الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونقدم عِنْد التلازم تلازم الْحَسَنَات والسيئات مَا ترجح مِنْهَا فَإِن غَالب رُؤُوس الْمُتَأَخِّرين وغالب الامة من الْمُلُوك والامراء والمتكلمين وَالْعُلَمَاء والعباد واهل الاموال يَقع غَالِبا فيهم ذَلِك
واما الماشون على طَريقَة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين فليسوا اكثر الْأمة وَلَكِن على هَؤُلَاءِ الماشين على طَريقَة الْخُلَفَاء ان يعاملوا النَّاس بِمَا امْر الله بِهِ وَرَسُوله من الْعدْل بَينهم واعطاء كل ذِي حق حَقه واقامة الْحُدُود بِحَسب الامكان اذ الْوَاجِب هُوَ الامر بِالْمَعْرُوفِ وَفعله وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَتَركه بِحَسب الامكان فَإِذا عجز اتِّبَاع الْخُلَفَاء الرَّاشِدين عَن ذَلِك قدمُوا خير الخيرين حصولا وَشر الشرين دفعا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
فصل قَالَ الله تَعَالَى لما اهبط آدم وَمن مَعَه الى الارض
قُلْنَا اهبطا مِنْهَا جَمِيعًا فَأَما يَأْتينكُمْ مني هدى فَمن تبع هُدَايَ فَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا فِيهَا يَحْزَنُونَ وَالَّذين كفرُوا وكذبوا بِآيَاتِنَا اولئك اصحاب النَّار هم فِيهِ خَالدُونَ سُورَة الْبَقَرَة 38 39
وَقَالَ تَعَالَى فاما يَأْتينكُمْ مني هدى فَمن اتبع هُدَايَ فَلَا يضل وَلَا يشقى وَمن اعْرِض عَن ذكري فان لَهُ معيشة ضنكا ونحشره يَوْم الْقِيَامَة اعمى قَالَ رب لم حشرتني اعمى وَقد كنت
بَصيرًا قَالَ كَذَلِك اتتك آيَاتنَا فسيتها وَكَذَلِكَ الْيَوْم تنسى سُورَة طه 123 126
وَقَالَ قَالَ اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عَدو وَلكم فِي الارض مُسْتَقر ومتاع الى حِين قَالَ فِيهَا تحيون وفيهَا تموتون وَمِنْهَا تخرجُونَ يَا بني آدم قد انزلنا عَلَيْكُم لباسا يواري سؤاتكم وريشسا ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير ذَلِك من ايات الله لَعَلَّهُم يذكرُونَ يَا بني آدم لَا يفتننكم الشَّيْطَان كَمَا اخْرُج ابويكم من الْجنَّة ينْزع عَنْهُمَا لباسهما ليريهما سوءاتهما انه يراكم هُوَ وقبيله من حَيْثُ لَا ترونهم انا جعلنَا الشَّيَاطِين اولياء للَّذين لَا يُؤمنُونَ سُورَة الاعراف 24 27
فَأخْبر سُبْحَانَهُ بنعمته على بني آدم بِمَا انزله من اللبَاس الَّذِي يواري سواءتهم وَمن الريش وانزاله لَهُ كَمَا قَالَ وانزلنا الْحَدِيد سُورَة الْحَدِيد 25 {وَأنزل لكم من الْأَنْعَام} سُورَة الزمر 6
وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا انْزِلْ الله دَاء الا انْزِلْ لَهُ شِفَاء
وَاخْبَرْ سُبْحَانَهُ ان لِبَاس التَّقْوَى خير من هَذَا اللبَاس كَمَا قَالَ لما امرهم بالزاد فَقَالَ {وتزودوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى} سُورَة الْبَقَرَة 197 فهما لباسان وزادان
ثمَّ قَالَ يابني آدم لَا يفتننكم الشَّيْطَان كَمَا اخْرُج ابويكم من الْجنَّة ينْزع عَنْهُمَا لباسهما ليريهما من سوءاتهما سُورَة الاعراف 27 فَنهى بنى آدم أَن يفتتنوا بفتنة الشَّيْطَان كَمَا فتن أبويهما وَذَلِكَ بِمَعْصِيَة الله وَطَاعَة الشَّيْطَان فِي خلاف أَمر الله وَنَهْيه وَأَنه لما نزع عَن الْأَبَوَيْنِ لبأسهم فَكَذَلِك قد ينْزع عَن الذُّرِّيَّة لِبَاس التَّقْوَى ولباس الْبدن ليريها سوءاتهما
قَالَ تَعَالَى أَنه يراكم هُوَ وقبيلة من حَيْثُ لَا يرونهم إِنَّا جعلنَا الشَّيْطَان أَوْلِيَاء للَّذين لَا يُؤمنُونَ سُورَة الْأَعْرَاف 27 فَأخْبر
