المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في أحكام الدماء والقصاص - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٨

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌باب في أحكام الدماء والقصاص

بسم الله الرحمن الرحيم

‌باب في أحكام الدماء والقصاص

وأركانه ثلاثة الجاني والمجني عليه والجناية ولكل منها شروط ذكر جميعها وبدأ

ــ

الدماء والحدود

ابن حجر أخرج الترمذي من حديث عبد الله بن عمر زوال الدنيا كلها أهون عند الله من قتل رجل مسلم وقال حديث حسن وقد أخرجه النسائي بلفظ لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا اهـ.

وفي المواق روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شارك في دم امرئ مسلم بشطر كلمة جاء يوم القيامة وبين عينيه مكتوب آيس اليوم من رحمة الله اهـ.

قلت: وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد عن أبي هريرة بلفظ من أعان على قتل مؤمن ولو بشطر كلمة لقي الله مكتوبًا بين عينيه آيس من رحمة الله قال المناوي: قيل هذا كناية عن كونه كافرًا إذ لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون وقيل بعمومه وأن المراد يستمر على هذا الحال حتى يطهر من ذنبه بنار الجحيم فإذا طهر بها زال يأسه وهذا الحديث قال ابن حجر والمنذري ضعيف جدًّا وبالغ ابن الجوزي فحكم بوضعه وتبع فيه أبا حاتم فإنه قال في العلل باطل موضوع وقال الذهبي في الميزان قال الإمام أحمد وهذا الحديث ليس بصحيح اهـ.

وخرج مسلم عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء قال ابن حجر ولا يعارض هذا حديث أبي هريرة رفعه أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته أخرجه أصحاب السنن لأن الأول محمول على ما يتعلق بمعاملة الخلق والثاني فيما يتعلق بعبادة الخالق اهـ.

قال ابن رشد اختلف السلف ومن بعدهم من الخلف في قبول توبة القاتل وإنفاذ الوعيد عليه على قولين فمنهم من ذهب إلى أنه لا توبة له وأن الوعيد لاحق به ومنهم من ذهب إلى أن القاتل في المشيئة وأن توبته مقبولة وأما من قال إن القاتل مخلد في النار أبدًا فقد أخطأ وخالف السنة لأن القتل لا يحبط ما تقدم من إيمانه ولا ما اكتسب من صالح أعماله لأن السيئات لا تبطل الحسنات واختلف أهل العلم أيضًا في القصاص من القاتل هل يكفر عنه إثم

ص: 3

بالركن الأول وشروطه فقال: (إن أتلف) أي جنى عمدًا (مكلف) على نفس أو طرف ولو سكران طافحًا لأنه أدخله على نفسه (وإن رق) فيقتل العبد بالحر إن شاء وليه فإن استحياه خير سيده في إسلامه وفدائه بالدية كما يأتي واحترز بمكلف عن صبي ومجنون فلا يقتص منهما لأن عمدهما وخطأهما سواء وهذا في مجنون مطبق أو يفيق أحيانًا وقتل حال جنونه فإن شكت البينة أو سكر بحلال فلا يقتل والدية على عاقلته فإن قتل حين إفاقته فجن أخر قلته لإفاقته إن رجيت وإلا فالدية في ماله ولا يقتل وهو مجنون كمرتد جن حينئذ فلا يقتل حينه وللمغيرة يسلم المجنون القاتل حين إفاقته لأولياء المقتول فخيرون في قتله وأخذ الدية من ماله إن وجدوا لا اتبعوا بها ووصف المكلف بقوله: (غير حربي) فلا يقتل قصاصًا حربي قتل غيره لعدم التزامه أحكام الإسلام ولأنه إن جاء تائبًا فلا يقتل إما قتل قبل توبته سواء جاء تائبًا مسلمًا أو لضرب الجزية عليه إن كان ممن تضرب عليه أو للأمان كمجوسي قصد التزام أحكام الإسلام فإن لم يجيء الحربي تائبًا قتل لا مكافأة بل لكونه غير معصوم وعطف للقصاص شرطًا آخر بالجر على المضاف إليه ولا مؤكدة وبالرفع بعطف لا على غير لأن لا اسم بمعنى غير ظهر إعرابها فيما بعدها قوله: (ولا زائد حرية) على المقتول فلا يقتل الحر بالعبد إلا أن يكون المقتول زائد إسلام لما يأتي من قتل الحر

ــ

القتل أم لا فمنهم من ذهب إلى أنه يكفره عنه بدليل قوله عليه الصلاة والسلام الحدود مكفرات لأهلها فعمم ولم يخص قتلًا من غيره ومنهم من ذهب إلى أنه لا يكفر عنه لأن المقتول المظلوم لا منفعة له في القصاص وإنما هو منفعة للإحياء ليتناهى الناس عن القتل ولكم في القصاص حياة ويخص الحديث على هذا بما هو حق لله تعالى لا يتعلق به حق لمخلوق اهـ.

باختصار من سماع عيسى من كتاب الديات (إن أتلف مكلف) قول ز على نفس أو طرف الخ. الكلام هنا في النفس فقط وسيأتي الكلام في الأطراف فلا معنى لذكره هنا.

قول ز وللمغيرة يسلم المجنون القاتل الخ. هذا التخيير الذي ذكره بين القتل والدية إنما هو للخمي لا للمغيرة وإنما قال المغيرة يسلم إلى أولياء المقتول يقتلونه وإن شاؤوا عفوا أي وليس لهم أن يلزموه الدية هكذا في ابن عرفة وضيح وح وغيرهم (غير حربي) قول ز إن كان ممن تضرب عليه أو للأمان كمجوسي الخ. ظاهره يوهم أن المجوسي لا تقبل منه الجزية وهو خلاف ما درج عليه المؤلف في باب الجزية وإن كان فيه خلاف (ولا زائد حرية) قول ز بالرفع لأن لا اسم بمعنى غير ظهر إعرابها بعدها الخ. هذا إنما هو معروف عند النحاة في إلا بمعنى غير وفي أل الموصولة وليس معروفًا في لا ولما نقل صاحب التصريح في باب لا النافية للجنس أن مذهب البصريين في نحو جئت بلا زاد أن لا حرف والاسم بعدها مخفوض بالجار وأن مذهب الكوفيين أن لا اسم بمعنى غير وأن الاسم بعدها مخفوض بالإضافة كتب عليه الشيخ يس ما نصه انظرها لا قيل أن إعرابها ظهر فيما بعدها لكونه على صورة الحرف اهـ.

ص: 4

الكتابي بعبد مسلم (أو إسلام) فلا يقتل مسلم ولو عبدًا بكتابي ولو حرًّا والإضافة على معنى اللام وهي بمعنى الباء أي شرط قتل القاتل المكلف أن لا يكون زائدًا بإسلام مطلقًا أو بحرية في غير مسلم لا على معنى في لاقتضائها المشاركة في الحرية أو الإسلام وزيادة القاتل فيهما وكانت بمعنى اللام لقول الألفية رحم الله مؤلفها واللام خذا لما سوا ذينك وجعلها بمعنى الباء ظاهر ثم ذكر ظرفًا خاصًّا يقوله: غير حربي ولا زائد حرية أو إسلام ولا يرجع لمكلف فقال: (حين القتل) إن لم يتأخر عن سببه وإلا اعتبر أيضًا أي شرط القتل أن لا يكون القاتل حربيًّا ولا زائد حرية أو إسلام حين السبب والمسبب أي لتلف وبينهما فلو رمى حربي غيره ثم صار الرامي من أهل الذمة ثم مات المرمي لم يقتص له منه لأنه حربي حين السبب ولو رمى عبد عبدًا مثله رقًّا ودينًا ثم عتق الرامي قبل موت المرمى لم يقتل به لزيادة الرامي بالحرية حين المسبب أي القتل ولو رمى حر نصراني عبدًا نصرانيًّا ثم حارب الرامي وأخذ واسترق ثم مات المرميّ لم يقتل به لزيادة الرامي حين السبب عليه بالجزية ولو رمى مسلم كافرًا أو مرتدًا فأسلم قبل وصول الرمية إليه ثم وصلته فمات لم يقتل لزيادة الرامي عليه بالإسلام حين السبب وإن ساواه حين القتل وعليه دية مسلم عند ابن القاسم كمن رمى صيدًا وهو حلال فلم تصل الرمية حتى أحرم فعليه جزاؤه وقولي ولا يرجع لمكلف ظاهر لأنه لو رجع له لاقتضى أن من حصل منه سبب القتل وهو بالغ عاقل ثم جن فمات المرمي ثم أفاق المجنون أنه لا يقتص منه مع أنه يقتص منه حين إفاقته كما مر وأن من حصل منه سبب القتل وهو غير مكلف ثم حصل القتل وهو مكلف أنه يقتل مع أنه لا يقتل واستثنى من قوله غير زائد حرية أو إسلام قوله: (إلا لغيلة) بغين معجمة مكسورة فمثناة تحتية وهي القتل خفية أي يخدعه ليذهب به لمحل فيقتله فيه لأخذ المال فلا يشترط فيه المساواة بل يقتل الحر بالعبد والمسلم بالكافر

ــ

(أو إسلام) قول ز أن لا يكون زائدًا بإسلام مطلقًا أي سواء كانا حرين أو عبدين أو مختلفين وقوله أو بحرية في غير مسلم فيه نظر لاقتضائه القصاص إذا زاد القاتل بالحرية وهما مسلمان وليس كذلك بل يمنع القصاص في المسلمين والكافرين إذا زاد بالحرية ويقتص منه في قتل الحر الكافر العبد المسلم كما يأتي عند ابن القاسم خلافًا لسحنون (حين القتل) قول ز إن لم يتأخر عن سببه الخ أفاد به أن الشروط المذكورة معتبرة في وقت السبب وفي وقت المسبب معًا لا حين القتل فقط كما هو ظاهر المصنف ولذا قال طفى الصواب إسقاط قوله حين القتل كما فعل ابن الحاجب لاقتضائه أنه لا تشترط المساواة إلا حين القتل وليس كذلك بل من حين الرمي إلى حين حصول القتل إذ المعتبر في القصاص الحالان أو يقول إلى حين القتل بالغاية كما فعل فيما بعد اهـ.

وسبقه إلى ذلك الشيخ أحمد بابا وفي ضيح عند قول ابن الحاجب فأما القصاص فبالحينين معًا أي فيشترط دوام التكافؤ من حصول السبب في حصول المسبب اتفاقًا اهـ.

ص: 5

والاستثناء منقطع لأنه في الحقيقة لم يقتل به قصاصًا بل للفساد ولذا قال مالك ولا عفو فيه وصلح الولي فيه على الدية مردود والحكم فيه للإمام ويأتي ذلك أيضًا عند قوله وليس للولي العفو ولا يقبل فيها إلا شاهدان لا شاهد يقسم معه الأولياء خلافًا ليحيى بن سعيد قاله في التوضيح فإن قتله ظاهرًا فحرابة إن كان على وجه يتعذر معه الغوث ولا عفو فيه أيضًا وإلا جاز فيه كالعداوة وذكر الركن الثاني وهو المجني عليه مع شروطه بقوله: (معصومًا) وهو معمول أتلف فلا قصاص على قاتل مرتد كما يأتي ويشترط دوام العصمة (للتلف) في النفس أي الموت ويشترط دوامها حين سببه من جرح أو ضرب (والإصابة) في الجرح أي وسببه وهو الرمي أي يعتبر في النفس العصمة من حين الضرب إلى حين الموت وفي الجرح من حين الرمي إلى حين الإصابة فلا بد من اعتبار الحالين معًا حال الرمي وحال الإصابة في الجرح وحال الموت في النفس هذا في العمد الذي فيه القود واقتصر فيه على الغاية ويعلم منه العصمة أيضًا في المبدأ وأما الخطأ والعمد الذي لا قود فيه فسيتعرض لهما في قوله وضمن وقت الإصابة والموت وحيث اعتبر الحالان معًا فلو رمى كتابي مرتدًا وقبل وصول الرمية إليه أسلم اعتبر حال الرمي فلا يقتل به أن مات وكذا لو جرحه ثم أسلم ونزا ومات فإنه لا يقتل به لمراعاة حال الجرح ولو رمى حر مسلم مثله بسهم فارتد المرمي قبل وصول السهم إليه ثم مات فلا قصاص لأنه حين الإصابة لم تستمر العصمة ولو جرح مسلم مسلمًا فارتد المجروح ثم نزا فمات فلا قود لأنه صار إلى ما أحل دمه ولو قطع مسلم يد مسلم ثم ارتد المقطوع فمات مرتدًا أو قتل ثبت القصاص في قطع اليد فقط لا النفس لأن الموت كان وهو مرتد فقوله معصومًا صفة لموصوف

ــ

وقول ز وإن من حصل منه سبب القتل وهو غير مكلف الخ هذا إنما يرد على ظاهر المصنف أما إن اعتبر القيد الذي ذكره في قول المصنف حين القتل أعني قوله إن لم يتأخر عن سببه فلا يرد (للتلف والإصابة) قال طفى كأنه يحوم على قول الجواهر فصل في تغيير الحال بين الرمي والجرح وبين الجرح والموت وقول ابن الحاجب فلو زال بين حصول الموجب وحصول الأثر كعتق أحدهما أو إسلامه بعد الرمي وقبل الإصابة أو بعد الجرح وقبل الموت فقال ابن القاسم المعتبر في الضمان حال الإصابة وحال الموت وقال أشهب وسحنون حال الرمي ورجع سحنون اهـ.

فقوله للتلف أي لا حين الجرح فقط وقوله والإصابة لا حين الرمي والكلام كله في النفس وسيأتي الكلام على الجرح فسقط قول من قال للتلف في النفس والإصابة في الجرح وقال لو أسقط قوله والإصابة لسلم من التكرار مع قوله والجرح كالنفس الخ. وسرى له ذلك من عدم معرفته مطارح كلام الأئمة اهـ.

ونحوه نقل بعض الشيوخ من تقرير المناوي معترضًا لما قرره ز تبعًا لابن غازي رحمه الله اهـ.

ص: 6

محذوف أي شيئًا فيشمل النفس والطرف والجرح ولا يشمل المال لقوله: فالقود ولا تقدر شخصًا ولا آدميًّا لقصورهما على النفس ولا عضوًا لقصوره على الطرف والجرح وقوله للتلف متعلق بمعصومًا والسلام بمعنى إلى لانتهاء الغاية أي منتهية عصمته إلى وقت التلف والإصابة لا بمعنى عند وعلى جعلها للغاية يعلم منه المبدأ كما مر لأن كل غاية لها مبدأ ثم بين أن العصمة تكون بأحد أمرين أولهما قوله: (بإيمان) بالله ورسوله أي بإسلام بناء على ترادفهما ما صدقا وهو الصحيح والاختلاف بينهما في المفهوم لخبر أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله أي ومحمد رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وثانيهما قوله (أو أمان) من السلطان أو غيره لحربي وأولى بالتزام جزية وشبه في المعصوم قوله: (كالقاتل) فإنه معصوم (من غير المستحق) لا منه في نفسه (وأدب) لافتياته على الإمام العدل فهو راجع لمفهوم غير المستحق أو جواب شرط مقدر أي وإن قتله المستحق أدب وبالتعليل بالافتيات يسقط الأدب إذا أسلمه الإِمام كما أنه إذا علم أن الإمام لا يقتله فلا أدب عليه في قتله ولو غيلة ولكن يراعى فيه أمنه فتنة ورذيلة كما يسقط الأدب مع كون الإمام غير عدل كما قاله أبو عمران وقولي في نفسه فقط يدل عليه قوله بعد وإن فقئت عين القاتل أو قطعت يده ولو من الولي بعد أن أسلم إليه فله القود وأدخلت الكاف القاطع ونحوه من غير المستحق (كمرتد) أي كقاتله بغير إذن الإمام فيؤدب ولا يقتل به سواء قتله زمن الاستتابة أو بعدها وإنما عليه ديته ثلث خمس دية المسلم كدية المجوسي المستأمن كما يأتي إن قتله زمن الاستتابة وكذا بعدها على ما قال د من أنه لا مانع من اجتماعهما عليه قال عج فيما يأتي وفي كلام ق عن أشهب ما يوافقه (و) قاتل (زان أحصن) بغير إذن الإِمام فيؤدب لا غير محصن فيقتل به إلا أن يقول وجدته

ــ

(كالقاتل من غير المستحق) جعله ز تشبيهًا والظاهر أنه تمثيل مثل بالأضعف تنبيهًا على الأقوى اهـ.

(كمرتد) اختلف هل فيه دية ذهب ابن القاسم إلى أن فيه دية المجوسي ثلث خمس دية الحر المسلم وعلى هذا اقتصر المصنف في الديات وقيل لا شيء على قاتله إلا الأدب وعليه اقتصر ابن رشد وتبعه ابن الحاجب وعلى الأول يجعل كلام المصنف هنا بدليل ما يأتي له في الديات اهـ.

(وزان أحصن) قول ز وكذا البكر لعذر المغيرة الخ نحوه في تبصرة ابن فرحون ونصه في الفصل السابع من القسم الثالث وفي مختصر الواضحة قال ابن حبيب وسمعت ابن الماجشون يقول وسئل عن رجل وجد رجلًا عند زوجته قال فإن قتله كان عليه القود إلا أن يكون معه شهود على دخول الفرج في الفرج فلا يكون عليه قود وإنما يكون عليه الأدب لافتيانه قال الباجي وعند ابن القاسم هذا جار في البكر والثيب إذا جاء بأربعة شهداء فإنه لا يقتص منه بقتل الثيب ولا البكر وذلك لأن من وجد مثل هذا يخرج من عقله ولا يكاد يملك نفسه

ص: 7

مع زوجتي وثبت ذلك بأربعة ويرونه كالمرود في المكحلة ولا يقتل بذلك الزاني المحصن وكذا لبكر لعذر المغيرة كما في البرزلي وعلى قاتله ديته إن كان بكرًا عند ابن القاسم كما في د وعج لأن شدة غيرته صيرته كالمخطىء فإن لم يكن إلا مجرد قوله قتل به إلا أن يأتي بلطخ فلا يقتل انظر د أي لدرئه بالشبهة مع ثبوت اللطخ وانظر إقراره بزناه بها وانظر أيضًا قتله له عند ثبوته بأربعة في بنته أو أخته (و) قاطع (يد) شخص (سارق) ذكرًا أو أنثى ثبت عليه ذلك ببينة عادلة أو إقراره ولو بعد القطع وكذا يد قاطع غيره حيث يجب قطعه فيؤدب القاطع بغير إذن الإمام ولو قال وعضو سارق لكان أشمل ومحل الأدب في هذه المسائل لافتياته على الإمام إن وقعت عمدًا وذكر جواب أن أتلف بقوله: (فالقود عينًا) أي متعينًا أو العفو مجانًا لا جبر ولي المقتول الجاني على الدية خلافًا لأشهب وأما برضاه فيجوز وحيث عرف أن معنى تعين القود أن لا يجبر ولي المقتول الجاني على الدية فالمنفي شيء خاص فلا ينافي العفو مجانًا أو على الدية برضا الجاني كما مر وبالغ على تعيين القود بقوله: (ولو قال) قبل إنفاذ مقاتله (إن قتلتني أبرأتك) وقتله فيقتل به لأنه قبل القتل لم يترتب له حق حتى يسقطه وبعده صار الحق لوليه فله القتل والعفو فإن قاله بعد إنفاذ مقاتله بالغًا أو غيره فينفذ ولا يقتل وحكى عليه القرافي الإجماع كما في التزام ح لأنه أسقط شيئًا بعد وجوبه وإذا قال له اقطع يدي ولا شيء عليك ففعل فليس عليه إلا الأدب إن استمر على البراءة فإن رجع فينبغي قبوله لأنه أسقط حقه قبل وجوبه فيقطع القاطع وإلا أن يترامى به القطع حتى مات منه فلوليه القسامة والقتل أو أخذ الدية كما مر في الصلح ويأتي ولو قال إن قتلت من في ولايتي أبرأتك فقتله قتل به وفرق بينه وبين اقطع يدي بأن ولاية الإذن فيه مستمرة وولايته على محجورة نزول بمجرد قتله وصار الحق لعاصبه ولو قال له اقتل عبدي ولا شيء عليك أو ولك كذا فقتله ضرب كل منهما مائة وحبس عامًا وهل للسيد قيمته أم لا قولان لأشهب وابن أبي زيد وصوب كقوله احرق ثوبي أو ألقه في النار أو البحر فلا قيمة عليه إن لم يكن المأذون مودعًا بالفتح للآمر وإلا

ــ

والظالم أحق أن يحمل عليه وإن قلنا لا يقتل بالبكر فقال ابن القاسم في المدونة عليه الدية في البكر وقال ابن عبد الحكم لا شيء عليه وإن كان بكرًا إذا كان قد أكثر الشكوى منه وقال غير ابن القاسم ديته هدر في الثيب والبكر اهـ.

باختصار لكن قوله عن ابن القاسم في المدونة عليه الدية في البكر يرد قول ز عن أحمد وعلى قاتله دية إن كان بكرًا عن ابن القاسم الخ.

فإن نقل ابن فرحون يدل على أنها عليه لا على عاقلته وقد استشكل بعضهم كونها على العاقلة على نقل ز بأن العاقلة لا تحمل العمد وأجاب بأن المغيرة منزلة منزلة الجنون كما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم لا تدري الغيراء أعلى الوادي من أسفله. ويشهد له توجيه الباجي المتقدم اهـ.

(ولو قال إن قتلتني أبرأتك) قول ز إن استمر على البراءة الخ. فيه نظر والذي يفيده

ص: 8

ضمن لكونه في أمانته ولما ذكر أن القود متعين عند ابن القاسم قال: (ولا دية لعاف) عن قاتل وليه عمدًا (مطلق) للعفو بكسر اللام اسم فاعل بأن لم يصرح حالة العفو بدية ولا أقل منها (إلا أن يظهر إرادتها) بأن يقول بالحضرة إنما عفوت على الدية (فيحلف) يمينًا واحدة ويأخذ منه دية عمد في العمد ودية خطأ في الخطأ (ويبقى على حقه) في القتل (إن امتنع) القاتل من إعطاء الدية فإن لم يقل ذلك بالحضرة بل بعد طول فلا شيء له وبطل حقه لمنافاة الطول الإرادة المذكورة لأنه مظنة الكذب والاتهام ولا يحتاج لهذا التقييد كما ادعى ذلك في توضيحه لفهمه من قوله إلا أن الخ ومع الطول لم تظهر إرادتها (كعفوه) أي الولي (عن العبد) الذي قتل عبدًا مثله أو حرًّا وقال مستحق الدم إنما عفوت لأخذه أو لأخذ قيمته أو قيمة المقتول أو دية الحر فلا شيء له إلا أن تظهر إرادة ذلك فيحلف فيخير سيد العبد الجاني بين دفعه أو قيمته أو قيمة العبد المقتول أو دية الحر منجمة كما في العتبية والموازية ابن يونس وما فيهما تفسير للمدونة أو حالة ابن رشد وهو مذهب المدونة قاله الشارح فالخلاف في كونها منجمة أم لا في قتل العمد كما هو ظاهر فإن كان خطأ فنجمة قطعًا كما يأتي ولو قال عفوت على مال ولم أرد واحدًا بعينه من الأمور المتقدمة وكانت مختلفة القدر وأراد أخذ أكثرهما وأبى الآخر فالظاهر بل المتعين أن الخيار لسيد القاتل في قيمة عبده أو المقتول أو دية الحر ثم ليس له في هذه المسائل كما هو ظاهر كلامهم الامتناع مما ذكر فيجبر على الإعطاء ولا يجري فيه قوله ويبقى على حقه إن امتنع فالتشبيه غير تام (و) من قتل شخصًا عمدًا ثم قتل شخص أو أكثر القاتل عمدًا (استحق ولي) أي عاصب المقتول الأول عمدًا عدوانًا (دم من قتل القاتل) الأول عمدًا عدوانًا فإن شاء قتله وإن شاء عفا عنه (أو قطع) شخص يد آخر عمدًا فقطع يد القاطع الأول شخص آخر عمدًا استحق المجني عليه الأول (يد القاطع) فإن شاء قطعه وإن شاء عفا عنه فقوله: أو قطع معطوف على مقدر تقديره عضو وقرينته دم أي أو عضو من قطع القاطع والولي

ــ

كلام ضيح وابن عرفة وغيرهما أنه ليس عليه إلا الأدب من غير تفصيل (إلا أن يظهر إرادتها) قول ز بأن يقول بالحضرة الخ. ظاهره إن قيامه بالحضرة قيد ونحوه لتت وفيه نظر فإن ظاهر المدونة الإطلاق ونصها قال مالك لا شيء لك إلا أن يتبين أنك أردتها فتحلف ما عفوت إلا لأخذها ثم ذلك لك اهـ.

فقوله إلا أن يتبين أي بقرينة حين العفو سواء قام بالحضرة أو بعد طول وقال مالك وابن الماجشون وأصبغ لا يقبل إلا أن قام بالحضرة وظاهر الباجي أنه خلاف المشهور لا تقييد له انظر طفى وقول ز إن قيد الحضور يفهم من قوله إلا أن يظهر الخ فيه نظر إذ قد تظهر إرادتها حين العفو ثم يتغافل عن ذلك زمنًا طويلًا لا سيما إن ظهر عدم التراخي (فيحلف) قول ز ودية خطأ في الخطأ الخ. كذا هو في بعض النسخ والصواب إسقاطه كما في بعضها (كعفوه عن العبد) جعل ابن مرزوق التشبيه تامًّا وصرح بأن السيد له الامتناع

ص: 9

في القتل به أجنبي وفي القطع المقطوعة يده وحينئذ فلا يحتاج إلى ما قاله د قال في الشامل ولو قطع الأول من المنكب والثاني من الكوع فللمقطوع من المنكب قطع الأول أي قطع ما بقي من يد الأول كذلك أو قطع الثاني من الكوع ولا شيء له غير ذلك فيهما وقال محمَّد له قطع الثاني من الكوع مع قطع ما بقي من يد الأول إلى المنكب واستحسنه اللخمي واستبعده غيره اهـ.

فإن قتل شخص القاطع عمدًا وصالح أولياؤه قاتله على مال أو خطأ ووجب فيه الدية فقيل لا شيء للمقطوع في العمد وقيل له وأما في الخطأ فله وشبه في الاستحقاق قوله: (كدية خطأ) أي أن من استحق دم شخص لكونه قتل أخاه مثلًا عمدًا ثم قتل شخص الشخص المذكور خطأ فإن للمستحق دمه أخذ الدية وليس لأوليائه مقال معه في أنه إنما له قصاص لا مال لأنه لما استحق دمه صار وليه ويجري مثل ذلك في غير النفس كقطع شخص يد شخص اليمنى عمدًا وقطع آخر يد القاطع اليمنى خطأ فشمل كلامه هذين وفرع على قوله واستحق الخ وعلى قوله كدية الخطأ قوله: (فإن أرضاه ولي) المقتول (الثاني) أي أرضى ولي الثاني ولي المقتول الأول (فله) أي فأمر القاتل لولي المقتول الثاني كان القتل عمدًا أو خطأ كما في د وكلام تت فيه بعض تغيير ودل قوله فإن أرضاه الخ على أن التخيير لولي الأول وهو مذهب المدونة لأن الرضا لا يكون إلا مع التخيير (وإن فقئت عين القاتل) عمدًا (أو قطعت يده) مثلًا عمدًا (ولو) حصل ذلك (من الولي) المستحق لقتله لأن القاتل معصوم الأطراف بالنسبة لولي الدم فأولى الأجنبي الذي هو قبل المبالغة ولو فعل به ذلك (بعد أن أسلم له) من القاضي ليقتله وأولى فعله ذلك به قبل أن يسلم إليه الذي هو قبل المبالغة المدلول عليها في هذا الثاني بالأول (فله) أي للقاتل (القود) من الولي وله العفو وإذا قيد له من الولي فللولي أن يقتله والتقييد بالعمد لأن له دية الخطأ فيه زاد في الشامل ولو غاب أي الولي عليه فوجد مقطوع اليدين أو الرجلين فقال أردت قتله فاضطرب فحصل له ذلك فإنه يصدق اهـ.

وظاهره بغير يمين ولا شيء عليه لأنه ادعى أن ذلك جاء من سببه أي المقتول وأما إن جنى عليه خطأ ولم يدع أنه من سببه كأن يقر أنه فقأ عينه خطأ فإنه يغرم له هو وعاقلته ديتها ولما قدم إن شرط القصاص أن لا يزيد القاتل على المقتول بحرية أو إسلام أفاد أن العكس لا يمنع من ذلك وإن الأدنى يقتل بالأعلى فقال: (وقتل الأدنى بالأعلى) منه (كحر كتابي) يقتل (بعبد مسلم) لأن زيادة الإسلام أعلى من الحرية إذ حرمة الإسلام لا توازيها حرية الكافر بخلاف العكس فلا يقتل عبد مسلم بحر كتابي كما مر في قوله ولا زائد حرية

ــ

والظاهر ما عند زمن أنه ليس له الامتناع بدليل قوله وإن قتل عبد حرًّا (كحر كتابي بعبد مسلم) ولسيده أن يأخذ قيمته من القاتل ولا يتعين القتل وقد أشار إلى ذلك ابن رشد وحكى عليه الاتفاق فيكون نظير ما يأتي فيما إذا كان القاتل عبدًا فإنه لا يتعين قتله وإن كان في ضيح

ص: 10

أو إسلام ولا يرد على المصنف ما يأتي من أن المرتد إذا جنى على عبد مسلم فإنه يؤخذ منه قيمته مع أن المرتد أدنى منه لأنه إن قتل زمن الاستتابة فيحتمل أنه يعود للإسلام وإن قتل بعدها فإن استمر على ردته قتل لردته وإن أسلم فيقدر أنه جنى وهو حر مسلم على عبد مسلم لما سيأتي عند قوله وقدر كالمسلم فيهما (و) يقتل (الكفار بعضهم ببعض) لأن الكفر هنا كله ملة واحدة (من كتابي ومجوسي ومؤمن) اسم مفعول دخل دار الإسلام بأمان وعطفه مؤمن يوهم أن ما قبله غير مؤمن مع أنه مؤمن أيضًا بدليل ما قدمه أول الباب ويجاب بأنه من عطف العام على الخاص وخرج به الحربي فلا يقتص منه كما قدمه قتل كافرًا أو مسلمًا ويقيد كلامه أيضًا بتكافؤ الكافر حرية ورقًّا فلا يقتل حر كافر بعبد كافر لقوله ولا زائد حرية (كذوي الرق) مبعض وإن قل جزء رقه ومكاتب ومدبر وأم ولد ومعتق لأجل وإن قرب فيقتص لبعضهم من بعض وكامل الرق وغيره سواء (وذكر وصحيح وضدهما) كذلك فيقتل ذكر بأنثى وصحيح بأجذم ونحوه ويقتل كامل الأعضاء بناقصها ويجري مثل ذلك في القصاص بينهم في غير النفس أيضًا ويصح في ذكر وما بعده الجر عطفًا على كذوي الرق والرفع عطفًا على الأدنى (وإن قتل عبد) حرًّا أو عبدًا (عمدًا) وثبت ذلك عليه (ببينة) مطلقًا (أو قسامة) في الحر بأن يقول قتلني فلان أو يقيم وليه عدلًا بالقتل ويقسم أولياؤه في الصورتين (خير الولي) للمقتول أولًا في قتل العبد واستحيائه وإنما خير الولي أولًا لأن القاتل غير كفء إذا كان المقتول حرًّا (فإن) اختار قتله فواضح وإن (استحياه فلسيده) الخيار ثانيًا في أحد أمرين إما (إسلامه) في جنايته (أو فداؤه) بدية الحر أو قيمة العبد المقتول أو القاتل قال في توضيحه وهذا ظاهر على قول أشهب أن القود غير متعين وأما على قول ابن القاسم أن القود متعين أو العفو فيغرق له بأن المطلوب هنا غير القاتل وهو السيد ولا ضرر عليه في واحد من الأمرين اللذين يختارهما ولي الآخر بخلاف هذه الصورة فإن للقاتل الحر غرضًا في التمسك بماله لإغناء ورثته انتهى.

ــ

قال إن الجاري على قول ابن القاسم أنه يتعين القتل هنا وإنما يأتي التخيير على قول أشهب انظر ح. (فلسيده إسلامه أو فداؤه) قول ز أو قيمة العبد المقتول أو القاتل الخ الصواب إسقاط قوله أو القاتل الخ، إذ لم أر من ذكره وقول ز فيفرق له بأن المطلوب هنا غير القاتل وهو السيد الخ. هذا الكلام أصله لابن عبد السلام ونقله ابن عرفة ثم تعقبه فقال قوله المطلوب في مسألة العبد هو السيد غير صحيح لضرورة أن لا طلب عليه بحال قال وقد يفرق بأن الحر يجبر على أمر يتكلفه وهو الدية والعبد لا يكلف بشيء وبأن للولي حجة في العبد وهو أنفته أن يأخذ في دم وليه دم عبد وهو لا يكافئه اهـ.

وقد تعقبه ح فانظره وقال في تكميل التقييد أغفل ابن عرفة قول عبد الحق في هذا المحل من النكت ما نصه إن قيل لم إذا عفى عن القاتل عمدًا على أن يؤخذ منه الدية لا يجبر على قول ابن القاسم وإذا عفى عن العبد القاتل عمدًا على أن يؤخذ كان ذلك للعافين

ص: 11

أو أن هذا في قوّة الاستثناء من قوله فالقود عينًا وقول الشارح وتت بعد قوله ببينة أو إقرار فيه نظر لأنه إن أقر العبد بأنه قتل فليس لولي المقتول استحياؤه على أن يأخذه لاتهام العبد على تواطؤه مع السيد أي سيد المقتول على الفرار من ملك سيده فإن استحياه لذلك بطل حقه إلا أن يدعي أنه يجهل ذلك ومثله يجهل فإنه يحلف ويبقى على حقه في القتل كما تقدم ذلك مقيدًا به قوله: ويجيب عن القصاص العبد ومفهوم قول المصنف عمدًا أنه في الخطأ يخير في الدية وإسلامه فإن قتل العبد المسلم حرًّا ذميًّا خير أيضًا سيده في فدائه بدية الذمي وإسلامه فيباع لولي الدم إذ لا يبقى مسلم تحت يد كافر وله ما زاد لا لسيده على الأصح كما في الشامل ثم ذكر الركن الثالث وهو القتل الموجب للقصاص وهو ضربان مباشرة وسبب وبدأ بالأول فقال: (إن قصد) أي تعمد القاتل (ضربًا وإن بقضيب) ونحوه مما لا يقتل غالبًا وفعل ذلك لغضب أو عداوة فيقتص منه وإن لم يقصد قتلًا خلافًا لابن شاس إلا الأب فلا بد من قصده القتل لابنه كما يأتي تفصيله وأما غيره فيقتل سواء لم يقصد قتله أو قصد قتله بعينه أو اعتقد أنه زيد فتبين أنه عمرو أو اعتقد أنه زيد ابن فلان فتبين أنه زيد ابن آخر فيقتل به في هاتين الصورتين كالأوليين ويدل للأولى من هاتين قاتل خارجة فإنه قتله معتقدًا أنه عمرو بن العاص فتبين أنه خارجة

ــ

وخيرًا لسيد بين إسلامه وافتكاكه بالأرش وفي كلتا المسألتين إنما وجب دم فالفرق بين ذلك والله تعالى أعلم. إن العبد سلعة من السلع ومال يتملك فلما جاز قتله جاز أخذه رقًّا والحر ليس بشيء يتملك فلم يجز الانتقال إلى أحد ماله إلا بطوعه وأيضًا فإن الحر يقول يبقى مالي لورثتي ولا حجة لسيد العبد لأنه إن قتل أو أخذ ذلك عليه سواء لأنه يزول عن يده في الوجهين والحر أيضًا يقول أنا أرجو أن يكون في القود كفارة لي فهذا ونحوه لم يأخذوا ماله ولا حجة لسيد العبد في العبد لما وصفنا فأمرهما مفترق اهـ.

قال في التكميل وعلى الثاني من هذه الفروق يحوم ابن عبد السلام حوله بديدنه والله المستعان اهـ.

(إن قصد ضربًا) عبارتهم تقتضي أن القصاص في العمد العدوان فنبه المصنف على العمد بقوله إن قصد الخ. وأما العدوان فالظاهر أنه أشار له بقوله عداوة بجعله راجعًا لما قبل الكاف وما بعدها وإنما أتى بالكاف للفصل بقوله ولا قسامة الخ. والعدوان هو ما كان غضبًا لا لعبًا ولا أدبًا قاله ابن مرزوق وغيره واعلم أن القتل على أوجه الأول أن لا يقصد ضربه كرميه شيئًا أو حربيًّا فيصيب مسلمًا فهذا خطأ بإجماع فيه الدية والكفارة الثاني أن يقصد الضرب على وجه اللعب فهو خطأ على قول ابن القاسم وروايته في المدونة خلافًا لمطرف وابن الماجشون ومثله إذا قصد به الأدب الجائز وأما إن كان للغارة والغضب فالمشهور أنه عمد يقتص منه إلا في الأب ونحوه فلا قصاص بل فيه دية مغلظة الثالث أن يقصد القتل على وجه الغيلة فيتحتم القتل بلا عفو قاله ابن رشد في المقدمات ومثله في المتيطية وقول ز وإن لم يقصد قتلًا خلافًا لابن شاس الخ. تبع الشارح وتت في الرد على ابن شاس وفيه نظر لأن

ص: 12

فقتلوه ولم يلتفتوا لقوله أردت عمرًا وأراد الله خارجة والفرق بين حقيقة هذه والتي بعدها وإن استويا حكمًا أن قصده في هذه إنما تعلق بعمرو ولو كان خارجة ما قتله وفي التي بعدها تعلق قصده بقتل الذات المعينة قطعًا سواء اعتقد أنه ابن من اعتقد أنه ابنه أو ابن غيره ولكنه أخطأ في اعتقاده في نسبه وقولي لغضب أو عداوة تحرز عما إذا قصد ضربًا للعب أو لأدب فمات أو فقأ عينه أو كسر رجله فالدية على عاقلته إن بلغت الثلث وإلا فعليه إن كانت الآلة يؤدب بمثلها وإلا كلوح اقتص منه كعائن عامد للقتل بعينه مع علم ذلك منه وتكرره وقوله إن قصد ضربًا أي لمكافىء مع علمه بذلك وأما إن قصد ضرب شيء معتقدًا أنه غير آدمي أو أنه آدمي غير محترم لكفره أو زناه محصنًا أو أنه حربي فتبين أنه آدمي محترم فلا قصاص عليه ولو تكافآ وإنما هو من الخطأ ففيه الدية كما وقع في قصة من قتله المسلمون معتقدين كفره فتبين أنه مسلم فوداه عليه الصلاة والسلام ولم يقتل به أحدًا ويحلف في ظنه أنه حربي كما في الشارح في باب الجهاد وهل يحلف في بقية صور الخطأ أولًا لأنه يظهر في غيرها أقوى من ظهوره فيها انظره وألحق بالخطأ من رش ولدًا ضعيفًا بماء فغشي عليه ومات من وقته لأنه ليس على وجه الغضب ومنه من قتل شخصًا بالحال فلا يقتل به عند الشافعية وليس منصوصًا عندنا وينبغي قياسًا على مسألة العائن المتقدمة أنه إن تكرر ذلك منه وثبت عليه قتل وشبه في القصاص لا مثال لأن منع الطعام ليس بفعل قوله: (كخنق ومتع طعام) وشراب قاصدًا قتله بلا تأويل حتى مات فيقتص منه وما مر له من ضمان الدية فمنع بتأويل ودخل في منع الشراب منع الأم ولدها لبنها حتى مات فتقتل به إن قصدت موته لا مجرد تعذيبه فالدية على عاقلتها قياسًا على ما مر في الأب من أنه لا بد مع الضرب من قصد موته وإلا لم يقتل (ومثقل) كضرب بحجر عظيم أو خشبة لها حد أولًا أو عصر أنثيين أو هدم بناء عليه أو ضغطته خلافًا لقول أبي حنيفة لا قصاص إلا في قتل بمحدد من حديد أو حجر له حد أو خشبة كذلك أو كان

ــ

ابن شاس لم يقتصر على ما نقلوا عنه بل ذكر ذلك في القصاص المتفق عليه ثم قال فأما إن لطمه أو وكزه فمات فيخرج على الروايتين في نفي شبه العمد أو إثباته فعلى رواية النفي هو عمد يجب فيه القصاص وهو مذهب الكتاب وعلى الرواية الأخرى في إثباته الواجب فيه الدية دون القود انظر طفى وقول ز أو اعتقد أنه زيد الخ لزوم القود في هذه هو الصحيح وبه جزم ابن عرفة أولًا خلاف ما نقله بعده عن مقتضى قول الباجي ووقع في ح وتبعه خش أنه إذا قصد ضرب شخص فأصابت الضربة غيره أنه عمد فيه القود وهو غير صحيح فقد نص ابن عرفة وابن فرحون في التبصرة وغيرهما إن حكمه حكم الخطأ لا قود فيه فانظره.

وقول ز وينبغي قياسًا على مسألة العائن الخ. قياسه القاتل بالحال على العائن بعيد جدًّا (ومنع طعام) قول ز قاصدًا قتله الخ. تقدم إن قصد القتل ليس بشرط في القصاص ولفظ ابن عرفة من صور العمد ما ذكره ابن يونس عن بعض القرويين أن من منع فضل مائة مسافرًا عالمًا أنه لا يحل له منعه وأنه يموت إن لم يسقه قتل به وإن لم يل قتله بيده اهـ.

ص: 13

معروفًا بقتل الناس كالمنجنيق والإلقاء في النار لا في ضرب بقضيب كالمسمى بكرباج وظاهره عندهم ولو قصد قتله به (ولا قسامة) على أولياء المقتول فيمن فعل به شيء من ذلك (إن أنفذ مقتله) بشيء مما تقدم (أو مات) منه (مغمورًا) لم يأكل ولم يشرب ولم يفق حتى مات بل يقتل بدونها ومفهومه إن لم ينفذ مقتله بل قطع كفخذه أو لم يمت مغمورًا بل حيى حياة بينة وسواء أكل أو شرب أولًا ثم مات فالقسامة في العمد والخطأ لأنه يحتمل أنه مات من أمر غرض له.

تنبيه: يؤخذ من قوله ولا قسامة إن أنفذ مقتله أن من أجهز عليه بعد إنفاذها لا يقتل المجهز بل يبالغ في عقوبته لأنه اجترم أمرًا عظيمًا ويختص القتل بمن أنفذها وهو نص يحيى عن ابن القاسم وفي سماع أبي زيد يقتل به الثاني فقط وعلى الأول الأدب لأنه بعد إنفاذها معدود في جملة الإحياء ويورث ويرث ويوصي بما شاء من عتق وغيره والأول أظهر قاله ابن رشد أي وإن كان يرث كموت أخيه قبل زهوق روحه ويورث عند ابن القاسم ومعنى قوله: ويورث أنه إذا كان له أخ عبد أو كافر فأسلم أو عتق ثم مات منفوذ المقاتل ورثه وسنذكر ذلك أيضًا عند قوله: إلا أن ينفذ مقتله ويقبل وارثه الدية وعلم. (وكطرح غير محسن للعوم) في نفس الأمر في نهر (عداوة) سواء علم أنه يحسن ذلك لكن ظن أنه لا ينجو منه لشدة برد أو طول مسافة يمل بها من العوم أو يعيا فيغرق أو علم أنه لا يحسن أو شك في ذلك وكذا لعبا وهو يعلم أنه لا يحسن العوم فيقتص منه في هذه الأربع بدون قسامة خلافًا لابن الحاجب فقوله: (وإلا) أي: بأن طرح محسنًا للعوم وعالمًا بذلك أو شك لا على وجه العداوة بل على وجه اللعب فيهما فغرق (فالدية) مخمسة كما هو ظاهرها لا مغلظة كما هو قول ابن وهب:

فالصور ست أربع فيها القصاص واثنتان الدية

ولما فرغ من الضرب الأول وهو المباشرة شرع في الضرب الثاني وهو السبب ولذا فصله بكاف التشبيه فقال: (وكحفر بئر وإن ببيته أو وضع مزلق) كماء أو قشر بطيخ (أو ربط دابة بطريق) قيد في الصورتين قبله (أو اتخاذ كلب عقور) يعقر ويؤذي بلا سبب

ــ

وبهذا يجمع بين ما هنا وما تقدم في الذكاة لحمل ما في الذكاة على المتأول (وكطرح غير محسن للعوم) بتحصل من كلامهم إنه إن تحقق أنه يحسن العوم فلا قصاص ألقاه لعبًا أو عداوة وأنه إن تحقق أنه لا يحسن العوم فالقصاص مطلقًا وإذا جهل ففي العداوة القصاص وفي اللعب لا قصاص بل الدية فقول المصنف غير محسن للعوم أي في نفس الأمر والملقى جاهل زاد ز ما إذا علم أنه يحسن العوم لكن ظن أنه لا ينجو لشدة برد أو طول مسافة وقول ز بدون قسامة خلافًا لابن الحاجب الخ. يوهم أن ابن الحاجب ذكر القسامة في القتل وليس كذلك إنما قال الدية بقسامة فقال في ضيح ما ذكره من وجوب الدية بقسامة لم أره ولا وجه للقسامة هنا اهـ.

ص: 14

مأخوذ من العقر وهو الجرح ويتحقق ذلك بتكرره منه (تقدم لصاحبه) فيه إنذار عند حاكم أو غيره (قصدًا للضرر) في الأربع صور بإتلاف من لا يجوز إتلافه كجن سارق (وهلك المقصود) المعين بفعل ذلك فيقتص من الفاعل مع المكافأة أو المقتول على ما قال في الشامل (وإلا) يهلك المقصود المعين بفعلها بقصد ضرره بل هلك غيره أو فعلها بقصد ضرر غير معين من آدمي محترم أو دابة لا يجوز إتلافها فهلك بها آدمي (فالدية) في هلاك عاقل وقيمة غيره كحفر بئر بطريق لأجل مطر أو حفره بجانب زرعه أو لإتلاف دواب ولم يحظر عليها فإن حظر عليها أو حفرها لمنع دواب عن زرعه لم يضمن التالف ولو عاقلًا وقوله فالدية أي على العاقلة في قصد سارق معين وهلك غيره منهم وفي قصد جنس سارق فهلك واحد أو أكثر من غيرهم وأما منهم ففي ماله وإن لم يقصد بحفر بئر بيته ضرر أحد بل حفره لضرورة عرضت له فوقع فيها إنسان أو غيره فلا ضمان عليه لا قصاص ولا دية بل هدر وكذا لو حضر سربًا مما يعمل مثله للماء بأرضه أو داره فمات به إنسان لم يضمن قاله تت واعترض قوله: تقدم لصاحبه بأنه لا فائدة لهذا الشرط بالنسبة لقصد معين وهلك الذي هو منطوق المصنف إذ يقتل به حينئذ تقدم له فيه إنذار أم لا وإنما فائدته في مفهوم قوله قصدًا للضرر أي فإن اتخذه لا لقصد ضرر فعليه الدية إن تقدم له فيه إنذار ويزاد فيه قيد وهو أن يتخذه بمحل يجوز له اتخاذه فيه كإهلاك سبع وصائد دواب فإن اتخذه بمحل لا يجوز له اتخاذه فيه ضمن ما أتلفه تقدم له فيه إنذار أم لا حيث عرف أنه عقور وإلا لم يضمن لأن فعله حينئذ كفعل العجماء ولو اتخذه في محل لا يجوز له وأشار للنوع الثاني وهو السبب أيضًا وفصله بالكاف عما قبله مع أنه من الضرب الثاني كما مر لتعلق القصاص فيه بالمتسبب والمباشر في أول صورة وآخرها فقال (وكالإكراه) فيقتل المكره بالكسر لتسببه والمكره بالفتح لمباشرته إن لم يمكنه مخالفة الأمر خوف قتله فكلامه مجمل يفضله الآتي له في قوله فإن لم يخف المأمور اقتص منه فقط (وتقديم مسموم) من طعام أو شراب أو لباس عالمًا مقدمه بأنه مسموم ولم يعلم به الآكل فإن لم يعلم به مقدمه أو علم وعلم به الآكل أيضًا فلا قصاص ولا أدب على المقدم فيما يظهر (ورميه حية) يعلم أنها قاتلة وهي حية (عليه) فمات وإن لم تلدغه خلافًا للشيخ داود وتبعه تت في صغيره فيقتص منه ولا يقبل منه إنه أراد اللعب وأما رميه الصغيرة التي لا تعرف بأنها قاتلة على وجه اللعب فلا يقتل به إن مات من الخوف أو كانت ميتة فرماها على وجه اللعب فمات من الخوف فلا يقتل به أيضًا بل الدية عليه في الصورتين فإن كان على

ــ

(وهلك المقصود وإلا فالدية) قول ز كحفر بئر بطريق لأجل مطر الخ. هذا إذا كان في الحفر ضرر وإلا فلا ضمان عليه قال في ضيح عند قول ابن الحاجب والتسبب كحفر بئر الخ. نص مالك على أنه لو حفر شيئًا مما يجوز له في داره أو في طريق المسلمين مثل بئر لمطر فإنه لا غرم عليه بما عطب في ذلك كله لشهب وهذا إذا لم يضر ما حفره بالطريق اهـ.

