنهم القدوم والسعي قبل عرفة وقد يدخلون في المراهق (وإلا) بأن طاف المردف بحرم أو المحرم منه غير المراهق تطوعًا أو فرضًا بأن نذره (قدم) لمخالفته لما وجب عليه من تأخيره بشرطين (إن قدم) سعيه بعد ذلك الطواف على الإفاضة (و) الحال أنه (لم يعده) بعد الإفاضة حتى رجع لبلده لمخالفته لما وجب عليه من تأخيره عن الإفاضة كما مر كذا قرر بعضهم فجعل وجوب الدم ولو أوقعه بعد طواف واجب بالنذر كما قررنا وجعل بعض الشراح وجوب الدم لوقوع السعي بعد طواف تطوع وعليه فلو وقع بعد طواف واجب بالنذر لم يجب عليه دم وهذا بناء على أن الطواف المنذور يصير كطواف القدوم في قوع السعي بعده ولا يدخل تحت وإلا ما إذا قدم السعي من غير طواف بالكلية ولم يعده بعد طواف الإفاضة لحكمه بوجوب الدم عليه وهو في هذه الحالة لا يكتفي بالدم بل يجب عليه الرجوع من أي محل إذ سعيه في هذه الحالة كلا سعى لقوله وصحته بتقدم طواف الخ ولا يدخل أيضًا تحت قوله وإلا فدم المراهق المحرم من الحل ولم يردف بحرم إذا تحمل المشقة وفعل طواف القدوم وسعى بعده فلا إعادة عليه ولا دم لأنه أتى بما هو الأصل في حقه بخلاف غيره ممن أحرم بحرم أو أردفه به فإنه لم يشرع له طواف قدوم ولعل المصنف لوح لهذا

ــ

شروط في الحكمين معًا لا في الثاني فقط كما ذكره تأمل (ولم يراهق) قال في ضيح ومتى يكون الحاج مراهقًا قال أشهب أن قدم يوم عرفة أحببت تأخير طوافه وإن قدم يوم التروية أحببت تعجيله وله في التأخير سعة انظر ح (ولم يردفه بحرم) هذا الشرط يغني عنه قوله إن أحرم من الحل (وإلا فدم إن قدم) قول ز قاله الشارح وقت إلى آخر ما قالاه قال ابن عاشر أنه في غاية البعد من اللفظ وأن استظهره ح اهـ.

ص: 469

بقوله إن قدم إذ هذا لم يقدم بل أوقعه في محله الذي خوطب به في الأصل قاله الشارح وقت ولما كان من شرط الركن الثالث تقدم طواف كما سيأتي عطف عليه بما يفيد الترتيب من حروف العطف فقال (ثم) الركن الثالث (السعي) أي لهما وحذفه استغناء بذكره في المعطوف عليه وإنما قلنا إنه معطوف على الطواف ولم نجعله معطوفًا على الإحرام وإن كانت المعطوفات إذا تعددت فإنما تكون على الأول على الصحيح لتخصيص بعضهم ذلك بمعطوف غير الفاء وثم (سبعا بين الصفا والمروة منه البدء مرة) فإن بدأ من المروة لم يحتسب به وأعاد فإن لم يعده بطل سعيه قال د والجار والمجرور حال أي حال كون السعي مبتدأ من الصفا والبدء مبتدأ ومرة خبره وقوله (والعود أخرى) مبتدأ وخبر اهـ.

وجوز عج غير ذلك قال تت ذكر الصفا لوقوف آدم عليه أي ذكره بتذكير مرجعه وهو منه البدء فلا يقال لم لم تجعل ألفه كألف حبلى فلم يذكره.

تنبيه: من شروطه موالاته في نفسه ويغتفر التفريق اليسير كصلاته أثناءه على جنازة أو بيعه أو اشترائه شيئًا أو جلس مع أحد أو وقف معه يحدثه ولم يطل فيبنى معه ولا ينبغي شيء من ذلك كما في المدونة فإن كثر التفريق لم يبن وابتدأه فإن أقيمت عليه الصلاة وهو فيه لم يقطع بخلاف الطائف كما مر لأنه بالمسجد وعدم قطعه فيه طعن علي الإِمام نقله في توضيحه عن مالك في العتبية والموازية وأما الموالاة بينه وبين الطواف ففي ح أن اتصاله بالطواف شرط وفي شرح الرسالة سنة (وصحته) أي شرط صحة السعي في الحج والعمرة كائنة (بتقدم طواف) واجب أو نفل ثم إن كان واجبًا كطواف القدوم صح السعي صحة تامة لا يحتاج معها إلى شيء وإن كان نفلًا أعاد الطواف ثم السعي إن كان بمكة فإن تباعد فعليه دم فقوله (ونوى فرضيته) غير شرط في صحة السعي كما يوهمه وإنما شرط لعدم إعادته وعدم ترتب دم عليه (وإلا) بأن طاف قبله ولم ينو فرضًا ولا تطوعًا وهو ممن يعتقد عدم لزوم الإتيان به ولا يتأتى ذلك إلا لبعض الجهلة في طواف القدوم أو نوى به تطوعًا كذلك (فدم) أن تباعد على مكة وإلا أعاده مع السعي فقوله وإلا قدم فيه مسامحة لأن ظاهره عدم الأمر بالإعادة ولو كان قريبًا وليس كذلك والمراد بنية فرضيته نية وجوبه إذ لو كان فرضًا حقيقة لما انجبر بدم أن تباعد أيضًا الطواف الفرض

ــ

(منه البدء مرة) يجوز فيه ما ذكره أحمد ويجوز أيضًا أن يكون منه البدء مبتدأ وخبرًا وقوله مرة حال من ضمير الخبر والعدو مبتدأ وخبره محذوف أي وله العود حال كونه مرة وقول تت ذكر الصفا لوقوف آدم لا معنى لهذا التعليل ولا يتوهم كون ألفه للتأنيث لأنها ثالثة كألف فتى وعصا وألف التأنيث لا تكون إلا رابعة فأعلى (ونوى فرضيته) قول ز غير شرط في صحة السعي كما يوهمه الخ فيه نظر بل كلام المصنف لا يوهم شرطيته لقوله وإلا فدم إذ لو كان شرطًا للزم من فقده عدم صحة السعي وأن يرجع من بلده دون جبره بالدم وقد قال الشارح ظاهر كلام المصنف عدم اشتراط كون الطواف واجبًا وهو ظاهر المدونة اهـ.

ص: 470

الذي هو ركن إنما هو طواف الإفاضة بعد عرفة كما يأتي له واعلم أنه متى نوى وجوبه أو سنيته بمعنى أنه غير ركن بل واجب ينجبر بدم أو لم يستحضر عند فعله إحدى هاتين لنيتين لكنه كان ممن يعتقد وجوبه أو سنيته بمعنى أنه واجب ينجبر بالدم فإنه يصح بعده السعي في هذه الصور الثلاث ومتى نوى سنيته بمعنى أن له تركه وفعله أو لم ينو شيئًا وكان يعتقد ذلك كان من الطواف النفل الذي لا بد في السعي الواقع بعده من دم حيث تباعد عن مكة أو رجع لبلده ولم يعده هذا هو التحرير خلاف ما في ح وبعض الشراح ولما قدم الشروط الطواف وهي عامة في الواجب وغيره في الحج والعمرة وأشار إلى عدم صحته حيث اختل شيء من أجزائه شرع في بيان حكم ما وقع منه في حج أو عمرة غير مستوف لما اعتبر في صحته مبتدئًا من ذلك بطواف العمرة فقال (ورجع) معتمر من أي موضع بلغ من الأرض (إن لم يصح طواف عمره) اعتمرها كفعله بغير وضوء أو ترك بعضه (حرمًا) أي محرما متجردًا عن المخيط كما كان عند إحرامه لأنه ليس معه إلا الإحرام فيحرم عليه ما يحرم على المحرم ويجب عليه ما يجب على المحرم في ارتكاب شيء فإن كان قد أصاب النساء فسدت فيتمها ثم يقضيها من الميقات الذي أحرم منه ويهدي وعليه لكل صيد أصابه الجزاء قاله في المدونة وعليه فدية للبسه وطيبه وهو مما تتحد فيه أو تتعدد على ما يأتي في قوله واتحدت أن ظن الإباحة الخ فإذا وصل إلى مكة طاف وسعى وحلق أو قصر وظاهره أنه لا فرق بين وقوع ذلك منه في هذه المسألة وفيما بعدها عمدًا أو سهوًا وأنه لا يقضي النسك في العمد (وافتدى لحلقه) إن كان قد تحلل به أولًا ولا بد من حلقه ثانيًا لأن حلقه لم يصادف محلا (وإن) كان (أحرم) من لم يصح طواف عمرته (بعد سعيه) الذي أتى به بعد الطواف الفاسد (بحج فقارن) لأن طوافه الفاسد كالعدم وسعيه عقبه كذلك لفوات شرطه وهو صحة الطواف فلم يبق معه غير إحرامها والإرداف عليه صحيح ومفهوم بعد سعيه أخروي قاله تت وقوله فلم يبق مع غير إحرامها

ــ

وقال المصنف في منسكه ولا يشترط أن يكون الطواف واجبًا على المشهور اهـ.

وقال ابن عرفة وفي شرط وجوبه قولان لابن عبد الحكم ولها اهـ.

فنسب للمدونة عدم شرط وجوبه وقول ز هذا هو التحرير خلاف ما في ح الخ فيه نظر بل ما ذكرته عين ما في ح لا غيره ومنه أخذته وقول ز وهي عامة في الواجب وغيره الخ هذا يقتضي أن السعي يكون فرضًا ويكون نافلة كالطواف وفيه نظر لما نقله ح عند قوله كطواف القدوم أن سعى بعده عن ابن يونس أن السعي لا يتطوّع به وإنما يفعل في حج أو عمرة اهـ.

ونقل ح أيضًا في باب النذر عن اللخمي ما نصه ونادر السعي يختلف فيه قيل يسقط نذره أو يأتي بعمرة ولأن السعي ليس قربة بانفراده فيصح نذره بحسب الإمكان اهـ.

(وإن أحرم بعد سعيه) قول ز ويكون مفردًا لا قارنًا ولا متمتعًا الخ الصواب ما تقدم له هناك من التفصيل وهو أنه إن وقعت العمرة أو بعض أركانها في أشهر الحج فمتمتع وإلا

ص: 471

أي فهو قد أردفه قبل طوافها مع كونها صحيحة في نفسها بالنظر لإحرامها فيوافق قول المصنف فيما مر أن صحت لا بالنظر لعدم صحة طوافها وقول د قوله وإن أحرم الخ أي وإن أحرم بعد سعيه الواقع بعد الطواف غير الصحيح فهو قارن لأن الطواف الفاسد كالعدم فالإحرام حينئذ واقع قبل الطواف وحيث وقع قبله يكون قارنا وبهذا ظهر الفرق بين هذا وبين ما تقدم من أنه يصح بعد السعي ويكون متمتعًا انتهى.

فيه نظر أي في قوله يكون متمتعًا بل معنى قوله وصح بعد سعي أي الإحرام لا الإرداف قال تت هناك ويكون مفردًا لا قارنًا ولا متمتعًا ومفهوم قوله بحج لو أحرم بعمرة لكان تحلله من الثانية تحللًا من الأولى وشبه في الرجوع لا في صفته ما إذا فسد القدوم بقوله (كطواف القدوم) الفاسد لكن الرجوع هنا في الحقيقة ليس لطواف القدوم بل للسعي فلهذا قال (إن سعى بعده واقتصر) عليه ولم يعده بعد طواف الإفاضة قلت أو بعد طواف تطوع على ما مر في قوله ونوى فرضيته قال سند يطوف أوّلًا ثم يسعى فيتم تحلله من الحج قال بعض وينوي بطوافه الذي يأتي به قبل السعي طواف الإفاضة لأن طواف القدوم فات محله بالوقوف بعرفة ولزمه إعادة السعي بعد طواف الإفاضة فلما لم يعده بعد طوافها بطل طوافها قال أبو إسحاق التونسي وصار كمن فرق بين طواف الإفاضة والسعي فيعيد طواف الإفاضة ويسعى بعده (و) كذا يرجع وجوبًا حلا لطواف (الإفاضة) الفاسد أو المنسي كله أو بعضه (إلا أن يتطوع بعده) بطواف صحيح فيجزئه عن الفاسد ولا يرجع له من بلده لأن تطوع الحج يجزئ عن واجب جنسه كطواف عن مثله وسعي كذلك لا طواف عن سعي وعكسه قاله تت وقوله وسعى كذلك انظر كيف يتصور السعي النفل (ولا دم) عليه إذا تطوع بعده وظاهره ولو فعل ذلك عمدًا ولكن الظاهر حمله على النسيان لقول الجزولي في باب جمل من الفرائض لا خلاف فيما إذا طاف للوداع وهو ذاكر للإفاضة أنه لا يجزئه اهـ.

ــ

فمفرد فما قاله تت غير صواب وما قاله أحمد قريب لما قاله في شروط التمتع والله أعلم (إن سعى بعده واقتصر) أي لم يعده بعد طواف الإفاضة فإن أعاده بعده أجزأه لكن إن علم بفساد طواف القدوم فأعاد السعي بعد الإفاضة فظاهر وأما إن أعاده مع اعتقاد صحة القدوم والسعي بعده فإنه يجزئه أن رجع لبلده أو تطاول وعليه دم وأما إن ذكره قبل أن يرجع فإنه يعيده لأنه لم ينو بسعيه الركن انظر ح (ولا دم) قول ز وظاهر المصنف أيضًا أن أجزاء التطوع عن الفرض سواء رجع لبلده أم لا الخ فيه نظر بل ظاهر المصنف هو التقييد بما إذا رجع لبلده وفي ح لا إشكال أن المسألة إنما هي مفروضة فيمن رجع إلى بلده وأما إن كان بمكة فلا شك أنه مطلوب بالإعادة تطوع بعده أم لا كما في كلام ابن يونس وصاحب النكت وقول ز قال بعض الشراح وانظر هل ينوب الخ جزم خش بذلك فقال وينبغي أن يقيد قوله ورجع إن لم يصح طواف عمرة الخ بما إذا لم يتطوع بطواف بعد طواف العمرة وإلا فيجزئ ولا يرجع كما قيل في الإفاضة اهـ.

ص: 472

انظر ح وظاهر المصنف أيضًا إجزاء التطوّع عن الفرض سواء رجع لبلده أم لا وقيده بعضهم بالأول قال فإن كان بمكة طلب بالإعادة كما يفهم من ابن يونس وغيره وظاهر المصنف أيضًا أن إجزاء التطوّع عن غيره خاص بالحج قال بعض الشراح وانظر هل ينوب طواف التطوّع عن طواف العمرة (حلا) من ممنوعات الإحرام لأن كلا منهما حصل له التحلل الأول برمي العقبة وهذا حال من فاعل رجع المستفاد من التشبيه فهو راجع لقوله كطواف القدوم الخ ولقوله والإفاضة لا لقوله رجع الذي صرح به لمنافاته لقوله قبله حرما وإذا رجع كل منهما في هاتين الصورتين فيكمل ما بقي عليه بإحرامه الأول ولا يجدد إحرامًا لأنه باق على إحرامه الأول فيما بقي عليه ولا يلبي في طريقه لأن التلبية قد انقضت فالذي لم يصح طواف قدومه يعيد طواف الإفاضة ثم يسعى بعده والذي لم يصح طواف إفاضته يطوف للإفاضة فقط ولا يحلق واحد منهما لأنه قد حلق بمنى وإنما يرجع من فسد طواف قدومه أو إفاضته حلا (إلا من) شهوة (نساءو) تعرض إلى (صيد) فيجب أن يجتنبهما لأنهما لا يحلان إلا بالتحلل الأكبر وهو طواف الإفاضة كما يأتي عند قوله وحل به ما بقي (وكره الطيب) لأنه حصل منه التحلل الأصغر وهو رمي جمرة العقبة وتحلله به لا يخرجه عن الإحرام بالكلية وبه يعلم رد قول من قال إذا رجع حلا فكيف يسوغ له أن يدخل مكة بلا إحرام.

تنبيه: ظاهر قوله ورجع إلى هنا أنه لا فرق في المسائل الثلاث بين من وقع منه ما ذكر عمدًا أو سهوًا وأنه لا قضاء لنسكه في العمه (و) إذا تبين أن طواف القدوم أو الإفاضة فاسد ورجع وكمله (اعتمر) بعد إكماله أي خرج ليأتي بعمرة مطلقًا حصل منه وطء أم لا وهو ظاهر كلام ابن الحاجب زاد ويهدي (والأكثر إن وطئ) أي إن كان قد حصل منه وطء فيكمله ثم يحرم بعمرة ليأتي بطواف صحيح ولا وطء قبله ويهدي ولا يحرم بها قبل إكمال طوافه لقوله فيما مر لتحلله وأما إن لم يطأ فلا عمرة هذا التفصيل على قول الأقل وقال جل الناس لا عمرة عليه مطلقًا فالخلاف إنما هو إذا وطئ وأما إذا لم يطأ فليس هناك من يقول إنه يأتي بعمرة فقول المصنف واعتمر ظاهره أنه يأتي بعمرة سواء وطئ أم لا وليس كذلك وقوله والأكثر إن وطئ ظاهره أن الأقل قائل بعدمها

ــ

وأصله للفيشي وهو غير صواب لأنه إن أجزأه طواف التطوّع عن طواف العمرة بقي عليه الرجوع للسعي لوقوعه بعد طواف فاسد ولا يقال يحمل على ما إذا سعى أيضًا بعد طواف التطوّع لما تقدم أنه لا يتطوع بالسعي (والأكثر إن وطىء) قول ز ظاهره أن الأقل قائل بعدمها الخ سبق قلم وصوابه أن يقول ظاهره أن الأقل قائل بالعمرة مطلقًا وليس كذلك الخ وقول ز فلو قال واعتمر أن وطئ الخ صحيح وقال طفى لو اقتصر على قوله واعتمر أن وطىء لكان أسعد بقولها حتى رجع وأصاب النساء والطيب إلى أن قالت والعمرة مع الهدي تجزئ عن ذلك كله وجل الناس يقولون لا عمرة عليه اهـ.

ص: 473

وليس كذلك فلو قال واعتمر إن وطئ والأكثر عدمها لوافق المذهب ويمكن الجواب عن قوله والأكثر أي خارج المذهب والأقل من المذهب (وللحج حضور جزء عرفة) أي الكون فيها مطمئنًا سواء وقف أو جلس أو اضطجع أو ركب علم أنها عرفة أم لا ولذا قال حضور دون وقوف وإضافة حضور إلى جزء بمعنى في وإضافة جزء إلى عرفة بمعنى اللام لا بمعنى من كما قيل به لعدم صحة الأخبار عن المضاف بالمضاف إليه نحو يد زيد فإنها لامية أي حضور في أي جزء منها لخبر عرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرفة والأفضل محل وقوفه عليه والصلاة والسلام كما في الصحيح وهو عند الصخرات الكبار المفروشة في أسفل جبل الرحمة هي وسط عرفة (ساعة) أي قطعة من الزمان اعتبارية لا فلكية (ليلة النحر) وتدخل لغروب وهذا هو الركن فالواو للاستئناف وللحج متعلق الخبر أي وحضور جزء عرفة ركن للحج ساعة ليلة النحر وأما الوقوف نهارًا فواجب ينجبر بالدم بتركه عمدًا لغير عذر لا لعذر كمراهق ويدخل وقته من الزوال ويكفي أي جزء منه ويأتي فيه ما بالغ عليه في الركني بقوله (لو مر) من غير أن يطمئن بشرطين ذكر أحدهما منطوقًا بقوله (إن نواه) أي الوقوف المفهوم من المقام المعبر عنه بالحضور أو أن نوى الحضور أي نوى الحاضر الحضور فهو قيد في المار فقط وسيشير للثاني بمفهوم قوله لا الجاهل أي لا المار الجاهل فكأنه قال إن نواه وعرفه وإنما اشترطت نيته لأن فعل المار لا يشبه فعل الحاج بخلاف الواقف مطمئنًا فإنه يشبهه فلم يحتج لنية لاندراجها في نية الإحرام كالطواف والسعي على المار الناوي دم انظر ح وعطف على المبالغة ما هو في حيزها وهو شيآن أحدهما قوله (أو) كان الواقف محرمًا ملتبسًا (بإغماء) عليه (قبل الزوال) وأولى

ــ

ويحذف قوله والأكثر الخ لأنهم المراد بقول المدوّنة وجل الناس الخ وقد فسرهم أبو الحسن بسعيد بن المسيب والقاسم بن محمَّد وعطاء فلا حاجة لذكرهم لأنه خارج المذهب بل في ذكرهم إيهام أنهم من أهل المذهب والحاصل أن إثبات العمرة مع الوطء هو مذهب المدونة وبه تعلم أن قول ز ويمكن الجواب عن قوله والأكثر الخ غير صحيح.

