الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الإيمان والرد على أهل البدع
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين وعليه أتوكل
الفائدة الأولى:
الكلام في الإسلام والإيمان
في مقامات (الأول) فيما دل عليه حديث عمر رضي الله عنه في سؤال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "أخبرني عن الإسلام، فقال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله" 1
…
الحديث "قال: أخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره"2.
فأخبر أن الإسلام هو الأعمال الظاهرة، والإيمان يفسر بالأعمال الباطنة، وبذلك يفسر كل منهما عند الاقتران، فإذا أُفْرِدَ الإيمان -كما في كثير من آيات القرآن- دخل فيه الأعمال الظاهرة والباطنة كما دل على ذلك كثير من الآيات والأحاديث، كقوله -تعالى-:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} [سورة النساء آية: 136]
…
الآية.
فتناولت الآية جميع الأعمال الباطنة والظاهرة لدخولها في مسمى الإيمان. وأما الأركان الخمسة فهي جزء مسمى الإيمان، ولا يحصل الإسلام على الحقيقة إلا بالعمل بهذه الأركان والإيمان بالأصول الستة المذكورة في الحديث.
وأصول الإيمان المذكورة تتضمن الأعمال الباطنة والظاهرة؛ فإن
1 مسلم: الإيمان (8)، والترمذي: الإيمان (2610)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (4990)، وأبو داود: السنة (4695)، وابن ماجه: المقدمة (63) ، وأحمد (1/51) .
2 مسلم: الإيمان (8)، والترمذي: الإيمان (2610)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (4990)، وأبو داود: السنة (4695)، وابن ماجه: المقدمة (63) ، وأحمد (1/51،1/52) .
الإيمان بالله يقتضي محبته وخشيته وتعظيمه وطاعته بامتثال أمره وترك نهيه، وكذلك الإيمان بالكتب يقتضي العمل بما فيها من الأمر والنهي؛ فدخل هذا كله في الأصول الستة.
ومما يدل على ذلك قوله -تعالى-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً} [سورة الأنفال آية: 2] إلى قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} [سورة الأنفال آية: 4] .
فدلت هذه الآيات على أن الأعمال الظاهرة والباطنة داخلة في مسمى الإيمان كقوله -تعالى-:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [سورة الحجرات آية: 15] فانتفاء الشك والريب من الأعمال الباطنة، والجهاد من الأعمال الظاهرة، فدل على أن الكل إيمان.
ومما يدل على أن الأعمال من الإيمان قوله -تعالى-: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} 1 أي: صلاتكم إلى بيت المقدس قبل تحويل القبلة إلى الكعبة. ونظائر هذه الآية في الكتاب والسنة كثيرة كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث وفد عبد القيس: "آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة ألا إله إلا الله، وأني رسول الله، وتقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة، وتؤدوا خمس ما غنمتم" 2، ففسر الإيمان بالأعمال الظاهرة، لأنها جزء مسماه كما تقدم.
إذا عرفت أن كلا من الأعمال الظاهرة والباطنة من مسمى الإيمان شرعا، فكل ما نقص من الأعمال التي لا يخرج نقصها من الإسلام، فهو نقص في كمال الإيمان الواجب كما في حديث أبي هريرة: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن،
1 سورة البقرة آية: 143.
2 البخاري: التوحيد (7556)، ومسلم: الإيمان (17)، والترمذي: الإيمان (2611)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (5031)، وأبو داود: الأشربة (3692) ، وأحمد (1/361) .