الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
في الحرابة
وعقبها للسرقة لاشتراكها معها في بعض حدودها وهو مطلق القطع وليكون المشبه به معلومًا في قوله الآتي واتبع كالسارق وعرف المحارب المفهوم من الحرابة بقوله (المحارب قاطع الطريق لمنع سلوك) علة للقطع لأن تعليق الحكم بالوصف مشعر بعليته أي بعلية ذلك الوصف فيفيد أنه لم يقصد غير قطع الانتفاع بها فيخرج قطعها لطلب امرأة أو لنائرة أي عداوة بينه وبين جماعة كما يقع من بعض عسكر مصر مع بعضهم فليس بمحارب (أو آخذ) بالمد اسم فاعل عطف على قاطع (مال) امرئ (مسلم أو غيره) من مال محترم كذمي ومعاهد وإن دون نصاب سرقة والبضع أحرى من المال كما للقرطبي لا مال حربي وضبط آخذ بالمد يفيد أنه محارب وإن لم يحصل منه قطع
ــ
الحرابة: ابن عرفة الحرابة الخروج لإخافة سبيل بأخذ مال محترم بمكابرة قتال أو خوفه أو إذهاب عقل أو قتل خفية أو بمجرد قطع الطريق لا لامرأة ولا نائرة ولا عداوة فيدخل قول المدونة والخناقون والذين يسقون الناس السيكران لأخذ أموالهم محاربون اهـ.
وقوله أو إذهاب عقل يتعين جره عطفًا على مكابرة لأنه لو رفع عطفًا على الخروج لزم إن إذهاب العقل بمجرده حرابة وإن لم يكن لأخذ مال وليس كذلك لكن يرد على التعريف أنه لا يشمل من قاتل لأخذ المال من غير قطع طريق أو دخل دارًا أو زقاقًا وقاتل ليأخذ المال ومسقي البيكران ومخاح الصبي أو غيره ليأخذ ما معه فالتعريف غير جامع (قاطع الطريق لمنع سلوك) المراد بقطع الطريق إخافتها لأنه إن أريد به منعها لم يلتئم مع قوله لمنع سلوك وقول ز لأن تعليق الحكم بالوصف مشعر الخ مثله في خش وهو بغفلة ظاهرة لأن التعليل في المصنف صريح بالأداة وهي اللام اهـ.
تنبيه: قال اللخمي إن لم يخف السبيل وأخذ بأثر خروجه عوقب لأنه لم يحصل منه إلا النية فلا يجري عليه شيء من أحكام المحارب قال في ضيح وكلام اللخمي ظاهر في المعنى إلا أن النص بخلافه قال في المدونة على اختصار ابن يونس وكذلك إن لم يخف وأخذ مكانه قبل أن يتفاقم أمره أو خرج بعصا وأخذ مكانه فهو مخير فيه وله أن يأخذ في هذا بأيسر الحكم وكذا النفي والضرب والسجن أبو الحسن وظاهرها أنه مخير فيمن أخذ بالحضرة وإن لم يحصل منه الإخافة وقال بعض القرويين لا يجوز قتله إذا خرج ولم تحصل منه الإخافة وكذلك قال اللخمي (أو آخذ مال مسلم أو غيره) قول ز والبُضْع أحرى من المال الخ. فمن خرج لإخافة السبيل قصدًا للغلبة على الفروج فهو أقبح من الأموال ابن العربي
