المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في وجوب غسل الميت - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٢

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌فصل في وجوب غسل الميت

خصوص حكمها والمقصود بالاستسقاء الإقلاع عن الخطايا والإقبال على الله والإكثار من فعل الخير ولذا استحب فيه العتق والصدقة والصوم والتذلل والخشوع والدعاء فكان التقرب بالنفل أليق به.

تتمة: قال تت عند مستقبلًا الطراز من فاتته الصلاة وأدرك الخطبة فليجلس لها ولا يصلي لفوات سنة الاستسقاء التي اجتمع الناس لها وإذا فرغوا إن شاء صلى وإن شاء ترك اهـ.

(واختار إقامة غير المحتاج) صلاة الاستسقاء ندبًا بمحله (للمحتاج) لجدب عنده ولو بعد مكانه لأنه من التعاون على البر والتقوى ولخبر من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل ودعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة (قال وفيه نظر) لعدم فعل السلف الصلاة فلا تجوز أو تكره ويكفي الدعاء له وينطبق على ما مر من الدليل.

‌فصل في وجوب غسل الميت

المسلم ولو حكمًا المتقدم له استقرار حياة وليس بشهيد ووجد جله فدخل المجوسي وغير المميز المحكوم بإسلام كل لإسلام سابيه وخرج الكافر وسقط لم يستهل والشهيد ودون الجل كما يأتي (بمطهر ولو بمزمزم) إن لم يوجد غيره وكذا إن وجد على القول بطهارة الميت وكذا على الآخر لكن مع الكراهة (والصلاة عليه) كفاية فيهما وشبه في هذا القول فقط قوله (كدفنه وكفنه) بسكون الفاء فيهما أي مواراته في التراب وأدراجه في الكفن (وسنيتهما خلاف) أرجحه الأول وهل الموت وجودي وعليه فهو صفة تضاد الحياة أو عدمي أي عدم الحياة خلاف وعلى الثاني الأكثر وقوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2] بمعنى قدرهما واعلم أن الإعدام ثلاثة عدم مطلق وعدم إضافي سابق كعدم زيد قبل وجوده ولا تتعلق بهما القدرة اتفاقًا لاستحالتهما وعدم إضافي لاحق كعدم زيد بعد وجوده واختلف هل تتعلق به القدرة بمعنى أن الله يعدم الحادث بقدرته

ــ

(الجنائز في وجوب غسل الميت الخ) أما وجوب الغسل فهو قول عبد الوهاب وابن محرز وابن عبد البر وشهره وابن راشد وابن فرحون وأما سنيته فحكاها ابن أبي زيد وابن يونس وابن الجلاب وشهره ابن بزيزة وأما وجوب الصلاة فهو قول سحنون ابن ناجي وعليه الأكثر وشهره الفاكهاني وأما سنيتها فلم يعزها في ضيح ولا ابن عرفة إلا لأصبغ في ق عن المازري أن بعض المتأخرين استنبطه من كلام مالك وذكر ح عن سند أن المشهور فيها عدم الفرضية ونقل كلامه فانظره وهو يفيد تشهير السنية على ما فهمه ح منه والله أعلم (أو بزمزم) رد بلو قول ابن شعبان بمنع ذلك وحمله بعضهم على الكراهة ليكون وفاقًا للمذهب.

فرع: قال ابن عبد السلام لا يكفن بثوب غسل بماء زمزم ورده ابن عرفة بأن ذلك إنما يجري على قول ابن شعبان وبأن أجزاء الماء قد ذهبت منه انظر ح (وكفنه) ح لا خلاف في وجوب ستر العورة وما حكاه الشارح عن ابن يونس أنه سنة يحمل على ما زاد على العورة إذ لا خلاف في وجوب سترها اهـ.

ص: 149

وهو مذهب القاضي ولا يرد عليه أن القدرة إنما تتعلق بالممكن لا بالمستحيل لأن إعدام المخلوق الطارئ من الممكن لا من المستحيل أولًا تتعلق به وهو مذهب الأشعري وإمام الحرمين والجمهور وعلى هذا المذهب يقع عدم الحادث بنفسه لا بالقدرة أما في العرض فلوجوب عدمه في الزمن الثاني لاستحالة بقاء الأعراض وأما في الجوهر فلأن شرط بقائه إمداده بالأعراض فإذا قطعت عنه وجب عدمه لوجوب انعدام المشروط عند انعدام شرطه فالعدم واجب فيهما فلا يفتقر إلى فاعل وليس المراد أن ذاته تؤثر عدمه بل المراد عند الجمهور أن الحادث كزيد مثلًا حين قدر الله وجوده على صفة مخصوصة وأنه يعيش من العمر كذا ودبره في تلك المدة بما يقتضي بقاءه كتيسير الغذاء عند فراغ المدة ينقطع تعلق التدبير به فينعدم فليس ثم قدرة تعدمه ونظيره في المحسوسات مادة السراج كالزيت الذي يجعل في القنديل فإنه ما دام موجودًا هو أو شيء منه يبقى الضوء فإذا فرغت مادته طفئ السراج وأزيل النور من غير توقف على فعل يعدم ذلك النور والضوء (وتلازمًا) أي الغسل والصلاة أي من يغسل ممن اتصف بالأوصاف الأربعة المتقدمة يصلى عليه ومن لا يغسل لفقد شيء منها لا يصلى عليه ولا يرد أن من يخشى تقطع جسده أو تزلعه من الغسل يصلى عليه ولا يغسل لأن التيمم قائم مقام الغسل فإن لم يمكن تيممه أيضًا لم يصل عليه وكذا من ترك غسله لكثرة الموتى ومن تقطع جسده بالفعل حيث لم يمكن غسله ولا تيممه ويحتمل أن يقال بالصلاة في الجميع لوجود الأوصاف الأربعة المتقدمة (وغسل كالجنابة) أجزاء وكمالًا إلا ما يختص به غسل الميت كالتكرار ولا يتكرر وضوءه بتكرر الغسل على أرجح

ــ

ومثل ما في الشارح في ق وقول ز ولا تتعلق بهما القدرة اتفاقًا الخ صحيح في العدم المطلق وغير صحيح في العدم الإضافي السابق فإن الذي اعتمده الشيخ السنوسي في شرح المقدمات وبالغ في الاحتجاج عليه هو أن العدم مقدور لله سبحانه وتعالى طارئًا أو سابقًا قال ومعنى القدرة على العدم السابق احتياجه في استمراره فيما لا يزال للفاعل وللفاعل المختار سبحانه وتعالى أن يجعل في مكانه الوجود اهـ.

وهو الذي اعتمده العضد في المواقف والسيد في شرحها انظر حاشية الغنيمي وقول ز لاستحالتهما الخ ليس بصحيح لأن عدم الممكن ممكن وإن قصد لاستحالة التعلق بهما صح في العلم المطلق فقط كما علمت وقول ز واختلف هل تتعلق به القدرة الخ هذا الخلاف عندهم مبني على الخلاف في العرض هل يبقى زمانين أولًا وهذا الخلاف الثاني مبني على منشأ احتياج الأثر إلى المؤثر هل هو الإمكان أو الحدوث راجع ذلك في محله (وتلازمًا) الظاهر أن المراد تلازمهما في الطلب بمعنى أن كل من طلب فيه الغسل طلبت فيه الصلاة والعكس ومن تعذر غسله وتيممه لما ذكره فغسله مطلوب ابتداء لكن سقط للتعذر فلا تسقط الصلاة عليه وأما من فقد فيه شرط من الأربعة المتقدمة فغسله ابتداء غير مطلوب فتأمله وبهذا قرر طفى فيما يأتي عند قوله وعدم الدلك لكثرة الموتى فقول ز فإن لم يمكن تيممه لم يصل عليه فيه نظر والصواب الاحتمال الثاني (وغسل كالجنابة) قول ز ثم يوضئه مرة الخ فيه نظر

ص: 150

قولين ولا ينتقص غسل الميت بوطئها بعده فلا يعاد وله الدلك هنا بخرقة يجعلها على يده كالدلك مباشرة وقد فعل علي كذلك حين غسل النبي صلى الله عليه وسلم وأفاد التشبيه أنه يندب أن يبدأ بغسل يدي الميت أولًا ثم يزيل الأذى عن جسده إن كان عليه أذى ثم يوضئه مرة ثم يثلث رأسه ثم يفيض الماء على شقه الأيمن ثم الأيسر (تعبدًا) لا للنظافة ولما كان التعبد يحتاج لنية كغسل يديه لكوعيه في الوضوء دفع ذلك بقوله (بلا نية) لأنه فعل في الغير كغسل الإناء من ولوغ الكلب والنضح (وقدم) على العصبة (الزوجان) أي الحي منهما في مباشرة تغسيل الميت منهما ولو أوصى بخلافه إلا أن يكون الحي محرمًا فيكره له فإن غسله وأمذى أهدى (إن صح النكاح) فإن فسد لم يقدم إذ المعدوم شرعًا كالمعدوم حسًّا (إلا أن يفوت فاسده) بوجه من المفوتات الآتية كالدخول في بعض صوره والطول في بعضها فيقدم وجوبًا (بالقضاء) إذا باشر ويندب لهما المباشرة فهو مستثنى من مفهوم الشرط وينبغي أن يقرع بين زوجتين فأكثر أو يشتر كافيه وكلامه في التغسيل كما علم وأما الصلاة عليه فسيأتي بيان من يقدم فيها في قوله والأولى بالصلاة وصى الخ ويقدم الزوج على أولياء زوجته في إنزالها قبرها وفي لحدها كما في النص ويقضي له به فيما يظهر لا زوجة فلا تقدم في ذلك فيما يظهر أيضًا (وإن) كان الحي منهما (رقيقًا أذن سيده) له في الغسل ولا يكفي الإذن في النكاح وهل يندب له الإذن في ذلك أو يجوز وظاهر المصنف أنه يقدم بالقضاء مطلقًا وقاله ابن القاسم وقال سحنون إذا كان أحدهما أو كلاهما رقيقًا قدم بغير قضاء إلا إذا كانت الزوجة حرة وهو رقيق وأذن له سيده في تغسيلها فيقضي له وكلام ح يفيد أن كلام سحنون

ــ

فإنه قد قدم أن الراجح عدم تكرير وضوئه بتكرير الغسل وعليه فيوضئه ثلاثًا لا مرة قاله في ضيح عند قول ابن الحاجب وفي استحباب توضئته قولان وعلى المشهور ففي تكرره مع تكرر الغسل قولان اهـ.

ونصه الباجي وينبغي على القول بتكرير الوضوء أن لا يغسل ثلاثًا بل مرة مرة حتى لا يقع التكرار المنهي عنه وإذا لم نقل بتكريره أتى بثلاث أولًا اهـ.

وما قدمه من أرجحية عدم تكرير الوضوء تبع فيها عج قال أبو علي ولم أرها لغيره (إن صح النكاح) قول ز فإن فسد لم يقدم الخ قال اللخمي هذا مع وجود من يجوز منه الغسل فإن عدم وصار الأمر إلى التيمم كان غسل أحدهما الآخر من تحت الثوب أحسن لأن غير واحد من أهل العلم أجازه اهـ.

ونقله ح وقول ز فيقدم وجوبًا الخ أي يجب على الأولياء أن يقدموه لذلك أن طلبه وليس المراد أنه هو يجب عليه الغسل لأنه حق من حقوقه له إسقاطه وله القيام به (وإن رقيقًا أذن سيده) قول ز وقال سحنون الخ الذي يدل عليه نقل ح عن اللخمي أن سحنونًا يخالف ابن القاسم إذا ماتت الزوجة وهي أمة أو مات الزوج مطلقًا ويوافقه في القضاء أن ماتت الزوجة وهي حرة فيقضي للزوج حينئذ باتفاقهما تأمله مع قول ز وقال سحنون إذا كان أحدهما أو كلاهما رقيقًا الخ فإنه يوهم أنهما إذا كانا حرين ومات الزوج يقضي للزوجة عند

ص: 151

مقابل وكلام الشيخ يقتضي أنه الراجح ولا يتأتى أن يقول سحنون بالقضاء في عكس هذه وهو موت الزوجة الرقيقة والزوج حر لأن الحر لا سيد له لما علمت من أن قوله أذن سيده معناه سيد الحي وعلة عدم القضاء على ما لسحنون إذا كانا رقيقين انقطاع حق الزوجية بالموت وقوة تعلق حق السيد (أو) حصل الموت (قبل بناء) بها (أو بأحدهما عيب) يوجب الخيار لفوات الرد به بالموت كما يأتي للمصنف في الصداق (أو وضعت بعد موته) لأنه حكم ثبت بالزوجية فلا يتقيد بالعدة كالميراث ولثبوته للزوج مع عدم اعتداده ولا يعلل بأن الغسل من توابع الحياة لاقتضائه جواز رؤيتها لفرجه بعد موته مع أنه ممنوع (والأحب) أي المستحب (نفيه) أي نفي تغسيل الزوج لزوجته (إن) ماتت و (تزوج أختها) عقب موتها أو من يحرم جمعه معها لأنه كجمع بين محرمتي الجمع وقد تموت أختها فيجمع بين غسليهما وجمعهما محرم في الحياة فيكره في الوفاة اهـ.

وهو يفيد أن فعله مكروه لا خلاف الأولى ومقتضى العلة المذكورة أن وطء من يحرم جمعه معها بالملك كالتزوج وظاهر المصنف خلافه وظاهره أنه يقضي له به إذا ترك العمل بالمستحب إذ هو الأصل في الزوجية ولا يقضى عليه بنفيه الذي هو مندوب لأنه لا يقضى بمندوب (أو) وضعت بعد خروج روحه و (تزوجت غيره) أخاه أم لا (لا رجعية) فلا تغسيل لواحد منهما على الآخر والفرق بينها وبين من تزوجت غيره على ما صدر به فيها إنها مباحة للموت بخلاف الرجعية لحرمة استمتاعه بها والأكل معها كما سيذكره وأما للظاهر منها فيقضي لها وله كما للعجماوي وأولى المولى منها لأن السبب وهو الزوجية في كل منها قائم به وإن كان مطلوبًا بوطء الثانية دون الأولى فإنه ممنوع منه قبل الكفارة كما سيأتي (و) ولا تغسل (كتابية) زوجها المسلم (إلا بحضرة مسلم) مميز عارف بأحكام

ــ

سحنون وليس كذلك بل سحنون يقول بعدم القضاء للزوجة مطلقًا وقول ز وكلام ح الخ كلام ح هو الذي يفهم من ضيح (أو وضعت بعد موته) قول ز مع أنه ممنوع الخ هذا ظاهر المدونة لكن سيأتي أن ابن ناجي حمله على الاستحباب (أو تزوجت غيره) لا الاستحباب في هذه لابن يونس من عنده وفي التي قبلها لابن القاسم وأشهب وذلك أنه لما نقل ابن يونس الاستحباب في الأولى قال في هذه ما نصه وكذلك عندي إذا ولدت المرأة وتزوجت غيره أحب إلى أن لا تغسله اهـ.

نقله ق وغيره وقاله غ أيضًا وبه تعلم أن اعتراض تت على غ في نسبته الثانية لابن يونس فقط مع أنها لابن القاسم وأشهب هو عين لقصور انظر طفى (وكتابية إلا بحضرة مسلم) قول ز وهذا كالمستثنى من قوله تعبد الخ فيه نظر بل هذا لا ينافي ما تقدم أن الغسل تعبد قال طفى بدليل أنهم لم يعزوا النظافة إلا لابن شعبان كما في ابن عرفة وضيح والخلاف في غسل الذمية للمسلم بين مالك وأشهب وسحنون وهم يقولون بالتعبد ثم نقل كلام الجواهر ثم قال وبهذا تعلم أن البناء الذي ذكره ابن الحاجب بقوله وفي كونه تعبدًا أو للنظافة قولان وعليهما اختلف في غسل الذمي اهـ.

ص: 152

الغسل يؤمن معه إقرارها على خلاف ما يطلب في تغسيله فيما يظهر وهذا كالمستثنى من قوله تعبدًا فتقدم بالقضاء كما نقله العجماوي عن شيخه الشيخ سليمان البحيري وظاهر قول مالك عدم القضاء لها ولو ماتت هي لم يغسلها زوجها المسلم كما صرحوا به وينبغي ولا يدخلها قبرها إلا أن تضيع فليوارها قياسًا على ما يأتي (وإباحة الوطء) وإن لم يحصل بالفعل إباحة أصلية مستمرة (للموت برق) ولو مع شائبة حرية كمدبرة وأم ولد ولو كان السيد عبدًا (تبيح الغسل من الجانبين) للسيد عليها ولها غسله من غير قضاء على عصبة السيد اتفاقًا فلا بد من أذنهم لها فإن لم يكونوا أو لم يمكنهم الغسل فالظاهر أنها أحق إذا كانت في الأخيرة تحسنه قاله بعضهم وإنما أبيح لها مع انتقال الملك عنه بالموت لأنه حق ثبت عند انتقال الملك فلم تنتقل للوارث إلا وفيها حق للموروث كالزوجة تضع بعد الموت قاله في الطراز فدخل التحريم العارض كحيض أو نفاس أو ظهار كما قاله البساطي وقول تت خرج أي عن التحريم فهو مساو لقولي دخل التحريم العارض وخرج بالإباحة المكاتبة والمبعضة والمعتقة لأجل وأمة القراض وأمة الشركة وأمة المديون بعد الحجر عليه وكذا الأمة المتزوجة خلافًا لما فهمه اللخمي عن سحنون من أنها تغسل سيدها حينئذ لحل وطئه لها أصالة فإن الحرمة عارضة بالتزوج فهذه سبعة وينبغي منع المخدمة كالمتزوجة الأمة المظاهر منها كما مر عن البساطي خلافًا لاستظهار ح فيها المنع ووجه ما للبساطي أن الحرمة عارضة بدليل أن تحريم الاستمتاع لوجوب الكفارة عليه كما سيذكره المصنف وخرجت الأمة المولى منها أن قيل بدخول الإيلاء في الإماء بمعنى الحلف على

ــ

وأن أقره ابن عبد السلام والمصنف في ضيح وابن فرحون فيه نظر ولم يذكره ابن شاس الذي ينسج على منواله غالبًا ولا ابن عرفة لكن النظر يأتي على تقديرهم اختلف في غسل الذمي على إضافة المصدر لفاعله والحق أنه من إضافة المصدر لمفعوله وهكذا المسألة مفروضة عند ابن عبد البر وغيره من الأئمة ونصه مالك يقول لا بغسل المسلم أباه الكافر وقال الشافعي لا بأس بغسل المسلم قرابته من المشركين ودفنهم وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور وسبب الخلاف هل الغسل تعبد أو للنظافة فعلى التعبد لا يجوز غسل الكافر وعلى النظافة جاز اهـ.

(وإباحة الوطء للموت) قول ز من غير قضاء على عصبة السيد اتفاقًا الخ هذا الاتفاق هكذا ذكره ابن رشد في سماع موسى ونقله في ضيح قال طفى وأما السيد فالظاهر تقديمه على أولياء أمته أي بالقضاء لأنها ملكه مع إباحة وطئها اهـ.

وقول ز فدخل التحريم لعارض الخ أي دخل في كلام المصنف مع تقييد الإباحة فيه بكونها أصلية وقول ز خلافًا لما فهمه اللخمي عن سحنون الخ فيه نظر فإن الذي ذكره ح أن اللخمي فهمه من كلام سحنون هو أن السيد يغسل أمته المتزوجة لا أنها تغسله كما ذكر ز انظر ح عند قوله وأن رقيقًا أذن سيده وقول ز خلافًا لاستظهار ح فيها المنع الخ استظهر طفى ما استظهره ح فيها من المنع كالمولى منها إذ لا فرق بينهما لعدم إباحة الوطء فيهما وفي النوادر كل من لا يحل له وطؤها لا تغسله ولا يغسلها اهـ.

ص: 153

ترك وطئها لا المبوب له ومستبرأة متواضعة ومبيعة بخيار فليس لها تغسيل بائع ولا مشتر وينبغي أن للسيد تغسيل المبيعة بخيار لانقطاع حق المشتري منها بالموت دون المستبرأة المتواضعة فالجملة ثنتا عشرة أمة وفهم من قوله تبيح عدم القضاء من الجانبين إذ الإباحة لشيء لا تقتضي القضاء به كذا يفيده تت في صغيره ونحوه لح في عدم القضاء لها وسكت عنه في جانب السيد ومفاد تت في الكبير القضاء له على أوليائها دونها بغير إذنهم وهو ظاهر (ثم) إن لم يكن أحد الزوجين أو أسقط حقه أو غاب فالرجل الميت أحق بغسله (أقرب أوليائه) ولو كافرًا بحضرة مسلم ويقدم على الأبعد بالقضاء (ثم) إن لم يكن أقرب ولا قريب أصلًا أو كان وغاب غسله (أجنبي) ولو كافرًا بحضرة مسلم (ثم امرأة محرم) بنسب أو رضاع كصهر كزوجة ابنه وأم زوجته على المعتمد خلافًا بسند وينبغي عند التنازع تقديم محرم نسب ثم رضاع ثم صهر وكذا يقال فيما يأتي في تغسيل المرأة الميتة (وهل تستره) جميعه كما في الأمهات وعليها اختصرها المختصرون (أو عورته) بالنسبة لها وهي كرجل مع مثله كما مر عياض وهو أصح في المعنى لأن النظر إلى جسده غير ممنوع عليهن ولهن أن يرين منه ما يراه سائر الرجال أهو عليه اقتصر صاحب الرسالة وغيرها ممن وافقه (تأويلان) وانظر العز والمتقدم هل يقتضي تساويهما أو الأول أقوى فإن لم يوجد ساتر عورته غسلته مع غض البصر ولا يترك الغسل كذا ينبغي (ثم) إن لم يكن معه رجل ولا ذات محرم بل أجنبية فقط (يمم) ولا يفتقر لنية كالغسل كذا ينبغي قاله د (لمرفقيه) على المشهور لا لكوعيه فقط خلافًا لبعضهم وحكم التيمم حكم الغسل لكونه بدله وعلى القول بوجوبه فيكون هنا للكوعين ومنهما للمرفقين سنة كالتيمم للحديث الأكبر

ــ

ولا معنى لتفريق ز بين المظاهر منها والمولى منها وقد تقدم له قريبًا في الزوجة أن المولى منها أولى بالقضاء من المظاهر منها لكن يقال على ما استظهره ح ومن المنع فيهما ما الفرق بينهما وبين الزوجة المظاهر منها المولى منها وفرق طفى بأن الغسل في الأمة بالملك وفي المالك منوط بإباحة الوطء وفي الزوجين بعقد الزوجية اهـ.

(ثم أقرب أوليائه) قول ز ولو كافرًا بحضرة مسلم الخ فيه نظر والصواب إسقاط قوله

بحضرة مسلم إذ كل من ذكر الخلاف في أن الكافر يغسل المسلم قيده بما إذا لم يوجد معه إلا

النساء الأجانب أما إن وجد معه مسلم ولو أجنبيًّا فلا يجوز أن يغسله الكافر ولو كان من أوليائه

وسيقول المصنف ولا يترك مسلم لوليه الكافر والخلاف في ذلك نقله ابن ناجي ونصه وقد اختلف

في ذلك فقال مالك تعلمه النساء ويغسله وقال أشهب في المجموعة لا يلي ذلك كافر ولا كافرة

وقال سحنون يغسله الكافر وكذلك الكافرة في المسلمة ثم يحتاطون بالتيمم اهـ.

وهكذا ذكره في ضيح وابن عرفة وأبو الحسن والقلشاني وكلهم قيدوه بالقيد المتقدم ويدل عليه قول مالك في القول الأول تعلمه النساء وقول سحنون في الثالث ثم يحتاطون بالتيمم تأمله ومثل ما في ز وقع في خ ونصه ظاهره أنه لا ينتقل إلى النساء المحارم إلا عند عدم الرجال الأجانب مسلمين كانوا أو كتابين وأنه لو وجد كتابي لغسله اهـ.

ص: 154

والأصغر ولا يقال ظاهره أن التيمم للمرفقين واجب لأنا نقول وقد بينا أنه إشارة للرد على القائل بأنه للكوعين فقط وهذا مما لا يخفى قاله د قلت ظاهر إطلاقهم هنا وجوب التيمم للمرفقين وإذا ما يممته وصلى عليه ثم وجد رجل يغسله لم يعد لعدم تكررها فإن كان قبل الصلاة عليه أعيد على المفتي به بل قولًا واحدًا كما قال ابن رشد خلافًا لاقتصار رد على قول يوسف بن عمر لا يعاد وينبغي عدم الإعادة إذا جاء الرجل حال صلاتها عليه كما يناسب ذلك من حيث المعنى قوله في التيمم وبوجود الماء قبل الصلاة لا فيها (كعدم الماء) فإن وجد بعد الصلاة عليه أي أو فيما يظهر لم يعد وإن كان قبلها غسل قولًا واحدًا كما في البيان والتقريب (و) خوف (تقطيع الجسد وتزلعه) أو بعضه فيحرم الغسل والظاهر أن المراد بالخوف الشك فما فوقه لا ما يشمل الوهم وإن شهر القول بسنية الغسل ويرجع في خوف ذلك بالغسل لأهل المعرفة كما في التيمم وأما الجسد المقطع فيستفاد حكمه من قوله الآتي ولا دون الجل منطوقًا ومفهومًا (وصب على مجروح أمكن) الصلب عليه من غير خشية تقطع أو تزلع (ماء) من غير ذلك (كمجدور) وميت تحت هدم ولم يمكن إخراجه وصلى على كل بعد الصب فإن لم يمكن صبه أو أمكن وخيف تزلعه لم يصب عليه كما أشار له بقوله (إن لم يخف تزلعه) تسلخه والخوف كما تقدم (والمرأة) إن لم يكن لها زوج ولا سيد أو تعذر تغسيله لها يغسلها (أقرب مرأة ثم أجنبية) ولو كافرتين

ــ

ثم نقل كلام ابن ناجي المتقدم ولم يتنبه لما تقدم وأيضًا ابن ناجي ذكر الخلاف عند قول الرسالة والمرأة تموت في السفر لا نساء معها ولا ذو محرم الخ وقد نقل ح التقييد بذلك عن ابن هارون وهو ظاهر والله تعالى أعلم (وتقطيع الجسد وتزلعه) قول ز وخوف تقطيع الخ على هذا حمله ح والشارح وحمله تت على حصول التقطيع والتزليع بالفعل وقيده بكونه فاحشًا وصوبه طفى قال وأصله قول ابن بشير والجسد والمقطع ييمم وإن كان ابن عرفة على ابن بشير بقوله روى ابن عبدوس بغسل المهشم بهدم والمجدور والمسلخ ما لم يتفاحش ذلك وسمع أبو زيد بن القاسم وروايته ذو الجدري والمشرح ومن إذا مس تسلخ يصب عليه الماء برفق فقول ابن بشير الجسد المقطع ييمم خلافه اهـ.

