الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القياس أن يقول: على أمك الويل وذكر الأم لإرادة الاختصاص (قلت: ما شأنك؟ قال: لا أدري من دخل عليّ فضربني. قال: فوضعت سيفي في بطنه ثم تحاملت عليه) أي تكلفته على مشقة (حتى قرع العظم) أي أصابه (ثم خرجت وأنا دهش) بفتح الدال وكسر الهاء صفة مشبهة أي متحير والجملة حالية، وهذا يقتضي أن الفاعل لذلك كله عبد الله بن عتيك، لكن عند ابن هشام عن الزهري عن كعب بن مالك أنه خرج إليه خمسة نفر: عبد الله بن عتيك، ومسعود بن سنان، وعبد الله بن أنيس، وأبو قتادة الحرث بن ربعي، وخزاعي بن أسود حليف لهم من أسلم، وأمّر عليهم عبد الله بن عتيك، وأنهم لما دخلوا عليه ابتدروه بأسيافهم وأن عبد الله بن أنيس تحامل عليه بسيفه في بطنه حتى أنفذه وهو يقول: قطني قطني أي حسبي، لكن ما في البخاري أصح.
قال أبو عبد الله بن عتيك (فأتيت سُلّمًا لهم) بضم السين وفتح اللام المشددة (لأنزل منه) بفتح الهمزة (فوقعت فوثئت) بضم الواو وكسر المثلثة وهمزة مفتوحة مبنيًّا للمفعول أي أصاب عظم (رجلي) شيء لا يبلغ الكسر كأنه فك وإنما وقع من الدرجة لأنه كان ضعيف البصر، (فخرجت إلى أصحابي فقلت): لهم (ما أنا ببارح) بموحدتين فألف فراء فحاء مهملة أي بذاهب (حتى أسمع الناعية) بالنون وكسر العين أي المخبرة بموته، ولأبي ذر: الواعية بالواو بدل النون أي الصارخة التي تندب القتيل والوعي الصوت (فما برحت حتى سمعت نعايا أبي رافع) بفتح النون والعين وبعد المثناة التحتية ألف وقول الخطابي كذا روي وحقه نعاء أبا رافع أي انعوا أبا رافع كقولهم دراك بمعنى أدرك، تعقبه في المصابيح فقال: هذا قدح في الرواية الصحيحة بوهم يقع في الخاطر فالنعايا هنا جمع نعيّ كصفي وصفايا والنعيّ خبر الموت أي فما برحت حتى سمعت الأخبار مصرّحة بموت أبي رافع (تاجر أهل الحجاز) فيه قبول قول الواحد في الوفاة بقرائن الأحوال ولو كان القائل كافرًا لمحكم القرينة لا القول (قال قمت وما بي قلبة) بالقاف واللام الموحدة المفتوحات أي ما بقي علّة أو داء تقلب له رجلي لتعالج (حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه) بموت أبي رافع.
فإن قلت: من أين تؤخذ المطابقة بين الترجمة والحديث؟ أجيب: بأنه إنما قصد أبا رافع وهو نائم وإنما أيقظه ليعلم مكانه بصوته فكان حكمه حكم النائم لأنه حينئذٍ استمر على خبال نومه لأنه بعد أن ضربه لم يفر من مكانه ولا تحوّل من مضجعه حتى عاد إليه فقتله على أنه قد صرّح في الحديث الآتي بأنه قتله في حالة النوم اهـ.
وفي الحديث جواز التجسس على المشركين وجواز قتل المشرك بغير دعوة إذا كان قد بلغته قبل ذلك وقتله إذا كان نائمًا مع تحقق استمراره على الكفر واليأس من فلاحه بالوحي أو بالقرائن الدالّة على ذلك، وأخرج الحديث المؤلّف أيضًا مختصرًا هنا وفي المغازي.
3023 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَي يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلاً فَقَتَلَهُ وَهْوَ نَائِمٌ".
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر: حدّثني (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني (يحيى بن آدم) هو ابن سليمان القرشي المخزومي الكوفي قال: (حدّثنا يحيى بن أبي زائدة) هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وسقط لفظ يحيى لأبي ذر (عن أبيه) زكريا (عن أبي إسحاق) السبيعي الكوفي (عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطًا) بفتح الراء وسكون الهاء (من الأنصار إلى أبي رافع فدخل عليه عبد الله بن عتيك) بالعين المهملة (بيته) الذي هو فيه من الحصن، وللحموي والمستملي بيته بتشديد المثناة التحتية المفتوحة بعد الموحدة من التبييت أي حال كونه قد بيته (ليلاً فقتله وهو نائم) صرّح بأن ابن عتيك هو الذي قتله وأنه كان نائمًا كما نبّه عليه قريبًا.
156 - باب لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ
هذا (باب) بالتنوين (لا تمنوا لقاء العدوّ) بإسقاط إحدى التاءين من تمنوا تخفيفًا.
3024 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ الْيَرْبُوعِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: "حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، كُنْتُ كَاتِبًا لَهُ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى حِينَ خَرَجَ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ".