ان الشَّيَاطِين اولياء للَّذين لَا يُؤمنُونَ بهدى الله الَّذِي بعث بِهِ رسله
كَمَا قَالَ وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن نقيض لَهُ شَيْطَانا فَهُوَ لَهُ قرين وانهم ليصدونهم عَن السَّبِيل وَيَحْسبُونَ انهم مهتدون حَتَّى اذا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْت بيني وَبَيْنك بعد المشرقين فبئس القرين سُورَة الزخرف 36 38
وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّيْطَان فبعزتك لاغوينهم اجمعين الا عِبَادك مِنْهُم المخلصين سُورَة ص 82 83 قَالَ هَذَا صِرَاط على مُسْتَقِيم ان عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان الا من اتبعك من الغاوين سُورَة الْحجر 41 42 وَقَالَ انه لَيْسَ لَهُ سُلْطَان على الَّذين امنوا على رَبهم يَتَوَكَّلُونَ انما سُلْطَانه على الَّذين يتولونه وَالَّذين هم بِهِ مشركون سُورَة النَّحْل 99 100
وَقَالَ {وَإِن الشَّيَاطِين ليوحون إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ ليجادلوكم وَإِن أطعتموهم إِنَّكُم لمشركون} سُورَة الانعام 121
ثمَّ اخبر عَن اولياء الشَّيْطَان الَّذين لَا يُؤمنُونَ فَقَالَ {وَإِذا فعلوا فَاحِشَة قَالُوا وجدنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَالله أمرنَا بهَا قل إِن الله لَا يَأْمر بالفحشاء أتقولون على الله مَا لَا تعلمُونَ} سُورَة
الاعراف 28 فَقَوْلهم وَالله امرنا بهَا يَقْتَضِي انهم متدينون بهَا يرونها عبَادَة وَطَاعَة كَمَا كَانَ مشركو الْعَرَب يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة وَيَقُولُونَ لَا نطوف فِي الثِّيَاب الَّتِي عصينا الله فِيهَا إِلَّا الحمس قُرَيْش وحلفاؤها فَكَانُوا يطوفون فِي ثِيَابهمْ وَكَانَ غَيرهم قد يطوف فِي ثِيَاب احمسى ان حصل لَهُ ذَلِك والا طَاف عُريَانا حَتَّى كَانَت الْمَرْأَة تَطوف عُرْيَانَة وَرُبمَا سترت فرجهَا بِيَدِهَا وَتقول
…
الْيَوْم يَبْدُو بعضه اَوْ كُله
…
وَمَا بدا مِنْهُ فَلَا احله
…
وَكَانَ من طَاف فِي ثِيَابه من الحمس القاها فسميت لقى وَحرمت عَلَيْهِ
وَكَانُوا ايضا فِي الاحرام لَا يَأْكُلُون من الدّهن الَّذِي فِي الانعام وَلِهَذَا لما فتح النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَكَّة وغزا تَبُوك
انْزِلْ الله بَرَاءَة وامره الله بِالْبَرَاءَةِ الى اهل الْعَهْد الْمُطلق من الشّرك وبسيرهم فِي الارض اربعة اشهر
وَقَالَ {فَإِذا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} سُورَة التَّوْبَة 5 فَبعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم ابا بكر الصّديق اميرا على الْحَاج وامره ان يُنَادي ان لَا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف عُرْيَان فَكَانُوا يصرخون بهَا من الْمَوْسِم كَمَا ثَبت ذَلِك فِي الصَّحِيح وَغَيره فِي حَدِيث ابي هُرَيْرَة وَغَيره وَهُوَ من الْمُتَوَاتر واردفه النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعلي بن ابي طَالب ان لَا ينْبذ للمعاهدين عهودهم لِأَن عَادَتهم كَانَت ان لَا يقبلُوا بنبذ الْعَهْد وحله الا من الْكَبِير اَوْ بعض اهل بَيته فأخرهم النَّبِي صلى الله عليه وسلم اذ ذَاك على عَادَتهم ليقبلوا ذَلِك وَكَانَ ابو بكر هُوَ الامام الَّذِي يُقيم للنَّاس مناسكهم وَيُصلي بهم وَيحكم فيهم وعَلى مَعَه ليبلغ رِسَالَة الْبَرَاءَة الى اهل العهود
