الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي دخوله لا رقي درجة فقط وسمي دخوله رقيًا لارتفاع بابه والإضافة لأدنى ملابسة (أو عليه) أي على ظهره (أو على منبره) ولو على منبره الآن (بنعل) محقق الطهارة وهو متعلق بالمسائل الثلاث ومثله الخف ويحرم وضع المصحف على واحد منهما لعظم حرمة القرآن قال ق ويكره جعل نعله في البيت إذا جاء للدعاء وليجعله في حجزته اهـ.
وانظر مفهوم قوله إذا جاء للدعاء (بخلاف الطواف) بالبيت (و) دخول (الحجر) بكسر الحاء بنعل فلا يكره بالنعل الطاهر وظاهره ولو مشى به في الستة أذرع من الحجر التي من البيت لعدم تواتره على رأي (وإن) طاف حامل شخصًا طوافًا واحدًا و (قصد بطوافه نفسه مع محموله) صبي أو مجنون واحد أو متعدد أو مريض نوى عن نفسه والحامل عن نفسه (لم يجز عن واحد منهما) لأن الطواف صلاة وهي لا تكون عن اثنين كذا قرره الشيخ سالم وانظر إدخاله في المصنف ما إذا نوى المريض عن نفسه والحامل عن نفسه أي فقط والذي يدل عليه قول المصنف مع محموله صحته في هذه عن الحامل فقط وهو القياس (وأجزأ السعي) الذي نوى به الحامل نفسه مع محموله (عنهما) لخفة أمر السعي إذ لا يشترط فيه طهارة (كمحمولين) فأكثر لشخص نوى بطوافه أو سعيه عنهما فيجزي (فيهما) كان المحمول معذورًا أم لا لكن الدم على غير المعذور في الطواف إذا لم يعده كما تقدم في قوله وإلا فدم لقادر لم يعده وكذا غير المعذور في السعي كما لمالك في الموازية والفرق بين ما إذا نوى بطوافه عن نفسه وعن محموله وبين جوازه إذا نوى به عن محموليه أن المحمولين صارا بمنزلة الشيء الواحد وفهم من المصنف أنه إذا قصد بالطواف المحمول فقط يجزي عنه وهو كذلك والمعتبر طهارة الحامل وكذا يقال في قوله كمحمولين إن كان المحمول في المسألتين غير مميز فإن كان مميزًا فالمعتبر طهارة المحمول لا الحامل انظر عج.
فصل حرم بالإحرام
بحج أو عمرة أي بسببه أو فيه قاله تت في كبيره زاد في صغيره أو معه والأول
ــ
فقوله إنه لمكروه صريح في الكراهة انظر ضيح (لم يجز عن واحد منهما) تبع تشهير ابن الحاجب قال في ضيح ولم أر من شهرة قال ح وظاهر الطراز ترجيح القول بالإجزاء عن الصبي لابن القاسم وقول ز وانظر إدخاله في المصنف الخ هذه الصورة التي أدخلها س في كلام المصنف تبع فيها ح ونصه وظاهر المصنف أنه لا فرق بين كون المحمول صغيرًا نوى الحامل عنه وعن نفسه أو كبيرًا ينوي هو لنفسه وينوي الحامل لنفسه والله أعلم اهـ.
وفيه نظر والظاهر ما ذكره ز.
ممنوعات الإحرام
وهي ضربان ضرب غير مفسد كاللبس والتطيب وفيه الفدية وضرب مفسد كالجماع ومقدماته وبدأ بالأول فقال (حرم بالإحرام) قول ز وكذا الثاني بجعل الباء سببية الخ لا يخفى
والأخير يفيدان أن مبدأ الحرمة مجرد الإحرام وهو المقصود وكذا الثاني بجعل الباء سببية لا ظرفية لعدم إفادتها ذلك (على المرأة) ولو أمة أو خنثى مشكلًا أو صغيرة وتتعلق بوليها (لبس) محيط بيديها نحو (قفاز) بوزن رمان شيء يعمل لليدين يحشى بقطن تلبسهما المرأة للبرد خصه للخلاف فيه وإلا فغيره مما تعده لستر يديها مخيطًا أو مربوطًا كذلك قاله تت وكذا ستر أصابعها فإن أدخلت يديها في قميصها فلا شيء عليها ولبس بضم اللام مصدر ماضيه لبس بكسر الباء ومضارعه بفتحها وأما اللبس مصدرًا بمعنى التخليط فبفتح اللام من باب ضرب يضرب ومنه وللبسنا عليهم ما يلبسون (وستر وجه) أو بعضه ترفها أو لحر أو دبر ولو لم تلاصقه واستثنى منقطعًا قوله (إلا لستر) عن أعين الناس فلا يحرم عليها ستره ولو لاصقته له بل يجب أن علمت أو ظننت أنه يخشى منها الفتنة أو ينظر لها بقصد لذة وحينئذ فلا يقال كيف تترك واجبًا وهو ترك الستر في الإحرام وتفعل محرمًا وهو الستر لأجل أمر لا يطلب منها إذ وجهها ليس بعورة فالجواب أنه عورة يجب ستره فيما إذا علمت إلى آخر ما مر وانظر إذا خشي الفتنة من وجه الذكر هل يجب عليه ستره إن كان بالغًا وعلى وليّه إن كان غير بالغ أو يجري في الفدية الآتية أم لا (بلا غرز) بإبرة ونحوها (و) لا (ربط وإلا) بأن لبست قفازًا أو سترت كفيها أو وجهها أو بعضه لغير ستر أو غرزت ما سدلته أو عقدته (ففدية) أن طال (وعلى الرجل) أي الذكر ولو رقيقًا أو صغيرًا وهي متعلقة بوليه (محيط) بضم أوله وبالمهملة كما ضبطه بعض تلامذته عنه فيشمل المخيط بفتح أوله والمعجمة وغيره (بعضو) يدخل فيه الصرارة وهي التاسومة والقبقاب ولعله إذا كان سيره غليظًا أي عريضًا وإلا فلا قاله ح ولا يدخل المداس لما تقدم أن المحرم يلبسه (وإن) كانت إحاطته (بـ) سبب (نسج) على صورة المخيط كدرع
ــ
ما في هذا الكلام من الركاكة إذ لا تكون الباء بمعنى في ألا للظرفية وأما السببية فهي أصل في الباء دون في على أن الظرفية تفيد أيضًا أن مبدأ الحرمة مجرد الإحرام خلافًا لما زعمه (على المرأة) قول ز ولو أمة أو خنثى مشكلًا الخ مقتضى الاحتياط إلحاق الخنثى بالرجل لا بالمرأة لأن كل ما يحرم على المرأة يحرم على الرجل دون العكس إلا أن يقال احتمال الأنوثة يقتضي الاحتياط في ستر العورة وأن حكمه كالمرأة والله أعلم (وستر وجه) قول ز أو بعضه الخ جزم في بعض وجه المرأة بأنه كجمعيه تبعًا لح وحكي فيما يأتي في بعض وجه الرجل تأويلين وكلام ضيح وابن عبد السلام يفيدانهما سواء وإن التأويلين في كل منهما واعتمده طفى وقول ز واستثنى منقطعًا الخ غير صواب بل هو متصل لدخول ما بعد إلا فيما قبلها لولا الاستثناء وقول ز فالجواب أنه عورة الخ فيه نظر إذ الجواب المذكور ينتج ما هو أخص من الدعوى فيقتضي أنه لا يجوز لها الستر إلا إذا علمت أو ظنت أنه يخشى منها الفتنة وليس كذلك بل متى أرادت الستر عن الرجال جاز لها مطلقًا كما هو ظاهر المصنف قال في المدونة ووسع لها مالك أن تسدل رداءها من فوق رأسها على وجهها إذا أرادت سترا فإن لم ترد سترا فلا تسدل اهـ.
حديد فإن العرب سمته نسجًا أو لصق لبد على صورته أو جلد حيوان سلخ بغير شق لبدنه أو أعضائه (أو) كانت بسبب (زر) بقفله عليه (أو عقد) بربط أو تخليل يعود كما في العتيبة لا أن خيط بغير الإحاطة كإزار مرقع برقاع وبردة ملفقة بفلقتين فيجوز وضبطنا محيط بضم أوله وبمهملة هو المناسب للمبالغة المذكورة دون ضبطه بخاء معجمة وعليه يقدر لقوله بعضو عامل يتعلق به أي يحيط بعضو وشبه في المنع ووجوب الفدية قوله (كخاتم) أي يحرم لبسه على الرجل ولو فضة وزنه درهمان وفيه الفدية (وقبا) بفتح القاف والمد القصر مشتق من القبو وهو الضم والجمع سمي به لانضمام أطرافه وأول من لبسه سليمان عليه الصلاة والسلام قاله القسطلاني على البخاري واقتصر في القاموس على القصر والكرماني والمصباح وتت على المد فمن اعترض بعض الشراح في ذكر القصر بأنه بالمد فقط كما في المصباح فقد قصر وهو المنفتح كالجبة (إن لم يدخل كما) وما قبل المبالغة أدخل يدًا واحدة ومحل المنع إذا أدخل منكبيه في موضعهما منه فإن جعل أسفله على منكبيه فلا فدية لأنه لا يلبس كذلك قاله تت وظاهر تعليله عدم الفدية في لبسه بجعل بطنه على ظهره وظهره داخل جسده مع إدخال منكبيه ولعله غير مراد بل فيه الفدية أيضًا كما إذا جعل رجليه في كميه حين جعل أعلاه أسفله أن ترفه بذلك أو أزال أذى وإلا فلا وفي كلام المصنف قلب أي وإن لم يدخل يديه كما أو أنه منصوب بنزع الخافض ومفعول يدخل محذوف أي وإن لم يدخل يده في كمه ذكره د مصدرًا بالثاني وعزا الأول للتوضيح وقال عقبه انظر ما نكتته أي القلب هنا اهـ.
تنبيه: قوله على الرجل محيط بعضو لا ينافي قول المدونة والرسالة إحرام المرأة في وجهها ويديها وإحرام الرجل في وجهه ورأسه المقتضي اختصاص المرأة باليدين دون الرجل وقصر إحرامه على وجهه ورأسه وإنما لم ينافه لأن المقسم ليس مطلق الإحرام حتى يلزم نفيه عن يدي الرجل دونها وهو باطل إنما المقسم الإحرام الخاص ببعض بدن المحرم دون باقيه فهو في المرأة ما ذكر وفي الرجل وجهه ورأسه بمعنى تعريتهما عن كل شيء بخلاف غيرهما فالإحرام فيه تجرده عن المحيط بعضو لا تعريته أشار له ابن عرفة (وستر وجه) جميعه لا ستر بعضه فلا يحرم ولا فدية إلا الانتفاع به (أو رأس) ولو بعضه والفرق أن الرأس لم يقل أحد بجواز تغطيته وإن الوجه قيل بجواز ستره فقد جرى في تغطية الرجل بعض وجهه قولان وحملت المدونة عليهما أحدهما وجوب الفدية فيه كتغطية كله والثاني عدم وجوبها قال بعض الشراح والأول وهو الظاهر لقرانه بالرأس الموجب في تغطية بعضه الفدية ككله وفهم من قوله ستر وجه أن ستر ما أسدل من لحيته
ــ
وقول ز وانظر إذا خشي الفتنة من وجه الذكر الخ لا وجه لهذا النظر إذ قد تقدم في فصل ستر العورة عند ز عن ابن القطان وغيره أن غير الملتحي لا يلزمه ستر وجهه وإن كان يحرم النظر إليه بقصد اللذة وإذا لم يجب عليه ستر وجهه في غير الإحرام ففي الإحرام أولى
ليس فيه شيء وبه صرح سند (بما يعد ساترًا) عرفا أو لغة بقرينة قوله (كطين) لأنه يدفع الحر فأولى غيره عن عمامة وخرقة وقلنسوة وجعله الشارح في الصغير تشبيهًا وذلك لأنه لا يعد ساترًا ويحتمل جعله تمثيلًا بناء على أنه يعد ساترًا في هذا الباب (ولا فدية) عليه (في) تقليد (سيف) بعنقه عربي أو رومي كما هو ظاهره والأولى قصره على الأول إذ الرومي علاقته عريضة ومتعددة فهو حرام (وإن) تقلده (بلا عذر) ووجب نزعه مكانه حيث لبسه لغير عذر كما هو ظاهر المدونة قال د والظاهر أن السكين ليست كالسيف أي قصرًا للرخصة على موردها (و) لا فديا في (احتزام) بثوبه وكذا بغيره على المذهب خلافًا لتت (واستثفار) وهو كما في القاموس جعل طرفي مئزره بين فخذيه ملويًّا وقول تت بعد ملويًّا معقودًا في وسطه كالسراويل ليس في القاموس معقودًا وحذفه من حيث الفقه متعين وإلا افتدى وهو الموافق لقول المصنف فيما مروان كان فيما يتعلق بالمرأة بلا غرز وربط (لعمل فقط) قيد فيهما ولغير عمل فيه الفدية (وجاز) لمحرم (خف) أي لبسه ومثله جرموق وجورب (قطع) أو ثني فيما يظهر (أسفل من كعب) لهما قطعه هو أو غيره أو اشتراه كذلك ومثله في أبي الحسن الصغير نقل ابن عمر في شرح الرسالة قولين أحدهما هذا والآخر إنه إنما يغتفر لمن قطعه إلا لمن اشتراه كذلك قاله د لكن الشاذلي حكى الثاني بقيل والظاهر الإطلاق ويراعى فيه فيما يظهر قوله (لفقد نعل) جملة (أو غلوه) غلوًّا (فاحشًا) بأن يزيد ثمنه على الثلث فلو لبسه لغير ما ذكر وقد قطع أسفل من كعبيه فعليه الفدية ولو لضرورة كشقوق برجليه انظر تت وظاهر المصنف اعتبار الفقد والغلو عند الإحرام فلا يجب عليه إعداد النعلين قبله إذا علم بفقدهما عنده وفي الطراز يجب عليه ذلك قبل الميقات إذا وجد ثمنهما (و) جاز له (اتقاء شمس) عن وجهه (أو ريح بيد) لأنه لا يعد ساترًا وكذا ببناء أو خباء أو محارة كما يأتي له قريبًا (أو مطر) ومثله البرد عند
ــ
كما هو ظاهر والتنظير قصور (واحتزام) وقول ز وكذا بغيره على المذهب الخ صحيح لأنه هو ظاهر قول المدونة والمحرم لا يحتزم بحبل أو خيط إذا لم يرد العمل فإن فعل افتدى وإن أراد العمل فجائز له أن يحتزم اهـ.
وعلى ظاهرها حملها أبو الحسن وابن عرفة وغيرهما وقيد في مختصر الوقار الاحتزام يكون بلا عقد واقتصر عليه ح (واستثفار) قول ز وحذفه من حيث الفقه متعين الخ فيه نظر إذ لا يتصور العمل معه إلا بالعقد كما قاله عج ولذا فسره به غ وتبعه تت والله أعلم (أو غلوه فاحشًا) قول ز بأن يزيد ثمنه على الثلث يعني بأن يزيد ثمنه على القيمة بالثلث كما لأبي الحسن (واتقاء شمس أو ريح بيد) سند ولا بأس أن يسد أنفه من الجيفة واستحبه ابن القاسم إذا مر بطيب قاله ح وقول ز فلا يمثل بها هنا الخ فيه رد على الشارح في تمثيله بها وقد رد عليه ح وغيره وقول ز ولا يلصقها على رأسه وإلا فعليه الفدية الخ ظاهره أن هذا في اليد وفيه نظر بل اليد يجوز الاتقاء بها مرتفعة متصلة كما قاله ابن عاشر لأنها لا تعد ساترًا فلا
مالك لا ابن القاسم (بمرتفع) عن رأسه من ثوب ونحوه وأما الخمية فجائز الدخول تحتها من غير عذر كما يأتي فلا يمثل بها هنا ولا يلصق المظل برأسه واتقائه المطر بمرتفع أولى منه في الجواز اتقاؤه بيده ولا يلصقها على رأسه وإلا فعليه الفدية أن طال (وتقليم ظفر انكسر) نحوه في المدونة أبو إسحق واثنان وثلاثة قاله تت تبعًا للشارح وانظر ما زاد على الثلاثة هل في تقليمه الفدية أم لا ثم الجواز مقيد بأن يتأذى بكسره وإلا لم يجز قلمه فإن قلمه جرى فيه قوله الآتي وفي الظفر الواحد لا لإماطة الأذى حفنة وبأن يقتصر في تقليمه على ما يزول به الضرر كقطع المنكسر ومساواة محله حتى لا يتعلق بما يمر عليه فإن زاد على ذلك ضمن ومفهوم قوله انكسر أنه إن لم ينكسر فإن قلمه لإماطة الأذى ففدية وإلا فحفنة كما يأتي هذا في الواحد وأما ما زاد عليه ففي تقليمه الفدية مطلقًا والمراد ظفر نفسه وأما تقليم المحرم حلالًا فلغو كما لابن عرفة واعلم أن تقليم ظفر نفسه المنكسر وقلع الشعرة من العين وتقليم غير المنكسر لإماطة الأذى مشتركة في أن فعلها جائز لإزالة الضرر لكن الفدية في الأخيرين دون الأول لغلبة وقوع الضرر به بخلافهما والقاعدة أن ما كان عامًّا ويغلب وقوعه لا فدية فيه عند الضرورة كتقليم الظفر المنكسر وما يندر وقوعه فيه الفدية مع الجواز لذي العذر والحرمة لغيره ذكره ح فإن قلت الشعرة إنما فيها حفنة فليست كالظفر قلت إذا أزالها لإماطة الأذى فيها فدية (و) جاز (ارتداء) وائتزار (بقميص) ولو مخيطًا لأنه لم يلبس لما خيط له وكذا يجوز الارتداء والائتزار برداء أو إزار مرقوعين أو فلقتين خيطتا كما مر وجعلوا الارتداء لبسا في الإيمان لضيقها ولذا لم يفرقوا بين طول الزمان وقصره في الحنث بخلافه هنا (وفي كره) اراتداء (السراويل) لقبح زيه وجوازه (روايتان) ومقتضى تعليل الكره المتقدم جريانهما في غير المحرم وبه صرح الباجي وأما
ــ
فدية فيها بحال (وتقليم ظفر انكسر) قول ز والقاعدة أن ما كان عامًّا الخ بهذا أجاب ح عن معارضة التونسي بين سقوطها في الظفر المنكسر ولزومها في إزالة الشعرة من العين ونحوه معارضة أبي الحسن بين سقوطها في الظفر المنكسر ولزومها في الظفر غير المنكسر إذا أزاله لإماطة الأذى وهو ظاهر فتأمله (وارتداء بقميص) قول ز وجعلوا الارتداء لبسا الخ تبع تت وتعقبه طفى بأن المعارضة هنا غير صحيحة فلا يحتاج إلى الجواب عنها بما ذكر لأن الارتداء به ليس هنا أيضًا عند مالك وإنما أسقط عنه الفدية لكونه لباسًا لغير ما خيط له وشرط الفدية في المخيط أن يلبس لما خيط له اهـ.
(وفي كره السراويل روايتان) قول ز وبه صرح الباجي الخ إنما صرح الباجي في لبسه مع الرداء لا في الارتداء به وقد نقله في ضيح ونصه في كراهة الارتداء بالسراويل روايتان الباجي ووجه الكراهة عندي قبح الرداء كما كره لغير المحرم لبس السراويل مع الرداء اهـ.
وبحث غ في الروايتين بأن كلام المصنف في المناسك ونحوه للباجي يفيد أن الجواز قول لغير الإمام لا رواية عنه فانظره وقول ز فلا يجوز وإن لم يجد إزارًا الخ هذا نحو ما في
لبسها للمحرم فلا يجوز وإن لم يجد إزارًا (و) جاز (تظلل ببناء) كحائط وسقف والباء للآلة (وخباء) خيمة ونحوها مما يثبت إلا زمن وقوف عرفة فيكره التظلل أي من الشمس كما في الشامل ولعله التكثير الثواب كما استحب القيام به دون الجلوس إلا لتعب (ومحارة) وهي الشقة ومثلها الموهية قال تت يجوز تظلله أي بالشقة على الأرض وكذا بجانبها سائرة اهـ.
وكذا يجوز تحتها بأن يكون داخلها على المذهب على ما نقله ابن فرحون وارتضاه شيخنا البنوفري والقرافي وإن قال ح أنه خلاف ما للخمي الذي هو ظاهر المذهب وقال أيضًا ويجوز التظلل بالبلاليج والدخول فيها وهي بيوت تجعل في المركب الكبيرة وبشراعها بوزن كتاب وهو قلعها اهـ.
ويجوز أيضًا دخول المحرم في المحفة قياسًا على البلاليج ولو لم يرفع الجوخ الذي عليها هذا هو الظاهر قوله عج أي الظاهر من كلام ابن فرحون الذي ذكر أنه المعتمد تبعًا لشيخيه المتقدمين خلافًا للخمي وعلى ما للخمي فإن لم يكشف المحارة افتدى اهـ.
وظاهر كلامه أنه لا بد من كشف جميعها وعليه فهمه بعضهم وقال آخر الظاهر أن المراد ما فوقها دون كشف جوانبها لأنه حينئذ من باب الاستظلال بجانب المحمل وهو
ــ
النوادر روى محمَّد من لم يجد مئزرًا لا يلبس سراويل ولو افتدى وفيه جاء النهي وروى ابن عبد الحكم يلبسه ويفتدي نقله ابن عرفة وبهاتين الروايتين شرح ق والشارح المصنف وخرج مسلم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يقول السراويل لمن لم يجد الإزار والخفان لمن لم يجد النعلين وقال مالك في الموطأ في السراويل ولم يبلغني هذا قال ابن عبد السلام وعندي أن مثل هذا من الأحاديث التي نص الإِمام على إنها لم تبلغه إذا قال أهل الصنعة إنها صحت فيجب على مقلدي الإمام العمل بمقتضاها كهذا الحديث وحديث أذن الإمام لأهل العوالي إذا وافق العيد الجمعة انظر ضيح وغ قلت ويؤيد ذلك ما قاله الإِمام في رواية معن بن عيسى ما وافق من رأيي الكتاب والسنة فخذوا به وما خالف فاتركوه وتقدم نقله أول الباب عند قول المصنف كإحرامه أوله (وتظلل ببناء) قول ز إلا زمن وقوف عرفة فيكره التظلل الخ مثله في المناسك ونقله ح عن النوادر وانظره مع ما ذكره ابن عرفة فإن ظاهره المنع لا الكراهة ونصه عن النوادر ولا يستظل في البحر ولا يوم عرفة إلا أن يكون مريضًا فيفتدي المازري وابن العربي عن الرياشي قلت لابن المعدل ضاحيًا في شدة حر قد اختلف في هذا فلو أخذت بالتوسعة فقال:
ضحيت له كي أستظل بظله
…
إذا الظل أضحى في القيامة قالصا
فيا أسفي إن كان سعيك باطلًا
…
ويا حسرتي إن كان حجك ناقصا
اهـ.
(ومحارة) قال في القاموس المحارة شبه الهودج قال والهودج مركب للنساء اهـ.
جائز فقوله (لا فيها) معناه على ما لابن فرحون لا يجوز التظلل بشيء زائد حال كونه فيه أي المحارة ولو لمطر فيما يظهر وذلك الزائد كالساتر غير المسمر وهو الذي يسمى بالحمل المغطى وأما ما سمر أو خيط فيجوز التظلل فيها وهو عليها ولا يطلب بنزعه إذ هو أولى من الخيمة ونص ابن فرحون في ذلك على ما في د إنما يضر ما غطيت به وأما ما عليها من لبد فلا يضر ويجوز الركوب فيها لأنها كالبيت والخيمة اهـ.
ولعل الفرق بين جواز دخوله المحفة إن لم يرفع الجوخ عنها على ما مر عن عج وبين منع تظلله بالشقة إذا لم يرفع عنها غير المسمر إن الشقة تقي الحر والبرد والمطر بمجرد ما سمر عليها بخلاف المحفة فإنها لا تقيهما بغير جعل الجوخ عليها فكأنه سمر عليها حكمًا قال ح وانظر إذا عادل الرجل والمرأة وسترت شقتها ولم يستر الرجل شقته لكن كان يجعل شقتها من جهة الشمس والظاهر جواز ذلك لأنه من باب الاستظلال بجانب المحارة اهـ.
وشبه بالمنع قوله (كثوب) ينصب (بعصيّ) أي عليها أو على عواد فلا يجوز سائر اتفاقًا ولا نازلًا عند مالك لأنه لا يثبت بخلاف الخباء والبناء قال ح وتعليلهم وهذا يقتضي أنه إذا ربط الثوب بأوتاد وحبال حتى صار كالخباء الثابت أن الاستظلال به جائز اهـ.
(ففي وجوب الفدية) في التظلل في المحارة أو بثوب بعصي (خلاف و) جاز لماش (حمل) لخرجه أو جرابه على رأسه أو وقره فيه متاعه ملقى خلفه مشدودًا حبله على
ــ
وقوله وهو الشقة الخ الشقة بالضم والكسر إحدى شقتي المحمل قال في القاموس المحمل شقتان على البعير يحمل فيهما العديلان وقول ز على المذهب على ما نقله ابن فرحون الخ لم يقل ابن فرحون فيما ذكره أنه المذهب ونصه على ما في ح بعد قول ابن الحاجب وفي الاستظلال بشيء على المحمل وهو فيه بأعواد قولان احترز بقوله بأعواد مما لو كان المحمل مقبيًّا كالمحارة فإنه حينئذ كالبناء والأخبية فيجوز له ذلك اهـ.
قال ح عقبه ولده وجه ولكن ظاهر كلام أهل المذهب خلافه اهـ.
وقول ز وإن قال ح أنه خلاف ما للخمي الخ هكذا فيما رأيته من النسخ برمز الحطاب ولم ينقل ح هنا عن اللخمي شيئًا فانظره وقول ز ولو لم يرفع الجوخ الخ الجوخ بضم الجيم هو الملف عند أهل مصر وقول ز أي الظاهر من كلام ابن فرحون الخ فيه نظر بل الظاهر من كلام ابن فرحون الآتي خلافه تأمله وقول ز وعلي ما للخمي فإن لم يكشف المحارة الخ هذا يقتضي أن اللخمي لم يذكر الفدية وهو قصور بل ذكرها كما في ضيح ونصه وقال اللخمي فإن لم يكشف ما على المحارة افتدى اهـ.
ومثله في ق (كثوب بعصى) أي فيمنع التظلل به وأما اتقاء المطر به فيجوز كما تقدم (ففي وجوب الفدية خلاف) تعقبه البساطي بأنه لم ير من شهر القولين تفريعًا على عدم الجواز قلت ذكر في مناسكه أن ظاهر المذهب وجوبها ونقل عن مناسك ابن الحاج أن الأصح استحبابها فلعله اعتمد هذين الترجيحين وبه تعلم أن الخلاف في الوجوب والاستحباب لا في
صدره والوقر بالكسر العمل (لحاجة) للحمل ولو غنيًّا لعيشه حيث لم يجد من يستأجر أو وجده ولم يجد أجرة (أو فقر) يحمل بسببه لنفسه حزمة حطب مثلًا بتعمش منها أو للنيران كان عيشه من ذلك ولذا قال (بلا تجر) وفي كلام د شيء ولا يجوز للعير لغير عيش ولو تطوعًا ولا غنى لنفسه بخلا بأجرة كما في تت أي وإلا افتدى وانظر لو كان لا بخلا بل لكسر نفسه وينبغي المنع (و) جاز (إبدال) جنس (ثوبه) أو إزاره أو ردائه الذي أحرم فيه كحرام ولو تعدد أو نوى بذلك طرح الدواب إذ ليس عليه شعوثة لباسه لأن مالكًا رأى نزع ثوبه بقمله بمثابة من ارتحل من بيته وأبقاه ببقه حتى مات حتف أنفه أي وأما أن نقل الهوام من جسده أو ثوبه الذي عليه إلى الثوب الذي يريد طرحه فيكون كطرحه (أو بيعه) ولو لإذاية قمله له على المشهور عند مالك وابن القاسم خلافًا لرأي سحنون أنه كطرد الصيد من الحرم للفرق بأن الصيد أخرج إلى غير مأمن والقمل يجوز قتله قبل البيع وبعده لغير المحرم مالك لا بأس أن ينقل القملة من ثوبه أو بدنه إلى مكان آخر من ثوبه أو جلده وإذا سقط من رأسه قملة فليدعها ولا يردها في مكانها ابن الحاج سئل مالك المحرم يجد عليه البقة وما أشبهها فيأخذها فتموت قال لا شيء عليه في هذا قاله الشيخ سالم (بخلاف غسله) لغير نجاسة بل لترفه أو وسخ أو غيرهما فيكره كما هو ظاهر المدونة حيث شك في قمله فإن قتل بعضه حينئذ أخرج ما فيه فإن تحقق قمله لم يجز غسله لما ذكر فإن غسل وقتل به أخرج ما فيه أيضًا (إلا لنحبس) أصابه (فبالماء) ولو شك في قمله ولا شيء عليه في قتل حينئذ كما في الموازية وفي الطراز يندب أن يطعم وأخرج بقوله (فقط) غسله بصابون ونحوه حال نجاسته وشكه في قمله فلا يجوز فإن غسل به وقتل بعض قمل أطعم وإن تحقق نفي قمله جاز غسله منها بصابون ونحوه كجوازه لترفه أو وسخ حيث تحقق نفيه ولو بصابون أيضًا (و) جاز (بط جرحه) أي شقه وإخراج ما فيه بعصر ونحوه أو ما في حكم ذلك كوضع لزقة عليه ومثل الجرح الدمل ونحوه لحاجة (وحك ما خفي) عليه من جسده كرأسه وظهره (برفق) يأمن معه قتل الدواب وطرحها وكره بشدة وأما ما يراه فله حكه وإن أدماه (وفصد) لحاجة كما في الموطأ والمدونة وإلا كره كما يأتي في الحجامة كذا ينبغي (إن لم يعصبه) بفتح المثناة التحتية وسكون العين وكسر الصاد المهملتين من باب ضرب كما في القاموس فإن عصبه ولو لضرورة افتدى
ــ
الوجوب والسقوط كما يقتضيه كلامه (بلا تجر) أشهب ما لم يكن تجارة لعيشة كالعطار قال المصنف في منسكه الظاهر أنه تقييد وكلام ابن بشير يدل على أنه خلاف ولم يذكر هنا ما استظهره في منسكه قاله ح (بخلاف غسله) قول ز فيكره كما هو ظاهر المدوّنة أي لأنها صرحت بالكراهة في غسله لغير النجاسة وقال ابن عبد السلام وضيح إنها على بابها وتعقبًا بذلك ظاهر ابن الحاجب الذي هو كظاهر المصنف قال ح وظاهر الطراز أن غسله لغير النجاسة ممنوع وهو الموافق لظاهر المصنف أي وابن الحاجب ويمكن حمل ما في المدونة
(و) جاز (شد منطقة) بكسر الميم وفتح الطاء ابن فرحون هي الهميان وهي مثل الكيس يجعل في الدراهم هي جعل سيورها في ثقبها روى الباجي مساواة كونها من جلد أو خرق اهـ.
فالمراد بشدها ما ذكر من جعل سيورها في ثقبها أي أو جعل سيورها فيما يقال له إبزيم وأما لو عقد المنطقة نفسها على جلده فإنه يفتدي فقوله (لنفقته على جلده) تحت إزاره معناه بالمعنى المتقدم (وإضافة نفقة غيره) لنفقته بأن يودعه بعد شدها لنفقة نفسه فيجعلها معها من غير مواطأة على الإضافة فيما يظهر وربما يدل له كلام المدونة في محل آخر غير ما في ابن عرفة الذي هو في تت لأن المواطأة على ما يمنع توجب المنع وإن وقع في الظاهر على الوجه الجائز وهو ظاهر المصنف أيضًا (وإلا) بأن شدها فارغة أو لتجر أوله ولنفقته أو فوق إزاره لا على جلده أو لنفقة غير أو تجره أي الغير أو لإضافة نفقته الغير أو تجره أو شد نفقته وإضافة تجر الغير لها أو شدها لنفقته ونفقة الغير معًا ابتداء أو شدها مجردة عن قصد (ففدية) في هذه الإحدى عشرة صورة وشبه في وجوب الفدية أمورًا جائزة فقال (كعصب جرحه أو رأسه) لعلة بخرقة ولو كبيرة لأن العصب مظنة الكبر (أو لصق خرقة) على جرحه أو رأسه (كدرهم) بغلي بموضع أو مواضع لو جمعت كانت قدره وظاهر التوضيح وابن الحاجب لا شيء عليه في جمعه من مواضع ولا فدية فيما إذا كانت الخرقة أقل من درهم (أو لفها) أي الخرقة لا يقيد درهم فيما يظهر (على ذكر) لمني أو مذي أو بول بخلاف جعل ذكره فيها عند نومه من غير لف فلا فدية قاله تت أي ومن غير كونها كيسًا وإلا فالفدية كلفها أو أولى (أو) جعل (قطنة) ولو غير مطيبة
ــ
والموازية من الكراهة عليه فيسقط التعقب على المصنف وابن الحاجب والله أعلم (وشد منطقة) قول ز ابن فرحون هي الهميان الخ هو بكسر الهاء وتقديم الميم على الياء كما في القاموس قال ابن حجر يشبه تكة السراويل تجعل فيه النفقة ويشد في الوسط وقول ز هي جعل سيورها الخ في العبارة خلل ولعل أصلها المراد بشدها جعل سيورها الخ ابن عرفة فيها لا بأس بربط منطقة لنفقته تحت إزاره وجعل سيورها في ثقبها اهـ.
(وإضافة نفقة غيره) قول ز من غير مواطأة على الإضافة الخ هذا خلاف ما استظهره في ضيح من الإطلاق ونصه وانظر لو شدها ابتداء له ولغيره وإلا قرب سقوط الفدية لأن نفقة غيره تبع كما لو أضاف نفقة غيره بعد نفقته وحمل ابن عبد السلام وكلام ابن الحاجب على أنه لا يجوز أن يشدها لنفقته ونفقة غيره ولم أر ذلك لغيره اهـ.
وما استقر به في ضيح هو ظاهر الجلاب واللخمي كما في ابن عرفة وهو ظاهر الطراز كما في ح لكن قال ابن عرفة مفهوم المدونة منع شدها لهما ابتداء (كعصب جرحه) قول ز لأن العصب مظنة الكبر الخ الذي في ضيح وفصل ابن المواز في التعصيب بين الخرق الصغار والكبار كما في اللصق وفرق التونسي بينهما بأن التعصيب والربط أشد من اللصق إذ لا بد فيهما من حصول شيء على الجسم الصحيح بخلاف اللصق اهـ.
صغيرة أو كبيرة (بأذنيه) أو بواحدة وعورض هذا بعدم إيجاب الفدية يلصق خرقة دون درهم وأجيب بأن ذلك لكثرة النفع به بسد الأذن أشبه الكثير (أو قرطاس بصدغيه) أو بواحد وظاهره ولو كان أقل من درهم ولعل نكتة ذكره لكون الحكم فيها لا يتقيد بخلاف الخرقة فإن الحكم فيها مقيد وحينئذ فيقال ما الفرق بين المحلين قاله د (أو ترك ذي نفقة ذهب) بعد فراغ نفقته هو ولم يدفعها له وقد علم بذهابه فإن لم يعلم فلا فدية عليه وعلم من المصنف هنا أن عدم إضافتها لنفقته مآلا كعدم إضافتها لها حالًا ولا يخفى أن هذا وقوله (أو) ترك (ردها له) وهو معه مجرور عطف على ما فيه الفدية وفي كلام الشارح نظر (و) جاز (لمرأة خز) أي لبسه وكذا حرير فحكمها بعد الإحرام في اللباس كحكمها قبله إلا في ستر الوجه والكفين (وحلي وكره شد نفقته) التي في المنطقة (بعضده أو فخذه) أو ساقه ولا فدية في ذلك كله (و) كره (كب رأس على وسادة) لأنه من باب الترفه أي أنه مظنة ذلك وصوابه وجه كما في بعض النسخ وأجيب بأن الرأس اسم للعضو بتمامه فهو من تسمية الجزء الذي هو الوجه باسم كله وكان ينبغي أن يقول وإكباب لأنه من أكب ولا يختص بالمحرم لقول الجزولي النوم على الوجه نوم الكفار وأهل النار والشيطان ولا بأس بوضع خد المحرم عليها وعبر عنه ابن رشد توسده جائز قاله د (و) كره في الإحرام (مصبوغ) بعصفر أو ورس أو زعفران أو نحوهما مما يشبه لونه لون المصبوغ بذلك (لمقتدى به) من إمام وعالم غير مطيب وغير مفدم بضم الميم وسكون الفاء وفتح الدال المهملة فإن كان مفدمًا وهو القوي الصبغ الذي صبغ في العصفر مرة بعد أخرى حتى
ــ
ولذا صرح في المدونة بأن صغير خرق التعصيب والربط ككبيرها (أو لصق خرقة) ابن عاشر هذا والله أعلم خاص بجراح الوجه أو الرأس لأنهما اللذان يجب كشفهما كما علل به التونسي اهـ.
