المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلفي ذكر موانع الحج والعمرة - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٢

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌فصلفي ذكر موانع الحج والعمرة

والهدي لما لم يفتقر لإنابة لم يجز عن ربه أن تعمد الغير ذبحه عن نفسه لإخراجه الهدي عن موضوعه الشرعي وقال الشيخ والفرق أنه حصل بالإنابة ضعف نية النائب عن نفسه وهنا لم يحصل من ربه إنابة (ولا يشترك) تحريمًا (في هدي) تطوع أو واجب كنذر أو نقص أو جزاء أو فدية وأهل البيت والأجانب سواء كما في المدونة ولو قال المصنف في دم كان أحسن لا في ذاته وإلا في الأجر أيضًا كما هو ظاهر الجواهر والمدونة فهو مخالف للضحية في هذا أيضًا والفرق أن الهدي خرج عن ملك ربه فلم يبق له فيه تصرف حتى بالاشتراك في الأجر بخلاف الأضحية قال د ظاهره ولا في الأجر في هدي التطوع قيل والتنبيه على هذا في هذا المحل غير متوهم لأنه لا يسقط عن المشرك شيء يطلب به بخلاف الضحية فإن التشريك فيها يسقط الخطاب بها انتهى.

وإذا اشترك في الهدي لم يجز عن واحد من المشتركين (وإن) ضل هدي أو سرق فأبدل ثم (وجد بعد نحر بدله نحر) الموجود أيضًا (أن قلد) لتعينه هديًا بالتقليد (و) أن وجد الضال (قبل نحره) أي نحر بدله (نحرًا) معًا (أن قلدا) لتعينهما بالتقليد (وإلا) بأن وجد الضال قبل نحر بدله وهما غير مقلدين أو الضل مقلد دون البدل أو عكسه فهي ثلاث صور (بيع واحد منهما) أي من غير المقلدين في الصورة الأولى أما الضال أو بدله ونحر الآخر أو ذبح وبيع غير الضال في الصورة الثانية والضال في الثالثة وهذا هو المراد بواحد منهما لا بيع أحدهما لا بعينه في الصورتين الأخيرتين وإلا لصدق كلامه على جواز بيع المقلد فيهما وليس كذلك قاله تت وحيث كان هذا هو المراد فلا اعتراض على المصنف بأنه يوهم خلاف المقصود وإنما ذكر البيع وإن كان لا مفهوم له لأنه أقوى في الدلالة على جواز التصرف بأي وجه بخلاف الأكل إذا الهدي يؤكل منه في بعض الحالات كما قدمه.

‌فصل

في ذكر موانع الحج والعمرة

بعد الإحرام ويقال للممنوع محصر ولما كان الحصر مطلقًا ثلاثة أقسام كما في توضيحه عن البيت وعرفة معًا وعن البيت فقط وعن عرفة فقط بدأ بالأول منها مصدرًا بواو الاستئناف فقال (وإن منعه) أي المحرم (عدو) كافر (أو فتنة) بين المسلمين كالواقعة بين ابن الزبير والحجاج (أو حبس لا بحق) ثابت بل ظلمًا كثبوت

ــ

فصل

(أو حبس لا بحق) قول ز فخرج منعه بحق ثابت مع عدم ثبوت عسره الخ أي فهو كالمنع بالمرض لا يتحلل إلا بفعل عمرة وظاهر كلام ابن رشد أن المعتبر في الحبس بحق ظاهر الحال وإن لم يكن حقًّا في نفس الأمر حتى أنه إن حبس بتهمة ظاهرة فهو كالمرض وإن كان يعلم من نفسه أنه بريء وهذا هو ظاهر المدونة والعتبية كما نقله ح قال ابن عبد السلام وفيه عندي نظر وكان ينبغي أن يحال المرء على ما يعلم من نفسه لأن الإحلال

ص: 586

عسره فخرج منعه بحق ثابت مع عدم ثبوت عسره (بحج) أي فيه (أو عمرة) في منعه عن البيت أو السعي (فله التحلل) بل هو في حقه أفضل من البقاء على إحرامه قارب مكة أو دخلها دخلت أشهر الحج أم لا كما هو ظاهر إطلاقاتهم (إن لم يعلم) حين إحرامه (به) أي بالعدو أو ما بعده فإن علم به فليس له التحلل إلا أن يظن أنه لا يمنعه فمنعه فله التحلل كما وقع له صلى الله عليه وسلم أنه أحرم عالمًا بالعدو ظانًّا أنه لا يمنعه فلما منعه تحلل والمفهوم إذا كان فيه تفصيل لا يعترض به انظر د وهذا أولى من رجوع ضمير به للمنع لشموله للشك إذ معناه لم يعلم بالمنع بأن طرأ العدو أو سبق ولم يعلمه أو علمه وظن عدم منعه أو شك في منعه والنقل أنه ليس له التحلل عند الشك اتفاقًا لأن الشك في المانع لغو قاله ابن عرفة نعم له فيه ترك الإحرام ابتداء كما في كلام يحيى الحطاب (وأيس) وقت حصول المنع علمًا أو ظنًّا لا شكًّا خلافًا لتت (من زواله قبل فوته) أي الحج وأشعر كلامه بأنه أحرم في وقت يدرك فيه الحج لولا الحصر فإن أحرم بوقت لا يدرك فيها الحج وإن لم

ــ

والإحرام من الأحكام التي بين العبد وربه وقبله في ضيح وظاهر الطراز يوافقه انظر ح (فله التحلل) قول ز قارب مكة أو دخلها أم لا الخ هو الصواب كما يأتي وقول خش وله البقاء لقابل إن كان على بعد ويكره أن قارب مكة أو دخلها انتهى.

غير صواب غره كلام المصنف الآتي مع أن ما يأتي إنما هو في الذي لا يتحلل إلا بعمرة فجاز له البقاء لقابل إن كان على بعد لمشقة السير للعمرة وأما هذا فإنه يتحلل بالنية حيث كان (إن لم يعلم به) قول ز ليس له التحلل عند الشك اتفاقًا الخ الذي في ضيح قال اللخمي وإن شك في منعهم له لم يتحلل إلا بشرط الإحلال ثم قال خليل وظاهر المذهب أن شرط الإحلال لا يفيد اهـ.

