المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب(الردة كفر المسلم) - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٨

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌باب(الردة كفر المسلم)

‌باب

(الردة كفر المسلم)

المتقرر إسلامه البالغ وعدل عن المؤمن لأن النظر في الأحكام الشرعية باعتبار النطق وأشار إلى أن صيغته ثلاثة أقسام بقوله: (بصريح) كقوله العزير ابن الله (أو لفظ يقتضيه) كقوله الله جسم متحيز وكجحده ما علم من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة ولو جزءًا منها (أو فعل يتضمنه) وليست الثلاثة من تمام التعريف خلافًا للشارح للزوم كون الحد غير جامع إذ يخرج منه قوله الآتي أو شك في ذلك إلا أن يجاب عنه بأنه إما أن يصرح بالشك أو يعتقده وعلى الأول فهو معطوف على قوله قدم أي وقول بشك في ذلك وعلى الثاني فهو معطوف على إلقاء والاعتقاد من أفعال القلوب انظر د وإسناد لتضمن للفعل يدل على أن المراد به هنا الالتزام لا حقيقة التضمن فلو قال مثل ذلك في اللفظ لاقتضى أن المعتبر في اللفظ ذلك أيضًا مع أنه يشمله ويشمل دلالة التضمن حقيقة كما إذا أتى بلفظ له معنى مركب من كفر وغيره قاله عج أي كخد أي إذا استعمله في الإله المعبود بحق وبغيره ومثل للفعل بقوله (كإلقاء مصحف بقذر) أي ما يستقذر ولو ظاهرًا كالبصاق لا خصوص العذرة خلافًا لتقييد ابن عرفة له بالحبس فإن نص الشارح وغيره أعم أو تلطيخه به أو تلطيخ الحجر الأسود بالنجاسة كما يفيده الشارح وفي

ــ

الردة

أعاذنا الله وجميع المسلمين منها آمين ابن عرفة وهي كفر بعد إسلام تقرر بالنطق بالشهادتين مع التزام أحكامهما اهـ.

واحترز بالقيد الأخير مما لو نطق بالشهادتين ثم رجع قبل أن يقف على الدعائم فإنه يؤدب فقط كما يأتي إن شاء الله (لردة كفر المسلم الخ) قول ز وأشار إلى أن صيغته ثلاثة الخ. صوابه وأشار إلى أن الدال على الردة ثلاثة أشياء لأن الفعل ليس بصيغة (بصريح) قول ز كقوله العزير ابن الله الخ. في تمثيله بهذا الصريح انظر بل هو من باب قوله أو لفظ يقتضيه وإنما الصريح أن يقول هو كافر أو مشرك مثلًا كما لابن عبد السلام. (كإلقاء مصحف بقذر) القذر ما يستقذر ولو طاهرًا كالبصاق وهذا ظاهر إذا لم يفعل ذلك للضرورة إما إن بل أصابعه لقصد قلب أوراقه فهو وإن كان محرمًا لا ينبغي أن يتجاسر على القول بكفره وردته لأنه لم يقصد التحقير الذي هو موجب الكفر في هذه الأمور ومثل هذا من رأى ورقة مكتوبة مرمية في الطريق ولم يعلم ما كتب فيها فإنه يحرم عليه تركها في الطريق لتوطأ بالإقدام وأما إن علم

ص: 108

تت بدل الحجر الأسود الكعبة وبدل بالنجاسة بالقذر والأولى ما للشارح صونًا لدم المسلم وأراد بالمصحف ما فيه قرآن ولو آية بل ولو حرفًا منه وكإلقائه به عدم نزعه منه لأن الدوام كالابتداء ويجب ولو على جنب نزعنه منه وظاهر الإلقاء ولو خشي على نفسه من بقائه دون قتل وهو ظاهر قوله فيما مر وأما الكفر وسبه عليه الصلاة والسلام إلى قوله فإنما يجوز للقتل وعند الحنابلة أن تصغير المصحف يكفر به وهو ظاهر في المستهزىء المستخف لا في الجاهل وكإلقائه إلقاء أسماء الله تعالى وأسماء الأنبياء لحرمتها قاله عج ولعل المراد تحقيرها من حيث كونها اسم نبي كعيسى لا مطلقًا قال وانظر هل يلحق بالمصحف كتب الحديث أم لا أو يفرق بين المتواتر وغيره وانظر هل الحرق كالإلقاء فيما ذكر أم لا وينبغي أن لا يكون مثله اهـ.

أي إن لم يقصد استهزاء وإلا فمثله وقال شيخنا ق مثل المصحف كتاب الحديث إذ ألقاه بقذر أو حرقه استخفافًا وأما حرقه لكونه ضعيفًا أو موضوعًا فلا وفي كلام د نظر اهـ.

وفي كتاب الأخنائي من قال إن الحديث النبوي فشار أو فشار رجل حكمه حكم تنقيص الأنبياء اهـ.

وأما إلقاء كتب الفقه في القذر فليس فيه إلا الأدب (وشد زنار) بضم الزاي وبعدها نون مشددة ونحوه مما يختص بالكافر كلبس برنيطة نصراني وطرطور يهودي إن سعى بذلك للكنيسة ونحوها وقيد أيضًا بما إذا فعله في بلاد الإِسلام فإن لبس ذلك على وجه اللعب والسخرية لم يرتد (و) كذا يكفر المسلم حرًّا أو عبدًا ذكرًا أو أنثى بمباشرة (سحر) مفرق بين زوجين أو مشتمل على كفر وثبت عليه ذلك ببينة وإذا حكم بكفره فإن كان متجاهرًا به قتل وماله فيء إلا أن يتوب وإن كان يخفيه فحكمه حكم الزنديق يقتل ولا تقبل توبته وإنما يقتله في الحالين الإِمام لا سيد العبد وما ذكرناه من أن الردة مباشرة فعله هو قول أصبغ بن عبد السلام وصوبه بعض المتأخرين وحكاه الطرطوشي عن قدماء الأصحاب واستشكل قول مالك أن تعلمه وتعليمه كفر اهـ.

ــ

أن فيها آية واحدة أو حديثًا وتركها فإن ذلك ردة قاله الشيخ مس وقول ز وفي كتاب الأخنائي الخ الأخنائي من المحدثين والفشار بالفاء قال في القاموس الذي يستعمله العامة بمعنى الهذيان ليس من كلام العرب اهـ.

(وشد زنار) المراد به ملبوس الكفار الخاص بهم وكلام المصنف إن فعل ذلك محبة في ذلك الزي وميلًا لأهله وأما إن فعله هزلًا ولعبًا فهو محرم إلا أنه لا ينتهي إلى الكفر وأما إن كان ذلك للضرورة كأسير عندهم يضطر إلى استعمال ثيابهم فلا حرمة عليه فضلًا عن الردة قاله ابن مرزوق والزنار ثوب ذو خيوط ملونة يشده الكافر بوسطه يتميز به عن المسلم (وسحر) قال ابن العربي السحر كلام مؤلف يعظم به غير الله تعالى وتنسب إليه المقادير والكائنات هكذا قال في ضيح وقال ح ظاهر كلام المصنف أن السحر ردة وأن الساحر

ص: 109

وإن لم يباشر فعله قاله عج وليس منه ما يفعل للعطف ونحوه اهـ.

وكذا من يعقد الزوج عن زوجته فيعاقب ولا يقتل كذا كتب الوالد وذكر قبله أن المرأة إذا أقرت بأنها عقدت زوجها عن نفسها وغيرها من النساء فإنها تقتل قاله في المبسوط نقله ح على الرسالة اهـ.

وهو غير ظاهر فإن ق نقل هنا عن المبسوط نفسه إنها إذا عقدت زوجها عن نفسها وعن غيرها فإنها تنكل ولا تقتل اهـ.

فإن فرض صحة نقل ح عن المبسوط فيمكن الجمع بحمله على ما إذا كان عقدها المذكور بفعل نفسها وما في ق على ما إذا دفعت دراهم لمن يعمل لها ذلك كما يفيده نقل د وعج إن دفع دراهم لمن يعمل له فلا يقتل لأنه ليس بساحر وهو كمن دفع مالًا لرجل ليقتل آخر فلا يقتل ولا يكون قاتلًا بذلك ويؤدب الدافع فيهما أدبًا شديدًا وكذا ليس منه الإجارة على إبطاله فتجوز ويجوز إبطاله كما قال ابن المسيب لأنه من التعالج ونحوه في شرح الإرشاد عن اللخمي وقال الحسن البصري لا يجوز لأنه لا يبطله إلا ساحر (وقول بقدم العالم) وهو ما سوى الله لأن قدمه ينفي أن له صانعًا (أو بقائه) أي أنه لا يفنى ولو اعتقد مع ذلك أنه حادث ومعنى قول الفلاسفة أن العالم قديم أنه قديم بالنوع أي أن نوع الإنسان عندهم وفي زعمهم الفاسد قديم لا أنه قديم بالشخص لأنهم يقرون بولادة من لم يكن وبالموت وبالفناء بعده وكذا يقال في قولهم بقائه فالقدم عند الفلاسفة قسمان قدم بالذات وليس ذلك إلا الله وقدم رمانّي وذلك عندهم للعالم يعني أنه لم يسبق بعدم وإن كان مستندًا للغير في وجوده والظاهر أن قدم العالم بالمعنيين يوجب لقائله الكفر وذلك ظاهر كذا للوالد وقصره بعض على الأول (أو شك في ذلك) المذكور من أحد الأمرين أي أتى بلفظ يدل على الشك أو حصل في اعتقاده الشك في ذلك فاندفع بذلك قول الشارح أن هذا ليس من الأمور الثلاثة يعني قول المصنف بصريح أو لفظ يقتضيه أو فعل يتضمنه وحينئذ فالحد الذي ذكره ليس بجامع لخروج هذا النوع عنه اهـ.