طريق ليشمل ما سيذكره من سقي السيكران لذلك ومخادع الصبي أو غيره ليأخذ ما معه بخلاف ضبطه مصدرًا معطوفًا على لمنع سلوك فينافي ما يذكره بعد بناء على أنه تمثيل لا أنه تشبيه بالمحارب وقيد المسألتين بقوله (على وجه يتعذر معه الغوث) أي شأنه تعذر الغوث فإن كان شأنه عدم تعذره معه فغير محارب بل غاصب ولو سلطانًا لأن العلماء وهم أهل الحل والعقد ينكرون عليه ذلك ويأخذون عليه وعرف المصنف المحارب فيعلم منه تعريف الحرابة وعكس في الردة فعرفها ويعلم منه تعريف المرتد وهو أولى لأن معرفة المشتق متوقفة على معرفة المشتق منه وكقوله الغصب أخذ مال الخ وتارة يترك التعريفين في بعض الأبواب وبالغ على أنه محارب بقوله (وإن انفرد بمدينة) من المدن قصد جميع أهلها أم لا وقيل لا بد أن يقصد جميعهم وإلا لم يكن محاربًا انظر د (كمسقي السيكران) بضم الكاف نبت دائم الخضرة يؤكل حبه وهذا إن أسقاه (لذلك) أي لأخذ المال وأشد منه لتغييب العقل البنج وهو نبت يشبه البقل وأشد منه نبت يسمى داتورة قاله تت وظاهر المصنف وإن لم يكن ما أسقاه يموت به وظاهر الموازية أنه لا يكون محاربًا إلا إذا سقي ما يقتل به قاله الشارح في الكبير والوسط وفي ق بدل الموازية المدونة ولعله تحريف ودخل بالكاف بعض ظلمة بمصر يمنع أرزاق المسلمين ولا يبالون بحكم الباشا عليهم بالدفع وشمل التعريف النساء والصبيان لكن لا يتعلق بالصبي المحارب أحكامه ولو قتل لأن عمده كالخطأ كما تقدم في الديات ولا بالمرأة صلب وكذا النفي على أحد قولين وعطف بالجر على مسقي قوله (ومخادع الصبي) المميز إذ هو الذي يخدع (أو غيره) أي الصبي ككبير فقتله كما في الجواهر والمستخرجة (لياخذ ما معه) على وجه يتعذر معه الغوث ويسمى قتل غيلة وبقولي المميز علم عدم معارضة ما هنا لقوله في السرقة ولا فيما
ــ
رفع إليّ في ولايتي القضاء قوم خرجوا محاربين إلى رفقة فأخذوا منها امرأة فاحتملوها فأخذوا فسألت من كان ابتلاني الله بهم من المفتين فقالوا ليسوا بمحاربين لأن الحرابة في الأموال دون الفروج فقلت لهم ألم تعلموا أنها في الفروج أقبح منها في الأموال وأن الحر يرضى بسلب ماله دون الزنا بزوجته أو ابنته ولو كانت عقوبة فوق ما ذكره الله سبحانه وتعالى لكانت لمن يسلب الفروج وحسبكم من بلاء صحبة الجهلاء خصوصًا في الفتيا والقضاء اهـ.
نقله الشيخ أحمد بابا (على وجه يتعذر معه الغوث) قول ز لأن العلماء ينكرون الخ لما نقل ابن مرزوق هذا الجواب عن بعضهم قال لا يخفى ما في هذا الجواب من البعد سيما في هذا الزمان ثم أجاب بجواب آخر وهو أن المراد على وجه يتعذر معه وجود المغيث والمغيث في مسألة الغاصب موجود إلا أنه عاجز هذا محصل جوابه فتأمله (وإن انفرد بمدينة) استظهر ابن عاشر أن كلام المصنف فيه مبالغتان أي وإن انفرد وإن كان بمدينة (كمسقي السيكران لذلك) قول ز ودخل بالكاف بعض ظلمة الخ. فيه نظر بل هذا غاصب لوجود المغيث وإن كان عاجزًا (ومخادع الصبي أو غيره) قول ز فقتله كما في الجواهر والمستخرجة الخ. تبع تت في هذا النقل وليس في الجواهر اشتراط القتل وعبارة الجواهر قتل الغيلة من الحرابة وهي أن