وبهذا جزم المصنف فقال فيما يأتي ولا يفيد لمرض أو غيره نية التحلل محصوله ونقله في ضيح عن المازري وعياض وقول ز لأن الشك في المانع لغو الخ هكذا في النسخ المانع بلفظ اسم فاعل ولا معنى له هنا ولعله المنع بلفظ المصدر إلا أن يقال الشك في المنع شك في المانع (وأيس) قول ز لا شكا خلافًا لتت الخ اعتراضه صحيح ونحوه لطفى قائلًا لأن الشاك لا يقال فيه أيس وقد حكي في ضيح الاتفاق على إلغاء الشك ووهم ابن عرفة ابن الحاجب في نقل الخلاف فيه فضلًا عن كونه معتمدًا انتهى.

(قبل فوته) يحتمل أن يتعلق بقوله فله التحلل رد القول أشهب أنه لا يكون إلا يوم النحر ويحتمل أن يتعلق بزواله وعليه فظاهره أنه يحل إذا أيس من زوال العدو قبل فوات الحج ولو بقي من الوقت ما لو زال العدو لأدرك فيه الحج وهو ظاهر أول كلام المدونة والذي اختاره ابن يونس وسند ما في آخر كلامها وهو أنه لا يحل حتى يكون في زمن يخشى فيه فوات الحج وقالا إن كلامها الثاني يفسر الأول قال ح إذا علم أن هذا هو الراجح فينبغي أن يحمل كلام المصنف عليه فيكون معنى قوله وأيس من زواله الخ أنه لم يبق بينه وبين ليلة النحر زمن يمكن فيه السير ولو زال العدو والله أعلم اهـ.

ص: 587

يكن حصر فلا يتحلل لأنه داخل على البقاء على إحرامه كمن أحرم وهو يشك في المنع مع سعة زمان الإدراك كما مر (ولا دم) عليه لما فاته من الحج بحصر العدو على المشهور وأوجبه أشهب لقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] وتأوله ابن القاسم على الحصر بمرض ورده اللخمي بأن الآية نزلت بالحديبية وكان حصرها بعدو وبقوله فإذا أمنتم وإلا من إنما يكون من عدو وأجاب التونسي وابن يونس لابن القاسم بأن الهدي في الآية لم يكن لأجل الحصر إنما كان بعضهم ساقه تطوعًا فأمروا بذبحه واستضعف قول أشهب بقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ} [البقرة: 196] محله والمحصر بعدو يحلق أي كان كذا قالوا ولا يخفى عدم الرد بالآية الأخيرة على أشهب ولا قضاء حيث تحلل قبل فوته أما لو أحصر ولم يتحلل حتى فاته الحج لوجب عليه الهدي للفوات فقط عند ابن القاسم لا هدي للحصر خلافًا للشافعي في إيجاب هديين ووجب القضاء اتفاقًا ويكون الحصر بعد الفوات لا تأثير له فإن أراد التحلل فمنع من مكة كان كالمحصر في العمرة فيتحلل من غير طواف ويقضي الحج لا العمرة قاله الشيخ سالم والتحلل يكون (بنحر هديه) إن كان معه ساقه عن شيء معين أو تطوع حيث كان إن لم يتيسر له إرساله لمكة فإن كان غير مضمون فلا ضمان وإن كان مضمونًا جرى على حكم المضمون فإن قلنا يسقط عنه الفرض أجزأ وإلا فلا يسقط الهدي أيضًا (وحلقه) رأسه ولا بد من نية التحلل بل هي كافية ففي الشامل وكفت نية التحلل على المشهور انتهى.

ــ

واعلم أن قوله وأيس من زواله الخ خاص بالحج وأما العمرة فقال في ضيح قال ابن القاسم وليس للعمرة حد وإن لم يخش الفوت لقضية الحديبية وقال عبد الملك يقيم ما رجا إدراكها ما لم يضره ذلك انتهى.

(ولا دم) قول ز وأجاب التونسي الخ حاصل ما ذكره أن أشهب استدل على وجوب الهدي بآية {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196] وأجيب عن دليله بجوابين أحدهما للتونسي وابن يونس أن الهدي في الآية لم يكن لأجل الحصر إنما ساقه بعضهم تطوعًا فلا دليل فيها على الوجوب كما يقوله أشهب الثاني أن الإحصار في الآية بالمرض لا بالعدو وهذا لابن القاسم وعزاه ابن عطية لعلقمة وعروة بن الزبير وغيرهما وقال والمشهور في اللغة أحصر بالمرض وحصر بالعدو اهـ.

وقال في قوله: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} [البقرة: 239] قال علقمة وغيره المعنى فإذا برئتم من مرضكم وقال ابن عباس وقتادة وغيرهما {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} من خوفكم من العدو اهـ.

وكون الآية نزلت في الحديبية لا يرد هذا التأويل خلافًا للخمي بل يقوي تأويل ابن القاسم قول الله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة: 196] الآية وقول ز ولا يخفى عدم الرد بالآية على أشهب الخ فيه نظر بل الرد بها قوي ظاهر (وحلقه) قول ز بل هي كافية الخ قصد به التورك في المصنف يوهمه من أن تحلله إنما يكون بالنحر والحلق وأجيب عنه بأن الباء

ص: 588

وعلى ما في الشامل فلو نحر الهدي وحلق ولم ينو التحلل لم يتحلل.

