الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معنى لا إله إلا الله
بسم الله الرحمن الرحيم
(سؤال) : ما قول العلماء الأعلام، أئمة الإسلام، فيمن يقول لا إله إلا الله، ويدعو غير الله، هل يحرم ماله، ودمه بمجرد قولها أم لا؟
(الجواب) : وبالله التوفيق، لا إله إلا الله كلمة الإخلاص، وكلمة التقوى، وهي العروة الوثقى، وهي الحنيفية ملة إبراهيم عليه السلام، جعلها كلمة باقية في عقبه، وقد تضمنت ثبوت الإلهية له -تعالى-، ونفيها عما سواه، والإله هو الذي تألهه القلوب محبة وإنابة وتوكلاواستعانة ودعاء وخوفا ورجاء ونحو ذلك، ومعنى لا إله إلا الله: أي: لا معبود حق إلا الله، قال الله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} 1. قال جل ذكره: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَاّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَاّ فِي ضَلالٍ} 2.
فدلت هذه الكلمة العظيمة مطابقة علىإخلاص العبادة بجميع أفرادها لله تعالى، ونفي كل معبود سواه، قال تعالى:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (إِلَاّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} 3 أي: لا إله إلا الله، فأرجع ضمير هذه الكلمة إلى ما سبق منه مدلولها، وهو قوله:{إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَاّ الَّذِي فَطَرَنِي} 4، وهذا هو الذي خلق الله الخلق لأجله، وافترضه على عباده، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب لبيانه، وتقريره، قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلَاّ لِيَعْبُدُونِ} 5، وقال تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ إِلَاّ تَعْبُدُوا إِلَاّ إِيَّاهُ} 6 الآية، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَاّ
1 سورة الحج آية: 62.
2 سورة الرعد آية: 14.
3 سورة الزخرف آية: 26.
4 سورة الزخرف آية: 26.
5 سورة الذاريات آية: 56.
6 سورة الإسراء آية: 23.
نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} 1،
وقال تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ إِلَاّ تَعْبُدُوا إِلَاّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} 2 قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} 3.
والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود ومتبوع أو مطاع، فمن تحقق مبدأ قول هذه الكلمة العظيمة من إخلاص العبادة لله –تعالى-، والبراءة من عبادة ما سواه بالجنان والأركان، وعمل بما اقتضته فرائض الإسلام والإيمان كان معصوم الدم والمال، ومن رد فلا، قال تعالى:{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 4، فدلت هذه الآية الكريمة على أن عصمة الدم، والمال لا تحصل بدون هذه الثلاث؛ لترتيبها عليها بترتب الجزاء على الشرط.
وفي الصحيح عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله تعالى" 5 فلا بد لتصحيحها من الإخلاص لله –تعالى-، ونفي الشرك كما قال الله:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} 6، وقال تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} 7، قال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} 8، ثم شهد عليهم بالكذب والكفر، وأخبر أنه لا يهديهم قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} 9.
وفي المتفق عليه من حديث معاذ -رضي الله تعالى عنه-: "فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا" 10 فمن تأله قلبه غير الله، ودعاه
1 سورة الأنبياء آية: 25.
2 سورة هود آية: 1.
3 سورة البقرة آية: 256.
4 سورة التوبة آية: 5.
5 مسلم: الإيمان (23) ، وأحمد (3/472،6/394) .
6 سورة النساء آية: 36.
7 سورة البينة آية: 5.
8 سورة الزمر آية: 2.
9 سورة الزمر آية: 3.
10 البخاري: الجهاد والسير (2856)، ومسلم: الإيمان (30)، والترمذي: الإيمان (2643)، وابن ماجه: الزهد (4296) ، وأحمد (3/260،5/228) .