الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ايماني مَشْرُوع اَوْ محبَّة ايمانية اوخشية ايمانية وَلَا يحمد مِنْهَا مَا زَاد على الْمُسْتَحبّ وَمَا شغل عَن مَا هُوَ احب مِنْهُ
ويذم مِنْهَا مَا تضمن ترك وَاجِب من علم اَوْ عمل اوفعل محرم لَكِن اذا كَانَ المذموم بِغَيْر تَفْرِيط من العَبْد وَلَا عَن عدوان مِنْهُ لم يذم مِنْهُ
وكما ذكرت مثل ذَلِك فِي قاعة المولهين وعقلاء المجانين والمغلوبين فِي احوالهم وَمن يسلم اليه حَاله وَمن لَا يسلم اليه حَاله فَإِن السكر نوع من الْغَلَبَة ويذم من لم يحصل لَهُ من هَذِه الاحوال مَا يجب حُصُوله كَمَا ينقص من عدم مِنْهَا مَا يسْتَحبّ حُصُوله فَهَكَذَا يجب التَّفْصِيل فِي هَذِه الاحوال وَالله اعْلَم
فصل فقد تبين ان اُحْدُ وصفي السكر مَنْفَعَة فِي الاصل وَالْوَصْف الاخر اثم كَمَا
قَالَ تَعَالَى عَن الْخمر {قل فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس وإثمهما أكبر من نفعهما} سُورَة الْبَقَرَة 219 وَقد يقْتَرن باللذة مَا يمْنَع ان تكون مصلحَة اذا استعين بهَا على اثم وعدوان كَمَا يستعان بالاكل وَالشرب على الْكفْر والفسوق والعصيان وَقد يقْتَرن
بِعَدَمِ الْعقل مَا يمْنَع ان يكون مفْسدَة اذا استعين بِهِ على ترك الاثم والعدوان
فالاصل حمد علم الْقلب وذوقه ولذته مَا لم يشْتَمل على مفْسدَة راجحة بل وذوق الْجِسْم ولذته مَعَ علم الْقلب وعقله لِأَن هَذِه كلهَا خيرات فَإِن الْعلم خير وذوق الْقلب خير واللذة بِهِ خير لَكِن قد يعارضها مَا يَجْعَلهَا شرا
واذا لم يجْتَمع التَّمْيِيز واللذة بل اما صحو بِلَا لَذَّة اَوْ لَذَّة بِلَا صحو فقد يتَرَجَّح هَذَا تَارَة وَهَذَا تَارَة فَأَما الْمُؤْمِنُونَ فالصحو خير لَهُم فَإِن السكر يصدهم عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة ويوقع بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء وَكَذَلِكَ الْعقل خير لَهُم لِأَنَّهُ يزيدهم ايمانا
واما الْكفَّار فزوال عقل الْكَافِر خير لَهُ وللمسلمين اما لَهُ فَلِأَنَّهُ لَا يصده عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة بل يصده عَن الْكفْر وَالْفِسْق واما للْمُسلمين فَلِأَن السكر يُوقع بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء فَيكون ذَلِك خيرا للْمُؤْمِنين وَلَيْسَ هَذَا اباحة للخمر وَالسكر وَلكنه دفع لشر الشرين بأدناهما
وَلِهَذَا كنت امْر اصحابنا ان لَا يمنعوا الْخمر عَن اعداء
الْمُسلمين من التتار والكرج وَنَحْوهم واقول اذا شربوا لم يصدهم ذَلِك عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة بل عَن الْكفْر وَالْفساد فِي الارض ثمَّ انه يُوقع بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء وَذَلِكَ مصلحَة للْمُسلمين فصحوهم شَرّ من سكرهم فَلَا خير فِي اعانتهم على الصحو بل قد يسْتَحبّ اَوْ يجب دفع شَرّ هَؤُلَاءِ بِمَا يُمكن من سكر وَغَيره
فَهَذَا فِي حق الْكفَّار وَمن الْفُسَّاق الظلمَة من اذا صَحا كَانَ فِي صحوه من ترك الْوَاجِبَات واعطاء النَّاس حُقُوقهم وَمن فعل الْمُحرمَات والاعتداء فِي النُّفُوس والاموال مَا هُوَ اعظم من سكره فَإِنَّهُ اذا كَانَ يتْرك ذكر الله وَالصَّلَاة فِي حَال سكره وَيفْعل مَا ذكرته فِي حَال صحوه وَإِذا كَانَ فِي حَال صحوه يفعل حروبا وفتنا لم يكن فِي شربه مَا هُوَ اكثر من ذَلِك ثمَّ اذا كَانَ فِي سكره يمْتَنع عَن ظلم الْخلق فِي النُّفُوس والاموال والحريم وَيمْسَح ببذل اموال تُؤْخَذ على وَجه فِيهِ نوع من التَّحْرِيم ينْتَفع بهَا النَّاس كَانَ ذَلِك اقل عذَابا مِمَّن يصحو فيعتدى على النَّاس فِي النُّفُوس والاموال والحريم وَيمْنَع النَّاس الْحُقُوق الَّتِي يجب اداؤها
فَالْحَاصِل انه تجب الموازنة بَين الْحَسَنَات والسيئات الَّتِي تَجْتَمِع فِي هَذَا الْبَاب وامثاله وجودا وعدما كَمَا قررت مثل ذَلِك فِي قَاعِدَة تعَارض السَّيِّئَات والحسنات فان السكر والصحو قد يكونَانِ من هَذَا الْبَاب وَهَكَذَا الْكسر والصحو فِي الأذواق الايمانية والمواجيد العرفانية
فَمن السالكين من اذا حصل لَهُ سكر حصل لَهُ فِيهِ مَنْفَعَة وايمان وان كَانَ فِيهِ من النَّقْص وَعدم التَّمْيِيز مِمَّا يحْتَاج مَعَه الى الْعقل مَا فِيهِ فَيكون خيرا من صحو لَيْسَ فِيهِ الا الْغَفْلَة عَن ذكر الله وقسوة الْقُلُوب وَالْكفْر والفسوق وَالْخُيَلَاء وَنَحْو ذَلِك من ترك الْحَسَنَات وَفعل السَّيِّئَات
واما الصحو الْمُشْتَمل على الْعلم والايمان وتذوق صَاحبه طعم الايمان وَوجد حلاوته فَهُوَ خير من السكر بِلَا شكّ فَعَلَيْك بالموازنة فِي هَذِه الاحوال والاعمال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة حَتَّى يظْهر لَك التَّمَاثُل والتفاضل وتناسب احوال اهل الاحوال الْبَاطِنَة لِذَوي الاعمال الظَّاهِرَة لَا يسما فِي هَذِه الازمان الْمُتَأَخِّرَة الَّتِي غلب فِيهَا خلط الاعمال الصَّالِحَة بِالسَّيِّئَةِ فِي جَمِيع الاصناف لنرجح عِنْد الازدحام والتمانع خير الخيرين وندفع عِنْد الِاجْتِمَاع شَرّ الشرين