تنبيه: مثل حصره عن البيت وعرفة الذي كلامه فيه هنا في التحلل بنحر هديه وحلقه من حصر عن أحدهما فقط وكان حصره بمكان بعيد فيتحلل بنحر هديه وحلقه كما يفيده ح فيستثنى هذا مما يأتي (ولا دم) عليه (إن آخره) أي أخر التحلل وأخر الحلق لبلده لأنه لما وقع في غير زمانه ومكانه لم يكن نسكًا بل تحللًا فقط (ولا يلزمه) أي المحصر مطلقًا (طريق مخوف) على نفسه أو ماله الكثير كاليسير مع عدو ينكث وهو يدرك الحج لولا المخوف وليس خاصًّا بالمحصر عن عرفة والبيت فقط الذي الكلام فيه بخلاف المأمونة فيلزمه سلوكها وإن بعدت أن اتسع الوقت لإدراك الحج ولم تعظم مشقتها وإلا لم يلزمه أيضًا ثم قوله لا يلزمه أي لا يجب عليه وما وراء ذلك شيء آخر وينبغي الحرمة لقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] وقوله مخوف كذا في نسخ أي طريق يحصل فيه الخوف وأما الذي يخيف من نظره فيقال فيه مخيف كجرح مخيف فما في بعض النسخ من مخيف يصح بارتكاب مجاز في الإسناد أي السالك في المكان يخيف من رآه من إطلاق ما للحال على المحل (وكره) لمن يتحلل بفعل عمرة وهو من تمكن من البيت وفاته الوقوف بأمر من الأمور غير الحبس ظلمًا كما سيذكره (إبقاء إحرامه) بالحج لقابل من غير تحلل بفعل عمرة (أن قارب مكة أو دخلها) لأنه لا يأمن على نفسه من مقاربة نساء أو صيد فإحلاله أولى وأسلم فكان حقه أن يؤخر هذا إلى من حصر عن عرفة وأما من يتحلل بلا فعل عمرة وهو لمحصور عنهما الذي كلامه هنا فيه فتقدم أن التحلل في حقه أفضل سواء قارب مكة أو دخلها أم لا فقول تت وكره لمن فاته الحج

ــ

في قوله بنحر هديه الخ للمصاحبة فيفيد أن النية كافية وقول ز وعلى ما في الشامل لو نحر الهدي الخ هذا صرح به في الطراز ونقله ح ففي كلام ز قصور وقول ز من حصر عن أحدهما فقط الخ صوابه من حصر عن عرفة فقط إذ هذا هو الذي ذكر فيه اللخمي أنه يتحلل بالنية مع البعد كالمحصر عنهما معًا ابن عرفة أن خصص عن عرفة فقط وبعد عن مكة فقول اللخمي حل مكانه الصواب اهـ.

وأما من حصر عن البيت فقط فسيأتي أنه لا يحل إلا بالإفاضة وحجه تام (وكره إبقاء إحرامه) قول ز غير الحبس ظلمًا الخ غير صواب إذ لا وجه لتخصيص الحبس ظلمًا بل مثله ما في حكمه من العدو والفتنة وصوابه لو قال وفاته الوقوف بأمر من الأمور غير ما تقدم من العدو ونحوه كما في ح وهكذا في المسألة مفروضة في المدونة وغيرها أما من حصر عن الوقوف بالعدو ونحوه فهو وإن تمكن من البيت لا يأتي فيه كلام المصنف ذكروه من أنه إذا بعد عن مكة يتحلل بالنية وحينئذ فيكره له البقاء لقابل مطلقًا أو أن بعد من مكة انظر طفى ووجه التفصيل الذي ذكره المصنف أنه لما كان لا يتحلل إلا بعمرة خير في البعد لتعارض مشقة البقاء على الإحرام ومشقة الوصول للبيت وكره البقاء مع القرب لتمكنه من البيت وإذا بقي على إحرامه أجزأه على المشهور خلافًا لابن وهب ولا هدي عليه خلافًا للعتبية انظر

ص: 589

بوجه من الوجوه السابقة مراده من مرض أو عدو غير الحبس ظلمًا ومراده بالحج عرفة فلا حاجة لقول بعض صوابه الآتية كما في ح قال غ إنما ذكر أو دخلها وإن كان أحرى لئلا يتوهم تحريم إبقاء إحرامه أن دخل انتهى.

أي وإنه يجب عليه التحلل بفعل عمرة وليس كذلك (ولا يتحلل) بفعل عمرة (أن) بقي على إحرامه مرتكبًا للمكروه حتى (دخل وقته) أي الإحرام من العام الثاني ليسارة ما بقي أي يكره فيما يظهر كما يدل له القول الذي اقتصر عليه المصنف والقول بأنه يمضي وليس بمتمتع ويحتمل المنع مراعاة للآخر فهذا أيضًا فيمن يتحلل بفعل عمرة وهو من تمكن من البيت وفاته الوقوف بأي مفوت غير الحبس ظلم وأما من تحلل بالنية فظاهر ما تقدم أن له التحلل في أي وقت كالذي فاته الحج بالحبس ظلمًا (وإلا) بأن خالف وتحلل بفعل عمرة بعد دخول وقته وأحرم بالحج (فـ) أقوال ثلاثة لابن القاسم في المدونة يمضي تحلله أي يصح وبئس ما صنع قال في توضيحه بناء على أن الدوام ليس كالابتداء ولا يكون متمتعًا وهو الأقرب لأن المتمتع من تمتع بالعمرة إلى الحج وهذا تمتع من حج إلى حج انتهى.

أي لأن عمرته كلا عمرة إذ شرطها الإحرام وهو مفقود هنا وهذا الذي تحلل بها إنما تحلل بفعلها فقط لا بها بتمامها ثانيها لا يمضي وهو باق على إحرامه بناء على أن الدوام كالإنشاء (ثالثها يمضي) تحلله (هو متمتع) فعليه دم لتحلله بتمتعه ولم يختلف قوله في المدونة في مسألة ثلاث مرات إلا هنا واختلف قول مالك فيها كثيرًا (و) المحصر عن نسكه بعد الإحرام بعدو فلم يأت به وتحلل منه بنحر هديه وحلقه أو بفعل عمرة (لا يسقط عنه الفرض) المتعلق بذمته من حج إسلام أو نذر مضمون ولا عمرة الإسلام عند الأئمة الأربعة خلافًا لبعض في جميع ما ذكر وأما التطوع من حج أو عمرة فلا قضاء على من صد فيه ومثله المنذور المعين من حج أو عمرة لفوات وقته وإنما سميت عمرته صلى الله عليه وسلم بعمرة القضاء للمقاضاة عليها مع قريش لا إنها قضاء عن عمرة الحصر الماضية خلافًا للحنفية قال بعض ولو قلنا به لا يلزمنا محظور لأنا نقول دل فعله صلى الله عليه وسلم على جواز القضاء لا على وجوبه لأن الذين صدوا معه صلى الله عليه وسلم كانوا ألفا وأربعمائة ولم يعتمر معه إلا نفر يسير ولم ينقل أنه أمر الباقين بالقضاء ولو وجب لبينه لهم وأمرهم به قاله سند (و) من جاز له التحلل الصد (لم يفسد) حجه (بوطء) حصل منه قبل تحلله (إن لم ينو البقاء) مراده نوى عدمه فإن لم ينو شيئًا فكمن نوى البقاء على ما اختاره ح لأنه محرم والأصل بقاء ما كان على ما كان فلو قال إن نوى عدم البقاء لكان أظهر وذكر المانع الثاني بقوله (وإن وقف)

