الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني في أولاده عليه الصلاة والسلام وادعى ابن تيمية أن هذه رواية الواقدي وأنها غلط منه وأن الواقدي لا يحتج بمسانيده فكيف بمراسيله انظر حاشية التنقيح للحنابلة (وأخر الاستسقاء) ندبًا عن العيد (ليوم آخر) إن لم يضطروا له بسببه الآتي وإلا فعل مع العيد بل مع الكسوف أيضًا بعده.
فصل سن
عينا لذكر بالغ ولو عبدًا (الاستسقاء) أي صلاته وأما لصبي مأمور بصلاة ومتجالة فندبًا والفرق بينها وبين سنية الكسوف للصبي عموم الكسوف في الوجود وإن خفي سببه وهو المعصية بخلاف الاستسقاء فإنه بناحية دون أخرى ولا يقدح فيه بأنه قد يكون بناحية الصبي وبأن سببه وهو المعصية أيضًا خفي لعدم عمومه كما علم ويقدح في عموم الكسوف قول د لا مانع من وقوعه في محل دون آخر انظره عند قوله وإن لعمودي والاستسقاء لأحد شيئين بينهما بقوله (لـ) رجل احتياج (زرع) ويقال له محل وجدب بدال مهملة ولا يستعمل في احتياج الحيوان والجدب ضد الخصب بكسر الخاء المعجمة (أو) لأجل احتياج آدمي أو غيره من الحيوان إلى (شرب بـ) سبب تخلف (نهر أو غيره) من مطر أو عين (وإن) لم يكن المستسقي بصحراء أو مدينة أو قرية بل كان على ظهر الماء (بسفينة) في بحر ملح أو عذب لا يصل إليه وأما الاستسقاء لا لمحل ولا لحاجة شرب بل لطلب السعة والمزيد من فضل الله فمباح والفرق بين هذا وبين ندب الصيد لسعة إتعاب خلق كثير هنا والصيد المذكور وليس فيه إتعاب غير الصائد وسيذكر المصنف عن اللخمي ندبها من غير المحتاج للمحتاج ولا تقام لرفع مطر جملة بل يدعون برفعه عنهم بل قد قال عليه الصلاة والسلام في دعائه للاستصحاء اللهم حوالينا ولا علينا اللهم منابت الشجر وبطون الأودية وظهور الآكام ففيه تعليم كيفية الاستصحاء ولم يقل أرفعه عنا لأنه رحمة ونعمة لا يطلب رفعها ولم يقل أصرفها إلى منابت الشجر أي فقط لأنه سبحانه أعلم بوجه المصلحة لعباده قاله السهيلي وفي د مما ورد في رفع المطر إذا كثر وخيف منه الضرر ما رواه الشيخان من قوله صلى الله عليه وسلم حوالينا ولا علينا اللهم على الآجام والآكام والظراب والأودية ومنابت الشجر وقوله الآكام بالفتح والمد ويروى بالكسر والقصر جمع أكمة وهي الرابية أي التل وقيل شرفة بالرابية وهي ما اجتمع من الحجارة في مكان واحد وربما
ــ
صلاة الاستسقاء
(بنهر أو غيره) قول ز بسبب تخلف نهر الخ فيه تكلف والصواب كما لابن عاشر أن قوله بنهر متعلق بما في الاستسقاء من معنى السقي أي سن طلب السقي بنهر الخ كالنيل لأهل مصر قول ز واحدها أجم بضمتين الخ وأجم جمع أجمة فآجام على هذا جمع جمع والذي في القاموس أن آجاما جمع لأجمة ونصه والأجمة بالتحريك الشجر الكثير الملتف الجمع أجم بالضم وبضمتين وبالتحريك وآجام وأجام واجمات اهـ.
