الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حبان بن موسى عن ابن المبارك فقال: إنّا نقول عندنا إن الرجل إذا أعتق أمّ ولده ثم تزوجها فهو كالراكب بدنته؟ فقال الشعبي: (أخبرني) بالإفراد (أبو بردة) بضم الموحدة، عامر أو الحرث (عن) أبيه (أبي موسى) عبد الله بن قيس (الأشعري رضي الله عنه أنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(إذا أدّب الرجل أَمَته) لتتخلق بالأخلاق الحسنة (فأحسن تأديبها) برفق ولطف من غير عنف (وعلّمها) ما يجب تعليمه (فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها) بعد أن أصدقها (كان له) للرجل (أجران) أجر العتق وأجر التزويج (وإذا آمن بعيسى) ابن مريم (ثم آمن بي فله أجران) أجر إيمانه بعيسى وأجر إيمانه بنبينا صلى الله عليه وسلم (والعبد) المملوك (إذا اتّقى ربه وأطاع مواليه فله أجران) أجر اتقاء ربه وأجر طاعة مواليه.
وهذا الحديث قد سبق في باب تعليم الرجل أمته من كتاب العلم وفي العتق والجهاد، ويأتي في النكاح إن شاء الله تعالى.
3447 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً» . ثُمَّ قَرَأَ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104]"فَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ يُؤْخَذُ بِرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِي ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِي! فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [المائدة: 117، 118] ".
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الفِرَبْرِيُّ: ذُكِرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَبِيصَةَ قَالَ: "هُمُ الْمُرْتَدُّونَ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ فَقَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه".
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن المغيرة بن النعمان) النخعي الكوفي (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما) أنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(تحُشرون) عند الخروج من القبور حال كونكم (حفاة) بلا خُفّ ولا نعل (عراة) بلا ثياب، وبعضكم بثيابه لحديث أبي سعيد صححه ابن حبان مرفوعًا:"إن الميتَ يُبعَثُ بثيابِه الّتي يَمُوتُ فيها". (غرلاً) غير مختونين (ثم قرأ: {كما بدأنا أول خلق نعيده}) أي نوجده بعينه بعد إعدامه مرة أخرى ({وعدًا علينا إنّا كنا فاعلين}) الإعادة والبعث. (فأول من يكسى) من الأنبياء يوم القيامة (إبراهيم) الخليل بعد حشر الناس كلهم عراة أو بعضهم كاسيًا أو بعد خروجهم من قبورهم بأثوابهم التي ماتوا فيها، ثم تتناثر عنهم عند ابتداء الحشر فيحشرون عراة، ثم يكون أول من يكسى إبراهيم. (ثم يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين) وهي جهة الجنة (وذات الشمال) جهة النار (فأقول): هؤلاء (أصحابي)! مرة واحدة (فيقال: إنهم لم) بالميم (يزالوا مرتدّين على
أعقابهم) بالكفر (منذ فارقتهم. فأقول كما قال العبد الصالح عيسى ابن مريم: {وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم}) مشاهدًا لأحوالهم من كفر وإيمان (فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) المراقب لأحوالهم (وأنت على كل شيء شهيد) مطلع عليه مراقب له (إن تعذبهم فإنهم عبادك) ولا اعتراض على المالك المطلق فيما يفعل في ملكه ({وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}) الذي لا يثيب ولا يعاقب إلا عن حكمة. وثبت: "إن تعذبهم
…
الخ" ولأبي ذرّ. وعند غيره بعد قوله: "شهيدًا" إلى قوله: "العزيز الحكيم".
(قال محمد بن يوسف الفربري) سقط لفظ "الفربري" لغير أبي ذر (ذكر) بضم الذال المعجمة مبنيًّا للمفعول (عن أبي عبد الله) محمد بن إسماعيل البخاري مما وصله الإسماعيلي (عن قبيصة) بن عقبة السوائي العامري، وهو شيخ البخاري، أنه (قال) في قوله "فيقال إنهم لم يزالوا مرتدين
…
الخ": (هم المرتدون) من الأعراب (الذين ارتدّوا) عن الإسلام (على عهد أبي بكر) الصدّيق في خلافته (فقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه) وهذا وصله الإسماعيلي. ولا ريب أن من ارتدّ سُلب اسم الصحبة لأنها نسبة شريفة إسلامية فلا يستحقّها من ارتدّ بعد أن اتّصف بها.
والحاصل أنه حمل قوله "من أصحابي" أي باعتبار ما كان قبل الردّة لأنهم ماتوا على ذلك.
49 - باب نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليهما السلام
مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ آخِرِ الزَّمَانِ. وَسَقَطَ لَفْظ "بَاب" لأَبِي ذَرّ، فـ "نزولُ" رفع.
3448 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلاً، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» . ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159].
وبه قال: (حدّثنا إسحاق) بن راهويه قال: (أخبرنا يعقوب بن إبراهيم) الزهري قال: (حدّثنا أبي) إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف (عن صالح) هو ابن كيسان (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (أن سعيد بن المسيب سمع أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(و) الله (الذي نفسي بيده) بقدرته وتصريفه. قال في فتح الباري: فيه الحلف في الخبر مبالغة في تأكيده.
