الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالإفراد (يونس) بن يزيد الأيلي، (وزاد) على روايته عن عقيل (قال جبير): هو ابن مطعم (ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس) ولابن عساكر: لعبد شمس (ولا لبني نوفل) وزاد أبو داود في رواية يونس بهذا الإسناد، وكان أبو بكر يقسم الخمس نحو قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنه لم يكن
يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمر يعطيهم منه وعثمان بعده، قال الحافظ ابن حجر: وهذه الزيادة بين الذهلي في جمع حديث الزهري أنها مدرجة من كلام الزهري.
(وقال) ولأبي ذر قال: (ابن إسحاق) محمد صاحب المغازي مما وصله المؤلّف في التاريخ: (عبد شمس) ولأبي ذر وعبد شمس (وهاشم والمطلب إخوة لأم وأمهم عاتكة بنت مرة) بن هلال من بني سليم (وكان نوفل أخاهم لأبيهم). واسم أمه واقدة بالقاف بنت عدي. وفي هذا الحديث حجة لإمامنا الشافعي رحمه الله: إن سهم ذوي القربى لبني هاشم وبني المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل وإن كان الأربعة أولاد عبد مناف لاقتصاره صلى الله عليه وسلم في القسمة على بني الأوّلين مع سؤال بني الآخرين له كما مرّ ولأنهم لم يفارقوه في جاهلية ولا إسلام، حتى أنه لما بعث بالرسالة نصروه وذبّوا عنه بخلاف بني الآخرين بل كانوا يؤذونه والعبرة بالانتساب إلى الآباء كما صرح به في الروضة، أما من ينتسب منهم إلى الأمهات فلا شيء له لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعط الزبير وعثمان مع أن أم كل منهما هاشمية.
(لطيفة):
قال ابن جرير: كان هاشم توأم أخيه عبد شمس وأن هاشمًا خرج ورجله ملتصقة برأس عبد شمس فما تخلص حتى سال بينهما دم فتشاءم الناس بذلك أن يكون بين أولادهما حروب فكانت وقعة بني العباس مع بني أمية بن عبد شمس سنة ثلاث وثلاثين ومائة من الهجرة.
18 - باب مَنْ لَمْ يُخَمِّسِ الأَسْلَابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمِّسَ، وَحُكْمِ الإِمَامِ فِيهِ
(باب من لم يخمس الأسلاب) بفتح الهمزة جمع سلب بفتح اللام وهو ما على القتيل أو من في معناه من ثياب كران وسلاح ومركوب يقاتل عليه أو ممسكًا عنانه وهو يقاتل راجلاً وآلته كسرج ولجام ومقود وكذا لباس زينة لأنه متصل به وتحت يده كمنطقة وسوار وهميان وما فيه من نفقة لا حقيبة مدودة على الفرس فلا يأخذها ولا ما فيها من دراهم وأمتعة كسائر أمتعته المخلفة في خيمته وعن أحمد لا تدخل الدابة، ومشهور مذهب الشافعية أن السلب لا يخمس. (ومن قتل قتيلاً فله سلبه) سواء قال الإمام ذلك أو لم يقله (من غير أن يخمس) بفتح الميم المشددة وكسرها أي السلب ولابن عساكر من غير خمس بضم المعجمة والميم ولأبي ذر الخمس معرفًا وعن الحنفية والمالكية لا يستحقه إلا أن شرطه له الإمام، وعن مالك يخيّر الإمام بين أن يعطيه السلب وبين أن يخمسه (وحكم الإمام فيه) أي في السلب عطف على من لم يخمس، وقال الكرماني: فإن قلت: كيف يتصوّر قتل القتيل وهو تحصيل الحاصل؟ قلت المراد من القتيل المشارف للقتل نحو {هدى للمتقين} [البقرة: 2] أي الضالين الصائرين إلى التقوى، أو هو القتيل بهذا القتل المستفاد من لفظ قتل لا بقتل سابق لئلا يلزم تحصيل الحاصل.