على صبي أو معه لأنه في غير المميز أو فيه وأخذ ما معه سرقة وما هنا في المميز وأخذ منه على وجه يتعذر معه الغوث ومر ذلك أيضًا وكذا لا يعارضه قوله أو حمل عبدًا لم يميز أو خدعه أي المميز لأنه فيهما لا يتعذر معه غوث وما هنا فيمن يتعذر (والداخل) أي وكالداخل (في ليل أو نهار في زقاق أو دار) حالة كونه (قاتل) حين العلم به (ليأخذ المال) وأخذه على وجه يتعذر معه الغوث واحترز بقوله ليأخذ عما لو أخذه ثم علم به فقاتل لينجو به ثم نجا فلا يكون محاربًا بل سارقًا إن اطلع عليه بعد الخروج من الحرز لا قبله انظر د (فيقاتل بعد المناشدة) أي بعد أن يناشده الله ثلاث مرات يقول له في كل مرة ناشدتك الله إلا ما خليت سبيلي وهي مستحبة قاله ح ولم يقف على ذلك د فجعله محل نظر ومحل المناشدة (إن أمكن) لا إن عاجل بالقتال فيعاجل بالقتال بالسيف ونحوه مما يسرع به إلى الهلاك فعلم من قوله فيقاتل أنه يقتل لأنه لا فائدة لقتاله إلا قتله وهو أحد حدوده الأربعة وهو فرض على من تعرض له المحارب وخاف على نفسه أو أهله القتل أو الجرح أو الفاحشة بأهله وأشار للحد الثاني بقوله (ثم يصلب) حيًّا على خشبة يربط جميعه بها لا من أعلاه فقط كإبطيه ووجهه أو ظهره لها غير منكوس (فيقتل) مصلوبًا قبل نزوله على المعتمد قال تت وإذا مات قبل أن يصلب لم يصلب ولو قتله إنسان قبل صلبه فله صلبه لأنه بقية حده اهـ.
من كبيره وقوله لأنه بقية حده يقتضي أنه يجب عليه ذلك لا أنه له ذلك وتركه وعبارة الشارح عن محمد سالمة من ذلك لأنه قال ولو قتله إنسان قبل صلبه صلبه وإنما ترك صلبه إذا مات قبله لأنه قبل فعل شيء من الحد وفي قتله قد فعل معه بعضه وثم في
ــ
يغتال رجلًا أو صبيًّا فيخدعه حتى يدخله موضعًا فيأخذ ما معه فهو كالحرابة اهـ.
قال طفى فتغيره للغيلة يدل على أن القتل ليس بشرط فيها وإنما ذكر أن قتل الغيلة من الحرابة لا أن القتل هو نفس الغيلة فكلام الجواهر ككلام المؤلف اهـ.
(فيقاتل بعد المناشدة) ابن الحاجب ويجوز قتالهم باتفاق اهـ.
وأما المناشدة فمستحبة صرح به ابن رشد وعزاه لمالك كما في ح قال في ضيح وفي المدونة جهاد المحاربين جهاد وفي العتبية من أعظم الجهاد وأفضله أجرًا ولمالك رحمه الله تعالى في أعراب قطعوا الطريق جهادهم أحب إليّ من جهاد الروم مالك وإن طلبوا مثل الطعام والثوب وما خف فليعطوه ولا يقاتلوا وقال سحنون لا يعطون شيئًا وإن قل ابن عبد السلام وينبغي قصر هذا الخلاف على ما إذا طلبوه من الرفاق المارة بهم ولو طلبوه من الوالي لم يجز أن يحببهم إليه لأن فيه وهنا على المسلمين اهـ.
والمعتمد قول مالك كما في المدونة فيقيد جواز القتال في كلام المؤلف بطلب المال الكثير أما حد الحرابة فيثبت بالقليل والكثير قال في المدونة وحكم المحارب فيما أخذ من المال من قليل أو كثير سواء وإن كان أقل من ربع دينار اهـ.