(أوردها له) قول ز وفي كلام الشارح نظر الخ لأنه جعله عطفًا على ما يجوز وقد نكت عليه غ انظره (ولمرأة خز وحلي) يدخل في الحلي الخاتم فيجوز للمرأة لبسها كما في ضيح وغيره ونقله ح عند قوله فيما تقدم كخاتم خلافًا لابن عاشر (وكب رأس على وسادة) قول ز فهو من تسمية الجزء الخ صحيح وقول خش من تسمية الكل باسم الجزء صوابه العكس وقول ز وكان ينبغي أن يقول واكباب الخ غير صحيح بل ما في المصنف هو الصواب لأن كب الثلاثي لا يستعمل إلا متعديًا واكب الرباعي يكون لازمًا ومتعديًا يقال أكبه وكبه فأكب كما يدل عليه كلام القاموس وغيره وقال في المشارق يقال في معداه كتبه الله وفي لازمه أكب وهو مقلوب المعهود من الأفعال من تعدية الثلاثي بالرباعي قال الله تعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} [الملك: 22] هذا من أكب رباعي غير معدي وقال الله تعالى: {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [النمل: 90] وهذا معدي ثلاثي من كب اهـ.
وقول ز وعبر عنه ابن رشد الخ صوابه ابن شاس كما في ق (ومصبوغ) قول ز بعصفر
صار ثخينًا قويًّا فيحرم على المشهور للرجال والنساء وفيه الفدية كالمطيب وإنما كره بقيده لمقتدى به سدًّا للذريعة يتطرق الجاهل بفعله إلى لبس غير الجائز وتقييدنا بما يشبه لونه لون المصبوغ لإخراج المصبوغ أسود ونحوه من ألوان لا تشبه المعصفر فيجوز الإحرام فيه لمقتدى به وغيره خلافًا لظاهر كلام التلمساني والقرافي من كراهة ما سوى الأبيض لمقتدى به وتقييدنا الكراهة بالإحرام مخرج لغير حالة الإحرام فيجوز له لبس المزعفر والمعصفر وخبر نهي عن أن يتزعفر الرجل حمله مالك على من يلطخ جسده بزعفران اللخمي روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصبغ ثيابه كلها والعمامة بالزعفران اهـ.
(وشم كريحان) من كل طيب مذكر وهو ما يظهر ريحه ويخفي أثره أي تعلقه بما مسه من جسد أو ثوب تعلقًا غير شديد كياسمين وورد وكذلك شم مؤنثه وهو ما يظهر لونه وأثره أي تعلقه بما مسه تعلفًا شديدًا كمسك (و) كره (مكث بمكان به طيب) مؤنث (و) كذا ضمير (استصحابه) وسيذكر حرمة مسه بقوله وتطيب بكورس ولا يكره مكث بمكان به مذكر بحيث لا يشمه ولا استصحابه ولامسه بغير ثم كما يفيد الثلاثة قوله وشم فأقسام المؤنث أربعة اثنان مكروهان وهما مكثه بمكان به واستصحابه كما ذكره المصنف هنا وواحد حرام وهو مسه وسيذكره وواحد مكروه وهو شمه كما مر ولم يذكره هنا ولا فيما يأتي ولكن تفهم الكراهة فيه من كراهة ثم المذكر التي قدمها بالأولى فقد استفيد مما قررنا أن كلام المصنف يفيد حكم ثم المذكر والمؤنث ومسهما والمكث بمكان هما به واستصحابه وإن الأقسام ثمانية أربعة للمذكر وأربعة للمؤنث قال المصنف في منسكه وليحذر من تقبيل الحجر والناس يصبون عليه ماء الورد وفيه المسك اهـ.
فقيده بقوله وفيه المسك ويستثنى من قوله ومكث بمكان به طيب البيت الشريف لأن القرب منه قربة.
ــ
أو ورس أو زعفران الخ غير صواب بل يتعين إخراج المصبوغ بالورس أو الزعفران من كلام المصنف كما فعل وخش وغيرهما ونص ح يريد المصبوغ بغير طيب إذا كان يشبه لون المصبوغ بالطيب فأما ما صبغ بطيب كزعفران أو ورس فلا خلاف أنه يحرم لبسه على الرجال والنساء في الإحرام وتجب الفدية بلبسه اهـ.
ونقل نحوه في ضيح عن الاستذكار وقول ز فيجوز له أي لغير المحرم الخ هذا مقيد بغير المعصفر المفدم لأن مالكًا صرح بكراهته للرجال في غير الإحرام كما في المدونة انظر ضيح وح (وشم كريحان) قول ز وكذلك ثم مؤنثة الخ أي يكره فقط كشم المذكر وهو مذهب المدونة لكن قوله بعد أن الكراهة فيه تفهم من كراهة ثم المذكر بالأولى فيه نظر بل اقتصاره على كراهة ثم المذكر ربما يقتضي حرمة شم المؤنث وعزاه الباجي للمذهب قال القلشاني واختلف في شم المؤنث كالمسك دون مس هل هو ممنوع أو مكروه وعن الباجي المذهب الأول وابن القصار قال بالثاني وهو في المدونة اهـ.
تنبيه: ما قدمته في تعريف الطيب المذكر والمؤنث تبعًا لتت هنا في الأول وفي وتطيب بكورس في الثاني مخالف لما في كفاية الطالب ونصه عند قول الرسالة وتجنب أي المعتدة الطيب كله مذكره وهو ما ظهر لونه وخفيت رائحته كالورد ومؤنثة وهو ما خفي لونه وظهرت رائحته كالمسك اهـ.
وهو أقرب مما لتت وقوله في المذكر ما ظهر لونه أي المقصود الأعظم منه ذلك فلا ينافي أن الورد له رائحة ذكية لكنها خفية ولعل معنى كونها خفية أنها لا تنتشر لبعد كانتشار المسك وقوله في المؤنث ما خفي لونه أي الغالب إخفاء لونه فلا ينافي أنه قد يظهره إنسان وقوله وظهرت رائحته أي أنها المقصود الأعظم منه ظهورًا منتشرًا لا ما يظهر
ــ
ونص ابن عرفة في كون شمه أي المؤنث دون مس ممنوعًا أو مكروهًا نقلا الباجي المذهب وابن القصار قلت هذا نصها اهـ.
وقول ز ولامسه بغير ثم الخ يعني لا كراهة في مس المذكر وفيه نظر بل ظاهر كلامهم أنه مكروه كشمه وقد صرح في المدونة بكراهة استعماله كما في ح على أن ذلك ليس على إطلاقه بل يقيد بغير الحناء كما يأتي فيها قال في ضيح المذكر قسمان قسم مكروه ولا فدية فيه كالريحان وقسم محرم وفيه الفدية وهو الحناء نص عليه في المدونة اهـ.
وقول ز فقيده بقوله وفي المسك الخ أي فيؤخذ من التقييد المذكور أن ماء الورد وسائر ما يعتصر من الرياحين ليس من قبيل المؤنث بل يكره فقط كأصله نص على ذلك في الطراز قال ح وهو الجاري على القواعد وقال ابن فرحون فيه الفدية لأن أثره يبقى في البدن اهـ.
واعتمده طفى معترضًا به على ح وهو غير ظاهر لأنه مخالف لقول المدونة يكره أن يتوضأ بالريحان وقد حمله سند على غسل اليد بالماء المعصور من الريحان وكذا قولها ويكره له أن يأتدم بالزنبق والبنفسج أو شبهه أو يتسعط بذلك اهـ.
فكلامها صريح في كراهته فقط فلا فدية فيه وبذلك تعلم أن اعتراض طفى على ح غير صواب والله أعلم وقول ز تنبيه ما قدمته الخ اعلم إن ما قدمه تبعًا لتت هو الذي في ضيح عن ابن راشد وغيره وما ذكروه عن كفاية الطالب هو الذي فسره به أبو الحسن في شرح المدونة والأول أقرب للغة قال في القاموس ذكورة الطيب ما ليس له ردع اهـ.
أي ما ليس له أثر قال أيضًا في القاموس الشرح أثر الطيب في الجسد فيؤخذ منه أن المؤنث ما له ردع أي أثر إلا أن جعلهم الحناء من المذكر مع أن لها ردعًا في الجسد يخالف اللغة هذا وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أن خير طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه وخير طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه أخرجه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه ومثله في الشهاب وقد فسر ابن حجر طيب الرجال بالمسك وما في معناه قال ابن وحشي في شرح الشهاب طيب الرجال كالمسك يشترك في المنفعة به الرجال والنساء إلا أنه يحرم على النساء عند الخروج كما في الحديث وطيب النساء هو الذي تتزين به المرأة للزوج والسيد مثل الكحل
لونه كالورد فإنه يتمتع برؤية لونه بخلاف المسك (و) كره (حجامة بلا عذر) خفيفة قتل الدواب فإن تحقق نفيها لم تكره بلا عذر كما يفيده التعليل المذكور وتفيد الكراهة أيضًا بما إذا لم يزل بسببها شعر وإلا حرمت بلا عذر وافتدى كانت لعذر أم لا كما في د (و) كره (غمس رأسه) في الماء خيفة قتل الدواب فإن فعلها أطعم شيئًا من طعام قاله في المدونة واعترض ابن عرفة على ابن الحاجب إسقاطه لكلامها ومثله على المصنف وانظر هل الإطعام المذكور واجب أو مستحب لأن فعله مكروه ولم يذكروا الإطعام في الحجامة ولا في تجفيف الرأس بشدة مع أن العلة فيهما خيفة قتل الدواب وقيد اللخمي الكراهة لغمس الرأس بما إذا كانت له وفرة وإلا فلا كراهة وأشعر قوله غمس بأن صب الماء عليه لا يكره وهو كذلك في المدونة (أو تجفيفه) لرأسه بخرقة بعد غمسه في الماء قال مالك ولكن يحركه بيده كذا في نسخ وفي نسخة أو تجفيفها بالتأنيث باعتبار الهامة وهو ضعيف للقاعدة المقررة وهي أن كل ما كان مفردًا في الإنسان فيذكر والرأس مذكر إجماعًا وما كان فيه أي أو في الحيوان من حيث هو مزدوجًا فيؤنث والكلية الثانية أغلبية إذ قد خرج منها الفودان والظفر لقول المصنف وفي الظفر الواحد وهو الموافق لقول المصباح الظفر مذكر (بشدة) خيفة قتل الدواب (ونظر بمرآة) خيفة أن يرى شعثًا فيصلحه (وليس مرأة قباء مطلقًا) محرمة أم لا حرة أو أمة مظنة أن يصف العورة (و) حرم (عليهما) أي المرأة والرجل (دهن اللحية و) شعر (الرأس) أي تسريحهما بالدهن لما فيه من الزينة واللحية خاصة بالرجل أولهما إن كانت لها أو موضعها لها قاله تت لكن لا ينبغي إدخال موضعها هنا لأنه من دهن الجسد وسيذكره المصنف (وإن) كان الرأس (صلعًا) بفتح الصاد المهملة والسلام أي ذا صلع أو بضمها وسكون اللام جمعًا لأصلع ويراد حينئذ جنس الرأس حتى لا يلزم الأخبار بالجمع عن المفرد ولا يضبط بفتح الصاد واللام والمد تأنيث الأصلع لئلا
ــ
للعين وحمرة العصفر للوجه والسواد للحاجبين وهو أمر ينفرد به النساء اهـ.
بمعناه وفيه إضافة المؤنث للرجال والمذكر للنساء والمتجه أن ما للفقهاء اصطلاح خاص بباب الحج والله أعلم (وحجامة بلا عذر) قول ز فإن تحقق نفيها لم تكره إلى قوله وإلا حرمت الخ فيه نظر والذي في ح أن الحجامة بلا عذر تكره مطلقًا خشي قتل الدواب أم لا زال بسببها شعر أم لا هذا هو المشهور وإما لعذر فتجوز مطلقًا هذا الحكم ابتداء وإما الفدية فتجب أن أزال شعرًا أو قتل قملا كثيرًا وأما القليل ففيه الإطعام انظر ح وسواء في ذلك احتجم لعذر أم لا إلا أن لزوم الفدية إذا احتجم لغير عذر وأزال شعرًا يقتضي التحريم فالكراهة حينئذ مشكلة والله أعلم (وغمس رأسه) قول ز فإن فعل أطعم شيئًا من طعام الخ هذا بقي على المصنف كابن الحاجب وهو لفظ المدونة واستدل به طفى على أن الكراهة التي فيها للتحريم قال إذ لا إطعام في كراهة التنزيه والظاهر إن الإطعام واجب وقول صاحب الطراز بالاستحباب خلافها اهـ.
يلزم وصف الرأس وهو مذكر بصفة المؤنث انظر د مع بعض زيادة عليه وهو المنحسر شعره المقدم ومصدرها الصلعة بالتحريك سواء دهن بطيب أو غيره لمنافاته الشعث المطلوب (و) حرم عليهما (أبانة ظفر) لغير عذر فهذا مفهوم قوله فيما مر وتقليم ظفر انكسر (أو) إزالة (شعر) ولو قل بنتف أو حلق أو نوره أو قرض بأسنان وسيذكر ما في إبانة ظفر وشعر (أو وسخ) إلا ما تحت الظفر من الوسخ فلا فدية رواه ابن نافع عن مالك (إلا غسل يديه) من وسخ (بمزيله) أي الوسخ فلا يحرم عليهما بغير مطيب بل بصابون أو طفل أو خطمي أي بزر خبيزي أو حرض بحاء مضمومة فراء مهملة مضمومة أو ساكنة وبضاد معجمة وهو الأسنان بضم الهمزة والكسر لغة معربة كما في القاموس والمصباح وقال سند الحرض هو الغاسول وعطف تت عند قوله إلا لنجس الخ الأسنان على الحرض بأو يقتضي أنه غيره وأخرج بيديه رأسه ففي غسله بما ذكر الفدية كما في ابن الحاجب (و) إلا (تساقط شعر) ولو أكثر من رأسه كحمل متاعه عليه أو من لحيته أو أنفه الوضوء) أو غسل واجبين أو مندوبين أو مسنون الغسل ولا شيء عليه فيما قتل في واجب كذا في مسنون ومندوب فيما يظهر ولو أكثر وكذا يجوز الطهر لتبرد ولو تساقط فيه شعر فإن قتل فيه كثير اقتدى فإن قل كالواحدة ونحوها فعليه قبصات بصاد مهملة وهو الأخذ بأطراف الأنامل وعلى هذا فيقيد قوله الآتي أو قملة أو قملات بغير ما قتل في غسل تبرد (أو) من ساقه لـ (بركوب) فيحلقه الأكاف أو السرج (و) حرم عليهما (دهن الجسد ككف ورجل) باطنهما (بمطيب) لأن ظاهرهما داخل في الجسد وكذا في عج ونحوه في ابن الحاجب وفي تت أن الرجل هنا يشمل ظاهرها أيضًا ومراد المصنف لغير علة إذ ما لها لا حرمة فيه وأطبق هنا اتكالًا على قوله الآتي ولم يأثم أن فعل لعذر ولا يخالفه قوله (أو) بغير مطيب (لغير علة) بل للتحسين والتزين لأن قوله قبله بمطيب متعلق بمقدر أي وافتدى في ذهنه بمطيب وقوله أو لغير علة معطوف على مقدر والمعطوف بأو مقدر أيضًا في الحقيقة أي وافتدى في دهنه بمطيب مطلقًا أو بغيره لغير علة (و) بغير
ــ
قلت لعل المصنف حمل الإطعام في المدونة على الاستحباب تبعًا للطراز وحينئذ فلا دليل فيه على التحريم وقول ز وانظر هل الإطعام الخ قد علمت أن سندًا قال بالاستحباب (ودهن الجسد الخ) قول ز ونحوه في ابن الحاجب الخ في نسبته لابن الحاجب نظر وعبارته فإن دهن يديه أو رجليه لعلة بغير طيب فلا فدية وإلا فالفدية اهـ.
فأطلق في اليد كظاهر المدونة وقال في ضيح المراد باليدين باطن الكفين وأما ظاهرهما فليفتد نقله ابن حبيب عن مالك رحمه الله اهـ وجرى على ذلك هنا فعبر عن اليد بالكف وعبر بالرجل كابن الحاجب ولم يقيد ببواطنها فانظر ما قاله عج من أين على أن طفى ذكر أن ظاهر كلام ابن عرفة وغيره إبقاء المدونة على ظاهرها وأن ما نقله ابن حبيب مخالف لها ولهذا أطلق ابن الحاجب وغيره اهـ.
مطيب (لها) أي للعلة أي الضرورة في جسد من شقوق أو شكوى أو قوة على عمل (قولان) في وجوب الفدية وعدمها لا في الحرمة وعدمها إذ الفرض أنه لعلة (اختصرت) المدونة (عليهما) وقول الشارح لها أي لعلة بمطيب قولان فيه نظر إذا ما لعلة بمطيب فيه الفدية من غير قولين وقولي في جسد احتراز عن دهن بطن يد أو رجل لعلة بغير مطيب فلا فدية عليه عند الجميع والقولان فيما عداهما فتلخص أنه إذا دهن بمطيب يفتدي كان لعلة أم لا فعل بجسد كلًّا أو بعضًا أو ببطن كف أو رجل فهذه أربعة وإن دهن بغير مطيب الغير علة افتدى أيضًا فعله في الجسد كله أو بعضه أو في يد أو رجل فإن دهن بغير مطيب لعلة فلا شيء عليه إن كان يكف أو رجل فإن كان بجسد فقولان وهذه أربعة أيضًا (و) حرم عليهما (تطيب بكورس) من كل طيب مؤنث وهو ما يظهر وريحه وأثره والورس نبت كالسمسم طيب الرائحة صبغه بين الحمرة والصفرة يبقى نبته عشرين سنة ودخل بالكاف زعفران ومسك وكافور وعنبر وعود ومعنى تطيبه به استعماله أي إلصاقه بالبدن عضوًا أو بعضه أو بالثوب فلو عبق الريح دون العين على جالس بكحانوت عطار أو بيت تطيب أهله فلا فدية مع كراهة تماديه على ذلك قاله في الجواهر وبالغ على بقاء الحرمة من غير فدية بقوله (وإن ذهب ريحه) وعلى هذا قلنا شيء يحرم استعماله ولا فدية فيه وهو الطيب المؤنث ذاهب الريح وسيأتي أيضًا في جزاء الصيد إن الدلالة على الصيد تحرم ولا فدية على الدال وتقدم أيضًا قوله ولا فدية في سيف وقوله في مسألة التظلل بالمحارة والثوب بالعصا ففي وجوب الفدية خلاف وعطف قوله (أو لضرورة كحل) على
ــ
(اختصرت عليهما) قال في التهذيب وأن دهن قدميه وعقبيه من شقوق فلا شيء عليه وأن دهنهما لغير علة أو دهن ذراعيه أو ساقيه ليحسنهما لا لعلة افتدى اهـ.
فأفاد بقوله لا لعلة أن دهن الذراعين والساقين لعلة لا فدية فيه واختصرها ابن أبي زمنين على الوجوب مطلقًا في الذراعين والساقين فقال ليحسنهما أو من علة افتدى اهـ.
وقد علمت بذلك أن محل القولين الذراعان والساقان وكأنهم فهموا أن لا فرق بينهما وبين بقية الجسد سوى الكف والرجل وقول ز فلا فدية عليه عند الجميع الخ هو الصواب خلاف ما يقتضيه ظاهر المصنف هنا وفي المناسك من أن القولين في الكف والرجل والحاصل أن كلام المصنف هنا وفي المناسك يقتضي أن المخالفة بين اختصار البرادعي وابن أبي زمنين في دهن اليدين والرجلين بغير مطيب لعلة وليس كذلك إنما وقع الاختلاف بينهما في مسألة دهن الساقين والذراعين لا في اليدين والرجلين إذ لفظ الأم في ذلك لا يقبل الاختلاف انظره في ح (أو لضرورة كحل) قول ز أولها ولدواء معًا فتجب الفدية الخ أي تغليبًا لجانب الزينة كما نقله ح عن سند ابن القاسم وقول ز (1) والفرق بينهما الخ هذا الفرق غير
(1) قول المحشي قول ز والفرق الخ ليست هذه العبارة في نسخ الشارح التي بأيدينا ولعلها نسخة عثر عليها كذلك اهـ.
ما تضمنته الحرمة من وجوب الفدية فيما قبل المبالغة أي حرم ما سبق وافتدى أن فعله لغير ضرورة أو لضرورة كحل وليس عطفًا على ما قبله من الممنوع إذ لا منع مع الضرورة وأما لغير ضرورة فيحرم مع الفدية كما يستفاد من قوله فيما يأتي والفدية فيما يترفه به ثم كلامه في الكحل المطيب كما هو سياقه ومثله غير المطيب إن كان لزينة فقط أو لها ولدواء معا فتجب الفدية كما في النقل لا بغيره مطيب لحر أو برد فلا فدية كما في تت (أو) وضع الطيب (في طعام) أو شراب من غير طبخ فيه ولو حارًّا أو لدواء واستعمل فالفدية (أو) مس طيبًا مؤنثًا و (لم يعلق) بفتح المثناة التحتية والسلام أو أزاله سريعًا فالفدية فالمضارع عطف على الفعل المقدر قبله بعد أو ماضيه علق بكسر اللام (إلا) من مس أو حمل (قارورة) أو برنية أو خريطة أو خرجا بها طيب (سدت) عليه سدًّا وثيقًا محكمًا بحيث لم يظهر منها ريحه فلا فدية وهو استثناء منقطع أن قدر مس ومتصل أن قدر ملابسه أي تحرم ملابسه طيب إلا ملابسة قارورة الخ لأن الملابسة أعم من المس وغيره ومثل القارورة في عدم الفدية حمل فأرة مسك غير مشقوقة عند ابن الحاجب وابن عبد السلام واستبعده ابن عرفة لشدة ريحه فيها قريبًا من المشقوقة (و) إلا طيبًا (مطبوخًا) بنار إن أماته الطبخ فلا فدية لو صبغ الفم على المذهب فإن لم يمته فالفدية قاله ح والظاهر أن المراد بإمائته استهلاكه في الطعام وذهاب عينه بحيث لا يظهر منه غير الريح كالمسك أو أثره
ــ
صحيح لأنه ينتج عكس المطلوب على أن فعله لدواء بغير طيب لا فدية فيه كما في مناسك المصنف وابن عرفة.
(إلا قارورة سدت) قول ز ومثل القارورة في عدم الفدية فأرة مسك غير مشقوقة عند ابن الحاجب وابن عبد السلام الخ نسبة ذلك لابن الحاجب فيها نظر وذلك لأن ابن الحاجب إنما قال ولا فدية في حمل قارورة مصمتة الرأس ونحوها فقال ابن عبد السلام لعل مراده بنحو القارورة فارة المسك غير مشقوقة اهـ.
فاستبعد ابن عرفة تفسيره بذلك قائلًا لأن الفأرة طيب اهـ.
قال ح والأحسن أن يكون مراد ابن الحاجب بنحوها ما ذكره صاحب الطراز من الخريطة والخرج وشبه ذلك اهـ.
(ومطبوخًا) قول ز إن أماته الطبخ الخ هذا التفصيل للبساطي واعتمده ح والمذهب خلافه قال في ضيح ابن بشير والمذهب نفي الفدية لأنه أطلق في المدونة والموطأ والمختصر الجواز في المطبوخ وأبقاه الأبهري على ظاهره وقيده عبد الوهاب بغلبة الممازج وابن حبيب بغلبة الممازج بشرط أن لا يعلق باليد ولا بالفم منه شيء اهـ.
ابن عرفة وما مسه نار في إباحته مطلقًا وإن استهلك ثالثها ولم يبق أثر صبغه بيد ولا فم الأول للباجي عن الأبهري والثاني للقاضي والثالث للشيخ عن رواية ابن حبيب اهـ.
فقول الأبهري بالإباحة مطلقًا استهلك أم لا هو المذهب عند ابن بشير كما تقدم وبذلك
كزعفران بارز (و) إلا طيبًا يسيرًا (باقيًا) أثره أو ريحه في ثوبه أو بدنه (مما) تطيب به (قبل إحرامه) فلا فدية عليه مع الكراهة بناء على أن الدوام ليس كالابتداء (و) إلا (مصيبًا من إلقاء ريح أو غيره) على ثوبه أو بدنه نائمًا أو غير نائم فلا فدية عليه (أو) مصيبًا من (خلوق) بفتح الخاء (كعبة) فلا فدية عليه ولو أكثر لطلب القرب منها (وخير في نزع يسيره) أي الخلوق والباقي مما قبل إحرامه فقط وأما المصيب من إلقاء ريح أو غيره
ــ
اعترض طفى على ح (وباقيًا) قول ز أثره أو ريحه الخ المراد بالأثر اللون مع ذهاب الجرم كما يأتي وما ذكره هو مقتضى قول سند كما في ح إذا قلنا لا فدية في الباقي مع كراهته فإنه يؤمر بغسله فإن قدر بمجرد صب الماء فحسن وإن لم يقدر إلا بمباشرته فعل ولا شيء عليه لأنه فعل ما أمر به اهـ.
فأمره بغسله دليل على أن الباقي مما يغسل لكن لما شمل كلامه الجرم أخرجه بقوله تبعًا للباجي إلا أن يكثر بحيث يبقى بعده ما تجب الفدية بإتلافه فتجب بذلك الفدية وهو بين اهـ.
إذ الذي تجب الفدية بإتلافه هو جرم الطيب قل أو أكثر وكذا نقل ابن حجر عن مالك سقوط الفدية في بقاء لونه ورائحته قال وفي رواية عنه تجب اهـ.
والذي يظهر من كلام الباجي وابن الحاجب وابن عرفة إنها لا تسقط إلا في بقاء الرائحة دون الأثر ونص ابن الحاجب ولا يتطيب قبله بما تبقى بعده رائحته ضيح قال الباجي أن تطيب لإحرامه فلا فدية عليه لأنها إنما تجب بإتلاف الطيب بعد الإحرام وهذا أتلفه قبله وإنما يبقى منه بعد الإحرام الرائحة ثم قال لأن الفدية إنما تجب بإتلاف الطيب أو لبسه وأما الانتفاع بربحه فلا تجب فيه فدية وإن كان ممنوعًا اهـ.
مختصرًا ونص ابن عرفة ولا يتطيب قبل إحرامه بما يبقى ريحه بعده الباجي أن فعل فلا فدية لأنها إنما تجب بإتلافه بعده إلا أن يكثر بحيث يبقى بعده ما يوجبها وقول بعض القرويين ما يبقى بعده ريحه كفعله بعده أن أراد في المنع فقط فصحيح وإن أراد في الفدية فلا اهـ.
ولذلك قال البساطي يظهر من كلامهم أن محل الخلاف إذا بقي أثر الطيب ومن كلام الباجي إذا بقيت الرائحة اهـ.
واعتراض طفى على قوله ومن كلام الباجي الخ غير ظاهر نعم قول الباجي في نقل سند وابن عرفة إلا أن يكثر بحيث يبقى الخ قد يقال إنه يفيد سقوط الفدية في اللون كما تقدم في كلام سند فيتوافق كلام الباجي وابن عرفة مع سند لكن يأبى ذلك أول كلامه فتأمله والله أعلم وبما تقدم تعلم أن قول خش بعد تقرير كلام المصنف وهذا في اليسير وأما الكثير ففيه الفدية اهـ.
غير صواب فتأمله والله أعلم (وخبر في نزع يسيره) قول ز أي الخلوق والباقي مما قبل إحرامه الخ تبع عج ود وجعله س راجعًا لجميع ما تقدم من قوله أو باقيًا مما قبل إحرامه فما بعده وتبعه خش وذلك كله غير ظاهر والصواب أن خاص بالخلوق كما قال ح وقت وارتضاه ابن عاشر وطفى لأن المصيب من إلقاء الريح أو الغير يجب نزعه قليلًا أو كثيرًا وإن تراخى افتدى كما يؤخذ من ابن الحاجب وغيره وصرح به ح والباقي مما قبل الإحرام إن كان لونًا أو
فيجب نزع يسيره فورًا ككثيره فإن تراخى افتدى فيهما فلا يدخل تحت قوله (وإلا) يكن الخلوق أو الباقي مما قبل إحرامه يسيرًا بل كثيرًا (افتدى إن تراخى) في نزعه في خلوق الكعبة فقط وأما الباقي مما قبل إحرامه فيفتدى في كثيره وإن لم يتراخ في نزعه على المعتمد كما في عج وح فيخص قوله وخبر في نزع يسيره بشيئين ويخص التراخي بواحد منهما فإن لم يتراخ فلا فدية عليه مع وجوب نزعه فورًا للكثير فإن قدر على إزالته بمجرد صب الماء فحسن وإن لم يقدر على نزعه إلا بمباشرته بيده فعل ولا فدية عليه مع الفور لأنه فعل ما أمر به وقد أمر عليه الصلاة والسلام المتضمخ بالخلوق بغسله ولم يذكر فدية فإن قلت قد تقدم أن استعمال الطيب يوجب الفدية سواء كان كثيرًا أو يسيرًا وقد قال هنا يخير في نزع يسير الخلوق والباقي مما قبل إحرامه كما مر في شرحه قلت لأن الباقي مما قبل إحرامه استعمل حال جواز استعماله وإن كره لمريد الإحرام والمصيب من خلوق الكعبة يعسر الاحتراز منه مع طلب قربه منها وإنما افتدى في تراخي نزع كثيره مع أن
ــ
رائحة لم يتأت نزعه وقد تصدم أن لا شيء فيه وإن كان مما تجب الفدية بإتلافه وهو جرم الطيب ففيه الفدية مطلقًا قلّ أو كثر تراخى في نزعه أولا كما يؤخذ من كلام الباجي وغيره فيما تقدم واستدلال خش تبعًا لعج وس على ما ذكروه بكلام الباجي المتقدم غير ظاهر لما علمت منه والله أعلم فتأمله.
تنبيه: الخلوق بفتح الخاء كصبور طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة قاله في النهاية فهو من الطيب المؤنث لكن عفي عنه للضرورة هذا ظاهر كلام أهل المذهب خلافًا لقول سند أنه من العصفر وليس هو من الطيب المؤنث كما نقله ح انظر طفى (وإلا افتدى أن تراخى) هذا أيضًا خاص بالخلوق كما في ح فقول ز وإلا يكن الخلوق أو الباقي مما قبل إحرامه الخ غير صواب لما تقدم أن الباقي من جرم الطيب مما قبل الإحرام يجب نزعه قل أو أكثر تراخي في نزعه أم لا نعم تقدم في مسألة إلقاء الريح أو الغير أنه إن تراخى في نزعه افتدى وإن قل ولو أمكن أن يرجع قوله وإلا افتدى الخ لهما لكان حسنًا لكن يأباه كلامه وقد تكلف ابن عاشر رجوعه لهما وهو بعيد هذا وما ذكره المصنف من لزوم الفدية في الكثير من الخلوق أن تراخي في نزعه قد تعقبه عليه طفى بأنه لم يره لغير المصنف هنا وفي ضيح قال وذلك لأن في المدونة ولا شيء عليه فيما لصق به من خلوق الكعبة إذ لا يكاد يسلم منه وفي كتاب محمَّد وليغسل ما أصابه من خلوق الكعبة بيده ولا شيء عليه وله تركه إن كان يسيرًا قال ابن عبد السلام اجتمع مما في المدونة وكتاب محمَّد أنه لا فدية عليه فيما أصابه من خلوق الكعبة وزاد محمَّد غسل الكثير اهـ.
وصرح بعده بأن الغسل على وجه الأحبية فلم يذكر في المدونة ولا كتاب محمَّد الفدية في الكثير وإنما يؤمر بغسله فقط ولا قاتل بالفدية إلا ما يؤخذ من ظاهر كلام ابن وهب وكذا لم يذكرها ابن الحاجب ولا صاحب الجواهر ثم قال وكأن المؤلف فهم وجوب الفدية من الأمر بالغسل وفيه نظر فتأمله اهـ.
قياس طلب قربه منها عدمه لبقائه مع مفارقتها وانظر ما حد اليسير والكثير وشبه في وجوب الفدية مع التراخي وعدمه بعدمه قوله (كتغطية رأسه) أي رأس المحرم بفعله أو فعل غيره به (نائمًا) فإن تراخى في نزعه بعد انتباهه افتدى وإن نزعه عاجلًا فلا شيء عليه وإذا كانت من فعل غيره ولم تلزمه هو الفدية فالظاهر إنها تلزم المغطى لرأسه (ولا تخلق) الكعبة (أيام الحج) لئلا يمسه الطائفون أي يكره فيما يظهر (ويقام العطارون فيها) أي في أيام الحج ندبًا (من المسعى) ثم أشار إلى مسألتي إلقاء طيب على محرم وحلقه بادئًا بالأولى فقال (وافتدى الملقي الحل) طيبًا مؤنثًا على نائم محرم أول الثوب على رأسه نائمًا (إن لم تلزمه) هو الفدية بأن لم يتراخ وفدية الملقي بإطعام ستة مساكين أو نسك (بلا صوم) لأنه عبادة بدنية لا تكون عن الغير ولا يدخل في عدم لزومها للمحرم ما إذا ألقي الحل عليه ما يخبر في نزع يسيره وإن صدق عليه لفظه لأنه يدفعه قوله (وإن لم يجد) الملقي الحل ما يفتدي به (فليفتد المحرم) نيابة عن الملقي لأنها عليه بطريق الأصالة لتعديه بإلقائه على النائم لا بطريق التحمل عن النائم والنيابة عنه وهذا التعليل يوهم أن الملقى عليه لا يصوم مع أنه يفتدي بالصوم أيضًا على المعتمد نظرًا إلى أنه كفارة عن نفسه في الجملة وإن كان نائبًا عن الملقي وذكر المسألة الثانية مشبهًا لها في وجوب الفدية بقوله (كأن حلق) حل فضميره عائد على الصفة بدون الموصوف الذي هو لفظ الملقي (رأسه) أي رأس محرم فالفدية بغير الصوم على الحل حيث لم تلزم المحرم كأن حلقه مكرهًا أو نائمًا فإن لم يجد فليفتدي المحرم (ورجع) على الفاعل (بالأقل) من قيمة
ــ
وخالف ق هنا عادته فقرر كلام المصنف على ظاهره من غير شاهد أتى به (إن لم تلزمه) قول ز ولا يدخل في عدم لزومها الخ لعل مراده ما في خش من تقييد الفدية بملقى الكثير وأما ملقى اليسير فلا فدية عليه لأن المحرم يخير في نزعه وهو غير صحيح لما تقدم من أن التخيير في نزع اليسير خاص بالخلوق وأن المصيب من إلقاء الغير يجب نزعه قل أو أكثر فإن تراخى افتدى ويحتمل أن مراده إخراج يسير الخلوق وهو أيضًا غير ظاهر لأن كلامهم السابق يدل على إنه إنما يعفى عنه لضرورة اللصوق بالبيت الشريف لا مطلقًا وإن ألقاه الغير عليه فالصواب إطلاق كلام المصنف (وإن لم يجد فليفتدي المحرم) هذه عبارة ابن المواز رحمه الله إذ قال وإن كان الفاعل عديمًا أو لم يقدر عليه فليفتدي هذا المحرم عن نفسه قال في ضيح وظاهره الوجوب ابن يونس وهذا على رأيه فيمن أكره زوجته وهو معدم أن عليها أن تحج قابلًا وتهدي وتتبعه بالأقل من ثمن الطعام أو النسك ولابن القاسم في العتبية أن الزوج إذا كان عديمًا وهي مليئة ليس عليها هي حج فعلى هذه الرواية ليس على النائم المطيب إذا كان الفاعل عديمًا فدية لأن الفدية إنما تعلقت بغيره وهذا أبين اهـ.
ونحوه لعبد الحق وزاد أن الصواب أن لا شيء عليه اهـ.
كلام ضيح وفي خش وقوله ليفتدي المحرم وجوبًا وقيل ندبًا والأول هو الراجح اهـ.