ــ

ضيح (ولا يتحلل إن دخل) قول ز أن بقي على إحرامه مرتكبًا للمكروه الخ اعترضه طفى بأنه ليس خاصًّا بمرتكب المكروه بل هو فيمن فاته الحج وبقي على إحرامه إلى أن دخل وقته بعد من مكة أو قرب منها وقول ز فهذا أيضًا فيمن يتحلل بفعل عمرة الخ صحيح كما يدل عليه قوله وهو متمتع إذ تمتعه إنما هو باعتبار العمرة التي وقع بها الإحلال كما في ضيح وقد أخر

ص: 590

بعرفة ليلة النحر (وحصر عن البيت) بمرض أو عدو كما في النص أو حبس بحق أو فتنة فالممنوع به أعم مما سبق كما في د (فجمعه ثم) لأن الحج عرفة لا حقيقة بقرينة وحصر عن البيت وبقرينة قوله (ولا يحل إلا بالإفاضة) أي طوافها فيبقى محرمًا ولو أقام سنين قال د فإن مات قبلها لكان قد أدى ما عليه من فرض الحج انتهى.

وهو خلاف ظاهر كلامهم قال شيخنا ق وفي نقل ق ما هو كالصريح في د ثم أن تيسر لهذا المحصور طواف الإفاضة قبل تمام الحجة فلا دم عليه وإن أخرها للمحرم فعليه دم كما قدمه المصنف (وعليه) لتركه (للرمي) للجمرات المحصور عنه وما بعده ما عدا البيت (ومبيت) ليالي (منى و) نزول (مزدلفة هدي) واحد (كنسيان الجميع) أي جميع ما تقدم وكذا لا يتعددان تعمد ترك الجميع عند ابن القاسم خلافًا لأشهب لكنه يأثم وفي عبارة المصنف نوع تورك لأن قوله وحصر عن البيت يقتضي أنه لم يحصر عما بعده وقوله وعليه للرمي الخ يدل على أنه حصر عما بعده أيضًا والجواب أن قوله وحصر عن البيت مراده سواء عما قبله مما بعد الوقوف كرمي جمرة العقبة أولًا وقوله وعليه للرمي الخ معناه حيث منع من ذلك أيضًا والمانع الثالث قوله (وإن) تمكن من البيت ثم (حصر) بما سبق من الأمور الثلاثة (عن الإفاضة) أي عرفة وسماها إفاضة لقوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: 198] قاله تت أي فلما كانت مبدأ الإفاضة من جهة إنها بعد عرفة سميت عرفة إفاضة مجازًا من إطلاق اسم المسبب على السبب وذلك لأن طواف الإفاضة تسبب عن الدفع من عرفة (أو فاته الوقوف بغير) أي غير ما سبق من عدو وما معه (كمرض أو خطا عدد) ولو لجميع أهل الموسم بعاشر أو خفاء هلال لغير الجم

ــ

ابن الحاجب هذه المسألة والتي قبلها عن مسائل الفوات فجاء ترتيبه حسنًا (ولا يحل إلا بالإفاضة) قول ز وفي نقل ق ما هو كالصريح الخ أي حيث قال في نقل ابن يونس عن ابن القاسم فقد تم حجه ويجزئه عن حجة الإسلام اهـ.

وقد تقدم عند قوله وحبس الكري لحيض الخ ما يعضده (وإن حصر عن الإفاضة) قول ز (1) أي حصر عن الدفع من الوقوف الخ ظاهره أن المراد وقف بعرفة وحصر عن الدفع منها ولا يصح حمل كلام المصنف على هذا القول ح ظاهر نصوص أهل المذهب أن من وقف بعرفة في جزء من ليلة النحر فقد أدرك الحج ولو طلع عليه الفجر بها انتهى.

وحينئذ فيتعين تقدير مضاف أي حضر عن سبب الدفع وهو الوقوف وقول ز والمعنى هنا دفع عنها الخ لا معنى له وصوابه والمعنى حصر عن الدفع عنها (أو فاته الوقوف بغير) قال ح هذا وإن كان كالمحصر عن الوقوف في كونه لا يحل إلا بالعمرة لكن يخالفه المحصر

(1) قول البناني قول ز أي حصر عن الدفع من الوقوف الخ وكذا قوله قول ز والمعنى هنا دفع عنها الخ ليس في نسخ الشرح التي بأيدينا ولعلها نسخته التي كتب عليها وتأمل نظمها.