فَكَانَ اولياء الشَّيْطَان اذا فعلوا هَذِه الْفَاحِشَة وَهِي ابداء السوءات فِي الطّواف يحتجون بشيئين يَقُولُونَ {وجدنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا} وَهَذَا هُوَ الرُّجُوع الى الْعَادة والاتباع والتقليد للأسلاف وَيَقُولُونَ {وَالله أمرنَا بهَا} وَهَذَا قَول بِغَيْر علم
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى قل ان الله لَا يَأْمر بالفحشاء سُورَة الاعراف 28 فان الْفَحْشَاء قبيحة مُنكرَة تنكرهَا الْقُلُوب بفطرتها وَالله لَا يَأْمر بمنكر وَهَذَا يَقْتَضِي ان الافعال القبيحة السَّيئَة تكون على صِفَات تمنع مَعهَا ان الله يَأْمر بهَا وَفِي هَذَا نزاع مَعْرُوف بَين النَّاس بَيناهُ فِي غير هَذَا الْموضع
ثمَّ قَالَ {أتقولون على الله مَا لَا تعلمُونَ} سُورَة الاعراف 28 أَي اتقولون انه امْر بِهَذَا وانتم لَا تعلمُونَ انه امْر بِهِ اذ لَيْسَ مَعكُمْ الا عَادَة ابائكم ودينكم وانتم لَا تعلمُونَ ان الله انْزِلْ بِهَذَا سُلْطَانا
فَهَذِهِ الاية يدْخل فِيهَا كل من تعبد بِفَاحِشَة وامر مُنكر وان احْتج بِالْعَادَةِ الَّتِي لسلفه اَوْ زعم ان الله يَأْمر بذلك اَوْ لما يذكرهُ من الاسباب كَقَوْل مُشْركي الْعَرَب هَذِه الثِّيَاب عصينا الله فِيهَا فَلَا نطوف لَهُ فِيهَا يُرِيدُونَ وَقت الْعِبَادَة ان يجتنبوا ثِيَاب الْمعْصِيَة
وَكَذَلِكَ تقسيمهم النَّاس الى قسمَيْنِ حمس وَغير حمس
واباحتهم للحمس مَا يحرم على غَيرهم من الطّواف فِي الثِّيَاب وَمن الطَّعَام وَعدم دُخُول الْبيُوت المنقوبة فِي الاحرام من ابوابها واسقاطهم عَن الحمس الافاضة من عَرَفَة بالافاضة من مُزْدَلِفَة
فَمن هَذَا الْبَاب مَا يَدعِي قوم من اشراف بني هَاشم وَمن يَزْعمُونَ انهم مِنْهُم لموافقتهم لَهُم على رَأْي كالتشيع وَغَيره انهم مختصون بِهِ فِي الْعِبَادَات والمحظورات فَهَذَا نَظِير مَا كَانَت الحمس تدعيه
وَمن هَذَا الْبَاب مَا يَفْعَله قوم من المتزهدة من كشف سوءاتهم فِي سماعاتهم وحماماتهم اَوْ غير ذَلِك وَيَقُولُونَ هَذَا طريقنا وَهَذَا فِي طريقنا فَهَذَا مثل قَوْلهم {وجدنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَالله أمرنَا بهَا}
وابلغ من ذَلِك تعبد طوائف من المتزهدة والمتعبدة بمعاشرة الاحداث المردان وَالنِّسَاء الاجانب وَالنَّظَر اليهم وَالْخلْوَة بهم والمحبة والهوى فيهم وَبِمَا قد يكون وَقد لَا يكون وَرَاء ذَلِك من الْفَاحِشَة الْكُبْرَى
وَهَذَا ابتدأه الْمُشْركُونَ من الصابئة وَغير الصابئة الَّذين هم اولياء الشَّيَاطِين الَّذين هم مشركون كَمَا ذكر ابْن سينا فِي إشاراته وَزعم انه مِمَّا يعين على السلوك والتأله الْعِشْق الْعَفِيف واستماع الاصوات الملحنة كَمَا ذكر ايضا الشّرك بِعبَادة الصُّور وَيذكر هُوَ وطائفته عبَادَة الْكَوَاكِب
وَهَذَا فِي النَّصَارَى ايضا مِنْهُ جَانب قوي وهم ايضا قد ابتدعوا شركا لم ينزل الله بِهِ سُلْطَانا كَمَا قَالَ تَعَالَى اتَّخذُوا احبارهم
{وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله والمسيح ابْن مَرْيَم وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَه إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يشركُونَ} سُورَة التَّوْبَة 31
وَلِهَذَا كثر هَذَا فِي طوائف الزهاد والعباد من هَذِه الامة من المبتدعة الخارجين عَن الشَّرِيعَة ورسالة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم من هَذَا الْوَجْه وان كَانُوا من وَجه اخر داخلين فِيهَا