لتخلصه منه بقيد التفاحش إذ مفهوم ما نقله ابن عرفة أنه عنده ييمم وقد اعتمد هذا المفهوم ابن عبد السلام فقال في قول ابن الحاجب وتقطيع الجسد يريد إذا كان فاحشًا قاله مالك فيمن رفع عليه جدار فتهشم اهـ.

واعترض طفى ما حمله عليه ح ومن تبعه بأنه موجب للتكرار مع قوله وصب على مجروح الخ والله أعلم (ثم أجنبية) قول ز ولو كافرتين بحضرة مسلم أي أجنبي ومعناه أنه يعلمهما لا أنه يحضر الغسل وقول ز وتباشر الأجنبية غسلها بلا خرقة حتى عورتها الخ الظاهر أن هذا غير صحيح لأنه إذا كان يمنع النظر فمنع المس باليد من باب أولى وفي ق عن المازري ما نصه وأما غسل المرأة المرأة فالظاهر من المذهب إنها تستر منها ما يستر الرجل من الرجل من السرة إلى الركبة اهـ.

ص: 155

بحضرة مسلم وتباشر الأجنبية غسلها بلا خرقة حتى عورتها كما هو ظاهر كلامهم ولعل الفرق بينها وبين تغسيل المحرم محرمه وأحدهما كرد والآخر أنثى أن مس الذكر عورة الأنثى وعكسه أشد حرمة من مس عورة الأنثى للأنثى وكذا يقال في النظر (ولف شعرها ولا يضفر) وجوبًا بل ندبًا لضفر أم عطية شعر بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أم كلثوم بحضرته صلى الله عليه وسلم ثلاث ضفائر ناصيتها وقرنيها ثم ألقت الجميع خلفها ابن رشد وهو حسن وقد روي يصنع الميت ما يصنع بالعروس غير أنه لا يحلق ولا ينور اهـ.

لا رقية لموتها وهو ببدر ولا فاطمة لموتها بعده بستة أشهر (ثم) إن لم تكن أجنبية غسلها (محرم) نسبًا أو صهرًا أو رضاعًا كما يفيده ح عن المدونة خلافًا لاقتصار الشيخ سالم على ما للخمي والمازري من اقتصاره على الأول فقط ويلف على يديه خرقة غليظة لئلا يباشر جسدها بيده ويفضي بالخرقة لجسدها ويجعل بينه وبينها حائلًا كما أشار له بقوله (فوق ثوب) فالصب والإفضاء بخرقة من تحته ونظره فوق الثوب وأما المرأة المحرم تغسل محرمها الرجل فإنها لا تباشر بيدها ما يجب عليها أن تستره منه وهو جميع جسده على أحد القولين أو عورته على الآخر كما قدمه المصنف وما عداها تباشره لكن تجعل بينها وبينه ثوبًا كما هنا ويجري في محرم الصهر ما جرى فيما تقدم (ثم) إن لم يوجد

ــ

(ولا يضفر) قول ز ولا يضفر وجوبًا بل ندبًا الخ حمل كلام المصنف على هذا لأنه عليه حمل ابن رشد قول ابن القاسم يفعل بالشعر كيف شاء من لفه وأما الضفر فلا أعرفه فقال ابن رشد يريد أنه لا يعرفه من الأمر الواجب وهو إن شاء الله حسن من الفعل انظر ق وقول ز أي أم كلثوم الخ كونها أم كلثوم هو الذي نقله ابن حجر عن ابن التين وذكر له طرقًا ولكن قال المشهور أنها زينب زوج أبي العاص بن الربيع اهـ.

ورجحه أيضًا النووي رحمه الله في شرح مسلم وقول ز بحضرته صلى الله عليه وسلم الخ اعترض هذا بأنه ليس في شيء من طرق الحديث ما يدل عليه بل بحسب الأبي في شرح مسلم في الاستدلال بهذا الحديث بأنه عليه الصلاة والسلام لم يطلع على ما فعلت أم عطية إذ ليس في الحديث أنه أمرها بذلك ولا أنه علمه ووافق عليه ولعل ابن القاسم لهذا أنكر الضفر اهـ.

قلت ذكر القرطبي رحمه الله أن الحديث محتمل لإطلاعه صلى الله عليه وسلم عليه أو أشبه شيء رأته ففعلته استحسانًا قال لكن الأصل أن لا يفعل في الميت شيء من جنس القرب إلا بإذن من الشرع محقق اهـ.

نقله ابن حجر ونقل عن النووي أنه قال الظاهر اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم عليه وتقريره له وذكر ابن حجر رواية بلفظ الأمر عن أم عطية قالت قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اغسلنها وترًا واجعلن شعرها ضفائر وقول ز كما يفيده ح عن المدونة الخ في هذا النقل نظر أما أولًا فإن ح لم يقل هنا شيئًا وإنما قاله في قوله ثم امرأة محرم ولم يذكر فيه محرم الرضاع وأما ثانيًا فلم ينقله هناك ح عن المدونة وإنما قال ما نصه لا فرق بين محارم النسب والصهر على المنصوص وكذا في محارم المرأة على المشهور اهـ.

ص: 156

محرم ولم يوجد إلا رجال أجانب (يممت) أي يممها واحد منهم (لكوعها) فقط ويمسهما من غير حائل لا لذراعيها لأن ذراعيها عورة اتفاقًا بخلاف وجهها وكفيها بدليل إظهارهما في الصلاة والإحرام وإنما جاز هنا مسهمًا للأجنبي دون الحياة لندور اللذة هنا وفرق أبو الحسن بين الرجل تيممه المرأة لمرفقيه وهو ييممها لكوعيها بأن تشوف الرجال للنساء أقوى من عكسه ولا يتيمم المصلي إلا بعد فراغ تيمم الميت لأنه وقت دخول الصلاة عليه انظر تت (وستر من سرته لركبته وإن) سيدًا أو (زوجًا) وجوبًا كما يفيده الشاذلي لانقطاع الزوجية بالموت خرج الغسل بدليل وبقي ما عداه على الأصل وقال ابن ناجي أن ستر أحد الزوجين الآخر مستحب إلا أن يكون معه معين فيجب اتفاقًا (وركنها) أربعة على ما ذكر ويأتي خامس أولها (النية) وهي قصد الصلاة على الميت فلا يضر نسيان استحضار كونها فرض كفاية كما لا يضر ذلك في فرض العين ولو صلى عليها أنها أنثى فوجدت ذكرًا أو بالعكس أجزأت وإن خالف دعاؤه في اعتقاده الواقع لأن القصد عين الشخص ولا يضر جهل صفته وكذا لو صلى ولا يدري أرجل هو أو امرأة فالصلاة مجزئة لأنه كما في تت على الرسالة إن شاء ذكر ونوى الشخص أو الميت وإن شاء أنث ونوى الجنازة أو النسمة أي فإن علم أثناء الصلاة بتعيينه خصه فيما بقي بما يدعي أنه به وإن حصل التعدد ولم يعلم من يصلي عليه قال من أصلي لوقوع من على المذكر والمؤنث والمفرد والجمع والخنثى المشكل حيث كان خنثى ولو كانت الجنازة واحدة وظن المأموم أي كالإمام أنهم جماعة فإن الصلاة تجزئ لأن الجماعة تتضمن الواحد وأما لو ظن الإِمام أنها واحدة وظن المأموم أنهم جماعة فإذا هم جماعة فإنها تعاد أي حتى من المأموم لأن صلاته مرتبطة بصلاة إمامة اهـ.

وكذا تعاد إن كان في النعش اثنان وظنهما واحدًا ونوى الصلاة عليه فقط فتعاد عليهما إن لم يعينه باسمه مثلًا لئلا يلزم الترجيح بلا مرجح فإن عينه أعيدت على غيره (و) ثانيها (أربع تكبيرات) فإن أتى بجنازة الإِمام يصلى على أخرى وسبق فيها بالتكبيرة

ــ

ولم أر من نقل ذلك عن المدونة وقول ز يلف على يده الخ مع قوله ويجعل بينه وبينها حائل الخ ما قرر به هنا وحمل عليه كلام المصنف هو قول ابن حبيب وجعله أبو الحسن تفسيرًا للمدونة وقال في ضيح مذهب المدونة أنه يغسلها من فوق ثوب ولا يفضي بيده إلى جسدها بل يصب الماء ويدلك من فوق الثوب وهو تأويل ابن رشد عليها وقول ز بأن تشوق الرجال للنساء أقوى الخ أظهر من هذا الفرق ما في المعيار عن ابن مرزوق أن الوطء من الرجل الحي للميتة أمكن من عكسه لوصوله إلى ما يريده من جماعها على التمام دونها فحرم عليه ما زاد على أقل ما يمكن في التيمم سدًّا للذريعة اهـ.

(وإن زوجًا) قول ز وجوبًا كما يفيده الشاذلي الخ هو ظاهر المدونة لكن حملها ابن ناجي على الاستحباب كما في ح وعلى القول بالستر لا يطلب إلا ستر العورة خاصة لا ما ذكره المصنف فتأمله ذكره أبو زيد في حاشيته (وأربع تكبيرات) قول ز ففي التهذيب أنه يتمادى في صلاته على الأولى الخ قال أبو الحسن لأنه لا يخلو من أن يقطع الصلاة ويبتدئ

ص: 157

الأولى فقط نوى على الثانية أيضًا ثم يشركهما في الدعاء الأول من غير تكبير على ما قاله الزناتي على الرسالة لكنه ضعيف ففي التهذيب أنه يتمادى على صلاته على الأولى ولا يشركها معها وعلى الأول فإن لم يشركها في الدعاء مع الأولى صلى استقلالًا على الثانية ويفهم منه أنه إن جيء بالثانية بعد تكبيرة ثانية لم يشركها عند الزناتي (وإن زاد) عمدًا رآه مذهبًا أم لا (لم ينتظر) بل يسلمون وصلاتهم صحيحة كصلاته لأن التكبير فيها ليس بمنزلة الركعات من كل وجه فلا يرد أنه لو قام إمام لخامسة عمدًا بطلت عليه وعليهم أيضًا الخامسة في فرض العين زائدة إجماعًا والزائدة هنا قيل بها للاختلاف في تكبيراتها من ثلاث إلى تسع وإن انعقد الإجماع زمن الفاروق على أربع فإن انتظر فينبغي عدم البطلان فإن زاده سهوًا فقال الشيخ سالم ينبغي انتظاره كقيام إمام لخامسة سهوًا في رباعية اهـ.

ــ

عليهما جميعًا وهذا لا يصح لقول الله عز وجل: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] أولًا يقطع ويتمادى عليهما إلى أن يتم تكبير الأولى ويسلم وهذا يؤدي إلى أن يكبر على الثانية أقل من أربع أو يتمادى إلى أن يتم التكبير على الثانية فيكون قد كبر على الأولى أكثر من أربع فلذا قال لا يدخلها معها اهـ.

(وإن زاد لم ينتظر) قول ز عمدًا رآه مذهبًا أم لا الخ قال طفى جميع من وقفت عليه إنما فرضها فيمن زاد عمدًا وهو يراه مذهبًا قال وأما الزيادة عمدًا فجعلها بعضهم كمن زادها مذهبًا في الانتظار وقد عد عياض في قواعده الزيادة على أربع في الممنوعات قال ح والظاهر أن مراده الكراهة اهـ.

وأما لو زاد سهوًا فينتظر على مقتضى المذهب اهـ.

باختصار قلت ما ذكره هو مقتضى عبارة السماع وابن رشد واللخمي ورأيت في عبارة ابن يونس ما يقتضي الإطلاق في محل الخلاف ونصه قال ابن المواز قال أشهب لو كبر الإِمام في صلاة الجنازة خمسًا فليسكتوا حتى يسلم فيسلموا بسلامه وقال ابن القاسم يقطعون في الخامسة اهـ.

منه في كتاب العيدين وهو يشهد لما في كلام خش من حمل المصنف على الإطلاق وبه يتجه تعقب ابن هارون القول بعدم الانتظار بما إذا قام الإِمام لخامسة سهوًا فإنهم ينتظرونه حتى يسلم فيسلموا بسلامه اهـ.

وقول ز وإن انعقد الإجماع زمن الفاروق الخ مثله في ضيح وأبي الحسن والذي لابن ناجي أن الإجماع انعقد بعد زمان الصحابة على أربع ما عدا ابن أبي ليلى ومثله للنووي على مسلم وعلى كل فهم مشكل مع الخلاف الذي في ح وقال ابن حجر بعد أن ذكر الخلاف ما نصه وقال ابن المنذر ذهب أكثر أهل العلم إلى أن التكبير أربع قال وذهب بكر بن عبد الله المزني إلى أنه لا ينقص عن ثلاث ولا يزاد على سبع وقال أحمد مثله لكن قال لا ينقص عن أربع قال والذي نختاره ما ثبت عن عمر ثم ساق بإسناد صحيح إلى سعيد بن المسيب قال كان التكبير أربعًا أو خمسًا فجمع عمر الناس على أربع اهـ.

ص: 158

وكذا جهلًا فيما يظهر فإن لم ينتظر فينبغي الصحة وانظر لو لم يعلم هل زاد عمدًا أو سهوًا ومفهوم زاد أنه لو نقص انتظر حيث كان سهوًا ولا يكلمونه بل يسبحون له كما قال سحنون فإن لم يتنبه وتركهم كبروا وصحت صلاتهم أن تنبه عن قرب وإلا بطلت صلاتهم تبعًا لبطلان صلاته كما هو الأصل فإن نقص عمدًا وهو يراه مذهبًا لم يتبعوه وأتوا بتمام الأربع وانظر أن نقص عمدًا دون تقليد فهل هو بمنزلة نقصه سهوًا لأن ثم من يقول بأن التكبير ثلاث أو تبطل عليهم ولو أتوا برابعة لبطلانها على الإِمام (و) ثالث أركانها (الدعاء) بعد كل تكبيرة حتى من المأموم فليس كالفاتحة في حق المأموم لأن القصد تكثير الدعاء للميت ولا قراءة فيها بفاتحة ابن ناجي ظاهر المذهب الكراهة عبد الحق لأن الميت لا ينتفع بالقراءة بلا معنى للقراءة عليه قال ابنه لأن ثواب القراءة للقارئ اهـ.

وإذا قرأ الفاتحة للخروج من خلاف الشافعي كما قال زروق له ذلك فالظاهر بل المتعين طلبه بدعاء قبلها أو بعدها في التكبيرة التي قرأها فيها وإلا لم يكن آتيًا بالدعاء بين كل تكبيرة ويحتمل الاكتفاء بها لأنها دعاء وزيادة ابن الحاجب ولا يستحب دعاء معين اتفاقًا عياض أقله بعد كل تكبيرة للهم اغفر له أي ما في معناه وقول عبد الحق عن إسماعيل القاضي قدره بين كل تكبيرة قدر قراءة لفاتحة وسورة بيان للوجه الأكمل ابن ناجي ليس العمل عندنا على ما في الرسالة لطوله اهـ.

وكان أبو هريرة يتبع الجنازة من محل أهلها فإذا وضعت كبر وحمد الله وصلى على نبيه

ــ

فإن كان مرادهم بالإجماع هذا المعنى الذي قال ابن المسيب فلا إشكال والله أعلم ثم رأيت في البيان لابن رشد مثل ما لابن حجر وهو ظاهر ونصه في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم إنما استحسن مالك أن يقطع ولم يقل إنه يكبر معه الخامسة مراعاة للخلاف كما قال في الإِمام يرى في سجوده السهو خلاف ما يرى من خلفه لأن الإجماع قد انعقد بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه على أربع تكبيرات في صلاة الجنازة اهـ.

وقول ز ولا يكلمونه الخ تقدم أن المشهور قول ابن القاسم أنهم يكلمونه خلافًا لسحنون وقول ز وإلا بطلت صلاتهم تبعًا لبطلان صلاته الخ في ح عن سند ما ظاهره يخالف هذا الكر رأيت في القلشاني على الرسالة ما يشهد له نصه من سلم بعد ثلاث تكبيرات عامدًا بطلت وأعيدت وساهيًا كمل بالقرب وتمت وإلا أعيدت ما لم تدفن فتجيء الأقوال فيمن دفن بغير صلاة هل يصلى على قبره أو يخرج ما لم يتغير أو تترك الصلاة عليه اهـ.

فانظره وقول ز وإلا أعيدت فإنه يفيد بطلان صلاة الجميع قول بن فانظره وقول ز وإلا الخ لعله فانظر قوله وإلا الخ اهـ.

مصححه وقول ز وانظر أن نقص عمدًا الخ لا معنى للتنظير مع قول المصنف الآتي أو سلم بعد ثلاث أعاد (والدعاء) قول ز ابن الحاجب ولا يستحب دعاء معين اتفاقًا الخ

ص: 159

ثم قال اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدًا عبدك ورسولك وأنت أعلم به اللهم إن كان محسنًا فزد في إحسانه وإن كان مسيئًا فتجاوز عن سيئاته اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لما مالك هذا أحسن ما سمعت من الدعاء على الجنازة ذكره في الموطأ قاله في الأبي استحبه في المدونة اهـ.

وظاهره بعد كل تكبيرة ويقول في الصغير بعد الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه اللهم أنه عبدك وابن عبدك أنت خلقته ورزقته وأمته وتحييه اللهم فاجعله لوالديه سلفًا وذخرًا وفرطًا وأجرًا وثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما ولا تفتنا وإياهم بعده اللهم وألحقه بصالح سلف المؤمنين في كفالة إبراهيم وأبدله دارًا خيرًا من داره وأهلا خيرًا من أهله وعافه من فتنة القبر وعذاب جهنم تقول ذلك بعد الرابعة أيضًا وتزيد اللهم اغفر لأسلافنا وأفراطنا ومن سبقنا بالإيمان اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان ومن توفيته منا فتوفه على الإِسلام واغفر للمسلمين والمسلمات ثم تسلم وتقول في الأنثى الكبيرة اللهم إنها أمتك وبنت أمتك كانت الخ وفي الجماعة المذكور أو مع الإناث اللهم أنهم عبيدك وأبناء عبيدك وأبناء إمائك كانوا يشهدون الخ وفي الإناث فقط اللهم أنهن إماؤك وبنات عبيدك وبنات إمائك كن يشهدن الخ وقول الرسالة في الذكر وأبدله زوجًا خيرًا من زوجه شامل للأعزب الكبير لأنه كان قابلًا للتزويج كما في ح وظاهرها عدم قول ذلك للأنثى التي لم تتزوج مع أنها كانت قابلة قبل الموت للتزويج وقولها في دعاء الطفل اللهم اجعله لولديه سلفًا الخ ظاهر في صلاة غيرهما وإلا قيل اجعله لي ولوالديه سلفًا واثقل به موازيننا وأعظم به أجورنا ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده ثم هذا في غير من أسلم من أولاد الكفار وغير من حكم بإسلامه تبعًا لإسلام سابيه وإلا تركت الجملة الأولى فلا يقال اجعله لوالديه وقبل اللهم لا تحرمنا أجره وقولها فيه وابن عبدك بالأفراد كما في بعض نسخها وفي بعضها بالتثنية والدعاء المذكور فيها في ثابت النسب وأما ابن الزنا والملاعن فيه فهل يدعي لهما بأمهما فقط لأنهما نطفة شيطان أو بأبيهما أو بأبي ابن الملاعن فيه لصحة استلحاقه أقوال واستشكل ما في دعاء لطفل من قوله وعامه من فتنة القبر ومن عذاب جهنم بأنه غيره مكلف وأجيب بأن لله تعذيب الطائع وإثابة العاصي قال الشيخ سالم ويدعى للمفرد بلفظ الإفراد مذكرًا أو مؤنثًا وللمثنى التثنية والجمع بلفظ والجمع كذلك ويغلب المذكر على المؤنث في التثنية والجمع ولو كان النساء أربعين مع رجل واحد ويقدم الدعاء للكبار إذا اجتمعوا مع أطفال لا حوجية لكبار إليه أو يجمعهم معهم في دعاء واحد ويقول عقب ذلك اللهم اجعل الأولاد منهم سلفًا وفرطًا الخ ولا يختص دعاءه لرجل مع صبي ولا لمرأة مع صبية فيشملهما بدعاء واحد ولو لم يدر الميت ذكرًا

ــ

ذكر ح أن ما لابن الحاجب تبع فيه ابن بشير وتعقبه ابن عبد السلام بأن مالكًا في المدونة استحب دعاء أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وأجاب في ضيح بجواب غير ظاهر انظره

ص: 160

أو أنثى مفردًا أو غيره أتى بمن وأعيد الضمير عليها لوقوعها على الجميع وإن لم يدر المأموم ما صلى عليه إمامه نوى على من صلى عليه إمامه ابن العربي الصحيح انتفاع الميت العاصي بالدعاء اهـ.

(ودعا) وجوبًا (بعد الرابعة على المختار) للخمي من قول غير الجمهور ومذهبهم لا يجب لأن الدعاء في صلاتها كالقراءة في غيرها من الفرائض الرابعية فكما لا يقرأ بعد الركعة الرابعة فلا يدعو بعد التكبير الرابعة ونحوه بسند وهو المشهور فذكر المصنف لاختيار اللخمي للتنبيه على قوته فقط في الجملة لا لكونه هو المشهور عنده لأن الظن به أن لا يخالف الجمهور (وإن والاه) أي التكبير ولم يدع بأثر كل تكبيرة ولو دعا بعد الرابعة لكل تكبيرة لأن الدعاء بعد كل تكبيرة واحدة ركن وقد فات تدارك الركن كما في د (أو سلم بعد ثلاث) جهلًا أو نسيانًا (أعاد) الصلاة أن حصل طول يمنع البناء والأرجع بالنية وأتم التكبير ولا يرجع بتكبير لئلا يلزم الزيادة في عدده فإن كبر حسبه من الأربع قاله ابن عبد السلام وصوب ابن ناجي رجوعه بتكبير كما في الفريضة العينية ذكره تت في الثانية ويجري مثله في الأولى فيما إذا كانت المولاة سهوًا والظاهر فيها أنه يبني على تكبيرة واحدة لأن الرابعة صارت أولى ببطلان ما قبلها كما في الصلوات الخمس وما ذكرناه من القرب محله أن سلم بعد ثلاث سهوًا أو جهلًا كما ذكرناه ونحوه في نقل ق فإن كان عمدًا بطلت وينبغي في الأولى بطلان الصلاة في العمد والجهل فقط كما يستفاد من الشارح لا مطلقًا كما يفيده ق فإنه غير ظاهر وظاهر قوله أعاد وإن لم توضع ثانيًا على الأرض وعبارة ق ابن حبيب إذا ترك بعض التكبير جهلًا أو نسيانًا فإن كان بقرب ما رفعت انزلت فأتم بقية التكبير عليها مع الناس ثم يسلم فإذا تطاول ذلك ولم تدفن ابتدأ الصلاة عليه الخ وانظر هل يؤخذ منه أنه يشترط في الصلاة على الجنازة وضعها بالأرض فإن صلى عليها وهي على أعناق الرجال لم تجزأ أم لا (وإن دفن فعلى القبر) ولا يخرج وإن لم يطل وهذا

ــ

(ودعاء بعد الرابعة) قول ز للخمي من قول غير الجمهور إلى قوله للتنبيه على قوته فقط الخ اعترضه طفى بأن الجمهور المراد بهم هنا خارج المذهب كما يؤخذ من نقل ق اهـ.

وفيه نظر بل الظاهر ما قاله ز تبعًا لعج من أن المشهور خلاف ما للخمي لقول سند كما في ح وقال سائر أصحابنا لا يثبت بعد الرابعة اهـ.

وقول الجزولي أثبت سحنون الدعاء بعد الرابعة وخالفه سائر الأصحاب اهـ.

ومثله في الذخيرة وقول طفى أن ذلك لا دليل فيه لعدم تعيين الأصحاب فيه نظر (أو سلم بعد ثلاث) قول ز ويجري مثله في الأولى أي إذا لم يتذكر حتى سلم وإلا لم يتصور إجزاؤه فيها (وإن دفن فعلى القبر) قول ز وأما الأولى فلا إعادة الخ أي بعد الدفن وما ذكره هو الصواب لقول مالك فيها في العتبية تعاد ما لم يدفن كالذي يترك القراءة في الصلاة اهـ.

واستدل تت على رجوعه للأولى بالتشبيه في قول مالك كالذي يترك الخ لأن ترك

ص: 161

خاص بالثانية وأما الأولى فلا إعادة كما نقله الشارح وغيره خلافًا لتت وإما استدل به مما في العتبية لا يدل له وما ذكره المصنف مذهب الجمهور كما في الشارح وهو المشهور كما في ح وغفل ق عما في الشارح فاعترضه المصنف بأنه خلاف ما نقله ابن يونس كأنه المذهب من عدم الصلاة على القبر في الثانية.