ص: 15

وجه العداوة قتل به (وكإشارته بسيف فهرب وطلبه وبينهما عداوة) فمات من غير سقوط فالقصاص كانا راكبين أو ماشيين أو مختلفين (وإن سقط) حال هروبه منه (فبقسامة) أنه مات منه لا من سقوطه يقتص منه وإنما طلبت القسامة لاحتمال أنه مات من السقطة كما مر وينبغي تقييده بما إذا كان بينهما عداوة وإلا فخطأ (وإشارته) أي وإن مات بمكانه بإشارته عليه (فقط) بالسيف وبينهما عداوة فهو (خطأ) منه على العاقلة الدية مخمسة قاله تت أي بغير قسامة كما هو ظاهره وانظر إذا لم يكن بينهما عداوة هل الدية بقسامة أولًا دية ومن الثاني وهو السبب قوله: (وكالإمساك للقتل) أي لأجله ويرى الممسك القاتل وبيده سيف أو رمح يطلبه به وعلم الممسك أنه لولا مسكه ما قدر على قتله فيقتلان جميعًا بهذه القيود الثلاثة في الممسك لتسببه ومباشرة الآخر فإن أمسكه ليضربه ضربًا معتادًا ولم يرد أنه يقصد قتله ولا رأى معه سيفًا ولا رمحًا قتل المباشر وحده وضرب الآخر وحبس سنة وقيل باجتهاد الحاكم وقيل يجلد مائة فقط والظاهر أن الدال الذي لولا دلالته ما قتل المدلول عليه كالممسك للقتل لتوافقهما معنى (ويقتل الجمع) غير المتمالئين بدليل ما بعده (بواحد) قتلوه مجتمعين عمدًا عدوانًا ومات مكانه أو رفع مغمورًا أو منفوذًا لمقاتل ولم تتميز جناية كل أو تميزت واستوت كان اختلفت وكان في بعضها فقط ما ينشأ عنه الموت ولم يعلم فإن تأخر موت غير منفوذ مقتل وغير مغمور قتل واحد فقط بقسامة وإن تميزت جناية كل قدم الأقوى فيقتل كما يأتي واقتص من الباقي مثل فعله وإن علم

ــ

(وكالإمساك للقتل) قول ز وعلم الممسك أنه لولا مسكه الخ. الصواب إسقاط الممسك إذ ليس المراد علمه لأن الذي في عبارة ابن شاس ومن تبعه أن يعلم بالبناء للمجهول انظر طفى ثم أن هذا الشرط حكاه ابن شاس عن ابن هارون البصري واعتمده ابن عرفة قال غ قال ابن شاس وشرط القاضي أبو عبد الله بن هارون البصري من أصحابنا في وجوب القصاص على الممسك شرطًا آخر وهو أن يعلم أنه لولا الممسك لم يقدر على ذلك ومن يد ابن شاس أخذه ابن عرفة وزاد يؤيده قوله في المدونة إذا حمل رجل على ظهر آخر شيئًا في الحرز فخرج به الحامل فإن كان لا يقدر على إخراجه إلا بحمل الحامل عليه قطعًا معًا وإن كان قادرًا على حمله دونه قطع الخارج فقط اهـ.

غ والذي وجدته في آخر الطبقة التاسعة من مدارك عياض القاضي أبو الحسن علي بن هارون من شيوخ المالكية من أهل البصرة فإن كان هو فلعله له كنيتان اهـ.

وظاهر كلام ابن الحاجب وأقره في ضيح أن هذا الشرط مقابل للمشهور وتعقبه ابن عرفة فقال إطلاق ابن الحاجب إيجاب الإمساك القود بلا قيد متعقب اهـ.

فانظره (ويقتل الجمع بواحد) قول ز ولم تتميز جناية كل الخ. ما حمل عليه كلام المصنف هنا هو الذي نقله في ضيح عن النوادر وهو الذي يوافق قول المصنف الآتي والأقدم الأقوى الخ. ونص ضيح عند قول ابن الحاجب ولو طرأت مباشرة بعد أخرى الخ.

ص: 16

من نشأ عن فعله الموت قتل فقط (والمتمالؤون) على القتل أو الضرب بأن قصدوا جميعًا وحضروا قتله بحيث يكون الذي لم يضرب لو احتيج له لضرب ومات فورًا فيقتص منهم عند المكافأة (وإن) حصل التمالؤ على القتل (بسوط) أي بضرب سوط (سوط) من بعضهم حتى مات ولا يرد على اشتراط حضورهم قوله (و) يقتل (المتسبب) أي وإن لم يحضر لأن المراد به متسبب في فعل كحفر بئر لمعين وهذا غير المتمالىء على القتل (مع المباشر) المردى له فيها من غير تمالىء ولم يستغن عن هذا بقوله وكالإمساك للقتل لصراحة هذا بقتلهما معًا وأيضًا فهذا أعم لشموله لعدم اجتماعهما في وقت الهلاك فما تقدم اجتمعا وقته فهو سبب قريب لأنه مباشر لإمساكه ولولا هو ما قتل وهذا سبب بعيد لأنه حفر البئر ولم يباشر ولا يلزم من ترتب القصاص على سبب قريب ترتبه على سبب بعيد فلا يغني ذاك عن هذا وشبه بهذه قوله: (كمكره) بكسر الراء (ومكره) بفتحها فيقتلان هذا لتسببه في الإكراه وهذا لمباشرته وإنما جعلناه تشبيهًا بالمتسبب لا تمثيلًا لأن حافر البئر اتصل فعله بعين القتل بخلاف المكره بالكسر فإن فعله مقصور على المباشرة فالمتسبب هنا متسبب غير مشارك في الفعل كما مر ثم محل قتل المكره بفتح الراء إن لم يكن أبًا وإلا قتل المكره بالكسر وحده وأما لو أكره الأب شخصًا على قتل ولده فقتله فيقتل المكره بالفتح وكذا الأب إن أمره بذبحه أو شق جوفه (1) وقتله كذلك على غيرها فيما يظهر بحضرته فيها أو أمره بمطلق قتله فذبحه أو شق جوفه بحضرته مع قدرته على منعه من تلك الكيفية ولم يمنع لا إن حضر ولم يقدر على منعه منها ولا إن فعلها في

ــ

تنبيه: ما ذكره المصنف من تقديم الأقوى ومعاقبة الآخر مقيد بما إذا عرفت الضربات وأما إذا لم يعرف جرح كل واحد ففي النوادر عن مالك يقتلون كلهم إن مات مكانه وإن لم يمت ففيه القسامة وفي اللخمي خلافه وأنه إذا أنفذ أحدهما مقاتله ولا يدري من هو ولا من أي الضربات مات أنه يسقط القصاص أعني إذا لم يتعاقدوا على قتله وتكون الدية في أموالهم اهـ.

(والمتمالؤون وإن بسوط) قول ز على القتل أو الضرب الخ ظاهره سواء قصدوا قتله أو ضربه فقط أو اختلفوا وقال عج في قوله ويقتل الجمع بواحد الخ إن قصد كل قتله كما إن قوله والمتمالؤون أي المتفقون على قتله كذلك كما يقيده كلام ق وغيره ولا يعارض هذا ما تقدم في قوله إن قصد ضربًا من أن المعتمد أن قصد الضرب عداوة يوجب القصاص وإن لم يقصد فاعله القتل للفرق بين قتل الجماعة وقتل الواحد لشدة الخطر في الأول دون الثاني وحمل شيخنا ما هنا على ما تقدم وفيه نظر اهـ.

وتعقب طفى على عج قائلًا الصواب ما قاله شيخه ولم يكن في ق ما يفيد ما قاله اهـ.

قلت وهو قصور قال ابن عبد السلام ما نصه مسألة الأسواط جارية على أصل المذهب

(1) قوله وقتله كذلك على غيرها إلى قوله فيها لعل في هذه العبارة سقطا فانظرها اهـ مصححه.

ص: 17

غيبته مع عدم أمره بفعلها وأشار إلى مثال من أمثلة التسبب بقوله (وكتاب أو معلم أمر) كل منهما (ولدًا صغيرًا) ظاهره ولو مراهقًا بقتل شخص فقتله (أو سيد) بالجر عطف على أب (أمر عبدًا) له بقتل أحد فقتله فيقتل الأب والمعلم في الأولين دون الصغير حرًّا أو عبدًا لقوله إن أتلف مكلف وعلى عاقلة الحر نصف الدية وإن أكثر الصبيان الأحرار فعلى عواقلهم وإن لم تحمل كل ثلثا انظر تت ويلغز بحملها ما دون الثلث ويقتل السيد في الثالثة (مطلقًا) كان عبده صغيرًا أو كبيرًا فصيحًا أو أعجميًّا ويقتل العبد البالغ لا الصغير فالإطلاق راجع لقتل السيد لا للعبد لتقييد قتله ببالغ والعبد الصغير عليه نصف الدية جناية في رقبته لأنه لا عاقلة له والتقييد بعبده مخرج لأمره عبد غيره فيقتل البالغ دون الآمر لكن يضرب مائة ويحبس سنة وكذا إن أمر الأب أو المعلم كبيرًا (فإن لم يخف المأمور) من الأمر وقتل (اقتص منه فقط) وضرب الآمر مائة وحبس سنة والأصل عدم الخوف عند الجهل والتنازع وإن خاف اقتص منهما والخوف هنا بقتل أو شدة أذى كما في تت عند قوله وكالإمساك للقتل وأما قول المصنف فيما مر لا قتل المسلم فكلام على الحكم ابتداء وهذا إن لم يكن الآمر حاضرًا وإلا قتل أيضًا هذا لمباشرته وهذا لقدرته على خلاصه وعبر بالمأمور دون المكره لأنه يلزم من الإكراه الخوف بخلاف لفظ المأمور ولم يقيد المكره فيما مر بالخوف لأنه مع الإكراه لا يكون إلا خائفًا فلله دره في هذه العبارة (وعلى) المكلف (شريك الصبي) في قتل شخص (القصاص) وحده دون الصبي لعدم تكليفه (إن تمالآ على قتله) عمدًا وعلى عاقلة الصبي نصف الدية لأن عمده كالخطأ فإن تعمد كل منهما قتله من غير ممالأة بأن لم يعمل أحدهما بالآخر فلا قتل على شريك الصبي لاحتمال كون رمى الصبي هو القاتل وإنما عليه نصف الدية في ماله ونصفها الآخر على عاقلة الصبي إلا أن يدعي الأولياء أنه مات من فعل المكلف حال عدم الممالأة فإنهم يقسمون عليه ويقتلونه فيسقط نصف الدية عن عاقلة الصبي لأن القسامة إنما يقتل بها أو يستحق بها واحد (لا) متعمد (شريك مخطئ) بالهمز ويرسم بالياء (و) لا شريك (مجنون) فلا يقتص منه ولو أقسم الأولياء على أن القتل منه كما في عج لأنه لا صارف لفعلهما غالبًا ولشدته بخلاف فعل الصبي وعلى عاقلة المخطىء والمجنون نصف دية خطأ وعلى الشريك المتعمد نصف دية عمد في ماله (وهل يقتص من شريك سبع) ونحوه

ــ

بشرط أن يقصدوا أجمعون إلى قتله على هذا الوجه وأما إن قصد الأولون إلى إيجاعه بالضرب فليس السوط الأول ولا ما بعده مما يقرب منه مما يكون عنه القتل غالبًا فينبغي أن يقتل به الآخر ومن قصد قتله ممن تقدم اهـ.

فتأمله (وكأب أو معلم الخ) قال ابن مرزوق هذا الفصل من قوله ويقتل الجمع بواحد كله في قتل الجماعة بواحد فحقه إن لا يذكر فيه إلا مسألة السيد في عبده الكبير ويقدم مسألة الأب والمعلم والسيد في عبده الصغير قبل هذا عند ذكر الإكراه اهـ. والله أعلم.

ص: 18

افترس شخصًا ثم ضربه شخص قاصدًا قتله فمات لأنه يمكن صرف السبع بأمور تقدمت في التيمم فإن ألقاه للسبع حتى قتله فيقتص منه بلا خلاف (و) من شريك (جارح نفسه) جرحًا يكون عنه الموت غالبًا ثم ضربه آخر قاصدًا قتله فمات نظرًا لقصد قتله (و) من شريك (حربي) لم يتمالآ على قتله وقول تت تمالآ على قتله سبق قلم إذ لو تمالآ لاقتص من ذلك الشريك قطعًا (ومرض بعد الجرح) أي إذا جرح إنسان ثم حصل للمجروح مرض يموت منه غالبًا ثم مات ولا يدري أمات من الجرح أو من المرض فهل يقتص من ذلك الجارح أي يقتل (أولًا) يقتص من واحد من الأربع لأنه لا يدري من أي الفعلين مات (و) إنما (عليه) في الأربع مسائل (نصف الدية) في ماله ويضرب مائة ويحبس عامًا (قولان) والقول بالقصاص في الأربع بقسامة والقول بنصف الدية بغير قسامة وقوله في الرابعة بعد الجرح مثله حصول المرض حين الجرح وأما إن مرض قبل الجرح فلا قصاص اتفاقًا لأن الغالب أن الموت من المرض والجرح هيجه وقول د إن الظاهر أن المرض إذا كان قبل الجرح فيه القصاص فقط قلت لعله محمول على ما إذا أنفذ الجرح مقتله واعترض ذكره الرابعة في القولين بأن الذي تجب الفتوى به فيها القصاص في العمد بقسامة والدية في الخطأ بقسامة فإن قلت لم جرى الخلاف في شريك السبع والحربي ولم يحك في شريك المخطىء والمجنون خلافًا فالجواب أنهما لما ضمنا ما أتلفاه كان ذلك مضعفًا لجانب شريكهما بخلاف شريك الحربي لما لم يضمن والسبع لا يتأتى فيه ضمان قوي جانب شريكهما فجرى الخلاف وفرق د فيه نظر لأنه يرد عليه أن الخلاف جار في شريك الحربي مع أنه قاصد أن لم يتمالآ (و) المكلفان (إن تصادما أو تجاذبا) جبلا مثلًا أو أيديهما (مطلقًا) سواء كانا فارسين أو ماشيين أو مختلفين بصيرين أو ضريرين أو

ــ

(قولان) قول ز وأما مرض قبل الجرح فلا قصاص اتفاقًا الخ. تبع في هذا عج وانظر من أين أتى به والظاهر ما ذكره د ونصه إذا كان المرض قبل الجرح فالظاهر أنه القصاص فقط بمثابة قتل المريض اهـ.

وتقدم قول المصنف وذكر وصحيح وضدهما (وإن تصادما الخ) قصره ز على المكلفين لأنه لا قود في غير المكلف وحمله خش على ما يشمل المكلفين والصبيين والمختلفين وهو الظاهر لأن قول المصنف فالقود على تقدير مضاف أي فأحكام القود نفيًا وإثباتًا ورجع ز إلى هذا التقرير حيث قال بعد ومن أحكام القود إذا كان أحدهما بالغًا والآخر غير بالغ فلا قصاص على غير البالغ الخ فخالف تقريره الأول وقول المصنف قصدًا مقيد بكون القصد لغير مصلحة وإلا فلا قصاص ولا دية كما يقع بين صناع الحبال فإذا تجاذب صانعان حبلًا لإصلاحه فانقطع فماتا أو أحدهما فهو هدر قاله بعض وقول ز والصبيان إذا ماتا بما مر كذلك لا دية لأحدهما على الآخر الخ فيه نظر لأن فعل الصبيين حكمه كالخطأ فإذا ماتا أو أحدهما لزمت الدية ولا يكون هدرًا كما زعمه وفي ق عن ابن شاس ما نصه ولو كانا صبيين ركبا بأنفسهما أو أركبهما أولياؤهما فالحكم فيهما كما في البالغين إلا في القصاص اهـ.

ص: 19

مختلفين (قصدا) أي قاصدين له (فماتا) معًا فلا قود لفوات محله والصبيان إذا ماتا بما مر كذلك لا دية لأحدهما على الآخر لفوات محله وسيأتي ما يخالفه (أو) مات (أحدهما) أي المكلفين فقط (فالقود) أي فأحكامه فهو على حذف مضاف وهو جواب للمسألتين إذ معنى المضاف المحذوف نفيًا أو إثباتًا الأول في موتهما والثاني في موت أحدهما ومن أحكامه إذا كان أحدهما بالغًا والآخر غير بالغ فلا قصاص على غير البالغ أو كان أحدهما حرًّا والآخر رقيقًا فلا يقتل الحر بالعبد ويحكم أيضًا بأحكام القود فيما لو قصد أحدهما التصادم أو التجاذب دون الآخر (و) إن جهل أمر ما وقع بينهما هل قصدا أو غير قصد (حملا عليه) أي على القصد لا على الخطأ وإنما يظهر ذلك في موت أحدهما فقط للقود من الحي (عكس السفينتين) إذا تصادمتا وتلفتا أو إحداهما وجهل أمر أربابهما وهم من ينسب لهم سيرها في القصد وعدمه فيحملون على عدم القصد فلا قود ولا ضمان والفرق أن السفينتين جريهما بالريح وليس من عمل أربابهما بخلاف الفارسين واعلم أن السفينتين لا قود فيهما ولو كان تصادمهما عمدًا قصدًا وحينئذ فلا يظهر لحمله على القصد أو على عدمه فائدة إذ في كل من ذلك الدية عند تحقق الخطأ فإن قيل الواجب في التصادم قصدا دية عمد وخطأ دية خطأ فافترقا أجيب بأن المصنف في بيان ما فيه الدية وما لا ضمان فيه لا في بيان ما يضمن دية عمدًا وخطأ فقوله عكس الخ راجع لقوله فالقود ولقوله وحملا عليه إذ تصادم السفينتين ولو قصدًا لا قود فيه على المعتمد واستثنى منقطعًا من قوله حملًا

ــ

وقال في ضيح مجموع دية كل من الصبيين على عاقلة الآخر على المشهور اهـ.

(وحملا عليه) قول ز وإنما يظهر ذلك في موت أحدهما فقط الخ. فيه نظر بل يظهر أيضًا في موتهما معًا الآن حملهما حينئذ على القصد يوجب إهدار دمهما لفوات محل القود ولا دية ولو حملا على الخطأ لوجبت دية كل على عاقلة الآخر فتأمله (عكس السفينتين) أي فلا يحملان عند الجهل على العمد بل يحملان على العجز الحقيقي وحينئذ يكون هدرًا لا ضمان فيه كما في ح وهو نص المدونة ولا يحملان على الخطأ كما يوهمه ز لأن الخطأ فيه الدية وضمان الأموال وبه تعلم أن قول ز وحينئذ لا يظهر لحمله على القصد أو على عدمه فائدة الخ غير صحيح لأن حمله على القصد يوجب الضمان وعلى عدمه أي على العجز يوجب سقوطه قال أبو الحسن مسألة السفينة والفرس على ثلاثة أوجه إن علم أن ذلك في السفينة من الريح وفي الفرس من غير راكبه فهذا لا ضمان عليه أو يعلم أن ذلك من سبب النواتية في السفينة أو من سبب الراكب في الفرس فلا إشكال أنهم ضامنون وإن أشكل الأمر حمل في السفية على أن ذلك من سبب الريح وفي الفرس على أنه من سبب راكبه اهـ.

ونقله ح وظهر لك بذلك أيضًا سقوط ما في ز من السؤال والجواب والله أعلم وقول ز واعلم أن السفينتين لا قود فيهما الخ هذا هو الذي يفيده قول المدونة في السفينة وإن كانوا قادرين أن يصرفوها فلم يفعلوا ضمنوا اهـ.

ص: 20

عليه قوله: (إلا) في حالة اصطدامهما قصدًا (لعجز حقيقي) من ربهما عن صرف أحدهما عن الآخر فلا يحملان عليه بل متساويان في نفي الضمان بالكلية فجموح الفرسين مع علم أنه ليس من الفارسين يهدر ما نشأ عنه فإن علم أنه من فعلهما أو جهل ضمنًا ولو عجزا عن صرفهما عن الاصطدام كما تفيده المدونة خلافًا لابن عبد السلام إلا أن يكونا إنما نفرا من شيء مرا به في الطريق من غير سبب الراكب فلا ضمان عليه وإن فعل به غير ما جمح به فذلك على الفاعل قاله في المدونة أيضًا وجعلنا الاستثناء منقطعًا لأنهما عند العجز لا يقال قصدًا وللمتصادمين لأنه لا يصح رجوعه للسفينتين لفساد المعنى إذ يصير المعنى عكس السفينتين أي فإنهما يحملان على العجز عند الجهل إلا لعجز حقيقي فإنهما يحملان على القصد وهو فاسد وأخرج من قوله عكس السفينتين قوله (إلا) إن قدرا على صرفهما فلم يصرفوهما (لكخوف غرق) أو نهب أو أسر أو حرق إن صرفوهما فلم يفعلوا حتى تلفا أو إحداهما وما فيهما من آدمي أو غيره (أو) كان اصطدامهما بسبب (ظلمة) فيضمنون المال والدية في مالهم في خوف كغرق لأنهم ليس لهم طلب نجاتهم بغرق غيرهم والمال في مالهم والدية على عواقلهم في خوف كظلمة كما في تت والفرق أنهم في الثاني مخطؤون وفي الأول متعمدون قال ح وهو مشكل لأنه يقتضي أنه إذا تعمد أهل

ــ

ابن يونس يريد في أموالهم وقيل الدية على عواقلهم نقله ابن عرفة وقال اللخمي أن تعمدوا ذلك وعلموا أنه مهلك فالدية في أموالهم اهـ.

قال ح وهو مشكل لأنه يقتضي أنه إذا تعمد أهل السفينة إغراق الأخرى فليس عليهم إلا الدية والظاهر أنه يجب في ذلك القصاص لأن ذلك بمنزلة طرح من لا يحسن العوم وبمنزلة المثقل فتأمله اهـ.

(لا لعجز حقيقي) في كلام ز هنا تهافت وتناقض وذلك لأن قوله قصد العجز حقيقي من ربهما عن صرف أحدهما عن الآخر الخ. يقتضي أن المراد بالعجز هو ما قاله ابن عبد السلام من عدم القدرة على صرف كل عن الآخر وإن كان ابتداء الجموح من فعل الراكب وقوله بعده فإن علم أنه من فعلهما الخ. يرده ويناقضه مع إيهامه أنه يوافقه قال ابن عرفة قول ابن عبد السلام إذا جمح الفرس ولم يقدر راكبه على صرفه فإنه لا يضمن يرد بقول المدونة إن جمحت دابة براكبها فوطئت إنسانًا فهو ضامن وبقولها إن كان في رأس الفرس اعتزام فحمل بصاحبه فصدم فراكبه ضامن لأن سبب جمحه من راكبه وفعله به إلا أن يكون إنما نفر من شيء مر به في الطريق من غير سبب راكبه فلا ضمان عليه اهـ.

انظر ق وح وقول ز لا يصح رجوعه للسفينتين الخ. الذي لابن عاشر أنه راجع للسفينتين والمتصادمين أي فيرجع لقوله وإن تصادما الخ. ويكون كلام المصنف جاريًا على ما استظهره ح في السفينتين من القود عند القصد والله أعلم. (إلا لكخوف غرق الخ) قول ز والدية في ما لهم في خوف كغرق وعلى عواقلهم في خوف كظلمة الخ فيه نظر بل على

ص: 21

السفينة إغراق الآخرين فليس عليهم إلا الدية والظاهر أنه يجب في ذلك القصاص لأنه كطرح غير محسن للعوم وكالقتل بالمثقل اهـ.

وقرر بعض الإخراج على نمط ما قدمه فقال في هذا الثاني مخرج من قوله عكس السفينتين أي فإنهما يحملان على العجز عند الجهل فلا قصاص عليهما ولا ضمان إلا لخوف غرق أو ظلمة فالضمان اهـ.

وقررنا أو ظلمة عطف على خوف وقرره بعض أنه عطف على غرق أي أو خوف الوقوع في ظلمة كالبحر فإن كل ما كان منه جنوبًا كان مظلمًا وما كان شمالًا كان مشرقًا فخاف الوقوع في الجنوب لظلمته اهـ.

(وإلا) يكن اصطدام المتصادمين من سفينتين أو غيرهما أو تجاذب المتجاذبين قصدًا بل خطأ منهما (فدية كل) من الآدميين (على عاقلة الآخر) لأنه عن جناية خطأ (وفرسه) قيمتها (في مال) المصادم (الآخر) لا على العاقلة وكالفرس ما تلف بسبب التصادم فإن قلت لا حاجة لإدخال السفينتين تحت إلا لحملهما عند الجهل على عدم القصد كما مر فأولى مع تحقق الخطأ قلت عند الجهل لا ضمان كما مر وعند تحقق الخطأ الحكم ما ذكره هنا وأما إن تعمد أحدهما وأخطأ الآخر ومات أحدهما فإن كان هو المتعمد فالدية على عاقلة المخطىء وإن كان هو المخطىء اقتص من المتعمد فإن ماتا معًا فقال البساطي دية المخطىء في مال الآخر ودية المتعمد على عاقلة المخطىء فإن قلت المتعمد دمه هدر قلت إنما يكون هدرًا إذا تحقق أن موت المخطىء من فعله وهنا ليس كذلك إذ يحتمل أن يكون من فعلهما معًا أو من فعل المخطىء وحده أو من المتعمد وحده اهـ.

وفيه بحث إذ هذا يقتضي أنه لا يقتص من المتعمد حيث مات المخطىء وحده وليس كذلك ولذا كان الشيخ البنوفري يقرر فيما إذا ماتا معًا إن دم المخطىء هدر لأن قاتله عمدًا قد قتل ودم المتعمد فيه الدية على عاقلة المخطىء ومثل ذلك اصطدام بالغ

ــ

عواقلهم مطلقًا ففي ابن يونس قال مالك في السفينتين تصطدمان فتغرق إحداهما بما فيها فلا شيء في ذلك على أحد لأن الريح تغلبهم إلا أن يعلموا أن النواتية لو أرادوا صرفها قدروا على حبسها إلا أن في ذلك هلاكهم وغرقهم فلم يفعلوا فلتضمن عواقلهم دياتهم ويضمنوا هم الأموال في أموالهم وليس لهم أن يطلبوا نجاتهم بغرق غيرهم وكذلك لو لم يروهم في ظلمة الليل وهم لو رأوهم لقدروا على صرفها فهم ضامنون لما في السفينة ودية من مات على عواقلهم ولكن لو غلبتهم الريح أو غفلوا لم يكن عليهم شيء اهـ.

من ق (وإلا فدية كل على عاقلة الآخر) قول ز ولذا كان البنوفري يقرر فيما إذا ماتا معًا أن دم المخطىء هدر لأن قاتله عمدًا قد قتل الخ قد يقال إذا كان القاتل عمدًا قد قتل خطأ فالمستحق لديته ولي مقتوله لقول المصنف فيما تقدم واستحق ولي دم من قتل القاتل كدية

ص: 22

وصبي عمدًا وماتا فدية البالغ على عاقلة الصبي ولا دية للصبي لأن قاتله عمدًا قد قتل ذكره عج فإن قيل القياس عكس ما للبنوفري فالجواب

(1)(كثمن العبد) أي قيمته فإنها في مال الحر ودية الحر في قيمة رقبة العبد حالة لا منجمة فإذا اصطدما عمدًا أو خطأ فماتا ففيهما ما ذكر ويتقاصان فإن فضل من دية الحر شيء لم يضمنه السيد لأنها تعلقت برقبة العبد والرقبة قد زالت وإن زادت قيمة العبد شيئًا أخذه السيد حالًا وإنما كان في الحر مع العمد الدية لأن للولي استحياءه حيث كان حيًّا ويخير بعد ذلك سيده في فدائه بالدية وإسلامه فلما لم يكن القتل متحتمًا ومات تعلقت الدية بقيمة رقبة العبد وقد ظهر لك التفريق في الحكم بين تصادم الحرمين والحر مع العبد قاله د (وإن تعدد المباشر) لقتل شخص فضربه واحد بعد واحد إلى أن مات (ففي الممالأة) على القتل ولو يتميز فعل بعض وكان أقوى (يقتل الجميع) إن مات مكانه أو أنفذ مقتله أو مات مغمورًا وإلا قتل واحد بقسامة وقوله المباشر فرض مسألة إذ مع التمالؤ على القتل لا فرق بين أن تحصل مباشرة من الجميع أو لا تحصل إلا من واحد وكرر هذه مع قوله والمتمالؤون ليرتب عليها قوله: (وإلا) يكن تمالؤ على قتله بل قصد كل واحد قتله بانفراده من غير اتفاقه مع غيره أو إلا بأن قصد كل ضربه لا القتل وجرحه كل ومات ولم يدر من أيها مات والاحتمال الأول لبعض من شرحه والثاني للشارح تبعًا للتوضيح انظر تت (قدم الأقوى) فعلًا وهو من مات عن فعله وأنفذ مقتلًا وإن لم يكن فعله أشد من فعل غيره فيقدم على غيره فيقتل وحده بقسامة ويقتص من غيره ممن جرح ويعاقب من لم يجرح وهذا إذا علم الأقوى وإلا قتلوا كلهم إن مات مكانه وإلا فواحد بقسامة كما في النوادر خلافًا لقول اللخمي يسقط القصاص وبموته في هذه المسألة علم عدم تكرارها مع قوله الآتي وإن تميزت جنايات الخ فإنها فيما إذا لم يمت (ولا يسقط القتل) أي ترتبه الكائن (عند المساواة بزوالها بعتق أو إسلام) فإن قتل عبد عبدًا مثله ثم عتق القاتل أو قتل كافر كافرًا عمدًا ثم أسلم القاتل اقتص من الحر ومن المسلم لأن المانع إذا حصل بعد ترتب الحكم لا أثر له وكذا لا يسقط الجرح فإذا قطع رجل يد حر مسلم ثم ارتد المقطوعة يده فالقصاص في القطع قاله ابن حبيب فالضمير في زوالها للمساواة وما تقدم من قوله ولا زائد حرية أو إسلام شرط في القصاص وما هنا بيان لعدم سقوطه بعد ترتبه فما هنا مغاير لما مر وهو مفهوم قوله حين القتل وكذا لا يثبت القتل بزوال الزيادة الكائنة عند القتل برق

ــ

خطأ فتأمل (كثمن العبد) قول ز فإن فضل من دية الحر شيء لم يضمنه السيد الخ. قال ابن يونس قال ابن المواز إلا أن يكون للعبد مال فتكون بقية الدية في ماله (والأقدم الأقوى) قول ز ولم يدر من أيها مات الخ الصواب إسقاطه لأنه ينافي موضوع المسألة من معرفة الأقوى وهو من مات من فعله أو أنفذ مقتلًا كما قرره به فتأمله.

(1) هكذا في نسخة الشارح بخطه بياض بعد قوله فالجواب ولعل الجواب منع القياس المذكور اهـ من هامش نسخه.

ص: 23

كحر كافر قتل عبدًا كافرًا ثم فر القاتل لدار الحرب ثم أخذ واسترق فلا يقتل به ومحل قتل الكافر القاتل إذا أسلم في مسألة المصنف إن كان للمقتول ولي فإن لم يكن له ولي إلا المسلمون ندب العفو عنه وعدم قتله كما في المجموعة وبه يلغز ويقال شخص قتل من يقتل به وندب عدم قتله قال الوالد وانظر هذا أي قوله لم يكن له ولي إلا المسلمون مع أن أمر المقتول الكافر إنما هو لأهل دينه يرثونه ويعقلون عنه فينبغي أن يكون قصاصه أيضًا لهم لا للإمام اهـ.

وقد يجاب بأنه لشرف الإسلام لم يرد الكافر لهم لئلا يتحكموا في مسلم ولما قدم أول الباب العمد الذي فيه القصاص ذكر ما فيه مال من جناية خطأ أو عمدًا لا قصاص فيه فقال (و) إن زالت المساواة في خطأ أو عمد فيه دية (ضمن وقت الإصابة) في الجرح لا وقت المسيب الذي هو الرمي (و) وقت (الموت) في النفس لا وقت السبب الذي هو الجرح هذا قول ابن القاسم فمن رمى عبدًا أو كافرًا فلم تصل الرمية إليه حتى عتق العبد أو أسلم الكافر فإنه يضمن عوض جرح حر أو مسلم عند ابن القاسم لا عوض جرح عبد أو كافر كما يقول أشهب وسحنون ثم رجع سحنون لموافقة ابن القاسم ولو جرح مسلم مسلمًا فارتد المجروح ثم نزى فمات فلا قود في النفس قطعًا وكذا لا قصاص في الجرح عند ابن القاسم وقال أشهب القصاص في الجرح ثابت قاله ابن عرفة كذا فهم عج عنه واقتصر د على ما لأشهب وعزاه لابن حبيب قال وترك المصنف ذلك هنا للعلم به من قوله والجرح كالنفس اهـ.

وعلى ما مر فقوله وضمن الخ راجع لمفهوم قوله عند المساواة بزوالها أي وإن لم يكن هناك مساواة سقط القتل في بعض الصور وهو ما إذا كان القاتل أعلى وما وراء ذلك فالضمان ووقته عند ابن القاسم وقت الإصابة الخ. ولما أنهى الكلام على الجناية على النفس شرع في الجناية على ما دونها وهو إبانة طرف وكسر وجرح (1) ومنفعة وعبر عنه المؤلف هنا بالجرح ولعله لكونه الغالب وأركانه ثلاثة كالنفس إلا ما استثنى فقال (والجرح كالنفس) أفاد بالتشبيه أنه لا يقتص من الكامل للناقص (في الفعل) أي الجرح بالضم بأن

ــ

(وضمن وقت الإصابة والموت) قد تقدم أنه لا بد في القصاص من استمرار التكافؤ في الحالات الثلاث حالة الرمي والإصابة والموت ومتى فقد التكافؤ في واحد منها سقط القصاص وبين هنا أنه إذا سقط القصاص لفقد التكافؤ بين السبب والمسبب يضمن الدية وأن المعتبر في ضمانها وقت الإصابة في الجرح ووقت التلف في الموت ولا يراعى فيه وقت السبب وهو الرمي على قول ابن القاسم ورجع إليه سحنون خلافًا لأشهب انظر ح (والجرح كالنفس في الفعل الخ) هذه العبارة في غاية الحسن والرشاقة والمراد بالجرح ما دون النفس

(1) قوله ومنفعة هكذا بالأصل المطبوع الذي معنا ولعل فيه سقطا والأصل وإتلاف منفعة اهـ.

ص: 24

يقصد الضرب عداوة فنشأ عنه جرح لا للعب أو أدب فلا قصاص فيه (والفاعل) أي الجارح من كونه مكلفًا غير حربي الخ. (والمفعول) أي المجروح بأن يكون المحل الذي وقعت فيه الجناية معصومًا للإصابة والجرح بالضم بدليل قوله في الفعل لا بالفتح وإلا لزم تشبيه الشيء بنفسه إذ الجرح بالفتح الفعل قاله ق ولعل المراد التشبيه المعنوي وإلا فليس في المصنف تشبيه جرح بجرح (1) على أنه ولو فرض ذلك إذ معناه الفعل في الجرح كالفعل في النفس فلم يتحدا في المكان واستثنى من الفاعل وكان الأولى تأخيره ليتصل به قوله: (إلا ناقصًا) كعبد أو كافر (جرح كاملًا) أي جنى على طرف لحر أو مسلم فلا يقتص منه للكامل لأنه كجناية اليد الشلاء على الصحيحة وإن كان يقتص له منهما في النفس كما مر من قوله وقتل الأدنى بالأعلى ويلزمه للكامل ما فيه إن كان فيه شيء مقرر يتعلق برقبة العبد وذمة الحر الكافر فإن لم يكن فيه شيء مقرر فحكومة إن برىء على شين وإلا فليس على الجاني إلا الأدب كما في د (وإن تميزت جنايات) ولم يمت (بلا تمالؤ فمن كل) يقتص (كفعله) أي بالمساحة ولا ينظر لتفاوت الأيدي بالغلظ والرقة بل يقتص من كل واحد بمساحة ما جرح إذا عرف ذلك وإن تميزت مع التمالؤ فكذلك إن تعدد المحل كقلع عين من رجل وأخرى من آخر كما ذكر الأبياري أنه الصحيح فإن اتحد المحل اقتص من الجميع كما في المدونة وإن لم تتميز ولم يحصل تمالؤ فقال د انظر هل يقتص من كل واحد بقدر الجميع أو تكون عليهم الدية أهو الفرض أنه لم يمت ثم شرع في ذكر ما يقتص منه من الجراح وما لا يقتص منه والجراح عشرة اثنان في الرأس فقط الآمة والدامغة ولا قصاص فيهما وثمانية في الرأس والخد وهي الموضحة وما قبلها وهو سبعة وفي الثمانية القصاص مطلقًا إلا منقلة الرأس فقال (واقتص من موضحة) بكسر

ــ

فيشمل القطع والكسر والفقء وإتلاف المعاني من السمع ونحوه وإن خالفته اللغة والاصطلاح ابن عرفة متعلق الجناية غير نفس إن أبانت بعض الجسم فقطع وإلا فإن أزالت اتصال عظم لم يبن فكسر وإلا فإن أثرت في الجسم فجرح وإلا فإتلاف منفعة اهـ.

(وإن تميزت جنايات بلا تمالؤ الخ) قول ز كقلع عين من رجل وأخرى من آخر الخ. هذا لا يناسب ما هو فرض المسألة من تعدد الفاعل والمحل وصوابه لو قال كقلع رجلين عيني رجل الخ. وهكذا في عج ونصه قوله بلا تمالؤ وكذا لو تميزت بتمالؤ كما ذكر الأبياري أنه الصحيح فيما إذ تمالأ رجلان على فقء عيني رجل ففقأ كل واحد عينًا أنه يفقأ من كل واحد مماثل ما فقأ وقول المدونة فيما إذا تمالأ جماعة على قطع يد شخص فإنه يقطع كل واحد لا يخالفه إذ هو إذا وقع التمالؤ على قطع عضو واحد فتأمله اهـ.

(1) قوله على أنه ولو فرض الخ هكذا بالأصل ولعل فيه سقطًا أيضًا فانظره اهـ.

ص: 25

الضاد وذكر بعد حكمها موضعها اصطلاحًا من باب تقديم الحكم على التصوير للغير اهتمامًا بالحكم فقال وهي ما (أوضحت) أي أظهرت (عظم الرأس) وليس منه الأنف واللحى الأسفل بل هما عظمان منفردان (و) عظم (الجبهة و) عظم (الخدين) والواو فيهما بمعنى أو وبما قررنا علم أن قوله أوضحت خبر مبتدأ مع موصول أي وهي التي أوضحت الخ. لا صفة لموضحة لئلا يوهم التخصيص بتلك الأماكن الثلاثة وإن غيرها يسمى موضحة لكن لا يقتص منه وليس بمراد فتفسيره المذكور يقتضي أنها لا تكون في غير ما ذكر من بقية الوجه والجسد وهو المعتمد خلافًا لما يوهمه قوله إن كن برأس أو لحى أعلى وقوله: وجراح الجسد وإن منقلة فما أوضح عظم غير ما ذكر هنا لا يسمى موضحة عند الفقهاء وأما الموضحة في اللغة فهي ما أوضحت العظم مطلقًا وإن اقتص في عمده كما يفيده قوله إلا أن يعظم الخطر في غيرها وفي خطئه حكومة ولا يعتبر في الموضحة أن توضح ماله بال بل (وإن) أوضحت (كابرة) أي قدر مغرزها في موضع من الثلاثة المذكورة وكذا كل جرح كان مما يقتص منه أم لا (وسابقها) أي سابق الموضحة وهو ما يوجد قبلها من الجراحات وهي ستة ثلاثة متعلقة بالجلد وثلاثة باللحم ورتبها على حكم وجودها الخارجي وبين الثلاثة الأول بقوله: (من دامية) وتسمى أيضًا دامعة بعين مهملة وهي التي تضعف الجلد فيرشح منه دم كالدمع من غير أن ينشق الجلد (وحارصة) بحاء مهملة فألف وتحذف فراء فصاد مهملتين وهي التي (شقت الجلد) كله وأفضت للحم (وسمحاق كشطته) أي الجلد أي أزالته عن محله وذكر الثلاثة المتعلقة باللحم بقوله: (وباضعة) وهي التي (شقت اللحم) أي بضعته (ومتلاحمة) وهي التي (غاصت فيه) أي في اللحم (بتعدد) أي في عدة مواضع فأخذت فيه يمينًا وشمالًا ولم تقرب من العظم (وملطاة) بكسر الميم وبهاء في آخرها وبإسقاطها بالمد والقصر وهي التي تزيل اللحم و (قربت للعظم) بحيث بقي بينه وبينها ستر رقيق (كضربة السوط) فيها القصاص بخلاف اللطمة كما يأتي لأنه لا انضباط لها ولأنه لا ينشأ عنها جرح غالبًا بخلاف السوط والضرب بالعصا كاللطمة على المشهور كما في الشارح إلا أن ينشأ عن

ــ

وقول ز وهي الموضحة وما قبلها وهي سبعة الخ. صوابه لو زاد والثامنة المنقلة ثمي قول وفي الثمانية الخ. (أوضحت عظم الرأس الخ) قال البساطي إنما يظهر تعريف الموضحة بما ذكر باعتبار الدية وأما باعتبار القصاص فلا فرق بين هذه وبين غيرها من موضحات الجسد فمن حقه أن لا يذكر تفسيرها هنا إذ ليس شرطًا في القصاص بل يقول أوضحت العظم وإنما يحسن تفسيرها في الديات كما فعل هنالك اهـ.

وجوابه ما في ز من أن ما أوضح عظم غير ما ذكر هنا لا يسمى موضحة عند الفقهاء فتفسير المصنف هنا إنما هو لبيان معناها في الاصطلاح وإن كان فيها القصاص مطلقًا ويدل له قول المدونة حد الموضحة ما أفضى إلى العظم ولو بقدر إبرة وعظم الرأس محلها وحد ذلك منتهى الجمجمة وموضحة الخد كالجمجمة اهـ.

ص: 26

كل جرح وانظر الفرق بين ضرب العصا والسوط وأشار لما يفترق فيه الجسد من غيره فقال عطفًا على موضحة (و) اقتص (من جراح الجسد) غير الرأس (وإن) كانت جراحات الجسد (منقلة) ويأتي له تفسيرها وخصها بالذكر لأنه لما كان لا يقتص منها في الرأس فيوهم أن منقلة الجسد كذلك فنفاه بذكرها وحيث اقتص في هذه الأمور فيعتبر الجرح (بالمساحة) بكسر الميم فيقاس الجرح طولًا وعرضًا وعمقًا فقد تكون الجراحة نصف عضو المجني عليه وهي جل عضو الجاني أو كله والقصاص بالمساحة إنما يكون (إن اتحد المحل) فإن زادت على عضو الجاني لم ينتقل لعضو آخر يكمل منه بل يسقط الزائد عن المماثل فإذا كانت يد المجني عليه أطول كما إذا قطع يده إلى المرفق وكان طول ذلك في يد الجاني إلى رأس الكتف فإنما يقطع منه إلى المرفق ويسقط الزائد ولا عقل له وفاقًا لتت هنا وخلافًا له عند قوله وإلا فالعقل وكل أنملة محل فتقطع بالأنملة كانت أطول أو أقصر والجبهة محل والرأس محل آخر وانظر هل اللحى الأعلى والأسفل محل واحد أو محلان والثاني هو الموافق لقوله أو لحى أعلى وشبه في القصاص قوله: (كطبيب) أي المتولي قصاص من جان على غيره (زاد) على ما أذن فيه (عمدًا) فيقتص منه بقدر مساحة الزائد واستشكل فيما إذا كان المأذون فيه دائرة صغيرة ففعل دائرة أكبر منها عمدًا بأن كان بين محيط الدائرتين قدر لا يتوصل إليه إلا بعد تقدم قطع يكون متصلًا به وأجاب البساطي بأنه ينظر مساحة ما بين الدائرتين فيقتص منه دائرة بقدره ثم قال فإن قلت الدائرة التي اقتصت منه لم تكن على كيفية الدائرة التي تعدى فيها قلت إنما يعتبر قدر المساحة وقد سبق ابن عرفة البساطي بهذا ثم جوابه هذا لا يتأتى فيما إذا زاد في العمق قاله تت ويمكن أيضًا أن يقال يعمل في ظاهر جسد الطبيب قدره واحتمال أنه يسقط ذلك عن الطبيب لتعذر فعله فيه أو عليه حكومة بعيد وأما الطبيب بمعنى المداوي فسيذكره في باب الشرب بقوله كطبيب جهل أو قصر (وإلا) يتحد محل الجناية ومحل القصاص بأن زاد كما تقدم أو لم يتعمد الطبيب الزيادة بل زاد خطأ (فالعقل) متعين على

ــ

(وإن منقلة) صوابه وإن هاشمة فقد قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أن المنقلة لا تكون إلا في الرأس والوجه اهـ.

انظر ق (بالمساحة) ابن الحاجب وفي اعتبار القدر بالمساحة أو بالنسبة إلى قدر الرأسين قولان لابن القاسم وأشهب وعليهما لو كانت الشجة نصف رأس المشيجوج وهي قدر رأس الشاج فلا تكمل بغير الرأس اتفاقًا اهـ.

(كطبيب زاد عمدًا) قول ز ثم جوابه هذا لا يتأتى فيما إذا زاد في العمق الخ. لما ذكر تت هذا قال طفى في تنظيره نظر بل كذلك يتأتى في العمق كما أشار له ابن عرفة فإنه لما ذكر عن ابن عبد السلام مثل هذا الإيراد قال هذا مثل ما قاله في الاجتماع على قطع يد رجل وتعقبه القصاص من الثاني وتقدم جوابه اهـ.

ص: 27

الجاني دون القصاص فلا تقطع يمنى بيسرى ولا وسطى بسبابة ولا ثنائية برباعية وهكذا لعدم اتحاد المحل وأما خطؤه بالنقص فلا يرجع ليقتص له من بقية حقه لأنه قد اجتهد له وكذا الأصبع يخطئ فيها بأنملة ولا يقاد مرتين انظر تت وهو حسن إلا قوله بأد زاد فإنه غير صحيح لأنه لا يؤخذ عقل في زيادة عضو المجني عليه الذي جنى على يده إلى المرفق وطوله إلى رأس كتف الجاني بل يقتصر على قطع الجاني إلى المرفق ولا عقل للمجني عليه في الزائد كما قدمه هو في قوله إن اتحد المحل قال اللخمي إذا قطع الطبيب في الموضع المعتاد فمات لم يكن عليه شيء وإن زاد على ذلك يسيرًا أو وقع القطع فيما قارب كان خطأ وإن زاد على ذلك مما لا يشك فيه أنه عمد كان فيه القصاص وإن تردد بين الخطأ والعمد كانت مغلظة اهـ.