قوله ثم يصلب الخ. للترتيب الإخباري ولو قال أو يصلب لكان أحسن وهو عطف على مقدر بعد قوله فيقاتل بعد المناشدة أي ويقتل أو يصلب فيقتل. تتمة: قال في غاية الأماني لو قتل المحارب أحد ورثته فقيل يرثه وقيل لا يرثه اهـ.
قلت ينبغي أن يكون الراجح الأول قياسًا على ما مر في الباغية من قوله وكره للرجل قتل أبيه وورثه وذكر الحد الثالث بقوله: (أو ينفي الحر) البالغ العاقل الذكر (كالزنا) تشبيه في مسافة البعد كفدك وخيبر من المدينة لا تام لأنه هنا يسجن حتى تظهر توبته أو يموت وفي الزنا يسجن سنة قال في تحقيق المباني اللخمي ولا يكفي في ظهور توبته مجرد ظاهره لأنه كالمكره لكونه في السجن فهو يظهر التوبة والنسك والخير ليخلص مما هو فيه اهـ.
وتقدم أن أجرة حمله في النفي عليه وكذا نفقته فإن لم يكن له مال ففي بيت المال فإن لم يكن فعلى المسلمين ويكون النفي بعد الضرب باجتهاد الإمام ولعل القتل مع الصلب إنما أخذ من القرآن من المعنى وكذا الضرب مع النفي وإلا فظاهر القرآن خلافه وذكر الحد الرابع بقوله: (أو تقطع يمينه) أي يده اليمنى (ورجله اليسرى) الصحيحتان (ولاء) ولو خيف عليه الموت لأن القتل أحد حدوده فإن كان أشل اليد اليمنى أو مقطوعها في قصاص أو جناية أو شبهة قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى ليكون القطع من خلاف عند ابن القاسم وكذا إن كان أقطع الرجل اليسرى فتقطع رجله اليمنى ويده اليسرى فإن لم يكن له إلا يد أو رجل واحدة قطعت وإن كان له يدان قطعت يده اليمنى وحدها فإن لم يكن له إلا رجلان قطعت رجله اليسرى وحدها انظر الشارح وهذه الحدود الأربعة يخير الإمام فيها باعتبار المصلحة في حق الرجال وأما المرأة فلا تصلب ولا تنفى وإنما حدها القطع من خلاف أو القتل المجرد وأما العبد فحده ثلاثة وهي ما عدا النفي كما قال المصنف أو ينفى الحرّ (وبالقتل يجب قتله ولو بكافر أو عبد أو بإعانة) على القتل ولو بالتقوى بجاهه وإن لم يأمر بقتل ولا تسبب فيه لأن جاهه إعانة عليه حكمًا قال ابن الحاجب وأما من لم يتسبب فقال ابن القاسم يقتل وقال أشهب يضرب مائة ويحبس سنة قال الشيخ أي لم يتسبب في قتل ولكن التقوى به حاصل اهـ.