تتمات: الأولى اختلف في المرأة تتزوج أزواجًا في الدنيا لمن تكون له منهم في الجنة فقيل للأول وقيل للآخر وقيل لأحسنهم خلقًا وقيل تخير زاد صاحب الحلل خامسًا وهو يقرع بينهم فيها وهذا إن ماتت في غير عصمة أحد وإلا فلمن ماتت في عصمته قولًا واحدًا وأما الرجل يتزوج في الدنيا نساء لم يتزوجن غيره فهن له في الجنة كما هو ظاهر قول الرسالة ونساء الجنة مقصورات على أزواجهن لا يبغين بهم بدلًا أي نساء الدنيا اللاتي تدخلن الجنة وهو أيضًا ظاهر ما روي أبو نعيم كما في كفاية الطالب عنه صلى الله عليه وسلم يزوج كل رجل من أهل الجنة أربعة آلاف بكر وثمانية آلاف أيم ومائة حوراء الحديث الثانية انظر لو حيي بعد الدفن هل تبقى زوجته على عصمته أم لا وعلى بقائها فهل تعود له إذا تزوجت بعد عدة الوفاة أو تخير وللشافعية لا ترجع هي ولا ماله من وارثه لأنه مات موتًا حقيقيًّا وإحياؤه كرامة فقط الثالثة من أسخطه الله جمادًا أو حيوانًا غير ناطق فهل تعتد زوجته عدة طلاق أو وفاة محل نظر ونقل عن بعض الأئمة عدة وفاة في الأولى وطلاق في الثانية ونقل أن الشيخ الأكبر ابن عربي أجاب بذلك هائشة طلعت له من البحر سألته عن ذلك بعد سكوته مدة وسئل الشيخ الزيادي الشافعي عمن أسخط نصفه حجرًا والآخر حيوانًا غير ناطق فأجاب إن كان الحيوان الأعلى فتعتد عدة طلاق وإن كان الأسفل فعدة وفاة اهـ.

ــ

القراءة في الصلاة يبطلها ورده طفى بأن قول ز تعاد ما لم يدفن صريح في عدم الإعادة فلا يترك لظاهر التشبيه واستدل أيضًا جد عج على رجوعه للأولى بإطلاق قول ابن القاسم في المجموعة وإذا والى بين التكبير فلتعد الصلاة عليه اهـ.

ورده طفى أيضًا بأنه لا يلزم من إطلاق ابن القاسم الإعادة أن تكون على القبر قال والمخلص من هذا كله أن يكون قول ز وإن دفن فعلى القبر متعلقًا بالثانية فقط كما قرره ز اهـ.

وقول ز وغفل ق عما في الشارح الخ فاعترض به في المسألة الثانية صحيح وما نقله ز عن الشارح وح لا يدفعه وحاصل ما في ق أن الصلاة الناقصة بعد التكبير إما أن نجعلها كترك الصلاة رأسًا أو لا فإن جعلناها كتركها كما عند ابن شاس وابن الحاجب فمذهب ابن القاسم في تركها وهو المعتمد أنه يخرج من القبر ليصلى عليه ما لم يخف تغيره فيصلى على قبره ابن عرفة ابن رشد من دفن دون صلاة أخرج لها ما لم يفت فإن فات ففي الصلاة على قبره قولان الأول لابن القاسم وابن وهب والثاني لسحنون وأشهب ورواية المبسوط وشرط الأول ما لم يطل حتى يذهب الميت بفناء أو غيره وفي كون الفوت إهالة التراب عليه أو الفراغ من دفنه ثالثها خوف تغيره الأول لأشهب والثاني لسماع عيسى بن وهب والثالث لسحنون وعيسى وابن القاسم اهـ.

ص: 162

(و) رابع أركانها (تسليمة خفيفة) أي يسر بها (ويسمع الإِمام) ندبًا (من يليه) من الصف الأول خلفه فقط وظاهر تعليل ابن رشد بأنهم مقتدون به أن المراد جميعهم لا الصف الأول ولم يرتضه عج بل اقتصر على ما صدرنا به وظاهر المصنف كالرسالة أن المأموم لا يرد على الإِمام وهو مذهب المدونة وهو المشهور كما في الشاذلي خلافًا لقول الراضحة يندب رده ثانية عليه وقول ابن رشد هو تفسير لسائر الروايات طريقة ضعيفة واستشكل المشهور بطلبه في صلاة فرض العين وأجيب بانصراف الإِمام بواحدة في الجنازة ورد بأنه في الفرض العيني كذلك والأولى في الفرق التعبد وطلب الإسراع بالجنازة (وصبر المسبوق) وجوبًا (للتكبير) إذا جاء وقد كبر الإِمام وتباعد بأن فرغ منه

ــ

وإن جعلناها ليست كترك الصلاة وجب أن نقول فيها أي في مسألة نقصر بعض التكبير بما نقله ابن يونس فيها كأنه المذهب من عدم الصلاة على القبر وكلام المصنف مخالف لكل من الوجهين ولا يندفع هذا الإشكال بما نقله ز عن الشارح من أن القول بالصلاة على القبر هو مذهب الجمهور ولا يقول ح أنه المشهور لأنه كلام الجمهور والمشهور في إثبات الصلاة على القبر في الجملة خلافًا لمن ينفيها ويعنون بالصلاة على القبر إذا فات الإخراج كما تقدم قلت والظاهر أن يحمل المصنف على الوجه الأول فيقيد قول ز فعلى القبر بما إذا فات الإخراج لخوف التغيير فقول ز ولا يخرج وإن لم يطل غير صواب وقال طفى أن المصنف جرى على مختار اللخمي فإنه في ضيح بعد أن نقل الخلاف المتقدم قال والظاهر أنه لا يخرج مطلقًا كما هو اختيار اللخمي لإمكان أن يكون حدث من الله شيء فهو مراده في مختصره قال لكن لا ينبغي له اعتماد اختيار اللخمي واستظهاره وترك المنصوص والله الموفق اهـ.

وقول ز روى أبو نعيم عنه صلى الله عليه وسلم الخ هذا الحديث ضعيف حسبما ذكره المنذري قال الحافظ ابن حجر على حديث البخاري ولكل واحد منهم زوجتان ما نصه قال ابن القيم ليس في الأحاديث الصحيحة زيادة على زوجتين سوى ما في حديث أبي موسى أن في الجنة للمؤمن لخيمة من لؤلؤة له فيها أهلون يطوف عليهم ثم قال والذي يظهر أن المراد أن أقل ما لكل واحد منهم زوجتان قال واستدل أبو هريرة رضي الله تعالى عنه بهذا الحديث على أن النساء في الجنة أكثر من الرجال كما أخرجه مسلم لكن يعارضه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الكسوف رأيتكن أكثر أهل النار ويجاب بأنه لا يلزم من أكثريتهن في النار نفي أكثريتهن في الجنة لكن يشكل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر اطلعت في الجنة فرأيت أقل ساكنيها النساء قال ويحتمل أن يكون ذلك في أول الأمر قبل خروج العصاة من النار بالشفاعة والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ.

(ويسمع الإِمام من يليه) قول ز خلافًا لقول الواضحة يندب رده الخ ليس هذا قول ابن حبيب في الواضحة وإنما هو سماع ابن غانم وهو الذي جعله ابن رشد تفسيرًا للروايات وأما قول ابن حبيب فهو أنه لا يرد على الإِمام إلا من سمعه والحاصل أن في كلام ز تخليطًا انظر ق (وصبر المسبوق) قول ز ومقتضى سماع أشهب اعتداده بها الخ يقتضي أن سماع أشهب

ص: 163

المأمون لاشتغالهم بالدعاء بل ينتظره ساكتًا أو داعيًا قاله سند ولأن التكبيرات كالركعات ولا تقتضي ركعة كاملة في صلب الإِمام فإن لم يصبر لم تبطل صلاته ولكن لا يعتد بها عند الأكثر ومقتضى سماع أشهب اعتداده بها واختاره ابن رشد وسند وقولي بأن فرغ منه المأمومون احتراز عما إذا أدركهم في التكبير فإنه يكبر ويدخل معه من غير صبر وأشعر قوله للتكبير أنه لو سبقه والمأمون بجميعه ولم يبق إلا السلام فلا يدخل وصوبه أن يونس سند لأنه في حكم التشهد والداخل حينئذ كالقاضي لجميع الصلاة بعد السلام وعن مالك يدخل ويكبر أربعًا اهـ.

وانظر لو شك أهي رابعة أم ثالثة هل يدخل أو يترك كتحقق إنها رابعة وإذا دخل في هذه الحالة على القول بأنه لا يدخل فانظر هل يقطع أم لا (ودعا) المسبوق بعد سلام إمامه (إن تركت) وأمهل فيه إن لم يخف رفعها وإلا خففه (وإلا) تترك بل رفعت فورًا (والى) بين الكبير ولا يدعو لئلا تصير صلاة على غائب اهـ.

ويفهم من التعليل أن الدعاء حينئذ مكروه وما ذكره من التفصيل مخالف لقول المدونة يواليه مطلقًا وبقي على المصنف ركن خامس وهو القيام كما عند سند وعياض إلا لعذر ولا يقال إنما ينبغي عدة فرضًا على القول بفرضية الصلاة لا سنيتها لأن سند أشهر السنية وعدة فرضًا فمقتضاه أنه فرض على القولين (وكفن) ندبًا (بملبوسه لجمعة) وعيد وإحرام وقضى له بذلك عند اختلاف الورثة فيه إلا أن يوصي بأقل من ذلك فتتبع وصيته قاله في البيان (وقدم) من رأس المال الكفن مطلقًا لا بقيد كونه ملبوس جمعة (كمؤنة الدفن) أي مؤن المواراة من غسل وحنوط وحمل وحفر قبر وحراسة إن احتيج (على) كل ما يتعلق بالذمة من ديون (غير دين المرتهن) الحائز لرهنه أما ما يتعلق بالأعيان سواء انحصر فيها كالإقرار بها والعبد الجاني وأم الولد وزكاة الماشية الحرث أو لم يحصر فيها

ــ

يقول بالانتظار أولًا لكن يعتد بالتكبيرة إن لم يصبر وليس كذلك بل الذي في سماع أشهب أنه يدخل معهم ولا تفوت كل تكبيرة إلا بالتي بعدها فلا ينتظرها انظر ح (وإلا والى) قول ز لئلا تصير صلاة على غائب الخ استشكل هذا بأن الصلاة على الغائب مكروهة كما سيأتي إن شاء الله تعالى والدعاء ركن كما تقدم وكيف يترك الركن خشية الوقوع في المكروه اهـ.

وأجيب بأن الدعاء وإن كان ركنًا خففوه بالنسبة للمأموم وانظر أبا الحسن وقول ز مخالف أقوال المدونة يواليه مطلقًا الخ نص المدونة ويقضي متتابعًا ابن يونس ولا يدعو وقال ابن حبيب إن تأخر رفعها أمهل في دعائها وإلا فإن دعا خفف الباجي يحتمل أن يكون ذلك خلافًا وأن يكون وفاقًا اهـ.

نقله أبو الحسن قلت ولعل المصنف فهمه على الوفاق فليس كلامه مخالفًا لها وبهذا يسقط ما في طفى من التهويل والاعتراض على المصنف بمخالفة المدونة ومثل ما لابن حبيب لابن الجلاب وابن شاس انظر ضيح (وكفن بملبوسه) قول ز ندبًا الخ فيه نظر والظاهر

ص: 164

كدين الرهن فمقدمة ولو كان الكفن مرهونًا فالمرتهن أحق به لأنه حازه عن عوض وإلا لم يكن للحوز فائدة وتقدم هذه الأمور أن احتيج إليها (ولو سرق ثم أن وجد وعوض ورث أن فقد الدين) وإلا جعل فيه ورجع المتبرع به حال السرقة بعد وجوده الأصلي قال ح وفيه نظر (كأكل السبع الميت وهو) أي ما ذكر من كفن ومؤن (على المنفق بقرابة أو رق) قن أو ذي شائبة ولو مكاتبًا أو كافرًا كما لسحنون وإن سقط الملك بالموت كما قال اللخمي قال د منه يعلم أن قولهم في الدعاء وارقائه باعتبار ما كان اهـ.

فإن مات شخص ومن في رقه معًا أو ترتبًا وجهل السابق أو سبق العبد وليس للسيد إلا ما يكفي مؤنة أحدهما قدم العبد في الصور الثلاث لأنه لا حق له في بيت المال بخلاف السيد فإن سبق السيد وعلم قدم وكفن العبد من يملكه بعد موت سيده بناء على انتقالها بمجرد الموت وكذا يظهر على الآخر وسيأتي القولان في التميز والميراث وإذا مات والد شخص وولده معًا ونفقة كل واجبة على الشخص وليس عنده إلا مؤنة واحد جرى ذلك على النفقة وقد اختلف هل ينفق على الأب أو يتحاصان اهـ.

وعليه فيتحاصان في الكفن ومؤن التجهيز فإن حصل به ستر عورة كل فظاهر وإلا كمل من بيت المال أن أمكن وإلا فعلى المسلمين ولو مات من له ابن أي موسر وأب لم تسقط نفقته عنه لزمانته قاله الجزولي تكفينه على ابنه اهـ.

وهو يفيد أن من تجب نفقته على أبيه بعد بلوغه لعجزه عن الكسب أو لجنونه ثم حدث له ولد موسر بحيث تجب نفقته عليه أن لو لم تكن نفقته على أبيه فإن نفقته تنتقل على ابنه المذكور (لا زوجية والفقير من بيت المال وإلا فعلى المسلمين) كفاية إن لم يكن ثم وقف مرصد على ذلك الأقفهسي يجوز أن يعد الكفن والقبر قبل الموت قاله في المدخل في غير المقابر المحبسة وأما فيها فلا يجوز ولما أنهى الكلام على الواجبات شرع في المندوبات وبدأ منها بمندوب المريض ومن حضر في وقت موته وبعده فقال (وندب) للمريض (تحسين) أي زيادة تحسين (ظنه بالله تعالى) وحملناه على ذلك لأنه

ــ

من عبارتهم الوجوب ولذا عبر هنا بالفعل الدال عليه انظر طفى (ثم إن وجد وعوض) قول ز قال ح وفيه نظر الخ هكذا في النسخ برمز الحطاب وليس فيه ما نقله عنه وقول ز قدم العبد في الصور الثلاث الخ بعد أن نقل صر هذه عن شرح الجزولي نظر فيها بقول المصنف أول الفرائض ثم مؤن تجهيزه بالمعروف قال ابن عاشر والتنظير ظاهر اهـ.

(وندب تحسين ظنه) قول ز لأنه يندب للصحيح أيضًا الخ ذكر ابن حجر أن المحتضر وقع الاتفاق على طلب تحسين ظنه قال وأما الصحيح ففيه ثلاثة أقوال قيل مثل الأول وهو

ص: 165

يندب للصحيح أيضًا تحسين ظنه بالله للحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء إن ظن خيرًا فله وإن ظن شرًا فله ونحوه" قول ابن العربي في الفتوحات حسن ظنك بربك على كل حال أي صحة ومرضًا ولا تسيء الظن به فإنك في كل نفس يخرج منك لا تدري هل هو آخرها أم لا ودع عنك قول من قال أسيء الظن في حياتك وحسن الظن عند موتك اهـ.

وندب زيادته للمريض لخبر مسلم لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله تعالى الظن ولأبي داود عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قبل موته بثلاث لا يمت قال الخطابي إنما يحسن الظن بالله تعالى من حسن عمله فكأنه قال أحسنوا أعمالكم بحسن ظنكم بالله فإن من ساء عمله ساء ظنه وهذا بديع جدًّا وقد يكون أيضًا حسن الظن باللهِ من ناحية الرَّجاء وتأميلي العفو والله تعالى جواد كريم اهـ.

ويوافق الأول خبر الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله كما في الجامع الصغير قال شارحه زاد في رواية الأماني اهـ.

ويستعين على حسن الظن بالتفكر في سعة رحمته وعفوه وحلمه ويجتهد في الدعاء لخبر اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى ولا يتمنى الموت لخبر لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ولكن يقول اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرًا لي (و) ندب لحاضره (تقبيله) للقبلة عند الجمهور لأنها أفضل الجهات وروى ابن القاسم كراهته لأنه لم يفعل به صلى الله عليه وسلم ويكون ذلك (عند إحداده) بصره وشخوصه إلى السماء (على) شق (أيمن ثم) إن لم يقدر فعلى (ظهر) ورجلاه للقبلة وظاهره أنه لا يجعله على شقه الأيسر ونحوه في الطراز وما في التوضيح من جريه على القولين في صلاة المريض يقتضي أنه يجعله على أيمن ثم أيسر ثم ظهر ويأتي أن الميت يضجع في اللحد على شقه الأيمن مستقبلًا بخلاف وضعه للغسل فالأفضل على شقه الأيسر ليبدأ بغسل الأيمن قاله في الجواهر (و) ندب

ــ

الذي لابن العربي الحاتمي وقيل يعتدل عنده جانبا الخوف والرجاء والثالث أنه يطلب منه غلبة الخوف قال وهذا هو التحقيق وحمل حديث أنا عند ظن عبدي بي الخ على المحتضر بدليل حديث مسلم لا يموتن أحدكم الخ اهـ.

نقله بعض شيوخنا (على أيمن ثم ظهر) قول ز وما في ضيح من جريه على القولين الخ هذا الذي نسبه لضيح ليس فيه إنما هو في لفظ ابن الحاجب ونصه وكيفية التوجه كالقولين في صلاة المريض اهـ.

فقال في ضيح أي في تقديم الأيمن على الاستلقاء وأما بين الأيسر والأيمن فبعيد اهـ.

ص: 166

(تجنب) أي بعد (حائض وجنب له) عن البيت الذي هو فيه المازري لأن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه جنب أو حائض والظاهر أن النفساء كالحائض وكذا يندب أن يجنب البيت كلبًا غير مأذون في اتخاذه أو مطلقًا على الخلاف في ذلك وتمثالًا وآلة لهو وكل شيء تكرهه الملائكة وكذا يندب تجنب نجس له أي بعده عنه فقط لا عن البيت وكذا تجنب صبي يعبث ولا يكف إذا نهى وكونه طاهرًا وما عليه طاهر وحضور طيب عنده وأحسن أهله وأصحابه سمتًا وخلقًا وخلقًا أو كثرة الدعاء له وللحاضرين لأن الملائكة يحضرون ويؤمنون وهو من مواطن استجابة الدعاء وإن لا يبكي أو يسترجع عنده بحيث يعلم به (و) ندب (تلقينه الشهادة) لخبر لقنوا موتاكم لا إله إلا الله أي تذكير من حضره الموت بحضور أسبابه فهو من باب تسمية الشيء باسم ما يؤول إليه وأراد بالشهادة الشهادتين فاكتفى بذكر أحدهما عن الآخر كقوله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وقد علم أنها لا تكفي دون محمَّد صلى الله عليه وسلم وهل ندب ذلك لتكون آخر كلامه أو ليطرد به الشياطين الذين يحضرونه لدعوى التبديل والعياذ بالله وجهان ذكرهما المازري في المعلم ابن نافع والصواب هما معًا وظاهر المصنف كالخبر كان المريض صغيرًا أو كبيرًا وخصه النووي بالثاني ولا يلح عليه بل يسكت بين كل تلقينة سكتة الأبي ولا يقال له قل لأنه تكليف وليس بمحل تكليف وإنما يعرض أي يذكر الشهادتين تعريضًا حتى يقولهما أي ولأنه لو قيل له قل لربما قالا لا جوابًا بالرد فتنة الفتانين أو إبليس كما وقع للإمام أحمد فيساء الظن به قال الأبي ورد بقوله عليه الصلاة والسلام لأبي طالب وهو في النزع قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله تعالى اهـ.

وفيه نظر إذ هو لم يسبق منه قولها لكفره والكلام هنا في المسلم ثم إذا قالها المحتضر بعد التلقين لا يعاد عليه إلا أن يتكلم بكلام أجنبي فيعاد لتكون آخر كلامه لخبر من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ويكون الملقن له غير وارثه إن وجد وإلا فأرفقهم به ولا يضجر من عدم قبول المحتضر لما يلقن لأنه يشاهد ما لا يشاهدون ومن خرس لسانه أو أذهب المرض عقله فلم ينطق قبل الموت حكم له بما كان عليه قبل من الإِسلام كما أن الكافر يحكم له بما كان عليه من الكفر.

ــ

(وتلقينه الشهادة) قول ز لخبر لقنوا موتاكم الخ هذا الحديث خرجه الترمذي وقال فيه عبد الحق حديث حسن صحيح نقله ابن ناجي وقول ز بشروط ولم توجد في هذا الخ أما شروط العمل بالضعيف فهي ثلاثة نقلها السخاوي في القول البديع عن شيخه الحافظ ابن حجر قال الأول وهو متفق عليه أن يكون الضعف غير شديد الثاني أن يكون مندرجًا تحت أصل عام الثالث أن لا يعتقد عند العمل به نبوته لئلا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل به اهـ.

ص: 167

فائدة: ورد أن جبريل يحضر كل من مات من أمة محمَّد وما اشتهر على ألسنة الناس أنه لا ينزل إلى الأرض بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فلا أصل له ومن الدليل على بطلانه ما للطبراني في الكبير عن ميمونة بنت سعد قالت قلت يا رسول الله هل يرقد الجنب قال ما أحب أن يرقد حتى يتوضأ فإني أخاف أن يتوفى فلا يحضره جبريل وله ولنعيم بن حماد عن النبي صلى الله عليه وسلم في وصف الدجال قال فيمر بمكة فإذا هو بخلق عظيم فيقول من أنت فيقول أنا ميكائيل بعثني الله لأمنعه من حرمه ويمر بالمدينة فإذا هو بخلق عظيم فيقول من أنت فيقول أنا جبريل بعثني الله لأمنعه من حرم رسوله وفي تفسير تنزيل الملائكة والروح فيها أن المراد به جبريل قاله السيوطي في كتابة الإعلام بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام وندب أيضًا تلقينه الشهادتين بعد الدفن كما جزم به القرطبي والثعالبي وصاحب المدخل وابن الطلاع وغير واحد من المالكية وفاقًا للنووي للحديث الطويل الذي في آخره فإن منكرًا ونكيرًا يتأخران عنه كل واحد منهما يقول لصاحبه انطلق بنا ما يقعدنا عند هذا وقد لقن حجته الخ وهو ضعيف وإنما يعمل بالضعيف في فضائل الأعمال بشروط ولم توجد في هذا لأنه لم يندرج تحت أصل كلي بل فيه ابتداء شرع فيه فلا يعمل به وإن كان في المقاصد تقويته.

فائدة: أخرى أولاد الأنبياء في الجنة إجماعًا وكذا أولاد المؤمنين عند الجمهور وقيل في المشيئة وأنكر وفي أن أولاد الكفار في الجهة وعزى للجمهور وصححه النووي أو تحت المشيئة ابن عبد البر صرح به أصحاب مالك ولا نص عنه في المسألة أو تبع لآبائهم أو بين الجنة وأننا غير معذبين أو خدم أهل الجنة أو يصيرون ترابًا أو يمتحنون برفع نار لهم فمن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا ومن أبى عذب أو في النار أو لوقف أو الإمساك وفي الفرق بينهما دقة أقوال عشرة بسطها في الفتح ونقله العلقمي في خبر أطفال المشركين (و) ندب (تغميضه وشد لحييه إذا قضى) قيد فيهما (وتليين مفاصله) إذا قضى (برفق ورفعه عن الأرض) خوفًا من الهوام ومن إسراع الفساد إليه (وستره) حتى وجهه (بثوب) بعد نزع ما عليه من الثياب قاله سند وفي المدخل ينزع ما عليه من الثياب ما عدا القميص ويمكن حمل كلام سند عليه قاله الحطاب وتبعه الشيخ سالم واعتراض عج بأنه خلاف مفاد الشارح بلا دليل غير ظاهر

ــ

باختصار وقول ز لأنه لم يندرج تحت أصل الخ فيه نظر بل مندرج تحت قوله سبحانه وتعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)} [الذاريات: 55] كما في ق عن ابن العربي عند قوله وعلى قبره وقول ز وكذا أولاد المؤمنين عند الجمهور الخ هذا حكى النووي عليه الإجماع لقوله سبحانه تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] الآية وقول الله عز وجل بإيمان قال المفسرون حقيقة إن كانوا كبارًا أو حكمًا إن كانوا صغارًا ونقل الإجماع في الفتح وسلمه ونقله ابن عرفة عن النوادر وانظر ق عند قوله الآتي كان أسلم

ص: 168

إذ بعد سند وابن الحاج يقال ذلك على أن كلام الشارح ليس فيه صراحة بما إدعاه غايته أنه يتوهم من تعليله ستره بأنه أستر له عن أعين الناس اهـ.

وأنت خبير بأن مثل هذا لا يدفع النص وإنما ندب ستر وجهه لأنه ربما تغير وجهه من المرض تغيرًا وحيشًا فيظن من لا معرفة له ما لا يجوز (ووضع ثقيل) كسيف أو حديدة أو غيرهما (على بطنه) خوف انتفاخه فإن لم يكن فطين مبلول قاله الشارح وانظر ما وجه هذا الترتيب قال تت ابن عرفة وجعل الحديد لا أعرفه في المذهب (وإسراع تجهيزه إلا الغرق) والصعق ومن يموت فجأة ومن به مرض السكتة ومن مات تحت هدم فلا يندب إسراع بهم بل في كلامهم ما يفيد وجوب تأخيرهم ولو أتى عليه يومان أو ثلاثة حتى يتيقن موته أو يظهر تغيره (و) ندب (للغسل سدر) وهو ورق شجر النبق وقيل نبت باليمن له رائحة زكية وخصه بالذكر وإن كان غيره عند عدمه من غاسول وخطمي وأشنان وصابون ونطرون وحرض يقوم مقامه تفاؤلا بالعروج إلى سدرة المنتهى التي تنتهي إليها أرواح المؤمنين عياص ليس معناه عند كافتهم أن تلقي ورقاته في الماء فإنه منكر ومن فعل العامة بل يطحن ويجعل في الماء ويخض حتى تبدو له رغوة ويعرك به جسد الميت وتكون الغسلة الأولى بالماء القراح عند الجمهور والثانية بالماء والسدر للتنظيف الداودي وهذا حقيقة مذهب مالك وعكس ابن حبيب والثالثة بالماء والكافور كما يذكره المصنف (وتجريده) للغسل من ثيابه التي مات فيها لأنه أمكن الأمن ساتر عورته (ووضعه) حال غسله (على مرتفع) لأنه أمكن ولئلا يقع من غسله على غسله شيء (وإيثاره) أي لغسل إن حصل إنقاؤه بما قبله (كالكفن لسبع) فإن لم

ــ

ونفر من أبويه (وللغسل سدر) يعني في غير الأخيرة لما يأتي وقول ز وخطمي وأشنان الخ أما الخطمي فهو بذر الخبيزي وأما الأشنان بضم الهمزة فهو المعروف عندنا بالغاسول العشبي، وأما الحرض بضمتين فهو الأشنان كما في القاموس وأما النطرون فلم أجده في القاموس وقول ز وعكس ابن حبيب الخ فيه نظر بل ما نقله قبله عن الجمهور هو عين ما نقله أبو الحسن وغيره عن ابن حبيب كما في ح ونص ابن ناجي وقول الشيخ بماء وسدر مثله في المدونة فأخذ اللخمي منه غسله بالمضاف يقول ابن شعبان وأجيب بأن المراد لا يخلط الماء بالسدر بل يحك الميت بالسدر ويصب عليه الماء وهذا الجواب عندي متجه وهو اختيار أشياخي والمدونة قابلة لذلك ثم قال ومنهم من تأولها يقول ابن حبيب الأولى بالماء وحده والثانية بالماء والسدر والثالثة بالكافور اهـ.