تنبيه: بقي على المصنف الهدي إذا أصاب النساء وقد تقدم في المدونة وهو ظاهر لأن من وطئ قبل التحلل الثاني وجب عليه الهدي مع العمرة كما يأتي في فصل الممنوعات فإن أخر ذلك إلى المحرم فالأقيس القول بأن عليه هديين وقال ابن القاسم هدي واحد انظر ح (وللحج حضور جزء عرفة) قول ز وأما الوقوف نهارًا فواجب الخ أي بخلاف الوقوف ساعة بعد الغروب فركن لا ينجبر وهذا مذهبنا وهو خلاف ما عليه الجمهور قال ابن عبد السلام والحاصل أن زمن الوقوف موسع وآخره طلوع الفجر واختلفوا في مبدئه فالجمهور أن مبدأه من صلاة الظهر ومالك يقول من الغروب وافق الجمهور اللخمي وابن العربي ومال إليه ابن عبد البر اهـ.

نقله ح (ولو مر) ظاهره أن المقابل يقول بعد أجزاء المرور مطلقًا ونحوه قول ابن الحاجب ففي المار قولان اهـ.

ص: 474

بعده حتى انقضى الليل ولا دم عليه لأن الإغماء لا يبطل الإحرام وقد دخلت نية الوقوف في نية الإحرام إذا وقف به أصحابه جزءًا من الليل بل لا يحتاج إلى نية بخلاف المغمى عليه في الصوم قبل الفجر حتى طلع فيبطل صومه لاحتياجه إلى نية وإن ندبت فبطلت بالإغماء المذكور مثل الإغماء هنا الجنون والنوم والسكر الحلال لا الحرام فلا يجزئه وقوفه كالجاهل بل أولى انظر ح وقوله والنوم أي قبل الليل وانظر هل يقيد بما إذا كان يعلم أنه لا يستغرق أولًا لأنه نائم في عرفة ويكتفي ذلك وثانيهما قوله (أو أخطأ) في رؤية الهلال (الجم) أي جماعة الموقف لا أكثرهم وإن كان في اللغة كذلك فوقفوا (بعاشر) في نفس الأمر ظنًّا منهم أنه اليوم التاسع وأن الليلة عقبة ليلة العاشر بأن غم عليهم ليلة ثلاثين من القعدة فأكملوا العدة فإذا هو العاشر والليلة عقبة ليلة الحادي عشر فيجزئهم (فقط) قيد في قوله الجم وفي قوله بعاشر وعلى كل دم قاله ابن عبد السلام واحترز بالقيد الأول عن خطأ بعضهم ولو أكثرهم فوقف بعاشر ظنًّا أنه التاسع مخالفًا لظن غيره فلا يجزئه وبالثاني عن خطأ الجم فوقفوا في الثامن ظانين أنه التاسع ولم يذكروا خطأهم في التاسع ولا في العاشر ليعيدوا الوقوف فيه وإنما علموا بخطئهم يوم الحادي عشر فإنه لا يجزئهم وقوفهم في الثامن والفرق بين عدم إجزاء الوقوف فيه وبين إجزائه بالعاشر أن الذين وقفوا فيه فعلوا ما تعبدهم الله به على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام لأمره بإكمال العدة حيث حصل الغيم دون اجتهاد بخلافه بالثامن فإنه باجتهادهم أو بشهادة من شهد بالباطل وظاهر قوله أو أخطأ الجم بعاشر الإجزاء سواء تبين لهم الخطأ قبل وقوفهم ويؤمرون به كما قال ابن محرز أم بعده وهو كذلك على الراجح خلافًا لقول سند محل الإجزاء إن تبين لهم الخطأ بعد الوقوف قال فإن تبين يوم العاشر قبل الوقوف لم يجز لهم الوقوف حينئذ ولم يجزهم انتهى.

انظر ح يمكن إدخال هذه الصورة في المصنف لأنه يصدق بما إذا تقدم منهم خطأ

ــ

واعترضه في ضيح بقوله لم أر قولًا بعدم الإجزاء مطلقًا كما هو ظاهر كلام المصنف ولذا جعل سند محل الخلاف إذا لم يعرفها فقال من مر بعرفة وعرفها أجزأه وإن لم يعرفها فقال محمَّد لا يجزئه والأشهر الإجزاء اهـ.

وبحث ح في قوله والأشهر الإجزاء بأن سندًا لم يصرح بأنه الأشهر وإنما قال بعد أن حكي عن مالك الإجزاء وهو بين اهـ.

ونقل ابن عرفة في الجاهل بها روايتين وفي العارف بها أربعة أقوال ونصه في العارف وفي أجزاء مرور من مر بعرفة عارفًا بها مطلقًا أو إن نوى به الوقوف ثالثها وذكر الله تعالى فإن نوى ولم يذكره لم يجزه ورابعها الوقوف انظر عزوها فيه (أو أخطأ الجم بعاشر) قول ز ولم يذكروا خطأهم في التاسع ولا في العاشر الصواب إسقاط قوله ولا في العاشر لأنه يقتضي أنهم إذا ذكروا في العاشر وقفوا وأجرأهم وليس بصحيح وعبارة ح الخلاف في أجزاء الوقوف في الثامن إنما هو إذا لم يعلموا بذلك حتى فات الوقوف اهـ.

ص: 475

بالثامن أيضًا ولم يعلموا به إلا في العاشر فوقفوا به هذا هو المعتمد دون ما في تت ود وظاهر المصنف أيضًا كان الخطأ من حصول غيم ليلة ثلاثين من القعدة أو في عدد الأيام ولكن مقتضى الفرق المتقدم أنه خاص بالأول كما قررته أولًا وأنه لا يجزيهم وقوفهم في العاشر في الفرض الثاني ويدل عليه ما ذكره غ في فصل الإحصار عند قوله أو أخطأ عدد ثم إذا وقفوا في العاشر على الوجه المجزئ صار في حقهم كالتاسع في بقية أفعال الحج فيصير اليوم الخامس آخر أيام الرمي.

تنبيه: من رأى الهلال وردت شهادته لزمه الوقوف كالصوم قاله الجمهور وقال محمَّد بن الحسن وأصبغ يقف لرؤيته ويعيد الوقوف مع الناس انظر ح وانظر لو ثبت هلال ذي الحجة بواحد وحكم المخالف به هل ويلزم الوقوف بالتاسع على شهادته أو يجري فيه التردد السابق في الصوم وكذا لو ثبت بعدلين وكذا لعدم رؤيته بعد ثلاثين من ذي الحجة صحوا هل يكون حجهم باطلًا ويجري فيه ما جرى في الصوم أم لا (لا) المار (الجاهل) بأنه في عرفة فلا يجزئه بخلاف المغمى عليه لأن الإغماء أمر غالب والمار الجاهل مقصر وهو عطف على مقدر بعد قوله ولو مر أي ويجزئ الحضور ولو مر العارف بعرفة لا المار الجاهل ولا يقدر الواقف الجاهل لأن الواقف بها لا يشترط علمه بها ففي كلام الشارح وقت نظر وشبه ببطلانه قوله (كـ) وقوفه بـ (بطن عرنة) بعين مهملة مضمومة فراء مفتوحة فنون لا يجزئه الوقوف بها لأنها واد بين العلمين اللذين على حد عرفة والعلمين اللذين على حد الحرم فليست عرنة بالنون من عرفة بالفاء ولا من الحرم (وأجزأ بمسجدها) أي عرنة بالنون لأنه من عرفة بالفاء ونسب لذات النون لأنه لو سقط حائطه القبلي الذي من جهة الحرام لسقط في عرنة النون ولذاكره الوقوف به كما قال

ــ

وقول ز خلافًا لقول سند الخ مثله في ح قائلًا ما قاله سند غير ظاهر كما نص عليه مالك في العتبية في سماع يحيي من أنهم يمضون على عملهم سواء ثبت عندهم أنه العاشر في بقية يومهم أو بعده وقبله ابن رشد وغيره اهـ.

ونحوه في الجواهر قال طفى وأنت إذا تأملت كلام سند وجدته غير مخالف لما في العتبية والجواهر لأن كلامهم فيمن وقف ثم تبين له في بقية يومه أو بعده أنه العاشر وكلام سند فيمن لم يذهب إلى الوقوف حتى تبين له أنه العاشر اهـ.

وأصله للقاني في حواشي التوضيح وفرق بينهما بان الأول أوقع الوقوف في وقته المقدّر له شرعًا في ظنه اجتهادًا والثاني ليس له أن يوقع الوقوف في غير وقته المشروع قصدًا على وجه القضاء لأنه لا يقضي اهـ.

قال اللقاني وهذا مصرح به في الطراز اهـ.

(وأجزأ بمسجدها بكره) ما ذكره المصنف من الكراهة مع الإجزاء أخذه كما قال ح مما

ص: 476

(بكره) نظرا إلى أن له ارتباطًا بغير عرفة وإجزاء من غير دم لأنه منها (وصلى) العشاء أو المغرب إذا خشي عدم إدراك ركعة منها أو من الأخيرة بعد صلاة المغرب قبل أن يذهب لعرفة (ولو فات) الوقوف لأن ما رتب على تاركه القتل مقدم على ما ليس كذلك هذا هو المشهور كما في توضيحه واختار اللخمي وسند والقرافي وجمع تقديم عرفة في هذا الفرض وقولي قبل أن يذهب لعرفة هو محل الخلاف المذكور وأما لو أمكنه الذهاب لها مع صلاة العشاء بها إدراك ركعة منها بها لحصل الفرضان اتفافًا والتقييد بالعشاء أو المغرب مخرج لتذكر فائتة لا يمكنه فعلها بها فإنه يقدم الوقوف قطعًا وإن كان وقت الفائتة ذكرها كما في الخبر لضعف أمرها بالنسبة لي ما حضر وقته وهو الوقوف ثم الخلاف المتقدم جار على القول بفوريته وتراخيه وقول ابن رشد يقدم الصلاة على القول بالتراخي غير ظاهر لأن الفور والتراخي وإنما ينظر فيه قبل الدخول في الإحرام وأما بعده فصار إتمامه فرضًا على الفور إجماعًا بل لو كان تطوعًا وجب إتمامه فإن أفسده وجب قضاؤه فورًا انظر ح (والسنة) لمريد إحرام بحج أو عمرة أو بهما أو مطلق ولو كإحرام زيد أربع أحدها (غسل) لذكر وأنثى صغيرين أو كبيرين ولو لحائض أو نفساء وكذا قوله الآتي وللوقوف ولم يذكره هنا رعيًا لترتيب الفعل ولم يبالغ عليهما هنا ولا في الآتي لأنه لما قيد الغسل لدخول مكة بغير الحائض والنفساء علم أن هذين لا يتقيدان بذلك وجعل أكثر الشراح قوله (متصل) بالإحرام كغسل الجمعة في اتصاله بالرواح من تتمة السنة قبله وقيدا فيها فلو اغتسل أول النهار وأحرم في عشيته لم يجزه قاله في الموازية وكذا لو اغتسل غدوة وأخر الإحرام إلى الطهر لم يجزه غسله ولو اشتغل بعد غسله بشد رحله وإصلاح جهازه أجزأه وجعله بعضهم سنة ثانية أي يسن الغسل ويسن اتصاله بالإحرام فلا يفصل بينهما بفعل لا تعلق له به قال وجعله قيدًا في الغسل يصير السنة منصبة على الاتصال فلا يفيد كلامه حكم الغسل من أصله اهـ.

(ولا دم) في تركه ولو عامدًا ثم ذكر ما هو كالاستثناء من قوله متصل فقال (وندب)

ــ

حكاه الجلاب عن المذهب وإن كان ابن عرفة لم يعرج عليه (وصلى ولو فات) قول ز والتقييد بالعشاء الخ صحيح وفي ذلك فرض ابن بشير الخلاف ولذا قال ح لا ينبغي أن يحمل المصنف على ظاهره ولو فائتة لأن هذا القول لم أقف عليه اهـ.

ولا يرد بقول ابن عرفة محمَّد أن ذكر منسية أن صلى فاته الوقوف قبل الفجر وقف إن كان قرب عرفة والأصلي ابن عبد الحكم إن كان آفاقيًّا وقف والأصلي الصائغ يصلي إيماء كالمسايف ثم قال وفرضها ابن بشير في ذاكر عشاء ليلته اهـ.

لأن كلامه محتمل لكون المنسية فائتة أم لا وإن كان ظاهرًا في الأول قاله طفى (متصل) قول ز لو اغتسل غدوة وأخر الإحرام إلى الظهر لم يجزه غسله الخ عبارة ابن يونس هي ما نصه غسل الإحرام كغسل الجمعة الذي هو متصل بالرواح قال في كتاب ابن المواز وإن اغتسل بكرة وتأخر خروجه إلى الظهر كرهته وهذا طويل اهـ.

ص: 477

الغسل (بالمدينة للحليق) فكأنه قال إلا من يحرم من الخليقة وجوبًا أو ندبًا فيندب له إيقاع الغسل بالمدينة لفعله عليه الصلاة والسلام ثم يأتي ذا الخليفة لابسًا لثيابه فإذا أحرم منها تجرد من ثيابه كما فعل عليه الصلاة والسلام وعطف على للحليفي قوله (و) ندب الغسل (لدخول غير حائض) ونفساء (مكة) فهو مندوب كما في د لا سنة خلافًا لتت (بطوي) مثلث الطاء حقه أن يقول وبطوي لأنه مندوب ثان ولم يندب للحائض لأنه في الحقيقة للطواف فلا يندب إلا لمن يؤمر بالطواف (و) ندب أيضًا (للوقوف) كما في د ولو لحائض أو نفساء كما مر لا سنة خلافًا لتت ولا يتدلك في هذين بخلاف الأول (و) السنة الثانية (لبس إزار) يأتزر به في وسطه ويقلب طرفه الأعلى ويرشقه في وسطه من ناحية لحمه بأن يثني طرف حاشيته العليا على طرف الإزار ويرشق كل طرف من طرفيه في جهته كما يفيده ح في شرح المناسك وهذا يصدق بلف طرفيه في بعضهما وشدهما على لحمه ولا يربط بعضه ببعض ولا بحزام عليه فإن فعل اقتدى (ورداء) يجعله على كتفيه ولا يضر المئزر الفلقتان المحيط سواء وضعه على كتفيه أو في وسطه (ونعلين) وهما الحدوة والمداس وأما السرموجة والصرارة قال بعضهم وهي التاسومة فلا يجوز لبسهما إلا لضرورة وينبغي تقيد عدم الجواز بما إذا كان ساترهما عريضًا كسير لقبقاب فإن رق جاز لبسهما ثم معنى هذه السنة أن هذه الصفة الخاصة من سنن الإحرام وأما التجرد فواجب فقول الشارح وقت تبعًا لمنسك المصنف السنة الثالثة لإحرام الرجل التجرد معناه على تلك الكيفية المخصوصة والهيئة الاجتماعية فإن فعل غيرها كالتحافه برداء أو كسًا أجزأ

ــ

لكن قال ح في كلام محمَّد ما يقتضي عدم الإجزاء لأنه قال وهو طويل فهو موافق للمدونة في عدم الإجزاء وقول ز وجعله بعضهم سنة ثانية الخ البعض هو البساطي وما قاله قال طفى خلاف ظاهر نصوص المذهب من أن اتصاله من تمام السنة فإن لم يصله لم يجزه كما عليه الشراح وهو الذي يؤخذ من المدونة وقول ز يصير السنة منصبة على الاتصال الخ غير صحيح بل يفيدان الاتصال قيد في السنة بحيث إذا فقد يكون كمن لم يغتسل وهو كذلك (وندب بالمدينة للحليفي) قول ز ثم يأتي ذا الحليفة لابسًا لثيابه الخ فيه نظر بل يتجرد عقب غسله بالمدينة كما نقله ابن يونس ونصه ابن حبيب واستحب عبد الملك أن يغتسل بالمدينة ثم يتجرده مكانه فيحرم بذي الحليفة وذلك أفضل وبالمدينة اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم وتجرد ولبس ثوبي إحرامه قال سحنون إذا أردت الخروج من المدينة خروج انطلاق فأت القبر فسلم كما صنعت أول دخولك ثم اغتسل والبس ثوبي إحرامك ثم تأتي مسجد ذي الحليفة فتركع وتهل اهـ.

بلفظة وقال سند من رأى أن تقديم الغسل بالمدينة فضيلة جعل التجرد من الثياب منها فضيلة ومن جعل ذلك رخصة جعل التجرد منها أيضًا رخصة اهـ.

(ونعلين) في خش تبعًا لتت والنعلان عياض في قواعده كنعال التكرور التي لها عقب يستر بعض القدم اهـ.

ص: 478

وخالف السنة وأما أصل التجرد عند إرادة الإحرام فواجب وقول بعضهم التجرد بعد الإحرام واجب وقبل الدخول فيه سنة وعليه يحمل الشارح وتت غير ظاهر بل التجرد لإرادة الإحرام واجب كما في ح والتلقين وشرح الرسالة للقاضي عبد الوهاب (و) السنة لمريد الإحرام بعد ما تقدم (تقليد هدي) إن كان مما يقلد كإبل وبقر لا غنم كما يأتي له وكان معه لتطوع أو لعام مضى لا لهذا الإحرام بقران أو تمتع فلا يسن قبله بل غايته أنه يجزئ أن وقع كما قال قبل ودم التمتع يجب بإحرام الحج وأجزأ قبله على ما بيناه (ثم إشعاره) إن كان مما يشعر وعلم مما قررنا أنهما ليسا من سنن الإحرام مطلقًا خلافًا لبعضهم بل في تطوع أو لعام مضى نعم هما من سنن الحج ولم يذكر التجليل لأنه مستحب كما سيأتي لا سنة (ثم) السنة الثالثة للإحرام (ركعتان) والترتيب بين هذه الأفعال

ــ

وهو وهم لأن عياضًا ذكرها بالمنع لا بالجواز ونصه في قواعده والتجرد من المخيط والخفاف للرجال أو ما له جارك من النعال يستر بعض القدم اهـ.

ونقله ابن فرحون وقال عقبة قوله ماله جارك من النعال أي كنعال التكرور التي لها عقب يستر بعض القدم اهـ.

نقله ح عند قوله وجاز خف قطع الخ فلفظ كنعال التكرور ليس من كلام عياض فحرف تت كلامه وعزوه وقول ز ثم معنى هذه السنة أن هذه الصفة الخاصة الخ هذا العمل أصله لح وتبعه من بعده ومثله في ضيح وبحث فيه طفى بأنه يحتاج لمن نص على أن تلك الخصوصية سنة وأنه معتمد وقد جعلها ابن عرفة مستحبة انظره قال ونحوه قول البيان الاختيار للمحرم أن يحرم بثوبين يأتزر بأحدهما ويتقنع بالآخر اهـ.

وما نسبه ضيح لابن شاس وصاحب الذخيرة من السنية قال طفى الظاهر منهما خلافة فليس في تلك الخصوصية إلا الاستحباب على أن ابن عبد السلام قال ظاهر كلام الأكثرين يقتضي أنه لا خصوصية للبس إزار ورداء بل يجوز ذلك ويجوز الالتفاف في ثوب واحد وإنما الخصوصية في اجتنابه المخيط اهـ.