فَهَذَا شَأْن الطرائق المبتدعة كلهَا يجْتَمع فِيهَا الْحق وَالْبَاطِل وَمن الْمَعْلُوم ان هَذَا الَّذِي يَفْعَلُونَهُ من الْفَوَاحِش الظَّاهِرَة اَوْ الْبَاطِنَة
وَقد قَالَ تَعَالَى قَالَ انما حرم رَبِّي الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن والاثم وَالْبَغي بِغَيْر الْحق وان تُشْرِكُوا بِاللَّه مَا لم ينزل بِهِ سُلْطَانا وان تَقولُوا على الله مَا لَا تعلمُونَ سُورَة الاعراف 33
وَقَالَ تَعَالَى {وذروا ظَاهر الْإِثْم وباطنه} سُورَة الانعام 120
وَقد قَالَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس ابي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم انه قَالَ العينان تزنيان وزناهما النّظر الاذنان تزنيان وزناهما السّمع وَاللِّسَان يَزْنِي وزناه النُّطْق وَالْقلب يتَمَنَّى ذَلِك ويشتهي والفرج يصدق ذَلِك ويكذبه
فَمَا كَانَ من السّمع وَالْبَصَر وَاللِّسَان فِي هَذَا الْبَاب فهومن زِنَاهُ وَالزِّنَا من الْفَوَاحِش وَالله لَا يَأْمر بالفحشاء فَالله تَعَالَى لَا يَأْمر ان يعبده ويتقرب اليه بِالْعشرَةِ للمردان الصَّباح وَالنَّظَر اليهم والاصغاء الى كَلَامهم وَنَحْو ذَلِك اتقولون على الله مَالا تعلمُونَ سُورَة الاعراف 28
بل قد حرم الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وان اتي هَذِه الْفَوَاحِش مُعْتَقدًا تَحْرِيمهَا فَهُوَ من الْمُسلمين الَّذين قَالَ فيهم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيث ابي ذَر من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة وان زنا وان سرق
فَإِن الْمُسلم الَّذِي يَأْتِي بِفَاحِشَة اما ان يَتُوب الى الله ويستغفره فَيدْخل فِي قَوْله وَالَّذين اذا فعلوا فَاحِشَة اَوْ ظلمُوا انفسهم ذكرُوا الله فاستغفروا لذنوبهم وَمن يغْفر الذُّنُوب الا الله وَلم يصروا على مَا فعلوا وهم يعلمُونَ اولئك جزاؤهم مغْفرَة من
{رَبهم وجنات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَنعم أجر العاملين} سُورَة ال عمرَان 135 136 وَقَالَ تَعَالَى {وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما} سُورَة النِّسَاء 110
وَقَالَ تَعَالَى {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} سُورَة هود 114
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ان رجلا اصاب من امْرَأَة قبله فَأتى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَأنْزل عَلَيْهِ {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} الاية سُورَة هود 114 قَالَ الرجل الى هَذِه الاية قَالَ لمن عمل بهَا من امتي
وَقد قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين يجتنبون كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش وَإِذا مَا غضبوا هم يغفرون} سُورَة الشورى 37
وَقَالَ {الَّذين يجتنبون كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش إِلَّا اللمم إِن رَبك وَاسع الْمَغْفِرَة} سُورَة نجم 32 قَالَ ابْن عَبَّاس مَا رَأَيْت شَيْئا اشبه باللمم مِمَّا قَالَ ابو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ان الْعَينَيْنِ تزنيان وزناهما النّظر وَذكر الحَدِيث
وَالْمُسلم اذا اتى الْفَاحِشَة لَا يكفر وان كَانَ كَمَال الايمان الْوَاجِب قد زَالَ عَنهُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم انه قَالَ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا
وَهُوَ مُؤمن وَلَا ينتهب نهبة ذَات شرف يرفع النَّاس اليه فِيهَا ابصارهم وَهُوَ مُؤمن