ــ
بل يثبت حكمها بمجرد الإخافة وإن لم يأخذ شيئًا بل بمجرد الخروج لذلك وإن لم تحصل إخافة كما تقدم انظر طفى. (وبالقتل يجب قتله) قول ز وكذا يجب قتل قاطع الطريق بطول فساده الخ. ما ذكره تبع فيه عج في اعتراضه به على المصنف معتمدًا على كلام ابن مرزوق واعترضه طفى بأن ابن مرزوق لم يتعقب المصنف وإنما أراد أنه كان من حق المصنف أن ينبه عليه بأن يشير إليه بلو وإلا فما ذكره المصنف هو المعتمد والأقوى إذ ما في الموارية غير مشهور وجعله اللخمي مخالفًا لما في المدونة من تخيير الإمام فيه ولذا قال عياض في التنبيهات إن الأكثر تأولوا المدونة على التخيير وحملها الأقل على تحتم قتله وقد
انظر د أي ككونه من فئة ينحاز قطاع الطريق لها فيقتل الجميع لأنهم متمالئون وإن لم يعينوا القطاع في القتل وكذا يجب قتل قاطع الطريق بطول فساده وأخذه المال كما في النوادر عن كتاب محمد بن المواز وابن سحنون كما في مق ثم محل وجوب قتله فيما ذكره المصنف ما لم تكن المصلحة في إبقائه بأن يخشى بقتله فساد أعظم من فئته المتفرقين فلا يجوز قتله بل يطلق ارتكابًا لأخف الضررين كما أفتى به الشبيبي وأبو مهدي وتلميذهما ابن ناجي وبالغ على وجوب قتله بما ذكر (ولو جاء تائبًا) قبل القدرة عليه لأن توبته لا تسقط حقوق الآدميين (وليس للوليّ العفو) عن قتله قبل مجيئه تائبًا فهو راجع لما قبل المبالغة وأما ما بعدها فله العفو لأن قتله حينئذ قصاص لا حرابة فلا ينافي قوله وسقط حدها الخ. وحيث كان قصاصًا فإن قتل من لا يقتل به كذمي أو عبد لم يقتل به عند مجيئه تائبًا بل عليه دية الأول وقيمة الثاني كذا ينبغي تقرير المصنف به ولا أمور فيه على ما في عج (وندب) للإمام النظر في حال المحارب حيث لم يصدر منه قتل فهو (لذي التدبير) في الحروب وفي الخلاص منها (القتل) لا القطع من خلاف لأنه لا يدفع ضرره (و) لذي (البطش القطع) من خلاف (ولغيرهما) ممن لا تدبير له ولا بطش (ولمن وقعت) الحرابة (منه فلتة) منصوب أي وقوع فلتة أن يؤخذ فور خروجه ولم يقتل ولا أخذ مالًا كما في النكت (النفي والضرب) وما ذكره من الندب هو المذهب كما يفيده الشارح وتت وقول القرافي إذا تبين الأصلح وجب عليه ولا يجوز له العدول عنه فهو أبدًا ينتقل من واجب إلى واجب اهـ.
ذكر عياض أن أبا الحسن الماوردي أي الشافعي حكاه عن مالك ثم قال عياض لا يقوله مالك ولا أصحابه انظر الشارح وتت فلما رأى المصنف رد عياض لنقل الماوردي الشافعي وقوله لا يقوله مالك ولا أصحابه عدل عنه على أنه ولو سلم ما للقرافي لا ينافي ما للمصنف لأن قوله فهو أبدًا ينتقل من واجب إلى واجب أي أن ما يندب فعله ينتقل فيه
ــ
نقله في ضيح وكذا أبو الحسن نقل عن ابن رشد وابن يونس حمل المدونة على التخيير واقتصر على ذلك (ولو جاء تائبًا) ابن عاشر هذا صريح في وجوب القتل إذا قتل وجاء تائبًا قبل القدرة عليه قال ابن مرزوق وليس بصحيح لأن المحارب إذا جاء تائبًا وقد قتل في حرابة لا يتحتم قتله بل الأمر فيه للوالي ولعل مراد خليل بقوله ولو جاء تائبًا أي بعد القدرة عليه وبه يتسق الكلام وأما التائب قبل القدرة عليه فسيأتي اهـ.
(ولمن وقعت منه فلتة) كلام القرافي الذي نقله ز مقابل وتأويله غير صحيح لقول الفراقي إذا تعين الأصلح وجب عليه وهذا لا تمكن موافقته للندب والله أعلم (النفي والضرب) لفظ ابن الحاجب ولغيرهما ولمن وقعت منه فلتة النفي ويضربهما إن شاء فقال ابن عبد السلام قوله إن شاء موافق لكلام أشهب وخلاف قول ابن القاسم في المدونة أنه لا بد من ضرب من ينفي اهـ.