وشبه في قوله فالعقل قوله: (كذي شلاء) مجني عليها (عدمت النفع) يؤخذ لها العقل (بصحيحة) أي من ذي صحيحة فلا يقتصر لها من الصحيحة (وبالعكس) أي جنى ذو الشلاء عادمة النفع على صحيحة فلا يقتص منها للصحيحة بل عليه العقل وما ذكرناه من أن قوله كذي شلاء مجني عليها هو مفاد التشبيه وعليه فالباء بمعنى من كما قررنا ومفاد تت بقاؤها على حالها فإنه قال كذي أي كجان صاحب يد شلاء عدمت النفع لا يقتص منها بصحيحة ظاهره ولو رضي صاحب الصحيحة وهو كذلك صرح به ابن شاس ومفهومه أنه لو كان بها نفع لكانت كالصحيحة في الجناية لها وعليها كما في ق وقول تت إن كان بها نفع قطعت بالصحيحة إن رضي صاحب الصحيحة فيه نظر بل الحكم مطلق كما في ق ثم إسناد العلم إلى اليد مجاز لأن الذي يعدم هو صاحبها (و) لا يقتص من (عين) أي حدقة (أعمى) جنى على صحيحة (و) لا من (لسان أبكم) جنى على ناطق

ــ

والذي قاله ابن عبد السلام في الاجتماع على قطع يد رجل هو قوله في قول ابن الحاجب أما لو تميزت الجنايتان من غير ممالأة اقتص من كل واحد منهما بمساحة ما جرح هذا صحيح إذا بانت اليد وكان ابتداء أحدهما القطع من غير الجهة التي ابتدأ الآخر منها وأما لو قطع أحدهما نصف اليد وابتدأ الثاني القطع من حيث انتهى الأول وقطع باقيها فإن السكين توضع في القصاص في غير الموضع الذي ابتدأ هو منه اهـ.

فقال ابن عرفة هذا لا ينافي التماثل لأن الجاني إنما ابتدأ القطع في طرف وكونه وسطا طردي وفي القصاص منه إنما ابتدأ القطع فيه من طرف اهـ.

فهذا صريح في تأتي القصاص في العمق وقد سلم عج تنظير تت وكأنه لم يستحضر كلام ابن عرفة اهـ.

كلام طفى (عدمت النفع) قول ز ومفهومه أنه لو كان بها نفع لكانت كالصحيحة في الجناية لها وعليها كما في ق الخ أي فتقطع من غير تقييد برضا المجني عليه وهذا هو الذي نقله ق عن ابن شاس ولكن تعقبه بعده بنقله عن ابن يونس أن ذلك مقيد بالرضا فانظره.

ص: 28

وإنما على كل دية ما جنى عليه وفي عكس ذلك حكومة بالاجتهاد وعطف على ما يتعين فيه العقل وينتفي عنه القصاص من شجاج الرأس (و) هو مجملًا (ما بعد الموضحة) وبينه مفصلًا بقوله: (من منقلة) بكسر القاف المشددة وحكى فتحها وبفتح اللام وفسرها بقوله: (طار) أي شأنه أن يطير لا أنه ينتظر طيرانه بالدواء بل المراد أنه ينقل (فراش) بفتح الفاء وكسرها أي صغار (العظم) كقشر البصل أي تطير عن العظم (من) أجل (الدواء) أي المنقلة في الرأس التي ينقل منها الطبيب العظام الصغار لتلتئم الجراح وتلك العظام هي التي يقال لها الفراش فإضافة فراش إلى العظم بيانية كما في د (و) لا يقتص من (آمة) تلي المنقلة وفسرها بقوله: (أفضت للدماغ) أي المخ أي وصلت إليه ولو بمدخل إبرة ولم تخرق خريطته قال د للدماغ أي لام الدماغ يدل عليه ما بعده وأم الدماغ جلدة رقيقة متى انكشفت عنه مات قاله بعض الشيوخ اهـ.

(و) لا من (دامغة) بغين معجمة (خرقت خريطته و) لا قصاص في (لطمة) أي ضربة على الخدين بباطن الراحة وفي بعض النسخ كلطمة بالكاف تشبيه في عدم القصاص ولا عقل أيضًا فيها كما سيقول وعمده كالخطأ ومحل عدم القصاص فيها إلا أن نشأ عنها جرح فجرح أو نشأ عنها ذهاب معنى كبصر وإلا اقتص منه على ما يأتي في قوله وإن ذهب كبصر الخ (و) لا من (شفر) بضم الشين المعجمة (عين) أي الشعر الثابت بأطراف الجفن فوق وأسفل بغير جلد ولا لحم اهـ.

وقال الشامي هو طرف الجفن الذي ينبت عليه الهدب والعامة تجعل أشفار العين الشعر وهو غلط وإنما الأشفار حروف العين اهـ.

وعليه فكان على المصنف أن يقول وهدب عين (و) شعر (حاجب ولحية) فلا قصاص في شيء من هذه الثلاثة لأنها ليست جراحات فلا تدخل في قوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45](وعمده) أي ما ذكر مما فيه عقل أو حكومة أو لا حكومة ولا عقل بمظلمة وما بعدها حيث عاد كما كان (كالخطأ إلا في الأدب) للمتعمد باجتهاد الإمام فإن لم يثبت فحكومة ويجب الأدب فيما فيه القصاص فتقطع يده مثلًا ويؤدب كما في ح واستثنى من قوله وجراح الجسد قوله: (وإلا أن يعظم الخطر) بخاء معجمة فطاء مهملة مفتوحتين الإشراف على الهلاك أو الخوف (في غيرها) أي غير الجراح التي بعد الموضحة أي جراح الجسد غير ما بعد الموضحة يقتص إلا أن يعظم الخطر فيها فلا قصاص وكذا إن لم تتحقق المماثلة في القصاص لا يقتص كبياض الحين ولو ترك الواو لكان أولى وليس معطوفًا على قوله وإلا فالعقل كما في الشارح لأن إلا فيه شرطية وإلا هنا استثنائية ولا تعطف على شرطية ولو حذف الواو وجعل الاستثناء من

ــ

(وإلا أن يعظم الخطر) لا وجه لهذا العطف هنا وفي بعض النسخ وكان يعظم الخطر بلفظ التشبيه مع العطف وهذه النسخة هي الصواب وأما جعل الشارح وإلا أن يعظم الخ عطفًا على

ص: 29

مقدّر أي وعمده كالخطأ لا عمد غيره إلا أن يعظم الخطر لكان ظاهرًا انظر د (كعظم الصدر) تشبيه أو تمثيل لما قبله في وجوب العقل وعدم القصاص وفيه حكومة إن برىء على شين ومثله عظم العنق والصلب ونحوهما (وفيها أخاف في رض) أي كسر (الأنثيين) أو إحداهما لشخص عمدا فلا يفعل بالجاني ذلك لأني أخاف إن فعل به ذلك (أن يتلف) أي يهلك فيلزم أخذ نفس فيما دونها وإنما عليه العقل كاملًا وفاعل أخاف الإمام أو ابن القاسم وهو ما ارتضاه الشيخ سالم في تقريره ويفهم من المصنف إن في قطعهما أو جرحهما القصاص لأنه ليس من المتآلف وظاهر الرسالة أنه كرضهما ولكن المرتضى الأول (وإن ذهب كبصر) وسمع وشم وذوق وكلام ونحوه من المعاني (بجرح) من شخص عمد الآخر فيه قصاص أي بسببه كما لو أوضحه فذهب مع الموضحة معنى من هذه المعاني أو أكثر كسمعه أو هو وعقله (اقتص منه) أي من الجاني فيوضح مثلًا بعد برء المجني عليه (فإن حصل) للجاني مثل المذاهب من المجني عليه (أو زاد) المذاهب من غيره أو من جنسه فظاهر وكأنهم لم يعتبروا الزائد لأن الظالم أحق بالحمل عليه (وإلا) يحصل مثله بل بعضه أو حصل غيره فقط (فدية ما لم يذهب) فيه حذف مضاف أي مماثل ما لم يذهب أو صوابه فدية ما ذهب في ماله عند ابن القاسم لا على عاقلته فإن قلت ما المانع من بقائه على حاله ويراد بما لم يذهب من الجاني قلت لقصوره لأنه يقتضي أنه إذا كان الجاني امرأة على رجل فاقتص منها فذهب منها دون ما ذهب من الرجل فإنه يؤخذ ما بقي على حساب ديتها وليس كذلك إذ دية عينها على نصف ديتها وعين الرجل على نصف ديته كما يأتي والكاف في كبصر فاعل ذهب بمعنى مثل فليست تمثيلية فقط ولا تشبيهية ويصح كون الفاعل مقدر أي ذاهب بدليل ذهب والظاهر أنه لو كانت الجناية جرحًا ليس فيه مسمى وحصل بضرب الجاني من غير جرح ذهاب مثل ما ذهب من المجني عليه فإنه يؤخذ له في الجرح أرش (وإن ذهب) البصر مثلًا المفهوم من كبصر بفعل ما لا قصاص فيه بمظلمة اذهب بها بصره فقد علم افتراق هذه مما قبلها لأن فيها جرحًا وفيه القصاص (والعين قائمة) مكانها لم تنخسف (فإن أستطيع) أي أمكن أن يفعل بالجاني (كذلك) بأي وجه لا بمثل ما فعل فقط أي كما قد يتوهم من ظاهر قوله كذلك

ــ

وإلا فالعقل فغير صواب لأن هذا استثناء وقوله وإلا فالعقل شرط (وإن ذهب كبصر) قول ز وسمع وشم الخ. مثل ذلك قوّة اليد والرجل ويأتي قول المصنف كأن شلت يده بضربة وقول ز أو صوابه فدية ما ذهب الخ في هذانظر لاقتضائه أخذ جميع الدية وإن حصل للجاني بعضه وليس كذلك (وإن ذهب والعين قائمة الخ) قول ز فقد علم افتراق هذه مما قبلها الخ أصله لعج واعترضه طفى بأنه يقتضي أن المنفعة مهما ذهبت بما لا قصاص فيه فالحكم ما ذكره المؤلف وليس كذلك لقول المدونة ومن ضرب يد رجل أو رجله عمدًا فشلت فإن الضارب يضرب مثلها قصاصًا فإن شلت يده وإلا كان العقل في ماله دون العاقلة اهـ.

ص: 30

يدل على ذلك قضية سيدنا علي قاله د (وإلا) يستطع ذلك (فالعقل) متعين لأنه بمنزلة ما سقط فيه القصاص لعدم إمكانه ويكون في ماله لا على عاقلته (كأن شلت) بفتح المعجمة وضمها خطأ أو قليل أو لغة رديئة قاله القسطلاني على البخاري في مناقب طلحة (يده) مثلًا (بضربة) عمدًا بعصا على رأسه مثلًا ففيه القصاص إن أمكن فيضرب فإن شلت وإلا فالعقل في ماله دون العاقلة وقيد أشهب هذا بما إذا حصل من الضربة جرح فيه القود وأما إن ضربه على رأسه فلم يجرح وشلت يده فلا قود على الضارب وعليه دية اليد واستظهر ابن عرفة أنه تقييد أي لا مقابل فلا ينظر في التي لا قصاص فيها أي لا جرح كالضرب بعصا كما مر لكونه يستطاع به فعل الشلل أولًا ولعل الفرق بينه وبين ما قبله ندور الشلل عن الضرب بخلاف ذهاب البصر (وإن) تعذر محل القصاص كأن (قطعت يد قاطع) ليد غيره عمدًا (بسماوي) قبل أن يقتص منه (أو سرقة أو قصاص لغيره) أي غير المجني عليه كقطعه يد آخر فاقتص منه (فلا شيء للمجني عليه) من قصاص لأن حقه إنما هو في القصاص فلما تعذر محله بطل حقه ولا دية له كموت القاتل (وإن قطع أقطع الكف) أي اليمنى يمنى آخر وقوله: (من المرفق) متعلق بقطع (فللمجني عليه القصاص) فيما بقي فتقطع الناقصة إلى المرفق ولا شيء له (أو الدية) وإنما خير لأن الجاني جنى وبه نقص في ذلك العضو فلا جائز أن ينتقل إلى عضو غيره ولا أن يتعين القصاص لأنه أقل من حق المجني عليه ولا أن تتعين الدية لأنه جنى عمدًا على المعصم فثبت جواز الخيار له فيما

ــ

قلت فيه نظر فإن كلام المدونة مقيد بما إذا كانت الضربة يقتص منها كما قاله أشهب واستظهر ابن عرفة أنه تقييد كما يأتي قريبًا عند ز فلا يقدح في فرق عج نعم قال طفى الظاهر إن ما ذكره المصنف في هذه المسألة تبعًا للمدونة خاص بالبصر لما جاء في ذلك عن عثمان وعلي لأن غيره من المنافع لا يستطاع فيه ذلك ولو أمكن لقيل فيه كذلك والحاصل أن ذهاب المنفعة إما أن يحصل بما فيه قصاص أو بما لا قصاص فيه فالأول لا فرق فيه بين البصر وغيره والثاني إن كان في البصر فهو قوله فإن أستطيع كذلك الخ وإن كان في غيره تعين العقل والله أعلم. وقول ز ويدل على ذلك قضية سيدنا علي رضي الله عنه الخ قال الشارح روي أنه جيء لعثمان رضي الله عنه برجل لطم شخصًا أو أصابه بشيء فأذهب بصره والعين قائمة فأراد أن يقتص له منه فأعيا ذلك عليه وعلى الناس فأتى علي رضي الله تعالى عنه فأمر بالمصيب أي الجاني فجعل على عينه كرسفًا أو قطنًا ثم استقبل به عين الشمس وأدنيت من عينه مرآة فالتمع بصره وعينه قائمة وقيل إنه أمر بمرآة فأحميت ثم أدنيت من عينه حتى سالت نقطة عينه وبقيت قائمة مفتوحة اهـ.

(كأن شلت يده بضربة) قرره ز على أنه تشبيه بالمسألة الأولى في قوله وإن ذهب كبصر الخ. ويصح جعله تشبيهًا بما قبله أعني قوله وإلا فالعقل في تعيين العقل ويقيد على هذا بما لا قصاص فيه وعلى الأول بما فيه قصاص (وإن قطع أقطع الكف من المرفق الخ) أبو عمران الفرق بين هذه واليد الشلاء أنها كالميتة بخلاف هذه ففي الساعد منفعة اهـ.

ص: 31

ذكر المصنف وليس له قطعه مع أخذ باقي دية قائلًا إنما في الساعد حكومة ثم ما هنا لا يخالف ما يأتي من أنه لو قطعه شخص من المرفق لا يجوز له أن يرضى بقطع يد الجاني من الكوع لأنه فيمن وجد من الجاني مماثل ما جنى عليه فالحق لله لا له لقوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} أي يفعل بالجاني مثل ما جنى أي مع الإمكان وأما مع عدمه كما هنا فهو حق للمجني عليه لا لله واحترز بقوله من المرفق عن جناية إلا قطع عليه من الكوع فالعقل فقط لعدم اتحاد محل القصاص (كمقطوع الحشفة) يقطع ذكرًا كاملًا فيخير لأجل عدم المماثلة صاحبه بين القصاص فيقطع قصبة الذكر أو يأخذ دية ذكره (وتقطع اليد) أو الرجل من الجاني (الناقصة أصبعًا) أو وبعض آخر بجناية أو غيرها (بالكاملة) إذ هو نقص لا يمنع المماثلة ولا خيار لصاحب الكاملة (بلا غرم) على الجاني لأرش الأصبع (وخير) المجني عليه (إن نقصت) يد الجاني أو رجله (أكثر) من أصبع (فيه) أي في القصاص (وفي) أخذ (الدية) أي دية المجني عليها لا دية يد الجاني وليس له أن يقتص ويأخذ أرش يد الناقص وقوله كابن الحاجب وصاحب البيان أكثر يدخل فيه أربع أصابع والمنصوص هنا أصبعان أو ثلاثة قاله تت كالشارح عن التوضيح قلت ما زاد على الثلاثة أخرى في التخيير فلا يحتاج لنص وتقدم الآن التخيير في مقطوع الكف إذا قطع غيره من المرفق وناهيك بنص صاحب البيان إنما الدنيا أبو دلف قاله الشيخ أحمد بابا وهو رمز لقول شاعر بني المهلب:

إنما الدنيا أبو دلف

بين باديه ومحتض

فإذا ولى أبو دلف

ولت الدنيا على أثره

على أنه وقع لفظ أكثر في نص مالك وابن القاسم وقال ابن رشد هو مذهب المدونة كما في ق وانظر الأصبع الزائدة القوية أو الأصبعين أو أكثر كذلك هل تعطي حكم الأصلية في أن نقص الواحد منها غير مؤثر ونقص الأكثر يوجب التخيير في هذه وعدم القصاص في يد المجني عليه أو أنه يلحق النادر بالغالب وهو ظاهر إطلاقهم أو إنما يعتبر نقص الأصبع أو الأكثر من الأصول (وإن نقصت يد المجني عليه) أو رجله أصبعًا أو وبعض آخر بأمر من الله أو بجناية غيره (فالقود) على الجاني الكامل الأصابع (ولو) كان نقص أصبع المجني عليه (إبهامًا) ولا غرامة عليه لصاحب الكاملة وهو الجاني والأولى تقديم هذا على جواب الشرط (لا) إن نقصت (أكثر) من أصبع بأن نقصت أصبعين كاملين

ــ

(كمقطوع الحشفة) ابن مرزوق لم أقف على هذا لغير ابن الحاجب ولا يتخلص من جهة النقل كما اعترضه شيخنا ابن عرفة وأما كلام ابن شاس فسالم من الأشكال عند التأمل اهـ.

ونص ابن عرفة شبه ابن الحاجب أقطع الحشفة بأقطع الكف وشبه عين الأعمى ولسان الأبكم باليد الشلاء وهو تشبيه واضح جار على تفريق أبي عمران المتقدم وظاهر قول مالك في المجموعة هو الذي في الجواهر ونصها الذكر المقطوع الحشفة والعين العمياء ولسان الأبكم كاليد الشلاء اهـ.

ص: 32

أو أكثر فلا يقاد لها من كاملة بل إن كان الباقي أكثر من أصبع فله ديته ولا شيء في الكف لاندراجه في الأصابع وإن كان أصبعًا فديته وفي الكف حكومة قاله ق عن ابن رشد ونقله د فإن لم يبق في يده إلا الكف فحكومة إن شاء وإن شاء قطع قاله عج وفي قوله إن شاء وإن شاء قطع نظر لأن الفرض أن المجني عليه لم يبق عند الجناية عليه إلا كف فكيف يتوصل لقطع كف الجاني مع وجود أصابعه وإن فرض أن الجاني أيضًا ليس له إلا كف فقط خرج الكلام عن موضوع المسألة فلعل أصل العبارة فإن لم يبق في يده إلا الكف فحكومة فقط فتأمله ثم محل قوله لا أكثر ما لم يكن النقص بسبب جناية الجاني الآن عمدًا قبل ذلك خطأ وأخذ منه لها عقلًا فيقاد لها من الكاملة لاتهامه على أنه إنما جنى الآن عليها عمدًا لما غرمه قبل من الخطأ وسيأتي ما يفيد ذلك عند قوله كالأصابع في اليد وفرق بين الجناية والمجني عليها في نقص الأكثر أن يد الجاني إذا نقصت أكثر واختار المجني عليه القود فقد رضي بترك بعض حقه مع عدم مكان استيفائه وأما إذا نقصت يد المجني عليه أكثر من أصبع فلو اقتص يد الجاني الكاملة لأخذ زائدًا على حقه فيخالف قوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} ولا يرد على هذا التعليل ما مر من أن الظالم أحق بالحمل عليه لأنه في ذهاب معنى أكثر مما ذهب من المجني عليه من المعنى (ولا يجوز) القصاص من الجاني مبتدأ (بكوع) والباء بمعنى من (لذي مرفق) أي المجني عليه من مرفق (وإن رضيا) أي لا يقتص لمن قطعت يده من المرفق بأخف منه بأن تقطع يد الجاني من الكوع ويترك الباقي لأن المماثلة حق لله مع الإمكان وجعلنا فاعل لا يجوز القصاص لتقدمه وظاهر الشارح وتت إن فاعل يجوز الرضا وفيه نظر لأن الفاعل لا يحذف إلا في مواضع ليس هذا منها وأيضًا فيه ركاكة مع قوله: وإن رضيا والواو للحال وإذا وقع ذلك فيجزي ولا يعاد القصاص كما ذكرناه في مسألة الطبيب مباشر القصاص إذا نقص كما هو ظاهر لأنه بمنزلة العفو (وتؤخذ العين السليمة) إبصار الجانية (بالضعيفة) المجني عليها فأذهب نورها (خلقة) أي عارضها قديم لا أن في أصل الخلقة أبصارًا ضعيفًا وقويًّا قاله تت عن البساطي وقد يتوقف فيه بالأعشى ونحوه وخلقة منصوب بنزع الخافض أي الضعيفة من أصل خلقتها (أو) ضعيفة (من كبر ولجدري) طرأ عليها (أو لكرمية

ــ

(وإن نقصت يد المجني عليه) قول ز ثم محل قوله لا أكثر الخ هذا القيد غير ظاهر وانظر من ذكره (ولا يجوز بكوع لذي مرفق) ابن عرفة قاله الأخوان وأصبغ وقبله الشيخ وغيره وفيه نظر للإجماع على وجوب ارتكاب أخف الضررين ولدليل ما في سماع عبد الملك فيمن ذهب بعض كفه بريشة خرجت في كفه فخاف منها على ما بقي من يده فقيل له اقطع يدك من المفصل أنه إن كان لا يخاف عليه الموت من قطعه فلا بأس اهـ.

غ وفي هذا النظر نظر (بالضعيفة خلقة) أي من أصل الخلقة وكلام تت عن البساطي غير صحيح، (ولجدري أو لكرمية) ما ذكره من القود في هذين هو مذهب المدونة ولو أخذ

ص: 33

فالقود) راجع لجدري وما بعده بدليل ذكر جدري بالواو ويحتمل أن تكون استئنافية لا عاطفة وصرح به مع استفادته من قوله وتؤخذ لأن الشرط الآتي خاص بها وسواء أخذ بسبب الرمية عقلًا أم لا هذا (إن تعمده) أي الرمي الآن بعد كونها ضعيفة بسبب رمية سابقة أو لجدري (وإلا) يتعمده بل كان خطأ (فبحسابه) أي يؤخذ منه بحساب ما بقي بعد الرمي الأول من نورها فإن كان بقي نصف نور العين بسبب الرمي الأول فعلى المخطىء الآن نصف الدية وعلى هذا القياس ويقيد قوله وإلا فبحسابه في تعلقه بكرمية وما أدخلته الكاف من جناية أجنبي قبل ذلك عليها بما إذا كان أخذ لها عقلًا وإلا فدية كاملة كما يأتي في قوله وكذا المجني عليها إن لم يأخذ لها عقلًا وأما قوله إن تعمده فشامل لما إذا كان أخذ لها عقلًا قبل ذلك ولما إذا لم يأخذ كما قدمته (وإن فقأ سالم) عيناه معًا أو سالم المماثلة للمجني عليها (عين أعور) وهو الذي ذهب بصر إحدى عينيه بجناية أو غيرها (فله القود) بأخذ نظيرتها من السالم (أو) أخذ (الدية كاملة) ألف دينار على أهل الذهب (من ماله) لأن عينه بمنزلة عينين (وإن فقأ أعور من سالم مماثلته فله القصاص أو دية ما ترك) وهو عين الأعور ألف دينار فالخيار للمجني عليه لعدم المساواة لا للجاني ويحكم بذلك مع تنازعهما أي قول الجاني إنما عفا لأخذ دية العين المجني عليها وقول المجني عليه إنما عفوت لأخذ دية ما تركت للجاني وأما ما يأتي من قوله وجاز صلحه في عمد بأقل أو أكثر ففيما فيه الخيار للجاني لا ما لا خيار له فيه كما هنا أو معناه مع التراضي وكذا لا يعارض فالقود عينًا (و) إن فقأ الأعور من السالم (غيرها) أي غير مماثلة عينه عمدًا (فنصف دية فقط في ماله) وليس له القصاص لانعدام محله (وإن فقأ) الأعور (عيني السالم) عمدًا (فالقود) في المماثلة لعينه (ونصف الدية) في العين التي ليس له مثلها وسواء فقأ التي ليس له مثلها أولًا أم لا على المشهور وهناك تفصيل ولم يخير في المماثلة هنا

ــ

لها عقلًا وقيل لا قصاص فيهما وقيده ابن الماجشون بما إذا كان النقص فاحشًا قاله ابن الحاجب انظر ضيح وابن عرفة (فالقود إن تعمده وإلا فبحسابه) لا حاجة لقوله فالقود مع قوله وتؤخذ العين الخ. ولا لقوله إن تعمده لأن الكلام في العمد ولا لقوله د إلا فبحسابه مع قوله فيما يأتي وكذا المجني عليها إن لم يأخذ عقلًا الخ. مع إخلال ما هنا بالشرط الآتي، (وإن فقأ سالم عين أعور الخ) قول ز سالم عيناه معًا أو سالم المماثلة للمجني عليها الخ. نحوه في تت واقتصر الشيخ أحمد بابا على الأول ورد الثاني لكن ما ذكره ز وتت نحوه عند ابن عرفة عن ابن القاسم وأشهب ونصه قال محمَّد قال ابن القاسم وأشهب كان الفاقىء صحيح العينين أو صحيح التي مثلها للأعور اهـ.

ولذا قال مس الفقه صحيح لكن انظر ما وجه التخيير في الثانية اهـ.

وفي ضيح واستشكل تخيير مالك هنا بين القصاص والدية مع أن مشهور مذهبه تحتم القصاص في العمد وأجيب بأن الموجب للتخيير هو عدم المساواة لأن عين المجني عليه ديتها ألف دينار بخلاف عين الجاني فكان كمن كفه مقطوعة وقطع يد رجل من المرفق اهـ.

وهذا الجواب يقوّي أشكال التخيير في الثانية لوجود المساواة فيها (فالقود ونصف الدية)

ص: 34

كما خير فيما إذا فقأها وحدها لئلا يلزم أخذه في العينين دية ونصف دية وهو خلاف ما قرره الشارع صلى الله عليه وسلم (وإن قلعت سن) أي قلعها شخص عمدًا لكبير أي مثغر بدليل ذكره الصغير فيما سيأتي وأعيدت مكانها (فثبتت) قبل أخذ عقلها أو اضطربت جدًّا كما يأتي أو لم تعدو نبتت مكانها أخرى (فالقود) في العمد لأن المعتبر في القصاص يوم الجرح وأيضًا هي ولو ثبتت لا تعود على أصول عروقها ولأن القصد تألم الجاني بمثل ما فعله (وفي) جناية (الخطأ) أي قلعها شخص خطأ إن أعيدت فثبتت قبل أخذ عقلها لم يسقط بثبوتها وحكمها أنه يؤخذ عقلها وهو خمسة من الإبل (كالخطأ) أي كدية الخطأ في غيرها مما له عقل مسمى كموضحة ومنقلة يؤخذ عقلها ثم تعود كما كانت فلا يسقط العقل اتفاقًا حكاه اللخمي وإن أخذت الدية فردت وثبتت لم يرد الآخذ شيئًا (والاستيفاء) في النفس (للعاصب) الذكر نسبًا إن وجد وإلا فعاصب الولاء إن وجد وإلا فالإمام وليس له العفو قاله ابن الحاج وقال ابن رشد لا ينبغي له إلا أن يكون كل من القاتل والمقتول كافرًا ثم يسلم القاتل كما مر وخرج بقوله للعاصب الجد للأم والأخ لها وزوج الأم أو الأخت لها وكذا الزوج لزوجته إلا أن يكون ابن عم وترتيبهم هنا (كالولاء) في ميراثه فيختص بالذكرر الأقرب فالأقرب وكالصلاة على الجنازة والنكاح ولا يخرج عنه شيء من ذلك (إلا الجد والإخوة فسيان) في القتل والعفو وقال كالولاء ولم يقل كالإرث ويستغنى عن الاستثناء لأن الجد المساوي للإخوة هنا هو الجد د نية وفي باب الميراث الجد وإن علا وأشعر قوله والإخوة أنه لا كلام عند فقدهم لبنيهم مع الجد بل هو أولى كما في الموازية ونقله د قائلًا لما دخل في قوله كالولاء إن الإخوة وبنيهم مقدّمون على الجد استثنى فقال إلا الخ وإنما كان لا كلام لهم مع الجد لأنه بمنزلة آبائهم وهم لا كلام لهم مع آبائهم (ويحلف) الجد من أيمان القسامة حيث كان يرث (الثلث) بأن كان معه أخوان فإن كان مع أخ حلف النصف كالأخ هذا في العمد والخطأ في هاتين الصورتين فإن زادت الإخوة على مثليه حلف (وهل) في الخطأ والعمد أو (إلا في العمد فكأخ) أي يقدر أخًا زائدًا على عدد الإخوة فإن كانت الإخوة ثلاثًا حلف ربع الأيمان وأربعة خمسها وهو عشرة أيمان وهكذا

ــ

قول ز وهناك تفصيل الخ. أي مقابل للمشهور وهو قول أشهب قال ابن الحاجب ولو فقأ الأعور عيني الصحيح فالقصاص ونصف الدية وقال أشهب ذاك إن فقأهما في فور واحد أو بدأ بالمعدومة فإما لو بدأ بالتي مثلها له ثم ثنى بالأخرى فألف مع القصاص اهـ.

ضيح لأنه لما فقأ التي له مثلها وجب القصاص ثم صار أعور فلزم أن يجب في عينه ألف دينار اهـ.

(كالولاء) أحاله على مراتب الولاء ولم يذكرها هناك بل أحاله على صلاة الجنائز ولم يبينها هناك بل قال ثم أقرب العصبة فالأولى أن لو أحال على النكاح لقوله فيه وقدم ابن فابنه فأب فأخ فابنه فجد نعم فابنه الخ. (وهل إلا في العمد فكأخ تأويلان) ق انظر هذين التأويلين هل هما على غير المدونة اهـ.

ص: 35

يقدّر أخًا زائدًا (تأويلان) فمحلهما في العمد ومعه أكثر من مثليه ثم ما تقدّم من حلفه الثلث إذا كان معه أخوان في العمد والخطأ ظاهر لأن فرضه الثلث في ذلك فإن كان فرضه أكثر منه كما إذا كان معه ذو فرض كجدّة لأم وأخ واحد فإن ميراثه الثلث ونصف سدس فيحلف قدر إرثه وهو الثلث ونصف سدس كما ارتضاه غير واحد من مشايخ عج هذا في الخطأ لأن الجدّة تحلف فيه حصتها كما يأتي للمصنف وأما في العمد فيحلف نصف الإيمان والأخ مثله لأنه إن حلف كل قدر إرثه لم تتم أيمان القسامة وإن حلف الجد قدر إرثه وحلف الأخ باقيها لزم حلف أحد الوليين المتساويين أكثر من نصف أيمانها وهو باطل (وانتظر غائب) له استحقاق في الاستيفاء ومساو للحاضر في الدرجة ليعفو أو يقتل إذا (لم تبعد غيبته) جدًّا بل كانت قريبة بحيث تصل إليه الأخبار وهذا إن أراد الحاضر القتل فإن أراد العفو لم ينتظر وله نصيبه من دية عمد إذا حضر كما سيذكره في قوله وسقط إن عفا رجل كالباقي ومهما أسقط البعض فلمن بقي نصيبه من دية عمد وكذا يقال في كل من ينتظر ممن يأتي كما أنه لا ينتظر بعيد الغيبة جدًّا كأسير بأرض حرب وشبهه وكمفقود عجز عن خبره فإن رجي قدومه في مدّة كمدّة يظن فيها زوال الإغماء والبرسام فينبغي انتظاره (و) انتظر (مغمى) عليه لقرب إفاقته (ومبرسم) اسم مفعول لقصر مدة البرسام غالبًا بموت أو صحة وهو ورم في الرأس يعتل معه الدماغ (لا) ينتظر مجنون (مطبق) لا تعلم إفاقته بخلاف من يفيق أحيانًا فينتظر إفاقته (و) لا (صغير) واحد أو متعدد (لم يتوقف الثبوت عليه) بأن يكون في العصبة أبعد منه أو مساو له ويستعين بعاصبه أو في العصبة اثنان أبعد منه كابنين صغيرين للمقتول وله أولهما عمان فيحلفان ويثبت الدم فإن اقتصا فظاهر وإن عفوًا أو واحد سقط القتل وللصغيرين دية عمد هذا هو المرتضى والموافق للمدونة خلافًا لقول ابن رشد ينتظر الصغيران ومحل ذلك الخلاف ومحل المصنف فيما يحتاج لقسامة وأما من ثبت قتله ببينة فيقتل ولا يجري فيه انتظار من غير خلاف فإن توقف

ــ

ولم يقف على ما في المدونة ونصها وإن كانوا عشرة إخوة وجدًّا حلف الجد ثلث الأيمان والإخوة ثلثيها فحملها ابن رشد على ظاهرها من العموم في الخطأ والعمد فقال في المقدمات قال ابن القاسم يحلف الجد ثلث الأيمان في العمد والخطأ فأما الخطأ فصواب وأما العمد فالقياس على مذهبه إن تقسم الأيمان بينهم على عددهم وحملها بعض شيوخ عبد الحق على الخطأ وأما العمد فكما ذكر ابن رشد أنه القياس اهـ.

نقله بعض الشراح ومثله في أبي الحسن فتبين منه أنهما تأويلان على المدونة ولا مفهوم لعشرة بل المراد به ما فوق الاثنين (وانتظر غائب لم تبعد غيبته) هذا قول ابن القاسم في المجموعة وكأن المصنف فهم أنه تقييد للمدونة وظاهر المدونة عند ابن رشد وأبي عمران أن الغائب ينتظر وإن بعدت غيبته وقال سحنون إلا أن يبعد جدًّا أو يؤيس منه كالأسير ونحوه وقيد به ابن يونس المدونة وجرى عليه ابن الحاجب واختار ابن عرفة أنه مقابل انظر ح وبه تعلم ما في قول ز إذا لم تبعد غيبته جدًّا الخ. ثم إذا انتظر فإن الجاني يحبس ولا يطلق بكفيل لأنه لا يصح الكفيل في قود ثم ظاهر ابن عرفة والبرزلي أن الجاني يقيد بالحديد قال

ص: 36

الثبوت عليه بأن لا يكون معه غير كبير ولا عاصب له حلف الكبير حصته الآن خمسة وعشرين يمينًا مع حضور الصغير وانتظر بلوغ الصغير ليحلف باقيها ويستحق الدم فإن شاء اقتص أو عفا وعطف على للعاصب قوله: (و) الاستيفاء (للنساء) بشرطين أحدهما قوله: (إن ورثن) المقتول أي كن من جملة ورثته فتخرج العمة والخالة وبنت العم واستشكل بالأخت للأم فإنها ترث وليس لها استيفاء وأجاب البساطي بأن الكلام في امرأة لو كانت ذكرًا كانت عاصبًا لا امرأة ترث مطلقًا كالأخت للأم فإنها بتقدير ذكورتها لا يختلف الحكم وإلا لوردت الزوجة والجدة للأم وتدخل أم المقتول لأنها لو كان في درجتها رجل وهو الأب ورث بالتعصيب إذ لها الثلث وله الباقي لكن لا حق لها معه لأنه قد ساواها العاصب وقد صرح بذلك في الجواهر والشرط الثاني في كلامه مشعر بذلك وهو قوله: (ولم يساوهن عاصب) في درجتهن بأن لا يوجد أصلًا أو يوجد أنزل منهن كعم مع بنات ليس معهن ابن أو عم مع أخوات ليس معهن أخ أو في القوّة للأخوات الشقائق كلام مع الإخوة للأب فإن ساواهن عاصب كبنات مع ابن وأخوات مع أخ فلا دخول لهن في عفو ولا قود بخلاف أخت شقيقة فتدخل مع أخ لأب كما علم وبقي عليه شرط ثالث وهو أن يثبت لقتل ببينة أو إقرار وأما بقسامة فسيأتي وإنما يعتبر عدم مساواة العاصب لهن حيث لم يرثن الولاء ممن له الولاء كما يأتي عند قوله والوارث كمورثه (و) إذا كان لهن استيفاء مع العاصب غير المساوي كان (لكل) من النساء والعاصب غير المساوي (القتل) ولا عبرة بعفو غيره إن عفا وسواء ثبت القتل ببينة أو قسامة كما في

ــ

ح وهو ظاهر إن أصاب من بيت المال أو غيره ما يأكل وإلا فهل يطلق من السجن وهو الظاهر إذ يبعد أن يخلد فيه حتى يموت جوعًا فتأمله ومحل الخلاف المتقدم إذا غاب بعضهم دون بعض فلو غابوا كلهم فالظاهر انتظارهم مطلقًا ولو بعدت غيبتهم وفي مختصر الوقار ما يشهد له لكن مع وجود النفقة للجاني وقد بعثت عن هذه المسألة فلم أرها في المدونة ولا غيرها اهـ. بخ.

(ولم يساوهن عاصب) قول ز أو في القوة الخ لو أسقطه لكان أحسن لأن الإخوة للأب أنزل من الأخوات الشقائق فليسوا معهن في درجة واحدة وقول ز وبقي عليه شرط ثالث الخ. هذا ليس بشرط فلم يبقى على المصنف لأن الكلام هنا في ثبوت الحق لهن سواء كان على وجه الاستقلال أولًا وما يأتي إنما هو في بيان استقلالهن والحاصل أن النساء إذا لم يساوهن عاصب إما أن يحزن الميراث كله أولًا فإن لم يحزنه كالبنات والإخوة فلا عفو إلا باجتماعهم ثبت القتل بقسامة أو بغيرها وهذا مراده بقوله ولكل القتل الخ. بدليل التشبيه بعده وأما إن حزن الميراث كالبنات والأخوات والأعمام فإن ثبت القتل بقسامة فلا عفو إلا باجتماعهم أيضًا وإن ثبت بغيرها فلا حق للعصبة معهن قال في ضيح وهو متفق عليه وهو مراده بقوله كأن حزن الميراث الخ. (ولكل القتل) هذا إن كان رجال ونساء ويأتي في الرجال فقط وسقط إن عفا رجل الخ. ويأتي في النساء فقط نظر الحاكم وقد نظم ذلك مع ما تقدم سيدي عبد الواحد الوانشريسي بقوله:

إذا انفرد الرجال وهم سواء

فمن يعفو يبلغ ما يشاء

ص: 37

المدونة (ولا عفو إلا باجتماعهم) حقيقة أو حكمًا كواحد من هذا الجنس وواحد من الجنس الآخر كما يدل على ذلك قوله الآتي: وفي رجال ونساء لم يسقط إلا بهما أو ببعضهما ولذا عبر باجتماع دون جميع لكن بقيد ذلك بقول الجواهر إن اجتمعت الأم والأخوات والعصبة فاتفق العصبة والأم على العفو مضى على الأخوات وإن عفا العصبة والأخوات لم يمض على الأم ولو كان مكان الأخوات بنات لمضى عفو البنات والعصبات على الأم اهـ.

واحترز المصنف بذلك عما إذا كان جميع مستحقه رجالًا فعفا بعضهم فيسقط القصاص أو جميع مستحقه نساء فعفا بعضهم فينظر الحاكم فليس قوله ولا عفو الخ مكررًا مع قوله ولكل الخ أشار له البساطي نعم يتكرر معه قوله الآتي: وفي رجال الخ. وشبه في الحكمين (كان حزن الميراث) أي استغرقته كبنت وأخت شقيقة أو لأب وأعمام مثلًا (وثبت) قتل مورثهن (بقسامة) من الأعمام فلكل القتل ومن قام به فهو أولى من غيره ولا عفو إلا باجتماع الرجال والنساء عليه قال د ظاهره أي المصنف شمول الأخت مع البنت وليس كذلك فيقيد بما سيأتي من قوله والبنت أولى من الأخت في عفو وضده ومفهوم قوله بقسامة أنه لو ثبت ببينة أو إقرار لم يكن للأعمام دخل في عفو ولا قتل ولما ذكر ولي المقتول ذكر وارث الولي فقال: (والوارث) لمن له ولاية الاستيفاء (كمورثه) أي ينتقل له من الكلام في الاستيفاء وعدمه ما كان لمورثه وإن كان في الوارث ذكر وأنثى كان الكلام لهما وإن استوت درجتهما كموت ابن المقتول عن ابن وبنت فلها الكلام مع أخيها فلا يراعى في وارث وفي المقتول الأنثى عدم مساواة عاصب لها كما روعي ذلك في أولياء المقتول وإذا كان الكلام لبنت المقتول وعمها مثلًا وماتت عن بنت كان لها الكلام مع العم ولا يدخل الزوج والزوجة في كلامه كما لا تدخل في قوله وللنساء وكما لا يدخل هو في قوله والوارث ولا في قوله والاستيفاء للعاصب (وللصغير) مع كبار من ورثة مستحقين للاستيفاء (إن عفوا) كلهم أو بعضهم عن القتل مجانًا (نصيبه من الدية) أي

ــ

ودع قول البعيد بكل وجه

كان ساوت بقعددهم نساء

فإن يكن النساء أدنى فتمم

بوفق جميعهم عفوًا تشاء

وإن إرثًا يحزن فدع رجالًا

إذا ثبتت بلا قسم دماء

(وذيلهن الشيخ ميارة بقوله):

كذاك إذا انفردن وحزن مالًا

فحكم للقريبة ما تشاء

وإن إرث يشط لبيت مال

فحاكمنا يجنب ما يشاء

(ولا عفو إلا باجتماعهم) هذا يغني عنه ما قبله (كأن حزن الميراث) قول ز عن أحمد ظاهره شمول الأخت مع البنت وليس كذلك الخ. فيه نظر بل هو كذلك لأن الكلام هنا في عدم استقلاله بالعفو وأنه يتوقف على الأعمام وذلك حاصل في المثال المذكور ويمثل أيضًا للمصنف بأختين شقيقتين وأختين لأم مع الأعمام فلا يقصر المصنف على الفرض المذكور

ص: 38

دية عمد ولا يسر عفوهم عليه في إسقاط حقه منها وإن سقط القتل كما سيقول وسقط إن عفا رجل كالباقي وفي بعض النسخ هنا عفى وهو مبني للمجهول إذ المعتبر عفو الكبير دون الصغير وهذا كقوله فيما سيأتي ومهما أسقط البعض فلمن بقي نصيبه من دية عمد (و) إذا استحق صغير قصاصًا بمفرده ليس معه كبير كان (لوليه) أب أو وصي أو غيرهما (النظر في القتل) للقاتل (أو) أخذ (الدية كاملة) ولا يجوز للولي الصلح على أقل منها مع الجاني ورجع على القاتل أن صولح بأقل ولا يرجع القاتل على الولي بشيء ذكره د ثم محل تخيير الولي حيث استوت المصلحة فيهما فإن تعينت في أحدهما تعين وجعل اللام للاختصاص أولى من جعلها للتخيير قيل ومحله حيث رضي القاتل فإن أبى من دفع الدية وقال ليس لكم إلا القصاص أو العفو مجانًا سقط التخيير وحينئذ فلا يخالف هذا قوله فالقود عينًا وقال د قوله ولوليه النظر في القتل وأخذ الدية كاملة أي جبرًا على الجاني هكذا فهم ابن رشد ولذا قال إن ابن القاسم خالف أصله اهـ.

وهذا هو الأظهر ويجاب عن ابن القاسم بأن المحل محل ضرورة لأجل الصغير فإن كان مع الصغير كبير استقل عن وصي الصغير بالقتل على المعتمد وقيل يتوقف على نظر الوصي معه (كقطع يده) مثلًا عمدًا أي يد الصغير فلوليه النظر في القطع أو أخذ ديتها كاملة ولو أبى القاطع (إلا لعسر) من الجاني أو الصغير (فيجوز) صلحه (بأقل) من الدية في المسألتين (بخلاف قتله) أي الصغير من إضافة المصدر لمفعوله (فلعاصبه) لا للوصي لانقطاع نظره بالموت وقال لعاصبه دون وارثه لأن الحكم هنا كالحكم المتقدم في ولاية الاستيفاء على التفصيل المتقدم السابق وإن حكم النساء هنا كحكمهن فيما مر يعني إذا ساواهن عاصب فلا كلام لهن في عفو وضده (و) القول (الأحب) أي الأولى للوصي (أخذ المال) أي القيمة أو ما نقصه (في) قتل أو جرح (عبده) عمدًا أي عبد المولى عليه لصغر وكذا لسفه إن استوت المصلحة في القصاص وعدمه ولا يقتص من مماثلة إذ لا نفع للمحجور في القود فإن تعين أحدهما تعين فعله (ويقتص) أي يباشر القصاص (من يعرف) ذلك ويكون عدلًا وهو متعذر الآن وشمل كلامه الجرح والقتل ومحله في الثاني ما لم يسلم لولي المجني عليه فله قتله وإن لم يعرف لأن الاختلاف في القتل يسير كذا بحثه د وهو ظاهر البساطي ونقل ق نحوه عن ظاهر المدونة (بأجره المستحق) أي يدفع أجره من

ــ

كما توهم (إلا لعسر) قول ز أو الصغير الخ. مخالف لما ذكره قبله من أن لوليه النظر في القطع وأخذ ديتها كاملة ولو أبى القطع اهـ.

فتأمله وهو الموافق لما فهمه ابن رشد من كلام ابن القاسم من أن التخيير في ذلك للولي فقط دون القاتل فيكون ذلك مستثنى من قوله فالقود عينًا الخ. (ويقتص من يعرف) ح قال مالك وأحب إلى أن يولي الإمام على الجراح رجلين عدلين ينظران ذلك ويقيسانه قال وإن لم يجد إلا واحدًا فأرى ذلك مجزيًا إن كان عدلًا اهـ.

ص: 39

ماله على المشهور وحكى ابن شعبان أنه على الجاني لأنه ظالم والظالم أحق بالحمل عليه ومنشأ الخلاف هل الواجب على الجاني التمكين من نفسه والقطع ونحوه أمر زائد أو التسليم بمعنى القطع ليغاير ما قبله (وللحاكم رد القتل فقط للولي) فيسلم له القاتل ليستوفي منه (و) إذا سلمه له (ونهى عن العبث) في فعله فلا يشدد عليه ولا يمثل به وظاهر المدونة في غير موضع يدل على طلب ذلك من الحاكم أي يجب عليه رده له أي أن ينهي عن العبث بالجاني فلا يمثل به وظاهر المصنف التخيير فإن جعلت اللام للاختصاص وافق ظاهر المدونة واحترز بفقط عما دون النفس فليس له تمكينه من ذلك وفرق بأن الأصل عدم التمكين في القتل وغيره فورد النص في أنه صلى الله عليه وسلم أسلم القاتل للمستحق فبقي ما عداه على أصله وظاهر قوله ونهى عن العبث ولو كان قد عبث بالمجني عليه إلا أن يقصد مثلة كما يأتي في قوله واندرج طرف أن تعمده وإن لغيره إن لم يقصد مثلة (وأخر) وجوبًا القصاص من الجاني فيما دون النفس (لبرد أو حر) مفرطين أي لزوالهما خوف موته فتؤخذ النفس فيما دونها وهذا في غير المحارب وأما هو إذا اختير قطعه من خلاف فلا يؤخر لما ذكر بل يقطع من خلاف ولو أدى لموته لحر أو برد إذ القتل أحد حدوده كما لا يؤخر الجاني على النفس فيما ذكر المصنف ولا في قوله: (كلبرء) أي كما يؤخر القصاص فيما دون النفس من الجاني لبرء المجني عليه لاحتمال أن يأتي جرحه على النفس وكذا البرء الجاني على ما دون النفس وسواء حصل برء المجني عليه قبل السنة أو بعدها ويؤخر في ذهاب العقل سنة لتمر عليه الفصول الأربع وكذا غيره بقول أهل المعرفة (كديته) أي الجرح (خطأ) تؤخر للبرء لأنه قد يسري للنفس وتؤخر ديته إلى ما تحمله العاقلة (ولو) كان عمدًا لا قصاص فيه ككسر عظام الصدر فإن برىء على شين فحكومة ولو كان فيه شيء مقدر (كجائفة) ومأمومة ودامغة ونحوها مما فيه ثلث الدية أو أكثر وجعل د لو هنا شاملة للعمد الذي لا قصاص فيه ضرورة إن ما قبل المبالغة

ــ

(وأخر لبرد أو حر) ظاهر المصنف أن الحد لا يسقط لضعف جسد يخاف عليه الموت وهو الذي لابن رشد وقال اللخمي يسقط عنه الحد ويعاقب ويسجن قال وإن كان القطع عن قصاص رجع للدية وفي كونها على العاقلة أو على الجاني خلاف اهـ.

انظر ق كديته خطأ ولو (كجائفة) هذا مذهب المدونة ورد بلو قول أشهب ما بلغ ثلث الدية من الخطأ لم يكن يد من عقله كالجائفة والمأمومة فقد وجبت ساعة جرح على العاقلة لا محيص لهم عنها عادت نفساء أو برئت اهـ.

انظر ق وضيح وبه تعلم أن إدخال ز العمد بعد لو غير صحيح لأن العاقلة لا تحمل العمد فليس هو من محل الخلاف وأيضًا ما قبل المبالغة لا يشمل العمد مع أن ما قبل المبالغة لا بد أن يكون أعم مما بعدها وقال ابن عرفة وكل جرح تحمله العاقلة كالمأمومة والجائفة والموضحة يبلغ الثلث ففي تأخير عقلها التمام السنة وتعجيله نقل الشيخ عن محمَّد قول ابن القاسم وأشهب اهـ.