فانظر من أين له ترجيح الأوّل وقد رأيت ما لابن يونس وعبد الحق (ورجع بالأقل)
النسك وكيل الطعام أو ثمنه كما سبق في الصوم (إن لم يفتد) المحرم (بصوم) فإن افتدى به فلا رجوع ثم رجوعه عليه بالأقل حيث أعسر الملقي أو الحالق الحل أو أيسر وأذن للمحرم وكذا إن لم يأذن كما هو ظاهر الشيخ سالم وهو الموافق لما ذكروه في الصوم عند قول المصنف وإن أعسر كفرت ورجعت الخ من أن مثله إذا كفرت مع يسره وبه سقط ما عساه يقال هو في هذه الحالة متبرع (وعلى المحرم الملقي) على محرم نائم طيبًا (فديتان على الأرجح) واحدة لمسه وأخرى لتطييبه النائم أن بادر حين استيقاظه بنزعه عن نفسه وإلا فعلى كل فدية ولا شيء على الملقي فعلم أن الصور أربع صورتان فيما إذا مس الملقي وهما إما أن يبادر الملقى عليه بنزعه أم لا وصورتان فيما إذا إذا لم يمس كذلك وإنما لزمت الملقي في حالة عدم مسه وعدم لزومها على الملقى عليه لأنه كإلقاء الحل على المحرم حيث لم تلزمه التي قدمها المصنف وأما إلقاء محرم على حل فعلى الملقى فدية أن مس وإلا فلا (وإن حلق حل محرمًا) أو قلم أظفاره أو طيبه (بإذن) ولو حكمًا كرضاه بفعله (فعلى المحرم) الفدية ولو أعسر ولا تلزم الحل وقد يقال بلزومها له لأنه لا يجوز له الحلق ولو أذن له ولكن يرجع بها على المحرم (وإلا) يكن بإذنه بل نائمًا أو مكرهًا (فعليه) أي على الحلال الفدية وهذه تكرار مع قوله فيما مر كأن حلق حل رأسه وأعادها لكونها مفهوم قوله هنا بإذن (وإن حلق محرم رأس حل أطعم) لاحتمال أن يكون قتل في حلاقه له دواب فإن تحقق نفيها فلا وبالتعليل المذكور علم الفرق بين هذه المسألة وبين ما مر عن ابن عرفة من أن المحرم ولا شيء عليه إذا قلم ظفر حلال إذ الظفر لا يحتمل أن يكون فيه دواب تقتل عند التقليم (وهل) إطعامه (حفنة) من طعام الجوهري هي ملء الكفين قاله تت في كبيره أي أنها لغة كذلك ولكن المراد بها هنا كما في المدونة ملء يد واحدة ونحوه لتت عن الشارح عند قوله وتقريد بعيره وذكر ذلك في صغيره وينبغي أن يراعي فيها اليد المتوسطة (أو) إطعامه (فدية) حقيقة من صيام ثلاثة أيام أو
ــ
قول ز وكذا إن لم يأذن الخ فيه نظر وجعلهم موضوع المسألة إذا كان الفاعل عديمًا أو لم يقدر عليه كما في عبارة ابن المواز وغيره يأبى ذلك وقول ز وهو الموافق لما ذكروه في الصوم الخ لم أر من ذكره لا في الصوم ولا هنا وإنما ذكره ز هناك غير معز ق كما ذكره هنا والظاهر خلاف ما ذكره والله أعلم (فديتان على الأرجح) هذا قول القابسي وصوّبه ابن يونس وسند وابن عبد السلام ومقابله لابن أبي زيد ولا يقال صوابه تردد كما قال تت لأن اصطلاحه أنه إن قال تردد فقد أشار به للمتأخرين لا إنه كما اختلفوا عبر به (وإلا فعليه) قول ز وهذا تكرار الخ دفعه ح بأن ما هنا بين به موضع لزومها للمحرم وموضع لزومها للحلال وما مر بين أن حكم الحالق إذا لزمته هو حكم الملقى طيبًا قال ابن عاشر عقبه وهذه محاولة لا تتم إذ لا مانع من جعل التشبيه تامًّا حتى يستفاد منه المعنى المفاد هنا (وإن حلق محرم رأس حل أطعم) قول ز فإن تحقق نفيها فلا الخ مثله في ح لكن زاد وإن قتل قملًا كثيرًا فعليه الفدية اهـ.
إطعام ستة مساكين أو نسك بشاة فأعلى كما يأتي (تأويلان) ولو قال افتدى بدل أطعم كان أحسن إذ التأويلان في قول الإِمام افتدى فلو قال افتدى وهل على ظاهره أو المراد حفنة تأويلان كان أولى فإن ظاهره أن الفدية من الإطعام فقط لقوله أولًا أطعم وليس بمراد والقبضة بالضاد المعجمة دون الحفنة لأنه يقبض يده عليها والقبصة بالصاد المهملة دون الأمرين جميعًا لأنها الأخذ بأطراف الأنامل كما مر.
تتمة: سكت المصنف عما إذا حلق محرم رأس محرم آخر والحكم أنه أن حلق بغير رضاه فعلى الحالق وكذا برضاه وتحقق قتل القمل وكان كثيرًا وأما برضاه وتحقق نفي القمل فعلى المحلوق له فقط وكذا برضاه وشك في قتله أو تحقق وكان يسيرًا لكن على الحالق حفنة في هاتين ثم ما على المحلوق رأسه واضح حيث أيسر فإن أعسر فانظر هل تبقى في ذمته أو تكون على الحالق ويرجع بها على الآخر وكذا يقال إذا كانت على الحالق وأعسر وصرح بمفهوم قوله المار وتقليم ظفر انكسر بقوله (وفي) قلم (الظفر الواحد لا لإماطة الأذى) ولا لكسره بل قلم ظفر نفسه عبثًا أو ترفها كما هو ظاهر ح (حفنة) وعلى ما لح يستثنى ذلك من قوله الآتي والفدية فيما يترفه به وفي قص ما زاد على الواحد فدية سواء كان لإماطة الأذى أم لا وإذا أبان واحد وآخر فإن أبانهما في فور ففدية وإلا ففي كل واحد حفنة أن أبان الثاني بعد أن أخرج ما وجب في الأول وإلا ففدية قياسًا على ما لح في تعدد الفدية وينبغي أن يجري مثل هذا فيما إذا قتل قملة وأخرى ونحوها وأراد المصنف بالظفر الواحد ظفر نفسه كما قررنا وأما ظفر غيره فلا شيء على المحرم في قلم ظفر حلال فإن قلم ظفر محرم مثله جاهلًا أو ناسيًا أو قلم له بأمره
ــ
فيقتضي أن محل التأويلين إذا قتل قملًا قليلًا وليس كذلك لأن أصل هذا التفصيل للخمي وسند وهما جعلا محل الخلاف إذا قتل قملًا كثيرًا زاد سند أو لم يتحقق شيئًا ونص سند إذا حلق المحرم رأس حلال فإن تبين أنه لم يقتل شيئًا من الدواب فلا شيء عليه في المعروف من المذهب وإن قتل يسيرًا أطعم شيئًا من طعام وكثيرًا أو لم يثبت ولم يدر ما ثم فقال مالك يفتدي وقال ابن القاسم يطعم اهـ.
نقله تت في الكبير وهذا التفصيل مبني على تعليل الفدية بقتل القمل وهو قول عبد الوهاب وسند واللخمي وذهب البغداديون إلى تعليلها بالحلاق وإليه ذهب ابن رشد وعليه فلا فرق بين أن يقتل قملًا قليلًا أو كثيرًا أو يتحقق معها وعلى الإطلاق حمل من كلام المصنف بناء على التعليل بالحلاق وصوبه طفى وهو غير ظاهر والصواب حمله على التفصيل لتعليل ابن القاسم بقتل القمل كما في ابن الحاجب ويقول المصنف بعد إلا أن يتحقق نفي القمل ولما تقدم عن سند من أنه المعروف من المذهب ولقولهم في تقليم المحرم ظفر حلال أنه لا شيء عليه قال في ضيح وهو يرجح من تأوّل أن الفدية للقمل لا للحلق إذ لو كانت للحلق لوجبت هنا الفدية اهـ.
وهو ظاهر (تأويلان) في قول ابن القاسم يتصدق بشيء من طعام مع قول الإمام يفتدي
وافتدى المقلوم ظفره كما في المدونة والذخيرة وإن فعل به مكرهًا أو نائمًا بالفدية على الفاعل من حلال أو حرام اهـ.
(كشعرة) واحدة يزيلها من جسده (أو شعرات) جمع قلة عشرة فدون لغير إماطة أذى يلزمه حفنة من طعام ولإماطة أذى فدية كما لو أكثر بأن زاد على عشرة فالتشبيه تام وكذا قوله (و) قتل (قملة) واحدة (أو قملات) عشرة فما دون حفنة من طعام ولإماطة أذى فدية (وطرحها) بالجر عطف على قتل المقدر وجعله الشارح مبتدأ محذوف الخبر أي وطرحها كذلك وهذا مبني على جواز القطع عن العطف إلى غيره وقد تعرض الرضى لهذه المسألة في آخر باب العطف وحاصل ما عنده فيها أنه يجوز القطع عن العطف إلى غيره إن كان المعنى الأصلي يفهم مع ذلك من غير لبس ويمنع أن حصل لبس قاله د ولزم في طرحها ما ذكر لتأديته إلى القتل بخلاف البرغوث كما سيذكره لأنه خلق من الأرض (كحلق محرم لمثله) بإذنه (موضع الحجامة) يلزم الحالق حفنة من طعام (إلا أن يتحقق) الحالق (نفي القمل) عن رأس المحلوق فلا حفنة على الحالق لأنه إنما أزال شعرًا عن جسد غيره وعلى المحلوق في الحالين الفدية لحلقه قبل التحلل (و) كذا يلزم المحرم حفنة من طعام في (تقريد بعيره) أي إزالة القراد عنه وقيده البساطي بما إذا لم يقتله وبما إذا لم يكن كثيرًا اهـ.
ولم يذكره تت وذكره البدر القرافي وأقره ومفهومه أنه لو قتله أو أزاله عنه وكان كثيرًا ففيه الفدية وانظر ما حد الكثرة وقال غيره قوله وتقريد بعيره ظاهره في اليسير والكثير وهو قول ابن القاسم وقال مالك يفتدي في الكثير ويطعم في اليسير نقله الشارح وتبعه الشيخ سالم (لا كطرح علقة) عنه أو عن بعيره فلا شيء عليها لأنها من دواب الأرض لا من دوابهما (أو) طرح (برغوث) أو قراد عن نفسه فلا شيء عليه لأنهما ليسا من دوابه البرغوث من دواب الأرض قاله تت وأما قتلهما ففيه فدية أن أكثر لا أن قل لأنه إذا كان القمل الذي في طرح يسيره الإطعام لا تجب الفدية إلا في قتل الكثير منه فأولى ما
ــ
فالتأويل الثاني بالخلاف للباجي وللخمي والقول بالوفاق لغيرهما وتردد ابن يونس فيهم وقول ز تتمة سكت المصنف الخ فيه نظر بل الظاهر أن هذه الصورة هي قوله الآتي كحلق محرم لمثله موضع الحجامة وقول ز وكذا برضاه الخ أي على الحالق فدية وعلى المحلوق فدية وقيل على الحالق حفنة كما تقدم إذ هذا من محل الخلاف السابق وقول ز وكذا برضاه وشك في قتله الخ صورة الشك من محل الخلاف السابق أيضًا كما تقدم عن سند تأمل (أو قملة أو قملات) قول ز في القمل ولإماطة الأذى فدية الخ فيه نظر بل ليس في القملة والقملات إلا حفنة قال في ضيح لا يعلم في المذهب قول بوجوب الفدية في قملة أو قملات اهـ.
(وتقريد بعيره) قول ز وقيده البساطي بما إذا لم يقتله الخ تقييد البساطي غير صحيح وذلك أنه لما قال ابن الحاجب وفي تقريد بعيره يطعم على المشهور تعقبه ابن عبد السلام والمصنف بأن الذي حكاه غيره أن القولين إنما هما فيما إذا قتل القراد اهـ.
ليس في طرحه فدية لكن في الشامل وله طرح برغوث ولا شيء في قتله وقيل يطعم اهـ.
(والفدية فيما يترفه) أي يتنعم (به أو) فيما (يزيل) به (أذى) فالأول (كقص الشارب) قاله تت وفي ق عن ابن شاس أنه مثال للثاني والأظهر صلاحيته مثالًا لهما (أو) قص (ظفر) واحد لإماطة أذى فهو مفهوم قوله فيما مر وفي الظفر الواحد لا لإماطة الأذى حفنة أو متعدد إذ هو غالبًا لإماطة أذى ولا يصلح جعله مثالًا للأول كما يفيده تت وبعض لأن ما يترفه به هو أن يكون لا لإماطة أذى ودخل بالكاف حلق العانة ونتف إبط وأنف وتحصل من كلام المصنف أن للظفر ثلاثة أحوال قلم المنكسر لا شيء فيه قلمه لا لإماطة الأذى حفنة قلمه لإماطته فدية وعرف الشارب لانحاده ونكر الظفر لتعدده (وقتل قمل كثر) بأن زاد على عشرة وما قاربها ولو في غسل تبرد لا في غسل جنابة فلا فدية ولو أكثر قاله ابن القاسم ومثلها الحيض والنفاس وكذا غسل مسنون أو مندوب كما مر استظهاره وأما قتله في تبرد مثل الواحدة فيطعم تمرات أو قبضات من سويق أو كثيرات قله أصبغ اهـ.
وقد تقدم ذلك (وخضب) لرأسه أو لحيته أو غيرهما كجرح أصابه (بكحناء) بالمد مصروف صالح للأمرين لأنه يطيب الرأس ويفوحه ويقتل دوابه ويرجل شعره ويزينه وبدون هذا تجب الفدية قاله سند ودخل بالكاف الوسمة بكسر السين وتسكينها لغة كما في الصحاح نبت من شجرة كالكزبرة يدق ويخلط مع الحناء سميت وسمة من الوسامة وهي الحسن لأنها تحسن الشعر قاله في توضيحه وتجب الفدية لو نزعه مكانه (وإن) لم يعم بالخضب العضو بل كانت (رقعة أن كبرت) بأن كانت قدر الدرهم قاله عج وقال د انظر هل الكبيرة قدر الدرهم كما تقدمن في الخرقة تلصق أم لا وينبغي أن لا تقاس هذه على تلك اهـ.
أي إنها أضيق مما مر لأن الضرورة هناك أقوى مما هنا فإن صغرت فلا فدية وأفهم قوله خضب أنه لو جعلها في فم جرح أو استعملها في باطن الجسد كما لو شربها أو حشا شقوقًا فلا شيء عليه ولو أكثر (ومجرد) صب ماء حار على جسده في (حمام) دون تدلك ولا إزالة وسخ ولو لجنابة (على المختار) وأسقط من كلامه تقييده بجلوسه فيه حتى يعرق وأولى أن تدلك أو أزال وسخًا وأما صب الماء البارد فيه فلا فدية فيه ومجرد دخوله من غير غسل بل للتدفئ جائز كما في ح عن المصنف وبه تعلم ما في قول بعضهم المراد بمجرده الماء الحار وإن لم يكن في حمام اهـ.
ــ
أي وأما إذا طرحه ولم يقتله فلا خلاف أنه يطعم فقط وذكر ح وق عن المدونة أنه يطعم في طرحه فتعين حمل كلام المصنف على كل من طرحه وقتله (والفدية فيما يترفه به أو يزيل أذى) ح لم يبين ابن القاسم ما هي إماطة الأذى وجعلها الباجي على وجهين أحدهما أن يقلق من طول ظفره فيقلمه وهذا أذى معتاد والثاني أن يربد مداواة جرح بأصبعه ولا يتمكن إلا بذلك اهـ.
(وفتل قمل أكثر) هذا قول مالك قال في البيان ورآه من إماطة الأذى وقال ابن القاسم
وما تقدم من أنه لا فدية في قتل قمل بجنابة وما في حكمها ولو أكثر محمول على غسل بغير حمام ولو بمسخن أو به ببارد ثم ما اقتصر عليه المصنف من كلام اللخمي خلاف مذهب المدونة من أنه إنما تجب الفدية على داخله إذا تدلك وأنقى الوسخ فعلى المصنف الاعتراض في عدوله عن مذهبها ومشيه على ما للخمي واعتذر الشارح عنه بأنه اقتصر عليه لاختيار غيره من الأشياخ لما اختاره لا لما فيها والأصل تعدد الفدية بتعدد موجبها إلا في أماكن ذكرها بقوله (واتحدت) في مواضع أربعة أشار لأولها بقوله (أن ظن) الفاعل (الإباحة) كالذي يطوف في عمرته ثم يسعى ويحل أي أو للإفاضة ويظن أنه فيهما على طهارة فيتبين خلافه أو يعتقد رفض إحرامه واستباحة موانعه أو يفسده بوطء فتأول أو جهل أن الإحرام تسقط حرمته بالفساد فيفعل متعددًا يوجب كل واحد فدية من هذه الصور الثلاث فتتحد عليه الفدية في الثلاث وأما من ظن إباحة ما فعله على الحاج أي ظن أن الإحرام لا يمنعه من محرماته أو أن كلًّا يوجب الفدية إذا انفرد وعند التعدد تجب الفدية بالأول فقط فإن هذا لا يوجب الاتحاد كما قرره عليه الشارح والبساطي أي وقت فإني لم أر من ذكر أن ذلك من صور الاتحاد انظر ح فقول المصنف أن ظن الإباحة أي في شيء خاص وهو المسائل الثلاث المذكورة والأولى منها لا يتصور فيها شك الإباحة والثانية والثالثة يتصور فيهما ذلك وظاهر كلامهم أن الفدية تتعدد فيهما في حالة الشك ولثانيها بقوله (أو تعدد موجبها) كلبس وتطيب وحلق وقلم (بفور) واحد ففدية واحدة لأنه كالفعل الواحد سواء تعدد فعل ذلك في نفسه كما يفعله غالب بعض أكابر من إحرامه ثم لبسه عقبه جميع ملبوسه أو في غيره ولو تعمده الغير في نفسه أيضًا وتلزمهما حينئذ الفدية كما مر في قوله وعلى المحرم الملقي فديتان وهذا يجري في مسائل الاتحاد كلها التي ذكرها المصنف ومحل قوله أو تعدد الخ إذا لم يخرج للأول قبل فعل الثاني وإلا تعددت وقوله بفور وهو على حقيقته أي من غير فصل بأن تكون تلك الأفعال في وقت واحد كذا يفيده ظاهر المدونة وأقره ابن عرفة خلافًا لما اقتضاه كلام ابن الحاجب واقتصر عليه تت من أن اليوم فور وأن التراخي يوم وليلة لا أقل ولثالثها بقوله (أو) تراخي ما بين الفعلين لكنه عند الفعلين لكنه عند الفعل الأول أو عند إرادة فعله (نوى التكرار) ولو بعد ما بين الفعل الأول والثاني كما قال تت ولهذا لم يقل المصنف هنا بفور فاستفيد من المسألتين أن الفعل المتكرر إن لم يكن معه نية يشترط في الاتحاد الفورية وإن كان معه نية لا تشترط الفورية
ــ
يطعم كسرة انظر ضيح ومثل قتله طرحه كما تقدم (أن ظن الإباحة) قول ز أو للإفاضة ويظن أنه على طهارة الخ صوابه إسقاط ذكر طواف الإفاضة لما تقدم عند المصنف من أنه في فساده يرجع حلًا إلا من نساء وصيد فإذا فعل غيرهما فلا فدية عليه اتحد أو تعدد تأمله (أو نوى التكرار) قول ز مثله نية التكرار عند الإحرام الخ فيه نظر والذي يفيده ح خلافه ونصه ومحل النية من حين لبسه الأول قاله سند وهو الذي يفهم من لفظ المدونة اهـ.
وظاهر قوله أو نوى التكرار ولو اختلف الموجب كاللبس مع الطيب انظر ق قاله د فقول تت أما لو تداوى لقرحة أخرى لتعددت اهـ.
يحمل على ما إذا لم ينو مدواة الثانية عند الأولى فيوافق ما لق وظاهر المصنف وإنما كلام المصنف مقيد بما إذا فعل الموجب الثاني قبل إخراج كفارة الموجب الأول وإلا تعددت وإذا نوى التكرار لعلة وكررها ثم زالت وخلفها أخرى ففعل موجب الفدية أيضًا من غير نية قبل ذلك لغيرها فإنها تتعدد عليه ويدخل في كلام المصنف ما إذا نوى أن يفعل جميع موجبات الفدية وفعل ما نواه أو متعددًا مما نواه فتتحد عليه فالمسائل ثلاث الأولى أن ينوي فعل كل ما يحتاج إليه من موجبات الفدية الثانية أن ينوي فعل الموجبات الفدية ويفعل ذلك أو متعددًا منه الثالثة أن ينوي متعددًا من موجبات الفدية معينًا فلا تتعدد عليه الفدية في صورة من صور الثلاث بفعل ما نواه أو بفعل بعضه وسواء كانت نيته في الصور الثلاث عند فعل موجب من موجبات الفدية أو عند إرادة فعله كما قدمناه أو قبلهما وقول تت عقب قول المصنف التكرار عند الفعل الأول اهـ.
مثله نية التكرار عند الإحرام كما يفيده ح وق وغيرهما فإنما احترز عن نية التكرار بعد الفعل الأول اهـ.
تنبيه: إذا تعدد موجب الحفنة جرى فيه مثل ذلك أيضًا فتتجد أن ظن الإباحة ولرابعها بقوله (أو قدم) ما نفعه أعم على ما نفعه أخص كأن قدم في لبسه (الثوب) أو القلنسوة (على السراويل) أو العمامة أو الجبة ففدية واحدة للثوب ونحوه إلا أن ينتفع بالسراويل أيضًا لطوله أو لدفع حر أو برد به فتتعدد بلبسه لأنه انتفع به ثانيًا بغير ما انتفع به أولًا ويدل على الثاني ما بعده وإن عكس فقدم السراويل على الثوب ففديتان وإن لبس قلنسوة ثم عمامة أو بالعكس ففدية واحدة إن لم تفضل إحداهما على الأخرى محمَّد من ائترز بمئزر وفوق مئزر فعليه فديتان إلا أن يبسطهما ويتزر بهما وأما رداء فوق رداء ففدية واحدة اللخمي وإن لبس قميصًا وهو صحيح ثم مرض ثم صح وهو لابسه ففدية واحدة
ــ
(أو قدم الثوب على السراويل) قول ز أو لدفع حر أو برد الخ هذا هو الذي يقتضيه النظر وإن لم نجد فيه نصًّا وقول ز محمَّد من ائتزر بمئزر الخ مثله في ضيح بمثل هذا اللفظ عن اللخمي ونقله قبله عن ابن عبد السلام وظاهره أنه المذهب وهو مشكل إذ الظاهر أنه لا فدية عليه لأنه لم يلبس محيطًا وعلى تقدير لو قلنا إن التعدد ممنوع فإنما تلزمه فدية واحدة عن الإزار الثاني وأما الأول فهو مطلوب من المحرم وقد رأيت الشامل نقل المسألة ولم يذكر إلا فدية واحدة ونصه وإن لبس مئزرًا فوق مئزر افتدى إلا أن يبسطهما ثم يأترز بهما كرداء فوق رداء اهـ.
ومثله في عبارة ابن عرفة ونصها الشيخ في كتاب محمَّد أن احتزم فوق إزاره ولو بحبل أو ائتزر بمئزران فوق آخر افتدى إلا أن يبسطهما فيأتزر بهما وقاله ابن عبدوس عن عبد الملك قائلا لا بأس برداء فوق رداء اهـ.
محمَّد وإن لبسه لمرض ثم صح وتمادى لابسه فعليه فديتان يريد لأن نيته كانت أن يلبسه للمرض خاصة وقد بعد ما بين النية الأولى والثانية والقياس على أصله أن لا شيء في التمادي أي أنه عليه فدية واحدة لأنه بانقضاء المرض تمادى في اللباس فأشبه ما قرب فعل بعضه من بعض وكذا القول في التطيب صحيحًا ثم مرض وعكسه انظر التوضيح ولما كانت موجبات الفدية كما في توضيحه قسمين أحدهما ما لا يقع إلا منتفعًا به كحلق شعر تطييب وهذا تجب فيه الفدية من غير تفصيل الثاني ما لا ينتفع به إلا بعد طول فلا تجب الفدية إلا بالانتفاع به أشار إلى الثاني بقوله (وشرطها) وقيد بقوله (في اللبس) لخف أو ثوب لإخراج القسم الأول (انتفاع من حر أو برد) أي في الجملة فلو لبس قميصًا رقيقًا لا يقي حرًّا ولا بردًا وتراخي وهو عليه فإنه يفتدي لأنه انتفع في الجملة قاله د وفي ابن شاس الفدية إذا انتفع باللبس من حر أو برد أو دام عليه كاليوم اهـ.
فقيد بقوله كاليوم لأنه انتفاع من حر أو برد في الجملة (لا أن نزع مكانه) كقياسه عليه فقط ونزعه فلا شيء عليه (وفي) الفدية بانتفاعه بالملبوس في (صلاة قولان) الراجح منهما أنها لا تعد طولًا فلا فدية وظاهره ولو رباعية وعليه فمفهوم قوله مكانه غير معتبر بل تقدم ابن شاس أن لبسه دون يوم لا شيء فيه حيث لم ينتفع وعلى القول بعدها طولًا ظاهره ولو ركعة كالوتر والظاهر خروج سجدة التلاوة أو سجدتي السهو من القولين ومحل القولين ما لم يطول فيها فإن طوّل فيها فالفدية اتفاقًا كما يفيده الشارح ولم يبين قدر الطول هل هو ما زاد على المعتاد أو ما زاد على القدر المطلوب فعله في تلك الصلاة ثم يحمل كلام الشارح هذا على ما إذا حصل بلبسه انتفاع من حر أو برد وإلا فدية كما يفيده ما مر عن ابن شاس (ولم يأثم) مرتكب موجب الفدية (أن فعل لعذر) حاصل بالفعل أو مترقب فخوف العذر كاف (وهي نسك شاة) بالإضافة أو بدل من نسك وفي بعض
ــ
وهو يفيد أنه ليس عليه في مئزر فوق آخر إلا فدية واحدة خلاف نقل ابن عبد السلام وضيح فإن الظاهر أنه تحريف في النقل ووجه الفدية في إزار فوق آخر حيث لم يبسطهما أنه حينئذ كالحزام والله أعلم ويفيد أيضًا أنه لا شيء عليه في رداء فوق رداء خلاف ما زعمه زمن أن فيه فدية فإنه ليس بصحيح والفرق أن الرداء فوق مثله ليس كالحزام بخلاف إزار فوق مثله وقول ابن عرفة وقال ابن عبدوس عن عبد الملك مثله في نقل ضيح عن ابن عبد السلام خلافًا لنقل ضيح عن اللخمي فإنه قال وذكر ابن عبدوس عن مالك مثله فلعل قوله عن مالك تحريف والله تعالى أعلم (وفي صلاة قولان) قال في ضيح بناء على إنها تعد طولًا أم لا وتبعه تت وز وغيرهما وفي ح عن سند بعد ذكره القولين من رواية ابن القاسم عن مالك قال فرأى مرة حصول المنفعة في الصلاة ونظر مرة إلى الترفه وهو لا يحصل إلا بالطول قال ح وهذا هو التوجيه الظاهر لا ما ذكره في ضيح إذ ليس ذلك بطول لما تقدم اهـ.
والذي قدمه هو أن الطول كاليوم كما في ابن الحاجب وابن شاس وغيرهما وبه تعلم أن القولين سواء طوّل في الصلاة أولًا خلاف ما ذكره ز عن الشارح (وهي نسك شاة فاعلي)
النسخ بشاة بالباء قال البدر ويشترط فيها من السنن والسلامة من العيوب ما يشترط في الأضحية كما تفيده المدونة والظاهر أنه لا بد من ذبحها ولا يكفي إخراجها غير مذبوحة وهي أفضل من الإبل والبقر فليست كالهدايا بل كالضحايا إلا أن ينوي بها الهدي كما في تت وانظر هل يجري فيها ما جرى في الضحايا الآتي في قوله وضأن مطلقًا ثم معز ثم هل بقر وهو الأظهر أو إبل خلاف أم لا وما تقدم من أنها أفضل من الإبل اقتصر عليه عج وعليه فمعنى قوله (فأعلى) في كثرة اللحم من بقرة أو بعير لا في الفضل وعلى تقدير كونها كالهدايا إذا نوى بها ذلك فمعنى أعلى أفضل (أو إطعام ستة مساكين لكل مدان) فهي ثلاثة آصع فإن حصل لبعض أكثر من مدين ولبعض أقل منهما كمل له بقيتهما وينبغي أن له نزع الأكثر ممن هو بيده قياسًا على قوله وله نزعه أن بين القرعة (كالكفارة) تشبيه في كونها من غالب قوت البلد لا غالب قوته هو وكونها بمده عليه الصلاة والسلام إذ به تؤدي جميع الكفارات ما عدا كفارة الظهار فإنها بمد هشام على المشهور وهو مد وثلثان بمده عليه الصلاة والسلام قال البدر والظاهر أن المشبه بها كفارة اليمين ويأتي حكمها في باب اليمين من قوله لا تجزى ملفقة ولا مكرر لمسكين وناقص كعشر بن لكل نصف لا الصوم ولا الظهار لأنها مرتبة اهـ.
(أو صيام ثلاثة أيام ولو أيام منى ولم يخص) النسك ذبحًا ونحرًا أو طعامًا أو صيامًا قاله تت (بزمان أو مكان) وانظر قوله أو إطعامًا الخ ما موقعه هنا وهل يتوهم تخصيصه بزمان أو مكان حتى ينفيه وقد أسقط ذلك في صغيره وإسقاطه هو الظاهر ثم مقتضاه إطلاق النسك على الثلاثة ومقتضى المصنف كالآية تخصيصه بالذبيحة (إلا أن ينوي بالذبح) عائد لبعض ما قبله على تسليم ما لتت في كبيره (الهدي) بأن يقلده أو يشعره فيما يقلد أو يشعر ولو لم ينو كما يفيده في (فكحكمه) في الاختصاص بمنى أن وقف به بعرفة وإلا فمكة والجمع فيه بين الحل والحرم ترتيبه ودخول الصوم نيابة وأفضلية الأكثر لحمًا فتقليد ما لا يقلد كالغنم كالعدم فيذبحها حيث شاء في أي زمن ولو نوى بها الهدي ونية الهدي فيما يقلد أو يشعر بدون تقليد أو إشعار كالعدم (ولا يجزي) عن إطعام ستة مساكين لكل مدان (غداء وعشاء) ولا غداآن ولا عشاآن (إن لم يبلغ) ما ذكر (مدين) لكل
ــ
قول ز وهي أفضل من الإبل الخ هذا هو الذي ارتضاه أبو الحسن في منسكه كما في ح والقول الآخر للباجي وقال الأبي أنه المذهب (إلا أن ينوي بالذبح الهدي) قول ز ونية الهدي إلى قوله فكالعدم الخ تبع فيه عج واعترضه طفى قائلًا مجرد النية كاف في كون حكمه كالهدي كما يفيده الباجي وابن شاس وابن الحاجب وهو ظاهر المصنف نعم ما ذكره من أن التقليد والإشعار بمنزلة النية وإن لم ينو صحيح كما يفيده نقل ق عن ابن المواز وصرح به الفاكهاني ولا يدخل في قوله فكحكمه الأكل فلا يأكل منها بعد المحل ولو جعلت هديا كما يأتي وقول ز وترتيبه ودخول الصوم نيابة الخ تأمل هذين فإن الصواب إسقاطهما فإن الكلام
واحد على انفراده وإلا أجزأ قاله د وينبغي إذا بلغ كل واحد على انفراده مدين الأجزاء ولو في غداء فقط أو عشاء فقط ثم الأجزاء مع بلوغ مدين لا ينافي أن الأفضل خلافه كما يدلس عليه قوله في الظهار ولا أحب الغداء والعشاء كفدية الأذى والفرق بين أجزائهما في كفارة اليمين وعدم أجزائهما هنا وفي الظهار إن لم يبلغا مدين أن كفارة اليمين لكل مد وهو الغالب في أكل كل شخص في يوم الكفارة وهنا لكل مدان وهما قدر أكل الشخص في يومين فلذا لم يجز فيها الغداء والعشاء لأنهما أكل يوم فقط إن لم يبلغ مدين (و) حرم عليهما (الجماع ومقدماته) ولو علمت السلامة بخلاف الصوم فتكره فقط مع علمها ليسارة الصوم (وأفسد مطلقًا) عمدًا أو جهلًا أو سهوًا كونه في حج أو مكرهًا كما يدلس على ذلك قوله بعد وإحجاج مكرهته كما في د وسواء كان في قبل أو دبر في آدمي أو غيره فعل شيئًا من أفعال الحج بعد الإحرام أم لا كان من بالغ أو غيره فالصبي يفسد حجه بجماعه احتياطًا دون وضوئه وصومه كما مر ويدخل تحت الإطلاق كونه موجبًا للغسل أم لا بغير خرقة أو خفيفة أو كثيفة أو في هواء الفرج لأنه يشترط فيه إيجاب غسل (كاستدعاء مني وإن) استدعاه فحصل (بنظر) أي إدامته وكذا إدامة فكر فإن لم يدم فالهدي مندوب من غير إفساد كما في ق عن الأبهري وفي ح ما يفيد أن كلام الأبهري مقابل وأن الراجح وجوب الهدي وهو ظاهر كلام المصنف وقيد الفساد بقوله: (إن وقع قبل الوقوف) بعرفة أفسد (مطلقًا) فعل شيئًا من أفعال الحج كطواف القدوم والسعي أم لا وقال تت يحتمل من غير قيد يدلس عليه وما بعده ويحتمل سواء كان الاستدعاء عن أمر يغلب الإنزال منه أم يغلب عدمه خلافًا لقول اللخمي إن أنزل عن استدعاء يغلب الإنزال منه أو يتردد أفسد
ــ
في الذبح ولا يتصور فيه ترتيب ولا صوم (وأفسد مطلقًا) قول ز كان من بالغ أو غيره الخ غير صواب ولم أر لأحد ما يوافقه وقول ابن الحاجب والجماع والمني في الإفساد على نحو موجب الكفارة في رمضان اهـ.
يدل على خلافه وكذا قول ضيح وكأن المصنف يشير إلى أن ما يوجب الكفارة هناك يوجب الفساد هنا اهـ.
وقد تقدم أن موجب الكفارة في الصوم هو الجماع الموجب للغسل وعبارة ابن عرفة ويفسد الحج مغيب الحشفة كما مر في الغسل اهـ.
وبه يرد أيضًا قول ز ويدخل تحت الإطلاق كونه موجبًا للغسل أم لا (وإن بنظر) لو قال ولو بنظر لكان أولى ليشير إلى قول أشهب إنما عليه الهدي قاله ح (مطلقًا) قول ز وقال تت يحتمل من غير قيد يدل عليه ما بعده الخ هذا الاحتمال هو نفس ما شرح به ز أولًا لقول ح بعد أن فسر الإطلاق به ما نصه ولما كان طواف القدوم والسعي شبيهين برمي جمرة العقبة وطواف الإفاضة في كون كل واحد من القسمين ركنًا وواجبًا وفصل في الثاني دون الأول حسنت الإشارة إلى ذلك بالإطلاق اهـ.
وإن أنزل عن استدعاء يغلب عدم الإنزال منه لم يفسد وعليه هدي ولو أراد هذا الاحتمال لذكره عقب قوله كاستدعاء مني أو كان ذلك أحسن اهـ.
بالمعنى قال عج ولم أر ما يخالف اللخمي في هذا ويوافق إطلاق المصنف (أو بعده) أي الوقوف كذلك الإفساد بشرطين أفادهما بقوله: (إن وقع قبل) التحللين من طواف (إفاضة) أو سعي مؤخر عن الوقوف (و) رمى جمرة (عقبة) وفي أحد زمنين (يوم النحر أو قبله) ليلة المزدلفة (وإلا) يقع قبلهما يوم النحر أو قبله بل وقع قبلهما بعد يوم النحر أو بعد أحدهما ولو في يوم النحر (فهدي) واجب في الصور الثلاث من غير إفساد والفرق بين وطئه قبلهما يوم النحر أو قبله وبين وطئه قبلهما بعده أنه لما خرج يوم النحر صارت جمرة العقبة قضاء وصار الطواف كالقضاء لخروجه عن وقته الفاضل المقدر له شرعًا والقضاء أضعف من المقضي ألا ترى أن من أفطر برمضان عليه القضاء والكفارة من أفطر في قضائه عليه القضاء فقط قاله المصنف انظر تت (كإنزال) لمني (ابتداء) أي بمجرد نظر أو فكر ولو قصد بهما لذة إذ الفساد إنما يكون عنهما إن كان كل منهما اللذة وإدامة كل منهما وخروجه عنها فإن خرج بلا لذة أو غير معتادة فلا شيء عليه قال د كإنزال ابتداء سواء كان في محل يفسد الحج بحصوله فيه على غير هذا الوجه أم لا اهـ.