وبه قال: (حدّثنا يوسف بن موسى) بن عيسى المروزي قال: (حدّثنا عاصم بن يوسف اليربوعي) الخياط الكوفي قال: (حدّثنا أبو إسحاق) إبراهيم بن محمد (الفزاري) بفتح الفاء والزاي وكسر الراء (عن موسى بن
عقبة قال: حدّثني) بالإفراد (سالم) هو ابن أبي أمية (أبو النضر) بفتح
النون وسكون الضاد المعجمة (مولى عمر بن عبيد الله) بضم العين فيهما التيمي المدني وكان أميرًا على حرب الخوارج قال: (كنت كاتبًا له) أي لعمر بن عبيد الله لا لعبد الله بن أبي أوفى (قال): أي سالم (كتب إليه) أي إلى عمر بن عبيد الله التيمي (عبد الله بن أبي أوفى) بفتح الهمزة والفاء بينهما واو ساكنة وفي نسخة قال: كنت كاتبًا لعمر بن عبيد الله فأتاه كاتب عبد الله بن أبي أوفى (حين خرج إلى الحرورية) بفتح الحاء المهملة (فقرأته فإذا فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدوّ انتظر) خبر إن (حتى مالت الشمس) عن خط وسط السماء (ثم قام في الناس) خطيبًا (فقال):
3025 -
"ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا -وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ". وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: "حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ: كُنْتُ كَاتِبًا لِعُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَأَتَاهُ كِتَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ".
(يا أيها الناس لا تمنوا لقاء العدوّ) بحذف إحدى تاءي تمنوا.
فإن قلت: تمني لقاء العدوّ جهاد والجهاد طاعة فكيف ينهى عن الطاعة؟ أجيب: بأن المرء لا يدري ما يؤول إليه الحال، وقصة الرجل الذي أثخنته الجراح في غزوة خيبر وقتل نفسه حتى آل أمره أن كان من أهل النار شاهدة لذلك، وقد روى سعيد بن منصور من طريق يحيى بن أبي بكر مرسلاً: لا تمنوا لقاء العدوّ فإنكم لا تدرون عسى أن تبتلوا بهم أو النهي لما في التمني من صورة الإعجاب والاتكال على النفوس والوثوق بالقوة وقلة الاهتمام بالعدوّ، وتمني الشهادة ليس مستلزمًا لتمني لقاء العدوّ فيجوز تمني لقاء العدوّ جهاد أو مستلزم له، وتمني الجهاد مستلزم للقاء العدوّ وهو يتضمن الضرر المذكور ولذا تممه عليه الصلاة والسلام بقوله:
(وسلوا الله العافية) من هذه المخاوف المتضمنة للقاء العدوّ وهو نظير سؤال العافية من الفتن، وقد قال الصدّيق الأكبر أبو بكر رضي الله عنه: لأن أعافى فأشكر أحبّ إليّ من أن أبتلى فأصبر، وهل يؤخذ منه منع طلب المبارزة لأنه من تمنى لقاء العدوّ، ومن ثم قال عليّ لابنه: يا بني لا تدع أحدًا إلى المبارزة ومن دعاك إليها فاخرج إليه لأنه باغٍ، والله قد ضمن نصر من بُغي عليه، ولطلب المبارزة شروط معروفة في الفقه إذا اجتمعت أمن معها المحذور في لقاء العدوّ المنهي عن تمنّيه.
(فإذا لقيتموهم فاصبروا) أي اثبتوا ولا تظهروا التألم من شيء يحصل لكم الصبر في القتال هو كظم ما يؤلم من غير إظهار شكوى ولا جزع وهو الصبر الجميل (واعلموا أن الجنة) أي ثوابها (تحت ظلال السيوف) وقال النووي: معناه أن الجهاد وحضور معركة الكفار طريق إلى الجنة وسبب لدخولها (ثم قال): صلى الله عليه وسلم (اللهم) يا (منزل الكتاب) الفرقان أو سائر الكتب السماوية (و) يا (مجري
السحاب) بنزول الغيث بقدرته (و) يا (هازم الأحزاب) وحده إشارة إلى تفرّده بالنصر وهزم ما يجتمع من أحزاب العدوّ (اهزمهم وانصرنا عليهم) وفي رواية الإسماعيلي في هذا الحديث من وجه آخر أنه صلى الله عليه وسلم دعا أيضًا فقال: "اللهم أنت ربنا وربهم ونحن عبيدك نواصينا ونواصيهم بيدك فاهزمهم وانصرنا عليهم".
(وقال موسى بن عقبة): بالإسناد المذكور وكان المؤلّف رواه بالإسناد الواحد مطوّلاً ومختصرًا (حدّثني) بالإفراد (سالم أبو النضر): كذا في رواية أبي ذر وسقط عند غيره من قوله مولى عمر بن عبيد الله إلى هنا وساق في رواية أبي ذر الحديث كالباقين (كنت كاتبًا لعمر بن عبيد الله) صريح في أن سالمًا كاتب عمر بن عبيد الله وهو يرد على العيني كالحافظ ابن حجر حيث رجعا الضمير في قوله في باب الجنة تحت بارقة السيوف عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله وكان كاتبًا له إلى عبد الله بن أبي أوفى (فأتاه) أي عمر بن عبيد الله (كتاب عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال): (لا تمنَّوا لِقَاءَ العدوّ) بحذف إحدى تاءي تمنوا.
3026 -
وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا» .
(وقال أبو عامر) عبد الملك بن عمرو بن قيس البصري العقدي لا عبد الله بن براد مما وصله مسلم (حدّثنا مغيرة بن عبد الرحمن) الحزامي (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(لا تمنوا) بحذف إحدى التاءين