ص: 40

أولى بالحكم مما بعدها لا ينافيه جعله الموضوع قوله كدية خطأ لأن المصنف قصد بهذا ما هو أعم من فرض المسألة كما وقع له ذلك كثيرًا أو أن قوله كدية خطأ مشبه بالمشبه وهو قوله كلبرء أي كما تؤخر دية الخطأ لكبرء سواء كان في حر أو برد أم لا لا بالمشبه به وهو أخر لحر أو برد لقصوره على ذلك (و) تؤخر (الحامل) الجانية على طرف أو نفس عمدًا للوضع ولمرضع بعده كما يأتي لئلا يؤخذ نفسان في نفس (وإن) كان القصاص منها (بجرح مخيف) عليها أو على الولد فتؤخر فإن كان غير مخيف فلا (لا) تؤخر (بدعواها) الحمل بل بظهور مخايله كتغير ذاتها وطلبها لما تشتهيه الحامل وأولى ظهوره وحركته وأولى شهادة النساء به وإن لم تظهر حركته (وحبست) إذا أخرت لأجل حملها (كالحد) الواجب عليها قذفًا أو غيره إذا أخرت فيه لحملها فتحبس ولا يقبل منها كفيل وكذا لغيبة ولي الدم الذي ينتظر كما في ح وكذا فيما يظهر من أخر لبرد أو حر ومرض جان أو مجني عليه (و) تؤخر جوازًا (المرضع لوجود مرضع) ترضع ولدها حيث كان يقبل غيرها د إلا وجب التأخير مدة الرضاع أو لقبول غيرها (و) تؤخر (الموالاة في) قطع (الأطراف) إذا خيف جمعها وعبارته تقتضي أن المعنى تؤخر موالاتها إلى أن يقدر عليه فتجمع وإنما المراد يفرق القصاص في الأطراف إن خيف الهلاك بجمعه (كحدين) وجبا (لله) كشرب وزنا بكر (لم يقدر عليهما) من وجبا عليه بأن خيف عليه الموت من موالاتهما في وقت واحد (و) إذا لم يوال بينهما (بدىء بأشد) كزنا رجل بكر إذ هو مائة (لم يخف عليه) من الموت فإن خيف بدىء بالأخف كالثمانين للشرب فإن خيف منه أيضًا بدىء بالأشد مفرقًا إن أمكن تفريقه د إلا بدىء بالأخف مفرقًا إن أمكن أيضًا وإلا انتظر إلى أن يقدر أو يموت ومفهوم قوله لله أنهما لو كانا لآدميين كقطع يد رجل عمدًا وقذف آخر بدىء بأحدهما بالقرعة إن قدر على ما ظهر منها ولو مفرقًا فيما يمكن تفريقه فإن لم يمكن بدىء بالآخر مجملًا أو مفرقًا فيما يمكن تفريقه فإن لم يقدر عليهما انتظر قدرته فإن كان أحدهما لله والآخر لآدمي بدىء بما لله لأنه لا عفو فيه ويجمع عليه أو يفرق إن أمكن د إلا بدىء بما للآدمي مجملًا أو مفرقًا إن أمكن وإلا انتظرت قدرته أو موته (لا) يؤخر قصاص على جان على نفس أو عضو أو مال (بدخول الحرم) أي المسجد

ــ

(لا بدخول الحرم) قال عياض في الإكمال في شرح قوله صلى الله عليه وسلم خمس فواسق لا جناح على من قتلهن في الحرم ما نصه قاس مالك والشافعي رضي الله عنهما على قتلها في الحرم إقامة الحد فيه سواء حصل السبب فيه أو خارجه ولجأ إليه وقال الحنفية يقام فيه من الحدود ما دون النفس وكذا حد النفس إذا جنى عليها فيه وإن قتلها خارجه لم يقم فيه وضيق عليه بأن لا يكلم ولا يجالس ولا يبايع حتى يضطر فيخرج منه فيقام عليه الحد خارجه ونحوه عن ابن عطاء وابن عباس رضي الله عنهم إلا أنهما لم يفرقا بين نفس وغيرها محتجين بقول الله تعالى ومن دخله كان آمنًا والحجة عليهم إن من ضيق عليه هذا التضييق ليس بآمن والآية عندنا محمولة على ما كان قبل الإسلام وعطف على ما قبلها من الآيات وقيل من النار وقيل

ص: 41

الحرام وأولى المحدود وهو ما لا يتجاوز حلًا ولا يصاد منه ويخرج من المسجد الحرام ليقام عليه الحد الذي فعل موجبه في غيره خارجه ولو محرمًا بحج ولا ينتظر تمامه ونبه به على خلاف أبي حنيفة أن الجاني يضيق عليه حتى يخرج لأنه يخرج منه فإن جنى فيه اقتص منه فيه إجماعًا حكاه ابن الجوزي أي لأنه أحق أن تقام فيه الحدود واستدلالهم بقوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] خاص بالمسجد الحرام بل بالبيت أو مقام إبراهيم على ظاهر الآية. لكن نقل القرطبي أن ضمير دخله عائد على الحرم ويؤيده نقل البساطي عن النووي أنه صحح أن أجر المضاعفة في الصلاة تكون في الحرم جميعه وعليه فلمن صلى بغيره إعادته في الحرم خارج المسجد ويجاب للمشهور هنا عن قوله تعالى: {آمِنًا} بأن المراد في الآخرة أو في الدنيا إلا لمانع بدليل آية وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ولما كان القائم بالدم إما رجالًا فقط أو نساء فقط أو هما تكلم على الثلاثة على هذا الترتيب وأشار لا ولها بقوله: (وسقط) القصاص المفهوم من قوله ويقتص من يعرف (إن عفا رجل) من مستحقيه (كالباقي) في الدرجة واستحقاق الدم كإخوة أو أعمام فالمجرور نعت رجل أي مساو مع الباقي وأولى إن كان أعلى درجة كعفو ابن مع وجود أخ أو عم وشمل قوله كالباقي عفو الجد حيث كان يرث الثلث مع الأخوين

ــ

إنها منسوخة بقول الله تعالى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] وعن ابن عمر وعائشة رضي الله تعالى عنهم لا يقام عليه فيه ولا يضيق عليه وقيل إن الآية في البيت لا في الحرم وقد اتفق على أنه لا يقام في المسجد ولا في البيت ويخرج منهما فيقام عليه خارجه لأن المسجد ينزه عن مثل هذا اهـ.

وذكر الأبي في حديث من أحدث فيها حديثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله الحديث ما نصه والحديث يدل باعتبار المعنى على أنه لا يحل إيواء المحدث وهذا كما يتفق كثيرًا في هروب الظلمة والجناة إلى الزوايا وكان الشيخ ابن عرفة يقول لا يحل إيواؤهم إلا أن يعلم أنه يتجاوز فيه فوق ما يستحق اهـ.

وفي حاشية البخاري للعارف بالله تعالى سيدي عبد الرحمن الفاسي رحمه الله عقب كلام الأبي هذا ما نصه هذا وما يظهر من أمور خارجة عما ذكر من ظهور برهان لمن تعدى على زاوية أو روضة فذلك أمر خارج عن الفتوى وغيرة من الله على أوليائه لا تحد بقياس ولا تنضبط بميزان شرعي ولا قانون عادي فإن الموازين الشرعية كليات وعمومات وقد يكون مراد الحق سبحانه وتعالى في خصوص نازلة خلاف ما تقتضيه العمومات ولذلك الخواص يفتقرون إلى إذن خاص في كل نازلة نازلة واعتبر بتكرير قول الله عز وجل بإذني فيما أخبر به عن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى وغير ذلك اهـ.

(وسقط إن عفا رجل كالباقي) قول ز في الدرجة واستحقاق الدم الخ. نحوه لغ وفيه بعد لأنه معلوم أن لا كلام للأبعد مع الأقرب والظاهر كما قال ابن عاشر وأصله لابن مرزوق أن المراد كالباقي في كونه ذكرًا فيكون احترز عما إذا اجتمع ذكور وأناث وقول ز فإن ورث

ص: 42

فإن ورث أقل منه لم يعتبر عفوه ومفهومه لو كان العافي أنزل من الباقي بدرجة فلا يعتبر عفوه إذ لا كلام له وكذا إن لم يساوه في الاستحقاق كإخوة لأم مع إخوة لغير أم فلا يعتبر عفو إخوة الأم فإن كان المستحق مع الرجل أنثى أو أكثر فإنما يسقط القتل بعفوه معها أو معهن على تفصيل فيهن مستفاد من قول الجواهر وأما الأم والإخوة فلا عفو إلا باجتماعهم معها فإن اجتمعت الأم والأخوات والعصبة فاتفقت الأم والعصبة على العفو مضى على الأخوات وإن عفت الأخوات والعصبة لم يمض على الأم ولو كان مكان الأخوات بنات لمضي عفو البنات والعصبة على الأم لأنهن أقرب اهـ.

وتقدم ذلك أيضًا وأشار لثانيها بقوله: (والبنت) وكذا بنت ابن (أولى) أي أحق (من الأخت في عفو) ولا شيء للأخت من الدية ولا يلزم من مساواتهما في الميراث مساواتهما في عفو (وضده) عند ابن القاسم مع ثبوت القتل ببينة أو إقرار فإن ثبت بقسامة عصبة لا نساء إذ لا يقسمن في العمد فالبنت إن أرادت القتل أولى أيضًا من الأخت والعصبة الذين أرادوا العفو فإن أرادوا القتل وأرادت البنت العفو فالكلام لهم ولو وافقتها الأخت (وإن عفت بنت من بنات) أو أخت من أخوات أو بنت من بنات ابن لا عاصب معهن بل التكلم في الدم لهن أو مع أخوات (نظر الحاكم) العدل أو جماعة المسلمين عند عدم ذلك قاله الشارح في العفو وضده أيهما أصلح فعله لأنه كالعصبة عند فقدها لإرثه لبيت المال ما بقي من مال المقتول ولا يخال هذا مفهوم قوله فيما سبق كأن حزن الميراث وثبت بقسامة فإنه يفيد أنه إذا ثبت ببينة لا يكون للنساء كلام إلا إذا حزن الميراث لحمله على ما إذا عرف للقتيل عاصب نسب وإذا أمضى الإمام بنظره عفو بعض البنات فلمن بقي منهن ومن جميع الأخوات نصيبه من الدية ومفهوم بنت من بنات أنهن لو عفون كلهن أو أردن القتل لم يكن للإمام نظر ثم إذا عفون كلهن دفعة واحدة فلا شيء للأخوات فإن ترتب عفوهن فللأخوات نصيبهن من الدية وأشار لثالثها بقوله: (وفي) اجتماع (رجال ونساء) أعلى منهم (لم يسقط) القتل (إلا بهما) أي

ــ

أقل منه لم يعتبر عفوه الخ. إنما يرث الجد أنقص من الثلث إذا كان معه ذو فرض ويأتي في المواريث إن له حينئذ الخير من السدس وثلث الباقي والمقاسمة وكذا في مسألة المعادة يكون بسبب العد كواحد منهم أو أعلى وإن كان بعضهم يسقط بعضًا وعلى كل حال لا يكون أنزل من الأخ بل هو دائمًا إما مسًّا وللواحد من الإخوة أو أعلى منه اهـ.

وحينئذ فلم يظهر وجه ما ذكره ز من أن عفوه لا يعتبر وإن كان عج نقله عن الفاكهاني وقد بعثت عنه فلم أجده في ابن عرفة ولا في ضيح ولا غيرهما ممن وقفت عليه من الشراح والله أعلم. (وإن عفت بنت من بنات الخ) قول ز فإنه يفيد أنه إذا ثبت ببينة لا يكون للنساء كلام الخ. فيه نظر بل مفهوم كان حزن الميراث الخ. إنما يفيد أنه إن ثبت ببينة يكون لهن الاستقلال بالعفو وضده ولا كلام للعاصب معهن ولا يفيد ما ذكره من أنه لا كلام لهن تأمله (وفي رجال ونساء لم يسقط الخ) أي سواء كان الرجال وارثين مطلقًا كبنات وعصبة أو غير

ص: 43

بالفريقين (أو ببعضهما) أي بعض كل من الفريقين اتحد أو تعدد حيث كان البعض الموافق للرجال في الإسقاط أعلى منهم إذ لا كلام لهن مع الذكر المساوي لهن كما تقدم فلو عفا أحد المصنفين وأراد المصنف الآخر القتل أجيب له وهو مذهب المدونة وهذا إذا ثبت القتل بقسامة وهذه مكررة مع قوله قبل وللنساء إن ورثن ولم يساوهن عاصب ولكل القتل ولا عفو إلا باجتماعهم (ومهما أسقط البعض) أي بعض مستحق الدم مجانًا مع تساوي درجتهن بعد ترتب الدم وثبوته ببينة أو إقرار أو قسامة سقط القود وهذا جواب الشرط إذ هو الذي يترتب على الإسقاط وأما قوله فلمن بقي الخ فلا يترتب إلا على السقوط فلذا ذكر المسبب عليه بقوله (فلمن بقي) ولم يعف وله التكلم أو هو مع غيره (نصيبه من دية عمد) وكذا إذا عفا جميع من له التكلم مترتبًا فلمن بقي ممن لا تكلم له في الدم كأخت وزوج أو زوجة نصيبه من دية عمد لأنه مال ثبت بعفو الأول قاله محمَّد كما في ح ود وأما إن عفا جميع من له التكلم في فور فلا شيء للوارث غير من له التكلم كما إذا كان من له التكلم واحد أو عفا وحملنا كلامه على الإسقاط مجانًا لأنه إذا وقع على مال فلمن بقي من الورثة نصيبه من الدية وإن لم يكن له تكلم به سواء وقع الإسقاط من بعضهم أو كلهم مرتبًا أم لا وهذا راجع لجميع ما قدمه من قوله وسقط إن عفا رجل كالباقي إلى هنا وفيه نوع تكرار مع قوله سابقًا وللصغير إن عفا نصيبه من الدية وشبه في سقوط القصاص قوله: (كإرثه) جميع قصاص نفسه كمن قتل أباه وله أخ واحد فمات ولا وارث له غير القاتل فقد ورث دم نفسه فسقط لأن إرثه له كالعفو عنه (ولو قسطا من نفسه) كقتل أحد الأولاد أباه عمدًا وثبت القصاص عليه لجميع الإخوة فإذا مات أحدهم فيسقط القصاص عن القاتل لإرثه من دمه قسطًا أي حصة فهو كالعفو ولبقية الإخوة حظهم من

ــ

وارثين وتوقف الثبوت عليهم لأجل القسامة كبنت وأخت وعصبة خلافًا لما في ز من قصره كلام المصنف على الثاني. (فلمن بقي نصيبه من دية عمد) قول ز وله التكلم أو هو مع غيره الخ. يعني أن من عفا فقد سقط حقه في الدم والدية وما بقي من الدية يكون لمن بقي ممن له التكلم ولغيره من بقية الورثة قال في المدونة وإن عفا أحد البنين سقط حظه من الدية وبقيتها يقسم بين من بقي تدخل فيها الزوجة وغيرها اهـ.

الباجي فإن عفا البنون المذكور كلهم فقال ابن القاسم يسقط حظ البنات قال ابن المواز وقاله من أدركت من أصحاب مالك ضيح وهو مقيد بأن يعفو كل من له العفو في فور وأما لو عفا بعض من له ذلك ثم بلغ من بقي وعفا فلا يضر ذلك من معهم من أخت وزوج وزوجة لأنه مال ثبت بعفو الأول قاله محمَّد اهـ.

(كإرثه ولو قسطًا من نفسه) ابن عرفة وارث القاتل بعض الدم يسقط قوله به وفيها إن ورث القاتل أحد ورثة القتيل بطل قوده لأنه ملك من دمه حصة الصقلي قال أشهب إلا أن يكون القاتل من الأولياء الذين من قام بالدم منهم فهو أولى فإن للباقين أن يقتلوا وقال بعض الغاسيين هو وفاق لابن القاسم اهـ.

ص: 44

الدية وعلم من المثال المذكور أن المبالغ عليه مقيد بما إذا كان من بقي يستقل بالعفو فإن كان من بقي رجالًا ونساء والتكلم للجميع لم يسقط القتل عمن ورث قسطًا من دم نفسه حتى يجتمع الرجال والنساء أو البعض من كل على العفو كمن قتل أخاه شقيقه وترك الأخ المقتول بنات وثلاثة إخوة أشقاء غير القاتل فمات أحدهم فقد ورث القاتل قسطًا من نفسه ولا يسقط القصاص حتى تعفو البنات والأخوات الباقيات ولما قدم أن الوارث يستحق ما لمورثه بين كيفية قسمه بقوله: (وارثه) أي القصاص (كالمال) لا كالاستيفاء أي يقسم كما يقسم المال ودفع به توهم أن الذكر والأنثى فيه سواء ويحتمل أن ضمير إرثه للنصيب المذكور في قوله فلمن بقي نصيبه من دية عمد أي وارث النصيب المأخوذ عن دية عمد كالمال فتدخل فيه الأخت وإن كان لا دخل لها في الاستيفاء كمن قتل أباه وله ولدان وبنت ثم مات أحد الولدين وورثه الابن القاتل والولد والبنت الباقيان فالمال الذي يعطيه تأخذ البنت منه نصف حظ الآخر ولا يختص به العاصب لكن هذا الاحتمال يغني عنه قوله فلمن بقي نصيبه من دية عمد لأن من صيغ العموم وقال تت بين هنا أنه إنما يرث القصاص من يرث المال فمن قام به مانع يمنع من إرث المال منعه من إرث القصاص وهذا القدر لا يستفاد من قوله والوارث كمورثه فهي أجوبة ثلاثة والثالث مبني على أن التشبيه غير تام وقوله وارثه كالمال أي في الجملة فلا يرد الزوج والزوجة وفي تعقب ابن عرفة على شارحي ابن الحاجب نظر لأن كلام شارحيه في المال الموروث وهذا يدخل فيه الزوج والزوجة وكلام ابن عرفة في القصاص (وجاز صلحه) أي الجاني (في) جناية (عمد) قتلًا كان مع أولياء المقتول أو جرحًا مع المجني عليه (بأقل) من دية المجني عليه (أو أكثر) منها إذ ليس في العمد عقل مسمى ويجوز حالًا ولأجل قريب أو بعيد يذهب مع أهل ورق وعكسه وبابل فيهما أو في أحدهما وهذا تكرار مع قوله في باب الصلح

ــ

وبه يتضح ما ذكره ز من القيد والله أعلم. (وارثه كالمال) قوله ز في التوطئة ولما قدم أن لوارث يستحق الخ. بين به أنه لا تكرار بين ما هنا وبين قوله فيما تقدم والوارث كمورثه خلافًا لما ادعاه ابن مرزوق من التكرار وقول ز أي يقسم كما يقسم المال الخ. لا معنى لذكر القسم في القصاص وعبارة ضيح عند قول ابن الحاجب وفي كون إرثه على نحو المال أو على نحو الاستيفاء قولان لابن القاسم وأشهب ما نصه الضمير في إرثه عائد على القصاص أو على القتل المفهوم من السياق على نحو الميراث فيدخل المذكور والإناث وإن تساووا في الدرجة وتدخل الزوجة وغيرها ويكون لهن العفو والقصاص كالعصبة وهو قول ابن القاسم في المدونة أو على نحو استيفاء الدم فلا تدخل الإناث إلا أن يكن أعلى من المذكور وهو قول أشهب اهـ.

ومثله لابن عبد السلام وابن هارون وتعقبه ابن عرفة فقال قلت فهم شارحًا ابن الحاجب أن مراد ابن القاسم بالنساء الوارثات ما يشمل الزوجات وكذا الزوج في الرجال وليس الأمر كذلك بل لا مدخل للأزواج في الدم بحال ثم ذكر عن ابن المواز ما يشهد له وبه تعلم أن قول ز وفي تعقب ابن عرفة على شارحي ابن الحاجب نظر لأن كلام شارحيه في المال الخ. غير صواب لأنهما قالا إن الضمير للقاص كما تقدم فكيف يكون كلامهما في

ص: 45

وعن العمد بما قلّ وكثر ولا يعارض قوله فالقود عينًا لأن ما هنا مع تراضيهما (والخطأ) في النفس أو الجرح حكمه في الصلح (كبيع الدين) بالدين إذ الدية مال دين وما صالح به مأخوذ عنها فيمنع بمؤجل وذهب عن ورق وعكسه لأنه صرف مؤخر وكذا بيعه بأحد النقدين حالًا لما مر من أن صرف ما في الذمة بمعجل إنما يجوز إذا كانا حالين وما هنا بيعه عما هو مؤجل عليه وعلى العاقلة ففيه صرف عما في الذمة وأما بيعه بعرض أو بابل فجائز مع الحلول أيضًا أي التعجيل (ولا يمضي) صلح الجاني خطأ (على عاقلة) له بغير رضاها لأنها تدفع الدية من مالها ولا ترجع عليه فلا يلزمها صلحه (كعكسه) أي لا يمضي صلح العاقلة لولي الدم على الجاني بغير رضاه كما لا يلزمه صلح أجنبي عنه بغير رضاه والتعليل المذكور في الأول يقتضي أنه إذا صالح عنها بمثل الدية أو أقل فإنه يمضي وظاهر المصنف عدم المضي مطلقًا وعلل بأنه كالفضولي ثم صلحه عنها ماض فيما ينوبه كما هو ظاهر المدونة كصلحهم عنه يمضي فيما ينوبهم فيما يظهر (فإن عفا) المجني عليه قبل موته عن دية الخطأ (فوصية) أي ينزل عفوه منزلة وصيته بالدية للعاقلة أو الجاني فتكون في ثلثه فإن خرجت منه فواضح وإن زادت عليه وقف الزائد على إجازة الورثة وإن كان له مال غيره ضمت لماله ودخلت الوصايا في ثلث الجميع قاله الشارح وتت وقوله وإن زادت عليه وقف الخ فيه نظر بل الزائد باطل لقول المصنف وإن أجيز فعطية لا أنه صحيح موقوف على إجازتهم وسواء كانت الدية على عاقلة الجاني أو في ماله (وتدخل الوصايا) التي أوصى بها المجني عليه (فيه) أي في ثلث ما وجب من دية خطأ أو عمد لا قصاص فيه أو فيما فيه حكومة أو بعض دية فيما دون النفس ويدل لهذا قوله بخلاف العمد وبما قررنا علم وجه تذكيره الضمير أو ذكره نظرًا إلى أنها مال ثم دخول الوصايا فيه ظاهر إن تقدمت على سبب الدية بقرب بل (وإن بعد) بصيغة الماضي مضموم العين (سببها) أي الدية أي تأخر ببعد زمن سبب الدية عن زمن الإيصاء وسببها هو الجرح وما في حكمه وإنفاذ المقاتل ومعلوم أن المبالغ عليه هو المتوهم وهو هنا تقدم الوصية على سبب الدية ببعد وبضبط بعد بما تقدم لا يحتاج لقول غ صوابه وإن قبل سببها لأنه المتوهم (أو) أوصى لشخص (بثلثه) قبل السبب فيدخل في دية الخطأ لأنها مال موروث عنه (أو) أوصى له قبل السبب (بشيء) معين كدابة أو دار أو عبد ولم يعين ثلثًا ولا غيره ثم جنى عليه بشرط في الوصية من حيث هي قبل السبب فقط وهو (إذا عاش بعدها) أي بعد الجناية (ما) أي مدة (يمكنه) فيها (التغيير) لوصيته وهو ثابت الذهن (فلم يغير) دخلت وصيته في الدية فإن لم يكن

ــ

المال (كلبيع الدين) قول ز كبيع الدين بالدين الخ. الصواب إسقاط قوله بالدين كما يفيده تقريره ويدل له كلام ضيح وقول ز فجائز مع الحلول الخ. صوابه مع التعجيل لأن الواجب في بيع الدين تعجيل العوض بالفعل كما تفيده عبارة المدونة ولا يكفي الحلول دون تعجيل (وإن بعد سببها) قول ز بصيغة الماضي الخ غير ظاهر والصواب لو قال المصنف وإن قبل سببها كما قال غ (لو بثلثه أو بشيء قبله) لو حذف هذين المعطوفين لكان أحسن وقال ابن

ص: 46

في تلك المدة ثابت الذهن بل غمر بمجرد الضرب أو الجرح فإن الوصايا لا تدخل فيه (بخلاف) دية (العمد) لا تدخل فيها الوصايا وإن عاش بعض الضرب لأنها مال لم يعلم به ولأنها ليست بمال للميت وإنما هي إذا قبلت بعد موته مال طارئ للورثة بعد موته هذا هو الملائم لما قبله وللاستثناء بعده ويحتمل أنه مخرج من قوله فإن عفا فوصية أي بخلاف العمد فيبطل الدم من أصله بعفوه بعد إنفاذ مقاتله لما ذر من أن قوله: وإن قال إن قتلتني أبرأتك معنا. قاله قبل إنفاذ المقاتل (إلا أن ينفذ مقتله) بقطع نخاع أو ثقب مصير (ويقبل وارثه الدية وعلم) بقبول وارثه لها ولم يغير مع إمكانه فتدخل الوصايا التي أحدثها بعد العلم وكذا التي قبله خلافًا لتقرير تت ولو قبل السبب لأن علمه بقبول وارثه الدية مع عدم تغييرها كإحداثها بعده وهذا بخلاف ما لو قال إن قبل وارثي الدية فوصيتي فيها أو فقد أوصيت بثلثها فلا يعمل بقوله ولا يدخل منها في ثلثه شيء كما في كتاب محمَّد أو قال تدخل وصيتي فيما علمت وما لم أعلم فإن وصيته لا تدخل في دية العمد بغير الشرط المذكور في المصنف لأنها ليست من ماله وإنما أراد ما لم أعلم من مالي انظر ح والمراد أنه صدر منه قوله وما لم أعلم وأما إن لم يصدر منه فلا تدخل فيما لم يعلم من ماله كما سيقول في الوصية وهي ومدبر إن كان بمرض فيما علم وأشعر قوله هنا وعلم أن منفوذ المقاتل حكمه في الإرث منه وإرثه من غيره كالحي وهو قول ابن القاسم كما مر أول الباب فإذا مات أخوه ورثه وإذا كان له أخ عبد أو كافر فأسلم أو عتق ثم مات منفوذها ورثه وتجب عليه الصلاة والزكاة ونحوها وانظر لو جنى عليه شخص فقطع يده هل يقتص له منه أو يجري على الخلاف فيمن أجهز عليه فإن قلنا لا قود عليه فلا يقتص منه.

تنبيه: ما يؤخذ في جراح العمد ولو كان فيه القصاص ترثه ورثته ويقضي به دينه من غير الشرط الذي ذكره هنا في دخول وصيته لأن له الرجوع فيها بخلاف الدين والإرث (وإن عفا) مجروح عمدًا أو خطأ (عن جرحه) مجانًا (أو صالح) عنه بمال (فمات) من نزو جرحه (فلأوليائه) لا للجاني (القسامة والقتل) في العمد والدية في الخطأ من العاقلة ولهم إمضاء عفوه أو صلحه (و) إن نقضوه (رجع الجاني بما أخذ منه) وهذا إذا صالح عنه فقط فإن صالح عنه وعما يؤول إليه فخلاف كما مر وذكره هذه المسألة هنا لأن الباب معقود لذلك وإن تقدمت في باب الصلح دون العفو على وجه أتم مما هنا حيث قال وإن صالح مقطوع ثم نزى فمات فللولي لا له رده والقتل بقسامة كأخذهم الدية في الخطأ اهـ.

ــ

عاشر في قوله أو بثلثه لا معنى لهذا العطف والصواب إسقاط أو ويكون قوله بثلثه أو بشيء يتعلقا بلفظ الوصايا ويستغني حينئذ عما يوجد في بعض النسخ من قوله قبله لدخوله في المبالغة والتقدير وندخل الوصايا بثلثه أو بشيء فيه أي في ثلث الدية التي وجبت له وإن قبل سببها الخ. (بخلاف العمد) قول ز ولأنها ليست بمال للميت الخ. في هذا التعليل نظر لاقتضائه أنه لا يقضي بها دينه وليس كذلك كما يأتي في التنبيه وكما في ح وق فالصواب

ص: 47

وظاهر قوله هنالك فللولي لا له الخ. إنه إذا ردّ الولي الصلح وأبى من القسامة فليس لي شيء مما وقع الصلح به وكذا يجري هنا (وللقاتل) إن ادعى العفو عنه وأنكر الولي (الاستحلاف على) عدم (العفو) أو إن على بمعنى في السببية أي في دعوى العفو أي بسبب دعوى العفو (فإن) حلف ولي الدم على عدمه ثبت الدم وإن (نكل) ردت اليمين على القاتل و (حلف) يمينًا (واحدة) لا خمسين لأن الولي إنما يحلف واحدة أنه لم يعف فردها على الجاني (و) إذا حلفها (برىء) وإن نكل قتل بلا قسامة لأن دعوى القاتل إن ولي الدم عفا عنه تتضمن اعترافه بالقتل (وتلوم له) أي للقاتل (في بينته) الشاهدة له بالعفو (الغائبة) بعد حلفه أن له بينة غائبة قربت غيبتها أو بعدت كما هو ظاهر المدونة وأبقاها على ظاهرها عياض والصقلي وقيدها بالقرب غيرهما لكن في مسألة قذف ادعى القاذف العفو عنه وإن له بينة قريبة وإلا لم يتلوم له فيمكن جريان ما هنا على ذلك لأنه ذريعة لإبطال الحقوق ويقتص وعلى الأول فالفرق بين القذف وبين ما هنا شدة أمر الدماء فإن اقتص الحاكم بعد التلوم فقدمت وشهدت بالعفو فينبغي أن تكون الدية في مال الولي ولا يقتص منه ولا يكون من خطأ الإمام فإن اقتص الحاكم من غير تلوم فعلى عاقلته قطعًا فيما يظهر وانظر إذا قتله الولي من غير تلوم فهل كذلك على عاقلته أو يقتص منه (وقتل بما قتل) به (ولو نارًا) لعموم قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا} [النحل: 126] بمثل ما عوقبتم به وقوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: 194] بمثل ما اعتدى عليكم ولا تشترط المماثلة في الصفة بدليل كذي عصوين وهذا إذا ثبت القتل ببينة فإن ثبت بقسامة لم يقتل إلا بالسيف قاله ابن رشد انظر الشارح وفهم من قوله بما قتل أن الجرح ليس كذلك إذ يطلب فيه القصاص من الجاني بأرفق مما جنى به فإذا أوضحه بحجر أو عصا اقتص منه بالموسى (لا بخمر ولواط) ثبت عليه بشاهدين على إقراره أنه لاط به أو أنه سقاه خمرًا حتى مات من اللواط أو الخمر ثم رجع فلا يقتل بما قتل به بل يقتل قصاصًا بالسيف

ــ

بالاقتصار على التعليل الأول (وللقاتل الاستحلاف على العفو) قول ز أو أن على بمعنى في السببية الخ فيه نظر إذ لم يذكروا في علي بمعنى في إلا الظرفية نحو ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها كما في المغني وغيره ولو قال إنها بمعنى على التي للتعليل كاللام كان أولى نحو قوله ولتكبروا الله على ما هداكم أي لهدايته إياكم واعلم أن ما ذكره المصنف نحوه في المدونة وهو مشكل مع قولهم وكل دعوى لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها وقد صرح ابن الحاجب بأن العفو لا يثبت إلا بعدلين ولم ينقد ابن عرفة على هذا البحث قاله ابن عاشر وقال مس قوله فإن نكل الخ. يرد قولهم إن العفو لا يثبت إلا بعدلين فإنه قد ثبت هنا بالنكول واليمين اهـ.

وقال المتيطي اختلف إذا قام للقاتل شاهد واحد بالعفو ففي الشهادات من مختصر أبي محمَّد أنه لا تجوز شهادته ونحوه لأبي عمران وقال بعض فقهاء القرويين يحلف مع شاهده ويبرأ واحتج بمسألة ابن القاسم في ادعاء القاتل العفو اهـ.

ص: 48

فلا يرد أنه يقبل رجوعه عن إقراره بالزنا لأنه من حيث عدم رجمه فلا ينافي قتله بالسيف ونفى المصنف قتل الجاني باللواط بمعنى أنه لا يجعل في دبر القاتل بلواطه خشبة تحرك فيه حتى يموت إذ لا يتصور أي شرعًا الاستيفاء باللواط على غير هذا الوجه قاله البساطي وأما ثبوته بأربعة فيرجم ولا يقتل قصاصًا (وسحر) ثبت ببينة وكذا بإقراره فلا يلزم بفعله بنفسه خلافًا لقول البساطي يلزم بفعله إذا أقر به فإن مات وإلا فالسيف اهـ.

لأن الأمر بالمعصية معصية (وما يطول) كنخسه بإبرة أو منعه طعامًا وشرابًا حتى يموت فيتعين القتل بالسيف في هذه الأربعة (وهل والسم) بالفتح في الأكثر والضم لغة أهل العالية والكسر لغة بني تميم إذا قتل به كالمستثنيات الأربع لا يقتل به ولكن يجتهد الإِمام فيما يقتله به (أو) يقتل به ولكن (يجتهد في قدره) أي في القدر الذي يموت به من السم بأن يسأل الإمام أهل الخبرة في القدر الذي يقتل مثل هذا (تأويلان) فقوله والسم عطف على المستثنى وقوله أو يجتهد عطف على مقدر كما ذكرنا (فيغرق ويخنق ويحجر) من فعل ذلك للموت أي من قتل شخصًا بحجر فإنه يقتل به هذا مراده لا أنه يرمى بالحجارة حتى يموت (و) من قتل بعصا (ضرب بالعصا للموت) ولا يشترط تساوي العدد بدليل قوله: (كذي عصوين) أي ضربه عصوين أي ضربه بالعصا مرتين فمات منهما فيضرب بالعصا أبدًا حتى يموت ولا نظر لعدد ما مات به (ومكن مستحق) للقصاص (من السيف مطلقًا) أي حصل القتل الأول به أو بغيره إلا بأخف منه كتغريق أو لحس فص فيفعل به كذلك دون السيف كذا بحث ابن عبد السلام لا جزمًا كما يوهمه الشارح وأشعر المصنف هنا أن القتل بما قتل به حق لولي المجني عليه لا لله وهو كذلك بخلاف الرجم (واندرج) في قتل النفس (طرف) كبد ورجل وعين (أن تعمده) ثم قتله (وإن) كان الطرف (لغيره) أي لغير المقتول عمدًا كقطع يد شخص وفقء عين آخر وقتل آخر عمدًا فيندرجان في النفس لأنها تأتي على ذلك كله وقوله: (لم يقصد مثلة) خاص بطرف المجني عليه الذي قتله بعد قطع طرفه فهو راجع لما قبل المبالغة وأما طرف غيره فيندرج ولو قصد بالغير مثلة كما اقتصر عليه الشارح ومن وق خلافًا لظاهر التوضيح من أنه قيد فيهما فلو قال واندرج طرف إن لم يقصد مثله كطرف غيره مطلقًا لكان أصرح فيما تجب به الفتوى واحترز بقوله إن تعمده عن الخطأ فإن فيه الدية فإذا قطع يد رجل مثلًا خطأ ثم قتل آخر عمدًا فإنه يقتل بمن قتل ولا تسقط دية اليد واحترز بقوله لم يقصد مثلة عما إذا قصد المثلة فإنه يفعل به مثل ذلك ثم يقتل (كالأصابع) المقطوعة عمدًا تندرج (في اليد) أي كما يندرج الطرف في النفس كذلك تندرج الأصابع في اليد إذا قطع الكف عمدًا بعد وكذا

ــ

(تأويلان) الأول منهما لابن أبي زيد والثاني لابن رشد (إن لم يقصد مثلة) الظاهر رجوع القيد لما بعد المبالغة وما قبلها كما يفيده ضيح وقد رجع ز لهذا عند قوله كالأصابع في اليد (كالأصابع في اليد) قول ز في الخطأ أخذ دية الأصابع واقتص للكف إلى آخر ما

ص: 49

إذا قطع أصابع يد لرجل ويد آخر من الكوع ويد آخر من المرفق قطع لهم من المرفق إن لم يقصد مثلة وإلا لم تندرج في الصورتين انظر ابن عرفة ومفهوم قوله أيضًا إن تعمده أنه لو كان خطأ لا تندزج كقطع أصابع شخص خطأ ثم قطع كفه عمدًا أخذ دية الأصابع واقتص للكف ولا يعارض ما تقدم من قوله وإن نقصت يد المجني عليه فالقود ولوا بها مالًا أكثر لأنه فيما إذا كانت الجناية على الأصابع من غير الجاني على الكف وما هنا فيما إذا كان كل منهما من شخص واحد ولما كان المترتب على الجناية قصاصًا أو دية وقدم الكلام على الأول تكلم على الدية من الودي وهو الهلاك سميت بذلك لأنها مسببة عنه وذكر أنها تختلف باختلاف أموال الناس من إبل وذهب وورق فقال (ودية الخطأ) في قتل الحر المسلم الذكر (على) القاتل (البادي) وهو خلاف الحاضر مائة من الإبل (مخمسة) رفقًا بمؤديها (بنت مخاض وولد البون وحقة وجذعة) أي عشرون من كل نوع من الخمسة المذكورة من الإبل وتقدم في الزكاة ذكر أسنانها فإن لم يكن عندهم إبل بل خيل كلفوا الإبل فيما يظهر ويأتي في كلامه قيمة الرقيق وإن زادت على الدية ودية غير المسلم وأن الأنثى على النصف من الذكر (وربعت في عمد) لا قصاص فيه كعفو معتبر أو زيادته على المجني عليه بإسلام مع تساويهما حرية أو لعدمه خوف إتلاف نفس كآمة ودامغة أو لقبول الدية فيه مبهمة وكذا ما سقط القصاص فيه لعدم وجوه مثله من الجاني وتربيعها بحذف (ابن اللبون) والمائة من الأنواع الأربعة الباقية من كل نوع خمس وعشرون (وثلثت) أي

ــ

ذكره تبع فيه تت وأصله للشارح إلا أنه لم يجزم به وقال طفى بل يجري هنا ما تقدم في قوله وإن نقصت يد المجني عليه الخ. ولا معنى للتوقف في ذلك لأن يد المجني عليه إذا كانت ناقصة أكثر من أصبع لا قصاص فيها سواء كان النقص بجناية عمدًا وخطأ كما تقدم وسواء كان الجاني ثانيًا هو الجاني أولًا أو غيره إذ لا فرق أما في الخطأ فظاهر وأما في العمد فإن قطع الأصابع عمدًا ثم اقتص منه أو صالح ثم جنى على بقية اليد عمدًا فلا شك في عدم القصاص إذ ليست هذه من مسألة الاندراج وإنما مسألة الاندراج إذا قطع الأصابع عمدًا وترتب عليه القصاص ثم قطع الكف فإن الأصابع تندرج في الكف اهـ.

(ودية الخطأ على البادي) قول ز فإن لم يكن عندهم إبل بل خيل كلفوا الإبل فيما يظهر الخ. استظهر غيره أنهم يكلفون بما على حاضرتهم وهو أظهر (وربعث في عمد) قال أبو الحسن عند قول المدونة دية العمد إذا قبلت مبهمة فهي على أربعة أسنان ما نصه اللخمي هي في مال الجاني حالة إلا أن يشترط الأجل وفي كتاب محمَّد أنها منجمة في ثلاث سنين كالخطأ وفي سماع عيسى قال ابن القاسم ودية العمد إذا قبلت لم تكن في ثلاث سنين وكانت حالة قال ابن رشد وقد قيل في دية العمد أنها إذا قبلت ولم يشترطوا فيها شيئًا سن بها سنة دية الخطأ في التأخير وهو قول مالك في رواية ابن نافع عنه وقول ابن القاسم في رواية حسن بن عاصم عنه وأما إذا صولح القاتل على دنانير أو دراهم أو عروض فلا اختلاف أنها تكون حالة اهـ.

ص: 50

غلظت مثلثة (في الأب) وإن علا أو الأم وإن علت من مال كل (ولو) كان الأب القاتل لولده (مجوسيًّا) وتحاكموا إلينا والتثليث في حقه بحسب ديته وهي ثلث خمس واتكل المصنف في ذلك على وضوحه فلا إشكال قاله د فالتثليث فيه اثنتان من جذع وحقتان وخلفتان وثلثا خلفة (في) قتل (عمد) لولده المسلم أو المجوسي (لم يقتل) الأب (به) كرميه بحديدة أو سيف أراد به أدبًا أو لم يرد شيئًا فضابطه أن لا يقصد إزهاق روحه (كجرحه) أي الأب لولده جرحًا لا يقتص منه فإن ديته تغلظ بحسبه فالتشبيه تام وقال بعض تشبيه في التغليظ أي فكما أن التغليظ يجب في النفس كذلك يجب في الجرح ولا فرق في الجرح بين ما يقتص منه وما لا يقتص منه وسواء بلغ الجرح ثلث الدية أم لا ففي الجائفة ثلث الدية بالتغليظ وهكذا بقية الجراح على قدر نسبته من الدية ثم بين كيفية التغليظ في القتل بقوله: (بثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة) أي حوامل من أي نوع من هذه الثلاثة أو أزيد من سنها مما تحمل (بلا حد سن) فيما ذكر واحترز بقوله لم يقتل به عن عمد يقتل به كضجعه وذبحه أو شق ببطنه وعن جرح يقتص منه كفقء عينه بأصبعيه فيقتص منه له فيهما وكذا إن فعل معه ما يحتمل قصد قتله وجرحه ويحتمل غيره لكن اعترف بقصد قتله أو جرحه فإن لم يعترف به لم يقتص منه سواء ادعى أنه أراد أدبًا أو لم يرد شيئًا وقال د قوله كجرحه أي كجرح العمد سواء كان الجارح الأب أو أجنبيًّا فإن كان الأب فالدية مثلثة وإن كان أجنبيًّا فمربعة وظاهر كلامه كان في الجرح شيء مقدر أم لا وعليه فإذا كان فيه حكومة أي وكانت يسيرة بحيث تجتمع في واحدة مثلًا من الإبل فإنه يؤخذ من كل نوع ربع فيؤخذ ربع بنت مخاض وربع بنت لبون وربع حقة وربع

ــ

ولما قال ابن الحاجب والعمد في مال الجاني كذلك وقيل حالة قال في ضيح هذا الثاني هو المشهور وقول المصنف فيه قيل ليس بظاهر اهـ.

(ولو مجوسيًّا في عمد) قول ز لولده المسلم أو المجوسي الخ الخلاف إنما هو مفروض في قتل ولده المجوسي ابن الحاجب والتغليظ في المجوسي بقتل ابنه على الأصح إذا حكم بينهم اهـ.

ضيح القول بعدم التغليظ لعبد الملك وأنكره سحنون وقال أصحابنا يرون أنها تغلظ عليه إذا حكم بينهم لأن علة التغليظ سقوط القود اهـ.

وقال طفى وجه قول عبد الملك أن دية المجوسي تشبه القيمة اهـ.

(بلا حد سن) قول ز فيقتص له منه فيما الخ ظاهره أنه يقتص من الأب في الجرح كما يقتص منه في القتل والذي يظهر من كلام غيره أنه لا يقتص منه إلا في القتل فانظره ومحل القصاص إذا لم يكن القائم به ابنًا للقاتل أيضًا وإلا لم يقتل ابن عرفة وفيها مع ابن القاسم في المجموعة من قتل رجلًا عمدًا وكان ولي الدم ولد القاتل فقد كره مالك القصاص منه وقال يكره أن يحلفه في الحق فكيف يقتله اهـ.

ص: 51

جذعة ويجري ذلك في المثلثة فيؤخذ ثلاثة أعشار حقة وثلاثة أعشار جذعة وأربعة أعشار خلفة فيكون شريكًا بالأجزاء المذكورة اهـ.

مع زيادة إيضاح وأول من سنها عبد المطلب وقيل النضر بن كنانة (وعلى الشامي والمصري والمغربي ألف دينار) شرعية وهي أكبر من دنانير مصر كما مر في الزكاة فكل مائة شرعية تزيد على المصرية سبعة عشر دينارًا ونصف دينار وستة خراريب وثلاثة أسباع خروبة ثم أهل المدينة أهل ذهب بلا نزاع والخلاف في أهل الحجاز ومنهم أهل مكة الباجي وعندي أنه ينظر إلى غالب أحوال الناس في البلاد فأي بلد غلب على أهله شيء كانوا من أهله وإذا انتقلت الأحوال وجب انتقال الأموال وقد أشار أصبغ إلى هذا بقوله أهل مكة والمدينة اليوم أهل ذهب ولا يؤخذ في الدية عندنا بقر ولا غنم ولا عرض انفر الشارح وحيث لم يوجد في البلد خلاف ذلك فينبغي التعويل عليه وانظر إذا كانوا أهل إبل ونقد ولم يكونوا من أهل بلد وقع النص فيه على شيء كأهل اليمن فهل يؤخذ من كل بحسبه أو تؤخذ من الإبل وإذا لم يكن عند أهل بلد شيء من ذلك فانظر ما الذي يكلفون بشرائه وما تقدم عن الباجي فيه إشارة إلى حكم ذلك ويجري مثل ذلك في قوله: (وعلى العراقي) والفارسي والخراساني (اثنا عشر ألف درهم) بناء على أن الدينار اثنا عشر درهمًا واستثنى من مقدر في الدية المقدرة على أهل الذهب والورق وهو لا يزاد شيء على ذلك (إلا في) الدية (المثلثة) المغلظة في الأب فتغلظ باعتبار الذهب والفضة (فيزاد) على دية الخطأ (بنسبة ما بين الديتين) أي يزاد على قيمة المخمسة بقدر نسبة زيادة قيمة المثلثة على قيمة المخمسة إلى قيمة المخمسة ففي الكلام حذف بقدر وحذف قيمة وحذف المنسوب إليه وحذف ما يزاد عليه فإذا كانت قيمة دية الخطأ مائة وقيمة دية المثلثة مائة وعشرين فيزاد على دية الخطأ بنسبة ما بين الديتين بالنظر إلى دية الخطأ وهو الخمس وهذا هو ظاهر المدوّنة قال فيها فينظر فيها كم زادت قيمة أسنان المغلظة على قيمة أسنان دية الخطأ فإذا كانت قدر ربعها كان له دية وربع وكذا ما قل أو كثر اهـ.

انظر د ونحوه للبساطي وفي تت أن الزائد يضاف لدية الخطأ وينظركم هو من المجموع وعليه فيزاد في المثال المذكور لسدس وفيه نظر لمخالفته لظاهر المدونة ونبه عليه أيضًا د وتقوم المثلثة حالة والمخمسة على تأجيلها فيؤخذ ما زادته المثلثة على المخمسة (والكتابي) أي الذمي لا من له كتاب ولو حربيًّا لما تقدم من اشتراط العصمة فاحترز به عن الحربي فإنه لا قود فيه ولا دية (والمعاهد) أراد به الحربي المؤمن (نصف

ــ

وقول ز وقال د إلى آخر ما قرره هو الذي ارتضاه طفى فانظره. (بنسبة ما بين الديتين) قول ز أي يزاد على قيمة المخمسة الخ. الصواب أن يقول أي يزاد على ما يجب عليه من ذهب أو ورق (والمعاهد) قول ز أراد به الحربي المؤمن أي وهو كتابي فعطفه على الكتابي من عطف الخاص على العام كما قال الشارح لشمول الكتاب للذمي والمعاهد ويصح أن

ص: 52

ديته) أي الحر المسلم (والمجوسي والمرتد) دية كل منهما (ثلث خمس) وهو من الذهب ستة وستون دينار أو ثلثا دينار ومن الورق ثمانمائة درهم ومن الإبل ستة أبعرة وثلثا بعير وما ذكره في المرتدة هو قول ابن القاسم وأشهب وأصبغ ولأشهب أيضًا ديته دية أهل الدين الذي ارتد إليه وقال سحنون لا دية فيه وإنما فيه الأدب وهو استحسان مراعاة لمن لا يرى استتابته انظر الشارح وهذا الثالث هو الذي اقتصر عليه أول الباب حيث قال كمرتد فليس ثم قول بالتفصيل بين قتله زمن الاستتابة فالدية وبعدها فالأدب وقال د هناك لا مانع من اجتماعهما عليه بعد زمن الاستتابة قال عج هنا وفي كلام ق عن أشهب ما يوافقه (و) دية (أنثى كل) ممن ذكر حتى من المسلم (كنصفه) أي مثل نصفه (وفي) قتل (الرقيق قيمته) قنًّا ولو مدبرًا أو أم ولد أو مبغضًا كمعتق لأجل لذلك الأجل وهل يقوم المكاتب قنًّا أو مكاتبًا تأويلان كما يأتي للمصنف قتله حر عمدًا أو خطأ لا أن قتله مكافىء فيقتل به كما مر (وإن زادت) على دية الحر لأنه مال كسائر السلع (وفي) إلقاء (الجنين) بضرب أو شم ريح أو تخويف أو شتم مؤلم على ما أخذه البرموني مما يأتي عن أبي الحسن ونازعه الجيزي بأن كلام أبي الحسن لا يؤخذ منه المسألة لأن المشاتمة ليست من الإفزاع على الوجه المذكور (وإن علقة) أراد بها ما اجتمع كموضع الحمل الذي تحل به المعتدة كما تقدم وكأمومة الولد خلافًا لقوله الآتي إن ثبت إلقاء علقة ففوق فإن مذهب ابن القاسم في الثلاثة الاكتفاء بالدم المجتمع الذي إذا صب عليه الماء الحار لا يذوب لا الدم المجتمع الذي إذا صب عليه الماء الحار يذوب لأن هذا لا شيء فيه فلا يقدر ذلك قبل المبالغة وإنما يقدر قبلها المضغة أي إن لم يكن علقة بل كان مضغة بل وإن كان علقة

ــ

يكون معطوفًا على صفة محذوفة أي والكتابي الذمي والمعاهد وهذا الوجه أولى به قرر ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب انظر طفى (وإن علقة) قول ز أراد بها دمًا اجتمع الخ. هذا لحمل صحيح وموافق للغة ففي الصحاح العلق الدم الغليظ والقطعة منه علقة اهـ.