لكن في ضيح عن الباجي مثل ما هنا ونصه وحكى الباجي عن ابن حبيب أن الوضوء يكون في الثانية لأن الأولى تنظيف فينبغي أن يكون الوضوء بعد النظافة اهـ.

فلعل لابن حبيب قولين وقد تحصل مما تقدم ثلاث تأويلات على المدونة تأمله (كالكفن لسبع) انظر ابن عرفة فقد ذكر أنه لم ير تحديده أي الغسل بسبع لأحد وأما

ص: 169

يحصل نقاء بالغسلة السابعة فلا يطلب وتر بعدها بل ينقى ولو بشفع (ولم يعد) أي يكره لأنه تعمق كذا يظهر (كالوضوء لنجاسة) خرجت من قبله أو دبره لانقطاع التكليف والقدر المأمور به تعبدًا قد فعل (وغسل) من بدنه وكفنه وجوبًا أو استنانًا على ما مر من إزالة النجاسة وكذا لا يعادان لوطء الميتة كما مر (وعصر بطنه) مخافة خروج شيء منها بعد تكفينه (برفق) لئلا يخرج شيء من أمعائه ويكون قبل التغسيل (وصب الماء) متتابعًا (ف) حال (غسل مخرجيه) ويغسل وجوبًا (بخرقة كثيفة) يلفها على يده ثقات بحيث لا يجد معها لين ما يمر يده عليه ويحرم مباشرة العورة إلا أن يضطر كما قال (وله الإفضاء إن اضطر) وقد ظهر مما قررنا أن قوله بخرقة متعلق بمقدر لا بالدب المقدر في المعطوف لأن الغسل بالخرقة واجب لا مندوب وإلا ناقض مفهوم أن اضطر (وتوضئته) قبل الغسلة الأولى وبعد إزالة الأذى مرة كما يفيده قوله قبل وغسل كالجنابة فهو مغن عما هنا وتقدم أن الغسلة الأولى بالماء القراح وأنه لا يكرر الوضوء على الراجح (وتعهد أسنانه وأنفه بخرقة) مبلولة لإزالة ما يكره ريحه أو رؤيته ابن حبيب ويدخل في الماء في أنفه ثلاثًا (وإمالة رأسه) برفق كما في بعض النسخ (المضمضة) ليخرج الماء بما فيه من الأذى (وعدم حضور غير معين) للغاسل بل يكره حضور ذلك الغير (وكافور) وهو نوع من الطيب شجرته عظيمة تظل أكثر من مائة فارس قاله في تحقيق المباني (في) الغسلة (الأخيرة) لأنه لشدة برده يسد المسام فيمنع سرعة تغير الجسم ولتطييب رائحته للمصلين وللملائكة قال عج بعد التعليل الأول ومن هذا يؤخذان الأرض التي لا تبلى أفضل من غيرها خلافًا للشافعية وفيه أن مجرد الأخذ من شيء لا يثبت به حكم حتى يقال فيه خلافًا للشافعية ثم لعل وجه الاختلاف يرجع إلى أن الأولى أن يدفن بما لا تبلى

ــ

اللخمي فقد ذكر أنه لم ينق بست سبع كما في ق ولم يقل لا يراعى الوتر بعد ذلك والله أعلم (وله الإفضاء إن اضطر) هذا مثل قوله في المدونة وإن احتاج أن يباشر بيده فعل اهـ.

قال اللخمي ومنعه ابن حبيب وهو أحسن ولا يكون الميت في إزالة تلك النجاسة أعلى من الحي إذا كان لا يستطيع إزالتها لعلة أو غيرها إلا بمباشرة غير ذلك الموضع فإنه لا يجوز أن يوكل من يمس فرجه لإزالة ذلك منه ويجوز أن يصلي على حاله فهو في الموت أخف ولا يكشف ويباشر ذلك منه اهـ.

نقله أبو الحسن (وأنفه بخرقة) أي خرقة أخرى غير الأولى كما في ضيح ويفهم ذلك هنا من إعادتها نكرة (وكافور) قول ز نوع من الطيب شجرته عظيمة الخ نحوه في القاموس ونصه الكافور طيب معروف يكون من شجر بجبال بحر الهند والصين يظل خلقًا كثيرًا وتألفه النمورة وخشبه أبيض هش ويوجد في أجوافه الكافور وهو أنواع ولونها أحمر وإنما يبيض بالتصعيد اهـ.

ص: 170

أو تبلى (ونشف) ندبًا بعد غسله وقبل تكفينه (و) ندب (اغتسال غاسله) بعد فراغه لئلا يتوقى ما يصيبه منه فلا يكاد يبالغ في أمره لتحفظه فإذا وطن نفسه على الغسل فتمكنه أكثر فاغتسال الغاسل كالعلة الغائية وهي التي تحمل على العمل ويتقدم تصورها عليه ذهنًا ويتأخر وجودها عنه في الخارج كالجلوس على السرير فإن تصوره ذهنًا مقدم على علم السرير ويتأخر الجلوس بالفعل عليه في الخارج قال الشاعر:

نعم ما قال سادة الأول

أول الفكر آخر العمل

(و) ندب (بياض الكفن) قطنًا أو كتانًا والقطن أستر غالبًا ولا يخرجه عن كونه أبيض وجود خط فيه غير أبيض قال بعض وعدل عن أن يقول وللكفن بياض كما قال وللغسل سدر لعدم حسنه فيما عطف عليه من قوله (وتجميره) بالجيم وفيه شيء أي تبخيره وترًا ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا بعود أو غيره مما تبخر به واستحبه بعضهم بعنبر وصحفه بعضهم بتخميره بالخاء أي جعل الثياب بعضها فوق بعض ويدرج فيها لقوله في الحديث أدرج فيها ويندب التبخير أيضًا حال الغسل لئلا يشم منه رائحة كريهة ويزاد في البخور عند عصر بطنه في المدخل ينبغي أن يشتغل الغاسل بما ذكر أي من التغسيل وما يتعلق به عن سائر العبادات ذكرًا كانت أو غيره اهـ.

ولا ينافيه قول ابن شعبان في زاهيه يكثر الغاسل من ذكر الله حال الغسل اهـ.

لحمله على ذكر لا يشغل عما يتعلق بالميت والأول على ما يشغله (وعدم تأخره)

ــ

(واغتسال غاسله) قول ز لئلا يتوقى الخ هذه العلة ذكرها الشارح وغيره وفي المسألة خلاف ما ذكره ابن رشد في البيان ونصه بعد كلام فمن أوجب الغسل على الغاسل جعل أمر النبي صلى الله عليه وسلم به كما في حديث أبي هريرة الذي في الموطأ من غسل ميتًا فليغتسل عبادة لا لعلة وحمله على مقتضاه من الوجوب ومن استحبه ولم يوجبه جعل أمر النبي صلى الله عليه وسلم به لعلة واختلفوا ما هي فمنهم من قال إنما أمره بالغسل ليبالغ في غسل الميت لأنه إذا غسل الميت موطنًا على الغسل لم يبال بما ينتضح عليه منه فكان سببًا لمبالغته في غسله ومنهم من قال ليس معنى أمره بالغسل أن يغسل جميع بدنه كغسل الجنابة وإنما معناه أن يغسل ما باشره به أو انتضح عليه منه لأنه ينجس بالموت وإلى هذا ذهب ابن شعبان اهـ.

وما قاله ابن شعبان ظاهر وجهه (وبياض الكفن) قول ز والقطن استر غالبًا الخ في ح عن سند والقطن أفضل لأنه أستر قال ح وفيه نظر لأن من الكتان ما هو أستر من القطن والظاهر أن يقال لأن النبي صلى الله عليه وسلم كفن فيه اهـ.

ومثله في ضيح عن الأصحاب (وعدم تأخره) قول ز خوف الخروج شيء منه الخ

ص: 171

أي الكفن أي إدراجه فيه (عن الغسل) خوف خروج شيء منه لا يقال الخوف موجود مع عدم تأخره لأنا نقول هو نادر أو أنه فعل ما هو المقدور (والزيادة على) الكفن (الواحد) فلواحد مفضول لمرتبتي الشفع والوتر غيره والاثنان فيهما مندوب واحد وهو الزيادة على الواحد والثلاثة والخمسة والسبعة في كل مندوبان الزيادة على الواحد والوترية (ولا يقضي) على الورثة (بالزائد) في الصفة على ما يلبسه في جمعه وأعياده (إن شح الوارث) وأما الزائد في العدد على الواحد فيقضي به ولو شح الوارث لأن تكفينه في ثلاثة حق واجب لمخلوق كما قال الأقفهسي هذا هو المعتمد ولا ينافيه وله قبل أن الزائد على الواحد مندوب وهو لا يقضي به وقوله الآتي وهل الواجب ثوب يستره لحمل المحلين المذكورين على حق الله فمعناه والزيادة على الواحد الواجب لحق الله وهل الواجب لحق الله ثوب

ــ

الصواب خوف التغير (ولا يقضي بالزائد) قول ز وأما الزائد في العدد على الواحد فيقضي به الخ صحيح لقول عيسى بن دينار يقضي على الورثة والغرماء بثلاثة أثواب قول ابن عبد السلام أنه الظاهر لأنه غالب كفن الناس وهو كلباسه في الحياة ووقع لسحنون أنه قال إذا أوصى بثوب واحد فزاد بعض الورثة ثانيًا أنه لا ضمان عليه إن كان في المال محمل ابن بشير وهو يشعر بأن الاقتصار على الواحد منهي عنه اهـ.

نقله في ضيح وفي ق نقل ابن يونس عن ابن شعبان لا ينقص الرجل عن ثلاثة أبواب قال طفى وفي الجواهر وأما عدده فأقله ثوب واحد ساتر لجميع الجسد والثاني والثالث حق للميت في التركة اهـ.

قال فعلم منه أن ما يستره أو عورته حسبما يأتي حق لله تعالى لا يجوز تركه والثلاثة حق للميت يقضي له بذلك على الورثة والغرماء عند التشاح اهـ.

فتبين بذلك أن الميت إن كانت له تركة تحمل ثلاثة أثواب قضى له بها ويجب على الورثة وغيرهم تكفينه فيها لأن ذلك حق للميت في ماله وهذا محل القضاء الذي ذكروه وإن لم يترك مالًا يكفن منه فالواجب على الناس لحق الله تعالى ثوب يستره أو عورته على الخلاف ويستحب لهم الزيادة على الواحد وهذا محل ما تقدم من استحباب الزيادة على الواحد وما يأتي من قوله وهل الواجب ثوب يستره الخ واندفع بذلك التعارض بين استحباب الزيادة والقضاء بها والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب وقول ز فإن أوصى بأنقص من ثلاثة الخ بقي ما إذا أوصى بأنقص في الصفة وقد قال ابن رشد تتبع وصيته إن أوصى بشيء يسير في قيمة الأكفان دون أن ينقص في العدد من الثلاثة اهـ.

وقال ابن شعبان إن أوصى بشيء يسير في كفنه لم يكن لبعض الورثة الزيادة من غير ممالاة من جميعهم ابن رشد يريد في صفته نقله ق وقول ز وكان قوله إلا أن يوصي في محله لاعتماده الخ فيه نظر فقد نقل طفى عن ق وأظنه في الكبير ما نصه لا أذكر من قال إن الزائد على الواحد يخرج من الثلث أن أوصى قال طفى قول ق لا أذكر الخ مراده والله تعالى أعلم من المتقدمين وإلا فقد ذكره ابن الحاجب فما ورد على المصنف من الاعتراض يرد عليه

ص: 172

يستره الخ أما على أنه ستر العورة فقط فظاهر وأما على أنه جميع جسده فلأنه لما كان ميتًا ربما عرض له ما يكشف بعضه فينجر إلى كشف عورته فلذا جعل ستر جميعه من حق الله تعالى ثم إنه يقضي له بالنسبة لحق المخلوق بالثلاثة كما يلبسه في جمعه وأعياده كما قال ابن رشد ولو مدينا وهذا يخصص قوله في باب الفلس أو ثوبي جمعته لأن ما هنا من مؤن التجهيز وهي مقدمة على الدين (إلا أن يوصي) بزائد في الصفة (ففي ثلثه) بالقضاء والراجح بطلانها ابن رشد وهو قول مالك وابن القاسم وأشهب وهو الصواب اهـ.

لا يقال الوصية التي يحملها الثالث نافذة لأنا نقول إنما تنفذ بقربة وهذه غير قربة هنا فإن أوصى بأنقص من ثلاثة كواحد عمل بوصيته عند بعضهم لأنها حق له فله إسقاطه ولم يعمل بها عند ابن يونس وابن رشد وعلى الأول فإن زاد بعض الورثة على وصيته بواحد بغير إذن باقيهم لم يضمن لأن عليه أي على وارث الميت في الواحد وصمًا قاله سحنون.

تنبيه: علم مما قررنا أنه إن حمل قوله ولا يقضي بالزائد الخ على ما لشراحه من أن المراد زائد في العدد على واحد كان ضعيفًا وكان قوله إلا أن يوصي في محله لاعتماده وإن حمل على الزائد في الصفة كما قررنا صح وكان قوله إلا أن يوصي ضعيفًا (وهل الواجب) في كفن الرجل (ثوب يستره) جميعه بخلاف الحي (أو ستر العورة) كالحي (و) ستر (الباقي سنة خلاف) وأما المرأة فيجب تكفينها في ثوب يستر جميع جسدها قولًا واحدًا (ووتره) مكرر مع قوله قبل وإيتاره كالكفن وكان ينبغي له تقييده بالثلاث فما فوقها وإلا فالشفع أفضل من الواحد وكأنه استغنى بقوله عقبة (و) فضل (الاثنان على الواحد) لأنهما أستر بها صرح الجزولي بكراهة الاقتصار على الواحد فهو في قوة الاستثناء منه ومن قوله سابقًا والزيادة على الواحد وقال بعض ليس مكررًا معه لأن ذاك مذكور تبعًا وهذا بالقصد (والثلاثة على الأربعة) والخمسة على الستة وفي كلامه إشعار بأن في الأربعة فضيلة بالنسبة للاثنين وأولى للواحد وهل تفضل الثلاثة الستة أيضًا وهو مقتضى التعليل بأن فيها الوتر والزيادة على الواحد وهو الظاهر أم لا وهو المتبادر من قولهم الثلاثة على الأربعة والخمسة على الستة (و) ندب (تقميصه وتعميمه وعذبة) بذال معجمة (فيها) أي في العمامة المدلول عليها بتعميمه يغطي بها وجهه وكل واحد من هذه الثلاثة مندوب لا أنها مندوب واحد وتندب العذبة للحي أيضًا قال بعضهم صارت العذبة اليوم شعار قوم

ــ

(خلاف) قال عج هما قولان لم يشهرا فكان على المصنف أن يقول قولان اهـ.

وأصله قول غ سالم في ضيح أن الأول ظاهر كلامهم ونسب الثاني للتقييد والتقسيم ومقتضى كلامه هنا أن الخلاف في التشهير اهـ.

(وتقميصه وتعميمه) قال في ضيح المشهور من المذهب أن الميت يقمص ويعمم أما

ص: 173

يسمون الصوفية فلا ينبغي أن يتخذها إلا من كان على طريقهم وإلا كان كاذبًا اهـ.

(وازرة) تحت القميص أو سروال وهو أستر (ولفافتان) وازرة بكسر أوله قاله الشاذلي على الرسالة وقال هنا في شفاء الغليل لم أقف على هذه اللفظة اهـ.

وفي نظم المطالع:

وازرة المؤمن ضم الأكثر

وصوب الكسر والخلاف وإنما هو في الأزرة بمعنى ما يؤتزر به كما هو المراد وأما إذا أريد بها الهيئة فبالكسر لا غير (والسبع للمرأة) أي أزرة وخمار بدل عمامة الرجل يغطي به وجهها وقميص وأربع لفائف وخمس للرجل أزرة وقميص وعمامة ولفافتان سند تبسط الأكفان ويجعل أسفلها أي الوالي للأرض لا لجسد الميت أحسنها لأن أحسن ثياب الحي يكون ظاهرها ابن حبيب يعطف الثوب الذي يلي جسده بضم الأيسر إلى الأيمن ثم الأيمن إلى الأيسر كما يلتحف في حياته ويفعل هكذا في كل ثوب فيدرج فيها أدراجًا أبو عمر ولا تخاط لفائفه إجماعًا أي خلافًا لابن شعبان أشهب يشد الكفن من عند رأسه ورجليه ثم يحل ذلك في القبر وإن ترك عقدة فلا بأس ما لم تنتثر أكفانه اهـ.

(وحنوط) بالفتح طيب يذر (داخل كل لفافة و) يذر منه (على قطن يلصق بمنافذه) بذال معجمة عينيه وأذنيه وأنفه وفيه ومخرج الذكر ومخرجي الأنثى وعبر بقوله يلصق لأنه لا يدخل فيها ففي التوضيح والحذر الحذر مما يفعله بعض الجهلة من إدخال القطن داخل دبره وكذلك يحشون أنفه وذلك لا يجوز اهـ.

(و) ندب في الحنوط (الكافور) أي كونه كافورًا كما في المدونة وغيرها وليس معناه ما هو ظاهره وعليه قرره تت أنه يندب جعل الكافور (فيه) أي في الحنوط فلو قال وحنوط وكونه كافورًا داخل الخ كان أولى أي أفضل أنواع الحنوط الكافور في منافذه مع قطن يلصق عليها (وفي مساجده) السبعة الجبهة مع الأنف والكفين مع الأصابع والركبتين وأطراف أصابع الرجلين من غير قطن (و) على قطن يلصق في محله (حواسه) الأذنين والعينين والفم وهي أخص من منافذه لشمول الأول للمخرجين والأنف فلو اقتصر على الأول يكفي ومن محل حواسه اللمس وليست داخلة هنا وتدخل في مساجده حيث كانت حاسة الذهبي في اليدين (و) يجعل من غير قطن في (مراقه) بفتح الميم وشد القاف مارق

ــ

استحباب التعميم فهو في المدونة وأما التقميص فتعقبه البساطي يقول ابن الحاجب أنه مباح ورواية يحيى بن يحيى يستحب أن لا يقمص ولا يعمم وحكاية ابن القصار كراهة التقميص عن مالك وليس في ذلك استحباب التقميص اهـ.

نقله تت وفيه أن استحباب التقميص نقله ق عن الواضحة وأما قول المصنف أنه المشهور من المذهب فهو في عهدته لكن من حفظ حجة على من لم يحفظ (وحواسه) قول ز

ص: 174

من جلده ويعبر عنها أيضًا بالارفاغ وهي مغابن الجسد وقال الشاذلي رفغية تثنية رفيع بضم الراء وفتحها باطن الفخذ وقيل ما بين الدبر والذكر اهـ.

كأبطيه وعكن بطنه وخلف أذنيه وتحت حلقه وفي سرته فيما بين فخذيه وأسافل ركبتيه وقعر قدميه وإنما اختصت هذه الأماكن بالحنوط على الوجه المذكور مع تعميم غسل جسده بالكافور لما فيها من إسراع التغير لها دون غيرها من باقي الجسد وعلم مما قررناه أن الحنوط يجعل في مساجده ومراقه من غير قطن وبقطن في حواسه وما بقي من منافذه (وإن) مات (محرمًا ومعتدة) من وفاة للعمل وهو مقدم عند مالك على خبر الآحاد وإن صح ولانقطاع التكليف بالموت (و) لبقاء التكليف بالحياة (لا يتولياه) أي لا يتولى المحرم ولا المعتدة تحنيط الميت ولو زوج المعتدة لأنها حادة بل تغسله وتكفنه فقط إلا أن تكون وضعت بعد موته فتمسه وتحنطه أو بموضع ليس به من يتولى فلتفعله هي والمحرم مع احتيالهما في عدم مسه بيد (ومشى مشيع) لمحل صلاة ودفن وكره ركوبه في ذلك كما قال ابن حبيب وجاز بالرجوع بعد الدفن (وإسراعه) أي المشيع حاملًا للميت أولًا بلا خبب إن لم يخف بالإسراع به أو بعدم الخبب تغيره وإلا كان أولى بل يجب أن غلب على الظن بالإسراع أو بعدمه (وتقدمه وتأخر راكب) عن الجنازة كما في الشرح لا عن الماشي الصادق بتقدمه على الجنازة (ومرأة) ويتقدم راكب على مرأة (وسترها) أي المرأة الميتة المدلول عليها بالمقام لا المرأة التي قبل بلصقه إذ هي حية فهو من باب عندي درهم ونصفه (بقبة) تجعل على ظهر النبش لأنه أبلغ في الستر وأول من فعل به ذلك زينب بنت جحش أول ميتة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وقيل فاطمة وبينهما يسير مع تأخر زينب (ورفع اليدين بأول التكبير فقط) وخلاف الأولى في غير أولاه (وابتداء بحمد وصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم) عقب كل تكبيرة كما هو ظاهره كالموطأ وفي الطراز عقب التكبيرة الأولى فقط ويدعو في غيرها وعزاه في النوادر للصقلي (وأسرار دعاء) لكل مصل ولو بليل (ورفع صغير على أكف) حيث يمكن ذلك من غير مشقة فادحة (ووقوف إمام بالوسط)

ــ

للمخرجين والأنف الصواب إسقاط قوله والأنف تأمله (وسترها بقبة) في ق عن ابن حبيب لا بأس أن يجعل على النعش للمرأة البكر أو الثيب أشاح ورداء الوشي ما لم يجعل مثل الأخمرة الملونة فلا أحبه ولا بأس أن يستر الكفن بثوب ساج ونحوه وينزع عند الحاجة اهـ.

فظهر أن ما يفعله الناس اليوم بالبكر والنفساء مما هو معتاد لا زيادة فيه على العرف لا بأس به والله تعالى أعلم وقد رد صاحب المعيار على من أنكر ذلك (وابتداء بحمد وصلاة) قول ز وعزاه في النوادر للصقلي الخ هذا غلط واضح فإن النوادر للشيخ أبي محمَّد بن أبي زيد وقد تقدمت وفاته على وفاة ابن يونس الصقلي بأزيد من خمسين عامًا وإنما جاءه الغلط والله أعلم من كلام تت في كبيره ونصه وفي الطراز لا تكرر الصلاة والتحميد في كل تكبيرة بل في الأولى ويدعو في غيرها قاله في النوادر وعزاه للصقلي اهـ.

ص: 175

بفتح السين للميت الذكر (و) عند (منكبي المرأة) ولا يلاصقها إجماعًا بل تكون بينهما فرجة حكاه عياض عن الطبري انظر د (رأس الميت) ذكر أو أنثى (عن يمينه) أي المصلي ندبًا حيث صلى عليه في غير الروضة الشريفة وإلا جعل رأس الميت عن يساره ليكون رجلاه لغير جهة القبر الشريف.

تنبيه: ليس من شرط صحة صلاتها تقدم الميت على المصلي بل شرط كمال فيكره لمنفرد أو إمام أو مأموم تقدمه عليها فإن تقدم المأموم عليها وعلى إمامه المتأخر عنها فقد فعل مكروهين تقدمه على الإِمام وعلى الجنازة كذا يفيده ح عن المدخل وانظر لو تقدم عليها كل المأمومين والإمام هل تصح أيضًا كما في صلاة فرض العين في تقدم جميعهم على الإِمام أولًا كما يقتضيه العطف بأوان لم يجعل بمعنى الواو (ورفع قبر كشبر مسنمًا) كسنام البعير هذا هو المذهب دون قوله (وتؤولت أيضًا على كراهته فيسطح) ولكن لا يسوى بالأرض بل كشبر أيضًا على المذهب وقيل قليلًا بقدر ما يعرف (وحثو قريب) للقبر بأن يكون على شفيره (فيه ثلاثًا) بيديه معًا قال بعض يقول في الأولى منها خلقناكم في الثانية وفيها نعيدكم وفي الثالثة ومنها تخرجكم تارة أخرى لوروده في خبر قاله الشيخ سالم (وتهيئة طعام لأهله) لخبر عبد الله بن جعفر لما قدم خبر موت أبي قال صلى الله عليه وسلم لأهل بيته اصنعوا لآل جعفر طعامًا وابعثوا به إليهم فقد جاءهم ما يشغلهم عنه اهـ.

إن لم يجتمعوا المناحة (وتعزية) أي حمل على صبر بوعد الأجر ودعاء للميت وللمصاب لخبر عظم الله أجرك وأحسن عزاك وغفر لميتك وندبت لخبر إن الله يلبس الذي عزاه لباس التقوى وخبر من عزى مصابًا فله مثل أجره وخبر من عزى ثكلى كسى بردًا في الجنة وتكون في كل ميت قال تت صغيرًا أو كبيرًا حرًّا أو عبدًا رجلًا أو امرأة وهو كذلك إلى أن قال ولمالك يعزى من النساء بالأم خاصة اهـ.

ونحو الأول للبيان من أنه يعزى في كل امرأة فما ذكره عن مالك هو قول والمعتمد خلافه خلافًا لمن اغتر بقوله فجعله هو المذهب ويعزى الرجل والمميز لا غيره ولا الشابة ولا مسلم بكافر قريبه ولو جار أو يعزي الكافر الجار لحق الجوار حتى بكافر قال مالك يقول له بلغني ما أصاب ابنك الحقه الله بكبار أهل دينه وخيار ذوي ملته اهـ.