وتقدم أيضًا الرد عليه وعطف بقائه بأو وإن استلزمه القدم لأنه يكفر بقول أحدهما فقط مع عدم عليه بالآخر وأما الثاني فلا يستلزم الأول إذ الجنة والنار باقيتان مع أنهما مخلوقتان وقوله أو شك في ذلك أي وهو ممن يظن به العلم بناء على أنه يعذر في

ــ

يستناب إذا ظهر عليه ذلك فإن تاب وإلا قتل والقول الراجح أن حكمه حكم الزنديق يقتل ولا تقبل توبته إلا أن يجيء تائبًا بنفسه انظر ابن الحاجب وضيح (أو شك في ذلك) قول ز وإن حصل في اعتقاده الشك في ذلك الخ. الذي في ح هو ما نصه قول الشارح فالحد الذي ذكره ليس يجامع لخروج هذا النوع منه غير ظاهر لأن التلفظ بالشك في ذلك داخل في اللفظ الذي يقتضي الكفر وأما الشك من غير أن يتلفظ بذلك فهو وإن كان كفرًا لا شك فيه لكنه لا يوجب الحكم بكفره ظاهرًا إلا بعد التلفظ بما يقتضيه ظاهرًا فتأمله والله أعلم اهـ.

ص: 110

وجبات الكفر بالجهل وقد صرح أبو الحسن على الرسالة بأنه لا يعذر (أو) قول (بتناسخ الأرواح) أي زعم أنها إن كانت من مطيع انتقلت بعد موته لشكل آخر مماثل أو أعلى وهكذا إلى أن تصل للجنة وإن كانت من عاص انتقلت لشكل مماثل أو أدنى كجمل أو كلب وغير ذلك إلى أن تصل للنار قاله د وقوله في المحلين إلى أن تصل للجنة والنار مخالف لتت فإنه ذكر أنها تستوفي جزاءها وتبقى في القالب الذي استوفت فيه جزاءها من خير أو شر ولا حشر ولا نشر ولا جنة ولا نار وهو لا يقتضي أن نفي الأربعة الأخيرة فقط غير ردة لأن مراده تفسير التناسخ عندهم ويمكن الجمع بينه وبين ما لد بأن كلا فسر به التناسخ وفي كلام الشيخ داود إشارة لذلك (أو في كل جنس) من أجناس الحيوانات من قردة وخنازير ودود ونحوها (نذير) أي نبي فيكفر لأنه يؤدي إلى أن جميع الحيوانات مكلفة وهذا مخالف للإجماع وإلى أن توصف أنبياء هذه الأصناف بصفاتهم الذميمة وفيه الازدراء على هذا المنصب الشريف والمراد بالأمة في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24] المكلفون وما تقدم من التعليل الثاني يقتضي القتل بلا استتابة والمصنف جعله مرتدًا لما تقرر أن لازم المذهب ليس بمذهب (أو ادعى شركًا مع نبوّته عليه الصلاة والسلام كدعوى مشاركة عليّ وأنه كان يوحي إليهما معًا وكذا سائر الأنبياء المنفردين كنوح وإبراهيم قاله عج وانظر قوله إبراهيم مع نبوّة لوط في زمنه وهو ابن أخي إبراهيم واسمه هاران قبل ونبىء إسماعيل وإسحاق ابناه في زمنه وإن أريد الشرك في نفس الوصف الواحد الذي هو النبوّة فهو كفر ويشمل الجميع وإرادة هذا بعيد من لفظه فليحرر (أو) قال (بمحاربة نبي) أي بجوازها بالفعل وهذا إنما يتحقق في زمن عيسى أي نزوله ويحتمل أن يريد جواز اعتقادها وهذا يتحقق في كل زمن وحمله على هذا الثاني أقرب لفهم أن حكم الأول كذلك بطريق الأولى ويقدر حينئذ قول فيكون معطوفًا على قوله بقدم العالم والمراد بالقول الاعتقاد أي بجواز اعتقادها (أو جواز اكتساب النبوّة) لأنها لا تكتسب بحال بخلاف الولاية فإنها تكتسب كما أنها تكون وهبية (أو ادعى أنه يصعد) بجسده (للسماء) أو يدخل الجنة ويأكل من ثمارها كما في الذخيرة أو يدخل النار كما بحثه الشعراوي أو مجالسة الله أو مكالمته فكافر إجماعًا كما في الشفاء وأراد بالمكالمة المعنى المتبادر منها لا المكالمة عند الصوفية من إلقاء نور في قلبهم وإلهامهم سرًّا لا يخرج عن الشرع ومن ثم كان الشاذلي يقول قيل لي كذا وحدثت بكذا أي ألهمته كما بينه

ــ

وهذا أولى مما قدمه ز عن أحمد وأشار إليه هنا من أن الشك من غير لفظ داخل في الفعل لأن الاعتقاد من أفعال القلوب الخ. بل هو غير صواب لأن الشك ليس باعتقاد وإنما هو مقابل له (أو ادعى أنه يصعد الخ) قول ز عزر التعزير الشديد الخ الذي في ح عن عز الدين عزر التعزير الشرعي ثم قال عقبه وانظر ما مراده بالتعزير الشرعي هل هو الاستتابة وغيرها والظاهر أنه الاستتابة لأن هذا القول فيه دعوى الألوهية أو حلول الباري تعالى فيه اهـ.

ص: 111

الشيخ زروق ويوافقه خبر اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله وينطق بحكمته ابن عبد السلام الشافعي إذا قال ولي من أولياء الله أنا الله عزر التعزير الشديد وهذا لا ينافي الولاية إذ الأولياء غير معصومين اهـ.

والظاهر أن المراد بالتعزير الاستتابة لأن هذا القول فيه دعوى الألوهية أو حلول الباري تعالى فيه وقولي بجسده تحرز عما إذا ادعى صعود روحه للسماء فلا يكفر (أو يعانق الحور) أو يكلم الملائكة على ما حكى ابن عبد السلام عن بعض الطلاب من شيوخ زمانه قال الأبي وحديث عمران بن حصين كانوا يسلمون على بعض الملائكة يرد عليه والصواب أن ذلك يختلف بحسب حال من زعمه فإن كان متصفًا بالصلاح تجوز عنه والأزجر عن قول ذلك باجتهاد الحاكم اهـ.

ولذا حذفه المصنف (أو استحل) أي اعتقد بقلبه حل (كالشرب) من كل مجمع على تحريمه أو جحد إباحة مجمع على إباحته كأكل العنب فالمراد جحد حكمًا علم من الدين ضرورة فخرج ما علم ضرورة وليس بحكم ولا يتضمن حكمًا ولا تكذيب قرآن كإنكار وجود أبي بكر أو عمر أو قتل عثمان أو خلافة عليّ أو غزوة تبوك أو مؤتة أو وجود بغداد مما علم من النقل ضرورة وليس في إنكاره جحد شريعة فلا يكفر بخلاف إنكاره صحبة أبي بكر فيكفر لمخالفة قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} [التوبة: 40] ولا يقال يلزم من إنكار وجوده إنكار صحبته لأنا نقول لازم المذهب ليس بمذهب وبخلاف إنكار وجود مكة أو البيت أو غزوة بدر أو حنين فمرتد لتكذيب القرآن ولأن إنكار مكة والبيت يتضمن إبطال حكم شرعي وهو الحج وانظر هل كذا إنكار وجود بيت المقدس لتكذيب قوله تعالى: {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] أم لا لأن لازم المذهب ليس بمذهب (لا) قوله لآخر داعيًا عليه (بأماته الله كافرًا) فلا يكفر (على الأصح) وكذا الوغى نفسه قاله العلمي قاله د وتوقفه فيه البساطي كما في تت ومحله في غير يمين وإلا لم يكفر قطعًا كما قدمه المصنف في بابه ووجه ما للعلمي أن فيه تمني الموت على ذلك لا إخبار بأنه كذلك ولعل وجه توقف البساطي فيما إذا كان في غير يمين أن تمنى موته عليه رضا به بخلاف قوله لكافر أماتك الله على ما تختار بمثناة فوقية قبل الخاء المعجمة فيكفر لأنه رضا بما يختار الكافر وهو إنما يختار الكفر بخلاف المسلم الأصلي فلا شيء على القائل ذلك له فإنه يختار الإِسلام فإن قاله بمثناة تحتية فلا شيء عليه (و) إن شهد عدلان بكفر شخص (فصلت) أي بينت (الشهادة) وجوبًا لصون الدماء (فيه) أي في الكفر فلا

ــ

(أو استحل كالشرب) قول ز فالمراد جحد حكمًا علم من الدين بالضرورة الخ. نحوه لعج واعترض طفى قيد الضرورة بأن المصنف إنما أشار إلى قول عياض أجمع المسلمون على تكفير كل من استحل القتل أو شرب الخمر أو الزنا أو شيئًا مما حرم الله تعالى بعد عليه بتحريمه اهـ.