فالأولى حينئذ ما حمله عليه الشارح وتت من أن المراد بهذه السنة مطلق التجرد من المخيط قال طفى ومثله لعياض والقرافي وصاحب الجواهر وغير واحد وبهذا عبر في مناسكه وقول ح لا يعد التجرد من السنن لأنه واجب يأثم بتركه غير ظاهر لأن اصطلاح أهل المذهب في الأشياء المنجبرة بالدم مختلف فمنهم من يعبر عنها بالوجوب ومنهم من يعبر عنها بالسنية كما في ضيح تبعًا لابن عبد السلام ووجهه ظاهر وما ذكره طفى فيه نظر (ثم ركعتان) قول ز ثم السنة الثالثة ركعتان الخ عده الركعتين سنة ثالثة لا رابعة يقتضي أن التقليد والإشعار ليسا من سنن الإحرام وهو كذلك إذ لا يعد من سننه إلا ما كان متعلقًا به مطلوبًا عنده على كل حال إلا لعذر وهكذا فعل في الجواهر جعل السنة الثالثة في الإحرام الركعتين ولذا قال ز أولًا عند قوله ثم تقليد هدي الخ والسنة لمربد الإحرام الخ ولم يقل السنة الثالثة من سنن الإحرام ومثله في ح فالسنية منصبة على ترتيب التقليد والإشعار مع ما قبلهما وما بعدهما قال

ص: 479

سنة أي تقديم التقليد على الإشعار وتقديمهما على الركوع كما هو مذهب المدونة ولسند هو مستحب قاله بعض الشراح وعلى ما لسند اقتصر بعض أشياخي وهو ظاهر إذ ليس في المدونة دلالة على أن ذلك سنة ثم محل سنية ركعتي الإحرام إن كان وقت جواز وإلا انتظره بالإحرام إلا الخائف أو المراهق كما في تت أي فيحرم ولكن لا يركعهما حينئذ كما يفيده كلام أبي البقاء في مناسكه وكذا غير الخائف والمراهق لا يركعهما بوقت نهي حال إحرامه به خلافًا للداودي إذ قول المصنف فيما مر ومنع نفل الخ مع عدم استثناء ركعتيه كما استثنى غيرهما يفيد عدم إيقاعهما (والفرض) عقب الإحرام (مجز) في تحصيل السنة وقوعه عقب الركعتين أفضل وانظر هل أراد العيني أو ولو بالعروض كجنازة تعينت ونذر نفل وانظر السنن المؤكدة هل كركعتيه أو كالفرض الأصلي في أجزائها عن ركعتيه وبعد الفراغ من الصلاة والخروج من المسجد إن كانت فيه (يحرم الراكب إذا استوى) مركوبه أي استوت به دابته قائمة للسير لا قبل قيامها له ويحتمل جعل فاعل استوى الراكب أي على دابته وهي قائمة للسير ولا يتوقف على سيرها لا قبل قيامها إذ لا يقال استوى عليها إلا إذا قامت للسير وفيه حينئذ تلميح بقوله تعالى: {إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} [الزخرف: 13](والماشي) في الحج يحرم (إذا مشى) عند تجرده ولا ينتظر الخروج إلى البيداء ثم ما ذكره هنا من هذين الأمرين بيان للوقت الذي يحرم فيه وما تقدم بيان لما ينعقد به والظاهر أن هذا على جهة الأولوية وأنه لو أحرم الراكب قبل أن يستوي والماشي قبل مشيه كفاه ذلك وقوله إذا استوى هو المشهور لخبر الموطأ صلى عليه والصلاة والسلام في مسجد ذي الحليفة فلما استوت به راحلته أهل وقال الأئمة يحزم عقب صلاته لخبر أبي داود بذلك ولنا أن حديث الموطأ معضود بالعمل من عمر وغيره من السلف (و) السنة الرابعة (تلبية) أي مقارنتها للإحرام واتصالها به فإن فصلها لم يكن آتيًا بهذه السنة ثم إن كان الفصل طويلًا لزمه دم كما سيقول وإن تركت أوله فدم أن طال فلا منافاة بينه وبين ما هنا من السنية فإن قل الفصل فلا دم فلو قال واتصال تلبية بإحرام وإلا فدم أن طال فصلها منه كتركها لكان أظهر واستغنى عما يأتي ويلبي الأعجمي بلسانه إن لم يجد من يعلمه العربية وتلبي الحائض والجنب كذكر الله ومن لا يتكلم لا يلبي عنه وانظر هل يكفي عنها التكبير لمن لا يقدر على حفظها أو كالعدم وأقلها مرة (وجددت لتغير حال) كقيام

ــ

طفى لكن يحتاج لمن نص على أن الترتيب المذكور سنة كما فعل المؤلف وقبله شراحه وكلام المدونة ظاهر في الاستحباب وصرح به سند وابن رشد وابن عرفة وما نصه ابن رشد الاختيار تقديم التقليد قبل الإشعار لأنه قبله أمكن وتقديمهما على الإحرام لئلا يشتغل بهما بعده فإن عكس شيئًا من ذلك فلا حرج اهـ.

(وتلبية) قول ز أي مقارنتها للإحرام الخ مثله لح قائلًا وأما التلبية في نفسها فواجبة ويجب أيضًا أن لا يفصل بينها وبين الإحرام بطويل اهـ.

ص: 480

وقعود ونزول وركوب وصعود وهبوط وملاقاة رفاق وسماع ملب وفي تلبية من رجع لشيء نسيه في رجوعه روايتان (وخلف صلاة) ولو نافلة وقوله وجددت أي ندبًا كما في ق وفي نقل بعضهم ما يفيد الوجوب وقد يقال تجديدها لتغير حال وخلف صلاة مندوب وتجديدها بعد القطع لدخول مكة واجب (وهل) يستمر المحرم بحج مفردًا أو قارنا يلبي (لمكة) أي لابتداء دخولها (أو للطواف) أي لابتدائه ولابن الحاجب لرؤية البيت (خلاف) قال بعض انظر لو أقيمت عليه الصلاة وهو في أثناء الطواف وقطعه للصلاة وصلي هل يلبي بعد تلك الصلاة أم لا لأنه لم يكمل السعي وهو الظاهر لم أر فيه نصًّا اهـ.

(وإن تركت) التلبية (أوله) أي أول الإحرام (فدم) واجب عليه (أن طال) ولو رجع ولبى لا يسقط عنه على المشهور وقوله تركت أوله أي عمدًا أو نسيانًا وطال فيهما ومثل الطول إذا تركها جملة (وندب توسط في علو صوته وفيها) فكل واحد من هذين مستحب لا سنة خلافًا لتت فيهما (وعاودها بعد) فراغ (سعي) وجوبًا كذا في عج وفيه مخالفة لما مر من أنها إنما هي واجبة أوله فقط إلا أن يدعي أن معاودتها بعد السعي كتجديد إحرام وفيه نظر (وإن بالمسجد) الحرام وكذا مسجد منى ولا يزال يلبي بعد معاودتها (لرواح مصلى عرفة) بعد الزوال كما يشعر به لفظ رواح فإن ذهب إليها قبل الزوال لبى إليه قال فإن أحرم بعرفة بعد الزوال لبى بهائم ثم قطع على المشهور كما صرح به القرافي بشرح الجلاب وقال ابن الجلاب يلبي إلى جمرة العقبة اهـ.

واقتصر تت على الثاني وأما من أحرم بها قبل الزوال فإنه يلبي للزوال بمنزلة من أحرم من غيرها وأتاها قبل الزوال كذا ينبغي ومصلى عرفة هو الذي يقال له مصلى إبراهيم ومسجد عرفة بالنون ومسجد نمرة فهي أسماء لمسمى واحد وهو الذي على يمين الذاهب إلى عرفة ولما بين مبدأ المحرم بالتلبية لمحرم الميقات بحج ومنتهاه بين مبدأ المحرم به من مكة لمخالفته له دون منتهاه لموافقته فقال (ومحرم مكة) من أهلها أو مقيم بها ولا يكون إلا بحج مفردًا (يلبي بالمسجد) أي يبتدئها منه وحكم من أفسد الحج في قطع التلبية وغيرها حكم من لم يفسده ولما نوع محرم الحج المتمادي عليه إلى نوعين نوع محرم العمرة إليهما أيضًا بحسب طول المسافة وقصرها فقال (و) يلبي (معتمر

ــ

وحمله على ذلك ما مر قريبًا من كون الدم ينافي السنية وتقدم جوابه انظر طفى (خلاف) الأول مذهب الرسالة وشهره ابن بشير والثاني مذهب المدونة لقولها ويقطع التلبية حين يبتدئ الطواف اهـ.

انظر ضيح (وإن تركت أوله فدم) مفهوم الظرف أنه إن تركها أثناءه لا شيء عليه كما في ضيح وصرح به عبد الحق والتونسي وصاحب التلقين وابن عطاء الله قالوا أقلها مرة فإن قالها ثم ترك فلا دم عليه قال ح وشهر ابن عرفة وجوب الدم ونصه فإن لبى حين أحرم وترك ففي الدم ثالثها إن لم يعوضها بتكبير وتهليل للمشهور وكتاب محمَّد واللخمي اهـ.

ص: 481

الميقات و) معتر (فائت الحج) أي أحرم بالحج ولم يتماد عليه بل فاته بحصر أو مرض وتحلل منه بعمرة (للحرم و) يلبي المعتمر من (الجعرانة و) من (التنعيم للبيوت) ولما ذكر سنن الإحرام ذكر سنن الطواف فقال (و) السنن (للطواف) أربع أيضًا منها ما يعم كل طواف وهي ثلاثة أولها (المشي) فيه نظر إذ هو واجب ينجبر بالدم كما قال (وإلا فدم لقادر لم يعده) فإن أعاده ماشيًا بعد رجوعه له من بلده فلا دم عليه فلو قال لقادر رجع لبلده ولم يعده لطابق النقل وأما إن كان بمكة فيطلب بإعادته ماشيًا ولو مع البعد ولا يجزئه دم وقوله وللطواف شامل للواجب وغيره خلافًا لتخصيص د له بالواجب وأما قوله وإلا فدم فخص بالواجب والسعي كالطواف في المشي في سائر ما مر وإذا ركب فيه وفي الطواف معًا فالظاهر أن عليه هديًا واحدًا للتداخل ويحتمل هديان كترك الرمي ومبيت منى قاله ح ومفهوم قول المصنف لقادر أن العاجز لا شيء عليه وهو كذلك قال مالك إلا أن يطيق فأحب إلى أن يعيد قاله تت (و) ثاني السنن العامة (تقبيل حجر) أسود (بفم) صفة كاشفة إذ لا يكون التقبيل إلا به (أوله) أي أول الطواف ومن سننه الطهارة لأنه كالجزء من الطواف المشترط فيه الطهارة ويسن أيضًا استلام اليماني بيده أوله ويضعها على فيه من غير تقبيل على المشهور كما قال ابن الحاجب ويندب تقبيل الحجر فيما بعد الأول ولمس اليماني بيده بعد الأول كما سيذكره المصنف والمس بالعود خاص بالحجر كما يأتي فإن لم يقدر على استلام اليماني بيده كبر فقط والحجر الأسود من الجنة وكان أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا بني آدم الكفار لا المسلمين ففي البدور السافرة في باب حشر الإِسلام والأعمال أخرج ابن خزيمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر الأسود ياقوتة بيضاء من يواقيت الجنة وإنما سودته خطايا المشركين يبعث يوم القيامة مثل أحد يشهد لمن استلمه وقبله من أهل الدنيا اهـ.

وعن ابن عباس أيضًا كما في الشيخ سالم يحشر الحجر الأسود يوم القيامة له عينان

ــ

وقال ابن العربي وإن ابتدأ بها ولم يعدها فعليه دم في أقوى القولين اهـ.

وكأن المصنف اعتمد ما تقدم وهو ظاهر قاله ح (ومن الجعرانة والتنعيم للبيوت) أي لدخول البيوت كما في المدونة لقولها يقطع إذا دخل مكة أو المسجد الحرام وكل ذلك واسع اهـ.

ومثله في ابن الحاجب وغيره قال طفى واقتصر المؤلف على البيوت لأنه لم ينقل عن المدونة إلا ذلك وكأنه سقط من نسخته أو المسجد اهـ.

(وإلا فدم لقادر لم يعده) قول ز أن العاجز لا شيء عليه الخ لا يشترط في العاجز عدم القدرة بالكلية بل يكفي المرض الذي يشق معه المشي قاله في ضيح عن ابن عبد السلام (وتقبيل حجر) قول ز وثاني السنن في الطواف الواجب والتطوع وهو الذي نسبه ابن عرفة للتلقين ولنقل اللخمي عن المذهب وقد أطلق ابن شاس وابن الحاجب كالمصنف وذلك كله خلاف قول المدونة وليس عليه أن يستلم في ابتداء طوافه إلا من عند الطواف الواجب اهـ.

ص: 482

ولسان يشهد لمن استلمه بحق (وفي) كراهة (الصوت) وإباحته (قولان) وكره مالك السجود عليه وتمريغ الوجه وعليه (وللزحمة لمس) الحجر (بيد) أن قدر (ثم) إن عجز عن مسه بها مس بـ (عود) أي به حيث لم يؤذ أحدًا (ووضعًا على فيه) من غير تقبيل (ثم) إن تعذر (كبر) فقط ومضى من غير إشارة إليه بيده ولا رفع لها على مذهب المدوّنة ثم المعتمد أنه يكبر مع تقبيله بفيه أو وضع يده أو العود ثم ما ذكره المصنف من المراتب كما يجري في الشوط الأول يجري فيما عداه وإذا جمع بين التكبير والاستلام فظاهر المدونة أو صريحها أن التكبير بعد التقبيل وهو ظاهر المصنف وظاهر ابن فرحون أنه قبل التقبيل ويجري مثل ذلك في اللمس بيد ثم عود ويكره تقبيل المصحف والخبز والمعتمد أن امتهان الخبز مكروه أي حتى يوضع الرجل عليه أو وضعه عليها (و) ثالث السنن العامة للطواف (الدعاء) فيه (بلا حد) أي يكره أن يكون بشيء معين (و) رابع السنن وهي مختصة بمن أحرم من الميقات بحج أو عمرة وهو للحاج طواف القدوم وللعمرة طوافها الركني (رمل رجل في الثلاثة) إلا طواف (الأول) فلا رمل فيما بقي ولو لتاركه منها عمدًا أو نسيانًا كتارك سورة في الأوليين لا يقرأها في الأخيرتين (و) يسن الرمل و (لو) كان الطائف (مريضًا وصبيًّا حملًا) على دابة أو غيرها فيرمل الحامل ويحرك الدابة كما يحرك في بطن محسر والسعي في بطن المسيل والرمل أن يشب في مشيه وثبًا خفيفًا يهز منكبيه وليس بالوثب الشديد (وللزحمة الطاقة) وأما طواف الإفاضة فالرمل فيه مستحب كما يأتي للمصنف من قوله ورمل محرم من كالتنعيم أو بالإفاضة لمراهق لا تطوع ووداع وقوله رجل أي إذا طاف عن نفسه أو عن رجل آخر لا عن امرأة فلا يسن له الرمل اعتبارًا بالمنوب عنه واحترز به عن المرأة فلا يسن لها ولو ثابت عن رجل اعتبارًا بفعلها والفرق بين مراعاة المنوب عنه في الأول دون الثاني إنها عورة (و) السنن (للسعي) أربع على ما ذكره هنا وتقدم أن من سننه المشي فيه أحداها (تقبيل الحجر) الأسود بعد فراغه من الطواف وركعتيه إذا كان على وضوء إذ لا يقبله إلا متوض قاله ح ويجري فيه التفصيل المتقدم من أنه للزحمة يمس بيد ثم عود ووضعًا على فيه ثم كبر وجعل هذه السنة للسعي مع تعلقها بالحجر لكونها بعد ركعتي الطواف كما علمت ويخرج للسعي من أي باب شاء والمستحب من باب بني مخزوم وهو باب الصفا لقربه بعد شربه من ماء زمزم (و) لسنة الثانية للسعي (رقيه) أي الرجل (عليهما) معًا كلما يصل لأحدهما لا عليهما مرة فقط ولا على أحدهما فإنه بعض سنة وفي المدونة يستحب أن يصعد أعلاهما بحيث يرى الكعبة منه اهـ.

ــ

(وفي الصوت قولان) في ح عن زروق ورجح غير واحد الجواز (ثم كبر) قول ز ثم المعتمد أنه يكبر مع تقبيله الخ هذا هو الصواب خلاف ظاهر المصنف من أنه إنما يكبر مع تعذر الاستلام وهو الذي فهمه في توضيحه من المدونة معترضًا به كلام ابن الحاجب مغترًا بظاهر التهذيب والصواب ما لابن الحاجب من الجمع بينهما كما يدل عليه كلام التهذيب

ص: 483

وما فيها من الندب قدر زائد على السنة في المصنف فليس مخالفًا لها (كمرأة أن خلا) موضع الرقي من الرجال أو من مزاحمتهم وإلا وقفت أسفلهما ابن فرحون السنة القيام عليهما إلا من عذر فإن جلس في أعلى الصفا فلا شيء عليه اهـ.

ولو عبر بقيامه عليهما لكان أولى إذ لا يلزم من الرقي القيام المندوب (و) السنة الثالثة له للرجال فقط (إسراع بين) الميلين (الأخضرين) للذهاب للمروة فقط كما هو ظاهر سند وق لا في العود منها إلى الصفا ولا يرد أن سببه قضية هاجر أم إسمعيل تقتضي عمومه لأنا نقول يحتمل أن إسراعها كان حين توجهها إلى المروة لا منها (فوق الرمل) في الأطواف الأربعة (و) السنة الرابعة (دعاء) عند الصفا والمروة وإن لم يرق عليهما وظاهر المدونة عند الرقي على كل منهما ولعله محمول على الأكمل (وفي سنية ركعتي الطواف) الواجب وغيره (ووجوبهما) مطلقًا (تردد) المشهور وجوبهما في الواجب قاله ح وظاهره أن التردد على حد سواء في التطوع والظاهر أنه أراد بالواجب ما يشمل الركن قال د وبقي قول ثالث للأبهري وهو وجوبهما في الطواف الواجب وندبهما في المندوب وتركه المصنف لأن الأبهري ليس من المتأخرين حتى يدخله في التردد اهـ.

ووجه وجوبهما على القول به مع ندب الطواف أنهما لما كانتا تابعتين له فكأنهما من تتمته وبالشروع فيه كأنه شارع فيهما فلذا وجب الإتيان بهما على هذا القول وأخر الكلام على ركعتي الطواف إلى فراغ سنن السعي مع تقدمهما عليه فعلًا كما مر للاختلاف في حكمهما فقدم السنة قطعًا متعلقة بالطواف والسعي وأخر المختلف فيها.

تنبيه: فإن ترك الركعتين حتى تباعد أو رجع لبلده فعلهما مطلقًا وأهدى إن كانتا من فرض فقط فإن لم يتباعد ولا رجع لبلده ركعهما فقط من فرض أو نفل إن لم تنتقض طهارته وإلا أعاد الطواف ولو غير فرض وصلى ركعتيه وأعاد السعي إن تعمد النقض وإلا أعاد الطواف الفرض وصلى ركعتيه وأعاد السعي فإن كان نفلًا صلى ركعتيه وخير فيه قاله اللخمي وقبله ابن عرفة.

تنبيه آخر: ظاهر كلام المصنف هنا وقوله الآتي وركوعه للطواف بعد المغرب قبل

ــ

نفسه وكلام الرسالة وأبي الحسن انظر ح (وإسراع بين الأخضرين) ذكر ح عن سند أن ابتداء الإسراع يكون قبل الميل الأول بنحو ستة أذرع خلاف ما يوهمه المصنف وقول ز للذهاب للمروة فقط كما هو ظاهر كلام سند الخ فيه نظر ولم أر من ذكر هذا القيد مثل ما ذكره وعزوه لظاهر سند غير ظاهر وإنما فيه كما نقل ح عنه أنه صدر بالبدء من الصفا وسكت عن بيان العود إليه وظاهره أنه مثله وإلا بينه وكذلك وقع في عبارة غيره وقد صرح في شرح المرشد بهما فقال بعد أن ذكر حكم البدء من الصفا ما نصه ثم ينزل من المروة ويفعل كما وصفنا من الذكر والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والخبب اهـ.