فَأصل الايمان مَعَه وَهُوَ قد يعود الى الْمعْصِيَة وَلكنه يكون مُؤمنا اذا فَارق الدُّنْيَا كَمَا فِي الصَّحِيح عَن عمر ان رجلا كَانَ يَدعِي حمارا وَكَانَ يشرب الْخمر وَكَانَ كلما اتي بِهِ الى النَّبِي صلى الله عليه وسلم امْر بجلده فَقَالَ رجل لَعنه الله مَا اكثر مَا يُؤْتى بِهِ الى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا تلعنه فَإِنَّهُ يحب الله وَرَسُوله فَشهد لَهُ بِأَنَّهُ يحب الله وَرَسُوله وَنهى عَن لعنته كَمَا تقدم فِي الحَدِيث الاخر الصَّحِيح وان زنا وان سرق
وَذَلِكَ ان مَعَه اصل الِاعْتِقَاد ان الله حرم ذَلِك وَمَعَهُ خشيه عِقَاب الله ورجاء رَحْمَة الله وايمانه بِأَن الله يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بِهِ فَيغْفر الله لَهُ بِهِ
كَمَا فِي الصَّحِيح عَن ابي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ اذنب عبد ذَنبا فَقَالَ أَي رب اني اذنبت ذَنبا فَاغْفِر لي فَقَالَ ربه علم عَبدِي ان لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بِهِ قد غفرت لعبدي ثمَّ اذنب ذَنبا اخر فَقَالَ أَي رب اذنبت ذَنبا فاغفره لي فَقَالَ ربه علم عبدى أَن لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بِهِ قد غفرت لعبدى ثمَّ أذْنب ذَنبا آخر فَقَالَ أَي رب قد اذنبت ذَنبا فاغفره لي فَقَالَ علم عَبدِي ان لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بِهِ قد غفرت لعبدي فَلْيفْعَل مَا شَاءَ
وَكَذَلِكَ فِي الصِّحَاح من غير وَجه حَدِيث الَّذِي لم يعْمل خيرا قطّ وَقَالَ لأَهله اذا انا مت فاحرقوني ثمَّ اسحقوني ثمَّ ذروني فِي يَوْم ريح الحَدِيث فَقَالَ الله لَهُ مَا حملك على مَا فعلت قَالَ خشيتك يَا رب فغفر الله لَهُ بِتِلْكَ الخشية
وَكَذَلِكَ من افضل اعمال الْمُؤمن التَّوْبَة كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم للغامريه الَّتِي اقرت بِالزِّنَا حَتَّى رَجمهَا لقد
تابت تَوْبَة لَو تابها مكس لغفر لَهُ وَهل وجدت تَوْبَة افضل من ان جَادَتْ بِنَفسِهَا لله
وَحَدِيث صَلَاة التَّوْبَة مَحْفُوظ فِي السّنَن عَن عَليّ عَن ابي بكر الصّديق عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم انه قَالَ مَا من مُسلم يُذنب ذَنبا فيتوضأ وَيحسن الْوضُوء ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ويستغفر الله الا غفر لَهُ وَقَرَأَ هَذِه الاية وَالَّذين اذا فعلوا فَاحِشَة اَوْ ظلمُوا انفسهم ذكرُوا الله سُورَة آل عمرَان 135
وَهَذَا بَاب وَاسع فان الذُّنُوب الَّتِي يبتلى بهَا الْعباد يسْقط عَنْهُم
عَذَابهَا اما بتوبة تجب مَا قبلهَا واما باستغفار واما بحسنات يذْهبن السَّيِّئَات واما بِدُعَاء الْمُسلمين وشفاعتهم اَوْ بِمَا يَفْعَلُونَهُ لَهُ من الْبر واما بشفاعة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَغَيره فِيهِ يَوْم الْقِيَامَة واما ان يكفر الله خطاياه بِمَا يُصِيبهُ من المصائب فقد تَوَاتر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ان مَا يُصِيب الْمُسلم من اذى شَوْكَة فَمَا فَوْقهَا الا حط الله بهَا خطاياه كَمَا تحط الشَّجَرَة الْيَابِسَة وَرقهَا
واصناف الْحَسَنَات الَّتِي تكفر بهَا السَّيِّئَات كَثِيرَة اكثر من السَّيِّئَات من انواع الْبر جَمِيعهَا كَمَا جَاءَ ذَلِك فِي الاحاديث النَّبَوِيَّة الْمُطَابقَة لكتاب الله تَعَالَى
واهل السّنة وَالْجَمَاعَة متفقون على انه لَا يكفر الْمُسلم بِمُجَرَّد