من واجب فعله أصالة إلى واجب كذلك على طريقة الكفارة الواجبة المخير في أنواعها فتأمله بإنصاف ولا يغتر برد المصنف بما للقرافي كما في عج (والتعيين) فيما يندب فعله مما تقدم لا ما يجب مما قدمه أيضًا (للإمام لا لمن قطعت يده ونحوها) من المحاربين فلا تعيين له لأن ما يفعله الإمام بالمحارب ليس عن شيء معين وإنما هو عن جميع ما فعله في حرابته من إخافة وأخذ مال وجرح (وغرم كل) أي كل واحد بانفراده من المحاربين إذا ظفر به وكانوا أخذوا شيئًا من المسلمين (عن الجميع) بطريق الضمان عنهم فيما لزمهم من نهب أموال الناس (مطلقًا) أي سواء كان ما أخذه أصحابه باقيًا أم لا وسواء جاء المحارب تائبًا أم لا نابه شيء مما نهبوه أم لا وإنما يغرم عمن عداه حيث لزم من عداه الغرم لأنه يغرم بطريق الضمان كما مر لأن كل واحد إنما تقوّى بأصحابه ومثله البغاة والغصاب واللصوص كما في الرسالة خلافًا لما في د إذا قدر على واحد منهم فإن وجد بيد غاصب بعض مال وقدر عليه بعض المغصوب منهم استبد بقدر ما غصب منه رد ما فضل إن فضل منه لغيره وليسوا كأرباب الديون يتحاصون (واتبع) المحارب (كالسارق) فإن سقط عنه الحد بمجيئه تائبًا غرم مطلقًا وإن قطع أو قتل استقلالًا أو مع الصلب أغرم أن أيسر من الأخذ إلى القطع أو القتل فيؤخذ من تركته والنفي كالقطع على الراجح لأن النفي حد من حدوده وقيل كسقوط الحد اهـ.
(ودفع ما بأيديهم لمن طلبه) أن أثبته ببينة شرعية كما يأتي فإن لم يقمها فإن وصفه
ــ
وكذا قال في ضيح وظاهر المدونة أنه لا بد من ضربه (واتبع كالسارق) قول ز قال أحمد التشبيه في الاتباع وكلامه مشعر بأن حكم السارق يخالف حكم المحاربين في غرم الواحد عن بقية أصحابه ابن عبد السلام وهو ظاهر ما حكاه بعض الشيوخ وحكاه ابن رشد اهـ.
هكذا رأيته في كثير من نسخ ز وهو ساقط من بعضها والصواب إسقاطه وقد رده ز نفسه قبل هذا حيث قال في قول المصنف وغرم كل عن الجميع الخ. ومثله البغاة والغصاب واللصوص كما في الرسالة خلافًا لما في د اهـ.
وهذا الذي قاله من أنهم سواء هو الذي نص عليه ابن رشد في سماع عيسى ونقله ح ومثله في ضيح في قول ابن الحاجب ويغرم الجميع عن الواحد ونصه كلامه مشعر بأن حكم المحاربين في ذلك مخالف لحكم السارق وأن الواحد من السراق لا يضمن ما سرقه أصحابه معه ابن عبد السلام وهو ظاهر ما حكاه بعض الشيوخ وحكى ابن رشد في سماع عيسى أن السراق إذا تعاونوا والغصاب يضمنون ما أخذوه ضمان المحاربين أبو محمد صالح معناه حيث يقطعون كلهم بالتعاون اهـ.
