المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل اذا تبين هذا فاعلم ان اللذة والسرور امر مطلوب بل هو مقصود - الاستقامة - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌فصل وَمن اسباب ذَلِك مَا وَقع من الاشراك فِي لفظ الْغيرَة فِي كَلَام الْمَشَايِخ

- ‌فصل فِيمَا ذكره الاستاذ ابو الْقَاسِم الْقشيرِي فِي بَاب الرِّضَا عَن الشَّيْخ ابي

- ‌فصل فِي السكر واسبابه وَأَحْكَامه

- ‌فصل وَمن أقوى الْأَسْبَاب الْمُقْتَضِيَة للسكر سَماع الْأَصْوَات المريبة من وَجْهَيْن من

- ‌فصل اذا تبين هَذَا فَاعْلَم ان اللَّذَّة وَالسُّرُور امْر مَطْلُوب بل هُوَ مَقْصُود

- ‌فصل واذا كَانَت اللَّذَّة مَطْلُوبَة لنَفسهَا فَهِيَ انما تذم اذا اعقبت الما اعظم

- ‌فصل فَإِذا تبين ان السكر مؤلف من امرين وجودي وَهُوَ اللَّذَّة وعدمي وَهُوَ عدم

- ‌فصل فَإِذا تبين أَن جنس عدم الْعقل وَالْفِقْه لَا يحمد بِحَال فِي الشَّرْع بل

- ‌فصل فَهَكَذَا زَوَال الْعقل بالسكر هُوَ من نوع زَوَاله بالإغماء وَالْجُنُون وَنَحْو

- ‌فصل فقد تبين ان اُحْدُ وصفي السكر مَنْفَعَة فِي الاصل وَالْوَصْف الاخر اثم كَمَا

- ‌فصل قَالَ الله تَعَالَى لما اهبط آدم وَمن مَعَه الى الارض

- ‌فصل فِي الامر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر

- ‌فصل واذا كَانَت جَمِيع الْحَسَنَات لَا بُد فِيهَا من شَيْئَيْنِ ان يُرَاد بهَا

- ‌فصل فِي الْإِكْرَاه وَمَا يتَعَلَّق بِهِ

الفصل: ‌فصل اذا تبين هذا فاعلم ان اللذة والسرور امر مطلوب بل هو مقصود

سَماع الْحُرُوف الطّيبَة والاصوات الطّيبَة فَإِن ذَلِك اقوى مِمَّا اذا انْفَرد احدهما مثل سَماع كَلَام يطيب للمستمع بِلَا اصوات ملحنة مثل من يُنَاجِي بِحَدِيث لحنه اَوْ يجْهر بِهِ جَهرا قَرِيبا وَمثل سَماع اصوات طيبَة لَا حُرُوف فِيهَا كأصوات الطُّيُور الطّيبَة واصوات الْآلَات المصنوعة من العيدان والاوتار والشبابة وَالصَّوْت الَّذِي يلحنه الْآدَمِيّ بِلَا حُرُوف وَنَحْو ذَلِك فَأَما اذا اجْتمع هَذَا وَهَذَا فَهُوَ اقوى ويؤثر فِي النُّفُوس تَأْثِيرا عَظِيما كتأثير الْخمر اَوْ اشد

‌فصل اذا تبين هَذَا فَاعْلَم ان اللَّذَّة وَالسُّرُور امْر مَطْلُوب بل هُوَ مَقْصُود

كل حَيّ وَكَونه امرا مَطْلُوبا ومقصودا امْر ضَرُورِيّ من وجود الْحَيّ وَهُوَ فِي الْمَقَاصِد والغايات بِمَنْزِلَة الْحس والعلوم البديهية فِي المبادئ والمقدمات

فَإِن الانسان بل وكل حَيّ لَهُ علم واحساس وَله عمل وارادة فَعلمه لَا يجوز ان يكون كُله نظريا استدلاليا يقف على الدَّلِيل بل لَا بُد لَهُ من علم بديهي اولى لِأَنَّهُ لَو وقف كل علم