ص: 112

يكتفي القاضي بقول الشاهدين أنه كفر من غير بيانهما وجهه لاختلاف أهل السنة في أسباب الكفر فربما وجب عند بعض دون آخرين ولا يلفق شاهد افعل مختلف كشهادة شاهد عليه بإلقاء مصحف بقذر وآخر بشد زنار ولا شاهد بفعل كالإلقاء المذكور والآخر بقول كفى كل جنس نذير وإنما يلفق القولان المختلفا اللفظ المنفقا المعنى كشاهد عليه أنه قال لم يكلم الله موسى تكليمًا وآخر يقول ما اتخذ الله إبراهيم خليلًا (واستتيب) المرتد عن الإِسلام الأصلي أو الطارئ حر أو عبد ذكر أو أنثى أي يجب على الإِمام أو نائبه أن يستتيبه (ثلاثة أيام) بلياليها من يوم ثبوت الكفر عليه لا من يوم الكفر ولا من يوم الرفع ولا يحسب اليوم إن سبقه الفجر ولا تلفق الثلاثة قاله كر وهو أظهر مما لد ولعله للاحتياط لعظم الدماء (بلا جوع وعطش) أي بل يطعم ويسقي من ماله بخلاف ولده وزوجته فلا ينفق عليهم من ماله لأنه معسر بسبب ردته انظر تت (و) بلا (معاقبة) بكضرب لسقوطه مع القتل الأحد الفرية كما يأتي (وإن لم يتب) مبالغة في قوله بلا جوع الخ وفي قوله واستتيب ثلاثة أيام على معنى أنه قال بلسانه لا أتوب لا على معنى التوبة في الحقيقة لاقتضائه أنه تطلب منه التوبة ثلاثة أيام إن تاب بالفعل وليس كذلك (فإن تاب) لم يقتل (وإلا قتل) بعد غروب اليوم الثالث ولا يقر على كفره بجزية ولا يسبى ولا يسترق وإن لحق بدار الحرب وظفر نابه استتيب وليس كالمحارب يظفر به قبل التوبة انظر تت وإنما كانت الاستتابة ثلاثة أيام لأن الله أخر قوم صالح ذلك القدر فكونها ثلاثة واجب فلو حكم الإِمام بقتله قبلها مضى لأنه حكم بمختلف فيه (واستبرئت) مرتدة متزوجة أو مطلقة طلاقًا رجعيًّا أو سرية (بحيضة) قبل قتلها خشية حملها إن مضى للماء ببطنها أربعون يومًا ولو رضي الزوج أو السيد بإسقاط حقه أو لم يمض له أربعون ولم يرضيا بإسقاط حقهما وإلا لم تؤخر وكان استبراء الحرة حيضة لأن ما عداها تعبد لا يحتاج إليه هنا وظاهره ولو كانت ممن تحيض في خمس سنين فأكثر فإن كانت ممن لا تحيض لضعف أو إياس مشكوك فيه استبرئت بثلاثة أشهر إن كانت ممن تحمل أو يتوقع حملها إلا أن تحيض أثنائها فإن كانت ممن لا يتوقع حملها قتلت بعد الاستتابة بثلاثة أيام فإن لم يكن لها زوج ولا سيد لم تستبرأ بحيضة إلا أن ادعت حملًا واختلف أهل المعرفة أو شكوا فيه فتستبرأ بها والفرق بينها هنا وبين ما تقدم في القصاص من أنها لا تستبرأ بدعواها الحمل بل لا بد من قرينة صدقها كظهور الحمل أو حركته أو شهادة النساء وظاهره ولو متزوجة أو سرية أن القتل هنا حق لله تعالى وفي القصاص حق آدمي وهو مبني على المشاحة بخلاف ما هنا وقول تت الرجعية كالمتزوجة كما قدمت نحوه أي لأنه وإن حرم عليه وطؤها فقد يطلقها بعد طهر مس فيه وتؤخر المرضع المرتدة لوجود موضع أخرى ويقبلها قاله ابن القاسم (ومال العبد) المرتد ولو مكاتبًا أو مبعضًا للمقتول أو الميت زمن الاستتابة (لسيده) ملكًا لا إرثًا فإن رجع قبل قتله للإسلام فماله له على الراجح كما يأتي عند قوله وإن تاب

ص: 113

فماله له (وإلا) يكن المقتول بالردة أو الميت قبل توبته عبدًا بل حرًّا (ففيء) أي ماله لبيت المال ولو ارتد في مرضه وقتل أو مات زمن الاستتابة ولا ترثه زوجته ولا يتهم أحد أن يرتد لئلا ترثه زوجته وإذا مات من يرثه المرتد لو لم يرتد في حال ردته ورثه غيره ممن يستحق إرثه من أقاربه ومواليه ولا يحجب المرتد وارثًا فإن أسلم المرتد أو الذمي وعتق العبد قبل أن يقسم الميراث لم يرجع لهما (و) إذا قتل المرتد وله ولد صغير ولد له حال الإِسلام (بقي ولده مسلمًا) أي حكم بإسلامه ولا يتبعه إذ تبعيته إنما تكون في دين يقر عليه فيجبر على الإِسلام إن أظهر خلافه (كأن ترك) ولده المولود حال ردته ولم يطلع عليه حتى بلغ وأظهر خلاف الإِسلام فيجبر عليه وظاهره بالسيف وهو كذلك على المعتمد وفاقًا للجواهر وخلافًا لقول النوادر وابن يونس إن ولد له حال كفره ولم يطلع عليه إلا بعد بلوغه لم يجبر بخلاف من اطلع عيه قبل بلوغه فيجبر ثم أشار لجناية المرتد على غيره إذا مات أو قتل على ردته وأنها إما في ماله وإما هدر وإما على بيت المال وذكرها مرتبة هكذا فقال (وأخذ منه) أي من المرتد الحر أي من ماله سواء مات أو قتل على ردته (ما جنى عمدًا) التقييد به لا بالنسبة لقوله: (على عبد) إذ تؤخذ جنايته عليه ولو خطأ ولو قبل ردته بمعنى يكون في ماله لأن بيت المال من العاقلة وهي لا تحمل عبدًا كذا ينبغي قاله د وإنما التقييد في قوله: (أو) على (ذمي) للتحرز عن جنايته خطأ على ذمي فإنها على بيت المال كما يقوله قريبًا وبيت المال كالعاقلة لا يحمل عبدًا ولا عمدًا وأشار للقسم الثاني بقوله (لا) إن جنى الحر المرتد عمدًا على (حر مسلم) فلا يؤخذ شيء من ماله لسقوط حد القود بقتله لردته وقولي في القسمين الحر احتراز عن العبد المرتد فإن جنايته إن أوجبت القصاص إن لو بقي مسلمًا لم تؤخذ منه لاندراجها في قتل الردة فإن كانت لا توجبه أخذت منه إن كان معه مال ولم يقتل أو في رقبته إن أسلم وإلا بأن لم

ــ

فعمم ما علم من الدين بالضرورة وغيره ولذا قيد بالعلم ولو كان خاصًّا بالضروري ما احتاج للقيد وتبعه المؤلف فأطلق لكن فإنه قيد العلم. (وأخذ منه ما جنى عمدًا الخ) هذا مبني على أن المرتد لا يقتل بعبد ولا كافر قال ابن مرزوق وفي قتله بهما اضطراب اهـ.

وما مشى عليه المصنف هو قول ابن القاسم في الموازية وبه أخذ محمَّد وقاله أصبغ قال في البيان وعلى قياس قول سحنون الذي يرى أنه محجور عليه في ماله بنفس الارتداد لا يكون ذلك في ماله وإليه ذهب الفضل قاله في ضيح والشارح ومعنى قوله وعلى قياس الخ. أي القول الذي يقول لا يرجع إليه ماله ولو تاب وأما وقفه فلا بد منه بنفس الارتداد ولما لم يفهم خش وز هكذا نسبًا للشارح ما ليس فيه ذكراه عند قوله وإن تاب فماله له تأمل ذلك (لا حر مسلم) لأن الواجب عليه القود وهو يسقط بقتله إلا أن رجع للإسلام فيقتص منه ثم أنه في مسألة المصنف لا يقتص منه اتفاقًا كما قاله ابن رشد ونقله في ضيح فما في الشارح من أن هذا على مذهب ابن القاسم وخالفه أشهب وهم منه والصواب أن الخلاف بينهما إنما هو فيما إذا جنى عليه وفرّ لدار الحرب كما في ابن الحاجب وعلى أشهب رد المصنف بالتشبيه