غلظ وربما لم يغلظ كما في المصباح والآجام مثلها والأجمة من القصب والآجام حصونها واحدها أجم بضمتين والظراب بكسر الظاء وهي الروابي الكبار والجبال الصغار جمع ظرب بكسر الراء قاله بعض شراح الرسالة (ركعتان) بدل من الاستسقاء فالسنة الصلاة لطلب السقي ولا أذان لها ولا إقامة قاله في الجلاب ويقرأ فيهما بكسبح الشمس قاله ابن بشير (جهرًا) ندبًا متأكدًا كهو بالوتر لأنها ذات خطبة كالعيد وليس فيها زيادة تكبير كالعيد (وكرر) الاستسقاء استنانًا لسببه المار في أيام لا في يوم واحد وندبًا فيما يندب فيه (إن تأخر) حصول المطلوب بأن لم يحصل شيء منه أو حصل دون الكفاية قال أصبغ استسقى عندنا بمصر خمسة وعشرون يومًا متوالية على سنة صلاة الاستسقاء وحضر ذلك ابن القاسم وابن وهب ورجال صالحون فلم ينكروه (وخرجوا) ندبًا إلى المصلى (ضحى) نحوه في المدونة ففهمها الباجي على أن وقتها ذلك ولا تصلى بعده وقال ابن حبيب تصلى من ضحوة إلى الزوال وتردد سند في كونه تفسيرًا لها وفي توضيحه الظاهر أنه تفسير (مشاة ببذلة) وهو ما يمتهن من الثياب بالنسبة للابسه (وتخشع) وهو تكلف الخشوع لينشأ عنه ظهور الخشوع ويخرجون بسكينة ووقار متواضعين متخشعين متضرعين وجلين لأن العبد إذا رأى مخايل العقوبة لم يأت مولاه إلا بصفة الذل ولما انقسم الخارج إليها وغيره إلى ثلاثة أقسام أشار إلى الأول المتفق على خروجه بقوله (مشايخ) وهو وما بعده يحتمل البدلية من واو خرجوا والنصب حالًا والرفع مبتدأ حذف خبره أي خرجوا حال كونهم أو وفيهم مشايخ والظاهر أن المراد بهم هن قابل الصبية لا المشايخ بالمعنى المذكور في الوقف (ومتجالة) وكررها ولم يستغن بذكرها في الجماعة (وصبية) يعقلون القربة وليس في قوله المدونة ولا يؤمر النساء والصبيان بالخروج إليها فإن خرجوا لم يمنعوا اهـ.
ما يدل على طلب خروج من ذكر كما يفيده المصنف وإنما اعتمد قول اللخمي يخرج إلى الاستسقاء ثلاثة الرجال ومن يعقل القربة من الصبيان والمتجالات من النساء اهـ.
وأطلق المصنف كالأصحاب في طلب الخروج والظاهر تقييده بمن بغير مكة فإن أهلها يستسقون بالمسجد الحرام كالعيد قاله بعض وأشار إلى المختلف في خروجه بقوله (لا من لا يعقل) القربة (منهم) أي من الصبية (وبهيمة) فليس بمشروع على المشهور كما قاله ابن بشير وجنح ابن حبيب كالشافعي لخروجهم لخبر لولا أطفال رضع وشيوخ ركع ودواب رتع لصب عليكم العذاب صبًّا اهـ.
ويجاب للمشهور بأن المعنى لولا وجودهم لا حضورهم وأشار إلى القسم المتفق
ــ
(وكرر) قول ز استنانا اعترضه طفى بأنه خلاف قول المدونة وجائزان يستسقى في السنة مرارًا وخلاف ما في النوادر عن ابن حبيب لا بأس به أيامًا واقتصر عليه ابن عرفة وصاحب الجواهر فيحمل كلام المؤلف على الجواز (ببذلة) بكسر الموحدة وسكون الذال المعجمة قاله
على عدم خروجه بقوله (وحائض) ونفساء حال جريان دمهن وكذا بعد انقطاعه وقبل الغسل عبد الحق بل هي الآن أشد في المنع لقدرتها على الاغتسال اهـ.
قلت يلزم مثل ذلك في الجنب ولم أر فيه نصًّا وشابة ناعمة لمنافاة خروجها للخشوع قاله الجزولي قاله الشيخ سالم وعلل منع الحائض بنجاستها ويعلل أيضًا بنفرة الملائكة الطوافين غير الحفظة عن مجلس به حائض قياسًا على خبر لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب أو تمثال ويدل له من حيث المعنى قوله الآتي وتجنب حائض وجنب له (ولا يمنع ذمي) أي يكره منعه من الخروج (وانفرد) ندبًا (لا بيوم) فيكره والتعليل بخشية سبق قدر بسقي في يومه فيفتتن بذلك ضعفاء المسلمين ربما يقتضي تحريمه ولا يمنعون من إظهار صليبهم والتطوق به وشركهم وقت الاستسقاء ويمنعون من إظهار ذلك في أسواق المسلمين في الاستسقاء وغيره كما منعوا من إظهار الزنا وشرب الخمر (ثم خطب) بعد الصلاة خطبتين يجلس في أولهما ووسطهما ويتوكأ على عصا كما أفاد ذلك كله (كالعيد) ابن بشير ولا يدعو في هذه الخطبة إلا بكشف ما نزل بهم لا لأحد من المخلوقين اهـ.