3141 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بِغُلَامَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ: يَا عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا. فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَغَمَزَنِي الآخَرُ فَقَالَ لِي مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاسِ فَقُلْتُ: أَلَا إِنَّ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي سَأَلْتُمَانِي، فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا فَضَرَبَاهُ حَتَّى قَتَلَاهُ. ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَاهُ. فَقَالَ: أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ. فَقَالَ: هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ قَالَا: لَا. فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ فَقَالَ: كِلَاكُمَا قَتَلَهُ، سَلَبُهُ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ. وَكَانَا مُعَاذَ ابْنَ عَفْرَاءَ وَمُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ".
قال محمد سمع يوسف صالحاً وسمع إبراهيم أباه عبد الرحمن ابن عوف. [الحديث 3141 - طرفاه في: 3964، 3988].
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يوسف بن الماجشون) بكسر الجيم وضم الشين المعجمة بالفارسية المورّد واسمه يعقوب (عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه) إبراهيم (عن جده) عبد الرحمن أنه (قال) سقط لفظ قال لأبي ذر (بينا) بغير ميم (أنا واقف في الصف يوم) وقعة (بدر فنظرت) ولأبي ذر نظرت (عن يميني وشمالي) ولأبي ذر وعن شمالي وجواب بينا قوله: (فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما) بالرفع فاعل حديثة وهي جر صفة لغلامين ويجوز الرفع والغلامان معاذ بن عمرو ومعاذ ابن عفراء كما في الحديث (تمنيت أن أكون بين أضلع) بفتح الهمزة وسكون الضاد المعجمة وبعد اللام المفتوحة عين مهملة أي أشد وأقوى (منهما) أي من الغلامين لأن الكهل أصبر في الحروب ولابن عساكر وأبي ذر عن الحموي أصلح بصاد وحاء مهملتين (فغمزني أحدهما) أي الغلامين
(فقال: يا عم، هل تعرف أبا جهل)؟ أهو عمرو بن هشام فرعون هذه الأمة (قلت: نعم. ما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أخبرت) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده) بفتح السين المهملة فيهما أي لا يفارق شخصي شخصه (حتى يموت الأعجل منا) باللام لا بالزاي أي الأقرب أجلاً (فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال لي مثلها، فلم أنشب) بفتح الهمزة والشين المعجمة بينهما نون ساكنة آخره موحدة أي فلم ألبث (أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس) بالجيم وفي مسلم يزول بالزاي بدلها أي يضطرب في المواضع لا يستقر على حال (قلت) ولأبي ذر فقلت (ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام للتنبيه والتحضيض (أن هذا صاحبكما الذي سألتماني) أي عنه (فابتدراه بسيفيهما) أي سبقاه مسرعين (فضرباه) بهما حتى (قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه) بقتله (فقال):
(أيكما قتله قال كل واحد منهما أنا قتلته فقال) عليه السلام ولأبي ذر قال: (هل مسحتما سيفيكما) أي من الدم (قالا: لا). لم نمسحهما (فنظر) عليه الصلاة والسلام (في السيفين) ليرى ما بلغ الدم من سيفيهما ومقدار عمق دخولهما في جسد المقتول ليحكم بالسلب لمن كان أبلغ ولو مسحاه لما تبين المراد من ذلك (فقال) عليه السلام: (كلاكما قتله سلبه) أي سلب أبي جهل (لمعاذ بن عمرو بن الجموح) بفتح العين وسكون الميم، والجموح بفتح الجيم وضم الميم وبعد الواو حاء مهملة لأنه هو الذي أثخنه (وكانا) أي الغلامان (معاذ ابن عفراء) بفتح العين المهملة وبعد الفاء الساكنة راء ممدودًا وهي أمه واسم أبية الحرث بن رفاعة (ومعاذ بن عمرو بن الجموح). وإنما قال كلاكما قتله وإن كان أحدهما هو الذي أثخنه تطييبًا لقلب الآخر، وقال المالكية: إنما أعطاه لأحدهما لأن الإمام مخير في السلب يفعل فيه ما يشاء وقال الطحاوي لو كان يجب للقاتل لكان التسلب مستحقًا بالقتل ولكان جعله بينهما لاشتراكهما في قتله فلما خص به أحدهما دل على أنه لا يستحق بالقتل وإنما يستحق بتعيين الإمام اهـ. وجوابه ما سبق.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في المغازي وكذا مسلم وزاد في رواية أبي ذر هنا. قال محمد يعني البخاري سمع يوسف أي ابن الماجشون صالحًا وسمع إبراهيم أباه عبد الرحمن بن عوف ولعله أشار بهذه الزيادة إلى الرد على من قال إن بين يوسف وصالح رجلاً وهو عبد الواحد بن أبي عون فيكون الحديث منقطعًا.