والأولى فيها أن تكون في بيت المصاب وأما عند القبر وتسوية التراب فواسع في الدين لا في الأدب وقال اللخمي مكروه لكنه مستعمل اهـ.

ــ

فتوهم ز أن ضمير عزاه لصاحب النوادر وليس كذلك بل يعود لصاحب الطرز أي عزا سند هذا الكلام للصقلي فصواب ز أو عكس وقال عزاه الصقلي للنوادر اهـ.

(ورأس الميت عن يمينه) قول ز كما في صلاة فرض العين الخ قد تقدم لز هناك أيضًا التردد في صحتها عند تقدم جميعهم عن الإِمام (وتعزية) قول ز ولا مسلم بكافر قريبة الخ هذا قول مالك واختار ابن رشد تعزية المسلم بأبيه الكافر مخالفًا لمالك انظر ق وقول ز وقال

ص: 176

وانظر هل تندب تعزية مصاب بغير موت كما هو ظاهر الخبرين المتقدمين أم لا وندب لمصاب استرجاع للآية ولخبر من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته وأحسن عقباه وجعل له خلفًا صالحًا يرضاه ويقول عقب الاسترجاع اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها لحديث في ذلك وفي أجرني ثلاث لغات مد الهمزة وكسر الجيم وسكون الهمزة مع كسر الجيم أو ضمها وانظر ما لرواية (وعدم عمقه) لقول عمر بن عبد العزيز لا تعمقوا قبري فإن خير الأرض أعلاها وشرها أسفلها وسيقول أقله ما منع رائحته وحرمه وانظر ما وجه التعليل المذكور هل لأن كثرة التراب اللازم لأسفلها فيه إسراع بلائه وتقدم أن الأرض التي لا تبلى أفضل أولًا (و) ندب (اللحد) وهو أفضل من الشق بفتح الشين في أرض صلبة لا يخاف تهايلها وإلا فالشق أفضل (وضجع فيه على أيمن مقبلًا) ويقول واضعه باسم الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم تقبله بأحسن قبول وإن ترك أو دعا بغيره فواسع (وتدورك) ندبًا (إن خولف) وضعه المندوب (بالحضرة) وهي عدم تسوية التراب أو إلقاء يسير منه عليه ومثل للمخالفة بقوله (كتنكيس رجليه) أو على شقه الأيسر أو جعله لغير القبلة فإن سوى التراب عليه وعبر عنه بالفراغ من دفنه لم يتدارك عند ابن القاسم وأشهب وسحنون كذا في غاية الأماني وما في كفاية الطالب من جعل الطول بالفراغ من وضعه في قبره غير ظاهر قال د لو قال كتنكيس رأسه لكان أخصر اهـ.

قلت لعله عدل عنه لقبح اللفظ فيحصل به التشاؤم ويستأنس لذلك يقول تعالى {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ} [الأنبياء: 65](وكترك الغسل) أو الصلاة أو هما (ودفن من أسلم بمقبرة الكفار) فيتدارك لكن وجوبًا وشرط كل منهما (إن لم يخف) أي يظن (التغير) في

ــ

اللخمي مكروه لكنه مستعمل الخ هكذا فيما رأيته من النسخ بلفظ اللخمي والذي في ق النخعي بالنون والعين بدل اللخمي والله أعلم (وتدورك الخ) قول ز وما في كفاية الطالب الخ ما فيها غير صحيح لقول ابن عرفة سمع موسى أن ذكروا بعد أن ألقوا عليه يسير تراب أن وضعه على شقه الأيسر لغير القبلة حول لها وبعد فراغ دفنه لم ينبش ابن رشد لأن وضعه للقبلة مطلوب غير واجب الشيخ وقاله أشهب وسحنون اهـ.

(إن لم يخف التغير) راجع لترك الغسل ودفن من أسلم الخ وهو الذي يظهر من كلام ز وهو الصواب وعليه حمله في لأنه قول سحنون وعيسى وروايته عن ابن القاسم ونص ق ابن رشد ترك الغسل والصلاة معًا أو الغسل دون الصلاة أو الصلاة دون الغسل سواء في الحكم وتقدم نقل ابن رشد أن الفوت الذي يمنع من إخراج الميت من قبره للصلاة عليه هو أن يخشى عليه التغير اهـ.

قال طفى والعجب من ح كيف جعل القيد خاصًّا بالأخيرة وأن بقية المسائل تفوت بالفراغ من الدفن الذي (1) هو الحفرة وقال انظر ابن عرفة ولم يتنبه أن ذلك قول ابن وهب

(1) قول بن الذي هو الحفرة لعله الذي هو مواراة الميت في الحفرة.

ص: 177

القبر فإن خيف لم يتدارك وصلى على قبره في دفنه بغيرها كما يأتي أن غسل وإلا فلا لقوله وتلازمًا (وسده بلبن) بكسر الموحدة طين يابس لم يصنع ولم يحرق لأنه أحكم من القرمود وندب سد خلل بين اللبن وقد أمر به عليه الصلاة والسلام في ولده إبراهيم وقال إن ذلك لا يغني ولكنه أقر لعين الحي وقال إن الله يحب إذا عمل العبد عملًا أن يحسنه وروي أن يتقنه (ثم لوح ثم قرمود) وهو شيء يعمل من طين يابس لم يحرق يشبه وجوه الخيل (ثم آجر) بهمزة ممدودة فجيم أي مضمومة وكأنه الطوب المحروق قاله تت ثم حجر ومرتبته التي أسقطها المصنف كهو هنا (ثم قصب وسن التراب) بفتح السين المهملة وشد النون أي صبه بباب اللحد وسده به (أولى من التابوت) أي من دفنه بالخشبة المسماة في زماننا بالسحلية وكان الأولين ثم سن كما لابن رشد والشامل إذ هو يلي ما قبله كره عند ابن القاسم دفنه به لأنه من زي الأعاجم وأهل الكتاب ويكره الفرش مضربة تحته ومخدة تحت رأسه انظر تت (وجاز غسل امرأة ابن كسبع) وثمان لأنه يجوز لها نظر بدنه كما فيها لمالك ورواية ابن وهب وابن تسع ضعيفة اللخمي والمناهز ككبير (و) جاز اتفاقًا غسل (رجل كرضيعة) وما قارب مدة الرضاع كشهرين زائدين إما على الحولين وإما على الشهرين الملحقين بمدة الرضاع لا بنت ثلاث سنين أو أربع فيمتنع كما هو مذهب المدونة وقول ابن القاسم لأن مطلق الأنثى يميل لها الرجل خلافًا لأشهب كمطيقة اتفاقًا وعبر عنها في الرسالة بمن تشتهي.

تتمة: تقدم عن المدونة جواز نظر المرأة بدن ابن ثمان وظاهره ولو في حياته وفي القرطبي يجوز لها نظر غير المراهق أي في حياته ومنع موته بأزيد من ثمان لأن فيه جسه وهو أقوى من النظر ويجوز لغير مراهق نظر بدنها كما في القرطبي أيضًا وظاهره حتى ما بين سرتها وركبتها ويجوز لبالغ وصغير نظر من لا تشتهي ويمنع لبالغ نظر من تشتهي كمنع مراهق نظر بدن امرأة (و) جاز (الماء المسخن) كالبادر ونبه به على قول الشافعي

ــ

فقط وحمل عليه أيضًا قوله إلا أن يدفن بغيرها والله الموفق وقال أيضًا طفى إنما كان قيد حوف التغير خاصًّا بالأخيرتين دون ما قبلهما للزوم التدارك فيهما واستحبابه فيما قبلهما اهـ.

وقول ز وإلا فلا لقوله وتلازما الخ رده طفى بما تقدم من أن المراد تلازمهما طلبًا أي من طلب غسله طلبت الصلاة عليه ومن لا فلا لا أنهما إن لم يفعل أحدهما لعدم إمكانه لم يفعل الآخر اهـ.

(وسده بلبن) قول ز لم يصنع ولم يحرق الخ الصواب إسقاط قوله لم يصنع ففي ق اللبن ما يعمل من الطين بالتبن وربما عمل بدونه وقول ز وكان الأولى ثم سن الخ فيه نظر بل ما فعله المصنف أولى إذ لا يكون ما ذكره أولى إلا لو كان بعد سن التراب مرتبة أخرى ولا مرتبة بعده تأمله (ورجل كرضيعة) قول ز جاز اتفاقًا غسل رجل الخ ما ذكره من الاتفاق مثله في ضيح ونصه إذا كانت مطيقة للوطء لم يجز اتفاقًا وإن كانت رضيعة جاز اتفاقًا واختلف فيما بينهما فمذهب ابن القاسم أنه لا يغسلها ومذهب أشهب أنه يغسلها ابن الفاكهاني والأول مذهب المدونة اهـ.

ص: 178

البارد أحب إلي وعلله أصحابه بأنه يمسكه والسخن يرخيه قاله تت وظاهر كلام الشافعية كعلمائنا عدم الفرق بين صيف وشتاء وقال أبو حنيفة المسخن أحب لأنه أكثر نقاء (وعدم الدلك) أو الغسل كنزول أمر فظيع بالناس من كثرة وباء كما لأصبغ (لكثرة الموتى) كثرة موجبة للمشقة وينبغي أن تقيد بالفادحة ويميم من لم يمكن تغسيله ثم يصلي عليهم فإن لم يمكن تيممهم لم يصل عليهم كما هو مفاد وتلازمًا وبحث شيخنا ق قائلًا ينبغي أن لا يحرموا منها (و) جاز (تكفين بملبوس) غير وسخ ولم يظن نجاسته وسالم من قطع يكشف العورة ولم يشهد به مشاهد الخير وإلا كره في الأولين ومنع في الثالث وندب في الرابع (أو مزعفر أو مورس) لما فيهما من الطيب وسيأتي كراهته بكاء خضر حيث أمكن غيره لعدم طيبه (و) جاز (حمل غير أربعة) أي لا مزية لعدد على عدد كما في المدونة وهو المشهور خلافًا لأشهب وابن حبيب في استحباب أربعة لئلا يميل بحمل ثلاثة وأجيب بأنه يحمله اثنان بقائمتيه المقدمتين أو المؤخرتين ويحمله الثالث بين القائمتين والحمل من باب البر وقضاء الحق مالك لم يزل شأن الناس الازدحام على حمل جنازة الرجل الصالح ولقد انكسر تحت سالم بن عبد الله نعشان وتحت عائشة رضي الله عنها ثلاثة قاله تت وقال المناوي في طبقاته وارتجت الدنيا لموت أحمد بن حنبل وأغلقت بغداد لمشهده ومسحت الأرض المبسوطة التي وقف الناس للصلاة عليه فحصر مقادير الناس بالمساحة ستمائة ألف وكان يقول للمبتدعة بيننا وبينكم الجنائز وأسلم يوم موته من اليهود والنصارى والمجوس عشرة آلاف اهـ.

وفي حياة الحيوان في الأوز عن ابن خلكان خرر من حضر جنازة أحمد بن حنبل من الرجال فكانوا ثمانمائة ألف ومن النساء ستين ألفا وأسلم يوم موته عشرون ألفا من اليهود والنصارى والمجوس اهـ.

وفي تهذيب الأسماء واللغات للنووي أمر المتوكل أن يقاس الموضع الذي وقف

ــ

وهو مشكل مع نقل ق عن ابن القاسم لا يغسل الرجل الصبية وإن صغرت جدًّا وقال عيسى إذا صغرت جدًّا فلا بأس أن يغسلها الأجنبي وقاله مالك في الواضحة اهـ.

فيتحصل ثلاثة أقوال المنع مطلقًا لابن القاسم والجواز ما لم تشته لأشهب والتفصيل بين الرضيعة وغيرها لمالك وقول ز كما هو مذهب المدونة الخ مثله في ضيح كما تقديم تبعًا للفاكهاني وهو عز وهو غير صحيح فإن المدونة لم تتعرض لغسل الرجل الصبية أصلًا ولذا قيل أن هذه المسألة زادت بها الرسالة على المدونة انظر طفى (وعدم الدلك الخ) قول ز لم يصل عليهم كما هو مفاد وتلازمًا الخ فيه نظر فقد تقدم أن المراد تلازمهما في الطلب وأن تعذر غسل من طلب غسله لا يسقط الصلاة عليه فالصواب حينئذ ما قاله شيخنا اللقاني وبه جزم خش (وحمل غير أربعة) قول ز خلافًا لأشهب وابن حبيب الخ في خش أن ابن الحاجب شهر قول أشهب وابن حبيب باستحباب الأربعة ومثله في عج ونصه وما ذكره ابن الحاجب من أن المشهور ندب حمل أربعة معترض بأنه لا مزية لعدد على آخر اهـ.

ص: 179

الناس للصلاة فيه على أحمد بن حنبل فبلغ مقام ألفي ألف وخمسمائة ألف ووقع المأتم أي الحزن عليه في أربعة أصناف المسلمين واليهود والنصارى والمجوس اهـ.

(و) جاز (بدء بأي) أي كل (ناحية) شاء الحامل من اليمين أو اليسار من مقدمة أو مؤخره داخل عمودية أو خارجهما واستعمال أي بمعنى كل البدلية هنا لا الشمولية مجاز إذ ليس من معانيها الخمسة وهي الشرط والاستفهام والموصولة والموصوفة ووصلة لنداء ما فيه آل (والمعين) للبدء كقول ابن حبيب يبدأ بمقدم السرير الأيسر وهو يمين الميت فيضعه الحامل على منكبه الأيمن ثم بمؤخر السرير الأيسر ثم بمؤخر يمينه ثم بمقدمة وهو يسار الميت فيختم به وقول أشهب يبدأ بمقدم يمين السرير ثم بمؤخره ثم بمقدم يسار السرير ثم يختم بمؤخره (مبتدع) بدعة مذمومة قاله مالك في المدونة وانظره مع نقل ابن حبيب ما قاله غير واحد من الصحابة والتابعين فلعله لم يبلغ مالكًا أو بلغه ولم يصحبه عمل وقال تت عن سند مبتدع لتخصيصه في حكم الشرع ما لا أصل له ولا نص فيه لا إجماع وهذه سمة البدعة وما وقع في شرح الشيخ سالم مما يخالف ما تقدم عن ابن الحبيب وأشهب فيه نظر انظره في عج ولا ينافي المصنف رواية ابن عساكر عن معروف الحناط عن واثلة مرفوعًا من حمل جوانب السرير الأربع غفر له أربعون كبيرة اهـ.

ــ

وهو غلط منهما فإن ابن الحاجب لم يشهر إلا ما عند المصنف ونصه ولا يستحب حمل أربعة على المشهور اهـ.

فأنت تراه إنما شهر نفي الاستحباب خلاف ما نسبًا له وقول ز ولقد انكسر تحت سالم بن عبد الله نعشان الخ قال أبو الحسن إنما انكسرت هذه الأنعش من أجل الازدحام على الحمل لا لما يفعله العوام في وقتنا هذا من كسر نعش الرجل الصالح تبركًا وذلك غير جائز اهـ.

(وبدء بأي ناحية) قول ز واستعمال أي بمعنى كل الخ ما ذكره من أن أي هنا بمعنى كل مجازًا فيه نظر إذ الظاهر إنها هنا موصولة بناء على قول ابن عصفور وابن الضائع من جواز إضافتها للنكرة وجعلا من ذلك قول الله سبحانه وتعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] والتقدير وسيعلم الذين ظلموا المنقلب الذي ينقلبونه كذلك هنا التقدير وجاز بدء الناحية التي شاء الحامل والله تعالى أعلم قول ز والموصوفة صوابه والصفة نحو مررت برجل أي رجل أي كامل وقول ز وقول أشهب يبدأ بمقدم يمين السرير الخ قال طفى في أجوبته اليمين واليسار للسرير على قول أشهب باعتبار استقبال الحامل له إذا أتى من جهة رأسه هذا معنى قول أشهب في مدونته ويلزم من هذا التفسير أن يكون يمين السرير هو يمين الميت ويساره يساره وعبر أبو الحسن عن قول أشهب بقوله بمبدأ بمقدم الميت الأيمن ثم بمؤخره الخ وأما قول ابن حبيب يبدأ بمقدم السرير الأيسر وهو يمين الميت الخ فيأتي على اعتبار استقبال الحامل له إذا أتى من جهة رجليه لأن يسار السرير حينئذ هو يمين الميت وما ذكرناه من تفسير كلام أشهب نحوه لأبي الحسن في شرح المدونة وبه تعلم أن قول ابن حبيب يتفق مع أشهب في البداءة ويختلفان في الختم وقد جعلهما س قولًا واحدًا ولا يرد عليه سوى اقتضائه إنهما متفقان في الختم وليس كذلك وأما اعتراض عج عليه بغير ذلك فغير صحيح اهـ.

ص: 180

لأنها في حمله بنواحيه الأربع بحسب ما يتفق والمصنف في تعيين بدئه ثم ظاهر الخبر وإن لم يكثر خطاه في حمله (و) جاز (خروج متجالة) لجنازة كل أحد (أو) شابة (إن لم يخش منها الفتنة في) جنازة من عظمت مصيبتها به (كأب) وأم (وزوج وابن) وبنت (وأخ) شقيق أو لأب أو لأمك وأخت كذلك وظاهره كالمدونة عدم خروجها لجنازة عمها مع أنه ورد في الكتاب والسنة أنه أب قاله عج قلت ما ورد في التعظيم والاحترام لا في الحنان والشفقة كمن ذكر في خروجها لهم فعظم مصيبتها بهم أقوى عادة فلم تدخل الكاف سوى ما ذكر من الأم والبنت ويكره خروجها لغير من ذكر فإن خشي منها الفتنة حرم مطلقًا (و) جاز لمشيع جنازة (سبقها) لموضع دفنها لا لموضع الصلاة عليها فخلاف الأولى (و) جاز لمشيع بقاء على قيام حتى توضع و (جلوس قبل وضعها) ظاهره ماشيًا أو راكبًا وهو ظاهر المدونة أيضًا والنوادر والجلاب ولم يعول على تقييد ابن أبي زيد ذلك بالماشي قال وأما الراكب فلا ينزل حتى توضع وقال ابن شعبان لا توضع عن الرقاب حتى يتكامل من يشيعها (و) جاز (نقل) الميت قبل الدفن وكذا بعده كما هو ظاهر المصنف ويدل له خبر جابر المنقول في تت وغيره وقصره البساطي على الأول قائلًا الراجح عدم جوازه بعده قال تت ظاهره من جهة نظره ويحتمل اطلاعه على خلاف فيه اهـ.

ونقله من حضر لبدو بل (وإن من بدو) لحضر ولو قلب المبالغة لكان أحسن لأنه المتوهم وأجيب بأن من بمعنى إلى وهي لغة قاله النووي في قول أنس في حديث نبع الماء من بين أصابع المصطفى حتى توضؤوا من عند آخرهم رواه الشيخان ورده الكرماني في باب التماس الوضوء بإنها شاذة وإن إلى لا تدخل علي عند وأجاب الحافظ ابن حجر بما حاصله أن الممتنع دخول إلى على عند لا يلزم مثله إذا وقعت من بمعنى إلى وكذا ورود من بمعنى اللام شاذ كما نقله د أول العارية عن الكرماني ثم نقله بعد الدفن يستثنى

ــ

باختصار (كأب وزوج وابن وأخ) قول ز وظاهره كالمدونة عدم خروجها لجنازة عمها الخ هذا وإن كان هو ظاهر المدونة لكن عزالها ابن عرفة عدم الاقتصار على من ذكر وعبارته هنا الشابة تمنع في غير الولد والوالد والزوج ونحوهم اهـ.

وهكذا في عبارة ابن رشد ونصها فالنساء في شهودها ثلاث متجالة وشابة ورائعة ضخمة فالمتجالة تخرج في جنازة الأجنبي والقريب والشابة تخرج في جنازة أبيها وأخيها ومن أشبهما من قرابتها والرائعة الضخمة يكره لها الخروج أصلًا والتصرف بكل حال هذا هو المشهور اهـ.

من البيان في رسم البز من سماع ابن القاسم لكن نقل ابن الحاجب في مخشية الفتنة الحرمة فالكراهة في كلام ابن رشد لعلها للتحريم ومن عبارة ابن عرفة وابن رشد تعلم أن العم تخرج له كغيره من الأقارب وأن الكاف ليست استقصائية والله أعلم (ونقل وإن من بدو) قول ز فائدة قال النبي صلى الله عليه وسلم لا غربة على المؤمن الخ هذه الأحاديث رواها ابن حبيب وذكرها عنه في النوادر كما نقله ح لكن قال بعض المحققين إنها لا أصل لها في كتب الحديث وأن ابن حبيب في رواية الحديث ضعيف نعم روى الدارقطني عن ابن عباس وصححه أن النبي

ص: 181

من قوله ولا ينبش ويشترط فيه أن يتم جفافه ويشترط فيه أيضًا مطلقًا أن لا ينفجر ولا تنتهك حرمته وأن يكون لمصلحة كأن يخاف عليه أن يأكله البحر أو ترجى له بركة الموضع المنقول إليه ككونه بجوار صالحين أو ليدفن بين أقاربه بل يندب في هذا الأخير كما في تت عن الطراز أو لأجل قرب زيارة أهله له وانظر ما طينته من أي التربتين لأنه ورد في الخبر عن أبي هريرة ما من أحد خلق من تربة إلا أعيد فيها وينبغي أن تكون من الثانية لأنها التي استقر فيها وقال الحافظ ابن حجر يجوز أن تكون من التربتين جميعًا قال وهل يسأل فيهما جميعًا أو في الأولى فقط والأظهر أنه إن وضع في الأولى على نية النقل فيجوز أن يسأل في الأولى فقط ويجوز أن يؤخر سؤاله حتى يدفن بالثانية وانظر ماذا تربة مأكول السبع ونحوه اهـ.

فائدة: قال صلى الله عليه وسلم لا غربة على المؤمن ما مات مؤمن بأرض غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه في السماء والأرض وقال إذا مات في غير مولده قيس له في الجنة من موطنه إلى منقطع أثره اهـ.

(و) جاز (بكى) بالقصر (عند موته وبعده) والأفضل تركه لمن استطاع (بلا رفع صوت وقول قبيح) قيد فيهما وهو في الأول كالصفة الكاشفة لأن ما كان برفع صوت لا يطلق عليه بكى بالقصر ويفيد أيضًا بما إذا لم يكن مع اجتماع نساء بدليل ما سيذكره من كراهة ذلك ويحرم برفع الصوت والقول القبيح أو بأحدهما الخبر ليس منا من حلق ولا خرق ولا ذلق ولا سلق والحلق حلق الشعر والخرق خرق الثوب والذلق وضرب الخدود والسلق الصياح في البكاء وقبح القول اهـ.

قال الشيخ زروق وكنت أسمع من القوري غير مرة أن معنى قولهم ووه بالفارسية لا أرضى يا رب وهذا خطر عظيم نسأل الله العافية اهـ.

لكن في زماننا لا يقصد قائل هذا ذلك المعنى وقول الخبر ليس منا أي ليس على سنتنا وطريقتنا وربما ظن العوام ظاهره فزعموا أن من خرج من ثوبه بشقه خرج من دينه وهو ظن فاسد (و) جاز (جمع أموات بقبر لضرورة) كضيق مكان أو تعذر حافر أو تربة أخرى ولو ببلد أخرى حيث خشي تغيره أن ذهب به وسواء كانت الضرورة بوقت واحد أو أوقات وما يأتي من أنه لا ينبش مخصوص بغير الضرورة وسواء كان الميت الآن قريبًا

ــ

صلى الله عليه وسلم قال موت الغريب شهادة نقله عبد الحق في الأحكام الصغرى آخر الجنائز (وبكى عند موته وبعده) قول ز لأن ما كان يرفع صوت لا يطلق عليه بكى بالقصر الخ هذه التفرقة بين المقصور والممدود هي أحد قولين في اللغة والقول الآخر إنهما مترادفان وهو الذي في القاموس وعلى كل فالبكاء في كلام المصنف ممدود لأنه إنما نفى رفع الصوت ولم ينف أصل الصوت ومقتضاه ككلام غيره أنه لا يحرم إلا الصوت العالي والله تعالى أعلم قاله بعض شيوخنا (وجمع أموات بقبر الخ) قول ز أو تربة أخرى الخ لو قال أو وجدت تربة أخرى الخ

ص: 182

لصاحب القبر الأصلي أو أجنبيًّا ذكورًا أو إناثًا أو البعض ثم إن أمكن جعله بجانب الأصلي وجب ذلك ولا يجوز لم عظامه متصلة أو منفصلة ولا تقطيع العظام المتصلة ولمها كما هو مقتضى كلامهم في غير موضع ولما روي أنه يؤدي الميت وما يؤدي الحي ويجعل بينهم حائل ولو بالتراب ولا تتصف مصر القاهرة ونحوها بضيق لسعة مقابرها وتعددها فلا يجوز شيء مما مر لعدم الضرورة فيها ابن القاسم لم أسمع من مالك يجعل بينهم حائل من التراب وأنا أراه ولأشهب يكفي الكفن اهـ.

وكره لغيره ضرورة وإن كانوا محارم وجاز أيضًا جمع ميتين بكفن لضرورة وتجويز البساطي أن يكون معنى كلام المصنف أن يجعل أموات في قبر واحد فوق واحد يرده قوله (وولى) ندبًا (القبلة) في جمعهم بقبر (الأفضل) لجمعه صلى الله عليه وسلم بين الرجلين من قتلى أحد في قبر واحد ثم يقول أيهم كان أكثر أخذ للقرآن فإن أشير إلى أحد قدمه في اللحد قاله الشيخ سالم وقد يقال قوله وجمع أموات الخ شامل للمعنيين المتقدمين وقوله وولى الخ عائد على الأول منهما كعود ضمير بعولتهن إلى الرجعيات بعد قوله والمطلقات يتربصن الشامل لهن وللبائنات ابن عرفة وسمع موسى الجمع في قبر للضرورة فالرجل للقبلة ثم الصبي ثم المرأة قلت يؤخذ من هذا الترتيب في تعدد قبورهم في مكان واحد وفي تقديم إقبارهم ونزلت هذه في شيخنا ابن هارون وزوجته وحضره السلطان أبو الحسن المريني فسأل شيخنا أبا عبد الله السطي فقال الأمر واسع اهـ.