(ليوشكن) بكسر المعجمة وفتح الكاف: ليقربن سريعًا (أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلاً) عند مسلم من طريق الليث عن ابن شهاب: "وحكمًا مقسطًا" أي حاكمًا عادلاً يحكم
بهذه الشريعة المحمدية ولا يحكم بشريعته التي أنزلت عليه في أوان رسالته. (فيكسر الصليب) الفاء تفصيلية لقولها "حكمًا عدلاً". (ويقتل الخنزير) أي يبطل دين النصرانية بكسر الصليب حقيقة، أو يبطل ما تزعمه النصارى من تعظيمه. واستُدل به على تحريم اقتناء الخنزير وأكله ونجاسته؛ لأن الشيء المنتفع به لا يجوز إتلافه. لكن في الطبراني الأوسط من طريق أبي صالح عن أبي هريرة:"فيكسر الصليب ويقتل الخنزير والقرد" وإسناده لا بأس به. وحينئذ فلا يصحّ الاستدلال به على نجاسة عين الخنزير لأن القرد ليس بنجس اتفاقًا. (ويضع الجزية) من أهل الكتاب لأنه لا يقبل إلا الإسلام ولعدم احتياج الناس إلى المال لما تلقيه الأرض من بركاتها كما قال: (ويفيض المال) بفتح الياء: يكثر (حتى لا يقبله أحد) وليس عيسى بناسخ لحكم الجزية بل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو المبين للنسخ بهذا، فعدم قبولها هو من هذه الشريعة لكنه مقيد بنزول عيسى.
ولأبي ذرّ عن الحموي والمستملي: "ويضع الحرب" بالحاء المهملة والراء الساكنة والموحدة بدل الجزية. (حتى تكون السجدة الواحدة خير) بالرفع. ولأبي ذرّ والأصيلي: "خيرًا" بالنصب خبر "كان". (من الدنيا وما فيها) و"حتى" الأولى متعلقة بقوله: "ويفيض المال" والثانية غاية لمفهوم قوله: "فيكسر الصليب
…
الخ" والمعنى أنهم لا يتقربون إلى الله بالتصدّق بالمال بل بالعبادة لكثرة المال إذ ذاك وعدم الانتفاع به، وإلا فمعلوم أن السجدة الواحدة دائمًا خير من الدنيا وما فيها.
(ثم يقول أبو هريرة) بالإسناد السابق، مستدلاًّ على نزول عيسى في آخر الزمان تصديقًا للحديث:(واقرؤوا إن شئتم: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به}) بعيسى (قبل موته) أي وإن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى وهم أهل الكتاب الذين يكونون في زمانه فتكون الملة واحدة وهي ملّة الإسلام. وبهذا جزم ابن عباس فيما رواه ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عنه بإسناد صحيح. وقيل: المعنى: ليس من أهل الكتاب أحد يحضره الموت إلا آمن عند المعاينة قبل خروج روحه بعيسى وأنه عبد الله وابن أَمَتِهِ، ولكن لا ينفعه الإيمان في تلك الحالة. وظاهر القرآن عمومه في كل كتابيّ يهوديّ أو نصرانيّ في زمن نزول عيسى وقبله.
فإن قلت: ما الحكمة في نزول عيسى دون غيره من الأنبياء؟ أجيب: للردّ على اليهود حيث زعموا أنهم قتلوه فبيّن الله تعالى كذبهم وأنه الذي يقتلهم. ({ويوم القيامة يكون عليهم شهيدًا}) أنه قد بلغهم رسالة ربه ومقرًّا بالعبودية على نفسه، وكل نبيّ شاهد على أمته.
3449 -
حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ» . تَابَعَهُ عُقَيْلٌ وَالأَوْزَاعِيُّ.
وبه قال: (حدّثنا ابن بكير) بضم الموحدة مصغرًا؛ هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي البصري، قال:(حدّثنا الليث) بن سعد إمام المصريين الفهمي (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن نافع) أبي محمد بن عباس بالموحدة (مولى أبي قتادة الأنصاري) للملازمة
له، وإلاّ فهو مولى امرأة من غفار. (إن أبا هريرة) رضي الله عنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم) في الصلاة (منكم) كما في مسلم: "أنه يقال
له: صَلِّ لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة لهذه الأمة". قال ابن الجوزي: لو تقدم عيسى إمامًا لوقع في النفس إشكال ولقيل: أتراه نائبًا أو مبتدئًا شرعًا؟ فصلّى مأمومًا لئلا يتدنس بغبار الشبهة وجه قوله: "لا نبيّ بعدي". وقال الطيبي: معنى الحديث أن يؤمكم عيسى حال كونكم في دينكم. وصحح المولى سعد الدين التفتازاني أنه يؤمهم ويقتدي به المهدي لأنه أفضل، فإمامته أولى. وهذا يعكر عليه حديث مسلم السابق. وقال الحافظ أبو ذرّ الهروي: حدّثنا الجوزقي عن بعض المتقدمين أن معناه أنه يحكم بالقرآن لا بالإنجيل. وهذا الحديث أخرجه مسلم في الإيمان.