ويفيده نقل ق عن أبي إسحق يعني ابن شعبان (وفي سنية ركعتي الطواف الخ) الأول

ص: 484

تنفله أن الفرض لا يجزي عنهما فلذا لم يقل هنا ذلك كما قاله في ركعتي الإحرام ولعل الفرق أنه قيل بوجوبهما هنا بخلاف ركعتي الإحرام وكره جمع أسابيع وصلاة ركعتين فقط لها أن أو لكل أسبوع ركعتان عقب أسبوعين أو أكثر ويقطع الثاني أن شرع فيه قبل ركعتي الأول فإن أتمه فلكل ركعتان على المشهور ولا ركعتان فقط للجميع اللخمي وقياس المذهب أن الثاني طول يوجب استئناف ما تقدم من طواف.

تتمة: في الذخيرة الشروع في طواف التطوّع يوجب إتمامه وكذا الحج والعمرة والصلاة والصوم والاعتكاف والائتمام فهذه التطوعات السبعة التي يجب إتمامها بالشروع فيها ولا يوجد لها ثامن وقول المالكية التطوع يجب تكميله محمول على هذه وقد نصوا على أن الشروع في تجديد الوضوء وغيره من قراءة القرآن وبناء المساجد وغيرها من القربات لا يجب إتمامها بالشروع فيها وأنشد ابن عرفة في ذلك:

صلاة وصوم ثم حج وعمرة

عكوف وطواف وائتمام تحتما

وفي غيرها كالوقف والطهر خيرن

فمن شاء فليقطع ومن شاء تمما

ويعني بالوقف بناء الأوقاف كالمساجد والقناطر والسقايات وحفر الآبار وغير ذلك قاله الشيخ سالم (وندبا كالإحرام) أي ندب قراءتهما فحذف المضاف أي المدلول عليه بقوله (بالكافرون والإخلاص) إذ المندوب القراءة لا الركعتان وأقيم المضاف إليه مقامه واتصل بالفعل ولقائل أن يقول كان الواجب هنا التأنيث لأن الفعل قد رفع ضميرًا مجازي التأنيث قاله د وتبعه بشيخنا ق وفيه تعريض بأن قول تت ولم يقل ندبتا اختصارًا ولأن التأنيث غير حقيقي فيه نظر وقال شيخنا ق وجواب تت الثاني هو الظاهر وليس لك أن تقول هذا ضمير والضمير لا يجوز ترك التأنيث منه وإن كان غير حقيقي لأن ذاك في الضمير المستتر وأما البارز فلا يمتنع حذف التاء معه من غير الحقيقي كما إذا أسند إلى الظاهر وأما جوابه الأول فغير سديد إذ لا يجوز اختصار التاء هنا كما زعم اهـ.

(و) ندب إيقاع ركعتي الطواف (بالمقام) أي خلف مقام إبراهيم وذلك المقام هو الحجر الذي قام عليه إبراهيم حين أمره الله أن يؤذن في الناس بالحج ويقال من أجاب حج بعدد إجابته والحجر بفتح الحاء والجيم وقلنا خلف لأنه المراد لا ظاهره من إيقاعهما على البناء المحيط وما مر من سبب قيامه أحد أقوال ثلاثة ثانيها أنه وقف عليه حين غسلت له زوجة ابنه رأسه في قصة طويلة ثالثها قام عليها لبناء البيت وكان إسمعيل يناوله

ــ

اختاره عبد الوهاب والثاني اختاره الباجي وقال سند أنه المذهب والثالث الذي زاده ز للأبهري وابن رشد واقتصر عليه ابن بشير في التنبيه قال ح وهو الظاهر وقول ز وتركه المصنف لأن الأبهري ليس من المتأخرين الخ فيه نظر فإن الأبهري في طبقة ابن أبي زيد والقابسي وفي عصرهما وقد ذكروا أن هذه أول طبقة المتأخرين (وندبًا كالإحرام الخ) قول ز

ص: 485

الحجارة (و) ندب (دعاء بالملتزم) بعد الطواف ركعتيه (واستلام الحجر) الأسود بكل شوط غير الأول وكذا قوله (و) لمس الركن (اليماني بعد الأول) بعد مرور الطائف على الشاميين المحاذيين للحجر بكسر الحاء ونحوه قول تت وهو الذي يتوسط بينه وبين الحجر بفتح الحاء ركنان يتوسطان عند طواف الطائف فاليماني منتهى الأربعة في كل شوط آخره الحجر الأسود فليس المراد بعد الأول في المرور وأطلق الاستلام على التقبيل بالنسبة للحجز وعلى اللمس باليد بالنسبة لليماني (واقتصار على تلبية الرسول) وهي لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وكره مالك الزيادة عليها ومعنى لبيك إجابة بعد إجابة والإجابة الأولى إشارة لقوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] والثانية لقوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27] فيقال إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما أذن بالحج أجابه الناس في أصلاب آبائهم فمن أجابه مرة حج مرة ومن زاد له فالمعنى أجبتك في هذا كما أجبتك في الأول وأول من لبى الملائكة وكذا أول من طاف وتكره الإجابة في غير الإحرام وأما إجابة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم فمن خصائصه (ودخول مكة نهارًا) أي ضحى قال زروق يستحب للآتي مكة أربع نزوله بذي طوى وهو الوادي الذي تحت الثنية العليا ويسمى الزاهر واغتساله فيه ونزوله مكة من الثنية العليا ومبيته بالوادي المذكور فيأتي مكة ضحى اهـ.

(و) دخول (البيت) ليلًا أو نهارًا كما في النقل ولذا آخره عن الظرف والأصل عدم الحذف من الثاني لدلالة الأول ثم مقتضى كون ستة أذرع من الحجر من البيت أن من دخل في ذلك المقدار قد أتى بهذا المستحب قاله الجيزي (و) ندب دخول مكة (من كداء) بفتح

ــ

وأما البارز فلا يمتنع حذف التاء الخ فيه نظر بل حكم الضمير في التأنيث واحد لا فرق بين البارز والمستتر وكلام تت واللقاني كلاهما غير صحيح والدرك باق على المصنف في إسقاط التاء والله أعلم (ودعاء بالملتزم) هو ما بين الباب والحجر الأسعد أبو عمر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلصق صدره ووجه بالملتزم اهـ.

زروق ويستحب له أن يدعو في طوافه بما تيسر وكذا في المقام والحطيم والملتزم وعند الحجر الأسود والركن اليماني وفي المستجار وهو المستعاذ أعني ما بين الركن اليماني والباب المغلق الذي كان فتحه ابن الزبير رضي الله عنهما وفي الحجر تحت الميزاب ولا حد في ذلك كله اهـ.

ح (واليماني بعد الأول) قول ز فليس المراد بعد الأول في المرور الخ فيه نظر بل هذا هو المراد لأن استلامه في الشوط الأول سنة كما ذكره غ وح وغيرهما وقد تقدم له ذلك وخالفه هنا وليس بصواب (واقتصار على تلبية الرسول) قول ز أن الحمد والنعمة لك الخ روي بكسر الهمزة على الاستئناف وبفتحها على التعليل والكسر أجود عند الجمهور وقال ثعلب لأن من كسر جعل معناه أن الحمد لك على كل حال ومن فتح قال معناه لبيك لهذا السبب والأول أعم فهو أكثر فائدة قاله ابن حجر والمشهور في النعمة النصب على العطف

ص: 486

الكاف والمدمنونا إن لم يؤد لزحمة أو ضيق أو أذية أحد وإلا تعين ترك الدخول منه كما قال ابن جماعة وغيره (لمدني) أي آت من طريق المدينة كما في المدونة لا المدني فقط ولا يندب لآت من غيرها وأن مدنيًّا وللفاكهاني المشهور أنه يندب لكل حاج أن يدخل من كداء وإن لم تكن طريقه لاستقبال الداخل وجه الكعبة ولأنه الموضع الذي دعا فيه إبراهيم ربه بأن يجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم فقيل له أذن في الناس بالحج الآية ولذا قال يأتوك دون يأتوني (والمسجد من باب بني شيبة) المعروف بباب السلام وإن لم يكن في طريق الداخل (و) ندب (خروجه) أي المدني أيضًا وهو ظاهر كلامهم ومن جهة المعنى أيضًا من مكة للسفر (من كدى) بالضم والقصر وفيه مناسبة لطيفة الفتح للدخول والضم للخروج وتقدم ندب خروجه للسعي من باب الصفا (و) ندب (ركوعه للطواف) بعد العصر حين دخوله مكة مخالفًا للأولى من إقامته للغروب بذي طوى كما للخمي عن محمَّد (بعد) صلاة (المغرب) لا قبلها (قبل تنفله) مع بقائه على طهارته والندب منصب على الظرف الثاني وأما كونه بعد صلاة المغرب فاستحبابه معلوم من كراهة النافلة قبل الغروب ولابن رشد الأظهر تقديمهما على المغرب لاتصالهما حينئذ بالطواف ولا يفوتانه فضيلة أول الوقت لخفتهما اهـ.

وفي المصنف رد عليه (و) كذا يندب ركوعه للطواف (بعد طلوع الشمس) قبل تنفله وأن يؤخر دخول مكة حتى تطلع الشمس كما قال مالك انظر الشارح فإن دخل قبله أمسك لطلوعها ولو على القول بوجوبهما مراعاة للسنية ويعلم مما هنا أن الطواف ولو واجبًا

ــ

عياض ويجوز فيها الرفع على الابتداء والخبر محذوف ابن الأنباري وإن شئت جعلت المحذوف خبران ومثل ذلك يقال في قوله والملك وقول ز ومعنى لبيك الخ لفظ لبيك مثنى عند سيبويه والجمهور منصوب على أنه مفعول مطلق ولا يكون عامله إلا مضمرًا أو معناه وليست التثنية فيه حقيقية بل للتكثير والمبالغة ومعناه إجابة بعد إجابة قال ابن عبد البر قال جماعة من أهل العلم معنى التلبية إجابة دعوة إبراهيم حين أذن في الناس بالحج قال ابن المنبر وفي مشروعية التلبية تنبيه على إكرام الله تعالى لعباده بأن وفودهم على بيته إنما كان باستدعاء منه سبحانه اهـ.

نقله ابن حجر وقول ز وتكره الإجابة في غير الإحرام الخ لقول التهذيب وكره مالك أن يلبي من لا يريد الحج ورآه خرفًا لمن فعله اهـ.

والخرف بضم الخاء الحمق وسخافة العقل وقوله وأما إجابة الصحابة الخ ما أجاب به من أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم أصله للشيخ ابن أبي جمرة مستدلًا عليه بأن الصحابة لم يفعلوه فيما بينهم وبكونه صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك معهم وسلمه في ضيح وهو غير مسلم والظاهر ما أجاب به ابن هارون ونقله ح من أن الذي كرهه مالك إنما هو تلبية الحج وأما مجرد قول الرجل لمن ناداه لبيك فلا بأس به بل هو أحسن أدبًا وفي الشفاء عن عائشة رضي الله عنها ما ناداه صلى الله عليه وسلم أحد من أصحابه ولا أهل بيته إلا قال لبيك اهـ.

وبه يرد قول ابن أبي جمرة أنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك معهم (وركوعه للطواف) قول ز حين

ص: 487

كصلاة النفل في كراهته بعد صلاة الصبح والعصر إلى أن ترتفع قيد رمح وتصلي المغرب (و) ندب إيقاع ركعتي الطواف (بالمسجد) وبالمقام ولما كان الرمل بالنسبة للطائفين ثلاثة أقسام متفق عليه في حق المحرم من الميقات وهو أوكدها وتقدم ومختلف فيه والمشهور مشروعيته ندبًا لا سنة وهو ما ذكره بقوله (و) ندب (رمل) رجل (محرم) بحج أو عمرة أو بهما في موضعين أحدهما من أحرم (من كالتنعيم) والجعرانة فهو صلة لمحرم أي الذي أحرم من كالتنعيم يندب له أن يرمل في طوافه وتوهم بعض الناس أن من كالتنعيم متعلق برمل فصار يرمل من كالتنعيم في تلك الأماكن الشريفة متمسكًا بالمصنف على ما فهمه غافلًا عن أن الرمل إنما يكون في الطواف في الثلاثة الأول كما قدم المصنف فحصلت له مشقة عظيمة وثانيهما قوله (أو بالإفاضة) أي يندب رمل محرم بطواف الإفاضة (لمراهق) ونحوه وهو كل من لم يطف للقدوم لضيق الوقت عن فعله لخشية فوات وقوف عرفة أو لنسيانه فلو أدخل الكاف على مراهق لكان أحسن وأما لو كان غير مراهق بأن طاف ورمل فيه كما في د أو تركه لو عمدًا فلا يرمل بالإفاضة ومتفق على عدم مشروعيته وهو ما ذكره بقوله (لا) في طواف (تطوّع) لا في الطواف (وداع) وتقدم رمل الصبي والمريض وهو من القسم المختلف فيه فاستوفى المصنف الأقسام الثلاثة بأوجز عبارة وألطف إشارة والظاهر كراهته في هذين وعطف الثاني على الأول عطف خاص على عام (و) من المندوب المطلق لكل من بمكة (كثرة شرب ماء زمزم و) ندب (نفله) وخصوصيته باقية مع نقله وإلا لما ندب وتعليقه الندب بكثرته ربما يفهم منه أن أصله قليلًا غير مندوب (و) ندب (للسعي شروط الصلاة) الممكنة فلا يندب له استقبال لعدم إمكانه ولو انتقض وضوءه أو

ــ

دخوله مكة الخ فيه نظر ولا وجه لهذا التقييد بل كلامه عام في كل طواف بعد العصر (وكثرة شرب ماء زمزم) قال غ أما شربه فذكره غير واحد ففي الذخيرة عن ابن حبيب يستحب الإكثار من شرب ماء زمزم والوضوء منه ما أقام بها قال ابن عباس رضي الله عنهما وليقل اللهم إني أسألك علمًا نافعًا وشفاء من كل داء قال وهو لما شرب له فقد جعله الله تعالى لإسماعيل ولأمه هاجر طعامًا وشرابًا اهـ.

ومن الغرائب ما حدثني به شيخنا القوري قال حدثنا أبو عبد الله بن عزون المكناسي أنه سمع الإمام الأوحد الرباني أبا عبد الله البلالي بالديار المصرية يرجح حديث الباذنجان لما أكل له على حديث ماء زمزم لما شرب له قال وهذا خلاف المعروف اهـ.

قال ح ولا شك أنه أغرب الغرائب بل هو من الأمور التي لا يجوز نقلها إلا مع التنبيه على بطلانها وقال السخاوي أنه باطل لا أصل له وقال الحافظ ابن حجر لم أقف عليه وقال بعض الحفاظ أنه من وضع الزنادقة وقال الزركشي كل ما روي فيه باطل اهـ.

وأما حديث ماء زمزم لما شرب له فقد صححه غير واحد من الأئمة كالحاكم والبيهقي في شعب الإيمان والدمياطي من المتأخرين وابن عيينة من المتقدمين اهـ.

ص: 488

تذكر خبثًا أو أصابه حقن أو جنابة ندب له أن يتطهر ويبني وليس ذلك مخلا بالموالاة الواجبة فيه ليسارته واستشكل تصور جنابة في حج صحيح مع ما مر وباتصال السعي بالركوع وأجيب يتصوره في احتلام نوم خفيف عقب سلامه من ركوع طوافه وعدّ الشارح وقت من شروط الصلاة هنا ستر العورة فيه توقف مع وجوب سترها قاله البدر عن شيخه ولا يدعي أن محل ندب ستر العورة في السعي محمول على حالة خلوه عن الناس لأنه يقدح في ذلك أنه يندب سترها بخلوة كما قدم المصنف وإن لم يكن سعى (و) ندب للإمام (خطبة بعد ظهر) اليوم (السابع) ذكر ح أن من هنا إلى قوله ودعاء وتضرع بإخراج الغاية من السنن لا من المندوبات قال وهل يفتتح أولاها بالتكبير أو بالتلبية قولان والظاهر أن محلهما إن كان الخطيب محرمًا وإن الأولى القول بالتلبية لأنها مشروعة الآن وهي شعار المحرم فإن كان غير محرم تعين عليه أي في تحصيل المندوب التكبير اهـ.

(بمكة) لا بغيرها (واحدة) فلا يجلس في وسطها ولكن الراجح أنه يجلس في وسطها فهما ثنتان انظر ح ويجوز رفع واحدة صفة لخطبة ونصبه على الحال منها وإن كان نكرة لوصفها بالظرف قاله البدر (يخبر) أي يذكر من كان عارفًا ويعلم الجاهل فهو شامل لهذين القسمين (فيها بالمناسك) التي تفعل منها إلى الخطبة الثانية من خروجهم لعرفة (و) ندب (خروجه لمنى) يوم الثامن ويسمى يوم التروية بدليل قوله (قدر ما يدرك بها الظهر) قصرًا بوقته المختار ولو وافق جمعة عند الجمهور إذ الظهر أفضل للمسافرين ويصلي بها العصر والمغرب والعشاء ويكره الخروج لها قبل يومها (و) ندب (بياته بها) ليلة عرفة

ــ

قلت انظر ما ذكره غ عن البلالي مع ما ذكره البلالي نفسه في اختصاره لإحياء الغزالي بعد ذكره من صحح حديث ماء زمزم قائلًا فلا عبرة بمن ضعفه ما نصه وحديث الباذنجان وضعته الزنادقة لكثرة مضاره ليطعنوا في نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن شفي به فلحسن ظنه اهـ.

من خط الشيخ أحمد بابا وأما نقله فقال ح صرح باستحبابه في الواضحة قال في مختصرها واستحب لمن حج أن يتزود منه إلى بلده فإنه شفاء لمن استشفى به ونقله ابن المعلى والتادلي وغيرهم اهـ.

(وخطبة بعد ظهر السابع) قول ز ذكر ح أن من هنا الخ ما ذكره ح تعقبه عج بقول سند أن النزول بنمرة مستحب وبأن المبيت بمزدلفة سنة وكلامه يقتضي سنية الأول وندب الثاني (واحدة) قول ز ولكن الراجح أنه يجلس الخ فيه نظر إذ لم يقل ح أن هذا هو الراجح ونصه قوله واحدة قال المصنف في مناسكه وتوضيحه تبعًا لابن الحاجب هو المشهور وما شهره هو قول ابن المواز عزاه له ابن عرفة وعزا القول بالجلوس في وسطها لابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون قال سند وهو الموافق لرواية المدونة فعلم أن القول بالجلوس في وسطها قوي اهـ.

فعلم منه أن المشهور هو الأول وإن كان الثاني قويًّا لكن عز وابن عرفة للمدونة الثاني يفيد أنه أرجح من الأول فإنه لما ذكر القولين قال وفي صلاتها أي المدونة يجلس أول كل خطبة ووسطها اهـ.