ص: 114

يكن معه وقتل على ردته سقطت وشبه في عدم الأخذ من ماله وإنه هدر قوله (كأن هرب) المرتد (لدار الحرب) بعد قتله حرًّا مسلمًا ثم أسر سقط عنه القود لأنه يقتل بردته إن لم يسلم فإن أسلم قتل قودًا (إلا حد الفرية) أي القذف ببلد الإِسلام ثم هرب لبلد الحرب ثم أسر ورجع به فإنه لا يسقط عنه لما يلحق المقذوف من المعرة فيحد قبل موته أو قتله وأما إذا قذفه ببلد الحرب ثم أسر بعد ذلك فإن حد الفرية يسقط عنه وإن رجع للإسلام وأشار للقسم الثالث بقوله (و) جنايته (الخطأ) على حر مسلم أو ذمي (على بيت المال) وسواء في الأقسام الثلاثة جنى على نفس أو جزء حسي أو معنوي ولما ذكر جنايته على غيره ذكر جناية غيره عليه بقوله (كأخذه) أي بيت المال (جناية عليه) ممن جنى عليه ولا يقتص منه ولو عبدًا كافرًا لأن شرط القصاص أن يكون المجني عليه معصومًا كما مر أول باب الجراح ومر أيضًا أن على قاتله الأدب بالنسبة للنفس وعليه أيضًا ديته ثلث خمس قتل حال استتابته أو بعدها وقبل قتل الإِمام له وقبل رجوعه للإسلام وما هنا بالنسبة لما دونها ثم مات أو قتل بردته (وإن تاب) المرتد بأن رجع للإسلام بعد الحجر على ماله ليعلم حاله حرًّا أم عبدًا بنفس الردة على المعتمد كما في التوضيح خلافًا لقول الشارح عند قوله وأخذ منه ما جنى الخ أنه لا يكون بنفس الارتداد محجورًا عليه فلا ينزع منه ماله اهـ. فإنه ضعيف فلا ينفق على عياله منه كما ذكرناه عن تت عند قوله بلا جوع وعطش (فماله له و) إن جنى حال درته جناية عمدًا أو خطأ على أحد ثم تاب

ــ

(كأن هرب لبلاد الحرب) أي وبقي فيها غير مقدور عليه هذا موضوع الخلاف في المسألة فقول ز ثم أسر الخ غير صواب ابن الحاجب ولو قتل حرًّا مسلمًا وهرب لدار الحرب فقال ابن القاسم لا شيء لهم في ماله وقال أشهب لهم إن عفوا الدية قال في ضيح خلافهما هنا مبني على أن الواجب في العمد هل هو القود فقط أو التخيير لكن قد يعترض على أشهب بأن الخيار إنما هو حيث لا مانع والقاتل هنا لو حضر لكان محبوسًا بحكم الارتداد ولم يكن للأولياء معه كلام اهـ.

فيؤخذ منه أن المسألة مفروضة عند عدم القدرة عليه وهو محل الخلاف أما عند أسره فلا والتشبيه في كلام المصنف تام أي يؤخذ من ماله بعد هروبه ما جنى عمدًا على عبد أو ذمي لا حر مسلم عند ابن القاسم (إلا حد الفرية) كلام ز يقتضي أنه مستثنى مما قبله يليه وليس كذلك بل هو راجع لقوله لا حر مسلم كما في ابن الحاجب وابن شاس وغيرهما وبه صرح غ ونص ابن الحاجب وأما جنايته على الحر المسلم عمدًا فإن لم يثب لم يقم عليه إلا حد الفرية ويقتل (وإن تاب فماله له) هذا هو الأصح وهو مذهب المدونة ومقابله لسحنون أنه يكون فيئًا ولو تاب ابن الحاجب وأما ماله فيوقف فإن تاب فهو له على الأصح اهـ.

أي فالوقف لا بد منه على كل حال وإنما الخلاف إذا تاب هل يرجع إليه ماله أم لا وبحث فيه ابن عبد السلام قائلًا ظاهره أنه يتفق على الإيقاف ولا فائدة فيه على القول المقابل إذ لا يعود إليه مطلقًا وأجاب في ضيح بأن النقل كما قال ابن الحاجب ثم ساق كلام ابن

ص: 115

(قدر كالمسلم فيهما) أي في العمد والخطأ فإن كانت عمدًا على مسلم كان عليه القود وإن كانت خطأ كانت الدية على عاقلته وإن كانت على ذمي ففي ماله عمدًا أو خطأ وما مر في جنايته على العبد والذمي والحر والمسلم عمدًا أو خطأ ففيما إذا مات على ردته وأما لو جنى عليه في حال ردته فلا يقدر مسلمًا بل مرتدًا فيه ثلث خمس دية المسلم وما ذكرنا من رجوع ضمير فيهما للعمد والخطأ منه على غيره هو المعتمد بخلافهما من غيره عليه فلا يقدر مسلمًا كما مر وقول الشارح ويحتمل الصادرتين منه أو عليه فيه نظر ثم ما للمصنف هنا يخالف ما مر في الجراح من ضمان عقل الجرح وقت الإصابة فإنه يقتضي ضمان عقل جرحه على حسب ديته إلا أن يقيد ما مر بغير المرتد الذي تاب ويستثنى من قوله وقدر كالمسلم أمر أن أحدهما لو قذفه أحد ولو كافرًا حمال ردته لم يحد له وإن أسلم بل إن قذفه قبل ردته فلم يقم عليه حتى ارتد سقط عن قاذفه لحد ولو رجع للإسلام ذكره في النوادر عن ابن حبيب عن أصبغ ثانيهما ما لم تتعلق الجناية عليه بدار حرب بعد أن ارتد بها أو قبلها ثم ارتد بها فهدر.

تنبيه: ظاهر المصنف أنه يقدر كالمسلم حال السبب وحال المسبب لا الثاني فقط فلو رمى حر مسلم حرًّا فأصابته الرمية وهو مرتد فقطعت الرمية يده ثم أسلم فإن يد الجاني تقطع وهو ظاهر إطلاقهم هنا وإن قدرناه مسلمًا حال القطع فإن له دية يده على الجاني لزيادته عليه حال السبب لكنه خلاف ظاهر إطلاقهم (وقتل المستسر) للكفر أي مخفيه ومظهر للإسلام وهو المسمى في الصدر الأول منافقًا وتسميه الفقهاء زنديقًا (بلا استتابة) أي بلا طلب توبة منه بعد القدرة عليه بل وبلا قبولها أيضًا بعد القدرة عليه فالسين ليست للطلب بدليل قوله: (إلا أن يجيء) قبل إطلاعنا عليه (تائبًا) فما كان عليه من غير خوف فلا يقتل (وماله لوارثه) إن جاء تائبًا أو اطلع عليه فتاب وإن كانت توبته حينئذ لا تسقط قتله كما تقدم أو أنكر ما شهد به عليه أو مات قبل اطلاع بغير قتل أو به بغير الزندقة ثم اطلع على حاله بعد موته ولو بشهادة بينة على إقراره بها فماله لوارثه في هذه

ــ

شعبان قال وفائدة الإيقاف على هذا القول لعله يظهر دين فيؤخذ منه ولأنه إذا رأى ماله موقوفًا لعله يتوهم أنا وقفناه له فيعود للإسلام واستظهر ابن عبد السلام قول سحنون أنه يكون فيئًا مطلقًا لأنه أخذ منه لأجل كفره فأشبه مال المحارب اهـ.

وقول ز حرًّا أو عبدًا الخ. فيه نظر فإن مال العبد لسيده إن شاء نزعه بنفس ارتداده أو تركه كما في ابن الحاجب وابن عبد السلام (وقدر كالمسلم فيهما) ابن الحاجب وإن تاب قدر جانيًا مسلمًا في القود والعقل وقيل قدر جانيًا ممن ارتد إليهم اهـ.

ضيح القولان لابن القاسم بناء على اعتبار النظر في الجناية يوم الحكم أو يوم الوقوع والقياس عنده اعتبار يوم الجناية وزاد في البيان ثالثًا باعتبار العقل يوم الحكم والقود يوم الفعل اهـ.