الذَّنب كَمَا يَقُوله الْخَوَارِج وَلَا انه يخرج من الايمان بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا يَقُوله الْمُعْتَزلَة لَكِن ينقص الايمان وَيمْنَع كَمَاله الْوَاجِب وان كَانَت المرجئة تزْعم ان الايمان لَا ينقص ايضا فمذهب اهل السّنة المتبعون للسلف الصَّالح ان الايمان يزِيد بِالطَّاعَةِ وَينْقص بالمعصية
فَأَما استحلال مَا حرم الله وَرَسُوله من الْفَوَاحِش وَغَيرهَا فَهُوَ كفر وبمثله اهلك الله قوم لوط الَّذين استحلوا الْفَاحِشَة وفعلوها معلنين بهَا مستحلين لَهَا قَالَ تَعَالَى فَلَمَّا جَاءَ امرنا جعلنَا عاليها سافلها وامطرنا عَلَيْهَا حِجَارَة من سجيل منضود مسومة عِنْد رَبك وَمَا هِيَ من الظَّالِمين بِبَعِيد سوة هود 82 83
وَقد روى عَن قَتَادَة من الظَّالِمين من هَذِه الامة وَقد روى انه يكون فِيهَا خسف وَقذف ومسخ
وَقد شرع الله سُبْحَانَهُ فِي شَرِيعَة اهل التَّوْرَاة وَشَرِيعَة اهل الْقُرْآن رجم الزَّانِي الْمُحصن بِالْحِجَارَةِ كَمَا رجم الله اهل الْفَاحِشَة واما اهل الْفَاحِشَة واللوطية فيرجمان سَوَاء كَانَا بكرين اَوْ ثيبين عِنْد جُمْهُور الْعلمَاء كَمَا رجم الله قوم لوط وَلَيْسَ فِي الذُّنُوب مَا يُعَاقب اهله بِالرَّجمِ الا اهل هَذِه الْفَاحِشَة
وَقد رجم النَّبِي صلى الله عليه وسلم غير وَاحِد رجم الْيَهُودِيين ورجم مَا عز بن مَالك ورجم الغامدية ورجم اخر وَكَذَلِكَ رجم خلفاؤه الراشدون ايضا
وَكَذَلِكَ مَا يُعَاقب الله بِهِ اهل ذَلِك كَمَا روى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه تَعْلِيقا مَجْزُومًا بِهِ وَهُوَ دَاخل فِي الصَّحِيح الَّذِي شَرطه عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم الاشعري انه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول لَيَكُونن من امتي اقوام يسْتَحلُّونَ الْحر وَالْحَرِير وَالْخمر وَالْمَعَازِف ولينزلن اقوام الى جنب علم يروح عَلَيْهَا بسارحة لَهُم يَأْتِيهم لحاجتهم فَيَقُولُونَ ارْجع الينا غَدا فيبيتهم الله
وَيَضَع الْعلم ويمسخ اخرين قردة وَخَنَازِير الى يَوْم الْقِيَامَة
فالعقوبة بِمَا عوقبت بِهِ الامم الْمُتَقَدّمَة من قذف ومسخ وَخسف انما يكون لمن شاركهم فاستحل مَا حرمه الله وَرَسُوله كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيَكُونن من امتي اقوام يسْتَحلُّونَ ثمَّ قد يسْتَحل بَعضهم بعض انواع الْخمر بِتَأْوِيل كَمَا اسْتحلَّ ذَلِك اهل الْكُوفَة كَمَا روى فِي الحَدِيث لَيَكُونن من امتي اقوام يسْتَحلُّونَ الْخمر يسمونها باسم غير اسْمهَا
فالاستحلال الَّذِي يكون من موارد الِاجْتِهَاد وَقد أَخطَأ المستحل فِي تَأْوِيله مَعَ ايمانه وحسناته هُوَ مِمَّا غفره الله لهَذِهِ الامة من الْخَطَأ فِي قَوْله رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا ان نَسِينَا اَوْ اخطأنا سُورَة الْبَقَرَة 286 كَمَا اسْتحلَّ بَعضهم بعض انواع الرِّبَا واستحل بَعضهم نوعا من الْفَاحِشَة وَهُوَ اتيان النِّسَاء فِي حشوشهن واستحل بَعضهم بعض انواع الْخمر واستحل بَعضهم اسْتِمَاع المعازف واستحل بَعضهم من دِمَاء بعض بالتأويل مَا اسْتحلَّ
فَهَذِهِ الْمَوَاضِع الَّتِي تقع من اهل الايمان وَالصَّلَاح تكون سيئات مكفرة اَوْ مغفورة اَوْ خطأ مغفورا وَمَعَ هَذَا فَيجب بَيَان مَا دلّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة من الْهَدْي وَدين الْحق والامر بذلك وَالنَّهْي عَن خلَافَة بِحَسب الامكان