ص: 489

وصلاته الصبح بها (و) ندب (سيره) منها (لعرفة بعد الطلوع) ولا يجاوز بطن محسر قبله لأنه في حكم منى (و) ندب (نزوله بنمرة) موضع بعرفة لنزوله به عليه الصلاة والسلام ويعلمهم جميع ذلك في هذه الخطبة كما مر (و) ندب (خطبتان بعد الزوال) يوم عرفة بجامع نمرة أي واحدة تشتمل عليهما يجلس فيها بينهما يعلم الناس فيها صلاتهم بعرفة ووقوفهم بها ومبيتهم بمزدلفة وجمعهم بها بين المغرب والعشاء ووقوفهم بالمشعر الحرام وإسراعهم بوادي محسر ورمي جمرة العقبة والحلق والتقصير والنحر والذبح طواف الإفاضة وأما ما يفعل بعرفة بعد العصر فدعاء لا خطبة (ثم) بعد فراغ الخطبتين (أذن) بالبناء للمفعول ويقيم للأولى والإمام جالس على المنبر كالأذان بعد فراغ خطبتيه لا عند جلوسه ولا قبلها ولا في آخرها بحيث يفرغ من الأذان مع فراغ الخطبة خلافًا لزاعمي ذلك (وجمع) إذا نزل (بين الظهرين) جمع تقديم بأذان ثان للعصر مع إقامة كما هو مذهب المدونة ابن الجلاب وهو الأشهر وقيل أذان واحد وبه قال ابن القاسم وابن الماجشون وابن المواز ويحتمله كلام المصنف لإطلاقه الأذان ويصلي الظهر (أثر الزوال) أي بعده والإتيان بثم يدل على تأخير الأذان مع الجمع على الخطبتين وأظهر منه لو قال أثر النزول وكلامه ظاهر في أن الخطبة قبل الأذان وبعد الزوال ونحوه في شرح الرسالة ولا تنفل بينهما ولم يمنعه وفي تغيير المصنف هنا أسلوب المندوبات إشارة إلى أن حكم الأذان والجمع مخالف لحكم ما قبله وما بعده وهو كذلك إذ الحكم في كل منهما السنية فإن فاته الجمع مع الإِمام جمعهما وحده فإن تركه جملة فعليه دم كما في للمع قال البدر قف على قوله فعليه دم أي فإنه يستغرب أن الدم في ترك سنة فلعله ضعيف (و) ندب بعد فراغه من الصلاتين (دعاء وتضرع للغروب) بعرفة (و) ندب (وقوف) أي حضور (وبوضوء) فلا ينافي قوله (وركوبه به) أي بالوقوف أي الحضور وندب الركوب هنا مستثنى من النهي عن اتخاذ ظهور الدواب مساطب كما في خبر (ثم) بعد الركوب (قيام)

ــ

(وخطبتان بعد الزوال) قول ز أي واحدة تشتمل عليهما الخ مثله في تت قال طفى انظر ما المحوج لهذا التكلف مع أنهما خطبتان حقيقة كما صرح به الأئمة اهـ.

(ثم أذن) قول ز ولا في آخرها بحيث يفرغ من الأذان الخ فيه نظر ولفظ المدونة ويؤذن المؤذن إن شاء في الخطبة أو بعد فراغها اهـ.

ولفظ الأمهات قال ابن القاسم وسئل مالك عن المؤذن متى يؤذن يوم عرفة أبعد فراغ الإِمام من خطبته أو وهو يخطب قال ذلك واسع إن شاء والإمام يخطب وإن شاء بعد ما يفرغ من خطبته قال ابن القاسم إنما الأذان والإمام يخطب أو بعد فراغ الإمام من خطبته قال مالك وذلك واسع اهـ.

فقول المصنف ثم أذن يحمل على معنى ثم بعد الشروع في الخطبة أذن والله أعلم (أثر الزوال) قول ز مخالف لحكم ما قبله وما بعده الخ فيه نظر إذ ما قبله سنة أيضًا كما نقله فيما تقدم عن ح وقد اعترضه طفى بذلك وقد يجاب بأن ما ذكر هنا بيان لما اقتضاه صنيع

ص: 490

للرجال فقط وكره للنساء (إلا لتعب) من قيام أو لدابة أو من ركوبها أو من وضوء فيكون عدم ذلك أفضل في هذه الأربعة (و) ندب (صلاته بمزدلفة العشاءين) وتسمى جمعًا بفتح الجيم وسكون الميم لاجتماع الناس إليها أو لاجتماع آدم وحواء بها أو لجمع الصلاة بها قاله تت والمذهب أنه سنة أن وقف مع الإِمام فإن لم يقف معه بأن لم يقف أصلًا أو وقف وحده لم يجمع بالمزدلفة ولا بغيرها ويصلي كل صلاة لوقتها كما يأتي للمصنف لا يقال لم يستفد من كلامه هنا أن المقصود الجمع بين العشاءين إذ لفظ صلاته الخ يشمل جمعهما وصلاتهما فرادى وإنما يفيد الجمع بينهما قوله الآتي وجمع قصر لأنا نقول صلاتهما غير مجموعتين مخالف للسنة فيكون مكروهًا فلا يكون مندوبًا (و) ندب (بياته بها) أي بمزدلفة وأما النزول بها بقدر حط الرحال سواء حطت بالفعل أم لا وإن لم يجز لتعذيب الحيوان فواجب كما أشار له بقوله (وإن لم ينزل) بها حتى طلع الفجر (فالدم) لازم له وأن تركه لعذر فلا شيء عليه ولو جاء بعد الشمس عند ابن القاسم فيهما ويحصل الواجب بحط الرحال أو بقدره كما مر قال في منسكه والظاهر أنه لا يكفي في النزول أي الواجب إناخة البعير واستثنى المصنف فيما يأتي من ندب بياته بها من يرخص لهم من الضعفاء ونحوهم في التقديم عن الناس إلى منى ليلة النحر لكون بياتهم بها أرفق من بياتهم بمزدلفة (وجمع وقصر) فعلان ماضيان ليفيد أن كلا منهما بانفراده سنة والمراد جمع العشاءين جمع تأخير وهذا كالتفسير لقوله وصلاته بمزدلفة العشاءين كما قدمناه وإن كان جعله له كالتفسير يفيد أنه يقرأ كل من اللفظين اسمًا ويعطف على المندوب كما فعل تت مراعاة لظاهره وقد علمت أن كلا منهما سنة كما في جمع الظهرين بعرفة جمع تقديم كما تقدم (إلا أهلها) أي مزدلفة فيتمون قاله تت وظاهره أنهم يجمعون مع التمام وجعله ح راجعًا لقوله أيضًا وجمع أي إلا أهلها فلا يجمعون ولا يقصرون لكن النقل الذي ذكره هو عن المدونة وغيرها يدل على تقرير تت وشبه في الحكم قوله (كمنى وعرفة) والمحصب فيتم أهلها مع الجمع في عرفة لا في منى إذ لا جمع قبل خروجهم منها ولو عملوا بها نسكًا ويقصرون بغيرها إذا رجعوا لبلدهم بعد تمام النسك أو قبله وينقضي ببلدهم كمنوي أتم في رجوعه لها فإن لم ينقض بها قصر حال رجوعه قبل دخوله بلده كمكي ينزل بالمحصب قبل دخوله مكة وليس المراد يقصر في بلده بل حال رجوعه وهذا مكرر مع ما قدمه في السفر من قوله إلا كمكي في خروجه لمعرفة ورجوعه ولما كان الجمع بمزدلفة خاصًّا بمن دفع بدفع الإِمام من عرفة وهو يسير بسيره ذكر من تخلف عنه ونوعه إلى نوعين فقال (وإن عجز) من نفر مع الناس عن لحاقهم في السير لعلة به أو

ــ

المصنف وما تقدم بيان لما في الخارج تأمله (وجمع وقصر) قول ز يفيد أنه يقرأ كل من اللفظين اسمًا الخ أي ويعترض بهما حينئذ على ما ذكره ح فيما تقدم عند قوله وخطبة بعد ظهر السابع الخ (كمنى وعرفة) قول ز أتم في رجوعه لها الخ تقدم في مبحث القصر أن هذا

ص: 491

بدابته (فبعد الشق) يجمع بينهما ولو بغير مزدلفة وهذا (إن) كان وقف بعرفة و (نفر) منها أي سار (مع الإمام) وتأخر عنه لعجز به أو بدابته (وإلا) يقف معه أو لم ينفر أي لم يسر معه بل بعده (فكل لوقته) أي يصلي كل صلاة في وقتها من غير جمع فهذه ثلاثة أقسام في كلامه ومفهومه عجز أن من وقف معه وتأخر عنه لغير عجز فإنه يجمع أيضًا على المعتمد لكن في مزدلفة خاصة فالأقسام أربعة وإنما جمع في هذا الرابع مع عدم عجزه لوجود بسبب الرخصة في الجملة وهو وقوفه مع الإِمام وشدد عليه حيث لم يسر معه لغير عذر وعجز في أنه لا يجمع إلا في مزدلفة خاصة بخلاف من عجز (وإن قدمتا عليه) أي على الشفق أو على النزول بمزدلفة لمن يجمع بها وهو من وقف مع الإِمام ولا عجز به (أعادهما) العشاء أبدأ أي لصلاتها قبل وقتها والمغرب ندبًا أن بقي وقتها كما في د وإن وقعتا بعد الشفق وقبل محل الجمع الذي هو المزدلفة أعادهما ندبًا (و) ندب (ارتحاله) من مزدلفة (بعد) صلاة (الصبح) أول وقتها حال كونه (مغلسًا و) ندب (وقوفه بالمشعر) الحرام بفتح الميم أشهر من كسرها وهو ما بين جبل المزدلفة وقزح بقاف مضمومة فزاي مفتوحة خفيفة فحاء مهملة سمي مشعرًا لما فيه من الشعائر وهي معالم الدين والطاعة ومعنى الحرام المحرم الذي يحرم فيه الصيد وغيره لأنه من الحرم (يكبر) ويهلل (ويدعو) في وقوفه (للأسفار) متعلق بوقوفه بإخراج الغاية قاله د (واستقباله) أي استقبال الواقف القبلة (به) أي عند المشعر الحرام ويجعله عن يساره (ولا وقوف) مشروع (بعده) أي الأسفار بل يفوت به لمخالفة الجاهلية فإنهم كانوا يقفون به لطلوع الشمس كذا في الشارح في صغيره ومثله للبساطي مستظهرًا له على ما في كبيره من عود ضميره على الإِمام أي لا يقف أحد بعده إذا نفر قاله تت واستظهر عج ما للشارح في كبيره قائلًا أن عدم الوقوف بعد إسفار مستفاد من إغيائه أولًا بقوله للأسفار لكن فيه أنه ليس للإمام ذكر (ولا قبل الصبح) أي يكره لأنه خلاف السنة فهو كمن لم يقف (و) ندب (إسراع) بدابته والماشي بخطوته ذهابًا عليه وإيابًا (ببطن محسر) بميم مضمومة فحاء مهملة مفتوحة فسين مهملة مكسورة مشددة فراء مهملة وهو واديين مزدلفة ومنى قدر رمية حجر ليس من واحد منهما قاله النووي والطبري وفي خبر الصحيحين ما يدل على أنه من منى في نقل صاحب المطالع وصوبه أن بعضه من منى وبعضه من مزدلفة سمي محسرًا لحسر فيل أصحاب الفيل فيه أي أعيائه وقيل نزل عليهم فيه العذاب (و) ندب (رميه العقبة حين وصوله) لمنى

ــ

خلاف ما رجع إليه مالك من أن المكي يقصر في رجوعه لمكة بعد انقضاء حجه وهو الموافق لإطلاق المصنف (إن نفر مع الإمام) طفى الصواب أن يقول إن وقف مع الإِمام كما لابن الحاجب والمناسك إذ هو المطابق للنقل اهـ.

ومثله في خش وهو الموفق لما في ضيح وق وبه تعلم ما في تقرير ز (وإن قدمنا عليه) قول ز أو على النزول بمزدلفة الخ على حمل ح كلام المصنف فجعل الضمير عائدًا على

ص: 492

قبل حط رحله فالندب منصب على الظرف لأنها تحية الحرم وأما رميها فواجب كما يأتي (و) يرميها حين وصوله (أن راكبًا) وقدرنا يرميها دون ندب لأنه ليس المراد يندب رميها في حال الركوب وأن رميها في غير هذه الحالة غير مندوب كما ذهب إليه بعض أشياخي قاله عج ويدخل وقت رميها بطلوع الفجر وسيأتي له مزيد بيان عند قوله ورمي العقبة أول يوم طلوع الشمس وإلا أثر الزوال ثم قوله ورميه العقبة الخ في حق من لم يرخص له في التقديم من مزدلفة لمنى لأن هؤلاء يدخلون منى قبل الفجر ولا يصح رميها حينئذ فينتظر حتى يطلع الفجر والمستحب بعد الشمس جيزي قاله البدر واعترض الشارح في كبيره قوله وإن راكبًا بأن ظاهره أن الركوب في جمرة العقبة مرجوح وهو خلاف قول المدونة الشأن أن يرمي جمرة العقبة ضحوة راكبًا وإن مشى فلا شيء عليه اهـ.

وأجيب بأنه ليس مراد المدونة أن الماشي إذا وصل العقبة يركب لرميها بل يرميها على حالته التي وصل عليها ماشيًا فلا يشتغل بالركوب بل الأفضل تركه لأن فيه عدم الاستعجال برميها قال مجموعة تت وحلولو (والمشي في غيرها) أي في غير جمرة العقبة يوم النحر فيشمل المشي في جمرة العقبة في غير يوم النحر وهو الثلاثة الأيام لغير المتعجل واليومان للمتعجل (وحل بها) أو بخروج وقت أدائها (غير) قربان (نساء) بجماع ومقدماته وعقد نكاح قال د وظاهر ما سيأتي أن العقد حينئذ يفسخ مطلقًا اهـ.

(و) غير (صيد) فحرمتهما باقية وسيأتي الواجب فيهما (وكره الطيب) فلا فدية في فعله وهذا هو التحلل الأصغر للحج وسيأتي الأكبر في قول ثم يفيض وأشعر قوله غير نساء أن الحاج رجل ومثله المرأة فيحل برميها العقبة غير رجال وصيد (و) ندب (تكبيره مع) رمي (كل حصاة) تكبيرة واحدة وظاهر المدونة أنه سنة وقوله مع أي لا قبل ولا بعد ويفوت المندوب بمفارقة الحصاة ليده قبل النطق به كما هو الظاهر ولو قبل وصولها محلها (ونتابعها) أي الحصيات أي يتبع الثانية للأولى وهكذا من غير تربص إلا بمقدار يتميز به كونهما رميتين وتصل الحصاة للجمرة لا في الأرض حولها ويأتي ما يخالف ذلك عند قوله على الجمرة ويرمي بأصابعه لا بقبضته (و) ندب (لقطها) أي جميع الحصيات التي يرمي بها يوم النحر وفي جميع الأيام هذا مراده كما يفيده الشارح وغيره وإن كان كلامه هنا في جمرة العقبة يوم النحر فقط فكسرها خلاف المندوب وله أن يأخذ حصى الجمار من منزله بمنى أو من حيث شاء إلا جمرة العقبة فيستحب أخذها من المزدلفة قاله ابن القاسم وغيره (و) ندب (ذبح قبل الزوال) ولو قبل الشمس سند بخلاف الأضحية

ــ

محل الجمع وهو المزدلفة بعد الشفق قال طفى وهو الصواب أي لأنه هو محل الخلاف عند ابن عبد السلام وابن عرفة (ووقوفه بالمشعر) قول ز وندب وقوفه الخ هذا ظاهر المصنف والذي لابن رشد وشهره القلشاني أنه سنة وقال ابن الماجشون فريضة ولذا جعل البساطي الاستحباب متعلقًا بالقيد قاله طفى (ولقطها) قول ز وله أن يأخذ حصى الجمار الخ هكذا نقل

ص: 493

لتعلقها بالصلاة ولا صلاة عيد على أهل منى (وطلب بدنته) أن ضلت (له) أي للزوال لا حقيقة بل لقربه فلو قال ليبقى له قدر حلقه قبله لوافق النقل (ليحلق) قبل الزوال بعد نحرها فكلاهما مستحب قبل الزوال مكروه بعده فإن لم يصبها وخشي الزوال حلق لئلا تفوته الفضيلتان والأصل في تقديم الذبح على الحلق قوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ} [البقرة: 196] ومحله ودلت السنة من قوله عليه الصلاة والسلام لمن سأله عمن حلق قبل الذبح افعل ولا حرج فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج على أن النهي في الآية للتنزيه والترتيب المفاد بقوله (ثم حلق) قال بعض أما أن يرجع إلى تقديم الحلق على التقصير أو إلى إيقاع الحلق عقب الذبح أما الحلق نفسه أو التقصير فواجب وقال آخر لا يريد بثم هنا أنه بعده في الفضيلة وإنما يريد أن الفضيلة على هذا الوجه أي يستحب كون الحلق بعد الذبح أي أن الذي يفعل بمنى يوم النحر ثلاثة على الترتيب رمي فنحر فحلق ولا فرق في استحباب إيقاع الحلق عقب الذبح بين المفرد والقارن على المشهور وقال ابن الجهم أن المكي القارن لا يحلق حتى يطوف ويسعى ويلزمه ذلك في حق كل من أخر السعي إلى طواف الإفاضة وحكم الصبي حكم الرجل قال مالك ومن برأسه وجع لا يقدر على الحلاق أهدى قال بعض فإن صح فالظاهر أنه يجب عليه الحلق اهـ.

ويبدأ في الحلق من الشق الأيمن لخبر مسلم بذلك قال بعض والظاهر أن الراد للمحلوق اهـ.

واستعمل المصنف الحلق في مطلق الإزالة بدليل قوله (ولو بنورة) إذ الحلق إنما هو بالموسى والضمير للرجل ومثله البنت الصغيرة وهي من عمرها دون تسع سنين كما يأتي عن تت وهو صريح في أنه يجوز للصغيرة الحلق والتقصير وذكر البدر ما يقتضي أن الحلق لها أفضل قال والظاهر أن المبالغة في الجواز فقط لا في الأفضلية فهو مثل قوله في التيمم كتراب وهو الأفضل ولو نقل اهـ.

ــ

في ضيح هذا التفصيل عن غير واحد (ثم حلق) قول ز ويلزمه ذلك الخ مثله في ضيح وهو غير ظاهر لأن ابن الجهم إنما قاله في القارن لأصل إحرامه بالعمرة مع الحج وهي لا حلق فيها إلا بعد الطواف والسعي بخلاف الحج وحده فتأمله ونص ابن حجر ولأبي دواد رمى ثم نحر ثم حلق وقد أجمع العلماء على مطلوبية هذا الترتيب إلا أن ابن الجهم المالكي استثنى القارن فقال لا يحلق حتى يطوف كأنه لاحظ أنه في عمل العمرة والعمرة يتأخر فيها الحلق عن الطواف ورد عليه النووي بالإجماع ونازعه ابن دقيق العيد اهـ.

ابن عرفة ومؤخر السعي لكونه مراهقًا كغيره اتفاقًا ولكونه قارنًا في كونه كذلك وتأخير حلقه حتى يسعى المشهور وقول ابن الجهم بناء على اضمحلال العمرة في القران واعتبارها اهـ.

(ولو بنورة) رد بلو قول أشهب لا يجزئ الحلق بها للتعبد والنورة بالضم كما في القاموس وفسرها غير واحد بالجير وهو مقتضى كلام القاموس قال بعضهم وقد يسمى بهذا الاسم الخلط المتخذ منها ومن الزرنيخ لحلق الشعر اهـ.

ص: 494

(إن عم) الحلق المذكور فهو راجع للنورة وغيرها قاله البدر لا النور فقط أي عم بكل مزيل (رأسه) فبعضه كالعدم (والتقصير) لمن له العلائي أفضل (مجز) إلا لمتمتع فالتقصير في حقه أفضل حين يحل من العمرة ويحج من عامه لبقاء الشعث عليه في الحج قاله تت وغيره وأجزاء التقصير محله إن لم يكن الشعر عقص أو ضفر أو تلبيد وإلا لم يجزه وعليه الحلق كما في المدونة (وهو سنة المرأة) ولو بنت تسع فما فوق كما في تت عن اللخمي وقال أيضًا ولم يعلم من كلام المؤلف حكم مخالفتها سنتها وفيه قولان بالمنع والكراهة اللخمي لا يجوز لها أن تحلق لأنه مثله إلا إن كان برأسها أذى (تأخذ) من جميع شعرها (قدر الأنملة) أو أزيد أو أنقص بيسير فليس تحديده أمرًا لا بد منه (و) يأخذ (الرجل من قرب أصله) أي من جميع شعره كما في المدونة وهذا على سبيل الندب فإن أخذ من أطرافه أخطأ كما في الموازنة أي خالف المندوب وأجزأ كما فيها أيضًا والمدونة وظاهرها ولو أخذ قدر ما تأخذ المرأة ولم يزد عليها وانظره وانظر أيضًا ما يفعل من يبقى بعض شعر رأسه ويحلق باقيه كفعل شبان مصر ونحوهم هل يجب عليه حلق ما أبقى من الشعر مع حلق غيره أوله أن يحلق ويقصر فيما أبقاه من الشعر وهو الذي يفيده

ــ

وقول ز وذكر البدر ما يقتضي الخ نقل ابن عرفة القولين فقال الشيخ روى محمَّد حلق الصغيرة أحب إلي من تقصيرها وسمع ابن القاسم التخيير اللخمي بنت تسع كالكبيرة ويجوز في الصغير الأمران اهـ.