ويستثنى من ذلك خروجه عن قبلة بفم أو عن لمس أو عبث بذكر فيفسد وإن لم يدم ذلك بل ظاهر المدونة وإن لم يقصد بذلك لذة وفي ابن شاس خلافه إلا القبلة لوداع أو رحمة فلا يفسد إن لم ينزل منها كما هو ظاهر نقل ق عن ابن شاس (وإمذائه) فيه الهدي سواء خرج ابتداء أو بعد مداومة نظر أو فكر أو قبلة أو مباشرة أو غيرها وكلام الشارح يقتضي أو يوهم أنه مقصور على ما إذا خرج ابتداء وأما لو خرج عن إدامة شيء مما ذكر فإنه يفسد وليس كذلك وسواء خرج في حالة لو خرج فيها المني لأفسد أو في حالة لو خرج فيها المني لا وجب الهدي كما هو ظاهر كلامه وتقدم ما يفيد ذلك (وقبلته) بغير إنزال أو مذي وهذا إذا كانت على الفم وأما إن كانت على الجسد فحكمها حكم الملامسة التي سكت عنها وهو أنه خرج معها مذي أو لم يخرج وكثرت ففيها الهدي وأما إن لم يخرج ولم تكثر فلا شيء فيها ولو قصد اللذة أو وجدها ومحل الهدي في القبلة كما تقدم إن كانت لغير وداع أو رحمة وإلا فلا شيء فيها إن لم يخرج معها مني أو مذي وإلا جرى كل على حكمه (ووقوعه) أي الجماع من محرم (بعد سعي في عمرته) قبل
ــ
وقول ز ولم أر ما يخالف ما للخمي الخ فيه قصور كبير وما ذكره اللخمي ليس بمنصوص وإنما خرجه على عدم الفساد بالإنزال عن فكر أو نظر غير مستدامين وقال سند أنه تخريج فاسد وكذا رده ابن عرفة بأن الفعل قوي انظر ح (أو قبله) قال ح لا بد من هذه اللفظة لئلا يتوهم اختصاص الفساد بيوم النحر (وإلا فهدي) هذا يشمل بظاهره ما إذا وقع بعدهما يوم النحر أو بعده
حلاقها فهدي ولا تفسد لانقضاء أركانها (وإلا) بأن وقع شيء من ذلك في أثناء سعيها أو قبله (فسدت) وقولي ووقوعه أي الجماع ظاهر فالذي يوجب الهدي في العمرة هو ما يوجب الفساد في الحج في بعض الأحوال من وطء وإنزال دون ما يوجب الهدي في الحج فلا يوجبه في العمرة لأن أمرها أخف هذا ظاهر الشارح وغيره واستظهر الشيخ سالم مساواتها للحج (ووجب إتمام المفسد) اسم مفعول من عمرة أو حج أدرك الوقوف فيه وإن كان الفساد قبله وإتمامه برمي العقبة وطواف الإفاضة والسعي إن لم يكن قدمه فإن فاته الوقوف فيه وجب تحلله منه بفعل عمرة ولا يجوز له البقاء على إحرامه لأن فيه تماديًا على الفاسد مع تمكنه من الخلاص منه كما يأتي في قوله وإن أفسد ثم فات أو بالعكس وإن بعمرة التحلل تحلل وقضاه دونها فما يأتي يفيد تقييد ما هنا (وإلا) يتمه سواء ظن إباحة قطعة أم لا (فهو) باق (عليه وإن أحرم) بغيره عليه للغو إحرامه عليه ولو قصد به قضاء عنه وهو على إحرامه الفاسد ولا يكون ما أحرم به قضاء عنه عند مالك ولا عليه قضاء ما جدد (ولم يقع قضاؤه إلا في) سنة (ثالثة) حيث لم يطلع عليه حتى فات وقوف الثاني وإلا أمر بالتحلل من الفاسد بأفعال عمرة ولو دخل في أشهر الحج وقضاه في العام الثاني (و) وجب (فورية القضاء) لما أفسده من عمرة بعد التحلل من فاسدها ومن حج ولو على القول بتراخي الحج ولم يخف الفوات وهو ظاهر قوله (وإن) كان ما أفسده منه (تطوعًا) لدخوله في تلك العبادة قال بعض وظاهر كلام الموضح وابن عبد السلام أن قضاء فاسد التطوع قبل حجة الإسلام ثم الحج هنا كالصلاة كما قالوه في قول المصنف وجب قضاء فائتة مطلقًا والفرق بينهما وبين الصوم في أنه موسع لشعبان الثاني أن الحج زمنه يسير وكلفته شديدة فشدد فيه سدًّا للذريعة لئلا يتهاون فيه أو أن القضاء فيه على الفورية فصارت حجة القضاء كأنها معينة في زمن معين فلزم قضاء فاسدها كحجة الإسلام وزمن قضاء الصوم غير معين والصلاة يكثر تكررها فوجب قضاء ما فاته منها ليميز بينه وبين ما يؤدي منها والصوم إنما يلتبس أداؤها وقضاؤه في ثاني عام فلذا طلب قضاؤه بشعبان فقط (و) يجب (قضاء القضاء) من حج أو عمرة إذا أفسده فيأتي بحجتين عند ابن
ــ
مع أنه لا هدي في هذه وكأنه إنما ترك التنبيه على ذلك اعتمادًا على قول ز فيما مر وحل به ما بقي (وإلا فسدت) قول ز واستظهر الشيخ سالم الخ ما استظهره س هو الذي يشهد له عموم كلام الباجي الذي نقله ح وضيح (ولم يقع قضاؤه الخ) عبارة ابن الحاجب فإن لم يتمه ثم أحرم للقضاء في سنة أخرى فهو على ما أفسد ولم يقع قضاؤه إلا في ثالثة اهـ.
(وإن تطوّعا) قول ز والفرق بينهما وبين الصوم الخ لا يخفى ما في كلامه من التخليط والصواب أن لو أخر ذكر هذا الكلام عن قوله وقضاء القضاء إذ فيه ذكر الفرقين المذكورين في ضيح وذلك لما قال ابن الحاجب وفي قضاء القضاء المفسد مع الأول قولان لابن القاسم ومحمد والمشهور أن لا قضاء في قضاء رمضان اهـ.
القاسم إحداهما قضاء عن الأولى والثانية قضاء عن القضاء لحرمتهما معًا وعليه هديان وظاهر المصنف ولو تسلسل وانظر هل له تقديم الثاني على الأول أم لا (و) وجب (نحر هدي في) زمن (القضاء) لحج أو عمرة ولا يقدمه زمن المفسد بل يؤخره على المشهور ليتفق الجابر النسكي والمالي قاله في منسكه الوجوب منصب على كونه في القضاء ولذا قال وأجزأ أن عجل أي نحر هدي الفساد في القضاء وظاهر العبارة يعطي أن الهدي للقضاء فلو قال ونحر هديه فيه ويكون الضمير في هديه عائدًا على الفساد وفي فيه عائدًا على القضاء كان أحسن (واتحد) الهدي (وإن تكرر) موجبه بوطء (لنساء) أي فيهن (بخلاف صيد) فيتكرر جزاؤه بتكرر الصيد لأن جزاءه عوض عما أتلفه والأعواض تتكرر بتكرر المتلفات (وفدية) فلا تتحد إثمًا بل تارة تتعدد وتارة تتحد كما قدمه بقوله واتخدت أن ظن الإباحة الخ (وأجزأ) هدي الفساد (أن عجل) قبل قضاء المفسد ويتكرر مع هذا قوله الآتي في الإحصار وأخر دم الفوات للقضاء وأجزأ أن قدم (و) وجب هدايًا (ثلاثة أن أفسد قارنًا) أو متمتعًا (ثم) بعد أخذه في إتمامه (فاته) أو فاته ثم أفسد (وقضى) قارنًا أو متمتعًا وهي واحد للفساد وواحد للفوات وواحد للقران الثاني الواقع قضاء المشار له بقوله وقضى أو للتمتع وأما الأول الفائت فلا شيء فيه كما يفيده قوله الآتي لا دم قران ومتعة للفائت لأنه لم يتمه بل آل أمره إلى فعل عمرة وذكرنا الثلاثة هكذا مرتبة ليوافق صنيع المصنف حيث أشار لها بقوله أفسد ثم فإنه وقضى فصورتها أنه أحرم بحج وعمرة قارنًا ثم أفسده بكوطء ثم فاته ذلك الحج بأن طلع الفجر ولم يقف أو فاته أولًا ثم أفسده كما سيأتي له وإنما أتى بثم للنص على الصورة المتوهم فيها عدم تعدد الهدي فإن قلت قوله وقضى يشمل ما إذا قضى قارنا أو مفردًا فمن أين يعلم أن المراد الأول قلت من قوله لا قران عن أفراد الخ وقوله (وعمرة) عطف على هدي من قوله وإلا فهدي ولو وصله به كان أحسن لئلا يتوهم وصله بما قبله كما فعل بعض وإنما هو متعلق بالأقسام الثلاثة الداخلة تحت قوله وإلا أي حيث قلنا لا فساد فهدي ويجب مع الهدي عمرة يأتي بها بعد أيام منى (أن وقع) الوطء غير المفسد للحج (قبل) تمام السعي أو قبل تمام الطواف أو بعده وقبل (ركعتي الطواف) للإفاضة ليأتي بطواف وسعي لا ثلم فيهما وإن وقع وطؤه بعد
ــ
قال في ضيح عن ابن راشد نبه بقوله والمشهور أن لا قضاء في قضاء رمضان على أن المشهور هنا القضاء والفرق بينهما أن الحج لما كانت كلفته شديدة شدد فيه بقضاء القضاء سدًّا للذريعة لئلا يتهاون به وفرق آخر أن القضاء في الحج على الفور وإذا كان على الفور صارت حجة القضاء كأنها حجة معينة في زمن معين فلزمه القضاء في فسادها كحجة الإسلام وأما زمن قضاء الصوم فليس بمعين اهـ.
(وأجزأ أن عجل) قول ز ويتكرر مع هذا قوله الآتي الخ فيه نظر لأن ما هنا في الفساد ما يأتي في الفوات فلا تكرار (وعمرة أن وقع قبل ركعتي الطواف) قول ز ابن عرفة وتضعيف إسمعيل
السعي والطواف بركعتيه وقبل الرمي أو بعده وقبل الحلق فهدي فقط لسلامة السعي والطواف من الثلم وهذا التعليل هو المشهور ابن عرفة وتضعيف إسماعيل له يكون الطواف في إحرام صحيح يوجب طوافًا غير الأول فالآتي به آخرًا غير ما في الذمة فكيف يكون جابرًا له يرد بأن المطلوب إتيانه بطواف في إحرام صحيح لا ثلم فيه لا بقيد أنه طواف الإفاضة وابن عبد السلام بأنه إذا كان سبب الإحرام الثاني إنما هو جبران الأول فلا نسلم أنه أوجب طوافًا غير الأول اهـ.
وما تقدم من أنه إذا وقع بعد ركعتي الطواف وقبل الرمي أو بعده لا عمرة عليه صحيح ويقيد بما إذا كان قدم السعي وإلا لزمته أيضًا ففي المفهوم تفصيل وقال د قوله قبل ركعتي الطواف المتبادر منه ما عند الشارح من وقوعه قبل الطواف مع أنه يصدق أيضًا بما إذا وقع في أثناء الطواف وبما إذا وقع قبل الطواف وبغير ذلك من الصور غير المفسدة لوقوعه في الجميع قبل ركعتي الطواف وهو لم يقل فقط حتى يخرج ذلك لكنه يحتاج إلى التقييد بما إذا لم يفسد الحج ولو قدمه عند قوله وإلا فهدي لاستغنى عن التقييد المذكور اهـ.
(وجب) على من أكره امرأة على الجماع حرة أو أمة أذن لها في الإحرام أم لا (إحجاج مكرهته) والكفارة عنها من ماله وفي الحرة الطائعة في مالها خاصة وطوع الأمة إكراه ما لم تطلبه عند ابن القاسم أي أو تتزين له (وإن نكحت) الزوجة (غيره) ويجبر الزوج الثاني على الإذن لها أو باع الأمة ويجوز بيعها على المنصوص فإن بين وإلا فعيب ابن يونس فإن فلس الزوج حاصت الزوجة غرماءه بما وجب لها ووقف ما صار لها حتى تحج به وتهدي فإن ماتت قبل ذلك رجع حصة الإحجاج للغرماء ونفذ الهدي وأما أن أكرهه شخص على أن يطأ غيره أو يطأه غيره فلا شيء على المكره بالكسر رجلا أو وامرأة غير الإثم وسواء كان المكره بالفتح رجلًا أو امرأة ولا شيء عليها أيضًا بخلاف الرجل المكره فعليه إحجاج موطوءته لأن انتشاره بعد اختيارًا كذا قرره عج (وعليها أن أعلم ورجعت عليه كالمتقدم) فما لزمها من فدية رجعت عليه بالأقل من الإطعام والنسك حيث أطعمت فإن صامت فلا رجوع لها وما لزمها من هدي فترجع بالأقل من قيمته وثمنه
ــ
الخ انظر كلام ابن عرفة وابن عبد السلام في غ يظهر لك ما في ز (وإحجاج مكرهته) قول ز ولا شيء عليها أيضًا الخ أي وعلى واطئها إحجاجها ويمكن إدخالها في كلام المصنف بأن يكون المراد بقوله مكرهته مكرهة له أعم من أن يكون هو الذي أكرهها أو غيره وقول ز بخلاف الرجل المكره أي بالفتح وفي كلامه نظر والظاهر لا شيء عليه (وعليها أن أعدم) قول ز تشبيه في الرجوع بالأقل في الجميع إذ المراد بقوله كالمتقدم التشبيه في مطلق الرجوع بالأقل وقول ز والظاهر أن المراعي الخ غير صواب بل قصور والنص بخلافه ففي ضيح ما نصه التونسي انظر لو كان النسك بالشاة أرفق لها حين نسكت وهو معسر ثم أيسر وقد غلا النسك ورخص الطعام فقال إنما لزم الطعام إذ هو الآن أقل قيمة من قيمة النسك الذي نسكت هي اهـ.
وفي الكراء ترجع بالأقل مما اكترت به ومن كراء المثل وفي النفقة ترجع بالأقل مما أنفقته ومن نفقة مثلها في السفر على غير وجه السرف فقوله كالمتقدم تشبيه في الرجوع بالأقل فقط في الهدي والفدية إذ هو الذي تقدم في مسألة إلقاء الحل الطيب على محرم نائم ولم يجد الحل الفدية لا فيما استأجرت به ولا فيما أنفقته لأنهما لم يتقد ماله حتى يشبه بهما والظاهر أن المراعي في الأقل فيما تقدم يوم الإخراج لأنها كالمسلفة لا يوم الرجوع وإنما اعتبرنا في هذه نفقة السفر وإن كانت إذا حجت الفرض إنما لها عليه نفقة حضر لأن إحجاجها هنا واجب عليه ولا كذلك حجة الفريضة (وفارق) وجوبًا لئلا يعود إلى مثل ما مضي منه وقيل ندبًا (من أفسد معه من إحرامه) بالقضاء (لتحلله) منه برمي جمرة العقبة وطواف الإفاضة وينبغي الحلق ثم في ذكر المبدأ والغاية إشعار بأن هذه المفارقة في حجة القضاء وهو كما أشعر وأما في عام الفساد فذكر ابن رشد أنه كذلك وهو واضح كما يدل عليه علة المفارقة في عام القضاء بل ربما تدل على إنها في عام الفساد أولى لكثرة التهاون منه في الفاسد الواجب إتمامه وظاهر الطراز خلافه وهو ظاهر إذ الفساد قد حصل في عامه إلا أن يقال وجوب الإتمام يوجب أن يكون بصورة ليس فيها إفساد ظاهر أو مفهوم من أفسد معه عدم وجوب مفارقة غيرها وهو كذلك على أحد قولين ذكرهما الشيخ زروق (ولا يراعي) في زمن إحرامه بالقضاء (زمن إحرامه) بالمفسد أي لا يلزم أن يحرم ثانيًا في زمن الإحرام الأول بل له في الثانية أن يحرم في مثل الأول أو قبله أو بعده فلو أحرم في شوال وأفسده جاز أن يحرم بالقضاء في القعدة أو الحجة فيه مسألة مستأنفة ويحتمل تعلقها بما قبلها من المفارقة أي لا يراعي في مفارقته لزوجته زمن إحرامه الأول بل يبقى معها إلى أن يحرم ولو تأخر إحرام القضاء عن إحرام الفاسد والأول نحوه للشارح والثاني للبساطي ولا كبير فائدة فيه قاله تت (بخلاف ميقات) مكاني أحرم منه في الحجة الأولى (أن شرع) أي إن كان مشروعًا له مطلوبًا منه أن يحرم منه حال مجيئه في المفسد فإنه يجب عليه الإحرام منه ثانيًا في عام القضاء ولو أقام بمكة إلى قبل بعد إكمال المفسد فإن أحرم منه خالف الواجب وعليه دم كما قال (وإن تعداه) ولو بوجه جائز كإقامته بعد كمال المفسد بمكة إلى قابل كما علم (فدم) وهذا يخصص قوله فيما مر ومكانه له للمقيم مكة وندب المسجد كخروج ذي النفس لميقاته واحترز بقوله شرع عما لو كان أحرم أولًا قبله فليس عليه أن يحرم ثانيًا إلا من الميقات وعما لو تعداه أولًا فإنه لا يتعداه ثانيًا إلا محرمًا وظاهر قول مالك أنه يحرم من المكان الذي أحرم منه وتأوله اللخمي على أنه كان أحرم منه بوجه جائز كالذي تجاوزه غير مريدًا بدخول مكة وأما من تعداه أولًا لغير عذر فيؤمر أن لا يتعداه ثانيًا إلا محرمًا ونحوه للباجي والتونسي ويصدق عليه قوله إن شرع لأنه مع
ــ
فاعتبر يوم الرجوع لا يوم الإخراج (ولا تراعي زمن إحرامه) قول ز ويحتمل تعلقها بما قبلها الخ الاحتمال الأول هو الصواب الموافق لكلام ابن شاس وابن الحاجب (وإن تعداه فدم)
العذر مشروع (وأجزأ تمتع) قضاء (عن أفراد) مفسد لأنه أفراد وزيادة (و) أجزأ (عكسه) أيضًا وهو أفراد عن تمتع لأن الحج هو المفسد بعد تمام العمرة لا العمرة و (لا) يجزئ (قران عن أفراد) مفسد لأن حج القارن ناقص عن حج المفرد (أو) قران لا يجزئ عن (تمتع) مفسد لإتيان القارن بعمل واحد والمتمتع يأتي لكل واحد منهما بعمل على حدة وعمل واحد لا يجزئ عن عملين (و) لا يجزئ (عكسهما) وهو أفراد عن قران أو تمتع عن قران وحاصل ما ذكره ست صور اثنتان مجزئتان ن وأربعة غير مجزئة وأصل الصور تسع أسقط المصنف منها ثلاثة وهي قضاء الشيء بمثله لظهوره انظر تت وليست الصور ثمانيًا كما قاله الشارح في الكبير ثم إجزاء تمتع عن أفراد وعكسه يشترط فيه أن يرجع بعد إحلاله من العمرة إلى الميقات الذي أحرم منه بالحج المفسد عملا بقوله بخلاف ميقات أن شرع ولو أقام بمكة كما تقدم وفي تعبير المصنف بأجزأ أشعار بأنه يمتنع ابتداء ونحوه لابن عبد السلام (ولم ينب) لمن أحرم بتطوع قبل حجة الفرض ثم أفسده وقضاه (قضاء تطوع) أفسده (عن واجب) عليه إذا نوى عند إحرامه للقضاء القضاء والفرض أو نيابة القضاء عن الفرض لأن الواجب في ذمته وكذا قضاء المفسد وحجة واحدة لا تجزئ عن اثنتين قال البساطي وصح عن القضاء قالت وهو ظاهر كلام المصنف وفيه نظر لتشريك نية الفرضين قاله تت أي فالأوجه أن لا يجزي عنهما والجواب العمل بقوله وإن حج ناويًا نذره وفرضه أجزأ عن النذر فقط وأما لو نوى الواجب فقط فيجزي ما فعله عن الواجب فقط وقضاء التطوع باق في ذمته ويفهم من قوله قضاء تطوع أن قضاء الواجب بالنذر إذا نوى بحجة الواجب عليه أصالة مع قضاء النذر المفسد أنه يجزئ عن الواجب أصالة وتعليل الشارح ظاهر في خلافه وفيه بحث وصرح د بأنه لا يجزي عن الواجب أصالة (وكره) للزوج حالة إحرامه (حملها) أي الزوجة محرمة أم لا (للمحمل) وأما محرمها كأبيها فلا يكره له حملها وظاهره ولو محرم صهر أو رضاع كذا في كر خلاف ما لد من كراهة محرمها أيضًا وأما الأجنبي فينبغي كما قال د المنع في حقه فالأقسام ثلاثة وينبغي أن المنع في حق الأجنبي لا يتقيد بإحرامه (ولذلك اتخذت السلالم) لترقي عليها (و) كره
ــ
قول ز وظاهر قول مالك الخ أي في الذي تعداه أولًا ثم أحرم (وعكسه) مثله في ضيح عن النوادر والعتبية ونقله اللخمي وابن يونس قال وهو الظاهر خلاف ما لابن الحاجب تبعًا لابن بشير من عدم الإجزاء (ولم ينسب قضاء تطوع عن واجب) قول ز إذا نوى عند إحرامه للقضاء القضاء والفرض الخ أي وأحرم إذا لم ينو إلا القضاء فلا ينوب عن الواجب وبهذه الصورة قرر ابن عبد السلام والمصنف قول ابن الحاجب ولا يقع قضاء التطوع عن الواجب وكذلك هي مفروضة في كلام الجواهر وبها قرر تت وقول ز ويفهم من قوله قضاء تطوع الخ فيه نظر بل قضاء التطوع وقضاء النذر متساويان إذ كل منهما واجب لا بالإصالة فكيف يجزي الثاني عن الواجب وأيضًا قول المصنف وإن حج ناويًا نذره وفرضه أجزأ عن النذر فقط الخ يرد كلامه إذ كل من النذر وقضائه واجب فتأمله (وكره حملها للمحمل) قول ز وأما محرمها كأبيها فلا يكره
له (رؤية ذراعيها) باطنهما أو ظاهرهما وينبغي حرمة منهما لكونه مظنة اللذة أقوى من رؤيتهما (لا) رؤية (شعرها) وأما مسكه فينبغي كراهته (و) لا تكره (الفتوى في أمورهن) ولو فيما يتعلق بفروجهن (وحرم به) أي بسبب الإحرام بعمرة أو بحج بأي نوع من أنواعه كان إحرامه صحيحًا أو فاسدًا على الرجل والمرأة في الحرم أو خارجه وباء (وبالحرم) ظرفية لو لغير محرم قالوا وللتقسيم وهي أجود فيه عند ابن مالك ويأتي فاعل حرم ولما كان للحرم حدود حددها سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام ثم قريش بعد قلعهم لها ثم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ثم عمر ثم معاوية ثم بعد الملك بن مروان وفي كل خلاف بين المعتمد من ذلك بالأميال ومركزها البيت فقال وحده (من نحو) أي جهة (المدينة أربعة أميال أو خمسة للتنعيم) أي الذي هو مشهور عند الناس الآن بمساجد عائشة أي يحرم صيد بري على من بالبيت أو خارجًا عنه مريدًا المدينة أو آتيًا منها ومنتهى التحريم على الأول إلى مبدأ التنعيم ومبدأ التحريم على الثاني داخل التنعيم إلى البيت الشريف وهل ذلك القدر المحرم أربعة أميال أو خمسة خلاف فأو للخلاف والتنعيم خارج فيجوز الصيد فيه لمن خرج من مكة يريد المدينة أو جاء إليها بدليل ما مر من أن من يحرم بعمرة أو قران وهو من مكة يحرم منه والخلاف في أن أقل الأميال أربعة أو خمسة مبني على الخلاف في قدر الميل وفي قدر الذراع هل ذراع الآدمي أو ذراع البز المصري (و) حده (من) جهة (العراق ثمانية) من الأميال للمقطع بفتح الميم والطاء بينهما قاف ساكنة وبضم الميم وفتح القاف والطاء المشددة أي على ثنية جبل بمكان يسمى المقطع (و) حده (من عرفة تسعة) وينتهي للجعرانة ومن جهة اليمن سبعة بتقديم السين إلى موضع يسمى أضاة على وزن نواة قاله في منسكه (ومن جدة) بضم الجيم وشد الدال المهملة علم قرية على ساحل البحر غربي مكة بينهما مرحلتان وهو علم منقول إذ هو في الأصل
ــ
الخ هذا هو الصواب كما يظهر من نقل ق عن الجواهر من اختصاص الكراهة بالزوج خلاف ما في خش من أن الكراهة في المحرم أيضًا (والفتوى في أمورهن) قول ز ولا تكره الفتوى الخ أي فهو معطوف على قوله لا شعرها وهذا هو ظاهر المصنف وهو الصواب لقول الجواهر ويكره أن يحملها للمحمل ولا بأس أن يفتي المفتي في أمور النساء ونحوه لابن الحاجب قال طفى والمراد بلا بأس هنا الإباحة بدليل مقابلة الأئمة لها بالمكروه وما في الجواهر هو لفظ الموازية كما في مناسك المصنف ونقله ابن عرفة عن النوادر وبذلك تعلم أن قول خش عطفه على المكروه هو الظاهر غير صواب (وحرم به وبالحرم) قول ز وفي كل خلاف الخ الذي في تت وفي بعضها اختلاف وهو الصواب (أو خمسة للتنعيم) الغاية خارجة فالتنعيم حل كما تقدم أن مريد العمر يحرم منه وما في ضيح عن النوادر من أن حد الحرم مما يلي المدينة نحو أربعة أميال إلى منتهى التنعيم اهـ.
معناه إلى منتهاه لمن أتي من ناحية المدينة وهو مبدأه للخارج من مكة فهو خارج عن الحرم (ومن عرفة تسعة) قول ز وينتهي للجعرانة الخ غير صحيح إذ ليست الجعرانة من جهة
الطريق والجمع جدد كغرفة وغرفة (عشرة لآخر الحديبية) ضبطه أكثر المحدثين بتشديد الياء وضبطها الشافعي بالتخفيف والمراد لآخرها من جهة الحل وإلا فالحديبية من الحرم كما قاله مالك والشافعي بينها وبين مكة مرحلة واحدة وأشار لسماع ابن القاسم تحديد الحرم بأنه (يقف سيل الحل دونه) أي إذا جرى إليه لا يدخله بخلاف سيله إذا جرى فإنه يخرج إلى الحل وهذا تحديد له بالإمارة والعلامة والأول تحديد له بالمساحة وما ذكره من وقوف سيل الحل دونه أغلبي فلا ينافي قول الأزرقي يدخله من جهة التنعيم وكذا في قول الفاكهاني من جهات آخر كما في تت.
تنبيه: يعتبر التحريم وقت الإصابة لا وقت الرمي فلو رمي على صيد وهو حلال ثم أحرم قبل وصول الرمي إليه وأصابته بعد إحرامه فعليه جزاؤه نقله ابن عرفة والمصنف في باب الديات وأما الجزاء الذي يوجبه الحرم فيعتبر فيه كون الصيد بالحرم وقت الإصابة أو مرور السهم بالحرم (تعرض) حيوان (بري) فاعل حرم وما قبله جمل اعتراض بينهما ويباح البحري لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96](وإن) خرج البري عن طباع الوحش و (تأنس) ودخل في البري الجراد ويدخل فيه أيضًا الضفدع البري والسلحفاة البرية ونحوهما وقول تت والضفدع وترس الماء بحري ويوهم أنه لا يوجد منهما بري مع أنه يوجد منهما بري وهو ما مقره البر وإن كان يعيش في الماء بخلاف البحري فإنه ما مقره البحر وإن كان يعيش في البر قاله عيسى عن ابن القاسم بن رشد هو تفسير مذهب مالك نقله الغرياني قال د وليس من البري الكلب الإنسي قاله في الذخيرة أي فيجوز للمحرم أو في الحرم قتله ولعل وجه الجوز أن قتله مندوب في الأصل وانظر عز والبساطي للمشهور عدم جواز قتله للمحرم وانظر ما تولد من الإنسي والوحشي وتقدم في الزكاة أنه يغلب جانب الوحشي وانظر أيضًا ما تولد من البحري والبري والاحتياط الحرمة في جميع ذلك قياسًا على ما تقدم في الزكاة لا على ما يأتي في الضحية من اعتبار الأم فقط فإن كانت وحشية لم يضح بنتاجها وإن كانت أنسية ضحى به وسواء أكل لحم البري (أو لم يؤكل) كخنزير وقرد مملوكًا أو مباحًا خلافًا للشافعي في تخصيصه بما يؤكل وفيه الجزاء ويقوم على أن لو جاز بيعه (أو) كان البري (طير ماء) وهو حيوان بري يلازم الماء فلذا أضيف إليه وليس المراد به ما يطير من حيوان البحر لأنه يجوز اصطياده ويجوز
ــ
عرفة وصوابه لو قال وينتهي إلى حد عرفة كما في غ وأما حد الحرم من جهة الجعرانة فهو كما في مناسك المصنف تسعة أميال أيضًا إلى موضع سماه الشاذلي شعب آل عبد الله بن خالد (تعرض بري) قول ز وليس من البري الكلب الإنسي الخ صوابه وليس من الصيد الكلب الخ وإلا فهو بري قطعًا وقول ز وانظر عز والبساطي للمشهور عدم جواز قتله للمحرم الخ أجاب عنه طفى بأن مراد البساطي الكلب المأذون فيه بالنسبة لغرم القيمة لربه وهو صحيح لنص المدونة بذلك ولا فرق فيه بين المحرم وغيره وقول ز للمحرم الصواب إسقاطه
جر طير عطفًا على بري كأنه غير داخل في مسماه قاله الشيخ سالم أي ولولا توهم أنه غير داخل فيه لما جاز جره عطفًا عليه بأو لأن العطف بها يقتضي المغايرة (وبيضه وجزئه) بالزاي أي كما يحرم التعرض لكله يحرم لبعضه وضبط غ له بالجيم والراء المهملة غير محتاج له لأنه يغني عنه قوله وبيضه لأنه إذا حرم التعرض لبيضه فأولى جروه ولأنه يدخل في عموم قوله بري وأيضًا يأتي له النص على الجزء في قوله والصغير والمريض الخ فقول غ أن نسخة جزئه بزاي معجمة تصحيف ممنوع ولا شيء على محرم في شرب لبن الصيد حيث وجده محلوبًا كما يجد من لحم الصيد قد ذكي من حل الذي حل ولا يجوز له أن يحلبه لأنه لا يمسكه ولا يؤذيه فإن حلبه فلا ضمان عليه ولا يشبه البيض ولما كان التعرض للصيد حرامًا ابتداء ودوامًا نبه على الدوام بقوله (وليرسله) من ملكه قبل الإحرام وقوله (بيده) أي حوزه كان بيده حقيقة أو بقفص أو قيد أو نحوهما ويصح كونه حالًا من مفعول يرسله وخبرًا لكان ومتعلقًا بيرسل والباء بمعنى من (أو) مع (رفقته) أي اتباعه في قفص أو غيره فإن لم يرسله حتى تلف منهم ضمنه هو قاله د ومثل من أحرم ومعه صيد من في الحرم من حلال مكيًّا أو آفاقيًّا ومن أمسكه بعد إحرامه وقصرناه كتت على الأول لقوله بواو الاستئناف لا العطف لئلا يلزم عليه عطف الخبر على الإنشاء (وزال ملكه عنه) في الحال والمآل فلو أفلته أحد من يده لمن يضمن أو أفلته هو وأخذه غيره قبل لحوقه ثم حل صاحبه لم يأخذه منه بل هو لآخذه أو أبقاء بيده حتى حل لزمه إفلاته أو ذبحه بعد الإحلال أو مات قبله وداه فقصر الكلام على ما ذكر لأن من اصطاده وهو محرم أو في الحرم لا يصدق عليه أنه ملكه حتى يقال زال ملكه عنه وأما الحلال إذا اصطاد في الحل ودخل به الحرم فإن كان من أهل الآفاق وجب عليه إرساله ولو أقام بمكة إقامة تقطع حكم السفر فإن ذبحه حرم عليه سواء ذبحه وهو بمكة أخرج به عن الحرم وإن كان من
ــ
وليس هو في كلام البساطي الذي نقله تت (وبيضه وجزئه) قول ز بالزاي الخ هذا هو الذي ارتضاه ح واستدل له بقول المناسك ويحرم التعرض لأبعاض الصيد وبيضه اهـ.
قلت ويبحث في هذه النسخة أيضًا بأن الجزء مستغنى عن ذكره لأنه إن فرض متصلًا فالتعرض له تعرض للكل وإن فرض منفصلًا فأما ميتة بأن ذكاه محرم أو حل الذي حرم أو كان بلا ذكاة وهذا سيأتي وأما أن لا يكون كذلك فلا يحرم التعرض له أي أكله والله أعلم (وليرسله بيده) قول ز والبا بمعنى من الخ في هذا الوجه نظر إذ لا يصح أن تكون من هنا إلا ابتدائية والباء لا تكون بمعنى من الابتدائية وإنما تكون بمعنى من التبعيضية نحو عينا يشرب بها عباد الله انظر المغني وقول ز وقصرناه كنت على الخ الأولى حمله على جميعها وقول وزال الخ يرجع لما يليق به منها (وزال ملكه عنه) قول ز أو مات قبله وداه الخ يعني قبل إرساله وبعد إحرامه وقول ز وإن كان من أهل مكة الخ يعني أن دخل حلالًا بأن كان من المترددين مثلا وعلله مالك بقوله لأن شأن أهل مكة يطول اهـ.
أهل مكة جاز له ذبحه وأكله ولو اشتراه من آفاق صاده في الحل وفي تت أن من أقام بمكة طويلًا كأهلها والمراد بعد إحلاله من الإحرام بدليل قول المصنف ثم يفيض وحل ما بقي وسيأتي ذلك عند قوله وذبحه بحرم ما صيد بحل وأخرج من قوله بيده أو من زال ملكه عنه قوله (لا) إن كان الصيد (ببيته) أي يرسله من يده لا من بيته أو زال ملكه عنه حال كونه بيده لا في حال كونه في بيته (وهل) عدم وجوب إرساله أو عدم زوال ملكه مطلق (وإن أحرم منه) أي من بيته أو مر به أو مقيد بمن لا يحرم منه ولا يمر به وإلا وجب إرساله وزال ملكه عنه (تأويلان) والفرق على الأول بينه وبين القفص أن القفص حامل له وينتقل بانتقاله فهو كما بيده وما ببيته مرتحل عنه وغير مصاحب له وقوله (فلا يستجد ملكه) يحتمل بعد إحلاله أي إذا أبقاه بيده حتى حل لزمه إفلاته وكذا بقية الصور الأربع المتقدمة ويحتمل أن يريد أنه لا يستحدث ملكه ما دام محرمًا بشراء أو هبة أو إقالة قال بعض وانظر في الرد بالعيب وهذا مفرع على ما مقدمه من قوله وحرم وهذا إذا كان الصيد حاضرًا فإن كان غائبًا فيجوز شراؤه وقبول هبته وصدقته انظر ح (ولا يستودعه) أي بالبناء للمفعول أي لا يقبله من الغير وديعة وللبناء للفاعل أي لا يجعله عند الغير وديعة وعليه فهو من ثمرات قوله وزال ملكه عنه ولذا عطفه على ما فيه فاء التفريع (و) من أحرم بيده صيد وديعة (رد) وجوبًا (إن وجد مودعه) بالكسر حلًا أو أحرم بعد الإيداع فإن أبى من قبوله حلًا أو محرمًا أرسله المودع بالفتح ولم يضمنه لإباية ربه من أخذه له ولعله حيث تعذر جبره بحاكم ونحوه على أخذه (وإلا) يجدر به ولا حلالًا يودعه عنده (بقي) بيده ولم يرسله لأنه قبله في وقت يجوز له فإن مات عنده ضمن جزاءه لا قيمته لأن المحرم يضمن الصيد باليد قاله عج فإن قبله محرمًا ولم يجدر به الحلال حال الإيداع
ــ
وهذا هو الفرق بين أهل مكة وغيرهم (تأويلان) الأول للتونسي وابن يونس والثاني نقله ابن يونس عن بعض الأصحاب وهما على قولها ومن أحرم وفي بيته صيد فلا شيء عليه فيه ولا يرسله اهـ.