ص: 116

الصور الأربع ووجهه في الأخيرة إن أرثه وارثه على احتمالات إنكاره لما شهد به عليه وعلى احتمال رجوعه بعد شهادة البينة وقبل موته وكذا على احتمال رجوعه أن لو كان حيًّا ولا بينة عليه وعدم إرثه على احتمال استمرار إقراره للموت ومفهوم الصور الأربع المتقدمة التي فيها ماله لوارثه أنه إن استمر على زندقته ولم يتب منها ولم ينكر ما شهد به عليه حتى قتل بها فإن ماله لبيت المال (وقبل عذر من) أي كافر (أسلم وقال أسلمت عن ضيق) خوف أو غرم أو عذاب ثم رجع بعد زوال ضيقه ولم يبق على الإِسلام (إن ظهر) ذلك العذر بقرينة فإن لم يظهر لم يقبل منه وحكم فيه بحكم المرتد فإن رجع للإسلام وإلا قتل (كأن توضأ وصلى) ولو إمامًا ثم لما آمن قال إنه كافر واعتذر بأنه فعل ذلك خوفًا على نفسه وماله فيقبل منه إن ظهرت قرينة صدقه (وأعاد مأمومه) أبدًا ولو أسلم ذلك الإِمام بعد ذلك حقيقة كما قدمه في باب الجماعة بقوله وبطلت باقتداء بمن بأن كافرًا ففي هذا نوع تكرار مع ما مر (وأدب من تشهد) أي نطق بالشهادتين (ولم يوقف على الدعائم) أي لم يلتزم شرائع الإِسلام من صلاة وغيرها بعد علمه بها حين إسلامه فرجع عنه فيؤدب ويترك في لعنة الله قاله مالك وابن القاسم وغيرهما ومفهومه أنه إن علمها قبل إسلامه وأجاب لها ثم رجع بعد إسلامه فمرتد لأن إجابته لها ركن إذ الإيمان هو التصديق بما علم مجيء الرسول به ضرورة ومما علم مجيئه به ضرورة أقوال الإِسلام وأفعاله المبني عليها فمن لم يعرفها لم يصدق بها فلم يكن مؤمنًا ولا مسلمًا وهذا القدر لا بد منه إلا أن ظاهر كلام اللخمي وغيره أنه يكفي الإيمان بها إجمالًا بأن يصدق بأن محمدًا رسول الله والتصديق بالرسالة تصديق بما جاء به إجمالًا والذي ذكره المتيطي أنه لا بد من التصديق به تفصيلًا وفي كلام صر إشارة لذلك والظاهر أنه يكون مرتدًا إذا وقف عليها قبل إسلامه ثم أسلم قائلًا بشرط أن لا التزمها ثم رجع لا إن وقف عليها بعد نطقه به وأبى من التزامها كما في تت ثم ما ذكره المصنف هنا لا ينافي قول ابن عطاء الله إن الكافر يكون مسلمًا بإذانه لأن من تشهد هنا مسلم أيضًا والرجوع شيء آخر فمن أذن حالة عدم وقفه على الدعائم مسلم وإذا رجع أدب كما هنا انظر د ثم كلام المصنف مبني حتى على

ــ

وقول ز وإن كانت على ذمي ففي ماله عمدًا أو خطأ الخ الصواب إسقاط قوله أو خطأ لأن قتل الذمي خطأ تحمله العاقلة وقول ز ثم كلام المصنف هنا مخالف الخ هذه المخالفة إنما تأتي على تقرير الشارح من شمول كلام المصنف للجناية الواقعة عليه وليس بمراد وقد رده عليه فما ذكره من هنا إلى آخر التشبيه كله خبط وتخليط قوله على احتمالات إنكاره الخ.

هكذا بالأصل وحرره اهـ.

(وأعاد مأمومه) أي مأموم من قبل عذره وظاهره أن مأموم من لم يقبل عذره لا إعادة عليه والذي استظهره في ضيح أن عليه الإعادة أيضًا لأنه لا يؤمن أن يكون غير متحفظ على ما تتوقف صحة الصلاة عليه فراجعه فهو الحق (ولم يوقف على الدعائم) قول ز أي لم يلتزم

ص: 117

الراجح من أن النطق شرط لأن تشهده عند عدم وقوفه على الدعائم كالعدم والشرط يؤثر في جانب العلم (كساحر ذمي) يؤدب (إن لم يدخل ضررًا على مسلم) فإن أدخله عليه تحتم قتله ولا تقبل منه توبة غير الإِسلام نقله الباجي عن مالك قال وأما إن سحر أهل ملته فيؤدب إلا أن يقتل أحدًا فيقتل به قاله الشارح والذي ينبغي فيما إذا أدخل بسحره ضررًا على مسلم أن يجري فيه حكم من نقض عهده فيخير الإِمام فيه بين القتل والاسترقاق وضرب الجزية لا أنه يتعين قتله إذا لم يسلم نقله الباجي وما ذكره في قتله إذا قتل بسحره أحدًا من أهل ملته يفيد تفصيلًا في مفهوم الشرط (وأسقطت صلاة وصيامًا وزكاة) بمعنى لا يطالب المكلف المرتد بها إذا عاد للإسلام سواء كان فعلها أم لا إلا أنه إن لم يكن فعلها أسقطت قضاءها وإن كان فعلها أسقطت ثوابها ولا يلزمه إعادتها (و) أسقطت بمعنى أبطلت (حجًّا تقدم) فيجب عليه فعله إذا عاد للإسلام لبقاء وقته وهو العمر وكذا صلاة تقدمت ورجع للإسلام قبل انقضاء وقتها فيجب عليه إعادتها لا بعده فتدخل في قوله وأسقطت صلاة (ونذرًا وكفارة ويمينًا بالله أو يعتق أو ظهار) بمعنى لا يطالب بها وكذا كفارة كل من اليمين بالله أو بظهار وكذا يسقط الظهار فمراده تسقط نفس اليمين إن لم يحنث وكفارته إن حنث (وإحصانًا ووصية) بمعنى أبطلتهما فاستعمل كما في د الإسقاط في معنى عدم المطالبة وفي معنى الإبطال وهذا الثاني في الحج والإحصان والوصية وينبغي أن تقيد هذه الأمور من قوله وأسقطت صلاة إلى هنا بما إذا لم يقصد بالردة إسقاطها وإلا لم تسقط معاملة له بنقيض قصده وقد نقله المشذالي عن ابن عرفة في الإحصان قال د عقب ما مر وهذا أولى اهـ.

أي أولى من قول البساطي صلة أسقطت عنه بالنسبة لصلاة وصيامًا وزكاة وله بالنسبة لقوله وحجًّا تقدم أي ولقوله وإحصانًا ووصية ولعل وجه أولويته عدم احتياجه لتقدير حرفين وفي بعض النسخ وظهارًا بالنصب عطفًا على صلاة أي وأسقطت ظهارًا معلقًا كان دخلت الدار فأنت عليّ كظهر أمي أو منجزًا كأنت عليّ كظهر أمي ويستفاد منه سقوط كفارته فهي تسقط الظهار المنجز واليمين به وكفارته حيث وجبت فيه ومر ذلك وقوله أو بعتق أي أسقطت يمينًا بعتق هذا ظاهر سياقه أي كانت موجودة حال الردة فأسقطتها وحمله الشارح على ما إذا لزمه العتق لحنثه أي بعد الردة في الحلف به وهو صحيح أيضًا في نفسه ولا يصلح حمله أي المصنف عليه وظاهر المصنف سقوطه بهما ولو معينًا علق عتقه على دخول دار ودخل زمن ردته وهو ظاهر المدونة وعليه حملها ابن

ــ

شرائع الإِسلام بعد عليه بها حين إسلامه الخ. فيه نظر بل إذا علم بها وتشهد ثم رجع بعد مرتدًا قطعًا لأن نطقه بعد العلم رضا انظر ضيح ونحوه قول ابن مرزوق معنى الكلام أنه لم يوقف أي لم يعلم بها حين التشهد فلما أعلم بها أبى من التزامها فيؤدب ولا يحكم عليه بحكم المرتد اهـ. (ووصية) قول ز ولو رجع للإسلام الخ. نحوه في ح وهو خلاف ما في

ص: 118

يونس وقيده ابن كنانة بغير المعين وأما المعين فقد انعقد عليه في ماله حق لمعين فلا يسقط وذكرهما عياض قولين انظر أبا الحسن واقتصر الشارح على تقييد ابن كنانة قيل وظاهر المدونة هو المعتمد والتفصيل ضعيف وقوله وإحصانًا أي أسقطت إحصان من ارتد من زوج أو زوجة فمن زنى بعد إسلامه فنكر وأما ارتداد الزوج فلا يسقط إحصان المرأة لأن أثره في غيره كالتحليل قاله د وكذا عكسه فالردة إنما تبطل وصف من تلبس بها لا وصف غيره وإن نشأ عمن تلبس بها ويأتي في ردة المحلل نحوه وقوله ووصية أي منه قبل ردته أو فيها فتسقط ولو رجع للإسلام أي يسقط ما أوصى به بخلاف تدبيره قبلها فلا تبطله رجع للإسلام أو قتل عليها لأنه عقد لازم وكذا أم ولده تخرج من رأس المال وكذا يمضي عتقه المنجز قبل ردته إعطاؤه لغيره شيئًا قبلها كالوقف فيما يظهر قياسًا على العتق انظر ح وأما لو وهب قبلها وتأخر الحوز حتى ارتد وقتل على ردته فتبطل ومثله ارتداد الموصى له حيث لم يحز قبلها وكلام المصنف صادق بهما وإن كان الموافق لما قبله الأول (لا) تسقط الردة (طلاقًا) ثلاثًا أو أقل وقع منه قبلها منجزًا أو معلقًا على دخول دار ودخلت قبل الردة فإن عاد للإسلام لا تحل له مطلقته ثلاثًا إلا بعد زوج فإن تزوجت بغيره زمن ردته حلت له وهذا ما لم يرتدا معًا فإن ارتدا معًا ثم رجعا للإسلام فإنه يجوز له أن يتزوجها قبل زوج لأن أثر الطلاق بطل بالردة إلا أن يقصدا بردتهما التحليل فإن قصداه لم تحل كما هو ظاهر فتوى ابن عرفة قاله الشيخ أحمد بابا والفرق بين الطلاق والظهار أن فيه كفارة فأشبه الإيمان وأن الخطاب فيه إلى الزوج خاصة بخلاف الطلاق وأما يمين الطلاق كقوله علي الطلاق لا أفعل كذا ثم ارتد قبل حنثه فإن الردة تسقطها كما يفهم من المدونة (و) لا تسقط (ردة محلل) للمبتوتة تحليله سواء رجع للإسلام أو قتل على ردته لأن أثره في غيره وهي المرأة المحللة فتحل لباتها قبل ذلك (بخلاف ردة المرأة) فإنها تسقط تحليلها فمن طبقت ثلاثًا ثم حصل فيها وطء تحل به ثم ارتدت ثم رجعت للإسلام فلا تحل لمطلقها ثلاثًا إلا بعد زوج لأنها أبطلت فعلها في نفسها وهو نكاحها الذي أحلها كما أبطلت نكاحها الذي أحصنها (وأقر كافر) بكفر خاص (انتقل لكفر آخر) علانية أو سرًّا ولو إلى مذهب المعطلة أو الدهرية ولكن تؤخذ منه الجزية عملًا بما كان عليه قبل ومعنى إقراره إنا لا نتعرض له بناء على أن الكفر كله ملة واحدة وحديث من بدل دينه فاقتلوه محمول على دين الإِسلام إذ هو الدين المعتبر شرعًا ومفهوم كافر أن المسلم لا يقر إذا انتقل للكفر ومفهوم قوله لكفر أنه إذا انتقل للإسلام يقر وهو كذلك (وحكم بإسلام من لم يميز) ولم يغفل عنه حتى راهق بدليل ما يأتي (لصغر أو جنون) قبل المراهقة والبلوغ لا الطارئ بعدهما فلا يحكم بإسلامه تبعًا لإسلام أبيه الطارئ (بإسلام أبيه) دنية (فقط) لا بإسلام جده أو أمه وأحد من أقاربه والباء الأولى متعلقة بحكم صلة لا تعليلية والثانية للسببية والتعليل فلم يتعلق حرفا جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد (كأن ميز) من أسلم أبوه فيحكم بإسلامه تبعًا لإسلام أبيه أي عقل