(والتقصير مجز) قول ز وإلا لم يجزه وعليه الحلق كما في المدونة الخ نص المدونة ومن ضفر أو عقص أو لبد فعليه الحلاق اهـ.

ومثله في الموطأ التونسي الخلاف على هؤلاء واجب وعلله ابن الحاجب تبعًا لابن شاس بعدم إمكان التقصير قال في ضيح وفيه نظر لإمكان أن يغسله ثم يقصر وإنما علل علماؤنا تعين الحلق في حق هؤلاء بالسنة ويحقق لك ذلك أن المرأة لو لبدت فليس عليها إلا التقصير قاله في الموازية اهـ.

ابن عرفة وليس على النساء إلا التقصير روى محمَّد ولو لبدت الباجي بعد زوال تلبيدها بامتشاطها اهـ.

والتلبيد أن يجعل الصمغ في الغاسول ثم يلطخ به رأسه عند الإحرام قاله الباجي وقول ز إلا المتمتع فالتقصير في حقه أفضل الخ مثله في ضيح وهو مقيد بأن يقع الحج عقب العمرة كما نقله ابن عرفة ونصه سمع ابن القاسم حلق المعتمر أفضل من تقصيره إلا أن يعقبه الحج بيسير أيام فتقصيره أحب إليّ اهـ.

والمراد والله أعلم أن يعقبه حلق الحج بدليل التعليل ببقاء الشعث (تأخذ قدر الأنملة) قول ز من جميع شعرها الخ مثله قول ابن فرحون في مناسكه ولا بد أن تعم المرأة الشعر كله طويله وقصيره بالتقصير ونقل الباجي اهـ.

ص: 495

ابن عرفة مع الكراهة ولعله إذا كان إبقاؤه لغير غرض قبيح وإلا وجب حلقه حتى في غير النسك (ثم) بعد رمي العقبة والنحر أو الذبح إن كان والحلق أو التقصير (يفيض) أي يطوف للإفاضة ويندب فعله في ثوبي إحرامه وعقب حلقه ولا يؤخره إلا قدر ما يقضي حوائجه قال ابن ح في مناسكه ويدخل وقته بطلوع الفجر من يوم النحر قاله البدر أي ولكن يلزم في تقديمه على ما يقدم عليه دم كما يأتي للمصنف وهو التحلل الأكبر مما كان ممنوعًا أو مكروهًا فلذا قال (وحل به ما بقي أن حلق) أو قصر وكان قدم السعي عقب طواف القدوم وقد تم حجه وإلا لم يحل ما بقي إلا بفعله بعد الإفاضة وتركه المصنف لظهوره وأتى بقوله أن حلق مع علمه من قوله ثم حلق لأنه لم يجعل الترتيب فيما مر واجبًا فلو لم ينبه هنا على أن الحل يتوقف على تقدم الحلق لشمل تأخره عن الإفاضة ولذا قال (وإن) طاف للإفاضة ولم يحلق و (وطئ قبله) أي الحلق (فدم) لأنه من تمام التحلل (بخلاف الصيد) وأولى الطيب فلا دم لخفتهما عن الوطء وأما أن وطئ قبل السعي فيهدي أيضًا أوصاه فعليه الجزاء ثم شبه في وجوب الدم مسائل أشار للأولى بقوله (كتأخير الحلق) عامدًا أو جاهلًا أو ناسيًا (لبلده) ولو قربت ولو فعله بذي الحجة ومثل تأخيره لبلده تأخيره طويلًا بأن يحلق بعد أيام منى الثلاثة كما تفيده المدونة كما في عج (أو) تأخير طواف (الإفاضة) وحده أو مع السعي أو السعي وحده (للمحرم) فيأتي بالإفاضة في الأولى وبه مع السعي أو بالسعي في الأخيرين وعليه هدي واحد في الجميع قاله سند في تأخيرهما فأحرى أحدهما ومفهوم للمحرم أنه لو أفاض قبل غروب آخر يوم

ــ

ومن ح (ثم يفيض) قول ز ولكن يلزم في تقديمه على ما يقدم عليه الخ فيه نظر بل إنما يلزم الدم بتقديمه على الرمي فقط أما أن قدم على الحلق أو النحر فلا شيء فيه كما يأتي (وإن وطئ قبله فدم) قول ز أي الحلق الخ هذا هو الصواب مثل قول ابن الحاجب فإن وطئ قبل الحلق فعليه هدي اهـ.

خلاف ما فهمه ق من عود ضمير قبله على طواف الإفاضة لأنه يمنعه قوله بخلاف الصيد إذ الصيد قبل الإفاضة فيه الجزاء على المشهور (كتأخير الحلق لبلده) قول ز بأن يحلق بعد أيام منى الثلاثة كما تفيده المدونة الخ فيه نظر بل المدونة تفيد خلافه ونص التهذيب والحلاق يوم النحر بمنى أحب إليّ وأفضل وإن حلق بمكة أيام التشريق أو بعدها أو حلق في الحل في أيام منى فلا شيء عليه وإن أخر الحلاق حتى رجع إلى بلده جاهلًا أو ناسيًا حلق أو قصر وأهدى اهـ.

التونسي قوله وإن أخر ذلك حتى بلغ بلده فعليه دم يريد أو طال ذلك وقيل إن خرجت أيام منى ولم يحلق فعليه دم قاله في ضيح فعلم أن قوله وقيل إن خرجت الخ مقابل لمذهب المدونة خلافًا لعج فلو حذف ز قوله بأن يحلق بعد أيام منى الخ واقتصر على ما قبله كما فعل خش لأفاد مذهب المدونة وتقييد التونسي والله أعلم وقيد خش الطول بمن بلده بعيدة وهو غير صواب بل الطول عند التونسي يكفي في لزوم الدم مطلقًا (أو الإفاضة للمحرم) قول

ص: 496

من الحجة وصلى الركعتين بعد الغروب كان كمن فعلهما في الحجة وأن فصل بينهما أو بينه جرى على ما تقدم عند قوله وفي سنية ركعتي الطواف الخ (و) كتأخير (رمي كل حصاة) واحدة من العقبة أو غيرها (أو) تأخير حصيات جمرة كاملة أو الجمار (الجميع) عن وقت الأداء وهو النهار (الليل) وهو وقت القضاء كما يأتي فأولى لو فات الوقتان فدم واحد لتأخيره حصاة أو أكثر (وإن) كان التأخير (لـ) رمي (صغير) يحسن الرمي فلم يرم أو (لا يحسن الرمي) أو مجنون أخره لهما والدم على من أحجهم وأن رمي عنهما في الوقت فلا دم (أو) تأخير رمي (عاجز) بنفسه لكبر أو مرض ولو إغماء طرأ ولم يكن له من يحمله والدم في ماله وهذا عطف على المبالغ عليه فهو داخل في حيز المبالغة (ويستنيب) جملة حالية والربط فيها بالواو قليل والأولى أن تكون الجملة استئنافية لبيان الحكم أي وحكمه أنه يستنب ولو أسقط الواو لتكون الجملة صفة كان أولى وفائدة الاستنابة الإثم وعدمه أي الإثم إن لم يرم عنه النائب وقت الأداء وعدمه أن رمى عنه وقت الأداء وإلا فالدم عليه استناب أم لا وإنما وجب عليه الدم دون الصغير ومن ألحق به لأنه المخاطب بسائر الأركان بخلاف الصغير فإن المخاطب بالرمي في الحقيقة هو الولي كذا فرق الباجي لأن الولي هو الذي أدخله في الإحرام وهو أحسن من فرق الأبهري بأن عذر لمريض غير محقق لأنه قد يعتقد أنه لا يقدر ولو تحامل لقدر وأنكره الباجي بأن بعض الناس لا يشك أحد في عدم قدرته وإن رمى النائب عن العاجز في غير وقته فدمان واحد للنيابة على المستنيب وآخر للرمي في غير وقته على النائب إلا لعذر في تأخيره فعلى المستنيب أيضًا فيما يظهر ويجوز للعاجز الاستنابة في أيام الرمي الثلاثة ولو رجا الصحة فيها وليس له ذلك يوم النحر حيث رجا الصحة والفرق قوتها لأن بها التحلل الأصغر (فيتحرى) العاجز (وقت الرمي) عنه (ويكبر) لكل حصاة تكبيرة كما يتحرى وقت دعاء نائبه ويدعو قاله في المدونة (وأعاد) وجوبًا فيما يظهر قاله ح المريض أو المغمى عليه ما كان رمي عنه (أن صح) كل منهما (قبل الفوات) الحاصل (بالغروب من) اليوم (الرابع) فإذا أعاد قبل الغروب من اليوم الأول فلا دم عليه بسبب النيابة لأنه ليس مترتبًا عليها فقط بل عليها وعلى عدم حصوله من المرمى عنه في وقته فإذا صح يومها أعاد ولا دم لأن جميع يومها وقت أدائها وأفضله من طلوع الشمس للزوال فإن صح ليلا أعاد

ــ

ز وبه مع السعي أو بالسعي في الأخيرين الخ مثله في خش والصواب إسقاط قوله أو بالسعي لأنه يوهم أنه في الصورة الأخيرة يأتي بالسعي وحده وليس كذلك بل لا بد أن يعيد طواف الإفاضة ويسعى بعده كما نقله ح عن سند وكما تقدم عند قوله كطواف القدوم أن سعى بعده عن التونسي أن من فرق بين طواف الإفاضة والسعي بعيد طواف الإفاضة ويسعى بعده وأيضًا قد مر أن السعي لا يصح إلا بعد طواف ينوي فرضيته (ورمي كل حصاة) الأول إسقاط لفظة كل لأنه هو ما بعده (ويستنيب) قول ز أي الإثم إن لم يرم عنه النائب الخ صوابه كما في

ص: 497

وعليه الدم (وقضاء كل) من الجمرات العقبة وغيرها من غروب شمس كل يوم (إليه) أي إلى غروب الرابع فقضاء جمرة العقبة ينتهي بثلاثة أيام كبقية الجمار ولا قضاء لليوم الرابع لفوات الرمي بغروب شمسه قاله تت ووجب الدم (والليل) عقب كل يوم (قضاء) لذلك اليوم يجب به الدم على المشهور مع الرمي إلى غروب الرابع لا يقال هذا مستغنى عنه بقوله وقضاء كل إليه لأنه جعل انتهاء وقت القضاء بغروب الشمس من الرابع ولا شك في دخول الليل في هذا الوقت لأنا نقول لما كان النهار وقت أداء للرمي فربما يتوهم أنه لا يقضي إلا في مثل وقت الأداء وهو النهار فنبه على أنه يقضي ليلًا قاله البدر أو قصد الرد على قول ضعيف أن الليل أداء كما في الشارح واستفيد من المشهور أن قول المصنف والليل قضاء مثله النهار الذي بعد يوم الأداء وما بعده إلى غروب الرابع (وحمل) مريض (مطيق) للرمي وجد حاملًا (ورمى) بنفسه وجوبًا (ولا يرمي) الحصاة (في كف غيره) ليرميها عنه ولا يجزي عنه أن وقع في كثير من النسخ يرم بإسقاط الياء قال عج وأنا أحفظ بالياء وهو المطابق لما قدمناه في قول المصنف ولا يسعى وسنحققه عند قول المصنف ولا يستودعه عطف على تأخيره من قوله وكتأخير الحلق لبلده ما فيه الدم فقال (وتقديم الحلق) أي على رمي جمرة العقبة فتلزمه الفدية لوقوعه قبل شيء من التحلل كما في المدونة لا هدي كما يعطيه كلام المصنف لأن الدم إنما ينصرف للهدي فإذا رمى العقبة بعد أمر الموسى على رأسه لأن الحلق الأول وقع قبله محله (أو) تقديم (الإفاضة على الرمي) فالدم على حقيقته وهو الهدي فلو قدمهما معًا على الرمي فعليه فدية وهدي ولا يصدق قوله أو الإفاضة بتقديمها على يوم النحر لأن فعلها قبله كلا فعل إذ هو فعل لها قبل وقتها كما يفيده قوله ثم يفيض وظاهر قوله أو الإفاضة على الرمي وجوب الدم ولو أعاد الإفاضة بعد الرمي واستظهره ح قائلًا ويدل عليه كلام الطراز ولم أر فيه نصًّا صريحًا قال عج بل ظاهر الشارح أنه لا يطلب بإعادة الإفاضة على ما مشى عليه المصنف لأنه جعل قول أصبغ بإعادتها مقابلًا وفي ق مذهب المدوّنة إعادتها بعد الرمي ولا دم عليه وإن فعله قبل الرمي كلا فعل لأنه فعل له قبل محله وفهم عج أن قول ح ما مشى عليه المصنف رواه ابن القاسم عن مالك اهـ.

معناه في غير المدونة فلا يقدم على ما في ق عنها مع أن في ح بعد ذلك أن ما رواه ابن القاسم عن مالك هو مذهب المدونة (لا أن خالف) عمدًا أو جهلًا أو نسيانًا (في

ــ

عبارة غيره الإثم إن لم يستنب وعدمه أن استناب وهو ظاهر (أو الإفاضة على الرمي) قول ز وفي ق مذهب المدونة الخ ما ذكره ق اعترضه طفى ونصه ووقع لق تورك على المؤلف إذ نسب عدم الإجزاء للمدونة ونقل كلامه عج مقلدًا له وما نسبه للمدونة غير صحيح واللفظ الذي أتى به ليس هو لفظها ولم أر أحدًا نسب إليها عدم الإجزاء وكيف يصح وهي تقول ولو وطىء يوم النحر أو بعده قبل الرمي وبعد الإفاضة فإنما عليه الهدي وحجه تام وقد جعل ح لقول بعدم الإجزاء مخالفًا لمذهب المدونة فتأمله اهـ.

ص: 498

غير) من الصورتين المتقدمتين كان حلق قبل أن يذبح أو ذبح قبل أن يرمي أو أفاض قبل الذبح أو الحلق أو قبلهما معًا فلا دم عليه في واحدة من هذه الخمس على الأصح لخبر حجة الوداع جعلوا يسألونه فقال رجل لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح فقال أذبح ولا حرج وقال آخر لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي فقال ارم ولا حرج فما سأل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج اهـ.

وقوله عليه الصلاة والسلام اذبح وارم أي اعتد بفعلك بصيغة افعل هنا بمعنى اعتد بفعلك لأن الفرض أن السائل فعل الأمرين اللذين قدم ثانيهما على أولهما ووجه الدلالة عندنا على عدم الدم في الصور الخمس المذكور من الخبر مع أن ما مر خاص بالأوليين من الخمس أن قول الصحابي فما سئل عن شيء الخ في حكم المرفوع فيشمل غير ما بينه من سؤال السائلين لكنه يشمل الصورتين اللتين قدم المصنف أن فيهما الدم ولذا قال ابن حجر عن الطبري فيه رد على مالك في حمله نفي الحرج على نفي الإثم مع لزوم الدم فيهما أي الفدية في الأولى والدم في الثانية وعلى نفي الإثم والدم فيما عداهما مع أن قوله ولا حرج ظاهر في نفي الإثم والدم إذ اسم الضيق يشملهما والتخصيص يحتاج لدليل ولم يبينه عليه الصلاة والسلام في ذلك الوقت مع الحاجة إليه اهـ.

وأجاب الأبي عن مالك بأن الدم أي الفدية في الأولى تخص عموم الخبر المار لقاعدة أخرى وهي أن في تقديم الحلق على الإفاضة إلقاء التفث عن المحرم وأجاب القسطلاني عن الصورتين في باب الفتيا وهو واقف على الدابة بعد ذكر حديث حجة الوداع ونصه قال مالك أبو حنيفة الترتيب واجب يجبر بدم لما روي عن ابن عباس أنه قال من قدم شيئًا في حجه أو أخره فليهرق لذلك دمًا وتأولو الحديث أي لا إثم عليكم فيما فعلتموه من هذا لأنكم فعلمتوه على الجهل منكم لا على القصد فأسقط عنهم الحرج أو عذرهم لأجل النسيان وعدم العلم ويدل له قول السائل لم أشعر ويؤيده أن في رواية علي عند الطحاوي بإسناد صحيح بلفظ رميت وحلقت ونسيت أن أنحر اهـ.

ــ

(لا أن خالف في غير) قول ز أي اعتد بفعلك الخ فيه نظر إذ لا محوج لهذا التأويل في الحديث والظاهر أن الأمر فيه على حقيقته وقول ز لأن الفرض أن السائل الخ غير صواب لأن قوله في الحديث حلقت قبل أن أذبح لا يدل على أنه كان ذبح قبل السؤال لاحتمال أن يكون سأل بعد الحلق وقبل أن يذبح بل هو الظاهر وكذا قوله حلقت قبل أن أرمي والله أعلم وقول ز في تقديم الحلق على الإفاضة الخ صوابه على الرمي كما يؤخذ من كلامه وقول ز وأجاب القسطلاني الخ قد أشار ابن حجر إلى رد هذا الجواب بأن الطريق بذلك إلى ابن عباس فيها ضعف فإن ابن أبي شيبة خرجها وفيها إبراهيم بن مهاجر وفيه مقال قال وعلى تقدير الصحة فيلزم من يأخذ يقول ابن عباس أن يوجب الدم في كل شيء من الأربعة المذكورة ولا يخصه بالحلق أو الإفاضة قبل الرمي اهـ.