ابن حبيب لا بأس أن يجعل منفوس النفساء معها إن استهل يجعل لناحية الإِمام إن كان ذكرًا وإلا أخر عنها ونويت بالصلاة دونه إن لم يستهل ولا بأس أن يدفن معها ولو استهل اهـ.

أي ولو لغير ضرورة فيستثنى هذا من قبوله لضرورة ثم عطف على بقبر لا بقيد الضرورة قوله (أو بصلاة) وليس المراد بالجواز في هذه المستوى الطرفين بل الجمع مندوب كما في المدونة وعليها حمل ابن ناجي قول الرسالة ولا بأس أن تجمع الجنائز في صلاة واحدة يقال لا بأس لما هو خير من غيره ولا يقال تعدد الصلاة قربة لأنا نقول منع منه طلب الإسراع بالجنائز خوف التغير وأيضًا القصد بالصلاة عليها الدعاء للميت وهو حاصل بالصلاة الواحدة عليهم لجمعه الدعاء لهم والثواب حاصل للمصلي ويتعدد له القيراط بعددهم كما قال أبو عمران والشيخ سليمان البحيري شارح اللمع قال عج على الرسالة وينبغي أن يجري مثل هذا فيما إذا حضر دفن جماعة في وقت واحد وقد يفرق بأنه في الصلاة حصل منه الدعاء لكل واحد ولا كذلك في الدفن وفيه شيء اهـ.

قلت ولعل الشيء أن المقصود من حضوره الدفن جماعة يحصل بعمل جسده حيث تقارب مدفن كل وهو قائم مقام الدعاء في الصلاة فرق بينهما ثم في كلامه قصور ففي الشيخ

ــ

كان ملائمًا لما بعده على أن في عبارته من القلق والركاكة ما لا يخفى (أو بصلاة) قول ز قال

ص: 183

سالم عند قوله وسبقها ما نصه ابن العطار وإن طلب منه حضور جنائز متباعدة المقابر فليشهد الأفضل منها قال بعض الظاهر أنه لو قربت يحصل له أجر في دفن جميعها ومعنى ذلك إذا نوى ذلك للجميع وله أصل وهو اجتماع الجنائز في صلاة واحدة ويحصل له فضل الجميع اهـ.

وهذا ينتهي اجتماعهم في الصلاة لعشرين مرتبة اقتصر المصنف منها على ثنتي عشرة وترك مراتب المجبوب الأربعة لفهمها من الخصي وكونها عقبه لشرفه ببقاء إحدى آليته ومراتب النساء الأربع أيضًا لتأخرهن عن الخناثى وللاجتماع صفتان إحداهما من الإِمام إلى القبلة وأشار لها بقوله (يلي) ندبًا (الإِمام رجل) جر (فطفل) حر (فعبد) كبير فصغير (فحصي كذلك) أي حر كبير فصغير فعبد كبير فصغير فمجبوب كذلك (فخثنى كذلك) أي حر كبير فصغير فعبد كبير فصغير فمرأة حرة كبيرة فصغيرة فأمة كبيرة فصغيرة وهذا إن كان صنف كل من العشرين المذكورين متحدًا فإن تعدد ولي الإِمام الأفضل أيضًا ثم من يليه بعده وهكذا على الترتيب السابق إلى القبلة قال د أبو إسحاق هذا كان الرجل للقبلة لأنها أشرف كما أن الصف الأول في الصلاة أشرف قبل إنما جعل الإِمام كالقبلة فمن وليّه كان أقرب للقبلة وأشرف اهـ.

ثم ذكر الصفة الثانية وهي مساوية للأولى في الندب عند غير الشاذلي ودونها عنده فقال (و) يجوز (ق) جنس (الصنف) المتقدم فيشمل الاثنتي عشر التي ذكرها والثمانية التي زدناها (أيضًا الصف) من المشرق للمغرب ويقف الإِمام عند أفضلهم ويجعل عند رأسه رجلًا مفضوله وهو الجر الصغير ثم مفضوله عند رجلي الأفضل وهكذا إلى آخر المراتب عند ابن رشد وابن عبد السلام واستظهره الشيخ أحمد الفيشي دون ما للشارح تبعًا للتوضيح من جعل رجلي مفضول الأفضل عند رأس الأفضل وباقي الأصناف تجعل كلها على يسار الإِمام على ترتيب المصنف اهـ.

تنبيه: إذا اجتمع متعدد من صنف واحد أو من كل صنف من الأصناف المتقدمة ذلك في صفهم من المشرق للمغرب طريقان الأولى كل رجلي مفضول في رأس فاضل وهكذا يتم الصف المتعدد من الرجال الأحرار مثلًا ثم يسلك فيمن بعدهم من المراتب ما مر الطريق الثانية أن تجعل المتعدد من صنف من الإِمام للقبلة ثم من بعده من المشرق والمغرب.

ــ

بعض الظاهر أنه لو قربت الخ هذا الاستظهار أصله للبرزلي كما نقله ح انظره (وفي الصنف أيضًا الصف) قول ز ويجوز في جنس الصنف الخ حمله الصنف على جنس الصنف بحيث يشمل جميع الأصناف المتقدمة هو الصواب ونسبه تت للبيان والطراز وهو الذي يدل عليه قول المصنف أيضًا قال تت وقرره الشارح وتبعه البساطي على ما في الجواهر واللخمي من اختصاص الكيفية الثانية بالصنف الواحد أي إذا اجتمع جنائز من صنف واحد جعلوا صفًا واحدًا أي بأن كانوا رجالًا كلهم أو نساء لكن يعكر على هذا الاحتمال قوله أيضًا غير ظاهر إذ لم يتقدم له في المصنف الواحد شيء اهـ.

ص: 184

تنبيه آخر: أن تفاضل الأحرار البالغون في العلم والفضل والسن قدم الإِمام أعلمهم ثم أفضلهم ثم أسنهم وقيل يقدم الأفضل على الأعلم وهو بعيد لأن فضل العلم مزية يطلع عليها وزيادة الفضل مزية لا يطلع عليها قاله ابن رشد وظاهر المصنف تقديم الرجل ولو كان من بعده أعلم منه وأعبد وأسن أو كان فيه بعض ذلك دون من قبله وكذا يقال في الطفل والعبد ويقدم عالم على شريف عامي لظهور مزية العلم وتعدي نفعها للغير أي شأنها ذلك كما يؤخذ ذلك من تعليل ابن رشد المتقدم وقدم حافظ قرآن على شريف عامي كما يؤخذ من قضية أحد ومحدث على فقيه ومفسر على محدث فيما يظهر لشرف كل عالم يشرف معلومه الفاكهاني فإن تساوى جماعة فالقرعة اتفاقًا اهـ.

إلا أن يتراضى الأولياء على أمر قاله الشيخ سالم.

تتمة: الفاكهاني في الحديث من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان يحتمل عندي أن يكون له بالصلاة قيراط وبشهود الدفن قيراطان فتكون ثلاثًا وقول الرسالة وذلك في التمثيل مثل أحد ثوابًا خصه بالتمثيل لأنه أكبر الجبال وقيل مثل لهم بما يعرفونه وقيل لأنه متصل بالأرضين السبع أي وقيل لو ورد خبر فيه وهو أحد يحبنا ونحبه والتمثيل به يحتمل معنيين أحدهما لو كان هذا الجبل من ذهب أو فضة وتصدق به كان ثواب هذا القيراط مثل ثوابه وقيل لو جعل هذا القيراط في كفة والجبل في كفة لكان يساويه اهـ.

كلام الفاكهاني والأول هو الذي عليه أكثر من رأيته من الشراح قاله عج والأول ناظر وللتصدق بزنته نقدًا والثاني ناظر لعدله ثوابًا وقول الفاكهاني فتكون ثلاثة اقتصر عليه تت بشرحها وهو متعقب والصواب اثنان فقط بدليل خبر البخاري من اتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا وكان معها حتى يصلي عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط واختار البغوي هذه الرواية في المصابيح قال مخرجه لنكتة حسنة وهي التصريح بأن القيراطين عن الصلاة وحضور الدفن بخلاف لفظ مسلم فإنه ربما يتوهم منه أن القيراطين عن الدفن وواحد عن الصلاة اهـ.

فقول الفاكهاني ظاهر الحديث أي حديث مسلم انظر عج على الرسالة وذكر هنا أنه لا يتوقف القيراط من حيث هو على تبعيتها رغبة للأجر دون رعي أهلها كما في ابن

ــ

وأجاب تت بأن في الكلام حذفًا أي في المصنف الواحد ما تقدم وفيه أيضًا الصف وقول ز طريقان الأولى كل رجلي مفضول الخ كلام غير محرر وراجع ابن عرفة وقول ز وكلاهما من عمل الآخرة الخ فيه نظر فإن ما كان مداراة لأجل الدنيا لا يكون من عمل الآخرة وقد قال ابن حجر ما نصه ترتب الثواب على العمل يستدعي سبق النية فيه فيخرج من فعل ذلك على سبيل المكافأة وعلى سبيل المحاباة والله أعلم اهـ.

ص: 185

العماد خلافًا لقول الجزولي قيراطًا لدفن إنما يحصل لمن تبعها رغبة في الآخرة لا خوفًا من أن يعاتب اهـ.

بل فيه صلة الحي والميت كما نقل ابن العماد عن الإِمام ابن سيرين قال فله أجران ولا ينافي خبر البخاري إيمانًا واحتسابًا لأن صلة الحي تكون احتسابًا ومداراة لا لأجل دنياه وكلاهما من عمل الآخرة ثم القيراط المنسوب إلى خمسة عشر قيراطًا تتعلق بمؤنه تجهيزه ودفنه لا إلى أربعة وعشرين انظر ابن العماد قلت لكم الظاهر أن ما عدا قيراطي الصلاة والدفن لا يقال فيه مثل أحدثوا بالعلم ورود خبر فيه فيما أعلم ثم ظاهر الخبرين توقف حصول قيراط الصلاة على اتباعها من بيت الميت وترتب القيراط الثاني على الأول فمن لم يتبعها لكن صلى عليها أو شهدها حتى تدفن ولم يصل عليها لم يحصل له قيراط الصلاة في الأول ولا قيراط الدفن في الثاني قال عج على الرسالة وذكر لي بعض الفضلاء أن الجزولي صرح بتوقف قيراط الدفن على الصلاة وبه صرح الشافعية (و) جازت (زيارة القبور) بل هي مندوبة (بلا حد) بيوم أو وقت وظاهر المصنف شمولها للنساء وقال تت ينبغي أن تجري زيارتهن على حكم خروجهن أي المتقدم وبه جزم الشيخ سالم مسقطا لفظًا ينبغي وزاد وأخذ بعضهم اختصاص الزيارة بالرجال دون النساء من قوله عليه الصلاة والسلام كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها بناء على الأصح عند الفقهاء والأصوليين من عدم دخولهن في خطابهم اهـ.

أي لا على مقابل الأصح ولا على ما للغويين من تغليب المذكر إذا اجتمع معه مؤنث والأحسن الاستدلال على منعهن بخبر ارجعن مأزورات غير مأجورات وهذا في الزمن القديم فكيف بهذا الزمن كما في المدخل هذا واخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال من دخل المقابر فقال اللهم رب هذه الأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة أدخل عليها روحًا منك وسلامًا مني استغفر له كل مؤمن مات من

ــ

وقول ز ثم ظاهر الخبرين الخ فيه نظر إذ ليس في الخبربن المتقدمين ما يدل على اتباعها من البيت نعم وقع في رواية أبي سعيد المقبري ما يدل على ذلك إذ قال من تبعها من بيت أهلها حتى يصلى عليها الحديث وكذا في رواية ابن حبان عند مسلم من خرج مع جنازة من بيتها الخ قال ابن حجر فمقتضاه أن القيراط مختص بمن حضر من أول الأمر إلى انقضاء الصلاة والذي يظهر لي أن القيراط يحصل أيضًا لمن صلى فقط إذ كل ما قبل الصلاة وسيلة إليها لكن يكون قيراط من صلى فقط دون قيراط من تبع وصلى اهـ.

ثم ذكر رواية تشهد لما قال (وزيارة القبور الخ) قول ز بل هي مندوبة صحيح كما يدل عليه حديث فزوروها وأحاديث أخرى تقتضي الحث على الزيارة انظر ح وذكر عن المدخل في زيارة النساء القبور ثلاثة أقوال المنع والجواز على ما يعلم في الشرع من الستر والتحفظ عكس ما يفعل اليوم والثالث الفرق بين المتجالة والشابة اهـ.

ص: 186

منذ خلق الله آدم وأخرجه ابن أبي للدنيا بلفظ كتب له بعد من مات من ولد آدم إلى أن تقوم الساعة حسنات اهـ.

وظاهر الأول استغفار من لم يدخل مقبرتهم أيضًا وظاهر الثاني العموم في عددهم أيضًا (وكره) لغيره (حلق شعره) أي الميت الذي لا يحرم على الحي حلقه وإلا حرم حلقه من ميت وفي المدخل تسريح شعر لحيته ورأسه بمشط برفق واسع الأسنان لا بأس به (وقلم ظفره) ولما كان الحكم بالكراهة لا يفيد أنه بدعة لأنه عليه الصلاة والسلام يفعل المكروه في حق غيره للتشريع قال (وهو بدعة) لم يفعل في زمنه عليه الصلاة والسلام وهذه فائدة زائدة على ما بينه من الكراهة (وضم) وجوبًا ما ذكر من الشعر والقلامة (وإن فعل) أي حلق (معه) في كفنه لأنه جزؤه قاله عج وكون الضم واجبًا مع كون أصل الفعل مكروهًا مشكل والقياس كما قال في ندب الضم وكذا أن سقط منه وكره لمريض فعل ذلك أن قصد أن يكون موته على هذه الحالة وينبغي ضمه معه قياسًا على مسألة المصنف لا أن قصد راحة نفسه منه (ولا تنكأ قروحه) أي يكره (ويؤخذ) أي يزل بالغسل (عفوها) أي ما دل بغير انكاء أو به مما تسهل إزالته ومنه خذ العفو أي ما سهل على الناس من أموالهم وسواء كان السائل قيحًا أو دمًا ولو دون درهم للنظافة فهو يخاف الحي في ذلك (وقراءة عند موته) أن فعلت استنانًا وإلا فلا بأس بها عند رأسه أو غيره وانظر في عج ما للقرافي وحديث الجريدتين (كتجمير الدار) أي الطواف فيها ببخور بعد موته أن قصد زوال رائحة الموت لا رائحة ما يستكره فلا كراهة ولا عند خروج روحه وغسله فمستحب (و) كرهت قراءة (بعده) أي بعد موته (و) قراءة (على قبره) لأن القصد بزيارته تدبر ما وقع له وهو فيه القراءة بطلب فيها التدبر ولا يجتمع التدبران غالبًا كذا عللوا وهو يقتضي أنه إذا لم يتدبر

ــ

وبهذا الثالث جزم الثعالبي ونصه وأما النساء فيباح للقواعد ويحرم على الشواب التي يخشى عليهن الفتنة اهـ.

وقول المصف بلا حد أشار به لقول مالك بلغني أن الأرواح بفناء المقابر فلا تختص زيارتها بيوم بعينه وإنما يختص يوم الجمعة لفضله والفراغ فيه نقله الشيخ زروق وقد سهل صاحب المعيار في تصبيح القبر محتجًا بما ذكره ابن طاوس من أن السلف كانوا يفعلونه وكذا ذكر أن ما يفعله الناس من حمل تراب المقابر التبرك به جائز قال ما زال الناس يحملونه ويتبركون بقبور العلماء والشهداء والصديقين (وضم معه إن فعل) قول ز مشكل الخ الظاهر لا إشكال تأمله وقول ز كما قال في الخ يتعين أن الإشارة هنا للقاني لا للمواق لأن ما ذكره ليس فيه (وقراءة عند موته) قول ز أن فعلت استنانًا الخ ظاهر السماع الكراهة مطلقًا وذهب ابن حبيب إلى الاستحباب وتأول ما في السماع من الكراهة قائلًا إنما كره مالك أن يفعل ذلك استنانًا نقله عنه ابن رشد وقاله أيضًا ابن يونس قال ق واقتصر اللخمي على استحباب القراءة ولم يعول على السماع اهـ.

وظاهر الرسالة أن ابن حبيب لم يستحب إلا قراءة يس وظاهر كلام غيرها أنه استحب القراءة مطلقًا (وعلى قبره) قول ز هو يقتضي أنه إذا لم يتدبر الخ فيه نظر ونص ضيح في باب

ص: 187

القرآن عند قراءته أو حال الميت فلا تكره عند القبر حينئذ كذا ينبغي قرره عج (وصياح) من رجل أو امرأة (خلفها) لما فيه من إظهار الجزع وعدم الرضا ولا يعارض قوله وبكاء عند موته وبعده بلا رفع صوت لأن ما هنا برفعه ولو بغير بكاء ومفهوم خلفها جوازه عند الموت وتقدم ما فيه (وقول استغفروا لها) لمخالفته لفعل السلف (وانصرف عنها بلا صلاة) ولو طولوا أو انصراف لحاجة أو بإذن أهله لما فيه من الطعن عليه (أو) بعد صلاة وقبل حضور دفن (بلا إذن) لأن لهم حقًّا في حضور للدعاء لميتهم ولتكثير عددهم (إن لم يطولوا) في الثاني فقط ولو قال وانصراف عنها بلا صلاة كبعدها بلا إذن إن لم يطولوا كان أوضح (وحملها بلا وضوء) لتأديته إلى عدم الصلاة عليها أن علم أنه لا يجد بموضع الصلاة ماء يتوضأ به فإن علم أنه يجده لم يكره حملها بدونه قاله ابن رشد وبه قيد الشارح كلام المصنف وهو تقييد حسن (وإدخاله بمسجد) ولو لغير صلاة خوف انفجاره أو حصول نجاسة منه ولو على القول بطهارته للعلة المذكورة ولمراعاة القول بنجاسته ولم يحرم إدخاله عليه رعيًا للقول بطهارته (والصلاة عليه فيه) والميت خارجه أو داخله يتعلق

ــ

الحج مذهب مالك كراهة القراءة على القبور ونقله سيدي عبد الله بن أبي جمرة في شرح مختصر البخاري قال لأنا مكلفون بالتفكير فيما قبل لهم وماذا لقوا نحن مكلفون بالتدبر في القرآن فآل الأمر إلى إسقاط أحد العملين اهـ.

فقوله فآل الأمر الخ صريح في الكراهة مطلقًا.

تنبيه: قال في ضيح في المحل المذكور ما نصه المذهب أن القراءة لا تصل إلى الميت قال حكاه القرافي في قواعده والشيخ ابن أبي جمرة اهـ.

وفيها ثلاثة أقوال تصل مطلقًا لا تصل مطلقًا الثالث إن كانت عند القبر وصلت وفي موضع غيره لم تصل قال في المسائل الملقوطة ويعني بكونها في موضع القبر تصل أنه يحصل له أجر مستمع وفي آخر نوازل ابن رشد في السؤال عن قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)} [النجم: 39] قال وإن قرأ الرجل وأهدى ثواب قراءته للميت جاز ذلك وحصل للميت أجره اهـ.

وقال ابن هلال في نوازله الذي أفتى به ابن رشد وذهب إليه غير واحد من أئمتنا الأندلسيين أن الميت ينتفع بقراءة القرآن الكريم ويصل إليه نفعه ويحصل له أجره إذا وهب القاريء قراءته له وبه جرى عمل المسلمين شرقًا وغربًا وقفوا على ذلك أوقافًا واستمر عليه الأمر منذ أزمنة سالفة ثم قال ومن اللطائف أن عز الدين بن عبد السلام الشافعي رؤي في المنام بعد موته فقيل له ما تقول فيما كنت تنكر من وصول ما يهدى من قراءة القرآن للموتى فقال هيهات وجدت الأمر على خلاف ما كنت أظن اهـ.

(وصياح خلفها) قول ز ومفهوم خلفها الخ فيه نظر بل لا مفهوم لقوله خلفها إذ الصياح منهي عنه مطلقًا قاله ابن عاشر (والصلاة عليه فيه) في ق عن ابن رشد وعلى الكراهة فلا يأثم في صلاته ولا يؤجر ولو ترك الصلاة أجر لأن هذا هو حد المكروه اهـ.

ص: 188

بالحي مكروهان في الثاني وكرهت والميت خارجه لئلا يكون ذريعة لإدخاله إلا أن يضيق خارجه بأهله فلا بأس أن يصلي من بالمسجد بصلاة الإِمام قاله مالك في المدونة (و) إذا صلى عليها بإمام كره لفذ أو متعد (تكرارها) فإن صلى عليها فذ أو متعدد بغير إمام ندب إعادتها بإمام ما لم تفت بالدفن لا بغيره فتكره فالصور أربع تكره الإعادة في ثلاث وتندب في واحدة قاله عج وهي على طريق البسط تسع لأن المصلي أولًا إما فذًّا أو متعدد بغير إمام أو به والمصلي ثانيًا كذلك فمتى صلى عليها أولًا بإمام كرهت إعادتها لفذ ومتعدد بإمام وبغيره فهذه ثلاثة ومتى صلى عليه أولًا فذ أو متعدد بغير إمام كرهت إعادتها لفذ ومتعدد بغير إمام لا بإمام فتندب وهذه ستة مضافة للثلاثة قبلها فالمكروه سبعة والمندوب اثنان (و) كره (تغسيل جنب) مصدره مضاف لفاعله لأنه يملك طهره (كسقط) وهو من لم يستهل صارخًا ولد قبل تمام مدة الحمل أو بعدها وهو مصدر مضاف لمفعوله (وتحنيطه وتسميته ودفنه بدار) خوف بيعها فيدخل بيع الحبس أي القبر كذا علل وفيه نظر إذا فني قاله تت في كبيره وفي نظره نظر لتقييدهم قوله والقبر حبس بقبر غير السقط (وليس) دفنه بها (عيبًا) وإن لم يفن مالك ليس له حرمة الموتى ويكره الانتفاع بموضعه ابن سحنون والقياس جوازه (بخلاف) دفن (الكبير) وهو من استهل ولو ولد قبل تمام مدة الحمل فعيب يوجب الرد لأن موضعه لا يجوز بيعه ولا الانتفاع به كذا علل الإِمام وهو لا يقتضي عدم الرد وجوازًا لانتفاع به إذا لم يدم به وكره دفنه بمسجد بني لصلاة لا لغيرها قاله ح وظاهره ولو ضاقت المقرة واتسع المسجد عن صلاة أهل محله وانظر ما سيأتي للشارح في الوقف عند قوله إلا لتوسيع كمسجد (لا) تغسيل (حائض) لغيرها فلا يكره لعدم قدرتها على الطهر فإن قدرت عليه برؤية علامته ووجود مطلق كاف كره تغسليها كالجنب وينبغي تقييد الكراهة بعدم خشية تغير الميت فإن خشي تغيره بتشاغلهما بغسلهما غسلاه قبله حيث لم يوجد غيرهما وقد ندب تجنب جنب وحائض له في مرضه عند نزعه لنفرة الملائكة حينئذ (و) كره (صلاة فاضل) بعلم أو صلاح أو إمامة (على بدعي) ردعًا أن هو

ــ

وهو غير ظاهر إذ الصلاة من حيث هي مأمور بها ويثاب عليها وإنما الكراهة من حيث إيقاعها في المسجد وقد تقدم له عن ابن رشد نظير هذا ولهذا قال الشيخ سيدي عبد القادر الفاسي في نوازله مراد ابن رشد لا يأثم في إيقاعها في المسجد ولا يؤخذ في الإثم والأجر مصروف إلى الإيقاع في المسجد لا إلى الصلاة نفسها فإن للصلاة هيئة مطلقة عن التقييد بالكون في المسجد مقيده بالكون فيه فهي مأمور بها من حيث هي صلاة منهي عنها من حيث تقييدها بذلك فلم يقع النهي عن ذات الصلاة قال وعبارة ابن رشد ظاهرة في هذا ونصه في سماع أشهب وابن نافع عن مالك بعد كلام وحكاية الخلاف وإذا قلنا إن ذلك مكروه فإن فعله لم يأثم ولم يؤجر وإن لم يفعله أجر لأن حد المكروه وما تركه أفضل من فعله اهـ.

فنقله ق بغير لفظه ومراده ما ذكروا لله أعلم (ودفنه بدار) قول ز خوف بيعها الخ الظاهر ما علل به القابسي أنه لا يؤمن عليه أن ينبش مع انتقال الأملاك نقله ق (بخلاف الكبير) راجع

ص: 189

مثله وكذا يكره سلام عليه ومناكحته وصلاة جمعة أو غيرها خلفه ردعًا له هو وقول المدونة يستتاب أهل الأهواء فإن تابوا وإلا فاقتلوا محمول كما لأبي الحسن على ما إذا دعوا الناس لبدعتهم (أو مظهر كبيرة) ردعًا لمن هو مثله وكذا إذا اشتهر بها وإن لم يظهرها كما في نقل ق إن لم يخف ضيعتهم لأن فرض الصلاة لازم لا يسقطه كبائرهم وبدعتهم ما تمسكوا بالإِسلام (والإمام على من حده القتل بحد) كزان محصن ومحارب وتارك صلاة (أو قود) كقتل مكافئ لأنه منتقم لله بقتله فلا يشفع فيه بالصلاة عليه وتخصيصه كغيره الإِمام مشعر كالتعليل المتقدم بعدم كراهية صلاة أهل الفضل عليه وهو ظاهر قول المدونة ويصلي عليه الناس غير الإِمام ويحتمل عدم اعتباره فيكره لهم أيضًا وهو ظاهره قوله في تارك الصلاة وصلى عليه غير فاضل وبه صرح الشاذلي هنا أيضًا وعليه فإنما خص المصنف الإِمام هنا بالذكر لعود الضمير عليه في قوله (ولو تولاه) أي قتله (الناس دونه) أي دون إذنه لأنهم نوابه وأشعر قوله بحد أو قود إنه يصلى على من قتله في تعزير (وإن مات) من حده القتل بحد أو قود (قبله) أي القتل (ففيه) أي في كراهة صلاة الإِمام أهل الفضل على ما مر وعدم كراهته (تردد) وانظر هل يدخل فيه من مات بالحبس للقتل المذكور أو يكره صلاته عليه قطعًا لأن المتسبب كالمباشر (وتكفين بجرير) وخز ولولا مرأة لظهور قصد الفخر والعظمة بذلك بعد الموت وإن أبيح الحرير لها حية (ونجس) ولم يحرم لأنه آيل لها (وكأخضر) وأزرق وأسود وكل لون غير البياض (ومعصفر) لا مزعفر ومورس فيجوز كما قدم لطيب ريحهما (أمكن غيره) أي غير ما ذكر فهو راجع للحرير أيضًا لا لما بعد الكاف فقط كما هو قاعدته (وزيادة رجل على خمسة) عمامة ومئزر وقميص ولفافتين كما مر لأنه غلو وفي خبر لا تتغالوا في الكفن فإنه يسلبه سلبًا سريعًا قاله سند وبتصريحه بذلك سقط قول غ لم أر من صرح بكراهته اهـ.