وهو ظاهر التهذيب وبه يكون المصنف جاريًا على قول ابن القاسم إن الدم المجتمع حمل وكلام الأمهات وكلام اللخمي والمتيطي وابن عرفة أن الدم المجتمع ليس هو العلقة ونص التهذيب وإن ضربت امرأة عمدًا أو خطأ فألقت جنينها فإن علم أنه حمل إن كان مضغة أو علقة أو مصورًا ذكرًا أو أنثى ففيه الغرة بغير قسامة في مال الجاني ولا تحمله العاقلة ولا شيء فيه حتى يزايل بطنها اهـ.

ونص الأمهات قال مالك إذا ألقته فعلم أنه حمل فإن كان مضغة أو علقة أو دمًا ففيه الغرة وتنقضي به العدة وتكون به الأمة أم ولد اهـ.

ومثله في الموازية والمجموعة على ما نقل في النوادر وقال اللخمي اختلف إذا كان دمًا مجتمعًا فنقل عن مالك أن فيه الغرة قاله في المدونة وقال أشهب لا شيء فيه إذا كان دمًا بخلاف كونه علقة اهـ.

ص: 53

من العلوق وهو الاتصال لأن بعضها اتصل ببعض وفي كلام تت نظر (عشر) واجب (أمه) من زوج حر أو رقيق أو زنا وأما من سيدها فسيأتي وبالغ بقوله: (ولو أمة) لرد قول ابن وهب في جنينها ما نقصها إذ هي مال كسائر الحيوان والواجب في الحرة الدية وفي الأمة القيمة وما قدرنا من المضاف شامل للأمرين وتعتبر قيمتها يوم الإلقاء أو يوم سببه (نفدًا) أي غير عرض وحالًا فاستعمله في العين وفي الحال في مال الجاني إلا أن تبلغ الثلث فعلى العاقلة حالة ففي المدونة إذا ضرب مجوسي أو مجوسية بطن مسلمة خطأ فألقت جنينًا ميتًا جملته عاقلة الضارب اهـ.

وتحملها وإن تبلغ الثلث فيما إذا كانت تبعًا للدية كضربها فألقته ثم قتلها خطأ بضربة واحدة أو ضربتين في فور ففيه عشر ديتها وفيها الدية تحملها العاقلة تنجم تبعًا للدية (أو غرة) بالرفع عطف على عشر والتخيير للجاني لا لمستحقها وهو في جنين الحرة وأما جنين الأمة فيتعين النقد ويكون في مال الجاني حيث كانت الجناية عمدًا أو خطأ ولم تبلغ الغرة الثلث وإلا فهي على العاقلة وأبدل من قوله غرة قوله: (عبدًا ووليدة) أي أمة صغيرة كبنت سبع سنين كما في د ولذا عبر بوليدة دون أمة لئلا يتوهم اشتراط كبرها (تساويه) أي تساوي العشر وتكون الغرة ولو كان الجاني الأب أو الأم بأن تضرب بطنها أو تشرب ما تلقيه به أو تشم رائحة فتلقيه به حال تقصيرها عند الشم بتدارك أكل ما شمته وعليها الطلب عند شمها سمكًا أو جبنًا مقليًّا أو نحو ذلك فإن لم تطلب ولم يعلموا فعليها الغرة لتقصيرها وتسببها فإن طلبت ولم يعطوها ضمنوا علموا بحملها أم لا وكذا لو علموا به وبأن ريح الطعام أو السمك يسقطها وإن لم تطلب وكذا على مفزعها حتى ألقته

ــ

قال ابن مرزوق بعد نقل ما ذكر انظر ما الفرق بين العلقة والدم المجتمع كما يظهر من لفظ الأم أن بينهما فرقًا ولعل صاحب التهذيب رآهما شيئًا واحدًا فلذلك اقتصر على لفظ العلقة اهـ.

فالمصنف تابع للفظ التهذيب في إطلاق العلقة على الدم فلا عهدة عليه وعلى الفرق بينهما جرى المتيطي ونصه والغرة تجب في الجنين ذكرًا كان أو أنثى طرح علقة أو مضغة أو تام الخلقة إلا أنه لم يستهل فأما إن كان دمًا مجتمعًا فقال في المدونة فيه الغرة وقال أشهب لا شيء فيه إذا كان دمًا بخلاف كونه علقة اهـ.

وهو قول ز خلافًا لقوله الآتي إن ثبت إلقاء علقة الخ. لا معنى له لأنه إذا أراد بالعلقة هنا وفيما يأتي الدم المجتمع فأي مخالفة بين الموضعين. (عشر أمه) قول ز من زوج حر الخ. لو أخر هذا البيان كله عن قول المصنف ولو أمة لكان أصوب (نقدًا) قول ز أي غير عرض وحالًا الخ يعني أن عشر الدية إنما يكون ذهبًا أو ورقًا ويكون حالًا ولا يكون من الإبل وإن كانوا أهل إبل خلافًا لأشهب ابن الحاجب وقال ابن القاسم لا تؤخذ الإبل وقال أشهب يؤخذ من أهلها خمس فرائض ضيح قال في المدونة لأنه قد قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالغرة والناس يومئذ أهل إبل وإنما تقويمها بالعين أمر مستحسن واختار محمَّد وغيره قول أشهب اهـ.

ص: 54

بدليل فعل أمير المؤمنين عمر إذ أرسل أعوانه لرجل فخافت منهم امرأة فأسقطت فاستشار الصحابة فأفتاه من حضر منهم بأنه لا شيء عليه لأنه مأذون له في البعث ثم سأل عليًّا فقال أرى عليك الغرة فأدّاها عمر رضي الله تعالى عنه أبو الحسن وتثبت الغرة في هذا بشروط أن يثبت الذي فزعت منه ومشاهدتها له واتصال مرضها من وقته إلى أن أسقطته وشهادة امرأتين على إلقائها له زاد ربيعة وسحنون وشهادة رجل على رؤيته قالا لأنه يبقى اهـ.

وانظر هذا مع إفتاء ابن عرفة بأن الغرة على الذي أدخل أعوان الظالم لا على الحاكم إلا أن يحمل فعل عمر على الورع على أنه لم يتواردا على شيء واحد إذ عمر خليفة عدل وما وقع لابن عرفة في أعوان ظالم كما في الأبي على مسلم أدخلهم غيره بغير إذن الحاكم فذلك الغير بمنزلة عمر ثم مثل ذلك من شتمت امرأة فحصل لها دم واسترسل عليها إلى أن أسقطت فعلى الشاتمة الغرة وتقدم رده عن الجيزي إلا أن يحمل على ما إذا لم يسترسل الدم عليها من حين الشتم وما للبرموني على ما إذا استرسل بها الدم (والأمة) الحاملة (من سيدها) الحر المسلم جنينها كجنين الحرة المسلمة ففيه عشر ديتها ولا مفهوم لسيدها بل حيث كان ولدها حرًّا كالغارة للحر وكأمة الجد فحكمها كذلك (و) الحرة (النصرانية) أو اليهودية أو المجوسية (من) زوجها (العبد المسلم) في جنينها ما في جنين الحرة لأنه حر من قبل أمّه مسلم من قبل أبيه وكذا الحكم لو كان من ماء الزنا وكذا من زنا مسلم بحرة كافرة ككافر بحرة مسلمة (كالحرة) استشكل بأن فيه تشبيه الشيء بنفسه إذ النصرانية حرة وأجيب بأن المراد بالحرة هنا المسلمة فانتفى ما ذكر قاله د فمتى كانت حرة مسلمة ففي جنينها من ماء الزنا ما في جنينها من غيره ولا يراعى حال الزاني ومتى كانت أمة مسلمة أو كافرة ففي جنينها من زنا ما في جنينها من زوجها لا من سيدها ولا ينظر للزاني ولو حرًّا مسلمًا ومتى كانت حرة كافرة ولو مجوسية فإن كان الزاني بها مسلمًا كان في جنينها ما في جنين الحرة المسلمة وإن كان كافرًا ففي جنينها ما في جنين الأمة وذكر شرط وجوب الغرة بقوله: (إن زايلها) أي انفصل عنها (كله) ميتًا حال كون الأم (حية) فإن انفصل كله بعد موتها أو بعضه في حياتها وباقيه بعد موتها فلا يجب فيه شيء ثم استثنى من وجوب الغرة فقط قوله: (إلا أن يحيا) أي ينفصل عنها حيًّا

ــ

وقول ز من مال الجاني الخ. أي يكون من مال الجاني في العمد مطلقًا وفي الخطأ إلا أن يبلغ ثلث دية الجاني كمثال المدونة أو ثلث دية المجني عليه كما إذا تعدد الجنين بقدر الثلث وقول ز فعلى العاقلة حالة الخ. فيه نظر بل ما تؤديه العاقلة إنما تؤديه منجمًا وقد قال ز نفسه في قول المصنف الآتي ونجمت الخ. ما نصه ومثل الدية الحكومة والغرة في التنجيم حيث بلغ كل منهما الثلث الخ. (والنصرانية من العبد المسلم كالحرة) قال ابن عاشر قوله والنصرانية يعني الحرة وقوله كالحرة يعني المسلمة ولهذا قال ابن مرزوق أنه من حذف التقابل اهـ.

(إلا أن يحيا) قول ز أو رضع كثيرًا أو نحو ذلك الخ. يقتضي أن الحياة هنا لا تتقيد

ص: 55

حياة محققة بأن استهل صارخًا أو رضع كثيرًا أو نحو ذلك سواء زايلها حية أو ميتة فالاستثناء منقطع ثم مات (فالدية إن أقسموا) أي أولياؤه أنه مات من فعل الجاني (ولو مات) الجنين (عاجلًا) لتحقق حياته واستقرارها وإن لم تستمر فإن لم يقسموًا فلا غرة لهم كما اختاره عبد الحق مخالفًا لقول بعض شيوخه لهم الغرة فقط كمن قطعت يده ثم نزا فمات وأبوا أن يقسموا فلهم دية عمد انظر تت والمعتمد ما لعبد الحق وفرق بين قطع اليد بأنه موجود بخلاف موجب الغرة فإنه مفقود باستهلاله حيًّا ثم مات فلا غرة مع إبايتهم من قسامة وبالغ المصنف على موته عاجلًا لمخالفته للجنين الكبير وفرق بأن الجنين الصغير لضعفه يسرع إليه الموت بأدنى سبب فإن قتل الصغير شخص آخر عمدًا بعد نزوله حيًّا فعليه القصاص وخطأ فالدية إن كانت حياته محققة وإلا فالأدب فقط في تعمده وعدى ملقيه الغرة ذكره ابن المواز (وإن تعمده) أي تعمد الجاني الضرب (بضرب بطن أو ظهر أو رأس) فنزل مستهلًا ثم مات (ففي القصاص) بقسامة أو الدية بقسامة في ماله لأن موته عن سبب عمد (خلاف) الراجح منه في الأولين القصاص بقسامة وفي الثالث الدية في ماله بقسامة كتعمده بضرب يدها أو رجلها والعلة على الضعيف في إلحاق الرأس بالبطن أن في الرأس عرقًا يسمى عرق الأبهر واصل إلى القلب فما أثر في الرأس أثر في القلب بخلاف اليد والرجل وما ذكرناه من جعل ضمير تعمده البارز للضرب نحوه لحلولو وإن لم يقصد به الجنين وهو ظاهر ابن عرفة والموافق لقوله إن قصد ضربًا وإن بقضيب نعم لو كان الضارب الأب فشرط القصاص تعمد قتل الجنين ببطن خاصة وقولي حيًّا ثم مات تحرز عن نزوله ميتًا فالغرة (وتعدد الواجب) المتقدم ذكره وهو العشر أو الغرة إن لم

ــ

بالاستهلال وهو خلاف ما في ضيح فإنه لما قال ابن الحاجب فإن انفصل حيًّا مطلقًا الخ. قال الذي ضيح لو قال المصنف بعد قوله حيًّا واستهل لكان أحسن فقد قال ابن المواز لو خرج حيًّا ولم يستهل حتى قتله رجل لا قود فيه وإنما فيه الغرة وعلى قاتله الأدب قال وقال بعض العلماء فيه دية كاملة اهـ.

وقول ز فالاستثناء منقطع الخ. فيه نظر بل متصل وهو مستثنى من المنطوق والمفهوم (ولو مات عاجلًا) قول ز فإن لم يقسموا فلا غرة لهم كما اختاره عبد الحق الخ. هذا هو الظاهر لأن الجنين إذا استهل صار من جملة الأحياء فلم تكن فيه غرة بخلاف من قطعت يده ثم نزا فمات فإن دية اليد قد تقررت وردّ المصنف بلو قول أشهب بنفي القسامة واستحسنه اللخمي وقال لأن موته بالفور يدل على أنه من ضرب الجاني مات قال في ضيح والفرق لابن القاسم أن هذا المولود لضعفه يخشى عليه الموت بأدنى الأسباب اهـ.

(وإن تعمده بضرب ظهر الخ) يعني أن ما تقدم من الدية إذا خرج حيًّا ومات محله إذا كانت الجناية خطأ وأما إن تعمدها فإن كانت بضرب ظهر أو بطن فقال أشهب لا قود فيه بل تجب الدية في مال الجاني قال ابن الحاجب وهو المشهور قال في ضيح وصرح الباجي بالمشهور كالمصنف اهـ.

ص: 56

يستهل والدية إن استهل فأل للعهد الذكرى (بتعدده) أي الجنين (وورث) الواجب من عشر وغزة ودية إن استهل الجنين وفي نسخة وورثت أي الواجبات (على الفرائض) أي فرائض الله أي ما فرضه في القران فرضًا وتعصيبًا ولا يخالف هذا قولهم إن الجنين إذا لم يستهل صارخًا لا يرث ولا يورث لأن مرادهم لا يورث عنه مال يملكه والموروث هنا عوض ذاته (وفي الجراح) أي جراح الخطأ التي ليس فيها دية مقدرة أو جراح عمد لا قصاص فيه وليس فيه شيء مقدر كعظم الصدر وهشم الفخذ الواجب في ذلك (حكومة) أي حكم أي شيء محكوم به وبينه مدخلًا عليه باء التصوير بقوله: (بنسبة) أي بمثل نسبة (نقصان الجناية إذا برىء) ظرف للتقويم مقدم على عامله وكان الأولى تأخيره عنه لأن الأصل في العامل أن يتقدم على معموله أي إنما يقوم وقت برئه أي صحته خوف تراميه إلى النفس أو إلى ما تحمله العاقلة ثم برؤه لا يستلزم عوده كما كان لكن إن عاد كما كان فإنما على الجاني الأدب في العمد وإذا برىء على شين فعليه من الدية بقدر نسبة نقص قيمته مع

ــ

وقال ابن القاسم يجب القصاص بقسامة قال في ضيح وهو مذهب المدونة والمجموعة قال وألحق ابن مناس ضرب الرأس بالظهر والبطن بخلاف ضرب الرجل وشبهها ونص ابن أبي زيد في مختصره على أن ضربها في الرأس كالرجل في نفي القصاص ووجوب الدية في مال الجاني اهـ.

وقال ابن عرفة الشيخ عن ابن القاسم في المجموعة هذا إن تعمد ضرب البطن أو الظهر أو موضعًا يرى أنه أصيب به أما لو ضرب رأسها أو يدها أو رجلها ففيه الدية قلت قوله أو رأسها يرد ما نقله عبد الحق عن ابن مناس أنه يقول ضربها في الرأس كضربها في البطن اهـ.

وقال بعض الراجح القصاص بقسامة في ضرب الظهر والبطن والراجح عدم القصاص بل الدية بقسامة في ضرب الرأس مثل ما ذكره ز (وورثت على الفرائض) أي للأب الثلثان وللأم الثلث ما لم يكن له إخوة فلأمه السدس وقال ربيعة للأم وحدها لأنها قيمة عضو منها وقال ابن هرمز على الثلث والثلثين فإن مات أحدهما انفرد الآخر وقاله مالك ثم رجع عنه إلى الأول قال في ضيح وانظر كيف يتصور أن ينفرد الأب أي مع أن الغرة على مذهب المدونة إنما تجب إذا انفصل عنها وهي حية وأجاب البساطي يتصوّره في جنين النصرانية لذي تقدم أنه كجنين الحرّة المسلمة وكذا جنين الأمة من سيدها اهـ.

وقال طفى جواب البساطي مبني على أن المراد بالانفراد بغير موت أحدهما والذي في تبصرة اللخمي وشرح الجلاب لابن التلمساني أن الانفراد واقع بالموت وجواب الإشكال أن مبناه على مذهب المدونة في اشتراط أن يزايلها حية وصاحب هذا القول لا يشترطه اهـ. بخ.

(وفي الجراح حكومة) ابن عاشر اتفقت الأنقال التي حكاها ابن عرفة في تفسير الحكومة أنها اسم لأعمال النظر المؤدي إلى معرفة الواجب في الجملة وإن اختلفت في كيفية النظر وألفاظ المدونة يأتي فيها تارة لفظ الحكومة وتارة لفظ الاجتهاد فيحتمل أن يكونا مترادفين اهـ.

ص: 57

الشين عن قيمته سليمًا مع أدبه في العمد كما أشار لذلك بقوله: (من قيمته عبدًا) سليمًا وهو حال من الضمير البارز أي حال كونه مفروضًا عبوديته لا حريته (فرضًا) أي تقديرًا أي يقدر المجني عليه عبدًا سالمًا من جنس صفته إن أبيض فأبيض وإن حبشيًّا فحبشي وإن أسود فأسود فيما يظهر ولعل هذا البيان الواقع إذ لا تختلف قيمة البعض من كل إذا نسب للدية والجار والمجرور متعلقان بنقصان فهو المنسوب إليه وأما المنسوب فالقيمة مع النقص (من الدية) متعلق بالمحذوف الذي قدّرناه وهو مثل أي معنى الحكومة أن يقدر المجني عليه عبدًا فيقوّم بعد برئه فيقال قيمته بدون جناية عشرة ومعها تسعة مثلًا فالتفاوت بين القيمتين مثلًا هو العشر فيجب على الجاني نسبة ذلك من الدية وهو عشر الدية ودل قوله بنسبة نقصان الخ أنه برىء على شين فإنه برىء ما فيه حكومة على غير شين فلا شيء فيه سوى الأدب في العمد بخلاف ما فيه شيء مقدر كما سيقول وإن بشين ثم الذي استحسنه ابن عرفة القول بأن على الجاني أجرة الطبيب وثمن الدواء سواء برىء على شين أم لا مع الحكومة في الأول وأما ما فيه شيء مقدر فليس فيه سواه ولو برىء على شين سوى موضحة الوجه والرأس فمعه أجر الطبيب وثمن الدواء (كجنين البهيمة) يضرب بطنها مثلًا فألقت جنينًا ضعفت بسببه وهو تشبيه في قوله حكومة فعلية دفع ما نقصته الجناية من قيمتها قيل الجناية عليها وتقوم يوم البرء أيضًا سواء ألقت الجنين حيًّا أو ميتًا لكن إن نزل ميتًا فلا شيء فيه وإن نزل حيًّا فمات دفع قيمته مع ما نقصتها الجناية وهل يراعى في تقويمها كونها تحلب عليه وعلى صورة عجل كما في مسألة من أهلك على بقرة أم لا يراعى ذلك واستثنى منقطعًا من قوله وفي الجراح حكومة فقال: (إلا الجائفة) عمدًا أو خطأ وهي مختصة بالبطن والظهر (والآمة فثلث) من دية خطأ والظاهر أنها مخمسة كالدية الكاملة وانظر هل جراح الخطأ كلها كالأصابع والأسنان كذلك وهو الظاهر

ــ

وبه تعلم ما في تفسير ز وخش لها بالمحكوم به وعلى الأول يقدر في كلام المصنف مضاف أي مؤدي حكومة (من قيمته عبدًا فرضًا من الدية) قول ز من الدية متعلق بالمحذوف الذي قدرناه وهو مثل الخ. صواب ومراده التعلق المعنوي لأن من الدية متعلق بمحذوف حالًا من مثل أي بمثل نسبة نقصان الخ. كائنًا أي ذلك المثل من الدية ويصح تعلق من الدية بفعل مقدر أي يؤخذ بتلك النسبة من الدية وقال غ ومق أنه متعلق بنسبة وتبعهما طفى واعترضه ابن عاشر بأنه لا يصح بحال قال وبيانه أن نقصان الجناية من القيمة إنما ينسب من تلك القيمة لا من الدية ومثل تلك النسبة هو الواجب من الدية فالصواب أن من القيمة يتنازعه نسبة ونقصان ومن الدية متعلق بما ذكرناه وقول ز في من القيمة أنه متعلق بنقصان يعني أو بنسبة على التنازع كما ذكرنا ويدل عليه تقريره وقوله فهو المنسوب إليه أي فهو أي المجرور وهو القيمة سالمًا هو المنسوب إليه (إلا الجائفة) قول ز واستثنى منقطعًا الخ. فيه نظر بل الاستثناء متصل لأن لفظ الجراح يشمل ما فيه شيء مقدر ومالًا (والآمة) أي عمدًا أو خطأ إذ لا قصاص فيها وكذا الدامغة وقول ز وانظر هل جراح الخطأ كلها كذلك الخ. لا وجه للتنظير

ص: 58

أم لا ومثل الآمة الدامغة كما في العلمي انظر د وتقدم أن الجائفة ما أفضت للجوف أي دخلت فيه ولو مدخل إبرة فما خرق جلدة البطن ولم يصل للجوف فليس فيه إلا حكومة (و) إلا (الموضحة فنصف عشر) في الخطأ وأما في عمدها فالقصاص وما عداها من جائفة وآمة ومنقلة فعمده وخطؤه سواء (و) إلا (المنقلة والهاشمة فعشر ونصفه) وحقه أن لا يذكر هنا الهاشمة كما فعل في القصاص لأنها هي المنقلة كما هو ظاهر المدونة سيما مع اتحاد ديتهما قاله مق وبالغ على أن في الجراح المذكورة ما ذكر ولا يزاد عليه شيء بقوله: (وإن) برئت (بشين) أي على قبح (فيهن) أي في الجراح المذكورة فدفع بالمبالغة ما يتوهم من الزيادة ولو بالغ على نفي الشين أيضًا لدفع توهم النقص لكان أظهر في الجراح المذكورة ولا ينقص عنه وإن برىء على غير شين ولعله اعتنى بشأن الأولى لأن النقص يقتضي المخالفة لما ورد بخلاف الزيادة فالتوهم فيها أكثر بدليل وجوده في الموضحة ويستثنى من كلامه الموضحة فإنها إذا برئت على شين وهي في الوجه أو الرأس يدفع مع ديتها ما حصل بالشين على المشهور فيقوم عبدًا فرضًا سليمًا وبالشين ويعطي من الدية مثل نسبة ذلك وإنما يؤخذ القدر المذكور في الجراحات المذكورة (إن كن برأس أو لحى أعلى) الثابت عليها الأسنان العليا وهي كراسي الخد بخلاف الأسفل وهذا راجع لما عدا الجائفة فإنها مختصة بالظهر والبطن كما مر فقوله إن كن أي مجموع الجراحات لا جميعها ولا كل واحدة منها لأن الجائفة لا تكون برأس ولا لحى أعلى وقوله أو لحى أعلى لا يتأتى في الآمة إذ هي مختصة بالرأس واشتراطه فيها لبيان الواقع فهو من باب صرف الكلام لما يصلح له (والقيمة للعبد كالدية) فيما فيه شيء مقدر كالموضحة في الحر يؤخذ من قيمته بقدر ما يؤخذ من دية الحر فيؤخذ من موضحته نصف عشر قيمته وفي جائفته أو آمته ثلث قيمته وفي منقلته عشر قيمته ونصف عشر قيمته وهكذا (وإلا) يكن شيء من الجراح المذكورة برأس أو لحى أعلى بل في غيرهما كيد وعين ورجل (فلا تقدير) أي فليس فيه تقدير شيء معين من الشارع وإنما فيه حكومة باجتهاد الإمام (وتعدد

ــ

في جراح الخطأ ولا موجب للتوقف فيها وإنما حقه التنظير في العمد الذي لا قصاص فيه لعظم الخطر أو لعدم المماثل (والمنقلة والهاشمة) قول ز عن من وحقه أن لا يذكر هنا الهاشمة الخ فيه نظر مع قول المتيطي ما نصه واختلف في الهاشمة وهي التي هشمت العظم إذا كانت خطأ فقال محمَّد ليس فيها إلا دية الموضحة وقال ابن القصار من رأيه فيها دية الموضحة وحكومة قال وكان شيخنا أبو بكر يقول فيها ما في المنقلة اهـ.

وفي ق عن الكافي في الهاشمة عشر الدية مائة دينار وفيه عن ابن شاس أنها لا دية فيها بل حكومة وهذا كله يدل على أنها غير المنقلة فلا بد من ذكرها معها وقال ابن رشد أما الهاشمة فلم يعرفها مالك وقال ما أرى هاشمة في الرأس إلا كانت منقلة وديتها عند من عرفها من العلماء وهم الجمهور عشر من الإبل اهـ.

ص: 59

الواجب بجائفة نفذت) كأن يضرب في بطنه فينفذ لظهره وبالعكس فيتعدد الثلث الواجب فيكون فيها دية جائفتين وكضربه في جنبه فتنفذ للجنب الآخر (كتعدد الموضحة والمنقلة والآمة إن لم تتصل) تلك المذكورات ببعضها بل كل واحدة منها منفصلة عن الأخرى فتعدد الدية بتعدد كل وهذا راجع لما بعد الكاف (وإلا) بأن اتصل ما بين الموضحتين والمثقلتين والآمة بأن وصلت إلى أم الدماغ فهي واحدة متسعة (فلا) تتعدد الدية بل دية واحدة وذكره وإن كان مفهوم شرط ليرتب عليه قوله: (وإن بفور في ضربات) الأوجه وإن بضربات في فور إذ الضرب ليس ظرفًا للفور بل الآمر بالعكس وأجيب بأن الباء للظرفية وفي للسببية وما قبل المبالغة هو ما إذا تعددت بضربة واحدة وأما إذا تعددت بضربات كل ضربة في زمن من غير فورية فلكل واحدة حكمها اتصلت أم لا والاتصال في الموضحة أن يكون ما بين الموضحتين بلغ العظم أي أوضحه من صارتا شيئًا واحدًا وفي المنقلتين أن يطير فراش العظم من الدواء حتى يصير شيئًا واحدًا وفي الآمتين أن يقضيا للدماغ حتى يصيرا شيئًا واحدًا كما مر (والدية) الكاملة (في) ذهاب كل واحد من (العقل أو السمع أو البصر أو النطق) وهو صوت بحروف (أو الصوت) وهو هواء منضغت يخرج من داخل الرئة إلى خارجها كان بحرف أم لا فعطفه على ما قبله من عطف العام على الخاص إذ لا يلزم من ذهاب الخاص ذهاب العام (أو الذوق) وهو قوة منبثة في العصب المفروش على جرم اللسان يدرك بها الطعوم لمخالطة الرطوبة اللعابية التي في الفم وصولها إلى العصب وسواء كان ذهاب ما ذكر بجرح أو أكل أو شرب أو فعل من الأفعال حتى ذهب كما في الشاذلي والمراد ذهاب كل نوع بتمامه فإن ذهب بعضه فبحسابه من الدية ففي اللخمي ولو جن من الشهر يومًا أي مع ليلته كان له جزء من ثلاثين جزءًا من الدية وإن جن النهار دون الليل أو بالعكس كان له جزء من ستين جزءًا قاله الشارح قال د وظاهر هذا أنه لا يراعى طول النهار ولا قصره ولا طول الليل ولا قصيره حيث كان يحصل له الجنون في الليل فقط أو في النهار فقط وكيف يجعل الليل الطويل إذا كان يجن فيه مساويًا للنهار القصير والنهار القصير إذا كان يجن فيه مساويًا لليل الطويل وأجاب بعض شيوخنا بأنّ الليل الطويل والنهار القصير لما عادلها ما يأتي لهما من ليل قصير ونهار طويل صار أمر الليل والنهار مساويًا فلم يعوّلوا فيهما على طول ولا قصر اهـ.

ــ

(إن لم تتصل) قول ز وهذا راجع لما بعد الكاف الخ قال طفى بل هو راجع لما قبل الكاف أيضًا وهو الجائفة كما صرح به ابن شاس وابن عرفة وغيرهما اهـ.

قلت لا يتصور رجوعه لما قبل الكاف في كلام المصنف وهو نفوذها من جهة إلى أخرى نعم تعدد الجائفة في جهة واحدة كتعدد الموضحة فيما ذكره قال ابن عرفة وتتعدد المواضع ببقاء فصل بينها لم يبلغ غايتها ولو جرح أو ورم ولو كانت بضربة واحدة وتتحد بعدمه ولو عظمت في ضربات في فور واحد وكذا المنقلة والمأمومة والجائفة اهـ.

ص: 60

وهذا إنما يتم إذا استمر جنونه حتى عاد الليل طويلًا حيث جن وهو قصير وعكسه مع مراعاة عود الليالي الطويلة للقصيرة قاله عج أي لأن معنى ما للخمي أنه يجن في كل شهر يومًا فقط أو ليلة فصح جواب بعض شيوخ د فقول اللخمي من الشهر أي من كل شهر إذا بقي إلى دورة العام لا مطلقًا إذ من جن يومًا فقط أو ليلة فقط دون كل شهر فإنه يرد ما أخذ كما يأتي ذلك في بعض مسائل كقوله وسقط إن عادت وقوله ورد في عود البصر وقوة الجماع ومحل العقل القلب على المشهور ولا الرأس فإذا ضربه ضربة أوضحه فذهب عقله فتلزمه دية كاملة للعقل ونصف عشر دية للموضحة على المشهور وعلى الآخر لا يلزمه إلا دية للعقل فقط لقوله إلا المنفعة بمحلها وما ذكره المصنف من الديات إنما هو في الحر وأما المجني عليه إذا كان عبدًا فإنما على الجاني ما نقصه من قيمته ولم يذكر اللمس وهو قوّة منبثة أي مفروشة ومنتشرة في جميع البدن يدرك بها الحرارة والرطوبة وضديهما ونحوهما عند المماسة والاتصال به وظاهر صنيعه أن فيه حكومة إذ لم يذكره فيما فيه شيء مقدر وسكت عما فيه شيء مقدر وهو الشم وفيه الدية ويدل عليه ما يأتي له من قوله والشم برائحة حادّة وكذا الشفتان وعظم الصدر على أحد قولين وعن الدامغة وفيها ثلث الدية على المعتمد (أو) فعل به فعلًا أبطل (قوّة الجماع) أي أفسد إنعاظه ولا تندرج فيه دية الصلب وإن كان قوة الجماع فيه فعليه ديّتان في ضرب صلبه فأبطله وجماعه (أو نسله أو تجذيمه أو تبريصه) أي حصول ذلك وإن لم يعم (أو تسويده) وإن لم يعم فيما يظهر خلافًا لد لأنه نوع من البرص فإن جذمه وسوده فديتان فيما يظهر (أو قيامه وجلوسه) معًا وكذا قيامه فقط على المعتمد خلافًا لما في الشارح وأما جلوسه فقط فحكومة ففي مفهومه تفصيل فإن أذهب بعض كل فالظاهر حكومة ولما فرغ من الكلام على تعطيل المنافع ذكر الذوات فقال: (أو الأذنين) مذهب المدونة إن فيهما حكومة إن لم يذهب سمعه وإلا فالدية انظر الدميري وفي الشفتين الدية (أو الشوى) وهي جلدات الرأس جمع شواة وهي جلدة الرأس كذا نقل الشمني في حاشية المغني أي ونحوه في الجلالين ففي تفسير الشارح الشوى بجلدة الرأس إشكال وأجاب بعض شيوخنا عن ذلك بأنه يمكن أن يكون المراد بجلدات الرأس طبقاتها المتصلة وتكون الشوى طبقة منها ويمكن أيضًا أن يقال التعدد باعتبار محال الرأس وتكون الشوى جزءًا من ذلك قاله د فإن أذهب بعضها فبحسابه ويحتمل حكومة (أو العينين) وهذا غير مكرر مع قوله أو البصر لأن المذاهب هناك البصر خاصة والعين قائمة وهنا أغلقت الحدقة مع ذهاب البصر فأتى بهذا للإشارة إلى أن فيما ذكر الدية خاصة لا دية وحكومة وإن كان يعلم مما سيأتي قاله د

ــ

ومثله في ق عن ابن شاس. (أو الأذنين) تبع المصنف تصحيح ابن الحاجب وجوب الدية والمشهور كما في ابن عرفة وهو مذهب المدونة عدم الدية (أو الشوي) في الصحاح الشوي جمع شواة هي جلدة الرأس اهـ.

ص: 61

(أو عين الأعور) المبصرة دية كاملة (للسنة) به قضى عمر وعثمان وعليَّ وابن عباس وقاله ابن المسيب وسليمان بن يسار ابن شهاب أي قال ابن شهاب بذلك مضت السنة كما نقله عنه ابن المواز على ما حكى في النوادر ابن عبد السلام ظاهر السنة مع المخالف لما في كتاب عمرو بن حزم أي لعمومه إذ لم يخص عين صحيح ولا أعور لكن ابن شهاب أعلم بالسنة وإليه ذهب العراقيون وأخرج من قوله أو عين الأعور قوله: (بخلاف كل زوج فإن في أحدهما نصفه) أي نصف الواجب في الزوج أي نصف ديته إذا لم يكن له إلا يد أو رجل مثلًا واحدة جنى عليها والفرق أن نور العين الذاهبة ينتقل للباقية فصار بمنزلة عينيه ولا كذلك غيرها من الأعضاء انظر د ورد بأنه خلاف مذهب أهل السنة لأن البصر عرض والأعراض لا تنتقل ولذا علل المصنف ذلك بقوله للسنة ويدخل في ذلك إحدى الأنثيين (و) الدية (في اليدين) ولو من الساعد (وفي الرجلين) ولو من رأس الورك وسواء قطع كلًّا منهما أو أبطل منفعته بكسر أو غيره كرعشة وأما إن قطع الأصابع أو مع الكف أو مع الكتب فأخذت الدية ثم حصلت جناية عليها بعد إزالة الأصابع فحكومة سواء قطع اليد من الكوع أو المرفق أو المنكب أو الرجل إلى الورك كذلك (ومارن الأنف والحشفة وفي بعضهما بحسابها) أي الدية (منهما) أي من المارن والحشفة فإذا قطع بعض واحد منهما قيس مما فيه الدية منه (لا) يقاس (من أصله) أي المارن والحشفة وأصل الأول الأنف والثاني الذكر لأن بعض ما فيه الدية إنما ينسب إليه لا إلى أصله وانظر لو خلق له ثلاثة أيد أو أرجل أو ذكوان وفي كل قوّة الأصلي ثم قطع الثلاثة أو الذكرين (وفي الأنثيين مطلقًا) أي سواء سلهما أو قطعهما أو رضهما ولو قطع الذكر والأنثيين فديتان ولو في مرة واحدة كما في ق عند قوله إلا المنفعة بمحلها وهذا إن فعل ذلك بحرفان فعله بعبد ففي الشامل ولوجب عبدًا أدب في العمد ولا غرم إن لم ينقصه اهـ.

وتقدم في الغصب فيما لا ضمان فيه على الغاصب أو خصاه فلم ينقص أي فإن نقصه غير الغاصب غرم نقصه ويحتمل قيمته وسيأتي في العتق أنه يعتق بالحكم على مالكه إن فعل به ذلك للشين لقوله فيه إن عمد لشين (وفي ذكر العنين) وهو من لا يتأتى له به جماع لصغره أو لعدم إنعاظه لكبر أو علة من جميع النساء (قولان) بالحكومة والدية وهو الراجح كذكر معترض عن بعض نساء اتفاقًا وفي ذكر الخنثى المشكل نصف دية

ــ

والمراد بالشوي الجنس فيصدق بالواحدة. (وفي ذكر العنين قولان) قال في الذخيرة ما نصه للذكر ستة أحوال يجب الدية في ثلاثة وتسقط في واحدة ويختلف في اثنين فالثلاثة قطعه جملة أو قطع الحشفة وحدها أو أبطل النسل منه بطعام أو شراب وإن لم يبطل الإنعاظ وتسقط إذا قطع بعد قطع الحشفة وفيه حكومة ويختلف إذا قطع ممن لا يصح منه النسل وهو قادر على الاستمتاع أو عاجز والشيخ الكبير ولمالك في العنين والذي لم يخلق له ما يصيب به النساء قولان اهـ.

ص: 62

ونصف حكومة (وفي شفري المرأة) الدية (إن بدا العظم) من فرجها وإلا فحكومة والشفران بشين معجمة مضمومة ففاء ساكنة اللحمان في جانبي الفرج المحيطان به المغطيان له وشفر كل شيء حرفه وفي إحداهما نصفها (وفي) قطع (ثدييها) أي المرأة الدية مطلقًا (أو حلمتيهما) أي الثديين وفي بعض النسخ حلمتيها بالأفراد أي المرأة الدية (إن بطل اللبن) شرط في الحلمتين أو أفسد مخرجه أو أفسد اللبن وكذا إن أفسد ما ذكر بغير قطع فإن عاد بعد فساده ردت ما أخذت وقوله بطل أي بالفعل أو على تقدير أن يكون بها لبن فتدخل العجوز والعقيم واستظهر ابن عرفة أنه من العجوز كيد شلاء وفي ثدي الرجل حكومة وهو بفتح المثلثة وبكسرها يذكر ويؤنث والتذكير أشهر وجمعه أثد وثدي بضم المثلثة وكسرها ويكون للمرأة والرجل وأكثر استعماله في المرأة ومنهم من خصه بها والصواب الأول (واستؤنى بالصغيرة) التي لم تبلغ إذا قطع ثدييها أو حلمتيهما ليختبر هل بطل لبنها أم لا والظاهر أن تحققه لا يتوقف على كونها مرضعة ولا كونها ثيبًا ذ قد شوهد وجوده في غير المرضع قاله د (و) استؤتى في قلع (سن لصغير لم يثغر) بضم المثناة التحتية وسكون المثلثة أي لم تسقط رواضعه (للإياس) في الخطأ (كالقود) في العمد فإن نبتت فلا كلام (وإلا) تنبت (انتظر) بالعقل والقود (سنة) أي تمامها فالشرط في مقدر فالمراد إن حصل يأس قبل السنة انتظر تمامها لا ما يفيده ظاهره من أن معناه وإن لم يحصل الإياس انتظر سنة لأنه إذا مضت ولم يحصل يأس انتظر على المعتمد كأقصى الأجلين فإن مات قبل اليأس ومضى سنة لم يقتص من الجاني إذ لا قصاص بالشك وتؤخذ الدية في الخطأ (وسقطا) أي القصاص والدية (إن عادت وورثا) عنه (إن مات) بعد الأجل وقبل العود وأما يثغر بفتح التحتية وفتح المثلثة مشددة فهو نباتها بعد سقوط الرواضع ولا تصح إرادته هنا لأنه إذا جنى على ما نبت بعد سقوط الرواضع فتؤخذ الدية معجلة في الخطأ والقصاص في العمد من غير استيناء (وفي عود السن أصغر) للصغير (بحسابها) فإن نقص نصفًا فنصف ديتها كما في نقص السمع ولا يقوّم عبد سليمًا

ــ

وأصله اللخمي وحكاه عنه ابن عرفة وعطف الشيخ الكبير على العاجز من عطف الأخص على الأعم لشمول العاجز له وللعنين والحصور وبه تعلم ما في اعتراض طفى على تت في إدخاله الشيخ الكبير في التقسيم والله أعلم. (كالقود وإلا انتظر سنة) قال غ هذا كقول ابن الحاجب وسن الصبي لم يثغر للإياس وإلا انتظر بها سنة اهـ.

وقد تردد ابن راشد في معنى وإلا انتظر بها سنة وقال لم أقف عليه لغيره وقال ابن عبد السلام معناه أنه إذا جاوز السن الذي تنبت فيه ولم تنفض سنة انتظرت بقية السنة ووجبت الدية في الخطأ والقصاص في العمد وقبله في ضيح وقال ابن عرفة لا نص فيها على أمد الوقوف ونقل أبي محمَّد رواية المجموعة أنه إن أيس من نباتها أخذ الصبي العقل يقتضي أنه زمان معتاد نباتها وإلا ظهر أنه الأكثر من معتاده أو سنة اهـ.

ص: 63

ومعيبًا كما تقدم في الحكومة فإن قوّم كذلك وزاد نقص ما بين القيمتين عن دية السن فالظاهر أنه لا يعطي غير دية نقص السن والظاهر أنها إذا عادت أكبر مما كانت ففيها حكومة ولم يقل وفي عودها مع أنه أخصر لئلا يتوهم عوده للمذكورات الثلاثة قبله (وجوب العقل) المشكوك في زواله بجناية وادعى أولياؤه زواله (بالخلوات) أي جربه أهل المعرفة بجعله في خلوات متكررة كما يفهم من جمعه ويتجسس عليه بالدخول عليه فيها أو ينظر له بعد خروجه منها أذهب كله أو بعضه معينًا بالجناية عليه خطأ وكذا عمدًا وفائدته فيه أن يعرف النقص ليرجع بما بقي كما تقدم في قوله وإن ذهب كبصر بجرح وكذا يجري ذلك فيما يأتي وقد علمت أنه لا يتأتى أن يكون المدعي ذهابه إلا أولياء المجني عليه ثم إن علم حال المجني عليه قبل الجناية فظاهر وإلا حمل على أنه كان كاملًا إذ الظالم أحق بالحمل عليه والمراد بالكمال الوسط فإن شك أهل المعرفة فيما نقص بالجناية أثلث أو ربع حمل في العمد على الأول للعلة المذكورة وفي الخطأ على

ــ

كلام غ فالظاهر أن مراد المصنف ما قاله ابن عبد السلام وابن عرفة وبه تعلم أن قول ز فإن نبتت فلا كلام وإلا انتظر الخ. غير صواب والذي ينبغي أن يقول فإن لم يحصل الإياس قبل سنة روعي الإياس والإبان حصل الإياس قبل سنة انتظر تمام سنة وقال د قوله وإلا انتظر يقتضي أن المعنى وإن انتفى الإياس الخ. وليس كذلك إذ الانتظار إنما هو عند حصول الإياس كما قررنا وأجاب بعض شيوخنا عنه بأنه ليس القصد نفي ما تقدم على حدّ قول صاحب البردة:

إن لم يكن في معادي آخذًا بيدي

الخ. اهـ.

واعلم أن الانتظار بعد أن يؤخذ ويجعل تحت يد أمين وقيد اللخمي الإيقاف بغير المأمون قال وأما الجاني المأمون فلا يوقف اهـ.

(وجوب العقل بالخلوات) قول ز بجعله في خلوات متكررة ويتجسس عليه بالدخول عليه الخ. كله فيه نظر وإنما مراد المؤلف أن يترك حتى يكون خاليًا ويطلع عليه في الخلوات من حيث لا يشعر ويتأمل أحواله فيها قال غ أشار المصنف لقول الغزالي وإذا شككنا في زوال العقل راقبناه في الخلوات ولا نجعله في خلوات قصدًا لئلا يتجانن في الخلوات كذا رأيته في نسختين من الوجيز بتفكيك يتجانن والصواب يتجان بالإدغام ولم يذكره ابن شاس ولا ابن الحاجب ولا ابن عرفة ولا المصنف في ضيح اهـ.

وقال ابن عرفة ابن رشد إن نقص بعضه ففيه بحساب ذلك اللخمي تجب الدية بكونه مطبقًا لا يفيق وإن ذهب وقتًا فله من ديته بقدره إن ذهب يومًا وليلة من الشهر فله عشر ثلثها وإن ذهب من ذلك اليوم ليله دون نهاره أو عكسه فله نصف عشر ثلثها وإن ذهب يومًا بعد يوم فله نصفها وإن كان يذهب من ذلك اليوم ليله دون نهاره أو عكسه فله ربعها وإن لازم ولم يذهب جملة ومعه شيء من تمييز فله بقدر ما ذهب يقوم عبدًا سليم العقل فإن قوم بمائة

ص: 64

الثاني لأن الذمة لا تلزم بمشكوك فيه (و) جرب (السمع) الذاهب بدعوى المجني عليه من إحدى أذنيه (بأن يصاح) مع سكوت الريح (من أماكن مختلفة) المشرق والمغرب والجنوب والشمال ووجه الصائح لوجهه في كل جهة وله أن يبدأ من بعد ثم يقرب وعكسه واقتصار تت على الأول فرض مسألة وكذا يقال في البصر (مع سد الصحيحة) سدًّا متقنًا ثم يقرب منه أو يبعد عنه شيئًا فشيئًا إلى أن يسمع ثم تسد تلك الأذن وتفتح الأذن الصحيحة ويصاح به كذلك ولو من مكان واحد فيما يظهر ثم ينظر أهل المعرفة ما نقص من سمع المجني عليها (ونسب لسمعه الآخر) في الأذن الصحيحة ويؤخذ من الدية بتلك النسبة كما يذكره فإن لم يسكن الريح صيخ عليه من الجهة التي هو فيها ساكن وأخرت الأخرى إلى أن يسكن (وإلا) يجن عليه في إحداهما بل فيهما ولكن بقي فيهما بقية أو في إحداهما والأخرى معدومة أو ضعيفة قبل ذلك (فسمع وسط) أي يقضي له بالدية بالنسبة إلى سمع رجل سماعًا وسطًا لا في غاية حدّة السمع ولا في غاية ثقله وأن يكون مثله في السنن فيوقف المجني عليه ويصاح عليه من الجهات الأربع أو يختبر فيها بصوت قوي كطبل وبوق وتجعل في كل جهة من الأربع علامة على انتهاء سمعه وينظر ما نقص من سمعه عن سمع الرجل الوسط ثم يؤخذ نسبة ذلك من الدية وهذا إن لم يعلم سمعه قبل ذلك وإلا أعطى مثله عاليًا أو أدنى وإذا ادعى ذهاب جميعه في الجناية عليهما وأنه لم يبق فيهما بقية فإنه يجرب أيضًا بالأصوات القوية كما في مق وذكر ما يتعلق بقوله ونسب لسمعه الآخر وبقوله فسمع وسط فقال (وله نسبته) بشرطين (إن حلف) على ما ادعى انتهاء سمعه إليه وهي يمين تهمة إذ الجاني لا يحقق كذب المجني عليه وإنما يتهمه قاله الشارح (و) الثاني (لم يختلف قوله) في ذلك أو يختلف اختلافًا متقاربًا (وإلا) يحلف أو اختلف قوله اختلافًا بينًا (فهدر) لا شيء فيه لأن ذلك يدل على كذبه (و) جرب (البصر بإغلاق) العين (الصحيحة كذلك) أي كالسمع من أماكن مختلفة ثم تغلق المصابة وينظر انتهاء ما أبصرت به الصحيحة ثم تقاس إحداهما بالأخرى (فإذا علم) قدر النقص كان له

ــ

قوّم ثم يقوّم بما يقوّم فقيده الذي لا تمييز عنده فإن قوّم بعشرين كان مناب عقله ثمانين ثم يقوّم على هذه الصورة من العقل فإن قوّم بأربعين فعلى الجاني ثلاثة أرباع الدية قال وابن عبد السلام وابن هارون من عادتهما نقل كلام اللخمي وها هنا لم يتعرضا له فلعله لصعوبة فهمه ثم قال والجاري على أصل المذهب تقويمه سليمًا ثم يقوَّم بحالته فبقدر ما بينهما يكون على الجاني من قيمته فإذا كانت قيمته سليمًا مائة وقيمته على ما هو عليه أربعون كان على الجاني ثلاثة أخماس ديته فتأمله اهـ.