(فلا يستجد ملكه) قول ز يحتمل بعد إحلاله الخ هذا الاحتمال بعيد وإن حمله عليه ق والأقرب الاحتمال الثاني وقول ز وانظر في الرد بالعيب الخ قال طفى قد يقال لا نظر لأنه يرد إليه إلزامًا بالحكم ثم يجب عليه إرساله أي كالذي يدخل في ملكه جبرًا بميراث وجزم خش بذلك فيهما وهو حسن (ولا يستودعه) قول ز أي لا يقبله من الغير أي لا من حلال ولا من محرم وهذا التعميم لا ينافي التفصيل الآتي في غرم القيمة قال في الطراز ولا يجوز للمحرم أن يأخذ صيدًا وديعة فإن فعل رده إلى ربه فإن غاب فقال في الموازية عليه أن يطلقه ويضمن قيمته لربه ومعناه إذا لم يجد من يحفظه عنده ولو وجده لم يرسله اهـ.
وكلام ضيح يوهم أنه إذا قبله يجب إرساله بلا تفصيل ونقله غ والشارح وسلماه وليس كذلك انظر ح (ورد إن وجد مودعه وإلا بقي) قول ز ومن أحرم وبيده صيد وديعة الخ تقريره
واجب أيضًا إيداعه لحلال فإن لم يجده أرسله وضمن قيمته كما في عج لربه الحلال عند إيداعه ولو طرأ إحرامه بعد مفارقته للمودع بالفتح لأنه ليس الصيد حينئذ بيد رفقته وأما إن كان ربه حين الإيداع محرمًا فإن المودع بالفتح يرسله ولو مع حضوره لزوال ملكه عنه ولا يطلب برده له ليرسله بخلاف ما إذا أحرم بعد إيداعه وحضر مع المودع بالفتح وأبى من قبوله كما مر وانظر صور هذه المسألة التسع في عج أن شئت (وفي صحة اشترائه) لمحرم وعليه إرساله فإن رده على بائعه في الحال فعليه جزاؤه وفساده فيرد لربه لأنه بيع فاسد لم يفت (قولان) محلهما إذا كان البائع حلالًا فإن كان محرمًا ففاسد قطعًا كذا ينبغي قاله د وعلى القول بالصحة فعليه للبائع قيمته لا ثمنه لأن ربه كان سببًا في وضع يد المحرم عليه وإرساله فلم يبق له حق في عينه وإنما حقه في ماليته والرجوع بقيمته قاله سند وعلى هذا فيقال لنا بيع صحيح يمضي بالقيمة واستظهر ح والرجوع بثمنه وعلى القول بالفساد ووجوب الرد فإن لم يجدر به فقياس ما تقدم أنه إذا لم يجد حلالًا يودعه أرسله وضمن لربه قيمته قال سند لو اشتراه بخيار وهما حلالان ثم أحرما قبل مضي أمد الخيار نظر فإن كان الخيار للمبتدع فأجاز الإمضاء غرم الثمن وأطلقه وإلا فلا ثمن عليه ويطلقه البائع وإن كان الخيار للبائع ثم يحرمان بوقف البائع فإن لم يختر فهو منه ويسرحه وإن أمضى فهو من المشتري وسرحه ولو سرحه قبل إيقاف البائع ضمن قيمته لإتلافه في ملك البائع ولم يمض البيع (إلا الفأرة والحية) والتاء فيهما للوحدة لا للتأنيث (والعقرب مطلقًا) صغيرة وكبيرة (وغرابًا) أسود أو أبقع وهو ما خالط سواده بياض وتقييده في بعض طرق الحديث بألا يقع لا يخصص العام الواقع في طريق أخرى بل هو فرد منه لأن شرط المخصص المنافاة على ما عليه غالب أهل المذهب ولبعض أنه من باب تقييد المطلق قاله ابن عبد السلام (وحدأة) بوزن عنبة فيجوز قتل هذه المستثنيات الخمس لا بنية الزكاة فإن قصد تذكيتها لم يجز قتلها كما لسند عن عبد عبد الوهاب فإن قتلهما ففيها الجزاء وكذا يقال في قوله كطير خيف إلا بقتله وزغًا لحل قال تت ويلحق بالفأر ابن عرس وما يقرض الثياب من الدواب ويدخل في الحية الأفعى ويلحق بالعقرب الرتيلاء أي وهي دابة صغيرة سوداء ربما قتلت من لدغته والزنبور وهو الدبر أي وهو ذكر النحل فلو أدخل الكاف على الفأر ليشمل ما لحق به وبالعقرب لكان أحسن اهـ.
والدبر بفتح الباء الموحد مخففة كما في خط تت وهو الذي يقال له دبور ويداوي
ــ
صواب ليفيد أن قول المصنف رد أن وجد الخ ليس مفرعًا على ما قبله إنما هو فيما كان مودعًا عنده قبل إحرامه فأحرم وهو عنده ومثله في ضيح أيضًا وقول ز وانظر صور هذه المسألة التسع الخ حاصلها أنه إما أن يودعه حلال عند حلال ثم يحرم المودع بالفتح أو حلال عند المحرء أو محرم عن محرم فهذه ثلاث صور في كل منها ثلاث كما يعلم من كلامه لأنه إما أن يجد المودع بالفتح رب الصيد وإما أن لا يجده لكن يجد حلالًا يودعه عنده
قرص الدبور بالبول عليه وعبر بيدخل في الحية دون يلحق كما عبر به في المحلين لأن الأفعى من الحية لا تلحق بها ولذا قلت التاء للوحدة لا للتأنيث (وفي) جواز قتل (صغيرهما) أي الغراب والحدأة وهو ما لم يصل إلى حد الإيذاء نظرًا للفظ غراب وحدأة ومنعه نظرًا للمعنى وهو انتفاء الإيذاء قاله عج والشيخ سالم (خلاف) وعلى القول بالمنع فلا جزاء فيه مراعاة للقول الآخر ثم شبه في جواز القتل ما فسر به الكلب العقور الواقع في الحديث فقال (كعادي سبع) أي ما يعدو من أسد ونمر وفهد لقوله عليه الصلاة والسلام في عتيبة بن أبي لهب اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك فعدا عليه السبع فقتله (كذئب) تمثيل للعادي أي إذا قتله لأجل الإيذاء فإن قتله بنية الذكاة فلا يجوز وفيه الجزاء كما قدمته في الخمس (إن كبر) شرط في كل عادلا لخصوص الذئب ولا يردان القاعدة في كلامه رجوع الشرط لما بعد الكاف لأنها في كاف التشبيه لإفادة حكم في غير جنس المشبه به لا كاف التمثيل ببعض الأفراد قاله الشيخ سالم وقصره الشارح على الثاني لعله لاستغناء الأول عن القيد بقوله كعادي أن فسر الصغير بما لا يعدو والكبير بما يعدو على أنه إذا فسرا بذلك يصير في رجوع قوله إن كبر لعادي سبع شبه تكرار كما لا يخفى فإن صغر كره قتله ولا جزاء فيه انظر ح وتت (كطير) غير ما استثنى في الحديث (خيف) منه على النفس أو بعض الأعضاء أو الدواب أو المال وينبغي تقييده بماله بال ولم يندفع (إلا بقتله) فهو مستثنى من مقدر فيجوز قتله ولأجزاء فيه ويصح استثناؤه من خيف بتضمينه لا يؤمن منه (و) إلا (وزغًا) فيجوز قتله (لحل بحرم) لأن شأنه الإيذاء وأما المحرم فيكره له قتله مطلقًا ويطعم شيئًا من الطعام هذا مع أن القاعدة أن ما جاز قتله في الحرم جاز للمحرم في الحل إلا أن مالكًا رحمه الله رأى أنه لو تركها الحل الذي الحرم لغلبت في البيوت وحصل منها الضرر بإفساد ما تصل إليه ومدة الإحرام قصيرة قاله في منسكه وفي الشارح يمنع ويمكن حمل ما لمنسكه من الكراهة على التحريم وشبه في عدم الجزاء المفهوم من الاستثناء فكأنه قال ولا جزاء في هذه المستثنيات (كأن عم الجراد) بحيث لا يستطاع دفعه فيجوز حينئذ قتله (واجتهد) المحرم في التحفظ من قتله والواو للحال
ــ
وإما أن لا يجدر به ولا من يودعه عنده فالمجموع تسع (كعادي سبع) قول ز في عتيبة ابن أبي لهب الخ الصواب كما قال البرماوي أن المدعو عليه عتيبة بالتصغير وأما أخواه عتبة بالتكبير ومعتب فقد أسلما عام الفتح كما ذكر ابن عبد البر وابن حجر وغيرهما خلاف ما في الشفاء من أن عتيبة المصغر هو الذي أسلم وقد اعترضه الشمني بأن المشهور خلافه والحديث حسن أخرجه الحاكم انظر ابن حجر (ووزغا لحل يحرم) قول ز وفي الشارح يمنع الخ ما في الشارح من المنع هو الذي صرح به الجزولي في شرح الرسالة وما في المناسك من الكراهة نحوه في المدونة قال طفى والمراد بها التحريم بدليل قوله وإذا قتلها المحرم أطعم كسائر الهوام قال ولو كان المراد كراهة التنزيه ما قال أطعم كسائر الهوام والمذهب كله على الإطعام اهـ.
(وإلا) يعم أو عم ولم يجتهد في التحفظ وقتله مفرطًا (فقيمته طعامًا) يحتمل كالجلاب من غير حكومة ابن رشد وهو ظاهر المدونة ولابن القاسم بحكومة قاله تت ولا مانع من عود قوله فقيمته لمسألة الوزغ أيضًا أي إذا قتل الوزغ المحرم فقيمته لقول مالك أطعم كسائر الهوام ثم على الاحتمال الأول في تت معناه بما تقوله أهل المعرفة وعلى الثاني فإن أخرج من غير حكومة أعاد (وفي الواحدة حفنة) من طعام بيد واحدة على المعتمد وظاهر قوله الواحدة فيما زاد عليها القيمة وهو ظاهر الجلاب أيضًا وفي ق ما يفيد أن الحفنة في الواحدة والاثنين والثلاثة إلى العشرة لا أن كل واحدة فيها حفنة وفيما زاد على العشرة القيمة وهذا الحكم أن قتله عمدًا أو يقظة بل (وإن) انقلب عليها (في نوم) أو نسيان وقوله (كدود) وذر ونمل وذباب تشبيه في وجوب الحفنة من غير تفصيل بين الواحدة وغيرها وفي تعبير باسم الجنس إيهام أن الواحدة ليس فيها حفنة أو لا شيء فيها مع أن فيها ما في الكثير ولوجدا من الحفنة ثم ظاهره أو صريحه أنه تشبيه في الحفنة كما مر مع أن الذي في الموازية قبضة بضاد معجمة وهي دون الحفنة كما مر وعلم من هذا أن الجراد والدود ليسا كالقملة والقملات ولما ذكر أن التعرض للبري بأي وجه حرام شرع في ذكر موجب جزائه وهو قتله وفي طرق ذلك الموجبة فقال (والجزاء) واجب أو ويجب الجزاء (بقتله) أي الحيوان البري (وإن لمخصة) أي شدة مجاعة عامة أو خاصة تبيح الميتة وتقدم عليه كما سيأتي قال القاضي عبد الوهاب وهل يجوز اصطياده حينئذ أو لا قولان وقيل يجوز ولا جزاء (و) يجب الجزاء وإن انتفى الإثم لأجل (جهل) بحكم قتل الصيد (ونسيان وتكرر) أي أو وقع ذلك لأجل التكرر فإن الجزاء يتكرر عليه بتكرر قتل الصيد وسواء نوى التكرار أم لا فقوله وتكرر داخل في حيز المبالغة لقولها ومن قتل صيودًا فعليه بعددها كفارات وشبه في لزوم الجزاء قوله (كسهم) رمى به حلال صيدًا في حل ولكن (مر) السهم (بالحرم) أي ببعضه فجازه وأصاب في الحل صيدًا فقتله ففيه الجزاء ولا يؤكل عند ابن القاسم خلافًا لأشهب (وكلب) أرسله حلال على صيد بالحل (تعين طريقه) من الحرم فهو بالرفع فاعل تعين ويجوز نصبه أي تعين الحرم طريقه أي ليس له طريق يوصله للصيد إلا من الحرم فميتة وعليه جزاؤه لأنه حينئذ منتهك لحرمة الحرم (أو قصر) صاحبه المحرم أو من الحرم (في ربطه) أي الكلب أو البازي فانفلت وأخذ صيدًا ولو في
ــ
(وإلا فقيمته) ظاهر المصنف تعين الحفنة أو القيمة من الطعام فيما ذكر وقال الباجي لو شاء الصيام لحكم عليه بصوم يوم انظر طفى وق (كدود) قول ز مع أن الذي في الموازية قبضة الخ أجاب طفى بأن القبضة والحفنة متقاربتان والخطب سهل (وجهل) قول ز وإن انتفى الإثم لأجل جهل الخ في سقوط الإثم بالجهل نظر لجراءة الإقدام قبل علم الحكم ولم أرهم ذكروا سقوط الإثم إلا في النسيان وهو ظاهر (كسهم وكلب) سوى اللخمي بين مسألة السهم والكلب في الخلاف واختار فيهما جواز الأكل وعدم الجزاء والتقييد في الكلب تبع فيه ابن
الحل فعليه الجزاء لتفريطه ولا يؤكل فإن لم يقصر فلا شيء عليه (أو أرسل) الصائد كلبه أو بازه من الحل (بقربه) أي الحرم وهو ما يغلب على الظن أنه إنما يدركه في الحرم (فقتل خارجه) بعدما دخل الكلب به الحرم ففيه الجزاء ولا يؤكل وأولى أن قتل فيه فإن قتل خارجه قبل ما دخل به الحرم فلا جزاء ويؤكل حيث كان الصائد حلالا ومفهوم بقربه أنه لو أرسله في بعد من الحرم وهو ما يغلب على الظن إدراكه قبل دخوله الحرم فقتله فيه أو أدخله ثم أخرجه فقتله فإنه لا جزاء فيه وهو كذلك لكنه لا يؤكل في الوجهين وظاهر قول المصنف بقربه سواء تعين الحرم طريقه أم لا وهو ظاهر لأنه لما كان قربه جاز دخوله إياه.
تنبيه: قال تت قال أو إبراهيم لو جر أي الشخص أو الكلب الصيد من الحل فأدخله الحرم ثم خلى عنه حتى خرج الصيد من غير أن يخرجه ثم اتبعه فقتله فينبغي أن يؤكل كمسألة العصير يصير خمرًا ثم تخلل اهـ.
قلت يمكن جعل هذه المسألة مفهوم قول المصنف (و) يلزم الجزاء في (طرده من حرم) لأن قوله من حرم صادق بما إذا تسبب في إدخاله الحرم وبما إذا كان فيه من غير سببه فإن لم يطرده فلا جزاء وإن طرده منه فالجزاء سواء صاده صائد في الحل أو هلك فيه قبل أن يعود للحرم أو شك في هلاكه وقيد ابن يونس مسألة الطرد بما إذا كان لا ينجو بنفسه أي وإلا فلا جزاء على طارده ولو حصل له التلف بعد ذلك أو صيد لأن طرده حينئذ لا أثر له وما ذكره المصنف عطف على قتله عطف خاص على عام (و) في (رمى منه) أي من الحرم على صيد في الحل فقتله فيه فالجزاء ولا يؤكل عند ابن القاسم نظرًا لابتداء الرمية خلافًا لأشهب وعبد الملك نظرًا لانتهائها (أو) رمي من الحل (له) أي للحرم فالجزاء ولا يؤكل اتفاقًا لأنه يصدق عليه أنه قتل صيدًا في الحرم ومثل الرمي في الحالين إرسال الكلب ويفهم من المصنف أن من بالحرم إذا أراد صيدًا بالحل فذهب له عازمًا على اصطياده فرآه بالحرم ولم يرمه ولم يرسل له كلبه ونحوه حتى خرج من الحرم فصاده في الحل أنه لا شيء عليه وهو كذلك في كلام سند ما يفيده انظر ح وعطف على
ــ
شاس وابن الحاجب قاله غ (أو أرسل بقربه فقتل خارجه) اعلم أنه اختلف في حكم الاصطياد قرب الحرم فقال مالك أنه مباح إذا سلم من قتله في الحرم وقال في ضيح المشهور أنه منهي عنه ثمة أما منعًا أو كراهة بحسب فهم قوله صلى الله عليه وسلم كالراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه قال ح والظاهر الكراهة ثم إن قتله في الحرم أو بعد أن أخرجه منه ففيه الجزاء وإن قتله يقرب الحرم قبل أن يدخل فالمشهور أن لا جزاء عليه وهو قول مالك وابن القاسم التونسي ويأكل ويؤكل وقال ابن عبد الحكم وابن حبيب عليه الجزاء انظر ح والمتبادر من كلام المصنف هو الصورة الأخيرة لكن لضعف القول بالجزاء فيها تعين حمله على الثانية ويجعل قوله خارجه حالًا من فاعل قتل تأمل (وطرده من حرم) وأما طرده عن طعامك ورحلك فلا بأس به إلا أنه أن هلك بسببه ففيه الجزاء كقضية سيدنا عمر رضي الله عنه وقول ز سواء صاده صائد الخ حاصله أنه
قتله أيضًا قوله (وتعريضه للتلف) كحبسه ونتف ريشه الذي لا يقدر مع نتفه على الطيران وإلا فلا جزاء كذا وقع التقييد به في المدونة وإذا نتف ريشه ثم أمسكه عنده حتى نبت وأطلقه فلا جزاء عليه قاله البدر قال تت ولا يستغنى عن هذه بقوله وطرده لأن هذه أعم نعم يستغنى بها عن تلك اهـ.
وقد يقال لا يستغنى بها عن تلك لأنه ربما يتوهم أن طرده من الحرم ليس من تعريضه للتلف فلا يغني عنها قوله وتعريضه للتلف وليس من تعريضه للتلف أخذه من مكة وإرساله بالأندلس حيث لا يخاف عليه نص عليه ابن عرفة وقوله وإرساله أي إطلاقه لا بعثه عنده في بيته مثلًا فلا يعارض قوله وليرسله وقوله وزال ملكه عنه (و) يجب الجزاء في (جرحه) جرحًا لم ينفذ مقاتله وغاب مجروحًا وقوله (ولم تتحقق سلامته) قيد في الجرح والتعريض للتلف وهل يجري في قوله ورمي منه أوله أي فيقال ولم يعد له أو لم يعلم بذلك وأما أن عاد له سالمًا فلا جزاء أم لا فإن تحققت سلامته أي غلبت على الظن (ولو بنقص) فلا جزاء فهو مبالغة في مفهوم ولم تتحقق سلامته والباء بمعنى مع أشار إلى أنه لا شيء في النقص خلافًا لقول محمد يلزمه ما بين القيمتين كما لو كانت قيمته سليمًا ثلاثة أمداد ومعيبًا مدين فيلزمه مد وهو ما بين القيمتين فهذا ضعيف (وكرر) الجزاء (إن أخرج الشك) أي لأجل شك نشأ عن رمي الصيد ونحوه أي مطلق تردد مع وجوب الإخراج حينئذ (ثم) بعد الإخراج حالة الشك (تحقق) أو غلب على الظن (موته) بعد الإخراج أيضًا ولو كانت الرمية أنفذت مقاتله التلمساني لأنه أخرج قبل الوجوب فلو بقي على شكه لم يكرر وكذا أن تحقق بعد الإخراج للشك موته قبل الإخراج لم يجب التكرار كما في النقل وإن صدق كلامه بهذه الثانية لأن تحقق الموت بعد الإخراج لا يفيد أن الموت بعد فلو قال ثم مات لأفاد القصر على الأولى (ككل من المشتركين) في قتل الصيد سواء كانوا محلين في الحرم أو محرمين ولو بغيره فيتعدد الجزاء بتعددهم أي على
ــ
أن عاد إلى الحرم فلا جزاء وإلا فإن كان في موضع متمتع تحقق منعته فيه فلا جزاء وإلا فالجزاء كما في ح (وتعريضه للتلف) ليس من تعريضه للتلف كون الغير يقدر عليه بسبب جرحه له خلاف ما استظهره البساطي وسلمه تت لأنه مهما علم أنه لا يموت من الجرح أو بريء منه ينقص والتحق بجنسه فلا شيء فيه وإن كان الغير يقدر عليه وهو مذهب المدونة ويدخل في قول المصنف ولو بنقص ابن عرفة وإن بريء ناقصًا ففي غرم نقصه ولغوه ثالثها إن كان نقصه يسهل اصطياده اهـ.
وعزا الثاني للمدونة وعبد الحق وابن القصار انظر طفى وقول ز أي إطلاقه لا بعثه الخ فيه نظر إذ لا يتصور عادة إطلاقه من مكة للأندلس وإنما المراد بعثه عنده في رحله ثم يرسله بالأندلس والله أعلم (وكرر إن أخرج لشك) قول ز ولو كانت الرمية أنفذت مقاتله الخ فيه نظر بل ظاهر كلامهم أن إنفاذ المقاتل كالموت بالفعل وأنه لا يكررها أن
كل واحد جزاء كامل وقوله على المشتركين بالتثنية وهو بيان لأقل ما يتحقق به الاشتراك أو بالجمع فأل للجنس وهو يصدق بالاثنين والأكثر ومفهوم قوله من المشتركين أنه لو تمالأ جماعة على قتله فقتله واحد منهم فجزاؤه على من قتله فقط كما هو ظاهر كلامهم وظاهر كلام المصنف أنه لا ينظر إذا قتله جميعهم لمن فعله أقوى في حصول الموت ويدل له قوله أو أمسكه ليرسله فقتله محرم وإلا فعليه وأما لو تميزت جنايات كل وعلم أن موته من ضربة معين فالظاهر أن الجزاء عليه وحده لأنه اختص بقتله إلا أن تكون ضربة غيره هي التي عاقته عن النجاة ولو اشترك حل ومحرم ليس بالحرم فعلى المحرم وجزاؤه فقط وعطف على مقدر بعد قوله بقتله وهو بنفسه قوله (وبإرسال) من محرم أو ممن بالحرم لكلب أو باز (لسبع) أي عليه في ظن الصائد وقتله الكلب فتبين أن مقتوله ظبي مثلًا (أو نصب شرك له) أي لسبع يفترس غنمه أو نفسه فعطب فيه حمار وحش فالجزاء كحافر بئر لسارق فوقع فيها غيره قاله تت (و) يجب الجزاء على سيد محرم (بقتل كلام أمر بإفلاته فظن القتل) وعلى العبد جزاء أيضًا إن كان محرمًا ولا ينفعه خطؤه انظر تت وأما لو أمره بذبحه وذبحه فعلى السيد الجزاء أيضًا بالأولى وسواء كان العبد محرمًا أو حلالًا وعلى العبد المحرم جزاء ثان أن أطاع سيده لكن يقوم به عن العبد كما في الشيخ سالم فإن أكرهه فقال أبو عمران على السيد الجزءان اهـ.
وانظر ما ذكر هنا من التفصيل بين إطاعة العبد وإكراهه مع ما مر في الصوم والحج من أن طوع الأمة إكراه فالعبد مثلها قاله الشيخ سالم ومثل الأمر بالذبح الأمر بالاصطياد ومثل الغلام الولد الصغير قاله الوالد وقوله فظن القتل سواء كان ما أمر به السيد من صيغته شأنه أن يفهم منه ذلك أم لا وانظر مفهوم ظن القتل ولو شك في القتل ما حكمه ومقتضى اللخمي أن الجزاء على العبد فقط (وهل) اللزوم هنا بقيد (إن تسبب السيد فيه) بأن أذن له في صيده ولو عبر به كان أظهر فإن لم يأذن له فلا شيء على السيد والجزاء على العبد إذ لم يفعل السيد الأخير (أولًا) يقيد بذلك بل الجزاء على السيد مطلقًا تسبب
ــ
أخرجها بعد انظر ضيح (وبقتل غلام أمر بإفلاته) قول ز لكن يقوم به عن العبد الخ هذا نفله ح عن سند ونصه قال سند وما وجب على العبد فيما فعله من ذلك بأمر سيده فالجزاء على سيده في الهدي والإطعام إن شاء أخرج عنه أو أمره بذلك من ماله أو يصوم العبد عن نفسه اهـ.
وقول ز وانظر ما ذكر هنا الخ هذا النظر لأبي الحسن قال ح عقبه مفهوم هذا الكلام أن بين الطوع والإكراه فرقًا ولم يظهر لي وما ذكره سند فيما إذا أطاع سيده يجري أيضًا في الإكراه إلا أن يكون مرادهم أنه في الإكراه لا يصح أن يصوم العبد وهذا عندي بعيد اهـ مختصرًا.
أي أذن له في الصيد أم لا (تأويلان) فقوله أولًا نفي راجع لقوله إن تسبب السيد أي أو لا يشترط تسبب السيد فيه وجوّز غ تشديد الواو فيه نصبًا على الظرفية أي حالة الصيد وعليه فقد حذف التأويل الثاني والمذهب هو الإطلاق (و) كما يجب الجزاء بقتل الصيد مباشرة يجب بقتله (بسبب) قصد المحرم سببيته كالأمور السابقة بل (ولو اتفق) كونه سببًا من غير قصد جعله سببًا كأن لا يقصد مع التسبب الصيد البتة لكن أدى ذلك لهلاك الصيد (كفزعه) منه عند رؤيته (فمات) فالجزاء عند ابن القاسم وهو المذهب (والأظهر) عند ابن عبد السلام والمصنف وابن فرحون لا ابن رشد كما يوهمه كلامه (والأصح) عند التونسي وابن المواز (خلافه) أي خلاف قول ابن القاسم وهو قول أشهب بعدم الجزاء اهـ.
ولكن لا يؤكل وكذا فيما شبهه من المسائل في عدم الجزاء فقال (كفسطاطه) أي خيمته إذا تعلق الصيد بأطنابها فلا جزاء على المذهب وللجلاب عن ابن القاسم عليه الجزاء كجوازه على رمحه المركوز فعطب قال في توضيحه وهو ضعيف (و) حفر (بئر الماء) فوقع فيها الصيد (ودلالة محرم أو حل) من إضافة المصدر للمفعول والفاعل لمحذوف محرم أي دل المحرم محرمًا أو حلًا فلا جزاء ويأثم الدال ومثلها الإعانة (و) لا جزاء في (رميه) صيدا مستقرًا (على فرع) في الحل و (أصله) أي أصل الفرع (بالحرم) وهو خارج عن جدار الحرم ويؤكل وأما لو كان الفرع مسامتًا لجدار الحرم والطير فوقه فالظاهر أن فيه الجزاء كما لو كان الطير على الجدار نفسه أو على غصن بالحرم وأصله بالحل وأولى في الحرمة والجزاء وعدم الأكل إذا كان الغصن والأصل بالحرم.
تنبيه: لا يلزم من جواز رمي الصيد الكائن على فرع بالحل وأصله بالحرم وعدم الجزاء فيه وإنه يؤكل جواز قطع ذلك الفرع كما ظن تت إذ كلامه هنا في الطير لا في الشجر مع أن ابن عرفة صرح بعدم جواز قطع ذلك الفرع قال لأن المعتبر في الشجر أصله وفي الصيد محله وقد نقل نصه في كبيره وقد علم منه أنه إن كان الشجر مغروسًا في الحل جاز قطع فرعه الذي في الحرم وإن غرس في الحرم حرم قطع غصنه الذي في الحل
ــ
(تأويلان) الأول لابن الكاتب والثاني لابن محرز (والأظهر والأصح خلافه) صوابه الأرجح والأصح انظر ق (وبئر لماء) وافق ابن القاسم على سقوط الجزاء في مسألة البئر وقال بالجزاء في فزعه فمات كما مر قال ح قيل وهي مناقضة لا شك فيها وحكى بعضهم قولًا بوجوب الجزاء في مسألة البئر وهو ضعيف اهـ.
(ورميه على الفرع) قول ز وقد نقل نصه في كبيره الخ ونص ابن عرفة ونوقض قولها أي هنا بقولها بمسح ما طال من شعر الرأس وجواب عبد الحق باتصال طرف الشعر وانفصال الصيد يرد بأن التناقض بين محله وطرف الشعر ويجاب بأن متعلق المسح الشعر من حيث كونه نابتًا بالرأس ومتعلق الصيد الحيوان من حيث محله ومحله الحل لأنه محل محله ولذا قال محمَّد في العكس بقطع ولا يصاد ما عليه اهـ.
(أو) رمي الحلال صيدًا (بحل) فوقع السهم فيه (وتحامل) الصيد بنفسه ودخل الحرم (فمات به) فلا جزاء على الرامي (إن أنفذ) السهم (مقتله) في الحل ويؤكل (وكذا) لا جزاء (إن لم ينفذ) مقاتله في الحل (على المختار) ويؤكل في هذه أيضًا اعتبارًا بأصل الرمي لا بوقت الإنفاذ بل اختيار اللخمي من الخلاف إنما هو للقول بأكله لا للقول بعدم الجزاء فإن القولين اللذين اختار اللخمي أحدهما متفقان على عدم الجزاء كما يفيد ذلك تت (وأمسكه) أي المحرم الصيد لا ليقتله بل (ليرسله فقتله) في يده (محرم) آخر أو حل الذي الحرم فلا جزاء على الممسك وإنما الجزاء على القاتل (وألا) يقتله محرم آخر بل حلال ليس في الحرم (فعليه) أي على الممسك الجزاء فلو قتله في الحرم وهو حلال فعليه جزاء على الممسك جزاء آخر (وغرم الحل) القاتل (له) أي للممسك المحرم (الأقل) من قيمة الصيد وجزائه وإنما غرم له مع زوال ملكه عنه كما مر لتسببه بقتله في جزائه على الممسك للإرسال (و) إن أمسكه المحرم أو في الحرم (للقتل) فقتله محرم آخر أو في الحرم فهما (شريكان) أي على كل واحد منهما إجزاء كامل لا أنهما يشتركان في جزاء واحد تت (وما صاده محرم) أي مات بصيده بسهمه أو كلبه أو ذبحه وإن لم يصده أو أمر بذبحه أو بصيده أو دل عليه أو أعان على صيده بإشارة أو مناولة سوط ونحوه ميتة ذبح حال إحرامه أو بعد إحلاله وكونه ميتة لا يخالف عدم الجزاء على المعين أو الآمر كما مر قريبًا قال د ومثل ما صاده محرم ما صاده حل الذي الحرم في كونه ميتة قاله المصنف في مناسكه في حرم المدينة اهـ.
(أو صيد له) أي للمحرم معينًا أو غيره بأمره أو بغيره سواء أمره ليباع له أو يهدى له وذبح في حال إحرامه أو ذبحه شخص لأجل أن يضيف المحرم به كما في ابن الحاجب (ميتة) على كل أحد عند الجمهور لا يأكله محرم ولا حلال وقولنا ذبح في حال إحرامه احتراز عما إذا ذبح بعده فإنه يكره أكله قاله ح ونحوه في الذخيرة وأما ما صاده المحرم
ــ
وقال محمد يصاد ما عليه ولا يقطع (وكذا إن لم ينفذ على المختار) قول ز لا للقول يعدم الجزاء الخ فيه نظر وكلام المصنف صواب وذلك أن الأقوال ثلاثة قول التونسي بالجزاء ولا يؤكل وقول أصبغ بعدم الجزاء ولا يؤكل وقول أشهب بعدم الجزاء ويؤكل واختار اللخمي الثالث فاختياره منصب على نفي الجزاء خلافًا للأول وعلى الأكل خلافًا له وللثاني والله تعالى أعلم (وإلا فعليه) اختار التونسي واللخمي هنا قول سحنون لا شيء عليه ولم ينبه المصنف عليه وقول ز وعلى الممسك جزاء آخر الخ غير صواب بل لا شيء علي الممسك كما قدمه آنفًا وهو الذي يدل عليه كلام ضيح وابن عرفة وغيرهما وقد ناقض ز كلامه ونص ضيح إذا أمسك المحرم صيدًا فإما أن يمسكه ليرسل أو يقتل والأول أن قتل حرم سواء كان محرمًا أو حلالًا في الحرم وجب الجزاء على القاتل فقط لأن الممسك لم يمسكه للقتل وإنما فعل ما يجوز له اهـ.
(أو صيد له) قول ز بأمره أو بغير أمره الصواب إسقاطه من هنا لأنه ذكر ما صيد بأمره فيما قبله وهو مطلق سواء ذبح حال إحرامه أو بعد إحلاله فذكره هنا مع تقييده بما ذبح حال إحرامه يوجب في كلامه تناقضًا تأمله وقول ز فلا يكون ميتة عليه الخ فيه نظر ولم أر من ذكر
فميتة ولو ذبح بعد إحلاله كما مر وهو واضح أن ذبحه هو أو أذن في ذبحه وعليه الجزاء وأما أن ذبحه غيره بغير إذنه فلا يكون ميتة عليه ولا على غيره بدليل ما يأتي عند قوله وذبحه بحرم ما صيد بحل هذا ووجه كون ما صاده محرم وذبحه بعد إحلاله ميتة أنه لما وجب عليه إرساله ولم يرسله وزال ملكه عنه كان بمنزلة ما ذبحه حال إحرامه وبحث فيه بأن هذا يجري فيما إذا ذبحه غيره بغير إذنه فالقياس أنه لا يكون ميتة وإن وجب عليه إرساله وجزاؤه كما مر عند قوله وزال ملكه عنه ولكن قد تقرر أن البحث في المنقول لا يرده وهذا البحث هنا لا يخرج عن سؤال ابن عرفة عن الفرق بين حل الخمرة إذا تخللت ووجوب بقائها وبين عدم حل الصيد بعد إحلاله ووجوب إطلاقه وأجاب عنه كما في تت عند قول المصنف وزال ملكه عنه ومفهوم قوله أو صيد له أنه لو صاده حل لحل فإنه يجوز للمحرم والأكل منه ذكره تت وهو قول المصنف الآتي وجاز مصيد لحل لحل (كبيضه) أي بيض الصيد غير الأوز والدجاج بل كبيض نعام إذا كسره محرم أو شواه أو شوى له فميتة لا يأكله حلال ولا حرام وظاهره نجاسته حتى في حق غيره خلافًا لبحث سند قائلًا لأن البيض لا يفتقر لذكاة حتى يكون بفعل المحرم ميتة على غيره ولا يزيد فعل المحرم فيه في حكم الغير على فعل المجوسي والمجوسي إذا شوى البيض أو كسره لا يحرم بذلك على المسلم بخلاف الصيد فإنه يفتقر إلى ذكاة شرعية والمحرم ليس من أهلها قال ح وهو بين اهـ.
ــ
هذا والصواب أنه ميتة وقول ز بدليل ما يأتي الخ الذي يأتي له إنما ذكره من عنده مثل ما هنا ولم يأت عليه بدليل والحق خلافه والله أعلم وقول ز لا يخرج عن سؤال ابن عرفة الخ نص ابن عرفة ونوقض المشهور به أي بالمشهور في عدم إراقة خمر خللها من أمر بإراقتها أو حبسها حتى تخللت ويجاب بأن حكم التخليل حرمة الإراقة فرفعت وجوبها لمناقضة متعلقها متعلقة ضرورة مناقضة عدم الشي وجوده وحكم الإحلال جواز الإمساك والإرسال فلم يرفع وجوب الإرساس لعدم منافاة متعلقه ولذا قيل الجواز جزء الوجوب وإذا نسخ بقي الجواز وأورد إن كان الدوام كالإنشاء فلا يرسله بعد إحلاله كإنشاء صيده حينئذ وإلا لم يجب إرسال ما صيد قبل الإحرام ويجاب بما مر مع التزام الأول لأن حكم إنشاء الصيد للمحرم وجوب إرساله وللحلال جواز إمساكه فلا يرفع وجوبه كما مر اهـ.