أي حتى السلطان ولعله إن لم يخش منه أو من نوابه (وبدل) أي ترك وغير ندبًا (التكبير) المطلوب فعله في خطبة العيد (بالاستغفار) فيأخذه أي يفعله فالباء داخلة على المأخوذ لا المتروك هذا معنى بدل ويتعدى لواحد نحو فمن بدله أي غيره بعد ما سمعه ولمفعولين بنفسه نحو يبدل الله سيئاتهم حسنات وبالباء لثان نحو بدلت العصيان بالتوبة ولثالث نحو وبدلناهم بجنتيهم جنتين والباء في الثاني داخلة على المأخوذ وفي الثالث على المتروك وأما تبدل واستبدل فتدخل الباء فيهما على المتروك دائمًا لا المأخوذ مثال الأول قوله تعالى: {وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} [النساء: 2] أي لا تتركوا الطيب وتأخذوا الخبيث وقوله: {وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [البقرة: 108] أي يترك الإيمان ويأخذ الكفر والثاني كقوله تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة: 61] أي أتتركون الذي هو خير وتأخذون الذي هو أدنى وهذا شرح وإيضاح لقول عج:
وما لاصقته الباء في استبدل الردي
…
بجيد المتروك مثل تبدلا
وبالعكس بدلنا وعدي لواحد
…
فغير معناه فكن متأملا
وعدي لمفعولين فالثان مبدل
…
ومبدل منه ما نصبناه أولا
وعدي لمفعولين أيضًا بنفسه
…
وبالبا لمذهوب به يا أخا العلا
كذا قال سعد الدين قدس سره بحاشية الكشاف هذا مفصلًا.
(وبالغ) ندبًا الإِمام ومن معه (في الدعاء آخر) الخطبة (الثانية) يحتمل أن يريد
ــ
في الصحاح (وانفرد لا بيوم) لو قال لا بوقت لكان أولى لقول ابن حبيب يخرجون وقت خروج الناس ويعتزلون ناحية ولا يخرجون قبل الناس ولا بعدهم اهـ.
بمبالغته في الدعاء الإطالة فيه كما لابن حبيب ويحتمل الإتيان بأجوده وأحسنه ويحتملهما معًا والمراد بالثاني ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام ومنه خبر الموطأ كان إذا استسقى قال اللهم اسق عبادك وبهيمتك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت اهـ.
والميت بمثناة تحتية ساكنة وتشدد وفي المصباح وأما الحي فبالتثقيل لا غير اهـ.
أي وصف الحي بأنه ميت حكمًا كقوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} [الزمر: 30] ولخبر إذا مات ميت الخ فإن مات فيقال ميت بالتسكين فقط ففي القاموس والميت مخففة الذي مات والميت بالتثقيل والمائت الذي لم يمت اهـ.
وفي شرح البخاري قال الخليل أنشدني أبو عمرو:
أيا سائلي تفسير ميت وميت. . . فدونك قد فسرت إن كنت تعقل
فمن كان ذا روح فذلك ميت. . . وما الميت إلا من إلى القبر يحمل
وندب جهر الإِمام بالدعاء خلافًا للشافعي ويؤمن من قرب منه على دعائه حالة كونه (مستقبلًا) في دعائه القبلة وظهره للناس (ثم حول) كالصريح في أنه بعد الدعاء وهو المناسب ليكون التحول من الجدب إلى الخصب بعد الدعاء الراد للقضاء كما في خبر الجامع الصغير لكنه خلاف ما في المدونة والرسالة والجلاب من أنه قبل الدعاء وفيه رمزًا إلى أن تحول الحال من المعصية إلى التوبة.