(والسمع بأن يصاح من أماكن مختلفة) هذا إن ادعى ذهاب بعض السمع لا جميعه إذ لا يأتي فيه ما ذكر بل يختبر بأن تسد الصحيحة ثم يتغافل حتى يجد منه غفلة فيصاح به بصوت عنيف فإذا أفزع علم أنه كاذب (والبصر بإغلاق الصحيحة كذلك) هذا إن ادعى ذهاب بعضه

ص: 65

بحسابه فإن جنى عليهما نسب لبصر وسط إن لم يعلم بصره قبل الجناية وإلا فلما علم قلّ عن الوسط أو أكثر ولم يسقط المصنف قوله بإغلاق الصحيحة لئلا يقتضي التشبيه أن العين الصحيحة تسدّ وليس كذلك وإنما تغلق وقد يقال المعنى ظاهر ولو أسقطه لشمل ما إذا كانت الجناية على واحدة والأخرى معدومة وما إذا كانت عليهما ويكون التشبيه تامًّا (و) جرب (الشم) المدعي ذهاب جميعه (برائحة حادّة) أي منفردة للطبع لأنه لا يقدر على ذلك غالبًا غيره حتى ينفر منها بعطاس ونحوه خصوصًا إن استديم ذلك مقدار ما يختبر فيه فإن ادعى ذهاب بعضه نسب لشم وسط بعد حلفه لعسر الامتحان قاله غ وتبعه د فإذا قال أشم إلى عشرة أذرع فقط صدق بيمين من غير اختبار بمشموم حادّ الرائحة ونسب لشم وسط لعسر الامتحان كما قال إذ لا يعقل سدّ الجزء الباقي منه حتى يختبر ما ذهب من أماكن (و) جرب (النطق) الذاهب بعضه (بالكلام) من المجني عيه (اجتهادًا) أي يرجع في نقصه لما يقوله أهل المعرفة الناشىء عن اجتهادهم في ذلك ولا ينظر في النقص إلى عدد الحروف فإن فيها الرخو والشديد فإن اختلفت في ذهاب ربعه أو ثلثه أعطى الثلث والظالم أحق بالحمل عليه قاله الشارح ومفاده أنه في الجناية عمدًا لا خطأ فالربع لأن الذمة لا تلزم بمشكوك وقد يقال يشمله لأنه مفرط وينبغي أن يجري ذلك في جميع ما هنا وفي عج عند قوله والسمع الخ ما يفيد الحمل على الوسط في الخطأ (والذوق بالمقر) بفتح الميم وكسر القاف أي الشيء المرّ الذي لا يمكن الصبر عليه مثل الصبر بفتح المهملة وكسر الموحدة وتسكن في ضرورة الشعر كقوله:

والصبر كالصبر مر في مذاقته .... لكن عواقبه أحلى من العسل

وأما المبتدأ به في البيت الذي معناه تحمل المشاق فهو مسكن الباء فقط حتى في غير الضرورة ومنه قوله تعالى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: 127](وصدق) بالغ (مدعي ذهاب الجميع بيمين) في جميع ما تقدم إن لم يقدر على اختباره بما تقدم إلا العقل إذ لا دعوى له كما يفيده قوله مدعي أو يشمل العقل ويراد بمدعي ما يشمل المجني عليه ووليه في مسألة العقل لكن لا يمين عليهم لأنهم لا يحلفون ليستحق غيرهم وتصديقه بعد اختباره وعدم تبين شيء به وانتظر بلوغ الصبي (و) العضو (الضعيف) الذي لم يذهب جل نفعه (من عين ورجل ونحوهما) كيد ضعفًا لا بجناية بل (خلقة) أو لكبر أو بسماوي (كغيره) من السليم في القود والعقل كاملًا وقوله فيما مر وذكر وصحيح وضديهما في الجناية على النفس وما هنا على الأطراف نعم هو مكرر مع قوله وتؤخذ العين السليمة بالضعيفة خلقة الخ (وكذا) في القود والعقل الكامل (المجني عليها) قبل ذلك جناية خطأ لم تذهب جلها ثم جنى عليها آخر فهي كسليمة (إن لم يأخذ) أي إن لم يكن أخذ (لها عقلًا) في الأولى فإن أخذ لها عقلًا فينسب

ــ

فإن ادعى ذهاب جميعه اختبر بالأشعة التي لا ثبات للبصر معها أو يشار إلى عينه بعد أن يغفل (وكذا المجني عليها إن لم يأخذ لها عقلًا) قول ز ذهب جل المنفعة أم لا الخ فيه نظر

ص: 66

الثاني للذاهب وله بحساب ما بقي كأن ذهب جل نفعه ولو بسماوي أو خلقة أي له بحساب ما بقي إن لم يكن أخذ عقلًا وجناية العمد تقدمت عند قوله وتؤخذ العين السليمة بالضعيفة خلقة أو من كبر ولجدري أو لكرمية فالقود إن تعمده وإلا فبحسابه وتقدم أنه يقيد لمحوله وإلا فبحسابه بما هنا أي حيث أخذ عقلًا وحاصل كلامه هنا وفيما مر مع زيادة أن ذلك أربع صور لأن الجناية الثانية إن كانت عمدًا اقتص من الجاني مطلقًا أي سواء كانت الأولى عمدًا أو خطأ أخذ لها عقلًا أم لا ذهب جل المنفعة أم لا كما تقدم في قوله أو لكرمية فالقود إن تعمده إذ قوله أو لكرمية صادق بكونها خطأ أو عمدًا أخذ لها عقلًا أم لا فهذه ثمان مسائل في الصورة الأولى الثانية أن تكون الثانية خطأ والأولى كذلك وأخذ لها عقلًا فله في الثانية بحساب ما بقي وهذه مفهوم الشرط هنا الثالثة أن يكون كل خطأ ولم يأخذ عقلًا للأولى بل عفى عنه فالظاهر أن له بحساب ما بقي لأن قول المصنف إن لم يأخذ أي إن لم يجب لها عقل وهذه وجب لها عقل وعفوه عنه لا يخرجه عن وجوبه بحسب الأصل فلذا كان الظاهر أن له بحساب ما بقي فإن كان لتعذر الأخذ من الجاني استحق بالجناية الثانية كل الدية وهذه داخلة في منطوق المصنف إلا أن تذهب الأولى جل المنفعة فبحساب ما بقي الرابعة أن تكون الثانية خطأ والأولى عمدًا أذهبت جل نفعها فعلى الثاني بحساب ما بقي فإن أذهبت دون جله فإن لم يصالح بشيء فله في الثانية العقل تمامًا وإن أخذ شيئًا فالظاهر أن له بحساب ما بقي ويستثنى من قوله والضعيف الخ. السن المضطربة جدًّا واليد الشلاء فإنه لا يقتص منها حيث عدمت النفع ولا لها إلا من مثله كما يأتي قريبًا (و) الدية واجبة (في) قطع بعض (لسان الناطق) ولو بالقوّة كلسان الصغير قبل نطقه فيما يظهر لأن الغالب نطقه بعد والخرس نادر ولأنهم لم يذكروا الحكومة إلا في لسان الأخرس كما يأتي وقد يقال الذمة لا تلزم بمشكوك فيه (وإن لم يمنع النطق ما قطعه) من اللسان (فحكومة) باجتهاد الحاكم أو من حضر فإن منع ما قطعه النطق أو بعضه فتقدم في قوله والنطق بالكلام اجتهادًا وفي قوله عاطفًا على ما فيه الدية أو النطق وكلام المصنف فيما إذا قطع بعضه كما مر خطأ كما هو مقتضى سياقه وأما إن قطع ذلك عمدًا فانظر هل يقتص

ــ

بل الظاهر أنه لا قصاص إذا أذهبت الجناية الأولى جل المنفعة ثم رأيت كلام ابن رشد صريحًا فيما ذكرته ونصه إن أصيبت بسماوي وأتى النقص على أكثرها فإنما فيها بحساب ما بقي أصيبت عمدًا أو خطأ اهـ. من ابن عرفة.

(وإن لم يمنع النطق ما قطعه فحكومة) قول ز فانظر هل يقتص منه الخ. هذا قصور وفي المدونة ما نصه وفي اللسان القود إن كان يستطاع القود منه ولم يكن متلفًا مثل الفخذ ومثل المأمومة والمنقلة فإن كان متلفًا لم يقد منه ابن القاسم ولا يقاد من ذلك ولا يعقل حتى يبرأ اهـ.

أي لأنه قد ينبت ويعود كما في المدونة لكن قال عياض الظاهر تعجيل القود كسائر الأعضاء إن كان كما قال يستطاع القود منه وإنما الانتظار في الدية اهـ. بخ.

انظر طفى وقال في الذخيرة قيل لمالك اللسان يعود وينبت قال ينتظر إلى ما يصير إليه إن منع القطع الكلام فالدية ولا ينتظر القود اهـ.

ص: 67

منه مع احتمال أنه يذهب بذلك نطقه لأن الظالم أحق بالحمل عليه وهو مقتضى ما تقدم في وإن ذهب كبضر بجرح اقتض منه فإن حصل أو زاد الخ أو يقال فيه حكومة ويكون كالمتآلف أو يسأل أهل المعرفة فإن قالوا إن فعل بالجاني لا يريد فعل به وإلا لم يفعل به (كلسان الأخرس) لعل المراد به من عدم النطق دائمًا لا من يعرض له عدم النطق لعارض ثم يحتمل أن يزول وهذا يتبين بمعرفة حقيقته قبل الجناية وبمعرفة ما ذهب منه إذ به يعرف ما بقي منه ويفيد كلامه بما لم يكن به ذوق محقق ويذهب وإلا فدية لا حكومة وهذا يفهم من البساطي والمدونة كما في كر انظر عج ويفيد كلامه أيضًا بما إذا لم يذهب صوته د إلا فالدية (و) حكومة في (اليد) أو الرجل (الشلاء) أي التي لا نفع فيها أصلًا فإن كان بها نفع دخلت في قوله والضعيف من عين الخ د إذا قطع الأخرس لسان مثله أو الأشل مثله فالقصاص كما يؤخذ من تت عند قول المصنف وفي الأصبع الزائدة الخ وقال د ظاهر كلامه كغيره إن في كل من هذه حكومة ولو كان الجاني مثل ذلك اهـ.

وليس كلامه هنا مكررًا مع قوله فيما مر كذي شلاء عدمت النفع بصحيحة لأن ما مر بين أن لا قصاص وإنما فيه العقل وبين هنا ما المراد بالعقل (والشاهد) وهو ما عدا الأصابع من اليد التي منتهاها المنكب وسواء ذهب الكف بسماوي أو بجناية أخذ لها عقلًا أم لا ويندرج في دية أصبعين أو أكثر على المذهب ولا يندرج في أصبع واحدة فمن قطع خطأ يد شخص فيها أصبعان فعليه ديتهما فقط بلا حكومة فيما زاد عليهما سواء قطعها من الكوع أو من المرفق أو من المنكب ومن قطع يد شخص فيها أصبع واحدة فعليه دية الأصبع وحكومة فيما زاد على الأصبع سواء قطعها من الكوع أو من المرفق أو المنكب وتقدم ذلك أيضًا ويجري هذا كله في الرجل (و) حكومة في قطع (أليتي المرأة) بفتح الهمزة خطأ لا دية خلافًا لأشهب قائلًا هما أعظم عليها من ثدييها ووجه الأول عدم ورود النص فيهما وقياسًا على أليتي الرجل وأما قطعهما عمدًا ففيه القصاص (و) حكومة في قلع (سن مضطربة جدًّا) بأن لا يرجى ثبوتها إذا قلعت وينبغي إن لم يكن أخذ لها عقلًا والفرق بين هذا والعسيب بعد الحشفة أن الجناية في السن لا تختلف وفي الذكر تختلف انظر د فإن اضطربت لا جدًّا بل يسيرًا ففي قلعها العقل كاملًا (و) حكومة في قطع (عسيب ذكر بعد) ذهاب (الحشفة) لأن الدية إنما هي للحشفة البساطي إطلاق العسيب

ــ

هكذا فيه القود بالقاف لا بالعين خلافًا لتت. (وسن مضطربة جدًّا) قول ز بأن لا يرجى ثبوتها إذا قلعت الخ. صوابه إذا تركت وقول ز وينبغي إن لم يكن أخذ لها عقلًا أي لأن في اضطرابها جدًّا العقل كما يأتي لكن ما ذكره غير صواب لما يأتي قريبًا عن ابن عرفة إن في طرحها بعد العقل الاجتهاد بقدر ما ذهب من جمالها وقول ز إن الجناية في السن لا تختلف وفي الذكر تختلف الخ. أي لأن الجاني الثاني في السنن أزال عين ما أزال الأول بخلاف الذكر فإن المزال ثانيًا غير المزال أولًا (وعسيب ذكر) نحوه في المدونة قال في ضيح وقد يقال الظاهر لزوم الدية لأنه يجامع به وتصل إليه به اللذة اهـ.

ص: 68

على الباقي بعد الحشفة مجاز قاله تت أي مجاز باعتبار ما كان إذ العيب إنما يقال مع بقاء الحشفة قال متى لو قال وعسيب حشفة لكان أخصر (و) قلع شعر (حاجب وهدب) واحد كل منهما أو متعدد وكذا شعر الرأس واللحية في كل حكومة إن لم ينبت فإن نبت وعاد لهيئته فلا شيء فيه إلا الأدب في العمد كما تقدم (و) قلع (ظفر) خطأ حكومة (و) عمدًا (فيه القصاص) وأما عمد غيره ففيه الأدب كما مر (و) الحكومة بالاجتهاد بما شأن من (إفضاء) أي رفع الحاجز بين مسلك الذكر والبول حتى يصير المخرجان مخرجًا واحدًا قاله الشارح وكذا اختلاط مسلك البول والغائط حيث لم تمت ومعنى الحكومة هنا أن يغرم ما شأنها عند الأزواج بأن يقال ما صداقها على أنها مفضاة وما صداقها على أنها غير مفضاة فيغرم النقص (ولا يندرج) الإفضاء (تحت مهر) سواء كان من الزوج أو من أجنبي اغتصبها (بخلاف) إزالة (البكارة) من الزوج أو الغاصب فتندرج تحت المهر لأنها من لواحق الوطء إذ لا يمكن إلا بها بخلاف الإفضاء قاله ابن عرفة (إلا) إن أزالها (بأصبعه) فلا يندرج ما شأنها بأصبعه بالنسبة للسالمة عند الأزواج تحت مهر والزوج والأجنبي سواء إلا أن الزوج يلزمه أرش البكارة التي أزالها بأصبعه مع نصف الصداق إذا طلق قبل البناء ويتصور إزالتها بأصبعه قبل البناء بأن يفعل بها ذلك بحضرة نساء لا في خلوة اهتداء وأما إن بنى بها وطلقها فتندرج سواء أزالها بأصبعه أو بغيره فإن أمسكها ولم يطلقها فلا شيء عليه والظاهر أن القول ق وله في إزالتها بذكره إذا ادعت عليه أنه بأصبعه لأن الأصل عدم العداء والأجنبي ليس كالزوج فيما ذكر فإن الأجنبي إذا أزال بكارة بكر ثم وطئها وجب عليه المهر لكونها مكرهة أو غير عالمة فإن في إزالة بكارتها بأصبعه ما شأنها عند الأزواج ولا تندرج تحت المهر كما قدمنا ذلك (وفي) قطع (كل أصبع) من يد أو رجل خطأ لذكر أو أنثى مسلم أو كافر (عشر) بضم العين أولى أي عشر دية من قطعت أصبعه فيجري ذلك في دية الكتابي والمجوسي الذكر والأنثى وفي دية غير الإبل وشمل المخمسة والمربعة والمثلثة وفتح العين خاص بدية الشخص الحر المسلم من الإبل ولا

ــ

ابن عاشر لو قال المصنف وذكر بعد حشفة كفاه (وإفضاء) ابن الحاجب في الإفضاء قولان حكومة ودية ضيح القول بالحكومة مذهب المدونة والقول بالدية لابن القاسم وهو الأقرب وعلله ابن شعبان بأنه منعها من اللذة ولا تمسك الولد ولا البول إلى الخلاء ولأن مصيبتها بذلك أعظم من الشفرين وقد نصوا على وجوب الدية فيهما اهـ.

(ولا يندرج تحت مهر) قول ز أو من أجنبي اغتصبها الخ. مفهومه لو فعله بها الأجنبي طائعة لم يكن لها شيء في الإفضاء وهو الذي نقله ضيح وق عن المدونة ونحوه في ابن عرفة ثم قال الصقلي الفرق بين الزوجة والأجنبية طائعتين أن طوع الزوجة واجب لا تقدر على منعه والأجنبية يجب عليها منعه فطوعها كما لو أذنت له أن يوضحها اهـ.

(إلا بأصبعه) لزوم الأرش في الزوج مقيد بما إذا طلقها قبل الدخول وإلا اندرج كما في

ص: 69

ينافي شمول ما هنا للأنثى ما يأتي في قوله وساوت المرأة الرجل لثلث ديته فترجع لديتها لأن ما يأتي كالاستثناء مما هنا (والأنملة ثلثه إلا في الإبهام) ليد أو رجل (فنصفه وفي) قطع (الأصبع الزائدة) من يد أو رجل (القوية) كقوة الأصلية (عشر) قطعت عمدًا أو خطأ ولا قصاص في العمد لعدم المساواة وسواء قطعت وحدها أو مع أصلية فإن لم تقو كالأصلية فحكومة (إن أفردت) بالقطع وإلا فلا شيء فيها فالشرط في مقدر حكم مفهوم القوية كذا هو النقل وأما قوله إن أفردت فلا مفهوم له ولو قال وفي الأصبع الزائدة عشر مطلقًا إن قويت وإلا فحكومة إن أفردت لكان ظاهرًا في النقل فاحترز بالقوية عن الضعيفة فإنها إن قطعت وحدها ففيها حكومة وإن قطعت مع الكف فلا شيء فيها والظاهر أن اليد الزائدة تجري على حكم الأصبع الزائدة (وفي كل سن خمس) بفتح الخاء من الإبل والأولى نصف عشر لشموله كما مر للمسلم ولغيره مثلثة أو مربعة أو مخمسة وأراد بالسن جنسها فشمل الضرس والناب والرباعية وغير ذلك (وإن) كانت (سوداء) خلقة أو بجناية فإذا جنى عليها ففيها خمس من الإبل وتقدم أنه بفتح الخاء ويكون قاصرًا على الذكر الحر المسلم ولا يصح ضمها لأنه يقتضي أن على صاحب الذهب إذا جنى على مسلم مائتي دينار وهو فاسد إذ ليس عليه إلا خمسون نصف العشر فالقصور أخف من الفساد ثم أشار إلى أن الجناية عليها بأحد أمور فقال (بقلع أو اسوداد) بعد بياض (أو بهما أو بحمرة أو

ــ

ز وأصله لابن رشد وقيد به ح وتبعه عج. (وفي الأصبع الزائدة القوية الخ) قول ز وأما قوله إن أفردت فلا مفهوم له الخ. يعني لا مفهوم له إذا رجع إلى المنطوق على ظاهر المصنف وأما إن رجع إلى المفهوم فمفهومه معتبر وقول ز ولو قال وفي الأصبع الزائدة عشر مطلقًا إن قويت وإلا فحكومة إن أفردت الخ. هذا الإصلاح لغ واعترضه ابن عاشر قائلًا فيه نقص لأن الإطلاق يشمل العمد وغيره والمنفردة وغيرها والمندرجة عمدًا لا شيء فيها قال وصواب العبارة إن لو قال وفي الأصبع الزائدة القوية عشر مطلقًا كأن انفردت عمدًا واندرجت في الكف وغير القوية حكومة إن انفردت اهـ.

قلت يرد ما ذكره من أن المندرجة عمدًا لا شيء فيها ما في ق عن العتبية من أن في اليد إذا قطعت عمدًا القصاص وأخذ دية الأصبع السادسة القوية إلا أنه استشكله مع قول المصنف السابق وتقطع اليد الناقصة أصبعًا بالكاملة بلا غرم وهو بحث حسن والله أعلم.

(وفي كل سن خمس) أي من الإبل وخمسون دينارًا على أهل الذهب وستمائة درهم على أهل الورق.

فرع: إذا أخذت دية السن والأصابع والجراح فتؤخذ مخمسة قاله في النوادر انظر ح (أو بهما) أي بأن سوّدها ثم سقطت من غير جناية أخرى عليها فليس إلا دية واحدة هذا هو الذي اختاره المصنف في ضيح في تصويره لا كما صور ابن عبد السلام من أنه كسر البعض وسود الباقي فإنه غير مراد وإن كان فقها مسلمًا لكن ما حملناه عليه أولى لدفع ما يتوهم فيه من أن فيه ديتين كما وقع لبعض نبه على ذلك في ضيح لكن قال طفى الظاهر تقرير ابن

ص: 70

بصفرة) أو خضرة كما في المدونة قاله د (إن كانا عرفا) أي بقول أهل المعرفة أن ذلك (كالسواد) أي يذهب بذلك جمالها وإلا فعلى حساب ما نقص (أو باضطرابها جدًّا) بجناية عليها فإنه يلزمه خمس من الإبل لأنه أذهب منفعتها ما لم تثبت فإن ثبتت فما فيها إلا الأدب في العمد فإن اضطربت لا جدًّا فإنه يلزمه بحساب ما نقص منها وهذا في الخطأ وأما لو تعمد قلع سن سوداء أو حمراء أو صفراء وكانا عرفًا كالسواد فهل كذلك أم لا ولو تعمد الجناية على سن فسوّدها أو حمرها أو صفرها ثم سقطت فهل يقتص منه فإن حصل مثل ذلك فلا كلام وإن سقطت ولم يحصل فيها اسوداد ولا حمرة ولا صفرة فهل يؤخذ لذلك شيء أم لا وإذا ضربها عمدًا فاسودت أو احمرت أو اصفرت أو اضطربت جدًّا ولم تسقط فهل له عقلها كالخطأ أو يجري على ما تقدم في قوله وإن ذهب كبصر الخ فيفرق بين أن يكون في الجناية قصاص فيفعل به مثلها فإن حصل أو زاد وإلا فدية ما ذهب وبين ما لا قصاص فيه فيؤخذ منه أو أن أستطيع فعل ذلك به فعل وإلا فالعقل هذا في العمد وأما في الخطأ ففي الشامل فإن اشتد اضطرابها ثم عقلها وإن خف فبحسابه منها كاسوداد بعضها بضربة ولو انكسر النصف واسودَّ الباقي أو اشتد اضطرابها فقد تم عقلها وفي قطع نصفها بحسابه ولو انكسر نصفها واسود نصف ما بقي أو اضطرب وذهب نصف قوته فثلاثة أرباع العقل ولو اسود نصفها واحمر أو اصفر باقيها وكان السواد تم عقلها أيضًا (وإن ثبتت) بعد قلعها (الكبير) أي بدل أسنانه وإن لم يبلغ قاله د (قبل أخذ عقلها أخذه) وأما إن ثبتت له بعد اضطرابها فلا يأخذه قاله ق ومفهوم قبل أحرويّ وهذا تكرار مع قوله وإن قلعت سن فثبتت الخ (كالجراحات الأربع) الجائفة والموضحة والمنقلة والمأمومة إذا عادت لهيئتها فلا يرد ما أخذ من ديتها وكذا الهاشمة والدامغة ولو برئت على غير شين عند ابن القاسم في المدوّنة (وردّ) العقل للجاني من المجني عليه أخذه بحكم حاكم أم لا (في عود البصر) للمجني عليه كما كان (وقوة الجماع ومنفعة اللبن) إذا عادت كما كانت

ــ

عبد السلام لأنه المذكور في الجواهر الذي ينسج ابن الحاجب على منواله وفي كلام اللخمي وابن عرفة وغير واحد ولا يحتاج معه للاعتذار اهـ.

(أو باضطرابها جدًّا) ابن عرفة فيها إن ضربت فتحركت فإن كان اضرابًا شديدًا تم عقلها وإن كان خفيفًا عقل بقدره ثم قال وفي طرحها بعد ذلك الاجتهاد بقدر ما ذهب من جمالها اهـ.

وقول ز وأما لو تعمد قلع سن سوداء الخ. الظاهر أن في ذلك كله القصاص بدليل وجوب العقل في الخطأ (وإن ثبتت لكبير قبل أخذ عقلها أخذه) اللخمي إن رد السن أو الأذن فثبتت أو نبتت في مكان السن أخرى ففي العمد له القود اتفاقًا والخطأ في السن وشبهه مما فيه دية مسماة قال ابن القاسم في المدونة في السن له ديتها محمَّد ليس السن عنده كغيرها لأنه يرى فيها ديتها ويختلف في إشراف الأذنين إذا ردهما في قطع الخطأ فعلى إن فيهما حكومة لا شيء له وعلى أن فيهما الدية تكون له الدية كالسن اهـ.

ص: 71

قبل قطع الحلمتين ولو من حيوان غير ناطق وكذا في عود السمع والكلام والعقل كما يفيده الشارح في الأول هنا وفي الأخيرين عند قوله وفي الأذن إن ثبتت تأويلان وينبغي أيضًا الرد في عود الشم والذوق واللمس فإن كانت الجناية عمدًا واقتص من الجاني ثم عاد للمجني عليه فهدر لا من خطأ الإِمام فإن عاد ما ذكر للجاني لم يقتص منه ثانيًا فيما يظهر (وفي) رد عقل (الأذن إن ثبتت) وعدمه (تأويلان) وعلى الأول ففرق بينها وبين السن إذا ثبتت أو نبتت فلا يرد عقلها بأنها لا يجري فيها الدم والأذن إذا ردت استمسكت وعادت لهيئتها وجرت فيها الدم (وتعدّدت الدية بتعدّدها) أي الجناية كما إذا قطع يديه فزال عقله مثلًا فإنه يلزمه ديتان دية لليدين ودية للعقل (إلا المنفعة) الكائنة (بمحلها) أي الجناية فلا تتعدد الدية في ذهابها مع محلها كقطع أذنيه فزال سمعه فدية واحدة أو قلع عينيه فزال بصره فدية واحدة ولا حكومة في محل كل فإن تعددت المنفعة في محل كما لو جنى على لسانه فأذهب ذوقه ونطقه وكذا إن فعل به ما منع به واحدًا منهما أو هما مع بقاء اللسان فدية واحدة إذا ذهب ذلك كله بضربة أو بضربات في فور وأما بضربات بغير فور فتتعدد بمحلها الذي لا توجد إلا به فإن وجدت بغيره وبه ولو أكثرها ككسر صلبه فأقعده وذهبت قوة الجماع فعليه دية لمنع قيامه ودية لعدم قوة الجماع وإن كان أكثرها في الصلب كما مر ولا يشمل قوله بمحلها الأذن والأنف وإن اقتضاه الشارح وتت كابن الحاجب بل في قطع الأذن أو الأنف غير المارن حكومة والدية في السمع والشم لأن السمع ليس محله الأذن بدليل تعريفه بأنه قوة مودعة في العصب المفروش في مقعر الصماخ تدرك بها الأصوات بطريق وصول الهواء المتكيف بكيفية الصوت إلى الصماخ بمعنى أن الله يخلق الإدراك في النفس عند ذلك والشم ليس محله الأنف بدليل تعريفه بأنه قوة مودعة في الزائدتين الناتئتين من مقدم الدماغ شبيهتين بحلمتي الثديين تدرك بها

ــ

(إلا المنفعة بمحلها) يحتمل أن تكون الباء بمعنى مع والضمير للمنفعة ويحتمل أن تكون بمعنى في والضمير للجناية أي إلا المنفعة الكائنة في محل الجناية والمعنى واحد ويحتمل كونها للسببية وقول ز كقطع أذنيه فزال سمعه الخ. هذا هو الصواب دون قوله بعد ولا يشمل قوله بمحلها الأذن والأنف الخ. فإنه مخالف لنص ابن الحاجب وابن عبد السلام وضيح وابن عرفة وق وغ وح وغيرهم ونص ابن الحاجب وكذلك الشم فيه الدية ويندرج في الأنف كالبصر مع العين والسمع مع الأذن اهـ.

ونص ابن عرفة قال اللخمي إن ذهب الأنف والشم معًا فقال ابن القاسم فيهما معادية واحدة وقال ابن الجلاب القياس ديتان والأول أحسن اهـ.

وكذا ذكر هذا الخلاف أيضًا في ذهاب السمع مع الأذن وأما تعريف السمع الذي ذكره وكذا الشم فإنما هو للفلاسفة وأهل السنة لا يقولون بذلك ومن عرفه من أهل السنة بذلك فقد قلد الفلاسفة فيه ولو سلم فالفقه المنصوص للأئمة لا يدفع بمثل هذا فتأمله والله أعلم.

وقول ز بغير فوز فتتعدد بمحلها الذي لا توجد الآية الخ. هكذا فيما رأيته من النسخ والظاهر

ص: 72

الروائح بطريق وصول الهواء المتكيف بكيفية الرائحة إلى الخيشوم (وساوت المرأة الرجل) من أهل دينها في قطع أصابعها (لثلث) أي إلى ثلث (ديته) بإخراج الغاية فإذا قطع لها ثلاثة أصابع ففيها ثلاثون من الإبل فإن قطع لها ثلاثة أصابع وثلث أصبع أو قطع لها أربعة أصابع (فترجع لديتها) فلها في الأربع عشرون من الإبل لرجوعها لديتها وهي على النصف من دية الرجل من أهل دينها وهي على هذا التفصيل أيضًا في منقلتها وهاشمتها وموضحتها بخلاف جائفتها وآمتها فإن في كل ثلث الدية فترجع لديتها ففيهما ثلث ديتها ستة عشر بعيرًا وثلثا بعير (وضم متحد الفعل) أي ضم جناية المرأة اللاحقة للسابقة في متحد الفعل أي ما ينشأ عن اتحاده ولو تعدد المحل فإذا ضربها ضربة واحدة أو ما في معناها كضربات في فور أو من جماعة وهذا مراده بقوله: (أو في حكمه) فقطع لها أربع أصابع من كل يد أصبعان أو من يد ثلاثة ومن الأخرى أصبع فلها في الأربعة عشرون فقط من الإبل فقوله وضم متحد الفعل أي في كل شيء في الأصابع والأسنان والمواضح والمناقل وهو من إضافة الصفة للموصوف أي الفعل المتحد وفيه حذف مضاف أي أثر الفعل وهو الجراحات إذ الفعل نفسه لا يضم وفائدة الضم أن الجناية إذا بلغت ثلث دية الرجل فترجع لديتها كما مثلنا وعطف على قوله الفعل فقال (أو) ضم متحد (المحل) ولو تعدد الفعل حيث لم يكن فورًا (في الأصابع) فإذا قطع لها ثلاثًا من يد فأخذت ثلاثين من الإبل ثم قطع لها من اليد الأخرى ثلاثًا فأخذت ثلاثين من الإبل أيضًا لأن كل يد محل مستقل فإذا قطع لها بعد ذلك أصبعًا واحدًا فأكثر من أي يد فإن لها في كل خمسًا من الإبل فيما يستقبل لا بالنسبة للماضي فلا ترد ما أخذت ولو ضربها فقطع لها أصبعين من يدها اليمنى فأخذت لهما عشرين من الإبل ثم بعد مدة ضربها فقطع لها أصبعين من تلك اليد فإنها تأخذ لهما عشرة من الإبل ولو كان القطع من غير اليد الأولى لم يضم لأن كل

ــ

أنه سقط شيء بين قوله فتتعدد وبين قوله بمحلها والأصل والله علم. ومراد المصنف بمحلها الذي لا توجد إلا به الخ. (وساوت المرأة الرجل لثلث الخ) قول ز في قطع أصابعها الخ. تخصيصه ذلك بقطع الأصابع غير صواب ولو قال في جراحها أو بعض منفعتها كعشر العقل أو ربع البصر مثلًا لكان أولى (وضم متحد الفعل) قول ز اللاحقة للسابقة الخ. لا معنى له مع فرض اتحاد الفعل (أو المحل في الأصابع) التقييد بالأصابع راجع للمحل فقط وفهم ابن مرزوق أنه راجع للمسائل الثلاث فاعترض على المصنف وليس كذلك على أن طفى اعترض على المصنف في تخصيصه المحل بالأصابع بقول اللخمي ما أصيب في العين والأنف والسمع وشبهه مما فيه دية فإنه يضم للآخر كالأصابع اهـ.

قلت ومثله قول أبي الحسن ما نصه وأما إذا كان ذلك في شيء واحد له دية كالسمع والأنف والبصر فإنه يجمع عليها فإن قطع لها من أنفها ما يجب فيه سدس الدية فأخذته ثم قطع لها بعد ذلك ما يجب فيه سدس الدية فإنها ترجع إلى عقلها لأنها بلغت الثلث وكذا الحكم في السمع والبصر اهـ.

ص: 73

واحدة محل مستقل كما مر (لا) يضم متحد المحل في (الأسنان) أي لا يضم بعضها البعض بل تأخذ لكل سن خمسًا من الإبل فكل ضربة أذهبت بها سنًّا أو سنين أو ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا فلها في كل سن خمس إذا كان ذلك في ضربات متفرقات ليس فورًا وقول تت سواء كان ذلك في ضربة أو ضربات اهـ.

فيه نظر الآن ما كان بضربة أو ضربات في فور يضم كما مر في قوله وضم متحد الفعل أو في حكمه قال د والفرق بين الأصابع والأسنان أن الأصابع لما كانت أجزاء من اليد صارت بمثابة العضو الواحد بخلاف الأسنان فإنه لما كان كل منهما مستقلًا وليس اتصالها كاتصال الأصابع صارت بمثابة أعضاء اهـ.

أي لأن قطع بعض الأصابع قد يبطل منفعة بقيتها بخلاف الأسنان كذا كتب عج توضيحًا لكلام د ومحل الأسنان متحد ولو كانت من الفكين وما في د من أنهما محلان غير ظاهر ثم عدم الضم في الأسنان ما لم يضربها ضربة أو ضربات في فور فيقع منها ما يبلغ ثلث دية الرجل فترجع لديتها كما مر (و) لا (المواضح والمناقل) فلا يضم بعض الأفعال فيها لبعض كما لو أوضحها موضحتين فأخذت عقلهما ثم أوضحها مواضح متعددة فلها عقلها كالرجل ما لم يبلغ ذلك في المرة الواحدة الثلث وحاصل ما مر أن الفعل المتحد أو ما في حكمه يضم في الأصابع والأسنان وغيرهما وأما إذا اتحد المحل فيضم في الأصابع لا في غيرها فقوله في الأصابع متعلق بقوله أو المحل ولو قال كالمحل لكان أحسن ليكون قوله في الأصابع وما بعده من النفي قاصرًا على ما بعد الكاف كما هو قاعدته الأكثرية وعطف على الأسنان قوله (و) لا يضم (عمد لخطأ) كما لو قطع لها ثلاثة أصابع عمدًا فاقتصت منه بل (وإن عفت) ثم قطع لها بعد ذلك ثلاثة أصابع خطأ فلها في كل أصبع عشر من الإبل وسواء اتحد محلها كيد واحدة أو تعدد ولو كان الفعل هنا في العمد والخطأ في حكم المتحد فليس كالذي قبله لاختلاف الفعل هنا بالعمد والخطأ ولما ذكر الديات في النفس وأجزائها شرع في بيان من يحملها وشروطها فقال (ونجمت) وفي

ــ

وهو يوضح ما قاله اللخمي. (لا الأسنان) قال ابن يونس قال ابن المواز اختلف قول ابن القاسم في الأسنان فجعلها مرة كالأصابع تحاسب بما تقدم إلى ثلث الدية قال أصبغ وقوله الأول في كل سن خمس من الإبل ولا تحاسب بما تقدم وإن أتى على جميع الأسنان ما لم يكن في ضربة واحدة بخلاف الأصابع وإلى هذا رجع ابن القاسم وهو أحب إليّ قال محمَّد الأسنان عندنا كالرأس يصاب بمواضح أو بمناقل فلا يجمع عليها إلا ما كان في ضربة ابن يونس وكذلك لو كان في فور واحد اهـ.

نقله العبدوسي وقال ابن عرفة في اختصار ما تقدم محمَّد وتضم الأسنان باتحاد الضربة وفي ضمها باتحاد محلها قولا ابن القاسم أصبغ عدم الضم أحب إليّ واختاره محمَّد الشيخ لابن القاسم في المجموعة لا تضم المواضع والمناقل إلا بكونها في فور واحد اهـ.

ص: 74

بعض النسخ ونجم وجرده من التاء لأن الفعل إذا أسند إلى ظاهر مجازي التأنيث جاز فيه ذلك قاله الشارح والمقصود هنا ذكر حمل العاقلة سواء كانت دية مسلم أو ذمي أو مجوسي أو نساء كل وأشار للشرط الأول بقوله: (دية الحر) فلا تحمل قيمة عبد بل هي حالة على قاتله وللثاني بقوله: (الخطأ) فلا تحمل العمد بل هي حالة على الجاني حيث عفى عنه وفي حكم الخطأ العمد الذي لا قصاص فيه كالمأمومة والجائة كما يأتي وللثالث بقوله الكائنة (بلا اعتراف) من الجاني بل ثابتة ببينة أو لوث فلا تحمل ما اعترف به من قتل أو جرح خطأ بل حال في ماله كما أصلح سحنون المدونة عليه وهو المعتمد كما يذكره عج في القسامة دون كلامها فإنه غير معتمد وإن اقتصر عليه عج هنا قال ويمكن الجمع بأن إقراره إذا كان مأمونًا ثقة وليس بذي قرابة للمقتول ولا صديقًا ملاطفًا له ولم يتهم في إغناء ورثة مقتوله ولا رشوة منهم في إقراره فإن إقراره لوث يحلف بسببه أولياء المقتول خمسين يمينًا وتحملها العاقلة فحملها للقسامة مع اللوث لا لمجرد إقراره تأمل ونحوه لطخ وكلام المصنف لا يخالفه لأن معنى قوله بلا اعتراف أن العاقلة لا تحمل ما اعترف به الجاني من حيث اعترافه وأما إذا وجدت شروط الاعتراف فإنها تحملها من حيث القسامة لا من حيث الاعتراف وتنجم (على العاقلة والجاني) وهو كواحد منهم ولو صبيًّا أو مجنونًا أو امرأة فيعقلون عن أنفسهم وما يأتي من قوله ولا يعقلون أي عن غيرهم وشرط في قوله نجم قوله: (إن بلغ) ما ينجم (ثابت) دية (المجني عليه أو الجاني) فلو جنى مسلم على مجوسية خطأ ما يبلغ ثلث ديتها أو ثلث ديته حملته العاقلة وإذا جنى مجوسي أو مجوسية على مسلم ما يبلغ ثلث دية الجاني أو المجني عليه حملته العاقلة وقال الشافعي تحمل القليل ولم ينسج ذلك على ما قبله من شروطها كما في تت لذكره مفهومه بلصقه بقوله: (وما لم يبلغ) ثلث أحدهما (فحال عليه) أي على الجاني في ماله لأنه لا يعلم لو لم يصرح به هل حال عليه وعليهم أو ينجم عليه فقط فدفع ذلك بتصريحه بالمفهوم وحكمه ومثل الدية الحكومة والغرة في التنجيم حيث بلغ كل منهما الثلث كأقل

ــ

وبذلك يتبين الرد على تت (بلا اعتراف) فإن ثبت باعترافه ففي المذهب أقوال قيل الجناية في مال المقر وحده وقيل على عاقلته بقسامة وسواء مات المقتول في الحال أم لا وقيل تبطل الدية مطلقًا وقيل على العاقلة بشرط أن لا يتهم المقر في إغناء ورثة المقتول وقيل عليهم بشرط أن يكون عدلًا وقيل تفض عليه وعليهم فما نابه يلزمه ويسقط ما عليهم وهذه الأقوال كلها تستقرأ من المدونة قاله الشارح وفي ضيح عن الجلاب أن مذهب المدونة أنها على العاقلة بقسامة بشرط أن لا يتهم المقر في إغناء ورثة المقتول وعليه اقتصر ابن الحاجب فانظر ذلك مع كلام المصنف (على العاقلة والجاني) قول ز ولو صبيًّا أو مجنونًا أو امرأة الخ فيه نظر وسيأتي عن ظاهر كلام الأئمة أن هؤلاء لا يعقلون مطلقًا جناياتهم ولا جنايات غيرهم.

(فحال عليه) قول ز ومما ينجم أيضًا لكن لا على العاقلة دية حر مقتول عبد الخ.

يؤخذ من هذا أنه يشترط في التنجيم على العاقلة أن يكون الجاني حرًّا كما تشترط الحرية في

ص: 75

ووجب مع دية وكذا موضحة ومنقلة مع دية كما مر ومما ينجم أيضًا لكن لا على العاقلة دية حر مقتول عبد قداه سيده بها على المنصوص وأخذ ابن رشد من المدونة أنها تكون حالة وذكر محترز الخطأ بقوله: (كعمد) أي كدية عمد على نفس أو طرف حالة في مال الجاني إذا عفى عنه عليها (ودية غلظت) عطف خاص على عام إذ المغلظة إنما تكون في العمد وهو شامل لجراح عمد وقتل عمد لا يقتص منهما لكون الجاني زائد إسلام أو حرية وأراد غلظت بالتثليث (و) عضو (ساقط) فيه القصاص (لعدمه) أي لعدم المماثل له كما لو فقأ أعور العين عين شخص عمدًا مماثلة للمعدومة فعليه خمسمائة دينار حالة في ماله ومثله ما سقط فيه القصاص لعدم المكافأة كقطع مسلم يد كافر أو زيادة الجاني في النفس أو زيادته ونقصه في الجرح وأتى المصنف بهذا لما يتوهم أن القصاص لما كان ساقطًا صار كالخطأ وبقي عليه شرط خامس وهو أنها لا تحمل دية قاتل نفسه كما يأتي له واستثنى من قوله كعمد فقال: (إلا ما) سقط منه القصاص مع وجود مثله لكونه (لا يقتص منه من الجراح) كجائفة ومأمومة وكسر فخذ (لإتلافه) أي لخوفه إن اقتص منه (فعليها) أي العاقلة إن بلغ ثلث دية المجني عليه أو الجاني وإنما تحمل كسر الفخذ مع بلوغه الثلث حيث كان فيه حكومة وأما إذا جنى ولا مماثل له وبفرض وجوده لا يقتص منه لأنه متلف فيتعارض فيها قوله وساقط لعدمه فإنه يقتضي أن الدية في هذه في مال الجاني وقوله إلا ما لا يقتص منه الخ فإنه يقتضي أن الدية فيها على العاقلة والظاهر العمل على الثاني بالأولى مما ذكره المصنف (وهي العصبة) وأهل الديوان والموالي الأعلون والأسفلون ويدل للثاني ذكرهم بعد وللأول قوله: (وبدىء بالديوان) على عصبة الجاني ولا بد من التقدير الذي ذكرناه بعد الخبر ليصح الإخبار وليصح ارتباط قوله وبدىء الخ به ويجوز جعل التقدير في المبتدأ أي وبعض العاقلة العصبة ثم أهل الديوان عصبة ولو كانوا من قبائل شتى حيث كان الجاني من أهله (إن أعطوا) منه بالفعل أي استمر لهم العطاء فإن لم

ــ

المجني عليه (وبدىء بالديوان) نحوه لابن الحاجب وابن شاس وهو خلاف ظاهر المدونة من قول مالك وإنما العقل على القبائل كانوا أهل ديوان أم لا قاله ابن رشد وقد نقل في ضيح كلام ابن رشد وقال اللخمي القول بأنها تكون على أهل الديوان ضعيف وإنما يراعى قيل القاتل فكان على المصنف الجري على مذهب المدونة فإن الذي ذكره هو لمالك في الموازية والعتبية وقد تورك ابن مرزوق على المصنف بظاهرها قاله طفى (إن أعطوا) قول ز ضم إليهم عصبتهم أي عصبة أهل الديوان كذا فهم عج كلام ابن الحاجب وهو غفلة عما في ابن عبد السلام وابن عرفة وغيرهما قال ابن عرفة ابن الحاجب ويبدأ بأهل الديوان فإن اضطروا إلى معونة أعانهم عصبتهم اهـ.

قلت كذا وجدته في غير نسخة بلفظ عصبتهم بجمع الضمير المضاف إليه عصبة وكذا في كتاب ابن شاس وكذا هو في نسخة شرح ابن عبد السلام وابن هارون ثم فسراه بأن أهل

ص: 76

يكن فيهم من يحمل ضم إليهم عصبتهم الذين ليسوا معهم في الديوان كما في ابن الحاجب وهو شرط في التبدئة كما هو ظاهر المصنف كالجواهر لا في كونهم عاقلة لأنهم عاقلة مطلقًا (ثم) إن لم يكن ديوان أو كان وليس الجاني من أهله أو من أهله ولم يعطوا بدىء (بها) أي بالعصبة (الأقرب فالأقرب) على ترتيب النكاح من قوله وقدم ابن فابنه الخ (ثم) إن لم يكن للجاني عصبة ولا أهل ديوان قدم (الموالي الأعلون) وهم المعتقون بكسر التاء لأنهم من العصبة غير أن عصبة النسب مقدمة عليهم (ثم) إن لم يكونوا قدم الموالي (الأسفلون ثم) إن لم يوجد واحمل (ببيت المال إن كان الجاني مسلمًا) أصالة فدخل المرتد كما يأتي في باب الردة في قوله والخطأ على بيت المال كأخذه جناية عليه وهو شرط في بيت المال وهل على الجاني بقدر قوته مع حمل بيت المال عنه أم لا انظره قال في شرح

ــ

الديوان يستعينون بعصبة الجاني وهو خلاف مدلول جمع الضمير لكن ما فسراه به هو المنقول في المذهب اهـ.

منه ونقله طفى وقول ز وهو شرط في التبدئة الخ. فيه نظر بل هو شرط في أداء بعضهم عن بعض كما قرر به ابن مرزوق والشارح وكلام ضيح صريح فيه قال الشيخ مس وهو الظاهر ونص ابن شاس فإن لم يكن عطاء فإنما يحمل عنه قومه اهـ.

(ثم بها الأقرب فالأقرب) يعني إن لم يكن الجاني من أهل ديوان فعصبته يعقلون عنه ويبدأ بالفخذ ثم البطن ثم العمارة ثم الفصيلة ثم القبيلة ثم أقرب القبائل قاله ابن الحاجب وقيل إن الفصيلة أقرب من الفخذ فهي أقرب ما يلي الإنسان وهذا الذي في القاموس وهو الذي ذكره ابن الحاجب هو مراد المصنف فقول ز على ترتيب النكاح من قوله وقدم ابن فابنه الخ. فيه نظر اهـ.