قلت جوابه مبني على أن إرسال ما صيد وقت الإحلال جائز لا ممنوع وفيه نظر لأنه بصيده صار ما لا وفي إرساله إضاعته (كبيضة) قول ز خلافًا لبحث سند قائلًا الخ نصه أما منع المحرم منه فبين وأما منع غير المحرم ففيه نظر لأن البيض لا يفتقر الخ (1) وقول ز إذ هو خلاف ما يفيده المصنف وكلامهم الخ فيه نظر إذ كلام المدونة لا يفيد إلا منع الأكل مطلقًا ولا يفيد أنه ميتة ونصها على نقل ابن عرفة فإن شق بيض نعام فأخرج جزأه لم يصلح أكله ولا لحلال اهـ.
واقتصر عليه وهذا هو الظاهر إذ كونه ميتة بعبد والله أعلم.
(1) قول المحشي قول ز إذ هو خلاف الخ ليس في نسخ الشارح التي بأيدينا شيء من ذلك كما ترى اهـ.
ووجه المشهور بأنهم جعلوا البيض هنا بمنزلة الجنين لأنه لما كان ينشأ عنه نزل منزلته وباحتمال أن يكون فيه جنين ويرشح هذا ما يأتي من أن من أفسد وكر طير حمام مثلًا فيه فراخ وبيض عليه في البيض الدية ثم على ما ذكره سند أي من البحث فقشره طاهر للمحرم وغيره وعلى ما ذكره المصنف كغيره من أن البيض ميتة فقشره نجس قطعًا فلا وجه لتنظير التوضيح فيه (وفيه) أي فيما صيد لمحرم معين أو غيره (الجزاء) على المحرم الآكل منه (أن علم) بأنه صيد لمحرم هو الآكل أو غيره (وأكل) ذلك المحرم فالجزاء عليه من حيث أكله عالمًا لا من حيث كونه ميتة انظر تت الباجي اختلف عن مالك هل يجزي كل الصيد أو قدر ما أكل اهـ.
وظاهر كلام المصنف الأول وفي تعليل الشارح لوجوب الجزاء على الآكل كل العالم شيء انظره في عج وأما ما صاده محرم فعليه الجزاء سواء أكل منه هو أو غيره أو لم يأكل منه ولا جزاء على الغير الآكل ولو محرمًا وعلم بأنه صيد محرم كما أشار له بقوله (لا في أكلها) أي ميتة الصيد فهو راجع لأكل المحرم ما صاده محرم غيره وترتب على الصائد الجزاء إذ لا يتعدد ويرجع أيضًا للمحرم الصائد نفسه إذا ترتب عليه الجزاء بسبب اصطياده ثم أكل منه فإنه لا جزاء عليه ثانيًا في الأكل إذ لا يتعدد وعليه اقتصر تت ويرجع أيضًا لمفهوم أن علم أي ما صيد للمحرم فلا جزاء عليه في أكله المجرد عن العلم وأنث الضمير لما قدمه من أنه ميتة وإنما افترق حكم الصيد المحرم ومما صيد له لأن صيد المحرم وجب فيه الجزاء باصطياده له وما صيد له لم يجب على صائده الحلال فيه جزاء فوجب الجزاء على من أكل منه عالمًا لأنه صار بمنزلة صائده (وجاز) للمحرم (مصيد) أي أكل مصيد (حل لحل) سواه من حل لما مر من حرمة الصيد في الحرم وذكر هذا لأجل قوله (وإن) كان الصائد أو الحل المصاد له أو هما معًا بتأويل من ذكر (سيحرم) أن تت ذكاته أو يموت بالصيد قبل الإحرام وإلا لم يأكله بعد الإحرام لزوال ملكه عنه بإحرامه ويدخل فيما ذبح لمحرم وبما قررنا تبعًا لتت وعج علم أن قول المصنف لحل متعلق بمصيد لا بجاز كما في د وعلى ما قررنا فهو ومفهوم قوله قبل أو صيد له وأما ما قرر به د من قصر جواز الأكل على الحل فلا يتوهم وجوابه بأنه ذكره لأجل قوله وإنه سيحرم غير متوهم أيضًا وأما الشرط الذي تركه المصنف في المبالغ عليه كما مر فجار على التقريرين (و) جاز لحلال ساكن بالحرم (ذبحه يحرم ما صيد بحل) صاده حلال أو
ــ
(وذبحه بحرم ما صيد بحل) قول ز صاده حلال أو محرم الخ الصواب إسقاط قوله أو محرم لما تقدم وقول ز علم أن جواز الأكل خاص بالحلال الخ (1) فيه نظر بل الأكل جائز
(1) قول المحشي وقول ز علم أن جواز الأكل خاص بالحلال الذي في نسخ ز عندنا وأن جواز الذبح خاص الخ اهـ مصححه.
محرم وأما الآفاقي الداخل في الحرم بصيد معه من الحل فلا يجوز له ذبحه ولو أقام بمكة إقامة تقطع حكم السفر ويجب عليه إرساله بمجرد دخوله الحرم كما قدمه بقوله وزال ملكه عنه وجعل الشارح المحرم كذلك أي له الذبح سبق قلم كما قال تت وأن جواز الذبح خاص بالحلال الذي هو من ساكني الحرم وعلله مالك بقوله لأن شأن أهل مكة يطول اهـ.
ولا يجري في الحلال الآفاقي ولو أقام بمكة إقامة تقطع حكم السفر لعدم جريان العلة المذكورة فيه لكن تقدم عن تت أن إقامته بها طويلًا تنزل منزلة ساكنة في جواز ذبحه وهو حلال ما صيد بحل وتقدم التوقف فيه بأنه لا وجه لتقييد الإقامة بالطول إذ بمجرد إفاضته حل به ما بقي كما قدم المصنف وأما من دخل به محرمًا فالمنع والميتة كما مر قريبًا وإن قوله ما صيد بحل شامل لما إذا صاده حلال أو محرم وهو كذلك خلافًا لما يفهمه كلام سند من قصره هذه المسألة على ما إذا كان الصائد حلالًا حال اصطياده في الحل فإن قلت ما صاده المحرم لا يملكه ويجب عليه إرساله فما صورة وصوله لساكن الحرم منه فإنه لا يصح بيعه ولا هبته قلت يتصور فيما إذا سلمه له لا على وجه المعاوضة ولا على وجه العطية بل ليرسله مثلًا فذبحه وفيما إذا أخذه من المحرم من هو من أهل مكة بغير إذنه بهذا أيضًا علم أن ما هنا لا يعارض ما مر من أن ما صاده محرم ميتة على كل أحد إذا ما مر ذبحه المحرم وما هنا ذبحه الحل ومفهوم قول المصنف بحل أن ما صيد بحرم لا يجوز ذبحه لساكن الحرم ولو كان الصائد حلالًا وهو كذلك ويعلم من هذا أن الصيد في الحرم أشد حرمة من صيد المحرم في الحل لأنه يحرم الصيد فيه على كل أحد بخلاف الصيد من الحل فإنه إنما يحرم على المحرم فقط (وليس الأوز) البري (والدجاج) ولو حبشيًّا إذا كان مما لا يطير فإن كان مما يطير فصيد كما هو مقتضى المذهب كما قال سند انظر ح (بصيد) فيجوز للمحرم وصيده وذبحه وأكله لأن أصله لا يطير وأما الأوز العراقي فصيد كالبقر الوحشي وأما الإنسي فيجوز له ذبحه وأكله كالإبل
ــ
للمحرم والحلال لقوله وجاز مصيد حل لحل الخ وإنما الذي يختص بالحلال هو الذبح فصوابه الذبح بدل الأكل في هذا والذي بعده إذ عليه تكلم المصنف وفيه غلط الشارح حيث قال يعني أنه يجوز للمحرم والحلال أن يذبح في الحرم ما صيد في الحل اهـ.
قال ح قلت ولا شك أن ذكره المحرم سبق قلم منه رحمه الله إذ من المعلوم أن المحرم لا يجوز له ذبح السيد مطلقًا لا في الحل ولا في الحرم اهـ.
وقول ز لكن تقدم عن تت الخ يعني عند قوله وزال ملكه عنه الخ وقول ز وتقدم التوقف الخ لم يتقدم له فيه توقف ولا وجه للتوقف لأن قوله في الإفاضة وحل بها ما بقي الخ مقيد بأن يصطاد من الحل ولا يدخل به الحرم إلا إن كان من أهل مكة أو أقام بها طويلًا كما قال تت وقول ز خلافًا لما يفهمه كلام سند الخ فيه نظر بل ما أفهمه سند هو الصواب وما ذكرته مخالف للقواعد من غير دليل لك عليه وحينئذ فالسؤال والجواب ساقطان.
والغنم (بخلاف الحمام) الوحشي وغيره ولو روميا متخذًا للفراخ فلا يؤكل ولا بيضة لأنه من أصل ما يطير انظر تت (وحرم به) أي في الحرم على كل أحد (قطع ما) جنسه (ينبت بنفسه) من غير علاج كالبقل البري وشجر الطرفاء وأم غيلان ولو استنبت بعلاج نظرًا لجنسه كما يأتي في عكسه ولا فرق بين الأخضر ويسمى عشبًا وكذا الخلا بفتح الخاء والقصر وبين اليابس ويسمى كلأ ويحرم قطع ما ذكر ولو للاحتشاش للبهائم كما هو ظاهر الكافي وابن رشد وحمل عليه ابن عبد السلام قول المدونة يكره الاحتشاش وحملها سند على ظاهرها وهو ظاهر كلام أبي الحسن (إلا الإذخر) فيجوز قطعه لاستثنائه في الحديث وهو بذال معجمة نبت معروف كالحلفاء طيب الريح واحده أذخرة وجمعه أذاخر كافاعل (و) إلا (ألسنا) بالقصر نبت معروف يتداوى به قاسه أهل المذهب على الإذخر لشدة الحاجة إليه في الأدوية ورأوه من قياس الأولى ويطلق على البرق وأما بالمد فالرفعة قاله تت وفي القاموس السنا ضوء البرق ونبت مسهل للصفراء والسوداء والبلغم ويمد اهـ.
وهو إحدى الملحقات بما ورد في الحديث استثناؤه وهو الإذخر فقط فاقتصار المصنف على السنا لشدة الحاجة إليه كما مر وإلا فالملحقات بالإذخر ستة السنا والهش أي قطع ورق الشجر بالمحجن ومنه وأهش بها على غنمي والعصاء والسواك وقطع الشجر للبناء والسكنى بموضعه وسادسها قطعه لإصلاح الحوائط والبساتين فجملة المستثنيات من المنع كما قال التادلي من الحرم سبعة (كما) يجوز قطع ما جنسه (يستنبت) بعلاج من كخس وبقل وسلق وكراث وكحنطة وبطيخ وقثاء وفقوس وكخوخ وعناب وعنب ونخل (وإن لم يعالج) بل نبت بنفسه اعتبارًا بأصله بمثابة ما تأنس من الوحش قاله الشيخ سالم وقت ولعله بمثابة ما توحش من الإنس إذ ما تأنس من الوحش يحرم اصطياده (ولا جزاء) على قاطع ما حرم قطعه لأنه قدر زائد على التحريم يحتاج لدليل بل يستغفر الله ثم شبه في الحكمين السابقين لشجر حرم مكة وهما الحرمة وعدم الجزاء قوله (كصيد) حرم (المدينة) الشريفة فيحرم ويحرم قتله وأكله ولا جزاء وإن كان المحرم لها النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعظم من المحرم لمكة وهو الخليل ولم يكن الجزاء في صيد المدينة أولى لأن المدينة
ــ
(إلا الإذخر والسنا) قول ز والهش أي قطع ورق الشجر الخ تفسيره غير سديد وفي غ قال مالك الهش تحريك الشجر بالمحجن ليقع الورق اهـ.
والمحجن عصا معوجة انظر غ (كصيد المدينة) قال ابن رشد في رسم الحج من سماع القرينين ما نصه حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتي المدينة بريدًا في بريد قال اللهم إن إبراهيم حرم مكة وأني أحرم ما بين لابتيها واختلف أهل العلم فيمن صاد فيها صيدًا فمنهم من أوجب عليه فيه الجزاء كحرم مكة سواء وبذلك قال ابن نافع وإليه ذهب عبد الوهاب وذهب مالك إلى أن الصيد في حرم المدينة أخف من الصيد في حرم مكة فلم ير على من صاد فيه إلا الاستغفار والزجر من الإِمام قيل له فهل يؤكل الصيد يصاد في حرم المدينة قال ما هو مثل ما يصاد في حرم مكة وأني لا أكرهه فروجع فيه فقال لا أدري اهـ.
كاليمين الغموس ولأن الكفارة ليست بالقياس وكون المحرم لمكة الخليل لا يعارض خبران هذا البلد حرمه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض الخ كما في تت لأن نسبته لإبراهيم لظهور تحريمه له بعد الطوفان لا ينافي إخبار نبينا بأن الله حرمه يوم خلق الخ وحدها ما (بين الحرار) إلا ربع المحيطة بها جمع حرة بكسر الحاء أرض ذات حجارة نسود نخرة كأنها أحرقت بالنار من جهات المدينة الأربعة وهي ما بين المدينة والجبلين وهما المراد بلابتي المدينة قاله د والمدينة بالنسبة للصيد داخلة (و) كحرمة قطع (شجرها بريدًا) طولًا من البيوت ويقاس من كل جهة من جهتي الطول (في بريد) عرضا من البيوت ويقاس كذلك من الجهتين وحينئذ فالمسافة بريد من كل جهة من الجهات الأربع ويقاس البريد من الدور قال بعض الشيوخ مسافة حرم المدينة بالنسبة لشجرها بريد من كل ناحية منها من دورها اهـ.
قاله د وبهذا التقرير يسقط ما في عبارة المصنف من القلق إذ البريد في البريد بريد فيكون نصف بريد من كل جهة لأن البريدين إذا تقاطعا تقاطعًا صليبيًّا نصيفًا هكذا + فيكون نصف بريد من كل جهة فالجواب أن في بمعنى مع على حد قوله تعالى: {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] أي مع أمم أي بريدًا مصاحبًا لبريد حتى يستوفي جميع جهاتها ثم إن المدينة بالنسبة للشجر خارجة فقطع الشجر الذي بها غير حرام لأن الشجر الذي بها يشغل عن بناء البيوت المرغب في سكناها وقطع الخارج عنها يفوت ثمرة لأهلها وقيس ما لا ثمر فيه على ما فيه ثمر ويعتبر طرف البيوت التي كانت في زمنه عليه الصلاة والسلام وسورها الآن هو طرفها في زمنه صلى الله عليه وسلم وما خرج عنه من البيوت يحرم قطع ما ينبت به والمراد به ما ينبت بنفسه أي شأنه ذلك وما استثنى هناك كالإذخر يستثنى هنا أيضًا وإنما لم يقيده بذلك كما قيد به في شجر حرم مكة لفهمه منه بالأولى ولما كان جزاء الصيد ليس كالفدية والهدي بل لا بد فيه من حكم الحكمين لقوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95](والجزاء) مبتدأ مثلًا بكسر الميم أو طعامًا أو صيامًا (بحكم عدلين) ولو كان المقوم غير مأكول كخنزير وتعتبر قيمته طعامًا على تقدير جواز بيعه كما مر فإن أخرج الكفارة قبل حكمهما عليه أعاد ولا بد من لفظ الحكم ولا تكفي الفتوى ولا الإشارة لأن الحكم إنشاء فلا بد فيه من اللفظ ولا يحتاجان لإذن الإمام ولا بد أيضًا أن لا يكون هو أحدهما وإنما لم يصرح بذلك هنا وصرح في باب النكاح بما يقرب من ذلك
ــ
بلفظه وبه تعلم ما في كلام ز وقول ز أن صيد المدينة كاليمين الغموس تبع فيه ضيح وكلام ابن رشد المذكور بخلافه (والجزاء بحكم عدلين) قول ز ولا بد من لفظ الحكم الخ عبارة خش ولا بد من لفظ الحكم والأمر بالجزاء ومثله في ح عن سند ومعنى قوله والأمر بالجزاء أن المحكوم عليه يأمرهما بالحكم عليه بالجزاء أي بأحد الثلاثة لا بخصوصية لفظ الجزاء والذي في تت لا بد من لفظ الحكم والجزاء واعترضه طفى بأن الحكمين لا يشترط أن يتلفظا بالجزاء بل بالحكم فقط ففي الموطأ قال عمر لرجل يجنبه تعال أحكم أنا وأنت
لما ذكر الشاهدين بقوله غير الولي لأن المنع هنا ظاهر إذ فيه الحكم لنفسه بخلاف الشهادة فإنها للغير وإن كان له بها تعلق فكان ذلك أقوى واشتراط العدالة يستلزم الحرية والبلوغ وعلم ما يحكمان به وصرح به لأجل تقييده بالجار والمجرور فقال (فقيهين بذلك) أي بأحكام الصيد لا بجميع أبواب الفقه وأخبر عن المبتدأ بقوله (مثله) أي الصيد أي مقاربه في القدر والصورة فإن لم يوجد فالقدر كاف (من النعم) واحد الأنعام يذكر ويؤنث وهي الإبل والبقر والغنم وهو بيان لقوله مثله ويجوز جعل الجزاء مبتدأ أول ومثله مبتدأ ثان ومن النعم خبر الثاني وهو وخبره خبر الأول ثم قوله مثله أي في غير ما ورد فيه شيء معين مما سيذكره فلا يكون فيه ما ذكر هنا بل ما سيذكره قريبًا إما بحكم أو بلا حكم كحمام مكة والحرم ويمامه فقوله والجزاء الخ قضية مهملة لا كلية فالحكم فيها على بعض الأفراد لا على كلها (أو إطعام بقيمة الصيد) نفسه أي يقوم حيًّا كبيرًا بطعام ولا يقوم بدراهم ثم يشتري بها طعام لكن أن فعل أجزأ ولا يقوم جزاؤه بمثله من النعم خلافًا للشافعي بل يقوم هو مقدرة حياته والمعتبر قيمته (يوم التلف) لا يوم تقويم الحكمين ولا يوم التعدي ولا يوم الأكثر منهما ويخرج من طعام جل عيش ذلك المكان ويعتبر كل من الإطعام والتقويم (بمحله) أي محل التلف (وإلا) يكن له قيمة بمحل التلف أو لم يجد به
ــ
فحكما عليه وقول ز مثلًا بكسر الميم أو طعامًا أو صيامًا الخ هذا التعميم هو ظاهر المصنف قال ح ولا أعلم خلافًا في اشتراط الحكم في الأولين وأما الصوم فصرح ابن الحاجب باشتراط ذلك فيه وذكر صاحب الطراز في ذلك خلافًا بعد أن قال لا يختلف المذهب في استحبابه ثم ذكر عن الباجي أنه قال الأظهر عند استئناف الحكم في الصوم وظاهر كلام ابن عرفة بل صريحه أن الصوم لا يشترط فيه الحكم اهـ.
باختصار قال طفى عقبه قلت أطلق الخلاف بظاهره من غير تفصيل وليس كذلك ولا بد من بيان محله قال الفاكهاني في شرح الرسالة أن أراد ابتداء أن يصوم فلا بد أن يحكما عليه فينظر لقيمة الصيد لأنه لا يعرف قدر الصوم إلا بمعرفة قدر الطعام ولا يكون الطعام إلا بالحكم وأما إن أراد الطعام فلا حكمًا عليه أراد الصيام فههنا قال جماعة من أصحابنا لا يحتاج إلى حكمهما في الصوم لأن الصوم بدل من الطعام لا من الهدي بدليل قوله تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95] وكان الصوم مقدر بالطعام بتقدير الشرع فلا حاجة إلى الحكمين اهـ.
فينزل كلام ابن الحاجب تبعًا لابن شاس على الأول ونحوهما قول المدونة والمحكوم عليه مخير إن شاء أن يحكما عليه بجزاء ما أصاب من النعم أو بالصيام أو بالطعام اهـ.
وكلام الطراز والباجي وابن عرفة على الثاني وظاهر المدونة عدم احتياجه فيه إلى حكم اهـ.
(مثله من النعم) قول ز ومثله مبتدأ ثان الخ هذا الوجه غير صحيح لخلو الجملة الواقعة خبرًا عن الرابط وضمير مثله عائد إلى الصيد كما ذكر لا للمبتدأ الأول وقول ز ثم قوله مثله الخ هذا الكلام تبع فيه عج وهو باطل يأتي رده إن شاء الله والنقل يدل على التخيير بين
مساكين (فبقربه) أي فيقوم أو يطعم بقرب محل التلف فإن لم يكن حكم عليه إذا رجع لأهله وأراد الإطعام حكم اثنين ووصف لهما الصيد وذكر لهما سعر الطعام بموضع الصيد فإن تعذر عليهما تقويمه بطعام قوماه بدراهم وبعث بالطعام إلى موضع الصيد كما يبعث بالهدي إلى مكة فقول المصنف (ولا يجزي) أي ما ذكر من الإطعام أو التقويم (بغيره) من المواضع يريد مع الإمكان قال سند جملة ذلك أنه إذا أخرج الجزاء هديًا اختص بالحرم أو صيامًا فحيث شاء أو طعامًا اختص بمحل التقويم لا بالحرم خلافًا للشافعي اهـ.
(ولا) يجزي (زائد على مد) من أمداد قدر الطعام المماثل للحيوان (لمسكين) وينبغي أن له نزعه أن بين بالقرعة كما في كفارة اليمين (و) لا يجزي (ناقص) إلا أن يكمل وهل يقيد بما إذا بقي كما في كفارة اليمين على أحد التأويلين أم لا (إلا أن يساوي سعره) أي يكون سعره متفقًا في الموضعين (فتأويلان) في الإجزاء وعدمه وهما في مسألة الإطعام بغير المحل الذي يقوم فيه ويخرج فيه ولا يجريان فيه وفي التقويم وإن كان يتوهم ذلك من دخوله في قوله ولا يجزئ بغيره كما قررنا إذ التقويم بغيره مع مساواة السعر جائز من غير خلاف فلا يصح أن يقال فيه بعدم الإجزاء ولو قال وأجزأ التقويم بغيره أن ساوى سعره وإلا فلا كالإطعام إلا أن يساوي سعره فتأويلان لكان أظهر وقولي كالإطعام تشبيه في عدم الإجزاء بدليل ذكر التأويلين وكان كما قال الشيخ سالم يقدم هذا عقب وقوله ولا يجزي بغيره لئلا يتوهم رجوعه لقوله وزائد فيقول وهل مطلقًا أو إلا أن يساوي سعره فتأويلان كما هو الأوفق بعادته اهـ.
لكن يتوهم حينئذ أنه راجع لفردي قوله ولا يجزي بغيره اللذين أعدنا فاعل يجزي لهما وليس كذلك وإنما هو راجع لأحد فرديهما وهو الإطعام كما علمت فإذا كان سعره في محل الوجوب عشرة مثلًا وفي محل الإخراج اثني عشر وأخرج العشرة فلا تجزئ لعدم تساوي السعرين أو كان سعره في محل الإخراج أنقص وأخرج أزيد فهو أولى على
ــ
الأنواع الثلاثة في الجميع ما ورد فيه شيء وما لم يرد فيه غير حمام مكة والحرم (ولا يجزي بغيره) قول ز أي ما ذكر من الإطعام والتقويم الخ في ذكر التقويم انظر والصواب قصره على الإطعام إذ لم تر من ذكر عدم الإجزاء في التقويم بغير محل التلف (ولا زائد على مد) قول ز وينبغي أن له نزعة بالقرعة الخ مثله في خش وهو غير صحيح إذ لا تتصور القرعة مع الزيادة على مد لمسكين بل الزيادة تنزع حيث كانت سواء كانت عند البعض أو الجميع ولا محل للقرعة وإنما محلها فيما إذا أعطى عشرة أمداد لعشرين مثلًا فإنه ينزع من عشرة بالقرعة ويكمل للآخرين (فتأويلان) قال في ضيح وتحصيل المسألة أنه يطلب ابتداء أن يخرج الطعام بمحل التقويم فإن أخرجه في غيره فمذهب المدونة عدم الإجزاء وقال ابن المواز أن أصاب الصيد بمصر فأخرج الطعام في المدينة أجزأ لأن سعرها أغلى وإن أصاب الصيد بالمدينة فأخرج الطعام بمصر لم يجزه إلا أن يتفق سعراهما ابن عبد السلام واختلف الشيوخ في كلام ابن المواز فمنهم من جعله تفسيرًا للمدونة ومنهم من جعله خلافًا وهو الذي اعتمده ابن الحاجب اهـ.
هذا التأويل في الإجزاء (أو) صيام بعدد الإمداد (لكل مد صوم يوم) وإن جاوز ذلك شهرين وثلاثة قاله في المدونة (وكمل لكسره) وجوبًا في الصوم وندبًا في المد الناقص كذا يفيده نقل تت عن الباجي للاكتفاء بالمقاربة في القدر والصورة قال (فالنعامة) يقاربها في ذلك (بدنة) فالفاء للسببية قاله البدر والظاهر أنه مسبب على قوله مثله من النعم ولو قال إلا النعامة فبدنة (والفيل) جزاؤه بدنة (بذات سنامين) لقربه من خلقتها عند ابن ميسر لكان أحسن لئلا يتوهم أنه يخبر في النعامة وما بعدها بين إخراج البدنة التي هي مثلها وإخراج المماثل لما سيذكره وبين الإطعام بقيمة الصيد أو عدله صيامًا مع أن النقل أنه يتعين ما ذكره هنا في تلك الأشياء ولا يجوز فيها الإطعام وإذا لم يوجد ما ذكره المصنف فالنص كما في د في مسألة الفيل أنه يخرج قيمته طعامًا فإن لم يجده فينبغي أن يصوم عدله والظاهر أن يقال مثل ذلك في النعامة ولا ينظر في قيمة الفيل لغلاء عظمه قال د قوله والفيل بذات سنامين قيل كان الأولى إسقاط أحد الأمرين إما الباء وإما لفظ ذات لأن أحدهما كاف أي الفيل بدنة ذات سنامين أو الفيل بدنة بسنامين والجواب أن قوله بذات متعلق بمقدر أي والفيل يحكم فيه ببدنة ذات سنامين وحينئذ لا يستغنى بإحدهما عن الآخر اهـ.
(وحمار الوحش) والحمار والعير ويقال للأنثى حمارة وأتان (وبقره) جزاء كل واحد من ذلك الجنس والإبل أي بكسر الهمزة فمثناة تحتية وهو قريب من البقر طويل العنق (بقرة)
ــ
(فالنعامة بدنة) قول ز ولو قال إلا النعامة إلى قوله فإن لم يجده فينبغي أن يصوم عدله الخ أصل هذا الكلام لعج معترضًا على شيخه البدر فإن شيخه لما قال في قول المصنف فالنعامة بدنة أي حيث أراد إخراج المثل إذ له أن يطعم أو يصوم وكذا يقال فيما بعده اهـ.
قال عج وفيه نظر والذي يفيده النقل أنه يتعين في النعامة وما بعدها ما ذكره المصنف فقوله مثله من النعم الخ هذا فيما لم يرد فيه النص على شيء بعينه وأطال في ذلك وتبعه ز قال طفى وما قاله عج خطأ فاحش خرج به عن أقوال المالكية كلهم والصواب ما قاله شيخه البدر إذ كتب المالكية مصرحة بأن البدنة التي في النعامة والبقرة التي في حمار الوحش والعنز الذي في الظباء غير ذلك مما حكمت به الصحابة بيان للمثل المذكور في الآية المخير فيها ولما ذكر الباجي ما في الموطأ أن عمر وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم حكما على رجل أصاب ظبيًا بعنز قال يريد أنه اختار المثل ولذا حكمًا عليه بعنز ومن تصفح كلام الأئمة ظهر له ما قلناه اهـ.
(والفيل بذات سنامين) ابن الحاجب ولا نص في الفيل فقال ابن ميسر بدنة خراسانية ذات سنامين وقال القرويون القيمة وقيل قدر وزنه لغلاء عظمه اهـ.
ضيح قال بعضهم وصفة وزنه أن يجعل في مركب فينظر إلى حيث ينزل في الماء ثم يملأ بالطعام حتى ينزل ذلك القدر ابن رشد والظاهر أنه يتوصل إلى وزنه بالعيار اهـ.
(وحمار الوحش وبقره بقرة) قول ز فإن عدمت فقيمتها طعامًا الخ غير صحيح لما تقدم
والتاء للوحدة لا للتأنيث لصدق البقرة على الذكر والأنثى ففي القاموس البقرة للمذكر المؤنث والجمع بقر وبقرات وبقر بضمتين اهـ.
فإن عدمت فقيمتها طعامًا فإن عدم فينبغي صوم عدله وكذا يقال في قوله (والضبع) الجوهري الضبع معروفة ولا يقال ضبعة لأن الذكر ضبعان (والثعلب) معروف الكسائي الأنثى ثعلبة والذكر ثعلبان في كل (شاء) وهي الواحدة من الغنم تذكر وتؤنث وظاهر المصنف أن في كل شاة ولو خيف منهما بحيث لا ينجو منهما إلا بقتلهما وحينئذ فيشكل هذا مع قوله كطير خيف إلا بقتله ويجاب بأن التحرز منهما لا يعسر كعسره مع الطير إذ قد يحصل منهما بصعود نخلة بخلاف الطير (كحمام مكة) أي ما صيد منه بمكة (والحرم) عطف عام على خاص إلحاقًا له بمكة عند مالك وأصبغ وعبد الملك وهو المشهور ومذهب المدونة وقال ابن القاسم فيه حكومة كحمام الحل إذا صاده محرم (ويمامه) أي الحرم ومكة أولى أي ما يصاد من متوطن بهما وإن لم يولد بهما وقول بعض المراد بهما ما يصاد بهما لا ما تولد بهما ولا ما توطن بهما أي ليس قاصرًا على هذين الأمرين والدبسي والفاخت والقمري بضم القاف وذات الأطواق كله حمام كما في القرطبي وفي المدونة إنها ملحقة به (بلا حكم) كالاستثناء من قوله والجزاء بحكم فكأنه قال إلا حمام مكة الخ فشاة من غير حكم لخروجه عن الاجتهاد لأنه من الديات التي تقررت بالدليل اهـ.
ولا يخفى أن هذا التعليل جار في النعامة ونحوها مما ورد فيه الدليل بشيء خاص فلو فرق بأنه لما كان بين الجزاء والأصل بنون عظيم في القدر لم ينظر إلى التفاوت بين أفراد الأصل وليس ذلك موجودًا بين النعامة والبدنة فلذا طلب الحكمان فيهما وبأن
ــ
والحكم التخيير في الثلاثة (والضبع والثعلب) قول ز وظاهر المصنف أن في كل شاة الخ يتعين حمل كلام المصنف على غير ما إذا لم ينج منهما إلا بقتلهما وإلا فلا جزاء عليه أصلًا كما صرح به القاضي في التلقين ونقل في ضيح عن الباجي أنه المشهور من المذهب فيمن عدت عليه سباع الطيور أو غيرها فقتلها (كحمام مكة والحرم) قوله وفي المدونة إنها ملحقة به الخ فيه نظر بل الذي في المدونة اليمام كالحمام والدبسي والقمري إن كان عند الناس من الحمام ففيه شاة اهـ.
فلم تقطع بالإلحاق إلا في اليمام وفي ضيح مثل ما في ز واعترضه تت وهو ظاهر وأما جواب طفى عنه فليس بظاهر (بلا حكم) قول ز لأنه من الديات التي تقررت بالدليل أي لتعينها وعدم التخيير والحكم إنما يكون فيما فيه تخيير وهذا التوجيه ذكره الجزولي وقول ز ولا يخفى أن هذا التعليل جار في النعامة ونحوها الخ غير صحيح لأن النعامة ونحوها فيها التخيير كما تقدم فلم يتعين فيها شيء وقول ز فلو فرق بأنه لما كان الخ يقتضي أن هذا الفرق لم يذكره أحد وفيه نظر إذ هو نص ابن المواز إذ قال لا بد من الحكم في كل شيء حتى في الجراد إلا حمام مكة لأن ما اتفق عليه من الشاة فيه ليس بمثل والحكم إنما يحتاج إليه لتحقيق المثل اهـ.
التفاوت بين أفراد الحمام يسير فجعل كالعدم بخلاف أفراد النعامة ونحوها لكان حسنًا.
تنبيه: قد خالف حمام مكة ويمامه غير من الصيد في أنه ليس فيه مثل وفي أنه لا يحتاج لحكم وإنه لا يطعم فيه خلافًا لأصبغ بل أن عجز عن الشاة صام عشرة أيام كما في تت وإنما كان فيه شاة مع إمكانها لأنه يألف الناس فشدد فيه لئلا يتسارع الناسُ لقتله والظاهر أن إخراجها عند القدرة عليها ليس من باب إخراج المثل ويحتمل أن يقال من المثل حكمًا فإنه خرج حلال عن الحرم وقتله خارجه فلا شيء عليه فإن اصطاده محرم بحل وقتله به فقيمته طعامًا كما أشار له بقوله (وللحل) اللام بمعنى في كقوله تعالى: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الأعراف: 187]{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] وهو خبر مقدم وقوله القيمة مبتدأ مؤخر وفي الحقيقة في الكلام شيء مقدر أي الواجب على المحرم القيمة طعامًا في إصابته حمام الحل (و) في (ضب وأرنب ويربوع وجميع الطير) أي طير الحل والحرم ولو بمكة غير حمام الحرم ويمامه لأنه قدمهما وغير ما لحق بهما ولو قال وسائر لكان أنسب لأنه بمعنى باقي وقد يرد بمعنى جميع (القيمة) حين الإتلاف (طعامًا) أو عدل الطعام صيامًا في الضب والأرنب ونحوهما من الدواب التي لا مثل لها يجزي ضحية ويجوز أن يعوضها بهدي فما اقتضاه ظاهره من تعين القيمة طعامًا فيهما غير مراد وأما في الطير غير حمام الحرم وما ألحق به فيتعين فيه القيمة طعامًا فإن لم يقدر عليها أو لم يجدها فعالها صيامًا وهذا التفصيل هو الصواب خلافًا لما يوهمه بعض الشراح وعلم من المصنف حكم أربعة أقسام حمام الحرم ويمامه والمحلق بهما الثاني طير غير ذلك الثالث دواب لها مثل يجزي ضحية أو هديًا الرابع دواب لا مثل لها يجزي ضحية ولا هديًا كما أشار له بقوله وضب الخ (والصغير) من الصيد فيما وجب من مثل أو طعام أو صيام لتبعيته لإمداد الطعام قلة وكثرة (والمريض) منه (والحمل) في منظره والأنثى والمعلم ولو منفعة شرعية (كغيره) من كبير وسليم وقبيح وذكر ما ليس بمعلم فتساوى المذكورات مقابلها في الواجب كالديات ولم يقل والقبيح مع أنه المناسب لما
ــ
وقول ز فإن خرج حلال عن الحرم وقتله خارجه فلا شيء عليه الخ أي فيجوز اصطياده في الحل للحلال أبو الحسن ظاهر الكتاب أنه يجوز صيده وإن كان له فراخ ابن ناجي إن كان له فراخ فالصواب تحريم صيده لتعذيب فراخه حتى يموتوا اهـ.
من ح (وللحل وضب وأرنب) قول ز وهذا التفصيل هو الصواب الخ فيه نظر بل خلاف الصواب فإن الذي عليه أهل المذهب أن ما كان من الصيد لا مثل له لصفره فيخبر فيه بين الإطعام والصيام وما له مثل يخير فيه بين الثلاثة المثل والإطعام ولم يفصل أحد فيما ليس له مثل بين الطير وغيره قال في كتاب الضحايا من المدونة ولا بأس بصيد حمام مكة في الحل للخلال قال ابن يونس هذا يدل على أنه إن صاده المحرم في الحل فإنما عليه قيمته طعامًا أو عدل ذلك صيامًا وإنما تكون فيه شاة إذا صاده في الحرم اهـ.
قبله لاقتضائه خلاف المنصوص من أن الجميل يقوم على أنه قبيح لا العكس القرافي والفراهية والجمال لا يعتد بهما في تقويم الصيد لأن التحريم كان للأكل وإنما يؤكل اللحم اهـ.
