الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنه (قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين) أي جاسوس وهو صاحب سر الشر وسمي عينًا لأن جلّ عمله بعينه (من المشركين) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه (وهو في سفر) وعند مسلم أن ذلك كان في غزوة هوازن (فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل) أي انصرف (فقال النبي صلى الله عليه وسلم):
(اطلبوه واقتلوه)(فقتله) سلمة بن الأكوع (فنفله) بتشديد الفاء أي أعطاه عليه الصلاة والسلام (سلبه) نافلة زائدة على ما يستحقه بالغنيمة بفتح المهملة واللام والموحدة وهو الشيء المسلوب سمي به لأنه يسلب عن المقتول، والمراد به ثياب القتيل والخف وآلات الحرب والسرج واللجام والسوار والمنطقة والخاتم والقصعة معه ونحو ذلك مما هو مبسوط في الفقه، وهذا السلب الذي أعطيه من مقتوله جمل احمد عليه رحله وسلاحه كما وقع مبنيًّا في مسلم، وكان القياس أن يقول فقتلته فنفلني لكنه في التفات من ضمير المتكلم إلى الغيبة، نعم في رواية أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر فقتلته بضمير المتكلم على الأصل وعند مسلم فقال: من قتل الرجل؟ قالوا: ابن الأكوع قال له سلبه أجمع.
وفي الحديث قتل الجاسوس الحربي الكافر باتفاق وأما المعاهد والذمي فقال مالك: ينتقض عهده بذلك؟ وعند الشافعية خلاف أما لو شرط عليه ذلك في عهده فينتقض اتفاقًا.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود في الجهاد والنسائي في السير.
174 - باب يُقَاتَلُ عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا يُسْتَرَقُّونَ
هذا (باب) بالتنوين (يقاتل) بفتح رابعه (عن أهل الذمة) لأنهم بذلوا الجزية على أن يأمنوا في
أنفسهم وأموالهم وأهليهم فيقاتل عنهم كما يقاتل عن المسلمين (ولا يسترقون) بضم أوله والقاف المشددة مبنيًّا للمفعول ولو نقضوا العهد خلافًا لابن القاسم.
3052 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: "وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُوَفَّى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلَا يُكَلَّفُوا إِلَاّ طَاقَتَهُمْ".
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري (عن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن السلمي الكوفي (عن عمرو بن ميمون) بفتح العين الأودي (عن عمر) بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه (قال): بعد أن طعنه أبو لؤلؤة الطعنة التي مات بها (وأوصيه) يعني الخليفة بعده (بذمة الله وذمة رسوله) أي بعهد الله وعهد رسوله (صلى الله عليه وسلم) ومراده أهل الكتاب (أن يُوفى لهم بعهدهم) بضم أول يوفى وفتح ثالثه، وفي نسخة: أن يوفي بكسر ثالثه والذي في الفرع يوفى بسكون الواو وفتح الفاء مخففًا (وأن يقاتل) بضم أوله وفتح الفوقية (من ورائهم) أي من بين أيديهم فيدفع الكافر الحربي عنهم وقد سبق استعمال وراء بمعنى أمام (ولا يكلفوا) بضم أوله وفتح اللام المشددة في إعطاء الجزية (إلاّ طاقتهم) فلا يزاد عليهم على مقدارها.
وسبق هذا الحديث بأطول من هذا في آخر الجنائز، ويأتي إن شاء الله تعالى في المناقب.
175 - باب جَوَائِزِ الْوَفْدِ
(باب جوائز الوفد) جمع جائزة وهي العطية والوفد الجماعة يردون.
176 - باب هَلْ يُسْتَشْفَعُ إِلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ؟ وَمُعَامَلَتِهِمْ
هذا (باب) بالتنوين (هل يستشفع) بضم أوله وفتح الفاء (إلى أهل الذمة ومعاملتهم) بالجر عطفًا على الجملة المضاف إليها لفظ الباب، ووقع في رواية ابن شبويه عن الفربري وهو عند الإسماعيلي تأخير باب جوائز الوفد عن باب: هل يستشفع وهو أوجه لأن ما ساقه من الحديث مطابق لترجمة جوائز الوفد لأنه قال فيه وأجيزوا الوفد وكأنه كتب باب جوائز الوفد ثم بيض له ليسوق فيه حديثًا يليق به فلم يقع له ذلك، وأسقط النسفيّ هذه الترجمة أصلاً واقتصر على ترجمة هل يستشفع.
3053 -
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: "يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ. ثُمَّ بَكَى حَتَّى خَضَبَ دَمْعُهُ
الْحَصْبَاءَ فَقَالَ: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَقَالَ: ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا. فَتَنَازَعُوا، وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ. فَقَالُوا: هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: دَعُونِي، فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِي إِلَيْهِ. وَأَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ، وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ". وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ: سَأَلْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَقَالَ: مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَالْيَمَنُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: وَالْعَرْجُ أَوَّلُ تِهَامَةَ.