ص: 591

بعاشر (أو حبس بحق) ومنه حبس مدين لم يثبت عسره (لم يحل) في ذلك كله إن شاء التحلل (ألا بفعل عمرة بلا) تجديدًا (إحرام) بالمعنى السابق فلا ينافي أنه لا بد من نية التحلل بها وكان حقه أن يأتي هنا بقوله فيما مر وكره إبقاء إحرامه أن قارب مكة أو دخلها فإن هذا محله كما مر (ولا يكفي قدومه) أي طوافه عن طواف العمرة وسعيها التي طلب بها للإحلال بعد الفوات ولعل هذا مبني عل القول بأن إحرامه لا ينقلب عمرة من أصله بل من وقت نية فعل العمرة وقد ذكر ح الخلاف في هذا وبما قررنا في قوله أو خطأ عدد علم الفرق بين ما هنا وما مر وقال بعضهم يفهم من تعليق الخطأ بالعدد أنه لو كان بسبب رؤية الهلال فإنه يجزيهم الوقوف حيث وقفوا يوم العاشر كما قدمه وتقدم لنا الفرق بينهما وقال د ما هنا وقع الخطأ من بعض الجم وما مر من الجم وظاهره سواء كان خطؤهم بسبب رؤية الهلال أو بسبب العدد وتقدم أن بعضهم قال بذلك وعليه فيكون ما مر في بيان المجزئ وعدمه وما هنا في بيان كيفية التحلل إذا لم يجزه ومفهوم قوله حبس بحق أنه أن حبس ظلمًا حل بالنية مكانه وفي أي موضع كان وما مر فيمن حصر عنهما معًا وما هنا فيمن حصر عن الإفاضة فلا يقال ما هنا مفهوم ما مر (وحبس هديه معه إن لم يخف عليه) من عطبه عنده وهذا في المريض ومن في حكمه كمن حبس بحق وأما المحصر بعدو فإن أمكن إرساله أرسله وإلا ذبحه بأي مكان شاء وجعل تت كلام المصنف على ظاهره شاملًا للمريض والمحصر بعدّو وهدي التطوع ولكن نقله كالشارح وق يفيد ما قدمناه وأيضًا صدر بتقرير الشارح وحبس هدي المريض ومن في حكمه معه على سبيل الندب كما قال سند ولو أمكنه إرساله سواء كان الهدي واجبًا أو تطوعًا ومفهوم الشرط أنه لو خيف عليه أرسله إن أمكن وإلا ذكاه بموضعه وحمل بعضهم الحبس على الوجوب في الهدي الواجب وعلى الندب في المتطوع به وحمل د الحبس على الوجوب وأطلق (ولم يجزه) أي المحصر هذا الهدي إذا قلده وأشعره قبل الفوات سواء بعثه أو تركه عنده عن هدي ترتب (عن فوات) للحج لأن هذا واجب بالتقليد والإشعار لغير الفوات فلا يجزيه عن دم الفوات سواء بعثه لمكة أو تركه حتى أخذه بصحبته بل يلزمه هدي للفوات مع حجة القضاء فإن قلت تقدم وإن أردف لخوف فوات أو لحيض أجزأ التطوع لقرانه وظاهره ولو قلده وأشعره قبل الإرداف وهو ظاهر كلام الشارح هناك وهو مخالف لما هنا وكذا قوله كان ساقه فيها ثم حج عن عامه الخ فإنه يفيد أن ما ساقه في العمرة تجزئ عن التمتع على ما صدر به هناك وظاهره ولو قلده وأشعره قبل الإحرام بالحج قلت قد يجاب بأن إحرام الحج والعمرة لما كان مندرجين تحت مطلق الإحرام لم يكن بينهما من التخالف ما بين الحج وفواته فلذا أجزأ ما سيق في العمرة عن التمتع والقران ولم يجز ما

ــ

في كونه لا قضاء عليه كالمحصر عنهما المتقدم بخلاف من فاته فعليه القضاء ولو كان تطوعًا كما في النوادر وغيرها (أو حبس بحق) قيد بقوله بحق لأن هذا من أمثلة قوله بغير ومفهومه

ص: 592

سيق في الحج عن فواته وبأن ما سيق في الحج حيث فات بمنزلة ما لم يسق في نسك بخلاف ما سيق في عمرة فإنه سيق في نسك قطعًا (وخرج) وجوبًا كل من فاته الحج وتمكن من البيت ولزمه هدي للفوات وأراد التحلل بفعل عمرة (للحل) ليتحلل بفعل عمرة ويلبي منه من غير إنشاء إحرام (إن أحرم) بالحج قبل (بحرم أو أردف) الحج فيه ليجمع في إحرامه لتحلله بين الحل والحرم ويحج قابلًا ويهدي (وأخر دم الفوات) الذي ترتب لأجله (لـ) عام (القضاء) ليتفق الجابران ولا يقدمه عام الفوات وإن خاف الموت وفهم منه وجوب القضاء سواء كان الفائت تطوعًا أو فرضًا وهو كذلك كما نص عليه في النوادر والجلاب وغيرهما لعموم قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وجاءت السنة أن لا قضاء للنوافل في حصر العدو وبقي ما عداه على عموم الآية بخلاف نوافل الصلاة والصوم وإذا غلب عليها لا يلزمه قضاؤها (وأجزأ أن قدم) مع العمرة التي اعتمرها عام فوات الحج وخالف الواجب ولما تكلم على وجوب الهدي للفوات وفيما تقدم على وجوبه للفساد تكلم على وجوبه لهما لو اجتمعا لئلا يتوهم تداخلهما فقال (وإن أفسد) إحرامه أو لا وقلنا يجب إتمامه فتمادى عليه (ثم فات) تحلل بفعل عمرة وقضاه (أو بالعكس) بأن فاته ثم أفسده قبل شروعه في عمرة التحلل بل (وإن) حصل منه الإفساد (بعمرة التحلل) أي شرع فيها وفعل بعضها فلم يتمها حتى أفسد (تحلل) وجوبًا ولا يجوز له البقاء على إحرامه لأن فيه تماديًا على الفساد والمراد بقي على تحلله في الصحيحة والفاسدة التي وقع الوطء فيها فلا يطلب بإعادتها صحيحة بل يتم سعيها وتكفي في التحلل (وقضاه) أي الحج (دونها) أي العمرة فلا يقضها لأنها في الحقيقة تحلل لا عمرة (وعليه هديان) هدي للفوات وهدي للفساد أن قضى مفردًا سواء كان أحرم مفردًا أو متمتعًا وأما لو كان أحرم قبل ذلك متمتعًا وقضى متمتعًا أو كان أحرم قارنًا وقضى قارنًا أو كان أحرم مفردًا وقضى متمتعًا فعليه ثلاثة هدايا في كل واحدة من هذه الصور الثلاث هدي للفساد وآخر للفوات وآخر للقران أو التمتع الحاصل في القضاء ولا شيء في القران أو التمتع الفاسد الذي فات كما أشار له بقوله (لا) يلزمه (دم قران ومتعة) الواو بمعنى أو (للفائت) أي لهذا الذي فيه من قران أو تمتع لأنه آل أمره إلى عمرة ولم يتم القران قاله اللخمي ويقال مثله في التمتع وسواء حصل مع الفوات فساد كما فيما نحن فيه أو انفرد الفوات عنه وسماه فائتًا بالنظر إلى ما يأتي به قابلًا قاله البساطي وفي هذا بعض تكرار مع قوله فيما مر وثلاثة أفسد قارنا ثم فاته وقضى (ولا يفيد لمرض) حاصل أو يحصل (لو غيره) كحيض أو حصر من عدو أو غيره (نية التحلل) من الإحرام (بحصوله) أي العجز