ص: 119

الإِسلام دينًا يتدين به كذا ينبغي تفسيره به لا المذكور في مبحث الطلاق قاله من أي الذي ميز الثواب من العقاب أو القربة من المعصية وفائدة الحكم بإسلام من ذكر الحكم بردته بعد البلوغ إن امتنع وذكره لأنه مفهوم غير شرط وليرتب عليه قوله (إلا) المميز (المراهق) حين إسلام أبيه (و) إلا المميز أو غيره (المتروك لها) أي للمراهقة أي غفل عنه فلم يحكم بإسلامه لإسلام أبيه حتى راهق أي قارب البلوغ كابن ثلاث عشرة سنة فلا يحكم حينئذ بإسلامه لإسلام أبيه كالمراهق حين إسلام أبيه وإذا لم يحكم بإسلام كل تبعًا لإسلام أبيه (فلا يجبر) كل (بقتل إن امتنع) من الإِسلام بل بالضرب فقط فهو جواب شرط مقدر كما مر وقول د هو جواب شرط مقدر أي إذا أسلم كل من المراهق والمتروك لها أي غير تبع لإسلام أبيه ثم رجع فلا يجبر بقتل إن امتنع ونحو هذا في المدونة اهـ.

مبني على أن الإِسلام المميز غير معتبر وهو ضعيف والراجح اعتباره ولكن حيثما عزا د هذا للمدونة فلا غرابة في بناء مشهور على ضعيف ويخص الراجح بإسلام ابن كافر باق على كفره (و) إن مات مورث المراهق والمتروك لها اللذين أسلم أبوهما (وقف إرثه) أي من ذكر لبلوغه ولو قال الآن لا أسلم إذا بلغت بل يوقف فإن أسلم بعد البلوغ أخذه وإلا لم يرثه وكان المال للمسلمين وإن أسلم قبل بلوغه لم يدفع إليه لأن لو رجع عنه قبل بلوغه لم يقتل بل يجبر على الإِسلام بغير قتل كما في المدونة (و) حكم بإسلام مجوسي صغير غير مميز (لإِسلام سابيه إن لم يكن معه أبوه) المجوسي الكبير فإن كان معه في السبي في ملك واحد لم يحكم بإسلامه تبعًا لإسلام سابيه بل لإسلام أبيه لجبره على الإِسلام فعلم من هذا التقرير أن ما هنا في مجوسي صغير غير مميز وما تقدم في باب الجنائز من قوله في عدم تغسيله والصلاة عليه مما يفيد عدم الحكم بإسلام سابيه ولا محكوم بكفره وإن صغيرًا ارتد أو نوى به سابيه الإِسلام في الصغير الكتابي فلا معارضة وعلم منه أيضًا أن صغار المجوس يجبرون اتفاقًا وكبارهم على الراجح وأما كبار الكتابيين فلا يجبرون اتفاقًا وكذا صغارهم على الراجح ثم ما هنا في غير للقيط لما قدم في اللقطة من أنه يحكم بإسلامه أي اللقيط ظاهره ولو مميزًا في قرى المسلمين كأن لم يكن فيها إلا بيتان إن التقطه مسلم (والمتنصر من كأسير) وداخل بلد حرب لتجارة أو غيرها بحمل (على الطوع) عند جهل حاله فله حكم المرتد (إن لم يثبت إكراهه) بعد الحمل على الطوع عند الجهل فيعمل به ولو بعد الحكم بالطوع فقوله إن لم يثبت إكراهه مفهوم قولنا عند الجهم فلا يغني عن الشرط قوله على الطوع (وإن سب) مكلف (نبيًّا أو ملكًا) مجمعًا

ــ

ق عن المدونة من أن البطلان إنما هو إذا مات على ردته انظره. (وإن سبب نبيًّا أو ملكًا) اعلم أن ما ذكره المصنف من هنا إلى آخر الباب زيادة على ابن الحاجب لخصه من الشفاء ولو اختصره جملة لكان يكفيه أن يقول وإن تنقص معصومًا وإن بتعريض أو استخفاف بحقه قتل والله أعلم.

ص: 120

على نبوّته وملكيته بقرآن ونحوه بدليل ذكره بعد ذلك سب من لم يجمع على نبوّته أي أو ملكيته (أو) إن (عرض) أي قال قولًا وهو يريد خلافه أي إيجابًا أو سلبًا كقوله في القذف أما أنا فإني معروف أو لست بزان والتلويح الإشارة البعيدة في الكلام ككثير الرماد المنتقل منه لكثرة الطبخ ثم لكثرة الضيوف ومنه للكرم والرمز الإشارة للشيء بخفاء كعريض القفا إشارة للبلادة (أو لعنه) بصيغة الفعل (أو عابه) أي نسبه للعيب وهو خلاف المستحسن عقلًا أو شرعًا أو عرفًا في خلق أو خلق أو دين (أو قذفه) بأن نسبه للزنا أو نفاه عن أبيه (أو استخف بحقه) بأن قال لمن قال له النبي نهى عن الظلم لا أبالي بنهيه ونحوه (أو غير صفته) كأسود أو قصير والضمير لمن ذكر من نبيّ أو ملك كقوله جبريل كان ينزل على المصطفى عليه الصلاة والسلام في صفة عبد أسود (أو ألحق به نقصًا وإن في بدنه) كعرج أو عمى (أو خصلته) أي شيمته وطبيعته التي طبع عليها (أو غض) أي نقص (من مرتبته أو) من (وفور علمه أو زهده أو أضاف له ما لا يجوز عليه) كعدم التبليغ (أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه) كما إذا نفى عنه الزهد أو قال ليس بمكي أو ليس بحجازي لأن وصفه بغير صفته المعلومة نفى له وتكذيب به ولا يغني بعض هذه الأمور عن بعض أو تكرره معه لأن قصد المصنف تعداد الألفاظ التي يكفر بكل منها كما تقدم له نظير في الإقرار والطلاق (على طريق الذم) راجع لثلاث مسائل عند بعضهم أولها قوله أو غض من مرتبته ثانيها، قوله أو أضاف له ما لا يجوز عليه، ثالثها قوله أو نسب له الخ (أو قيل له بحق رسول الله) تفعل كذا (فلعن وقال أردت العقرب) لأنها مرسلة لمن تلدغه فلا تعتبر إرادته لظهور لحوق السب في ذلك (قتل) المسلم المكلف (ولم يستتب) أي لا تطلب منه توبة بل ولا تقبل منه من غير طلب وظاهره ولو جاء تائبًا قبل الاطلاع عليه لازدرائه فهو حق آدمي مبني على المشاحة بخلاف الزنديق كما قدمه (حدًّا) إن تاب أو أنكر ما شهد به عليه وإلا قتل كفرًا ولم يستتب لأنه حينئذ مرتد وزيادة واعلم أن له حالتين إحداهما ارتداده عقب سبه فورًا قبل نطقه بالشهادتين فنقتله ولو رجع للإسلام لأجل سبه ثانيهما سبه ثم نطقه بالشهادتين ثم ارتداده ثم رجوعه للإسلام فاستظهر ابن عرفة عدم قتله واستظهر تلميذه المشذالي قتله ثم استثنى المصنف من مقدر تقديره وقتل الكافر الساب أيضًا إن سبه بغير ما به كفر كقوله ليس بنبي كما قدم في الجزية فقال:(إلا أن يسلم الكافر) فلا يقتل لأن الإِسلام يجب ما قبله والفرق بين قبول توبة الكافر وبين عدم قبول توبة المسلم أن قتله حد وهو زنديق لا تعرف توبته والكافر كان على كفره فيعتبر إسلامه فلم يجعل سبه من جملة كفره لأنا لم نعطهم العهد على ذلك ولا على قتل أحد منا أو أخذ أموالنا ولو قتل أحدًا منا قتلناه به وإن كان من دينه استحلاله وبالغ على قتل الساب مسلمًا أو كافرًا بقوله (وإن ظهر أنه لم يرد ذمه) أي من ذكر (لجهل أو سكر أو تهور) في الكلام وهو كثرته من غير ضبط إذ لا يعذر أحد في الكفر بالجهالة ولا بدعوى زلل للسان وما ذكره المصنف هنا من المبالغة هو المعول عليه دون قوله قبل على طريق الذم فإن مفهومه