وبه قال: (حدّثنا قبيصة) بن عقبة قال: (حدّثنا ابن عيينة) سفيان ولم يقع لقبيصة في هذا الكتاب رواية عن ابن عيينة إلا هذه وروايته فيه عن سفيان الثوري كثيرة جدًّا، وحكى الجياني عن رواية ابن السكن عن الفربري في هذا قتيبة بدل قبيصة، وقد أخرجه المؤلّف في المغازي عن قتيبة ومسلم في الوصايا عن سعيد بن منصور وقتيبة وابن أبي شيبة والناقد عن ابن عيينة (عن سليمان) بضم أوله وفتح ثانيه (الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: يوم الخميس). قال الكرماني: خبر المبتدأ
المحذوف أو بالعكس نحو يوم الخميس يوم الخميس نحو: أنا أنا والغرض منه تفخيم أمره في الشدة والمكروه وهو امتناع الكتاب فيما يعتقده ابن عباس (وما يوم الخميس)؟ أي أيّ يوم هو تعجب منه لما وقع فيه من وجعه صلى الله عليه وسلم (ثم بكى حتى خضب) بفتح الخاء والضاد المعجمتين والموحدة أي رطب وبلل (دمعه الحصباء. فقال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه) الذي توفي فيه (يوم الخميس فقال):
(ائتوني بكتاب) أي ائتوني بأدوات كتاب كالقلم والدواة أو أراد بالكتاب ما من شأنه أن يكتب فيه نحو الكاغد والكتف (اكتب لكم) بجزم أكتب جوابًا للأمر ويجوز الرفع على الاستئناف وهو من باب المجاز أي آمر أن يكتب لكم (كتابًا لن تضلوا بعده أبدًا فتنازعوا) في باب كتابة العلم من كتابه قال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط (ولا ينبغي عند نبي) من الأنبياء (تنازع) في كتاب العلم قال أي النبي صلى الله عليه وسلم: قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع ففيه التصريح بأنه من قوله صلى الله عليه وسلم لا من قول ابن عباس، والظاهر أن هذا الكتاب الذي أراده إنما هو في النص على خلافة أبي بكر، لكنهم لما تنازعوا واشتدّ مرضه صلى الله عليه وسلم عدل عن ذلك معوّلاً على ما أصله من استخلافه في الصلاة.
وعند مسلم عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ادعي لي أبا بكر وأخاك أكتب كتابًا فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقول قائل: أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر".
وعند البزار من حديثها لما اشتد وجعه عليه الصلاة والسلام قال: "ائتوني بدواة وكتف أو قرطاس أكتب لأبي بكر كتابًا لا يختلف الناس عليه" ثم قال: "معاذ الله أن يختلف الناس على أبي
بكر" فهذا نص صريح فيما ذكرناه وأنه صلى الله عليه وسلم إنما ترك كتابًا معوّلاً على أنه لا يقع إلا كذلك وهذا يبطل قول من قال: إنه كتاب بزيادة أحكام وتعليم وخشي عمر عجز الناس عن ذلك.
(فقالوا: هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم) بفتح الهاء والجيم من غير همز في أوله بلفظ الماضي، وقد ظن ابن بطال أنها بمعنى اختلط، وابن التين أنها بمعنى هذى وهذا غير لائق بقدره الرفيع إذ يقال إن كلامه غير مضبوط في حالة من الحالات بل كل ما يتكلم به حق صحيح لا خلف فيه ولا غلط سواء كان في صحة أو مرض أو نوم أو يقظة أو رضًا أو غضب. ويحتمل أن يكون المراد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هجركم من الهجر الذي هو ضد الوصل لما قد ورد عليه من الواردات الإلهية، ولذا قال في الرفيق الأعلى. وقال النووي: وإن صح بدون الهمزة فهو لما أصابه الحيرة والدهشة لعظيم ما شاهده من هذه الحالة الدالة على وفاته وعظم المصيبة أجرى الهجر مجرى شدة الوجع. قال الكرماني: فهو مجاز لأن الهذيان الذي للمريض مستلزم لشدة وجعه فأطلق الملزوم وأراد اللازم، وللمستملي والحموي: أهجر بهمزة الاستفهام الإنكاري أي أهذى إنكارًا على من قال: لا تكتبوا أي لا تجعلوه كأمر من هذى في كلامه أو على من ظنه بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت لشدة المرض عليه.
(قال) عليه الصلاة والسلام: (دعوني) أي اتركوني (فالذي أنا فيه) من المراقبة والتأهب للقاء الله والتفكّر في ذلك (خير مما تدعوني إليه) من الكتابة ونحوها (وأوصى) عليه الصلاة والسلام (عند موته بثلاث) فقال: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) وفي ما بين عدن إلى ريف العراق طولاً ومن جدة إلى أطراف الشام عرضًا قاله الأصمعي فيما رواه عنه أبو عبيد، وقال الخليل: سميت جزيرة العرب لأن بحر فارس وبحر الحبش والعراق ودجلة أحاطت بها وهي أرض العرب ومعدنها ولم يتفرغ أبو بكر رضي الله عنه لذلك فأجلاهم عمر رضي الله عنه، وقيل إنهم كانوا أربعين ألفًا ولم ينقل عن أحد من الخلفاء أنه أجلاهم من اليمن مع أنها من جزيرة العرب. (وأجيزوا الوفد بنحو ما) ولأبي الوقت بنحو مما (كنت أجيزهم) قال ابن المنير: والذي بقي من هذا الرسم ضيافات الرسل