ــ

دخل في قوله وإن حصر عن الإفاضة وقول ز ومثله في خش مفهومه أنه إن حبس ظلمًا حل بالنية في أي موضع كان الخ غير صواب لأن الفرض أنه متمكن من البيت فلا يحل بالنية إلا إن كان بعيدًا من مكة كما تقدم والعجب من قوله هذا مع أنه قال أولًا وإن حصر بما سبق من

ص: 593

عن تمام الحج أو بحصول المرض ونحوه لأنه شرط مخالف لسنة الإحرام وكذا لا يفيد اشتراط ذلك باللفظ قبل وجوده بالفعل فهو عند وجوده باق على إحرامه حتى يحدث نية التحلل ولا تكفيه النية السابقة على وجود العذر وبحصوله متعلق بقوله التحلل والباء سببية (ولا يجوز) تحريمًا عند ابن شاس وابن الحاجب وكراهة عند سند (دفع مال) قليل أو كثير (لحاصر) طلبه على تخليه الطريق (أن كفر) لأنه ذلة ووهن واستظهر ابن عرفة جواز الدفع له قائلًا وهن الرجوع بصده أشد من إعطائه قال ح وقد لا يسلم له بحثه هذا قلت بل الظاهر ما ذكره ابن عرفة لأنه إذا اجتمع ضرر أن يرتكب أخفهما قاله عج ومفهوم الشرط جواز دفع ما قل لمسلم منه كدفعه الظالم لا ينكث كما قدم المصنف بل يجب (وفي جواز القتال) للمحاصر غير البادي (مطلقًا) كافرًا أو مسلمًا بمكة أو بالحرم ولو أهل مكة إذا بغوا على أهل العدل ولم يمكن ردهم إلا بالقتال ابن فرحون وعليه أكثر الفقهاء لأن قتال البغاة حق لله وحفظ حقه في حرمه أولى من أن يضاع ومنعه وهو نقل ابن الحاجب وابن شاس (تردد) محله إذا كان القتال للحاصر بالحرم أو بمكة ولم يبدأنا بالقتال كما مر وأما إن كان في الحل أو في الحرم وبدأنا بالقتال فإن مقاتلته جائزة من غير خلاف ولا يرد على الجواز الذي هو أحد شقي التردد خبر إنما أحلت له ساعة من نهار وما في معناه من الأخبار الدالة على المنع لأنها محمولة كما قال النووي عن الشافعي على القتال بما يعمم كالمنجنيق إذا أمكن صلاح الحال بدونه وإلا جاز وجاز حمل السلاح بمكة حينئذ قال في الإكمال وخبر لا يحل لأحدكم أن يحمل السلاح بمكة محمول عند أهل العلم على حمله لغير ضرورة ولا حاجة والإجاز وهو قول مالك والشافعي وغيرهما ويجوز دخولها بعده صلى الله عليه وسلم وسلم لحرب في قتال جائز وقول القاضي لا يحل دخولها بعده لحرب أو بغي يحمل على غير القتال الجائز وأما القتال الجائز فيجوز دخولها لها وبغير إحرام أيضًا انظر الشيخ سالم وقول الخبر إنما أحلت لي ساعة من نهار أي أحل لي إراقة الدم بها دون الصيد وهو ما بين طلوع الشمس وصلاة العصر كما في ابن حجر (وللولي منع) شخص (سفيه)

ــ

الأمور الثلاثة الخ ومنها الحبس ظلمًا (ولا يجوز دفع مال) قول ز ومفهوم الشرط جواز دفع ما قل لمسلم الخ بل يجوز الدفع للمسلم مطلقًا قل أو أكثر كما في ح عن سند لكن القليل يجب دفعه بشرطه بخلاف الكثير (تردد) أي للمتأخرين في النقل عن المذهب ابن عرفة وفي قتال غير بادئ نقلا سند وابن الحاجب مع ابن شاس عن المذهب والأول الصواب إن كان الحاصر بغير مكة وإن كان بها فالأظهر نقل ابن شاس لحديث إنما أحلت لي ساعة من نهار انتهى.

كلام ابن عرفة (وللولي منع سفيه) لم يذكر هذا الفرع ابن الحاجب وذكره في ضيح ناقلًا عن سند ما نصه قال مالك ولا يحج السفيه إلا بإذن وليه إن رأى وليه ذلك نظر أذن له وإلا فلا اهـ.

ابن عاشر وهو مشكل إذ لم يذكروا من شرط وجوبه الرشد وكيف يصح منه الولي إذا

ص: 594

فيشمل السفيهة ولو زوجة (كزوج) له المنع (وفي تطوع) من حج أو عمرة لا فرض ولو قلنا بالتراخي كأداء الصلاة أول الوقت وقضاء رمضان وهذا إن كانت رشيدة فإن كانت سفيهة فله المنع في الفرض أيضًا ففي تطوع راجع لما بعد الكاف وأما ولي السفيه فله المنع حتى في الفرض كما هو ظاهر عباراتهم وذكر د عن بعض شيوخه أنه ليس له منعه في الفرض وفيه نظر لأنه خلاف ظاهر عباراتهم ولأن المنع إنما هو حيث كانت المصلحة فيه وهذا يتفق فيه الفرض وغيره (وإن) أحرما و (لم يأذن) الولي أو الزوج (فله التحليل) لهما مما أحرما به كتحليل المحضر فإن أذن له لم يدفع له المال بل يصحبه لينفق عليه بالمعروف أو يصحب له من ينفق عليه من مال السفيه قاله ابن جماعة الشافعي في منسكه (وعليها القضاء) لما حللها منه إذا أذن لها أو تأيمت بخلاف السفيه والصغير إذا حللهما وليهما فلا قضاء عليهما كما قدمه أول الباب ومثل التطوع النذر المعين فتقضيه المرأة بعد أن تأتي بحجة الإسلام والمضمون أولى (كالعبد) ولو بشائبة ولو مكاتبًا أن ضر إحرامه بنجوم الكتابة لسيدة تحليله وعليه القضاء إذا أذن له أو عتق قال في التقريب على التهذيب ولا يكون التحليل بإلباسه المحيط لكن بالإشهاد على أنه حلله من هذا الإحرام فيتحلل بنية أو بحلاق رأسه انتهى.