ص: 121

غير معول عليه وتقييدي بالمكلف لإخراج المجنون فلا يقتل بسبه وكذا صغير غير مميز وأما المميز فتقدم إن ردته معتبرة وكذا إسلامه وتقدم أن فائدة ذلك أنه إن استمر على ردته بعد بلوغه استتيب وإلا قتل فإذا أسب وهو صغير مميز ثم بلغ فتاب أو أنكر ما شهد به عليه فالظاهر أنه ينفعه ولا يقتل لأنه قذف من غير مكلف.

تتمة: قال في تكميل التقييد ذكر الوانوغي عن تعليقة القابسي سئل ابن أبي ليلى عمن قذف الحور العين فقال حده ضرب السيف اهـ.

والمتبادر منه أنه لا يستتاب كمن سب نبيًّا ويحتمل أنه كالمرتد كمن سب عائشة بما برّأها الله منه لأنه في كل خالف القرآن وفي المدخل من قال عن نبي من الأنبياء في غير التلاوة والحديث عصى أو خالف فقد كفر اهـ.

وقد يتبادر منه أنه مرتد ويحتمل أنه ساب (وفي) عدم قتل (من قال) حين غضبه (لا صلى الله على من صلى عليه جوابًا لصل) على محمَّد لحمل لفظه على قائل صلى الله على محمَّد فهو شتم للناس لا على نفس محمَّد وقتله وعدم قبول توبته لشمول لفظه للأنبياء والملائكة المصلين عليه قولان فإن قاله في غير حالة غضب قتل من غير خلاف وكذا لو قال لا صلى الله عليه (أو قال الأنبياء يتهمون جوابًا لتتهمني) استفهامًا بحذف الهمزة تخفيفًا هل يقتل من غير قبول توبة نظر البشاعة لفظه من نسبته للنقص لهم عليهم الصلاة والسلام وعدم قتله بالكلية لاحتمال أن يكون قصده الإخبار عمن اتهمهم من الكفار وهو لا يعتقد ذلك كما هو ظاهر حال المسلم لكن يعاقب (أو) قال (جميع البشر يلحقهم النقص حتى النبي صلى الله عليه وسلم) هل يقتل من غير قبول توبة لأن لفظه المذكور يشمل الأنبياء عمومًا والنبي خصوصًا بالإغياء أو لا يقتل وإنما يعزر فقط لاحتمال إخباره عمن قاله وفي هذا التعليل بعد كما قال بابا ولذا قال الشارح الأظهر من القولين في الفرع الأخير القتل (قولان) في كل من الفروع الثلاثة وعلى عدم القتل يطال سجنه ويوجع ضربًا كما في الشفاء وتعبيره بتردد في الفرعين الأخيرين أولى ولما ذكر ما يقتل به اتفاقًا أو على خلاف ذكر ما لا يقتل به فقال (واستتيب في هزم) عند ابن المرابط أي يكون مرتدًا يستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل وهو خلاف قول مالك وأصحابه أنه يقتل ولا تقبل توبته كما في تت والعجب من ابن المرابط في قوله ذلك مع قوله من قال هزمت بعض جيوشه يقتل ولا تقبل توبته والمراد بهم من هو فيهم لأن غاية ما هناك أن بعض الأفراد فرّ وهذا نادر وجمع د بين كلاميه بحمل هذا على قائله بقصد التنقيص والأول الذي مشى عليه المصنف لم يقصد تنقيصًا فيستتاب فإن تاب وإلا قتل ونحوه قول الشامل واستتيب في هزم إن لم يقصد تنقيصًا اهـ.

بالمعنى وقد علمت مذهب مالك وأصحابه وظاهره الإطلاق (أو أعلن بتكذيبه) فإن أسرّ به فزنديق يقتل بلا استتابة (أو تنبأ) أي ادعى أنه نبي وحده أو مع مشاركة غيره وهذا

ص: 122

غير قوله قبل أو ادعى شركًا مع نبوّته لأن معناه ادعى أن معينًا كعليّ مشارك له في النبوّة (إلا أن يسرّ) أي يدعي النبوّة سرًّا فزنديق يقتل إلا أن يجيء تائبًا (على الأظهر) فالاستثناء قاصر على الأخيرة من حيث النسبة لابن رشد وإن كانت التي قبلها كذلك من حيث الحكم وعلم أن المراد بالإسرار ادعاؤها سرًّا كما في بعض المحشين ويفيده حل الشارح وفي تت بأن يدعو إليه سرًّا ولعله لتحقق معرفة كونه نبيًّا واستظهر مق في هاتين المسألتين القتل بلا توبة كما في الأولى قائلًا لم يظهر لي وجه إخراج هذه المسائل من حكم مسائل السب (وأدب اجتهادًا في) قول عشار مثلًا لمن يريد أخذ شيء منه فقال أشكوك للنبي (أدّ) إليّ العشر (وأشك للنبي) فإن زاد العشار إن سألت أنا أو جهلت فقد سأل أو جهل النبي فيقتل ولا تقبل توبته كما أفتى به ابن عتاب لأجل ما زاده على ما قاله المصنف فليست ككلامه خلافًا للشارح (أو) أي وكذا يؤدب اجتهادًا في قوله (لو سبني ملك لسببته) مثله لو سبني نبي لسببته كما في النقل أي أو رسول لأنه لم يصدر منه سب وإنما علفه على أمر لم يقع وتردد د في ذلك قصور ويستفاد من ذلك تأديب من قال لو جئتني بالنبي على كنفك ما قبلتك بالأولى لأنه دون قوله لسببته في إيهام التنقيص من غير قرينة نعم إن قامت عليه قرينة قتل ولعله يحمل عليه فتوى بعض أشياخ عج بالقتل في هذه وإنما لم يقيد مسألة المصنف بذلك على ظاهر ما لشارحه لأن مدخول لولا يستلزم وقوع جوابها وأما لو قال لو جئتني بالنبي على كنفك ما قبلته فالظاهر تعين قتله لأنه لفظ فيه تنقيص وإن لم يرده (أو يا ابن ألف كلب أو خنزير) ولو كرر لفظ ألف فيؤدب اجتهاد الاحتمال أن يكون في آبائه نبي حيث لم يقصد دخول أنبياء في لفظه فإن علم أنه قصد الدخول فساب وإنما لم يقتل مع عدم علم قصده مع أنه لا يخلو لفظه من دخول نبي لأن القتل لا يكون بالاحتمال قال د وأما لو قال لعنك الله إلى آدم فإنه يقتل كما نقله عياض عن ابن شاس لأن في آبائه نبيًّا وهو نوح إذ هو أب لمن بعده نقله حلولو اهـ.

باختصار (أو عير) من شخص (بالفقر فنال تعيرني به والنبي قد رعى الغنم) وكذا قد رعى كما في ق فيؤدب اجتهادًا إلا أن يقصد تنقيصًا فيقتل وإن تاب كقوله يتيم أبي طالب أو ختن حيدرة أي صهر علي أو أكل شعيرًا أو ضحى بكبش لعدم القدرة على ثمن قمح وإبل أو رهن درعه في ثمن شعير اشتراه من يهودي أو خرج من مخرج البول فيقتل وإن تاب حيث لم يقل شيئًا من ذلك في رواية لاستخفافه بحقه ولا يلزم من اتصافه بشيء جواز الإخبار به وقريب من ذلك ما وقع في درس الأستاذ أبي الحسن البكري في خطبة ضمنها يتيم أبي طالب فأنكر عليه مغربي فاضل قائلًا يقتل ولا تقبل توبته فاستشاروا الناصر اللقاني فيما يفعل بالمغربي لوقوعه في حق الأستاذ فنال حصنوا دم الأستاذ بتحكيم شافعي في ذلك فخلوا عن المغربي (أو قال لغضبان كأنه وجه منكر أو مالك) خازن النار فيؤدب اجتهادًا لأنه جرى مجرى تحقير مخاطبه وتهويل أمره بغضبه وليس فيه تصريح بسب الملك وإنما السب واقع على المخاطب والذي في الشفاء أنه شبه العبوس بمالك