فالمعيب عيبًا لا يؤثر في اللحم كالسليم ويقوم ذات الصيد يقطع النظر عن ذكورته وأنوثته ولا تقوم الأنثى على إنها ذكر ولا الذكر على أنثى ابن عبد السلام لم يلتفت أهل المذهب إلى تلك الصفات في الجزاء إذا كان هديًا فلم يعتبروها في أحد أنواع لجزاء إذا كان من النعم ألحقوا بها بقية الأنواع هذا في القيمة لواجبة لحق الله (و) لو كان الصيد الموصوف بشيء مما ذكر مملوكًا لشخص معلمًا منفعة شرعية قوم خاليًا عن تلك المنفعة لحق الله تعالى و (قوم لربه بذلك) الوصف الذي هو عليه من الصغر والمرض وغيرهما (معها) أي القيمة الواجبة لحق لله تعالى أي مع إخراجها فيعطي ربه القيمة على أنه معلم وتخرج قيمته أي ديته للفقراء فيلزمه قيمتان قيمة مجردة عن المنفعة للفقراء وقيمة مع اعتبار ما فيه من المنفعة لمالكه (و) كان للحكمين دخل (اجتهدا) وجوبًا (وإن روي فيه) أي في المصاد المقتول شيء من الصحابة بخصوصه كبدنه أو بذات سنامين في نعامة وقيل وعلق باجتهدا لفا ونشرًا غير مرتب كما هو الأحسن قوله (فيه) أي اجتهدا في الجزاء وإن روي فيه شيء مخصوص ولو أسقط أحدهما كان أحسن ويكون من التنازع ومعنى اجتهادهما حينئذ في السمن والهزل كمأول أبو الحسن كما في د فمصب الحكم الجنس ومصب الاجتهاد الأعراض والجزئيات اللاحقة كالسمن والصغر والصحة والجمال وضدها بأن يريا أن في النعامة بدنة سمينة أو هزيلة مثلا لسمن النعامة أو هزالها وقال عبد الوهاب وإنما لم يكتف بما تقدم من حكم الصحابة لقوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ} [المائدة: 95] الآية وإما ما لا دخل لهما فيه فلا اجتهاد (وله أن ينتقل) عما حكما عليه به بأن يريد به حكمًا آخر منهما أو من غيرهما وليس المراد أن له الانتقال من غير حكم ومحل كلام المصنف فيما هو مخير فيه لا فيما يتعين عليه وحكما عليه به (إلا أن يلتزم فتأويلان) المعتمد منهما
ــ
(واجتهدا وإن روي فيه) ابن عاشر أي إن تحقق معنى الاجتهاد وكيف يتصور مع تقرر الواجبات المذكورة في الجزاء انظر ابن الحاجب فيحكمان عليه باجتهادهما لا بما روى ضيح أي عن السلف ثم لا يخرجان باجتهادهما عن جميع ما روي أي إذا اختلفت الصحابة في شيء فلا يخرج عن جماعتهم قاله مالك إمامًا اتفق عليه الجميع أو روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لعدول عنه اهـ.
ونحوه لابن عبد السلام وأخذ منه أن الحكم لا بد منه حتى في المروي فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم أو اتفق عليه السلف لأن الله تعالى قال يحكم به وإن الاجتهاد خاص بغير ما ذكر وحينئذ فالاجتهاد فيما يجب لا في الأحوال من السمن والهزال كما قال أبو الحسن تبعًا لابن محرز إذ ظاهر كلامهم أن الحكمين لا يتعرضان لذلك وإنما عليه أن يأتي بما يجزي في الأضحية قاله طفى وز تبعًا لد وغيره جروا على ما لأبي الحسن (وله أن ينتقل) قول ز لا
أن له ينتقل ولو التزم والظاهر إن الالتزام على القول الآخر إنما يكون باللفظ (وإن اختلفا) أي الحكمان في قدر ما حكما عليه به أو في نوعه أو في أصل الحكم (ابتدئ) الحكم منهما أو من غيرهما أو من أحدهما مع غير صاحبه ولذا بنى ابتدئ للمفعول ولم يقل ابتدآ (والأولى كونهما بمجلس ونقض) حكمهما (أن تبين الخطأ) تبينًا واضحًا كما في المدونة كحكمهما بشاة فيه بقرة أو بعير وببقرة أو بعير فيما فيه شاة أو إطعام وظاهره ولو رضي المحكوم عليه بذلك (وفي الجنين) بضرب محرم أو حل الذي الحرم أمه فتلقيه ميتًا (و) في كل واحدة من (البيض) غير المذر إذا كسرها من ذكر من أي طائر كان فيه فرخ وخرج ميتًا بعد كسره أو لم يكن فيه فرخ (عشر دية الأم ولو تحرك) الجنين بعد نزوله ولم يستهل أو لفرخ بعد كسر البيض فإن تيقن موت جنينها بكرائحة بل ضرب بطنها فلا شيء فيه فإن استهل فمات فجزاء كما سيذكره فإن زايلها ميتة فجزؤها إن لم يستهل وإلا فجزاء ثان له وظاهر قوله والبيض ولو أتلف اثنين معًا فأكثر في فور أو في ضربة ولو وصل لعشرة وهو قول أبي عمران لو كسر عشر بيضات ففي كل بيضة واجبها لا شاة عن جملتها لأن الهدي لا يتبعض كمن قتل من اليرابيع ما يبلغ قدر شاة فلا يجمع فيها واستظهر ابن عرفة في البيض خلافه وأنه يدفع في العشرة شاة وفرق بينها وبين اليرابيع بأن العشر بيضات أجزاء كل بخلاف اليرابيع فإنها أجزاء قائمة بنفسها انظر تت وقوله فإنها أجزاء قائمة الأولى جزئيات كما لا يخفى قاله شيخنا ق وعج وقيدنا البيض بغير المنذر لأن المنذر لا شيء في كسره وكذا فيما يظهر ما اختلط صفاره ببياضه أو وجد في صفارة نقطة دم لعدم تخلق فرخ في جميع ذلك وكذا يقال في الجنين أي أن في كل جنين عشر دية أمه ولو تعدد كالتوأمين بضربة أو ضربات في فور وأراد المصنف بدية الأم جزاءها أي عشر جزاء أمه طعامًا كان أو غيره فالأول فيما في جزاء أمه طعام والثاني عشر قيمة جزاء أمه طعامًا فيما ليس في جزاء أمه الطعام كالنعامة والفيل وحمام مكة فيقوم ذلك العشر بطعام وإن قومه بدراهم ثم اشترى بها طعامًا جاز فيطعم ذلك فإن تعذر الطعام في حمام مكة صام يومًا عن الجنين أو البيض وإن تعذر في غيره من الطير صام يومًا أيضًا أن وجب في أمه مدا وأكثر إلى عشرة فإن وجب فيها أكثر من عشرة إلى عشرين صام يومين وإن وجب فيها أحد وعشرون إلى ثلاثين صام في جنينها أو بيضها ثلاثة وهكذا وأما أن وجب فيها دون مد كنصفه وجب صوم يوم فيه لوجوب تكميل الكسر فيجب في جنينها وبيضها مثل ذلك وهو في هذين مساو لأمه في الصوم عند تعذر ما يجب فيه ابتداء كما تقدم وإن تعذر في
ــ
فيما يتعين عليه الخ أي كالنعامة ونحوها مما ذكر أنه ليس فيه تخيير وتقدم أن ما ذكره غير صحيح أن التخيير في الجمع ما ذكر وغيره والله أعلم تأويلان محلهما إذا عرف ما حكما به عليه والتزمه كما في ضيح لا أن التزمه من غير معرفة والتأويل بعدم الانتقال لابن الكاتب وابن محرز والتأويل بالانتقال للأكثر (وفي الجنين الخ) قول ز والثاني عشر قيمة جزاء أمه
غير هذين سواء كان مما يخير في أمه بين إطعام وصوم أو بينهما وبين مثل فإنه يصوم أيضًا وإن تعذر فيما يتعين في أمه المثل كالنعامة فالظاهر أنه يجري فيه ما جرى في أمه وقد تقدم وظاهر قوله والبيض أن فيه العشر من غير حكومة كان بيض حمام حرم أو غيره وذكر سند أنه لا بد من حكم عدلين قال لأنه من باب الصيد اهـ.
ولعل الفرق بينه وبين أصله الذي هو حمام الحرم أن الأصل في الجزاء الحكومة لوروده في القرآن وإنما خرج عنه حمام الحرم لقضاء عثمان فيه بالشاة وبقي ما عداه ومنه البيض على حكم الأصل وإليه يشير قول سند لأنه من باب الصيد أي والصيد لا بد فيه من الحكمين إلا حمام الحرم (و) يجب فيه (ديتها أن) مات بعد أن (استهل) صارخًا بعد انفصاله عن أمه حية أو عن البيضة أي دية كدية الأم لا دية أقل لقوله فيما مر الصغير الخ ولذا عبر بديتها دون ديته وأيضًا هو المناسب لقوله عشر دية الأم والظاهر أن مثل الاستهلال سائر ما تحقق به الحياة ككثرة الرضع فيما يرضع فإن استهل ومات وماتت فديتهما معًا كما مر واعلم أن الصور أربع وهي أن يستهل أولًا وفي كل إما أن يفصل عنها حية أو ميتة فإن استهل وماتا فديتهما وإن استهل ومات أحدهما فدية الميت فقط كما إذا لم يستهل وماتت وهي لا إن لم تت هي ففيه هو العشر كما قال المصنف وقد تقدم جميع ذلك ولما كانت دماء الحج على التخيير تارة وعلى الترتيب أخرى وأنهى الكلام على المخيرة شرع في المرتبة فقال (وغير الفدية) المعهودة وهي فدية الأذى (و) غير جزاء (الصيد) المتقدمين إنهم على التخيير وذلك الغير مما يجب من دماء الحج أو العمرة كترك جمار ومبيت ليلة من ليالي منى وطواف قدوم وغير ذلك (مرتب) مرتبتين لا ينتقل عن أولاهما إلا بعد العجز عنها ولا ثالث لهما كإطعام وهما هدي ثم صيام فأشار إلى الأول بقوله (هدي وندب إبل فبقر) فضأن فمعز فحذف مرتبة لها نوعان أولهما مقدم ندبا على الثاني لأنه لا أفضلية لها هنا على شيء وإلى الثاني بقوله (ثم صيام ثلاثة أيام) وأول وقتها (من إحرامه وصام أيام منى) ولا يجوز تأخيرها لأيام منى إلا لعذر ولعل هذا حكمة قوله وصام الخ ودون أن يقول ولو أيام منى كما فعل سابقًا في غير ذلك وقد وقع تردد في صومها هل هو قضاء أو أداء لابن المعلى وابن فرحون ولا منافاة بين منع تأخيرها لها على القول به وبين كونها أداء كما تقدم نظيره في الصلاة من قوله وإثم إلا لعذر ثمن قال
ــ
طعامًا فيما ليس في جزاء أمه الطعام كالنعامة والفيل الخ تقدم فساده وأن ذلك كله من محل التخيير إلا حمام مكة وكذا قوله بعده وأن تعذر فيما يتعين في أمه المثل الخ والحاصل أنه غير في الجنين أو البيض بين عشر قيمة أمه من الطعام وبين عدل ذلك صيامًا يصوم مكان كل مد يومًا إلا بيض حمام مكة والحرم ففيه عشر قيمة الشاة طعامًا فإن تعذر صام يومًا انظر ح وغيره وكلام ز غير صحيح (وصام أيام منى) قول ز ولا يجوز تأخيرها لأيام منى إلا لعذر الخ نحوه لد وعج ونسبه لبعض شراح الرسالة والمراد به أبو الحسن وهو لم يعزه لأحد
والكل أداء (بنقص بحج) الأظهر أنه يتنازع فيه المصدر والفعل وهما صيام وصام ويرجح تعلقه بالفعل قوله (إن تقدم على الوقوف) كتعدي الميقات وتمتع وقران وترك طواف وقدوم (وسبعة) مجرور عطفًا على ثلاثة أي على العاجز عن الهدي صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة (إذا رجع) وإن لم يصلها بالرجوع فيما يظهر وأتى بقوله (من منى) دون لمكة مع أنه المراد ولو لم يقم بها لئلا يتوهم شموله بالرجوع الأول لطواف الإفاضة فيصوم ثلاثة الأيام التي لمنى من جملة السبعة مع أنه لا يصومها معها إن كان قد صام الثلاثة قبل أيام منى فالمراد بالرجوع من منى الفراغ من الرمي ليشمل أهل منى أو من أقام بها ومفهوم الشرط أن النقص أن تأخر عن الوقوف كترك النزول بالمزدلفة أو ترك رمي أو حلق أو كان وقته كلزوم الهدي للمار بعرفة الناوي للحج وكإنزال ابتداء أو إمذائه حين الوقوف أو أخر الثلاثة حتى فاتت أيام التشريق فإنه يصومها مع السبعة متى شاء (ولم تجز) السبعة ولا شيء منها بضم التاء وسكون الجيم (أن قدمت على وقوفها) بل ولا أن قدمت على رجوعه من منى كما قال سند لقوله تعالى: {إِذَا رَجَعْتُمْ} [التوبة: 94]
ــ
وتعقبه طفى بأنه خلاف قول الباجي أن تقديم الصوم أفضل ونحوه قول ابن رشد لا ينبغي له أن يؤخر الخ وقول ابن عرفة الاستحباب كمال صومها قبل يوم عرفة وقول المدونة وله أن يصوم الثلاثة الأيام ما بينه وبين يوم النحر وصام الثلاثة أيام التي بعده اهـ.
فلو كان صومها واجبًا قبل يوم النحر ويأثم بالتأخير ما قالت وله والحاصل أن الأظهر من المذهب كما قال الباجي أن صيامها قبل يوم النحر مفضل لا واجب والله أعلم وقول ز وقد وقع تردد الخ نحوه لس قال طفى وهو قصور لقول الباجي في المنتقى قال أصحاب الشافعي أن صيام أيام منى على وجه القضاء والأظهر أنها على وجه الأداء وإن كان الصوم قبلها أفضل كوقت الصلاة في الذي فيه سعة الأداء وإن كان أوله أفضل من آخره (بنقص بحج) قول ز الأظهر أنه يتنازع فيه المصدر والفعل الخ أي فيكون مراده أن تقدم النقصان على الوقوف بعرفة شرط في أمرين أحدهما كون صوم الثلاثة من إحرامه إلى يوم النحر والثاني كونه إذا فات ذلك صام أيام منى قال غ ويحتمل أن يكون متعلقًا بصام فقط وكأنه على هذا لما قال وصيام ثلاثة أيام من إحرامه فبين البداءة قيل له فأين الغاية هل هو يوم عرفة أو صوم أيام منى فأجاب بالتفصيل قائلًا وصام أيام منى بنقص يحج أن تقدم على الوقوف ويرجح هذا الثاني أن من كان نقصانه يوم عرفة فما بعده يستحيل أن يصوم لذلك قبله لا يحتاج لذكره إلا أن قوله بحج يكون فيه على هذا قلق واحترز به من العمرة اهـ.
(وسبعة) قول ز مجرور عطفًا على ثلاثة الخ هو الصواب ولا يصح عطفه على معمول صام لأنه يقتضي تقييد السبعة بالقيود التي قيد بها قوله صام وليس كذلك بل السبعة تصام في الحج والعمرة تقدم النقص على الوقوف أو تأخر نعم قوله إذا رجع من منى يقتضي اختصاص السبعة بالحج وليس كذلك (إذا رجع من منى) ابن عاشر انظر لو أوقع بعضها في أيام منى والظاهر عدم الإجزاء لقوله في الصوم لا سابقيه إلا لمتمتع اهـ.
وقولي ولا شيء منها أي أنه إذا قدم السبعة على وقوفه ونيته أن يصوم الثلاثة بعده فلا يحتسب من السبعة بثلاثة كما اقتصر عليه تت وقال عج فيه خلاف وأما أن صام العشرة بتمامها قبل الوقوف فقال ح الظاهر أنه يجتزي منها بثلاثة ولا مخالفة بين ما في تت وح لأن كلا منهما في موضوع غير موضوع الآخر.
تنبيه: يستحب أن يؤخر صوم السبعة إلى أن يرجع لأهله للخروج من الخلاف في معنى قوله تعالى: {إِذَا رَجَعْتُمْ} هل للأهل كما يقوله المخالف أو لمكة كما يقوله مالك فإذا استوطن مكة صام بها (كصوم أيسر قبله) أي قبل الشروع فيه أو بعده وقبل كمال يوم فلا يجزيه صوم بل يرجع للهدي لأنه صار واجده ولا يجوز له فطر بقية النهار (أو وجد مسلفًا المال) يهدي به وينظره بالقضاء من مال له (ببلده) لأنه موسر حكمًا فإن لم يجد كذلك صام ولا يؤخر لبلده ولا لمال يرجوه بعد خروج أيام الحج لأنه مخاطب بالصوم فيها (وندب بالرجوع له) أي للهدي إن أيسر به (بعد) صوم (يومين) وكذا يندب في اليوم الثالث قبل إكماله كما في الشارح وكذا يندب الرجوع بعد إكمال يوم واحد خلافًا لما يوهمه كلامه مع أنه يجب والذي يجب فيه الرجوع ولا يجزي الصوم فيه إنما هو إذا أيسر قبل إكمال يوم كما قدمته فتلخص أنه يندب الرجوع له بعد كل يوم وقبل كمال ثالث وأما بعد تمام الثالث فلا يرجع لأنها قسيمة السبعة فكانت كالنصف كما في تت وهو يقتضي أنه لا يجوز له الرجوع إلى الهدي مع أنه الأصل وفي ح ما نصه قال ابن رشد لو وجد الهدي بعد صوم الثلاثة لم يجب عليه إلا أن يشاء اهـ.
وعطف على إبل قوله (و) ندب (وقوفه به) بالهدي (المواقف) كلها فالندب منصب
ــ
وقول ز فإنه يصومها مع السبعة متى شاء الخ نحوه قول المدونة وأما من لزمه ذلك أي الهدي لترك جمرة أو لترك النزول بالمزدلفة فليصم متى شاء اهـ.
وبذلك عبر ابن الحاجب قال في ضيح وقوله صام متى شاء أي ولا يصوم في أيام التشريق اهـ.
(وندب الرجوع له بعد يومين) نحوه لابن الحاجب وابن شاس وأصله قول اللخمي استحب مالك لمن وجد الهدي قبل أن يستكمل الأيام الثلاثة أن يرجع إلى الهدي اهـ.
قال طفى وانظر هذا مع قول المدونة في كتاب الظهار وأن صام ثلاثة أيام في الحج ثم وجد ثمن الهدي في اليوم الثالث فليمض على صومه فإن وجد ثمنه في أول يوم فإن شاء أهدى أو تمادى على صومه اهـ.
فأمره بعد يومين بالتمادي وخيره في أول يوم وكل ذلك مخالف لما هنا قلت قد يقال يصح حمله ما ذكره المصنف ومتبوعاه على ما في المدونة بأن يراد باستحباب الرجوع بعد يومين أي وقبل الشروع في الثالث كما نقله تت عن ابن باجي خلافًا للخمي وأن المراد بالتخيير الذي فيها عدم اللزوم فلا ينافي الاستحباب تأمله والله أعلم وبما ذكر تعلم أن قول ز بوجوب الرجوع للهدي بعد الشروع وقبل كمال يوم غير صحيح (ووقوفه به المواقف) قول ز
على الجميع وإن كان وقوفه به بعرفة جزءًا من الليل شرطًا وهذا فيما ينحر بمنى وأما ما ينحر بمكة فالشرط فيه أن يجمع بين الحل والحرم ويكفي وقوفه به في أي موضع من الحل وفي أي وقت وأراد بالمواقف عرفة والمشعر الحرام وكذا منى وعدت موقفًا لوقوفه فيها عقب الجمرتين الأوليين وليست المزدلفة من المواقف خلافًا للشارح وقت إنما هي مبيت (و) ندب (النحر) للهدي وكذا جزاء الصيد (بمنى) مع استيفاء الشروط الثلاثة الآتية ويشترط كونه نهارًا فلا يجزي ليلًا على المشهور وأما الفدية فلا تختص بمكان كما قدمه ولو عبر بالزكاة كان أشمل وما قررناه من ندبه مع استيفاء الشروط نحوه في ح فإن زكى بمكة مع استيفائها صح مع مخالفة الندب قال وهو الذي يأتي على مذهب ابن القاسم وشهره المصنف في منسكه اهـ.
ونحوه حل الشارح وحل تت مع أنه مع استيفائها واجب وعزيا عن عياض الوجوب لابن القاسم فانظره مع ما في ح واتفق الشارح وح على الإجزاء أن نحو بمكة مع استيفاء الشروط وذكر أولها بقوله: (إن كان) سيق الهدي وكذا جزاء الصيد (في) إحرام (حج) فرض أو منذور أو تطوع وشمل قولي سبق في حج ما إذا كان عن نقص في عمره وثانيها بقوله (و) أن (وقف به هو) أي صاحبه المحرم (أو نائبه) ولو حكمًا كناحره حين صل كما يأتي (كهو) أي كوقوفه فحذف المضاف فانفصل الضمير وحينئذ فالكاف داخلة على مقدر وليس من القليل ومعنى وقوفه كوقوفه أنه لا بد أن يقف به جزءًا من ليلة النحر وبهذا يجاب عن قول ابن غازي فيبقى قوله كهو زيادة بيان قاله د فاحترز بقوله أو نائبه عن وقوف التجار لأنهما ليسوا نائبين منه إلا أن يشتريه منهم ويأذن لهم في الوقوف به عنه وبقوله كهو عن وقوف النائب بغير الليل وقد يدعي أن حقيقة النائب اسم فاعل إنما هي في نيابته عن وقوف الأصلي بالليل إذ هو الشرعي وغيره كالمعدود حسًّا فيتم ما لغ وثالثها بقوله (بأيامها) أي منى هذا ظاهر سياقه وعليه قرره الشارح وقت وقال عج ود المعتمد أيام النحر فقط إذ اليوم الرابع ليس محلا لنحر ولا ذبح فتجوز في التعبير ولو عبر بأيام النحر كان أولى (وإلا) بأن انتفت هذه الشروط الثلاثة أو شيء منها بأن لم يكن ساقه في
ــ
منصب على الجميع الخ نحوه في ح وقت وتعقبه ابن عاشر وطفى بأن كلام المصنف لا يحتاج لتأويل بل هو على ظاهره من أن كل موقف مستحب لأن وقوفه بعرفة جزءًا من الليل إنما هو شرط لنحره بمنى وليس شرطًا في نفس الهدي حتى لو ترك بطل كونه هديًا ولا منافاة بين استحباب وقوفه به بعرفة وبين كونه شرطًا في نحوه بمنى والنحر بمنى غير واجب بل إن شاء وقف به عرفة ونحره بمنى وإن شاء لم يقف به ونحره بمكة قاله في المدونة (والنحر بمنى) قول ز وحل الشارح وتت الخ صوب طفى ما اقتضاه حل الشارح وتت من الوجوب لأنه صرح به عياض في الإكمال وما قاله ح غير ظاهر قال ولا دليل له في قول المدونة ومن وقف لهدي جزاء صيد أو متعة أو غيره بعرفة ثم قدم به مكة فنحره بها جاهلًا وترك منى متعمدًا أجزأ اهـ.
إحرام الحج بل في إحرام عمرة نذرا أو فاته الوقوف به بعرفة أو خرجت أيام النحر (فمكة) وجوبًا فإن لم يرد الذبح بها صبر لقابل وذبح بمعنى انظر ق قاله د ولا يجزى بمنى ولا بغيرها لقوله تعالى: {هَدْيًا} [المائدة: 95] بالغ الكعبة قال ابن عطية وذكر الكعبة لأنها أم الحرم رأسه قاله البدر ولما كان الواجب في كل هدي واجب أو تطوع الجمع بين الحل والحرم وكان ما يذبح بمنى مجموعًا فيه بين الحل والحرم لأن شرطه الوقوف به بعرفة وهي حل بين المصنف أن ذلك يشترط فيما يذبح بمكة الذي من صوره ما فات الوقوف به بعرفة فنال (وأجزأ) كل هدي ينحر بمكة (أن أُخرِج) بالبناء للمجهول (لحل) من أي الجهات ولو بالشراء من الحل وسواء كان المخرج له محرمًا أو حلالًا كما لو قتل بعد الإحلال صيدًا في الحرم وسواء أخرجه هو أو نائبُه حلالًا أو مُحرمًا وهذا من فوائد بناء أخرج للمجهول قال في الطراز والأحسن إذا كان الهدي مما يقلد ويشعر إن يؤخر ذلك إلى الخروج به إلى الحل فإن قلده وأشعره في الحرم أجزأه والأحسن أن يباشر ذلك بنفسه وأن يحرم إذا أدخله قال في المدونة فإن دخل به حلالًا أو أرسله مع حلال أجزأه اهـ.
وظاهر قوله لحل أي جهة منه كما مر وانظر هل يجري هنا قوله فيما مر والجعرانة أولى ثم النعيم أم لا وشبه في الإجزاء قوله (كأن وقفَ به) بالبناء للمجهول فيشمل ما وقفه ربه أو غيره (يَضَل) بعد ذلك قوله (مقلد) حال من الضمير الراجع للهدي يتنازع فيه الفعلان قبله (ونحر) معطوف على وقف أي نحر بمنى في أيامها أو بمكة بشرطه ثم وجده كما يشعر به قوله ونحر فيجزي عن ربه ولو نواه من نحره عن نفسه غلطًا قال تت فإن شرطيه ووقف فعل الشرط ونحر من تمام الشرط والجواب ما في الكاف من التشبيه والتقدير أن وقف به فضل وهو مقلد ونحر أجزاء اهـ.
وقوله فإن ألح لا يقال في هذا تكلف بل هي مفتوحة والتشبيه في مطلق الإجزاء لانا نقول فتحها يوهم أن التشبيه لإجزاء الوقوف مع الكيفية المخصوصة لا لإجزاء الهدي عن ربه فتدبره قاله شيخنا للقاني وقوله ولا يقال فيه رد على الشيخ سالم ولا يخفى أنه لا معنى لإجزاء الوقوف على الكيفية المخصوصة إلا إجزاء الهدي الذي الكلام فيه عن ربه ومفهوم قوله وقف به الخ أنه إن لم يقف به بعرفة وضل مقلدًا ثم وجده مذكى بمنى ويجزه كما إذا ضل قبل الجمع فيه بين الحل والحرم ووجده مذكى بمكة فإنه لا يجزئ بخلاف ما إذا لم يقف به بعرفة وضل مقلدًا ثم وجده بمكة بعد أن جمع فيه بين الحل والحرم فيجزئ فإن تحقق نحره ولم يدر هل نحر بموضع فيجزئ نحره فيه أم لا فظاهر المصنف الإجزاء قاله عج وقد يقال ظاهره عدم الإجزاء ويبعد أن يعرف نحوه دون
ــ
لأن الإجزاء لا يدل على الجواز اهـ.
(كان وقف به فضل) قول ز ثم وجده مذكى بمنى لم يجزه الخ يجب أن يقيد هذا بما إذا لم
موضعه ثم أعاد الكلام على الهدي المسوق في إحرام عمرة لبيان زمانه وما يترتب عليه بقوله (و) الهدي المسوق (في) إحرام (الثمرة) سواء كان لنقص فيها كخلل في إحرامها كمجاوزة الميقات وترك تلبية أو إصابة صيد أو في حج أو تطوعًا أو نذرًا وجزاء صيد فمحل نحره (بمكة) وأعاد هذه المسألة مع دخولها في قولها وإلا فمكة كما علمت لقوله (بعد سعيها) ولا يجزي نحره قبله لأنهم نزلوا سعيها بمنزلة الوقوف في هدي الحج في أنه لا ينحر إلا بعده (ثم حلق) رأسه أو قصر وحل من عمرته الأبهري ولا يجوز أن يؤخر نحره أي عن الحلق يأتي بثم المرتبة لأن الحلق في العمرة يكون بعد الذبح كالحج لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ} [البقرة: 196] قاله تت وقوله الأبهري ولا يجوز ولا يعارض ما قدمه المصنف من قوله عاطف على المندوب ثم حلقه ولو بنورة اهـ.
وقال تت هناك وهذا الحلق في العمرة يكون بعد الذبح كالحج اهـ.
لحمل لا يجوز على الكراهة فالنهي للكراهة في الآية كما مر (وإن) أحرم شخص بعمرة وساق هديًا تطوعًا وقلده أو أشعره ثم (أردف) حجًّا عليها (لخوف فوات) لحجه أن تشاغل بعملها الضيق وقت (أو لحيض) من امرأة أحرمت بعمرة وقد ساقت معها هديًا تطوعًا فحاضت وخافت أن استمرت على حيضها حتى تكمل العمرة فإنها الحج فأردفته لذلك (أجزأ) الهدي (التطوع) في الصورتين وهو ما سيق لغير شيء وجب أو يجب في المستقبل (لقرانه) أي من ذكر من الشخصين ولو حذف لخوف فوات لكان أشمل وأخصرا دلو أردف لا لخوف فوات ولا لعذر كان الحكم كذلك وكلامه يوهم خلاف ذلك فالمدار على أردافه في محل يصح فيه لا ردف وظاهر قوله أجزأ التطوع لقرانه وإن قلده وأشعره للعمرة قبل الإرداف وهو ظاهر إطلاقاتهم أيضًا خلافًا لقول البساطي أن الإجزاء ظاهر إذا لم يقلد أو يشعر للعمرة أي قبل الإرداف قال في المعونة ويستحب للمردفة لحيض أن تعتمر بعد فراغها من القران كما فعلت عائشة اهـ.
وشبه في الإجزاء قوله (كأن ساقه) أي الهدي لا بقيد كونه تطوعًا (فيها) أي العمرة ثمن لما حل من عمرته وقلده أو أشعره بداله فأحرم بالحج و (حج من عامه) ذلك وصار متمتعًا وبقولنا لا بقيد الخ لا يشكل هذا مع قوله (وتؤولت أيضًا بما إذا سيق للتمتع) أي ساقه ليجعله عن متعته إلا أنه لما قلده وأشعره قبل الإحرام بالحج سماه تطوعًا لذلك فهو تطوع حكمًا فإنه يجزي من تمتعه فإن لم يسق له لم يجزه والتأويل الأول يجزي مطلقًا قال بعض ولو قال المصنف وهل يجزي أن ساقه فيها ثم حج من عامة أو إلا إذا سيق للتمتع تأويلان كان جرى على غالب قاعدته في ذكر التأويلين اهـ.
ــ
يعلم أن واجده وقف به وإلا أجزأه قال في المدونة ومن قلد هديه وأشعره ثم ضل منه فأصابه رجل فأوقفه بعرفة ثم وجده ربه يوم النحر أو بعده أجزأه ذلك التوقيف لأنه قد وجب هديًا اهـ.
والجواب على المصنف أن المذهب الأول لأنه ظاهر الكتاب فإن قلت لم أجزأ التطوع المحض عن القران ولم يجز عن التمتع على التأويل الثاني إذا لم يسبق له قلت لأن القران لما كانت العمرة فيه مندرجة في الحج فتعلقها بالحج أقوى من تعلقها به في التمتع فكان الذي سيق فيها في الحج (والمندوب) فيما ينحر بمنى الثابت بالسنة عند الجمرة الأولى ومنى كلها منحر ولا يجوز النحر بعد جمرة العقبة مما يلي مكة لأنه ليس من منى وفيما ينحر (بمكة المروة) لما في الموطأ وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بمنى هذا المنحر وكل منى منحر وفي العمرة عند المروة هذا المنحر وكل فجاج مكة وطرقها منحر والمراد القرية نفسها فلا يجوز النحر بذي طوى بل حتى يدخل مكة كما قال ابن القاسم ودل قوله وكل فجاج مكة الخ على أن قوله هذا المنحر أي المندوب كما قال المصنف (وكره) لمن له هدي (نحر غيره) أي استنابة غيره في نحر هديه أو ذبح ما يذبح أي كره إنابة غيره في ذكاته أن أسلم النائب وإلا لم يجز وعليه البدل كما في المدونة فإن ذكى الغير بغير استنابة لم يكره لربه ويأتي الكلام على إجزائه آخر الباب وشبه في الكراهة قوله (كالأضحية وإن مات متمتع) عن غير هدي أو عن هدي غير مقلد (فالهدي) واجب على الورثة إخراجه (من رأس ماله) ولو لم يوص كالحرث والماشية إذا مات بعد الوجوب بخلاف العين لأنه يمكن إخراجها سرًّا والهدي يقلد ويشعر ويساق من الحل إلى الحرم فلا يخفى لكنه مؤخر عن دين الآدمي كما سيأتي آخر الكتاب عند قوله ثم تقضي ديونه (إن رمى العقبة) أو فات وقتها بفوات يوم النحر ثم مات قبل رمها بالفعل كما قال ابن عرفة أو طاف للإفاضة قبل رميها ثم مات قبل رميها فالهدي من رأس ماله أيضًا في هذين لتعليلهم وجوبه من رأس المال بأنه حصل له معظم الأركان مع حصول أحد التحللين فكان كمن أشرف على فراغ العبادة وإن مات قبل ذلك لم يجب على الورثة شيء فإن قلد الهدي تعين ذبحه ولو مات صاحبه قبل الوقوف فإن انتفت الثلاثة فلا شيء عليه لا من رأس مال ولا من ثلث ولا يعارض ما هنا قولهم ودم التمتع يجب بإحرام الحج لأن معنى قوله يجب وجوبًا موسعًا وإنما يتحتم برمي العقبة كما قال هنا وما هو مثلها ونظير هذا ما يأتي في الظهار من أن الكفارة تجب بالعود وتتحتم بالوطء وتقدم ذلك أيضًا ومفهوم قوله متمتع أنه إن مات قارن فالهدي من رأس ماله حيث أردف الحج على العمرة إردافًا صحيحًا ثم مات تقرير (وسن الجميع) أي جميع دماء الحج من الهدي والجزاء والنسك
ــ
ونحوه لابن الحاجب ولولا الفاء في قول المصنف فضل لكان حمله على هذا الفرع أولى والله أعلم (وكره نحر غيره) قول ز أن أسلم النائب الخ هذا القيد مأخوذ من التشبيه لأنه قيد الضحية به فيما يأتي (والمعتبر حين وجوبه) قول ز وفي كلامه في المناسك الخ ما في المناسك هو المراد هنا لقوله في ضيح بعد عبارة ابن الحاجب التي هي كعبارته هنا ما نصه المراد بالتقليد هنا تهيئة الهدي وإخراجه سائرًا إلى مكة اهـ.
والفدية (وعيبه كالضحية والمعتبر) من السن المشترط وجوده والعيب المشترط نفيه (حين وجوبه) أي تعينه وتميزه عن غيره ليكون هديًا فيما لا يقلد (وتقليده) فيما يقلد فليس المراد بالوجوب أحد الأحكام الخمسة ولا بالتقليد حقيقته وفي كلامه في المناسك ما يفيدان تمييزه وتعيينه ليكون هديًا كاف حتى فيما يقلد أيضًا (فلا يجزئ) هدي واجب أو منذور مضمون (مقلد بعيب) يمنع الإجزاء ولا ما لم يبلغ السن (ولو سلم) أو بلغ السن المجزئ قبل الذبح بخلاف عيب لا يمنع الإجزاء فيجزئ كعيب يمنعه في متطوع به أو منذور معين ثم يجب إنفاذ ما قلد معيبًا هديًا لوجوبه بالتقليد سواء كان واجبًا أو غيره وسواء كان عيبه يمنع الإجزاء أم لا (بخلاف عكسه) وهو أن يقلده سليمًا أو يعينه كذلك ليكون هديًا ثم بتعيب فيجزي (أن تطوع به) فيه نظر إذ المعتمد أنه يجزئ في الواجب أيضًا وأجيب عنه بثلاثة أجوبه أحدها لق أن هنا واو أنقصت من الكاتب وقوله وإرشه هو بالفاء والأصل وأن تطوع به فإرشه الخ الثاني أن قوله إن تطوع به مقدم من تأخير والأصل وإرشه وثمنه في هدي أن بلغ وإلا تصدق به أن تطوع به وفي الفرض الخ الثالث ما لجد عج من إبقاء قول المصنف بخلاف عكسه أن تطوع به على حاله مع حمله على من قلد هديًا يظنه سليما فيتبين أنه معيب فإنه يجزي في التطوع دون الواجب قال عج وهي مسألة لا تستفاد من كلام المصنف على الجوابين السابقين فان قلت ما معنى تعلق الإجزاء بالتطوع قلت معناه أنه يحصل له بذلك ثواب التطوع (وإرشه) أي هدي التطوع ومثله منذور معين ولو منع الإجزاء وتقييد تت بما لا يمنع الإجزاء لأنه المتوهم إذ أولى منه ما يمنع (وثمنه) إذا استحق يجعل (في هدي أن بلغ) ذلك هديًا (وإلا) يبلغ (تصدق به) وجوبًا واستشكل ما ذكره في هدي التطوع بقاعدة من تصدق بمعين ثم استحق فلا يلزمه بدله ولو اشترى شيئًا ووهبه ثم استحق فإن الثمن الذي يرجع به على بائعه يكون للواهب وأجاب اللخمي بأنه هنا نذر الثمن أو تطوع به ثم اشترى به هديًا ولو كان إنما تطوع بالهدي لم يلزمه البدل قال الغرياني وجوابه ظاهر في الفقه بعيد من لفظ الكتاب (و) المأخوذ (في) أرش (الفرض) الأصلي أو المنذور المضمون (يستعين في غير) أي يجعله
ــ
وقال سند الهدي يتعين بالتقليد والإشعار أو بسوقه أو نذره وإن تأخر ذبحه اهـ.