فظاهره أن التحليل إنما يكون بهذين والظاهر أن الإشهاد كاف سواء امتنع العبدُ من التحلل أم لا كما أن تحليله بالنية والحلاق كاف من غير إشهاد والظاهر جريان ما ذكر في تحليل المرأة والسفيه ويقوم التقصير في حقها مقام الخلاف في حق الذكر (وأثم من لم يقبل) ما أمر به من التحلل من سفيه وزوجة وعبد (وله) أي للزوج إذا امتنعت من التحليل (مباشرتها) كارهة وإفساده عليها والإثم عليها دونه لتعديها على حقه والظاهر أنه نوى بذلك تخليلها كان كافيًا وإلا فسد ثم شبه في جواز تحليلها من التطوع قوله (كفريضة) أحرمت بها بغير إذنه (قبل الميقات) الزماني أو المكاني ببعد واحتاج إليها ولم يحرم وإلا

ــ

توفرت الشروط والأسباب وانتفت الموانع قال ح ناقلًا عن ابن جماعة لشافعي اتفق الأئمة الأربعة على أن المحجور عليه لسفه كغيره في وجوب الحج عليه لكنه لا يدفع إليه المال انظره انتهى.

(في تطوع) قول ز فإن كانت سفيهة فله المنع في الفرض الخ غير صحيح لأنها إن كانت سفيهة فالذي له منعها من الفرض هو وليها لا زوجها كما زعمه نعم إن كان زوجها وليها فله ذلك لكن من حيث إنه ولي لا من حيث إنه زوج (وعليها القضاء) قول ز بخلاف السفيه أي فلا قضاء عليه هذا هو الذي نقله المصنف عن سند وهو خلاف ما صرح به ابن رشد في البيان من لزوم القضاء في السفيه والزوجة والعبد وعزاه لمذهب ابن القاسم وروايته وعزا القول بسقوطه في الجميع لأشهب وابن المواز ونقله ح (وله مباشرتها) قول ز والظاهر أنه أن نوى بذلك تحليلها كان كافيًا الخ مثله في خش وفيه نظر وظاهر كلامهم إنها لا تكفي وأنه لا بد من نية المحرم ويدل على ذلك قوله كغيره وإثم من لم يقبل قال في ضيح أي إن لم تقبل ما أمرها به من التحلل أثمت لمنعها حقه إلى آخره فهو صريح في أن التحلل إنما يقع من المحرم لا من غيره (كفريضة قبل الميقات) قول ز وتقضيه وتحج حجة الإسلام الخ

ص: 595

لم يحللها ثم أن حللها بالشرطين الأولين لم يلزمها غير حجة الفرض وأما أن أفقده فإنها تتمادى عليه وتقضيه وتحج حجة الإسلام (وإلا) بأن إذن الولي للسفيه والسيد للعبد والزوج للزوجة في التطوع ثم أراد الرجوع (فلا منع له إن دخل) كل واحد منهم في الإحرام أو في النذر المأذون فيه وإذا أحرمت الزوجة بحجة الإسلام أو بغيرها بإذنه سقط من نفقتها ما زاد على نفقة الحضر على المذهب وتحتاج الأمة في الإحرام إلى أذن الزوج والسيد عند مالك والأئمة وقيل يكفيها إذن السيد إذ له السفر بها وترجع أي الحرة إذا تركت مهرها لزوجها على أن يأذن لها في حجة الإسلام عند مالك وابن القاسم وفي رواية له لا ترجع وحمل على العالمة بأن لها الحج وإن كره فهو وفاق وبه قطع ابن رشد ولو أعطته مهرها على الحج بها لم يجز لفسخ الدين وفي سماع عيسى ما يعارضه وحمله ابن رشد على ما إذا أعطته مهرها ليخرج معها فكان ما بذلت له على دفع الحرج لخروجه معها لئلا تمضي مفردة دونه لا على أن يحملها وينفق عليها من ماله سوى النفقة الواجبة عليه قال بعض ولو أذن السيد لعبده في الإحرام فأحرم وكان لا يستطيع السير فالظاهر أنه يلزمه الكراء له لأنه ورطه كما قالوا يجب عليه إحجاج مكرهته من زوجة أو أمة لتوريطهما في القضاء قاله الشيخ سالم كالشارح (و) من باع رقيقًا محرمًا (للمشتري إن لم يعلم) حين الشراء بإحرامه (رده) لأنه عيب كتمه البائع وهذا حيث لم يقرب زمن الإحلال وإلا فليس له رده والظاهر أن المراد بالقرب ما لا ضرره فيه على المشتري (لا تحليله) فليس له وأشعر قوله للمشتري بأن العبد ليس له تحليل نفسه وهو الظاهر فإن تحلل فليس للمشتري رده كذا ينبغي وظاهر قوله للمشتري الخ سواء كان أحرم الرقيق ذكرًا أو أنثى بإذن سيده البالغ أو بغير إذنه ثم إذا رده فللبائع تحليله إن لم يعلم به قبل بيعه وباعه ولو قرب زمن إحلاله بخلاف المشتري كما مر لأنه إنما ثبت له رده لعيب وهو مع قرب زواله كلا عيب وأما البائع فله رده لوقوعه بغير إذنه.

تنبيه: قال تت قال في التوضيح وينبغي أن يكون الحكم إذا باعه السيد قبل علمه بالإحرام ثم رده المشتري أن يكون له تحليله كما لو تزوج بغير إذنه وبيع المعتدة والمريضة والمحبوسة وبيع السفن في الشتاء انتهى.