ص: 499

لا يقال يجاب أيضًا بأن في تقديم الصورتين اللتين فيهما الدم عندنا على الرمي مخالفة لفعله عليه الصلاة والسلام وقد قال خذوا عني مناسككم ولم يثبت أنه أباحهما لأحد فيخص عموم قول الصحابي بغيرهما لأنا نقول يرده حديث ابن عمر عند الدارقطني أفضت قبل أن أرمي فقال ارم ولا حرج نقله في التوضيح عن ابن عبد السلام (وعاد) لزومًا بعد طواف الإفاضة يوم النحر (للمبيت بمنى) أي فيها فلا يجب فورًا بل يجوز التأخير نهارًا بعد الإفاضة والفور أفضل ولا يمضي من من منى إلى مكة في أيام منى ويلزم مسجد الخيف للصلوات أفضل فلو طاف للإفاضة يوم الجمعة فالأفضل له أن يرجع إلى منى ولا يصلي الجمعة (فوق) جمرة (العقبة) بيان لقوله منى لا لقوله بمنى قلنا ذلك ليفيدان منى هي ما فوق العقبة لا أن فوق العقبة بعض منى وهو ظاهر ويدل له ما يأتي من أن العقبة حدّ منى من جهة مكة فليس له المبيت مواجهًا لها ولا أسفل منها الجهة مكة لأنه ليس منها وحدها من جهة عرفة وادي محسر (ثلاثًا) إن لم يتعجل وحذف التاء لأنها ليال كما نشعر به قوله للمبيت (وإن ترك) المبيت بها وبات دونها جهة مكة (جل ليلة فدم) وكذا ليلة كاملة أو أكثر وظاهره ولو كان الترك لضرورة كخوف على متاعه وهو الذي يقتضيه مذهب مالك حسبما روى عنه ابن نافع فيمن حبسه مرض فبات بمكة أن عليه هديا (أو) عاد للمبيت بمنى (ليلتين أن تعجل) ويأتي فيه قوله وإن ترك جل ليلة قدم وبالغ على جواز التعجيل المقدر بقوله (ولو بات) المتعجل (بمكة) وسواء كان المتعجل آفاقيًّا (أو مكيًّا) وهذا في غير الإمام وأما هو فيكره له التعجيل كما في ابن عرفة وأن تعجيل فيكون ذلك بمجاورة العقبة (قبل الغروب) للشمس (من) اليوم (الثاني) من أيام الرمي فإن غربت وهو بمنى لم يبح له التعجيل بل يلزمه المبيت بمنى ورمي الثالث لأنه لم يصدق عليه أنه تعجل في يومين وبين ثمرة التعجيل بقوله (فيسقط عنه رمي الثالث) من أيام الرمي ومبيت ليلته ولو بات بمكة ليلة لحادي عشر ثم إن لم يكن بات بها ليلته فيبيت بمنى ليلتين إن تعجل وإن كان قد بات بمكة ليلة الحادي عشر فيبيت بمنى ليلة الثاني عشر فقط لا ليلتين لتعجله ونزوله منها ليلة الثالث عشر وسقط الرمي عنه فيها كما قال المصنف (ورخص)

ــ

(فوق العقبة) قول ز بيان لقوله منى الخ أصله للبساطي كما نقله تت وهو لا يناسب المضاف الذي قدره أولًا أي فوق جمرة العقبة لأن جمرة العقبة من منى وما دون الجمرة ليس من منى كما في ضيح ومناسك الحج (ولو بات بمكة أو مكيًّا) رد بلو في الأولى قول عبد الملك وابن حبيب من بات بمكة فقد خرج به عن سنة التعجيل ويلزمه أن يرجع فيرمي في اليوم الثالث وعليه الدم لمبيته بمكة ورد بلو في الثاني ما رواه ابن القاسم عن مالك لا أرى التعجيل لأهل مكة إلا أن يكون لهم عذر من تجارة أو مرض قال ابن القاسم في العتبية وقد كان قال لي قبل ذلك لا بأس به وهم كأهل الآفاق وهو أحب إليّ ودليله عموم قوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] انظر ضيح (ورخص لراع بعد

ص: 500

جوازًا (لراع بعد) رمي جمرة (العقبة) يوم النحر (أن ينصرف) عن منى لرعيه ولا يذهب منى (و) ويستمر في رعيه إلى أن (يأتي) لمنى اليوم (الثالث) من أيام النحر (فيرمي) فيه (لليومين) اليوم الثاني الذي مضى وهو في رعيه والثالث الذي حضر فيه ثم إن شاؤوا أقاموا لرمي ثالث أيام الرمي وإن شاؤوا تعجلوا فيسقط عنهم رمي الثالث وقصرنا الثالث في كلام المصنف على ثالث النحر تبعًا للشيخ تت لأنه الرخصة لا ثالث أيام الرمي إذ لو أخر له لم يجزه فأن وقع وأتى ثالثه رمى لليومين قبله ثم يرمي للثالث الحاضر في وقته وعليه دم للتأخير وظاهر المصنف كانوا رعاة إبل لحاج أو غيره أو رعاة غيرها ووقع في نص رعاة إبل حجاج ثم كلامه كالمستثنى من قوله وعاد للمبيت الخ من قوله أو ليلتين إن تعجل وأما أهل السقاية فيرخص لهم في ترك المبيت بمنى فقط لا في ترك ليوم الأول من أيام الرمي فيبيتون بمكة ويرمون الجمار نهارًا ويعودون لمكة قاله في الطراز فليسوا كالرعاة في تأخير الرمي يومًا بل في ترك المبيت وكلامه في مناسكه يقتضي إنهما سواء ولكنه معترض.

تنبيه: يجوز للرعاة أن يأتوا ليلًا فيرموا ما فاتهم رميه نهارًا وبه قال محمَّد قال ح والظاهر أنه وفاق لأنه إذا رخص لهم في تأخير اليوم الثاني فرميهم ليلًا أولى (و) رخص ندبًا (تقديم الضعفة في الرد للمزدلفة) اللام بمعنى من متعلقة بالرد ومتعلق تقديم محذوف وهو إلى منى أي من رد أي رجع من عرفة بعد غروب ليلة النحر إلى المزدلفة يرخص له تقديمه منها إلى منى ليبيت بها إن كان ضعيفًا ونحوه كنساء وصبيان ومن تلحقه مشقة عظيمة في بياته بمزدلفة والمراد بالتقديم بمعنى التقدم عدم البيات بالمزدلفة لضرورة تلحقه فيها لا التقديم الذي هو عدم النزول بالكلية لما تقدم من قوله وإن لم ينزل فالدم فالرخصة لهم إنما هي في ترك ما زاد على النزول الواجب وهي هنا مستحبة كما علمت فلا يقال إنهم تركوا مستحبًّا وهو المبيت بل فعلوا مستحبًّا في حقهم قال عج وانظر هل يحصل لها ثواب المبيت كما ذكروه في الجمع الصوري للمريض ونحوه من حصول فضيلة أول الوقت دون الصحيح أم لا اهـ.

قلت قوله ثواب المبيت أي زيادة على ثواب الرخصة وجزم بحصول ثوابه في

ــ

العقبة) قول ز وظاهر المصنف كانوا رعاة إبل الخ قال طفى أطلق المصنف في الراعي كصاحب الجواهر وابن الحاجب وابن عرفة وغيرهم من أهل المذهب مع أن الرخصة في الموطأ عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل فقال الباجي للرعاء عذر في الكون مع الظهر الذي لا بد من مراعاته والرعي له للحاجة إليه في الانصراف وقد قال الله تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ} [النحل: 7] الآية فظاهر هذا أنه خاص بالإبل لا سيما الرخصة لا تتعدى محلها وفي القياس عليها نزاع اهـ.

وقول ز قال ح والظاهر أنه وفاق الخ اعترضه طفى وذكر من كلام الباجي ما يدل على أنه خلاف انظره (وتقديم الضعفة في الرد للمزدلفة) الظاهر أن اللام في قوله للمزدلفة بمعنى

ص: 501

الجمع الصوري المقيس عليه لأنه جائز لا مندوب ثم أنه كما رخص لهم في تقديمهم رخص لهم أيضًا في تأخيرهم فلو قال المصنف وتقديم الضعفة أو تأخيرهم من المزدلفة لمنى لكان أشمل وأحسن انظر تت (و) رخص (ترك التحصيب) أي ترك النزول بالمحصب ليلة الرابع عشر (لغير مقتدي به) وهذه الرخصة خلاف الأولى لما يأتي للمصنف من قوله عاطفًا على المندوب وتحصيب الراجح ليصلي به أربع صلوات اهـ.

(و) إذا أعاد الحاج للمبيت بمنى (رمي) الجمار (كل يوم) بعد يوم النحر (الثلاث) جمرات كل واحدة بسبع حصيات بادئًا بالتي تلي مسجد منى ثم الوسطى التي بالسوق (وختم بالعقبة) فيرتبهن هكذا كما يأتي له وجملة الحصيات سبعون لغير المتعجل وتسعة وأربعون للمتعجل كما هو ظاهر ووقت أداء كل يوم من أيام منى (من الزوال للغروب) قال ح المختار للاصفرار ومنه للغروب ضروري والظاهر كراهة الرمي به وإلا لزمه فيه الدم وقوله به أي بالضروري أي لا الحرمة وإلا بأن لم نقل بكراهته بل بحرمته لزمه فيه أي في الرمي الدم مع أنه لا يلزمه وفيه بحث إذ وجوب الدم ليس بلازم لفعل كل محرم كما يأتي في محرمات الإحرام قال تت والفضيلة متعلقة بعقب الزوال من هذه الأيام اهـ.

وسينص المصنف على ذلك بقوله ورميه العقبة أول يوم طلوع الشمس وإلا أثر الزوال قبل الظهر (وصحته) أي لرمي مطلقًا أمور أربعة كونه (بحجر) أي جنس ما يسمى حجرًا من حصى أو برام أو رخام وفي القدر (كحصى الخذف) بخاء وذال معجمتين وهي الرمي بالحصى بالأصابع وذلك الحصى فوق الفستق ودون البندق ولا يجزي الصغير جدًّا كالقمحة أو الحمصة لأنه كالعدم ويكره الكبير خوف الأذية ولمخالفة السنة ويجزي لأن فيه الواجب وزيادة ودخل في الحجر الزلط ونحوه خلافًا لتت (ورمي) منون مجرور عطف على حجر أي والثاني من الشروط كونه برمي لا وضع أو طرح فلا يجزي قاله في المدونة

ــ

من كما في ح وكما يدل عليه تصويب ز انظره (وصحته بحجر) قول ز من حصى أو برام الخ البرام في الأصل القدور المتخذة من الحجارة المعروفة بالحجاز واليمن قاله طفى فلعل مراده حجارة من ذلك المعدن (كحصى الخذف) هكذا في الصحيح واستحب الإمام في المدونة أن تكون أكبر من حصى الخذف قال الباجي لعل مالكًا لم يبلغه الحديث ولو بلغه ما استحب ما هو أكبر منه انظر ح والخذف قال ابن خير قال الليث هو رميك حصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك أو تجعل مخذفة ترمي بها بين إبهامك وسبابتك اهـ.

من حاشية أبي زيد وقول ز وذلك الحصى فوق الفستق ودون البندق الخ هكذا في ح عن ابن ناجي ونصه قال ابن ناجي قال غير واحد فوق الفستق ودون البندق اهـ.

قلت ولعله معكوس وإن الصواب (1) فوق البندق ودون الفستق والله أعلم وقول ز

(1) قوله وإن الصواب الخ يتأمل.

ص: 502

والمراد رمي لكل حصاة بانفرادها فإن رمى السبع في مرة واحدة احتسب منها بواحدة قاله ح وانظر هل يشترط أن يكون الرمي بيده أو يجزي ولو رمى بقوس أو برجله أو فمه والأول هو الظاهر وفي حاشية الشيخ خضر ما نصه من مستحبات الرمي أن يكون بالأصابع لا بالقبضة وإن يكون باليد اليمنى إلا أن يكون أعسر لا يحسن الرمي باليمنى اهـ.

فإن قلت يلزم على ما تقدم من جره أن يكون التقدير صحة الرمي برمي ففيه شرط الشيء في نفسه قلت يراد بالرمي الأول الإيصال وبالثاني الاندفاع أي صحة الإيصال باندفاع (وإن بمتنجس) ولكنه يكره وندب إعادته بظاهر كما في الطراز ولا يفهمان من المصنف وعلق برمي قوله: (على الجمرة) وهي البناء وما تحته من موضع الحصى وإن كان المطلوب الرمي على الثاني كما يفيده قوله منسكه ولا ترم في البناء بل ارم أسفله بموضع الحصى أي وسيقول المصنف وفي إجزاء ما وقف بالبناء تردد فالمطلوب ابتداء أنه لا يرمي في البناء فإن رمى فيه ووقع المرمى أسفله من بطن الوادي أجزأه فإن رمى فيه ووقف في شقوق البناء ففي أجزائه تردد كما يأتي ولا يجزي ما وقع في ظهرها قطعًا وقال ابن فرحون ليس المراد بالجمرة البناء القائم فإن ذلك البناء علامة على موضعها ونحوه قول الباجي وغيره الجمرة اسم لموضع الرمي سميت بذلك باسم ما يرمي فيها والجمار الحجارة اهـ.

وتلخص من د عند قوله ورميه لعقبة الشيخ سالم أن صور هذه المسألة تسع وهي رميها ببطن الوادي وهو المطلوب كان الرامي نفسه ببطنه أو ظهره أو فوق البناء ورميها بظهر الوادي ولا يجزي كان الرامي بظهره أو بطنه أو فوق البناء ورميها على البناء أي الحائط ووقفت في شقوقه فيه تردد كان الرامي فوق رأس الحائط أو بظهر الوادي أو بطنه تأمل (وإن أصابت) الحصاة (غيرها) أي الجمرة ثم ذهبت لها أجزأت (أن ذهبت) لها (بقوة) من الرامي لاتصال الرمي بها (لا) أن وقعت (دونها) ولم تصل لها فلا تجزي ومفهوم دون مفهوم موافقة كما لو رماها فتجاوزتها ووقعت بالبعد منها سند لأن رميه لم يتصل بها اهـ.

فإن وقفت دونها وتدحرجت لها أجزأه لأنه من فعله وإن لم تبلغ الرأس كما في المدونة فإن شك في وصولها فالظاهر عدم الإجزاء قاله الشيخ سالم ثم بالغ على عدم إجزاء وقوعها دونها بقوله (وإن طارت) التي وقعت دونها حصاة (غيرها) فوصلت (لها) أي للجمرة لم تجز (ولا) يجزى (طين) لأن صحته بحجر كما قدمه المصنف والظاهر أن مثل الطين الطفل أو هو من جملته (و) لا يجزي (معدن) مستطرق كذهب وفضة ورصاص وحديد ونحاس أو غير مستطرق كزرنيخ وكبريت (وفي إجزاء ما وقف) من الحصيات

ــ

ودخل في الحجر الزلط الخ لعله الزناط بالنون وكسر الزاي وهو الرخام قاله في القاموس (لا دونها) قول ز فإن وقفت دونها وتدحرجت الخ هكذا في ضيح عن سند ثم قال ولو تدحرجت من مكان عال فرجعت إليها فالظاهر عدم الإجزاء لأن الرجوع ليس من فعله اهـ.

ص: 503

(بالبناء) على الجمرة ولم ينزل أسفلها مما يلي ممر الناس وهو الذي كان يميل إليه المنوفي شيخ المصنف وهو المناسب لتفسير الجمرة بالبناء وما تحته وعدم إجزائه وهو الذي كان يفتي به سيدي خليل شيخ المصنف والشارح أيضًا ولعل الجمرة عنده اسم للمكان المجتمع فيه الحصى فقط (تردد) لهذين الشيخين المتأخرين لعدم نص المتقدمين (و) الثالث من شروط الرمي فيما بعد يوم النحر أن يقع (بترتبهن) أي الجمار بأن يبدأ بالتي تلي مسجد منى ويثني بالوسطى ويختم بالعقبة وهو عطف على بحجر وفي بعض النسخ بدون باء عطفًا على حجر فإن نكس ولو سهوًا لم يجزه ما دام يوم الجمرة فإن تذكر بعد خروج يومها فأشار له بقوله (وأعاد ما حضر) وقته ندبًا وإعادته تكون (بعد) فعل (المنسية) وجوبًا (و) أعاد (ما بعدها) وجوبًا أيضًا لوجوب الترتيب مما هو (في) أي من (يومها فقط) وليست في على بابها لإيهامها أنها ظرف لأعاد مع أنه فات بل المراد أنه يعيد ما حضر وقته بعد أن يفعل المنسية ويفعل ما بعدها مما هو من يومها ولو ذكرها من يوم آخر كأن ينسى ثاني النحر الجمرة الأولى فقط ويفعل فيه الثانية والثالثة ويرمي لليوم الثالث جمراته كلها ثم يتذكر بعد رمي اليوم الرابع فيفعل المنسية ويعيد ما بعدها مما هو من يومها وجوبًا لوجوب ترتيب المنسي مع ما هو في يومه ويعيد اليوم الرابع الحاضر استحبابًا لأنه واجب مع الذكر لا مع النسيان فلذا ندب فقط ولا يعيد جمرات اليوم الثالث هذا إذا كان الوقت متسعًا وأما لو ضاق وعليه أداء وقضاء فقال ح سئلت عنه فأجبت بأني لا أحفظ فيه نصًّا والذي يظهر لي في غير اليوم الثالث أنه يقدم القضاء وإن أدى لفوات الأداء كما في الصلاة الحاضرة مع الفائتة أي اليسيرة وأما في الثالث الذي هو رابع النحر فالذي يظهر لي أنه يقدم الأداء وقد فات وقت القضاء حيث لم يبق للغروب إلا ما يسع رمي اليوم الرابع اهـ.

قلت وما قاله ظاهر يؤيده قولهم في أرباب الأعذار إذا ضاق الوقت اختص بالأخيرة إن لم تفعل مع اتفاقًا وإن فعلت فخلاف قاله الشيخ سالم قال عج وانظر لو ضاق الوقت عن بعض القضاء مع إمكان رمي جميع اليوم الرابع هل يقدمه ثم يقضي ما أمكن من بعض الماضي أو يقدم البعض الماضي ثم يفعل اليوم الرابع ولما ذكر أن ترتبهن شرط صحة ذكر أن الفورية مندوبة على عكس الوضوء فقال (وندب تتابعه) أي الرمي في حصى كل جمرة من الجمرات الثلاث وما تقدم في قوله وتتابعها في تتابع حصيات جمرة العقبة قاله د وعج أو أن ما هنا في تتابع رمي الجمرات بات يرمي الثانية عقب الأولى بكمالها والثالثة عقب الثانية بكمالها وما مر في تتابع الحصيات في كل جمرة كما هو الأنسب

ــ

(تردد) الظاهر الإجزاء كما في ح (وما بعدها في يومها فقط) قول ز وأعاد ما بعدها الخ هذا يقتضي أن قوله وما بعدها معطوف على ما حضر وليس كذلك والصواب أنه معطوف على المنسية والتقدير بعد فعل المنسية وبعد فعل ما بعدها وقول ز وليست في على بابها فيه

ص: 504

بقوله ولقطها ولذا ذكر هنا الضمير ولا يقال كان يؤنثه لاكتسابه التأنيث من إضافته للجمرات لأنا نقول لم يضف إليه لفظًا على أنه ولو أضيف لفظًا فاكتسابه خلاف الأصل كما يفيده قول الخلاصة.

وربما أكسب ثان أولًا.