3142 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يوم حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، فَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَلَا رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ فَاسْتَدبرْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ حَتَّى ضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَىَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ؛ ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا، وَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ. فَقُمْتُ فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ. ثُمَّ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ -فَقُمْتُ فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ. ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ مِثْلَهُ، فَقُمْتُ، فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟ فَاقْتَصَصْتُ عَلَيهِ القِصَّة، فَقَالَ رَجُلٌ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَلَبُهُ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ عَنِّي. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: لَاهَا اللَّهِ إِذًا لا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِيكَ سَلَبَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَ، فَأَعْطَاهُ فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرِفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلَامِ".
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك) الإمام (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (عن ابن أفلح) هو عمرو بن كثير بن أفلح بالفاء والحاء المهملة (عن أبي محمد) نافع (مولى أبي
قتادة عن أبي قتادة) الحرث بن ربعي الأنصاري (رضي الله عنه) أنه (قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين)، بالحاء المهملة والنون مصروفًا واد بينه وبين مكة ثلاثة أميال وكان في السنة الثامنة (فلما التقينا) أي مع العدوّ (كانت للمسلمين جولة) بالجيم أي تقدم وتأخر وعبر بذلك احترازًا عن لفظ الهزيمة وكانت هذه الجولة في بعض الجيش لا في رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن حوله (فرأيت رجلاً من المشركين علا رجلاً من المسلمين) أي ظهر عليه وأشرف على قتله أو صرعه وجلس عليه والرجلان لم يسميا (فاستدرت) من الاستدارة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فاستدبرت من الاستدبار (حتى أتيته من ورائه حتى ضربته بالسيف على حبل عاتقه) بفتح الحاء المهملة وسكون الموحدة عرق أو عصب عند موضع الرداء من العنق أو ما بين العنق والمنكب (فأقبل عليّ فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت) استعارة عن أثره أي وجدت منه شدة كشدة الموت (ثم أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر بن الخطاب) رضي الله عنه (فقلت: ما بال الناس؟) أي منهزمين (قال: أمر الله) أي قضاؤه أو المراد ما حال الناس
بعد الانهزام فقال: أمر الله غالب والعاقبة للمتقين (ثم إن الناس رجعوا) أي ثم إن المسلمين رجعوا بعد الهزيمة وعلى الثاني رجعوا بعد انهزام المشركين (وجلس النبي صلى الله عليه وسلم فقال):