وأراد بالمعتدة وما بعدها الأمة أي إذا اشترى أمة فظهرت معتدة أو مريضة أو محبوسة فله ردها إذا لم يعلم هذا مراده بالتشبيه وليس لسيدها إبطال عدتها إذا ردت لأنها

ــ

يقتضي أن عليها حجتين إحداهما قضاء والأخرى حجة الإسلام وليس كذلك بل ليس عليها أن تقضي غير حجة الإسلام كما صرح به اللخمي ونقله في ونحوه في كلام ابن رشد وقول ز فالظاهر أنه يلزمه الكراء له الخ نحوه في ح (وللمشتري إن لم يعلم الخ) قول ز وهذا حيث لم يقرب الخ صحيح لقول المدونة وإن باع عبده وهما محرمان جاز بيعه وليس للمبتاع أن يحللهما وله إن لم يعلم بإحرامهما الرد كعيب بهما إلا أن يقربا من الإحلال اهـ.

ص: 596

أحق لله وأراد ببيع السفن أما حقيقته في البحر الملح زمن هيجان الريح أو كراءها ز من هيجان الريح أو زمن قلة البحر حيث لا تجري فيه على عادتها فللمشتري فسخ الكراء حيث لم يعلم بذلك أن أمكن عدم علمه وفي الشارح في الكبير ما يفيد ذلك مع زيادة ابن القاسم قال إذا أجر عبده شهرًا لم يجز بيعه قال الوالد وقف على قول ابن القاسم من أجر عبده شهرًا لم يجز له بيعه اهـ.

وكذا بيع الأمة المنكوحة وللمشتري إن لم يعلم ردها أيضًا كما يأتي (وإن أذن) السيد لرقيقه في الإحرام وأحرم (فأفسد) العبد ما أحرم به بجماع أو غيره (لم يلزمه) أي السيد (أذن) ثان (للقضاء) عند أشهب خلافًا لأصبغ قائلًا لأنه من آثار أذنه محمَّد والأول أصوب ولذا قال (على الأصح) وظاهر الموازية أن الفوت كالإفساد سند وإن أراد لما فاته أن يعتمر ليحل وأراد السيد منعه وإحلاله فكأنه فقال أشهب في الموازية إن كان قريبًا فلا يمنعه وإن كان بعيدًا فله منعه فأما أن يبقيه على إحرامه وأما أن يأذن له في فسخه في عمرة (وما لزمه) أي العبد المأذون له في الإحرام (عن خطأ) صدر منه كان فاته الحج لخطأ عدد أو هلال أو خطأ طريق أو في قتل صيد (أو) عن (ضرورة) كلبس أو تطيب للتداوي (فإن أذن له السيد في الإخراج) فعل من مال السيد أو العبد كما يفيده أبو الحسن على المدونة من أن مال العبد يحتاج فيه لإذن أيضًا خلافًا لظاهر قول المدونة لا يحتاج في ماله لإذن من سيده في الإخراج (وإلا) بأن لم يأذن له في الإخراج (صام بلا منع) من السيد أي ليس له منعه من الصيام وإن أضر به في عمله (وإن تعمد) الرقيق موجب الهدي

ــ

وقول ز فإن تحلل فليس للمشتري رده الخ لا يخفى ما فيه إذ حيث كان ليس له تحليل نفسه لزم أن يكون تحلله ملغى وإنه باق على إحرامه فكيف يقال ليس للمشتري رده تأمله وقول ز وبيع المعتدة والمريضة الخ هذه الأربعة ليست من كلام ضيح كما يقتضيه كلامه وإنما ذكرها تت متصلة بكلام ضيح فتوهم ز أنها منه وليس كذلك وهي بالجر معطوفة على مدخول الكاف في قوله كما لو تزوج الخ ولا يخفى أن تشبيه الأربعة بما في ضيح غير صحيح لأن غاية ما فيها أنها عيوب للمشتري فسخ البيع بها ومقصود ضيح ما هو أخص من ذلك وهو إبطال البائع بعد فسخ البيع الإحرام والنكاح وذلك لا يتأتى فيها وقول ز مع زيادة أن ابن القاسم الخ لعل الشارح إنما ذكر كلام ابن القاسم استشكالًا لمذهب المدونة فإن مذهبها جواز بيع محرمًا سواء قرب الإحلال أو لا قال المصنف في منسكه وهو المشهور قال في ضيح وقال سحنون لا يجوز بيعه ويفسخ ألا ترى أن ابن القاسم يقول إذا آجر عبده شهرًا لم يجز له بيعه اللخمي وقد يفرق بين السؤالين لأن العبد المحرم منافعه لمشتريه وفي الإجارة منافعه قد بيعت فيستحق من كان في الإحرام لهذا اهـ.

وقيد ابن بشير خلاف سحنون بأن يبقى من مدة الإحرام زمن كثير قال في ضيح وظاهر ما حكاه اللخمي عنه العموم اهـ.

وبذلك تعلم ما في كلام ز ووالده من القصور والله الموفق للصواب.

ص: 597

أو الجزاء أو الفدية (فله منعه) من الإخراج أو الصوم (أن أضر) الصوم (به في عمله) للسيد لإدخاله على نفسه وبقي على المصنف من الموانع الدين الحال أو الذي يحل في غيبته وهو موسر فيمنع من الخروج إلا أن يوكل من يقضيه عند حلوله فإن اتهمه على عدم العود حلفه وليس له تحليله إن أحرم ولا له هو التحلل لا يقال استغنى المصنف عن ذكره بذكر الاستطاعة لأنا نقول يجب على القادر على المشي وله صنعة تقوم به وقد يقال استغنى عن ذكر هنا بما ذكره في باب الفلس من قوله وسفره أن حل في غيبته وبقي عليه أيضًا الأبوة فللأبوين المنع من التطوع ومن الفرض على إحدى الروايتين قاله في الجواهر لكن سيأتي في الجهاد كوالدين في فرض كفاية وهو يفيد المنع في التطوع لا في حجة الإسلام وصلى الله على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم.

تم الجزء الثاني

وبليه الجزء الثالث أوله باب الذكاة

ص: 598