ينجح قبول الدعاء فتحمل ثم في كلام المصنف على الترتيب الذكري فقط (رداءه) كبرانس وغفائر وهي باصطلاح المغاربة ما يجعل من جوخ على شكل البرنس أن لبستا مثل الرداء وإلا لم تحول ويجعل (يمينه يساره) لكن يبدأ بيمينه فيأخذ ما على عاتقه الأيسر مارًّا به من ورائه ويجعله على عاتقه الأيمن وما على الأيمن على الأيسر تفاؤلًا بتحويل حالهم من جدب إلى خصب ويلزم من هذا التحويل قلبه فيصير ما يلي ظهره للسماء وما يليها على ظهره (بلا تنكيس) أي يكره تحويله بجعل حاشيته التي على كتفيه جهة عجزه وحاشيته السفلى على كتفيه للتفاؤل بقوله تعالى {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [الحجر: 74] وسواء على هذا المكروه بقي ما لجهة السماء على حاله أو جعله لجهة ظهره واستظهر الشارح نصب يمينه يساره بعامل محذوف كما أشرنا إليها وجوز فيه البدلية ولم يبين من أي أنواع البدل والظاهر الاشتمال ويحتمل البعضية وجوز نصبه بإسقاط الخافض
ــ
في قول ز ولا يمنعون من إظهار صليبهم الخ أي إذا تنحوا به عن الجماعة كما في ح (ثم حوّل رداءه) قول ز فتحمل في كلام المصنف الخ في ح جواب آخر وذلك أنه جعل ثم حول عطفًا على مستقبلا أي ثم بعد الاستقبال حول رداءه (يمينه يساره) في المدونة وحول رداءه مكانه يرد ما على عاتقه الأيمن على الأيسر وما على الأيسر على الأيمن ولا يقلب رداءه فيجعل الأعلى أسفل والأسفل أعلى اهـ.
أي يجعل ما على يمينه على يساره وعليه فالضمير لفاعل التحويل وعلى الأولين للرداء قاله الشيخ سالم (وكذا) يحول (الرجال) أرديتهم على نحو تحويل الإِمام (فقط) دون النساء الحاضرات لئلا ينكشفن وتحويل الرجال حالة كونهم (فعودا) ولا يكرر الإِمام ولا هم التحويل (وندب خطبة بالأرض) لا بمنبر فيكره كما تفيده المدونة لطلب مزيد التواضع حالة الاستسقاء (وصيام ثلاثة أيام قبله) ويخرجون مفطرين كما هو مفهوم الظرف للتقوى على الدعاء كيوم عرفة خلافًا لقول ابن حبيب يؤمرون بصوم يومه لخبر دعوة الصائم لا ترد عليه قاله تت بصغير وتبعه الشيخ سالم وهو الظاهر دون ما يوهمه كبيره من اعتماد ما لابن حبيب (وصدقة) قبله أيضًا رجاء مجازاتهم بجنس فعلهم فإنه جاء من أطعم أطعم ومن أحسن أحسن إليه (ولا يأمر بهما الإمام) أي يكره السنهوري لئلا يكون فعلهما لأمر السلطان فلا ينجحان اهـ.
وما ذكره لا ينهض مع ما هو المعتمد من أنه يأمر بالصدقة ثم إذا أمر بهما وجبت طاعته وهل يدخل هو في أمره فيجبان عليه بناء على قول بعض الأصوليين بدخول المتكلم في عموم كلامه ولو بالأمر ومنه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا}
ــ
وانظر ما نقله في هنا عن ابن عرفة فإن فيه تعارضًا في العزو تأمله قول ز والظاهر الاشتمال الخ غير صحيح بل يتعين كونه بدل بعض (وصيام ثلاثة أيام قبله) قول ز دون ما يوهمه كبيره من اعتماد ما لابن حبيب الخ بل ما أوهمه من اعتماد ما لابن حبيب هو الصواب لقول الفاكهاني لم يقل باستحباب الصوم من أهل المذهب غير ابن حبيب ونص البيان في كتاب الصيام قال ابن حبيب ولو أمرهم الإِمام أن يصوموا ثلاثة أيام آخرها اليوم الذي فيه يبرزون كان أحب إلى اهـ.
بلفظه وهو يقتضي أنهم يخرجون صائمين خلاف ما يقتضيه المصنف فانظر ما مستنده وما في ق ليس هو لفظ البيان (ولا يأمر بهما الإِمام) ح قال ابن عرفة ابن حبيب ويحض الصدقة ويأمر فيها بالطاعة ويحذر من المعصية اهـ.
وفي الشارح قال ابن شاس يأمرهم بالتقرب بالصدقة بل حكى الجزولي الاتفاق على ذلك اهـ.
قال تت ولعل ما ذكره الجزولي طريقة فلا نظر اهـ.
قال طفى لم يقل أحد فيما أعلم أنه طريقة لا ابن عرفة ولا غيره بل لم يقل أحد فيما علمت أنه لا يأمر بالصدقة فضلًا عن أن يكون طريقة اهـ.