ص: 148

على علم اخر لزم الدّور اَوْ التسلسل فَإِنَّهُ اذا توقف الْعلم الثَّانِي على علم اول فَالْأول ان توقف على ذَلِك الثَّانِي بِحَيْثُ لَا يكون الا بعده لزم الدّور وان توقف على شَيْء قبل ذَلِك الاول لزم التسلسل فَلَا بُد من علم اول يحصل ابْتِدَاء بِلَا علم قبله وَلَا دَلِيل وَلَا حجَّة وَلَا مُقَدّمَة

وَذَلِكَ علم بده النَّفس وابتدئ فِيهَا وَهُوَ اول فيسمى بديهيا واوليا وَهُوَ من نوع مَا تضطر النَّفس اليه فيسمى ضَرُورِيًّا فَإِن النَّفس تضطر الى الْعلم تَارَة والى الْعَمَل اخرى

وَذَلِكَ الْعَمَل الِاخْتِيَار الارادي لَهُ مُرَاد فَذَلِك المُرَاد اما ان يُرَاد لنَفسِهِ اَوْ لشَيْء اخر وَلَا يجوز ان يكون كل مُرَاد لغيره لانه ان كَانَ الَّذِي قبله دَائِما لزم الدّور وان كَانَ الَّذِي بعده دَائِما لزم التسلسل فَلَا بُد من مُرَاد مَطْلُوب مَحْبُوب لنَفسِهِ فَإِذا حصل المحبوب الْمَطْلُوب المُرَاد فاقتران اللَّذَّة وَالنعْمَة والفرح وَالسُّرُور بِهِ على مِقْدَار قُوَّة محبته وارادته وقوته فِي نَفسه امْر ذوقي وجودي ضَرُورِيّ وَلِهَذَا غلب على كَلَام الْعباد الصُّوفِيَّة اهل الارادة وَالْعَمَل اسْم الذَّوْق وَالسُّرُور وَالنعْمَة

فالشهوة والارادة والمحبة والطلب وَنَحْو ذَلِك من الاسماء

ص: 149

المتقاربة اذا تعقبها الذَّوْق والوجد والادراك والوصول والنيل والاصابة وَنَحْو ذَلِك من الاسماء المتقاربة تعقب ذَلِك النِّعْمَة وَالسُّرُور واللذة وَالطّيب وَنَحْو ذَلِك من الاسماء المتقاربة

فان جنس اللَّذَّة يتعقب ادراك الملائم الْمَطْلُوب لَيْسَ هومدرك الملائم الْمَطْلُوب كَمَا يَعْتَقِدهُ بعض اهل الفلسفة وَالْكَلَام وكما غلب على اهل التصوف وَالْعِبَادَة ذكر ذَلِك وَغلب على كَلَام الْعلمَاء الْمُتَكَلِّمين اهل النّظر والبحث وَالْكَلَام اهل البديهة وَالنَّظَر والضرورة وَالدَّلِيل وَالِاسْتِدْلَال

وكل وَاحِد من هذَيْن الامرين تَحْتَهُ اجناس واصناف بَعْضهَا حق وَبَعضهَا بَاطِل فَلهَذَا وَجب اعْتِبَار ذَلِك جَمِيعه بِالْكتاب وَالسّنة فَخير الْكَلَام كَلَام الله وَخير الْهدى هدى مُحَمَّد

وَلِهَذَا كَانَ ائمة الْهدى مِمَّن يتَكَلَّم فِي الْعلم وَالْكَلَام اَوْ فِي الْعَمَل وَالْهدى والتصوف يوصون بِاتِّبَاع الْكتاب وَالسّنة وَينْهَوْنَ عَمَّا خرج عَن ذَلِك كَمَا امرهم الله وَالرَّسُول وَكَلَامهم فِي ذَلِك كثير منتشر مثل قَول سهل بن عبد الله التسترِي كل وجد لَا يشْهد لَهُ الْكتاب وَالسّنة فَهُوَ بَاطِل

ص: 150