تأنيثًا حيث عبر بربما وأنثه فيما مر على قلة ولا يقال كيف يؤنثه مع أنه مضاف لرمي لأنا نقول رمي مضاف إلى ضمير جمرات ولما ذكر أن ترتيب رمي الجمرات شرط صحة وأن الفور مستحب رتب عليهما قوله (فإن رمى) الجمار الثلاث في ثاني النحر أو بعده كل جمرة (بخمس خمس) وترك من كل جمرة حصاتين ثم ذكر في يومه أو غيره (اعتد بالخمس الأول) من الجمرة وكملها بحصاتين ورمى الثانية والثالثة بسبع سبع وسواء كان ذلك سهوًا أو عمدًا بناء على أن الفور ليس بواجب ولا هدي عليه أن ذكر في يومه عليه الهدي أن ذكر من الغد قاله في التهذيب فمفهوم قوله الآتي لم يدر مفهوم موافقة إذ لو درى أنها من الأولى أو بعدها كمنها بحصاة ولا يستأنف على المشهور وإنما لم يعتد بما بعدها لأنه لم يكمل الأولى فلم يحصل الترتيب فبطل رمي الثانية والثالثة ولما لم تكن الفورية واجبة كان له البناء على الخمس الأول وما ذكره المصنف من ندب تتابعه طريقة شهرها الباجي وابن بشير وابن راشد وصدر بها ابن شاس وحمل أبو الحسن المدونة عليه وطريقة سند وابن عبد السلام وابن هارون ودرج عليها ابن الحاجب أن الفور شرط مع الذكر اتفاقًا واختلف فيه مع النسيان وعليها فلا يعتد بشيء (وإن) رمى الجمرات الثلاث ثم (لم يدر موضع حصاة) تركت من أيها تيقن تركها أو شك فيه بقيت بيده حصاة أم لا (اعتد بست من الأولى) إذا كان الشك في الجمرات الثلاث فإن تحقق إتمام الأولى وشك في الثانية والثالثة اعتد بست من الثانية فإن شك مع ذلك في كونها من الجمرة الأولى من اليوم الأول أو اليوم الثاني اعتد بست من الأولى من كلا اليومين ويكمل عليها وقوله موضع حصاة وكذا إن لم يدر موضع حصاتين فيعتد بخمس من الأولى وهكذا كما زاد الشك اعتد بغير المشكوك فيه وهذا أيضًا مبني على ندب التتابع وأما على وجوبه فلا يعتد بشيء (وأجزأ) الرمي المتفرق كرميه (عنه) سبعًا في جمرة (وعن صبي) ونحوه ممن يرمي عنه ولو نيابة سبعًا فيه وكذا الثانية والثالثة وهذا كالاستدراك على قوله وتتابعه (ولو) كان

ــ

نظر بل هي على بابها للظرفية لكنها متعلقة بصلة الموصول قبلها (فإن رمى بخمس خمس) قول ز فمفهوم قوله الآتي لم يدر مفهوم موافقة الخ هذا الكلام إلى قوله على المشهور ليس هذا محله بل محله النص الذي بعد هذا فتأمله والله أعلم (وإن لم يدر موضع حصاة) قول ز بقيت بيده حصاة أم لا الخ أما إذا لم يبق بيده شيء فقد اختلف فيها قول الإمام في المدونة والذي رجع إليه أنه لا يعتد بشيء بل يرمي كل حصاة بسبع سبع لكن قوله الأول وهو الذي عند الصنف به أخذ ابن القاسم وصرح الباجي وغيره بأنه المشهور وأما من بقيت بيده حصاة لم يدر موضعها فذكر الأبهري فيه

ص: 505

التفريق بأن رمى في كل جمرة (حصاة) عن نفسه ثم (حصاة) عن غيره أو عكسه إلى آخر الجمار أو كل جمرة وهذا أيضًا كالاستدراك على قوله وتتابعها وفي الحقيقة ليس كالاستدراك لأن الإجزاء يقتضي خلاف الندب وقوله ولو حصاة حصاة أي حصاة بعد حصاة أي حصاة له وحصاة عن الصبي كما مر وهذا حكمه تكرار حصاة وليس المراد حصاة بعد حصاة وكلاهما له لأن ذلك في كل رمي وبهذا مع مراعاة ما قبل المبالغة سقط تورك البساطي على المصنف بأنه يشمل ما إذا كان كل حصاة عنه وعن الصبي معًا وليس بمراد وما قبل المبالغة أن يرمي جمرة كاملة عن نفسه ثم جمرة عن الصبي أو عكسه فهذا يجزي بلا كلام وأشعر المصنف بأنه لو رمى عنه حصاتين أو أكثر وعن الآخر مثله أو أكثر أو دون أو عكس ذلك فالظاهر الإجزاء أيضًا وانظر هل هذا من محل الخلاف أيضًا أم لا وأنه لو رمى رميًا واحدًا بحصاة أو حصاتين عنه وعن الصبي ولم يعتد بواحد منهما ولما قدم أنه يندب رميه العقبة حين وصوله وإن راكبًا ولم يصرح هناك يندب ذلك وقت طلوع الشمس بينه هنا بقوله (و) ندب (رمي) جمرة (العقبة أول يوم) من أيام النحر (طلوع الشمس) أي وقت طلوعها وقال الشارح بعد طلوعها وفي المدونة ضحوة قاله د ونحوه في الشارح عند قول المصنف ورميه العقبة حين وصوله (وإلا) يكن الرمي أول يوم بل ثانيه أو ثالثه أو رابعه (أثر الزوال قبل) صلاة (الظهر) ولا يدخل في وإلا بأن فاته رميها عند طلوع الشمس كما ذكره تت عن البساطي وتبعه بعض الشراح لأنه يمتد وقت استحبابها للزوال كما في تت عقب قوله طلوع الشمس وظاهره كغيره أن فعلها بعد الزوال ولو أثره فعل لها في غير وقتها المستحب بل يكره كفعلها بعد الفجر قبل طلوع (و) ندب (وقوفه) أي مكثه ولو جالسًا (أثر) رمى كل واحدة من الجمرتين (الأوليين) للذكر والدعاء من غير رفع يديه (قدر إسراع) القارئ بسورة (البقرة) لا أثر الثانية فقط دون الأولى وإن صدق عليه أنه أثر الأوليين وهذا كالاستدراك على قوله وتتابعها (و) ندب (تياسره في) وقوفه للدعاء عند الجمرة (الثانية) والمراد أنه يتقدم أمامها بحيث تكون جهة يساره حال

ــ

الخلاف المذكور أيضًا نقله ضيح وطفى خلاف ما يقتضيه كلام تت من الاتفاق فيه على ما عند المصنف (ولو حصاة حصاة) رد بلو قول القايسي يعيد عن نفسه ولا يعتد من ذلك إلا بحصاة واحدة قال ابن يونس وليس بصحيح لأن التفريق فيه يسير وقول ز وانظر هل هذا من محل الخلاف الخ الظاهر أنه منه لأنه القابسي يمنع التفريق بين الحصيات وهذا منه فتأمله (وإلا أثر الزوال) قول ز لأنه يمتد وقت استحبابها الخ نحوه قول ابن الحاجب فأداء جمرة يوم النحر من طلوع الفجر إلى الغروب ثم قال وأفضله طلوع الشمس إلى الزوال اهـ.

(وتياسره في الثانية) قول ز بحيث تكون جهة يساره الخ تبع عج وفيه نظر والصواب أن المراد أنه يقف في جهة يسارها كما في عبارة ابن المواز ونصها ثم يرمي الوسطى وينصرف منها إلى الشمال في بطن المسيل فيقف أمامها مما يلي يسارها اهـ.

ص: 506

وقوفه للدعاء بعد رميها لا أنه يجعلها مقابلة يساره ولا يرفع يديه ولا يجعلها خلف ظهره للسنة ويستقبل الكعبة في وقوفه ولم يذكر صفة وقوفه لرميها وهو أن يقف له مما يلي مسجد منى قاله تت (وتحصيب الراجع) من منى لمكة أي نزوله بالمحصب وهو ما بين الجبلين منتهيًا للمقبرة التي بأعلى مكة سمي بذلك لكثرة الحصباء فيه من السيل ويسمى أيضًا الأبطح لانبطاحه (ليصلي به أربع صلوات) الظهر والعشاء وما بينهما واللام للغاية لا للتعليل فإن علة النزول به فعله صلى الله عليه وسلم وهذا في غير المتعجل على الأصح وأما هو فلا يندب له وظاهره ولو مقتدى به وفي غير يوم الجمعة وإلا تركه ودخل لصلاتها (و) ندب لكل خارج من مكة مكيًّا أو غيره قدم بنسك أو تجارة (طواف الوداع أن خرج) أي أرداه (لكالجحفة) ونحوها من بقية المواقيت أراد العود أم لا إلا لقصد تردده لها لحطب ونحوه فلا وداع عليهم ولو خرجوا لمكان بعيد وكذا المتعجل (لا) قريب (كالتنعيم) والجعرانة

ــ

ونص ابن عرفة يرمي الوسطى ذات الشمال لبطن المسيل يقف أمامها مما يلي يسارها اهـ.

ومثله في عبارة ابن شاس وابن الحاجب ومستند هذه الكيفية كما في ضيح الاتباع وفي البخاري من حديث ابن عمر ثم يرمي الوسطى فيأخذ بذات الشمال فيسأل الخ قال ابن حجر قوله يأخذ بذات الشمال أي يمشي إلى جهة شماله ليقف داعيًا في مكان لا يصيبه الرمي اهـ.

ويلزم من كونه في جهة يسارها أن تكون هي في جهة يمينه وقول ز ولا يرفع يديه الخ نحوه قول المدونة وترك الرفع في كل شيء أحب إلى مالك إلا في ابتداء الصلاة فإنه يرفع ولا يرفع يديه في المقامين عند الجمرتين اهـ.

وقال ابن الحاجب وضعف مالك رفع اليدين في جميع المشاعر اهـ.

فانظره مع ما في البخاري من ثبوت رفع اليدين في الجمرتين الأوليين ولذا قال ابن المنذر فيما نقل عنه ابن حجر لا نعلم أحدًا أنكر رفع اليدين في الدعاء عند الجمرة إلا ما حكاه ابن القاسم عن مالك اهـ.

وقول ز وهو أن يقف له فيما يلي مسجد منى أي في الجمرتين الأوليين ونحوه قول المدونة ويرمى الجمرتين جميعًا من فوقهما والعقبة من أسفلهما اهـ.

(وتحصيب الراجع) القرافي وليس التحصيب بنسك عياض أجمعوا على أنه ليس من المناسك أي ليس بمتأكد على وجه السنية أو الوجوب حتى يلزم الدم بتركه انظر طفى (وطواف الوداع) ابن السيد يقال وداع بفتح الواو وكسرها وكأن الوداع بالكسر مصدر وادع بالفتح الاسم اهـ.

وحاصل ما ذكروه مع كلام المصنف أن الخارج من مكة أن قصد التردد لها فلا وداع مطلقًا وإن قصد مسكه أو الإقامة طويلًا فعليه الوداع مطلقًا وإن خرج لاقتضاء دين أو زيارة أهل نظر فإن خرج لنحو أحد المواقيت ودع ولدونها كالتنعيم لا وداع ويدل ح على ذلك كله وقول ز وكذا المتعجل الخ مثله قول خش وكذا يستثنى منه المتعجل اهـ.

ص: 507

مما دون المواقيت لزيارة أهل أو اقتضاء دين فلا يندب له الوداع لأنه ليس في إعداد المفارق والتارك للبيت إلا أن يكون مسكنه أو يريد الإقامة به طويلًا فيودع (وإن صغيرًا) ظاهره ولو غير مميز أو عبدًا أو امرأة قال تت ابن فرحون ولم يذكروا أنه يقبل الحجر بعد طواف الوداع قبل خروجه من المسجد كما قالوه عند خروجه للسعي وهو حسن اهـ.

من كبيره وفي صغيره وفي تقبيله للحجر بعد طواف وداعه وعدمه رأيان لسند وابن فرحون اهـ.

بالمعنى ويمكن أن يكون قول ابن فرحون وهو أي التقبيل فيوافق ما لسند (و) ندب للوداع ركعتان و (تأدى) طواف الوداع (بالإفاضة و) يطوف (العمرة) ولا يكون سعيه لها طولًا حيث لم يقم بعدهما إقامة تبطل حكم التوديع ويأتي بيانها ويحصل له الثواب أن نواه بهما قياسًا على تحية المسجد بفرضه (ولا يرجع القهقرى) أي يكره أو خلاف الأولى لعدم ورود ذلك بل يجعل ظهره للبيت وكذا يقال في القهقرى في زيارته عليه الصلاة والسلام (وبطل) كونه للوداع مع صحته في نفسه وعدم بطلان ثوابه (بإقامة بعض يوم) بمكة وهو ما فوق الساعة الفلكية فإن أقام بذي طوى أو الأبطح لم يبطل وداعه (لا) بإقامته بمكة (لشغل خف) فلا يبطل كونه وداعًا (و) إذا تركه بالكلية أو بطل حكمًا كمن أتى به على غير وضوء أو ترك ركعتيه حتى انتقض وضوءه أو بطل كونه توديعًا كالإقامة السابقة وخرج من مكة قال مالك ولم يبعد (رجع) ندبًا (له) أي لطواف الوداع (إن لم يخف فوات أصحابه) أو منعًا من كريّ (وحبس الكويّ والولي) من زوج أو محرم أي جبر على إقامته (لحيض أو نفاس قدره) سواء علم الكري بحملها أولًا حملت عند الكراء أو بعده وليس هذا في طواف الوداع الذي الكلام فيه وإنما هو في طواف الإفاضة وليس عليها شيء من نفقته ولا نفقة دوابه كما ذكره ق وح وزاد ويستحب لها في النفاس أن تعينه بالعلف لا في الحيض اهـ.

ــ

ولم أر ذلك لغيرهما وهو غير صحيح إذ لا تعلق لطواف الوداع بالحج ولا هو من المناسك حتى يفرق فيه بين المتعجل وغيره لاتفاقهم على أن من قصد الإقامة بمكة لا يؤمر به وفي ضيح وليس من شرط الأمر به أن يكون مع أحد النسكين بل يؤمر به كل من أراد سفرًا مكيًّا كان أو غيره اهـ.

وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت (وأن صغيرًا) قول ز ابن فرحون ولم يذكروا الخ كلام ابن فرحون قصور والتقبيل بعد طواف الوداع ذكره في الواضحة ونقله ح عند قوله ودعاء بالملتزم انظره (وحبس الكريّ والولي لحيض) فإذا مضى قدر حيضها والاستظهار ولم ينقطع الدم فظاهر المدونة تطوف لأنها مستحاضة ابن عرفة وعلى حبس كريها لها معتاد حيضها والاستظهار فإن زاد دمها فظاهرها تطوف كمستحاضة وتأولها الشيخ بمنعه وفسخ كراؤها كرواية ابن وهب بالاحتياط اهـ.

ص: 508

أي لقصر زمنه (وقيد) حبس من ذكر أي جبره على بقائه لأجل المرأة المذكورة (أن أمن) أي أن وجد أمن الطريق حال رجوعهم بعد طوافها للإفاضة حين طهرها فإن لم يؤمن كما في هذا الزمن يفسخ الكراء اتفاقًا كما لعياض ولا يحبس هو ولا ولي لأجل طوافها ومكثت وحدها للطواف أن أمكنها المقام بمكة وإلا رجعت لبلدها وهي على حالها ثم تعود في القابل قال الشيخ هذا هو الظاهر وطواف العمرة كطواف الإفاضة قاله الوالد ثم فسخ الكراء في عدم الأمن يعارض ما سيأتي من أنه لا تنفسخ الإجارة بتلف ما يستوفي به إلا في مسائل ليس هذا منها والقياس أن للكري جميع الأجرة إن لم تجد من يركب مكانها وقال تت عن عياض أنها في مثل هذا الزمن الذي لا يمكنها السير إلا مع الركب تفسير كالمحصرة بالعدو أي فلها التحلل بنحر هدي أو ذبحه يجزئ ضحية كما يأتي ويأتي أنه لا يعارض قول المصنف ولا دم وإن كانت صرورة بقي الفرض في ذمتها على المشهور عندنا في المحصر كما يأتي للمصنف وهذا كله حيث لم ينقطع عنها الدم أصلًا أو انقطع بعض يوم وعلمت أنه يأتيها قبل انقضاء وقت الصلاة لأن حكمها حكم الحائض إذ هو يوم حيض فلا يصح طوافها بل تتحلل كما مر وأما أن انقطع عنها يومًا وعلمت أنه لا يعود قبل انقضاء وقت الصلاة أو لم تعلم بعوده ولا بعدمه فيصح طوافها حينئذ لأن المذهب أن النقاء أيام التقطع طهر فيصح طوافها في هاتين الحالتين هذا تقرير المذهب مع تحريره وفيه من المشقة خصوصًا على من بلادها بعيدة ما لا يخفى ومقتضى يسر الدين أن لها أن تقلد أما ما رواه البصريون المالكية عن الإمام مالك من أن طاف للقدوم وسعى ورجع لبلده قبل طواف الإفاضة جاهلًا أو ناسيًا أجزأه عن طواف الإفاضة خلاف ما نقل البغداديون عنه من عدم الإجزاء وإن كان هو المذهب ولا شك أن عذر الحائض والنفساء أبلغ من عذر الجاهل والناسي وأما أبا حنيفة أن للحائض أن تطوف لأنه لا يشترط عنده في الطواف طهارة حدث وخبث وكذا هو إحدى الروايتين عن أحمد ويلزمها ذبح بدنة ويتم حجها لصحة طوافها وإن كانت تأثم عندهما أو عند أحمد فقط بدخول المسجد حائضًا والله أعلم بالصواب (و) حبست (الرفقة) مع كريها إن كان يزول عذرها (في كيومين) لعله مع إلا من كما سبق قاله بعض ولا يحبسون فيما زاد على ذلك

ــ

قال طفى ورواية ابن وهب بالاحتياط بعد الاستظهار فيما بين عادتها وخمسة عشر يومًا كما تقدم في الحيض قال فظهر للفسخ وعدم الطواف وجه وهو مراعاة رواية ابن وهب بالاحتياط فقول ضيح بعد حكاية القولين والظاهر إنها تطوف ولا وجه للفسخ لأن مدة الحبس هي أقصى أمد الحيض غير ظاهر فتأمله اهـ.

بخ (وقيدان أمن) التقييد لابن اللباد وابن أبي زيد والتونسي وقول ز يفسخ الكراء اتفاقًا كما لعياض الخ هكذا نقله تت وهو خلاف نقل ابن عرفة عن اللخمي ونصه قال اللخمي ويختلف هل يفسخ أو يكري عليها اهـ.

ص: 509

بل الكري وحده ومقتضى ما في الذخيرة عن مالك أن الكاف استقصائية ومقتضى ما في الموازية عنه إدخال ما زاد عليهما (وكره رمي بمرمى به) منه أو من غيره رمى به في يومه أو غيره في مثل ما رمى به أولًا كحج وحج مفردًا فيهما أو في أحدهما فقط وظاهره الكراهة ولو في حصاة واحدة التونسي ويعيد ندبًا ما لم تمض أيام الرمي فلا شيء عليه وخفف مالك الحصاة الواحدة وظاهر المصنف أيضًا الكراهة ولو في ثاني عام (كان يقال للإفاضة طواف الزيارة) أي تكره التسمية المذكورة لأنه لفظ يقتضي التخيير وهو ركن لا تخيير فيه ولا ينجبر بالدم فكأنه تكلم بالكذب (أو زرنا قبره عليه الصلاة والسلام وكذا لو أسقط لفظ قبره كما في توضيحه عن سند وإنما يقال قصدناه وحججنا إلى قبره ولا يقال استعمل لفظ الزيارة فيما مر حيث قال أو ترك الزيارة ورجع بقسطها لأنا نقول لم يذكره بصيغة التكلم وعللت الكراهة بأنه من أعظم القرب فلا تخيير فيه أو لأن للزائر فضلًا على المزور ورد عياض الثاني بحديث زيادة أهل الجنة لربهم قاله تت أي ويرد أيضًا بحديث من زار قبري وجبت له شفاعتي لكن لا دليل فيه لإطلاق لفظ زيارة من غيره (و) كره (رقي البيت) الحرام

ــ

وذكرهما سند احتمالين ونصه أما أهل الآفاق الكبيرة الذين لا يروحون الأحمية فأمره محمول على زمن الحج عادة ولا يحبس عليها بعد ذلك وهي كالمحصرة بالعدو ولا يلزمها جميع الأجرة ويحتمل أن يقال يلزمها لأن الامتناع منها اهـ.

نقله تت في الكبير وقول ز وقال تت عن عياض صوابه عن سند كما تقدم عن تت لا عن عياض وقول ز أي فلها التحلل الخ خطأ بل مراده بقوله كالمحصرة بالعدو ما سيأتي عند المصنف من قوله وإن وقف وحصر عن البيت فحجة تم ولا يحل إلا بالإفاضة وهذا هو الذي استظهره أولًا فتحصل أنه حيث قلنا لا يحبس لها مع الخوف فهي كالمحصرة لا تحل إلا بالإفاضة ثم إن أمكنها المقام بمكة فسخ الكراء وقيل لا يفسخ وإن لم يمكنها لم ينفسخ ورجعت لبلدها ثم تعود في القابل اهـ.

وقول ز أو انقطع بعض يوم إلى قوله فلا يصح طوافها الخ غير صحيح لأنه مهما انقطع عنها الدم وجب أن تغتسل وتطوف وإن علمت أنه يعود قبل انقضاء وقت الصلاة وتأخيرها الطواف أو الصلاة لعلمها إنها تحيض لا يجوز بل مكروه أو ممنوع كما تقدم في فصل الحيض فراجعه (وكره رمي بمرمى به) قول ز في مثل ما رمى به أولًا الخ يحتمل أن يكون المراد في مثل ما رمى به الغير من كون كل منهما رمى بها عن نفسه أو نيابة أولًا ويحتمل في مثل ما رمى به هو أو الغير من أفراد أو قران أولًا وقول ز وحج مفردا فيهما الخ يعني فيما إذا رمى بما رمى به في حجة أخرى ولو أسقط هذا وما قبله كان أولى لما فيه من الإغلاق والتشويش مع قلة الجدوى وقول ز وخفف مالك الحصاة الواحدة الخ ما ذكره من التخفيف نقله الباجي عن رواية ابن القاسم كما في ضيح والمشهور إطلاق الكراهة كظاهر المصنف لقول ابن القاسم في المدونة سقطت مني حصاة فلم أعرفها فرميت بحصاة من حصى الجمرة فقال لي مالك أنه لمكروه وما أرى عليك شيئًا اهـ.

ص: 510