الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن لا يمد إليه يده؛ ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. وذهب بعضهم إلى كراهة تقبيل اليد مطلقا كالإمام مالك رحمه الله، وقال سليمان بن حرب: هي السجدة الصغرى. هذا إذا لم يفض إلى التعظيم والخضوع وتغيير السنة.
أما إذا اقترن بمثل هذه الأمور التي تدخل في نوع من الشرك والبدع، فلا يجوز أن ينسب إلى أحد من الأئمة تجويزه. قال في زاد المعاد: وأشرف عبودية الصلاة، وقد تقاسمها الشيوخ -يعني من المتصوفة- والمتشبهون بالعلماء والجبابرة: فأخذ الشيوخ أشرف ما فيها، وهو السجود. وأخذ المتشبهون بالعلماء منها بالركوع، فإذا لقي بعضهم بعضا ركع كما يركع المصلي لربه، وأخذ الجبابرة منها القيام فيقوم الأحرار والعبيد على رؤوسهم عبودية لهم، وهم جلوس. فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الأمور الثلاثة على التفصيل؛ فتعاطيها مخالفة صريحة له؛ فنهى عن السجود لغير الله -تعالى- فقال:"لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد" وأنكر على معاذ لما سجد له، وقال:(مه) .
فتحريم هذا معلوم من دينه بالضرورة، وتجويز من جوزه لغير الله مراغمة لله ولرسوله. وهو من أبلغ أنواع العبودية، فإذا جوز هذا المشرك هذا النوع للبشر، فقد جوز عبودية غير الله. وأيضا فالانحناء عند التحية سجود، ومنه قول الله تعالى:{وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً} 1 أي: منحنين، وإلا فلا يمكن الدخول على الجباه. انتهى.
رفع الصوت وقت الخطبة
(السؤال الثالث) : عمن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويترضى عن الصحابة رضي الله عنهم جهرا، والإمام يخطب يوم الجمعة.
(الجواب) : الجهر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والترضي حال الخطبة من غير الخطيب بدعة مخالفة للشريعة، منع منها طوائف من العلماء
1 سورة البقرة آية: 58.
سلفا وخلفا، ولهم فيه مأخذان:
(الأول) : أنه من محدثات الأمور التي لم تفعل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أصحابه، ولا في عهد التابعين، ولو كان خيرا سبقوا إليه.
(الثاني) : أن الأحاديث ثبتت بالأمر بالإنصات للخطبة، فقد صح من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا قلت لصاحبك -والإمام يخطب يوم الجمعة-: أنصت، فقد لغوت"1.
قال في كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث: إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي دعاء، وجميع الأدعية السنة فيها الإسرار دون الجهر غالبا، قلت: وهذا مأخذ ثالث للمنع؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فالترضي عن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- دعاء من الأدعية، والمشروع في الدعاء كله المخافتة إلا أن يكون هناك سبب يشرع له الجهر، قال: وأما رفع الصوت بالصلاة، والترضي الذي يفعله بعض المؤذنين قدام الخطباء في الجمع فمكروه، أو محرم. انتهى. والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أملاه الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله أجمعين.
وقد فرغ من تصحيح هذه النسخة يوم الأربعاء في 16 شهر ربيع الثاني سنة 1333.
1 البخاري: الجمعة (934)، ومسلم: الجمعة (851)، والترمذي: الجمعة (512)، والنسائي: الجمعة (1401،1402)، وأبو داود: الصلاة (1112)، وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (1110) ، وأحمد (2/280)، ومالك: النداء للصلاة (232)، والدارمي: الصلاة (1548،1549) .