ثمَّ هَذِه الامور الَّتِي كَانَت من اولئك تكْثر وتتغلظ فِي قوم اخرين بعدهمْ حَتَّى تَنْتَهِي بهم الى استحلال محارم الله وَالْخُرُوج عَن دين الله واذا تغلظت هَذِه الامور عاقب الله اصحابها بِمَا يَشَاء
وَقد كَانَ بعض الصَّحَابَة ظن ان الْخمر حرمت على الْعَامَّة دون الَّذين امنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فَشربهَا متأولا فَأحْضرهُ عمر وَاتفقَ هُوَ وائمة الصَّحَابَة كعلي وَغَيره على انهم ان اصروا على استحلالها كفرُوا وان اقروا بِالتَّحْرِيمِ جلدُوا فأقروا بِالتَّحْرِيمِ ثمَّ حصل لذَلِك نوع من الْيَأْس والقنوط لما فعل فَكتب اليه عمر حم تَنْزِيل الْكتاب من الله الْعَزِيز الْعَلِيم غَافِر الذَّنب وقابل التوب شَدِيد الْعقَاب سُورَة غَافِر 1 3 واظنه قَالَ مَا ادري أَي ذنبيك اعظم اسحلالك الرجس ام يأسك من رَحْمَة الله
وَهَذَا من علم امير الْمُؤمنِينَ وعدله فَإِن الْفَقِيه كل الْفَقِيه لَا يؤيس النَّاس من رَحْمَة الله وَلَا يجرئهم على معاصي الله وَاسْتِحْلَال الْمُحرمَات كفر واليأس من رَحْمَة الله كفر
وَلِهَذَا كَانَ دين الله بَين الحرورية والمرجئة فالمسلم يُذنب وَيَتُوب كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيح عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيمَا يروي عَن ربه يَا عبَادي انكم تخطئون بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وانا اغْفِر الذُّنُوب فاستفغروني اغْفِر لكم
وَفِي صَحِيح مُسلم عَنهُ ايضا من حَدِيث ابي هُرَيْرَة قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بِقوم يذنبون فيستغفرون الله فَيغْفر لَهُم وَنَحْوه فِي الصَّحِيح من رِوَايَة ابي ايوب
وَقَالَ لعَائِشَة لما قيل فِيهَا الْإِفْك يَا عَائِشَة ان كنت الممت بذنب فاستغفري الله وتوبى اليه فَإِن العَبْد اذا اعْترف بِذَنبِهِ وَتَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ وان كنت برئية فسيبرئك الله
وَفِي الصَّحِيح عَن جُنْدُب ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم حدث ان رجلا قَالَ لَا يغْفر الله لفُلَان وان الله قَالَ من الَّذِي يتألى على اني لَا أَغفر لفُلَان فَإِنِّي قد غفرت لفُلَان واحبطت عَمَلك
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن انس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كل ابْن آدم خطاء وَخير الْخَطَّائِينَ التوابون
وَقَالَ ان العَبْد اذا اذنب نكتت فِي قلبه نكته سَوْدَاء فَإِن تَابَ وَنزع واستغفر صقل قلبه وان زَاد فِيهَا حَتَّى تعلو قلبه فَذَلِك الران الَّذِي قَالَ الله تَعَالَى فِيهِ كلا بل ران على
قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ سُورَة المطففين 14 وَفِي صَحِيح مُسلم عَن ابي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ ان الله يبسط يَده بِاللَّيْلِ ليتوب مسئ النَّهَار ويبسط يَده بِالنَّهَارِ ليتوب مسئ اللَّيْل حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَهَذَا الْبَاب وَاسع
وَالله تَعَالَى يقبل تَوْبَة العَبْد من جَمِيع الذُّنُوب الشّرك فَمَا دونه كَمَا قَالَ تَعَالَى يَا عبَادي الَّذين اسرفوا على انفسهم الاية سُورَة الزمر 53
وَقَالَ ان الَّذين فتنُوا الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ثمَّ لم يتوبوا الاية سُورَة البروج 10
وَقَالَ تَعَالَى فان تَابُوا واقاموا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة فإخوانكم فِي الدّين سُورَة التَّوْبَة 11