(بخلاف عكسه) هذا مقيد بما إذا كان تعيب من غير تعديه ولا تفريطه فإن كان بتعد منه أو تفريطه ضمن كما في ح عن الطراز وكلام المصنف مقيد أيضًا بما إذا لم يمنع التعييب بلوغ المحل فلو منعه كعطب أو سرقة لم يجزه الهدي الواجب والنذر المضمون كما يأتي (أن تطوع به) قول ز الثالث ما لجد عج الخ هذا الجواب لا يصح لأن حمل كلام المصنف على هذه الصورة يقتضي أن قوله فلا يجزئ مقلد الخ عام في التطوع وغيره وليس كذلك لما تقدم أنه خاص بالواجب والنذر المضمون فتأمله وقد اقتصر ح على الجوابين الأولين واستقرب الأول منهما (وفي الفرض يستعين الخ) قول ز فإن لم يمنعه فكالتطوع الخ يشمل العيب
في البدل الواجب أن بلغ أن يستعين به في ذلك البدل الواجب وهذا في عيب يمنع الإجزاء فإن لم يمنعه فكالتطوع يجعل في هدي أن بلغ وإلا تصدق به وقد قلب تت هذا التقييد والوجه ما قلنا (وسن) في هدايا الإبل بقرينة ذكره البقر والغنم بعد ذلك لمن يصح منه النحر (إشعار) أي شق (سنمها) بضم أوله وثانيه جمع سنام إن كان لها سنام وكذا ما لا سنام لها كما في المدونة وروى محمد لا تشعر وشهر وهو ظاهر المصنف لأنه تعذيب قوي بخلاف ما لها سنام فإن أشعر من لم يصح نحره لم تحصل تلك السنة في هذا الهدي وانظر هل يسن لربه إعادته فيه أم لا لزيادة التعذيب وما لها سنامان يسن في واحد منهما كما هو ظاهر كلامهم (من الأيسر) الظاهر أن من بمعنى في كقوله تعالى من يوم الجمعة: {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} [الأحقاف: 4] وقول غ إنها للبيان بعيد قاله ح وجعلها للبيان بأن يكون المراد إشعار سنمها الذي هو الأيسر ووجه بعده أن البيان حينئذ بعض المبين بالفتح (للرقبة) اللام بمعنى من على المعتمد هنا والمعنى أن يشق في السنام من ناحية الرقبة إلى جهة المؤخر فلا يبدأ من المؤخر إلى المقدم ولا من المقدم إلى جهة ركبتي البعير ولا بد في الندب أن يسيل منه الدم ولو شق قدر أنملة كما في ابن عرفة ونحوه في مناسك المصنف وذكره بعده ما نصه وقيل قدر أنملتين واقتصر عليه تت وابن الخطاب في مناسكه قال البدر وانظره مع أن المصنف حكاه بقيل وصدر بالقول بالاكتفاء بمجرد الإسالة اهـ.
وانظر ما حكم البدء من ناحية الرقبة وما حكم كون الإشعار في الأيسر وفي تت أنه يحتمل أن السنة تلك الكيفية أو مطلق الإشعار والكيفية مندوبة اهـ.
ــ
الخفيف مطلقًا والعيب الطارئ بعد التقليد لأنه لطروه لا يمنع الإجزاء ويتحصل من كلامهم أربع صور لأن الهدي إما تطوع ومثله النذر المعين واما واجب ومثله النذر المضمون وكل منهما إما أن يمنع العيب الإجزاء أو لا ومحل التفصيل الذي في المصنف إذا كان الهدي واجبًا والعيب يمنع الإجزاء لكونه شديدًا متقدمًا على التقليد وقول المصنف يستعين به في غير ظاهره كالمدونة وجوبًا والذي لابن يونس واقتصر عليه ابن عرفة يستعين به في البدل إن شاء (وسن إشعار سنمها) ابن عرفة الإشعار رشق يسيل دمًا اهـ.
والسنم بضمتين جمع سنام كقذال وقذل وقول ز ونحوه في مناسك المصنف وذكر بعده وقيل قدر أنملتين الخ هذا تحريف لكلام المنسك ولفظها والإشعار أن يشق من سنامها الأيسر وقيل الأيمن من نحو الرقبة إلى المؤخر وقيل طولًا قدر أنملتين أو نحو ذلك اهـ.
فليس فيها قدر أنملة وليس قولها قدر أنملتين مقابلًا لما قبله كما زعمه ز فيهما وإنما قوله وقيل داخل على قوله طولًا مقابلًا لقوله إلى المؤخر الخ وبه تعلم أن ما نقله عن البدر قصور غير صحيح والصواب ما لا بن الخطاب وتت وعليه اقتصر ح وقول ز وما حكم كون الإشعار في الأيسر الخ هذا قصور ففي ابن عرفة ما نصه وفي أولويته أي الإشعار وفي الشق الأيمن أو الأيسر ثالثها أنه السنة في الأيسر ورابعها هما سواء اهـ.
وهذا غير حكمة كونه في الأيسر ليكون بيمين المشعر مستقبلًا ووجهها للقبلة أيضًا كما وجه به الأبهري وغيره كما في الشارح آخذًا بيده اليسرى زمامها (مسميًا) ندبًا كذا بطرة عن سيدي أحمد بابا عازيًا له لمالك وقول البدر الظاهر السنية لا الوجوب لأنه ليس يذبح فيه أنه ليس الإشعار من الأماكن التي تجب أو تسن فيها التسمية فيما علمت فلم يبق إلا الندب أي قائلًا بسم الله ويزيد والله أكبر (و) سن (تقليد) أي تعليق شيء في العنق وكان الأولى وتقديم هذا في الذكر لأن السنة تقديمه في الفعل على الإشعار خوفًا من نفارها لو أشعرت أو لا وكأنه اعتمد على قوله فيما مر عند الإحرام وتقليد هدي ثم إشعاره لو عكس خالفها ولم يكتف بما تقدم لإجماله هناك وتفصيله هنا بأن الهدي منه ما يقلد ويشعر ومنه ما يقلد فقط ومنه ما لا يقلد ولا يشعر وزمنهما عند الإحرام لأنه من سنن الهدي إلا أن يكون الهدي لا يجب إلا بعد الإحرام فلا يقلد ولا يشعر إلا بعده قاله في منسكه وقال تت ابن عرفة عياض وابن رشد يستحب لسائقه فعلهما من ميقاته ولباعثه من حيث بعثه وفي كراهة فعلهما بذي الحليفة مؤخرًا إحرامه للجحفة نقلًا الباجي سماع ابن القاسم مع رواية محمد ورواية داود بن سعيد لا بأس به وفعلهما بمكان واحد أحب إليّ اهـ.
منه عند قوله لا الغنم وقول المنسك فلا يقلد ولا يشعر إلا بعده أي يكره قبله على المعتمد كما يفيده عز وابن عرفة (وندب) في المقلد به (نعلان) ويجزي الواحد أي ندب أن يعلق في عنقه نعلين وندب تعليقهما (بنبات الأرض) أي أن يعلق بحبل من نبات الأرض فلا يجعل من الأوتار ولا من الشعر ونحوهما مخافة أن تحبس في غصن شجر عند رعيها فيؤدي ذلك إلى اختناقها وما كان من نبات الأرض يمكنها قطعة وفائدة التقليد أن يعلم بذلك المساكين فيجتمعون له وقيل لئلا تضيع فيعلم إنها من الهدايا فترد ولم يكتف بالتقليد لأنه بصدد الزوال (وتجليلها) أي البدن فقط كما في تت ونحوه في مناسك ابن الخطاب بأن يجعل عليها شيئًا من الثياب والبياض أولى وقول الشارح أي الهدايا مراده من الإبل خاصة وما ذكره من ندب لتجليل نحوه في البيان وفي المدونة يجلل أن شاء ونحوه لابن الحاجب (وشقها) أي الجلال على الأسنمة ليظهر الإشعار وتمسك بالسنام مخافة سقوطها (إن لم ترتفع) أثمانها بأن تساوي درهمين فإن ارتفعت بأن زادت عليهما استحب أن لا تشق لأنه إضاعة مال المساكين وإفساد الجلال عليهم قال في البيان ويؤخر تجليها حينئذ إلى عند الغد ومن منى إلى عرفة (وقلدت البقر) استنانًا فيما يظهر (فقط) دون إشعار فهو قيد لقلدت لا للبقر لأنه مستغنى عنه بقوله لا الغنم ولأنه لا يظهر
ــ
وقول ز كما وجه به الأبهري وغيره الخ نسبة ابن عرفة للباجي وابن رشد وبحث فيه بقوله إنما يصح ما قالا إن أرادا توجيهها للقبلة كالذبح لا رأسها للقبلة اهـ.
انظر غ (وتجليلها) قول ز أي البدن فقط الخ نحوه في ضيح ونصه وإنما تجلل البدن
المراد من قوله (إلا بأسنمة) من إنها تقلد ولا تشعر إلا بجعل فقط قيدًا لقلدت كما في تت وليس المراد إلا بأسنمة فلا تقلد قال الشيخ سالم وانظر هل تجلل حينئذ أم لا (لا الغنم) فلا تشعر ولا تقلد الأول حرام لأنه تعذيب فأصله المنع في غير ما ورد النص فيه والثاني يكره فقط فيما يظهر ولما كان المنع الأكل من الهدي ونحوه وجوازه أربعة أقسام أشار للأول منها بقوله (ولم يؤكل) أي يحرم على الهدي أن يأكل (من نذر) أي منذور (مساكين) أن (عين) لهم لفظًا كهذا نذر للمساكين أو نية كهذا نذر لله عليّ ونوى أن يكون للمساكين فيمنع الأكل منه (مطلقًا) بلغ محله وهو منى بشروطها وإلا فمكة أو لم يبلغ كانوا معينين أم لا وقال د أي قبل بلوغ المحل حيث عطب أو بعد بلوغه حيث سلم إما عدم الأكل منه قبل المحل فلأنه غير مضمون وأما بعد المحل فلأنه قد عين آكله وهم لمساكين اهـ.
ومثله هدي التطوع إذا جعل للمساكين بالنية أو باللفظ عين أم لا والفدية إن لم تجعل هديًا فهذه الثلاثة يحرم على مهديها الأكل منها وأشار للقسم الثاني بقوله (عكس الجميع) أي جميع الهدايا متطوعًا بها أو واجبة ما تقدم ذكره من واجب لنقص بحج أو عمرة وفوات تعدى ميقات وترك ونزول بعرفة نهارًا أو بمزدلفة ليلًا أو مبيت بمنى أو رمي جمار أو طواف قدوم أو تأخير حلاق وكهدي فساد على المشهور وما لم يتقدم ذكره كنذر غير معين فله الأكل منها مطلقًا بلغت محلها أم لا ويتزود كما في تت الصغير ونحوه لد وترك في كبيره غير معين لفهمه من القسم الأول في المصنف ولا بد أيضًا أن لا يجعله للمساكين إذ غير المعين إذا جعل لهم فهم قوله الآتي إلا نذرًا لم يعين وهو مفهوم قوله هنا عين ولم يكتف بفهمه مما هنا لأنه مفهوم غير شرط أي وجعله للمساكين كما تقدم فالنذر المضمون إذا لم يسمه للمساكين ولا نواه لهم يأكل منه قبل المحل إذا عطب
ــ
دون البقر والغنم قاله في المبسوط (إلا بأسنمة) ما ذكره المصنف هو قول المدونة وتقلد البقر ولا تشعر إلا أن تكون لها أسنمة فتشعر اهـ.
وعزا لها ابن عرفة البقر لا تشعر مطلقًا وتعقبه طفى بقولها المذكور وقول ز وانظر هل تحلل حينئذ أم لا الخ هذا قصور والذي نقله الباجي عن المبسوط إنها لا تجلل ونقل الأبي عن المازري إنها تجلل فهما قولان (ولم يؤكل من نذر مساكين) صوابه ولا يؤكل وقول ز ومثله هدي التطوع الخ الصواب إسقاط هذا والذي بعده أما هدي التطوع فلأنه لم أر من ذكر فيه التفصيل الذي ذكره بل كل من ذكره إنما يجعله من القسم الرابع كالمصنف على أن ما فصله فيه غير صحيح وذلك أنه أن سماه للمساكين باللفظ كهذا هدي للمساكين صار نذر إلا تطوعًا لأنه سيأتي أن النذر لا يختص بصيغة لله علي وقد قالوا في نحو أنا حرم ومالي في سبيل الله أنه نذر وأن سماه لهم بالنية جرى على الخلاف الآتي في انعقاد اليمين بالنية ثم إن كان نذرًا جرى على حكمه وإلا فهو على حكم التطوع وأما الفدية إذا لم تجعل هديًا فلأنها لما كانت لا تختص بمكان بل أينما ذبحت فذلك محلها لا يتصور فيها ذبح إلا بعد المحل فهي داخلة في قول المصنف الفدية والجزاء بعد المحل ولذلك أطلق فيها (عكس الجميع)
لوجوب بدله عليه وبعد المحل إذا سلم لأن آكله غير معين فهو على سنة الهدايا وقد قال تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] قاله د ويأتي قريبًا إذا سمي أو نوى لهم والقانع هو السائل كذا فسره ابن عباس ويقع في اللغة مرادًا به من يقنع باليسير وليس مرادًا هنا لعطفه والمعتر عليه هو من يعرض بالسؤال ولا يسأل وإذا جاز له الأكل في الجميع (فله) بسبب هذه الإباحة المطلقة (إطعام الغني والقريب) وإن لزمته نفقته وله التصدق بالكل والبعض بلا حد على المذهب قاله سند (وكره) له الإطعام منها (لذمي) أو التصدق عليه بشيء منها واستثنى مما يؤكل منه في حال دون آخر وتحته نوعان أشار للأول منهما وهو ثالث الأقسام الأربعة مع ذكره أفراد فيه بقوله (إلا نذرًا لم يعين) بل مضمونًا للمساكين كللَّه عليّ هدي للمساكين أو لله عليّ هدي أو بدنة ونواه لهم وقول تت لم يعين بلفظ ولا نية لمساكين ولا غيرهم وهو المضمون كقوله لله علي هدي فيه نظر بل المصنف في نذر مضمون جعل للمساكين بلفظ أو نية فإن لم يجعل لهم جاز الأكل منه قبل المحل وبعده كما تقدم عن د مستدلًا بالآية فالصواب تمثيله بما قدمته في حله (و) لا (الفدية) للأذى إذا جعلت هديًا كما قدمه بقوله إلا أن ينوي بالذبح فكحكمه وإلا امتنعت مطلقًا كما مر (و) إلا (الجزاء) للصيد فلا يأكل من هذه الثلاثة (بعد) بلوغ (المحل) منى أو مكة أو ما يذبح المحصور فيه من الموضع الذي حصر فيه وامتنع في المضمون لوصوله للمساكين في الفدية لأنها بدل عن الترفه فالجمع بين الأكل منها وبين الترفه كالجمع بين العوض والمعوض في الجزاء لأنه قيمة متلف فبعد ظرف لمقدر يدل عليه الاستثناء كما قررنا وهو راجع للثلاث مسائل وأما قبل المحل فيأكل منه إذا عطب لوجوب بدله عليه وبعثه للمحمل فلم يأكل مما وجب عليه وعلم من المصنف أن النذر معين ومضمون وفي كل أما أن يسمى لفظًا أو نية للمساكين وأما لا فالمعين أن سمي لهم ولو نية امتنع الأكل منه مطلقًا كما قدمه ولم يؤكل الخ وإن لم يسم ولا نوى لهم امتنع
ــ
قول ز متطوعًا بها أو واجبة الخ عمم في كلام المصنف لأجل الاستثناء الذي بعده (والفدية والجزاء بعد المحل الخ) قول ز وإن لم يسم ولا نوى لهم امتنع قبل لا بعد الخ هذا بقي على المصنف وذكره في ضيح عن اللخمي ونص عليه سند فلو قال المصنف بعد قوله وهدي تطوع ونذرًا عين أن عطبا قبل محله لو في قاله ح وحاصل ما ذكروه هنا من الهدايا ثمانية وهي أقسام النذر الأربعة وهي النقص والفدية والجزاء وهدي التطوع وهي باعتبار الحكم أربعة أقسام كما أفاده المصنف وقد نظمها غ بأحكامها في نظائر الرسالة فقال:
كل هدي نقص والذي ضمنتا
…
إن لم تكن سميت أو قصد
ودع معينًا إذ فعلتا
…
وقبل كل جزاء صيد نلتا
وهدي فدية الأذى أن شئتا
…
وما ضمنت قصدًا أو صرحتا
وبعد كل طوعًا وما عينتا
…
إن لم تكن سميت أو أضمرتا
قبل لا بعد والمضمون إن سمي أو نوى لهم امتنع بعد لا قبل كما قال إلا نذرًا لم يعين وإن لم يسم ولم ينو لهم أكل منه مطلقًا كما قال عكس الجميع وأشار للنوع الثاني من النوعين وهو القسم الرابع بقوله: (وهدي تطوع) وهو ما لم يجب لشيء ولم يجعله للمساكين بلفظ ولا نية (أن عطب) فلا يؤكل منه (قبل محله) لأنه غير ضامن له لو تلف إلا أن يمكنه ذبحه فيتركه حتى يموت فيضمنه لأنه مأمور بذبحه مؤتمن عليه قاله سند فمنع من الأكل قبله لاتهامه على عطبه وقيل المنع تعبد فإن سماه أو نواه للمساكين لم يأكل منه قبلُ ولا بعدُ كما قدمته في قوله لم يؤكل الخ وما قررته من تعلق قوله قبل محله بلا يؤكل مقدرًا نحوه لد قال عج ولا يخفى أن من لازم تعلقه بالمقدر المذكور أن يكون عطب قبل محله أيضًا وحينئذ فيقتضي أنه إذا عطب قبل المحل يأكل منه بعد المحل وليس كذلك فإن ما عطب قبل لا يؤكل منه بعد أيضًا بالأولى انظر ح انتهى.
وربما يدفع هذا ويبين المراد قوله (فتلقى قلادته بدمه) بعد نحره لتكون قلادته الملقاة بدمه علامة لكونه هديًا ولإباحة أكله ولئلا يباع (ويخلي للناس) مسلمهم وكافرهم فقيرهم وغنيهم فإنه مفيد لأمرين أجزاؤه مع عطبه مع أنه يتوهم طلبه بغيره ثانيهما عدم أكله منه فإن هذا كالمبالغة في أنه لا يتعلق منه بشيء وأن يطلب منه ذلك وعد هذا قسمًا رابعًا إنما هو باعتبار مفهوم الشرط وهو أنه يأكل منه بعد حيث لم يعطب وخص هذا بهدي التطوع لعموم الناس فيه كما مر بخلاف غيره من الممنوع فإنه خاص بالمسلم الفقير (كرسوله) تشبيه في أنه يزكيه ويلقي قلادته بدمه ويخلي بين الناس وبينه ولا يأكل منه قال في المدونة إلا أن يكون مسكينًا ولا يأمر أحدًا بأخذ شيء قاله تت واعلم أنه لا يجوز له الأكل فيما بينه وبين الله وأما في الظاهر فحكمه كربه في الأكل وعدمه إلا فيما إذا عطب الواجب قبل محله فلا يأكل منه لتهمة أن يكون عطبه بسببه فلو قامت بنية على ذلك أو علم أن ربه لا يتهمه أو وطن نفسه على العزم أن اتهمه جاز له الأكل انظر ح قال الشيخ
ــ
(أن عطب قبل المحل) قول ز فإن سماه أو نواه الخ تقدم ما فيه وقول ز فيقتضي أنه إذا عطب قبل المحل الخ لا يخفى أن هذا الأمر لا يتوهم وما قاله د صحيح لكن أولى منه أن يكون الظرف متعلقًا بعطب وعدم الأكل مأخوذ من الاستثناء وهذا هو ظاهر المصنف (ويخلي للناس) قول ز فقيرهم وغنيهم أي فإباحته لا تختص بالفقير قال ح وهو ظاهر قول المدونة خلي بين الناس وبينه وصرح به ابن عبد السلام وضيح خلاف ما ذكر سند من أن هدي التطوع مختص بالفقير ونقله ح انظره (كرسوله) قول ز قال في المدونة إلا أن يكون مسكينًا الخ نحوه في تت وتعقبه طفى بأن عزوه للمدونة غير ظاهر بل مذهبها عدم أكل الرسول من هدي التطوع مطلقًا إذا عطب قبل محله لأنه غير مختص بالفقير ونصها ومن عطب هديه التطوع ألقى قلائدها في دمها إذا نحرها وأن بعث بها مع رجل فعطبت فسبيل الرجل سبيل صاحبها لو كان معها ولا يأكل منها الرسول اهـ.
سالم ويحتمل أنه تشبيه في جميع ما تقدم من الأحكام والأفعال وهو الأظهر قال فيها والمبعوث معه الهدي يأكل منه إلا من الجزاء والفدية ونذر المساكين فلا يأكل منها شيئًا إلا أن يكون الرسول مسكينًا فجائز أن يأكل (وضمن) رب الهدي (في غير) مسألة (الرسول بأمره بأخذ شيء) من ممنوع (ككله) أي ربه (من ممنوع بدله) مفعول ضمن أي ضمن هدي كاملًا لا قدر أكله فقط ولا قدر أخذ مأموره فقط سواء أمر مستحقًا أو غيره إن كان الهدي تطوعًا كغيره أن أمر غير مستحق وإلا فلا شيء عليه وأما الرسول فلا ضمان على المهدي إن لم يكن أمره به لأنه أجنبي تعدى ولا على الرسول أن أكل أو أمر من يأكل أو يأخذ حيث كان مستحقًا ومأموره مستحق وإلا ضمن قدر أكله وقدر أخذ مأموره وبجعلنا ضمير ضمن لرب الهدي مع تقدير في غيره مسألة الرسول كما قال تت يندفع قول البساطي كغيره الظاهر أن في زائدة وأن المعنى وضمن غير الرسول وذلك الغير هو رب الهدي.
تنبيه: قوله بدله أي ويصير حكم البدل حكم مبدله من المنع فإن أكل أيضًا من ذلك البدل فانظر هل يضمن بدلًا كاملًا أيضًا لتنزيله منزلة المبدل منه أو قدر أكله فقط لأنه دونه في الرتبة إذ هو منزل فقط منزلة الأول (وهل) على ربه البدل كاملًا في كل ممنوع كالأربع السابقة وغيرها وشهره صاحب الكافي أو (إلا نذر مساكين عين فقدر أكله) لحمًا
ــ
وإنما الاستثناء المذكور لسند ونصه وكل هدي لا يأكل منه صاحبه لا يأكل منه نائبه إلا أن يكون بصفة مستحقة انتهى.
أي بأن يكون فقيرًا لأن هدي التطوع عنده مختص بالفقير وقد علمت أنه خلاف ظاهر المدونة كما تقدم عن ح وأما كلام المدونة الذي نقله ز آخرًا فهو في غير ما عطب من هدي التطوع قبل محله وفي بعض نسخ تت قاله في المدونة بضمير الغائب فيكون قوله إلا أن يكون مسكينًا غير معزو للمدونة بل تبع فيه سندًا وقد علمت ما فيه (في غير الرسول) قال خش أي في غيره موضع يستقل فيه الرسول بالتعدي اهـ.
والأولى في كلام المصنف أن يحمل على خصوص هدي التطوع الذي عطب قبل محله كما اختاره ح خلافًا لما حمله عليه البساطي من التعميم وإن تخيل ز لتصحيحه بالتفصيل الذي ذكره لأنه وإن كان صحيحًا لكنه لا يفهم من إطلاق قوله بأمره بأخذ شيء الخ ويدل على تخصيصه به أيضًا قوله كأكله من ممنوع إذ لو كان عامًّا كما قال البساطي لقال كأكله منه وقول ز وإلا ضمن قدرًا كله الخ صحيح ولا يخالفه قول المدونة كابن الحاجب فإن أكل الرسول لم يضمن اهـ.
لقول أبي الحسن يريد لم يضمن العدل وأما ما أكل منه فيضمنه لأنه متعد انتهى.
وصرح في الطراز كما في ح أنه يضمن أيضًا ما أطعمه لغير المساكين فقول خش وأما الرسول فلا ضمان عليه إذا أمر وإنما عليه الإثم فقط غير ظاهر وقول ز فانظر هل يضمن بدلًا كاملًا الخ ضمانة البدل أيضًا هو الظاهر لأن حكم البدل حكم المبدل منه ولا وجه للتوقف (وهل إلا نذر مساكين) قول ز فلا يضمن هديًا كاملًا الخ الذي يظهر من كلام المصنف أنه
أن عرف وزنه وقيمته إن لم يعرف لأنه شبيه بالغاصب وشهره ابن الحاجب (خلاف) في التشهير قاله تت وهذا الثاني هو المعتمد لأنه قول ابن القاسم في المدونة كما في الشارح قال ق وهو الذي ينبغي أن يكون هو المشهور وأشعر قوله قدر أكله أن الخلاف غير جار فيما أمر بأخذه من نذر المساكين المعين فلا يضمن هديًا كاملًا باتفاق كذا ينبغي قاله عج (والخطام) بكسر الخاء المعجمة أي الزمام للهدايا سمي بذلك لأنه يقع على خطمه أي أنفه إذ المخطم الأنف (والجلال) بكسر الجيم جمع جلل بالضم (كاللحم) في المنع والإباحة وهو تشبيه غير تام لأنه أن أخذ قطعة من هذين أو أحدهما أو أمر بأخذها وأن حرم عليه ذلك إنما يضمن قيمة ما أخذه فقط للفقراء أن أتلفه وإلا رده.
فرع: قال في التوضيح والمطلوب أن لا يعطي الهدي إلا بعد نحره فإن دفعه للمساكين قبل نحره ونحروه أجزأ وإن استحبوه فعليه بدله واجبًا كان أو تطوعًا أما الواجب فظاهر لأن الذمة لم تبرأ وأما في التطوع فهو كمن أفسده بعد الدخول فيه فيجب قضاؤه انتهى.
(وإن سرق) الهدي الواجب كجزاء الصيد وفدية الأذى ونذر مضمون لمساكين وما وجب بقران ونحوه من صاحبه (بعد ذبحه) أو نحره (أجزأ) ولا بدل عليه سند لأنه بلغ محله ووقع التعدي في خالص حق المساكين وله المطالبة بقيمته وصرفها للمساكين لأنه كان تحت يده (لا) أن سرق (قبله) فلا يجزيه فكلام المصنف في الواجب كما علمت وأما المتطوع به ومثله النذر المعين فلا بدل عليه إذا سرق قبله وأجاب البساطي بأن لفظة أجزأ في كلامه تدل على أنه في الواجب انتهى.
وهو ظاهر قاله د ومثل ما سرق ضل أو مات قبل نحوه كما في المدونة فإن كان واجبًا بالمعنى المتقدم لم يجز وإن كان تطوعًا أو منذورًا معينًا أجزأ.
تنبيه: الفرق بين قوله لا قبله وبين ما مر من أنه إذا تعيب بعد التقليد فإنه يجزيه أن التعييب من الله لا صنع لا حد فيه وأيضًا فإن ذات المعيب باقية للفقراء تحقيقًا بخلاف المسروق (وحمل الولد) الحاصل بعد التقليد أو والإشعار وحمله إلى مكة من حيث هو واجب وحمله (على غير) أي غير الأم ولو بأجرة إن لم يكن سوقه كما يحمل رحله
ــ
يضمن هديًا كاملًا لأنه داخل في عموم ما قبل الاستثناء تأمله وإن كان ما ذكره ز هو الظاهر من الفقه (وإن سرق بعد ذبحه) قول ز وصرفها للمساكين الخ إنما يلزمه صرفها للمساكين فيما ليس له الأكل منه كالثلاثة الأول أما ما له الأكل منه فله المطالبة بقيمته ويفعل بها ما شاء كما ذكره ح عن سند خلاف ما يقتضيه كلام ز من تعين صرفها لهم مطلقًا (وحمل الولد على غير) قول ز وهل يندب ويكون الخ عبارة الإمام في الموازية كما نقل ح تقتضي استحباب حمله معها ونصه قال مالك في الموازية وأحب إليّ أن ينحره معها إن نوى ذلك قال محمد يعني نوى بأمه الهدي انتهى.
أفضل من حمله عليها فلا يخالف قوله وندب عدم ركوبها بلا عذر وأما المولود قبل التقليد فيستحب فقط ذبحه ولا يجب وليس حمله واجبًا وهل يندب ويكون على غير الأم أمن لا أنظره (ثم عليها) إن لم يوجد غيرها وكان لها قوة وإن نحره دون البيت وهو قادر على تبليغه بوجه فعليه هدي بدله (وإلا) يمكن حمله على أمه لضعفها أو خوف هلاكها ولا أمكن حمله بأجرة من مال صاحبه (فإن لم يمكن تركه) لكونه بفلاة من الأرض عند ثقة (ليشتد) ثم يرسل إلى محله (فكالتطوع) يعطب قبل محله فإن كان في مستعتب أي أمن نحره بمحله وخلى بينه وبين الناس ولا يأكل منه كانت أمه متطوعًا بها أو عن واجب فإن أكل منه فعليه بدله وكذا أن أمر بأخذ شيء منه وإن كان في محل غيره مستعتب كطريق فإنه يبدله بهدي كبير ولا يجزي بقرة في نتاج البدنة فإن لم يمكن بدله ذكاه وتركه وبما قررنا علم أن تركه مصدر فاعل يمكن وإن قوله فكالتطوع جواب أن المثبتة والشرط والجواب دالان على جواب أن المنفية بلا أي وإن لا يمكن حمله على أمه ولا على غيرها ففيه تفصيل وهو قوله فإن لم يمكن تركه ليشتد فكالتطوع وجعل تركه ليشتد جواب الثانية وإنه فعل ماض كما هو ظاهر تقرير تت وإن فكالتطوع جواب أن الأولى فيه ركة وإخراج للكلام عن ظاهره (ولا يشرب) المهدي بعد التقليد أو والإشعار مما منع من أكله (من اللبن وإن فضل) عن ريّ فصيلها أي يكره حيث لم يضر بشربه لأم أو الولد لأنه نوع من الرجوع في الصدقة وليتصدق به فإن لم يفضل أو أضر منع وأما غير الممنوع من أكله فيجوز شربه كذا يفيده د بحثًا وحمله بعضهم على الإطلاق فيكره شرب لبن كل منهما حيث لم يضر وإلا منع (و) لا شيء عليه في الممنوع والمكروه إن لم يحصل ضرر فإن حصل (غرم أن أضر بشربه) أو حلبه وإن لم يشربه أو بقائه بضرعها (الأم) يتنازعه أضر وشربه كانت مما يمتنع أكلها أم لا كما علم (أو) أضر (لولد) فهو متعلق بأضر فقط كما هو ظاهر (موجب) بفتح الجيم (فعله) من نقص فيغرم الأرش أو تلف فعليه بدله (وندب عدم ركوبها) والحمل عليها (بلا عذر) بل يكره كما في النقل وعبارته لا تفيده لاحتمالها
ــ
ومثله في ضيح وقول ز فعليه هدي بدله أي هدي كبير تام كما في ضيح (فكالتطوع) قول ز وإن كان في محل غير مستعتب الخ ما ذكره من التفصيل لم أر من ذكره ولا معنى له وقد تقدم في التطوع يعطب قبل محله أنه ينحر ويخلي بين الناس وبينه ولم يذكروا فيه هذا التفصيل وقول ز جواب أن المثبتة الخ صوابه الثانية لأن أن في الموضعين داخلة على نفي وقول ز د الآن على جواب أن الخ غير ظاهر بل هما نفس الجواب (ولا يشرب من اللبن) قول ز مما منع من أكله إلى قوله وحمله بعضهم على الإطلاق الخ ما حمله عليه البعض هو الموافق لإطلاق أهل المذهب المدونة وغيرها وتعليلهم النهي بخروج الهدي عن ملكه بالتقليد والإشعار وبخروجه خرجت المنافع فشربه نوع من العود في الصدقة ولأن ذلك يضعفها ويضعف ولدها يدل على العموم قاله طفى (وغرم أن أضر بشربه) قول ز يتنازعه أضر
الكراهة وخلاف الأولى فإن ركبها لعذر أي اضطرار بأن لم يجد دابة أو ما يكريها به لم يكره (وحينئذ فلا يلزم النزول بعد الراحة) وإنما يندب فقط وإذا نزل بعد الراحة فلا يركبها ثانيًا إلا إذا اضطر كالأول وإذا ركبها لغير عذر وتلفت ضمنها فإن ركبها لعذر وتلفت لم يضمتها إلا أن تعدى في هيئة ركوبه عليها انظر تت (و) ندب لصاحبها (نحرها) أي الإبل وندب أن ينحرها (قائمة) على قوائمها الأربع مقيدة بلا عقل (أو) قائمة (معقولة) مثنية ذراعها اليسرى إلى عضدها فتبقى قائمة ثلاث قوائم قاله تت وعلم منه أن قوله معقولة عطف على مقدر هو مقيدة وبه سقط ما قد يقال إذا كانت معقولة هي قائمة فكيف يقابل قائمة بمعقولة وظاهره التخيير ونحوه لابن الحاجب واعترضه لابن عرفة بأن النص إنها إنما تنحر قائمة مقيدة إلا أن يخاف ضعفه عنها وامتناعها من الصبر فيعقلها وعليه فأوفى كلام المصنف للتنويع لا للتخيير ويقيد الفرع الثاني بأن يعقلها لعذر فلو قال ونحرها ما قائمة وتعقل لعذر لسلم من اعتراض ابن عرفة ونقل تت عن سند أن البقر إذا نحرت فقائمة أيضًا ولم يذكر هل تقيد وهو الظاهر وتعقل لعذر فيما يظهر إن أمكن عقلها (وأجزأ) الهدي المقلد أو والمشعر (أن ذبح) أي ذبحه مسلم (غيره عنه) متعلق بأجزأ ولو قدمه عنده كان أولى لا كافر لأنه ليس من أهل القرب وعلى صاحبه بدله وقوله أجزأ يدل على أنه في الواجب كما قال البساطي ورد تت عليه في غير موضعه (مقلدًا) أنابه أم لا (ولو نوى عن نفسه أن غلط) فإن تعمد لم يجز عن الأصل أنابه أم لا ولا عن المتعمد أيضًا بخلاف الأضحية فتجزي عن ربها ولو ذبحها النائب عن نفسه عمدًا ولا بد من إنابة ربها له دون الهدي كما مر فهي تخالف الهدي وفي هذين الأمرين والفرق في الأمر الثاني أن الضحية لما كان لربها أكلها دون وجوب تصدق وإن المدار على إظهار شعيرة الإسلام طلب فيها الاستنابة حيث لم يذبح ولم تجز مع عدمها والهدي لما منع مهديه من أكله إما مطلقًا أو في بعض الحالات كما مر فكان كل أحد كأنه مخاطب بذكاته لإيصاله للفقراء فلذا أجزأ فعل غيره عنه بغير إذنه والفرق في الأمر الأول بينهما أن الضحية لما افتقرت لإنابة أجزأت عن ربها مع نية النائب عمدًا عن نفسه لإلغاء نيته لأنها خلاف نية المنيب
ــ
بشربه الخ فيه نظر وعطف أو الولد على الأم يمنع التنازع (فلا يلزم النزول) قول ز فإن ركبها لقدر وتلفت لم يضمنها الخ فيه نظر لقول ح قال سند وهذا مقيد بشرط سلامتها فإن تلفت بركوبه ضمنها اهـ.
(ولو نوى عن نفسه) قول ز فإن تعمد لم يجز عن الأصل أي ولربه أخذ القيمة منه قاله في الطراز وقول ز وهنا لم يحصل من ربه إنابة الخ هذا الفرق فيه نظر لأنه يلزم عليه أنه أن حصلت هنا الإنابة استويا وليس كذلك لقول ضيح لا يجزي الهدي في العمد سواء وكله صاحبه إلى ذبحه أو لم يوكله اهـ.
والله أعلم.