ص: 123

وشبه قبيح المنظر بمنكر (أو استشهد) على فعل نفسه أو غيره (ببعض جائز) أي ببعض شيء جائز من حيث النوع البشري (عليه) صلى الله عليه وسلم أو على غيره كابتليت أو صبرت كما ابتلى أو صبر أيوب حالة كون القول المستشهد به (حجة له) أي للقائل (أو لغيره أو شبه) نفسه به صلى الله عليه وسلم (لنقص) أي لأجل نقص (لحقه) أي لحق هذا القائل ولا أدري ما وجه جعله الاستشهاد والتشبيه مسألتين ولو اقتصر على أحدهما لأغناه عن الآخر وقد جعله في الشفاء نوعًا واحدًا قاله من وجوابه أن المراد أنه ذكر أحد هذين اللفظين فيؤدب في واحد مما ذكر أدبًا شديدًا ويسجن كما في الشفاء إن قصد ترفيع نفسه ولم يقصد تنقيص النبي ولا تعييبه ولا سبه (لا على التأسي) أي التسلي أي لا إن قصد بما قال إنه يتأسى بهم فلا أدب عليه (كأن كذبت) بالبناء للمفعول (فقد كذبوا) أو إن أوذيت فقد أوذوا أو أنا أسلم من ألسنة الناس ولم تسلم منهم أنبياء الله ورسله أو إن قيل في مكروه فقد قيل في النبي المكروه أو إن أحببت النساء فالنبي أحبهن أو أنا في قومي غريب كصالح في ثمود أو صبرت كما صبر أيوب أو أولو العزم من الرسل أو قيل له إنك أميّ فقال النبي أمي فلا أدب في شيء من ذلك إن قصد التأسي فإن قصد ترفيع نفسه لا التأسي والتسلي بهم أدب وإن قصد بشيء من ذلك تنقيصًا قتل ولو تاب وينبغي جريان تلك الأقسام الثلاثة في قوله أو عير الخ كما جرت في قوله أو استشهد إلى هنا فإن لم يكن له قصد بشيء مما ذكر فينبغي أن يحمل في مسألة أو عير بالفقر ومسألة الاستشهاد ومسألة التشبيه بالنقص على قصد ترفيع نفسه فيؤدب ومسألة إن كذبت ونحوها على التأسي (أو لعن العرب أو) من (بني هاشم وقال) في المسألتين كما في الشفاء ومق (أردت الظالمين) منهم فيؤدب وفي الثانية أشد ومقتضى النوادر أن قوله وقال أردت الظالمين منهم خاص بالثانية وأما الأولى فيؤدب من غير تفصيل ومشى د على ما للنوادر فلو لم يقل أردت الظالمين منهم على ما في الشفاء في المسألتين قتل قاله مق وظاهره من غير استتابة وفي د يكون مرتدًا ولم يدعمه بنقل وكذا يؤدب أدبًا وجيعًا كما في الشفاء قائل لعن الله من حرم المسكر أو قال لا أعلم من حرمه وكذا لو قال لعن الله من قال لا يبع حاضر لباد إن عذر بجهل لعدم قصده حينئذ سب الله أو رسوله وإنما لعن من حرمه من الناس اهـ.

أي فإن لم يجهل فمرتد في الأول وسب في الثاني وقول عج انظر ما للشفاء مع قوله وإن ظهر أنه لم يرد ذمه الخ. قد يقال لا نظر لأن ما مر عالم بالنبي وسبه بمثل ذلك ولو تعريضًا والجاهل هنا لعن مجرد لفظًا أو حكم غير معلوم من الدين بالضرورة ولم يعرف المنسوب إليه (وشدد عليه) الأدب بالضرب والقيود (في) قوله في (كل صاحب فندق) شخص (قرنان) ممنوع من الصرف للوصف وزيادة الألف والنون (ولو كان نبيًّا و) شدد عليه أيضًا (في) نسبة شيء (قبيح) من قول أو فعل (لأحد ذريته عليه الصلاة والسلام مع العلم به) أنه من آله عليه السلام وهل يقتل بقوله لشريف ثابت النسب لعن الله والدك الأكبر في أجدادك أو يؤدب قولان قاله في الشامل وأما لو قال له لعن الله الأكبر

ص: 124

في أجدادك فالظاهر أنه يقتل (كأن انتسب له) بغير حق تصريحًا في القول والفعل كلبس العمامة الخضراء في زمننا فيؤدب لعموم قول مالك من ادعى الشرف كاذبًا ضرب ضربًا وجيعًا ثم يشهر ويحبس مدة طويلة حتى تظهر لنا توبته لأن ذلك استخفاف منه بحقه صلى الله عليه وسلم ومع ذلك كان يعظم من طعن في نسبه ويقول لعله شريف في نفس الأمر قاله في المتن في الباب العاشر فقول الشاذلي ومن وافقه من المالكية إن لبس العمامة الخضراء لغير الشريف جائز غير صحيح وغره في ذلك ذكر السيوطي له وإنما أدب ولم يحد مع أنه يلزم عليه حمل غير أبيه على أمه لأن القصد بانتسابه له شرفه لا الحمل المذكور ولأن لازم المذهب ليس بمذهب (أو احتمل قوله) الانتساب إليه كأن قيل له أنت شريف النفس أو ذو نسب فقال مجيبًا ومن أشرف نفسًا أو أحسن نسبًا من ذريته صلى الله عليه وسلم قاله تت وإنما كان قوله هذا محقلًا لا صريحًا في انتسابه له لاحتمال قصد هضم نفسه أي أن ذريته عليه الصلاة والسلام هم الذين لهم شرف النفس والنسب ولم يقصد الانتساب له (أو شهد عليه) بالسب (عدل) واحد (أو لفيف) من الناس وهو من اجتمع من قبائل شتى (فعاق) بشهادة من ذكر (عن القتل) لعدم ثبوت السب بواحد ولاحتياج اللفيف لمزكيين ولم يوجدوا كما في الشامل فيؤدب أدبًا شديدًا وقول تت في الثاني قبول نوبته عائق عن القتل مشكل مع ما تقرر من أن الساب لا تقبل توبته (أو سب من لم يجمع على نبوّته) كالخضر ولقمان ومريم وخالد بن سنان المذكور أنه نبي أهل الرس وذرادشت صاحب كتاب المجوس الذين يدعون نبوته فيؤدب الساب ومثله من لم يجمع على ملكيته كهاروت وماروت وقول القرافي يقتل سابهما ولا تقبل توبته خلاف المذهب كما يفيده الأخنائي وذكر الحافظ ابن حجر والسيوطي أن قصتهما وردت من نحو عشرين طريقًا (أو) سب (صحابيًّا) فيؤدب حتى عائشة بغير ما برأها الله وأما به كزنت فمرتد كما مر وكذلك يكون مرتدًا إن أنكر صحبة أبي بكر أو إسلام العشرة أو إسلام جميع الصحابة أو كفر الأربعة أو واحدًا منهم فيكفر قاله بعضهم وفي عج قوله صحابيًّا أي جنسه فيشمل سب الكل ومثل السب تكفير بعضهم ولو من الخلفاء الأربعة بل كلام الإكمال يفيد عدم كفر من كفر الأربعة وأنه المعتمد فيؤدب فقط خلافًا لقول سحنون مرتد وأما من كفر جميع الصحابة فيكفر كما في الشامل لأنه أنكر معلومًا من الدين بالضرورة وكذب الله ورسوله.

لطيفة وتحذير: رأى بعضهم بصنعاء رجلًا حوله ناس كثير فقال ما هذا قالوا كان يؤمنا في شهر رمضان وكان حسن الصوت بالقرآن فلما بلغ أن الله وملائكته يصلون على النبي أبدله بقوله على عليّ ووصل به بقية الآية فخرس وجذم وعمي وأقعد مكانه (وسب الله كذلك) أي كسب النبي صريحه كصريحه ومحتمله كمحتمله فيقتل بالصريح ويؤدب في المحتمل سواء كان الساب ذميًّا أو مسلمًا إلا أن في المسلم خلافًا كما أفاده بما هو كالاستثناء من التشبيه فقال (وفي استتابة المسلم خلاف) وإلا أن يسلم الكافر كما مر وقولي أفاده بما هو كالاستثناء من التشبيه يفيده أنه صرح في الشامل باستثنائه وزاد مسألة

ص: 125

أخرى فقال والحكم فيمن سب الباري تعالى على ما تقدم إلا أنه يستتاب أي المسلم هنا على المشهور وقيل الأكثر على عدمها ثم قال أمالوا منه قتل وإن قال زل لسانه على المنصوص اهـ.

لا يقال كلام المصنف يدل على أن التشبيه في الأدب لأنا نقول قوله وفي استتابة المسلم خلاف يدل على المراد إذ لو كان فيه الأدب لم يتأت الاستثناء والراجح قبول توبته (كمن قال لقيت في مرضي) هذا (ما لو قتلت أبا بكر وعمر لم أستوجبه) تشبيه لإفادة الخلاف في هذا وإن لم يتحد المختلف فيه إذ هو في الأول في قبول توبة المسلم وعدمها وفي الثاني في قتل القائل لنسبة الباري للجور وهل يستتاب أولًا قولان كما مر أو لا يقتل بل يؤدب ويشدد عليه في التعزير لأن قصده الشكوى.

ص: 126