وكذا يكره زيادة امرأة على سبعة (واجتماع نساء لبكى) بالقصر وهو إرسال الدموع من غير صوت لئلا يتطرقن بذلك لرفع الصوت أو النياحة المحرمين لخبر لعن الله الصالقة وهي الرافعة صوتها بالكباء (وإن سرًّا) الواو للحال وهو تأكيد لقوله بكى حيث ضبط

ــ

للحكمين قبله أي فيجوز دفنه فيها كما في ق وهو عيب (والإمام على من حده القتل) قول ز وهو ظاهر قول المدونة الخ صحيح لكن ابن يونس صرح بالكراهة في حق أهل الفضل أيضًا نقله ق ونصه ومن قتل في قصاص أو رجم لا يصلي عليهم الإِمام ولا أهل الفضل اهـ.

وعليه يجري قول المصنف في تارك الصلاة وصلى عليه غير فاضل (ففيه تردد) التردد لأبي عمران واللخمي قول ز وانظر هل يدخل فيه من مات بالحبس الخ كلام ضيح صريح في أن من قدم للقتل فمات خوفًا منه قبل إقامة الحد عليه هو من محل التردد المذكور وأن أبا عمران يقول يصلي عليه الإِمام واللخمي يقول يستحب للإمام أن يصلي عليه انظره وحينئذ فالتنظير قصور (وزيادة رجل على خمسة) قول ز قاله سند نص كلام سند كما في ح وما زاد على الخمسة مكروه للرجل لأنه غلو ثم ذكر الحديث (وإن سرًّا) قول ز الواو للحال الخ فيه

ص: 190

بالقصر كما مر لا للمبالغة لمناقضتها له (وتكبير نعش) تكبيرًا يظن به مباهاة أو عظم مصيبة لا يسيرا (وفرشه بحرير) ولو لمرأة لما فيه من الفخر والخيلاء من الأحياء وخص ابن حبيب كما في الشارح كراهة ذلك بالرجل قال فلا يكره ذلك للمرأة ولعله على أصله في جواز تكفينها بالحرير وتقدم أن المذهب إنها كالرجل في ذلك ويظهره من كلامهم اعتماد قول ابن حبيب هنا إذ لم ينقلوا غيره وهو ظاهر إذ الكفن به لبس للحرير قطعًا والفراش غير لبس قاله عج ومفهوم فرشه أن ستره به جائز إن لم يكن أحمر ملونًا وإلا كره ولو لامرأة قاله ابن حبيب (واتباعه بنار) بغير طيب وكذا به أبو الحسن وهي كراهة ثانية للسرف اهـ.

وعلل الأصل بالتفاؤل وبأنه من فعل النصارى (ونداء به بمسجد أو بابه لا) نداء بمعنى إعلام (بكحلق) بكسر الحاء المهملة وفتح اللام جمع حلقة بفتح أوله وسكون ثانيه قال تت وقيل الجمع بفتحتين وقيل الجمع والمفرد بفتحتين بعض مشايخي وعلى هذا الأخير فهو من أسماء الأجناس الفرق بين مفردها وجمعها بالتاء (بصوت خفي) من غير نداء فيجوز الإعلام للاستكثار من الصلاة عليه بل هذا يقتضي ندبه لأن وسيلة المطلوب مطلوبة وكذا خبر لا يموت أحد من المسلمين فيصلي عليه أمة من الناس يبلغون مائة فيشفعون له إلا شفعوا فيه بل في البخاري أي مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة فقلنا وثلاثة يا رسول الله قال وثلاثة فقلنا واثنان قال واثنان ثم لم نسأل عن الواحد اهـ.

وشرط الثناء من عدل خير صالح للتزكية وليس موجبًا لذاته حتى تشترط مطابقته للواقع كما زعمه بعضهم بل هو علامة على ما عند الله للعبد بأخبار الصادق المصدوق قاله السيوطي.

ــ

نظر بل المبالغة على بابها لما تقدم من أن المحرم إنما هو البكاء بالصوت العالي أما مطلق الصوت فكعدمه وقد قال ابن عاشر في طي المبالغة اجتماعهن للبكاء جهرًا فهو محكوم له بالكراهة وقد نص البرزلي على أن الصراخ العالي ممنوع اهـ.

(وفرشه بحرير) قول ز والفراش غير لبس الخ استدل على أنه ليس بقوله في الحديث قد اسود هذا الحصير من طول ما لبس (واتباعه بنار)(1) قول ز ولعل الأصل الخ الترجي قصوره ونص الأمهات وكره أبو هريرة وعائشة رضي الله تعالى عنهم أن يتبع الميت بالنار تفاؤلًا في هذا المقام اهـ.

الشيخ أبو الحسن وهذا إذا لم يكن فيه طيب وأما إذا كان فيه طيب فيزداد وجهًا آخر وهو السرف وهذا إذا كان طيبًا له بال اهـ.

(لا بكحلق) قول ز وقيل الجمع بفتحتين الخ في القاموس ما نصه وحلقة الباب والقوم وقد يفتح لامها ويكسر وليس في الكلام حلقة محركة إلا جمع حالق أو لغة ضعيفة الجمع حلق محركًا وكبدر وحلقات محركة وتكسر الحاء اهـ.

(1) قول بن قول ز ولعل الأصل الذي في نسخ ز بأيدينا وعلل الأصل اهـ مصححه.

ص: 191

فائدة: من رأى جنازة فكبر ثلاثًا وقال هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله اللهم زدنا إيمانًا وتسليمًا كتب له الله بها عشر حسنات من يوم قالها إلى يوم القيامة (و) كره لجالس تمر به جنازة أو تابع سابق لهما للمقبرة قد جلس (قيام لها) إذا رآها حتى توضع في الصورة الثانية وكذا يكره لمن تبعها أن يستمر قائمًا حتى توضع وشمول المصنف لهذه الثالثة صحيح بإرادة ودوام قيام لها ابن رشد وكان القيام مأمورًا به في الثلاثة ثم نسخ وأما القيام عليها حتى تدفن فلا بأس به وليس ذلك مما نسخ وأما القيام للحي فواجب إن أدى تركه لمقاطعة أو خوف أذى وحرام لمن لمن يحبه تكبرًا وتجبرًا على القائمين إليه ولم يخش ضرره ومكروه لمن يحبه إجلالًا وتعظيمًا ولا يتكبر على القائمين إليه وجائز لمن يقوم إجلالًا لمن لا يريده وهذا معدوم من غير معصوم ومندوب لأجل قادم من سفر أو بنعمة على المجالس أو ذي مصيبة ليعزي نقله ابن رشد ويوسف بن عمر على الرسالة (وتطيين قبر أو تبييضه وبناء عليها أو تحويز) بأن يبني حوله حيطان تحدق به بأرض ملكه أو ملك غيره بإذنه أو بموات ولو كان البناء كثيرًا في الأراضي الثلاثة المذكورة كقبة أو مدرسة وبيت لغير قصد مباهاة فلا يهدم كما أفتى به ابن رشد وكذا وظاهر ما للمازري وصاحب المدخل وقال ابن القصار لا يكره بل يجوز وظاهر اللخمي المنع (وإن بوهي به) أي بما ذكر من تطيينه وما عطف عليه (حرم) بالأراضي الثلاثة المتقدمة أو بموقوفة للدفن صرح بوقفيتها أو أرصدت له من غير تصريح ووجب هدم وما حرم كقرافة مصر المحبسة لدفن أموات المسلمين وإن لم يقصد به مباهاة وفي كلام تت تخالف فإنه جعل من المكروه والبناء في وقف للتضييق كما قاله عبد الحق وهو

ــ

تأمله مع كلام ز وقول ز بل في البخاري الخ لا دليل في هذا الحديث على طلب الإعلام (وقيام لها) قول ز ثم نسخ الخ فهم ابن عرفة أنه نسخ من الوجوب للإباحة أو للندب وهما قولان وما ذكره المصنف من الكراهة لعله فهمه من قول ابن رشد ثم نسخ بما روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الجنائز ثم جلس وأمرهم بالجلوس قال ح وتفهم الكراهة من كلام الباجي وسند انظره وقول ز فواجب أن أدى تركه لمقاطعة الخ هذا فيه نظر والذي نقله صاحب المدخل عن ابن رشد هو ما نصه للقيام للحي يقع على أربعة أوجه الأول محظور وهو أن يقع لمن يريد أن يقام إليه تكبرًا وتعاظمًا على القائمين إليه والثاني مكروه وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين ولكن يخشى أن يدخل نفسه بسبب ذلك ما يحاذر لما فيه من التشبيه بالجبابرة والثالث جائز وهو أن يقع على سبيل البر والإكرام لمن لا يريد ذلك ويؤمن معه التشبه بالجبابرة والرابع مندوب وهو أن يقع لمن قدم من سفر فرحًا بقدومه ليسلم عليه وإلى من تجددت له نعمة فيهنيه بحصولها أو مصيبة فيعزيه بسببها اهـ.

فانظر هذا مع ما نقله ز (وتطيين قبر) أكثر عباراتهم في تطيينه من فوق ونقل ابن عاشر عن شيخه أنه يشمل تطيينه ظاهرًا وباطنًا وعلة الكراهة ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا طين القبر لم يسمع صاحبه الأذان ولا الدعاء ولا يعلم من يزوره.

ص: 192

يقتضي عدم هدمه ثم نقل عن المصنف والفاكهاني وجوب هدم بناء القرافة وكلامه في شرح الرسالة سالم من ذلك (وجاز) بناء (للتمييز) وشبه في الجواز قوله (كحجر أو خشبة بلا نقش) فيكره به وإن بوهي به حرم فعلم منه أن البناء عليه أو حوله ثلاثة أقسام (ولا يغسل) أي يحرم فيما يظهر كما لتت أن يغسل (شهيد معترك) لدينا كلنية حمية أو غلول أو لغنيمة أو اشتهار بشجاعة أو لدنيا وآخرة معًا كقتيل معترك الكفار لإعلاء كلمة الله بخلاف شهيد غير معترك فيغسل عند ابن القاسم وهو مقتضى موضع من المدونة وروى ابن وهب لا يغسل شهيد كافر حربي بغير معركة رجلًا أو امرأة أو صبيًّا لكونه له حكم من قتل بها وهو نص المدونة في محل آخر وتبعه سحنون وأصبغ قائلًا ابن وهب اعلم بهذا وشبه من الآثار من جميع أصحاب مالك وإنما صلى على عمر بن الخطاب مع أنه مقتول كافر لأنه رفع حيًّا وعاش ولم يمت بفور القتل وليس قاتله بحربي قبل قتله وتبعهم ابن يونس وابن رشد ونحا القرطبي له فتمنى أنه لم يكن غسل أباه وصلى عليه حين قتله عدو كافر بقرطبة حين أغار عليها كفار والناس في إحراثهم على غفلة اهـ.

ومن ذلك أسرى نصارى بأيدي مسلمين أغاروا بإسكندرية وقت صلاة جمعة والمسلمون في صلاتها وقتلوا مسلمين سنة اثنين وخمسين وألف كما أفتى بعدم غسلهم والصلاة عليهم عج وعلى هذا الثاني فإنما احترز المصنف بقوله (فقط) عن غريق وحريق ومبطون وبقية شهداء الآخرة الثلاثين كما قال جد عج ويقدح في هذا كما قال عج لفظ معترك إلا أن يدعي أن قتيل الحربي المذكور شهيد معترك مجازًا ولو قال ولا يغسل قتيل كافر حربي ولو بغير مقاتلة أو على فراشه وإن أجنب على الأحسن لجرى على ما لابن وهب صريحًا ولا يرد على ذلك أنه يفهم منه تغسيل قتيل مسلم يظنه كافرًا مع أن المعتمد عدم تغسيله والصلاة عليه لأن هذا تفصيل في مفهوم كافر فلا يعترض به وأما قتيل كافر مضروب عليه الجزية فيغسل قطعًا وبالغ على عدم تغسيل ما قدمه بقوله (ولو ببلد الإسلام) الذي أغار عليه الحربيون (أو لم يقاتل) بأن كان غافلًا أو نائمًا فمات فيهما بقتلهم أو قتله مسلم يظنه كافرًا أو درسته الخيل أو رجع سيفه أو سهمه عليه أو وجد ميتًا ليس به أثر قتل إذ لعله رفس أو سقط عن دابته أو حمل على العدو فتردى في بئر أو سقط من شاهق (وإن) كان (أجنب) قبل الحرب ومات كذلك (على الأحسن) أو حائضًا تعين

ــ

وقول ز أو بموقوفة للدفن الخ الذي اختاره ح أن التجويز بالبناء اليسير لتمييز القبور جائز في مقابر المسلمين قال وهو الذي يفهم من كلام اللخمي وابن بشير وابن عبد السلام ومن أجوبة ابن رشد للقاضي عياض ونقل نصها ثم قال وهو الذي يفهم من ضيح في آخر كلامه (ولا يغسل شهيد معترك فقط) قول ز يحرم فيما طهر الخ قصور وقد صرح فيه بالحرمة ابن رشد في المقدمات وقول ز مع أن المعتمد عدم تغسيله أي قتيل مسلم وكذا قوله بعده أو قتله مسلم يظنه كافرًا أو درسته الخيل الخ كل ذلك فيه نظر ولم يذكر ق وح في الصورتين إلا أنه يغسل أو يصلي عليه فهو المعتمد (وإن أجنب على الأحسن) في ق قال

ص: 193

عليها القتال بفجء عدو (لا أن رفع) من المعركة (حيًّا) ثم مات بيد من رفعه أو بداره فيغسل (وإن أنفذت مقاتله) ومفهوم رفع حيًّا أنه لو بقي مرميًا بالمعركة حتى مات لم يغسل وهو كذلك على المعتمد خلافًا لأشهب وإن اقتصر عليه الشارح فيما نقله عن النوادر عنه (إلا المغمور) المرفوع منها ولم يأكل ولم يشرب حتى مات فلا يغسل فهو مستثنى من قوله لا أن رفع حيًّا وقوله وإن أنفذت الخ والمذهب أن منفوذها لا يغسل رفع مغمورًا أم لا وكذا غير منفوذها وهو مغمور وفي كلام د نظر قاله عج فالأقسام أربعة مغمور وغيره منفوذ المقاتل وغير منفوذها وقد علمت أحكامها (ودفن) وجوبًا (بثيابه) المباحة فليس لوليه نزعها وتكفينه بغيرها وغير المباحة تجري على قوله وتكفين بحرير (إن سترته) أي جميع جسده كما هو ظاهر كلامهم وهل تمنع الزيادة أو لا بأس بها قولان حكاهما في الطراز قال والأول أحق بالاتباع قاله الشيخ سالم فإن وجد عريانًا وجب ستر جميع جسده كما هو ظاهر كلامهم ولا يجري فيه قوله وهل الواجب الخ ولعل الفرق كسر هذا بقتله في سبيل الله ويدل على عدم جري الخلاف هنا ستره عليه الصلاة والسلام بعض من قتل وعليه بردة غيرة ساترة لجميع جسده بقيته بإذخر فإن لم يوجد إلا دون ذلك غطي من سرته إلى ركبته فإن كان فيها فضل غطى ما فوق ذلك إلى صدره (وإلا) تستره (زيد) ما يستره والباء قوله (بخف) للمصاحبة متعلقة بدفن أي دفن بثيابه مصحوبة بخف ومن جعله كنت بدلًا من ثيابه يرد عليه إن دفنه بها واجب وبخف وما معه مستحب وأنه ليس في البدل ضمير يعود على المبدل منه مع أنه بدل بعض وإن المبدل منه هنا على غير نية الطرح الغالبة وقد يجاب عن الثاني بأن الضمير مقدر بدليل تصريحه به في المبدل منه كأنه قيل بخفة وتقديره كاف كما في من استطاع إليه سبيلًا (وقلنسوة) وهي التي تسميها العامة الشاشية لا البيضة أي الخوذة لأنها سلاح (ومنطقة قل ثمنها) ومباحة وإلا لم يدفن بها (وخاتم قل فصه) أي ثمن فصه بالنسبة للمال نفسه في هذا وما قبله كما يفيده نقل أبي الحسن عن العتبية لا بالنسبة لمالكه (لا) بما هو من آلة الحرب من (درع وسلاح) كسيف ورمح ومغفر وساعد وزند حد يدومها ميز وما كان من حديد وعطف على

ــ

أشهب لا يغسل الشهيد ولا يصلى عليه وإن كان جنبًا وقاله أصبغ وابن الماجشون خلافًا لسحنون ورجح ابن رشد ترك غسل الجنب اهـ.

فصوابه لو قال ولو أجنب على الأظهر وقول ز المذهب أن منفوذها لا يغسل الخ كون منفوذها لا يغسل رفع مغمورًا أم لا هو الذي نقله ق عن الكافي والمعونة ونسبه الباجي لسحون واعترضه بغسل عمر رضي الله عنه بمحضر الصحابة رضي الله عنهم ثم نقل عن ابن عرفة وابن يونس والمازري ما ظاهره يوافق المصنف والذي اعتمده المصنف ما نقله في ضيح عن ابن شاس من قوله المشهور من قول ابن القاسم أنه يغسل ويصلى عليه وجعل قول سحنون مقابلًا للمشهور فانظر قول ز المذهب لا يغسل من أي أتى به (ودفن بثيابه إن سترته) قول ز ولا يجري فيه الخ غير صحيح وما ذكر من الفرق لا معنى له وما استدل به من ستره

ص: 194

شهيد قوله (و) كما لا يغسل شهيد معترك فكذا (لا) يغسل (دون الجل) أي دون ثلثي جسدًا ميت غير شهيد والجسد ما عدا الرأس فإذا وجد نصف جسده ورأسه لم يغسل على المعتمد وليس المراد جل الذات لاقتضاء ذلك تغسيل من وجد نصف جسده ورأسه وليس كذلك ابن رشد والعلة في ترك الصلاة على بعض الجسد عند مالك وأصحابه أن الصلاة لا تجوز على الغائب واستخفوا إذا غاب اليسير منه الثلث فدونه قال في توضيحه وبه يجاب عن استشكال التونسي من أن ترك الصلاة على النصف يؤدي إلى ترك الصلاة عليه بالكلية اهـ.

لا يقال كيف يترك واجب وهو الصلاة عليه خوف ارتكاب مكروه وهو الصلاة على الغائب إذ هي مكروهة لأنا نقول ما هنا مشهور مبني على ضعيف وهو القول بسنتيها كما مر وتعليل تت عدم الصلاة على ما دون الحل بقوله لاحتمال أن يكون غسل وصلي عليه أو لاحتمال كون صاحب ذلك العضو حيًّا فيصلي على حي يقتضي الثاني أنه يصلي على الرأس إذا وجد وحده أو مع نصف الجسد والمعتمد خلافه كما مر (ولا) يغسل (محكوم بكفره) من زنديق وساحر وكتابي ومرتد إلى أي دين (وإن صغيرًا) مميزًا (ارتد) اذردته معتبرة من تلك الحيثية لا من حيثية قتله لعدم قتله قبل البلوغ كما أن إسلام المميز معتبر من حيث ندب الصلاة له ووجوب الزكاة في ماله وتغسيله إذا مات (أو نوى به) أي بالكتابي ولو غير مميز (سابيه) أو مالكه (الإسلام) فلا يغسل (إلا أن يسلم) الكتابي المميز ويموت فيغسل فضمير يسلم عائد على بعض ما قبله لا إنه منقطع كما ظن ثم كونه لا

ــ

صلى الله عليه وسلم بقيته بإذخر لا يدخل له لأن ذلك إنما يدل على أن ستر جميع الجسد مطلوب وهذا أمر متفق عليه وكون الجميع واجبًا أو الزائد على ستر العورة سنة أمر آخر زائد على الطلب تأمله وقول ز على غير نية الطرح الغالبة الخ بل نية الطرح لازمة من حيث المعنى لا غالبة فقط وإنما هي غالبة من جهة الصناعة النحوية ألا ترى أن القائل أكلت الرغيف ثلثه إنما أخبر بأكل الثلث دون الجميع وبه يتبين أن البدلية هنا باطلة لأن دفنه بثيابه لازم وقول ز كأنه قيل بخفه الخ هذا سهو فإن الضمير في خفه يعود على الشهيد لا على المبدل منه وهو الثياب (ولا دون الجل) قول ز فإذا وجد نصف جسده ورأسه الخ فيه نظر فإن عدم الغسل في هذا إنما نقله في ضيح عن أشهب على وجه يقتضي أنه مقابل للمشهور الذي هو غسل الجل وقول ز وبه يجاب عن أشكال التونسي الخ فيه نظر إذ له أن يقول إذا لم يكن أحدهما تابعًا فلا مانع من استقلال كل بحكمه قاله اللقاني وقول ز وهو مشهور مبني على ضعيف الخ فيه نظر فإن القول بسنيتها تقدم أنه مشهور أيضًا شهره سند كما في ح ولذا قال المصنف فيما مر خلاف (وإن صغيرًا ارتد) قول ز لعدم قتله قبل البلوغ أي فإذا بلغ واستمر على ردته قتل وقول ز أو نوى به أي الكتابي الخ تخصيصه ما هنا بالكتابي فيه نظر لأن رواية ابن القاسم في المدونة عدم الجبر ظاهرها الإطلاق في الصغير الكتابي والمجوسي وعلى ظاهرها حملها أبو الحسن ونصه ظاهره كان كتابيًّا أو مجوسيًّا عياض قال أبو عمر أن لما لم يفصل دل على أن الكتابي والمجوسي سواء لكن ما ذكره ز هنا على كلام المصنف هو أقرب ما جمعوا به بين ما هنا

ص: 195

يحكم بإسلام الكتابي لإسلام سابيه لأنه لا يجبره على الإِسلام كما روى ابن القاسم عن مالك وأخذ به وظاهر رواية ابن نافع عن مالك في كتاب التجارة إلى أرض الحرب من المدونة أنه يجبره عليه وهو اختيار أبي عبيد قال لأن الإِسلام يعلو ولا يعلى عليه فلذا فرغ المصنف على الأول أنه إن مات قبل النطق لم يغسل وأما على الثاني فلا يغسل كذلك إن مات قبل الجبر وتلخص أن المجوسي يجبر على الإسلام كبيرًا أو صغيرًا والكتابي الحربي لا يجبر الكبير اتفاقًا ولا الصغير على الأصح فما يأتي في الردة من الحكم بإسلامه لإسلام سابيه فهو في المجوسي وحمل تت والشيخ سالم ما هنا على المميز فقط مجوسيًّا أو كتابيًّا زاد الثاني بدليل الاستثناء وما يأتي في الردة على غيره مجوسيًّا أو كتابيًّا كما هو نص قوله فيها وحكم بإسلام من لم يميز يقتضي أن الكتابي الحربي غير المميز يحكم بإسلامه لإسلام سابيه وإن المميز المجوسي لا يحكم بإسلام لإسلام سابيه وهو خلاف الأصح انظر عج ولما كان حكم المخرج بألا أو إحدى أخواتها وإن كان من باب المفهوم على الأصح لكنه لقوته ينزل منزلة المنطوق حتى قيل إنه منطوق شبه به قوله (كأن أسلم) من غير سبي (و) الحال أنه (نفر من أبوبه) ومات فإنه يغسل ولا مفهوم لهذا القيد إذ لو

ــ

وما في باب الردة وقول ز وظاهر رواية ابن نافع الخ على هذه الرواية جروا في البيوع حيث منعوا بيع الصغير للكافر ويأتي ومنع بيع مسلم ومصحف وصغير لكافر وقول ز وأما على الثاني فلا يغسل كذلك إن مات قبل الجبر الخ قال ابن عرفة ولو مات حيث يجبر أي قبل أن يجبر ففي كونه مسلمًا بمجرد ملكه مسلم وهو لابن دينار مع رواية معن أو حتى ينوي إسلامه وهو لابن وهب أو حتى يقدم ملكه ويزييه بزي الإِسلام ويشرعه بشرائعه وهو لابن حبيب أو حتى يعقل ويجيب حين إثغاره نقله ابن رشد خامسها حتى يجيب بعد احتلامه وهو سحنون قال ابن عرفة وعزا عياض الأولين لروايتان فيها اهـ.

قلت فعلم منه ترجيح الأولين وعليهما إذا مات قبل الجبر يغسل ويصلى عليه وذكر في ضيح هذه الأقوال إذا مات قبل أن يجبر ثم قال وأما الصغير من سبي المجوس فلا اختلاف أنه يجبر على الإسلام إلا أن يكون معه أبواه أو أحدهما فإن مات قبل الجبر فعلى ما تقدم من الخلاف اهـ.

باختصار فتحصل أن الصغير الذي يجبر إذا مات قبل الجبر فالراجح أنه محكوم بإسلامه والراجح في الكتابي أنه لا يجبر لرواية ابن القاسم فيها فهو محكوم بكفره وعليه يحمل المصنف كما قرره والله أعلم وقول ز لا يجبر الكبير اتفاقًا الخ كلام ابن رشد يقتضي أن المراد بالكبير الذي اتفق على عدم جبره هو الذي يعقل دينه لا البالغ فقط ونصه في باب المرتدين وأما إن سبي وقد عقل دينه فلا أذكر نص خلاف فيه أنه لا يجبر اهـ.