فائدة: أسماء طبقات قبائل العرب ستة الشعب بالفتح ثم القبيلة ثم العمارة بالفتح وقد تكسر ثم البطن ثم الفخذ ثم الفصيلة وزاد بعضهم العشيرة فخزيمة شعب وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصي بطن وهاشم فخذ والعباس فصيلة والعشيرة الإخوة نظم بعضهم ذلك فقال:

قبيلة قبلها لشعب وبعدهما

عمارة ثم بطن تلوها فخذ

وليس يأوي الفتى إلا فصيلته

ولا سداد أسهم ماله قذذ

وقذذ جمع قذة وهي ريش السهم انظر ح (إن كان الجاني مسلمًا) الحق أنه شرط في المراتب التي قبله كلها لا في بيت المال فقط كما قاله ز تبعًا لابن مرزوق وغيره وأصله لابن عبد السلام وضيح لأن الذي في المدونة وغيرها أن الكافر يعقل عنه أهل دينه وليس في النص اعتبار عصبته ولا ديوانه وهو الذي قرره الشيخ أحمد بابا وضيح وقرر به ز بعد مخالفًا لما ذكره هنا بقوله وهو شرط في بيت المال الخ. ثم رجع بعده إلى ما قاله أولًا قوقع في كلامه تهافت وقول ز مسلمًا أصالة الخ. أدخل به المرتد لكن يرد عليه أنه يخرج طاريء الإسلام مع أن القصد دخوله على أن قيد الإسلام يرد على إطلاقه أن الكافر إذا أعتقه المسلم ولم يكن له ورثة فإن بيت المال يعقل عنه لأنه وارثه كما في المدونة ونقله ابن عرفة معترضًا

ص: 77

اللمع فإن لم يكن بيت مال أو كان ولا يمكن الأخذ منه ففي ماله (وإلا) يكن الجاني مسلمًا بل كافرًا كان المجني عليه مسلمًا أو كافرًا (فالذمي) يؤدي عنه (ذو دينه) الذين معه في بلده لعلة التناصر ولا يحمل يهودي عن نصراني وعكسه وإن كان الكفر كله ملة كما مر من حيث القصاص وما هنا لعلة التناصر والمراد بذي دينه من يحمل معه الجزية إن لو ضربت عليه وإن لم يكونوا من أقاربه فشمل المرأة ومن أعتقه مسلم إذا جنيا فإن لم يكتف بهم ضم إليهم أقرب القرى إليهم وهكذا حتى يكتفوا ولكن ذلك في أهل الإقليم الواحد ولذا قال (وضم ككور مصر) وهذا الذي قررنا عليه كلامه هو ما فهمته من فقولهم أي كق هنا وإن أهل بلده الذي يعطي الخراج معهم كعاقلته أي فلا تقدم عاقلته على أهل ديته ولا يرتبون كترتيب عاقلة المسلم خلاف ما قرره عليه مق إذ قال ولا أي وإن كان كافرًا والفرض أنه لا عاقلة له ولا موالي عقل عنه أهل دينه الذميون من البلد فإن لم يقووا ضم إليهم أقرب المدن المضافة لذلك البلد الأقرب فالأقرب ومثله للمصنف اهـ.

قاله الشيخ أحمد بابا وقوله ومثله للمصنف أي في توضيحه وهو ظاهر كلامه هنا أيضًا إذ هو مخرج من الشرط في بيت المال فقط الزائد على العاقلة وعليه فالذمي كالمسلم في أن عاقلته عصبته وأهل ديوانه إن وجد له ذلك ثم الموالي الأعلون ثم الأسفلون لما علم أن الشرط في بيت المال فقط لا فيه وفيما قبله إذ لا فرق بين المسلم وغيره لأن العلة التناصر لا الموارثة خلافًا لما يفيده كلام ق وإن اقتصر عليه بابًا كما مر وكور بضم الكاف وفتح الواو جمع كورة بضم الكاف وإسكان الواو كما في الشارح وتت وهو الموافق لقول الألفية وفعل جمعًا لفعله عرف وما في عج جمع كورة بفتح الكاف تحريف وهي المدينة كما في الجوهري والمراد بكور مصر هنا البلاد التي تحت عملها وكذا المراد بكور الشام ثم أن هذا يحتمل أن يكون في عاقلة المسلم وغيره ويحتمل أن يكون في عاقلة غيره وعليه فيستفاد مثل هذا في عاقلة المسلم من قوله فيما يأتي ولا شامي مع مصري مطلقًا وما ذكره المصنف هنا لا يخالف قوله ولا دخول لبدوي مع حضري إذ أهل الكور كلهم أهل حضر فإن كان فيهم أهل بدو فيضم منهم الحضري للحضري لا لغيره ويجري الاحتمالان المتقدمان في قوله فالذمي ذو دينه في قوله:

ــ

به إطلاق ابن الحاجب وابن عبد السلام كالمصنف (وإلا فالذمي ذو دينه) قول ز فشمل المرأة الخ. أي شمل الجاني المذكور المرأة الكافرة إذا جنت فإنها يعقل عنها أهل دينها الذين يحملون معها الجزية على فرض أن لو ضربت عليها وإن كانت المرأة لا تؤدي الجزية وقول ز ومن أعتقه مسلم الخ. يعني الكافر الذي أعتقه المسلم إذا جنى يعقل عنه أهل دينه وهذا غير صحيح بل الذي يعقل عنه هو بيت المال لأنه هو الذي يرثه وفي المدونة إذا كان عبد نصراني بين مسلم ونصراني فأعتقاه ثم جنى جناية فنصفها على بيت المال لا على المسلم لأنه لا يرثه ونصفها على أهل خراج الذمي الذين يؤدون معه اهـ.

ص: 78

(و) عاقلة (الصلحي أهل صلحه) من أهل دينه فيحتمل إذا لم يكن له ديوان ولا عصبة ولا موال أعلون ولا أسفلون ولا بيت مال ويحتمل أن لا يقيد بذلك وهذا الاحتمال الثاني مفاد الشارح وق وتت زادوا الحربي أهل دينه الحربيون أي بعد دخوله إلينا بأمان عند ابن القاسم وروى سحنون عن أشهب في ماله فقط وليس على أهل بلده منها شيء (وضرب على كل) ممن لزمته الدية من عصبة وأهل ديوان وقريب وذمي وصلحي تحاكم كل إلينا (ما لا يضر) بحاله بل على قدر طاقته لأنها مواساة وطريقها عدم التكلف لئلا يبطل الحمل في الدماء فهذا راجع لجميع ما تقدم (وعقل عن صبي ومجنون وامرأة وفقير وغارم) لا يقدر على غير قوته (ولا يعقلون) أي عن غيرهم لعدم التناصر الذي هو علة ضربها والأخير أن لا إعانة منهما وأما عن أنفسهم فكل كواحد منهم كما مر لأنهم مباشرون الإتلاف ويضرب عليه ما يطيق ويتبع المعدم وأستفيد من المصنف أن من يعقل عن غيره لا بد أن يتصف بأضداد هذه الصفات فشرطه أن يكون بالغًا عاقلًا غنيًّا حرًّا إذ العبد فقير زاد في شرح اللمع حيًّا فلا يعقل ميت واتحاد الدين ثم قوله ولا يعقلون وبالنسبة للمرأة مستغنى عنه بقوله وهي العصبة إذ تخرج منه المرأة والجواب أنه ذكره بالنسبة للموالي إذ هو شامل للذكور والإناث وبالنسبة للذمي والصلحي على أحد الاحتمالين السابقين من عدم ترتيب عاقلة فيهما على أن ما يؤخذ مما ذكره المصنف هنا ليسوا لأنهم عاقلة بل من حيث جنايتهم كما يدل عليه قوله فيما مر على العاقلة والجاني حيث عطفه عليها ولم يجعله منها.

تتمة: في المدونة من حمل صبيًّا على دابة يمسكها أو ساقها فوطئت رجلًا فقتلته فالدية على عاقلة الصبي ولا رجوع لعاقلته على عاقلة الذي حمله بشيء من دفع إلى صبي دابة أو سلاحًا يمسكه فعطب بذلك فديته على عاقلته أي الدافع وكذا دابة ليسقيها له وعليه عتق رقبة انظر طخ (والمعتبر) في توزيعها على العاقلة المتصفة بأضداد ما ذكره قبل

ــ

انظر ق وبه اعترض ابن عرفة على ابن الحاجب وابن عبد السلام في إطلاقهما كما قدمناه (وغارم) قول ز لا يقدر على غير قوته الخ. لعل هذا تفسير للفقير فأوقعه في غير محله وإلا فالغارم المراد به المديان الذي ليس له ما يفي بالدين أو يبقى بيده ما يعد به فقيرًا أما إذا كان معه ما يفي بالدين ويبقى بيده مالًا يعد به فقيرًا فهذا يعقل عن غيره المتيطي ويجمل العقل الرجال البالغون الأحرار العقلاء والرشداء والسفهاء في ذلك سواء وخمسة يعقل عنهم ولا يعقلون وهم الصبيان والمجانين والنساء والفقراء والغارم إذا كان عليه من الدين بقدر ما في يديه أو يفضل بعد القضاء ما يكون به من عدد الفقراء وإن كان لا شيء في يديه فهو فقير اهـ.

وقال في موضع آخر ولا يكون النساء عواقل ولا يعقل الصبي حتى يحتلم فإذا بلغ فرض عليه ما يفرض على الكبير اهـ.

(ولا يعقلون) قول ز أي عن غيرهم وأما عن أنفسهم فكل كواحد منهم الخ. هذا تبع فيه د وقال عج إلا الفقير والغارم فلا تضرب على واحد منهما وإن كانت الجناية منهما اهـ.

ص: 79

وباعتيار يسرها وضده (وقت الضرب) أي الجعل على العاقلة لا أن بلغ صبي أو استغنى فقير أو تحرر عبد أو عقل مجنون و (لا إن قدم غائب) غيبة انقطاع عند وقت ضربها فلا تضرب عليه لأنه بذلك ينسب إلى من انقطع إليهم أو طالت غيبته عندهم فصار كأهل إقليم آخر وأما غائب لحج أو غزو فتضرب عليه فإن كان في العاقلة خنثى فإن استمر الإشكال لوقت الضرب لم تضرب عليه وإن اتضح بعده إن اتضح قبله ضربت عليه وقولي على العاقلة لإخراج انتقال الجاني فإنه غير معتبر فتضرب عليه ولو قصد القرار ورفض السكنى أوله عاقلة فيما انتقل له وأولى أن انتقل بعد الضرب فالتفصيل في العاقلة ونائب فاعل المعتبر عائد على آل ووقت بالرع خبر ويقدر مضاف أي والوصف المعتبر وصف أو حال وقت الضرب (ولا يسقط) ما ضرب على واحد منهم بقدر حاله (بعسره) وحبس لثبوت عسره (أو موته) وحلت به أو بفلسه عليه وكذا لا تسقط بجنونه أو سفره رافضًا سكنى بلده أو فارًا وكذا قبل الضرب إن قصد الفرار فتضرب عليه لا إن قصد رفض سكناها لغير الفرار فلا تضرب عليه قاله الرجراجي (ولا دخول لبدوي) من عصبة القاتل (مع حضري) من عصبته ولا عكسه (ولا شامي مع مصري) أو عكسه وكل عصبة للقاتل (مطلقًا) قربوا منه أو بعدوا اتحد جنس الدية عند كل أم لا لأن علته التناصر والشامي لا ينصر من في مصر ولا البدوي الحضري بل الدية على أهل قطره وانظر لو كانت إقامة الجاني في أحد القطرين أكثر أو مساوية ما الحكم وينبغي أن يكون كالمتمتع الذي له أهلان ويحتمل أن ينظر إلى محل جنايته وهو ظاهر المصنف وهو المناسب وهذا كالتقييد لقوله ثم بها لأقرب فالأقرب وإنما تؤخذ ممن هو مقيم معهم وإن لم يكن فيهم العدد المعتبر في العاقلة ويضم لهم أقرب القبائل لهم (الكاملة) تنجم (في ثلاث سنين) وفي بعض النسخ إسقاط سنين ووصفها بجملة وهي قوله (تحل بأواخرها) أي كل ثلث منها يحل بآخر سنة ولذا عبر بأواخرها دون آخرها وجعل الشارح احتمالًا ثانيًا إن معناه تحل الدية كلها بآخر السنين ينافيه تعبير المصنف بأواخر وإنما يظهر لو عبر بآخرها أوّلها (من يوم الحكم) بتنجيمها على المشهور لا من يوم القتل وهذه صفة ثانية لقوله ثلاث سنين وجملة الكاملة الخ استئناف بياني كأنه سئل عن تنجيمها في كم من الزمن فقال الكاملة فهو مبتدأ خبره في ثلاث سنين أي كائنة وليس المراد بالدية الكاملة دية الحر المسلم فقط بل المراد بها أي دية كانت سواء كان المقتول مسلمًا أو كافرًا ذكرًا أو أنثى وسواء كانت على نفس أو طرف كقطع يدين أو قلع عينين أو ذهاب عقل خطأ (و) نجم (الثلث) إن وجب فقط (والثلثان بالنسبة) للدية الكاملة فالثلث في سنة والثلثان في سنتين (ونجم في

ــ

واعترض طفى جميع ذلك بأنهما لا مستند لهما فيما قالاه وظاهر كلام الأئمة أنهم لا يعقلون مطلقًا لا عن غيرهم ولا عن أنفسهم وذكر من كلام الأئمة ما ظاهره يفيد الإطلاق الذي ذكره فانظره اهـ.

ص: 80

النصف) باعتبار التثليث في الكاملة فيؤخذ ثلث دية في سنة ويجعل للزائد وهو سدس سنة ثانية فحكم النصف كالثلثين (و) نجم (في الثلاثة الأرباع بالتثليث) فيؤخذ منها ثلثان لكل ثلث سنة (ثم) يجعل (للرائد) عليهما وهو نصف سدس (سنة) فتصير هذه كالكاملة وما ذكره في هذين الفرعين ضعيف والمعتمد أن النصف ينجم في سنتين كل سنة ربع وأن الثلاثة الأرباع ثلاث سنين كل سنة ربع وهو ظاهر قول المدونة أن الثلاثة الأرباع في ثلاث سنين اهـ.

إذ المتبادر منها أن كل ربع في سنة والتبادر عند أهل البيان علامة الحقيقة وقال بعض أن المصنف كالمدوّنة أي لاحتمال أن الكاملة لكل سنة ثلث فكذا غيرها وانظر إذا زاد النصف نصف سدس والثلاثة الأرباع ثمنًا هل يكون لذلك الزائد سنة على كلام المدوّنة أو بالاجتهاد وهو الظاهر (وحكم ما وجب على عواقل) متعددة كعشرة رجال من قبائل شتى قتلوا رجلًا (بجناية واحدة) كحملهم صخرة فسقطت منهم عليه خطأ (كحكم الواحدة) فينجم ما ينوب كل واحدة وإن كان دون الثلث أو اختلفت دياتهم في ثلاث سنين وهذا كالتخصيص لما مر من أنها لا تحمل دون ثلث ومن أن الدية لا تكون من صنفين كذهب وإبل أو ورق وهنا تدفع كل عاقلة القدر الذي لزمها من نوع ما عندها (كتعدد الجنايات عليها) أي على العاقلة الواحدة كأن يقتل رجل رجلين أو أكثر خطأ فالديتان منجمتان في ثلاث سنين وهي مصيبة نزلت بالعاقلة فهو مشبه كما لد بما قبله في أن المتعدد كالمتحد أي تعدد الجنايات كالجناية الواحدة في كونها على العاقلة في ثلاث سنين خاصة ولا يصح تشبيهه بقوله كحكم الواحدة لأن معناه كحكم العاقلة الواحدة ولا يشبه تعدد الجنايات بالعاقلة الواحدة اهـ.

أي لإيهامه إن على عاقلة شخص قتل أربعة دية واحدة منجمة في ثلاث سنين ولا يصح ذلك (وهل حدها) أي حد أقل العاقلة الشاملة للموالي الأعلين والأسفلين ممن يضرب على كل ما لا يضر (سبعمائة) فأكثر (أو) أقل حدها (الزائد على ألف) أي ألف مع زيادة أربعة رجال فأكثر كما في عج وفي مق زيادة لها بال قال بعض كعشرين ففوق (قولان) فإن نقصت عن السبعمائة على الأول أو عن ألف وما ألحق بها على الثاني حملوا ما نابهم بتقدير كونهم العدد المعتبر والجاني كواحد منهم وحمل بيت المال ما بقي إن

ــ

(وهل حدها سبعمائة الخ) طفى سكت المصنف عن القول بأنها لا حد لها وظاهر كلام ابن عرفة أنه المذهب إذ صدر به ثم حكى قول سحنون ونصه روى الباجي لا حد لعدد من تقسم عليهم الدية من العاقلة إنما ذلك بالاجتهاد وقال سحنون أقلها سبعمائة رجل ابن عات المشهور عن سحنون إن كانت العاقلة ألفًا فهم قليل فيضم إليهم أقرب القبائل إليهم اهـ.

وقول ز أي حد أقل العاقلة أي الحد الذي لا يضم من بعدهم لهم بعد بلوغهم له فإذا وجد هذا العدد من الفصيلة فلا يضم إليهم الفخذ وهكذا وليس المراد أن هذا حد لمن

ص: 81

وجد وإلا فعلى الجاني كما إذا لم يوجد بيت مال ولا عاقلة ولا يلزم من وجد من العاقلة دون العدد المعتبر حمل جميع الدية ولو قدروا عليها لغناهم ثم تكلم على حكم كفارة القتل خطأ وأنها واجبة ومرتبة لقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] الآية فقال: (وعلى القاتل الحر) لا العبد لعدم صحة عتقه إذ لا ولاء له (المسلم) لا الكافر لأنه ليس من أهل القرب (وإن صبيًّا أو مجنونًا) لأن الكفارة من خطاب الوضع لما كانت عوضًا عن النفس فأشبهت عوض المتلف (أو شريكًا) لصبي أو مجنون أو غيرهما فعلى كل كفارة كاملة لأنها لا تتبعض وكذا لو قتل صبيان أو مجنونان ولو تعدد القاتل والمقتول لوجب على كل واحد من القاتلين كفارة في كل واحد من المقتولين وإن لم يجب على كل من البالغين من الدية إلا جزء يسير لأن ما هنا عبادة

ــ

يضرب عليهم بحيث إذا قصروا عنه لا يضرب عليهم لفساد ذلك (وعلى القاتل الحر المسلم) الخ. ما تقدم من دية أو قصاص هو حق الآدمي وما هنا حق الله في ذلك وإنما وجبت الكفارة في الخطأ دون العمد مع أن مقتضى الظاهر العكس لخطر الدماء ولأن مع المخطىء تفريطًا إذ لو تحرز واحتاط لترك الفعل الذي تسبب عنه القتل من أصله ولأنهم رأوا أن العامد لا يكفيه الكفارة لجنايته لأنها أعظم من أن تكفر كما قالوا في يمين الغموس وأيضًا فقد أوجبوا عليه ضرب مائة وحبس سنة وقول ز لا العبد لعبد صحة عتقه إذ لا ولاء له الخ. نحوه في ضيح واعترض بأن هذه العلة قاصرة لا تفيد إسقاط الصيام عنه وقد اعترضه ابن مرزوق بوجوه منها هذا ومنها أن الآية عامة في الرقيق وغيره ومنها أنهم قالوا بالصيام في نظيره وهو الظهار اهـ.

وبحث معه في هذا الثالث بأن الظهار معصية ولا مندوحة عن كفارتها ونحوه قال الشيخ مس ونصه لا يخفى اتجاه كلام ابن مرزوق غير أنه قد يقال إن طلب الكفارة في الظهار ليس كطلبها في قتل الخطأ إذ لا يخرج من الظهار بدونها مع كون الظهار معصية فمرتكبه آثم فتأكد أمر هذا حتى في حق العبد فأمر بما يمكنه منها وهو الصوم بخلاف القتل فإنها فيه متابعة للدية مع كون المخطىء غير آثم فسقطت عن العبد لتعذر أحد جزأيها منه وإن تأخر الآخر اهـ.

على أن مقتضى كلام ابن عبد السلام أنه لا نزاع في أنها واجبة على العبد فإنه قال الأصل في وجوب الكفارة قول الله تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} [النساء: 92] الآية فيجب على الحر المسلم كما ذكره المؤلف يعني ابن الحاجب ثم قال فإن قلت أما المسلم فقد يظهر لأن الكافر غير مخاطب بالفروع أو مخاطب ولكن شرط التقرب لم يحصل وأما الحرية فلا معنى لاشتراطها إذ الآية تتناول الإرقاء وهب أن الاعتاق متعذر من العبد فالصوم غير متعذر منه إذا أذن له سيده قلت إنما اشترط المؤلف الحرية في كفارة مقيدة وهي الإعتاق أولًا في حق القادر عليه ثم الصيام إن عجز عن الإعتاق فهذه الكفارة لا بد فيها من اشتراط الحرية اهـ.

(وإن صبيًّا أو مجنونًا) قال في ضيح جعلوا الكفارة من خطاب الوضع لأنها لما كانت

ص: 82

برقبة كاملة كما هو ظاهر الآية فلا تتبعض (إذا قتل مثله معصومًا) لا قاتل زنديق أو زان محصن فلا كفارة عليه وخرج المرتد بقوله مثله (خطأ) لا عمدًا عفى عنه فلا تجب بل تندب كما يأتي ومن الخطأ الذي فيه دية عمد الصبي ونوم امرأة على ولدها فقتلته وامتناعها من إرضاعه لا لقصد قتله حتى مات وسقوط شيء من يدها أو يد أبيه عليه خطأ فقتله لا خطأ ليس فيه دية كسقوط ولد من أحد أبويه أو سقيه دواء فمات فهدر فلا كفارة فيه انظر ح وانظره مع أن النائم أعذر من هذا وقد يفرق بأن النائم نسب له موت من نام عليه لانقلابه على الصبي بخلاف موته بعد سقوطه فإنه من الأرض والمنسوب له نفس السقوط الذي نشأ عنه الموت لا الموت (عتق رقبة) مبتدأ خبره على القاتل (ولعجزها شهران) أي صومهما حال كون الرقبة والشهرين (كالظهار) لاشتراط إسلامها وسلامتها من العيوب وخلوها عن شوائب الحرية وتتابع الصوم وغيره مما يصححه أو يبطله كما أشار له هناك بقوله سليمة عن قطع أصبع وعمى وبكم وجنون وإن قل ومرض مشرف وقطع أذنين وصمم وهرم وعرج شديد وجذام وبرص وفلج الخ ثم قال صوم شهرين بالهلال منوي التتابع والكفارة وتمم الأول إن انكسر من الثالث ويؤخر صيام العاجز لطاقته

ــ

عن النفس أشبهت عوض المتلفات وهذا إن كان له دليل من إجماع أو غيره واضح فيجب التسليم له وإلا فالظاهر سقوطها عنهما وردها إلى خطاب التكليف وقد جعل الشرع عوضًا عن الرقبة الصوم ولا شك أنه من خطاب التكليف اهـ.

وأصله لابن عبد السلام وبحث فيه طفى بما ليس بظاهر وذلك لأنه فهم منه المنافاة بين خطاب الوضع وخطاب التكليف وأنهما لا يجتمعان فاعترضه بنص القرافي على أنهما قد يجتمعان في شيء واحد وبأنهما قد اجتمعا في الكفارة لأنها خطاب تكليف باعتبار أنه يجب على الولي إخراجها من مال الصبي أو المجنون وخطاب وضع باعتبار كون القتل سببًا في وجوبها وكذا يجتمعان في ضمان المتلفات هذا محصله وجوابه أن كلام ابن عبد السلام لا ينافي اجتماعهما وإنما مراده أن وجوب الكفارة في مال الصبي والمجنون مبني على اعتبار خطاب الوضع فيها مع أن الظاهر من جعل الشرع الصوم عوض الرقبة فيها أن لا يعتبر إلا خطاب التكليف لاشتراط التكليف في الصوم وذلك ظاهر والله تعالى أعلم اهـ.

وقال ابن عرفة قول ابن شاس وتجب في مال الصبي والمجنون واضح كالزكاة ولم أجده لغيره من أهل المذهب نصًّا وإنما هو في وجيز الغزالي اهـ.

(إذا قتل مثله معصومًا خطأ) قول ز ومن الخطأ الذي فيه دية الخ. نحوه قول ابن رشد ما نصه كما لزمت الدية على العاقلة أو في ماله لزمت الكفارة وحيث لا تلزم لم تلزم إلا استحسانًا كسماع ابن القاسم في الأم تسقي ابنها الدواء فيشرق فيموت اهـ.

نقله ابن عرفة وقول ز وقد يفرق بأن النائم لا يخفى ضعف هذا الفرق وأن مرجعه إلى

ص: 83

والصبي لبلوغه والمجنون لإفاقته وعطف على معصومًا قوله: (لا صائلًا) أي لا كفارة على من قتل صائلًا عليه أي قاصدًا الوثوب عليه وإنما تعرض لهذا مع تصريحه بقوله خطأ لئلا يتوهم أنه لما لم يكن فيه قتل تجب فيه الكفارة كالخطأ دفع ذلك بالتنبيه عليه وهو محترز قوله معصومًا (وقاتل نفسه) خطأ وأولى عمد السقوط الخطاب بها بموته بسبب قتل نفسه (كديته) أي كل من الصائل وقاتل نفسه هدر قال د قوله كديته أي كما أن ديته إذا قتل نفسه خطأ لا تجب على العاقلة لورثته لأنه لا يعقل فكذا غيره وهذا الحل هو المتوهم بخلاف العمد إذ لا دية فيه اهـ.

(وندبت) الكفارة لحر مسلم (في) قتل (جنين ورقيق) لغيره (وعمد) لم يقتل به إما لكونه عفى عنه أو لعدم التكافؤ وأما إن قتل به فلا كفارة (وعبد) لنفسه فلا تكرار وفي بعض النسخ بدل هذا وذمي أي عمدًا أو خطأ وعليه فيعمم في قوله ورقيق (وعليه) أي القاتل عمدًا البالغ حيث لم يقتل للعفو عنه أو لزيادته بحرية أو إسلام (مطلقًا) كان القاتل حرًّا أو عبدًا مسلمًا أو كافرًا ذكرًا أو امرأة (جلد مائة وحبس سنة وإن) كان القاتل العمد متلبسًا (بقتل مجوسي أو عبده) وتقدم إن الجارح عمدًا ونحوه يؤدب ولو اقتص منه (أو نكول المدعي) عن أيمان القسامة التي وجبت عليه في لوث بشاهد لم يثبت معه القتل (على) القاتل (ذي اللوث) أي على القاتل الذي قام عليه اللوث والواو في قوله: (وحلفه) بمعنى مع أي أو نكول المدعي مع حلف ذي اللوث وهو المدعى عليه وأولى لو نكل

ــ

اللفظ (لا صائلًا وقاتل نفسه) قول ز لما لم يكن فيه قتل الخ يعني لما لم يكن فيه قصاص الخ. وقوله لأنه لا يعقل فكذا غيره يعني لأن قاتل نفسه لا يعقل عن نفسه فكذا غيره لا يعقل عنه فلذا لم تكن فيه دية (وعليه جلد مائة وحبس سنة) الأصل في هذا ما أخرجه الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلًا قتل عبده متعمدًا فجلده النبي صلى الله عليه وسلم مائة جلدة ونفاه سنة ومحا سهمه من المسلمين ولم يقده به وأمره أن يعتق رقبة فتكلم عبد الحق الأشبيلي في إسناده وتعقبه ابن القطان ابن عرفة قال بعض الشيوخ المتأخرين على المالكي حفظ هذا الحديث بتصحيح ابن القطان إياه فإنه حجة للمذهب اهـ.

وقول ز حرًّا أو عبدًا الخ. كذا في المدوّنة وغيرها قال الوانوغي سوى في ضرب المائة بين الحر والعبد ولم يشطرها للعبد لأنها عقوبة وهما في العقوبة سواء اهـ.

فرع: قال أبو عمران سألت أبا محمَّد عمن يقتل أقر عمد فعفى عنه ثم رجع عن إقراره فهل يسقط الضرب والحبس عنه وكيف بهذا في المقر بالزنا لو رجع بعد تمام الضرب هل يسقط عنه التغريب فتردد فيها ونحا إلى سقوطه لأنه حق الله سبحانه وتعالى اهـ.

نقله الوانوغي وذكر في تكميل التقييد عن أبي مهدي بن علال أن أحد بني مرين أقر بالقتل في أيام السلطان أبى عنان المريني فصالح السلطان الأولياء عنه فقال القاضي بقي له أن تضربه مائة ونسجنه عامًا فقال للمقر أنكر فأنكر فتركه القاضي قال وكان الشيخ القوري معنيًّا بذكر نازلة أبي عنان هذه اهـ.

ص: 84

فإنما قيد بالحلف لكونه داخلًا تحت المبالغة يعني إذا نكل من قام له لوث من ولاة الدم على القسامة فردت على المدعى عليه فحلف خمسين يمينًا لردها كما توجهت كما يأتي في قوله فترد على المدّعى عليه فيحلف كل خمسين ومن نكل حبس حتى يحلف وسقط عنه القتل فعليه جلد مائة وحبس سنة لثبوت ذلك بما أوجب القسامة ومفهوم قوله وحلفه إنه إن نكل سقط قتله أيضًا لكن يحبس حتى يحلف كما يأتي (والقسامة) أحد ما يجب به القتل أو الدية (سببها قتل) أي إهلاك (الحر المسلم) وإن غير بالغ بجرح أو ضرب أو سم أو نحوها لا خصوص جز الرقبة (في محل اللوث) بفتح اللام وسكون الواو فمثلثة وهو أمر ينشأ عنه غلبة الظن بصدق المدعي ويعبر عنه باللطخ فلا قسامة في جرح ولا في عبد ولا في كافر وسيذكر هذه المفاهيم بقوله ومن أقام شاهدًا على جرح أو عبد أو جنين حلف واحدة الخ وذكر للوث الذي تتسبب عنه القسامة خمسة أمثلة أولها قوله: (كأن يقول) شخص (بالغ) ذكر أو أنثى لا صبي ولو مراهقًا على المعتمد وإن وجبت فيه القسامة بغير قوله كما مر وشرط البالغ العقل كما يشعر به يقول إذ المجنون لا يتأتى منه قول معتبر شرعًا (حر مسلم قتلني فلان) عمدًا بل (ولو) قال قتلني (خطأ أو) كان القاتل

ــ

(في محل اللوث) قول ز أمر ينشأ عنه غلبة الظن بصدق المدعي الخ. هذا التعريف في ضيح وهو غير مانع لصدقه على البينة (كأن يقول بالغ) هذه هي التدمية وقال في ضيح لم يوافق المالكية على أصل التدمية إلا الليث ورأي الجمهور أن قبولها يشتمل على قبول قول المدعى بلا بينة وقد علم أن الدماء أعظم من الأموال وهو لو قال عند موته لي عند فلان كذا لم يقبل وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عنه عليه الصلاة والسلام لو يعطى الناس بدعواهم لادعى أناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعي عليه ورأى علماؤنا أن هذه الدعوى لا تشابه دعوى المال ولا غيره لأن هذا أصول قائم بنفسه ومن تحقق مصيره إلى الآخرة وأشرف على الموت فلا يتهم في إراقة دم مسلم ظلمًا وغلبة الظن في هذا تنزل منزلة غلبة الظن في الشاهد وكيف لا والغالب من أحوال الناس عند الموت التوبة والاستغفار والندم على التفريط وردّ المظالم فكف يتزود من دنياه قتل النفس هذا خلاف الظاهر وغير المعتاد اهـ.

(حر مسلم) أما العبد فلا يقبل قوله لأنه مدع لغيره كذا ذكر خش ويرد عليه إقرار الحر بالخطأ والصواب لأنه ليس من أهل الشهادة كالصبي والكافر وأما المسخوط والمرأة فهما من أهلها في الجملة (ولو خطأ) قال في المقدمات إن قال قتلني خطأ ففي ذلك عن مالك روايتان إحداهما أن قله يقبل (أو) وتكون معه القسامة ولا يتهم والثانية أنه لا يقبل قوله لأنه يتهم أن يكون أراد إغناء ولده وهو قول ابن حازم وجه الرواية الأولى أنه استحقاق دم فوجب أن يستحق بما يستحق به دم العمد ووجه الرواية الثانية أن الواجب في دم الخطأ الدية على العاقلة فأشبه قوله عند الموت لي عند فلان كذا وكذا وهذا أظهر في القياس والرواية الأولى أشهر اهـ.

ص: 85

(مسخوطًا) أي فاسقًا (على ورع) بكسر الراء أي ادعى ولو على أورع أهل زمانه أنه قتله ولا بد من ثبوت قوله المذكور بعدلين ومن تماديه على إقراره فإن قال قتلني فلان ثم قال بل فلان بطل الدم وأتى بقوله حر مسلم لدفع توهم أن قوله قبل قتل الحر المسلم من إضافة المصدر لفاعله كما في د وأحسن منه أنه أتى به لأنه لا يلزم من كون المقتول حرًّا مسلمًا حين القتل أن يكون كذلك حين القول مع أنه لا بد منه (أو) ادعى (ولد على والده أنه) أضجعه و (ذبحه) فيقسمون بسببه ويقتل الوالد وأولى أنه رماه بحديدة أو نحو ذلك مما تجب فيه الدية مغلظة في مال الأب للأولياء كما قال غ (أو زوجة على زوجها) فيقبل على ظاهر المذهب وقال ابن مزين لا يقبل قولها عليه لأنه مأذون له في ضربها وقد يتصل بالموت قاله الشارح وأطلق في قوله فلان ليشمل الحر والعبد البالغ وغيره والذكر والأنثى والعدل والمسخوط والمسلم والكافر وإنما يقبل قول البالغ المذكور (إن كان جرح) ويسمى التدمية الحمراء أو أثر ضرب أو سم لتنزل ذلك منزلة الجرح لا التدمية البيضاء وعطف على قوله خطأ ما هو في حيز المبالغة فقال (أو أطلق) قوله ولم يقيده بعمد أو خطأ (وبينوا) أي أولياؤه أنه عمد أو خطأ فلهم القسامة كما بينوا والقتل في العمد والدية في الخطأ ويجوز في بينوا كونه حالًا منتظرة مع اختلاف فاعلها (1) من فاعل صاحبها وهو أطلق كما ارتضاه الدماميني ردًّا على المغني وإن متعه الشمني (لا) إن قيد و (خالفوا) كلهم أو بعضهم كأن يقول قتلني عمدًا والأولياء خطأ أو عكسه فيبطل الدم لأنه في الصورة الأولى أبرأ العاقلة وهم أبرؤوا القاتل وفي الصورة الثانية عكسه ومما يهدر الدم فيه أيضًا إذا قال قتلني فلان ثم قال بل فلان كما مر أو قيل له من جرحك فقال لا أعرفه ثم قال فلان وكذا دمي عند فلان أو فلان على وجه الشك فتدمية ساقطة اتفاقًا كما في تت آخر الباب وبما قررنا علم أن المعطوف بلا محذوف عطف على أطلق ولا يصح عطفه على بينوا لأنه يصير التقدير لا أطلق وخالفوا مع أنه لا مخالفة مع الإطلاق (ولا يقبل رجوعهم) بعد المخالفة لقول المدمي وكذا ينبغي لا يقبل رجوعه إلى قولهم وأما رجوعه قبل مخالفتهم فالظاهر مما قدمنا بطلان الدم (ولا إن) أطلق المدمي و (قال بعض عمدًا وبعض لا نعلم) هل قتله عمدًا أو خطأ وكذا لا نعلم من قتله كما في

ــ

(إن كان جرح) قول ز لا التدمية البيضاء الخ. يعني أن التدمية البيضاء لا عبرة بها وهي التي ليس معها جرح ولا ضرب ابن عرفة في هذه المسألة اضطراب وقال المتيطي الذي عليه العمل وبه الحكم قول ابن القاسم أنه إذا لم يكن بالمدمى أثر جرح أو ضرب أنه لا يقبل قوله على فلان إلا بالبينة على ذلك اهـ.

(وبعض لا نعلم) في المدوّنة إن قال بعضهم عمدًا وقال بعضهم لا علم لنا بمن قتله ولا نحلف فإن دمه يبطل اهـ.

(1) قوله مع اختلاف فاعلها الخ كذا بالأصل المطبوع وانظره اهـ مصححه.

ص: 86

ق (أو) قالوا كلهم عمدًا و (نكلوا) عن القسامة فيبطل الدم في الصورتين أما في الأولى فلأنهم لم يتفقوا على أن وليهم قتل عمدًا حتى يستحقوا القود ولا على من قتله فيقسمون عيه وأما في الثانية فبمجرد نكولهم كما يفيده ما يأتي من قوله ونكول المعين غير معتبر بخلاف غيره ولو بعدوا ومن قوله واجتزىء باثنين طاعًا من أكثر (بخلاف ذي الخطأ) أي بخلاف ما إذا قال بعض خطأ وبعض لا نعلم (فله) أي لمدعي الخطأ (الحلف) لجميع أيمان القسامة (وأخذ نصيبه) من الدية لأنه مال أمكن توزيعه بخلاف مدعي العمد فيسقط نصيبه فإن نكل ذوو الخطأ كلهم أو بعضهم عن جميع الأيمان ردت على عاقلة القاتل فإن حلفوها كلهم سقطت الدية وإن نكل بعضهم دفعت حصته للناكل من أولياء المقتول أو لحالف بعضها ولم يكملها ولا يدخل في كلامه هنا كما في تت ما إذا قال بعض عمدًا وبعض خطأ لأن ذلك قوله (وإن) أطلق المقتول في قوله بأن قال قتلني فلان و (اختلفا) أي فريقًا ورثته (فيهما) أي في العمد والخطأ أي قال فريق قتله عمدًا وآخر خطأ (واستووا) أي المخالفون في درجة القرابة وفي كون كل له التكلم كأولاد أو إخوة أو أعمام وإن لم يستو عددهم (حلف كل) من مدعي العمد والخطأ أيمان القسامة على قدر إرثه فقط (وللجميع دية الخطأ) على عاقلة الجاني ويسقط القتل (وبطل حق ذي العمد) أي مدعيه (بنكول غيرهم) أي ذي الخطأ فلا قسامة لذي العمد ولا دية لأنه لدعواه الدم إنما يحلف تبعًا لذمي الخطأ ويصيرون حينئذ بمنزلة ما لو ادعى جميعهم الخطأ ونكلوا فيحلف عاقلة القاتل وإلا غرم الناكل سواء كان جميعهم أو بعضهم وانظر لو حلف بعض مدعي الخطأ ونكل الباقي فهل لمدعي العمد الحلف تبعًا لحلف بعض مدعي الخطأ أم

ــ

قال طفى الظاهر أن قولها ولا نحلف لم يذكر فيها على سببل التقييد خلافًا لما اقتضاه كلام تت من توقف البطلان في هذه على النكول ولذا لم يذكره ابن الحاجب وابن شاس مع ذكرهما لمسألة المدونة اهـ.

(أو نكلوا) حمله ز على ما إذا نكلوا كلهم وهو ظاهر والمتبادر منه رجوعه للبعض وهو محل التوهم والخلاف ونص ابن عرفة ابن رشد إن نكل بعض الأولياء عن القسامة وهم في العفو وسواء أو عفا عن الدم قبلها ففي سقوط الدم والدية أو الدم ويحلف من بقي لأخذ حقه ثالثها هذا إن نكل على وجه العفو عن حقه وإن نكل تحرجًا وتورعًا حلف من بقي الأول لابن القاسم مع ابن الماجشون والثاني لأشهب والثالث لابن نافع اهـ.

وعلى الأول كلام المصنف وعلى الثاني شرح ق (بخلاف ذي الخطأ) قول ز أي بخلاف ما إذا قال بعض خطأ وبعض لا نعلم الخ. أي أو قالوا كلهم خطأ ونكل البعض ففي قوله بخلاف ذي الخطأ صورتان كصورتي العمد كما في المدوّنة ونصها ولو قال بعضهم قتله خطأ وقال الباقون لا علم لنا أو نكلوا عن اليمين حلف مدعو الخطأ وأخذوا حظهم من الدية ولا شيء للآخرين اهـ.

ونحوه لابن شاس قال أبو الحسن قولها لا علم لنا يحتمل لا علم لنا يعين قاتله أو بصفة.

ص: 87

لا وبالأول جزم الفيشي من غير عزو وتبعه بعضهم وربما يشمله التعليل بالتبعية لحلف ذي الخطأ ومفهوم قوله استووا أنهم إن اختلفوا فيهما واختلفت مرتبتهم قربًا وبعدًا وكان للجميع التكلم كبنت مع أعمام فقالت العصبة عمدًا والابنة خطأ فدمه هدر ولا قسامة ولا دية ولا قود لأنه إن كان عمدًا فذلك للعصبة ولم يثبت الميت لهم ذلك وإن كان خطأ فالدية ولم يثبت أنه خطأ ويحلف المدعى عليه ما قتله عمدًا ويحرز دمه كما في الموازية فإن قالت العصبة خطأ والابنة عمدًا حلفت العصبة خمسين يمينًا وكان لهم نصيبهم من الدية ولا عبرة يقول البنت لأنه لا يحلف في العمد أقل من رجلين عصبة كما يأتي انظر الشارح فإن اختلفا فيهما واستوت مرتبتهم ولم يكن للجميع التكلّم كبنات مع بنين فالعبرة بكلام البنين كما أنه لا عبرة بكلام أعمام مع بنين وتثنية المصنف الضمير أولًا وجمعه ثانيًا تفنن وقال تت ثنى ضمير اختلفا باعتبار كونهما طائفتين إحداهما تدعي العمد والأخرى تدعي الخطأ وجمع ضمير استووا باعتبار حلف الجمع عند تعددهم اهـ.

أي فهو كقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] وأشار للمثال الثاني من أمثلة اللوث بقوله: (وكشاهدين بجرح أو ضرب) لحر مسلم أي على معاينة ذلك وإن لم يكن أثر (مطلقًا) أي عمدًا أو خطأ (أو) شهدا على (إقرار المقتول) بأن فلانًا ضربه أو جرحه أي من يصير مقتولًا وقوله وكشاهدين عطف على قوله كأن يقول بالغ على حذف مضاف أي كقوله بالغ وكشهادة شاهدين لأن الذي من أمثلة اللوث هو قول المقتول والشهادة لا الشاهد إن (عمدًا أو خطأ) بجرح أو ضرب وأثره موجود وإلا لم يعمل بشهادتهما على إقراره انظر د فليس هذا بمخالف لقوله كأن يقول بالغ الخ لأنه إقرار بالقتل قاله غ ولو حذف المصنف لفظ مطلقًا ما ضره بل الواجب حذفه لقوله بعده عمدًا أو خطأ قاله عج وأجاب البساطي عن تعبيره في الأول بمطلقًا وفي الثاني بعمدًا أو خطأ بأن الإطلاق في الأول راجع للحكم أي سواء شهدوا بأنه جرحه عمدًا أو خطأ ولو قال في الثاني مطلقًا لرجع إلى إقراره وأفاد أنه يكتفي بقوله جرحني ولم يعين وليس كذلك اهـ.

ولم يؤخر مطلقًا ويجعل راجعًا للفرعين لأنه ربما يتوهم أن المراد به في الفرع الثاني سواء كان المقتول صغيرًا أو كبيرًا وليس كذلك انظر د (ثم يتأخر الموت) راجع لقوله وكشاهدين فإن لم يتأخر استحقوا الدم أو الدية بغير قسامة لا للثانية أيضًا لأنه يقسم بها وإن لم يتأخر الموت هذا هو المعتمد خلافًا لجعل جد عج أن قوله ثم يتأخر الخ راجع للمسائل الأربع قبله وهي في الحقيقة ثمانية لأن الشاهدين إما أن يشهدا بمعاينة الجرح عمدًا أو خطأ أو بمعاينة الضرب كذلك أو يشهدا بإقرار المقتول بالجرح عمدًا أو خطأ أو بالضرب كذلك والصواب رجوعه لمسألتي الجرح والضرب لا لمسألتي الإقرار به

ــ

قتله من عمد أو خطأ وقولها أو نكلوا يحتمل معناه ادعى جميعهم الخطأ ويحتمل أن يعود على الصورة المتقدمة وهي ما إذا قال بعضهم عمدًا وبعضهم خطأ والحكم سواء اهـ.

ص: 88

لأنهما إنما يشهدان على إقراره بالجرح أو الضرب فلا فرق بين أن يتأخر الموت أم لا (يقسم) الولي بالله الذي لا إله إلا هو (لمن ضربه) أو جرحه (مات) أي بهذه الصيغة أو نحو إنما مات من ضربه أو جرحه وقوله يقسم الخ. هذا مع الشاهدين وأما مع الشاهد فسكت عنه لأنه أخر قوله كشاهد بذلك عنه وكلامه في أنه لوث والحلف وعدمه شيء آخر والمذهب فيه ما قاله ابن عرفة كما يأتي نصه وأما المثال الأوّل فيقسمون لقد قتله خاصة وأشار لمثال ثالث مما يقسم فيه الأولياء وهو مشتمل على صور بقوله: (أو بشاهد بذلك) أي بمعاينة الجرح أو الضرب (مطلقًا) أي عمدًا أو خطأ تأخر الموت أم لا بلغ المجروح أو المضروب أم لا فيحلف الأولياء يمينًا واحدة تكمله للوث ثم خمسين للقسامة وصفة الواحدة المكملة كأيمانها قال ابن عرفة ظاهر كلام ابن راشد أو نصه أنهم يحلفون على الجرح والموت عنه في كل يمين من الخمسين أي لقد جرحه أو ضربه ولقد مات من جرحه أو ضربه وإنما تكون (إن ثبت الموت) في جميع صور اللوث لا قبله لاحتمال حياته وترك الكاف في هذا الثالث لئلا يتوهم رجوع الشرط هنا اسما بعدها وقرر بعض أن الشرط راجع للأخيرة وأما التي قبلها وهو قوله وكشاهدين بجرح أو ضرب مطلقًا الخ فذكر فيها ثبوت الموت بقوله ثم يتأخر الموت ومعرفة تأخره فرع ثبوته وبهذا سقط اعتراض غ اهـ.

ــ

(يقسم لمن ضربه مات) هذا خاص بالشاهدين بجرح أو ضرب وأما في إقرار المقتول فيقولون لقد جرحه ولمن جرحه مات (أو يشاهد بذلك) قول ز فيحلف الأولياء يمينًا واحدة تكملة للوث ثم خمسين للقسامة الخ. أما يمين التكملة فيقولون فيها بالله الذي لا إله إلا هو لقد ضربه ثم خمسين للقسامة يقولون لمن ضربه قد مات وهذا أحد شقي التردد في كلام ابن عبد السلام والآخر هو ما نقله ابن عرفة عن ابن رشد أنهم لا يفردونها وإنما يحلفون خمسين لقد ضربه ومن ضربه مات انظر غ وتأمل ما معنى قول ز وصفة الواحدة المكملة كأيمانها الخ مع هذا والله أعلم. (إن ثبت الموت) هذا راجع لجميع صور اللوث لكن قال طفى هذا الشرط ليس بضروري الذكر إذ من المعلوم أن القسامة لا تكون إلا بعد الموت وجعله ابن الحاجب خاصًّا بما قبله يليه وبقوله بعد وكالعدل الخ. والحق أنه راجع لهذين ولقوله وكشاهدين بجرح الخ. ولذا اعترض ابن عبد السلام على ابن الحاجب بذلك قائلًا كلامه يشعر أنه لو شهد عدلان بالجرح والضرب ولم تقم البينة على صحة موت المجروح أو المضروب اتفق على صحة القسامة ولا فرق بين ذلك في ظاهر كلام الشيوخ اهـ.