(ودفع ما بأيديهم لمن طلبه بعد الخ) قول ز فإن وصفه كما توصف اللقطة الخ. هكذا قال اللخمي إنما يدفع له إذا وصفه كاللقطة وذكره المصنف في ضيح وأهمله هنا وقد ذكره ابن عرفة وأقره واعتمد أبو الحسن في شرح المدونة قائلًا يدفع إليهم بثلاثة شروط بعد
كما توصف اللقطة أخذه بغير حميل (بعد الاستيناء) خوف أن يأتي أحد بأثبت مما ادعى من طلبه من غير طول (و) بعد (اليمين) من الطالب أنه له ويشهد عليه بينة عند دفعه له ويضمنه إياه لئلا يثبته غيره ببينة (أو بشهادة رجلين) عدلين (من الرفقة) المقاتلين للمحاربين أي شهد عدلان منهم لغيرهما (لا لأنفسهما) ولو مع غيرهما ولو بقليل لهما وكثير لغيرهما لأنه غير وصية ولا لأصلهما ولا لفرعهما على المذهب كما في غاية الأماني ولا لعبد الشاهد مكاتبًا أم لا وظاهر كلامه كغيره أنه لا يمتنع شهادة كل منهما لزوج أصله أو فرعه وفي إطلاق الشهادة على ما لأنفسهما تجوّز إذ ما لأنفسهما لا يسمى شهادة وإنما يسمى دعوى وأشعر قوله رجلين عدم العمل بشهادة عدل وامرأتين لغيرهما بشيء ولعله غير مراد إذ يثبت بذلك المال دون الحرابة وكذا الشاهد واليمين فلعله احترز عن الواحد دون يمين (ولو) اشتهر شخص بالحرابة ثم رفع للحاكم فـ (شهد اثنان) عدلان (إنه) أي هذا الشخص هو (المشتهر) عند الناس (بها) لمعرفتهما له بعينه (ثبتت) الحرابة بشهادتهما (وإن لم يعايناها) منه فللإمام قتله بشهادتهما وكذا تثبت إن شهدا أن هذا فلان ابن فلان ولم يعرفا شهرته بالحرابة وعرفها الناس (وسقط حدها) دون غيرها مما هو لله أو لآدمي كزنا وقذف وقتل مكافئ ودية غير مكافئ وقيمة رقيق أو متاع (بإتيان الإمام طائعًا) قبل القدرة عليه ملقيًا سلاحه وإن لم تظهر توبته وأما إن تاب بعد القدرة عليه فلا يسقط عنه شيء (أو ترك ما هو عليه) من الحرابة وإن لم يأت الإمام والفرق بين سقوطها بما ذكر وإن لم يتب وبين عدم سقوط حد السرقة بتوبة وعدالة كما قدم المصنف أن السرقة أخذ المال خفية والتوبة أمر خفي فلا يزال حد شيء خفي بأمر خفي والحرابة ظاهرة للناس فإذا كف أذاه لم يبق لنا فائدة في قتله لأن الأحكام تتبع المصالح وفهم من قوله وسقط حدها الخ أن إقراره فقط ليس بتوبة وهو كذلك ولا يجوز أن يؤمّن المحارب إن سأل الأمان بخلاف المشرك لأن المشرك يقر على حاله إذا أمن ولو كان بيده أموال المسلمين ولا يجوز تأمين المحارب على ذلك ولا أمان له وإن امتنع على الناس في حصن أو مركب أو غيره وكف أذاه أمنه السلطان أو غيره لأنه حق الله.
ــ
الاستيناء وبعد اليمين وبعد الصفة وقول ز بغير جميل قال في ضيح هو ظاهر المدونة وقال سحنون بل بحميل وفي مختصر الوقار إن كان من أهل البلد فبحميل وإن كان من غيرهم فبغير حميل لأنه لا يجد حميلًا اهـ.
وقول المصنف بعد الاستيناء زاد ابن شاس. وقال أشهب وذلك إذا أقر اللصوص أن ذلك المتاع مما قطعوا فيه الطريق فإن قالوا هو من أموالنا كان لهم وإن كان كثيرًا لا يملكون مثله اهـ.
ونقله ابن عرفة مقتصرًا عليه قاله طفى. (أو بشهادة رجلين الخ) اشترط في المدونة عدالتهما كما في ق وغيره وقول التحفة ومن عليه وسم خير قد ظهر الخ. يقتضي أن العمل على الاكتفاء بالتوسم وانظر ما في باب الشهادات (لا لأنفسهما) في الجنان إلا أن يكون ما لهم يسيرًا فيجوز لهم كغيرهم ولعله قياس على الوصية خلاف ما عند ز.