وقد نقله في ضيح هناك وقال ابن عرفة وسمع ابن خالد بن القاسم لو عقل دينه لم يجبر ابن رشد لا نص يخالفه اهـ.

ص: 196

أسلم وبقي بدار الحرب حتى مات غسل أيضًا (وإن اختلطوا) أي المحكوم بكفرهم مع مسلمين يغسلون (غسلوا وكفنوا وميز المسلم بالنية في الصلاة) تعظيمًا للمسلمين ولو على سنيتها مع الجزم بحرمتها في الكافر ودفنوا بمقابر المسلمين فإن اختلطوا بمسلم لا يغسل لم يغسل أحد منهم ودفنوا بمقبرة المسلمين كما هو الظاهر تغليبًا لحق المسلم فإن اختلط مسلم يغسل بشهيد معترك غسلوا وكفنوا مع دفنهم بثيابهم احتياطًا في الجانبين وصلى عليهم وهل يميز غير الشهيد بالنية أم لا لأنه قد قيل بها على الشهيد فليس كالكافر ويحتمل أنهم لا يغسلون ولا يصلى عليهم لأن غسل غير الشهيد والصلاة عليه وقد قيل بسنيتهما وغسل الشهيد والصلاة عليه كل منهما حرام فلا يرتكب ما قيل بسنيته المؤدي إلى ارتكاب محرم ولكن مثل هذا يجري فيما إذا اختلط مسلم بكافر إن كان غسله حرامًا كحرمة غسل الشهيد كما هو الظاهر قاله عج لكن في تت أن حرمة تغسيل الشهيد هي مقتضى تعليل عدم غسله ولم أقف على نص فيها اهـ.

وقد قدمت ذلك عنه ووجوب الصلاة على غيره وغسله أما في الخلاف الذي قدمه المصنف وأما الراجح وجوبهما كما قدمه عج تبعًا لح ومؤنة غسلهم وكفنهم من بيت المال من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب إن لم يكن معهم مال وإذا مات تحت هدم مسلم وكافر واختلط أو لأحدهما مال لا يعلم مالكه غسلًا وكفنا منه وصلى عليهما بنية المسلم ووقف المال فإن استحقه وارث أحدهما جبر له ما كفن به إلا آخر إن كان مسلمًا من بيت المال وإن ادعاه ورثتهما ولا بينة حلفًا وقسم بينهما.

ــ

فمحل الخلاف في الجبر وعدمه في الصغير الكتابي الذي لا يعقل دينه وفيه فرض ابن عرفة الخلاف (وإن اختلطوا غسلوا) قول ز ومؤنة غسلهم وكفنهم من بيت المال الخ صحيح إن كان المسلم منهم فقيرًا لا مال له أما إن كان له مال سواء كان معه أولًا فإن مؤنة جميعهم تؤخذ من مال المسلم لقول ابن عرفة وصلى عليهم ونوى المسلمون والنفقة عليهم اهـ.

أي على المسلمين المختلطين الذين ميزوا بالنية في الصلاة قاله طفى فقول ز أن لم يكن معهم مال صوابه أن لم يكن لهم مال وقول ز جبر له ما كفن به الآخر إن كان مسلمًا من بيت المال الخ صحيح أيضًا إن كان المسلم فقيرًا وإلا جبر من ماله وقول ز غسل وصلى عليه إن كان صغيرًا ولو وجد بكنيسة عليه زيّ كافر الخ ظاهر ما نقله ق عن ابن القاسم من أن من جهل دينه ووجد ميتًا لا يصلى عليه يشمل الصغير والكبير خلاف ما فصله ز لكن وجدت في البيان في موضع آخر من الجنائز ما ظاهره يفيد هذا التفصيل ونص السماع وسألته أي ابن القاسم هل يصلى على المنبوذ إذا مات قبل أن يعرف الصلاة وفي البلد يهود ونصارى قال نعم يصلى عليه لأن السنة ألحقته بأحرار المسلمين في تمام عقله على قاتله ابن رشد هذا كما قال لأنه على دين من التقطه من المسلمين زاد ابن حبيب وإن وجد في كنيسة وإن كان عليه زي النصارى إذا كان في جماعة المسلمين وهو معنى ما في تضمين الصناع من المدونة قال وذلك بخلاف الكبير يوجد ميتًا والغريب يموت ولا يعلم أنه كان مسلمًا فإنه لا يصلى عليه وإن كان مختونًا وبالله التوفيق اهـ.

ص: 197

فرع: إذا وجد ميت لا يعرف غسل وصلي عليه أن وجد ببلد لا يدخلها كافر غالبًا كالمدينة المنورة إلا أن يكون عليه زي الكفار كما يفيده ابن عرفة وابن فرحون وينبغي إلا أن يكون صغيرًا فيغسل فإن وجد ببلد يدخلها الكفار وغسل وصلى عليه إن كان صغيرًا ولو وجد بكنيسة عليه زي كافر كما قال ابن القاسم وغيره لا كبير وجد بها ولو عليه زي مسلم لكنه يواري والفرق أن الصغير المنبوذ يجبر على الإِسلام بخلاف الكبير قاله تت وقوله ولو عليه زي مسلم لكنه يوارى فيه شيء بل متى كان عليه زي مسلم يعلم به كونه مسلمًا فإنه يصلي عليه قاله عج (ولا سقط) أي تكره الصلاة عليه كما قدمه وفسره بأنه الذي (لم يستهل) أي لم يصح عند ولادته ولو وجد فيه علامة من علامات الحياة (ولو تحرك) لأنه يتحرك في البطن وقد يتحرك المقتول (أو عطس أو بال) ولو أكثر كما هو ظاهر وانظر لو اجتمع اثنان أو الثلاثة المذكورة (أو رضع) يسير إلا كثيرًا فيغسل ويصلى عليه كما في توضيحه والظاهر أنه ما يقول أهل المعرفة لا يقع مثله إلا ممن فيه حياة مستقرة (إلا أن تحقق الحياة) بعلامة من علاماتها من صياح أو رضاع كثيرًا وطول مدة لا يبقى لها إلا حي ثم يموت فيغسل (و) حيث عدمت منه علامات الحياة (غسل دمه) وجوبًا كذا يظهر وإنما المنفى الغسل الشرعي (ولف بخرقة ووورى) وجوبًا فيهما وأعاد مسألة السقط هنا غير معينة الحكم بعد ذكرها في المكروهات لبقية أحكامه ولو قدمها هناك لكان أحسن (ولا يصلي على قبر) من صلى عليه قبل أي يمنع على المشهور (إلا أن يدفن) في القبر (بغيرها) ويخاف تغيره لو أخرج عند ابن القاسم وسحنون وعيسى فتجب الصلاة حينئذ على القبر ما لم يطل حتى يغلب على الظن فناء الميت (ولا) يصلي كراهة على (غائب) من غريق وأكيل سبع ونحوهما على المشهور وصلاته صلى الله عليه وسلم على النجاشي من خصوصياته برفعه الأرض له وعلم يوم موته ونعاه لأصحابه وخرج معهم فأمهم وصلى عليه قبل أن يوارى ولم يفعل ذلك بعده أحد ولا صلى أحد على النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ووري وفي الصلاة عليه أعظم رغبة فدل ذلك على الخصوص (ولا تكرر) الصلاة على من صلى عليه أي يكره وليس هذا مكررًا مع قوله فيما مر وتكرارها لحمل ما هنا على من لم يقبر

ــ

فظاهره يشمل من مات بعد التقاطه ومن وجد ميتًا وقد صرح بذلك ابن عرفة عن ابن حبيب (أو رضع) اللخمي اختلف في الحركة والرضاع والعطاس فقال مالك لا يكون له بذلك حكم الحياة وعارضه المازري بأنا نعلم يقينا أنه محال بالعادة أن يرضع الميت وأجاب ق بما حاصله أن المراد أنه محكوم له بحكم الميت لا أنه ميت حين رضاعه حقيقة (ولا يصلى على قبر) قول ز أي يمنع على المشهور الخ حمل النهي في ذلك على المنع وفيه نظر إذ غاية ما فيه تكرار الصلاة والحكم فيه الكراهة كما قدمه المصنف وكما يأتي لز نفسه في قوله ولا تكرر وما وقع لابن عرفة من التعبير هنا بالمنع يحمل على الكراهة لما ذكرناه (ولا غائب) قول ز من خصوصاته برفعه الأرض له الخ هذان جوابان جعلهما جوابًا واحدًا وبيانهما أن نقول الجواب الأول أنه من خصوصياته والآخر أن صلاته عليه لم تكن على غائب لرفعه له صلى الله عليه وسلم حتى رآه فتكون صلاته عليه

ص: 198

وما مر على من قبر أو ما هنا من التكرار وهو كون المصلي ثانيها هو المصلي أولًا وما مر من التكرير وهو كونه غيره وهذا على أحد قولين في الفرق بين التكرار والتكرير والقول الثاني عكس ذلك (والأولى) أي الأحق (بالصلاة) على الميت إمامًا من وليه ذي السلطان (وصي) أوصاه بالصلاة عليه لأن ذلك من حقه وهو أعلم بمن يشفع له (رجي خيره) صفة مشعرة بالتعليل فكأنه قال أوصاه لرجاء خيره فيخرج ما لو أوصاه لعداوة بينه وبين الولي ليغيظه فلا تنفذ وصيته بذلك لعدم جوازها والولي أحق حينئذ أن رجي خيره أيضًا والأقدم الوصي قاله عج (ثم) إن لم يكن أوصى لأحد فالأولى من الولي (الخليفة) لخبر لا يؤم الرجل في سلطانه (لا فرعه) أي نائبه في الحكم لقضاء أو الشرطة أو لولاية على الجنة (إلا) أن يكون واحد من ذلك له الولاية (مع الخطبة) للجمعة وصلاتها لا لأحدهما فقط وظاهر تقريرهم أن المراد مع مباشرتها لأن المراد مع توليتها للغير كقاضي ومصر ويحتمل أنه مقدم وربما يدل له ابن رشد (ثم) إن لم يكن من تقدم فالأحق بالصلاة عليه إمامًا (أقرب العصبة) كما في ولاية النكاح فيقدم ابن فابنه وقال البساطي ينبغي هنا تقديم الأب أي على الابن وأولى على ابن الابن وهو المناسب لما تقدم في الإمامة من تقديمه على ابنه وهل محل تقديم أقرب العصبة على من بعده أن باشر ورجحه ابن يونس أو ولو أراد لتوكيل رجحه ابن رشد قولان وانظر هل يجريان أيضًا في الخليفة أم لا وظاهر كلام المصنف أن أقرب الحصبة أحق ولو عبدًا وهو مختار ابن محرز قال كما يؤم رب المنزل العبد وفي السليمانية لا يقدم إلا أن يكون من معه عبيدًا وظاهره أيضًا كما في تت تقديم العاصب في موت الرقيق على سيده وظاهر قول ابن الحاجب ترتب الولاية كالنكاح أن السيد يقدم فانظره اهـ.

أي لجبر السيد أمته على النكاح كما يأتي ثم قال لا جبر وقال بعده وقدم ابن الخ وأما ما يأتي قريبًا من تأخير المولى ففي المعتقة كما لا يخفى (و) إذا تعدد ولي جنازة واحدة أو أكثر قدم (أفضل ولي) بزيادة فقه أو حديث أو غيرهما من المرجحات المتقدمة في باب الإمامة ويندب تقديم أب وعم مفضولين على ابن وابن أخ (ولو) كان الأفضل (ولي المرأة) فيقدم على ولي الرجل المفضولن اعتبارًا بفضل ولي الميتة لا بفضلها على الأصح وهو المنقول عن مالك وقدم ابن الماجشون ولي الرجل اعتبارًا بفضل الميت واحتج بتقديم الحسين لعبد الله بن عمر حين ماتت أم كلثوم بنت على امرأة عمر وابنها زيد في فور واحد وصلى عليهما معًا فكان فيهما خمس سنن لم يورثا وحملا معًا وجعل الغلام مما يلي الإِمام ودفنا بقبر واحد وجعل الغلام مما يلي القبلة فقدم الحسين عبد الله

ــ

كصلاة الإمام على ميت رآه ولم يره المأمومون ولا خلاف في جوازها انظر ابن حجر ورد ابن العربي الجوابين معًا بأن كلًّا من الخصوصية والرفع يفتفر لدليل وليس بموجود انظر كلامه في ق عند قوله السابق وتكرارها (ثم أقرب العصبة) قول ز وقال البساطي ينبغي الخ الذي في ح واستحب اللخمي أن يقدم ابن الميت أباه وأخوه جده كصلاة الفرض اهـ.

ص: 199

للصلاة عليهما لأنه أخو زيد بن رشد وغيره ولا حجة في القصة المذكورة وإنما تحصل الحجة لو كان المقدم لعبد الله غير الحسين كالخليفة أو غيره من الصحابة وإلا فالحسين لكماله في الفضل يرى لعبد الله فضلًا عليه ولا يرى لنفسه فضلًا ويحضر في باله حينئذ سن ابن عمر وشهادته له عليه الصلاة والسلام بالصلاح وحضوره المشاهد في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته وزهده في الخلافة بعد أن عرضت عليه مرتين اهـ.

وكلثوم من الكلثمة وهي الحسن فإن استووا في العلم والسن فأحسنهم خلقًا لخبر إن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة القائم بالليل الظامىء بالهواجر فإن تساووا في ذلك وتشاحوا أقرع بينهم (و) إذا لم يوجد رجال يصلون على الميت (صلى) عليه (النساء دفعة) أفذاذًا ولا ينظر لتفاوت تكبيرهن ولا سبق بعضهن بعضًا بالتسليم وإذا فرغن لم يجز لمن فات منهن صلاة بل يكره قاله تت في صغيره وهي أسهل من عبارته في كبيره (وصحح ترتبهن) واحدة بعد واحدة وضعف بأنه تكرار للصلاة وهو مكروه وبأنه يؤدي إلى تأخير الميت والسنة والتعجيل (والقبر) لغير سقط لم يستهل (حبس) لا له ولو تت أشهره (لا يمشي عليه) أي يكره حيث كان مسنمًا والطريق دونه ودام به وإلا جاز المشي عليه ولو بنعل كما قال ابن ناجي وظاهره ولو كانت النعل متنجسة ابن ناجي ويجوز الجلوس عليه أيضًا أي عند انتفاء القيدين المذكورين وما ورد من النهي عن الجلوس عليه محمول على الجلوس لقضاء الحاجة المازري كذا فسره مالك وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم مفسرًا وكان علي رضي الله عنه يتوسدها ويجلس عليها (ولا ينبش) أي يحرم (ما دام) أي ظن دوام شيء من عظامه غير عجب الذنب لصغره (به) وهذا قيد للنفيين فقط لا لقوله أيضًا حبس إذ هو حبس أيضًا إذا لم يبق به إلا عجب الذنب فلا يجوز بناؤه دار ولا حرثه لزراعة وإنما يجوز نبشه للدفن فيه حينئذ لعدم منافاته لكونه حبسًا وقد سئلت عن تربة درست وصارت طريقًا منذ ثلاثين سنة ويريد شخص أن يبنيها بيتًا للسكنى فهل يجوز فأحببت بأنه لا يجوز أي يحرم ففي الطراز سئل ابن عات عن مقبرة لها أربعون سنة لم يدفن فيها هل يجوز جعلها مساكن فأجاب بأنها حبس انظر د وقول ابن عبد السلام وقع في كلام أهل المذهب عن بعضهم أنه يجوز حرث البقيع بعد عشرة أعوام ضعيف كما كتبه الوالد بطرة الشارح وقال الإِمام موضع القبر لا يجوز بيعه ولا الانتفاع به كما في عج عند قوله ودفنه بدار اهـ.

ومثل جواز نبشه إذا فني نبشه لنقل الميت كما مر وكذا فيما استثناه بقوله (إلا أن يشح رب كفن غصبه) بالبناء للمجهول غصبه الميت أو غيره فينبش إن كان لربه بينة عليه أو صدقه أولياء الميت ولم يطل ولم يروح (أو) يشح رب (قبر) حفر (بملكه) بغير إذنه وعطف على يشح ماضيًا وإن لم تدخل عليه أن الناصبة بعدم جعلها فيه ناصبة بل مصدرية

ــ

وما في البساطي قصور وانظر في ح بسط ما اختصره ز هنا يتبين لك (أو قبر بملكه) ابن بشير إلا أن يطول فقال ابن أبي زيد له الانتفاع بظاهر أرضه اهـ.

ص: 200

فقط فقال (أو نسي معه مال) عرض كثوب سجى به في القبر أو دنانير لغيره نفسيًّا أم لا كثيرًا أم لا أوله وشح الورثة وهو نفيس أو كثير ولم يطل ولم يروح فيهما والأبدي بقيمته على الوارث وأعطيت للغير ولم ينبش في يسير وغير نفيس لوارث شح (وإن كان) القبر المحفور (بما) أي بمكان (يملك فيه الدفن) خاصة كأرض محبسة له دون أن تكون بقعته مملوكة لأحد فحفره شخص فدفن آخر فيه (بقي) ولا يخرج ولو بالقرب (وعليهم) أي ورثة الميت الموضوع في ذلك القبر (قيمته) أي قيمة الحفر عند ابن اللباد بن بشير وهو أصل المذهب وقول تت أي قيمة القبر على حذف مضاف أي قيمة حفر القبر لئلا ينافي موضوع أنه ليس بملك لأحد وإنما هو مما يملك فيه كمن سبق إلى مباح وقيل عليهم حفر مثله لأنه مثلي محصور بمساحة على الأرض كشبر أرضًا وقيل الأكثر منهما لأنه ظالم بدفنه بعد تحويره لآخر وهو أحق بالحمل عليه وقيل الأقل منهما لأنه يخفف عن الظالم كثيرًا بدليل قوله المثلي ولو بغلاء ابن الحاجب وإذا تشاح الورثة في دفنه في ملكه أو في مقابر المسلمين فالقول قول من طلب المقابر بخلاف تشاحهم في تكفينه من تركته أو مال بعضهم فإن القول لمن طلب تكفينه من تركته لأن الدفن في مقابر المسلمين أمر عرفي فكأنه أوصى به قلت يؤخذ من هذا أن من أوصى بدفنه بمكان يعمل بوصيته كما إذا أوصى بمن يصلي عليه قاله الشيخ سالم (وأقله) أي أقل القبر عمقًا (ما منع رائحته وحرسه) وأكثره لا حد له وندب عدم عمقه كما مر وجاز اتخاذه قبل الموت بمملوكة لا محبسة (وبقر) أي شق بطن الميت المبتلع بحياته مالًا (عن مال) له أو لغيره (كثر) بأن

ــ

أي ولا يخرج ونقل في ضيح عدم إخراجه مع الطول عن ابن هارون وهو خلاف ما لابن رشد من إخراجه وإن طال وأشار ابن عرفة لذلك بقوله ومن دفن في ملك غيره دون إذنه ففي إخراجه المالك مطلقًا أو إن كان بالفور نقلا ابن بشير واللخمي الشيخ أن طال فله الانتفاع بظاهر أرضه اهـ.

(أو نسي معه مال) في ق أن له أن يستخرجه بمجرد دعواه من غير توقف على بينة أو تصديق بخلاف الكفن المغصوب فانظر الفرق بينهما.

حكاية: وقع للولي الصالح أبي محمَّد سيدي عبد العزيز القروي بتقديم الراء على الواو وكان معاصرًا لأبي الحسن الصغير شارح المدونة وكان ناظرًا على المارستان بفاس يتولى تجهيز الموتى بيده وقد جيء ذات يوم بميت غريب فلما أراد غسله وجد معه بضاعة دراهم فوضعها في الأرض ليذهب بها إلى بيت المال فلما كفنه اندرجت معه في الكفن فنسيها فلما وضع عليه التراب تذكرها فنبش عليه لإخراجها فوجد الدراهم مسمرة في بدنه من رأسه إلى قدمه فرد عليه التراب وقال لعله من {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] نسأل الله سبحانه وتعالى العافية في الدين والدنيا اهـ.

(وأقله ما منع رائحته) قول ز بمملوكة لا محبسة الخ مثله في ضيح

ص: 201

كان نصابًا وهل للزكاة أو للسرقة قولان (ولو بشاهد ويمين) فإن تبين بعد البقر كذبه عزر فقط ولا قصاص عليه بسبب بقره وقوله تعالى {واَلَجُرُوحَ قِصَاصُ} [المائدة: 45] في حال الحياة كما يدل على ذلك مسألة التهوين على منفوذ المقاتل من القول بعدم قتله بل هذا أولى (لا عن جنين) ولكن لا بد من تحقق موته قبل دفنها به ولو تغيرت قبل موته ارتكابًا لأخف الضررين (وتؤولت أيضًا على البقر) من خاصرتها اليسرى لأنه أقرب اللجنين (إن رجي) خلاصة حيًّا (وإن قدر على إخراجه من محله) بحيلة مع رفق (فعل) اتفاقًا (والنص) المعول عليه (عدم جواز أكله) أي ميت الآدمي كله أو بعضه ولو كافرًا (لمضطر) ولو مسلمًا أو بعض نفسه فلا يأكل بعضه ولا يرد ما يأتي في ووجب إن رجي حياة أو طولها من أن من أكلت الأكلة بعض أطرافه وخيف سريانها في بقيته وجب قطع المأكول حيث تحقق عدم السريان ورجي الحياة لأنه في نفسه وما هنا يمكنه التحرز عن نفسه وعن الغير بميتة دابة فيتحرز عن أذية نفسه وعن أذية الغير (وصحح أكله) وانظر هل يطبخ وللشافعية يحرم طبخه وشيه لما فيه من هتك حرمته مع اندفاع الضرر بدونه ويتخير في الآدمي غير المعصوم انظر د (ودفنت مشركة) بأي نوع من الكفر (حملت من مسلم) بوطء شبهة مطلقًا أو بنكاح في كتابية ويتصور بنكاح في غيرها حيث أسلم ويتأول في قوله من مسلم أي ولو مآلا وإذا زنى مسلم بكافرة فعلى قول من يقول إن حملها مسلم كما لأبي الحسن في الكلام على الغره يشمله المصنف (بمقبرتهم) ولا نتولاها ولا نتعرض لهم في الاستقبال وعدمه وأما قوله (ولا يستقبل) بها (قبلتنا ولا قبلتهم) فهو حيث توليناها لترك أهل ملتها لأجلنا فإن تولوها دفنوا على حكم دينهم ولم يتعرض لهم أو أنه مقدم من تأخير وحقه تأخيره عن قوله إلا أن يضيع فليواره كما في ق (ورمى ميت البحرية) مغسلًا محنطًا (مكفنًا) مصلى عليه مستقبل القبلة على شقه الأيمن غير مثقل قاله أصبغ وابن الماجشون وعلى واجده بالبر دفنه وقال سحنون يثقل (إن لم يرج البر قبل تغيره) وإلا وجب تأخيره إليه (ولا يعذب) ميت (ببكاء) عليه حرام برفع صوت أو نوح مثلًا أي لا يتألم بذلك قاله عياض حيث (لم يوصَ به) فإن أوصى به عذب به وكذا إن علم منهم أنهم يبكون عليه ولم يوصهم بتركه ويجب عليه أن ينهاهم عنه أن علم امتثالهم لأمره وإلا لم يجب (ولا يترك مسلم) فيما يتعلق بمؤن تجهيزه (لوليه الكافر) أي لا يجوز ذلك بل بليه وليّه المسلم أو المسلمون ابن القاسم وأما سيره معه ودعاؤه له فلا يمنع منه (ولا يغسل مسلم أبا كافرًا ولا يدخله قبره) أي لا يجوز ذلك لذهاب حرمة أبوته بموته (إلا أن) يخاف أن (يضيع) إذا تركه المسلم (فليواره) وجوبًا بالتكفين في شيء وإن كانت نفقته غير لازمة لابنه كما هو ظاهر كلامه كغيره خلاف ما يوهمه تت من تقييده بمن تلزمه نفقته ولا يستقبل به قبلتنا ولا قبلتهم وحملناه على خوف الضياع لا عليه بالفعل لأنه بعد

ــ

(والنص عدم جواز أكله) قول ز وما هنا يمكنه التحرز الخ فيه نظر فإن الخلاف إنما هو

ص: 202

الضياع لا يتصور فيه مواراة ولا غيرها وكذا يوارى كافر ليس معه أحد وخيف ضياعه كما في المدونة (والصلاة) على الجنازة (أحب) أي أفضل وأكثر ثوابًا (من النفل) فتندب (إذا قلم بها المنير) بأن شرع فيها بناء على سقوط فرض الكفاية عن الغير بالشروع وهو ضعيف والمذهب لا يسقط إلا بالتمام وما ذكره المصنف هنا هو المشهور وإن كان مبنيًّا على ضعيف إذ لا غرابة فيه وقيد الأحبية بقوله (إن كان) الميت (كجار) أو قريب أو صديق أو شيخ (أو) ممن يرجى بركة شهوده بأن يكون (صالحًا) فإن لم يكن كجار ولا صالحًا فالنفل بل والقعود في المسجد أي مسجد كان بنية الجوار أحب بناء على سقوط فرض الكفاية أو سنيتها عن الغير بمجرد الشروع كما مر.

ــ

حيث عدم غيره لا مع وجود غيره كما يوهمه كلامه (والصلاة أحب من النفل) قول ز بناء على سقوط فرض الكفاية عن الغير بالشروع الخ قصد به الجواب عما ورد من أن المصلي على الجنازة يحصل له ثواب الفرض وهو أعظم من ثواب النفل فكيف يكون النفل أحب منه في الجواب نظر لما تقرر في فرض الكفاية من أن اللاحق بالداخل فيه يقع فعله فرضًا وإن قيل بسقوطه بالشروع فالبحث باق على القولين والذي أجاب به الشيخ سالم فيما نقله عنه ابن عاشر التزام أن نفل العين أفضل من فرض الكفاية وفيه أيضًا نظر.

ص: 203