ولو ذكر المصنف هذا الشرط بعد قوله وكالعدل فقط في معاينة القتل لكان أولى لأنه هو المختلف فيه كما ذكره اللخمي وغيره وفيه تظهر فائدة للشرط ويفترق الحكم مع الشاهدين والشاهد لأن الشاهدين على معاينة القتل يثبت بهما الموت فلا يحتاج لشرط ثبوته بخلاف الشاهد الواحد وأما في الجرح فلا فرق بين الشاهد والشاهدين كما تقدم عن ابن عبد السلام اهـ. بخ

ص: 89

(أو) شهد شاهد (بإقرار المقتول) البالغ (عمدًا) بجرح أو ضرب وأما بإقراره بالقتل فلا بد من شاهدين كما مر ثم لا بد من يمين ولي المقتول تكملة لشهادة الشاهد ثم خمسين بالأولى من المسألة التي قبل هذه التي فيها المعاينة وهي أقوى من إقراره بأنه مجروح فلان ومفهوم عمدًا أنه لو شهد عليه واحد بأنه قال قتلني خطأ لبطل الدم إذ لا بد فيه من شاهدين والفرق كما في الشارح أن قول الميت في الخطأ جار مجرى الشهادة لأنه كشاهد على العاقلة والشاهد لا ينقل عنه إلا اثنان بخلاف العمد فإن المنقول عنه فيه وهو المقر بجرح أو ضرب عمدًا مع الشاهد عليه بذلك الإقرار إنما يطلب ثبوت الحكم لنفسه وهو القصاص (كإقراره) بالقتل وثبت إقراره بشاهدين لا بواحد (مع) معاينة (شاهد) للقتل (مطلقًا) عمدًا أو خطأ ولم يستغن عن هذه بقوله كان يقول بالغ الخ لأنه يتوهم في هذه ثبوت الدية أو القتل بدون قسامة وإشارة إلى أنها تجب مع تعدد اللوث كما يأتي ولم يستغن به عن هذه لأن القصد هنا إثبات أنه لوث وفيما يأتي المقصود صراحة أن تعدد اللوث لا يغني عن وجوب القسامة (أو إقرار القاتل في الخطأ فقط) أي أقر أنه قتل خطأ (بشاهد) أي مع معاينة شاهد للقتل خطأ فلوث فإن أقر بالخطأ من غير معاينة شاهد فغير لوث بل يؤخذ بإقراره فتكون في ماله على المعتمد كما أصلح عليه سحنون المدونة لا

ــ

(أو بإقرار المقتول عمدًا) اعلم أن أنواع اللوث كما ذكره المصنف خمسة أحدها إقرار المقتول أن فلانًا قتله واختلف هل لا بد في ثبوته من الشاهدين مطلقًا أي في العمد والخطأ أو يكفي الشاهد الواحد مطلقًا قولان أكثر الأنفال على الأول كما عند ابن مرزوق الثاني إقرار المقتول أن فلانًا جرحه أو ضربه وذكر المصنف أنه إن ثبت بشاهدين فهو لوث مطلقًا وإن ثبت بشاهد واحد فهو لوث في العمد لا في الخطأ واعترض بأن هذه التفرقة لم يقل بها أحد وإنما في المسألة قولان التوقف على الشاهدين مطلقًا والاكتفاء بالشاهد الواحد مطلقًا كما في الأول وبهذا يندفع ما يقال ما الفرق بين الإقرار بأن فلانًا قتله حيث قالوا لا يكفي فيه إلا الشاهدان وبين الإقرار بأن فلانًا جرحه فيكفي فيه الشاهد الواحد في العمد كما قال المصنف وحاصل الجواب أن من قال في الإقرار بالجرح يكفي الشاهد الواحد قال بذلك أيضًا في الإقرار بالقتل ومن قال لا يكفي في الثاني إلا الشاهدان قال بذلك في الأول فلا محل لطلب الفرق كما ذكره الشيخ مس رحمه الله النوع الثالث ثبوت الجرح بالشاهدين أو الشاهد وأشار إليه بقوله وكشاهدين بجرح أو ضرب مع قوله أو شاهد بذلك الرابع ثبوت إقرار القاتل في العمد بشاهد وأشار إليه بقوله وإقرار القاتل في العمد بشاهد الخامس ثبوت القتل بشاهد واحد وأشار إليه بقوله وكالعدل الخ. وترتيب هذه الأنواع أحسن مما في ز والله تعالى أعلم وقول ز ومفهوم عمدًا أنه لو شهد عليه واحد بأنه قال قتلني خطأ الخ. صوابه بأنه قال جرحني أو ضربني خطأ الخ. لأن الكلام في الإقرار بالجرح لا بالقتل (أو إقرار القاتل في الخطأ فقط بشاهد) ما شرح به ز من كون الباء بمعنى مع صواب قال ابن الحاجب ولو شهد مع إقراره شاهد واحد فالقسامة أيضًا من غير تفصيل كالمقتول اهـ.

ص: 90

على عاقلته إن كان ثقة مأمونًا لا يتهم في إغناء ورثة المقتول أو أخذ رشوة منهم على إقراره كما في ديات المدونة فإنه غير معول عليه كما في غ وعلى الأول اقتصر المصنف في قوله بلا اعتراف كما مر جميع ذلك مع زيادة فإن أقر بالقتل عمدًا واستمر على إقراره أو شهد به عليه عدلان قتل فإن أنكر وشهد به عليه واحد فلوث كما في غ (و) لا يلزم الشاهدين بيان صفة القتل لكن (إن) بيناها و (اختلف شاهداه) أي القتل في صفته فقال أحدهما بحجر والآخر بسيف (بطل) الحق لتناقض الشهادتين تأخر موته أم لا والمتوهم فيه القسامة تأخر موته كما في د وليس ما هنا كمسألة وإن اختلفا فيهما فليس للأولياء أن يقسموا على شهادة أحدهما لتعارض الشهادتين فسقطتا وأشار لمثال رابع بقوله: (وكالعدل) الواحد (فقط) يشهد (في) أي على (معاينة القتل) ظاهره عمدًا أو خطأ من غير إقرار المقتول فيقسم الأولياء معه ويستحقون الدم إلا أن يقول قتله غيلة فلا يقسمون معه لأنها لا يقبل فيها إلا عدلان على المعتمد خلافًا لقول يحيى بن عمر يقسمون معه وقد مر ذلك وإنما قلنا من غير الخ. لئلا يتكرر مع قوله كإقراره مع شاهد مطلقًا لأن موضوعه أنه قال قتلني فلان بخلاف ما هنا ثم المرأتان العدلتان كالعدل في هذا وفي سائر ما قيل فيه شهادة الشاهد لوث ولم يستغن المصنف عن هذا بقوله أو بشاهد بذلك مطلقًا لأنه ربما يتوهم أن شهادته بمعاينة القتل ليست لوثًا بخلاف شهادته بجرح أو ضرب والأحسن والأخصر لو ذكر هذه عقب تلك فكان يقول أو بشاهد بذلك مطلقًا أو بالقتل وللخامس بقوله: (أو رآه) أي رأى العدل ببصره المقتول (يتشحط) أي يضطرب ويتحرك (في دمه

ــ=

ضيح يعني ولو شهد واحد بالقتل وأقر القاتل بالقتل فلا بد من القسامة ومراده إذا أقر القاتل بالقتل خطأ وأما في العمد فإنه يقتل بإقراره وقوله من غير تفصيل أي بين أن يكون قريبًا أو بعيدًا وقوله كالمقتول أي كما تعدد اللوث مع كون المقتول مقرًا اهـ.

وعليه حمله د وجد عج وغيرهما ونسخة غ في العمد فقال هكذا في بعض النسخ وهو الصواب وأما النسخ التي فيها الخطأ فخطأ صراح اهـ.

وهذا على أن الباء في بشاهد للتعدية أي ثبت إقراره بالقتل عمدًا بشاهد وهو منكر وإنما كانت نسخة الخطأ على هذا الجمل خطأ لأن ابن رشد حصل في المسألة ثلاثة أقوال أحدها إيجاب القسامة مطلقًا والثاني نفيها مطلقًا والثالث إيجابها في العمد دون الخطأ قال وإلى هذا ذهب سحنون وعليه أصلح ما في المدونة وهو الأظهر إذ قيل إن إقرار القاتل بالقتل خطأ ليس بلوث يوجب القسامة فكيف إذا لم يثبت قوله وإنما شهد به شاهد واحد اهـ.

(وكالعدل فقط في معاينة القتل) أي عمدًا أو خطأ فيحلف الأولياء في العمد مع شاهدهم خمسين يمينًا ويستحقون القصاص ويقسمون أيضًا في الخطأ ويستحقون الدية هذا مقتضى نص ق ولكنهم مثلوا فيما يثبت بالشاهد واليمين فيما تقدم بأمثلة منها قتل الخطأ فيقتضي الاكتفاء بيمين واحدة وليس كذلك وإن كان مرادهم ما يشمل القسامة فالعمد كذلك فلم اقتصروا على الخطأ فتأمله وقول المصنف (أو رآه) الفاعل ضمير العدل ولا خصوصية له

ص: 91

و) الشخص (المتهم) بالقتل (قربه وعليه آثاره) أو خارجًا من مكان المقتول ولم يوجد فيه غيره ويشهد العدل بذلك فلوث والظاهر أنه لا مفهوم لقوله يتشحط ولا للجميع في آثاره وربما يفيد ذلك قول ابن الجلاب إن وجد قتيل وبقربه رجل معه سيف أو عليه شيء من دم المقتول أو عليه أثر القتل فهو لوث يوجب القسامة ذكره د بطرة نسخته وفي قوله من دم المقتول تسامح إذ لم يثبت فالأولى من دم وجعلنا الرؤية بصرية لتعديها لمفعول واحد وجملة يتشحط حال من المقتول وفي من قوله في دمه بمعنى على ويصح بقاؤها على معنى الظرفية وفي بعض النسخ يراه مضارعًا منصوبًا عطفًا على معاينة ويقدر أن في المعطوف من عطف مصدر مؤول على مصدر صريح (ووجبت) القسامة (وإن تعدد اللوث) كشهادة عدل بمعاينة القتل وقول المقتول قتلني فلان وشهادة عدلين على إقراره وإن لدفع التوهم لا لرد قول إذ وجوبها مع تعدده متفق عليه كما في الشارح والمراد بالوجوب أن الأولياء إذا أراد والقصاص أو الدية فلا يمكنون إلا بالقسامة أما إن أرادوا الترك فلا يكلفون أيمانها (وليس منه) أي من اللوث (وجوده بقرية قوم) ولو مسلمًا بقرية كفر على الأصح قاله في الشامل إلا لعداوة دنيوية ولم يخالطهم غيرهم كما في واقعة خيبر التي في الموطأ من سبب القسامة أو يقال محل كلامه حيث كان يخالطهم في القرية غيرهم فلا يرد قضية عبد الله بن سهل حيث قتل بخيبر وجعل النبي صلى الله عليه وسلم فيه القسامة لابني عمه حويصة ومحيصة لأن خيبر ما كان يخالط اليهود فيها أُحد (أو دارهم) لأنه لو أخذ بذلك لم يشأ أحد أن يلطخ قومًا بذلك إلا فعل ولأن الغالب أن من قتله لا يدعه في مكان يتهم هو به وليس الموت في الزحمة لوثًا يوجب قسامة بل هو هدر وعند الشافعي تجب فيه القسامة والدية على جميع النَّاس بذلك الموضع انظر الشارح (ولو شهد اثنان) على شخص (إنه قتل) آخر (ودخل في جماعة) ولم يعرف (استحلف كل) منهم (خمسين) يمينًا لأن يمين الدم لا تكون إلا خمسين ولأن التهمة تتناول كل شخص بمفرده إذ القاتل واحد فيحتمل كل أنه هو (والدية عليهم) في أموالهم إن حلفوا كلهم بلا قسامة على أولياء المقتول فكان الغرم على جميعهم للقطع بكذب أحدهم وهو غير معين وكذا إن نكلوا كلهم (أو) حلف بعض ونكل الباقون فالدية كاملة (على من نكل بلا قسامة) لأن البينة شهدت بالقتل وفهم من قوله والدية عليهم أن القتل عمد فإن كان خطأ فالدية على

ــ

بل كذلك عدلان أو أكثر إذ ليس الموجب للقسامة انفراد العدل كما توهمه عبارته بل قوة التهمة وعدم التحقيق كما يفيده ابن عرفة (وليس منه وجوده بقرية قوم) وليس منه أيضًا موت بالزحام بل هو هدر وعند الشافعي لوث يوجب القسامة والدية على جميع الناس بذلك الموضع انظر ضيح وقول ز وجعل النبي صلى الله عليه وسلم فيه القسامة الخ. أي لكن لم يحلفوا ووداه النبي صلى الله عليه وسلم من عنده انظر ضيح (ولو شهد اثنان أنه قتل ودخل في جماعة) قول ز فإن شهد واحد حلف الأولياء خمسين يمينًا أن واحدًا من هذه الجماعة قتل وأخذوا الدية من الجميع

ص: 92

عواقلهم إن حلفوا أو نكلوا فإن حلف بعض فالدية على عاقلة من نكل هذا هو الظاهر وفي د وينبغي أن تكون الدية على عاقلة الجميع من غير يمين ومفهوم اثنان أنه إن شهد واحد على آخر أنه قتل أي عمدًا أو خطأ ودخل في جماعة حلف أولياؤه خمسين يمينًا أن واحدًا من هؤلاء الجماعة قتله ويستحقون الدية على الجميع ولا ينافي هذا أنه إنما يقسم على واحد تعين لها كما يأتي لأن ذاك بالنسبة للقتل وهذا بالنسبة لأخذ الدية (وإن انفصلت بغاة) أي بغى بعضهم على بعض لعداوة وإن كانوا تحت طاعة إمام وقول تت خرجوا عن طاعة الإِمام ليس بلازم قاله الشيخ أحمد بابا (عن قتلى) من الطائفتين أو من غيرها (ولم يعلم القاتل) لهم من الفريقين (فهل لا قسامة) منهم (ولا قود) أي لا قصاص عليهم فيكون المقتول هدرًا (مطلقًا) أي سواء ادعى المقتول حينئذ أن دمه عند أحد أم لا قام له بذلك شاهد من غير البغاة أم لا وهو قول الإِمام في المدونة وإليه رجع ابن القاسم (أو) لا قسامة ولا قود (إن تجرد) القتل (عن تدمية و) عن (شاهد) وأما إن قال دمي عند فلان أو شهد بالقتل شاهد فالقسامة والقود ثابتان وبه فسر ابن القاسم قول مالك في العتبية وقيد في البيان الشاهد بكونه من غير الطائفتين لا من إحداهما ولو من طائفة المدعى عليهم بالقتل لعدم عدالته بحصول البغي (أو) لا قسامة إن تجرد قوله: (عن الشاهد فقط) بل مجرد قوله قتلني فلان لأنه لما كان قادمًا على قتله لا يستنكر كذبه عليه وكذا لو لم يكن هناك إلا قول الولاة وأما عند شهادة الشاهد بمعاينة القتل فلوث يوجب القسامة

ــ

الخ. أي بعد حلفهم أو نكولهم وإلا فعلى الناكل كما سبق في الشاهدين والله أعلم. (فهل لا قسامة ولا قود مطلقًا) قول ز فيكون المقتول هدر الخ. نحوه في خش ونقله بعضهم عن أبي الحسن في شرح الرسالة ونقله طفى عن الفاكهاني واعترضه طفى قائلًا لم أقف على من صرح به من أهل المذهب ممن يعتمد عليه والذي حمل عليه عياض والأب بقول المدونة لا قسامة في قتيل الصفين أن فيه الدية على الفئة التي نازعته وإن كان من غير الفئتين فديته عليهما فقول المصنف فهل لا قسامة ولا قود يعني وتكون الدية على الفئة التي نازعته كما حملت المدونة على ذلك لا أنه هدر اهـ.

باختصار وقول ز وإليه رجع ابن القاسم الخ. فيه نظر بل الذي رجع إليه ابن القاسم هو التأويل الثاني كما صرح به ابن رشد وهو قول الأخوين وأصبغ وأشهب وهو تأويل الأكثر فكان ينبغي للمصنف الاقتصار عليه قاله طفى (أو إن تجرد عن تدمية وشاهد) أي سواء شهد الشاهد على رجل بعينه أو على صف أنه قتله صرح به عياض في التنبيهات وقول ز وقيد في البيان الشاهد بكونه من غير الطائفتين لا من إحداهما الخ. فيه نظر بل غير صحيح إذ الذي في البيان ولم يجزم به تقييد الخلاف بكون الشاهد من طائفة المدمى أو من إحدى الطائفتين وأما إن كان أجنبيًّا عنهما فلوث من غير كلام هكذا في ضيح وابن عرفة عنه ونص كلام ابن رشد على نقل ابن عرفة عن رسم الشجرة من سماع ابن القاسم قيل في قوله لا قسامة فيمن قتل بين الصفين أنه لا قسامة فيه بحال لا بقول المقتول ولا بشاهد على القتل وهي رواية

ص: 93

والقود وهو تأويل بعض الأشياخ للمدونة (تأويلات) ثلاث على المدونة والمذهب الأول وفهم من قوله ولم يعلم القاتل أنه لو علم ببينة لاقتص منه قاله مالك (وإن تأولوا) أي جماعة الطائفتين أن قتالهم بتأويل منهم أي شبهة أي أن يكون لكل شبهة يعذر بها بأن ظن كل طائفة أنها يجوز لها قتال الأخرى لكونها أخذت مالها وأولادها ونحو ذلك لا التأويل المصطلح عليه عند المتكلمين وهو النظر في الدليل السمعي خلافًا لتت (فهدر) أي الدم الحاصل بينهما هدر فإن تأولت واحدة دون الأخرى فدم المتأولة قصاص والأخرى هدر كما أشار له بقوله: (كزاحفة على دافعة) فالزاحفة هدر لعدم تأولها ودم الدافعة لتأولها قصاص ولما قدم سبب القسامة ذكر تفسيرها بقوله: (وهي) من بالغ عاقل (خمسون يمينًا) والتحديد بالخمسين تعبد وأشار بما ذكر إلى أن القسامة نفس الإيمان لا الحلف ولا القوم الحالفون وانتظر بلوغ الصبي ويطلب من العاقلة الحلف حالًا لاحتمال نكولها كما يفيده قوله الآتي فيحلف الكبير حصته والصغير معه (متوالية) في نفسها لأنها أرهب وأوقع حينئذ في النفس ولكن في العمد يحلف هذا يمينًا وهذا يمينًا حتى تتم أيمانها ولا يحلف واحد جميع حظه قبل حظ أصحابه لأن العمد إذا نكل واحد بطل الدم فشدد فيه لصون الدماء ما أمكن وأما الخطأ فيحلف كل واحد جميع ما ينوبه قبل حلف أصحابه لأن من نكل لا يبطل على أصحابه والمال أسهل من القصاص لكن إن وقع في العمد وحلف كل

ــ

سحنون عن ابن القاسم وقيل معناه لا قسامة بينهم بدعوى أولياء القتيل على الطائفة التي نازعت طائفته ولو دمي القتيل على أحد أو شهد عليه بالقتل شاهد واحد وجبت بذلك القسامة وهو سماع عيسى وقول الأخوين وأصبغ وأشهب ابن المواز وإليه رجع ابن القاسم ويحتمل أن يريد بقوله ولا بشاهد إذا كان الشاهد من طائفة المدمى أو إذا كان من إحدى الطائفتين على ما حكاه ابن حبيب اهـ. بخ.

ويقيد محل الخلاف أيضًا بالشاهد الواحد كما يدل عليه كلام المصنف وأما لو شهد عدلان فالقود بلا خلاف وبه تعلم أن ما وقع في ق عن ابن رشد من أنه لا يعمل بالشاهدين سبق قلم إذ كل من نقله عن ابن رشد كابن عبد السلام وضيح وابن عرفة وغيرهم إنما نقله بالأفراد وهو المتعين انظر طفى (تأويلات) قول ز والمذهب الأول الخ. تقدم أن المذهب هو الثاني لا الأول (كزاحفة على دافعة) هذا تشبيه لأن ظاهر قوله تأولوا أن التأويل من الفريقين ويحتمل أنها للتمثيل إذا كان قوله تأولوا شاملًا للتأويل من أحد الفريقين وتقرير كلامه كإهدار دماء طائفة أو جماعة زاحفة باغية على دافعة فقوله على دافعة متعلق بمحذوف وانظر إذا قتل أحد من الجماعة الدافعة هل يقتل به جميع الجماعة الباغية لأنهم متمالؤون وهو الظاهر أم لا (وهي خمسون يمينًا) قال ابن رشد في نوازله في كيفية قسامة قام بها أبو المقتول أو إخوه يقول الأب في يمينه لمقطع الحق قائمًا مستقبل القبلة أثر صلاة العصر من يوم الجمعة على ما مضى عليه عمل القضاة بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الخ. وكذلك يقسم الأخ انظر ح (متوالية) قال ابن مرزوق لم أقف على قيد التوالي لغير ابن شاس وابن الحاجب وتبعهما المصنف اهـ.

ص: 94

ما ينوبه قبل حلف أصحابه صح (بتًّا) لا على نفي العلم أي لا يقال لا أعلم أن أحدًا غير هذا قتله واعتمد الباب على ظن قوي أو قرائن الأحوال (وإن أعمى أو غائبًا) حين القتل لأن العمى والغيبة لا يمنعان تحصيل أسباب العلم لأنه يحصل بالسماع والخبر كما يحصل بالمعاينة وفي الرسالة ويجلب إلى مكة والمدينة وبيت المقدس أهل أعمالها للقسامة أي ولو بعدت كعشرة أميال ولا يجلب في غيرها إلا من الأميال اليسيرة أي كالثلاث وما قاربها (يحلفها في الخطأ من يرث وإن واحدًا) ولو أخًا لأم (أو امرأة) ويسقط باقي الدية إذا لم يكن مع المرأة وارث إلا بيت المال فإنه لا يطلب بحلف أو لا حق له في باقي الإيمان ذكره أبو الحسن على المدونة وفي قوله من يرث إشعار بحلفه على قدر إرثه حيث كان معه من يستوفي الإرث وإلا حلف جميع أيمانها وأخذ قدر إرثه فقط وسقط الباقي (وجبرت اليمين) إن حصل فيها كسران أو كسور (على أكثر كسرها) ولو كان صاحبه أقل نصيبًا كابن وبنت على الابن ثلاثة وثلاثون وثلث وعلى البنت ستة عشر يمينًا وثلثان فتحلف سبعة عشر يمينًا والابن ثلاثة وثلاثين ومثال الكسور أن يكون للمقتول زوجة وأم وأخ لأم فللزوجة الربع اثنا عشر يمينًا ونصف وللأم ثلثها ستة عشر وثلثان وللأخ للأم سدسها ثمانية وثلث فتحلف الأم سبعة عشر يمينًا لأن كسرها أكثر فشمل المصنف ذلك ويسقط الكسران وما بقي من أيمان القسامة يحلفها العاصب إن كان وإلا ردت على المذكورات ويجري فيهن تنظير تت الآتي قريبًا (وإلا) يكن الكسر أكثر بل متساويًا كثلاثة بنين على كل ستة عشر وثلثان (فعلى) كل من (الجميع) تكميل ما انكسر من نصيبه فيحلف كل واحد سبعة عشر يمينًا ولو كانوا ثلاثين حلف كل واحد يمينين فقوله وجبرت إلى قوله الجميع كالتخصيص لقوله وهي خمسون يمينًا أي معناه ما لم يكن كسر وإلا فتزيد في بعض صور مع تساوي الكسور ككون العصبة ثلاثين وإن لم يكن كسر كابنين فواضح. (ولا يأخذ أحد) شيئًا من الدية وإن غاب غيره (إلا بعدها) أي إلا بعد

ــ

وقول ز لأن العمد إذا نكل واحد بطل الدم فشدد فيه لصون الدماء ما أمكن الخ. فيه نظر والظاهر ما قاله غيره من أنه لو كلف أن يحلف جميع حظه من الإيمان دفعة لربما نكل الآخر عن الإيمان فتذهب إيمان من حلف باطلًا وهذا التوجيه يقتضي أن الحق للولي في ذلك فلو شاء أن يحلف الجميع دفعة لكان له ذلك على هذا لكن قوله فتذهب أيمان من حلف باطلًا يخالف ما ذكره ابن مرزوق عند قوله بعد بخلاف غيره وهو بعد وإلا أن يكون مراده باطلًا بالنسبة للقود لا للدية فتأمل. (وجبرت اليمين على أكثر كسرها) قول ز ويسقط الكسران الخ. غير صحيح بل إنما يسقط ثلث اليمين عن الأخ للأم وأما النصف فيكمل على الزوجة ويكمل على العاصب أيضًا لأنهما كسران متساويان والظاهران هذا حيث كان المنكسر يمينين كما في المثال أما إذا وقع الانكسار في يمين واحدة فإنه يكمل الأكثر ويسقط ما عداه ولو تعدد كمثال المدونة ففيها إن لزم واحدًا نصف اليمين وآخر ثلثها وآخر سدسها حلف صاحب النصف فصوّرت ببنت وأم وزوج وعاصب اهـ.

ص: 95

حلف جميعها إذ لا يلزم العاقلة شيء من الدية إلا بعد ثبوت الدم وهو لا يثبت إلا بعد حلف جميعها ولو إحدى جدتين لها نصف سدس قال تت وانظر لو حضر صاحب ثلث وسدس وغاب صاحب نصف هل يحلف كل من الحاضرين من حصة الغائب بقدر نصيبه أو على التساوي اهـ.

(ثم) بعد حلف الحاضر جميع أيمان القسامة (حلف من حضر) من غيبته أي أو بلغ الصبي (حصته) أي ما ينوبه من أيمان القسامة فقط وأخذ بعد حلفه نصيبه من الدية فإن مات الغائب أو الصبي قبل قدومه وبلوغه وكان الحالف وارثه وحلف جميع أيمانها قبل ذلك فهل لا بد من حلفه ما كان يحلفه مورثه أو يكتفي بأيمانه السابقة قولان وينبغي أن يكون الراجح الأول قياسًا على ما مر في قوله كوارثه قبله وينبغي أيضًا أن يجري هنا التأويلان السابقان فيما إذا نكل أولًا وظاهر قوله ثم حلف من حضر حصته ولو رجع الأول عن دعوى الدم وهو كذلك لأن يمينه قبل ذلك حكم مضى كما في نقل ابن عرفة عن سماع عيسى وظاهره أنه ينزع منه ما رجع عنه (وإن نكلوا) أي جميع ورثة المقتول خطأ (أو) نكل (بعض) منهم وحلف بعض جميع الأيمان وأخذ حصته فقط ولا دين على المقتول ولا وصية له (حلفت العاقلة) أي عاقلة القاتل أي حلف كل واحد منهم يمينًا واحدة ولو كانوا عشرة آلاف رجل وقوله العاقلة فإن لم تكن حلف الجاني خمسين يمينًا وبرىء فإن نكل غرم حصته وتكون للناكلين من عاقلة المقتول وقولي ولا دين على المقتول ولا وصية له احتراز عما إذا كان عليه دين أو وصية فلرب الدين والموصى له عند نكول الأولياء حلف أيمان القسامة كلها وأخذ دينه والوصية كما في التبصرة في الدين والوصية مثله فيما يظهر (فمن) حلف من عاقلة القاتل برىء ولا غرم عليه ومن (نكل) منهم (فحصته) فقط لازم عليه غرمها لأولياء الدم الناكلين كلهم (على الأظهر) أو الناكل

ــ

من ق وبيانه إن على الأم سدس الإيمان وهو ثمانية وثلث وعلى الزوج الربع اثنا عشر ونصف وعلى العاصب نصف السدس أربعة أيمان وسدس فيكمل النصف على الزوج ويسقط الكسران وهما الثلث والسدس عن الأم والعاصب لأن الانكسار إنما وقع في يمين واحدة فتأمله (وإن نكلوا أو بعض حلفت العاقلة) قال ح ظاهره إذا نكل بعض الورثة سقطت الدية جميعًا وحلفت العاقلة وليس كذلك بل المراد أنه إذا نكل بعض الورثة فإن العاقلة تحلف وتسقط حصة الناكل فقط كما صرح له ابن الحاجب اهـ.

يعني بعد تكميل الحالف ما بقي من الإيمان كما تقدم ويصح حمل كلام المصنف على ظاهره بأن يقدر في نكول البعض أن البعض الحالف أبى من تكميل الإيمان فإنه بمنزلة نكول الجميع لكن الوجه الأول أفيد وقول ز فإن لم تكن أي العاقلة حلف الجاني خمسين يمينًا وبرىء فإن نكل غرم حصته يعني إذا وجد بيت المال الذي يغرمها معه وإلا غرم الدية كلها وقول ز وتكون للناكلين من عاقلة المقتول الخ صوابه من ورثة المقتول لا من عاقلته تأمل.

(على الأظهر) هذا راجع لقوله حلفت العاقلة لأنه محل الخلاف والاستظهار لا لقوله فمن

ص: 96

بعضهم والحالف بعضهم بعض أيمانها لسقوط حقه بنكول غيره وعدم حلفه جميعها وأما من حلف جميعها وأخذ حصته فلا يدخل ثانيًا فيما رد على الناكلين بنكول عاقلة القاتل كلها أو بعضها (ولا يحلف) الخمسين يمينًا (في العمل أقل من رجلين عصبة) من النسب للمقتول سواء ورثوا أم لا أو لعاصبه بدليل قوله وللولي الاستعانة وأما النساء فهلا يحلفن في العمد لعدم شهادتهن فيه فإن انفردن صار المقتول بمثابة من لا وارث له فترد الإيمان على المدعى عليه وسكت عن أكثر من يحلف من عصبة المقتول في العمد لعدم حده وذكر أقله لأنه محدود (وإلا) يكن له عصبة نسب (فموال) أعلون ذكور والمراد بالجميع اثنان وبنوهم أي يحلف الاثنان خمسين يمينًا لا الأسفلون إذ ليسوا عصبة وإن كانوا من العاقلة ولا الأنثى ولو مولاة النعمة إذ لا دخل لها هنا في العمد وبما قررنا من أن معنى وإلا يكن له عصبة نسب سقط الاعتراض عليه بأن قوله وإلا فموال يفيد أنهم ليسوا عصبة مع أنهم عصبة فالنفي راجع للمقيد مع قيده وهو عصبة نسب وقرانه الموالي بالعصبة يدل على أن المراد بالموالي الأعلون واعترض ق ترتيب المصنف فقال قوله د إلا فموال الذي في الموطأ قال مالك في الرجل يقتل عمدًا إذا قام عصبة المقتول ومواليه فقالوا نحلف ونستحق دم صاحبنا فذلك لهم اهـ.

ولا يكفي في الجواب أنه تبع ابن شاس لأنه يعترض عليه بمثل ذلك ولكن يجاب عن المصنف بأن كون الموالي لهم التكلم لا ينافي تأخيرهم عن عصبة النسب (وللولي) واحد أو متعدد (الاستعانة) في القسامة (بعاصبه) أي عاصب الولي نفسه وإن لم يكن

ــ

نكل فحصته خلافًا لظاهر ز وعبارة ابن رشد فإن نكل الأولياء عن الأيمان أو نكل واحد منهم ففي ذلك خمسة أقوال في المذهب أحدهما أنها تردّ الأيمان على العاقلة فيحلفون كلهم ولو كانوا عشرة آلاف والقاتل كرجل منهم فمن حلف لم يلزمه شيء ومن نكل لزمه ما يجب عليه وهو أحد قولي ابن القاسم وهذا القول أبين الأقاويل وأصحها في النظر الثاني يحلف من العاقلة خمسون رجلًا يمينًا يمينًا فإن حلفوا برئت العاقلة من الدية كلها وإن حلف بعضهم برىء ولزم بقية العاقلة الدية كلها حتى يتموا خمسين يمينًا وهو قول ابن القاسم الثاني الثالث أنهم أن نكلوا فلا حق لهم أو نكل بعضهم فلا حق لمن نكل ولا يمين على العاقلة لأن الدية لم تجب لهم بعد إنما تجب لهم بعد إنما تجب بالفرض قاله ابن الماجشون الرابع أن اليمين ترجع على المدعى عليه وحده إن حلف برىء وإن نكل لم يلزم العاقلة بنكوله شيء لأن العاقلة لا تحمل الإقرار والنكول كالإقرار وإنما هو بنكوله شاهد على العاقلة رواه ابن وهب والخامس أن الأيمان ترد على العاقلة إن حلفت برئت وإن نكلت غرمت نصف الدية قاله ربيعة على ما روي عن عمر في قضائه على السعدي اهـ.

بنقل ابن عرفة (ولا يحلف في العمد أقل من رجلين) قول ز وسكت عن أكثر من يحلف في العمد لعدم حده الخ. فيه نظر لمنافاته لما يأتي له من أنه لا يزاد على خمسين إلا أن يريد عدم الحد بقدر واحد معين (وللولي الاستعانة بعاصبه) قول ز وخش وأولى بمشاركه

ص: 97

عاصب المقتول كمرأة مقتولة ليس لها عصبة غير ابنها وله إخوة من أبيه فيستعين بهم أو ببعضهم أو يستعين بعمه فقوله بعاصبه أي جنس عاصبه واحد أو متعدد وأولى بمشاركة في السهم واللام في للولي بمعنى على أن كان واحدًا وللتخيير إن تعدد وكلامه في العمد وأما في الخطأ فيحلفها وإن واحدًا كما مر (وللولي) حين استعانته بعاصبه (فقط حلف الأكثر) من حصته التي تنوبه بالتوزيع (إن لم تزد) الأكثرية (على نصفها) أي الخمسين فإن زادت فليس له حلف الأكثر وخرج بفقط المستعان به فليس له أن يحلف الأكثر من حصته أي من نصيب الولي وأما من حصة مستعان به آخر فيما إذا كانا اثنين أو أكثر فله ذلك (ووزعت) أيمان القسامة على مستحق الدم فإن زادوا على خمسين لا يزاد عليها لأنه خلاف سنة القسامة فتدخل القرعة عند المشاحة فيمن يحلفها منهم (واجتزى) في حلف جميعها (باثنين طاعًا من أكثر) من غير نكول كما يفيده قوله طاعًا من أكثر إذ المتبادر منه أن معناه من طوع أكثر ويفيده أيضًا قوله الآتي بخلاف غيره (ونكول المعين) عن الحلف (غير معتبر) وكذا تكذيبه لأنه لا حق له في الدم ولأنه قد يكون إنما نكل لأنه أرشى ثم إن وجد غيره استعين به وإلا سقط الدم حيث كان الولي واحدًا لقوله ولا يحلف في العمد الخ فإن رجع المعين بعد نكوله ليحلف برضا الولي فالظاهر عدم تمكينه (بخلاف) نكول (غيره) أي غير المعين من أولياء الدم الذين في درجة واحدة كبنين أو إخوة فيعتبر (ولو بعدوا) عن المقتول في الدرجة مع استوائه مع غيره كأولاد عم ونكل بعضهم وليس المراد بعدوا في الدرجة مع كون غيرهم أقرب منهم كابني عم مع عم فإنهم لا كلام لهم معه فلا يعتبر نكولهم وأفرد الضمير في غيره وجمعه في بعدوا تفتنا ولأنه قد يكون الناكل واحدًا وقد يكون متعددًا وأتى بقوله بخلاف غيره مع استفادته من قوله وسقط إن عفا رجل كالباقي لأجل المبالغة هنا وإذا نكل بعض الأولياء المستوين في الدرجة أو عفا وسقط الدم (فترد) الإيمان (على المدعى عليهم) بالقتل (فيحلف كل) منهم (خمسين)

ــ

في السهم الخ. غير صحيح إذ العاصب ليس ذا سهم حتى يشاركه غيره فيه وأيضًا مشاركه في التعصيب مساو له فكيف يقال إنه يستعين به (بخلاف غيره ولو بعدوا) قول ز مع استوائه مع غيره الخ. هذا هو الصواب إذ هكذا المسألة مفروضة في كلام الأئمة كاللخمي وابن شاس وابن الحاجب وابن عرفة وغير واحد خلافًا للشارح وتبعه تت في جعله الخلاف المشار إليه بلو إذا يعدوا مع الاختلاف في القعدد وما قبل لو إذا استووا وهو وهم منه بل المسألة كلها مفروضة فيما إذا استووا في القعدد وما قبل المبالغة إذا قربوا كبنين فقط أو إخوة فقط وما بعدها إذا بعدوا كأعمام فقط قاله طفى ونص اللخمي واختلف عن مالك إن كان الأولياء أعمامًا أو بني أعمام أو أبعد منهم من العصبة فنكل بعضهم فجعل فيهم الجواب مرة كالبنين وقال أيضًا لمن لم ينكل إذا كانوا اثنين فصاعدًا أن يحلفوا ويقتلوا لأنهم عنده لا عفو إلا باجتماعهم بخلاف البنين والأول أبين اهـ.

ونقله ابن عرفة ثم قال عقبة قلت في فهم تعليله أشكال اهـ.

ص: 98

يمينًا إن تعددوا لأن كل واحد منهم على البدل متهم بالقتل ولا يضر كونه لا يقتل بالقسامة إلا واحد لأن كل واحد منهم غريم وإن كان واحدًا حلفها (ومن نكل حبس حتى يحلف) خمسين (ولا استعانة) لمن ردت عليه بغيره في بعضها ولو واحدًا كما أن ذلك للعاصب وفرق بأن أيمان العصبة موجبة وقد يحلف فيها من يوجب لغيره وأيمان الرد دافعة وليس لأحد أن يدفع بيمينه ما تعلق بغيره وأشعر قوله فترد الخ بأن الناكل من المدعين لو أراد أن يعود لليمين فليس له ذلك وهو كذلك ويدل له ما تقدم في الشهادات من قوله ولا يمكن منها إن نكل ومن نكل من المدعى عليهم القتل حبس حتى يحلف فإن طال أزيد من سنة ضرب مائة وأطلق كما في الجلاب إلا أن يكون متمردًا فيخلد في

ــ

تنبيهات: الأول قال طفى بعد تعقبه على الشارح ما نصه والعذر له أنه وقع خلل في عبارة ضيح فسرى له الوهم من ذلك ونص ضيح في قول ابن الحاجب فأما نكول غير المعين فإن كان من الولد أو من الإخوة سقط القود الخ. يعني وأما نكول غير الأولياء الذين هم في القعدد سواء فإن كانوا أولاد أو إخوة سقط القود باتفاق واختلف في غيرهم كالأعمام وبنيهم ومن هو أبعد فالمشهور سقوط القود أيضًا اهـ.

هكذا في غير واحدة من نسخ ضيح التي وقفنا عليها والصواب أن يقول وأما نكول غير من الأولياء الذين هم في القعدد سواء ولعل التصحيف من الناسخ اهـ.

كلام طفى قلت الذي رأيته في نسخ عديدة من ضيح وأما نكول بعض الأولياء الذين هم في القعدد سواء الخ. ولم أر النسخة التي ذكرها طفى وحينئذ فلا خلل في عبارته بحال.

الثاني: لما نقل طفى قول ابن عرفة المتقدم عقب كلام اللخمي في فهم تعليله أشكال قال ما نصه إذا تأملت علمت أنه لا إشكال فيه وأنه واضح فما أدري ما خفي على ابن عرفة وذلك لأن اللخمي أشار بتعليله إلى قوله في موضع آخر إذا أقسم ولاة الدم ووجب القود فعفا بعضهم بعد القسامة وهم بنون أو بنو بنين أو إخوة صح عفوهم وسقط القصاص واختلف إذا كانوا عمومة أو بني عمومة فقال مالك وابن القاسم يصح عفوهم وروى أشهب عن مالك في كتاب محمَّد أنه لا يصح إلا باجتماعهم اهـ.

قلت تعليله أولًا بقوله لأنهم عنده لا عفو إلا باجتماعهم يقتضي أن ذلك هو المذهب عنده في العفو من غير خلاف عنه وما نقله اللخمي في هذا الموضع يدل على أن ذلك رواية شاذة عنه فالإشكال باق فتأمله والله تعالى أعلم.

الثالث: موقع في ق أنه نقل القول المردود عند المصنف بلو على غير الوجه المتقدم ونصه أولياء الدم إن كانوا أعمامًا أو أبعد منهم فإن مالكًا مرة جعلهم كالبنين ومرة قال إن رضي اثنان كان لهما أن يحلفا ويستحقا حقهما من الدية اهـ.

والذي في كلام اللخمي وابن عرفة وضيح وغيرهم هو ما تقدم من أنه إذا رضي اثنان كان لهما أن يحلفا ويقتلا ولم أر من نقل ما ذكره من استحقاق الدية (ومن نكل حبس حتى يحلف ولا استعانة) عدم الاستعانة هو قول مطرف واستظهره ابن رشد في أول رسم من سماع

ص: 99

السجن وتفريع قوله فترد على النكول كما مر ربما يدل على أنه لو كان ولي الدم رجلًا واحدًا ولم يجد من يعينه أي أو نكل المعين أنها لا ترد على المدعى عليه مع أنها ترد أيضًا كما في المدونة (وإن أكذب بعض) من حالفي أولياء الدم (نفسه) بعد القسامة أو قبلها (بطل) الدم فلا قود ولا دية لأحد منهم وترد إن أخذت (بخلاف عفوه) أي البعض بعد القسامة أو البينة (فللباقي نصيبه من الدية) وأما قبل القسامة فكالتكذيب فلا شيء لغير العافي أيضًا وانظر إذا أكذب بعض نفسه بعد القسامة والاستيفاء معًا فهل يقتص من المكذب نفسه أو حكمه حكم من رجع عن شهادته فيغرم الدية ولو متعمدًا وهو المستفاد من كلام بعضهم وإذا كانت القسامة في الخطأ وأكذب بعض نفسه فيستحق غيره نصيبه من الدية بحلفه مقدار ما ينوبه من الأيمان فقط كما اقتصر عليه ابن عرفة بناء على عدم إلغاء الأيمان الصادرة من المكذب نفسه وهو الظاهر ويحتمل أنه إنما يستحق بعد تتميمه الخمسين بناء على إلغاء أيمان المكذب نفسه (ولا ينتظر) ببعض أيمان القسامة (صغير) مساو لدرجة كبير ولكن لا يتوقف الثبوت عليه بدليل الاستثناء فيقسم الكبير ويستعين بعاصبه ويقتل المدعى عليه بعد القسامة (بخلاف المغمى والمبرسم) فينتظران لقرب إفاقتهما (إلا أن لا يوجد غيره) أي الصغير من ولي ولا معين فينتظر بلوغه وإذا انتظر (فيحلف الكبير حصته) خمسًا وعشرين من الآن ويحتمل أن ضمير غيره للكبير والتفريع صحيح عليهما خلافًا لمن قصره على الثاني (والصغير) حاضر (معه) لأنه أرهب في النفس

ــ

عيسى وعزاه الظاهر ما في المدونة من قول ابن القاسم وروايته عن مالك نقله ح. وبه يسقط اعترض ق وابن مرزوق على المصنف وقول ز وفرق بأن أيمان العصبة الخ. نحوه في خش وهو غير ظاهر بل الظاهر أنه مصادرة وقول ز فإن طال أزيد من سنة ضرب مائة وأطلق الخ الذي استظهره في ضيح هو الحبس حتى يحلف وإن طال قال لأن من طلب منه أمر يسجن بسببه فلا يخرج إلا بعد حصول ذلك المطلوب اهـ.

وعليه ينبغي أن يحمل كلامه هنا (وإن أكذب بعض نفسه بطل)(1) قال طفى حكم التكذيب بعد القسامة حكم النكول ولو جمعه المؤلف معه فقال بخلاف غيره أو تكذيبه نفسه ليرتب عليهما قوله ولو بعدوا وقوله فترد على المدعى عليهم أو يشبه به فيقول كتكذيبه نفسه وعبارته لا يعلم منها إلا إبطال الدم ولا يعلم حكم الرد والكلام كله في العمد اهـ.

والعفو قبل القسامة مثل النكول والتكذيب في ذلك وقول ز وإذا كانت القسامة في الخطأ وعفا.

فيستحق غيره نصيبه الخ. صوابه لو قال واكذب بعض نفسه بدل قوله وعفا بعض (بخلاف المغمى والمبرسم) ظاهر المصنف أنهما ينظران لبعض الأيمان ولو وجد من يحلف غيرهما وهو غير صحيح ولم يقل به أحد وحمله ق وعج على الانتظار للقتل إذا أراده غيرهما وهو صواب إلا أنه تكرار مع قوله سابقًا وانتظر غائب لم تبعد غيبته ومغمى ومبرسم الخ.

(1) قول المحشي صوابه لو قال واكذب بعض الخ. هذا هو الموجود في نسخة الشارح التي بأيدينا اهـ. مصححه.

ص: 100

وأبلغ وحضوره مع الكبير ينبغي أن يكون على سبيل الندب لا الوجوب لأن هذا منكر من أصله في المذهب فليس حضوره شرطًا في اعتبار أيمان الكبير ويحبس القاتل حتى يبلغ الصغير فيحلف خمسًا وعشرين يمينًا ثم يستحق الدم ولا يؤخر حلف الكبير إلى بلوغ الصغير فيحلف هو وأخوه لاحتمال موت الكبير أو غيبته قبل بلوغ الصغير فيبطل الدم وقوله فيحلف الكبير فإن عفا اعتبر عفوه وللصغير نصيبه من دية عمد فإن مات الصغير قبل بلوغه ولم يجد الكبير من يحلف معه بطل الدم ثم ذكر حكم ما يترتب على القسامة فقال (ووجبت بها) أي بالقسامة على جميع المتهمين (الدية في الخطأ و) وجب بالقسامة على واحد من المتهمين (القود في العمد من واحد تعين لها) بتعيينهم من جماعة مستوين في العمد مع وجود اللوث يقولون لمن ضربه مات ولا يقولون لمن ضربهم مات وكذا إذا حملوا صخرة عظيمة وألقوها جميعًا عليه عمدًا كما في الشارح عن النص وتعيينه حينئذ ترجيح بلا مرجح انظر عج ثم أن محل كونها على واحد فقط حيث اتحد نوع الفعل فإن تعدد واختلف قتل بها أكثر من واحد كما أفتى به ابن رشد في ممسك رجل لآخر ويقول له اضرب اقتل فيضرب الآخر حتى يموت أن أولياءه يقسمون عليهما ويقتلونهما اهـ.

ومعلوم أن القسامة بلوث كقوله قبل موته قتلني فلان وفلان وأما مع ثبوت ما ذكر ببينة فيقتلان بغير قسامة كما قدمه المصنف بقوله وكالإمساك للقتل وبقي مسائل حسان في الأصل ولما قدم أن القسامة سببها قتل الحر المسلم وهو مقتض لعدمها في الجرح وكان حكم قتل الكافر والعبد والجنين حكم الجرح قال (ومن أقام شاهدًا) واحدًا (على جرح) خطأ بدليل قوله وأخذ الدية إذ جرح العمد يقتص فيه بشاهد ويمين (أو قتل كافر أو عبد) عمدًا أو خطأ ولو لم يزد القاتل حرية وإسلامًا لأنه لا يقتل بشاهد ويمين والجرح إن كان خطأ فكذلك وإن كان عمدًا اقتص فيه بشاهد ويمين كما مر (أو جنين حلف) مقيم الشاهد يمينًا (واحدة) إن اتحد فإن تعدد ولي الكافر أو الغرة حلف كل واحد يمينًا قاله ابن عرفة والظاهر أن سيد العبد كذلك (وأخذ لدية) للكافر وقيمة العبد وما يجب في الجنين من دية بقسامة إن نزل حيًّا في خطأ أو من غرة إن نزل ميتًا مع حياة أمه فإن نزل حيًّا مع ضرب عمد قتل به بقسامة وفي إطلاق الدية على جميع ما ذكر تجوّز فأراد بالدية اللغوية وهي المال المؤدي فيشمل الدية في الجرح والقيمة في الرقيق والغرة إن نزل ميتًا والدية إن

ــ

وبعيد من فرض هذا هنا (من واحد تعين لها) قول ز حيث اتحد نوع الفعل الخ. ما نقله عن ابن رشد في مختلف النوع ظاهر ق أنه خلاف المشهور لأنه بعد ما ذكر ما هو المشهور قال وانظر ما لابن رشد في نوازله أنه قد يقتل بالقسامة اثنان اهـ.

(ومن أقام شاهدًا على جرح الخ) قول ز والجرح إن كان خطأ فكذلك الخ. انظر ما هو المشار إليه بكذلك ولو حذف هذه الجملة كان أولى وقول ز فإن تعدد ولي الكافر أو الغرة الخ. صوابه أو الجنين بدل الغرة انظر ق.

ص: 101

استهل (وإن نكل) عن اليمين مع إقامة الشاهد (برىء الجارح) وغيره ممن ذكر معه (إن حلف وإلا) يحلف غرم في الصور كلها من غير حبس سنة ولا ضرب مائة كما هو مقتضى كلامهم ما عدا جرح العمد فإن يحبس فيه كما قال (حبس) حتى يحلف أو يطول سجنه فيعاقب ويخلى سبيله إلا أن يكون متمردًا فيخلد في السجن كما مر نحوه ثم فرع عن كون القسامة في النفس فقط قوله: (ولو قالت دمي وجنيني عند فلان ففيها القسامة ولا شي في الجنين ولو استهل) حيًّا ثم مات لأنه إن لم يستهل فهو كالجرح فلا قسامة فيه وإن استهل فهو بمنزلة قولها قتلني فلان وقتل فلانًا معي وذلك ملغى وأفهم قوله قالت إنه لو ثبت موتها وخروج جنينها ميتًا ببينة على خروجه فقط أو عدل لكان فيها القسامة لأنها نفس ويحلف ولي الجنين يمينًا واحدة مع شهادة العدل ويستحق غرة إن لم يستهل وإلا فدية إن لم يتعمد بضرب بطن أو ظهر وإلا ففي القصاص خلاف كما تقدم وقد بان بهذا أن القسامة في الجنين إنما تثبت من الشهادة وأما في الأم فمنها ومن قولها.

ص: 102