وَقَالَ تَعَالَى لقد كفر الَّذين قَالُوا ان الله ثَالِث ثَلَاثَة وَمَا من اله الا اله وَاحِد وان لم ينْتَهوا عَمَّا يَقُولُونَ ليمسن الَّذين كفرُوا مِنْهُم عَذَاب اليم افلا يتوبون الى الله ويستغفرونه وَالله غَفُور رَحِيم سُورَة الْمَائِدَة 73 74
وَقَالَ قل للَّذين كفرُوا ان ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف سُورَة الانفال 38
فَمن تَابَ من هَذِه الاعتقادات الْفَاسِدَة وَهُوَ استحلال شَيْء من الْمُحرمَات اَوْ التدين بِشَيْء مِنْهَا قبل الله تَوْبَته واما من اسْتحلَّ ذَلِك اَوْ تدين بِهِ وان لم يَفْعَله فَالَّذِي يفعل ذَلِك وَهُوَ مُعْتَقد للتَّحْرِيم خير مِنْهُ فَإِن هَذَا مُؤمن مذنب واما الاستحلال لَهَا والتدين بهَا فَهُوَ كفر
فَأَما اهل الاباحة الَّذين لَا يحرمُونَ شَيْئا من الْفَوَاحِش وَغَيرهَا فَهَؤُلَاءِ كفار من اعظم النَّاس كفرا
وَكَذَلِكَ استحلال التلو مثل من يظنّ ان قَوْله اَوْ مَا ملكت ايمانكم سُورَة النِّسَاء 3 يتَنَاوَل الذكران اَوْ يظنّ قَوْله ولعَبْد مُؤمن خير من مُشْرك سُورَة الْبَقَرَة 221 هُوَ فِي الموطوء لَا
فِي الزَّوْج اَوْ يظنّ ان ذَلِك يُبَاح فِي السّفر اَوْ بعد اربعين يَوْمًا اَوْ نَحْو ذَلِك فَهَذَا يكفر بِإِجْمَاع الْمُسلمين
وَمثل هَؤُلَاءِ قد يعاقبهم الله بِمَا عاقب بِهِ قوم لوط وَقد يحْشر مَعَهم لِأَن دينه دينهم بِخِلَاف الْمقر بِتَحْرِيم ذَلِك فَإِنَّهُ مُسلم
واما التدين بذلك فَهُوَ اعظم من استحلاله وَهَؤُلَاء المتدينون مَا يكادون يتدينون بِنَفس فعل الْفَاحِشَة الْكُبْرَى وَلَكِن بمقدماتها من النّظر والتلذذ بِهِ والمباشرة والعشق للنسوان الاجانب وَالصبيان ويزعمون ان ذَلِك يصفي نُفُوسهم وارواحهم ويرقيهم الى الدَّرَجَات الْعَالِيَة وَفِيهِمْ من يزْعم انه يُخَاطب من تِلْكَ الصُّورَة وتتنزل عَلَيْهِ اسرار ومعارف وَفِيهِمْ من يترقى لغير ذَلِك فَيَقُول انه يتجلى لَهُ فِيهَا الْحَقَائِق وَرُبمَا زعم ان الله يحل فِيهَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا وَقد يَسْجُدُونَ لَهَا
وَمن هَؤُلَاءِ من يزْعم ان دحْيَة الْكَلْبِيّ كَانَ امردا وان جِبْرِيل كَانَ يَأْتِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي صُورَة امرد وَيَقُول لَهُ مَا احب ان تَأتِينِي الا فِي صُورَة امرد
وَفِيهِمْ من يتَأَوَّل قَوْله صلى الله عليه وسلم رَأَيْت رَبِّي فِي
أحسن صُورَة وَفِي صُورَة كَذَا وَكَذَا وَيجْعَل الْأَمْرَد ربه
وَهَؤُلَاء الحلولية والاتحادية مِنْهُم من يَخُصُّهُ بالصور الجميلة وَيَقُول مظَاهر الْجمال وَمِنْهُم من يَقُول بالاتحاد الْمُطلق والحلول الْمُطلق لَكِن هُوَ يتَّخذ لنَفسِهِ من الْمظَاهر مَا يُحِبهُ
فَهُوَ كَمَا الله تَعَالَى أرايت من أَتَّخِذ إلهه هَوَاهُ أفأنت تكون عَلَيْهِ وَكيلا سُورَة الْفرْقَان 43 وَقَالَ أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ وأضله الله على علم وَختم على سَمعه وَقَلبه وَجعل على بَصَره غشاوة فَمن يهديه من بعد الله أَفلا تذكرُونَ سُورَة الجاثية 23
وَهَؤُلَاء يَجْعَل أحدهم معبود من جنس موطوئة وَإِذا فعلوا فَاحِشَة قَالُوا وجدنَا عَلَيْهَا اباءنا وَالله أمرنَا بهَا قل إِن الله لَا يَأْمر بالفحشاءأتقولون على الله مَالا تعلمُونَ سُورَة الْأَعْرَاف قل إِنَّمَا حرم ربى الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن والاثم وَالْبَغي بِغَيْر الْحق وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّه مالم ينزل بِهِ سُلْطَانا وَأَن