(من قتل قتيلاً له عليه بيّنة فله سلبه) قال أبو قتادة (فقمت فقلت: من يشهد لي) أي بقتل ذاك الرجل (ثم جلست، ثم قال) عليه الصلاة والسلام: (من) ولابن عساكر ثم قال الثانية مثله من (قتل قتيلاً له عليه بيّنة فله سلبه) أوقع القتل على المقتول باعتبار مآله كقوله تعالى: {أعصر خمرًا} [يوسف: 36](فقمت فقلت من يشهد لي ثم جلست، ثم قال الثالثة مثله فقمت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لك يا أبا قتادة؟ فاقتصصت عليه القصة فقال رجل): لم يسم كذا قال في الفتح، وقال في مقدمته ذكر الواقدي أن الذي شهد له بالسلب هو أسود بن خزاعي الأسلمي، والذي أخذ السلب وقع في رواية أخرى عند المصنف أنه من قريش كذا رأيته فليتأمل. فإن سياق الحديث يقتضي أنهما واحد. (صدق يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلبه عندي فأرضه) بقطع الهمزة وكسر الهاء (عني، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لا ها الله) بقطع الهمزة ووصلها وكلاهما مع إثبات ألف ها وحذفها، كما في القاموس والمغني وغيرهما فهي أربعة النطق بلام بعدها التنبيه من غير ألف ولا همزة، والثاني بألف من غير همز، والثالث بثبوت الألف وقطع الجلالة والرابع بحذف الألف وثبوت همزة القطع والمشهور في الرواية الأوّل والثالث، وفي هذا كما قال ابن مالك شاهد على جواز الاستغناء عن واو القسم بحرف التنبيه قال: ولا يكون ذلك إلا مع الله أي لم يسمع لاها الرحمن وأما لفظ الجلالة هنا فجر لأن ها التنبيه عوض عن واو القسم. وقال ابن مالك ليست عوضًا عنها وإن جر ما بعدها بمقدّر لم يلفظ به كما أن نصب المضارع بعد الفاء ونحوه بمقدر ولا للنفي والمعنى لا والله (إذًا لا يعمد) بكسر الميم أي لا يقصد النبي صلى الله عليه وسلم (إلى أسد) أي إلى رجل كأنه في الشجاعة أسد (من أسد الله) بضم الهمزة والسين (يقاتل عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم) أي صدر قتاله عن رضا الله ورسوله أي بسببهما كقوله تعالى: {وما فعلته عن
أمري} [الكهف: 82] أو المعنى يقاتل ذابًّا عن دين الله أعداء الله ناصرًا لأوليائه أو يقاتل لأجل نصر دين الله وشريعة رسوله لتكون كلمة الله هي العليا (يعطيك سلبه) أي سلب قتيله الذي قتله بغير طيب نفسه وأضافه إليه باعتبار أنه ملكه، وقوله إذًا بهمزة مكسورة فذال معجمة منوّنة حرف جواب وجزاء في جميع الروايات في الصحيحين وغيرهما، لكن اتفق كثير ممن تكلم على الحديث على تخطئة جهابذة المحدثين ونسبتهم إلى الغلط والتصحيف، وأن الصواب ذا بغير همزة ولا تنوين للإشارة فقال الخطابي: المحدثون يروونه إذا وإنما هو في كلام العرب لاها الله ذا والهاء فيه بمنزلة الواو والمعنى لا والله يكون ذا. وقال المازني: الصواب لاها الله ذا أي ذا يميني وقسمي، وقال ابن الحاجب: حمل بعض النحويين إدخال إذا في هذا المحل على الغلط من الرواة لأن العرب لا تستعمل ها الله إلا مع ذا وإن سلم استعماله بدون ذا فليس هذا موضع إذن لأنه للجزاء وهو هنا على نقيضه، ومعرفة هذا تتوقف على أن يعلم أن مدخول إذن جزاء لشرط مقدر على ما نقله في المفصل عن الزجاج وإذا كان كذلك وجب أن يكون الشرط المقدر يصح وقوعه سببًا لما بعد إذا إذ الشرط يجب أن يكون سببًا للجزاء، وإذا تقرر هذا فقوله لاها الله إذا لا يعمد جواب لمن طلب السلب بقوله فأرضه عني وليس بقاتل ويعمد وقع في الرواية مع لا فيكون تقرير الكلام إن أرضاه عنك لا يكون عامدًا إلى أسد فيعطيك سلبه ولا يصح أن يكون إرضاء النبي صلى الله عليه وسلم القاتل عن الطالب سببًا لعدم كونه عامدًا إلى أسد ومعطيًا سلبه الطالب، وإذا لم يكن سببًا له بطل كون لا يعمد جزاء للإرضاء، ومقتضى الجزائية أن لا تذكر لا مع يعمد ويقال: إذا يعمد ليصح جوابًا لطالب السلب فيكون التقدير أن يرضه عنك يكن عامدًا إلى أسد ومعطيًا سلبه