وأما الصوم فقد علمت أنه لم يقل أحد باستحبابه إلا ابن حبيب وقد تقدم أنه قال يأمر به الإِمام وقول ز فلا ينجحان الخ أي لأنهما حينئذ فعلا لطاعة المخلوق لا لطاعة الخالق تعالى فلا يكون فيهما إخلاص وفيه نظر ظاهر وقول ز ثم إذا أمر بهما وجبت طاعته الخ فيه نظر في نحو هذا مما ليس من المصالح العامة وقول ز منه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 104] الآية لا يصح التمثيل بهذا الآية لدخول الآمر في أمره كما هو ظاهر وإنما أمثاله ما لو قال رجل لعبده وقد أحسن إليه من أحسن إليك فأكرمه فاختلف هل يدخل السيد الآمر في خطابه على قولين وقد صحح ابن السبكي كلًّا منهما وإنما يمثل بالآية المذكورة لدخول المخاطب بالفتح في
[المائدة: 6] الآية من دخول المصطفى المنزل عليه ذلك في المأمورين أم لا (بل بتوبة) من الذنوب وهي ندب على المعصية لأجل قبحها شرعًا ولا يضره استحسانها طبعًا قال التفتازاني وقع التردد في الندم لخوف النار أو لطمع الجنة هل يكون توبة أم لا ومبنى ذلك هل هو ندم عليها لقبحها أي شرعًا أو لكونها معصية أم لا وكذا وقع التردد في الندم عليها لقبحها ولأمر آخر والحق أن جهة القبح إن كانت بحيث لو انفردت لتحقق الندم عليها فتوبة وإلا فلا كما إذا كان الغرض مجموع الأمرين أي أن كل واحد منهما بانفراده لا يتحقق به الندم وكذا وقع التردد في التوبة عند مرض مخوف ومعنى الندم تحزن وتوجع على أن فعل وتمنى كونه لم يفعل واعلم أن توبة الكافر بإسلامه مقبولة قطعًا وكذا المسلم من عصيانه على المشهور كما ذكره ابن عمرو ظنًّا عند معظم أهل الأصول فهما كما في الشيخ سالم قولان الأول المشهور ولو أذنب بعدها لا تعود ذنوبه على الصحيح اهـ.
ومحل القطع بقبول توبة الكافر البالغ إن لم يغرغر أي يشاهد ملائكة العذاب وإن لم تطلع الشمس من مغربها وإلا لم يقبل إسلامه فيها بخلاف المؤمن يتوب بعد طلوعها من مغربها والصغير يسلم حينئذ فمقبولة فيهما وهل كذا توبة المؤمن من ذنبه عند الغرغرة وعليه ابن جماعة أولًا وعليه النووي وهو ظاهر خبر أن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر خلاف (ورد تبعة) بمثناة فوقية مفتوحة ثم جاء موحدة مكسورة إلى أهلها والتحلل منها مخافة منع الغيث بمعاصيهم قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] ويعفو عن كثير (وجاز) يوم الاستسقاء (تنفل قبلها وبعدها) بالمسجد والمصلى بخلاف العيد فيكره قبلها وبعدها بالمصلى كما مر وفرق مالك بأن صلاة العيد شعيرة من شعائر الإِسلام مخصوصة بيومها فكان اختصاصها بمحلها في يومها من
ــ
الخطاب الموجه إليه والاتفاق على دخوله فيه (بل بتوبة) قول ز قال التفتازاني وقع التردد الخ هذا الكلام وذكره السعد التفتازاني في شرح المقاصد وقول ز وكذا التردد في التوبة عند مرض مخوف الخ قال السعد بناء على أن ذلك الندم هل هو لقبح المعصية أو للخوف لما في الآخرة عند معاينة النار اهـ.
وقول ز وكذا المسلم من عصيانه على المشهور الخ هذ قول الشيخ أبي الحسن الأشعري ونسبه ابن جزي لجمهور العلماء ذكره عند قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ} [النساء: 17] الآية ومقابله وهو عدم القطع للقاضي أبي بكر الباقلاني وقول ز بخلاف المؤمن يتوب بعد طلوعها إلى قوله فمقبولة الخ ما ذكره من التفصيل به قال جمع من الحنفية حملوا ما ورد من عدم قبول التوبة بعد الطلوع وعند الغرغرة على الكافرون المؤمن والذي عليه الجمهور عدم قبول التوبة من المعصية ومن الكفر عند الغرغرة وكذا عند طلوع الشمس من مغربها وبه فسر قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: 158] الآية قاله طفى في أجوبته.
فائدة: قال الجزولي التوبة مما خصت به هذه الأمة لأنه كان من قبلنا إذا أذنب العبد ذنبًا يجده مكتوبًا على باب داره وكفارته اقتل نفسك أو افعل كذا اهـ.